الاستنارة في يوم المعلم – النيلين
[ad_1]
عندما كنا في المدرسة الثانوية، قرأ الطالب م. ك. الماركسية والمادية التاريخية، وطلعو ليهو في راسو. فأتي إلى المدرسة وأعلن لمعلم الدين أن معرفته الآن في بلدة متواضعة على ضفاف النيل الأزرق أكبر وأوسع من معرفة النبي موسى عليه السلام بفضل التراكم التاريخي للمعرفة.
يمكنك أن تتخيل مدى غضب سلطات المدرسة. تم فصل المشاغب م. ك. من المدرسة بشكل رسمي.
لم يكن من المستغرب أن يشعر نظام تعليمي شديد التدين بالتهديد والإهانة من تجديف م. ك. ومع ذلك، فإن طرد طالب بسبب طرحه نقطة مثيرة للاهتمام (سواء كانت صحيحة أم لا) لم يكن قرارا مستنيرًا ولا ديمقراطيا وأنطوي على إساءة استخدام للسلطة لتثبيط التلاميذ عن التفكير المستقل.
كان رد الفعل الصحيح هو مناقشة الأمر مع م. ك. ودحض ادعائه والمضي قدمًا وترك تجديفه في الماضي كنكتة مسلية اتفقنا أو اختلفنا معه وللأخرين حق الاعجاب بشجاعته وتمرده الذي حدا به الي مساءلة مسلمات وتابوهات شديدة الحضور في تفاصيل السياسة والحياة اليومية للكل ممن آمن بها أو كفر.
النقطة التي حاولت توضيحها هي أن الافتقار إلى الديمقراطية ليس مجرد مشكلة سياسية تتعلق بالحكومة. هناك مشكلة ديمقراطية خطيرة في جميع المؤسسات الاجتماعية السودانية سواء كانت المدرسة، أو المنزل، أو مكان العمل، أو الحي.
الديكتاتوريات السياسية ترسخ جذورها بسهولة لأنها تجد نفسها مدعومة من الأسفل من قبل ثقافة ومؤسسات اجتماعية قوية مناهضة للديمقراطية. تنتج هذه القاعدة العريضة عقليات ونخب صفوية لا-ديمقراطية وان تشدقت بها كما تنتج قواعد اجتماعية عريضة تتشوق ان يعتلي الحكم اب حام، حازم، متسلط، ولكنه ليس بفاسد – أي دكتاتور ابوي عادل. ومع مد الحداثة تحول الشوق الي اب منقذ حاصل على ترخيص من الغرب لاعتلاء السلطة وإخراج الشعب من الظلام الي نور السراب.
المهم، في يوم المعلم نحيي الصديق م. ك. أينما كان ونحيي معه كل من تجرأ وفكر لنفسه. فالتنوير/الاستنارة كما عرفها كانط هو تجاوز الإنسان للقيود المفروضة على تفكيره المستقل. هذه القيود ذاتية إذا كان سببها لا يكمن في الافتقار إلى الفهم، ولكن في التردد ونقص الشجاعة لاستخدام العقل دون توجيه من آخرين. تحلي بالشجاعة اللازمة لتكوين فهمك الخاص – هذا هو شعار التنوير.
تحية خاصة لكل المعلمين المستنيرين ومثلها لكل المعلمين الذين اخطأوا التقدير بنبل وحسن نية وفاقت إيجابياتهم التجاوزات اضعافا مضاعفة – فالسياق هو كل شيء وهوم بشر أتوا في سياقهم التاريخي والاجيال الجديدة تري الحياة بشكل “افضل” بفضل أساتذة لم يكن بينهم الانسان الكامل.
باختصار كدة، انسي وتجاوز نرجسية ووساوس انو جلدوك أو قمعوك في البيت أو المدرسة ولا تغفل تضحيات الآباء والمعلمات الرائعة التي لولاها لما كنت.
معتصم اقرع
مصدر الخبر