مناقشات حول تصريحات محمد الفكي حول مليشيا الدعم السريع
[ad_1]
مناقشات حول تصريحات محمد سليمان الفكي للجزيرة مباشر بتاريخ 10 أغسطس حول مليشيا الدعم السريع
===================
كان مما قاله ا. محمد الفكي في اللقاء التلفازي المشار إليه في العنوان أعلاه:
” إن قوات الدعم السريع ستظل ضمن الجيش القادم فهي كانت ضمن المنظومة الأمنية الموحدة بما فيها الجيش السوداني ”
” إن الحديث عن تدمير قوات الدعم السريع هو أمر بالغ الخطورة لأنه سيدمر القدرات القتالية لمنظومة القوى الأمنية السودانية ”
” قوى الدعم السريع كونت من أجل اكمال النواقص في التركيبة الأمنية القتالية للجيش السوداني ”
لست أدري هل من السهولة أو من الصعوبة الدخول في محاججات حول طبيعة مليشيات الدعم السريع وملابسات تكوينها و وتموضعها داخل المنظومة العسكرية للدولة لأن مناقشة البديهات وتجاوز وقائع زمانية لم تصبح تاريخاً بعد يجعل الشخص في حيرةٍ من أمره، لكن الواقع يُجبر على ذلك في ظل حربٍ وطيس لها ما لها من تهديدٍ لوجود الدولة في الرقعة الجغرافية المسماة السودان وبما يليها من تبعاتٍ إنسانية ومادية باهظة لا سيما وأن المناقشة تدور حول مقولات ليست بمنسوبة بل صادرة ممن اختار لنفسه تسنم موقع القيادات السياسية والوطنية كما قال في اللقاء الحواري.
إن الواجب ابتداءاً يقتضي علينا أن نعي أننا أمام مؤسستين، الأولى مؤسسة الجيش التي لا غنى للدولة الوطنية عنها مستصحبين في ذلك انها سابقة لوجود الكيزان بما يزيد عن قرنٍ ونصف قرن من الزمان وأنها سابقة لفكر الكيزان بما يزيد عن مائة عام، لكنها تعرضت لتخريب متعمد إبان سيطرة الكيزان على الحكم، وأن غالب الموقف منها ملتزم بما حكم عليها الوعي الثوري الذي عبرت عنه شوارع الثورة عنه بهتافات إعادة الهيكلة والإصلاح ثم العودة للثكنات.
أما المؤسسة الثانية فهي عبارة عن مليشيا لا مكان لها من الإعراب بالمرة داخل مؤسسة الدولة الوطنية، وقد أسسها الكيزان لقتل أهلنا في دارفور، وهو ما قامت به ولا تزال حتى لحظتنا الراهنة هذه، كما أنها القرار الذي قال عنه عمر البشير أنها القرار الأفضل له خلال سنين شموليته ومنتج المؤتمر الوطني الذي قننها عبر برلمانه ومجلسه الوطني، وفوق ذلك هي لا تأتمر إلا بأمر أسرة، وبالتالي لا يمكن أن تُستأمن على سلامة الوطن ومصالحه ووحدته.
وعليه أجدني ذاهلاً عند الحديث عن هذه المليشيا التي هي بالمعايير العسكرية محض قوات رديفة ومستولدة سياسياً وجزء من تركة الفلول بأنها جزء من المنظومة الأمنية وأن الحديث عن وجودها خارج السياق المستقبلي للدولة هو أمر في غاية الخطورة وكأن قدرتنا على تحليل مسببات هذه الحرب لا تستطيع أو أنها تتغافل عن أن هناك سبباً جوهرياً هو الوضع الشائه القائم على تعدد القوات الموازية للقوات المسلحة، وأن وجود قوتين عسكريتين وهما في وضع التوازي والاستقلال عن بعضيهما البعض داخل الدولة الوطنية الواحدة مدعاة للصراع تحت كثير المسببات، وهو ما يفسر عديد الاحتجاجات التي انتظمت داخل القوات المسلحة حول وضع وطبيعة مليشيا الدعم السريع بأشكالٍ وأنماطٍ مختلفة منذ فترة ما قبل سقوط النظام البائد.
الأمر الأشد غرابةً هو الحديث عن المليشيا بأنها كونت لأجل اكمال النواقص في التركيبة الأمنية والقتالية للجيش السوداني لأن هذا المفهوم يوجب علينا مراجعة موقفنا من قوات هيئة العمليات التابعة آنذاك لجهاز الأمن والمخابرات الوطني والتي تحت ذات المبرر قد يتحتم علينا مراجعة موقفنا منها لأن منشئيها كان يقولون ذات القول عنها وعن الدعم السريع بأنهما يكملان النواقص القتالية لدى الجيش.
إن حقيقة الأمر وهو أنه لما كان الجيش عصياً على الكيزان وتحديداً على مستوى الضباط صغيري الرتب ولما كان يصعب صناعة عقيدة قتالية قوية للضباط الصفوفيين في الحروب المحلية التي شنها فإنه لجأ لاستعواض ذلك بانشاء المليشيات الموازية على أسس عقدية كما الدفاع الشعبي أو أسس حزبية كما هيئة العمليات أو على أسس تقوم على الغنيمة والارتزاق كما حال الدعم السريع.
أجمل فأقول لو أننا نريد البحث عن حلول جذرية لحرب 15 أبريل وليس محض مهدئات عابرة يمكن أن تندلع بعدها حرب بزوال أثرها، فيجب علينا معالجة أسباب هذه الحرب وهو تعدد الجيوش المستقلة والمتوازية وهذا لن يتأتى إلا ببوصلة تشير بوضوح إلى أن الدرب الذي يقودنا لانهاء هذه الحرب هو التوافق على أنه لا يجب ان يكون هناك مستقبل او إمتيازات سلطوية وسياسية وعسكرية تمنح لمليشيا الدعم السريع وهو ما ينطبق بالتأكيد على كل الفصائل العسكرية خارج مظلة القوات النظامية.
كما أن يجب قبر سردية أن هناك جيوش ينظر لها بميزان التساوي ويجب أن تدمج بانشاء جيش جديد مبني على دمج الجيوش، بل يجب أن يكون عزمنا على أن الطريق نحو الاصلاح الأمني والعسكري يتأتى بالوصول إلى الجيش المهني والقومي عبر حل الجيوش الموازية باستخدام آليات الدمج وإعادة التسريح في الحياة المدنية وفق المعايير العسكرية المنضبطة ثم تبني سياسات تعنى بالاصلاح والتطوير.
الأهم من ذلك أن علينا الوعي بأن المؤسسات العسكرية هي ملك للدولة السودانية ووجدت لخدمة هذا الكيان وأن هذه القوات النظامية هي قواتنا نحن الشعب السوداني وإن تسربت إليها جيوب كيزانية، وأن واجبنا هو استعادتها لصالحنا ولصالح الدولة وليس تركها لقمةً سائغة لدى الكيزان، ولنا في شعارات ديسمبر أسوةٌ حسنة.
نورالدين صلاح الدين
مصدر الخبر