مرام.. قصة شابة سودانية كافحت أوجاع اللجوء بالعمل والأمل
منتدى الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة
إعداد وتحرير: صحيفة التغيير
كمبالا، 26 نوفمبر 2024 – في صباح الخامس عشر من أبريل، استيقظ السودانيون على أصوات لم يعهدوها في مدينة أمدرمان. كانت “مرام” وأسرتها بين جدران منزلهم يشاهدون بداية قصة لم يتوقعوا أن تسيطر على حياتهم وتغرقهم في فصول من الخوف والترقب.
مع دوي الأسلحة الثقيلة وأصوات الطائرات الحربية، دخلت الفتاة وأسرتها في حالة من الذعر، مثل آلاف العائلات في المنطقة التي وجدت نفسها فجأة وسط حرب غير متوقعة.
منذ اندلاع الحرب، شهدت العاصمة الخرطوم بمناطقها الثلاث معارك عسكرية دامية أودت بحياة مئات المدنيين، وخلفت العديد من الجرحى، إلى جانب آلاف الأسر التي اضطرت للنزوح هربًا من الأوضاع المأساوية. كما أسفرت هذه العمليات عن دمار واسع في البنية التحتية.
قصة “مرام”، التي وُلدت وترعرعت في أمدرمان وتخرجت في كلية الآداب بجامعة النيلين، مثلت قصص آلاف الأسر الناجية من الموت.
تحدثت إلى “التغيير” عن تجربتها قائلة إن حياتها بدأت تتغير مع اشتداد المواجهات العسكرية وتفاقم الأوضاع الإنسانية. ومع توسع النزاع في أنحاء السودان، وجدت نفسها تواجه واقعًا جديدًا لم يخطر ببالها.
تقول مرام إنها في الساعات الأولى من الحرب كانت نائمة، واستيقظت فزعة على أصوات الأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية. وكانت تلك الأصوات بداية لكابوس طويل لم تكن تتوقع استمراره. مع تصاعد القتال، قضت أسابيع في المنزل مع والدتها وأخواتها. وبعد مرور شهر على الحرب، اتخذت قرارًا صعبًا بالرحيل بعدما أصبح البحث عن مكان آمن ضرورة لحماية أسرتها.
غادرت مرام مدينتها إلى ولاية النيل الأبيض، وروت لـ”التغيير” كيف عاشت أيامًا تأرجحت فيها بين ألم الغربة والحزن على وطنها. ثم، بعد معاناة طويلة، بدأت تفكر في خطوة جلبت لها الأمان، إذ قررت الهجرة إلى بلد آخر رغم الصعوبات الكبيرة.
تقول مرام إنه بعد مشاورات عائلية، حصلت على دعم من منظمة إنسانية تساعد المدافعين عن حقوق الإنسان، وبدأت رحلتها عبر طرق وعرة وصولًا إلى منطقة “جودا” الحدودية، ومنها إلى “الرنك”، ثم إلى منطقة “السلك”، حيث قضت أيامًا طويلة وسط الخوف، مشدودة بين المجهول والأمل في الوصول بسلام.
وتواصل مرام روايتها، مشيرة إلى لحظة مغادرتها إلى “المبان”، حيث اضطرت للبقاء هناك فترة بسبب مشاكل الطيران، حتى تمكنت من الوصول إلى “جوبا” في جنوب السودان بمساعدة إحدى صديقاتها. لكن جوبا لم تكن كما توقعت، فقد كانت الحياة باهظة التكاليف، مما دفعها إلى اتخاذ قرار بالسفر إلى أوغندا.
تحت وطأة الحرب المستعرة، اختار العديد من الفارين من ويلات النزاع دولتي جنوب السودان وأوغندا كوجهتين رئيسيتين للنجاة. إلا أن الرحلة إلى هاتين الوجهتين لم تكن سهلة، فقد مر الفارون بمحطات شاقة مليئة بالتحديات والصعوبات حتى وصولهم إلى بر الأمان. واجهوا عقبات جسيمة على طول الطريق قبل بلوغهم الملاذ الأخير.
ووصفت مرام رحلة دخول أوغندا بالمغامرة، حيث عبرت الحدود دون أي أوراق رسمية، تاركة كل ما تملك خلفها في أمدرمان. لكنها اصطدمت بواقع صعب، وجدت فيه تحديات جديدة، إلا أنها أصرت على مواجهة هذه الصعوبات على أمل توفير حياة أفضل لعائلتها.
في منطقة بيالي، قالت مرام إنها بدأت في تنفيذ فكرة مشروع صغير يجمعها بأبناء بلدها. افتتحت مقهى متواضعًا، ومع مرور الوقت أصبح مكانًا للقاء السودانيين اللاجئين، حيث يتبادلون الأحاديث ويعبرون عن أحزانهم وآمالهم. كما أصبح هذا المكان مساحة للفرح البسيط وملاذًا نفسيًا وملتقى للذكريات.
تمضي مرام في حديثها، مشيرة إلى أن نجاح المشروع لم يكن سهلًا بالنسبة لها، فقد واجهت تحديات عديدة، أهمها صعوبة التواصل مع أهل البلد. لكنها واجهت كل خطوة بإصرار أكبر، وشعرت بألفة وسط اللاجئين السودانيين الذين احتضنوها.
بالرغم من ضيق الحال، كان المقهى يوفر لها ولأسرتها دخلًا بسيطًا. إلا أن الشعور الدائم بالأسى لم يفارقها، وكأنها تخوض معركة جديدة كل يوم. تصف كيف تستيقظ كل صباح محملة بالهموم، تفكر في مستقبل غامض وقلق دائم على عائلتها في السودان.
وأحيانًا – تقول مرام – تجد نفسها تحلم بالعودة إلى السودان، رغم معرفتها بأن العودة تعني مزيدًا من المخاطر. لكنها تستمر في الأمل وتتساءل كل يوم: هل سيأتي يوم نعود فيه؟ هل سنعيش مرة أخرى تلك الحياة التي افتقدناها؟
تسترجع مرام بذاكرتها الأيام الأولى للحرب، وكيف كانت تبكي عند سماع أخبار الفقدان، حتى تبلّد الحزن بداخلها. وتختتم قصتها بأنها اليوم تعيش على أمل انتهاء الحرب وشيوع السلام، متمنية أن تعود يومًا إلى شوارع أمدرمان وتستعيد ذكرياتها العزيزة. إذ أصبحت حياتها في المنفى رمزًا للصمود واستعدادًا ليوم العودة.
في منطقة بيالي، يعيش الآلاف من اللاجئين السودانيين في ظروف إنسانية بالغة السوء نتيجة ضعف الخدمات داخل المعسكرات، مما دفعهم إلى تأسيس مشاريع صغيرة في محاولة لتسيير حياتهم وتلبية احتياجات أسرهم الأساسية.
ينشر هذا التقرير بالتزامن على منصات المؤسسات الإعلامية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني.
#SilenceKills
#الصمت_يقتل
#NoTimeToWasteForSudan
#الوضع_في_السودان_لا_يحتمل_التأجيل
#StandWithSudan
#ساندوا_السودان
#SudanMediaForum
#منتدى_الإعلام_السوداني
المصدر