السياسة السودانية

هل يسقط «الأصل» في جب خلافات «أبناء الميرغني»؟

[ad_1]

خاص: سودان تربيون

اقترب الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل رسمياً، من الانشطار إلى حزبين، مع وصول الخلافات والمواقف السياسية المتباينة بين نواب رئيس الحزب، محمد عثمان الميرغني، (محمد الحسن وجعفر الصادق) إلى طريق شبه مسدود.

وبتحالف جعفر الميرغني مع مجموعة الحركات المؤيدة للانقلاب (الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية) في 3 نوفمبر الجاري، ودعم الحسن لمشروع الدستور الانتقالي الذي صاغته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين المسنودة من قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي-؛ فإن الأوضاع داخل  الاتحادي الأصل تنذر بأخطر التصدعات التي قد لا تطال الحزب فحسب، وإنما تمتد إلى شق السجادة الختمية.

12  عاماً من الخلافات

برزت خلافات نجلا الميرغني (الحسن وجعفر) إلى السطح في العام 2010،حيث كان الحسن يقود خطاً ممانعًا داخل الحزب للتصالح مع نظام الرئيس المعزول عمر البشير.

وبدت حظوظ جعفر في ذلك التاريخ، الأكبر، حيث حظيِّ بمباركة والده، ودعم من كبار أهم الأقطاب الاتحاديين، وهو ما جعله في نظر كثيرين المرشح الأوفر حظوظاً لخلافة والده.

ومع حلول عام 2015 تغيرت المعادلة، بتقارب الخطوات بين الحسن ونظام البشير، عقب تعرضه لضغوط كبيرة، دخل بموجبها الحزب غمار الانتخابات ليحقق الفوز في عدد من الدوائر وفق ترتيبات مع حزب المؤتمر الوطني المحلول، والحاكم آنذاك.

وتلقى الحزب في ذلك الوقت حصة حكومية مقدرة في عدد من الوزارات، ومقاعد البرلمان وغيرها من المؤسسات الحكومية.

 صراع الأشقاء

كشف الصحفي القريب من الدوائر الاتحادية، عادل عبده، عن وجود صراع خطير بين السيدين جعفر ومحمد الحسن الميرغني حول خلافة رئيس الحزب، وتوقع استمرار دوامة الخلافات والانشقاقات في الفترة المقبلة.

وقال عبده في حديثه لبرنامج (حديث الناس) بقناة النيل الأزرق بث الاسبوع الماضي، إنّ الاتحاديين أقاموا أكثر من 25 برنامج للوحدة، فشلت جميعها لأنها قائمة على الوجدانية والعاطفة، وليس على برنامج ثابت ومتماسك.

ويدور الصراع غير الخافي بين الشقيقين جعفر والحسن، حول رئاسة الحزب وخلافه الميرغني، إذْ يؤكد أحد قيادات الحزب التاريخيين-طالب بحجب اسمه للحفاظ على موقف محايد- أنّ أسباب الصراع الدقيقة والخلافات بين الشقيقين غير واضحة.

وقال لـ(سودان تربيون) إن الأمر البائن ويعرفه الجميع هو خلاف حول خلافة الميرغني ورئاسة الحزب، لكن هناك بعض الخلافات المرتبطة بـ(الخلافة) لما تمثله من تأثير داخل أسرة الميرغني الكبيرة.

ويضيف: “يمكن القول أنّ الخلاف حول من يَخلف الميرغني لكن تأثير ذلك داخل الأسرة نفسها هذا هو مربط الفرس.. فالاثنين يقولان أنهما مفوضان ونائبان لوالدهما”.

(الدواعش)

الحسن الميرغني
الحسن الميرغني

في عام 2015 أعلنت قيادات كبيرة بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بينهم: بخاري الجعلي، حاتم السر، بابكر عبد الرحمن، ميرغني مساعد، وآخرين دعمهم لجعفر الميرغني، مما حدا بالحسن لمهاجمتهم بعنف ونعتهم بـ(الدواعش).

وأظهرت تلك اللحظات عُمق الخلاف بين الشقيقين، وتأثير القيادات المتموضعة في المسافة بينهما على جهود ومبادرات لاحتواء الخلاف لمصلحة الحزب.

وبالنظر إلى المجموعتين، يساند من وصفهم الحسن بـ(الدواعش) جعفر الميرغني، بموازاة ذلك ساندت قيادات تاريخية وقادة شباب الحسن الميرغني بينهم مالك ضرار والراحل علي السر وغيرهم.

الآن ،وطبقاً لمعلومات حصلت عليها (سودان تربيون) نجد أن العدد الأكبر من الشباب يؤيدون الحسن الميرغني، ويتفقون مع موقف الحرية والتغيير المجلس المركزي، وعودة الحسن نفسه لموقفه القديم المناهض للإسلاميين والعسكر وإعلانه تأييد الإعلان الدستوري للجنة التسييرية للمحامين، والتسوية السياسية المطروحة.

وتبين المعلومات أن الحسن الميرغني الذي عاد للخرطوم الأسبوع الماضي، تعرض لضغوط هائلة من الولايات المتحدة والسعودية للقبول والعمل على التسوية الجارية بين العسكر وعديد من القوى السياسية على رأسها ائتلاف الحرية والتغيير.

وعقد الحسن قبل يومين، لقاءًا مع السفير الأمريكي جون غودفري، بالخرطوم، وبحثا العلاقات وتعزيز القيم المشتركة والعمل على عودة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها وفق تصريح صحفي ارسل لـ (سودان تربيون) من مكتب الحسن الميرغني.

خلال اللقاء الذي استمر زهاء الساعة، نقل الحسن، للسفير الأمريكي ترحيب الحزب بجهود اللجنة الدولية والآلية الثلاثية لمساعدة السودان ومساندته في الخروج من أزمته الراهنة ما يعكس أنّ  ثيرموميتر الخلافات مع (جعفر) بات واضحا للغاية باختلاف المسلكين نحو دعم الانقلاب وإنهائه بالتسوية.

ثقل جماهيري

بدأ القيادي بالحزب أسامة حسونة، حديثه مع (سودان تربيون) بإشارة ربما تجئ في سياق الأوزان السياسية، بالقول إن حشوداً ضخمة استقبلت الحسن الميرغني بمطار الخرطوم عند عودته للبلاد مؤخراً.

وبشأن التحالفات السياسية، يجزم حسونة بأن الحزب ليس جزءاً من التوقيع على التحالف الجديد، وأن السيد محمد عثمان الميرغني أصدر عام 2013 قراراً بحل أجهزة الحزب، وكون لجنة تسييرية برئاسته وعين السيد محمد الحسن الميرغني نائبا له.

وأضاف أن نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي موجود ويقود التفاوض حالياً، وأن ما حدث مع قوى الحرية والتغيير التوافق الوطني “ليس لأجهزة الحزب علم به، وهو بذلك يشير لانضمام جعفر الميرغني للتحالف الجديد”.

تحقيقات متضاربة

في الأول من نوفمبر الجاري، تفاقمت حدة الخلافات داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل حيال وثيقة الدستور الانتقالي، بعدما قرر مكتب المراقب العام تجميد نشاط أمين القطاع السياسي إبراهيم الميرغني، وهو ما سارع رئيس قطاع التنظيم إلى نفيه.

ويساند كل من الحسن الميرغني وإبراهيم الميرغني، مشروع الدستور الانتقالي الذي أعده محامون مؤيدون للديمقراطية، فيما أتجه جعفر  إلى تأييد تحالف جديد يدعم قادة الجيش.

وقال مكتب المراقب العام للحزب الاتحادي، في بيان الثلاثاء الماضي، إنه “قرر إحالة إبراهيم الميرغني للتحقيق وتجميد أنشطته الحزبية والسياسية والتنظيمية باسم الحزب إلى حين مثوله أمام المكتب”.

وأرجع هذا الإجراء إلى مخالفات أمين القطاع السياسي المتكررة لدستور ولوائح الحزب وخطه العام.

بدوره، نفى رئيس قطاع التنظيم، تجميد نشاط إبراهيم الميرغني، وقال إن هشام الزين ينتحل صفة المراقب العام ولا يملك أي صفة تنظيمية تستدعي إصداره قرارا بتكوين لجان التحقيق.

وقال المراقب العام هشام الزين في تصريح سابق لـ (سودان تربيون)، إن تجميد عضوية إبراهيم جاءت لمخالفته توجهات الحزب في الوفاق الوطني ومبادرة رئيس الحزب محمد عثمان الميرغني.

وأشار إلى أنه من ضمن المخالفات مقابلته الآلية الثلاثية مع الحسن الميرغني للتوقيع على مسودة دستور المحامين التي يرفضها الحزب.

ضغوط مصرية

جعفر الميرغني يؤيد تحالف الحرية والتغيير – الكتلة الديموقراطية

وأكد قيادي بالحزب قريب من جعفر الميرغني لـ(سودان تربيون) أن الأخير وقيادات قريبة من الميرغني تعرضوا لضغوط كبيرة من النظام المصري لمساندة العسكر والتحالف الجديد الذي تم الخميس المنصرم، تحت مسمى “الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية” الداعم للانقلاب وكان لافتا للغاية مباركة ومشاركة السفير المصري لدى الخرطوم حسام عيسى في مراسم توقيع التحالف الوليد على ما قالوا انها تعديلات مفصلية اجريت على وثيقة 2019 الدستورية لتكون أساسا لحل الأزمة السياسية.

وتعد القاهرة من العواصم المهمة للاتحاديين، حيث بدأت  العلاقة بموقف الحزب المنادي بالوحدة معها قبيل الاستقلال، واستمر في سياقات من التقارب، احتضنت خلاله القاهرة الميرغني الأب، والتجمع الوطني الديمقراطي المناهض للبشير.

وبالرغم من إبرام اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا – 2005)، واتفاق القاهرة في ذات العام،  إلا أن الميرغني لم يرجع إلى البلاد إلا بعد رحيل شقيقه ورأس الدولة السابق، أحمد الميرغني في العام 2008.

ويكشف القيادي البارز في الحزب لسودان تربيون معلومات مهمة حول موقف جعفر الميرغني الحالي، وتأثيرات وتدخلات النظام المصري في موقفه حيال التوقيع مع التحالف الجديد الذي يضم الحركات المسلحة وبعض الأحزاب الصغيرة.

ويبّين أن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في زيارته قبل الأخيرة للقاهرة ومقابلته للميرغني طلب دعم الحزب للإجراءات التي اتخذها في 25 أكتوبر 2021 المنصرم، ولم يتلق من الميرغني تأكيدات بذلك لكن جعفر طلب منه مزيد من الوقت لدراسة الأمر.

ويؤكد أن البرهان استعان بالنظام المصري والرئيس السيسي للضغط على جعفر لمناصرة إجراءاته في 25 أكتوبر، بالانضمام لتحالف مستقبلي مكون من الحركات وبعض الأحزاب المساندة لانقلابه مع تعهدات بمنح الحزب فرصاً واسعة للمشاركة مع تسريع اجراء الانتخابات وهو ما يؤيده الاتحادي ويصر على الدعوة إليه كلما سنحت الفرصة..

ابتعاد حليف

بموقفه من التوقيع على تحالف الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية فقد جعفر الميرغني أحد أهم حلفائه وهو إبراهيم الميرغني الذي كان يرفض فكرة الانضمام والتوقيع على التحالف الجديد.

وقال قيادي بالحزب من مجموعة جعفر لـ(سودان تربيون) إن إبراهيم الميرغني الذي كان ظهر بنحو مفاجئ مع الحسن الميرغني في لقاء رئيس بعثة “يونيتامس” رفض التوقيع، مبرراً موقفه بأن الحزب من مصلحته قيادة مبادرة لحل الأزمة السياسية منفرداً، لكن جعفر خالفه الرأي ومضى.

وأبان أن وزير مجلس شؤون الوزراء السابق والقيادي بالحزب أحمد سعد عمر، يقف وراء خطوة التوقيع، بل هو عرابها ومنسقها، وطلب من جعفر قبل التوقيع إسكات الأصوات الرافضة للتوقيع (حد قوله).

تبادل أدوار

على الرغم من حدة الخلاف البادية بين نجليِّ الميرغني، إلا أن هناك من يذهب إلى أن الأمر لا يعدو كونه (تبادل للأدوار) لضمان إيجاد موطئ قدم في المرحلة المقبلة.

ويستند أصحاب هذا القول، للمواقف المتناقضة التي ظل يتخذها الحزب، منذ حقبة المعزول البشير، وقسمت قادته باستمرار إلى معسكرين.

وعدّوا ما يجري حالياً، ليس سوى امتداد لهذا النسق، فالحسن مع معارضي النظام، وجعفر مع المؤيدين، وهو ما يضمن تمثيلاً للحزب في أي معادلة مستقبلية.

وشدد أنصار هذا الفريق على أن بيت آل الميرغني، الذي لم تقسمه الشراكة مع البشير، لن تقسمه بداهة الشراكات الجديدة.

 فرص الوحدة

بالوضع الآني وما يجري داخل الحزب يؤكد المحلل السياسي د. محمد إدريس، أن الموقفان المختلفان للحسن وجعفر ربما يؤديان إلى تضييق حلقة الوحدة المنتظرة منذ وقت طويل بين الاتحاديين.

ولفت إدريس إلى أن الخلافات والمواقف المتباينة أفقدت الحزب في وقت سابق كوادر ذات طابع جدّي، كانت في طريقها لبناء حزب (غير تقليدي)، يمكنه أن يماثل أكبر الأحزاب السياسية في المنطقة.

وذكر أنّ الخلاف أضاع على الحزب كوادر شبابية مثل محمد الفكي سليمان، ومحمد ناجي الأصم وغيرهم من الشباب الذين اتجهوا لتكوين (التجمع الاتحادي) وباتت فرص الوحدة مع المواقف المختلفة والموزعة بين التحالف مع الإسلاميين والعسكريين تضيق فرص الوحدة لرفض تلك الكيانات لخطوات التقارب هذه..

[ad_2]
المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى