السياسة السودانية

عادل عسوم يكتب.. الحزن النبيل

كلما تمر بي مثل هذه الروائع من أزاهير أغنياتنا؛ أجدها تنتصر ايجابا في نفسي لجدلية الحل والحرمة لأمر الغناء والموسيقي من بعد إستصحاب لرأي أصيل في الفقه لحلّه…
والانسان منا ابن بيئته، والوجدان يتشكل دوما على المتاح من مذكيات العاطفة وبانيات الخيال…
فإن كانت الأديان جاءت لتبث قيم السماء وترتقي بالنفس من مهاد الحيوانية والسالب من المشاعر إلى ذرى كمال القيم وسوح الجمال والصلاح؛ فإن هذه البكائية لها أثرها الموجب على النفس مشاعرا وعاطفة.
كتبها صلاح حاج سعيد ومضى راضيا مرضيا، وتلقاها مصطفى سيداحمد فاختار لها من الألحان مايستجيب لكل حرف فيها ومراد، الصوت منه يصطرع بآهات الحزن وشجن الفرح المخبوء في حنايا الكلمات ليتدفق شلالا رويا، أما اللّحن وإنسياب الموسقة ففيه وفيها ارتقاء وخفوت يفعل بالأحاسيس الأفاعيل، لينسرب الى الدواخل من خلال أدق المسامات ويتمشى في مفاصل نعّس.
إنها فاكهة رائحتها جميلة…
ولونها أخّآذ…
وطعمها حلو…
مصطفى، يامصطفى…
يامن ولجتَ القلوبَ بصوتك الملوكي الفخيم، صوت له وصل بالأمير خوليوت ابن بعانخي في أرض أجدادك في الشمال، لعمري إن صوتك سيبقى ملء السمع والوجدان الى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ما اصلو حال الدنيا تسرق منية في لحظة عشم…
يامصطفى:
لان سرقت الدنيا الأمنيات في لحظة عشم فإن الحزن لامحالة قد نصب فسطاطه في دواخلنا أبد الدهر من بعد رحيلك
يامصطفى:
هذه الأغنية المَجيدة ستبقى شمسا تهبنا الحب والعزم لنخطو في ثبات على درب الحياة ما تتالت حبات مسبحة سني العمر في يد الزمان، وما أوهن خطاوينا بلا وقود من حب مفعم بالحزن النبيل،
فما من جسد الا ومثخن بجُرح الأسى، والقلوب حظها احتمال الحمل الثقيل من الألم،
فهناك في آخر المدى
ينبري لنا صوتك الفخيم، وينداح متمددا على خط الأفق كما شفق الغروب، ويتردد صداه بين الكواكب ليصل إلى زحل:
ندمان أناااا….
وإذا بعجلة الزمان تتوقف على أرضنا،
وإذا بالجبال كالعهن المنفوش، وإذا بنا نستحيل أرواحا تهوِّم في الفضاءات العُلى، وإذا بالأعين تتغشاها اضواء النهارات المطيرة،
وإذا بالصدور تمتلئ بأنسام التسامح والرضى بالقدر…
وفجأة:
ينقطع مد الصوت السماوي الفخيم
لتعود الحياة إلى مفاصل الزمان والمكان، وتعود أرواحنا لتنسرب الى الأجساد، ونعود أدراجنا الى أرضنا التي نعلم لنمشي خطاوي ممكنة، بنقدر عليها وبنعرفا…
ماذا أقول في سمت الحزن المنداح والشجن المقيم في صوتك المتفرد يامصطفى؟!…
لعمري إن هذه الأغنية تنبينا بأن الفارق بين نبيل الحزن وذرى الفرح لخيط رفيع،
ألسنا نبكي عندما يكون الفرح عظيما؟
ألا يضحك المحزون منا عندما يفيض به الكيل وتوصد دونه أبواب الأمل؟
مصطفي يتجاوز بنا حد ذاك الخيط بصوته وبوحه وأختياراته.
بالله عليكم أنصتوا له وهو يمد بصوته الشجي لفظة الأسف الطويييييييل!
واستمعوا لصوته الفخيم وهو يهتف في أذن الزمن بلفظة آخر المدااااااااااا!…
ثم أرهفوا السمع لاستكانة الصوت وهو يعود أدراجه الى بداية الطريق!
ومشيت معاك كل الخطاوى الممكنة وبقدر عليها وبعرفها.
أوفيت وما قصرت في حقك
ولا كانت عرفة غيرك أصادفها
وقدر هواكي يجيبني ليك
جمع قلوبنا وولفها
وكتين بقيتي معاي في أعماقي
في أعماق مشاعري المرهفة
لا منك ابتدت الظروف
لا بيك انتهت الأماني المترفه…
ألم أقل لكم بأن الحزن النبيل يلج بنا سوح وفضاءات التفاؤل والفرح؟!
إنه يُنضِجُ العاطفة،
ويزيل ران النفس،
ويزيد القناعة بالقضاء والقدر.
الحزن النبيل
صلاح حاج سعيد و مصطفى سيدأحمد.
وبقيت أغني عليك
غناوي الحسرة والأسف الطويل
وعشان أجيب ليك الفرح
رضيان مشيت للمستحيل
ومعاك لي آخر المدى ….
فتينى يا هجعة مواعيدي القبيل
بعتيني لي حضن الأسى
وسبتيني للحزن النبيل
ومشيت معاك كل الخطاوى الممكنة
وبقدر عليها وبعرفها
أوفيت وما قصرت في حقك
ولا كانت عرفه غيرك أصادفها
وقدر هواك يجيبني ليك
جمع قلوبنا وولفها
وكتين بقيتي معاي في أعماقي
في أعماق مشاعري المرهفة
لا منك ابتدت الظروف
لا بيك انتهت الأماني المترفه
ندمان أنا
ابداً وحاتك
عمري ما شلت الندم
ما اصلو حال الدنيا
تسرق منيه في لحظة عشم
وأنا عندي ليك كان الفرح
رغم احتمالي أساك
يا جرح الألم
كان خوفي منك
جاي من لهفة خطاك
على المواعيد الوهم
اهو نحن في الأخر سوا
باعنا الهوى
ماشين على سكة عدم.
adilassoom@gmail.com

صحيفة الانتباهة

ehtimamna


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى