إسحق أحمد فضل الله يكتب: يوم في حياة كاتب
نتعب…
والتعب والشكوى تقوداننا الى نجيب محفوظ… وهناك الرجل الحزين يشكو للشيخ باكياً..
: لما كنت فى السجن اخذوا امرأتى وطفلى
قال الشيخ بخفوت
:: توضأ وصل..
قال هذا
: اخذوا مالى القليل ولا عمل..
قال الشيخ بخفوت
توضأ وصل
قال هذا……
قال الشيخ بخفوت: توضأ وصل
ونحدث بالهاتف صديقاً ونقول
:: تعبت… فأنا احدث لسنوات ولا فائدة.
قال
:: ارجع الى حديثك قبل سنوات حديث الضابط فى مؤسسة نزع السلاح
ونرجع
وهناك الضابط كان يحكى عن صديق له من الكويت
والكويتى كان ملحداً عنيف الالحاد.. قال الضابط
:: وكان الصديق الثرى هذا يزورني فى موسم الصيد ولا يتخلف..
قال: وكان مفتوناً بالصيد.. ومرة كنا فى اول الصحراء لما عرض لنا غزال وطاردناه، والعادة ان مطاردة الغزال بعربة الجيب لا تستغرق دقيقتين.. لكن الغزال هذا ظل امامنا لنصف ساعة وكان يتوغل بنا فى الصحراء.
وفى نقطة عميقة في الصحراء كانت هناك شجرة… وحيدة تماماً..
قال: وتوقفنا وصاحبى الملحد يجد فى وجود الشجرة تلك فى قلب الصحراء هناك شاهداً رائعاً لالحاده.. الشاب اشار الى الشجرة المعزولة ليقول لى
:: تقول لى ان الله لا يخلق شيئاً لا معنى له؟؟ اذن لماذا يخلق هذه الشجرة هنا… حيث لا حيوان ولا انسان ولا حتى طير يستفيد منها…؟؟
قال الضابط::
ولم اجد جواباً… ورجعنا..
قال: ثم غاب عاماً وعاماً… ثم جاء
قال:: ولما رأيته ذعرت… وبكيت…
الشاب المضىء الممتلئ كان قد تحول الى شىء مثل عود الكبريت المحترق… أسود هزيلاً ملتوياً..
قال وعرفت منه انه اصيب بالحشرة الاكالة تلك (فى السودان كانوا يسمونها المغتربة) والعضو الذى تصيبه يظل يتآكل ويتآكل
ولا علاج.
قال الضابط
:: وعرفت منه انه غاب عامين لانه كان يطوف مستشفيات العالم يبحث عن العلاج… وانهم فى العالم عجزوا.
قال الضابط
:: ووضعته فى العربة… عربة الصيد… وانطلقت به فى الصحراء حتى وصلنا الى الشجرة تلك… التى اوصلتنا اليها مطاردة الغزال… ومن الشجرة جئت بشىء من الجذور والاوراق.. وفى البيت ظللت ليوم واثنين وعشرة اغسل جروحه بنقيع الجذور تلك مغموسة فى الماء….
وشفي…!!!!
شفي تماماً…
بعدها قلت له
:: تقول ان الله يخلق شيئاً عبثاً؟؟ هل تعلم لماذا جعلنا الله يوم الغزال نلتقى بالغزال هذا بالذات… ليقودنا الى هذه الشجرة بالذات… ليصيبك بالداء هذا بالذات ليجيبك عن سؤالك هذا بالذات…)
صديقى فى الهاتف يقول لى
: اقرا… ليس لك من الامر شىء
………
قلت له
اخبار الاسبوع هذا… تِرك فيها يدعو صاحب مصر لفتح الحدود….
قلت لصاحبى: المواجع تجعل ترك يجعلنا (اهل زوارق) من نوع جديد…. اهل زوارق لا يبقى لهم الا… يا غرق… يا جيت حازمها.. ومع تعديل صغير.. يصبح البيت هو يا غرق… يا غرق…
قال:
تقول انك تعبت لانك فعلت وفعلت… ولا نتيجة؟؟
قلت:: نعم.
قال: ليس لك من الامر شىء..
قلت: انت هنا مثل الشيخ اعلاه الذى يكرر لصاحبه توضأ وصل..
قال:: تريد شرحاً.
قلت:: شرح وشرح وشرح
قال:: الحيوان حين يلد مولوده لا يدعو الداية…
الحيوان يلد لوحده دون معين…
قلت: جنين يندفع لوحده.. مثلما يفعل البول.
قال مستمراً::
والحيوان يعرف متى يقطع الحبل السرى…. ويعرف من اى مكان يقطعه.
احياناً ان ذهبت انت لتفعل ذلك قتلت الجنين او الأم.
قلت:: تعبنا تعبنا.
قال:: الكتكوت الذى يصارع للخروج من البيضة تنظر انت اليه وتختنق وتذهب لتعينه لكنك ان اعنته قتلته… فالكتكوت بالصراع هذا يقوم بغسل السموم كلها من جسمه.. الامة مثل ذلك..
قلت:: لكن الكتكوت نراه احياناً يموت تحت الصراع هذا..
قال:: الجدال طويل.. لكن الكتكوت يموت حين يتوقف عن الصراع… والامة تموت حين تتوقف عن الصراع…
قلت:: لا ادرى لكننا تعبنا… تعبنا
صحيفة الانتباهة
مصدر الخبر