السياسة السودانية

🔴 دكتور ياسر أبّشر يكتب: أيهم أنت يا برهان ؟!

[ad_1]

بدأ الراوي حديثه بالقول: يُعرّفُون السفير بأنه: «ممثل الحكومة القائمة».. وترجمها: «Ambassador is the Representative of the Government of the Day».. فهو بوقها يردد ما تقول، ويروّج سياستها، حتى إن كانت تخالف قناعته الشخصية، وإلّا ففي وسعه أن يترك ذلك المنصب.
ثم أردف قائلاً: إن السفير السوداني بلندن ناقش مسألة لجوء بعض السودانيين لبريطانيا مع بعض أعضاء مجلس العموم البريطاني ومع بعض أعضاء مجلس اللوردات، وناقشه أيضاً مع الخارجية البريطانية.
أفاد السفيرُ كلَّ من التقاه من هؤلاء أن بريطانيا تقبل وثائق مزورة لمنح اللجوء لطالبه، واستشهد على صحة حديثه بوثائق زورها إبراهيم عضة – الذي أشرنا له في المقال الأول – وآخرين.. كلهم أعطوا السفير إجابات دبلوماسية فضفاضة، ليس فيها التزام بشيء.. كان السفير يرى أن المزورين يروجون معلومات كاذبة تشوه صورة السودان، وليس الحكومة فقط.
ثم التقى السفير بأحد أعضاء مجلس العموم، وكان ثورياً مناهضاً لسياسات الحكومة البريطانية إزاء كثير من القضايا، مثل اعتراضه على غزو العراق.
قال ذلك النائب للسفير: إنه على قناعة أن حكومة بلاده تعرف هذا التزوير وتغض الطرف عنه لأنها «تجهز لكم كرزاي».. They are preparing their Karzai for you» «
قال الراوي: لما باءت مساعي السفير بالفشل مع الجهات الرسمية، تواصل مع محرر كبير في إحدى كبريات الصحف البريطانية واطلعه على وثائق مزورة كثيرة، فتحمس المحرر وكانت حجته أن طالبي اللجوء عبر التزوير يكلفون دافع الضرائب البريطاني الملايين، وقال إنه سيكتب تقريراً استقصائياً بناء على تلك الوثائق المزورة.
انتظر السفير لأسبوعين، ولكن تقرير المحرر لم يظهر.. ولما اتصل به السفير أفاده أنه يفضل أن يتحدث معه مباشرةً وليس عبر الهاتف.. وبالفعل جاءه المحرر ليقول: إن مدير تحرير الصحيفة المشهورة رفض نشر التقرير – رغم تقريظه له – بحجة أن التقرير سيدعم حكومة الدكتاتور البشير، وهي حكومة إسلامية، ونشر مادة تقوي موقف حكومة إسلامية مناقض للسياسة التحريرية للصحيفة «against the editorial policy of the paper»
الخلاصة: أن الاعتقاد بالحرية في الإعلام الغربي يمكن أن تكون صحيحة في قضاياهم الداخلية، لكنها مجرد وهم وأسطورة إن تعلق الأمر بالسياسة الخاصة بالعلاقات الدولية، وما إخفاء فضيحة «صفقة اليمامة« بين حكومة توني بلير والسعودية منّا ببعيد!!!
الحكومات في الغرب تستطيع أن تمنع الصحافة وأجهزة الإعلام من نشر موضوعات تراها مضرة بمصالحها الخارجية، وكل أجهزة الإعلام تلتزم بذلك المنع دون احتجاج، رغم أن هذه القاعدة الراسخة لا تعني عدم وجود تسريبات هنا وهناك.
أما عبرة موضوع اللجوء فقد تأكد أنهم حضروا كرزاي، كما قال النائب.. وهل كان حمدوك ورهطه من زعماء القحاتة إلاَّ كرزاي!!
جيئ بكرازي بعد الغزو، وجيئ بحمدوك والقحاتة بعد ما ظنناه ثورة بريئة بأيدي سودانية خالصة!!!
والذي يجب أن يُذكر ولا يجوز أن ينكر، أنه لا غنى لدولة عن جهاز أمن واستخبارات، فهو نظام المناعة للدولة.. وإذا ضعف ذلك الجهاز ضعفت الدولة بالاختراق، وتكاثرت عليها سهام الأعداء، بل حتى سهام جيرانها!!!
بعد سقوط نميري، نظم الحزب الشيوعي مظاهرة مناديةً بحل جهاز الأمن.. وقتها كتبت الصحف أن مندوب جهاز أمن منقستو هايليمريام كان في وسط المظاهرة، وكان نظام منقستو عانى من جهاز أمن نميري، فمن مصلحته حله. وجرى بكل أسف، حل الجهاز، فأصبح السودان مستباحاً.
وأذكر أن برنامجاً وثائقياً في إحدى المحطات الأكبر في أميركا، ذلك الوقت، كان عن تجارة اليورانيوم، فتحدث عن دلالة لبيع اليورانيوم أُقيمت في فندق الهيلتون بالخرطوم. وأذكر أن أحد المشاركين في الدلالة كان يقول: «Every one was there، وعدد أسماء بعض الدول وذكر من بينها إسرائيل..
وما كان هذا ليكون لو أنه لم يُحل الجهاز، وضَعُفت المناعة!!!
وقبل حوالي ثلاث سنوات، وقع حادث حركة في شارع الهوا جنوب الخرطوم، وبينما الناس والشرطة متجمعون ويحاولون إنقاذ الشاب الذي داخل السيارة، جاءت عربة تحمل لوحات دبلوماسية أمريكية وأخذت الهاتف الجوال وجهاز لابتوب كان بالسيارة.
قال أحد الحضور وكان يُتقِن الإنجليزية: إن اللكنة التي كان يتحدث بها الدبلوماسيون الذين أخذوا الأجهزة كانت إسرائيلية ويجزم أنها لم تكن أمريكية. وهو يرجح أن كلا الجهازين كانا مزودين بتقنية تعقب والاستجابة للصدمات!!!
والقصص والروايات تَترا الآن عن اختراقات لأمننا القومي من كل الجهات.. والمؤسف أن تسهيل عمليات الاختراق هذه يقوم بها من هم في قمة هرم السلطة الحاكمة.
تكرر لدينا ما حدث للسلطان عبد الحميد، وما حدث بعد غزو العراق.. بل ما حدث عندنا من اختراق كان أقل تكلفة مما حدث في العراق؛ لأن قادتنا متآمرون، فلم يتكلف المخترقون أن يُوجفوا خيلاً ولا ركاباً، كما حدث في العراق، ولم نتصد للغزاة كما فعل العراقيون!!
وكمثال على الاختراق نذكر، أنه بمثلما وضع مسودة دستور العراق الإسرائيلي Noah Wildman» «بتكليف من بريمر، قامت منظمة» PILPIG «بوضع مسودة الدستور الذي جعلوا تسييرية المحامين الـمَكْرِيَة تتبناه بتكليف من بريمر السودان (ڤولكر).
حين تفكك الاتحاد السوفيتي وتفرقت دوله أيدي سبأ، لم تفكك روسيا جهاز الKGP، فقط أجرت بعض التعديلات في هيكله وأحالت بعض عناصره القيادية للتقاعد.. وحتى بوتن رئيس روسيا الحالي كان مدير محطة» KGP «في ألمانيا الشرقية.. ليس ثمة دولة يحكمها عقلاء تفكك جهاز مناعتها.
وبعد (الثورة) عمد البرهان لإضعاف جهاز الأمن والمخابرات بصورة مريعة، بحله لهيئة العمليات التابعة للجهاز، وحصر ولايته mandate» «في مهام محددة، وفصل الكثيرين من عناصره المدربة ذات الخبرة، مما أحال البلاد للوضع الذي نعيشه الآن. وفعل ما يشبه ذلك بالجيش وبالاستخبارات العسكرية، وفصل قرابة ألفين من ضباط الشرطة!!!
أما ثالثة الأثافي فهي سعيه الآن لحل جهاز الأمن الداخلي، وتكوين جهاز جديد، لنبدأ من الصفر وبعناصر من بينها 400 من أتباع حميدتي جرى استيعابهم سلفاً كدفعة أولى، وسيدخلون فيه عناصر قحت المعدلة.
أما السؤال الذي يفرض نفسه فهو:
هل ثمة وصفة» Recipe « لبيع الأوطان أفضل من هذه ؟؟
إن قيادة تفعل مثل هذا فهي إمّا:
جاهلة عديمة الرؤيا!!
أو خائنة متواطئة!!
أو خائرة أمام ضغوط!!
فأيهم أنت يا برهان؟؟
♦️ ياسر أبّشر
——————————-
28 ديسمبر 2022

[ad_2]
مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى