سناء حمد: الذي امامنا معركة وطنية غير مسبوقة
[ad_1]
الى الاسلاميين ..سلام
(1)
منذ صباح السبت الاسود 15/ابريل /٢٠٢٣، حين انفجار الاوضاع في بلادنا الحبيبة ، ومع شراسة الحرب التي من اسمائها الكريهة وهي كريهة ، ونحن نعيش معاناة اهلنا وجيراننا واصدقائنا ومعارفنا وشعبنا ، والحياة قد اختلف طعمها ، والقلق والحزن والخوف اصبحت الرفيق الثقيل .. حيث القرى الآمنة طوال تاريخها مروّعة و الناس في المدن يغادرون بيوتهم مُكرهين ، ورائحة الموت تحيط بالجميع ، والحزن على ابناء السودان في الجيش والمليشات المتمردة والمواطنين كبير ، فهولاء جميعاً ابناء السودان الذين كانوا مدخرين لغدٍ افضل ودورٍ بنّاء ، الا ان اطماع أسرة وأفراد وفساد ساسة واحزاب ، قاد الجميع الى هذا الخُسران .
إن الجيوش في العالم هي العمود الفقري للدولة وهي صمام امان لكل امةٍ وشعب ، والجيش السوداني مثلها والسودانيون يدعمونه ويرجون له النصر دوماً وهذا لا علاقة له بايّ انتماء او ولاء سوى الولاء لله والوطن ، اننا نسنده كسودانيين لأنه جيشنا الذي يفوق عمره عمر الدولة السودانية ، ولأننا ورثنا الولاء له اباً عن جد ، وجداً عن جد ، قد نرفض توجه بعض ضباطه وقد نسند بعضها ، لكن هذا التقدير المتغيّر لم يؤثر على ولائنا لهذه المؤسسة ، وتحت كل الظروف ظل الجيش عندنا هو الجيش ! وظل غاية ما نأمله على مر الزمان ان يكون مؤسسة قويّة ، تسهم في نهضة الوطن ، جيشاً مهنياً مستقلاً عن كل تيارٍ سياسي ، ودون ولاءٍ الا لله والوطن ..لقد ظللنا ندعم تعزيز دوره الاصيل جيشاً حامياً للشعب مدافعاً عنه حريصاً عليه
لقد نشأنا ونحن حين نرى ضباط وجنود هذا المؤسسة الوطنيّة لا نرى لهم قبيلة الا الجيش ولا لون الا الاخضر بدرجاته المختلفة ، نحفظ اختلافات قبعاته ودلالتها ونطرب لجلالاته واهازيجه ، ونتزاحم لمشاهدة طابور السير الصباحي لوحداته ان مرت بمدارسنا او بيوتنا …ولم لا فهذا الأخضر هو جيش هولاء الخُضْر ..جيشنا .
(2)
بعد التغيير الكارثيّ في 2019، لم اقلق من الخطاب السياسي العنيف والمشتط ، كنت اعلم انها موجة سترتفع الى حدٍ ما ثم ما تلبث ان تنحسر كما يحدث في العالم كله ، لكن الاساءة للجيش وتجاوز الخطوط الحمراء معه وتحريض الشباب عليه ، والسعي لتفكيكه ومساواته بمليشيا تتبع لأسرة ، ثم مزايدة السياسيين عليه بفعل ترغيبٍ او ترهيبٍ او عمالة ، وهو ساكن، وكأن دابة الارض قد دلّت الجميع على موته ، فتجرأ الجميع عليه وعلى ” التنظير ” في مستقبله وطبيعة وجوده ودوره بلا خبرة ولا ضوابط ، كان هذا السلوك الخطر .. ما يقلقني ..وكنت ارى كالكثير من المراقبين والمهتمين انه طريقٌ حصاده مُر .. وأننا أمام معركة مؤجلة فلا يمكن لمؤسسة عسكرية عريقة سبقت الدولة في تأسيسها وقوانينها ان تصمت طويلاً … فهي كلما صمتت تمادى الساسة وسبقهم الاخوة دقلو الذين تهيأوا لوراثة الجيش !! كان واضحاً لكل ذي بصيرة ان مصير السودان ستحدده معركةٌ مؤجلة ستنشب حتماً في ساعة ما ، وسيدفع ثمنها الابرياء .
(3)
للاسف نحن اليوم في خضّم هذه المعركة التي كان اندلاعها حتميّاً ، ليس بفعل فاعل سياسي كما يقول بعضهم كذباً وزوراً في امتدادٍ لسوء التقدير وخطلِ التفكير ، فهذه المعركة استعد لها وابتدرها الطرف الذي حشد الجنود و الذي حوّل الخرطوم لثكنةٍ عسكرية واحاطت معسكراته وجنوده بها احاطة السوار بالمعصم ، والذي ملأ المخازن بالسلاح والذخائر واستقوى على الجيش الوطني بسبب تفريط قيادته و بفعل تحريض الساسة والحلفاء خارج الحدود ، بدأ هذه الكارثة المدمرة الذي بادر بمهاجمة بيت الضيافة والقيادة العامة والمطار ومعهد الاستخبارات وكافة وحدات الجيش في العاصمة والولايات في توقيت واحد !! واطلق النار على المواطنين في الطرقات وأسر النساء والاطفال ، ولولا لطفٌ من الله كبير لكان السودان اليوم مملكة جديدة ، ولتحوّل لساحة رعب وبحر دماء ، ولذلك الذي امامنا هي معركة وطنية غير مسبوقة ، وما دفعني للكتابه اليوم هو خشيتي من الآثار الكارثية لعملية تلوين هذه المعركة وتلوين الجيش، بفعل بعض المحسوبين على الاسلاميين .
(4)
ايها الاسلاميون ..انتم لم تصنعوا هذا الحدث ولم تكونوا جزءاً من تفاعلاته ، بل هي اطماع قائد المليشيا وشقيقه ، وداعميه الذين حددوا ساعة الصفر !! بل هو الجيش الذي تحرك دفاعاً عن نفسه حين تهدد وجوده وجنوده وبلاده ، هذا الجيش ليس جيشكم ..بل جيش السودان …هو جيشنا كسودانيين ، دعوا الجيش يخوض معركته المصيرية دون تشويش، ادعموه كسودانيين ، أسندوه كما الجميع بلا منٍ ولا اعلام ، فهذا واجبكم كسودانيين ، انشغلوا بضحايا هذه المعركة بالشهداء بالجرحى بالارامل ، بالمغتصبات ، بالذين دمرت بيوتهم ونهبت ، باصحاب الاعمال الذين سرقت ودمرت اعمالهم ..
انشغلوا بالحريق الذي هو أكبر من ازيز المعركة ودخانها ، بالمستشفيات والاحياء ، بتأمين الناس ، انهضوا كمواطنيين سودانيين مع اخوتكم في الاحياء لحماية الممتلكات وصيانه الاعراض واغاثة الملهوف ، سخِّروا طاقاتكم ووجودكم في وسائل التواصل الاجتماعي لبناء شبكات العمل الطوعي والانساني لتقديم الخدمات ، ابتكروا المبادرات للنجدة والغوث .
دعوا الجيش لمعركته الوجوديّة ، أرجوكم لا تضعفوا قضية الجيش ولا التفاف شعبه حوله بحماس بعضكم الذي يؤدي الى صنع صورة غير حقيقية عن دورٍ لكم تقود الى تلوين معركة الكرامة الوطنية هذه ، والخاسر
هو الوطن.
في هذه اللحظات ..اجدني اتذكر استاذي بروفيسور عوض السيد الكرسني ، الذي ظل يقول بجرأة نادرة بين النخبة السودانية ، ان هذه البلد لا تصلح دون الجيش ودون حكمٍ شمولي ، لان نخبها السياسية فاشلة وقصيرة النظر وضعيفة فلا تكونوا كذلك ، انا لا املك شجاعته ، ولكني في هذا الظرف اعلم اننا بحاجة ماسة ٍلهذا الجيش ، مستقلاً و على مسافة واحدة وواسعة من الجميع ، وليته يجمِّد الحياة السياسية ويجمّد هذه الاحزاب والتيارات السياسية العاجزة والمفككة والمخترقة جميعاً دون ان يستثنيكم ولفترة زمنية محددة ، كي يجمع طاقات الشعب بأكمله لمعركة البناء ، واعادة الُلحمة الوطنية التي مزقها آل دقلو والقوى السياسية ، ليقود ملحمة اعادة الحياة على اسس جديدة لقلب بلادنا الخرطوم التي ان صلُحت صلُح الوطن وأمِن المواطن وان ضعُفت او تفككت ضاع الوطن …عليه أن يتفرّغ لاجراء الاصلاحات المطلوبة فيه بعد أكثر من قرنٍ من تأسيسه وان يستعين بمن شاء من خبراء دون حرج ..بالداخل والخارج .
(5)
ان ما يفعله بعضكم ، وأثق انه من باب المحبة والولاء لهذا الجيش وانه حماس الا انه حماس مُضر، يضر بمعركة الوطن الان ، في لحظة غير مناسبة لا ينبغي ان يعلو صوت فوق صوت الوطن ، في لحظة تاريخية حرجة ، يتحدد فيها ان يكون السودان او لا يكون ، علينا التكاتف كسودانيين بلا مظلات حزبية ولا ايدولوجية ، والانتظام في مظلة وطنية عريضة لصالح هذا الوطن ، للإعمار والبناء ، للتعافي والنهوض .
سناء حمد
مصدر الخبر