د. ناهد قرناص تكتب… ويني لي وينقي
الرجل الذي مر عندما كانت اسرتي تستعد لالتقاط صورة جماعية اثناء زيارتنا لمسجد شيخ زايد بابي ظبي …أصبح فجاة بطلا للمشهد..وظهرت الصورة وهو يحتل اغلب مساحتها بابتسامة واسعة ..بينما صار اخوتي مجرد كومبارس ..ضحكت وانا اتامل الصورة ..ترى كم منا يجهز نفسه لدور البطل في صورة مملوكة لغيره؟؟
في زواج ابن اخي ..صدح الفنان النوبي المبدع (عماد أباظة ) باغنية مطلعها اتخذته عنوانا للمقال ..تقول (ويني لي وينقي ؟ ..قسمة لي فلي قي) ..وتعني حرفيا (هل يمكن لشيء مقدر لاحد ان يصير لشخص اخر ؟؟ ..هل يمكن للقسمة تغيير مسارها؟؟) استمع للاغنية التي تثير حماس الحضور ..اسئلة بديهية اجابتها معروفة سلفا ..هي لا ..فالاقدار محسومة منذ الازل ..لكن السؤال الذي تردد داخلي ..ترى هل قدر لنا ان نكون أبطالا في صور الاخرين ؟؟
أتجول في شوارع الامارات ..الجمال والنظام والنظافة ..اختي قالت لي (الناس ديل دولتهم دي بدت من الصفر قبل 45 سنة ..ونحن الاستقلال بتاعنا اكثر من 60 سنة ) ..تمتمت انا قائلة (الذي يحيرني ليس هذا ..بل ان هذه البلاد ساهم السودانيون بقدر كبير في بنائها ..لماذا عجزنا عن هذا في بلادنا) اليس غريبا هذا؟؟هذه البلاد الخضراء بغير انهار تشقها من الجنوب للشمال ..هذه البلاد التي تعد من المواقع السياحية المهمة في العالم وهي لا تملك اهرامات اجدادي ..وسط الانوار الساطعة ليلا ..كانت هناك بناية غير مكتملة الانشاء ..صاح صغير ابن اختي (شوفوا البيت داك ..الكهرباء قاطعة فيهو ) ..يا لطفلي الصغير ..الكهرباء لا تقطع هنا ..بل يتذبدب الامداد في بلاد تعج بالسدود والانهار ..لكن كيف تشرح هذا لطفل فتح عينيه على انتظام (قطع الكهرباء).
هل هناك تفسير لهذا الامر ؟؟ كيف نجحنا في تعمير بلاد الاخرين ..وفشلنا بجدارة في اللحاق بركبهم؟؟ ..كيف تجد السوداني في كل بلاد الغربة ..متميزا ..مبدعا ..حسن السيرة والسلوك ..ورغم كل هذا لم نستطع ان ننهض ببلادنا من كبوتها التي طالت ؟؟..هل قدر لنا ان نكون ابطالا لصور الاخرين طوال عمرنا ؟؟
هاهم السعوديون يعلنونها صراحة مطالبين ببلادهم خالية من الاجانب (السعودية للسعوديين) ..هم في النهاية اصحاب الصورة ..ولا نملك حتى حق المطالبة بالنسخة …تذكرت مثلا قديما (يا مربي في غير ولدك ..يا باني في غير ملكك ) …وقد كنا نحن كذلك ..ربينا ابناء فالاخرين ..علمناهم ..بنينا بلاد الاخرين ..وفي النهاية قيل لنا .. (مشكورين انتهى دوركم ..عودوا الى بلادكم تصحبكم السلامة ).. كنا مجرد مارين اثناء التقاط الصورة …صرنا ابطالا للحظات قليلة ..ومن ثم عاد كل شئ لاصله …لا يزال عماد اباظة يغني (ويني لي وينقي ) ..ولازلت انا اتساءل ..الم يحن الوقت لنكون ابطالا لصورنا؟؟ …
ناهد قرناص
مصدر الخبر