السياسة السودانية

محمد طلب يكتب: الغاية تبرر الوسيلة

[ad_1]

محمد طلب يكتب: الغاية تبرر الوسيلة

في كثير من الأحيان (نقتبس) الأقوال والحكم كسند لما نريد قوله، وفي كثير من الأحيان يفوت علينا أن نفكك ونحلل ونتمعن (المُقتبس) ومعانيه ودلالاته، وغالباً نتعامل مع تلك الحكم والأقوال والأمثال على أنها (صادقة ومعبرة) أكثر من غيرها في اتجاه قضية معينة، وتدعم وجهة نظرنا فيها رغم أن هناك زاوية أخرى أقرب لرؤية الآخر منا، وأن هناك شبه اعتقاد بأن هذه الأقوال (ثوابت لا تتغير).

الغاية تبرر الوسيلة

هي أشهر مقولات الإيطالي نيكولا ميكافيلي
وهو مفكر وفيلسوف سياسي في عصر النهضة الأوروبية نورد إليكم أيضاً بعض من مقولاته الشهيرة لنتمعن فلسفته فيها ثم نعود للغاية تبرر الوسيلة:

حبي لنفسي دون حبي لبلادي

من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك

أثبتت الأيام أن الأنبياء المسلحين احتلوا وانتصروا، بينما فشل الأنبياء غير المسلحين عن ذلك

إن الدين ضروري للحكومة لا لخدمة الفضيلة ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس

من واجب الأمير أحياناً أن يساند ديناً ما ولو كان يعتقد بفساده

ليس أفيد للمرء من ظهوره بمظهر الفضيلة

لا يجدي أن يكون المرء شريفاً دائماُ

ورغم ان معظم الأقوال أعلاه تنطبق على أوضاعنا الحالية بشكل غريب إلا أن ما يهمني في هذا الصدد أشهر مقولة له وهي (الغاية تبرر الوسيلة)، ورغم أن كل مقولة من المقولات أعلاه تحتاج لكثير بحث ودراسة، ورغم وجودها بكثرة في المجتمعات البشرية على اختلافها ووجود مظاهر صدقها إلا أنها في نهاية الأمر لا تخلُ من أنها تمثل وجهة نظر قائلها التي قد يتفق أو يختلف معها الآخرون.

وقبل التمعن والتحليل يجب الوعي بأن أي مقولة قيلت في ظروفها الزمانية والمكانية قد تصلح أو لا تصلح لغير تلك الظروف على غير النصوص المقدسة فالقرآن الكريم صالح لكل زمان ومكان.

غالباً ما تتكرر ذات الظروف بالنسبة للحكم والأمثال والأقوال ويقولون إن التاريخ يعيد نفسه…. وهنا أيضاً ننتبه إلى أن أحوال جميع البشر ومجتمعات الإنسانية تتقارب وتتشابه بدرجة مذهلة تقودنا للآية الكريمة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ، واحِدَةٍ، وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)، مما يحمل دلالات هذا التشابه في الحاجات الإنسانية والغرائزية وطرق إشباعها والأخلاقيات التي تقود البشر للطريق الصحيح والأديان على اختلافها تدعو لمكارم الأخلاق.

ولكن يجب أن لا تُحاط مثل هذه العبارات والأقوال والحكم بالقدسية أو العكس.

فمثلاً (الغاية تبرر الوسيلة) قد نعتبرها جريمة دينية وأخلاقية وشرعية في حين أنها غير ذلك في (بعض الأشياء والأحيان) بل أن القاعدة الفقهية الأصولية (الضرورات تبيح المحظورات) المأخوذة من قوله تعالى (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) [الأنعام:119] تندرج في نفس الفهم (للغاية تبرر الوسيلة) فمثلاً (الميتة) حرام ولكن إذا وصل الإنسان مرحلة تؤدي إلى الموت (فقد النفس) الواجب الحفاظ عليها (أي أن الحفاظ علي النفس (غاية) قد تكون (الوسيلة) إليها أكل الميتة (الحرام) وهذا مثال فقط والمحك في (ما هي الضرورة) وما هي الغاية وما هي الأضرار المترتبة على استخدام الوسائل ومدى شرعيتها وضررها العام والخاص، ووووو هذا واجبنا كمسلمين.

أما ميكافيلي فيقول (ما هو مفيد فهو ضروري) فنوجه له السؤال التالي:

من هو وما هي الأحوال والشخوص التي تحدد أن هذا مفيد وهذا غير مفيد كي يكون ضرورياً؟

أما الضرورة في الشرع فلها محددات شرعية تقوم بها
وعموماً ما أريد قوله إنه لا يمكن القول إن الغاية لا تبرر الوسيلة (على الإطلاق) طالما أن هناك وسائل (محرمة) في الأحوال العادية ولكنها تصبح وسائل حلال بحكم الضرورة (أكل الميتة) لبعض الغايات (حفظ النفس) مثلاً وكذلك يجب أخذ الحيطة والحذر في هذه القاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) حتى لا تصبح مبرر لكل فعل وفاعل كما رأينا في عالم السياسة بالسودان وعالم الفتاوى السلطانية وما يدور في الساحة وفتوى قتل نصف أو ثلث الشعب الشهيرة، وما ميكافيلي الا مفكر وفيلسوف سياسي.. أيضا نشير إلى أن حتى القواعد الفقهية مثل (لا ضرر ولا ضرار) أو (الضرورات تبيح المحظورات) ما هي إلا اجتهادات بشرية قد تستند إلى نصوص حسب الفهم والتأويل الذي خرجت منه (القاعدة) أو (أجمع) عليه (العلماء)…. يبقى القول إنه وفي ظروف واشتراطات معينة (الغاية تبرر الوسيلة) تعادل كفة (الضرورات تبيح المحظورات) تماماً.

ويبقى أيضاً السؤال الحائر هل تظل هذه القواعد أو الأقوال تخص قائلها أم تكون قاعدة يستدل بها وهذا ربما يقودنا إلى (يستفتونك) والرد عليها وهذا موضوع آخر لا مجال له في هذه المساحة.

سلام

صحيفة الصيحة

[ad_2]
مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى