الخرطوم 14 يونيو 2023 – مع اشتداد الحرب في السودان، تبدو ملامح الاتفاق تحدث لأول مرة بين قائدي الجيش والدعم السريع، بشأن رفض غير معلن لمبادرة “إيقاد” بعقد لقاء مباشر بينهما.
وطرحت قمة رؤساء دول وحكومات الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا “إيقاد” التي عقدت في جيبوتي الاثنين الماضي، مبادرة تتضمن لقاء مباشر بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” في دولة أخرى.
وفور الإعلان، نقلت وسائل إعلام عن مصادر عسكرية قولها إن البرهان لم يوافق على عقد لقاء مع نائبه السابق.
في المقابل، أعلن نائب رئيس مجلس السيادة المعين حديثاً مالك عقار، أمس الثلاثاء، الاتفاق مع الوسطاء على لقاء بين قائدي الجيش، وقائد قوات الدعم السريع خلال أسبوعين.
وفي مقابلة مع قناة “الجزيرة مباشر”، قال عقار: “اتفقنا مع الوسطاء على إجراء لقاء بين البرهان وحميدتي خلال أسبوعين “.
وأضاف: “اللقاء سيناقش وقف إطلاق النار وملف المساعدات الإنسانية”، دون تفاصيل أكثر.
ولم يذكر عقار من هم الوسطاء الذين تم الاتفاق معهم لكن الرئيس الكيني وليام روتو، أعلن، الإثنين الماضي، أن بلاده “ملتزمة” بالجمع بين البرهان وحميدتي في محاولة لإيجاد حل للأزمة المستمرة منذ نحو شهرين.
وتوقع مصدر دبلوماسي لـ”سودان تربيون”، طلب حجب اسمه، أن يوافق الجيش على عقد اللقاء بمستوى تمثيل أقل من القائد البرهان ربما يكون نائبه الفريق أول شمس الدين كباشي.
وأكد على أن قيادة الجيش لا تمانع التعامل مع المبادرات أو الوساطات التي تقود إلى إنهاء الحرب ودمج قوات الدعم السريع في الجيش دون قيد أو شروط، وفق قوله.
وتوقع أستاذ العلوم السياسية محمد إدريس، عدم نجاح مبادرة الإيقاد في الجمع بين البرهان وحميدتي، دون تدخل أطراف أخرى تضم قوى مؤثرة على الطرفين.
وفي حديثه لـ”سودان تربيون”، أشار إلى أن معطيات ومخرجات الهدن الموقعة في جدة بين الطرفين حتى الوصول لتوقيع إعلان جدة والهدنة الأخيرة أكدت بشكل قاطع أن المسافة ما زالت بعيدة بين الجنرالين مع الأخذ في الاعتبار درجات التأثير عليهما داخلياً.
ويعتقد إدريس، إن جهات مرتبطة بالنظام السابق تؤثر بشكل مباشر في مواقف قيادات الجيش وتقود حملة تعبئة عالية للغاية لإطالة الحرب ورفض كل المبادرات منذ مبادرة الاتحاد الأفريقي وإيقاد وبعض المبادرات الإقليمية.
وجزم في نفس الوقت بأن الموقف الميداني، هو ما يحدد مدى نجاح اللقاء بينهما مستقبلا، مشددًا على “أن الجنرالان متفقان على الحرب وعدم لقاء أحدهما الأخر، لكن لن يمضي الأمر كما يريدان”.
وأضاف أن الرهان على حسم الحرب ما زال يراود الجانبين لجهة أن ذلك يحقق بشكل مطلق لأحدهما السيطرة على الحكم والتواجد في أي معادلة سياسية مقبلة حال وجدت.
وفي تصريحات سابقة قال وزير خارجية جنوب السودان للجزيرة مباشر، إن هناك حاجة ملحة لحل النزاع في السودان ويجب تمهيد الطريق للقاء بين البرهان وحميدتي، وإن رئيس جنوب السودان تواصل مع البرهان لحل الأزمة لكنه لم يتمكن من التواصل مع حميدتي.
وكشف مصدر دبلوماسي لـ”سودان تربيون” عن مشاورات تجري حاليّا بين قادة الجيش حول مبادرة “إيقاد” المطروحة مع التأكيد على الالتزام بمنبر جدة.
لكن في ظن المحلل السياسي أحمد موسى، أن من مبادرة الإيقاد بضرورة العمل على جمع الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، يبقى هو المقترح المعقد الذي لن يجد قبولاً من المنظومة العسكرية خاصة مع الإنتهاكات المدنية الأخيرة لقوات الدعم السريع بدخولها المستشفيات ومرافق الخدمة الوطنية وبيوت المواطنين.
ويوضح موسى في حديثه لـ “سودان تربيون”، أن ذلك الأمر خلق حالة من الدعم الجماهيري العريض للقوات المسلحة، وهذا الدعم سيبقى هو أحد العوائق المتوقعة لمنع حدوث هذا اللقاء.
وتابع: “البرهان بعد التقدم العسكري الكبير للقوات المسلحة والدعم الجماهيري الأكبر لن يغامر بقبول مثل هكذا لقاء يمكن أن يمنح نائبه السابق شرعية أضحى يفتقدها شيئاً بشئ دون إغفال فرضية تقديمه تنازلات كبيرة لمصلحة الاستقرار الوطني خاصة مع حالة الإنهاك الاقتصادي والاجتماعي المحيطة بالبلاد”.
ولفت إلى أن تداخلات أخرى تخص الحسابات العسكرية وتأثير مثل هذا اللقاء على الروح المعنوية للجيش الذي قدم كثير من التضحيات بغية الحفاظ على الأمن وإعادة الاستقرار مما سيضعف احتمالات حدوث مثل هذا اللقاء.
وأشار موسى، إلى جانب وصفه بالأكثر أهمية وهو ما يتعلق بجدوى اللقاء خاصة مع تعثرات المبادرة الأمريكية السعودية بجدة- فق قوله، بسبب عدم التزام قوات الدعم السريع بتعهداتها بموجب اتفاقيات الهدن المختلفة والتي تعود بشكل رئيسي لفقدان قيادة تلك القوات السيطرة على قواتها بالميدان بسبب غياب عدد كبير من القيادات لأسباب غير معلومة وفي ظل وجود صراعات داخلية بين المتبقي من قيادات تتعلق بتراتيبية القيادة والسيطرة وعمليات الإحلال والإبدال للقيادات الغائبة أو المغيبة.
وأضاف: “إن جملة تلك الظروف تجعل احتمالات قيام ذلك اللقاء هو الأضعف، إلا بحال مروره بمرحلة انتقالية للمواقف تعين على تقوية الفرضية الأخرى المبنية على احتمالية قيامه”
وقال موسى، إن خلال هذه المرحلة تقوم على إجابة السؤال المركزي لضرورة قيام اللقاء والهدف منه، وهل هناك أجندة واضحة ومحددة له، خاصة مع تباين مواقف الجيش والقوات المتمردة حيث ظل موقف الجيش الاستسلام التام أو القضاء التام.
ويرى أن أي موقف لن يؤدي الى أي من تلك الفرضيتين لن يعين على تقوية فرضية اللقاء برغم أهميته للراهن العسكري والأمني.
المصدر
