السياسة السودانية

مفوض حقوق الإنسان يُوصي بشمول ولاية «الجنائية» كل السودان

جنيف، 11 فبراير 2025 – دعا مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان،فولكر تورك الثلاثاء، إلى توسيع نطاق ولاية المحكمة الجنائية الدولية لتشمل كل السودان، بدلا عن دارفور فقط، معتبرًا أن الإفلات من العقاب يغذي النزاع القائم.

ونشرت المفوضية حقوق الإنسان تقرير المفوض الذي سيقدمه إلى مجلس حقوق الإنسان في الدورة 58، ويغطي الفترة من 16 ديسمبر 2023 إلى 15 نوفمبر 2024.

وقال المفوض، في التقرير الذي اطلعت عليه “سودان تربيون”، إنه يوصي بـ “توسيع نطاق حظر الأسلحة المفروض على دارفور والولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية ليشمل السودان بأكمله”.

وشدد على أن الإفلات من العقاب المترسخ يُعد أحد دوافع النزاع، وما يزال يغذيه، موضحًا أن المساءلة، بغض النظر عن رتبة الجُناة وانتماءاتهم، أمر بالغ الأهمية لإنهاء دوامة العنف المتكررة ومنع المزيد من الانتهاكات والتجاوزات.

وأفاد المفوض بأن طرفي النزاع يستمران في إظهار التجاهل التام للقانون الدولي وحماية المدنيين، حيث ارتكبا انتهاكات وتجاوزات خطيرة تتضمن جرائم حرب محتملة.

وأجرت مفوضية حقوق الإنسان مقابلات مع 776 مصدرًا، بينهم 303 امرأة و11 فتاة، بعضهم ضحايا وشهود، وتمت مقابلة بعضهم في تشاد وإثيوبيا، من أجل إعداد التقرير.

وضع قاسٍ

وقال التقرير إن استمرار القتال وتوسع نطاقه أدى إلى مقتل 3,933 مدنيًا، بينهم 199 امرأة و388 طفلًا، خلال الفترة المشمولة، فيما أصيب 4,381 آخرون، منهم 97 امرأة و140 طفلًا. وكانت ولاية الجزيرة هي الأكثر تضررًا، تليها شمال دارفور والخرطوم.

وأشار إلى أن تعدد الفاعلين أدى إلى تجزؤ هيكل القيادة والسيطرة، وعدم وضوح التنسيق بين المجموعات، مما عقد المشهد الأمني وديناميات النزاع، علاوة على تعقيد تحديد المسؤولية عن بعض الحوادث.

وأفاد التقرير باستمرار طرفي النزاع في تعبئة المدنيين للقتال على أسس إثنية وقبلية بوسائل عديدة، منها إنشاء حركات جديدة تابعة لقبيلة معينة، كما هو الحال في شرق السودان، حيث يؤدي ذلك إلى تفاقم التوترات الموجودة مسبقًا.

وأبدى مفوض حقوق الإنسان قلقه حيال انتشار الأسلحة واستمرار الإمدادات من الدول، حيث أصبح السلاح متاحًا على نحو متزايد لطرفي النزاع والمليشيات المتحالفة معهما.

وحذر المفوض من استخدام جهاز المخابرات العامة سلطات إنفاذ القانون على نحو تعسفي وغير مبرر، وما يترتب على ذلك من إفلات من العقاب.

وفي 8 فبراير 2024، أجرت الحكومة تعديلًا على قانون جهاز المخابرات، منحته سلطات الاعتقال والاحتجاز والتحقيق، كما تضمن منح أفراد الجهاز حصانة من الملاحقة القضائية عن الأفعال التي يرتكبونها خلال أداء مهامهم.

وذكر المفوض أن السلطات استمرت في فرض حالة الطوارئ في معظم الولايات، حيث جرى فرض وتجديد 115 أمر طوارئ لتنظيم حظر التجول وتقييد الحركة والتعبير والتجمع السلمي.

وأضاف: “كانت معظم هذه الأوامر غامضة، ومُدد تطبيقها لفترة طويلة، دون أن تستوفي المعايير العالمية لحقوق الإنسان المنطبقة على حالة الطوارئ، بما في ذلك متطلبات الشرعية والضرورة والتناسب”.

الهجمات على المدنيين

وقال التقرير إن الجيش وقوات الدعم السريع واصلا شن هجمات على مناطق مكتظة بالسكان، دون سابق إنذار في كثير من الأحيان، مستخدمين أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق، خاصة في الخرطوم ودارفور وأجزاء من كردفان.

وذكر أن مفوضية حقوق الإنسان تلقت تقارير عن زيادة عدد الضحايا المدنيين في سياق الهجمات التي تشنها قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها أثناء السيطرة على قرى ومحليات الجزيرة وشمال دارفور وسنار وغرب كردفان والنيل الأبيض.

وشدد على أن توجيه هجمات متعمدة على المدنيين وعلى الأفراد المشاركين في مهمات المساعدات الإنسانية يُعد جريمة حرب.

وكشف عن توثيق 88 هجومًا عنيفًا على المدارس منذ اندلاع النزاع، فيما وثقت منظمة الصحة العالمية 61 هجومًا على مرافق الرعاية الصحية خلال الفترة المشمولة بالتقرير.

وأفاد بأن القتال ألحق أضرارًا جسيمة بعدد من مؤسسات التراث الثقافي، بما في ذلك المتحف الوطني.

اتهامات

أفاد التقرير بأن مفوضية حقوق الإنسان تلقت ادعاءات تتعلق بتجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل الجيش وقوات الدعم السريع والجماعات والمليشيات المتحالفة معهما، كما رُصدت زيادة في استخدام الأطفال في التعبئة والتدريب.

وأرجع انضمام الأطفال إلى طرفي النزاع إلى الفقر وإغلاق المدارس.

وقال إن قوات العمليات الخاصة والمستنفرين تورطوا في حالات إعدام بإجراءات موجزة لأشخاص يُزعم أنهم متهمون بالتعاون مع قوات الدعم السريع.

احتجاز المدنيين

وكشفت مفوضية حقوق الإنسان عن رصدها نمطًا من عمليات التوقيف والاحتجاز التعسفيين للمدنيين على يد الخلية الأمنية المكونة من الشرطة وجهاز المخابرات العامة والاستخبارات العسكرية والمستنفرين في بعض الحالات.

وقالت إن الخلية تستهدف في الغالب النشطاء المرتبطين بقوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة وغرف الطوارئ وتنسيقية “تقدم”، حيث تنفذ عمليات التوقيف دون مراعاة الأصول القانونية، ويصاحبها تفتيش المتعلقات الشخصية بطريقة تنطوي على الإذلال والترهيب.

وكشفت عن فقدان 2,309 أشخاص، منهم 475 امرأة و90 فتاة و165 فتى.

ولاحظت مفوضية حقوق الإنسان زيادة حادة في حالات الاختفاء القسري بعد سيطرة قوات الدعم السريع على بعض المناطق، خاصة في الجزيرة والخرطوم وغرب ووسط دارفور.

الحياة المدنية

وقال التقرير إن النزاع أدى إلى أزمة غذائية غير مسبوقة، حيث يُعد السودان من بين البلدان الأربعة الأولى في العالم التي تعاني من أعلى معدلات انتشار سوء التغذية الحاد.

وكشفت مفوضية حقوق الإنسان عن تلقيها معلومات تفيد بعمليات نهب كبيرة للمحاصيل الزراعية عند سيطرة قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة.

وأفادت بعدم توفر 75% من الإمدادات الطبية الأساسية في السودان، فيما تشهد المناطق المتضررة من النزاع وضعًا مترديًا للغاية، حيث إن إمكانية الحصول على الأدوية واللقاحات والخدمات الصحية محدودة.

وأوضحت أن 90% من الأطفال في سن الدراسة، البالغ عددهم 17 مليون طفل، لا يحصلون على التعليم الرسمي.

وأشارت إلى أن عددًا كبيرًا من السودانيين فقدوا وظائفهم وسبل عيشهم، مما أدى إلى معدل بطالة قدره 58% وهو الأعلى عالميًا.


المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى