السياسة السودانية

حيدر المكاشفي يكتب: دجاجلة الانقلاب

من عيون الشعر العربي بيت للشاعر طرفة بن العبد يقول فيه (عن المرء لا تسل وسل عن قرينه.. فكل قرين بالمقارن يقتدي)، ولأن انقلاب البرهان حميدتي هو قرين انقلاب البشير والجبهة الاسلامية القومية ووريثه الانقلابي الذي يقتدى به حذوك النعل بالنعل، لهذا كان طبيعيا أن يفرز انقلاب 25 أكتوبر طبقة من الدجاجلة والأفاكين والزلنطحية، مثلما كان لانقلاب الانقاذ دجاجلة وكهنة وعرافين وفكيا، فمن قبل دجاجلة الانقلاب الجدد، كان للنظام المباد كوكبة من الدجالين أشهرهم الكاهن بلة الغايب كما هو معروف وطائفة من الافاكين..من دجاجلة الانقلاب الجدد واحد يدعى محمد نور السموأل رئيس الكيان المصنوع المسمى (تجمع الشباب المستقلين)، فقد كتب هذا الشخص على صفحته الرسمية بفيسبوك يقول (رأيت عبد الفتاح البرهان في المنام قبل أيام وقد تحول الى أسد طائر بجناحين عظيمين أحدهما أبيض بلون الثلج، والثاني أخضر بلون الزرع، وكان علي رأسه تاج بشكل صقر الجديان فارداً جناحيه بكل فخر، كان المنظر مهيباً ومخيفاً في نفس الوقت. لقد كان هذا الأسد يُحلق في سماء السودان مثل النسر الضخم الذي يثير غبار الأرض حين يخفق بجناحيه وهو يحلق من أسفل الى أعلى بشموخ وعزة تشبه أرض السودان)، ويمضي هذا الكاهن الجديد في سرد ترهاته وتهيؤاته، الى أن يقول أن تفسير ما رآه في منامه هو أن الله قد مكن للسيد البرهان فجعله بين ليلة وضحاها قائد على أرض السودان مرفوع ذكره بين الناس..وليس بعيداً عن هذه الشطحة تلك الرؤية المنسوبة لإبنة بروفيسور إبراهيم غندور، والتي قالت فيها إنها رأت والدها في المنام(يعصر خمرا) وأن أحد الشيوخ (المناوبين) فسرها لها ذلك بأن والدها سيخرج من السجن وسيحكم السودان ٧ سنوات..يبدو لي أن الاخ في الله والأخت في الله (كبس عليهما أب كباس) لا اكثر ولا اقل بعد وجبة عشاء انقلابية دسمة.. الشاهد أن مثل هذه الأجواء الانقلابية التسلطية، دائما ما يكثر فيها الدجل والاعتداد بالغيبيات والخوارق والمعجزات في زمن انتهت فيه المعجزات، وتحضرني على سبيل المقارنة بين دجالي الانقلابين حكاية ذلك الخفير المكلف بحراسة مخزن كبير للسكر المعد للترحيل الى مواقع القتال بالجنوب كزاد ضروري للمقاتلين، استغل الخفير تلك الاجواء الدجلية فاتفق مع آخرين من المسحوقين مثله على نقل محتويات المخزن وتخزينها بأحد الأحياء الطرفية الهامشية لصالحهم، وقضوا في هذه المهمة الشاقة ثلاثة أيام بلياليها يعملون بهمة عالية حتى أفرغوا المخزن تماماً، ولم يتركوا فيه حتى (حق النمل)، وفي صبيحة اليوم الرابع وبينما كان الخفير يستلقي على عنقريبه المهترئ، وقد أعد نفسه جيداً للرد على أي سؤال عن (العهدة)، إذا بالمسؤولين عن العمل اللوجستي والتشويني يقفون أمامه ومن خلفهم الشاحنات التي أتوا بها لنقل السكر إلى مناطق العمليات. حيّوه فرد التحية وهو يتثاءب، أمروه بفتح المخزن فنهض متكاسلاً يجر رجليه بتثاقل واضح، مما يدل بوضوح انه قد فهم (اللعبة) واستوعبها تماماً، ولم يكد الخفير يكمل فتح البوابة الضخمة حتى انفتحت معها أفواه المسؤولين من الدهشة وصاحوا بصوت غاضب: أين ذهب السكر؟، لم يتلعثم الخفير أو يتلجلج، بل أجاب بثقة وفي تؤدة (شوف عيوني ديل الحياكلم الدود، الملايكة تنقل في السكر دا من بعد صلاة العشاء وحتى آذان الفجر، ولمن المؤذن قال حي على الفلاح، المخزن دا أصبح فاضي، نقلوا السكر جت للجنوب ما خلوا الحبة)، تكبير، الله أكبر، تهليل، لا إله الا الله،… وفاز باللذة الخفير.. فهل يا ترى لم يرعوي القوم من رواية ذات الأباطيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله..

صحيفة الجريدة

ehtimamna


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى