(70) ألف حالة في عام : الطلاق .. تزايد مستمر
[ad_1]
وقعت أمس، في مدينة الجرافة بمحلية كرري، أغرب وأسرع حالة طلاق بين زوجين لم يبلغ عمر زواجهما خمس دقائق، وسط دهشة الحضور .
فبعد إكمال المأذون خطوات قسيمة الزواج اتصل وكيل العروس “مي” مباركاً فاستفسرت منه إذا ما تم تضمين شروطها في القسيمة أم لا، والشروط هي السماح لها بالاستمرار في ممارسة رياضة الجري والخروج مع صاحباتها متى ما أتيحت الفرصة ويبدو أن الشروط لم ترفق في القسيمة، فعلم العريس “ماجد” بذلك ورفض وأقسم بالطلاق بالثلاثة أمام الحاضرين الذين أصابتهم الدهشة في ظل تمسُّك العروس “مي” بشروطها أو الطلاق وهي ما زالت في مركز التجميل استعداداً لحفل الزفاف،
لم يتوقع المعازيم حدوث الطلاق في وقت تقديم الحلويات والخبائز والزغاريد ليتحوَّل صيوان العقد إلى جودية وفتاوى.
وفي قرى الجزيرة يتحدث الناس عن عدة طلاقات وقعت في نفس يوم عقد القران ومن تلك الروايات يتحدث الناس عن طلاق زوجة بسبب أنها تعرَّضت إلى حادث بسيط أثناء عودتها من الكوافير واعترض أهل العروس على تعرُّض ابنتهم للحادث وإصابتها إصابات طفيفة في حين لم يصب الزوج بأي شئ .
ليتطوَّر الأمر ويتم الطلاق بعد أن تعرَّض إلى ضرب مبرح من أهل العروس وكاد أن يقتلوه فطلب منه شقيقه بأن يطلق عروسته وهدَّده أن لم يفعل بأن يطلق زوجته هو، فانصاع له الأخ وقام بتطليق عروسته في ليلة الزفاف.
الغريب في هذه القصة أن أهل العريس قاموا باتمام الزواج ولكن لزوجة أخرى هي بنت عمه وقبل الزوج مكرهاً.
قصص كثيرة تحصلت عليها (الصيحة) ولعل أبرز أسباب الطلاق كانت بسبب الغيبة وعدم الانفاق والشقاق والضرر.
مرض عضال
دق خبراء ومختصين “قانونيين ، اجتماعيين” ناقوس الخطر وكشفوا عن أرقام فلكية للطلاق في السودان، وحذَّروا من تفكك أصاب المجتمع والأسر،
وقالوا لـ(الصيحة)، وقعت بولاية الخرطوم خلال أسبوع واحد من شهر أكتوبر لهذا العام / 2022 (408) حالة طلاق، في الخرطوم وحدها، حسب رصد مراكز متخصصة في قضايا الأسرة.
وقالوا (90%) من المتزوِّجين في السودان عاشوا فترة طلاق خاصة في الفترة من 2014 وحتى العام الحالي، بالتالي لم يخلُ منزلاً من حالة طلاق كانت قائمة أو ما زالت قبل تدخل الجودية والمصالحات.
إحصائية رسمية
أظهرت إحصائية رسمية نشرتها إدارة الإحصاء القضائي والبحوث في السلطة القضائية، ارتفاع عدد حالات الطلاق في السودان خلال السنوات الخمس الأخيرة إلى أرقام غير مسبوقة متجاوزة الـ(270) ألف حالة.
وبحسب الإحصائية، فإن الفترة من 2016 إلى 2020 شهدت ارتفاعاً كبيراً في حالات الطلاق إلى (270,876) حالة، منها في العام 2016 وحده (48,351) حالة،
بينما شهدت الأعوام 2017، (55,478) حالة، و2018، (59,339) حالة، و2019، (60,202) حالة، و2020، (47,506) حالات، هذا عدا الحالات التي لم يتم حصرها لعدم وصولها إلى المحاكم.
جغرافية الظاهرة
فيما أشارت آخر الإحصاءات إلى وقوع (70) ألف حالة طلاق خلال العام 2021، ما يعني ازدياد نسبة الطلاق سنوياً وبمعدَّلات مقلقة.
وتوزعت حالات الطلاق بنسب متفاوتة، وحلت ولاية الخرطوم في المرتبة الأولى بـ(93,119) حالة، والقضارف (21,280) حالة، ولاية النيل الأبيض (18,789) حالة، الجزيرة (17,508) حالات، نهر النيل (15,951) حالة، شمال كردفان (13,675) حالة، غرب كردفان (11,316) حالة، النيل الأزرق (10,300) حالة.
وفي شمال دارفور (8,499) حالة، البحر الأحمر (7,297) حالة، سنار (6,568) حالة، جنوب دارفور (6,344) حالة، شرق دارفور (5,148) حالة، جنوب كردفان (5,557) حالة، ووسط دارفور (1,4919) حالة.
علم اجتماع
قالت استشاري علم الاجتماع اعتماد فضل السيد لـ(الصيحة):
الزواج علاقة مقدَّسة بين الزوجين و رباط وثيق يجمع بين الرجل والمرأة، قد يحدث خطأ في الاختيار سواءً أكان اختيار الزوج أو الزوجة، فتفسد العلاقة بينهما ويستحيل العيش بينهما، لتباين في طباعهما أو تضارب في مصالحهما، أو عدم الوفاق والمحبة بينهما، فتتحوَّل هذه الحياة إلى جحيم لا يطاق بالتالي يفرض الطّلاق.
وأشارت إلى ارتفاع معدَّلات الطلاق في السودان بشكل أزعج المجتمع.
وأضافت: شهد السودان مؤخراً وقوع حالات طلاق بأحجام مخيفة ولأسباب بسيطة جداً غير أن التمسُّك بالرأي و” ركوب الرأس” أصبحتا ظاهرة تستدعي الانتباه، وشدَّدت على ضرورة الوعي لأن رباط الزواج لا يجوز فكه بسهولة .
وقفة تأمل
يقول د. حافظ عبد الباقي، استشاري نفسي لـ(الصيحة): إن معدَّلات الطلاق هذه الأيام أمر يحتاج إلى وقفة تأمل عميقة نظراً أن الأوضاع النفسية قد ساءت كثيرًا خلال السنوات الماضية جراء الأوضاع السياسية والاقتصادية.
وقال: تكشف الأرقام المهولة عن تغيُّرات غير مسبوقة داخل المجتمع بسب الغزو الفكري والثقافي الذي يتعرَّض له مجتمع كان محافظاً لأبعد حد في العلاقات الاجتماعية.
وأضاف: إن الطلاق يزيد من الأحوال النفسية لأفراد الأسر ويبعث الخوف في قلوب الآخرين، وأبدى استغرابه أن فك رباط الزوجية أصبح أمراً عادياً لدى الكثيرين وسوق المطلقات يشهد انتعاشاً غير مسبوق، حيث يتم زواجهن بآخر في غضون عام أو أقل دون مراعاة لأوضاع الأطفال حال وجدوا.
الدولة متهم
اتهم القانوني حيدر عبد السلام، الدولة بالإسهام في تصاعد أرقام الطلاق من خلال سعيها التوقيع على الاتفاقيات الدولية التي تعزز الفرقة والانقسام داخل كيان الأسرة، بالتالي فتح الباب على مصراعيه للجمعيات النسوية التي تدعي تعزيز مكانة المرأة وهي في الحقيقة تحرِّضها على الخروج عن كل مألوف.
تحقيق: انتصار فضل الله
صحيفة الصيحة
مصدر الخبر