هل سيؤدي قرار “أوبك +” خفض إنتاج النفط إلى توتر جديد بين الرياض وواشنطن؟
[ad_1]
أعلنت منظمة “أوبك +” التي تضم أكبر الدول المنتجة والمصدرة للنفط، نيتها تطبيق تخفيضات طوعية على إنتاجها حتى نهاية 2024. المملكة العربية السعودية، أكبر منتج ومصدر للذهب الأسود في العالم، أعلنت عن تخفيضات إضافية من جانبها بلغت مليون برميل يوميا، في محاولة منها لضبط أسعار النفط عالميا، نتيجة الانخفاض الذي شهدته مؤخرا.
نشرت في:
عقد تحالف “أوبك+” اجتماعا الأحد 4 حزيران/يونيو في فيينا، وسط أجواء وصفها متابعون “بالصعبة” نتيجة خلافات بين الدول المنتجة والمصدرة للنفط، على رأسها السعودية وروسيا، بشأن خفض إنتاجها. انتهى الاجتماع بتوافق كافة الدول على البدء بخفض طوعي لإنتاجها بهدف ضبط أسعار السوق التي شهدت انخفاضا ملحوظا مع اعتماد روسيا، إحدى الدول الرئيسية المصدرة للنفط، تخفيضات بالأسعار للدول الآسيوية. هذه السياسة وضعت السعودية، أكبر منتج ومصدر للنفط، أمام مأزق اقتصادي، ما دفعها إلى العمل على إقناع كافة الدول الأعضاء بالمنظمة الدولية على خفض إنتاجها.
وعقب الإعلان عن التوصل للاتفاق، شهدت أسواق النفط العالمية ارتفاعا بالأسعار، حيث وصل برميل خام برنت إلى أكثر من 78 دولارا أمريكيا، بزيادة قدرها أكثر من دولارين. ووافق تحالف كبار المنتجين في “أوبك+” بقيادة السعودية على تمديد اتفاق خفض الإنتاج الطوعي إلى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2024، ليصل عتبة 40,46 مليون برميل يوميا.
السعودية: خفض طوعي بالإنتاج سيبلغ مليون برميل يوميا
وجاء في البيان الختامي للاجتماع الذي كان محط أنظار العالم، نظرا لأهمية قراراته على أسعار النفط وارتباطها بالصراعات الجيوسياسية وأثرها على سوق الطاقة وعلى رأسها الحرب في أوكرانيا، “ضبط مستوى إجمالي إنتاج النفط للدول الأعضاء في أوبك والدول غير الأعضاء في أوبك إلى 40,46 مليون برميل يوميا من الأول من كانون الثاني\يناير 2024 وحتى 31 كانون الأول\ديسمبر 2024”.
وأورد البيان أنه “على روسيا ضبط حجم إنتاجها بحدود 9,828 مليون برميل يوميا اعتبارا من 2024″، معتبرا أن “أوبك +” اتخذت هذا القرار “للحفاظ على استقرار سوق النفط وإرساء قدرة طويلة الأمد على التنبؤ بحركته”.
من جهتها، أعلنت وزارة الطاقة السعودية مساء أمس الأحد أنها “ستواصل الخفض الطوعي لإنتاج النفط البالغ 500 ألف برميل يوميا حتى نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول 2024، بالتنسيق مع بعض الدول المشاركة في اتفاق أوبك+”. كما أعلنت المملكة نيتها القيام بخفض طوعي إضافي في إنتاجها من النفط الخام بمقدار مليون برميل يوميا ابتداء من تموز/يوليو المقبل لمدة شهر قابلة للتمديد، على لسان وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، خلال مؤتمر صحفي أعقب الاجتماع.
والتزمت موسكو بتمديد خفض إنتاجها الطوعي للنفط بمقدار 500 ألف برميل يوميا حتى نهاية كانون الأول/ديسمبر. واعتبر نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك أن القرار يأتي “في مصلحة السوق العالمية ولا خلافات بين روسيا والسعودية”.
اجتماع على خلفية خلافات سعودية روسية
وكان قد سبق الاجتماع مؤشرات حول خلافات بين الرياض وموسكو هددت بتعطيله، على خلفية دفع المملكة السعودية باتجاه خفض الإنتاج، الأمر الذي كانت روسيا مترددة بشأنه لما سينعكس بنتيجته على عائداتها النفطية الضرورية حاليا لتمويل أعمالها العسكرية في أوكرانيا. يذكر أنه بسبب العقوبات الغربية على موسكو، تم فرض سقف سعري للنفط الروسي وهو 60 دولارا للبرميل، وأي تجاوز لهذا السعر سيعرض الجهات أو الدول المعنية به لخطر عقوبات.
من جهة أخرى، فرض سقف سعري على النفط الروسي حفز اقتصادات ضخمة كالصين والهند على الإقبال عليه. هذا كان له أثر كبير على حصة السعودية من سوق النفط العالمية، خاصة مع تراجع صادراتها للاقتصادين الأقوى في آسيا. ووفقا لشركة “فورتكسا” المتخصصة في تحليل بيانات الشحن، سجلت الهند رقما قياسيا لوارداتها من النفط الروسي “الرخيص” خلال أيار/مايو الماضي بلغ 1,96 مليون برميل يوميا، فيما تراجعت وارداتها من النفط السعودي إلى أدنى مستوياتها منذ 2021.
ونقلت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية عن سيرينا هوانغ المحللة في “فورتسكا” إن “المصافي الهندية تُظهر شهية قوية للخام الروسي، نظراً لانخفاض أسعاره مقارنة بإمدادات الشرق الأوسط”.
باربارا لامبرخت، من مجموعة “كوميترس بنك”، اعتبرت أن “السعودية تحتاج إلى أسعار أعلى لدعم ميزانيتها”، مشيرة إلى أن عتبة الربح تبلغ حوالي 80 دولارا للبرميل بالنسبة للمملكة.
التنسيق داخل “أوبك +” يعزز استقرار أسواق الطاقة العالمية
لكن الإعلان الذي جاء في نهاية الاجتماع عكس رغبة دول التكتل في زيادة التنسيق فيما بينها والعمل على تعزيز الثقة في سوق النفط العالمية، كون تحالف “أوبك +” يضخ نحو 40% من الإنتاج العالمي لهذه المادة، ولقراراته تأثير كبير على أسواق الطاقة العالمية.
وكانت “أوبك” قد أعلنت عن تفاؤلها بشأن ارتفاع الطلب على النفط الخام خلال العام الجاري ما قد يدفعها لزيادة إنتاجها بنحو مليوني برميل يوميا، لكن الأزمة الاقتصادية العالمية جاءت بنتائج مغايرة لتلك التوقعات. فمع تراجع النشاط الصناعي وسعي الدول لترشيد الإنفاق، إضافة إلى أسباب أخرى، كلها شكلت أسبابا لتراجع الطلب على النفط منذ نيسان/أبريل الماضي، هذا ما حفز المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، لدفع “أوبك+” لخفض الإنتاج من أجل دعم الأسعار وتفادي وقوعها في عجز مالي.
وفقا لشركة “ريستاد إنرجي” للاستشارات، من المرجح أن يؤدي الخفض الإضافي من جانب السعودية إلى زيادة عجز السوق، ما قد يدفع أسعار النفط الخام للارتفاع في الأسابيع المقبلة.
أما محللي “غولدمان ساكس” فاعتبروا أن الاجتماع كان “صعوديا إلى حد ما” لأسواق النفط، ويمكن أن يرفع أسعار برنت في ديسمبر/كانون الأول 2023 إلى 6 دولارات للبرميل، اعتمادا على المدة التي تحافظ فيها السعودية على إنتاجها عند 9 ملايين برميل يوميًا خلال الأشهر الـ6 المقبلة.
وغالبا ما تسعى منظمة الدول المصدرة للنفط إلى سياسة خفض الإنتاج لتنظيم عملية العرض والطلب في السوق العالمية، ولدعم أسعار النفط خاصة إذا ما انخفضت لمستويات تهدد ميزانيات الدول الأعضاء، ولتعزيز استقرار أسواق النفط وبث الطمأنينة لدى الدول المستهلكة بشأن قدرة الدول المنتجة على ضمان توافر النفط في السوق.
شكوك غربية – أمريكية
أما البيت الأبيض، وتعليقا على قرار “أوبك +” بخفض إنتاج النفط، فاعتبر أنه “أمر يخص منظمة أوبك”.
ونقلت شبكة “سي أن أن” الأمريكية عن مسؤول بالبيت الأبيض قوله “نحن لسنا جزءا في أوبك +، فالمنظمة تتخذ قراراتها الخاصة، نحن نركز على المستهلكين الأمريكيين وليس على سعر البرميل، وقد انخفضت الأسعار بشكل ملحوظ العام الماضي”.
وأضاف المسؤول الذي لم تسمّه “سي أن أن” أنه “نعتقد أن العرض يجب أن يلبي الطلب، وسنواصل العمل مع جميع المنتجين والمستهلكين لضمان دعم أسواق الطاقة للنمو الاقتصادي وانخفاض الأسعار للمستهلكين الأمريكيين”.
ويأتي إعلان المملكة العربية السعودية بشأن خفض إنتاجها من النفط قبل يومين من موعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين لإجراء محادثات مع القادة السعوديين.
واصطبغت السياسة النفطية السعودية بمسحة أكثر عدوانية منذ بروز ولي العهد محمد بن سلمان على الساحة السياسية الداخلية، الذي يسعى لتحقيق عائدات كبيرة من النفط لتمويل خططه التنموية الطموحة في الداخل، وعلى رأسها تنويع مصادر دخل المملكة.
في الماضي، أثارت تصاريح “أوبك” التي تقودها المملكة العربية السعودية احتكاكات مع إدارة بايدن، التي سعت لإبقاء أسعار النفط منخفضة لتخفيف الضغط على أسواقها الداخلية.
وتتهم دول غربية عدة منظمة “أوبك” بتعريض الاقتصاد العالمي للخطر من خلال التلاعب بأسعار النفط والتسبب بارتفاع معدلات التضخم وتراجع النشاط الصناعي، كما تتهمها بالانحياز لروسيا على الرغم من العقوبات الغربية المفروضة عليها.
وكانت الولايات المتحدة قد وصفت إجراءات “أوبك +” الماضية بأنها “غير مناسبة”، وأعلنت أنها تدرس إصدار تشريع يعرف باسم “نوبك”، يتيح لها مصادرة أصول “أوبك” على الأراضي الأمريكية إذا ثبت تواطؤها في تقويض استقرار السوق.
المصدر