السياسة السودانية

الإسلاميون وهل لكرامة السودان إلا نحن ؟ – النيلين

[ad_1]

ليس منهم ، ملتاع الخطى ، ولا ، مترنح الإيقاع ، شجعان عند النائبات والملمات الكبيرة ، يمشون إليها بترنيمة الشهيد الدكتور ” عمرو الناهي ” البديعة :
” لا شيء من سطوة الطاغوت أخشاه
أماه لا تشعريهم أنهم غلبـــوا
أماه لا تسمعيهم منــــك أواه
إنا شمخنا على الطاغوت في شمم
نحن الرجال و هم يا أم أشبــاه
نذيقهم من سياق الصبر محنتهـم ”
فلم يرو للذي يرجون معنـــاه ”
حتى ما قاله ” فيكتور هيغو ” مبدع رواية ” البؤساء ” معبراً عن التعب والألم :
” ثمّة لحظات تكون فيها الروح جاثيةً على ركبتيها مهما كان وضع الجسد ” .
إلا أن ذاك التعبير الشاعري المرهف ، هنا عندنا إنطفأ بريقه وأفل معناه ، وكأني بالكاتب يتأسى مرارة ، أن يرى تعبيره ذاك بلا معنى أمام مناراتنا من شباب الحركةالإسلامية ، إذ ، تتكسر فوق صدورهم النصال ، على النصال ، وأبدا لا تجثوا أرواحهم تعبا ولا ألما .
وإن قال المثل السوداني الدارج ، ذلك المثل ، الموغل في تبرير الجبن : ” الخواف ربى عياله ” .. بينهم وبينه مسافات شاسعة من التباعد والتنافر والإنكار .
فتتكأ أمزجتهم على قول المتنبي :
” يرَى الجُبَناءُ أنّ العَجزَ عَقْلٌ
وتِلكَ خَديعَةُ الطّبعِ اللّئيمِ ”
فهم أصحاب الملكات المبدعة الخلاقة جمالا وجلالا ، عقيدة وأيمان دونه خرت القتات ، يتبعهم حيثما ذهبوا ، الموت في سبيله ، كمثل حديد أحمر محفور ذكراه في قلب كل واحد منهم .
المشهد اليوم ، يعود بي إلى صيف العام 1994م ونحن شباب في المنطقة العسكرية الإستوائية شرق جوبا – متحرك الوعد الحق – في الطريق إلى نمولي ، وحل بساحتنا أيام عيد الفطر المبارك شيخنا المجاهد البروفيسور ” أحمد علي الإمام ” – مدير جامعة الخرطوم – ذاك العهد – وتجمعنا ووقف بين الشباب وقال قولته الموثقة بكاميرا برنامج ” في ساحات الفداء ” فقال :
” إن فرح الناس بالدرهم والدينار ، وبالريال والدولار ، وبالقطيفة والخبيصة ، وبما جعلوه هدفاً لحياتهم الرخيصة .
فنحن نحمد الله أن أتانا من فضله هذه الأيام المباركة التي تتنزل فيها الملائكة وتشارك في الميدان وتبارك في الخطى .
ثم صارت الأرواح البشرية ملائكية بكثرة التجرد لله والإخلاص لدين الله ، حتى إنَّ ما كنا نقرأ من سير بعض الصالحين من قولهم بهذه العبارة :
” ذلك رجلٌ هانت عليه نفسه في الله ” فقد رأيناه حقيقة وكنا نسأل في أيام الطلب ، بل والتدريس ، غير أننا لم نرى حقيقة معنى أن تهون أنفسنا علينا في الله ، إلا حين يحمل شبابنا وقادتنا أرواحهم على أكفهم في وجه الألغام والمتفجرات والـدانات في وجه حرب جديدة ، تغير فقهنا فيها ، وصدق شبابنا القائل :
” الداير علم نعلمو ونفقهو ” .. لأن علم الميدان غير علم القاعدين . ووالله ما نزل القرآن ليقرأ في جامعة القرآن ، ولا في الخلاوى ، ولا في المساجد ، إنما نزل القرآن للميدان ” .
الإسلاميون في السودان ، يتفردون من حيث قدرتهم الهائلة في النظر إلى الواقع ، وأكثر إلتصاقا به وإنتماء حميم ، والتعامل وفق واجبات الوقت وهم كذلك أوضح فلسفة وتوقا إلى تخطى مظاهر الأشياء وقشورها لملامسة الجوهر بكل جسارة الأبطال .
بذلك تجذروا في تربة السودان ، وتجذر السودان فيهم ، أسمع إن شئت نداءات الباعة الجوالين ، فتلك الأصوات هي من عمق أصواتهم .
دخلوا في إهاب البلد وتفاصيله ، فهم صوت النساء اللائي يبعن الخضار في الأسواق ، وصوت عامل النظافة في المحلية ، ونادل المطعم ، وصوت فوهات بنادق الجنود في الحرب .
العالم ، نظر ورأى ، عرف فلزم . ليس في السودان الآن ، أي كيان سياسي ، له الرغبة ، أو القدرة الذاتية الدافعة ، لمزاحمة الحركة الإسلامية السودانية ” في ساحات الفداء ” للقتال مع القوات المسلحة ، ومماثلتها في تجسيد صور معنى الإنتماء الوطني الصادق .
وضح للعالم المهتم بالشأن السوداني ، أن المصلحة العليا وكرامة البلاد ، لا يتجرد في سبيلها اليوم ، إلا الإسلاميين .
تلك قراءتهم في ورق ” بيان الميدان ” لا حيث تتخبط اللافتات الباهتة والشعارات الملساء ، المكرورة البائسة .
الحركة الإسلامية ، أكبر من كل عمليات ” الشيطنة ” التي جلبوا لها كل ساحر ومارد ونمرود .
فالإسلاميون في السودان ، تجاوزا كل إطار سائد ومألوف في الحياة .
وطنيون أمناء ملتزمون تجاه بلدهم ، ومجتمعاتهم بتعددها وتباينها ، إستوطنوا وجدانه الجمعي المشترك ، وهم كذلك استوطنوه .
منتمون لثقافاته ، قلقون على مستقبله ، يؤمنون إيمان عقدي قاطع ، أنه لا يجوز لهم شرعا أن يكونوا منعزلين عن قضاياهم ، ولا منسحبين من ملعب حيواتهم ، الحياد في وقت الشدة والأحزان أعظم أثما وخطيئة لا تغتفر .
الإسلامي كائن ، الوطن حاضر في جوهر سلوكه وفي روح إهتماماته ، وهذا الحضور سببه قوة الوطن ، الأرض ، والناس والتاريخ .
والمدافعة عنه ليس دفاعا واعيا ، بقدر ما هو انعكاس لسطوة الوطن في وجدانه وخياله وصوته وهذيانه .
ملامح الأباء ، والأماهات ، والأسلاف الأماجد ، يطبع ويدمغ قسماتهم بقوة لا لين فيها ، ولا ميوعة .
جغرافية وثقافة وتاريخ يغذي دواخلهم بطريقة إستثنائية باهرة .
شخصيات باذخة ، ومواقف ثابتة ، رجال بمختلف هيئاتهم وأعمارهم ، وتعدد إمكنتهم ، يقفون في خطوط النار ، أشلاء أجسادهم إختلطت بإشلاء أجساد جنود القوات المسلحة وتمازجت دماءهم معا تسقي أرض السودان الوطن الواحد .
يجمعهم نبل أرواحهم ، التي خاضوا بها بحور الرجاءات وما فتأت أياديهم تقبض على أعنة خيول البذل والعطاء ، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ، والعهد هو العهد .
” أماه ذلك دربي قد أموت بـــه
فلا يسوؤك كأس قد شربنـــاه
لا تجزعي لفتى إن مات محتسبا
فالموت في الله أسمى ما تمنــاه ”

الدكتور فضل الله أحمد عبدالله

[ad_2]
مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى