هل تتجاوز لجنة تفكيك التمكين دور السلطة القضائية؟
[ad_1]
سودان تربيون : خاص
أوصى مؤتمر خارطة طريق تجديد عملية تفكيك نظام الثلاثين من يونيو في الفترة من 9 – 12 يناير: “بإلغاء نظام لجنة الاستئناف والدائرة القضائية باعتبارهما مرحلتي استئناف كما كان سابقاً”
أكّدت التوصيات على “الاكتفاء مستقبلاً بالمراجعة والتدقيق داخل اللجنة فقط ويكون بعدها القرار نهائياً وملزماً وغير قابل للنظر وللنقض أمام المحاكم”
ما أهمية ذلك؟
يعكس الخلاف حول دور السلطة القضائية في العملية، وحالة الشك تجاهها التي سادت أوساط المؤتمرين. وجاء ضمن التوصيات: “إنهاء خدمة كل قضاة المحكمة العليا ورؤساء النيابات وقيادات القضائية والنيابة ووزارة العدل ومراجعة القيادات الوسيطة والدنيا لهذه الأجهزة وتشكيلها من جديد”
ويؤكد الكاتب الصحافي والناشط السياسي طارق زيادة الذي شهد جميع جلسات المؤتمر وشارك بالنقاش في مداولاته: “إن المشاركين في المؤتمر تشاركوا روحاً من الريب الشديد تجاه الجهاز القضائي، يعتقد أغلبهم أنّ القضاة هم أيضاً ممن شملهم التمكين ولذلك فهم غير مؤهلين للنظر في قرارات اللجنة وأعمالها”
وقال زيادة لسودان تربيون: “كان الاتجاه الأغلب داخل الورش هو التوصية بأن تكون لجنة التفكيك فوق دستورية، تتبع للجهاز التشريعي، ولا تخضع لسلطة تنفيذية أو قضائية، تجمع كل صلاحيات التقاضي، ويتم تعيين قياداتها والعاملين فيها من خبراء قانونيين مستقلين، وتنتهي مراجعة قراراتها داخلها دون أن تمر على أي مستوى قضائي”.
ونص قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989م وإزالة التمكين على إنشاء “لجنة استئنافات” للنظر والفصل في التي تقدم من ذوي الشأن والمتضررين من قرارات لجنة إزالة التمكين.
وتكونت لجنة الاستئناف من خمسة أشخاص تم تعيينهم بواسطة مجلسا السيادة والوزراء وتم إنشاء لجنة الاستئناف بموجب قرار من مجلس السيادة بتاريخ 08/ ديسمبر/2019 وعهد برئاستها لعضو المجلس السيادي “رجاء نيكولا” لكن تلك اللجنة لم تمارس عملها ومهامها المنصوص عليه في القانون، ذلك أن الأعضاء نصر الدين عبد البارئ وصديق يوسف قد تقدما باستقالاتهما مما عرقل عمل اللجنة في ممارسة أعمالها وسلطاتها وفق القانون، وهو ما جعل قرارات لجنة إزالة التمكين عديمة الأثر والجدوى.
ويردف زيادة بالقول”أرادت التوصيات بذلك أن تتحاشى جيوب الممانعة ونظرت للجنة رجاء نيكولا باعتبارها أحد المزالق التي أعاقت عمل اللجنة في وقت سابق، كما أنّها أرادت أن تقر أوضاعاً مستدامة للجنة في محاربة الفساد واسترداد الأموال وبأن تستمر أعمالها إلى ما بعد الفترة الانتقالية وضمان دعمها وتطويرها.
استئناف الأحكام والقرارات عملية إدارية أم قضائية؟
قال الخبير القانوني، المستشار أحمد كمال الدين لسودان تربيون: “إنّ الاستئناف في خاتمة المطاف لا يكون إلا قضائياً، مهما تكن القضية في مبتدئها إدارية، كأن يتظلّم عامل داخل أيما إدارة أو شركة، فيمضي تظلمه في بعض مراحله ضمن مسار إداري ينتهي في سقف ذلك الجهاز الإداري، لكن لا بد أن يخضع الأمر في النهاية للقضاء هذا حق دستوري منصوص عليه في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966م وجميع المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان”.
وأضاف كمال الدين: “في هذه العملية يتم النظر للسلطة القضائية باعتبار أنّها هي الأخرى خضعت للتمكين خلال النظام السابق، لكن أي عملية إحلال وإبدال للقضاة يعد انحيازاً يخل باستقلالية القضاء وحق مجلس القضاء العالي في ترشيح القضاة”
وكانت الخبيرة القانونية”غريتا فينر” قد دعت خلال مشاركتها في مؤتمر تجديد عملية تفكيك التمكين لأن يكون العمل عبر عملية قانونية صحيحة وليس عبر cut corners حتى لا ترد المحاكم الأموال المنهوبة للفاسدين بحجة أن استردادها كان عبر معالجة غير قانونية أو غير دستورية.
وقالت فينر: “بغض الطرف عن أن الهدف يبدو نبيلاً لكن ستتضرر العملية بتجاوزات cut corners مما يؤدي إلى إبقاء أموال السودان بالخارج دون عودة”.
قرارات لجنة التفكيك شبه قضائية
وضع مؤتمر تجديد عملية التفكيك تعريفاً للجنة بأنها لجنة سياسية قانونية مستقلة ذات سلطات تخضع لمساءلة المجلس التشريعي وتكون قراراتها شبه قضائية.
ويؤكد المحامي أبو بكر عبد الرازق في حديث لسودان تربيون: أن أي قرار تصدره لجنة أو هيئة تنشأ للتفكيك هو قرار إداري ينبغي أن يخضع لطرق التظلم المتاحة قبل أن يذهب المتضرر إلى المحكمة الإدارية لتنظر في التظلمات من خلال مخالفتها للقانون أو عيب الشكل أو سوء استخدام السلطة ومن ثم تصدر قراراً قضائياً يمكن استئنافه بالمحكمة العليا ومن ثم لدائرة المراجعة، بالتالي ليس هنالك قرار إداري أو سياسي لا معب عليه من القانون الذي هو سلطة منفصلة يكفل للجميع الظهور أمام المحاكم”
وقطع عبد الرازق بالقول: “لا مجال لاستثناء لجنة سياسية من مثل هذه الإجراءات، لذا فإنّ ما ظلت تتداول فيه الورشة هو مجرد عمل سياسي لا أساس له من الناحية العملية”
هل وصلت الورشة إلى خلاصات نهائية؟
يشير الكاتب والناشط السياسي طارق زيادة إلى أمر بالغ الأهميّة، ذلك أنّ التداول الواسع والعصف الذهني الذي شهده المؤتمر وشغلت قضية استئناف قرارات لجنة التفكيك حيزاً كبيراً منه، تبدو توصياته كما لو أنّها لم تصل لنهايات، إذ أنّ لجنة الصياغة النهائية ومن بعد أن تستكمل عملها ستقوم بتسليم التوصيات للقوى السياسية الموقعة على الاتفاق الإطاري التي ستخضعها لمزيد من النقاش من أجل الوصول لصيغة نصوص نهائية للبند الخاص بلجنة إزالة التمكين ضمن الاتفاق النهائي.
المصدر