بنك السودان .. ( الحالة ) .. أم المحفظة ؟!!
• المنشور الذي أصدره بنك السودان مؤخراً حول إستيراد المشتقات البترولية والذي حظر بموجبه علي كافة المصارف بالسودان الدخول في أي ترتيبات مصرفية لإستيراد المشتقات البترولية بأي من طرق الدفع السارية وقصر إستيراد المشتقات البترولية علي محفظة السلع الإستراتيجية فقط .. هذا المنشور يعيد طرح السؤال الذي أربك كل القطاع الاقتصادي بالسودان : ماهو الدور الحقيقي لبنك السودان في هذه الفترة من تاريخ السودان ؟ .. هل يقوم البنك بدوره المنصوص عليه قانوناً وعرفاً طيلة السنوات الماضية أم أن البنك صار يلعب في سنوات الحرب هذه وخاصة في هذا العام وهذه الأيام خاصة أدواراً جديدة تتجاوز دوره في مراقبة السياسات إلي فاعل مؤثر في حركة الاقتصاد ودخوله كشريك أساسي لبنك الخرطوم في التجارة والبزنس والمحاباة ؟! ..
هل صار البنك المركزي أحد الأدوات الأساسية التي يدير بها مجلس السيادة عامة والفريق البرهان خاصة حركة ويوميات الاقتصاد السوداني بعيداً عن الوزارات والمؤسسات ذات الصلة بالشأن الاقتصادي في البلاد ؟! .. لمن يتبع بنك السودان حالياً .. للفريق البرهان رئيس مجلس السيادة أم يتبع للدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية .. أم أن البنك المركزي صار مؤسسة مستقلة لها بروفايل و( حالة ) خاصة بها غير قابلة للنقد .. غير قابلة للمراجعة ؟!!
• من هم أصحاب المصلحة الذين يعمل معهم البنك المركزي للتعاون في قضايا المال والأعمال ذات الصلة بمعاش وقضايا المواطنين السودانيين ؟ .. الإجابة التي يقول بها غير المختصين إن أصحاب المصلحة الحقيقيين الذي يتشارك معهم بنك السودان هموم وقضايا المواطنيين هم مدراء عموم المصارف السودانية والذين يواجهون ظروفاً قاسية تتمثل في عدم رغبة البنك المركزي فتح باب التعاون ومعالجة المشاكل المالية والإدارية والتقنية التي أضرت وتضر كثيراً بالاقتصاد السوداني وقادت وتقود بطريقة شبه منظمة وممنهجة لقصر التعامل المالي مع بنك واحد فقط هو بنك الخرطوم الذي يرقد وحده علي مايزيد عن 70% من الكتلة النقدية في البلاد وبعد كل هذا هاهو بنك السودان يواصل خطه العلني في تمكين بنك الخرطوم من زيادة حصته في ملء دلائه وبسط مزيد من السيطرة علي حركة المال والاقتصاد في السودان .. أما لمصلحة من يقوم البنك المركزي بكل هذه التسهيلات فإن الإجابة بطرف الأجهزة الأمنية والمختصة التي تعلم يقيناً أن دولة الإمارات هي المستفيد الأول والأخير من طريقة بنك السودان في منح بنك الإمارات المدلل مزيداً من المساحات وتقنيات السيطرة وليس آخرها الشركة الجديدة للتحويلات المالية وهو موضوع نفرغ لتناوله تباعاً ..
• هل قرر مجلس السيادة منح الضؤ الأخضر للبنك المركزي لتأسيس شراكات حصرية مع بنك الخرطوم ؟! ..
• من الانصاف القول بأن البنك المركزي لايتحمل وحده مسؤولية وتبعات ما سيؤول إليه مقترح محفظة السلع الاستراتيجية والذي تم إقراره بواسطة مجلسي السيادة والوزراء .. ومع هذا لابد من طرح سؤالين مهمين لمن يهمهم الأمر .. السؤال الأول : هل تم استخلاص الدروس من تجربة المحفظة السابقة بشراكة بنك البركة ؟ .. لماذا فشلت تلك التجربة ؟ .. هل تمت محاسبة للذين تسببوا في فشلها ؟ .. هل تم استرداد الأموال التي دفعها المساهمون في تلك المحفظة ؟ .. وكيف استرد المليشي عبدالرحيم دقلو أكثر من 100 مليون دولار من المحفظة علناً بعد تهديده لشخصيات نافذة لا تزال تعمل حتي اليوم في المسرح الاقتصادي ببورتسودان ؟!!
• من إيجابيات المحفظة الفاشلة سابقاً أن قيادة البنك المركزي حينها دخلت في حوار ونقاش مباشر مع القيادات المصرفية بالبلاد وأخذت برأيهم في كل خطوات تنفيذ المحفظة .. واليوم .. هل جلست قيادة البنك المركزي الحالية للحوار مع الجهات ذات الصلة أم أن إدارة المركزي شرعت في مخاطبة البنوك مباشرة وتحذيرها من الإستيراد خارج مظلة السلع المقترحة وهي فعلياً محفظة حصرية لبنك الخرطوم ..
• مما علمته مساء أمس أن وزير المالية دكتور جبريل إبراهيم لديه اعتراض علي المنشور الصادر من البنك المركزي بخصوص إستيراد المشتقات البترولية وتقول المصادر إن وزير المالية اطلع علي المنشور من خلال وسائل التواصل الإجتماعي ..
• ومما علمته أيضاً أن وزير الطاقة الدكتور محي الدين أبدي هو الآخر موقفاً معارضاً لمنشور بنك السودان المركزي .. وتري دوائر مختصة في قطاع الوقود أن هذا المنشور سيحدث آثاراً سالبة قد تؤدي إلي أزمة وقود في البلاد .. فالشركات التي قطعت شوطاً بعيداً في إستيراد المشتقات البترولية دون أي قيود وبطرق مختلفة عندما لاتتوفر لها السيولة اللازمة .. هذه الشركات ستجد نفسها مكبلة الأيدي بشروط منشور بنك السودان الجديد والذي سيضع متاريس جديدة في وجه فاتورة الإستيراد التي تشكل المشتقات البترولية أكثر من 70% من نسبتها التي تتضاعف منذ أشهر ..
• من جهتهم التزم مدراء المصارف الصمت حتي هذه اللحظة .. لكنهم قطعاً لن يتحملوا تبعات حصرية التعامل مع بنك الخرطوم والذي يرقد علي كتلة نقدية لا تتوفر لبقية البنوك بسبب سياسات بنك السودان المنحازة لبنك الخرطوم ..
• لمصلحة من يفتعل البنك المركزي أزمة مع الفاعلين في الساحة الاقتصادية التي تتعاون كلها للتخفيف من آثار الحرب علي الشعب السوداني المطحون .. بينما تأبي جهات أخري إلا التضييق علي البلاد والعباد بقرارات تحتاج إلي مراجعة من مجلس السيادة ومجلس الوزراء قبل أن يقع (الفاس في الراس )!!
عبد الماجد عبد الحميد
مصدر الخبر