صلاح الدين عووضة يكتب : صورتك!
التي تعشقها..
وليست (الخايف عليها) كما في الأغنية..
فهل منكم من لا يعشق صورته؟… لا أظن… اللهم إلا جماعة أنصار السنة..
فالصورة عندهم حرام؛ إلا للضرورة..
وليت وزيرهم ذاك – أيام الإنقاذ – تمسك بالحرمة هذه حتى وهو وزير..
إذن لمَ ظهر (مبهدلاً) في صورته الشهيرة تلك..؟
وابن دفعتنا بثانوية حلفا عبد الله الصافي هو الذي لفت نظري إلى الصورة..
أو إلى فلسفة الصورة؛ من زاوية فلسفته الخاصة..
ويعني الصورة الصحفية التي تُوضع أعلى أعمدة كُتّاب الصحافة..
وفلسفة هذه ذات بُعد نفسي..
فهو يحاول عبرها سبر أغوار الكاتب من صورته..
بمعنى أنه يمكنك أن (تقرأ) الكاتب عبر (قراءتك) لما ينشره في زاويته..
تقرأ نفسياته؛ تماماً كما يفعل المحلل النفساني..
وبالمناسبة؛ نحن نفتقر في السودان إلى التحليل النفسي على النمط الفرويدي..
أي محاولة العلاج عن بعد؛ بواسطة تداعي المعاني..
يعني لا كهرباء… لا حقن… لا عقاقير… إلا في حالات الخلل العقلي العضوي..
والصافي هذا هو محامٍ إسلامي الآن بعد أن كان يسارياً..
وحذف اسم أبيه هذا وأحل محله اسم جده الفادني..
والفادنية معروفون أنهم أهل دين؛ وكأنه أراد أن يقول أنا من هؤلاء..
وبذا استحق هو نفسه تحليلاً نفسانياً..
وكان أول الفصل – دوماً – بما حباه الله من ذكاء؛ مع موهبة الحفظ..
كما كان وسيم الصورة؛ ولا يزال..
المهم أن فلسفة الصافي هذا تتلخّص في فضح صورة الكاتب لشخصيته..
فكيفما يكون تكون صورته..
فإن كان يضع يده أسفل ذقنه – مثلاً – فهو سطحي يدعي التعمق..
وإن لامس أصبعه جانب خده فهو عاشق لذاته..
وإن أظهر جانب وجهه – وهو ينظر بعيداً – فإنه منفصم عن الواقع..
وإن كان أمامه (مايك) فهو مهووس بحب الظهور..
وإن حرص على إظهار ربطة عنقه فهو يسعى إلى اكتساب الشخصية..
أو تعويض ما يفتقر إليه من شخصية..
والكاتبة التي تتعمّد الابتسام – والنظر بطرف العين – فهي (عاجباها روحها)..
وإن بالغت في (الفوتو شوب) فهي تحاول تزييف عمرها..
وإن كان وجهها نحو الأعلى قليلاً – والعين على الكاميرا – فإنها مدعية..
وإن أظهرت نحرها دل ذلك على قلة عقلها..
عدا الحالات هذه – يقول – فإن الصورة لا تحوي أبعاداً نفسية تحتاج لتحليل..
وكل الفلسفة – الصورانية – هذه على ذمة صديقي هذا..
ولا أدري لم حصرها على الصحفيين وحدهم دون سواهم..
فبما أنه سياسي فقد كنت أتوقّع منه تحليلاً مشابهاً لصور السياسيين..
سيما الذين ينتمي إليهم..
فلماذا – مثلاً – لم يحلل لنا صورة رئيسه البشير تحليلاً نفسياً..
صورته (الخايف عليها) من علامات الكبر..
فهي بقيت على حالها – تعبر عن شباب صاحبها – حتى بعد تجاوزه السبعين..
ويبدو أنه صدَّق – كحال الطغاة جميعاً – صورته تلك..
وكحال الطغاة – كذلك – أصر على أن يترشح لدورة رئاسية جديدة..
رغم أنف الدستور؛ ورغم أنف لوائح حزبه..
ورغم أنف سنوات عمره التي كانت تزحف نحو الثمانين..
ولكن نشكر له – على أية حال – إصراره ذاك..
فلولاه لما نجحت الثورة ربما..
كما أشكر لصديقي الصافي – أو الفادني – تجاهله تحليل صورتي أنا..
أو لعله لم يجد فيها ما يستحق..
فماذا يقول عن صورة بلا ملامح… ولا هوية… ولا تعابير… ولا انفعالات..
ولا صورة!.
صحيفة الصيحة
مصدر الخبر