عبد الله مسار يكتب: الحوار السوداني (٣)
قُلنا في مقالينا الحوار السوداني (١) و(٢)، إنّ السُّودانيين منذ قيام الثورة وحتى الآن متفرقون لم يجتمعوا مع بعض البعض، وذلك للأسباب الآتية:
1/ تقسّموا إلى تسميات مُختلفة، هؤلاء ثوار وفلول دون تعريف واضح، لأن معارضة نظام الإنقاذ تراكمية بدأت منذ يونيو ١٩٨٩م حتّى ديسمبر ٢٠١٨م فهم كركاب قطار ينزلون في محطات ويركب آخرون، ولذلك هي ثورة تراكمية.
2/ التدخُّلات الخارجية وخاصةً من الدول الغربية، لأنها دعمت مجموعات من أحزاب وناشطين من فترة الإنقاذ لتغيير النظام من إسلامي الى علماني، ولما سقط النظام أرادوا أن يوفوا بالتزاماتهم نحو تلك الدول ومنظماتهم التي عملت لذلك.
3/ هذه الأحزاب مختلفة المشارب والأفكار ليس بينها رابطٌ، حتّى في حقوق المواطنة يتنازعون!
4/ نهاية الإنقاذ كانت بيد شباب وهم بعضهم ينتمي الى أحزاب وآخرون غير ذلك، وبعضهم كوّن لجان المقاومة، وآخرون غير ذلك، ولجان المقاومة الحزبية تفرض رأيها على الآخرين لأن لديها حواضن توجِّههم الى ما تريد.
كل هذه العوامل جعلت اجتماع أهل السودان على صعيد واحد صعباً جداً، وخاصةً الطمع في احتكار السلطة لصالح بعض التنظيمات السياسية لتستفيد من السلطة لبناء قوة شعبية استعداداً للانتخابات، ثم الضغط الخارجي والتدخُّلات الأجنبية جعلت لقاء هؤلاء الفرقاء على برنامج مشروع وطني يكاد يكون مستحيلاً.
وزد على ذلك، رغبة بعد القوى السياسية من تصفية النظام السابق وبالانتقام منه، لأنه إسلامي أو لممارسات قام بها أفراد منه، ثم انقسام العسكريين بين مؤيد لهذا ورافض لذاك.
كل هذه العوامل جعلت السودان مكان صراع حاد داخلي وخارجي، وجعلت القوى السياسية منقسمة فيما بينها وتبعاً لبعض المحاور عليه، قل التوافق بين السودانيين.
وعدم التوافق جعل هناك تعسراً في الفترة الانتقالية، وجعل السودان في منطقة الخطر، خاصّةً أن خطاب الكراهية عَمّ الريف والحضر، كما أن هنالك سلاحاً منتشراً يُقدّر بعدد ضخم ويوجد عدد من الميلشيات.
عليه، هذا الوضع يتطلّب حكمة ويجب أن يتدخّل العقلاء لجمع الصف السوداني للاتفاق على الحد الأدنى من التوافق وبدون التوافق لن تستطيع أي جهة أن تحكم مهما فعلت واستعانت بأي قوة خارجية.
عليه، الدعوة للحوار السوداني واجب كل سوداني، ويجب على القوى السياسية والمجتمعية أن تعي خطورة الوضع، لذلك رسالتي للجميع تعالوا نجتمع مع بعض ونقدم تنازلات للوصول إلى حد أدنى من الاتفاق لنؤسس حكم فترة انتقالية آمن وسلس، وهذه الدعوة لا تستثني أحداً (قبل أن تقع الفأس على الرأس).
وقديماً قيل (الدائره كله تفقده كله).
صحيفة الصيحة
مصدر الخبر