السياسة السودانية

صلاح الدين عووضة يكتب : تفكيك التأثير!

تأثير الإنقاذ..
فنظام الإنقاذ لم يسقط كله بعد وإنما هنالك بقية منه يحتاج إلى تفكيك..
ولا نعني تفكيك بقية تمكنها في حياتنا..
فهذا وهمٌ تضخمه عقول أهل قحت – ولجنتها للتفكيك – أشبه بمرضٍ نفسي..
أو هو محاولة لصنع شماعة يُعلق عليها الفشل..
وإنما التفكيك الذي أعنيه يختص بالخطاب الإنقاذي – الإسلاموي – ومفرداته..
فهو ما زال باقياً بيننا رغم سقوط الإنقاذ..
وسأروي أمثلةً على ذلك حدثت تباعاً في يومٍ واحد فقط؛ هو يوم أمس..
وعلى ذلك قس؛ وخد بالك..
فقد أدرت المؤشر إلى قناة سودانية فوجدت من يقول حقيقةً فعلنا كذا وكذا..
وانتقلت إلى أخرى فإذا بثانٍ يقول حقيقةً أنجزنا كذا… وكذا..
وتحوّلت إلى غيرها فرأيت ثالثاً يقول حقيقةً نحن اجتهدنا في كذا وكذا..
ولم أتوقف عند أيٍّ منها لأعرف ما هو هذا الكذا وكذا..
فلدي نفور- أشبه بالفوبيا – من هذه المفردة التي انتشرت في زماننا هذا..
وهي من المفردات التي اشتهر بها إسلاميو بلادنا..
مفردات من قبيل أحسب… وينبسط… ويتنزل… وينداح؛ ومفردة هكذا..
ولكن أكثرها استهلاكاً هي مفردة حقيقةً هذه..
ولم تعد تقتصر على الإسلاميين وحدهم – الآن – وإنما انداحت بفعل الإعلام..
فقد كانوا يهيمنون على أجهزة الإعلام لثلاثين عاماً..
والآخرون صاروا عرضةً للتأثير – الخطابي – هذا من كثرة التكرار..
بل حتى من المسؤولين من تأثّر بطريقتهم هذه..
المهم؛ قلت إنّ أصحاب مفردة حقيقة هذه الثلاثة لم أنتبه لحديثهم التلفزيوني
أو نفرت منهم بسبب هذه الكلمة..
فما من سبب يدفعهم إلى الاستنجاد بمفردة التصديق هذه إن كانوا
صادقين..
فالأصل في كلام المسؤول الصدق… ما لم يثبت العكس..
هل رأيتم مسؤولاً غربياً – غير مسلم – يبدأ حديثه بمفردات تنفي عنه الكذب؟..
طبعاً لا؛ لأنه لا يتوقّع أصلاً من الناس تكذيبه..
لا يحتاج إلى أن يقول لهم: والله… وصدقاً… وحقيقةً… الموضوع كذا وكذا..
ثم كانت هنالك مفردة حقيقة رابعة… في شاشة رابعة..
وذلكم كله كان محض مصادفة أكثر من غريبة… وهي سبب كلمتنا اليوم..
وما يهمنا هنا هو الإكثار من ترديد كلمة حقيقة… بالتنوين..
وهو إكثار – من زاوية علم النفس – قد يدل على إحساس خفي بالتكذيب..
ومن يثق في نفسه – وصدق حديثه – لا يتوسّل إلى الناس بأدوات التصديق..
لا يكثر من القسم… والحلف… والتأكيد… ومفردة حقيقة..
وهذه المفردة – تحديداً – هي من آثار نظام الإنقاذ التي تحتاج إلى كنس..
كنس آثار إسلاميي المؤتمر الوطني الخطابية..
وحقيقةً كلمتي هذه قصدت بها أن ينداح معناها… وينبسط… ويتنزل عليكم..
وأحسب أنني ربما أكون نجحت في ذلك إلى حد ما..
أن أكون قد نبهت مرددي المفردة هذه إلى ما فيها من افتقار إلى
التصديق..
ومن ثم نعمل على تفكيها… وبقية مفردات التمكين..
وهكذا!.

صحيفة الصيحة

ehtimamna


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى