uawdijnntqw1x1x1
IP : 3.21.46.227
Hostname : ns1.eurodns.top
Kernel : Linux ns1.eurodns.top 4.18.0-553.5.1.lve.1.el7h.x86_64 #1 SMP Fri Jun 14 14:24:52 UTC 2024 x86_64
Disable Function : mail,sendmail,exec,passthru,shell_exec,system,popen,curl_multi_exec,show_source,eval,open_base
OS : Linux
PATH:
/
home
/
sudancam
/
public_html
/
0d544
/
..
/
ph
/
..
/
quran
/
api
/
quran
/
includes
/
tafseer
/
3
/
33.php
/
/
<?php $t = array(); $t[1] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ اتَّقِ اللَّه وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ اتَّقِ اللَّهَ } بِطَاعَتِهِ , وَأَدَاء فَرَائِضه , وَوَاجِب حُقُوقه عَلَيْك , وَالِانْتِهَاء عَنْ مَحَارِمه , وَانْتِهَاك حُدُوده { وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ } الَّذِينَ يَقُولُونَ لَك : اطْرُدْ عَنْك أَتْبَاعك مِنْ ضُعَفَاء الْمُؤْمِنِينَ بِك حَتَّى نُجَالِسَك { وَالْمُنَافِقِينَ } الَّذِينَ يُظْهِرُونَ لَك الْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَالنَّصِيحَةَ لَك , وَهُمْ لَا يَأْلُونَك وَأَصْحَابَك وَدِينَك خَبَالًا , فَلَا تَقْبَل مِنْهُمْ رَأْيًا , وَلَا تَسْتَشِرْهُمْ مُسْتَنْصِحًا بِهِمْ , فَإِنَّهُمْ لَك أَعْدَاء { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } يَقُول : إِنَّ اللَّهَ ذُو عِلْم بِمَا تُضْمِرهُ نُفُوسهمْ , وَمَا الَّذِي يَقْصِدُونَ فِي إِظْهَارهمْ لَك النَّصِيحَةَ , مَعَ الَّذِي يَنْطَوُونَ لَك عَلَيْهِ , حَكِيم فِي تَدْبِير أَمْرك وَأَمْر أَصْحَابك وَدِينك , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ تَدْبِير جَمِيع خَلْقه . { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْك مِنْ رَبّك } يَقُول : وَاعْمَلْ بِمَا يُنْزِل اللَّه عَلَيْك مِنْ وَحْيه , وَآيِ كِتَابه { إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } يَقُول : إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَل بِهِ أَنْتَ وَأَصْحَابك مِنْ هَذَا الْقُرْآن , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُوركُمْ وَأُمُور عِبَاده { خَبِيرًا } أَيْ ذَا خِبْرَة , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْء , وَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَى ذَلِكَ بِمَا وَعَدَكُمْ مِنَ الْجَزَاء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْك مِنْ رَبّك } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21575 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْك مِنْ رَبّك } أَيْ هَذَا الْقُرْآن { إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } .'; $t[2] = '{ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْك مِنْ رَبّك } يَقُول : وَاعْمَلْ بِمَا يُنَزِّل اللَّه عَلَيْك مِنْ وَحْيه , وَآيِ كِتَابه { إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } يَقُول : إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَل بِهِ أَنْتَ وَأَصْحَابك مِنْ هَذَا الْقُرْآن , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُوركُمْ وَأُمُور عِبَاده { خَبِيرًا } أَيْ ذَا خِبْرَة , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْء , وَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَى ذَلِكَ بِمَا وَعَدَكُمْ مِنَ الْجَزَاء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْك مِنْ رَبّك } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21575 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْك مِنْ رَبّك } أَيْ هَذَا الْقُرْآنَ { إِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } .'; $t[3] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَفَوِّضْ إِلَى اللَّه أَمْرك يَا مُحَمَّد , وَثِقْ بِهِ { وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا } يَقُول : وَحَسْبك بِاللَّهِ فِيمَا يَأْمُرك وَكِيلًا , وَحَفِيظًا بِك .'; $t[4] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمُرَاد مِنْ قَوْل اللَّه { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ تَكْذِيبَ قَوْم مِنْ أَهْل النِّفَاق , وَصَفُوا نَبِيَّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ ذُو قَلْبَيْنِ , فَنَفَى اللَّه ذَلِكَ عَنْ نَبِيّه , وَكَذَّبَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21576 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا حَفْص بْن نُفَيْل , قَالَ : ثنا زُهَيْر بْن مُعَاوِيَة , عَنْ قَابُوس بْن أَبِي ظَبْيَان أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ , قَالَ : قُلْنَا لِابْنِ عَبَّاس : أَرَأَيْت قَوْل اللَّه { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } مَا عَنَى بِذَلِكَ ؟ قَالَ : قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَصَلَّى , فَخَطَرَ خَطْرَة فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ مَعَهُ : إِنَّ لَهُ قَلْبَيْنِ , قَلْبًا مَعَكُمْ , وَقَلْبًا مَعَهُمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ : رَجُل مِنْ قُرَيْش كَانَ يُدْعَى ذَا الْقَلْبَيْنِ مِنْ دِهْيِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21577 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } قَالَ : كَانَ رَجُل مِنْ قُرَيْش يُسَمَّى مِنْ دِهْيِهِ ذَا الْقَلْبَيْنِ , فَأَنْزَلَ اللَّه هَذَا فِي شَأْنه . 21578 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } قَالَ : إِنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي فِهْر , قَالَ : إِنَّ فِي جَوْفِي قَلْبَيْنِ , أَعْقِل بِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا أَفْضَل مِنْ عَقْل مُحَمَّد " وَكَذَبَ " . 21579 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } قَالَ قَتَادَة : كَانَ رَجُل عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمَّى ذَا الْقَلْبَيْنِ , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِ مَا تَسْمَعُونَ. 21580 - قَالَ قَتَادَة : وَكَانَ الْحَسَن يَقُول : كَانَ رَجُل يَقُول : لِي نَفْس تَأْمُرنِي , وَنَفْس تَنْهَانِي , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِ مَا تَسْمَعُونَ. 21581 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : كَانَ رَجُل يُسَمَّى ذَا الْقَلْبَيْنِ , فَنَزَلَتْ { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ زَيْد بْن حَارِثَة مِنْ أَجْل أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ تَبَنَّاهُ , فَضَرَبَ اللَّه بِذَلِكَ مَثَلًا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21582 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , فِي قَوْله : { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَيْد بْن حَارِثَة , ضَرَبَ لَهُ مَثَلًا يَقُول : لَيْسَ ابْن رَجُل آخَر ابْنك . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : ذَلِكَ تَكْذِيب مِنَ اللَّه تَعَالَى قَوْل مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ فِي جَوْفه قَلْبَانِ يَعْقِل بِهِمَا , عَلَى النَّحْو الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْن عَبَّاس وَجَائِز أَنْ يَكُون ذَلِكَ تَكْذِيبًا مِنَ اللَّه لِمَنْ وَصَفَ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ , وَأَنْ يَكُونَ تَكْذِيبًا لِمَنْ سَمَّى الْقُرَشِيّ الَّذِي ذُكِرَ أَنَّهُ سُمِّيَ ذَا الْقَلْبَيْنِ مِنْ دِهْيِهِ , وَأَيّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ فَهُوَ نَفْي مِنَ اللَّه عَنْ خَلْقه مِنْ الرِّجَال أَنْ يَكُونُوا بِتِلْكَ الصِّفَة. وَقَوْله : { وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمْ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَمْ يَجْعَل اللَّه أَيّهَا الرِّجَال نِسَاءَكُمْ اللَّائِي تَقُولُونَ لَهُنَّ : أَنْتُنَّ عَلَيْنَا كَظُهُورِ أُمَّهَاتنَا أُمَّهَاتكُمْ , بَلْ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلكُمْ كَذِبًا , وَأَلْزَمَكُمْ عُقُوبَة لَكُمْ كَفَّارَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21583 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمْ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتكُمْ } : أَيْ مَا جَعَلَهَا أُمَّك فَإِذَا ظَاهَرَ الرَّجُل مِنْ امْرَأَته , فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلهَا أُمّه , وَلَكِنْ جَعَلَ فِيهَا الْكَفَّارَة . وَقَوْله : { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ } يَقُول : وَلَمْ يَجْعَل اللَّه مَنْ ادَّعَيْت أَنَّهُ ابْنَك , وَهُوَ ابْن غَيْرك ابْنَك بِدَعْوَاك , وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْل تَبَنِّيه زَيْد بْن حَارِثَة . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 21584 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ } قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي زَيْد بْن حَارِثَة . 21585 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ } قَالَ : كَانَ زَيْد بْن حَارِثَة حِين مَنّ اللَّه وَرَسُوله عَلَيْهِ , يُقَال لَهُ : زَيْد بْن مُحَمَّد , كَانَ تَبَنَّاهُ , فَقَالَ اللَّه : { مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ } 33 40 قَالَ : وَهُوَ يَذْكُر الْأَزْوَاج وَالْأُخْت , فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْأَزْوَاجَ لَمْ تَكُنْ بِالْأُمَّهَاتِ أُمَّهَاتكُمْ , وَلَا أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ . 21586 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ } وَمَا جَعَلَ دَعِيّك ابْنَك , يَقُول : إِذَا ادَّعَى رَجُل رَجُلًا وَلَيْسَ بِابْنِهِ { ذَلِكُمْ قَوْلكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ } ... الْآيَة . وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : " مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْر أَبِيهِ مُتَعَمِّدًا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِ الْجَنَّة " . 21587 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ أَشْعَث , عَنْ عَامِر , قَالَ : لَيْسَ فِي الْأَدْعِيَاء زَيْد . وَقَوْله { ذَلِكُمْ قَوْلكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره هَذَا الْقَوْل وَهُوَ قَوْل الرَّجُل لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي , وَدُعَاؤُهُ مَنْ لَيْسَ بِابْنِهِ أَنَّهُ ابْنه , إِنَّمَا هُوَ قَوْلكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ لَا حَقِيقَة لَهُ , لَا يَثْبُت بِهَذِهِ الدَّعْوَى نَسَب الَّذِي ادُّعِيَتْ بُنُوَّته , وَلَا تَصِير الزَّوْجَة أُمًّا بِقَوْلِ الرَّجُل لَهَا : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي { وَاللَّه يَقُول الْحَقَّ } يَقُول : وَاللَّه هُوَ الصَّادِق الَّذِي يَقُول الْحَقَّ , وَبِقَوْلِهِ يَثْبُت نَسَب مَنْ أَثْبَت نَسَبَهُ , وَبِهِ تَكُون الْمَرْأَة لِلْمَوْلُودِ , أَمَّا إِذَا حَكَمَ بِذَلِكَ { وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاللَّه يُبَيِّن لِعِبَادِهِ سَبِيلَ الْحَقّ , وَيُرْشِدهُمْ لِطَرِيقِ الرَّشَاد .'; $t[5] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَط عِنْدَ اللَّه فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانكُمْ فِي الدِّين وَمَوَالِيكُمْ } يَقُول اللَّه تَعَالَى ذِكْره : انْسُبُوا أَدْعِيَاءَكُمْ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ أَنْسَابَهُمْ بِكُمْ لِآبَائِهِمْ . يَقُول لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلْحِقْ نَسَبَ زَيْد بِأَبِيهِ حَارِثَة , وَلَا تَدْعُهُ زَيْد بْن مُحَمَّد . وَقَوْله { هُوَ أَقْسَط عِنْدَ اللَّه } يَقُول : دُعَاؤُكُمْ إِيَّاهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَعْدَل عِنْد اللَّه , وَأَصْدَق وَأَصْوَب مِنْ دُعَائِكُمْ إِيَّاهُمْ لِغَيْرِ آبَائِهِمْ وَنِسْبَتُكُمُوهُم إِلَى مَنْ تَبَنَّاهُمْ وَادَّعَاهُمْ وَلَيْسُوا لَهُ بَنِينَ . كَمَا : 21588 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَط عِنْد اللَّه } : أَيْ أَعْدَل عِنْدَ اللَّه , وَقَوْله : { فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانكُمْ فِي الدِّين وَمَوَالِيكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِنْ أَنْتُمْ أَيّهَا النَّاس لَمْ تَعْلَمُوا آبَاء أَدْعِيَائِكُمْ مَنْ هُمْ فَتَنْسُبُوهُمْ إِلَيْهِمْ , وَلَمْ تَعْرِفُوهُمْ , فَتُلْحِقُوهُمْ بِهِمْ , { فَإِخْوَانكُمْ فِي الدِّين } يَقُول : فَهُمْ إِخْوَانكُمْ فِي الدِّين , إِنْ كَانُوا مِنْ أَهْل مِلَّتكُمْ , وَمَوَالِيكُمْ إِنْ كَانُوا مُحَرَّرِيكُمْ وَلَيْسُوا بِبَنِيكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21589 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَط عِنْدَ اللَّه } : أَيْ أَعْدَل عِنْدَ اللَّه { فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانكُمْ فِي الدِّين وَمَوَالِيكُمْ } فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا مَنْ أَبُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ أَخُوك وَمَوْلَاك . 21590 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ عُيَيْنَةَ بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْرَة : قَالَ اللَّه { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَط عِنْدَ اللَّه فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانكُمْ فِي الدِّين وَمَوَالِيكُمْ } فَأَنَا مِمَّنْ لَا يُعْرَف أَبُوهُ , وَأَنَا مِنْ إِخْوَانكُمْ فِي الدِّين , قَالَ : قَالَ أَبِي : وَاللَّه إِنِّي لَأَظُنّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ حَمَّارًا لَانْتَمَى إِلَيْهِ . وَقَوْله : { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ } يَقُول : وَلَا حَرَج عَلَيْكُمْ وَلَا وِزْر فِي خَطَأ يَكُون مِنْكُمْ فِي نِسْبَة بَعْض مَنْ تَنْسُبُونَهُ إِلَى أَبِيهِ , وَأَنْتُمْ تَرَوْنَهُ ابْن مَنْ يَنْسُبُونَهُ إِلَيْهِ , وَهُوَ ابْن لِغَيْرِهِ { وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبكُمْ } يَقُول : وَلَكِنَّ الْإِثْمَ وَالْحَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي نِسْبَتِكُمُوهُ إِلَى غَيْر أَبِيهِ , وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَهُ ابْن غَيْر مَنْ تَنْسُبُونَهُ إِلَيْهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21591 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ } يَقُول : إِذَا دَعَوْت الرَّجُلَ لِغَيْرِ أَبِيهِ , وَأَنْتَ تَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ { وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبكُمْ } يَقُول اللَّه : لَا تَدْعُهُ لِغَيْرِ أَبِيهِ مُتَعَمِّدًا . أَمَّا الْخَطَأ فَلَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِهِ وَلَكِنْ يُؤَاخِذكُمْ بِمَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبكُمْ. 21592 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { تَعَمَّدَتْ قُلُوبكُمْ } قَالَ : فَالْعَمْد مَا أَتَى بَعْد الْبَيَان وَالنَّهْي فِي هَذَا وَغَيْره. و " مَا " الَّتِي فِي قَوْله { وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبكُمْ } خُفِضَ رَدًّا عَلَى " مَا " الَّتِي فِي قَوْله { فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ } وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ , وَلَكِنْ فِيمَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبكُمْ . وَقَوْله : { وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } يَقُول اللَّه تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ اللَّه ذَا سِتْر عَلَى ذَنْب مَنْ ظَاهَرَ زَوْجَته فَقَالَ الْبَاطِل وَالزُّور مِنَ الْقَوْل , وَذَنْب مَنْ ادَّعَى وَلَد غَيْره ابْنًا لَهُ , إِذَا تَابَا وَرَاجَعَا أَمْر اللَّه , وَانْتَهَيَا عَنْ قِيلِ الْبَاطِل بَعْد أَنْ نَهَاهُمَا رَبُّهُمَا عَنْهُ ذَا رَحْمَة بِهِمَا أَنْ يُعَاقِبهُمَا عَلَى ذَلِكَ بَعْد تَوْبَتهمَا مِنْ خَطِيئَتهمَا .'; $t[6] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : النَّبِيّ مُحَمَّد أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ , يَقُول : أَحَقّ بِالْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ , أَنْ يَحْكُم فِيهِمْ بِمَا يَشَاء مِنْ حُكْم , فَيَجُوز ذَلِكَ عَلَيْهِمْ . كَمَا : 21593 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد { النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ } كَمَا أَنْتَ أَوْلَى بِعَبْدِك مَا قَضَى فِيهِمْ مِنْ أَمْر جَازَ , كَمَا كُلَّمَا قَضَيْت عَلَى عَبْدك جَازَ . 2194 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ } قَالَ : هُوَ أَبٌ لَهُمْ. 21595 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن عُمَر , قَالَ : ثنا فُلَيْح , عَنْ هِلَال بْن عَلِيّ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عَمْرَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا مِنْ مُؤْمِن إِلَّا وَأَنَا أَوْلَى النَّاس بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } وَأَيّمَا مُؤْمِن تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ وَعَصَبَته مَنْ كَانُوا , وَإِنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَلْيَأْتِنِي وَأَنَا مَوْلَاهُ " . 21596 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَسَن بْن عَلِيّ , عَنْ أَبِي مُوسَى إِسْرَائِيل بْن مُوسَى , قَالَ : قَرَأَ الْحَسَن هَذِهِ الْآيَة { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ , وَأَزْوَاجه أُمَّهَاتُهُمْ } قَالَ : قَالَ الْحَسَن : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِن مِنْ نَفْسه " قَالَ الْحَسَن : وَفِي الْقِرَاءَة الْأُولَى : " أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ , وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ " . 21597 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ فِي بَعْض الْقِرَاءَة : " النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ " وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَيّمَا رَجُل تَرَكَ ضَيَاعًا فَأَنَا أَوْلَى بِهِ , وَإِنْ تَرَكَ مَالًا فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ " . وَقَوْله : { وَأَزْوَاجه أُمَّهَاتهمْ } يَقُول : وَحُرْمَة أَزْوَاجه حُرْمَة أُمَّهَاتهمْ عَلَيْهِمْ , فِي أَنَّهُنَّ يَحْرُم عَلَيْهِنَّ نِكَاحهنَّ مِنْ بَعْد وَفَاته , كَمَا يَحْرُم عَلَيْهِمْ نِكَاح أُمَّهَاتهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21598 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ وَأَزْوَاجه أُمَّهَاتهمْ } يُعَظِّم بِذَلِكَ حَقّهنَّ , وَفِي بَعْض الْقِرَاءَة : " وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ " . 21599 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { وَأَزْوَاجه أُمَّهَاتهمْ } مُحَرَّمَات عَلَيْهِمْ . وَقَوْله : { وَأُولُوا الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَأُولُوا الْأَرْحَام الَّذِينَ وَرِثَتْ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض , هُمْ أَوْلَى بِمِيرَاثِ بَعْض مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ أَنْ يَرِث بَعْضهمْ بَعْضًا , بِالْهِجْرَةِ وَالْإِيمَان دُون الرَّحِم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21600 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَأُولُوا الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ } لَبِثَ الْمُسْلِمُونَ زَمَانًا يَتَوَارَثُونَ بِالْهِجْرَةِ , وَالْأَعْرَابِيّ الْمُسْلِم لَا يَرِث مِنْ الْمُهَاجِرِينَ شَيْئًا , فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة , فَخَلَطَ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضهمْ بِبَعْضٍ , فَصَارَتْ الْمَوَارِيث بِالْمِلَلِ . 21601 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله { وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ آخَى بَيْن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار أَوَّل مَا كَانَتْ الْهِجْرَة , وَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ عَلَى ذَلِكَ , وَقَالَ اللَّه { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } 4 33 قَالَ : إِذَا لَمْ يَأْتِ رَحِم لِهَذَا يَحُول دُونهمْ , قَالَ : فَكَانَ هَذَا أَوَّلًا , فَقَالَ اللَّه : { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } يَقُول : إِلَّا أَنْ تُوصُوا لَهُمْ { كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَاب مَسْطُورًا } أَنَّ أُولِي الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه , قَالَ : وَكَانَ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُهَاجِرُونَ لَا يَتَوَارَثُونَ إِنْ كَانُوا أُولِي رَحِم , حَتَّى يُهَاجِرُوا إِلَى الْمَدِينَة , وَقَرَأَ قَالَ اللَّه : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتهمْ مِنْ شَيْء حَتَّى يُهَاجِرُوا } 8 72 إِلَى قَوْله { وَفَسَاد كَبِير } 8 73 فَكَانُوا لَا يَتَوَارَثُونَ , حَتَّى إِذَا كَانَ عَام الْفَتْح , انْقَطَعَتْ الْهِجْرَة , وَكَثُرَ الْإِسْلَام , وَكَانَ لَا يُقْبَل مِنْ أَحَد أَنْ يَكُون عَلَى الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيّ وَمَنْ مَعَهُ إِلَّا أَنْ يُهَاجِر ; قَالَ : وَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ بَعَثَ : " اغْدُوا عَلَى اسْم اللَّه لَا تَغْلُوا وَلَا تَوَلَّوْا , ادْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَام , فَإِنْ أَجَابُوكُمْ فَاقْبَلُوا وَادْعُوهُمْ إِلَى الْهِجْرَة , فَإِذَا هَاجَرُوا مَعَكُمْ , فَلَهُمْ مَا لَكُمْ , وَعَلَيْكُمْ , فَإِنْ أَبَوْا وَلَمْ يُهَاجِرُوا وَاخْتَارُوا دَارهمْ فَأَقِرُّوهُمْ فِيهَا , فَهُمْ كَالْأَعْرَابِ تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَام الْإِسْلَام , وَلَيْسَ لَهُمْ فِي هَذَا الْفَيْء نَصِيب " . قَالَ : فَلَمَّا جَاءَ الْفَتْح , وَانْقَطَعَتْ الْهِجْرَة , قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا هِجْرَة بَعْد الْفَتْح " وَكَثُرَ الْإِسْلَام , وَتَوَارَثَ النَّاس عَلَى الْأَرْحَام حَيْثُ كَانُوا , وَنَسَخَ ذَلِكَ الَّذِي كَانَ بَيْن الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ , وَكَانَ لَهُمْ فِي الْفَيْء نَصِيب , وَإِنْ أَقَامُوا وَأَبَوْا , وَكَانَ حَقّهمْ فِي الْإِسْلَام وَاحِدًا , الْمُهَاجِر وَغَيْر الْمُهَاجِر وَالْبَدْوِيّ وَكُلّ أَحَد , حِين جَاءَ الْفَتْح . فَمَعْنَى الْكَلَام عَلَى هَذَا التَّأْوِيل : وَأُولُوا الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ بِبَعْضِهِمْ أَنْ يَرِثُوهُمْ بِالْهِجْرَةِ , وَقَدْ يَحْتَمِل ظَاهِر هَذَا الْكَلَام أَنْ يَكُونَ مِنْ صِلَة الْأَرْحَام مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ , أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ , مِمَّنْ لَمْ يُؤْمِن , وَلَمْ يُهَاجِر . وَقَوْله : { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِلَّا أَنْ تُوصُوا لِذَوِي قَرَابَتكُمْ مِنْ غَيْر أَهْل الْإِيمَان وَالْهِجْرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21602 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ حَجَّاج , عَنْ سَالِم , عَنِ ابْن الْحَنَفِيَّة { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } قَالُوا : يُوصِي لِقَرَابَتِهِ مِنْ أَهْل الشِّرْك . 21603 - قَالَ : ثنا عَبْدَة , قَالَ : قَرَأْت عَلَى ابْن أَبِي عَرُوبَة , عَنْ قَتَادَة { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } قَالَ : لِلْقَرَابَةِ مِنْ أَهْل الشِّرْك وَصِيَّة , وَلَا مِيرَاثَ لَهُمْ . * حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } قَالَ : إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مِنْ أَهْل الشِّرْك وَصِيَّة , وَلَا مِيرَاثَ لَهُمْ . 21604 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ وَيَحْيَى بْن آدَم , عَنِ ابْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ عِكْرِمَة { إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } قَالَ : وَصِيَّة . 21605 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : مَا قَوْله { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } فَقَالَ : الْعَطَاء , فَقُلْت لَهُ : الْمُؤْمِن لِلْكَافِرِ بَيْنَهُمَا قَرَابَة ؟ قَالَ : نَعَمْ عَطَاؤُهُ إِيَّاهُ حِبَاء وَوَصِيَّة لَهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِلَّا أَنْ تَمَسَّكُوا بِالْمَعْرُوفِ بَيْنَكُمْ بِحَقِّ الْإِيمَان وَالْهِجْرَة وَالْحَلِف , فَتُؤْتُونَهُمْ حَقَّهُمْ مِنْ النُّصْرَة وَالْعَقْل عَنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21606 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } قَالَ : حُلَفَاؤُكُمْ الَّذِينَ وَالَى بَيْنَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار , إِمْسَاك بِالْمَعْرُوفِ وَالْعَقْل وَالنَّصْر بَيْنَهُمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنْ تُوصُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَصِيَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21607 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } يَقُول : إِلَّا أَنْ تُوصُوا لَهُمْ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : مَعْنَى ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ الَّذِينَ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَكُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار , مَعْرُوفًا مِنَ الْوَصِيَّة لَهُمْ , وَالنُّصْرَة وَالْعَقْل عَنْهُمْ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ كُلّ ذَلِكَ مِنَ الْمَعْرُوف الَّذِي قَدْ حَثّ اللَّه عَلَيْهِ عِبَاده . وَإِنَّمَا اخْتَرْت هَذَا الْقَوْل , وَقُلْت : هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ قِيلِ مَنْ قَالَ : عَنَى بِذَلِكَ الْوَصِيَّةَ لِلْقَرَابَةِ مِنْ أَهْل الشِّرْك ; لِأَنَّ الْقَرِيبَ مِنَ الْمُشْرِك , وَإِنْ كَانَ ذَا نَسَب فَلَيْسَ بِالْمَوْلَى , وَذَلِكَ أَنَّ الشِّرْكَ يَقْطَع وِلَايَة مَا بَيْن الْمُؤْمِن وَالْمُشْرِك , وَقَدْ نَهَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا بِقَوْلِهِ : { لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ } 60 1 وَغَيْر جَائِز أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْ اتِّخَاذهمْ أَوْلِيَاء , ثُمَّ يَصِفهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِأَنَّهُمْ لَهُمْ أَوْلِيَاء , وَمَوْضِع " أَنْ " مِنْ قَوْله { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا } نَصْب عَلَى الِاسْتِثْنَاء , وَمَعْنَى الْكَلَام : وَأُولُوا الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأُولِي أَرْحَام مِنْكُمْ مَعْرُوفًا . وَقَوْله : { كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَاب مَسْطُورًا } يَقُول : كَانَ أُولُوا الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه : أَيْ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ { مَسْطُورًا } أَيْ مَكْتُوبًا , كَمَا قَالَ الرَّاجِز : فِي الصُّحُف الْأُولَى الَّتِي كَانَ سَطَرْ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : . 21608 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَاب مَسْطُورًا } : أَيْ أَنَّ أُولِي الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَاب مَسْطُورًا : لَا يَرِث الْمُشْرِك الْمُؤْمِنَ .'; $t[7] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْك وَمِنْ نُوح وَإِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى ابْن مَرْيَم وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَاب مَسْطُورًا , إِذْ كَتَبْنَا كُلّ مَا هُوَ كَائِن فِي الْكِتَاب { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ } كَانَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْكِتَاب مَسْطُورًا , وَيَعْنِي بِالْمِيثَاقِ : الْعَهْد , وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى قَبْل . { وَمِنْك } يَا مُحَمَّد { وَمِنْ نُوح وَإِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى ابْن مَرْيَم وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } يَقُول : وَأَخَذْنَا مِنْ جَمِيعهمْ عَهْدًا مُؤَكَّدًا أَنْ يُصَدِّق بَعْضهمْ بَعْضًا . كَمَا : 21609 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْك وَمِنْ نُوح } قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : " كُنْت أَوَّل الْأَنْبِيَاء فِي الْخَلْق , وَآخِرهمْ فِي الْبَعْث " , { وَإِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى ابْن مَرْيَم وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } مِيثَاق أَخَذَهُ اللَّه عَلَى النَّبِيِّينَ , خُصُوصًا أَنْ يُصَدِّق بَعْضهمْ بَعْضًا , وَأَنْ يَتَّبِع بَعْضهمْ بَعْضًا . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان , قَالَ : ثنا أَبُو هِلَال , قَالَ : كَانَ قَتَادَة إِذَا تَلَا هَذِهِ الْآيَة { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْ نُوح } قَالَ : كَانَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّل النَّبِيِّينَ فِي الْخَلْق. 21610 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه { مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْك وَمِنْ نُوح } قَالَ : فِي ظَهْر آدَم . 21611 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : الْمِيثَاق الْغَلِيظ : الْعَهْد .'; $t[8] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَخَذْنَا مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاء مِيثَاقَهُمْ كَيْمَا أَسْأَل الْمُرْسَلِينَ عَمَّا أَجَابَتْهُمْ بِهِ أُمَمُهُمْ , وَمَا فَعَلَ قَوْمهمْ فِيمَا أَبْلَغُوهُمْ عَنْ رَبّهمْ مِنْ الرِّسَالَة. وَبِنَحْوِ قَوْلنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21612 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد { لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقهمْ } قَالَ : الْمُبَلِّغِينَ الْمُؤَدِّينَ مِنْ الرُّسُل . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { لِيَسْأَل الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقهمْ } قَالَ : الْمُبَلِّغِينَ الْمُؤَدِّينَ مِنْ الرُّسُل . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ مُجَاهِد { لِيَسْأَل الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقهمْ } قَالَ : الرُّسُل الْمُؤَدِّينَ الْمُبَلِّغِينَ . وَقَوْله : { وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا } يَقُول : وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ بِاللَّهِ مِنَ الْأُمَم عَذَابًا مُوجِعًا.'; $t[9] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ } الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَى جَمَاعَتكُمْ وَذَلِكَ حِين حُوصِرَ الْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّام الْخَنْدَق { إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُود } : جُنُود الْأَحْزَاب : قُرَيْش , وَغَطَفَان , وَيَهُود بَنِي النَّضِير { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا } وَهِيَ فِيمَا ذُكِرَ : رِيح الصَّبَا . كَمَا : 21613 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : قَالَتْ الْجَنُوب لِلشَّمَالِ لَيْلَة الْأَحْزَاب : انْطَلِقِي نَنْصُر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ الشَّمَال : إِنَّ الْحَرَّة لَا تَسْرِي بِاللَّيْلِ , قَالَ : فَكَانَتْ الرِّيح الَّتِي أُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الصَّبَا . 21614 -حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثني الزُّبَيْر , يَعْنِي ابْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني رَبِيح بْن أَبِي سَعِيد , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي سَعِيد , قَالَ : قُلْنَا يَوْم الْخَنْدَق : يَا رَسُولَ اللَّه بَلَغَتْ الْقُلُوب الْحَنَاجِرَ , فَهَلْ مِنْ شَيْء تَقُولهُ ؟ قَالَ : " نَعَمْ قُولُوا : اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتنَا , وَآمِنْ رَوْعَاتنَا " , فَضَرَبَ اللَّه وُجُوهَ أَعْدَائِهِ بِالرِّيحِ , فَهَزَمَهُمْ اللَّه بِالرِّيحِ . 21615 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , عَنْ نَافِع , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : أَرْسَلَنِي خَالِي عُثْمَان بْن مَظْعُون لَيْلَة الْخَنْدَق فِي بَرْد شَدِيد وَرِيح , إِلَى الْمَدِينَة , فَقَالَ : ائْتِنَا بِطَعَامٍ وَلِحَاف قَالَ : فَاسْتَأْذَنْت رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَذِنَ لِي وَقَالَ : " مَنْ لَقِيت مِنْ أَصْحَابِي فَمُرْهُمْ يَرْجِعُوا " . قَالَ : فَذَهَبْت وَالرِّيح تَسْفِي كُلَّ شَيْء , فَجَعَلْت لَا أَلْقَى أَحَدًا إِلَّا أَمَرْته بِالرُّجُوعِ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : فَمَا يَلْوِي أَحَد مِنْهُمْ عُنُقه ; قَالَ : وَكَانَ مَعِي تُرْس لِي , فَكَانَتْ الرِّيح تَضْرِبهُ عَلَيَّ , وَكَانَ فِيهِ حَدِيد , قَالَ : فَضَرَبَتْهُ الرِّيح حَتَّى وَقَعَ بَعْض ذَلِكَ الْحَدِيد عَلَى كَفِّي , فَأَنْفَذهَا إِلَى الْأَرْض . 21616 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة : قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن زِيَاد , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : قَالَ فَتًى مِنْ أَهْل الْكُوفَة لِحُذَيْفَة بْن الْيَمَان : يَا أَبَا عَبْد اللَّه , رَأَيْتُمْ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحِبْتُمُوهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ يَا ابْن أَخِي , قَالَ : فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ ؟ قَالَ : وَاللَّه لَقَدْ كُنَّا نُجْهَد , قَالَ الْفَتَى : وَاللَّه لَوْ أَدْرَكْنَاهُ مَا تَرَكْنَاهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْض , لَحَمَلْنَاهُ عَلَى أَعْنَاقنَا . قَالَ حُذَيْفَة : يَا ابْن أَخِي , وَاللَّه لَقَدْ رَأَيْتنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَنْدَقِ , وَصَلَّى رَسُول اللَّه هَوِيًّا مِنْ اللَّيْل , ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ : " مَنْ رَجُل يَقُوم فَيَنْظُر لَنَا مَا فَعَلَ الْقَوْم ؟ يَشْرِط لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ يَرْجِع أَدْخَلَهُ اللَّه الْجَنَّةَ " , فَمَا قَامَ أَحَد , ثُمَّ صَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَوِيًّا مِنْ اللَّيْل , ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ مِثْله , فَمَا قَامَ مِنَّا رَجُل , ثُمَّ صَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَوِيًّا مِنْ اللَّيْل , ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ : " مَنْ رَجُل يَقُوم فَيَنْظُر لَنَا مَا فَعَلَ الْقَوْم ثُمَّ يَرْجِع , يَشْتَرِط لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجْعَة , أَسْأَل اللَّهَ أَنْ يَكُونَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّة " فَمَا قَامَ رَجُل مِنْ شِدَّة الْخَوْف , وَشِدَّة الْجُوع , وَشِدَّة الْبَرْد ; فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ أَحَد , دَعَانِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمْ يَكُنْ لِي بُدّ مِنَ الْقِيَام حِين دَعَانِي , فَقَالَ : " يَا حُذَيْفَة اذْهَبْ فَادْخُلْ فِي الْقَوْم فَانْظُرْ مَا يَفْعَلُونَ , وَلَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنَا " . قَالَ : فَذَهَبْت فَدَخَلْت فِي الْقَوْم , وَالرِّيح وَجُنُود اللَّه تَفْعَل بِهِمْ مَا تَفْعَل , لَا تُقِرّ لَهُمْ قِدْرًا وَلَا نَارًا وَلَا بِنَاء ; فَقَامَ أَبُو سُفْيَان فَقَالَ : يَا مَعْشَر قُرَيْش , لِيَنْظُر امْرُؤٌ مَنْ جَلِيسه , فَقَالَ حُذَيْفَة : فَأَخَذْت بِيَدِ الرَّجُل الَّذِي إِلَى جَنْبِي , فَقُلْت : مَنْ أَنْتَ ؟ فَقَالَ : أَنَا فُلَان بْن فُلَان ; ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَان : يَا مَعْشَر قُرَيْش , إِنَّكُمْ وَاللَّه مَا أَصْبَحْتُمْ بِدَارِ مَقَام , وَلَقَدْ هَلَكَ الْكُرَاع وَالْخُفّ , وَاخْتَلَفَتْ بَنُو قُرَيْظَة , وَبَلَغَنَا عَنْهُمُ الَّذِي نَكْرَهُ , وَلَقِينَا مِنْ هَذِهِ الرِّيح مَا تَرَوْنَ , وَاللَّه مَا يَطْمَئِنّ لَنَا قِدْر , وَلَا تَقُوم لَنَا نَار , وَلَا يَسْتَمْسِك لَنَا بِنَاء , فَارْتَحِلُوا فَإِنِّي مُرْتَحِل , ثُمَّ قَامَ إِلَى جَمَله وَهُوَ مَعْقُول , فَجَلَسَ عَلَيْهِ , ثُمَّ ضَرَبَهُ فَوَثَبَ بِهِ عَلَى ثَلَاث , فَمَا أَطْلَقَ عِقَالَهُ إِلَّا وَهُوَ قَائِم . وَلَوْلَا عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ أَنْ " لَا تُحْدِث شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي " , لَوْ شِئْت لَقَتَلْته بِسَهْمٍ ; قَالَ حُذَيْفَة : فَرَجَعْت إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي مِرْط لِبَعْضِ نِسَائِهِ ; فَلَمَّا رَآنِي أَدْخَلَنِي بَيْنَ رِجْلَيْهِ , وَطَرَحَ عَلَيَّ طَرَفَ الْمِرْط , ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ وَإِنِّي لَفِيهِ ; فَلَمَّا سَلَّمَ أَخْبَرْته الْخَبَرَ , وَسَمِعَتْ غَطَفَان بِمَا فَعَلَتْ قُرَيْش , فَانْشَمَرُوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادهمْ . 21617 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُود } قَالَ : الْأَحْزَاب : عُيَيْنَةُ بْن بَدْر , وَأَبُو سُفْيَان , وَقُرَيْظَة . وَقَوْله : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا } قَالَ : رِيح الصَّبَا أُرْسِلَتْ عَلَى الْأَحْزَاب يَوْم الْخَنْدَق , حَتَّى كَفَأَتْ قُدُورَهُمْ عَلَى أَفْوَاههَا , وَنَزَعَتْ فَسَاطِيطَهُمْ حَتَّى أَظْعَنَتْهُمْ , وَقَوْله : { وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا } قَالَ : الْمَلَائِكَة وَلَمْ تُقَاتِل يَوْمَئِذٍ . 21618 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُود فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا } قَالَ : يَعْنِي الْمَلَائِكَة , قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة يَوْم الْأَحْزَاب وَقَدْ حُصِرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا فَخَنْدَقَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَان بِقُرَيْشٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنَ النَّاس , حَتَّى نَزَلُوا بِعَقْوَةِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَقْبَلَ عُيَيْنَةُ بْن حِصْن , أَحَد بَنِي بَدْر وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ النَّاس حَتَّى نَزَلُوا بِعَقْوَةِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَاتَبَتْ الْيَهُود أَبَا سُفْيَان وَظَاهَرُوهُ , فَقَالَ حَيْثُ يَقُول اللَّه تَعَالَى : { إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ } فَبَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ الرُّعْب وَالرِّيح , فَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا أَطْفَأَهَا اللَّه , حَتَّى لَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ سَيِّدَ كُلّ حَيّ يَقُول : يَا بَنِي فُلَان هَلُمَّ إِلَيَّ , حَتَّى إِذَا اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ فَقَالَ : النَّجَاء النَّجَاء , أُتِيتُمْ لِمَا بَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ الرُّعْب . 21619 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ } . . . الْآيَة , قَالَ : كَانَ يَوْم أَبِي سُفْيَان يَوْم الْأَحْزَاب . 21620 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان , فِي قَوْل اللَّه : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُود فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا } وَالْجُنُود قُرَيْش وَغَطَفَان وَبَنُو قُرَيْظَة , وَكَانَتْ الْجُنُود الَّتِي أَرْسَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ مَعَ الرِّيح : الْمَلَائِكَة . وَقَوْله : { وَكَانَ اللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ اللَّه بِأَعْمَالِكُمْ يَوْمَئِذٍ , وَذَلِكَ صَبْرهمْ عَلَى مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْجَهْد وَالشِّدَّة , وَثَبَاتهمْ لِعَدُوِّهِمْ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالهمْ , بَصِيرًا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْء , يُحْصِيه عَلَيْهِمْ , لِيَجْزِيَهُمْ عَلَيْهِ .'; $t[10] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ اللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا , إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُود الْأَحْزَاب مِنْ فَوْقكُمْ , وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ , وَقِيلَ : إِنَّ الَّذِينَ أَتَوْهُمْ مِنْ أَسْفَل مِنْهُمْ , أَبُو سُفْيَان فِي قُرَيْش وَمَنْ مَعَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21621 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقكُمْ } قَالَ عُيَيْنَةُ بْن بَدْر فِي أَهْل نَجْد , وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ , قَالَ : أَبُو سُفْيَان . قَالَ : وَوَاجَهَتْهُمْ قُرَيْظَة . 21622 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَبْدَة , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة : ذَكَرَتْ يَوْمَ الْخَنْدَق وَقَرَأَتْ : { إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَار وَبَلَغَتِ الْقُلُوب الْحَنَاجِرَ } قَالَتْ : هُوَ يَوْم الْخَنْدَق. 21623 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن رُومَان مَوْلَى آل الزُّبَيْر , عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , وَعَمَّنْ لَا أَتَّهِم , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن كَعْب بْن مَالِك , وَعَنْ الزُّهْرِيّ , وَعَنْ عَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن حَزْم , وَعَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , وَعَنْ غَيْرهمْ مِنْ عُلَمَائِنَا : أَنَّهُ كَانَ مِنْ حَدِيث الْخَنْدَق , أَنَّ نَفَرًا مِنَ الْيَهُود , مِنْهُمْ سَلَّام بْن أَبِي الْحَقِيق النَّضْرِيّ , وَحُيَيّ بْن أَخْطَبَ النَّضْرِيّ , وَكِنَانَة بْن الرَّبِيع بْن أَبِي الْحُقَيْق النَّضْرِيّ , وَهَوْذَة بْن قَيْس الْوَائِلِيّ , وَأَبُو عَمَّار الْوَائِلِيّ , فِي نَفَر مِنْ بَنِي النَّضِير , وَنَفَر مِنْ بَنِي وَائِل , وَهُمْ الَّذِينَ حَزَّبُوا الْأَحْزَابَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , خَرَجُوا حَتَّى قَدِمُوا مَكَّة عَلَى قُرَيْش , فَدَعَوْهُمْ إِلَى حَرْب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَالُوا : إِنَّا سَنَكُونُ مَعَكُمْ عَلَيْهِ , حَتَّى نَسْتَأْصِلَهُ , فَقَالَ لَهُمْ قُرَيْش : يَا مَعْشَر يَهُود , إِنَّكُمْ أَهْل الْكِتَاب الْأَوَّل , وَالْعِلْم بِمَا أَصْبَحْنَا نَخْتَلِف فِيهِ نَحْنُ وَمُحَمَّد , أَفَدِينُنَا خَيْر أَمْ دِينه ؟ قَالُوا : بَلْ دِينكُمْ خَيْر مِنْ دِينه , وَأَنْتُمْ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْهُ . قَالَ : فَهُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } 4 51 إِلَى قَوْله : { وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا } 4 55 فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ لِقُرَيْشٍ , سَرَّهُمْ مَا قَالُوا , وَنَشِطُوا لِمَا دَعَوْهُمْ لَهُ مِنْ حَرْب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَاجْتَمَعُوا لِذَلِكَ , وَاتَّعَدُوا لَهُ , ثُمَّ خَرَجَ أُولَئِكَ النَّفَر مِنْ الْيَهُود , حَتَّى جَاءُوا غَطَفَان مِنْ قَيْس عَيْلَان , فَدَعَوْهُمْ إِلَى حَرْب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ سَيَكُونُونَ مَعَهُمْ عَلَيْهِ , وَأَنَّ قُرَيْشًا قَدْ تَابَعُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ , فَاجْتَمَعُوا فِيهِ , فَأَجَابُوهُمْ فَخَرَجَتْ قُرَيْش وَقَائِدهَا أَبُو سُفْيَان بْن حَرْب , وَخَرَجَتْ غَطَفَان وَقَائِدهَا عُيَيْنَةُ بْن حِصْن بْن حُذَيْفَة بْن بَدْر فِي بَنِي فَزَارَة , وَالْحَارِث بْن عَوْف بْن أَبِي حَارِثَة الْمُرِّيّ فِي بَنِي مُرَّة , وَمِسْعَر بْن رُخَيْلَة بْن نُوَيْرَة بْن طَرِيف بْن سَحْمَةَ بْن عَبْد اللَّه بْن هِلَال بْن خلاوة بْن أَشْجَع بْن رَيْث بْن غَطَفَان , فِيمَنْ تَابَعَهُ مِنْ قَوْمه مِنْ أَشْجَع ; فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا اجْتَمَعُوا لَهُ مِنَ الْأَمْر ضَرَبَ الْخَنْدَق عَلَى الْمَدِينَة ; فَلَمَّا فَرَغَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخَنْدَق , أَقْبَلَتْ قُرَيْش حَتَّى نَزَلَتْ بِمُجْتَمَعِ الْأَسْيَالِ مِنْ رُومَة بَيْن الْجُرُف وَالْغَابَة فِي عَشْرَة آلَاف مِنْ أَحَابِيشهمْ , وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنْ بَنِي كِنَانَة وَأَهْل تِهَامَة , وَأَقْبَلَتْ غَطَفَان وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنْ أَهْل نَجْد , حَتَّى نَزَلُوا بِذَنَبِ نَقَمَى إِلَى جَانِب أُحُد , وَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ حَتَّى جَعَلُوا ظُهُورَهُمْ إِلَى سِلَع فِي ثَلَاثَة آلَاف مِنْ الْمُسْلِمِينَ , فَضَرَبَ هُنَالِكَ عَسْكَرَهُ , وَالْخَنْدَق بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْم , وَأَمَرَ بِالذَّرَارِيِّ وَالنِّسَاء , فَرُفِعُوا فِي الْآطَام , وَخَرَجَ عَدُوّ اللَّه حُيَيّ بْن أَخْطَبَ النَّضْرِيّ , حَتَّى أَتَى كَعْبَ بْن أَسَد الْقُرَظِيّ , صَاحِب عَقْد بَنِي قُرَيْظَة وَعَهْدهمْ , وَكَانَ قَدْ وَادَعَ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمه , وَعَاهَدَهُ عَلَى ذَلِكَ وَعَاقَدَهُ , فَلَمَّا سَمِعَ كَعْب بِحُيَيِّ بْن أَخْطَبَ , أَغْلَقَ دُونَهُ حِصْنه , فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ , فَأَبَى أَنْ يَفْتَحَ لَهُ , فَنَادَاهُ حُيَيّ : يَا كَعْب افْتَحْ لِي , قَالَ : وَيْحك يَا حُيَيّ , إِنَّك امْرُؤٌ مَشْئُوم , إِنِّي قَدْ عَاهَدْت مُحَمَّدًا , فَلَسْت بِنَاقِضٍ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ , وَلَمْ أَرَ مِنْهُ إِلَّا وَفَاء وَصِدْقًا ; قَالَ : وَيْحَك افْتَحْ لِي أُكَلِّمك , قَالَ : مَا أَنَا بِفَاعِلٍ . قَالَ : وَاللَّه إِنْ أَغْلَقْت دُونِي إِلَّا تَخَوَّفْت عَلَى جَشِيشَتك أَنْ آكُلَ مَعَك مِنْهَا , فَأَحْفَظَ الرَّجُل , فَفَتَحَ لَهُ , فَقَالَ : يَا كَعْب جِئْتُك بِعِزِّ الدَّهْر , وَبِبَحْرِ طَمّ , جِئْتُك بِقُرَيْشٍ عَلَى قَادَاتِهَا وَسَادَاتهَا , حَتَّى أَنْزَلْتهمْ بِمُجْتَمَعِ الْأَسْيَالِ مِنْ رُومَةَ , وَبِغَطَفَانَ عَلَى قَادَاتِهَا وَسَادَاتهَا حَتَّى أَنْزَلْتهمْ بِذَنَبِ نَقَمَى إِلَى جَانِب أُحُد , قَدْ عَاهَدُونِي وَعَاقَدُونِي أَنْ لَا يَبْرَحُوا حَتَّى يَسْتَأْصِلُوا مُحَمَّدًا وَمَنْ مَعَهُ , فَقَالَ لَهُ كَعْب بْن أَسَد : جِئْتنِي وَاللَّه بِذُلِّ الدَّهْر , وَبِجَهَامٍ قَدْ هَرَاقَ مَاءَهُ , يَرْعَد وَيَبْرُق , لَيْسَ فِيهِ شَيْء , فَدَعْنِي وَمُحَمَّدًا وَمَا أَنَا عَلَيْهِ , فَلَمْ أَرَ مِنْ مُحَمَّد إِلَّا صِدْقًا وَوَفَاء ; فَلَمْ يَزَلْ حُيَيّ بِكَعْبٍ يَفْتِلهُ فِي الذُّرْوَة وَالْغَارِب حَتَّى سَمَحَ لَهُ عَلَى أَنْ أَعْطَاهُمْ عَهْدًا مِنَ اللَّه وَمِيثَاقًا لَئِنْ رَجَعَتْ قُرَيْش وَغَطَفَان وَلَمْ يُصِيبُوا مُحَمَّدًا أَنْ أَدْخُل مَعَك فِي حِصْنك حَتَّى يُصِيبنِي مَا أَصَابَك , فَنَقَضَ كَعْب بْن أَسَد عَهْدَهُ , وَبَرِئَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ , فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَر , وَإِلَى الْمُسْلِمِينَ , بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْد بْن مُعَاذ بْن النُّعْمَان بْن امْرِئِ الْقَيْس , أَحَد بَنِي الْأَشْهَل , وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّد الْأَوْس , وَسَعْد بْن عُبَادَة بْن دَيْلَم أَخِي بَنِي سَاعِدَة بْن كَعْب بْن الْخَزْرَج , وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّد الْخَزْرَج , وَمَعَهُمَا عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة أَخُو بَلْحَرْثِ بْن الْخَزْرَج , وَخَوَّات بْن جُبَيْر أَخُو بَنِي عَمْرو بْن عَوْف , فَقَالَ : انْطَلِقُوا حَتَّى تَنْظُرُوا أَحَقّ مَا بَلَغَنَا عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْم أَمْ لَا ؟ , فَإِنْ كَانَ حَقًّا فَالْحَنُوا لِي لَحْنًا أَعْرِفهُ , وَلَا تَفُتُّوا فِي أَعْضَاد النَّاس , وَإِنْ كَانُوا عَلَى الْوَفَاء فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ , فَاجْهَرُوا بِهِ لِلنَّاسِ , فَخَرَجُوا حَتَّى أَتَوْهُمْ , فَوَجَدُوهُمْ عَلَى أَخْبَث مَا بَلَغَهُمْ عَنْهُمْ , وَنَالُوا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا : لَا عَهْدَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّد وَلَا عَقْد , فَشَاتَمَهُمْ سَعْد بْن عُبَادَة وَشَاتَمُوهُ , وَكَانَ رَجُلًا فِيهِ حِدَّة , فَقَالَ لَهُ سَعْد بْن مُعَاذ : دَعْ عَنْك مُشَاتَمَتهمْ , فَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ أَرْبَى مِنَ الْمُشَاتَمَة , ثُمَّ أَقْبَلَ سَعْد وَسَعْد وَمَنْ مَعَهُمَا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالُوا : عَضَل وَالْقَارَّة : أَيْ كَغَدَرَ عَضَلَ وَالْقَارَّة بِأَصْحَابِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَاب الرَّجِيع خُبَيْب بْن عَدِيّ وَأَصْحَابه , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّه أَكْبَر , أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ " , وَعَظُمَ عِنْد ذَلِكَ الْبَلَاء , وَاشْتَدَّ الْخَوْف , وَأَتَاهُمْ عَدُوّهُمْ مِنْ فَوْقهمْ , وَمِنْ أَسْفَل مِنْهُمْ , حَتَّى ظَنَّ الْمُسْلِمُونَ كُلَّ ظَنّ , وَنَجَمَ النِّفَاق مِنْ بَعْض الْمُنَافِقِينَ , حَتَّى قَالَ مُعَتِّب بْن قُشَيْر أَخُو بَنِي عَمْرو بْن عَوْف : كَانَ مُحَمَّد يَعِدنَا أَنْ نَأْكُلَ كُنُوز كِسْرَى وَقَيْصَر , وَأَحَدنَا لَا يَقْدِر أَنْ يَذْهَبَ إِلَى الْغَائِط , وَحَتَّى قَالَ أَوْس بْن قَيْظِيّ أَحَد بَنِي حَارِثَة بْن الْحَارِث : يَا رَسُول اللَّه إِنَّ بُيُوتَنَا لَعَوْرَة مِنَ الْعَدُوّ , وَذَلِكَ عَنْ مَلَإٍ مِنْ رِجَال قَوْمه , فَأْذَنْ لَنَا فَلْنَرْجِعْ إِلَى دَارنَا , وَإِنَّهَا خَارِجَة مِنَ الْمَدِينَة , فَأَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَة قَرِيبًا مِنْ شَهْر , وَلَمْ يَكُنْ بَيْن الْقَوْم حَرْب إِلَّا الرَّمْي بِالنَّبْلِ وَالْحِصَار " . 21624 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَانَ , قَوْله { إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ } فَالَّذِينَ جَاءُوهُمْ مِنْ فَوْقهمْ : قُرَيْظَة , وَالَّذِينَ جَاءُوهُمْ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ : قُرَيْش وَغَطَفَان . وَقَوْله : { وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَار } يَقُول : وَحِين عَدَلَتْ الْأَبْصَار عَنْ مَقَرّهَا , وَشَخَصَتْ طَامِحَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21625 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَار } : شَخَصَتْ . وَقَوْله : { وَبَلَغَتِ الْقُلُوب الْحَنَاجِرَ } يَقُول : نَبَتْ الْقُلُوب عَنْ أَمَاكِنهَا مِنْ الرُّعْب وَالْخَوْف , فَبَلَغَتْ إِلَى الْحَنَاجِر. كَمَا : 21626 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن عَمْرو , عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ أَيُّوب , عَنْ عِكْرِمَة : { وَبَلَغَتِ الْقُلُوب الْحَنَاجِرَ } قَالَ : مِنَ الْفَزَع . وَقَوْله : { وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا } يَقُول : وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُون الْكَاذِبَة , وَذَلِكَ كَظَنِّ مَنْ ظَنَّ مِنْهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْلِب , وَأَنَّ مَا وَعَدَهُ اللَّه مِنَ النَّصْر أَنْ لَا يَكُون , وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ ظُنُونهمْ الْكَاذِبَة الَّتِي ظَنَّهَا مَنْ ظَنَّ مِمَّنْ كَانَ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَسْكَره . 21627 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا هَوْذَة بْن خَلِيفَة , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنِ الْحَسَن { وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا } قَالَ : ظُنُونًا مُخْتَلِفَة : ظَنَّ الْمُنَافِقُونَ أَنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه يُسْتَأْصَلُونَ , وَأَيْقَنَ الْمُؤْمِنُونَ أَنَّ مَا وَعَدَهُمْ اللَّه حَقّ , أَنَّهُ سَيُظْهِرُهُ عَلَى الدِّين كُلّه وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة , وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : { الظُّنُونَا } بِإِثْبَاتِ الْأَلِف , وَكَذَلِكَ { وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا } { فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا } فِي الْوَصْل وَالْوَقْف ; وَكَانَ اعْتِلَال الْمُعْتَلّ فِي ذَلِكَ لَهُمْ , أَنَّ ذَلِكَ فِي كُلّ مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ بِإِثْبَاتِ الْأَلِف فِي هَذِهِ الْأَحْرُف كُلّهَا , وَكَانَ بَعْض قُرَّاء الْكُوفَة يُثْبِت الْأَلِف فِيهِنَّ فِي الْوَقْف , وَيَحْذِفهَا فِي الْوَصْل اعْتِلَالًا بِأَنَّ الْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ فِي قَوَافِي الشِّعْر وَمَصَارِيعهَا , فَتُلْحِق الْأَلِفَ فِي مَوْضِع الْفَتْح لِلْوُقُوفِ , وَلَا تَفْعَل ذَلِكَ فِي حَشْو الْأَبْيَات , فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحْرُف , حَسُنَ فِيهَا إِثْبَات الْأَلِفَات ; لِأَنَّهُنَّ رُءُوس الْآي تَمْثِيلًا لَهَا بِالْقَوَافِي , وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء الْبَصْرَة وَالْكُوفَة بِحَذْفِ الْأَلِف مِنْ جَمِيعه فِي الْوَقْف وَالْوَصْل , اعْتِلَالًا بِأَنَّ ذَلِكَ غَيْر مَوْجُود فِي كَلَام الْعَرَب إِلَّا فِي قَوَافِي الشِّعْر دُونَ غَيْرهَا مِنْ كَلَامهمْ , وَأَنَّهَا إِنَّمَا تَفْعَل ذَلِكَ فِي الْقَوَافِي طَلَبًا لِإِتْمَامِ وَزْن الشِّعْر , إِذْ لَوْ لَمْ تَفْعَل ذَلِكَ فِيهَا لَمْ يَصِحّ الشِّعْر , وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الْقُرْآن ; لِأَنَّهُ لَا شَيْء يَضْطَرّهُمْ إِلَى ذَلِكَ فِي الْقُرْآن , وَقَالُوا : هُنَّ مَعَ ذَلِكَ فِي مُصْحَف عَبْد اللَّه بِغَيْرِ أَلِف . وَأَوْلَى الْقِرَاءَات فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ , قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بِحَذْفِ الْأَلِف فِي الْوَصْل وَالْوَقْف ; لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْكَلَام الْمَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب , مَعَ شُهْرَة الْقِرَاءَة بِذَلِكَ فِي قُرَّاء الْمِصْرَيْنِ : الْكُوفَة , وَالْبَصْرَة ; ثُمَّ الْقِرَاءَة بِإِثْبَاتِ الْأَلِف فِيهِنَّ فِي حَالَة الْوَقْف وَالْوَصْل ; لِأَنَّ عِلَّةَ مَنْ أَثْبَت ذَلِكَ فِي حَال الْوَقْف أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي خُطُوط مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ , وَإِذَا كَانَتْ الْعِلَّة فِي إِثْبَات الْأَلِف فِي بَعْض الْأَحْوَال كَوْنه مُثْبَتًا فِي مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ , فَالْوَاجِب أَنْ تَكُون الْقِرَاءَة فِي كُلّ الْأَحْوَال ثَابِتَةً ; لِأَنَّهُ مُثْبَت فِي مَصَاحِفهمْ , وَغَيْر جَائِز أَنْ تَكُونَ الْعِلَّة الَّتِي تُوجِب قِرَاءَة ذَلِكَ عَلَى وَجْه مِنَ الْوُجُوه فِي بَعْض الْأَحْوَال مَوْجُودَةً فِي حَال أُخْرَى , وَالْقِرَاءَة مُخْتَلِفَة , وَلَيْسَ ذَلِكَ لِقَوَافِي الشِّعْر بِنَظِيرٍ ; لِأَنَّ قَوَافِيَ الشِّعْر إِنَّمَا تُلْحَق فِيهَا الْأَلِفَات فِي مَوَاضِع الْفَتْح , وَالْيَاء فِي مَوَاضِع الْكَسْر , وَالْوَاو فِي مَوَاضِع الضَّمّ طَلَبًا لِتَتِمَّةِ الْوَزْن , وَأَنَّ ذَلِكَ لَوْ لَمْ يُفْعَل كَذَلِكَ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ شِعْرًا لِاسْتِحَالَتِهِ عَنْ وَزْنه , وَلَا شَيْء يَضْطَرّ تَالِيَ الْقُرْآن إِلَى فِعْل ذَلِكَ فِي الْقُرْآن .'; $t[11] = 'وَقَوْله : { هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ } يَقُول : عِنْدَ ذَلِكَ اخْتُبِرَ إِيمَان الْمُؤْمِنِينَ , وَمُحِّصَ الْقَوْم وَعُرِفَ الْمُؤْمِن مِنْ الْمُنَافِق . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21628 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ } قَالَ : مُحِّصُوا . وَقَوْله : { وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا } يَقُول : وَحُرِّكُوا بِالْفِتْنَةِ تَحْرِيكًا شَدِيدًا , وَابْتُلُوا وَفُتِنُوا.'; $t[12] = 'وَقَوْله : { وَإِذْ يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } : شَكّ فِي الْإِيمَان , وَضَعْف فِي اعْتِقَادهمْ إِيَّاهُ : مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله إِلَّا غُرُورًا , وَذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ قَوْل مُعَتِّب بْن قُشَيْر. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21629 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { وَإِذْ يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله إِلَّا غُرُورًا } يَقُول : مُعَتِّب بْن قُشَيْر , إِذْ قَالَ مَا قَالَ يَوْم الْخَنْدَق . 21630 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { وَإِذْ يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } قَالَ : تَكَلُّمهمْ بِالنِّفَاقِ يَوْمئِذٍ , وَتَكَلَّمَ الْمُؤْمِنُونَ بِالْحَقِّ وَالْإِيمَان , قَالُوا : هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله . 21631 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَإِذْ يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض : مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله إِلَّا غُرُورًا } قَالَ : قَالَ ذَلِكَ أُنَاس مِنَ الْمُنَافِقِينَ : قَدْ كَانَ مُحَمَّد يَعِدنَا فَتْحَ فَارِس وَالرُّوم , وَقَدْ حُصِرْنَا هَا هُنَا , حَتَّى مَا يَسْتَطِيع أَحَدنَا أَنْ يَبْرُز لِحَاجَتِهِ ; مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله إِلَّا غُرُورًا . 21632 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , قَالَ : قَالَ رَجُل يَوْم الْأَحْزَاب لِرَجُلٍ مِنْ صَحَابَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا فُلَان أَرَأَيْت إِذْ يَقُول رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا هَلَكَ قَيْصَر فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ , وَإِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيل اللَّه " . فَأَيْنَ هَذَا مِنْ هَذَا , وَأَحَدنَا لَا يَسْتَطِيع أَنْ يَخْرُجَ يَبُول مِنَ الْخَوْف ؟ { مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله إِلَّا غُرُورًا } , فَقَالَ لَهُ : كَذَبْت , لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَك , قَالَ : فَأَتَى رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَخْبَرَهُ , فَدَعَاهُ فَقَالَ : " مَا قُلْت ؟ " فَقَالَ : كَذَبَ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهَ , مَا قُلْت شَيْئًا , مَا خَرَجَ هَذَا مِنْ فَمِي قَطُّ ! قَالَ اللَّه : { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْر } 9 74 حَتَّى بَلَغَ { وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْض مِنْ وَلِيّ وَلَا نَصِير } 9 74 قَالَ : " فَهَذَا قَوْل اللَّه : { إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَة مِنْكُمْ نُعَذِّب طَائِفَة } 9 66 21633 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن خَالِد بْن عَثْمَة , قَالَ : ثنا كَثِير بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن عَوْف الْمُزَنِيّ , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : خَطَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَنْدَقَ عَامَ ذُكِرَتْ الْأَحْزَاب , مِنْ أَحْمَر الشَّيْخَيْنِ , طَرَف بَنِي حَارِثَة , حَتَّى بَلَغَ الْمَذَاد , ثُمَّ جَعَلَ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا بَيْنَ كُلّ عَشْرَة , فَاخْتَلَفَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار فِي سَلْمَان الْفَارِسِيّ , وَكَانَ رَجُلًا قَوِيًّا , فَقَالَ الْأَنْصَار : سَلْمَان مِنَّا , وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ : سَلْمَان مِنَّا , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " سَلْمَان مِنَّا أَهْل الْبَيْت " . قَالَ عَمْرو بْن عَوْف : فَكُنْت أَنَا وَسَلْمَان وَحُذَيْفَة بْن الْيَمَان وَالنُّعْمَان بْن مُقَرِّن الْمُزَنِيّ , وَسِتَّة مِنَ الْأَنْصَار , فِي أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا , فَحَفَرْنَا تَحْت دُوبَار حَتَّى بَلَغْنَا الصَّرَى , أَخْرَجَ اللَّه مِنْ بَطْن الْخَنْدَق صَخْرَة بَيْضَاءَ مَرْوَة , فَكَسَرَتْ حَدِيدَنَا , وَشَقَّتْ عَلَيْنَا , فَقُلْنَا : يَا سَلْمَان , ارْقَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَخْبِرْهُ خَبَرَ هَذِهِ الصَّخْرَة , فَإِمَّا أَنْ نَعْدِلَ عَنْهَا , فَإِنَّ الْمَعْدِل قَرِيب , وَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَنَا فِيهَا بِأَمْرِهِ , فَإِنَّا لَا نُحِبّ أَنْ نُجَاوِزَ خَطَّهُ . فَرَقِيَ سَلْمَان حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ضَارِب عَلَيْهِ قُبَّة تُرْكِيَّة , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّهَ بِأَبِينَا أَنْتَ وَأُمّنَا , خَرَجَتْ صَخْرَة بَيْضَاء مِنْ بَطْن الْخَنْدَق , مَرْوَة , فَكَسَرَتْ حَدِيدَنَا , وَشَقَّتْ عَلَيْنَا , حَتَّى مَا يَجِيء مِنْهَا قَلِيل وَلَا كَثِير , فَمُرْنَا فِيهَا بِأَمْرِك , فَإِنَّا لَا نُحِبّ أَنْ نُجَاوِزَ خَطَّك , فَهَبَطَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ سَلْمَان فِي الْخَنْدَق , وَرَقِينَا نَحْنُ التِّسْعَة عَلَى شَفَة الْخَنْدَق , فَأَخَذَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِعْوَل مِنْ سَلْمَان , فَضَرَبَ الصَّخْرَة ضَرْبَة صَدَعَهَا , وَبَرَقَتْ مِنْهَا بَرْقَةً أَضَاءَتْ مَا بَيْن لَابَتَيْهَا , يَعْنِي : لَابَتَيْ الْمَدِينَة , حَتَّى لَكَأَنَّ مِصْبَاحًا فِي جَوْف بَيْت مُظْلِم , فَكَبَّرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكْبِير فَتْح , وَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ , ثُمَّ ضَرَبَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّانِيَةَ , فَصَدَعَهَا وَبَرَقَتْ مِنْهَا بَرْقَةً أَضَاءَتْ مَا بَيْن لَابَتَيْهَا , حَتَّى لَكَأَنَّ مِصْبَاحًا فِي جَوْف بَيْت مُظْلِم , فَكَبَّرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكْبِير فَتْح , وَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ , ثُمَّ ضَرَبَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّالِثَة , فَكَسَرَهَا , وَبَرَقَتْ مِنْهَا بَرْقَةٌ أَضَاءَتْ مَا بَيْن لَابَتَيْهَا , حَتَّى لَكَأَنَّ مِصْبَاحًا فِي جَوْف بَيْت مُظْلِم , فَكَبَّرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكْبِير فَتْح , ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ سَلْمَان فَرَقِيَ , فَقَالَ سَلْمَان : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّه , لَقَدْ رَأَيْت شَيْئًا مَا رَأَيْته قَطُّ , فَالْتَفَتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْقَوْم , فَقَالَ : " هَلْ رَأَيْتُمْ مَا يَقُول سَلْمَان ؟ " قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُول اللَّه , بِأَبِينَا أَنْتَ وَأُمّنَا ! وَقَدْ رَأَيْنَاك تَضْرِب , فَيَخْرُج بَرْق كَالْمَوْجِ , فَرَأَيْنَاك تُكَبِّر فَنُكَبِّر , وَلَا نَرَى شَيْئًا غَيْر ذَلِكَ , قَالَ : " صَدَقْتُمْ ضَرَبْت ضَرْبَتِي الْأُولَى , فَبَرَقَ الَّذِي رَأَيْتُمْ , أَضَاءَ لِي مِنْهُ قُصُور الْحِيرَة وَمَدَائِن كِسْرَى , كَأَنَّهَا أَنْيَاب الْكِلَاب , فَأَخْبَرَنِي جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا , ثُمَّ ضَرَبْت ضَرْبَتِي الثَّانِيَة , فَبَرَقَ الَّذِي رَأَيْتُمْ , أَضَاءَ لِي مِنْهُ قُصُور الْحُمْر مِنْ أَرْض الرُّوم , كَأَنَّهَا أَنْيَاب الْكِلَاب , وَأَخْبَرَنِي جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا , ثُمَّ ضَرَبْت ضَرْبَتِي الثَّالِثَة , وَبَرَقَ مِنْهَا الَّذِي رَأَيْتُمْ , أَضَاءَتْ لِي مِنْهَا قُصُور صَنْعَاء , كَأَنَّهَا أَنْيَاب الْكِلَاب , وَأَخْبَرَنِي جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا , فَأَبْشِرُوا , يُبَلِّغهُمْ النَّصْر , وَأَبْشِرُوا , يُبَلِّغهُمْ النَّصْر , وَأَبْشِرُوا يُبَلِّغهُمْ النَّصْر " , فَاسْتَبْشَرَ الْمُسْلِمُونَ , وَقَالُوا : الْحَمْد لِلَّهِ مَوْعُود صِدْق , بِأَنْ وَعَدَنَا النَّصْرَ بَعْد الْحَصْر , فَطَبَّقَتْ الْأَحْزَاب , فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ { هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله } . . . الْآيَة , وَقَالَ الْمُنَافِقُونَ : أَلَا تَعْجَبُونَ . ؟ يُحَدِّثكُمْ وَيُمَنِّيكُمْ وَيَعِدكُمْ الْبَاطِلَ , يُخْبِركُمْ أَنَّهُ يُبْصِر مِنْ يَثْرِبَ قُصُور الْحِيرَة وَمَدَائِن كِسْرَى , وَأَنَّهَا تُفْتَح لَكُمْ , وَأَنْتُمْ تَحْفِرُونَ الْخَنْدَق مِنَ الْفَرَق , وَلَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَبْرُزُوا ؟ وَأَنْزَلَ الْقُرْآن : { وَإِذْ يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله إِلَّا غُرُورًا }'; $t[13] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَام لَكُمْ فَارْجِعُوا } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَام لَكُمْ } وَإِذْ قَالَ بَعْضهمْ : يَا أَهْل يَثْرِبَ , وَيَثْرِب : اسْم أَرْض , فَيُقَال : إِنَّ مَدِينَةَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاحِيَة مِنْ يَثْرِب , وَقَوْله : " لَا مَقَام لَكُمْ فَارْجِعُوا " بِفَتْحِ الْمِيم مِنْ مَقَام . يَقُول : لَا مَكَانَ لَكُمْ , تَقُومُونَ فِيهِ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فَأَيِّي مَا وَأَيّك كَانَ شَرًّا فَقِيدَ إِلَى الْمَقَامَة لَا يَرَاهَا قَوْله { فَارْجِعُوا } يَقُول : فَارْجِعُوا إِلَى مَنَازِلكُمْ أَمَرَهُمْ بِالْهَرَبِ مِنْ عَسْكَر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفِرَار مِنْهُ , وَتَرْك رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ مِنْ قِيل أَوْس بْن قَيْظِيّ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى رَأْيه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21634 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِب } . . . إِلَى { فِرَارًا } يَقُول : أَوْس بْن قَيْظِيّ , وَمَنْ كَانَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ رَأْيه مِنْ قَوْمه , وَالْقِرَاءَة عَلَى فَتْح الْمِيم مِنْ قَوْله : " لَا مَقَام لَكُمْ " بِمَعْنَى : لَا مَوْضِعَ قِيَام لَكُمْ , وَهِيَ الْقِرَاءَة الَّتِي لَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِخِلَافِهَا ; لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهَا , وَذُكِرَ عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ : { لَا مُقَام لَكُمْ } بِضَمِّ الْمِيم , يَعْنِي : لَا إِقَامَة لَكُمْ . وَقَوْله : { وَيَسْتَأْذِن فَرِيق مِنْهُمْ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَسْتَأْذِن بَعْضهمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِذْن بِالِانْصِرَافِ عَنْهُ إِلَى مَنْزِله , وَلَكِنَّهُ يُرِيد الْفِرَار وَالْهَرَب مِنْ عَسْكَر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21635 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَيَسْتَأْذِن فَرِيق مِنْهُمْ النَّبِيَّ } . . . إِلَى قَوْله { إِلَّا فِرَارًا } قَالَ : هُمْ بَنُو حَارِثَة , قَالُوا : بُيُوتنَا مُخْلِيَة نَخْشَى عَلَيْهَا السُّرَّاق . 21636 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة } قَالَ : نَخْشَى عَلَيْهَا السَّرَق . 21637 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَيَسْتَأْذِن فَرِيق مِنْهُمْ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ } وَإِنَّهَا مِمَّا يَلِي الْعَدُوَّ , وَإِنَّا نَخَاف عَلَيْهَا السُّرَّاق , فَبَعَثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَا يَجِد بِهَا عَدُوًّا , قَالَ اللَّه : { إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا } يَقُول : إِنَّمَا كَانَ قَوْلهمْ ذَلِكَ { إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة } إِنَّمَا كَانَ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الْفِرَار . 21638 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن حُمْرَان , قَالَ : ثنا عَبْد السَّلَام بْن شَدَّاد أَبُو طَالُوت عَنْ أَبِيهِ فِي هَذِهِ الْآيَة { إِنَّ بُيُوتنَا عَوْرَة وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ } قَالَ : ضَائِعَة .'; $t[14] = 'وَقَوْله : { وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارهَا } يَقُول : وَلَوْ دُخِلَتْ الْمَدِينَة عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ { إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة } مِنْ أَقْطَارهَا , يَعْنِي : مِنْ جَوَانِبهَا وَنَوَاحِيهَا , وَاحِدهَا : قُطْر , وَفِيهَا لُغَة أُخْرَى : قُتْر , وَأَقْتَار ; وَمِنْهُ قَوْل الرَّاجِز : إِنْ شِئْت أَنْ تُدْهِن أَوْ تَمُرَّا فَوَلِّهِنَّ قُتْرك الْأَشَرَّا وَقَوْله : { ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ } يَقُول : ثُمَّ سُئِلُوا الرُّجُوعَ مِنَ الْإِيمَان إِلَى الشِّرْك { لَأَتَوْهَا } يَقُول : لَفَعَلُوا وَرَجَعُوا عَنِ الْإِسْلَام وَأَشْرَكُوا , وَقَوْله : { وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا } يَقُول : وَمَا احْتَبَسُوا عَنْ إِجَابَتهمْ إِلَى الشِّرْك إِلَّا يَسِيرًا قَلِيلًا , وَلَأَسْرَعُوا إِلَى ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21639 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارهَا } أَيْ لَوْ دُخِلَ عَلَيْهِمْ مِنْ نَوَاحِي الْمَدِينَة { ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ } : أَيْ الشِّرْك { لَآتَوْهَا } يَقُول : لَأَعْطَوْهَا , { وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا } يَقُول : إِلَّا أَعْطَوْهُ طَيِّبَةً بِهِ أَنْفُسهمْ مَا يَحْتَبِسُونَهُ . 21640 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارهَا } يَقُول : لَوْ دُخِلَتْ الْمَدِينَةُ عَلَيْهِمْ مِنْ نَوَاحِيهَا { ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَأَتَوْهَا } سُئِلُوا أَنْ يَكْفُرُوا لَكَفَرُوا ; قَالَ : وَهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ لَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ الْجُيُوش , وَالَّذِينَ يُرِيدُونَ قِتَالهمْ ثُمَّ سُئِلُوا أَنْ يَكْفُرُوا لَكَفَرُوا ; قَالَ : وَالْفِتْنَة : الْكُفْر , وَهِيَ الَّتِي يَقُول اللَّه { الْفِتْنَة أَشَدّ مِنَ الْقَتْل } 2 191 أَيْ الْكُفْر يَقُول : يَحْمِلهُمُ الْخَوْف مِنْهُمْ , وَخُبْث الْفِتْنَة الَّتِي هُمْ عَلَيْهَا مِنْ النِّفَاق عَلَى أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { لَأَتَوْهَا } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَبَعْض قُرَّاء مَكَّة : " لَأَتَوْهَا " بِقَصْرِ الْأَلِف , بِمَعْنَى جَاءُوهَا , وَقَرَأَهُ بَعْض الْمَكِّيِّينَ وَعَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة : { لَآتَوْهَا } بِمَدِّ الْأَلِف , بِمَعْنَى : لَأَعْطَوْهَا , لِقَوْلِهِ : ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ ; وَقَالُوا : إِذَا كَانَ سُؤَال كَانَ إِعْطَاء , وَالْمَدّ أَحَبّ الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيَّ لِمَا ذَكَرْت , وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى جَائِزَة .'; $t[15] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْل لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْد اللَّه مَسْئُولًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ كَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِانْصِرَاف عَنْهُ , وَيَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة , عَاهَدُوا اللَّه مِنْ قَبْل ذَلِكَ , أَنْ لَا يُوَلُّوا عَدُوَّهُمُ الْأَدْبَارَ , لِقَوْلِهِمْ فِي مَشْهَد لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ , فَمَا أَوْفَوْا بِعَهْدِهِمْ { وَكَانَ عَهْد اللَّه مَسْئُولًا } يَقُول : فَيَسْأَل اللَّه ذَلِكَ مَنْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ مِنْ نَفْسه , وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ فِي بَنِي حَارِثَة لِمَا كَانَ مِنْ فِعْلهمْ فِي الْخَنْدَق بَعْد الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ بِأُحُدٍ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21641 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْل لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْد اللَّه مَسْئُولًا } وَهُمْ بَنُو حَارِثَة , وَهُمُ الَّذِينَ هَمُّوا أَنْ يَفْشَلُوا يَوْمَ أُحُد مَعَ بَنِي سَلَمَة حِين هَمَّا بِالْفَشَلِ يَوْمَ أُحُد , ثُمَّ عَاهَدُوا اللَّهَ لَا يَعُودُونَ لِمِثْلِهَا , فَذَكَرَ اللَّه لَهُمُ الَّذِي أَعْطَوْهُ مِنْ أَنْفُسهمْ. 21642 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْل لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْد اللَّه مَسْئُولًا } قَالَ : كَانَ نَاس غَابُوا عَنْ وَقْعَة بَدْر , وَرَأَوْا مَا أَعْطَى اللَّه أَصْحَابَ بَدْر مِنَ الْكَرَامَة وَالْفَضِيلَة , فَقَالُوا : لَئِنْ أَشْهَدَنَا اللَّه قِتَالًا لَنُقَاتِلَنَّ , فَسَاقَ اللَّه ذَلِكَ إِلَيْهِمْ حَتَّى كَانَ فِي نَاحِيَة الْمَدِينَة .'; $t[16] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَار إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْت أَوِ الْقَتْل وَإذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُوك فِي الِانْصِرَاف عَنْك وَيَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة : { لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَار إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْت أَوِ الْقَتْل } يَقُول : لِأَنَّ ذَلِكَ , أَوْ مَا كَتَبَ اللَّه مِنْهُمَا وَاصِل إِلَيْكُمْ بِكُلِّ حَال , كَرِهْتُمْ أَوْ أَحْبَبْتُمْ . { وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا } يَقُول : وَإِذَا فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْت أَوْ الْقَتْل لَمْ يَزِدْ فِرَاركُمْ ذَلِكَ فِي أَعْمَاركُمْ وَآجَالكُمْ , بَلْ إِنَّمَا تُمَتَّعُونَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا إِلَى الْوَقْت الَّذِي كُتِبَ لَكُمْ , ثُمَّ يَأْتِيكُمْ مَا كُتِبَ لَكُمْ وَعَلَيْكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21643 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَار إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْت أَوِ الْقَتْل وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا } وَإِنَّمَا الدُّنْيَا كُلّهَا قَلِيل . 21644 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين , عَنْ رَبِيع بْن خَيْثَم { وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا } قَالَ : إِلَى آجَالهمْ . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين , عَنْ رَبِيع بْن خَيْثَمَ { وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا } قَالَ : مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَجَل . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى وَعَبْد الرَّحْمَن قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي رَزِين , عَنِ الرَّبِيع بْن خَيْثَمَ مِثْله , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ آجَالهمْ. 21645 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين , أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة { فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا } 9 82 قَالَ : لِيَضْحَكُوا فِي الدُّنْيَا قَلِيلًا , وَلْيَبْكُوا فِي النَّار كَثِيرًا , وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا } قَالَ : إِلَى آجَالهمْ. أَحَد هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ رَفَعَهُ إِلَى رَبِيع بْن خَيْثَمَ . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي رَزِين , عَنِ الرَّبِيع بْن خَيْثَمَ { وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا } قَالَ : الْأَجَل , وَرُفِعَ قَوْله { تُمَتَّعُونَ } وَلَمْ يُنْصَب بِإِذَنْ لِلْوَاوِ الَّتِي مَعَهَا , وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ قَبْلَهَا وَاو , كَانَ مَعْنَى " إِذًا " التَّأْخِير بَعْد الْفِعْل , كَأَنَّهُ قِيلَ : وَلَوْ فَرُّوا لَا يُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا إذًا , وَقَدْ يُنْصَب بِهَا أَحْيَانًا , وَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَاو ; لِأَنَّ الْفِعْلَ مَتْرُوك , فَكَأَنَّهَا لِأَوَّلِ الْكَلَام .'; $t[17] = 'قَوْله { قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمكُمْ مِنَ اللَّه إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَك وَيَقُولُونَ : إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة هَرَبًا مِنَ الْقَتْل : مَنْ ذَا الَّذِي يَمْنَعكُمْ مِنَ اللَّه إِنْ هُوَ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا فِي أَنْفُسكُمْ مِنْ قَتْل أَوْ بَلَاء أَوْ غَيْر ذَلِكَ , أَوْ عَافِيَة وَسَلَامَة ؟ وَهَلْ مَا يَكُون بِكُمْ فِي أَنْفُسكُمْ مِنْ سُوء أَوْ رَحْمَة إِلَّا مِنْ قِبَله ؟ كَمَا : 21646 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمكُمْ مِنَ اللَّه إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً } أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْر إِلَّا مَا قَضَيْت . وَقَوْله : { وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُون اللَّه وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا يَجِد هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ إِنْ أَرَادَ اللَّه بِهِمْ سُوءًا فِي أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ مِنْ دُون اللَّه وَلِيًّا يَلِيهِمْ بِالْكِفَايَةِ وَلَا نَصِيرًا يَنْصُرهُمْ مِنْ اللَّه فَيَدْفَع عَنْهُمْ مَا أَرَادَ اللَّه بِهِمْ مِنْ سُوء ذَلِكَ .'; $t[18] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَدْ يَعْلَم اللَّه الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَدْ يَعْلَم اللَّه الَّذِينَ يُعَوِّقُونَ النَّاسَ مِنْكُمْ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَصُدُّونَهُمْ عَنْهُ , وَعَنْ شُهُود الْحَرْب مَعَهُ , نِفَاقًا مِنْهُمْ , وَتَخْذِيلًا عَنْ الْإِسْلَام وَأَهْله { وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا } : أَيْ تَعَالَوْا إِلَيْنَا , وَدَعُوا مُحَمَّدًا , فَلَا تَشْهَدُوا مَعَهُ مَشْهَدَهُ , فَإِنَّا نَخَاف عَلَيْكُمْ الْهَلَاك بِهَلَاكِهِ. { وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا } يَقُول : وَلَا يَشْهَدُونَ الْحَرْبَ وَالْقِتَالَ إِنْ شَهِدُوا إِلَّا تَعْذِيرًا , وَدَفْعًا عَنْ أَنْفُسهمْ الْمُؤْمِنِينَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21647 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { قَدْ يَعْلَم اللَّه الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ } قَالَ : هَؤُلَاءِ نَاس مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمْ : مَا مُحَمَّد وَأَصْحَابه إِلَّا أَكْلَة رَأْس , وَلَوْ كَانُوا لَحْمًا لَالْتَهَمَهُمْ أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه , دَعُوا هَذَا الرَّجُلَ فَإِنَّهُ هَالِك . وَقَوْله : { وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا } : أَيْ لَا يَشْهَدُونَ الْقِتَالَ , يَغِيبُونَ عَنْهُ . 21648 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن رُومَان { قَدْ يَعْلَم اللَّه الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ } : أَيْ أَهْل النِّفَاق { وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا } : أَيْ إِلَّا دَفْعًا وَتَعْذِيرًا . 21649 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { قَدْ يَعْلَم اللَّه الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ } .. . إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : هَذَا يَوْم الْأَحْزَاب , انْصَرَفَ رَجُل مِنْ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَوَجَدَ أَخَاهُ بَيْن يَدَيْهِ شِوَاء وَرَغِيف وَنَبِيذ , فَقَالَ لَهُ : أَنْتَ هَهُنَا فِي الشِّوَاء وَالرَّغِيف وَالنَّبِيذ , وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن الرِّمَاح وَالسُّيُوف ؟ فَقَالَ : هَلُمَّ إِلَى هَذَا , فَقَدْ بَلَغَ بِك وَبِصَاحِبِك , وَالَّذِي يُحْلَف بِهِ لَا يَسْتَقْبِلهَا مُحَمَّد أَبَدًا , فَقَالَ : كَذَبْت وَالَّذِي يُحْلَف بِهِ ; قَالَ , وَكَانَ أَخَاهُ مِنْ أَبِيهِ وَأُمّه : أَمَا وَاللَّه لَأُخْبِرَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَك ; قَالَ : وَذَهَبَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَهُ ; قَالَ : فَوَجَدَهُ قَدْ نَزَلَ جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِخَبَرِهِ { قَدْ يَعْلَم اللَّه الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْس إِلَّا قَلِيلًا } .'; $t[19] = 'وَقَوْله { أَشِحَّة عَلَيْكُمْ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفَ اللَّه بِهِ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ , فِي هَذَا الْمَوْضِع مِنْ الشُّحّ , فَقَالَ بَعْضهمْ : وَصَفَهُمْ بِالشُّحِّ عَلَيْهِمْ فِي الْغَنِيمَة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21650 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَشِحَّة عَلَيْكُمْ } فِي الْغَنِيمَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ وَصَفَهُمْ بِالشُّحِّ عَلَيْهِمْ بِالْخَيْرِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21651 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثني عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { أَشِحَّة عَلَيْكُمْ } قَالَ : بِالْخَيْرِ , الْمُنَافِقُونَ , وَقَالَ غَيْره : مَعْنَاهُ : أَشِحَّة عَلَيْكُمْ بِالنَّفَقَةِ عَلَى ضُعَفَاء الْمُؤْمِنِينَ مِنْكُمْ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّهَ وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ بِالْجُبْنِ وَالشُّحّ , وَلَمْ يُخَصِّص وَصْفَهُمْ مِنْ مَعَانِي الشُّحّ , بِمَعْنًى دُون مَعْنًى , فَهُمْ كَمَا وَصَفَهُمْ اللَّه بِهِ أَشِحَّة عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِالْغَنِيمَةِ وَالْخَيْر وَالنَّفَقَة فِي سَبِيل اللَّه , عَلَى أَهْل مَسْكَنَة الْمُسْلِمِينَ. وَنُصِبَ قَوْله { أَشِحَّة عَلَيْكُمْ } عَلَى الْحَال مِنْ ذِكْر الِاسْم الَّذِي فِي قَوْله { وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ } , كَأَنَّهُ قِيلَ : هُمْ جُبَنَاء عِنْدَ الْبَأْس , أَشِحَّاء عِنْدَ قَسْم الْغَنِيمَة بِالْغَنِيمَةِ , وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ قَطْعًا مِنْ قَوْله : { قَدْ يَعْلَم اللَّه الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ } فَيَكُون تَأْوِيله : قَدْ يَعْلَم اللَّه الَّذِينَ يُعَوِّقُونَ النَّاسَ عَلَى الْقِتَال , وَيَشِحُّونَ عِنْدَ الْفَتْح بِالْغَنِيمَةِ . وَيَجُوز أَنْ يَكُونَ أَيْضًا قَطْعًا مِنْ قَوْله : { هَلُمَّ إِلَيْنَا } أَشِحَّة , وَهُمْ هَكَذَا أَشِحَّة , وَوَصَفَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمَا وَصَفَهُمْ مِنْ الشُّحّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ , لِمَا فِي أَنْفُسهمْ لَهُمْ مِنْ الْعَدَاوَة وَالضِّغْن . كَمَا : 21652 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { أَشِحَّة عَلَيْكُمْ } أَيْ لِلضِّغْنِ الَّذِي فِي أَنْفُسهمْ . وَقَوْله : { فَإِذَا جَاءَ الْخَوْف } . .. إِلَى قَوْله { مِنَ الْمَوْت } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِذَا حَضَرَ الْبَأْس , وَجَاءَ الْقِتَال , خَافُوا الْهَلَاكَ وَالْقَتْلَ , رَأَيْتهمْ يَا مُحَمَّد يَنْظُرُونَ إِلَيْك لِوَاذًا بِك , تَدُور أَعْيُنهمْ , خَوْفًا مِنْ الْقَتْل , وَفِرَارًا مِنْهُ . { كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْت } يَقُول : كَدَوَرَانِ عَيْن الَّذِي يَغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْت النَّازِل بِهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21653 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَإِذَا جَاءَ الْخَوْف رَأَيْتهمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْك تَدُور أَعْيُنهمْ } مِنَ الْخَوْف . 21654 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { فَإِذَا جَاءَ الْخَوْف رَأَيْتهمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْك تَدُور أَعْيُنهمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْت } : أَيْ إِعْظَامًا وَفَرْقًا مِنْهُ . { فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْف } يَقُول : فَإِذَا انْقَطَعَتْ الْحَرْب وَاطْمَأَنُّوا { سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد } . وَأَمَّا قَوْله { سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد } , فَإِنَّهُ يَقُول : عَضُّوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ ذَرِبَة , وَيُقَال لِلرَّجُلِ الْخَطِيب الذَّرِب اللِّسَان : خَطِيب مُسْلِق وَمُصْلِق , وَخَطِيب سَلَّاق وَصَلَّاق . وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفَ تَعَالَى ذِكْره هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ يَسْلُقُونَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ سَلْقهمْ إِيَّاهُمْ عِنْدَ الْغَنِيمَة , بِمَسْأَلَتِهِمْ الْقَسْم لَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21655 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْف سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد } أَمَّا عِنْد الْغَنِيمَة , فَأَشَحّ قَوْم , وَأَسْوَأ مُقَاسَمَة : أَعْطُونَا أَعْطُونَا , فَإِنَّا قَدْ شَهِدْنَا مَعَكُمْ , وَأَمَّا عِنْدَ الْبَأْس فَأَجْبَن قَوْم , وَأَخْذَله لِلْحَقِّ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ سَلْقهمْ إِيَّاهُمْ بِالْأَذَى . ذُكِرَ ذَلِكَ عَنِ ابْن عَبَّاس : 21656 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد } قَالَ : اسْتَقْبَلُوكُمْ . 21657 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد { سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد } قَالَ : كَلَّمُوكُمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّهُمْ يَسْلُقُونَهُمْ مِنَ الْقَوْل بِمَا تُحِبُّونَ , نِفَاقًا مِنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21658 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْف سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد } فِي الْقَوْل بِمَا تُحِبُّونَ , لِأَنَّهُمْ لَا يَرْجُونَ آخِرَة , وَلَا تَحْمِلهُمْ حِسْبَة , فَهُمْ يَهَابُونَ الْمَوْتَ هَيْبَةَ مَنْ لَا يَرْجُو مَا بَعْدَهُ . وَأَشْبَه هَذِهِ الْأَقْوَال بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل قَوْل مَنْ قَالَ { سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد أَشِحَّة عَلَى الْخَيْر } فَأَخْبَرَ أَنَّ سَلْقهمْ الْمُسْلِمِينَ شُحًّا مِنْهُمْ عَلَى الْغَنِيمَة وَالْخَيْر , فَمَعْلُوم إِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , أَنَّ ذَلِكَ لِطَلَبِ الْغَنِيمَة . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ لِطَلَبِ الْغَنِيمَة , دَخَلَ فِي ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : سَلَقُوكُمْ بِالْأَذَى ; لِأَنَّ فِعْلَهُمْ ذَلِكَ كَذَلِكَ , لَا شَكَّ أَنَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَذًى , وَقَوْله : { أَشِحَّة عَلَى الْخَيْر } يَقُول : أَشِحَّة عَلَى الْغَنِيمَة , إِذَا ظَفِرَ الْمُؤْمِنُونَ . وَقَوْله : { لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّه أَعْمَالَهُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْت لَك صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَات , لَمْ يُصَدِّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ , وَلَكِنَّهُمْ أَهْل كُفْر وَنِفَاق. { فَأَحْبَطَ اللَّه أَعْمَالَهُمْ } يَقُول : فَأَذْهَبَ اللَّه أُجُور أَعْمَالهمْ وَأَبْطَلَهَا , وَذُكِرَ أَنَّ الَّذِي وُصِفَ بِهَذِهِ الصِّفَة كَانَ بَدْرِيًّا , فَأَحْبَطَ اللَّه عَمَلَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21659 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِيرًا } قَالَ : فَحَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ بَدْرِيًّا , وَأَنَّ قَوْله : { أَحْبَطَ اللَّه أَعْمَالَهُمْ } : أَحْبَطَ اللَّه عَمَلَهُ يَوْمَ بَدْر . وَقَوْله : { وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ إِحْبَاط عَمَلهمْ الَّذِي كَانُوا عَمِلُوا قَبْل ارْتِدَادهمْ وَنِفَاقهمْ عَلَى اللَّه يَسِيرًا .'; $t[20] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَحْسِب هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ الْأَحْزَابَ , وَهُمْ قُرَيْش وَغَطَفَان . كَمَا : 21660 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { يَحْسِبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا } قُرَيْش وَغَطَفَان . وَقَوْله : { لَمْ يَذْهَبُوا } يَقُول : لَمْ يَنْصَرِفُوا , وَإِنْ كَانُوا قَدْ انْصَرَفُوا جُبْنًا وَهَلَعًا مِنْهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21661 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا } قَالَ : يَحْسَبُونَهُمْ قَرِيبًا. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ قَدْ ذَهَبُوا , فَإِذَا وَجَدُوهُمْ لَمْ يَذْهَبُوا وَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَاب " . وَقَوْله : { وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَاب يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَاب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنْ يَأْتِ الْمُؤْمِنِينَ الْأَحْزَابُ وَهُمْ الْجَمَاعَة : وَاحِدهمْ حِزْب { يَوَدُّوا } يَقُول : يَتَمَنَّوْا مِنَ الْخَوْف وَالْجُبْن أَنَّهُمْ غُيَّب عَنْكُمْ فِي الْبَادِيَة مَعَ الْأَعْرَاب خَوْفًا مِنَ الْقَتْل , وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ : { لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَاب } تَقُول : قَدْ بَدَا فُلَان إِذَا صَارَ فِي الْبَدْو فَهُوَ يَبْدُو , وَهُوَ بَادٍ ; وَأَمَّا الْأَعْرَاب : فَإِنَّهُمْ جَمْع أَعْرَابِيّ , وَوَاحِد الْعَرَب عَرَبِيّ , وَإِنَّمَا قِيلَ أَعْرَابِيّ لِأَهْلِ الْبَدْو , فَرْقًا بَيْنَ أَهْل الْبَوَادِي وَالْأَمْصَار , فَجَعَلَ الْأَعْرَاب لِأَهْلِ الْبَادِيَة , وَالْعَرَب لِأَهْلِ الْمِصْر . وَقَوْله : { يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ } يَقُول : يَسْتَخْبِر هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ النَّاسَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ , يَعْنِي عَنْ أَخْبَاركُمْ بِالْبَادِيَةِ , هَلْ هَلَكَ مُحَمَّد وَأَصْحَابه ؟ نَقُول : يَتَمَنَّوْنَ أَنْ يَسْمَعُوا أَخْبَارَكُمْ بِهَلَاكِكُمْ , أَنْ لَا يَشْهَدُوا مَعَكُمْ مَشَاهِدكُمْ . { وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ : وَلَوْ كَانُوا أَيْضًا فِيكُمْ مَا نَفَعُوكُمْ , وَمَا قَاتَلُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَّا قَلِيلًا . يَقُول : إِلَّا تَعْذِيرًا ; لِأَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَهُمْ حِسْبَة وَلَا رَجَاء ثَوَاب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21662 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ } قَالَ : أَخْبَاركُمْ , وَقَرَأَتْ قُرَّاء الْأَمْصَار جَمِيعًا سِوَى عَاصِم الْجَحْدَرِيّ : { يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ } بِمَعْنَى : يَسْأَلُونَ مَنْ قَدَمَ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّاس عَنْ أَنْبَاء عَسْكَركُمْ وَأَخْبَاركُمْ , وَذُكِرَ عَنْ عَاصِم الْجَحْدَرِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ : " يَسَّاءَلُونَ " بِتَشْدِيدِ السِّين , بِمَعْنَى : يَتَسَاءَلُونَ : أَيْ يَسْأَل بَعْضهمْ بَعْضًا عَنْ ذَلِكَ. وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار ; لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهِ.'; $t[21] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّه أُسْوَة حَسَنَة لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِر وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { أُسْوَة } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : " إِسْوَةٌ " بِكَسْرِ الْأَلِف , خَلَا عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود , فَإِنَّهُ قَرَأَهُ بِالضَّمِّ : { أُسْوَة } , وَكَانَ يَحْيَى بْن وَثَّاب يَقْرَأ هَذِهِ بِالْكَسْرِ , وَيَقْرَأ قَوْله { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَة } بِالضَّمِّ , وَهُمَا لُغَتَانِ , وَذُكِرَ أَنَّ الْكَسْر فِي أَهْل الْحِجَاز , وَالضَّمّ فِي قَيْس . يَقُولُونَ : أُسْوَة , وَأُخْوَة . وَهَذَا عِتَاب مِنَ اللَّه لِلْمُتَخَلِّفِينَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَسْكَره بِالْمَدِينَةِ , مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ . يَقُول لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّه أُسْوَة حَسَنَة , أَنْ تَتَأَسَّوْا بِهِ , وَتَكُونُوا مَعَهُ حَيْثُ كَانَ , وَلَا تَتَخَلَّفُوا عَنْهُ . { لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ } يَقُول : فَإِنَّ مَنْ يَرْجُو ثَوَابَ اللَّه وَرَحْمَتَهُ فِي الْآخِرَة لَا يَرْغَب بِنَفْسِهِ , وَلَكِنَّهُ تَكُون لَهُ بِهِ أُسْوَة فِي أَنْ يَكُون مَعَهُ حَيْثُ يَكُون هُوَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21663 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان , قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ , فَقَالَ { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّه أُسْوَة حَسَنَة لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِر } أَنْ لَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسه , وَلَا عَنْ مَكَان هُوَ بِهِ . { وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } يَقُول : وَأَكْثَرَ ذِكْرَ اللَّه فِي الْخَوْف وَالشِّدَّة وَالرَّخَاء .'; $t[22] = 'وَقَوْله : { وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَاب } يَقُول : وَلَمَّا عَايَنَ الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُوله جَمَاعَات الْكُفَّار قَالُوا تَسْلِيمًا مِنْهُمْ لِأَمْرِ اللَّه , وَإِيقَانًا مِنْهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ إِنْجَاز وَعْده لَهُمْ , الَّذِي وَعَدَهُمْ بِقَوْلِهِ { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلكُمْ } 2 214 إِلَى قَوْله { قَرِيب } هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله , وَصَدَقَ اللَّه وَرَسُوله , فَأَحْسَنَ اللَّه عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ مِنْ يَقِينهمْ , وَتَسْلِيمهمْ لِأَمْرِهِ الثَّنَاء , فَقَالَ : وَمَا زَادَهُمْ اجْتِمَاع الْأَحْزَاب عَلَيْهِمْ إِلَّا إِيمَانًا بِاللَّهِ وَتَسْلِيمًا لِقَضَائِهِ وَأَمْره , وَرَزَقَهُمْ بِهِ النَّصْر وَالظَّفَر عَلَى الْأَعْدَاء , وَبِالَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21664 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ } . . . الْآيَة قَالَ : ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لَهُمْ فِي سُورَة الْبَقَرَة { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ } 2 214 ... إِلَى قَوْله { إِنَّ نَصْر اللَّه قَرِيب } قَالَ : فَلَمَّا مَسَّهُمُ الْبَلَاء حَيْثُ رَابَطُوا الْأَحْزَاب فِي الْخَنْدَق , تَأَوَّلَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ , وَلَمْ يَزِدْهُمْ ذَلِكَ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا . 21665 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان , قَالَ : ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤْمِنِينَ وَصِدْقهمْ وَتَصْدِيقهمْ بِمَا وَعَدَهُمْ اللَّه مِنَ الْبَلَاء يَخْتَبِرهُمْ بِهِ { قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله وَصَدَقَ اللَّه وَرَسُوله وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا } : أَيْ صَبْرًا عَلَى الْبَلَاء , وَتَسْلِيمًا لِلْقَضَاءِ , وَتَصْدِيقًا بِتَحْقِيقِ مَا كَانَ اللَّه وَعَدَهُمْ وَرَسُوله . 21666 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله وَصَدَقَ اللَّه وَرَسُوله } وَكَانَ اللَّه قَدْ وَعَدَهُمْ فِي سُورَة الْبَقَرَة فَقَالَ : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَل الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُول وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ } خَيْرهمْ وَأَصْبَرهمْ وَأَعْلَمهُمْ بِاللَّهِ { مَتَى نَصْر اللَّه أَلَا إِنَّ نَصْر اللَّه قَرِيب } هَذَا وَاللَّه الْبَلَاء وَالنَّقْص الشَّدِيد , وَإِنَّ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَوْا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ الشِّدَّة وَالْبَلَاء { قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله وَصَدَقَ اللَّه وَرَسُوله وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا } وَتَصْدِيقًا بِمَا وَعَدَهُمْ اللَّه , وَتَسْلِيمًا لِقَضَاءِ اللَّه.'; $t[23] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } بِاللَّهِ وَرَسُوله { رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّه عَلَيْهِ } يَقُول : أَوْفَوْا بِمَا عَاهَدُوهُ عَلَيْهِ مِنْ الصَّبْر عَلَى الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء , وَحِين الْبَأْس { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } يَقُول : فَمِنْهُمْ مَنْ فَرَغَ مِنَ الْعَمَل الَّذِي كَانَ نَذَرَهُ اللَّه وَأَوْجَبَهُ لَهُ عَلَى نَفْسه , فَاسْتُشْهِدَ بَعْض يَوْم بَدْر , وَبَعْض يَوْم أُحُد , وَبَعْض فِي غَيْر ذَلِكَ مِنَ الْمَوَاطِن { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } قَضَاءَهُ وَالْفَرَاغ مِنْهُ , كَمَا قَضَى مَنْ مَضَى مِنْهُمْ عَلَى الْوَفَاء لِلَّهِ بِعَهْدِهِ , وَالنَّصْر مِنَ اللَّه , وَالظَّفَر عَلَى عَدُوّه , وَالنَّحْب : النَّذْر فِي كَلَام الْعَرَب , وَلِلنَّحْبِ أَيْضًا فِي كَلَامهمْ وُجُوه غَيْر ذَلِكَ , مِنْهَا الْمَوْت , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : قَضَى نَحْبه فِي مُلْتَقَى الْقَوْم هَوْبَر يَعْنِي : مَنِيَّته وَنَفْسه ; وَمِنْهَا الْخَطَر الْعَظِيم , كَمَا قَالَ جَرِير : بِطَخْفَةَ جَالَدْنَا الْمُلُوك وَخَلَّيْنَا عَشِيَّةَ بِسِطَامٍ جَرَيْنَ عَلَى نَحْب أَيْ عَلَى خَطَر عَظِيم ; وَمِنْهَا النَّحِيب , يُقَال : نَحَبَ فِي سَيْره يَوْمه أَجْمَعَ : إِذَا مَدّ فَلَمْ يَنْزِل يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ ; وَمِنْهَا التَّنْحِيب , وَهُوَ الْخِطَار , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَإِذْ نَحَّبَتْ كَلْب عَلَى النَّاس أَيّهمْ أَحَقّ بِتَاجِ الْمَاجِد الْمُتَكَوِّم ؟ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21667 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ } : أَيْ وَفُّوا اللَّهَ بِمَا عَاهَدُوهُ عَلَيْهِ { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } أَيْ فَرَغَ مِنْ عَمَله , وَرَجَعَ إِلَى رَبّه , كَمَنْ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ بَدْر وَيَوْم أُحُد { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } مَا وَعَدَ اللَّه مِنْ نَصْره وَالشَّهَادَة عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ أَصْحَابه . 21668 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } قَالَ : عَهْدَهُ فَقُتِلَ أَوْ عَاشَ { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } يَوْمًا فِيهِ جِهَاد , فَيَقْضِي نَحْبه عَهْده , فَيُقْتَل أَوْ يَصْدُق فِي لِقَائِهِ . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَةَ , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } قَالَ : عَهْدَهُ { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } قَالَ : يَوْمًا فِيهِ قِتَال , فَيَصْدُق فِي اللِّقَاء . * قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُجَاهِد { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } قَالَ : مَاتَ عَلَى الْعَهْد . 21669 -قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن فُلَان - قَدْ سَمَّاهُ ذَهَبَ عَنِّي اسْمه -عَنْ أَبِيهِ { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } قَالَ : نَذْرَهُ . 21670 -حَدَّثَنَا ابْن إِدْرِيس , عَنْ طَلْحَة بْن يَحْيَى , عَنْ عَمّه عِيسَى بْن طَلْحَة : أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَسَأَلَهُ : مَنْ الَّذِينَ قَضَوْا نَحْبهمْ ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ , ثُمَّ سَأَلَهُ , فَأَعْرَضَ عَنْهُ , وَدَخَلَ طَلْحَة مِنْ بَاب الْمَسْجِد وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ , فَقَالَ : " هَذَا مِنَ الَّذِينَ قَضَوْا نَحْبهمْ " . 21671 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا هَوْذَة , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنِ الْحَسَن , قَوْله { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } قَالَ : مَوْته عَلَى الصِّدْق وَالْوَفَاء . { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } الْمَوْت عَلَى مِثْل ذَلِكَ , وَمِنْهُمْ مَنْ بَدَّلَ تَبْدِيلًا . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ سَعِيد بْن مَسْرُوق , عَنْ مُجَاهِد { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } قَالَ : النَّحْب : الْعَهْد . 21672 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّه عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } عَلَى الصِّدْق وَالْوَفَاء { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } مِنْ نَفْسه الصِّدْق وَالْوَفَاء . 21673 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } قَالَ : مَاتَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ التَّصْدِيق وَالْإِيمَان { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } ذَلِكَ . 21674 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي بُكَيْر , قَالَ شَرِيك بْن عَبْد اللَّه , أُخْبِرْنَاهُ عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } قَالَ : الْمَوْت عَلَى مَا عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } الْمَوْت عَلَى مَا عَاهَدَ اللَّه عَلَيْهِ . وَقِيلَ : إِنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي قَوْم لَمْ يَشْهَدُوا بَدْرًا , فَعَاهَدُوا اللَّهَ أَنْ يَفُوا قِتَالًا لِلْمُشْرِكِينَ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْفَى فَقَضَى نَحْبه , وَمِنْهُمْ مَنْ بَدَّلَ , وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْفَى وَلَمْ يَقْضِ نَحْبه , وَكَانَ مُنْتَظِرًا , عَلَى مَا وَصَفَهُمْ اللَّه بِهِ مِنْ صِفَاتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21675 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ ثَابِت , عَنْ أَنَس , أَنَّ أَنَسَ بْن النَّضْر تَغَيَّبَ عَنْ قِتَال بَدْر , فَقَالَ : تَغَيَّبْت عَنْ أَوَّل مَشْهَد شَهِدَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَئِنْ رَأَيْت قِتَالًا لَيَرَيَنَّ اللَّه مَا أَصْنَع ; فَلَمَّا كَانَ يَوْم أُحُد , وَهُزِمَ النَّاس , لَقِيَ سَعْد بْن مُعَاذ فَقَالَ : وَاللَّه إِنِّي لَأَجِد رِيح الْجَنَّة , فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ , فَنَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَة : { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن بُكَيْر , قَالَ : ثنا حُمَيْد , قَالَ : زَعَمَ أَنَس بْن مَالِك قَالَ : غَابَ أَنَس بْن النَّضْر , عَنْ قِتَال يَوْم بَدْر , فَقَالَ : غِبْت عَنْ قِتَال رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُشْرِكِينَ , لَئِنْ أَشْهَدَنِي اللَّه قِتَالًا , لَيَرَيَنَّ اللَّه مَا أَصْنَع ; فَلَمَّا كَانَ يَوْم أُحُد , انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ , فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ , وَأَعْتَذِر إِلَيْك مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ , يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ , فَمَشَى بِسَيْفِهِ , فَلَقِيَهُ سَعْد بْن مُعَاذ , فَقَالَ : أَيْ سَعْد إِنِّي لَأَجِد رِيحَ الْجَنَّة دُونَ أُحُد , فَقَالَ سَعْد : يَا رَسُول اللَّه فَمَا اسْتَطَعْت أَنْ أَصْنَع مَا صَنَعَ . قَالَ أَنَس بْن مَالِك : فَوَجَدْنَاهُ بَيْن الْقَتْلَى , بِهِ بِضْع ثَمَانُونَ جِرَاحَة , بَيْن ضَرْبَة بِسَيْفٍ , وَطَعْنَة بِرُمْحٍ , وَرَمْيَة بِسَهْمٍ , فَمَا عَرَفْنَاهُ حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْته بِبَنَانِهِ . قَالَ أَنَس : فَكُنَّا نَتَحَدَّث أَنَّ هَذِهِ الْآيَة { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّه عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } نَزَلَتْ فِيهِ , وَفِي أَصْحَابه. * حَدَّثَنَا سِوَار بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت حُمَيْدًا يُحَدِّث , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , أَنَّ أَنَس بْن النَّضْر , غَابَ عَنْ قِتَال بَدْر , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . 21676 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , قَالَ : ثنا طَلْحَة بْن يَحْيَى , عَنْ مُوسَى وَعِيسَى بْن طَلْحَة عَنْ طَلْحَة أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : وَكَانُوا لَا يَجْرُءُونَ عَلَى مَسْأَلَته , فَقَالُوا لِلْأَعْرَابِيِّ : سَلْهُ { مَنْ قَضَى نَحْبه } مَنْ هُوَ ؟ فَسَأَلَهُ , فَأَعْرَضَ عَنْهُ , ثُمَّ سَأَلَهُ , فَأَعْرَضَ عَنْهُ , ثُمَّ دَخَلْت مِنْ بَاب الْمَسْجِد وَعَلَيَّ ثِيَاب خُضْر ; فَلَمَّا رَآنِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَيْنَ السَّائِلِي عَمَّنْ قَضَى نَحْبه ؟ " قَالَ الْأَعْرَابِيّ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّه , قَالَ : " هَذَا مِمَّنْ قَضَى نَحْبه " . 21677 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبْد الْحَمِيد الْحِمَّانِيّ , عَنْ إِسْحَاق بْن يَحْيَى الطَّلْحِيّ , عَنْ مُوسَى بْن طَلْحَة , قَالَ : قَامَ مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان , فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " طَلْحَة مِمَّنْ قَضَى نَحْبه " . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن تَمَّام الْكَلْبِيّ , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن أَيُّوب , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ إِسْحَاق , عَنْ يَحْيَى بْن طَلْحَة , عَنْ عَمّه مُوسَى بْن طَلْحَة , عَنْ أَبِيهِ طَلْحَة , قَالَ : لَمَّا قَدِمْنَا مِنْ أُحُد وَصِرْنَا بِالْمَدِينَةِ , صَعِدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَر , فَخَطَبَ النَّاس وَعَزَّاهُمْ , وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا لَهُمْ فِيهِ مِنَ الْأَجْر , ثُمَّ قَرَأَ : { رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ } . . . الْآيَة , قَالَ : فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُل فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ فَالْتَفَتَ وَعَلَيَّ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ , فَقَالَ : " أَيّهَا السَّائِل هَذَا مِنْهُمْ ". وَقَوْله : { وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } : وَمَا غَيَّرُوا الْعَهْدَ الَّذِي عَاقَدُوا رَبَّهُمْ تَغْيِيرًا , كَمَا غَيَّرَهُ الْمُعَوِّقُونَ الْقَائِلُونَ لِإِخْوَانِهِمْ : هَلُمَّ إِلَيْنَا , وَالْقَائِلُونَ : إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21678 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } يَقُول : مَا شَكُّوا وَمَا تَرَدَّدُوا فِي دِينهمْ , وَلَا اسْتَبْدَلُوا بِهِ غَيْرَهُ . 21679 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } : لَمْ يُغَيِّرُوا دِينَهُمْ كَمَا غَيَّرَ الْمُنَافِقُونَ .'; $t[24] = 'وَقَوْله : { لِيَجْزِيَ اللَّه الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّه عَلَيْهِ - لِيَجْزِيَ اللَّه الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ } : يَقُول : لِيُثِيبَ اللَّه أَهْل الصِّدْق بِصِدْقِهِمْ اللَّه بِمَا عَاهَدُوهُ عَلَيْهِ , وَوَفَائِهِمْ لَهُ بِهِ { وَيُعَذِّب الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ } بِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَنِفَاقهمْ { أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } مِنْ نِفَاقهمْ , فَيَهْدِيهِمْ لِلْإِيمَانِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21680 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَيُعَذِّب الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } يَقُول : إِنْ شَاءَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ النِّفَاق إِلَى الْإِيمَان. إِنْ قَالَ قَائِل : مَا وَجْه الشَّرْط فِي قَوْله { وَيُعَذِّب الْمُنَافِقِينَ } بِقَوْلِهِ : { إِنْ شَاءَ } وَالْمُنَافِق كَافِر وَهَلْ يَجُوز أَنْ لَا يَشَاءَ تَعْذِيبَ الْمُنَافِقَ , فَيُقَال وَيُعَذِّبهُ إِنْ شَاءَ ؟ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى غَيْر الْوَجْه الَّذِي تَوَهَّمْته . وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ : وَيُعَذِّب الْمُنَافِقِينَ بِأَنْ لَا يُوَفِّقَهُمْ لِلتَّوْبَةِ مِنْ نِفَاقهمْ حَتَّى يَمُوتُوا عَلَى كُفْرهمْ إِنْ شَاءَ , فَيَسْتَوْجِبُوا بِذَلِكَ الْعَذَاب , فَالِاسْتِثْنَاء إِنَّمَا هُوَ مِنْ التَّوْفِيق لَا مِنَ الْعَذَاب إِنْ مَاتُوا عَلَى نِفَاقهمْ . وَقَدْ بَيَّنَ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَوْله : { أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } فَمَعْنَى الْكَلَام إِذَنْ : وَيُعَذِّب الْمُنَافِقِينَ إِذْ لَمْ يَهْدِهِمْ لِلتَّوْبَةِ , فَيُوَفِّقهُمْ لَهَا , أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ فَلَا يُعَذِّبهُمْ . وَقَوْله : { إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا } يَقُول : إِنَّ اللَّهَ كَانَ ذَا سِتْر عَلَى ذُنُوب التَّائِبِينَ , رَحِيمًا بِالتَّائِبِينَ أَنْ يُعَاقِبَهُمْ بَعْدَ التَّوْبَة .'; $t[25] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَرَدَّ اللَّه الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَرَدَّ اللَّه الَّذِينَ كَفَرُوا } بِهِ وَبِرَسُولِهِ مِنْ قُرَيْش وَغَطَفَان { بِغَيْظِهِمْ } يَقُول : بِكَرْبِهِمْ وَغَمّهمْ , بِفَوْتِهِمْ مَا أَمَلُوا مِنْ الظَّفَر , وَخَيْبَتهمْ مِمَّا كَانُوا طَمِعُوا فِيهِ مِنَ الْغَلَبَة { لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا } يَقُول : لَمْ يُصِيبُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَالًا وَلَا إِسَارًا { وَكَفَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ } بِجُنُودٍ مِنَ الْمَلَائِكَة وَالرِّيح الَّتِي بَعَثَهَا عَلَيْهِمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21681 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَرَدَّ اللَّه الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا } الْأَحْزَاب . 21682 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَرَدَّ اللَّه الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا } وَذَلِكَ يَوْم أَبِي سُفْيَان وَالْأَحْزَاب , رَدَّ اللَّه أَبَا سُفْيَان وَأَصْحَابه بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا { وَكَفَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ } بِالْجُنُودِ مِنْ عِنْده , وَالرِّيح الَّتِي بَعَثَ عَلَيْهِمْ . 21683 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { وَرَدَّ اللَّه الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا } : أَيْ قُرَيْش وَغَطَفَان . 21684 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الصُّدَائِيّ , قَالَ : ثنا شَبَابَة , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي ذِئْب , عَنْ سَعِيد بْن أَبِي سَعِيد الْمَقْبُرِيّ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَق عَنِ الصَّلَاة , فَلَمْ نُصَلِّ الظُّهْرَ , وَلَا الْعَصْرَ , وَلَا الْمَغْرِبَ , وَلَا الْعِشَاءَ , حَتَّى كَانَ بَعْد الْعِشَاء بِهَوِيٍّ كُفِينَا , وَأَنْزَلَ اللَّه : { وَكَفَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّه قَوِيًّا عَزِيزًا } فَأَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا , فَأَقَامَ الصَّلَاةَ , وَصَلَّى الظُّهْرَ , فَأَحْسَنَ صَلَاتَهَا , كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتهَا , ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ كَذَلِكَ , ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ كَذَلِكَ , ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ كَذَلِكَ , جَعَلَ لِكُلِّ صَلَاة إِقَامَة , وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ صَلَاة الْخَوْف { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } 2 239 * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي فُدَيْك , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي ذِئْب , عَنِ الْمَقْبُرِيّ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي سَعِيد , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ : حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَق , فَذَكَرَ نَحْوَهُ . وَقَوْله : { وَكَانَ اللَّه قَوِيًّا عَزِيزًا } يَقُول : وَكَانَ اللَّه قَوِيًّا عَلَى فِعْل مَا يَشَاء فِعْله بِخَلْقِهِ , فَيَنْصُر مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ عَلَى مَنْ شَاءَ أَنْ يَخْذُلَهُ , لَا يَغْلِبهُ غَالِب ; { عَزِيزًا } يَقُول : هُوَ شَدِيد انْتِقَامه مِمَّنْ انْتَقَمَ مِنْهُ مِنْ أَعْدَائِهِ . كَمَا : 21685 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَكَانَ اللَّه قَوِيًّا عَزِيزًا } : قَوِيًّا فِي أَمْره , عَزِيزًا فِي نِقْمَته .'; $t[26] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب مِنْ صَيَاصِيهمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبهمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَنْزَلَ اللَّه الَّذِينَ أَعَانُوا الْأَحْزَابَ مِنْ قُرَيْش وَغَطَفَان عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه , وَذَلِكَ هُوَ مُظَاهَرَتهمْ إِيَّاهُ , وَعَنَى بِذَلِكَ بَنِي قُرَيْظَةَ , وَهُمُ الَّذِينَ ظَاهَرُوا الْأَحْزَاب عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَوْله { مِنْ أَهْل الْكِتَاب } يَعْنِي : مِنْ أَهْل التَّوْرَاة , وَكَانُوا يَهُود : وَقَوْله : { مِنْ صَيَاصِيهمْ } يَعْنِي : مِنْ حُصُونهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21686 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب } قَالَ قُرَيْظَة , يَقُول : أَنْزَلَهُمْ مِنْ صَيَاصِيهمْ . 21687 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب } وَهُمْ بَنُو قُرَيْظَةَ , ظَاهَرُوا أَبَا سُفْيَان وَرَاسَلُوهُ , فَنَكَثُوا الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ نَبِيّ اللَّه . قَالَ : فَبَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْت جَحْش يَغْسِل رَأْسَهُ , وَقَدْ غَسَلَتْ شِقّه , إِذْ أَتَاهُ جَبْرَائِيل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : عَفَا اللَّه عَنْك , مَا وَضَعَتْ الْمَلَائِكَة سِلَاحَهَا مُنْذُ أَرْبَعِينَ لَيْلَة , فَانْهَضْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَة , فَإِنِّي قَدْ قَطَعْت أَوْتَارهمْ , وَفَتَحْت أَبْوَابَهُمْ , وَتَرَكْتهمْ فِي زِلْزَال وَبِلْبَال ; قَالَ : فَاسْتَلْأَمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ سَلَكَ سِكَّة بَنِي غَنْم , فَاتَّبَعَهُ النَّاس وَقَدْ عَصَبَ حَاجِبَهُ بِالتُّرَابِ ; قَالَ : فَأَتَاهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَاصَرُوهُمْ وَنَادَاهُمْ : يَا إِخْوَان الْقِرَدَةِ , فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِم مَا كُنْت فَحَّاشًا , فَنَزَلُوا عَلَى حُكْم ابْن مُعَاذ , وَكَانَ بَيْنهمْ وَبَيْنَ قَوْمه حِلْف , فَرَجَوْا أَنْ تَأْخُذَهُ فِيهِمْ هَوَادَة , وَأَوْمَأَ إِلَيْهِمْ أَبُو لُبَابَة أَنَّهُ الذَّبْح , فَأَنْزَلَ اللَّه : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } 8 27 فَحَكَمَ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَل مُقَاتِلَتهمْ , وَأَنْ تُسْبَى ذَرَارِيّهمْ , وَأَنَّ عَقَارَهُمْ لِلْمُهَاجِرِينَ دُونَ الْأَنْصَار , فَقَالَ قَوْمه وَعَشِيرَته : آثَرْت الْمُهَاجِرِينَ بِالْعَقَارِ عَلَيْنَا ; قَالَ : فَإِنَّكُمْ كُنْتُمْ ذَوِي عَقَار , وَإِنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَانُوا لَا عَقَار لَهُمْ , وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ وَقَالَ : " قَضَى فِيكُمْ بِحُكْمِ اللَّه " . 21688 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : لَمَّا انْصَرَفَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَنْدَق رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَة وَالْمُسْلِمُونَ , وَوَضَعُوا السِّلَاحَ , فَلَمَّا كَانَتْ الظُّهْر أَتَى جِبْرِيل رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . كَمَا : 21689 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ ابْن شِهَاب الزُّهْرِيّ - مُعْتَجِرًا بِعِمَامَةٍ مِنْ إِسْتَبْرَق , عَلَى بَغْلَة عَلَيْهَا رَحَّالَة , عَلَيْهَا قَطِيفَة مِنْ دِيبَاج ; فَقَالَ : أَقَدْ وَضَعْت السِّلَاحَ يَا رَسُولَ اللَّه ؟ قَالَ : " نَعَمْ " , قَالَ جِبْرِيل : مَا وَضَعَتْ الْمَلَائِكَة السِّلَاحَ بَعْدُ مَا رَجَعْت الْآنَ إِلَّا مِنْ طَلَب الْقَوْم , إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرك يَا مُحَمَّد بِالسَّيْرِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَة , وَأَنَا عَامِد إِلَى بَنِي قُرَيْظَة , فَأَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا , فَأَذَّنَ فِي النَّاس : إِنَّ مَنْ كَانَ سَامِعًا مُطِيعًا فَلَا يُصَلِّيَنَّ الْعَصْر إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَة , وَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بِرَايَتِهِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَة وَابْتَدَرَهَا النَّاس , فَسَارَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الْحُصُون , سَمِعَ مِنْهَا مَقَالَة قَبِيحَة لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ فَرَجَعَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّرِيقِ , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه لَا عَلَيْك أَلَّا تَدْنُوَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَخْبَاث , قَالَ : " لِمَ ؟ أَظُنّك سَمِعْت لِي مِنْهُمْ أَذًى " , قَالَ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّه . قَالَ : " لَوْ قَدْ رَأَوْنِي لَمْ يَقُولُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا " . فَلَمَّا دَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُصُونهمْ قَالَ : " يَا إِخْوَان الْقِرَدَة هَلْ أَخْزَاكُمْ اللَّه وَأَنْزَلَ بِكُمْ نِقْمَته ؟ " قَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِم , مَا كُنْت جَهُولًا ; وَمَرَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابه بِالصُّورَيْنِ قَبْل أَنْ يَصِل إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ , فَقَالَ : " هَلْ مَرَّ بِكُمْ أَحَد ؟ " فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّه , قَدْ مَرَّ بِنَا دِحْيَة بْن خَلِيفَة الْكَلْبِيّ عَلَى بَغْلَة بَيْضَاء عَلَيْهَا رَحَّالَة عَلَيْهَا قَطِيفَة دِيبَاج , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ذَاكَ جَبْرَائِيل بُعِثَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَة يُزَلْزِل بِهِمْ حُصُونهمْ , وَيَقْذِف الرُّعْب فِي قُلُوبهمْ " ; فَلَمَّا أَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْظَة ; نَزَلَ عَلَى بِئْر مِنْ آبَارهَا فِي نَاحِيَة مِنْ أَمْوَالهمْ يُقَال لَهَا : بِئْر أَنَّا , فَتَلَاحَقَ بِهِ النَّاس , فَأَتَاهُ رِجَال مِنْ بَعْد الْعِشَاء الْآخِرَة , وَلَمْ يُصَلُّوا الْعَصْرَ لِقَوْلِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَد الْعَصْر إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَة " , فَصَلَّوْا الْعَصْر فَمَا عَابَهُمْ اللَّه بِذَلِكَ فِي كِتَابه وَلَا عَنَّفَهُمْ بِهِ رَسُوله . 21690 -وَالْحَدِيث عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ مَعْبَد بْن كَعْب بْن مَالِك الْأَنْصَارِيّ , قَالَ : وَحَاصَرَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَة حَتَّى جَهَدَهُمْ الْحِصَار وَقَذَفَ اللَّه فِي قُلُوبهمْ الرُّعْب , وَقَدْ كَانَ حُيَيّ بْن أَخْطَبَ دَخَلَ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فِي حِصْنهمْ حِين رَجَعَتْ عَنْهُمْ قُرَيْش وَغَطَفَان وَفَاءً لِكَعْبِ بْن أَسَد بِمَا كَانَ عَاهَدَهُ عَلَيْهِ ; فَلَمَّا أَيْقَنُوا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْر مُنْصَرِف عَنْهُمْ حَتَّى يُنَاجِزَهُمْ , قَالَ كَعْب بْن أَسَد لَهُمْ : يَا مَعْشَر يَهُود , إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مِنَ الْأَمْر مَا تَرَوْنَ , وَإِنِّي عَارِض عَلَيْكُمْ خِلَالًا ثَلَاثًا , فَخُذُوا أَيّهَا ; قَالُوا : وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : نُبَايِع هَذَا الرَّجُلَ وَنُصَدِّقهُ , فَوَاللَّهِ لَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّهُ لَنَبِيّ مُرْسَل , وَأَنَّهُ الَّذِي كُنْتُمْ تَجِدُونَهُ فِي كِتَابكُمْ , فَتَأْمَنُوا عَلَى دِمَائِكُمْ وَأَمْوَالكُمْ وَأَبْنَائِكُمْ وَنِسَائِكُمْ , قَالُوا : لَا نُفَارِق حُكْم التَّوْرَاة أَبَدًا , وَلَا نَسْتَبْدِل بِهِ غَيْره ; قَالَ : فَإِذَا أَبَيْتُمْ هَذِهِ عَلَيَّ , فَهَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا , ثُمَّ نَخْرُج إِلَى مُحَمَّد وَأَصْحَابه رِجَالًا مُصْلَتِينَ بِالسُّيُوفِ , وَلَمْ نَتْرُك وَرَاءَنَا ثِقَلًا يُهِمّنَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّه بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّد , فَإِنْ نَهْلِك نَهْلِك وَلَمْ نَتْرُك وَرَاءَنَا شَيْئًا نَخْشَى عَلَيْهِ , وَإِنْ نَظْهَر فَلَعَمْرِي لَنَتَّخِذَنَّ النِّسَاء وَالْأَبْنَاءَ , قَالُوا : نَقْتُل هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِين , فَمَا خَيْر الْعَيْش بَعْدَهُمْ ; قَالَ : فَإِذَا أَبَيْتُمْ هَذِهِ عَلَيَّ , فَإِنَّ اللَّيْلَة لَيْلَة السَّبْت , وَإِنَّهُ عَسَى أَنْ يَكُون مُحَمَّد وَأَصْحَابه قَدْ أَمِنُوا , فَانْزِلُوا لَعَلَّنَا أَنْ نُصِيبَ مِنْ مُحَمَّد وَأَصْحَابه غِرَّة . قَالُوا : نُفْسِد سَبْتَنَا وَنُحْدِث فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ أَحْدَثَ فِيهِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا ؟ أَمَّا مَنْ قَدْ عَلِمْت فَأَصَابَهُمْ مِنَ الْمَسْخ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْك ؟ قَالَ : مَا بَاتَ رَجُل مِنْكُمْ مُنْذُ وَلَدَتْهُ أُمّه لَيْلَة وَاحِدَة مِنْ الدَّهْر حَازِمًا , قَالَ : ثُمَّ إِنَّهُمْ بَعَثُوا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْ ابْعَثْ إِلَيْنَا أَبَا لُبَابَة بْن عَبْد الْمُنْذِر أَخَا بَنِي عَمْرو بْن عَوْف , وَكَانُوا مِنْ حُلَفَاء الْأَوْس , نَسْتَشِيرهُ فِي أَمْرنَا ; فَأَرْسَلَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامَ إِلَيْهِ الرِّجَال , وَجَهَشَ إِلَيْهِ النِّسَاء وَالصِّبْيَان يَبْكُونَ فِي وَجْهه , فَرَقَّ لَهُمْ وَقَالُوا لَهُ : يَا أَبَا لُبَابَة , أَتَرَى أَنْ نَنْزِل عَلَى حُكْم مُحَمَّد ؟ قَالَ : نَعَمْ , وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقه , إِنَّهُ الذَّبْح ; قَالَ أَبُو لُبَابَة : فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ قَدَمَايَ حَتَّى عَرَفْت أَنِّي قَدْ خُنْت اللَّهَ وَرَسُولَهُ ; ثُمَّ انْطَلَقَ أَبُو لُبَابَة عَلَى وَجْهه , وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ارْتَبَطَ فِي الْمَسْجِد إِلَى عَمُود مِنْ عُمُده وَقَالَ : لَا أَبْرَح مَكَانِي حَتَّى يَتُوبَ اللَّه عَلَيَّ مِمَّا صَنَعْت وَعَاهَدَ اللَّه لَا يَطَأ بَنِي قُرَيْظَةَ أَبَدًا وَلَا يَرَانِي اللَّه فِي بَلَد خُنْت اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِيهِ أَبَدًا . فَلَمَّا بَلَغَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَره , وَكَانَ قَدْ اسْتَبْطَأَهُ , قَالَ : " أَمَّا إِنَّهُ لَوْ كَانَ جَاءَنِي لَاسْتَغْفَرْت لَهُ . أَمَا إِذْ فَعَلَ مَا فَعَلَ , فَمَا أَنَا بِالَّذِي أُطْلِقهُ مِنْ مَكَانه حَتَّى يَتُوبَ اللَّه عَلَيْهِ " ; ثُمَّ إِنَّ ثَعْلَبَةَ بْن سعية , وَأُسِيد بْن سعية , وَأَسَد بْن عُبَيْد , وَهُمْ نَفَر مِنْ بَنِي هُذَيْل لَيْسُوا مِنْ بَنِي قُرَيْظَة , وَلَا النَّضِير , نَسَبهمْ فَوْق ذَلِكَ , هُمْ بَنُو عَمّ الْقَوْم , أَسْلَمُوا تِلْكَ اللَّيْلَة الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا قُرَيْظَة عَلَى حُكْم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَخَرَجَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة عَمْرو بْن سُعْدَى الْقُرَظِيّ , فَمَرَّ بِحَرَسِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَعَلَيْهِ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيّ تِلْكَ اللَّيْلَة ; فَلَمَّا رَآهُ قَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : عَمْرو بْن سُعْدَى ; وَكَانَ عَمْرو قَدْ أَبَى أَنْ يَدْخُل مَعَ بَنِي قُرَيْظَةَ فِي غَدْرهمْ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : لَا أَغْدِر بِمُحَمَّدٍ أَبَدًا , فَقَالَ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ حِين عَرَفَهُ : اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمنِي إِقَالَة عَثَرَات الْكِرَام , ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ ; فَخَرَجَ عَلَى وَجْهه حَتَّى بَاتَ فِي مَسْجِد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ تِلْكَ اللَّيْلَة , ثُمَّ ذَهَبَ , فَلَا يُدْرَى أَيْنَ ذَهَبَ مِنْ أَرْض اللَّه إِلَى يَوْمه هَذَا ; فَذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَأْنُهُ , فَقَالَ : " ذَاكَ رَجُل نَجَّاهُ اللَّه بِوَفَائِهِ " . قَالَ : وَبَعْض النَّاس كَانَ يَزْعُم أَنَّهُ كَانَ أُوثِق بِرُمَّةٍ فِيمَنْ أُوثِق مِنْ بَنِي قُرَيْظَة حِين نَزَلُوا عَلَى حُكْم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَصْبَحَتْ رُمَّته مُلْقَاة , وَلَا يُدْرَى أَيْنَ ذَهَبَ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الْمَقَالَة , فَاللَّه أَعْلَم . فَلَمَّا أَصْبَحُوا , نَزَلُوا عَلَى حُكْم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَتَوَاثَبَتْ الْأَوْس , فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه إِنَّهُمْ مَوَالِينَا دُونَ الْخَزْرَج , وَقَدْ فَعَلْت فِي مَوَالِي الْخَزْرَج بِالْأَمْسِ مَا قَدْ عَلِمْت , وَقَدْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل بَنِي قُرَيْظَة حَاصَرَ بَنِي قَيْنُقَاع , وَكَانُوا حُلَفَاء الْخَزْرَج , فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمه , فَسَأَلَهُ إِيَّاهُمْ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ بْن سَلُول , فَوَهَبَهُمْ لَهُ ; فَلَمَّا كَلَّمَتْهُ الْأَوْس , قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَر الْأَوْس أَنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ رَجُل مِنْكُمْ ؟ " قَالُوا : بَلَى , قَالَ : " فَذَاكَ إِلَى سَعْد بْن مُعَاذ " ; وَكَانَ سَعْد بْن مُعَاذ قَدْ جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْمَة امْرَأَة مِنْ أَسْلَمَ يُقَال لَهَا رُفَيْدَةُ فِي مَسْجِده , كَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى , وَتَحْتَسِب بِنَفْسِهَا عَلَى خِدْمَة مَنْ كَانَتْ بِهِ ضَيْعَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ , وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ لِقَوْمِهِ حِين أَصَابَهُ السَّهْم بِالْخَنْدَقِ : " اجْعَلُوهُ فِي خَيْمَة رُفَيْدَةَ حَتَّى أَعُودهُ مِنْ قَرِيب " ; فَلَمَّا حَكَّمَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَنِي قُرَيْظَة , أَتَاهُ قَوْمه فَاحْتَمَلُوهُ عَلَى حِمَار , وَقَدْ وَطَّئُوا لَهُ بِوِسَادَةٍ مِنْ أَدَم , وَكَانَ رَجُلًا جَسِيمًا , ثُمَّ أَقْبَلُوا مَعَهُ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُمْ يَقُولُونَ : يَا أَبَا عَمْرو أَحْسِنْ فِي مَوَالِيك , فَإِنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَّاك ذَلِكَ لِتُحْسِنَ فِيهِمْ ; فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ : قَدْ آنَ لِسَعْدٍ أَنْ لَا تَأْخُذَهُ فِي اللَّه لَوْمَةُ لَائِم , فَرَجَعَ بَعْض مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ قَوْمه إِلَى دَار بَنِي عَبْد الْأَشْهَل , فَنَعَى إِلَيْهِمْ رِجَال بَنِي قُرَيْظَة قَبْل أَنْ يَصِل إِلَيْهِمْ سَعْد بْن مُعَاذ مِنْ كَلِمَته الَّتِي سَمِعَ مِنْهُ ; فَلَمَّا انْتَهَى سَعْد إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ , قَالَ : قُومُوا إِلَى سَيِّدكُمْ , فَقَامُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا : يَا أَبَا عَمْرو إِنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَّاك مَوَالِيَك لِتَحْكُمَ فِيهِمْ , فَقَالَ سَعْد : عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ عَهْد اللَّه وَمِيثَاقه , إِنَّ الْحُكْمَ فِيهِمْ كَمَا حَكَمْت , قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : وَعَلَى مَنْ هَهُنَا فِي النَّاحِيَة الَّتِي فِيهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ مُعْرِض عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِجْلَالًا لَهُ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَعَمْ " , قَالَ سَعْد : فَإِنِّي أَحْكُم فِيهِمْ أَنْ تُقْتَل الرِّجَال , وَتُقَسَّم الْأَمْوَال , وَتُسْبَى الذَّرَارِيّ وَالنِّسَاء . 21691 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : فَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ عَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرو بْن سَعْد بْن مُعَاذ , عَنْ عَلْقَمَة بْن وَقَّاص اللَّيْثِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقَدْ حَكَمْت فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّه مِنْ فَوْق سَبْعَة أَرْقِعَة " , ثُمَّ اسْتُنْزِلُوا , فَحَبَسَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَار ابْنَة الْحَارِث امْرَأَة مِنْ بَنِي النَّجَّار , ثُمَّ خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سُوق الْمَدِينَة , الَّتِي هِيَ سُوقهَا الْيَوْم , فَخَنْدَقَ بِهَا خَنَادِق , ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِمْ , فَضَرَبَ أَعْنَاقهمْ فِي تِلْكَ الْخَنَادِق , يَخْرُج بِهِمْ إِلَيْهِ أَرْسَالًا , وَفِيهِمْ عَدُوّ اللَّه حُيَيّ بْن أَخْطَبَ , وَكَعْب بْن أَسَد رَأْس الْقَوْم , وَهُمْ سِتُّمِائَةٍ أَوْ سَبْعُمِائَةٍ , وَالْمُكَثِّر مِنْهُمْ يَقُول : كَانُوا مِنْ الثَّمَانِمِائَةِ إِلَى التِّسْعِمِائَةِ , وَقَدْ قَالُوا لِكَعْبِ بْن أَسَد وَهُمْ يُذْهَب بِهِمْ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَالًا : يَا كَعْب , مَا تَرَى مَا يُصْنَع بِنَا ؟ فَقَالَ كَعْب : أَفِي كُلّ مَوْطِن لَا تَعْقِلُونَ ؟ أَلَا تَرَوْنَ الدَّاعِيَ لَا يَنْزِع , وَإِنَّهُ مَنْ يُذْهَب بِهِ مِنْكُمْ فَمَا يَرْجِع , هُوَ وَاللَّه الْقَتْل ; فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الدَّأْب حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأُتِيَ بِحُيَيِّ بْن أَخْطَبَ عَدُوّ اللَّه , وَعَلَيْهِ حُلَّة لَهُ فُقَّاحِيَّة قَدْ شَقَّقَهَا عَلَيْهِ مِنْ كُلّ نَاحِيَة كَمَوْضِعِ الْأُنْمُلَة أُنْمُلَة أُنْمُلَة , لِئَلَّا يُسْلَبهَا ; مَجْمُوعَة يَدَاهُ إِلَى عُنُقه بِحَبْلٍ , فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ مَا لُمْت نَفْسِي فِي عَدَاوَتك , وَلَكِنَّهُ مَنْ يَخْذُل اللَّه يُخْذَل ; ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاس فَقَالَ : أَيّهَا النَّاس , إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَمْرِ اللَّه , كِتَاب اللَّه وَقَدَره , وَمَلْحَمَة قَدْ كُتِبَتْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل , ثُمَّ جَلَسَ فَضُرِبَتْ عُنُقه ; فَقَالَ جَبَل بْن جَوَّال الثَّعْلَبِيّ : لَعَمْرك مَا لَامَ ابْن أَخْطَبَ نَفْسَهُ وَلَكِنَّهُ مَنْ يَخْذُل اللَّهَ يُخْذَل لَجَاهَدَ حَتَّى أَبْلَغَ النَّفْسَ عُذْرَهَا وَقَلْقَلَ يَبْغِي الْعِزَّ كُلَّ مُقَلْقَل 21692 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر , عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : لَمْ يُقْتَل مِنْ نِسَائِهِمْ إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَة , قَالَتْ : وَاللَّه إِنَّهَا لَعِنْدِي تَحَدَّثُ مَعِي وَتَضْحَك ظُهْرًا , وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُل رِجَالَهُمْ بِالسُّوقِ , إِذْ هَتَفَ هَاتِف بِاسْمِهَا : أَيْنَ فُلَانَة ؟ قَالَتْ : أَنَا وَاللَّه . قَالَتْ : قُلْت : وَيْلَك مَا لَك ؟ قَالَتْ : أُقْتَل ؟ قُلْت : وَلِمَ ؟ قَالَتْ : لِحَدَثٍ أَحْدَثْته ; قَالَ : فَانْطُلِقَ بِهَا , فَضُرِبَتْ عُنُقهَا , فَكَانَتْ عَائِشَة تَقُول : مَا أَنْسَى عَجَبِي مِنْهَا طِيب نَفْس , وَكَثْرَة ضَحِكٍ , وَقَدْ عَرَفَتْ أَنَّهَا تُقْتَل . 21693 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني زَيْد بْن رُومَان { وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب مِنْ صَيَاصِيهمْ } وَالصَّيَاصِي : الْحُصُون وَالْآطَام الَّتِي كَانُوا فِيهَا { وَقَذَفَ فِي قُلُوبهمُ الرُّعْبَ } . 21694 -حَدَّثَنَا عَمْرو بْن مَالِك الْبَكْرِيّ , قَالَ : ثنا وَكِيع بْن الْجَرَّاح ; وَحَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنِ ابْن عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عِكْرِمَة { مِنْ صَيَاصِيهمْ } قَالَ : مِنْ حُصُونهمْ . 21695 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { مِنْ صَيَاصِيهمْ } يَقُول : أَنْزَلَهُمْ مِنْ صَيَاصِيهمْ , قَالَ : قُصُورهمْ . 21696 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { مِنْ صَيَاصِيهمْ } : أَيْ مِنْ حُصُونهمْ وَآطَامهمْ . 21697 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب مِنْ صَيَاصِيهمْ } قَالَ : الصَّيَاصِي : حُصُونهمْ الَّتِي ظَنُّوا أَنَّهَا مَانِعَتهمْ مِنَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى . وَأَصْل الصَّيَاصِي : جَمْع صِيصَة ; يُقَال : وَعَنَى بِهَا هَهُنَا : حُصُونَهُمْ ; وَالْعَرَب تَقُول لِطَرَفِ الْجَبَل : صِيصَة ; وَيُقَال لِأَصْلِ الشَّيْء : صِيصَة ; يُقَال : جَزّ اللَّه صِيصَةَ فُلَان : أَيْ أَصْله ; وَيُقَال لِشَوْكِ الْحَاكَة : صَيَاصِي , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : كَوَقْعِ الصَّيَاصِي فِي النَّسِيج الْمُمَدَّد وَهِيَ شَوْكَتَا الدِّيك . وَقَوْله : { وَقَذَفَ فِي قُلُوبهمُ الرُّعْبَ } يَقُول : وَأَلْقَى فِي قُلُوبهمُ الْخَوْفَ مِنْكُمْ { فَرِيقًا تَقْتُلُونَ } يَقُول : تَقْتُلُونَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً , وَهُمُ الَّذِينَ قَتَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ حِين ظَهَرَ عَلَيْهِمْ { وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا } يَقُول : وَتَأْسِرُونَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً , وَهُمْ نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمُ الَّذِينَ سُبُوا , كَمَا : 21698 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَرِيقًا تَقْتُلُونَ } الَّذِينَ ضُرِبَتْ أَعْنَاقهمْ { وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا } الَّذِينَ سُبُوا . 21699 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا } أَيْ قَتَلَ الرِّجَالَ وَسَبَى الذَّرَارِيَّ وَالنِّسَاءَ .'; $t[27] = '{ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ } يَقُولُ : وَمَلَّكَكُمْ بَعْدَ مَهْلِكهمْ أَرْضَهُمْ , يَعْنِي مَزَارِعهمْ وَمَغَارِسَهُمْ { وَدِيَارَهُمْ } يَقُول : وَمَسَاكِنَهُمْ { وَأَمْوَالَهُمْ } يَعْنِي سَائِرَ الْأَمْوَال غَيْر الْأَرْض وَالدُّور . وَقَوْله : { وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيهَا , أَيّ أَرْضٍ هِيَ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ الرُّوم وَفَارِس وَنَحْوهَا مِنَ الْبِلَاد الَّتِي فَتَحَهَا اللَّه بَعْد ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21700 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا } قَالَ : قَالَ الْحَسَن : هِيَ الرُّوم وَفَارِس , وَمَا فَتَحَ اللَّه عَلَيْهِمْ. وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ مَكَّةُ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ خَيْبَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21701 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا } قَالَ : خَيْبَر. 21702 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ } قَالَ : قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ أَهْلُ الْكِتَاب { وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا } قَالَ : خَيْبَر. وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ أَنَّهُ أَوْرَثَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ , وَأَرْضًا لَمْ يَطَئُوهَا يَوْمَئِذٍ وَلَمْ تَكُنْ مَكَّةَ وَلَا خَيْبَرَ , وَلَا أَرْضَ فَارِس وَالرُّوم وَلَا الْيَمَن , مِمَّا كَانَ وَطِئُوهُ يَوْمَئِذٍ , ثُمَّ وَطِئُوا ذَلِكَ بَعْدُ , وَأَوْرَثَهُمُوهُ اللَّهُ , وَذَلِكَ كُلّه دَاخِل فِي قَوْله { وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا } لِأَنَّهُ تَعَالَى ذِكْره لَمْ يُخَصِّص مِنْ ذَلِكَ بَعْضًا دُونَ بَعْض . { وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ اللَّه عَلَى أَنْ أَوْرَثَ الْمُؤْمِنِينَ ذَلِكَ , وَعَلَى نَصْره إِيَّاهُمْ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنَ الْأُمُور قُدْرَة , لَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ شَيْء أَرَادَهُ , وَلَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ فِعْل شَيْء حَاوَلَ فِعْله .'; $t[28] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد { لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعكُنَّ } يَقُول فَإِنِّي أُمَتِّعكُنَّ مَا أَوْجَبَ اللَّه عَلَى الرِّجَال لِلنِّسَاءِ مِنَ الْمُتْعَة عِنْدَ فِرَاقهمْ إِيَّاهُنَّ بِالطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ : { وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِع قَدَره وَعَلَى الْمُقْتِر قَدَره مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ } 2 236 وَقَوْله : { وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } يَقُول : وَأُطَلِّقكُنَّ عَلَى مَا أَذِنَ اللَّه بِهِ , وَأَدَّبَ بِهِ عِبَاده بِقَوْلِهِ : { إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } 65 1 { وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } يَقُول : وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ رِضَا اللَّه وَرِضَا رَسُوله وَطَاعَتهمَا فَأَطِعْنَهُمَا { فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ } وَهُنَّ الْعَامِلَات مِنْهُنَّ بِأَمْرِ اللَّه وَأَمْر رَسُوله { أَجْرًا عَظِيمًا } , وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْل أَنَّ عَائِشَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْ عَرَض الدُّنْيَا , إِمَّا زِيَادَة فِي النَّفَقَة , أَوْ غَيْر ذَلِكَ , فَاعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ شَهْرًا فِيمَا ذُكِرَ , ثُمَّ أَمَرَهُ اللَّه أَنْ يُخَيِّرَهُنَّ بَيْنَ الصَّبْر عَلَيْهِ , وَالرِّضَا بِمَا قَسَمَ لَهُنَّ , وَالْعَمَل بِطَاعَةِ اللَّه , وَبَيْن أَنْ يُمَتِّعهُنَّ وَيُفَارِقهُنَّ إِنْ لَمْ يَرْضَيْنَ بِالَّذِي يُقْسَم لَهُنَّ , وَقِيلَ : كَانَ سَبَب ذَلِكَ غَيْرَة كَانَتْ عَائِشَة غَارَتهَا . ذِكْر الرِّوَايَة بِقَوْلِ مَنْ قَالَ : كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَجْل شَيْء مِنْ النَّفَقَة وَغَيْرهَا . 21703 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي الزُّبَيْر , أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْرُج صَلَوَات , فَقَالُوا : مَا شَأْنه ؟ فَقَالَ عُمَر : إِنْ شِئْتُمْ لَأَعْلَمَنَّ لَكُمْ شَأْنَهُ ; فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَعَلَ يَتَكَلَّم وَيَرْفَع صَوْتَهُ , حَتَّى أَذِنَ لَهُ . قَالَ : فَجَعَلْت أَقُول فِي نَفْسِي : أَيّ شَيْء أُكَلِّم بِهِ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّهُ يَضْحَك , أَوْ كَلِمَة نَحْوَهَا ؟ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّه لَوْ رَأَيْت فُلَانَة وَسَأَلَتْنِي النَّفَقَةَ فَصَكَكْتهَا صَكَّة , فَقَالَ : " ذَلِكَ حَبَسَنِي عَنْكُمْ " ; قَالَ : فَأَتَى حَفْصَة , فَقَالَ : لَا تَسْأَلِي رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا , مَا كَانَتْ لَك مِنْ حَاجَة فَإِلَيَّ ; ثُمَّ تَتَبَّعَ نِسَاءَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَعَلَ يُكَلِّمهُنَّ , فَقَالَ لِعَائِشَةَ : أَيَغُرُّك أَنَّك امْرَأَة حَسْنَاء , وَأَنَّ زَوْجَك يُحِبّك ؟ لَتَنْتَهِيَنَّ , أَوْ لَيَنْزِلَنَّ فِيك الْقُرْآن ! قَالَ : فَقَالَتْ أُمّ سَلَمَة : يَا ابْن الْخَطَّاب , أَوَمَا بَقِيَ لَك إِلَّا أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ نِسَائِهِ , وَلَنْ تَسْأَل الْمَرْأَة إِلَّا لِزَوْجِهَا ! قَالَ : وَنَزَلَ الْقُرْآن { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } . . . إِلَى قَوْله { أَجْرًا عَظِيمًا } قَالَ : فَبَدَأَ بِعَائِشَةَ فَخَيَّرَهَا , وَقَرَأَ عَلَيْهَا الْقُرْآنَ , فَقَالَتْ : هَلْ بَدَأْت بِأَحَدٍ مِنْ نِسَائِك قَبْلِي ؟ قَالَ : " لَا " , قَالَتْ : فَإِنِّي أَخْتَار اللَّهَ وَرَسُولَهُ , وَالدَّارَ الْآخِرَةَ , وَلَا تُخْبِرهُنَّ بِذَلِكَ ; قَالَ : ثُمَّ تَتَبَّعَهُنَّ فَجَعَلَ يُخَيِّرهُنَّ وَيَقْرَأ عَلَيْهِنَّ الْقُرْآنَ , وَيُخْبِرهُنَّ بِمَا صَنَعَتْ عَائِشَة , فَتَتَابَعْنَ عَلَى ذَلِكَ . 21704 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } . . . إِلَى قَوْله : { أَجْرًا عَظِيمًا } قَالَ : قَالَ الْحَسَن وَقَتَادَة : خَيَّرَهُنَّ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالْجَنَّة وَالنَّار فِي شَيْء كُنَّ أَرَدْنَهُ مِنْ الدُّنْيَا , وَقَالَ عِكْرِمَة فِي غَيْرَة : كَانَتْ غَارَتهَا عَائِشَة , وَكَانَ تَحْته يَوْمئِذٍ تِسْع نِسْوَة , خَمْس مِنْ قُرَيْش : عَائِشَة , وَحَفْصَة , وَأُمّ حَبِيبَة بِنْت أَبِي سُفْيَان , وَسَوْدَة بِنْت زَمْعَةَ , وَأُمّ سَلَمَة بِنْت أَبِي أُمَيَّة , وَكَانَتْ تَحْته صَفِيَّة ابْنَة حُيَيّ الْخَيْبَرِيَّة , وَمَيْمُونَة بِنْت الْحَارِث الْهِلَالِيَّة , وَزَيْنَب بِنْت جَحْش الْأَسَدِيَّة , وَجُوَيْرِيَّة بِنْت الْحَارِث مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِق , وَبَدَأَ بِعَائِشَةَ , فَلَمَّا اخْتَارَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ , رُئِيَ الْفَرَح فِي وَجْه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَتَتَابَعْنَ كُلّهنَّ عَلَى ذَلِكَ وَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنِ الْحَسَن , وَهُوَ قَوْل قَتَادَة , فِي قَوْل اللَّه { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } . . . إِلَى قَوْله { عَظِيمًا } قَالَا : أَمَرَهُ اللَّه أَنْ يُخَيِّرَهُنَّ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالْجَنَّة وَالنَّار ; قَالَ قَتَادَة : وَهِيَ غَيْرَة مِنْ عَائِشَة فِي شَيْء أَرَادَتْهُ مِنْ الدُّنْيَا , وَكَانَ تَحْتَهُ تِسْع نِسْوَة : عَائِشَة , وَحَفْصَة , وَأُمّ حَبِيبَة بِنْت أَبِي سُفْيَان , وَسَوْدَة بِنْت زَمْعَةَ , وَأُمّ سَلَمَة بِنْت أَبِي أُمَيَّة , وَزَيْنَب بِنْت جَحْش , وَمَيْمُونَة بِنْت الْحَارِث الْهِلَالِيَّة , وَجُوَيْرِيَّة بِنْت الْحَارِث مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِق , وَصَفِيَّة بِنْت حُيَيّ بْن أَخْطَبَ ; فَبَدَأَ بِعَائِشَة , وَكَانَتْ أَحَبَّهُنَّ إِلَيْهِ ; فَلَمَّا اخْتَارَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ , رُئِيَ الْفَرَح فِي وَجْه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَتَابَعْنَ عَلَى ذَلِكَ . 21705 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنِ الْحَسَن , وَهُوَ قَوْل قَتَادَة قَالَ : لَمَّا اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ شَكَرَهُنَّ اللَّه عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنهنَّ } 33 52 فَقَصَرَهُ اللَّه عَلَيْهِنَّ , وَهُنَّ التِّسْع اللَّاتِي اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَجْل الْغَيْرَة : 21706 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } 33 51 الْآيَة , قَالَ : كَانَ أَزْوَاجه قَدْ تَغَايَرْنَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَهَجَرَهُنَّ شَهْرًا , نَزَلَ التَّخْيِير مِنَ اللَّه لَهُ فِيهِنَّ { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } 33 33 فَخَيَّرَهُنَّ بَيْنَ أَنْ يَخْتَرْنَ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُنَّ وَيُسَرِّحهُنَّ , وَبَيْن أَنْ يُقِمْنَ إِنْ أَرَدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ عَلَى أَنَّهُنَّ أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ , لَا يُنْكَحْنَ أَبَدًا , وَعَلَى أَنَّهُ يُؤْوِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاء مِنْهُنَّ , لِمَنْ وَهَبَ نَفْسَهُ لَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَرْفَع رَأْسَهُ إِلَيْهَا , وَيُرْجِي مَنْ يَشَاء حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَرْفَع رَأْسَهُ إِلَيْهَا , وَمَنْ ابْتَغَى مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ وَعَزَلَ فَلَا جُنَاح عَلَيْهِ , { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ } إِذَا عَلِمْنَ أَنَّهُ مِنْ قَضَائِي عَلَيْهِنَّ , إِيثَار بَعْضهنَّ عَلَى بَعْض , أَدْنَى أَنْ يَرْضَيْنَ ; قَالَ : { وَمَنِ ابْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت } مَنْ ابْتَغَى أَصَابَهُ , وَمَنْ عَزَلَ لَمْ يُصِبْهُ , فَخَيَّرَهُنَّ بَيْنَ أَنْ يَرْضَيْنَ بِهَذَا , أَوْ يُفَارِقهُنَّ , فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ , إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَةً بَدْوِيَّة ذَهَبَتْ ; وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ , وَقَدْ شَرَطَ لَهُ هَذَا الشَّرْطَ , مَا زَالَ يَعْدِل بَيْنَهُنَّ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ . 21707 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْدَة الضَّبِّيّ , قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَة , عَنْ عُمَر بْن أَبِي سَلَمَة , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَالَتْ عَائِشَة : لَمَّا نَزَلَ الْخِيَار , قَالَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي أُرِيد أَنْ أَذْكُر لَك أَمْرًا فَلَا تَقْضِي فِيهِ شَيْئًا حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك " ; قَالَتْ : قُلْت : وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّه ؟ قَالَ : فَرَدَّهُ عَلَيْهَا , فَقَالَتْ : مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّه ؟ قَالَ : فَقَرَأَ عَلَيْهِنَّ { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } . . . إِلَى آخِر الْآيَة ; قَالَتْ : قُلْت : بَلْ نَخْتَار اللَّهَ وَرَسُولَهُ ; قَالَتْ : فَفَرِحَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي سَلَمَة , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : لَمَّا نَزَلَتْ آيَة التَّخْيِير , بَدَأَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَائِشَة , فَقَالَ : " يَا عَائِشَة إِنِّي عَارِض عَلَيْك أَمْرًا فَلَا تَفْتَاتِي فِيهِ بِشَيْءٍ حَتَّى تَعْرِضِيهِ عَلَى أَبَوَيْك , أَبِي بَكْر وَأُمّ رُومَان " فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّه وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : " قَالَ اللَّه { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } إِلَى { عَظِيمًا } , فَقُلْت : إِنِّي أُرِيد اللَّهَ وَرَسُولَهُ , وَالدَّارَ الْآخِرَةَ , وَلَا أُؤَامِر فِي ذَلِكَ أَبَوِيّ أَبَا بَكْر وَأُمَّ رُومَان , فَضَحِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ اسْتَقْرَأَ الْحُجَرَ فَقَالَ : " إِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَذَا " , فَقُلْنَ : وَنَحْنُ نَقُول مِثْلُ مَا قَالَتْ عَائِشَة. * حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى الْأُمَوِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ ابْن إِسْحَاق , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر , عَنْ عَمْرَة , عَنْ عَائِشَة , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَ إِلَى نِسَائِهِ أُمِرَ أَنْ يُخَيِّرَهُنَّ , فَدَخَلَ عَلَيَّ فَقَالَ : " سَأَذْكُرُ لَك أَمْرًا وَلَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَاك " , فَقُلْت : وَمَا هُوَ يَا نَبِيّ اللَّه ؟ قَالَ : " إِنِّي أُمِرْت أَنْ أُخَيِّرَكُنَّ " , وَتَلَا عَلَيْهَا آيَة التَّخْيِير إِلَى آخِر الْآيَتَيْنِ ; قَالَتْ : قُلْت : وَمَا الَّذِي تَقُول ؟ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَاك , فَإِنِّي أَخْتَار اللَّهَ وَرَسُولَهُ ; فَسُرَّ بِذَلِكَ , وَعَرَضَ عَلَى نِسَائِهِ , فَتَتَابَعْنَ كُلّهنَّ , فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ . * حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُوسَى بْن عَلِيّ , وَيُونُس بْن يَزِيد , عَنِ ابْن شِهَاب , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْد الرَّحْمَن , أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : لَمَّا أُمِرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجه , بَدَأَنِي , فَقَالَ : " إِنِّي ذَاكِر لَك أَمْرًا , فَلَا عَلَيْك أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك " ; قَالَتْ : قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ ; قَالَتْ : ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَة : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } قَالَتْ : فَقُلْت : فَفِي أَيّ هَذَا أَسْتَأْمِر أَبَوَيَّ ؟ فَإِنِّي أُرِيد اللَّهَ وَرَسُولَهُ , وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ; قَالَتْ عَائِشَة : ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْل مَا فَعَلْت , فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حِين قَالَهُ لَهُنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَاخْتَرْنَهُ طَلَاقًا مِنْ أَجْل أَنَّهُنَّ اخْتَرْنَهُ.'; $t[29] = ''; $t[30] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا نِسَاءَ النَّبِيّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة يُضَاعَف لَهَا الْعَذَاب ضِعْفَيْنِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِأَزْوَاجِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَا نِسَاءَ النَّبِيّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } يَقُول : مَنْ يَزْنِ مِنْكُنَّ الزِّنَا الْمَعْرُوف الَّذِي أَوْجَبَ اللَّه عَلَيْهِ الْحَدَّ , يُضَاعَف لَهَا الْعَذَاب عَلَى فُجُورهَا فِي الْآخِرَة ضِعْفَيْنِ عَلَى فُجُور أَزْوَاج النَّاس غَيْرهمْ , كَمَا : 21708 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس { يُضَاعَف لَهَا الْعَذَاب ضِعْفَيْنِ } قَالَ : يَعْنِي عَذَاب الْآخِرَة. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { يُضَاعَف لَهَا الْعَذَاب } بِالْأَلِفِ , غَيْر أَبِي عَمْرو , فَإِنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ : " يُضَعَّف " بِتَشْدِيدِ الْعَيْن تَأَوُّلًا مِنْهُ فِي قِرَاءَته ذَلِكَ أَنَّ يُضَعَّف بِمَعْنَى : تَضْعِيف الشَّيْء مَرَّة وَاحِدَة , وَذَلِكَ أَنْ يُجْعَل الشَّيْء شَيْئَيْنِ , فَكَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام عِنْدَهُ : أَنْ يَجْعَل عَذَاب مَنْ يَأْتِي مِنْ نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , مِثْلَيْ عَذَاب سَائِر النِّسَاء غَيْرهنَّ , وَيَقُول : إِنَّ { يُضَاعَف } بِمَعْنَى أَنْ يُجْعَل إِلَى الشَّيْء مِثْلَاهُ , حَتَّى يَكُونَ ثَلَاثَة أَمْثَاله فَكَأَنَّ مَعْنَى مَنْ قَرَأَ { يُضَاعَف } عِنْدَهُ كَانَ أَنَّ عَذَابهَا ثَلَاثَة أَمْثَال عَذَاب غَيْرهَا مِنْ النِّسَاء مِنْ غَيْر أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلِذَلِكَ اخْتَارَ " يُضَعَّف " عَلَى يُضَاعَف , وَأَنْكَرَ الْآخَرُونَ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ يُضَاعَف مَا كَانَ يَقُول فِي ذَلِكَ , وَيَقُولُونَ : لَا نَعْلَم بَيْنَ وَيُضَاعَف وَيُضَعَّف فَرْقًا . وَالصَّوَاب مِنَ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار , وَذَلِكَ { يُضَاعَف } , وَأَمَّا التَّأْوِيل الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو عَمْرو , فَتَأْوِيل لَا نَعْلَم أَحَدًا مِنْ أَهْل الْعِلْم ادَّعَاهُ غَيْره , وَغَيْر أَبِي عُبَيْدَة مَعْمَر بْن الْمُثَنَّى , وَلَا يَجُوز خِلَاف مَا جَاءَتْ بِهِ الْحُجَّة مُجْمِعَة عَلَيْهِ بِتَأْوِيلٍ لَا بُرْهَانَ لَهُ مِنَ الْوَجْه الَّذِي يَجِب التَّسْلِيم لَهُ . وَقَوْله : { وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَتْ مُضَاعَفَة الْعَذَاب عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ عَلَى اللَّه يَسِيرًا , وَاللَّه أَعْلَم .'; $t[31] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَقْنُت مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُوله وَتَعْمَل صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْكُنَّ وَتَعْمَل بِمَا أَمَرَ اللَّه بِهِ { نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ } يَقُول : يُعْطِهَا اللَّه ثَوَابَ عَمَلهَا , مِثْلَيْ ثَوَاب عَمَل غَيْرهنَّ مِنْ سَائِر نِسَاء النَّاس { وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا } يَقُول : وَأَعْتَدْنَا لَهَا فِي الْآخِرَة عَيْشًا هَنِيئًا فِي الْجَنَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21709 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَنْ يَقْنُت مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُوله } . . . الْآيَة , يَعْنِي : تُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ . { وَتَعْمَل صَالِحًا } تَصُوم وَتُصَلِّي. 21710 - حَدَّثَنِي سَلْم بْن جُنَادَة , قَالَ : ثنا ابْن إِدْرِيس , عَنْ ابْن عَوْن , قَالَ : سَأَلْت عَامِرًا عَنْ الْقُنُوت , قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : قُلْت { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } 2 238 س . قَالَ : مُطِيعِينَ ; قَالَ : قُلْت { وَمَنْ يَقْنُت مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُوله } قَالَ : يُطِعْنَ. 21711 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَنْ يَقْنُت مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُوله } أَيْ مَنْ يُطِعْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُوله { وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا } وَهِيَ الْجَنَّة . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَتَعْمَل صَالِحًا } فَقَرَأَ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْبَصْرَة : { وَتَعْمَل } بِالتَّاءِ رَدًّا عَلَى تَأْوِيل مَنْ إِذْ جَاءَ بَعْدَ قَوْله { مِنْكُنَّ } , وَحَكَى بَعْضهمْ عَنِ الْعَرَب أَنَّهَا تَقُول : كَمْ بِيعَ لَك جَارِيَة ؟ وَأَنَّهُمْ إِنْ قَدَّمُوا الْجَارِيَةَ قَالُوا : كَمْ جَارِيَة بِيعَتْ لَك ؟ فَأَنَّثُوا الْفِعْلَ بَعْدَ الْجَارِيَة , وَالْفِعْل فِي الْوَجْهَيْنِ لَكُمْ لَا لِلْجَارِيَةِ , وَذَكَرَ الْفَرَّاءُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَب أَنْشَدَهُ : أَيَا أُمّ عَمْرو مَنْ يَكُنْ عُقْر دَاره جِوَاء عَدِيّ يَأْكُل الْحَشَرَات وَيَسْوَدّ مِنْ لَفْح السُّمُوم جَبِينه وَيَعْرُو إِنْ كَانَ ذَوِي بَكَرَات فَقَالَ : وَإِنْ كَانُوا , وَلَمْ يَقُلْ : وَإِنْ كَانَ , وَهُوَ لِمَنْ , فَرَدَّهُ عَلَى الْمَعْنَى , وَأَمَّا أَهْل الْكُوفَة , فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّائِهَا : " وَيَعْمَل " بِالْيَاءِ عَطْفًا عَلَى يَقْنُت , إِذْ كَانَ الْجَمِيع عَلَى قِرَاءَة الْيَاء , وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ , وَلُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي كَلَام الْعَرَب , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب ; وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تَرُدّ خَبَر " مِنْ " أَحْيَانًا عَلَى لَفْظهَا , فَتُوَحِّد وَتُذَكِّر , وَأَحْيَانًا عَلَى مَعْنَاهَا كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْك أَفَأَنْت تُسْمِع الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُر إِلَيْك } 10 42 : 43 فَجَمَعَ مَرَّة لِلْمَعْنَى , وَوَحَّدَ أُخْرَى لِلَّفْظِ .'; $t[32] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا نِسَاءَ النَّبِيّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِأَزْوَاجِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَا نِسَاءَ النَّبِيّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاء } مِنْ نِسَاء هَذِهِ الْأُمَّة { إِنِ اتَّقَيْتُنَّ } اللَّه فَأَطَعْتُنَّهُ فِيمَا أَمَرَكُنَّ وَنَهَاكُنَّ , كَمَا : 21712 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا نِسَاءَ النَّبِيّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاء } يَعْنِي مِنْ نِسَاء هَذِهِ الْأُمَّة . وَقَوْله : { فَلَا تَخْضَعْن بِالْقَوْلِ } يَقُول : فَلَا تَلِنَّ بِالْقَوْلِ لِلرِّجَالِ فِيمَا يَبْتَغِيه أَهْل الْفَاحِشَة مِنْكُنَّ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21713 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { يَا نِسَاءَ النَّبِيّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْن بِالْقَوْلِ } يَقُول : لَا تُرَخِّصْنَ بِالْقَوْلِ , وَلَا تَخْضَعْنَ بِالْكَلَامِ . 21714 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } قَالَ : خُضْع الْقَوْل مَا يُكْرَه مِنْ قَوْل النِّسَاء لِلرِّجَالِ مِمَّا يَدْخُل فِي قُلُوب الرِّجَال . وَقَوْله : { فَيَطْمَع الَّذِي فِي قَلْبه مَرَض } يَقُول : فَيَطْمَع الَّذِي فِي قَلْبه ضَعْف ; فَهُوَ لِضَعْفِ إِيمَانه فِي قَلْبه , إِمَّا شَاكّ فِي الْإِسْلَام مُنَافِق , فَهُوَ لِذَلِكَ مِنْ أَمْره يَسْتَخِفّ بِحُدُودِ اللَّه , وَإِمَّا مُتَهَاوِن بِإِتْيَانِ الْفَوَاحِش . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّمَا وَصَفَهُ بِأَنَّ فِي قَلْبه مَرَضًا ; لِأَنَّهُ مُنَافِق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21715 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَيَطْمَع الَّذِي فِي قَلْبه مَرَض } قَالَ : نِفَاق . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ وَصَفَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَشْتَهُونَ إِتْيَانَ الْفَوَاحِش . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21716 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد عَنْ قَتَادَة { فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبه مَرَض } قَالَ : قَالَ عِكْرِمَة : شَهْوَة الزِّنَا . وَقَوْله : { وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا } يَقُول : وَقُلْنَ قَوْلًا قَدْ أَذِنَ اللَّه لَكُمْ بِهِ وَأَبَاحَهُ . كَمَا : 21717 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : قَوْلًا جَمِيلًا حَسَنًا مَعْرُوفًا فِي الْخَيْر .'; $t[33] = 'وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَقَرْن فِي بُيُوتكُنَّ } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : { وَقَرْن } بِفَتْحِ الْقَاف , بِمَعْنَى : وَاقْرَرْنَ فِي بُيُوتكُنَّ , وَكَأَنَّ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ حَذَفَ الرَّاءَ الْأُولَى مِنْ اقْرَرْنَ , وَهِيَ مَفْتُوحَة , ثُمَّ نَقَلَهَا إِلَى الْقَاف , كَمَا قِيلَ : { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } 56 65 وَهُوَ يُرِيد فَظَلِلْتُمْ , فَأُسْقِطَتْ اللَّام الْأُولَى , وَهِيَ مَكْسُورَة , ثُمَّ نُقِلَتْ كَسْرَتهَا إِلَى الظَّاء , وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة : { وَقِرْنَ } بِكَسْرِ الْقَاف , بِمَعْنَى : كُنَّ أَهْل وَقَار وَسَكِينَة { فِي بُيُوتكُنَّ } . وَهَذِهِ الْقِرَاءَة وَهِيَ الْكَسْر فِي الْقَاف أَوْلَى عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ إِنْ كَانَ مِنَ الْوَقَار عَلَى مَا اخْتَرْنَا , فَلَا شَكَّ أَنَّ الْقِرَاءَة بِكَسْرِ الْقَاف , لِأَنَّهُ يُقَال : وَقِرَ فُلَان فِي مَنْزِله فَهُوَ يَقِر وُقُورًا , فَتُكْسَر الْقَاف فِي تَفْعَل ; فَإِذَا أَمَرَ مِنْهُ قِيلَ : قِرْ , كَمَا يُقَال مِنْ وَزَنَ : يَزِن زِنْ , وَمِنْ وَعَدَ : يَعِد عِدْ , وَإِنْ كَانَ مِنَ الْقَرَار , فَإِنَّ الْوَجْهَ أَنْ يُقَالَ : اقْرَرْنَ , لِأَنَّ مَنْ قَالَ مِنَ الْعَرَب : ظَلْتُ أَفْعَل كَذَا , وَأَحَسْتُ بِكَذَا , فَأَسْقَطَ عَيْنَ الْفِعْل , وَحَوَّلَ حَرَكَتهَا إِلَى فَائِهِ فِي فَعَلَ وَفَعَلْنَا وَفَعَلْتُمْ , لَمْ يَفْعَل ذَلِكَ فِي الْأَمْر وَالنَّهْي , فَلَا يَقُول : ظِلّ قَائِمًا , وَلَا تَظَلّ قَائِمًا , فَلَيْسَ الَّذِي اعْتَلَّ بِهِ مَنْ اعْتَلَّ لِصِحَّةِ الْقِرَاءَة بِفَتْحِ الْقَاف فِي ذَلِكَ يَقُول الْعَرَب فِي ظَلِلْت وَأَحْسَسْت ظَلْتُ , وَأَحَسْتُ بِعِلَّةٍ تُوجِب صِحَّته لِمَا وَصَفْت مِنَ الْعِلَّة , وَقَدْ حَكَى بَعْضهمْ عَنْ بَعْض الْأَعْرَاب سَمَاعًا مِنْهُ : يَنْحَطَنَّ مِنْ الْجَبَلِ , وَهُوَ يُرِيد : يَنْحَطِطْنَ , فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ صَحِيحًا , فَهُوَ أَقْرَب إِلَى أَنْ يَكُونَ حُجَّة لِأَهْلِ هَذِهِ الْقِرَاءَة مِنَ الْحُجَّة الْأُخْرَى . وَقَوْله : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } قِيلَ : إِنَّ التَّبَرُّجَ فِي هَذَا الْمَوْضِع التَّبَخْتُر وَالتَّكَسُّر. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21718 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } : أَيْ إِذَا خَرَجْتُنَّ مِنْ بُيُوتكُنَّ ; قَالَ : كَانَتْ لَهُنَّ مِشْيَة وَتَكَسُّر وَتَغَنُّج , يَعْنِي بِذَلِكَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى فَنَهَاهُنَّ اللَّه عَنْ ذَلِكَ . 21719 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : سَمِعْت ابْنَ أَبِي نَجِيح , يَقُول فِي قَوْله : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } قَالَ : التَّبَخْتُر , وَقِيلَ : إِنَّ التَّبَرُّجَ هُوَ إِظْهَار الزِّينَة , وَإِبْرَاز الْمَرْأَة مَحَاسِنَهَا لِلرِّجَالِ . وَأَمَّا قَوْله : { تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيل اخْتَلَفُوا فِي الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ مَا بَيْن عِيسَى وَمُحَمَّد عَلَيْهِمَا السَّلَام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 211720 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ زَكَرِيَّا , عَنْ عَامِر { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } قَالَ : الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى : مَا بَيْن عِيسَى وَمُحَمَّد عَلَيْهِمَا السَّلَام . وَقَالَ آخَرُونَ : ذَلِكَ مَا بَيْن آدَم وَنُوح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21721 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ الْحَكَم { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } قَالَ : وَكَانَ بَيْن آدَم وَنُوح ثَمَانمِائَةِ سَنَة , فَكَانَ نِسَاؤُهُمْ مِنْ أَقْبَح مَا يَكُون مِنْ النِّسَاء , وَرِجَالهمْ حِسَان , فَكَانَتْ الْمَرْأَة تُرِيد الرَّجُلَ عَلَى نَفْسه , فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ بَيْن نُوح وَإِدْرِيس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21722 - حَدَّثَنِي ابْن زُهَيْر , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , يَعْنِي ابْن أَبِي الْفُرَات , قَالَ : ثنا عِلْبَاء بْن أَحْمَر , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : تَلَا هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } قَالَ : كَانَ فِيمَا بَيْن نُوح وَإِدْرِيس , وَكَانَتْ أَلْف سَنَة ; وَإِنَّ بَطْنَيْنِ مِنْ وَلَد آدَم كَانَ أَحَدهمَا يَسْكُن السَّهْلَ , وَالْآخَر يَسْكُن الْجَبَلَ , وَكَانَ رِجَال الْجَبَل صِبَاحًا , وَفِي النِّسَاء دَمَامَة , وَكَانَ نِسَاء السَّهْل صِبَاحًا , وَفِي الرِّجَال دَمَامَة , وَإِنَّ إِبْلِيس أَتَى رَجُلًا مِنْ أَهْل السَّهْل فِي صُورَة غُلَام , فَأَجَرَ نَفْسَهُ مِنْهُ , وَكَانَ يَخْدُمهُ , وَاتَّخَذَ إِبْلِيس شَيْئًا مِثْل ذَلِكَ الَّذِي يُزَمِّر فِيهِ الرِّعَاء , فَجَاءَ فِيهِ بِصَوْتٍ لَمْ يُسْمَع مِثْله , فَبَلَغَ ذَلِكَ مَنْ حَوْلهمْ , فَانْتَابُوهُمْ يَسْمَعُونَ إِلَيْهِ , وَاتَّخَذُوا عِيدًا يَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ فِي السَّنَة , فَتَتَبَرَّجَ الرِّجَال لِلنِّسَاءِ . قَالَ : وَيَتَزَيَّن النِّسَاء لِلرِّجَالِ , وَإِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْل الْجَبَل هَجَمَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِي عِيدهمْ ذَلِكَ , فَرَأَى النِّسَاءَ , فَأَتَى أَصْحَابَهُ فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ , فَتَحَوَّلُوا إِلَيْهِنَّ , فَنَزَلُوا مَعَهُنَّ , فَظَهَرَتْ الْفَاحِشَة فِيهِنَّ , فَهُوَ قَوْل اللَّه : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْره نَهَى نِسَاء النَّبِيِّ أَنْ يَتَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى , وَجَائِز أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَا بَيْنَ آدَم وَعِيسَى , فَيَكُون مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى الَّتِي قَبْلَ الْإِسْلَام , فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَوَفِي الْإِسْلَام جَاهِلِيَّة حَتَّى يُقَال : عَنَى بِقَوْلِهِ { الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } الَّتِي قَبْلَ الْإِسْلَام ؟ قِيلَ : فِيهِ أَخْلَاق مِنْ أَخْلَاق الْجَاهِلِيَّة . كَمَا : 21723 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } قَالَ : يَقُول : الَّتِي كَانَتْ قَبْل الْإِسْلَام , قَالَ : وَفِي الْإِسْلَام جَاهِلِيَّة ؟ قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي الدَّرْدَاء , وَقَالَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يُنَازِعهُ : يَا ابْن فُلَانَة , لِأُمٍّ كَانَ يُعَيِّرهُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّة , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا أَبَا الدَّرْدَاء إِنَّ فِيك جَاهِلِيَّة " , قَالَ : أَجَاهِلِيَّة كُفْر أَوْ إِسْلَام ؟ قَالَ : " بَلْ جَاهِلِيَّة كُفْر " , قَالَ : فَتَمَنَّيْت أَنْ لَوْ كُنْت ابْتَدَأْت إِسْلَامِي يَوْمَئِذٍ . قَالَ : وَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاث مِنْ عَمَل أَهْل الْجَاهِلِيَّة لَا يَدَعهُنَّ النَّاس : الطَّعْن بِالْأَنْسَابِ , وَالِاسْتِمْطَار بِالْكَوَاكِبِ , وَالنِّيَاحَة " . 21724 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنِي سُلَيْمَان بْن بِلَال , عَنْ ثَوْر , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس , أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب , قَالَ لَهُ : أَرَأَيْت قَوْل اللَّه لِأَزْوَاجِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } هَلْ كَانَتْ إِلَّا وَاحِدَة , فَقَالَ ابْن عَبَّاس : وَهَلْ كَانَتْ مِنْ أُولَى إِلَّا وَلَهَا آخِرَة ؟ فَقَالَ عُمَر : لِلَّهِ دَرّك يَا ابْنَ عَبَّاس , كَيْفَ قُلْت ؟ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , هَلْ كَانَتْ مِنْ أُولَى إِلَّا وَلَهَا آخِرَة ؟ قَالَ : فَأْتِ بِتَصْدِيقِ مَا تَقُول مِنْ كِتَاب اللَّه , قَالَ : نَعَمْ { وَجَاهِدُوا فِي اللَّه حَقَّ جِهَاده } 22 78 كَمَا جَاهَدْتُمْ أَوَّلَ مَرَّة . قَالَ عُمَر : فَمَنْ أُمِرَ بِالْجِهَادِ ؟ قَالَ : قَبِيلَتَانِ مِنْ قُرَيْش : مَخْزُوم , وَبَنُو عَبْد شَمْس , فَقَالَ عُمَر : صَدَقْت . وَجَائِز أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَا بَيْن آدَم وَنُوح , وَجَائِز أَنْ يَكُونَ مَا بَيْن إِدْرِيس وَنُوح , فَتَكُون الْجَاهِلِيَّة الْآخِرَة , مَا بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّد , وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَمِلهُ ظَاهِر التَّنْزِيل . فَالصَّوَاب أَنْ يُقَال فِي ذَلِكَ , كَمَا قَالَ اللَّه : إِنَّهُ نَهَى عَنْ تَبَرُّج الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى . وَقَوْله : { وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ } يَقُول : وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ , وَآتِينَ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْكُنَّ فِي أَمْوَالكُنَّ { وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } فِيمَا أَمَرَاكُنَّ وَنَهَيَاكُنَّ { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت } يَقُول : إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمْ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ يَا أَهْلَ بَيْت مُحَمَّد , وَيُطَهِّرَكُمْ مِنْ الدَّنَس الَّذِي يَكُون فِي أَهْل مَعَاصِي اللَّه تَطْهِيرًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21725 - بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } فَهُمْ أَهْل بَيْت طَهَّرَهُمْ اللَّه مِنْ السُّوء , وَخَصَّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ . 21726 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } قَالَ : الرِّجْس هَا هُنَا : الشَّيْطَان , وَسِوَى ذَلِكَ مِنْ الرِّجْس : الشِّرْك. اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِينَ عَنَوْا بِقَوْلِهِ { أَهْلَ الْبَيْت } فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيّ وَفَاطِمَة وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن رِضْوَان اللَّه عَلَيْهِمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21727 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا بَكْر بْن يَحْيَى بْن زَبَّانَ الْعَنَزِيّ , قَالَ : ثنا مَنْدَل , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي خَمْسَة : فِيَّ , وَفِي عَلِيّ , وَحَسَن , وَحُسَيْن رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , وَفَاطِمَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا " { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } . 21728 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , عَنْ زَكَرِيَّا , عَنْ مُصْعَب بْن شَيْبَة , عَنْ صَفِيَّة بِنْت شَيْبَةَ قَالَتْ : قَالَتْ عَائِشَة : خَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَات غَدَاة , وَعَلَيْهِ مِرْط مُرَجَّل مِنْ شَعْر أَسْوَد , فَجَاءَ الْحَسَن , فَأَدْخَلَهُ مَعَهُ , ثُمَّ قَالَ : { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } . 21729 -حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بَكْر , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ أَنَس أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمُرّ بِبَيْتِ فَاطِمَةَ سِتَّة أَشْهَر , كُلَّمَا خَرَجَ إِلَى الصَّلَاة فَيَقُول : " الصَّلَاة أَهْل الْبَيْت " { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } . 21730 -حَدَّثَنِي مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم بْن سُوَيْد النَّخَعِيّ , عَنْ هِلَال , يَعْنِي ابْن مِقْلَاص , عَنْ زُبَيْد , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , عَنْ أُمّ سَلَمَة , قَالَتْ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدِي , وَعَلِيّ وَفَاطِمَة وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن , فَجَعَلْت لَهُمْ خَزِيرَة , فَأَكَلُوا وَنَامُوا , وَغَطَّى عَلَيْهِمْ عَبَاءَة أَوْ قَطِيفَة , ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْل بَيْتِي , أَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْس وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا " . 21731 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو دَاوُدَ , عَنْ أَبِي الْحَمْرَاء , قَالَ : رَابَطْت الْمَدِينَة سَبْعَة أَشْهُر عَلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْر , جَاءَ إِلَى بَاب عَلِيّ وَفَاطِمَةَ فَقَالَ : " الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ " { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } . * حَدَّثَنِي عَبْد الْأَعْلَى بْن وَاصِل , قَالَ : ثنا الْفَضْل بْن دُكَيْن , قَالَ : ثنا يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق , بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْله . 21732 - حَدَّثَنِي عَبْد الْأَعْلَى بْن وَاصِل , قَالَ : ثنا الْفَضْل بْن دُكَيْن , قَالَ : ثنا عَبْد السَّلَام بْن حَرْب , عَنْ كُلْثُوم الْمُحَارِبِيّ , عَنْ أَبِي عَمَّار , قَالَ : إِنِّي لَجَالِس عِنْدَ وَاثِلَة بْن الْأَسْقَع إِذْ ذَكَرُوا عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَشَتَمُوهُ ; فَلَمَّا قَامُوا , قَالَ : اجْلِسْ حَتَّى أُخْبِرَك عَنْ هَذَا الَّذِي شَتَمُوا , إِنِّي عِنْدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِذْ جَاءَهُ عَلِيّ وَفَاطِمَة وَحَسَن وَحُسَيْن , فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ كِسَاء لَهُ , ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْل بَيْتِي , اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْس وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا " . قُلْت : يَا رَسُول اللَّه وَأَنَا ؟ قَالَ : " وَأَنْتَ " ; قَالَ : فَوَاللَّهِ إِنَّهَا لَأَوْثَقُ عَمَلِي عِنْدِي . * حَدَّثَنِي عَبْد الْكَرِيم بْن أَبِي عُمَيْر , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : ثنا أَبُو عَمْرو , قَالَ : ثني شَدَّاد أَبُو عَمَّار قَالَ : سَمِعْت وَاثِلَة بْن الْأَسْقَع يُحَدِّث , قَالَ : سَأَلْت عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب فِي مَنْزِله , فَقَالَتْ فَاطِمَة : قَدْ ذَهَبَ يَأْتِي بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِذْ جَاءَ , فَدَخَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَخَلْت , فَجَلَسَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْفِرَاش وَأَجْلَسَ فَاطِمَةَ عَنْ يَمِينه , وَعَلِيًّا عَنْ يَسَاره وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا بَيْن يَدَيْهِ , فَلَفَعَ عَلَيْهِمْ بِثَوْبِهِ وَقَالَ : وَ { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي , اللَّهُمَّ أَهْلِي أَحَقُّ " . قَالَ وَاثِلَة : فَقُلْت مِنْ نَاحِيَة الْبَيْت : وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّه مِنْ أَهْلِك ؟ قَالَ : " وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِي " , قَالَ وَاثِلَة : إِنَّهَا لَمِنْ أَرْجَى مَا أَرْتَجِي . * حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ عَبْد الْحَمِيد بْن بَهْرَامَ , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , عَنْ فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّةَ , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , عَنْ أُمّ سَلَمَةَ , قَالَتْ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } دَعَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا , فَجَلَّلَ عَلَيْهِمْ كِسَاءَ خَيْبَرِيًّا , فَقَالَ : " اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْل بَيْتِي , اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا " قَالَتْ أُمّ سَلَمَةَ : أَلَسْت مِنْهُمْ ؟ قَالَ : أَنْتَ إِلَى خَيْر . 21733 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مُصْعَب بْن الْمِقْدَام , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن زَرْبِيّ , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ أُمّ سَلَمَةَ , قَالَتْ : جَاءَتْ فَاطِمَة إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْمَةٍ لَهَا قَدْ صَنَعَتْ فِيهَا عَصِيدَةً تَحِلّهَا عَلَى طَبَق , فَوَضَعَتْهُ بَيْن يَدَيْهِ , فَقَالَ : " وَأَيْنَ ابْن عَمّك وَابْنَاك ؟ " فَقَالَتْ : فِي الْبَيْت , فَقَالَ : " ادْعِيهِمْ " , فَجَاءَتْ إِلَى عَلِيّ , فَقَالَتْ : أَجِبْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتَ وَابْنَاك. قَالَتْ أُمّ سَلَمَةَ : فَلَمَّا رَآهُمْ مُقْبِلِينَ مَدّ يَدَهُ إِلَى كِسَاء كَانَ عَلَى الْمَنَامَة فَمَدَّهُ وَبَسَطَهُ وَأَجْلَسَهُمْ عَلَيْهِ , ثُمَّ أَخَذَ بِأَطْرَافِ الْكِسَاء الْأَرْبَعَة بِشِمَالِهِ , فَضَمَّهُ فَوْقَ رُءُوسهمْ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى إِلَى رَبّه , فَقَالَ : " هَؤُلَاءِ أَهْل الْبَيْت , فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا " . 21734 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا حَسَن بْن عَطِيَّة , قَالَ : ثنا فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ أَبِي سَعِيد عَنْ أُمّ سَلَمَةَ زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي بَيْتهَا { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } قَالَتْ : وَأَنَا جَالِسَة عَلَى بَاب الْبَيْت , فَقُلْت : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّه أَلَسْت مِنْ أَهْل الْبَيْت ؟ قَالَ : " إِنَّك إِلَى خَيْر , أَنْتِ مِنْ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَتْ : وَفِي الْبَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيّ وَفَاطِمَة وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ . 21735 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا خَالِد بْن مَخْلَد , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن يَعْقُوب , قَالَ : ثني هَاشِم بْن هَاشِم بْن عُتْبَة بْن أَبِي وَقَّاص , عَنْ عَبْد اللَّه بْن وَهْب بْن زَمْعَةَ , قَالَ : أَخْبَرَتْنِي أُمّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ عَلِيًّا وَالْحَسَنَيْنِ , ثُمَّ أَدْخَلَهُمْ تَحْتَ ثَوْبه , ثُمَّ جَأَرَ إِلَى اللَّه , ثُمَّ قَالَ : " هَؤُلَاءِ أَهْل بَيْتِي " , فَقَالَتْ أُمّ سَلَمَةَ : يَا رَسُولَ اللَّه أَدْخِلْنِي مَعَهُمْ , قَالَ : " إِنَّك مِنْ أَهْلِي " . 21736 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن صَالِح , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الْأَصْبَهَانِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن عُبَيْد الْمَكِّيّ , عَنْ عَطَاء , عَنْ عُمَر بْن أَبِي سَلَمَة , قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْت أُمّ سَلَمَةَ { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } فَدَعَا حَسَنًا وَحُسَيْنًا وَفَاطِمَة , فَأَجْلَسَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ , وَدَعَا عَلِيًّا فَأَجْلَسَهُ خَلْفَهُ , فَتَجَلَّلَ هُوَ وَهُمْ بِالْكِسَاءِ ثُمَّ قَالَ : وَهَؤُلَاءِ أَهْل بَيْتِي , فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا " - قَالَتْ أُمّ سَلَمَة : أَنَا مَعَهُمْ مَكَانَك وَأَنْتِ عَلَى خَيْر . 21737 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن أَبَانَ , قَالَ : ثنا الصَّبَّاح بْن يَحْيَى الْمُرِّيّ , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي الدَّيْلَم , قَالَ : قَالَ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن لِرَجُلٍ مِنْ أَهْل الشَّام : أَمَا قَرَأْت فِي الْأَحْزَاب : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } قَالَ : وَلَأَنْتُمْ هُمْ ؟ قَالَ : نَعَمْ . 21738 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر الْحَنَفِيّ , قَالَ : ثنا بُكَيْر بْن مِسْمَار , قَالَ : سَمِعْت عَامِر بْن سَعْد , قَالَ : قَالَ سَعْد : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْي , فَأَخَذَ عَلِيًّا وَابْنَيْهِ وَفَاطِمَةَ , وَأَدْخَلَهُمْ تَحْتَ ثَوْبه , ثُمَّ قَالَ : " رَبِّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي وَأَهْل بَيْتِي " . 21739 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْقُدُّوس , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ حَكِيم بْن سَعْد , قَالَ : ذَكَرْنَا عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عِنْدَ أُمّ سَلَمَةَ قَالَتْ : فِيهِ نَزَلَتْ : { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } قَالَتْ أُمّ سَلَمَةَ : جَاءَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِي , فَقَالَ : " لَا تَأْذَنِي لِأَحَدٍ " , فَجَاءَتْ فَاطِمَة , فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَحْجُبهَا عَنْ أَبِيهَا , ثُمَّ جَاءَ الْحَسَن , فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَمْنَعَهُ أَنْ يَدْخُل عَلَى جَدّه وَأُمّه , وَجَاءَ الْحُسَيْن , فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَحْجُبهُ , فَاجْتَمَعُوا حَوْلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بِسَاط , فَجَلَّلَهُمْ نَبِيّ اللَّه بِكِسَاءٍ كَانَ عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : " هَؤُلَاءِ أَهْل بَيْتِي , فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة حِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى الْبِسَاط ; قَالَتْ : فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّه : وَأَنَا , قَالَتْ : فَوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ وَقَالَ : " إِنَّك إِلَى خَيْر " . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ أَزْوَاجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21740 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْأَصْبَغُ , عَنْ عَلْقَمَةَ , قَالَ : كَانَ عِكْرِمَة يُنَادِي فِي السُّوق : { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } قَالَ : نَزَلَتْ فِي نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة .'; $t[34] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتكُنَّ مِنْ آيَات اللَّه وَالْحِكْمَة إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِأَزْوَاجِ نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاذْكُرْنَ نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُنَّ , بِأَنْ جَعَلَكُنَّ فِي بُيُوت تُتْلَى فِيهَا آيَات اللَّه وَالْحِكْمَة , فَاشْكُرْنَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ , وَاحْمَدْنَهُ عَلَيْهِ ; وَعَنَى بِقَوْلِهِ : { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتكُنَّ مِنْ آيَات اللَّه } وَاذْكُرْنَ مَا يُقْرَأ فِي بُيُوتكُنَّ مِنْ آيَات كِتَاب اللَّه وَالْحِكْمَة ; وَيَعْنِي بِالْحِكْمَةِ : مَا أُوحِيَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْكَام دِين اللَّه , وَلَمْ يَنْزِل بِهِ قُرْآن , وَذَلِكَ السُّنَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21741 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتكُنَّ مِنْ آيَات اللَّه وَالْحِكْمَة } : أَيْ السُّنَّة , قَالَ : يَمْتَنّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ , وَقَوْله : { إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّهَ كَانَ ذَا لُطْف بِكُنَّ , إِذْ جَعَلَكُنَّ فِي الْبُيُوت الَّتِي تُتْلَى فِيهَا آيَاته وَالْحِكْمَة , خَبِيرًا بِكُنَّ إِذْ اخْتَارَكُنَّ لِرَسُولِهِ أَزْوَاجًا.'; $t[35] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَات وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَات وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَات وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَات وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَات وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَات وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَات وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَات أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ مَغْفِرَة وَأَجْرًا عَظِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الْمُتَذَلِّلِينَ لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ وَالْمُتَذَلِّلَات , وَالْمُصَدِّقِينَ وَالْمُصَدِّقَات رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَات لِلَّهِ , وَالْمُطِيعِينَ لِلَّهِ وَالْمُطِيعَات لَهُ فِيمَا أَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ , وَالصَّادِقِينَ لِلَّهِ فِيمَا عَاهَدُوهُ عَلَيْهِ وَالصَّادِقَات فِيهِ , وَالصَّابِرِينَ لِلَّهِ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء عَلَى الثَّبَات عَلَى دِينه , وَحِينَ الْبَأْس وَالصَّابِرَات , وَالْخَاشِعَة قُلُوبهمْ لِلَّهِ وَجَلًا مِنْهُ وَمِنْ عِقَابه وَالْخَاشِعَات , وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَات , وَهُمْ الْمُؤَدُّونَ حُقُوقَ اللَّه مِنْ أَمْوَالهمْ وَالْمُؤَدِّيَات , وَالصَّائِمِينَ شَهْرَ رَمَضَان الَّذِي فَرَضَ اللَّه صَوْمه عَلَيْهِمْ وَالصَّائِمَات , الْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجهمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ , وَالْحَافِظَات ذَلِكَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجهنَّ إِنْ كُنَّ حَرَائِر , أَوْ مَنْ مَلَكهنَّ إِنْ كُنَّ إِمَاء , وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ بِقُلُوبِهِمْ وَأَلْسِنَتهمْ وَجَوَارِحهمْ وَالذَّاكِرَات , كَذَلِكَ أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ مَغْفِرَة لِذُنُوبِهِمْ , وَأَجْرًا عَظِيمًا : يَعْنِي ثَوَابًا فِي الْآخِرَة عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالهمْ عَظِيمًا , وَذَلِكَ الْجَنَّة. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21742 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : دَخَلَ نِسَاء عَلَى نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْنَ : قَدْ ذَكَرَكُنَّ اللَّه فِي الْقُرْآن , وَلَمْ نُذْكَر بِشَيْءٍ , أَمَا فِينَا مَا يُذْكَر ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَات } : أَيْ الْمُطِيعِينَ وَالْمُطِيعَات { وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَات } : أَيْ الْخَائِفِينَ وَالْخَائِفَات { أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ مَغْفِرَة } لِذُنُوبِهِمْ { وَأَجْرًا عَظِيمًا } فِي الْجَنَّة . 21743 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَأَجْرًا عَظِيمًا } قَالَ : الْجَنَّة وَفِي قَوْله : { وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَات } قَالَ : الْمُطِيعِينَ وَالْمُطِيعَات . 21744 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَامِر , قَالَ : الْقَانِتَات : وَالْمُطِيعَات . 21745 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قَالَتْ أُمّ سَلَمَة : يَا رَسُولَ اللَّه يُذْكَر الرِّجَال وَلَا نُذْكَر , فَنَزَلَتْ : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات } * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي سَلَمَة , أَنَّ يَحْيَى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حَاطِب , حَدَّثَهُ , عَنْ أُمّ سَلَمَة قَالَتْ : قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّه , أَيُذْكَرُ الرِّجَال فِي كُلّ شَيْء , وَلَا نُذْكَر ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات } . . . . الْآيَة . 21746 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا سَيَّار بْن مُظَاهِر الْعَنَزِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو كُدَيْنَةَ يَحْيَى بْن مُهَلَّب , عَنْ قَابُوس بْن أَبِي ظَبْيَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَالَهُ يَذْكُر الْمُؤْمِنِينَ , وَلَا يَذْكُر الْمُؤْمِنَات ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات } . . . الْآيَةَ . 21747 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات } قَالَ : قَالَتْ أُمّ سَلَمَةَ زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا لِلنِّسَاءِ لَا يُذْكَرْنَ مَعَ الرِّجَال فِي الصَّلَاح ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة . 21748 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمَعْمَر , قَالَ : ثنا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَاحِد , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن حَكِيم , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن شَيْبَة , قَالَ : سَمِعْت أُمّ سَلَمَةَ زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُول : قُلْت لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللَّه , مَا لَنَا لَا نُذْكَر فِي الْقُرْآن كَمَا يُذْكَر الرِّجَال ؟ قَالَتْ : فَلَمْ يَرُعْنِي ذَاتَ يَوْم ظُهْرًا إِلَّا نِدَاؤُهُ عَلَى الْمِنْبَر وَأَنَا أُسَرِّح رَأْسِي , فَلَفَفْت شَعْرِي ثُمَّ خَرَجْت إِلَى حُجْرَة مِنْ حُجَرهنَّ , فَجَعَلْت سَمْعِي عِنْدَ الْجَرِيد , فَإِذَا هُوَ يَقُول عَلَى الْمِنْبَر : " يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ اللَّهَ يَقُول فِي كِتَابه " : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات } . . . . إِلَى قَوْله : { أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ مَغْفِرَة وَأَجْرًا عَظِيمًا }'; $t[36] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَة مِنْ أَمْرهمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَمْ يَكُنْ لِمُؤْمِنٍ بِاللَّهِ وَرَسُوله , وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله فِي أَنْفُسهمْ قَضَاء أَنْ يَتَخَيَّرُوا مِنْ أَمْرهمْ غَيْر الَّذِي قَضَى فِيهِمْ , وَيُخَالِفُوا أَمْر اللَّه وَأَمْر رَسُوله وَقَضَاءَهُمَا فَيَعْصُوهُمَا , وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِيمَا أَمَرَا أَوْ نَهَيَا { فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا } يَقُول : فَقَدْ جَارَ عَنْ قَصْد السَّبِيل , وَسَلَكَ غَيْرَ سَبِيل الْهُدَى وَالرَّشَاد . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي زَيْنَب بِنْت جَحْش حِين خَطَبَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَتَاهُ زَيْد بْن حَارِثَة , فَامْتَنَعَتْ مِنْ إِنْكَاحه نَفْسَهَا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21749 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا } . . . . إِلَى آخِر الْآيَة , وَذَلِكَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْطَلَقَ يَخْطُب عَلَى فَتَاهُ زَيْد بْن حَارِثَة , فَدَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْش الْأَسَدِيَّة فَخَطَبَهَا , فَقَالَتْ : لَسْت بِنَاكِحَتِهِ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَانْكِحِيهِ " , فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّه أُؤَامَر فِي نَفْسِي ! فَبَيْنَمَا هُمَا يَتَحَدَّثَانِ أَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة عَلَى رَسُوله : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة } . . . إِلَى قَوْله : { ضَلَالًا مُبِينًا } قَالَتْ : قَدْ رَضِيته لِي يَا رَسُول اللَّه مَنْكَحًا ؟ قَالَ : " نَعَمْ " , قَالَتْ : إِذَنْ لَا أَعْصِي رَسُولَ اللَّه , قَدْ أَنْكَحْته نَفْسِي . 21750 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { أَنْ تَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَة مِنْ أَمْرهمْ } قَالَ : زَيْنَب بِنْت جَحْش وَكَرَاهَتهَا نِكَاحَ زَيْد بْن حَارِثَة حِين أَمَرَهَا بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 21751 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَة مِنْ أَمْرهمْ } قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي زَيْنَب بِنْت جَحْش , وَكَانَتْ بِنْت عَمَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَخَطَبَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضِيَتْ , وَرَأَتْ أَنَّهُ يَخْطُبهَا عَلَى نَفْسه ; فَلَمَّا عَلِمَتْ أَنَّهُ يَخْطُبهَا عَلَى زَيْد بْن حَارِثَة أَبَتْ وَأَنْكَرَتْ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَة مِنْ أَمْرهمْ } قَالَ : فَتَابَعَتْهُ بَعْد ذَلِكَ وَرَضِيَتْ . 21752 - حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْد الْوَصَّافِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن حِمْيَر , قَالَ : ثنا ابْن لَهِيعَة , عَنِ ابْن أَبِي عَمْرَة , عَنْ عِكْرِمَة عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : خَطَبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَب بِنْت جَحْش لِزَيْدِ بْن حَارِثَة , فَاسْتَنْكَفَتْ مِنْهُ وَقَالَتْ : أَنَا خَيْر مِنْهُ حَسَبًا , وَكَانَتْ امْرَأَة فِيهَا حِدَة , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا } . . الْآيَة كُلّهَا . وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي أُمّ كُلْثُوم بِنْت عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط , وَذَلِكَ أَنَّهَا وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَزَوَّجَهَا زَيْد بْن حَارِثَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21753 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا } . . .. إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : نَزَلَتْ فِي أُمّ كُلْثُوم بِنْت عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط , وَكَانَتْ مِنْ أَوَّل مَنْ هَاجَرَ مِنْ النِّسَاء , فَوَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَزَوَّجَهَا زَيْدَ بْن حَارِثَة , فَسَخِطَتْ هِيَ وَأَخُوهَا , وَقَالَا : إِنَّمَا أَرَدْنَا رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَوَّجْنَا عَبْدَهُ ! قَالَ : فَنَزَلَ الْقُرْآن : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَة مِنْ أَمْرهمْ } . . . إِلَى آخِر الْآيَة قَالَ : وَجَاءَ أَمْر أَجْمَع مِنْ هَذَا : { النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ } 33 6 . قَالَ : فَذَاكَ خَاصّ , وَهَذَا إِجْمَاع .'; $t[37] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذْ تَقُول لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِ وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّه أَحَقّ أَنْ تَخْشَاهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِتَابًا مِنَ اللَّه لَهُ { وَ } اذْكُرْ يَا مُحَمَّد { إِذْ تَقُول لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِ } بِالْهِدَايَةِ { وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ } بِالْعِتْقِ , يَعْنِي زَيْد بْن حَارِثَة مَوْلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك وَاتَّقِ اللَّهَ } , وَذَلِكَ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْت جَحْش فِيمَا ذُكِرَ رَآهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْجَبَتْهُ , وَهِيَ فِي حِبَال مَوْلَاهُ , فَأُلْقِيَ فِي نَفْس زَيْد كَرَاهَتهَا لِمَا عَلِمَ اللَّه مِمَّا وَقَعَ فِي نَفْس نَبِيّه مَا وَقَعَ , فَأَرَادَ فِرَاقَهَا , فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدٌ , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك } وَهُوَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبّ أَنْ تَكُونَ قَدْ بَانَتْ مِنْهُ لِيَنْكِحَهَا , { وَاتَّقِ اللَّهَ } وَخَفْ اللَّه فِي الْوَاجِب لَهُ عَلَيْك فِي زَوْجَتك { وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه } يَقُول : وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَحَبَّة فِرَاقه إِيَّاهَا لِتَتَزَوَّجهَا إِنْ هُوَ فَارَقَهَا , وَاللَّه مُبْدٍ مَا تُخْفِي فِي نَفْسك مِنْ ذَلِكَ { وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّه أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَتَخَاف أَنْ يَقُول النَّاس : أَمَرَ رَجُلًا بِطَلَاقِ امْرَأَته وَنَكَحَهَا حِين طَلَّقَهَا , وَاللَّه أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ مِنَ النَّاس . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21754 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِذْ تَقُول لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِ } وَهُوَ زَيْد أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ , وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ أَعْتَقَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه } قَالَ : وَكَانَ يُخْفِي فِي نَفْسه وَدَّ أَنَّهُ طَلَّقَهَا . قَالَ الْحَسَن : مَا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ آيَة كَانَتْ أَشَدّ عَلَيْهِ مِنْهَا قَوْله : { وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه } وَلَوْ كَانَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا مِنْ الْوَحْي لَكَتَمَهَا { وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّه أَحَقّ أَنْ تَخْشَاهُ } قَالَ : خَشِيَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَة النَّاس . 21755 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ زَوَّجَ زَيْد بْن حَارِثَة زَيْنَب بِنْت جَحْش , ابْنَة عَمَّته , فَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا يُرِيدهُ وَعَلَى الْبَاب سِتْر مِنْ شَعْر , فَرَفَعَتْ الرِّيح السِّتْر فَانْكَشَفَ , وَهِيَ فِي حُجْرَتهَا حَاسِرَة , فَوَقَعَ إِعْجَابهَا فِي قَلْب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَلَمَّا وَقَعَ ذَلِكَ كُرِّهَتْ إِلَى الْآخَر , فَجَاءَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّه , إِنِّي أُرِيد أَنْ أُفَارِقَ صَاحِبَتِي , قَالَ : " مَالَك , أَرَابَك مِنْهَا شَيْءٌ ؟ " قَالَ : لَا , وَاللَّه مَا رَابَنِي مِنْهَا شَيْء يَا رَسُولَ اللَّه , وَلَا رَأَيْت إِلَّا خَيْرًا , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك وَاتَّقِ اللَّهَ " , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { وَإِذْ تَقُول لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِ وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك وَاتَّقِ اللَّه وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه } تُخْفِي فِي نَفْسك إِنْ فَارَقَهَا تَزَوَّجْتهَا . 21756 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مُوسَى الْجُرَشِيّ , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ ثَابِت , عَنْ أَبِي حَمْزَة , قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه } فِي زَيْنَب بِنْت جَحْش . 21757 - حَدَّثَنَا خَلَّاد بْن أَسْلَمَ , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد بْن جُدْعَانَ , عَنْ عَلِيّ بْن حُسَيْن , قَالَ : كَانَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَعْلَمَ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ زَيْنَبَ سَتَكُونُ مِنْ أَزْوَاجه , فَلَمَّا أَتَاهُ زَيْد يَشْكُوهَا قَالَ : اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك , قَالَ اللَّه : { وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه } . 21758 - حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن شَاهِين , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , عَنْ عَامِر , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : لَوْ كَتَمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ مِنْ كِتَاب اللَّه لَكَتَمَ : { وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّه أَحَقّ أَنْ تَخْشَاهُ } . وَقَوْله : { فَلَمَّا قَضَى زَيْد مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا قَضَى زَيْد بْن حَارِثَة مِنْ زَيْنَب حَاجَته , وَهِيَ الْوَطَر ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : وَدَّعَنِي قَبْلَ أَنْ أُوَدِّعهُ لَمَّا قَضَى مِنْ شَبَابِنَا وَطَرَا { زَوَّجْنَاكهَا } يَقُول : زَوَّجْنَاك زَيْنَب بَعْدَمَا طَلَّقَهَا زَيْد وَبَانَتْ مِنْهُ { لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَج فِي أَزْوَاج أَدْعِيَائِهِمْ } يَعْنِي : فِي نِكَاح نِسَاء مَنْ تَبَنَّوْا وَلَيْسُوا بِبَنِيهِمْ وَلَا أَوْلَادهمْ عَلَى صِحَّة إِذَا هُمْ طَلَّقُوهُنَّ وَبِنَّ مِنْهُمْ { إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا } يَقُول : إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ حَاجَاتهمْ , وَآرَابهمْ وَفَارَقُوهُنَّ وَحَلَلْنَ لِغَيْرِهِمْ , وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نُزُولًا مِنْهُمْ لَهُمْ عَنْهُنَّ { وَكَانَ أَمْر اللَّه مَفْعُولًا } يَقُول : وَكَانَ مَا قَضَى اللَّه مِنْ قَضَاء مَفْعُولًا : أَيْ كَائِنًا كَانَ لَا مَحَالَة , وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ قَضَاءَ اللَّه فِي زَيْنَب أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَاضِيًا مَفْعُولًا كَائِنًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21759 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَج فِي أَزْوَاج أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا } يَقُول : إِذَا طَلَّقُوهُنَّ , وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَنَّى زَيْد بْن حَارِثَة . 21760 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَلَمَّا قَضَى زَيْد مِنْهَا وَطَرًا } . . إِلَى قَوْله : { وَكَانَ أَمْر اللَّه مَفْعُولًا } إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ غَيْر نَازِل لَك , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه : { وَحَلَائِل أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابكُمْ } 4 23 21761 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُثْمَان الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثنا جَعْفَر بْن عَوْن , عَنْ الْمُعَلَّى بْن عِرْفَان , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن جَحْش , قَالَ : تَفَاخَرَتْ عَائِشَة وَزَيْنَب , قَالَ : فَقَالَتْ زَيْنَب : أَنَا الَّذِي نَزَلَ تَزْوِيجِي . 21762 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنِ الشَّعْبِيّ قَالَ : كَانَتْ زَيْنَب زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُول لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي لَأَدَلّ عَلَيْك بِثَلَاثٍ مَا مِنْ نِسَائِك امْرَأَة تَدُلّ بِهِنَّ . إِنَّ جَدِّي وَجَدّك وَاحِد , وَإِنِّي أَنْكَحَنِيكَ اللَّه مِنَ السَّمَاء , وَإِنَّ السَّفِيرَ لَجَبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام .'; $t[38] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا كَانَ عَلَى النَّبِيّ مِنْ حَرَج فِيمَا فَرَضَ اللَّه لَهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا كَانَ عَلَى النَّبِيّ مِنْ حَرَج مِنْ إِثْم فِيمَا أَحَلَّ اللَّه لَهُ مِنْ نِكَاح امْرَأَة مَنْ تَبَنَّاهُ بَعْدَ فِرَاقه إِيَّاهَا , كَمَا : 21763 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { مَا كَانَ عَلَى النَّبِيّ مِنْ حَرَج فِيمَا فَرَضَ اللَّه لَهُ } : أَيْ أَحَلَّ اللَّه لَهُ . وَقَوْله : { سُنَّة اللَّه فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل } يَقُول : لَمْ يَكُنْ اللَّه تَعَالَى لِيُؤْثِم نَبِيَّهُ فِيمَا أَحَلَّ لَهُ مِثَالَ فِعْله بِمَنْ قَبْلَهُ مِنْ الرُّسُل الَّذِينَ مَضَوْا قَبْلَهُ فِي أَنَّهُ لَمْ يُؤْثِمْهُمْ بِمَا أَحَلَّ لَهُمْ , لَمْ يَكُنْ لِنَبِيِّهِ أَنْ يَخْشَى النَّاسَ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ أَوْ أَحَلَّهُ لَهُ , وَنُصِبَ قَوْله : { سُنَّةَ اللَّه } عَلَى مَعْنَى : حَقًّا مِنَ اللَّه , كَأَنَّهُ قَالَ : فَعَلْنَا ذَلِكَ سُنَّةً مِنَّا. وَقَوْله : { وَكَانَ أَمْر اللَّه قَدَرًا مَقْدُورًا } يَقُول : وَكَانَ أَمْر اللَّه قَضَاء مَقْضِيًّا , وَكَانَ ابْن زَيْد يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 21764 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَكَانَ أَمْر اللَّه قَدَرًا مَقْدُورًا } إِنَّ اللَّهَ كَانَ عِلْمه مَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا , فَأَتَمَّهُ فِي عِلْمه أَنْ يَخْلُقَ خَلْقًا , وَيَأْمُرَهُمْ وَيَنْهَاهُمْ , وَيَجْعَلَ ثَوَابًا لِأَهْلِ طَاعَته , وَعِقَابًا لِأَهْلِ مَعْصِيَتَهُ ; فَلَمَّا ائْتَمَرَ ذَلِكَ الْأَمْر قَدَّرَهُ , فَلَمَّا قَدَّرَهُ كَتَبَ وَغَابَ عَلَيْهِ , فَسَمَّاهُ الْغَيْب وَأُمّ الْكِتَاب , وَخَلَقَ الْخَلْقَ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَاب أَرْزَاقهمْ وَآجَالهمْ وَأَعْمَالهمْ , وَمَا يُصِيبهُمْ مِنَ الْأَشْيَاء مِنْ الرَّخَاء وَالشِّدَّة مِنَ الْكِتَاب الَّذِي كَتَبَهُ أَنَّهُ يُصِيبهُمْ ; وَقَرَأَ : { أُولَئِكَ يَنَالهُمْ نَصِيبهمْ مِنَ الْكِتَاب حَتَّى } 7 37 إِذَا نَفِدَ ذَلِكَ { جَاءَتْهُمْ رُسُلنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ } 7 37 وَأَمَرَ اللَّه الَّذِي ائْتَمَرَ قَدَّرَهُ حِينَ قَدَّرَهُ مُقَدَّرًا , فَلَا يَكُون إِلَّا مَا فِي ذَلِكَ , وَمَا فِي ذَلِكَ الْكِتَاب , وَفِي ذَلِكَ التَّقْدِير , ائْتَمَرَ أَمْرًا ثُمَّ قَدَّرَهُ , ثُمَّ خَلَقَ عَلَيْهِ , فَقَالَ : كَانَ أَمْر اللَّه الَّذِي مَضَى وَفَرَغَ مِنْهُ , وَخَلَقَ عَلَيْهِ الْخَلْق { قَدَرًا مَقْدُورًا } شَاءَ أَمْرًا لِيُمْضِيَ بِهِ أَمْرَهُ وَقَدَرَهُ , وَشَاءَ أَمْرًا يَرْضَاهُ مِنْ عِبَاده فِي طَاعَته ; فَلَمَّا أَنْ كَانَ الَّذِي شَاءَ مِنْ طَاعَته لِعِبَادِهِ رَضِيَهُ لَهُمْ , وَلَمَّا أَنْ كَانَ الَّذِي شَاءَ أَرَادَ أَنْ يَنْفُذ فِيهِ أَمْره وَتَدْبِيرَهُ وَقَدَرَهُ , وَقَرَأَ : { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنّ وَالْإِنْس } 7 179 فَشَاءَ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْل النَّار , وَشَاءَ أَنْ تَكُونَ أَعْمَالُهُمْ أَعْمَالَ أَهْل النَّار , فَقَالَ : { وَكَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّة عَمَلهمْ } 6 108 وَقَالَ : { وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْل أَوْلَادهمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيَرُدُّوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ } 6 137 هَذِهِ أَعْمَال أَهْل النَّار { وَلَوْ شَاءَ اللَّه مَا فَعَلُوهُ } 6 137 قَالَ : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ } 6 112 س إِلَى قَوْله : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّك مَا فَعَلُوهُ } وَقَرَأَ : { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانهمْ } . . . إِلَى { كُلّ شَيْء قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاء اللَّه } أَنْ يُؤْمِنُوا بِذَلِكَ , قَالَ : فَأَخْرَجُوهُ مِنْ اسْمه الَّذِي تَسَمَّى بِهِ , قَالَ : هُوَ الْفَعَّال لِمَا يُرِيد , فَزَعَمُوا أَنَّهُ مَا أَرَادَ .'; $t[39] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَات اللَّه وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّه وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : سُنَّة اللَّه فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل مُحَمَّد مِنْ الرُّسُل , الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَات اللَّه إِلَى مَنْ أُرْسِلُوا إِلَيْهِ , وَيَخَافُونَ اللَّهَ فِي تَرْكهمْ تَبْلِيغَ ذَلِكَ إِيَّاهُمْ , وَلَا يَخَافُونَ أَحَدًا إِلَّا اللَّه , فَإِنَّهُمْ إِيَّاهُ يَرْهَبُونَ إِنْ هُمْ قَصَّرُوا عَنْ تَبْلِيغهمْ رِسَالَةَ اللَّه إِلَى مَنْ أُرْسِلُوا إِلَيْهِ . يَقُول لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد : فَمِنْ أُولَئِكَ الرُّسُل الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتهمْ , فَكُنْ وَلَا تَخْشَ أَحَدًا إِلَّا اللَّه , فَإِنَّ اللَّهَ يَمْنَعك مِنْ جَمِيع خَلْقه , وَلَا يَمْنَعك أَحَد مِنْ خَلْقه مِنْهُ , إِنْ أَرَادَ بِك سُوءًا . " وَالَّذِينَ " مِنْ قَوْله : { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَات اللَّه } خَفَضَ رَدًّا عَلَى " الَّذِينَ " الَّتِي فِي قَوْله : { سُنَّةَ اللَّه فِي الَّذِينَ خَلَوْا } , وَقَوْله : { وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَفَاك يَا مُحَمَّد بِاللَّهِ حَافِظًا لِأَعْمَالِ خَلْقه , وَمُحَاسِبًا لَهُمْ عَلَيْهَا.'; $t[40] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ وَلَكِنْ رَسُول اللَّه وَخَاتَم النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا كَانَ أَيّهَا النَّاس مُحَمَّد أَبَا زَيْد بْن حَارِثَة , وَلَا أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ , الَّذِينَ لَمْ يَلِدهُ مُحَمَّد , فَيَحْرُم عَلَيْهِ نِكَاح زَوْجَته بَعْد فِرَاقه إِيَّاهَا , وَلَكِنَّهُ رَسُول اللَّه وَخَاتَم النَّبِيِّينَ , الَّذِي خَتَمَ النُّبُوَّة فَطُبِعَ عَلَيْهَا , فَلَا تُفْتَح لِأَحَدٍ بَعْدَهُ إِلَى قِيَام السَّاعَة , وَكَانَ اللَّه بِكُلِّ شَيْء مِنْ أَعْمَالكُمْ وَمَقَالكُمْ وَغَيْر ذَلِكَ ذَا عِلْم لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21765 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيدُ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي زَيْد , إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِابْنِهِ ; وَلَعَمْرِي وَلَقَدْ وُلِدَ لَهُ ذُكُور , إِنَّهُ لَأَبُو الْقَاسِم وَإِبْرَاهِيم وَالطَّيِّب وَالْمُطَهَّر { وَلَكِنْ رَسُول اللَّه وَخَاتَم النَّبِيِّينَ } : أَيْ آخِرهمْ { وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا } . 21766 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن قَادِم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ نُسَيْر بْن ذُعْلُوق , عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن فِي قَوْله : { مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي زَيْد بْن حَارِثَة . وَالنَّصْب فِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى تَكْرِير كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالرَّفْع بِمَعْنَى الِاسْتِئْنَاف , وَلَكِنْ هُوَ رَسُول اللَّه , وَالْقِرَاءَة النَّصْب عِنْدنَا . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَخَاتَم النَّبِيِّينَ } فَقَرَأَ ذَلِكَ قُرَّاء الْأَمْصَار سِوَى الْحَسَن وَعَاصِم بِكَسْرِ التَّاء مِنْ خَاتِم النَّبِيِّينَ , بِمَعْنَى أَنَّهُ خَتَمَ النَّبِيِّينَ , ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : { وَلَكِنْ نَبِيًّا خَتَمَ النَّبِيِّينَ } فَذَلِكَ دَلِيل عَلَى صِحَّة قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بِكَسْرِ التَّاء , بِمَعْنَى أَنَّهُ الَّذِي خَتَمَ الْأَنْبِيَاءَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِمْ ; وَقَرَأَ ذَلِكَ فِيمَا يُذْكَر الْحَسَن وَعَاصِم : { خَاتَم النَّبِيِّينَ } بِفَتْحِ التَّاء , بِمَعْنَى أَنَّهُ آخِر النَّبِيِّينَ , كَمَا قَرَأَ : " مَخْتُوم خَاتَمه مِسْك " بِمَعْنَى : آخِره مِسْك مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ .'; $t[41] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ اذْكُرُوا اللَّهَ بِقُلُوبِكُمْ وَأَلْسِنَتكُمْ وَجَوَارِحكُمْ ذِكْرًا كَثِيرًا , فَلَا تَخْلُو أَبْدَانكُمْ مِنْ ذِكْره فِي حَال مِنْ أَحْوَال طَاقَتكُمْ ذَلِكَ'; $t[42] = '{ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَة وَأَصِيلًا } يَقُول : صَلُّوا لَهُ غَدْوَة صَلَاةَ الصُّبْح , وَعَشِيًّا صَلَاةَ الْعَصْر .'; $t[43] = 'وَقَوْله : { هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَته } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : رَبّكُمْ الَّذِي تَذْكُرُونَهُ الذِّكْر الْكَثِيرَ , وَتُسَبِّحُونَهُ بُكْرَة وَأَصِيلًا , إِذَا أَنْتُمْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ , الَّذِي يَرْحَمكُمْ , وَيُثْنِي عَلَيْكُمْ هُوَ , وَيَدْعُو لَكُمْ مَلَائِكَته , وَقِيلَ : إِنَّ مَعْنَى قَوْله : { يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَته } يُشِيع عَنْكُمْ الذِّكْر الْجَمِيلَ فِي عِبَاد اللَّه , وَقَوْله : { لِيُخْرِجكُمْ مِنَ الظُّلُمَات إِلَى النُّور } يَقُول : تَدْعُو مَلَائِكَة اللَّه لَكُمْ , فَيُخْرِجكُمْ اللَّه مِنْ الضَّلَالَة إِلَى الْهُدَى , وَمِنَ الْكُفْر إِلَى الْإِسْلَام . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21767 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا } يَقُول : لَا يَفْرِض عَلَى عِبَاده فَرِيضَة إِلَّا جَعَلَ لَهَا حَدًّا مَعْلُومًا , ثُمَّ عَذَرَ أَهْلهَا فِي حَال عُذْر , غَيْر الذِّكْر , فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَل لَهُ حَدًّا يَنْتَهِي إِلَيْهِ وَلَمْ يَعْذِر أَحَدًا فِي تَرْكه إِلَّا مَغْلُوبًا عَلَى عَقْله , قَالَ : { اذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبكُمْ } 4 103 بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار فِي الْبَرّ وَالْبَحْر , وَفِي السَّفَر وَالْحَضَر , وَالْغِنَى وَالْفَقْر , وَالسَّقَم وَالصِّحَّة , وَالسِّرّ وَالْعَلَانِيَة , وَعَلَى كُلّ حَال , وَقَالَ : { سَبِّحُوهُ بُكْرَة وَأَصِيلًا } فَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ صَلَّى عَلَيْكُمْ هُوَ وَمَلَائِكَته قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَته } . 21768 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَسَبِّحُوهُ بُكْرَة وَأَصِيلًا } صَلَاة الْغَدَاة , وَصَلَاة الْعَصْر . وَقَوْله : { لِيُخْرِجكُمْ مِنَ الظُّلُمَات إِلَى النُّور } : أَيْ مِنْ الضَّلَالَات إِلَى الْهُدَى . 21769 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَته لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَات إِلَى النُّور } قَالَ : مِنْ الضَّلَالَة إِلَى الْهُدَى , قَالَ : وَالضَّلَالَة : الظُّلُمَات , وَالنُّور : الْهُدَى . وَقَوْله : { وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَرَسُوله ذَا رَحْمَة أَنْ يُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُطِيعُونَ , وَلِأَمْرِهِ مُتَّبِعُونَ'; $t[44] = '{ تَحِيَّتهمْ يَوْم يَلْقَوْنَهُ سَلَام } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : تَحِيَّة هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَة فِي الْجَنَّة سَلَام , يَقُول بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : أَمَنَة لَنَا وَلَكُمْ بِدُخُولِنَا هَذَا الْمَدْخَلَ مِنْ اللَّه أَنْ يُعَذِّبَنَا بِالنَّارِ أَبَدًا , كَمَا : 21770 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { تَحِيَّتهمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَام } قَالَ : تَحِيَّة أَهْل الْجَنَّة السَّلَام. وَقَوْله : { وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا } يَقُول : وَأَعَدَّ لِهَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ثَوَابًا لَهُمْ عَلَى طَاعَتهمْ إِيَّاهُ فِي الدُّنْيَا كَرِيمًا , وَذَلِكَ هُوَ الْجَنَّة , كَمَا : 21771 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا } : أَيْ الْجَنَّةَ.'; $t[45] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا يَأَيُّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مُحَمَّد { إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهِدًا } عَلَى أُمَّتك بِإِبْلَاغِك إِيَّاهُمْ مَا أَرْسَلْنَاك بِهِ مِنْ الرِّسَالَة , وَمُبَشِّرهمْ بِالْجَنَّةِ إِنْ صَدَّقُوك وَعَمِلُوا بِمَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك , { وَنَذِيرًا } مِنْ النَّار أَنْ يَدْخُلُوهَا , فَيُعَذَّبُوا بِهَا إِنْ هُمْ كَذَّبُوك , وَخَالَفُوا مَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَبِالَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21772 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهِدًا } عَلَى أُمَّتك بِالْبَلَاغِ , وَمُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ , { وَنَذِيرًا } بِالنَّارِ .'; $t[46] = 'وَقَوْله : { وَدَاعِيًا إِلَى اللَّه } يَقُول : وَدَاعِيًا إِلَى تَوْحِيد اللَّه , وَإِفْرَاد الْأُلُوهَة لَهُ , وَإِخْلَاص الطَّاعَة لِوَجْهِهِ دُون كُلّ مَنْ سِوَاهُ مِنْ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان , كَمَا : 21773 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَدَاعِيًا إِلَى اللَّه } إِلَى شَهَادَة أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه . وَقَوْله : { بِإِذْنِهِ } يَقُول : بِأَمْرِهِ إِيَّاكَ بِذَلِكَ { وَسِرَاجًا مُنِيرًا } يَقُول : وَضِيَاء لِخَلْقِهِ يَسْتَضِيء بِالنُّورِ الَّذِي أَتَيْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه عِبَاده { مُنِيرًا } يَقُول : ضِيَاء يُنِير لِمَنْ اسْتَضَاءَ بِضَوْئِهِ , وَعَمِلَ بِمَا أَمَرَهُ , وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ , أَنَّهُ يَهْدِي بِهِ مَنْ اتَّبَعَهُ مِنْ أُمَّته .'; $t[47] = 'وَقَوْله : { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّه فَضْلًا كَبِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَبَشِّرْ أَهْل الْإِيمَان بِاللَّهِ يَا مُحَمَّد بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ اللَّه فَضْلًا كَبِيرًا ; يَقُول : بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ ثَوَاب اللَّه عَلَى طَاعَتهمْ إِيَّاهُ تَضْعِيفًا كَثِيرًا , وَذَلِكَ هُوَ الْفَضْل الْكَبِير مِنَ اللَّه لَهُمْ , وَقَوْله : { وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ } يَقُول : وَلَا تُطِعْ لِقَوْلِ كَافِر وَلَا مُنَافِق , فَتَسْمَع مِنْهُ دُعَاءَهُ إِيَّاكَ إِلَى التَّقْصِير فِي تَبْلِيغ رِسَالَات اللَّه إِلَى مَنْ أَرْسَلَك بِهَا إِلَيْهِ مِنْ خَلْقه { وَدَعْ أَذَاهُمْ } يَقُول : وَأَعْرِض عَنْ أَذَاهُمْ لَك , وَاصْبِرْ عَلَيْهِ , وَلَا يَمْنَعك ذَلِكَ عَنِ الْقِيَام بِأَمْرِ اللَّه فِي عِبَاده , وَالنُّفُوذ لِمَا كَلَّفَك . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21774 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَدَعْ أَذَاهُمْ } قَالَ . أَعْرِضْ عَنْهُمْ. 21775 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَدَعْ أَذَاهُمْ } : أَيْ اصْبِرْ عَلَى أَذَاهُمْ .'; $t[48] = 'وَقَوْله : { وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه } يَقُول : وَفَوِّضْ إِلَى اللَّه أُمُورَك , وَثِقْ بِهِ , فَإِنَّهُ كَافِيك جَمِيعَ مَنْ دُونَهُ , حَتَّى يَأْتِيَك بِأَمْرِهِ وَقَضَاؤُهُ { وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا } يَقُول : وَحَسْبك بِاللَّهِ قَيِّمًا بِأُمُورِك , وَحَافِظًا لَك وَكَالِئًا .'; $t[49] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ { إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ } يَعْنِي مِنْ قَبْل أَنْ تُجَامِعُوهُنَّ { فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة تَعْتَدُّونَهَا } يَعْنِي : مِنْ إِحْصَاء أَقْرَاء , وَلَا أَشْهُر تُحْصُونَهَا عَلَيْهِنَّ , { فَمَتِّعُوهُنَّ } يَقُول : أَعْطُوهُنَّ مَا يَسْتَمْتِعْنَ بِهِ مِنْ عَرَض أَوْ عَيْن مَال , وَقَوْله : { وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } يَقُول : وَخَلُّوا سَبِيلَهُنَّ تَخْلِيَة بِالْمَعْرُوفِ , وَهُوَ التَّسْرِيح الْجَمِيل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21776 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة تَعْتَدُّونَهَا } فَهَذَا فِي الرَّجُل يَتَزَوَّج الْمَرْأَةَ , ثُمَّ يُطَلِّقهَا مِنْ قَبْل أَنْ يَمَسَّهَا , فَإِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَة بَانَتْ مِنْهُ , وَلَا عِدَّة عَلَيْهَا تَتَزَوَّج مَنْ شَاءَتْ , ثُمَّ قَرَأَ : { فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } يَقُول : إِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا , فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا النِّصْف , فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا , مَتَّعَهَا عَلَى قَدْر عُسْره وَيُسْره , وَهُوَ السَّرَاح الْجَمِيل . وَقَالَ بَعْضهمْ : الْمُتْعَة فِي هَذَا الْمَوْضِع مَنْسُوخَة بِقَوْلِهِ : { فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ } 2 237 ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21777 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَات } . . . إِلَى قَوْله : { سَرَاحًا جَمِيلًا } قَالَ : قَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : ثُمَّ نُسِخَ هَذَا الْحَرْف الْمُتْعَة { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ } . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار وَابْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : سَمِعْت قَتَادَة يُحَدِّث عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , قَالَ : نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَة { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ } قَالَ : نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة .'; $t[50] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورهنَّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورَهُنَّ } يَعْنِي : اللَّاتِي تَزَوَّجْتهنَّ بِصَدَاقٍ مُسَمًّى , كَمَا : 21778 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورهنَّ } قَالَ : صَدَقَاتهنَّ . 21779 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورَهُنَّ } قَالَ : كَانَ كُلّ امْرَأَة آتَاهَا مَهْرًا , فَقَدْ أَحَلَّهَا اللَّه لَهُ . 21780 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاكَ يَقُول فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورَهُنَّ } إِلَى قَوْله : { خَالِصَة لَك مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ } فَمَا كَانَ مِنْ هَذِهِ التَّسْمِيَة مَا شَاءَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا . وَقَوْله : { وَمَا مَلَكَتْ يَمِينك مِمَّا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْك } يَقُول : وَأَحْلَلْنَا لَك إِمَاءَك اللَّوَاتِي سَبَيْتهنَّ , فَمَلَكْتهنَّ بِالسِّبَاءِ , وَصِرْنَ لَك بِفَتْحِ اللَّه عَلَيْك مِنْ الْفَيْء { وَبَنَات عَمّك وَبَنَات عَمَّاتك وَبَنَات خَالِك وَبَنَات خَالَاتك اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك } فَأَحَلَّ اللَّه لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنَات عَمّه وَعَمَّاته وَخَاله وَخَالَاته , الْمُهَاجِرَات مَعَهُ مِنْهُنَّ دُونَ مَنْ لَمْ يُهَاجِر مِنْهُنَّ مَعَهُ , كَمَا : 21781 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن مُوسَى , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أُمّ هَانِئٍ , قَالَتْ : خَطَبَنِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَاعْتَذَرْت لَهُ بِعُذْرِي , ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ : { إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورَهُنَّ } .... إِلَى قَوْله { اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك } قَالَتْ : فَلَمْ أَحِلَّ لَهُ , لَمْ أُهَاجِر مَعَهُ , كُنْت مِنْ الطُّلَقَاء . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود : " وَبَنَات خَالَاتك وَاللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك " بِوَاوٍ ; وَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فِي قِرَاءَته مُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى قِرَاءَتنَا بِغَيْرِ الْوَاو , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تُدْخِل الْوَاوَ فِي نَعْت مَنْ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْره أَحْيَانًا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فَإِنَّ رُشَيْدًا وَابْنَ مَرْوَان لَمْ يَكُنْ لِيَفْعَلَ حَتَّى يَصْدُر الْأَمْر مَصْدَرَا وَرُشَيْد هُوَ ابْن مَرْوَان , وَكَانَ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم يَتَأَوَّل قِرَاءَةَ عَبْد اللَّه هَذِهِ أَنَّهُنَّ نَوْع غَيْر بَنَات خَالَاته , وَأَنَّهُنَّ كُلّ مُهَاجِرَة هَاجَرَتْ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذُكِرَ الْخَبَر عَنْهُ بِذَلِكَ : 21782 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي حَرْف ابْن مَسْعُود : " وَاللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك " يَعْنِي بِذَلِكَ : كُلّ شَيْء هَاجَرَ مَعَهُ لَيْسَ مِنْ بَنَات الْعَمّ وَالْعَمَّة , وَلَا مِنْ بَنَات الْخَال وَالْخَالَة . وَقَوْله : { وَامْرَأَة مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } يَقُول : وَأَحْلَلْنَا لَهُ امْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ بِغَيْرِ صَدَاق , كَمَا : 21783 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَامْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } بِغَيْرِ صَدَاق , فَلَمْ يَكُنْ يَفْعَل ذَلِكَ , وَأُحِلَّ لَهُ خَاصَّة مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ . وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " وَامْرَأَة مُؤْمِنَة وَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ " بِغَيْرِ إِنْ , وَمَعْنَى ذَلِكَ وَمَعْنَى قِرَاءَتنَا وَفِيهَا " إِنْ " وَاحِد , وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِل فِي الْكَلَام : لَا بَأْس أَنْ يَطَأ جَارِيَة مَمْلُوكَة إِنْ مَلَكَهَا , وَجَارِيَة مَمْلُوكَة مَلَكَهَا . وَقَوْله { إِنْ أَرَادَ النَّبِيّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا } يَقُول : إِنْ أَرَادَ أَنْ يَنْكِحَهَا , فَحَلَال لَهُ أَنْ يَنْكِحهَا وَإِذَا وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ بِغَيْرِ مَهْر { خَالِصَة لَك } يَقُول : لَا يَحِلّ لِأَحَدٍ مِنْ أُمَّتك أَنْ يَقْرَبَ امْرَأَة وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ , وَإِنَّمَا ذَلِكَ لَك يَا مُحَمَّد خَالِصَة أَخْلَصَتْ لَك مِنْ دُون سَائِر أُمَّتك , كَمَا : 21784 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { خَالِصَة لَك مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ } يَقُول : لَيْسَ لِامْرَأَةٍ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِرَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْر وَلِيّ وَلَا مَهْر , إِلَّا لِلنَّبِيِّ , كَانَتْ لَهُ خَالِصَة مِنْ دُون النَّاس , وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَيْمُونَةَ بِنْت الْحَارِث أَنَّهَا الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ. 21785 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك } . . . إِلَى قَوْله { خَالِصَة لَك مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ } قَالَ : كَانَ كُلّ امْرَأَة آتَاهَا مَهْرًا فَقَدْ أَحَلَّهَا اللَّه لَهُ إِلَى أَنْ وَهَبَ هَؤُلَاءِ أَنْفُسَهُنَّ لَهُ , فَأُحْلِلْنَ لَهُ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ بِغَيْرِ مَهْر خَالِصَة لَك مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا امْرَأَة لَهَا زَوْج . 21786 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ صَالِح بْن مُسْلِم , قَالَ : سَأَلْت الشَّعْبِيَّ عَنْ امْرَأَة وَهَبَتْ نَفْسهَا لِرَجُلٍ , قَالَ : لَا يَكُون , لَا تَحِلّ لَهُ , إِنَّمَا كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { إِنْ وَهَبَتْ } بِكَسْرِ الْأَلِف عَلَى وَجْه الْجَزَاء , بِمَعْنَى : إِنْ تَهَبْ , وَذُكِرَ عَنِ الْحَسَن الْبَصْرِيّ أَنَّهُ قَرَأَ : " وَأَنْ وَهَبَتْ " بِفَتْحِ الْأَلِف , بِمَعْنَى : وَأَحْلَلْنَا لَهُ امْرَأَة مُؤْمِنَة أَنْ يَنْكِحهَا , لِهِبَتِهَا لَهُ نَفْسَهَا . وَالْقِرَاءَة الَّتِي لَا أَسْتَجِيزُ خِلَافهَا فِي كَسْر الْأَلِف لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ . وَأَمَّا قَوْله : { خَالِصَة لَك مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ } لَيْسَ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ , وَذُكِرَ أَنَّ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة أَنْ يَتَزَوَّجَ أَيّ النِّسَاء شَاءَ , فَقَصَرَهُ اللَّه عَلَى هَؤُلَاءِ , فَلَمْ يَعْدُهُنَّ , وَقَصَرَ سَائِرَ أُمَّته عَلَى مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21787 -حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت دَاوُدَ بْن أَبِي هِنْد , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى , عَنْ زِيَاد رَجُل مِنَ الْأَنْصَار , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب , أَنَّ الَّتِي أَحَلَّ اللَّه لِلنَّبِيِّ مِنْ النِّسَاء هَؤُلَاءِ اللَّاتِي ذَكَرَ اللَّه { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورَهُنَّ } . . إِلَى قَوْله : { فِي أَزْوَاجهمْ } وَإِنَّمَا أَحَلَّ اللَّه لِلْمُؤْمِنِينَ مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع . 21788 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك } . . . إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ النِّسَاء ; وَكَانَ قَبْل ذَلِكَ يَنْكِح فِي أَيّ النِّسَاء شَاءَ , لَمْ يُحَرَّم ذَلِكَ عَلَيْهِ , فَكَانَ نِسَاؤُهُ يَجِدْنَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا أَنْ يَنْكِح فِي أَيّ النَّاس أَحَبَّ ; فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّه : إِنِّي قَدْ حَرَّمْت عَلَيْك مِنَ النَّاس سِوَى مَا قَصَصْت عَلَيْك , أَعْجَبَ ذَلِكَ نِسَاءَهُ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُؤْمِنَات , وَهَلْ كَانَتْ عِنْدَ رَسُول اللَّه امْرَأَة كَذَلِكَ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : لَمْ يَكُنْ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَة إِلَّا بِعَقْدِ نِكَاح أَوْ مِلْك يَمِين , فَأَمَّا بِالْهِبَةِ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ أَحَد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21789 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , عَنْ عَنْبَسَة بْن الْأَزْهَر , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس قَالَ : لَمْ يَكُنْ عِنْدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَة وَهَبَتْ نَفْسَهَا . 21790 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنِ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد , أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَامْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } قَالَ : أَنْ تَهَبَ . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : قَدْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ , فَإِنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ : كَانَتْ مَيْمُونَة بِنْت الْحَارِث . وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ أُمّ شَرِيك , وَقَالَ بَعْضهمْ : زَيْنَب بِنْت خُزَيْمَةَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21791 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : { وَامْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } قَالَ : هِيَ مَيْمُونَة بِنْت الْحَارِث . وَقَالَ بَعْضهمْ : زَيْنَب بِنْت خُزَيْمَةَ أُمّ الْمَسَاكِين امْرَأَة مِنَ الْأَنْصَار . 21792 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : ثني الْحَكَم , قَالَ : كَتَبَ عَبْد الْمَلِك إِلَى أَهْل الْمَدِينَة يَسْأَلهُمْ , قَالَ : فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيّ , قَالَ شُعْبَة : وَهُوَ ظَنِّي عَلِيّ بْن حُسَيْن , قَالَ : وَقَدْ أَخْبَرَنِي بِهِ أَبَان بْن تَغْلِب , عَنْ الْحَكَم , أَنَّهُ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن , الَّذِي كَتَبَ إِلَيْهِ , قَالَ : هِيَ امْرَأَة مِنَ الْأَسَد يُقَال لَهَا أُمّ شَرِيك , وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ . 21793 -قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن أَبِي السَّفَر , عَنِ الشَّعْبِيّ , أَنَّهَا امْرَأَة مِنَ الْأَنْصَار , وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ , وَهِيَ مِمَّنْ أَرْجَأَ . 21794 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ثني سَعِيد , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ خَوْلَة بِنْت حَكِيم بْن الْأَوْقَص مِنْ بَنِي سُلَيْم , كَانَتْ مِنْ اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 21795 - قَالَ : ثني سَعِيد بْن أَبِي الزِّنَاد , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : كُنَّا نَتَحَدَّث أَنَّ أُمّ شَرِيك كَانَتْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَتْ امْرَأَة صَالِحَة . وَقَوْله : { قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي أَزْوَاجهمْ إِذَا أَرَادُوا نِكَاحَهُنَّ مِمَّا لَمْ نَفْرِضهُ عَلَيْك , وَمَا خَصَصْنَاهُمْ بِهِ مِنَ الْحُكْم فِي ذَلِكَ دُونَك , وَهُوَ أَنَّا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ أَنَّهُ لَا يَحِلّ لَهُمْ عَقْد نِكَاح عَلَى حُرَّة مُسْلِمَة إِلَّا بِوَلِيٍّ عَصَبَة وَشُهُود عُدُول , وَلَا يَحِلّ لَهُمْ مِنْهُنَّ أَكْثَر مِنْ أَرْبَع . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21796 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شَبُّويَةَ , قَالَ : ثنا مُطَهَّر , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ مَطَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْل اللَّه : { قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجهمْ } قَالَ : إِنَّ مِمَّا فَرَضَ اللَّه عَلَيْهِمْ أَنْ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ. 21797 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد { قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجهمْ } قَالَ : فِي الْأَرْبَع . 21798 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجهمْ } قَالَ : كَانَ مِمَّا فَرَضَ اللَّه عَلَيْهِمْ أَنْ لَا تَزَوَّجَ امْرَأَة إِلَّا بِوَلِيٍّ وَصَدَاق عِنْد شَاهِدَيْ عَدْل , وَلَا يَحِلّ لَهُمْ مِنْ النِّسَاء إِلَّا أَرْبَع , وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ . وَقَوْله : { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَدْ عِلْمنَا مَا فَرَضْنَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي أَزْوَاجهمْ ; لِأَنَّهُ لَا يَحِلّ لَهُمْ مِنْهُنَّ أَكْثَر مِنْ أَرْبَع , وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ , فَإِنَّ جَمِيعَهُنَّ إِذَا كُنَّ مُؤْمِنَات أَوْ كِتَابِيَّات , لَهُمْ حَلَال بِالسِّبَاءِ وَالتَّسَرِّي وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَسْبَاب الْمِلْك , وَقَوْله : { لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْك حَرَج وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك يَا مُحَمَّد أَزْوَاجَك اللَّوَاتِي ذَكَرْنَا فِي هَذِهِ الْآيَة , وَامْرَأَة مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ , إِنْ أَرَادَ النَّبِيّ أَنْ يَسْتَنْكِحهَا ; لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْك إِثْم وَضِيق فِي نِكَاح مَنْ نَكَحْت مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَاف الَّتِي أَبَحْت لَكَ نِكَاحَهُنَّ مِنَ الْمُسَمَّيَات فِي هَذِهِ الْآيَة , وَكَانَ اللَّه غَفُورًا لَك وَلِأَهْلِ الْإِيمَان بِك , رَحِيمًا بِك وَبِهِمْ أَنْ يُعَاقِبَهُمْ عَلَى سَالِف ذَنْب مِنْهُمْ سَلَف بَعْدَ تَوْبَتهمْ مِنْهُ .'; $t[51] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِقَوْلِهِ : تُرْجِي : تُؤَخِّر , وَبِقَوْلِهِ : تُؤْوِي : تَضُمّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21799 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس قَوْله : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ } يَقُول : تُؤَخِّر. 21800 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ } قَالَ : تَعْزِل بِغَيْرِ طَلَاق مِنْ أَزْوَاجك مَنْ تَشَاء { وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } قَالَ : تَرُدّهَا إِلَيْك . 21801 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } قَالَ : فَجَعَلَهُ اللَّه فِي حِلّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَدَعَ مَنْ يَشَاء مِنْهُنَّ , وَيَأْتِي مَنْ يَشَاء مِنْهُنَّ بِغَيْرِ قَسْم , وَكَانَ نَبِيّ اللَّه يَقْسِم . 21802 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } قَالَ : لَمَّا أَشْفَقْنَ أَنْ يُطَلِّقهُنَّ , قُلْنَ : يَا نَبِيّ اللَّه , اجْعَلْ لَنَا مِنْ مَالِك وَنَفْسك مَا شِئْت ; فَكَانَ مِمَّنْ أَرْجَأَ مِنْهُنَّ سَوْدَة بِنْت زَمْعَةَ , وَجُوَيْرِيَّة , وَصَفِيَّة , وَأُمّ حَبِيبَة , وَمَيْمُونَة ; وَكَانَ مِمَّنْ آوَى إِلَيْهِ : عَائِشَة , وَأُمّ سَلَمَة , وَحَفْصَة , وَزَيْنَب. 21803 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } فَمَا شَاءَ صَنَعَ فِي الْقِسْمَة بَيْنَ النِّسَاء , أَحَلَّ اللَّه لَهُ ذَلِكَ . * حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين , فِي قَوْله : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } وَكَانَ مِمَّنْ آوَى إِلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام : عَائِشَة , وَحَفْصَة , وَزَيْنَب , وَأُمّ سَلَمَة , فَكَانَ قَسْمه مِنْ نَفْسه لَهُنَّ سِوَى قِسْمَة ; وَكَانَ مِمَّنْ أَرْجَى : سَوْدَة , وَجُوَيْرِيَّة , وَصَفِيَّة , وَأُمّ حَبِيبَة , وَمَيْمُونَة , فَكَانَ يَقْسِم لَهُنَّ مَا شَاءَ , وَكَانَ أَرَادَ أَنْ يُفَارِقهُنَّ , فَقُلْنَ : اقْسِمْ لَنَا مِنْ نَفْسك مَا شِئْت , وَدَعْنَا نَكُون عَلَى حَالنَا . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : تُطَلِّق وَتُخَلِّي سَبِيلَ مَنْ شِئْت مِنْ نِسَائِك , وَتُمْسِك مَنْ شِئْت مِنْهُنَّ فَلَا تُطَلِّق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21804 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس قَوْله : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ } أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ { وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } يَعْنِي : نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيَعْنِي بِالْإِرْجَاءِ : يَقُول : مَنْ شِئْت خَلَّيْت سَبِيلَهُ مِنْهُنَّ , وَيَعْنِي بِالْإِيوَاءِ : يَقُول : مَنْ أَحْبَبْت : أَمْسَكْت مِنْهُنَّ. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : تَتْرُك نِكَاحَ مَنْ شِئْت , وَتَنْكِح مَنْ شِئْت مِنْ نِسَاء أُمَّتك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21805 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ الْحَسَن فِي قَوْله : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } قَالَ : كَانَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ امْرَأَة لَمْ يَكُنْ لِرَجُلٍ أَنْ يَخْطُبهَا حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا أَوْ يَتْرُكهَا. وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا جَعَلَ اللَّه لِنَبِيِّهِ حِين غَار بَعْضهنَّ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَطَلَبَ بَعْضهنَّ مِنَ النَّفَقَة زِيَادَة عَلَى الَّذِي كَانَ يُعْطِيهَا , فَأَمَرَهُ اللَّه أَنْ يُخَيِّرَهُنَّ بَيْنَ الدَّار الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , وَأَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَ مَنْ اخْتَارَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا , وَيُمْسِك مَنْ اخْتَارَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ; فَلَمَّا اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قِيلَ لَهُنَّ : اقْرَرْنَ الْآنَ عَلَى الرِّضَا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ , قَسَمَ لَكُنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَوْ لَمْ يَقْسِم , أَوْ قَسَمَ لِبَعْضِكُنَّ , وَلَمْ يَقْسِم لِبَعْضِكُنَّ , وَفَضَّلَ بَعْضَكُنَّ عَلَى بَعْض فِي النَّفَقَة , أَوْ لَمْ يُفَضِّل , سَوَّى بَيْنَكُنَّ , أَوْ لَمْ يُسَوِّ , فَإِنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَيْسَ لَكُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْء , وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذُكِرَ مَعَ مَا جَعَلَ اللَّه لَهُ مِنْ ذَلِكَ , يُسَوِّي بَيْنَهُنَّ فِي الْقَسْم , إِلَّا امْرَأَة مِنْهُنَّ أَرَادَ طَلَاقَهَا , فَرَضِيَتْ بِتَرْكِ الْقَسْم لَهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21806 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين , قَالَ : لَمَّا أَرَادَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُطَلِّقَ أَزْوَاجَهُ , قُلْنَ لَهُ : افْرِضْ لَنَا مِنْ نَفْسك وَمَالِك مَا شِئْت , فَأَمَرَهُ اللَّه فَآوَى أَرْبَعًا , وَأَرْجَى خَمْسًا . 21807 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عُبَيْدَة بْن سُلَيْمَان , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ : أَمَا تَسْتَحْيِي الْمَرْأَة أَنْ تَهَبَ نَفْسهَا لِلرَّجُلِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّه . { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } فَقُلْت : إِنَّ رَبّك لَيُسَارِع فِي هَوَاك . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , يَعْنِي الْعَبْدِيّ , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ , أَنَّهَا كَانَتْ تُعَيِّر النِّسَاءَ اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتْ : أَمَا تَسْتَحْيِي امْرَأَة أَنْ تَعْرِضَ نَفْسَهَا بِغَيْرِ صَدَاق , فَنَزَلَتْ , أَوْ فَأَنْزَلَ اللَّه : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت } فَقُلْت : إِنِّي لَأَرَى رَبَّك يُسَارِع لَك فِي هَوَاك 21808 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } الْآيَة . قَالَ : كَانَ أَزْوَاجه قَدْ تَغَايَرْنَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَهَجَرَهُنَّ شَهْرًا , ثُمَّ نَزَلَ التَّخْيِير مِنَ اللَّه لَهُ فِيهِنَّ , فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } فَخَيَّرَهُنَّ بَيْنَ أَنْ يَخْتَرْنَ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُنَّ وَيُسَرِّحهُنَّ وَبَيْنَ أَنْ يُقِمْنَ إِنْ أَرَدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ عَلَى أَنَّهُنَّ أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ , لَا يُنْكَحْنَ أَبَدًا , وَعَلَى أَنَّهُ يُؤْوِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاء مِنْهُنَّ مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَرْفَع رَأْسَهُ إِلَيْهَا , وَيُرْجِي مَنْ يَشَاء , حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَرْفَع رَأْسَهُ إِلَيْهَا , وَمَنْ ابْتَغَى مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ وَعَزَلَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ , ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ وَلَا يَحْزَنَّ , وَيَرْضَيْنَ إِذَا عَلِمْنَ أَنَّهُ مِنْ قَضَائِي عَلَيْهِنَّ إِيثَار بَعْضهنَّ عَلَى بَعْض { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ } يَرْضَيْنَ , قَالَ : { وَمَنِ ابْتَغَيْت } مِمَّنْ عَزَلْت : مَنِ ابْتَغَى أَصَابَهُ , وَمَنْ عَزَلَ لَمْ يُصِبْهُ , فَخَيَّرَهُنَّ بَيْنَ أَنْ يَرْضَيْنَ بِهَذَا , أَوْ يُفَارِقهُنَّ , فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ , إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَة بَدْوِيَّة ذَهَبَتْ , وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ , وَقَدْ شَرَطَ اللَّه لَهُ هَذَا الشَّرْطَ , مَا زَالَ يَعْدِل بَيْنَهُنَّ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْره جَعَلَ لِنَبِيِّهِ أَنْ يُرْجِيَ مِنْ النِّسَاء اللَّوَاتِي أَحَلَّهُنَّ لَهُ مَنْ يَشَاء , وَيُؤْوِي إِلَيْهِ مِنْهُنَّ مَنْ يَشَاء , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُر مَعْنَى الْإِرْجَاء وَالْإِيوَاء عَلَى الْمَنْكُوحَات اللَّوَاتِي كُنَّ فِي حِبَاله , عِنْدَمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة دُونَ غَيْرهنَّ مِمَّنْ يُسْتَحْدَث إِيوَاؤُهَا أَوْ إِرْجَاؤُهَا مِنْهُنَّ . إِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْنَى الْكَلَام : تُؤَخِّر مَنْ تَشَاء مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَك , وَأَحْلَلْت لَك نِكَاحَهَا , فَلَا تَقْبَلهَا وَلَا تَنْكِحهَا , أَوْ مِمَّنْ هُنَّ فِي حِبَالِك , فَلَا تَقْرَبهَا , وَتَضُمّ إِلَيْك مَنْ تَشَاء مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَك , أَوْ أَرَدْت مِنْ النِّسَاء الَّتِي أَحْلَلْت لَك نِكَاحَهُنَّ , فَتَقْبَلهَا أَوْ تَنْكِحهَا , وَمِمَّنْ هِيَ فِي حِبَالِك فَتُجَامِعهَا إِذَا شِئْت , وَتَتْرُكهَا إِذَا شِئْت بِغَيْرِ قَسْم . وَقَوْله : { وَمَنِ ابْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت فَلَا جُنَاح عَلَيْك } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ نَكَحْت مِنْ نِسَائِك فَجَامَعْت مِمَّنْ لَمْ تَنْكِح , فَعَزَلْته عَنِ الْجِمَاع , فَلَا جُنَاح عَلَيْك. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21809 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَمَنِ ابْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت فَلَا جُنَاح عَلَيْك } قَالَ : جَمِيعًا هَذِهِ فِي نِسَائِهِ , إِنْ شَاءَ أَتَى مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ , وَلَا جُنَاح عَلَيْهِ . 21810 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَنِ ابْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت } قَالَ : وَمَنْ ابْتَغَى أَصَابَهُ , وَمَنْ عَزَلَ لَمْ يُصِبْهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ اسْتَبْدَلْت مِمَّنْ أَرْجَيْت , فَخَلَّيْت سَبِيلَهُ مِنْ نِسَائِك , أَوْ مِمَّنْ مَاتَ مِنْهُنَّ مِمَّنْ أَحْلَلْت لَك فَلَا جُنَاح عَلَيْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21811 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَنِ ابْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت فَلَا جُنَاحَ عَلَيْك ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتهنَّ كُلّهنَّ } يَعْنِي بِذَلِكَ : النِّسَاء اللَّاتِي أَحَلَّ اللَّه لَهُ مِنْ بَنَات الْعَمّ وَالْعَمَّة وَالْخَال وَالْخَالَة { وَاللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك } يَقُول : إِنْ مَاتَ مِنْ نِسَائِك اللَّاتِي عِنْدَك أَحَد , أَوْ خَلَّيْت سَبِيلَهُ , فَقَدْ أَحْلَلْت لَك أَنْ تَسْتَبْدِلَ مِنْ اللَّاتِي أَحْلَلْت لَك مَكَان مَنْ مَاتَ مِنْ نِسَائِك اللَّاتِي هُنَّ عِنْدَك , أَوْ خَلَّيْت سَبِيلَهُ مِنْهُنَّ , وَلَا يَصْلُح لَك أَنْ تَزْدَادَ عَلَى عِدَّة نِسَائِك اللَّاتِي عِنْدَك شَيْئًا . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ , تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ ابْتَغَيْت إِصَابَتَهُ مِنْ نِسَائِك { مِمَّنْ عَزَلْت } عَنْ ذَلِكَ مِنْهُنَّ { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْك } لِدَلَالَةِ قَوْله : { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ } عَلَى صِحَّة ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِأَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ إِذَا هُوَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَبْدَلَ بِالْمَيِّتَةِ أَوْ الْمُطَلَّقَة مِنْهُنَّ , إِلَّا أَنْ يَعْنِيَ بِذَلِكَ : ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُن الْمَنْكُوحَة مِنْهُنَّ , وَذَلِكَ مِمَّا يَدُلّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل بَعِيد . وَقَوْله : { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ وَلَا يَحْزَنَّ } يَقُول : هَذَا الَّذِي جَعَلْت لَك يَا مُحَمَّد مِنْ إِذْنِي لَك أَنْ تُرْجِيَ مَنْ تَشَاء مِنْ النِّسَاء اللَّوَاتِي جَعَلْت لَك إِرْجَاءَهُنَّ , وَتُؤْوِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ , وَوَضْعِي عَنْك الْحَرَجَ فِي ابْتِغَائِك إِصَابَة مَنْ ابْتَغَيْت إِصَابَته مِنْ نِسَائِك , وَعَزْلِك عَنْ ذَلِكَ مَنْ عَزَلْت مِنْهُنَّ , أَقْرَب لِنِسَائِك أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ بِهِ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتهنَّ كُلّهنَّ مِنْ تَفْضِيل مَنْ فَضَّلْت مِنْ قَسْم , أَوْ نَفَقَة وَإِيثَار مَنْ آثَرْت مِنْهُمْ بِذَلِكَ عَلَى غَيْره مِنْ نِسَائِك , إِذَا هُنَّ عَلِمْنَ أَنَّهُ مِنْ رِضَايَ مِنْك بِذَلِكَ , وَإِذْنِي لَك بِهِ , وَإِطْلَاق مِنِّي لَا مِنْ قِبَلك . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21812 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتهنَّ كُلّهنَّ } إِذَا عَلِمْنَ أَنَّ هَذَا جَاءَ مِنْ اللَّه لِرُخْصَةٍ , كَانَ أَطْيَب لِأَنْفُسِهِنَّ , وَأَقَلَّ لِحُزْنِهِنَّ . 21813 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله ذَلِكَ , نَحْوه . وَالصَّوَاب مِنَ الْقِرَاءَة فِي قَوْله : { بِمَا آتَيْتهنَّ كُلّهنَّ } الرَّفْع غَيْر جَائِز غَيْره عِنْدَنَا , وَذَلِكَ أَنَّ كُلّهنَّ لَيْسَ بِنَعْتٍ لِلْهَاءِ فِي قَوْله { آتَيْتهنَّ } , وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : وَيَرْضَيْنَ كُلّهنَّ , فَإِنَّمَا هُوَ تَوْكِيد لِمَا فِي يَرْضَيْنَ مِنْ ذِكْر النِّسَاء ; وَإِذَا جُعِلَ تَوْكِيدًا لِلْهَاءِ الَّتِي فِي آتَيْتهنَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْنًى , وَالْقِرَاءَة بِنَصْبِهِ غَيْر جَائِزَة لِذَلِكَ , وَلِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَى تَخْطِئَة قَارِئِهِ كَذَلِكَ . وَقَوْله : { وَاللَّه يَعْلَم مَا فِي قُلُوبكُمْ } يَقُول : وَاللَّه يَعْلَم مَا فِي قُلُوب الرِّجَال مِنْ مَيْلهَا إِلَى بَعْض مَنْ عِنْدَهُ مِنْ النِّسَاء دُونَ بَعْض بِالْهَوَى وَالْمَحَبَّة ; يَقُول : فَلِذَلِكَ وُضِعَ عَنْك الْحَرَج يَا مُحَمَّد فِيمَا وُضِعَ عَنْك مِنْ ابْتِغَاء مَنْ ابْتَغَيْت مِنْهُنَّ , مِمَّنْ عَزَلْت تَفَضُّلًا مِنْهُ عَلَيْك بِذَلِكَ وَتَكْرِمَة { وَكَانَ اللَّه عَلِيمًا } يَقُول : وَكَانَ اللَّه ذَا عِلْم بِأَعْمَالِ عِبَاده , وَغَيْر ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاء كُلّهَا { حَلِيمًا } يَقُول : ذَا حِلْم عَلَى عِبَاده , أَنْ يُعَاجِلَ أَهْل الذُّنُوب مِنْهُمْ بِالْعُقُوبَةِ , وَلَكِنَّهُ ذُو حِلْم وَأَنَاة عَنْهُمْ , لِيَتُوبَ مَنْ تَابَ مِنْهُمْ , وَيُنِيب مِنْ ذُنُوبه مَنْ أَنَابَ مِنْهُمْ .'; $t[52] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد نِسَائِك اللَّاتِي خَيَّرْتهنَّ , فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21814 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } .. . الْآيَة إِلَى { رَقِيبًا } قَالَ : نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بَعْدَ نِسَائِهِ الْأُوَل شَيْئًا . 21815 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاءُ مِنْ بَعْد } . . . إِلَى قَوْله : { إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُك } قَالَ : لَمَّا خَيَّرَهُنَّ , فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ قَصَرَهُ عَلَيْهِنَّ , فَقَالَ : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج } وَهُنَّ التِّسْع الَّتِي اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء بَعْد الَّتِي أَحْلَلْنَا لَك بِقَوْلِنَا { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك } .. . إِلَى قَوْله { اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك وَامْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } , وَكَأَنَّ قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَة وَجَّهُوا الْكَلَام إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : لَا يَحِلّ لَك مِنْ النِّسَاء إِلَّا الَّتِي أَحْلَلْنَاهَا لَك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21816 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى , عَنْ زِيَاد , قَالَا لِأُبَيِّ بْن كَعْب : هَلْ كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ مَاتَ أَزْوَاجه أَنْ يَتَزَوَّجَ ؟ قَالَ : مَا كَانَ يُحَرَّم عَلَيْهِ ذَلِكَ ; فَقَرَأْت عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك } قَالَ : فَقَالَ : أَحَلَّ لَهُ ضَرْبًا مِنْ النِّسَاء , وَحَرَّمَ عَلَيْهِ مَا سِوَاهُنَّ ; أَحَلَّ لَهُ كُلّ امْرَأَة آتَى أَجْرَهَا , وَمَا مَلَكَتْ يَمِينه مِمَّا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْهِ , وَبَنَات عَمّه وَبَنَات عَمَّاته , وَبَنَات خَاله وَبَنَات خَالَاته , وَكُلّ امْرَأَة وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَة لَهُ مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى , عَنْ زِيَاد الْأَنْصَارِيّ قَالَ : قُلْت لِأُبَيِّ بْن كَعْب : أَرَأَيْت لَوْ مَاتَ نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَكَانَ يَحِلّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ؟ قَالَ : وَمَا يُحَرِّم ذَلِكَ عَلَيْهِ , قَالَ : قُلْت قَوْله : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } قَالَ : إِنَّمَا أَحَلَّ اللَّه لَهُ ضَرْبًا مِنْ النِّسَاء . * حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ دَاوُدَ بْن أَبِي هِنْد , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى , عَنْ زِيَاد , رَجُل مِنْ الْأَنْصَار , قَالَ : قُلْت لِأُبَيِّ بْن كَعْب : أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَفَّيْنَ , أَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ؟ فَقَالَ : وَمَا يَمْنَعهُ مِنْ ذَلِكَ ؟ وَرُبَّمَا قَالَ دَاوُدُ : وَمَا يُحَرِّم عَلَيْهِ ذَلِكَ ؟ قُلْت : قَوْله : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } فَقَالَ : إِنَّمَا أَحَلَّ اللَّه لَهُ ضَرْبًا مِنْ النِّسَاء , فَقَالَ : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك } . . . إِلَى قَوْله : { إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } ثُمَّ قِيلَ لَهُ : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } . 21817 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام بْن سَلْم , عَنْ عَنْبَسَة , عَمَّنْ ذَكَرَهُ , عَنْ أَبِي صَالِح { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } قَالَ : أُمِرَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَعْرَابِيَّة وَلَا غَرِيبَة , وَيَتَزَوَّج بَعْد مِنْ نِسَاء تِهَامَة , وَمَنْ شَاءَ مِنْ بَنَات الْعَمّ وَالْعَمَّة , وَالْخَال وَالْخَالَة إِنْ شَاءَ ثَلَاثَمِائَةٍ . 21818 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عِكْرِمَة { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } هَؤُلَاءِ الَّتِي سَمَّى اللَّه إِلَّا { بَنَات عَمّك } . . . الْآيَة . 21819 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاكَ يَقُول فِي قَوْله : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } يَعْنِي : مِنْ بَعْد التَّسْمِيَة , يَقُول : لَا يَحِلّ لَك امْرَأَة إِلَّا ابْنَة عَمّ أَوْ ابْنَة عَمَّة , أَوْ ابْنَة خَال أَوْ ابْنَة خَالَة , أَوْ امْرَأَة وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَك , مَنْ كَانَ مِنْهُنَّ هَاجَرَ مَعَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفِي حَرْف ابْن مَسْعُود : " وَاللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك " يَعْنِي بِذَلِكَ : كُلّ شَيْء هَاجَرَ مَعَهُ لَيْسَ مِنْ بَنَات الْعَمّ وَالْعَمَّة , وَلَا مِنْ بَنَات الْخَال وَالْخَالَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ غَيْر الْمُسْلِمَات ; فَأَمَّا الْيَهُودِيَّات وَالنَّصْرَانِيَّات وَالْمُشْرِكَات فَحَرَام عَلَيْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21820 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } لَا يَهُودِيَّة , وَلَا نَصْرَانِيَّة , وَلَا كَافِرَة . وَأَوْلَى الْأَقْوَال عِنْدِي بِالصِّحَّةِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد بَعْد اللَّوَاتِي أَحْلَلْتهنَّ لَك بِقَوْلِي : { إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورَهُنَّ } .. إِلَى قَوْله : { وَامْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } . وَإِنَّمَا قُلْت ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة ; لِأَنَّ قَوْلَهُ : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء } عَقِيب قَوْله : { إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك } وَغَيْر جَائِز أَنْ يَقُولَ : قَدْ أَحْلَلْت لَك هَؤُلَاءِ , وَلَا يَحْلِلْنَ لَك إِلَّا بِنَسْخِ أَحَدهمَا صَاحِبه , وَعَلَى أَنْ يَكُونَ وَقْت فَرْض إِحْدَى الْآيَتَيْنِ , فِعْل الْأُخْرَى مِنْهُمَا , فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَلَا بُرْهَان وَلَا دَلَالَة عَلَى نَسْخ حُكْم إِحْدَى الْآيَتَيْنِ حُكْم الْأُخْرَى , وَلَا تَقَدَّمَ تَنْزِيل إِحْدَاهُمَا قَبْل صَاحِبَتهَا , وَكَانَ غَيْر مُسْتَحِيل مَخْرَجهمَا عَلَى الصِّحَّة , لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَال : إِحْدَاهُمَا نَاسِخَة الْأُخْرَى . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَلَمْ يَكُنْ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلّ مِنْ بَعْد الْمُسْلِمَات يَهُودِيَّة وَلَا نَصْرَانِيَّة وَلَا كَافِرَة , مَعْنًى مَفْهُوم , إِذْ كَانَ قَوْله { مِنْ بَعْد } إِنَّمَا مَعْنَاهُ : مِنْ بَعْد الْمُسَمَّيَات الْمُتَقَدِّم ذِكْرهنَّ فِي الْآيَة قَبْل هَذِهِ الْآيَة , وَلَمْ يَكُنْ فِي الْآيَة الْمُتَقَدِّم فِيهَا ذِكْر الْمُسَمَّيَات بِالتَّحْلِيلِ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذِكْر إِبَاحَة الْمُسْلِمَات كُلّهنَّ , بَلْ كَانَ فِيهَا ذِكْر أَزْوَاجه وَمِلْك يَمِينه الَّذِي يَفِيء اللَّه عَلَيْهِ , وَبَنَات عَمّه وَبَنَات عَمَّاته , وَبَنَات خَاله وَبَنَات خَالَاته , اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَهُ , وَامْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ , فَتَكُون الْكَوَافِر مَخْصُوصَات بِالتَّحْرِيمِ , صَحَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , دُون قَوْل مَنْ خَالَفَ قَوْلَنَا فِيهِ . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة { يَحِلّ } بِالْيَاءِ , بِمَعْنَى : لَا يَحِلّ لَك شَيْء مِنْ النِّسَاء بَعْد , وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء أَهْل الْبَصْرَة : وَلَا تَحِلّ لَك النِّسَاء " بِالتَّاءِ , تَوْجِيهًا مِنْهُ إِلَى أَنَّهُ فِعْل لِلنِّسَاءِ , وَالنِّسَاء جَمْع لِلْكَثِيرِ مِنْهُنَّ . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بِالْيَاءِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْت لَهُمْ , وَلِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَى الْقِرَاءَة بِهَا , وَشُذُوذ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ . وَقَوْله : { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنهنَّ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد الْمُسْلِمَات , لَا يَهُودِيَّة وَلَا نَصْرَانِيَّة وَلَا كَافِرَة , وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِالْمُسْلِمَاتِ غَيْرَهُنَّ مِنَ الْكَوَافِر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21821 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج } وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِالْمُسْلِمَاتِ غَيْرَهُنَّ مِنَ النَّصَارَى وَالْيَهُود وَالْمُشْرِكِينَ { وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنهنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك } . 21822 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين , فِي قَوْله : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنهنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك } قَالَ : لَا يَحِلّ لَك أَنْ تَتَزَوَّج مِنْ الْمُشْرِكَات إِلَّا مَنْ سَبَيْت فَمَلَكَتْهُ يَمِينك مِنْهُنَّ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِأَزْوَاجِك اللَّوَاتِي هُنَّ فِي حِبَالك أَزْوَاجًا غَيْرهنَّ , بِأَنْ تُطَلِّقهُنَّ , وَتَنْكِح غَيْرَهُنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21823 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنهنَّ } يَقُول : لَا يَصْلُح لَك أَنْ تُطَلِّق شَيْئًا مِنْ أَزْوَاجِك لَيْسَ يُعْجِبك , فَلَمْ يَكُنْ يَصْلُح ذَلِكَ لَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا أَنْ تُبَادِل مِنْ أَزْوَاجك غَيْرك , بِأَنْ تُعْطِيَهُ زَوْجَتَك وَتَأْخُذَ زَوْجَتَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21824 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنهنَّ } قَالَ : كَانَتْ الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة يَتَبَادَلُونَ بِأَزْوَاجِهِمْ . يُعْطِي هَذَا امْرَأَتَهُ هَذَا وَيَأْخُذ امْرَأَتَهُ , فَقَالَ : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنهنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك } لَا بَأْس أَنْ تُبَادِل بِجَارِيَتِك مَا شِئْت أَنْ تُبَادِل , فَأَمَّا الْحَرَائِر فَلَا ; قَالَ : وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالهمْ فِي الْجَاهِلِيَّة . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا أَنْ تُطَلِّق أَزْوَاجَك فَتَسْتَبْدِل بِهِنَّ غَيْرَهُنَّ أَزْوَاجًا . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ ; لِمَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْل مِنْ أَنَّ قَوْلَ الَّذِي قَالَ مَعْنَى قَوْله : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } لَا يَحِلّ لَك الْيَهُودِيَّة أَوْ النَّصْرَانِيَّة وَالْكَافِرَة , قَوْل لَا وَجْه لَهُ . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَكَذَلِكَ قَوْله : { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ } كَافِرَة لَا مَعْنَى لَهُ , إِذْ كَانَ مِنَ الْمُسْلِمَات مَنْ قَدْ حُرِّمَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } الَّذِي دَلَلْنَا عَلَيْهِ قَبْل , وَأَمَّا الَّذِي قَالَهُ ابْن زَيْد فِي ذَلِكَ أَيْضًا , فَقَوْل لَا مَعْنَى لَهُ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِمَعْنَى الْمُبَادَلَة , لَكَانَتْ الْقِرَاءَة وَالتَّنْزِيل : وَلَا أَنْ تُبَادِل بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج , أَوْ : وَلَا أَنْ تُبَدِّل بِهِنَّ بِضَمِّ التَّاء ; وَلَكِنَّ الْقِرَاءَةَ الْمُجْمَع عَلَيْهَا , وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ , بِفَتْحِ التَّاء , بِمَعْنَى : وَلَا أَنْ تَسْتَبْدِل بِهِنَّ , مَعَ أَنَّ الَّذِي ذَكَرَ ابْن زَيْد مِنْ فِعْل الْجَاهِلِيَّة غَيْر مَعْرُوف فِي أُمَّة نَعْلَمهُ مِنَ الْأُمَم : أَنْ يُبَادِل الرَّجُل آخَر بِامْرَأَتِهِ الْحُرَّة , فَيُقَال : كَانَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلهمْ , فَنَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فِعْل مِثْله . فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَفَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَة عَلَى نِسَائِهِ اللَّوَاتِي كُنَّ عِنْده , فَيَكُون مُوَجِّهًا تَأْوِيلَ قَوْله : { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج } إِلَى مَا تَأَوَّلْت , أَوْ قَالَ : وَأَيْنَ ذِكْر أَزْوَاجه اللَّوَاتِي كُنَّ عِنْدَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَتَكُون الْهَاء مِنْ قَوْله : { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ } مَنْ ذَكَرَهُنَّ وَتَوَهَّمَ أَنَّ الْهَاء فِي ذَلِكَ عَائِدَة عَلَى النِّسَاء , فِي قَوْله : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } ؟ قِيلَ : قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَ مِنْ النِّسَاء اللَّوَاتِي كَانَ اللَّه أَحَلَّهُنَّ لَهُ عَلَى نِسَائِهِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدَهُ يَوْمَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة , وَإِنَّمَا نَهَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْآيَة أَنْ يُفَارِق مَنْ كَانَ عِنْدَهُ بِطَلَاقٍ أَرَادَ بِهِ اسْتِبْدَال غَيْرهَا بِهَا ; لِإِعْجَابِ حُسْن الْمُسْتَبْدَلَة لَهُ بِهَا إِيَّاهُ إِذْ كَانَ اللَّه قَدْ جَعَلَهُنَّ أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ وَخَيَّرَهُنَّ بَيْنَ الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالدَّار الْآخِرَة , وَالرِّضَا بِاللَّهِ وَرَسُوله , فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ , فَحُرِّمْنَ عَلَى غَيْره بِذَلِكَ , وَمُنِعَ مِنْ فِرَاقهنَّ بِطَلَاقٍ ; فَأَمَّا نِكَاح غَيْرهنَّ فَلَمْ يَمْنَع مِنْهُ , بَلْ أَحَلَّ اللَّه لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا بَيَّنَ فِي كِتَابه . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَة أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُقْبَض حَتَّى أَحَلَّ اللَّه لَهُ نِسَاءَ أَهْل الْأَرْض . 21825 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : مَا مَاتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أُحِلّ لَهُ النِّسَاء ; تَعْنِي أَهْل الْأَرْض . * حَدَّثَنِي عُبَيْد بْن إِسْمَاعِيل الْهَبَّارِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : مَا مَاتَ رَسُول اللَّه حَتَّى أُحِلّ لَهُ النِّسَاء . - حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا مُعَلَّى , قَالَ : ثنا وُهَيْبٌ , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر اللَّيْثِيّ , عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : مَا تُوُفِّيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أُحِلّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ النِّسَاء مَا شَاءَ . * حَدَّثَنِي أَبُو زَيْد عُمَر بْن شَبَّة , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : أَحْسِب عُبَيْد بْن عُمَيْر , حَدَّثَنِي , قَالَ أَبُو زَيْد , وَقَالَ أَبُو عَاصِم مَرَّة , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : مَا مَاتَ رَسُول اللَّه حَتَّى أَحَلَّ اللَّه لَهُ النِّسَاءَ . قَالَ : وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْر : شَهِدْت رَجُلًا يُحَدِّثهُ عَطَاء. * حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مَنْصُور , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل قَالَ : ثنا هَمَّام , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : مَا مَاتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أُحِلّ لَهُ النِّسَاء . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى نَبِيّه بِهَذِهِ الْآيَة طَلَاقَ نِسَائِهِ اللَّوَاتِي خَيَّرَهُنَّ فَاخْتَرْنَهُ , فَمَا وَجْه الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ طَلَّقَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا , وَأَنَّهُ أَرَادَ طَلَاقَ سَوْدَة حَتَّى صَالَحَتْهُ عَلَى تَرْك طَلَاقه إِيَّاهَا , وَوَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ ؟ قِيلَ : كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُول هَذِهِ الْآيَة . وَالدَّلِيل عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا , مِنْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيم اللَّه عَلَى نَبِيّه طَلَاقَهُنَّ , الرِّوَايَة الْوَارِدَة أَنَّ عُمَرَ دَخَلَ عَلَى حَفْصَة مُعَاقِبهَا حِين اعْتَزَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ , كَانَ مِنْ قِيله لَهَا : قَدْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَك , فَكَلَّمْته فَرَاجَعَك , فَوَاللَّهِ لَئِنْ طَلَّقَك , أَوْ لَوْ كَانَ طَلَّقَك لَا كَلَّمْته فِيك ! وَذَلِكَ لَا شَكَّ قَبْلَ نُزُول آيَة التَّخْيِير ; لِأَنَّ آيَةَ التَّخْيِير إِنَّمَا نَزَلَتْ حِين انْقَضَى وَقْت يَمِين رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اعْتِزَالهنَّ . وَأَمَّا أَمْر الدَّلَالَة عَلَى أَنَّ أَمْر سَوْدَةَ كَانَ قَبْلَ نُزُول هَذِهِ الْآيَة , أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَمَرَ نَبِيَّهُ بِتَخْيِيرِ نِسَائِهِ بَيْن فِرَاقه وَالْمُقَام مَعَهُ عَلَى الرِّضَا بِأَنْ لَا قَسْم لَهُنَّ , وَأَنَّهُ يُرْجِي مَنْ يَشَاء مِنْهُنَّ , وَيُؤْوِي مِنْهُنَّ مَنْ يَشَاء , وَيُؤْثِر مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ عَلَى مَنْ شَاءَ , وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ تَعَالَى ذِكْره : { وَمَنِ ابْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت فَلَا جُنَاح عَلَيْك ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتهنَّ كُلّهنَّ } , وَمِنَ الْمُحَال أَنْ يَكُونَ الصُّلْح بَيْنهَا وَبَيْنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَرَى عَلَى تَرْكهَا يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ فِي حَال لَا يَوْمَ لَهَا مِنْهُ . وَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ مِنْهَا إِلَّا فِي حَال كَانَ لَهَا مِنْهُ يَوْم هُوَ لَهَا حَقّ كَانَ وَاجِبًا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدَاؤُهُ إِلَيْهَا , وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُنَّ بَعْدَ التَّخْيِير لِمَا قَدْ وَصَفْت قَبْل فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا . فَتَأْوِيل الْكَلَام : لَا يَحِلّ لَك يَا مُحَمَّد النِّسَاء مِنْ بَعْد اللَّوَاتِي أَحْلَلْتهنَّ لَك فِي الْآيَة قَبْل , وَلَا أَنْ تُطَلِّق نِسَاءَك اللَّوَاتِي اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ , فَتُبَدِّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْن مَنْ أَرَدْت أَنْ تَبَدَّلَ بِهِ مِنْهُنَّ , إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك , وَأَنَّ فِي قَوْله { أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ } رَفْع ; لِأَنَّ مَعْنَاهَا : لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد , وَلَا الِاسْتِبْدَال بِأَزْوَاجِك , وَإِلَّا فِي قَوْله : { إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك } اسْتِثْنَاء مِنْ النِّسَاء , وَمَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد اللَّوَاتِي أَحْلَلْتهنَّ لَك , إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك مِنَ الْإِمَاء , فَإِنَّ لَك أَنْ تَمْلِك مِنْ أَيّ أَجْنَاس النَّاس شِئْت مِنَ الْإِمَاء . وَقَوْله : { وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء رَقِيبًا } يَقُول : وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء مَا أَحَلَّ لَك , وَحَرَّمَ عَلَيْك , وَغَيْر ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاء كُلّهَا , حَفِيظًا لَا يَعْزُب عَنْهُ عِلْم شَيْء مِنْ ذَلِكَ , وَلَا يَئُودُهُ حِفْظ ذَلِكَ كُلّه . 21826 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ . ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء رَقِيبًا } : أَيْ حَفِيظًا , فِي قَوْل الْحَسَن وَقَتَادَة .'; $t[53] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَن لَكُمْ إِلَى طَعَام غَيْر نَاظِرِينَ إِنَاهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِأَصْحَابِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُوله , لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ نَبِيّ اللَّه إِلَّا أَنْ تُدْعَوْا إِلَى طَعَام تَطْعَمُونَهُ { غَيْر نَاظِرِينَ إِنَاهُ } يَعْنِي : غَيْر مُنْتَظِرِينَ إِدْرَاكَهُ وَبُلُوغَهُ ; وَهُوَ مَصْدَر مِنْ قَوْلهمْ : قَدْ أَنَى هَذَا الشَّيْء يَأْنِي أَنًى وَأَنْيًا وَإِنَاءً ; قَالَ الْحُطَيْئَة : وَآنَيْت الْعَشَاءَ إِلَى سُهَيْل أَوْ الشِّعْرَى فَطَالَ بِي الْأَنَاءُ وَفِيهِ لُغَة أُخْرَى , يُقَال : قَدْ آنَ لَك : أَيْ تَبَيَّنَ لَك أَيْنًا , وَنَالَ لَك , وَأَنَال لَك ; وَمِنْهُ قَوْل رُؤْبَة بْن الْعَجَّاج : هَاجَتْ وَمِثْلِي نَوْلُهُ أَنْ يَرْبَعَا حَمَامَة نَاخَتْ حَمَامًا سُجَّعَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21827 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { إِلَى طَعَام غَيْر نَاظِرِينَ إِنَاهُ } قَالَ : مُتَحَيِّنِينَ نُضْجَهُ . 21828 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , { غَيْر نَاظِرِينَ إِنَاهُ } يَقُول : غَيْر نَاظِرِينَ الطَّعَامَ أَنْ يُصْنَعَ . 21829 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { غَيْر نَاظِرِينَ إِنَاهُ } قَالَ : غَيْر مُتَحَيِّنِينَ طَعَامَهُ . * حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . وَنُصِبَ { غَيْر } فِي قَوْله : { غَيْر نَاظِرِينَ إِنَاهُ } عَلَى الْحَال مِنْ الْكَاف وَالْمِيم فِي قَوْله : { إِلَّا أَنْ يُؤْذَن لَكُمْ } لِأَنَّ الْكَاف وَالْمِيم مَعْرِفَة وَغَيْر نَكِرَة , وَهِيَ مِنْ صِفَة الْكَاف وَالْمِيم . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَقُول : لَا يَجُوز فِي " غَيْرِ " الْجَرّ عَلَى الطَّعَام , إِلَّا أَنْ تَقُولَ : أَنْتُمْ , وَيَقُول : أَلَا تَرَى أَنَّك لَوْ قُلْت : أَبْدَى لِعَبْدِ اللَّه عَلَيَّ امْرَأَة مُبْغِضًا لَهَا , لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَّا النَّصْب , إِلَّا أَنْ تَقُول : مُبْغِضٌ لَهَا هُوَ ; لِأَنَّك إِذَا أَجْرَيْت صِفَتَهُ عَلَيْهَا , وَلَمْ تُظْهِر الضَّمِيرَ الَّذِي يَدُلّ عَلَى أَنَّ الصِّفَةَ لَهُ لَمْ يَكُنْ كَلَامًا , لَوْ قُلْت : هَذَا رَجُل مَعَ امْرَأَة مُلَازِمَهَا , كَانَ لَحْنًا , حَتَّى تَرْفَعَ , فَتَقُولَ مُلَازِمُهَا , أَوْ تَقُولَ مُلَازِمِهَا هُوَ , فَتَجُرّ . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة يَقُول : لَوْ جَعَلْت " غَيْرِ " فِي قَوْله : { غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ } خَفْضًا كَانَ صَوَابًا ; لِأَنَّ قَبْلَهَا الطَّعَام وَهُوَ نَكِرَة , فَيُجْعَل فِعْلهمْ تَابِعًا لِلطَّعَامِ , لِرُجُوعِ ذِكْر الطَّعَام فِي إِنَاهُ , كَمَا تَقُول الْعَرَب : رَأَيْت زَيْدًا مَعَ امْرَأَة مُحْسِنًا إِلَيْهَا وَمُحْسِنٍ إِلَيْهَا , فَمَنْ قَالَ مُحْسِنًا جَعَلَهُ مِنْ صِفَة زَيْد , وَمَنْ خَفَضَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ : رَأَيْته مَعَ الَّتِي يُحْسِن إِلَيْهَا ; فَإِذَا صَارَتْ الصِّلَة لِلنَّكِرَةِ أَتْبَعَتْهَا وَإِنْ كَانَتْ فِعْلًا لِغَيْرِ النَّكِرَة , كَمَا قَالَ الْأَعْشَى : فَقُلْت لَهُ هَذِهِ هَاتِهَا إِلَيْنَا بِأَدْمَاءَ مُقْتَادِهَا فَجَعَلَ الْمُقْتَادَ تَابِعًا لِإِعْرَابِ بِأَدْمَاءَ , لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِك : بِأَدْمَاء تَقْتَادهَا , فَخَفَضَهُ ; لِأَنَّهُ صِلَة لَهَا , قَالَ : وَيُنْشَد : " بِأَدْمَاءِ مُقْتَادِهَا " بِخَفْضِ الْأَدْمَاء لِإِضَافَتِهَا إِلَى الْمُقْتَاد , قَالَ : وَمَعْنَاهُ : هَاتِهَا عَلَى يَدَيْ مَنْ اقْتَادَهَا , وَأَنْشَدَ أَيْضًا : وَإِنَّ امْرَأً أَهْدَى إِلَيْك وَدُونَهُ مِنَ الْأَرْض مَوْمَاةٌ وَبَيْدَاء فَيْهَق لَمَحْقُوقَةٌ أَنْ تَسْتَجِيبِي لِصَوْتِهِ وَأَنْ تَعْلَمِي أَنَّ الْمُعَان مُوَفَّق وَحُكِيَ عَنْ بَعْض الْعَرَب سَمَاعًا يُنْشَد : أَرَأَيْت إِذْ أَعْطَيْتُك الْوُدّ كُلَّهُ وَلَمْ يَكُ عِنْدِي إِنْ أَبَيْت إِبَاء أَمُسْلِمَتِي لِلْمَوْتِ أَنْتِ فَمَيِّت وَهَلْ لِلنُّفُوسِ الْمُسْلِمَات بَقَاء وَلَمْ يَقُلْ : فَمَيِّت أَنَا , وَقَالَ الْكِسَائِيّ : سَمِعْت الْعَرَبَ تَقُول : يَدك بَاسِطهَا , يُرِيدُونَ أَنْتَ , وَهُوَ كَثِير فِي الْكَلَام , قَالَ : فَعَلَى هَذَا يَجُوز خَفْض " غَيْر " . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا , الْقَوْل بِإِجَازَةِ جَرّ " غَيْرِ " فِي " غَيْرَ نَاظِرِينَ " فِي الْكَلَام , لَا فِي الْقِرَاءَة , لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَبْيَات الَّتِي حَكَيْنَاهَا ; فَأَمَّا فِي الْقِرَاءَة فَغَيْرُ جَائِز فِي " غَيْرَ " غَيْرُ النَّصْب ; لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَى نَصْبهَا . وَقَوْله : { وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا } يَقُول : وَلَكِنْ إِذَا دَعَاكُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَادْخُلُوا الْبَيْتَ الَّذِي أَذِنَ لَكُمْ بِدُخُولِهِ { فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا } يَقُول : فَإِذَا أَكَلْتُمْ الطَّعَامَ الَّذِي دُعِيتُمْ لِأَكْلِهِ فَانْتَشِرُوا , يَعْنِي فَتَفَرَّقُوا وَاخْرُجُوا مِنْ مَنْزِله . { وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } فَقَوْله : { وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } فِي مَوْضِع خَفْض عَطْفًا بِهِ عَلَى نَاظِرِينَ , كَمَا يُقَال فِي الْكَلَام : أَنْتَ غَيْر سَاكِتٍ وَلَا نَاطِقٍ , وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يُقَال : " مُسْتَأْنِسِينَ " فِي مَوْضِع نَصْب عَطْفًا عَلَى مَعْنَى نَاظِرِينَ ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ : إِلَّا أَنْ يُؤْذَن لَكُمْ إِلَى طَعَام لَا نَاظِرِينَ إِنَاهُ , فَيَكُون قَوْله : { وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ } نَصْبًا حِينَئِذٍ , وَالْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ إِذَا حَالَتْ بَيْنَ الْأَوَّل وَالثَّانِي , فَتَرُدّ أَحْيَانًا عَلَى لَفْظ الْأَوَّل , وَأَحْيَانًا عَلَى مَعْنَاهُ , وَقَدْ ذَكَرَ الْفَرَّاء أَنَّ أَبَا الْقَمْقَام أَنْشَدَهُ : أَجِدّك لَسْت الدَّهْر رَائِيَ رَامَةٍ وَلَا عَاقِل إِلَّا وَأَنْتَ جَنِيبُ وَلَا مُصْعِدٍ فِي الْمُصْعِدِينَ لَمِنْعِجٍ وَلَا هَابِطًا مَا عِشْت هَضْب شَطِيبِ فَرَدَّ " مُصْعِدٍ " عَلَى أَنَّ " رَائِيَ " فِيهِ بَاءٌ خَافِضَة , إِذْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصْعِد مِمَّا حَال بَيْنهمَا مِنَ الْكَلَام . وَمَعْنَى قَوْله : { وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } : وَلَا مُتَحَدِّثِينَ بَعْدَ فَرَاغكُمْ مِنْ أَكْل الطَّعَام إِينَاسًا مِنْ بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ بِهِ , كَمَا : 21830 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } بَعْدَ أَنْ تَأْكُلُوا . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي السَّبَب الَّذِي نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِيهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : نَزَلَتْ بِسَبَبِ قَوْم طَعِمُوا عِنْدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَلِيمَة زَيْنَب بِنْت جَحْش , ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ فِي مَنْزِل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَبِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْله حَاجَة , فَمَنَعَهُ الْحَيَاء مِنْ أَمْرهمْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِله . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21831 -حَدَّثَنِي عِمْرَان بْن مُوسَى الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز بْن صُهَيْب , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : بَنَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ بِنْت جَحْش , فَبَعَثْت دَاعِيًا إِلَى الطَّعَام , فَدَعَوْت , فَيَجِيء الْقَوْم يَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ ثُمَّ يَجِيء الْقَوْم يَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ , فَقُلْت : يَا نَبِيّ اللَّه قَدْ دَعَوْت حَتَّى مَا أَجِد أَحَدًا أَدْعُوهُ , قَالَ : " ارْفَعُوا طَعَامَكُمْ " , وَإِنَّ زَيْنَب لَجَالِسَة فِي نَاحِيَة الْبَيْت , وَكَانَتْ قَدْ أُعْطِيَتْ جَمَالًا , وَبَقِيَ ثَلَاثَة نَفَر يَتَحَدَّثُونَ فِي الْبَيْت , وَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْطَلِقًا نَحْو حُجْرَة عَائِشَة , فَقَالَ : " السَّلَام عَلَيْكُمْ أَهْل الْبَيْت " فَقَالُوا : وَعَلَيْك السَّلَام يَا رَسُولَ اللَّه , كَيْفَ وَجَدْت أَهْلَك ؟ قَالَ : فَأَتَى حُجَر نِسَائِهِ , فَقَالُوا مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَة , فَرَجَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِذَا الثَّلَاثَة يَتَحَدَّثُونَ فِي الْبَيْت , وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيد الْحَيَاء , فَخَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْطَلِقًا نَحْو حُجْرَة عَائِشَة , فَلَا أَدْرِي أَخْبَرْته , أَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الرَّهْطَ قَدْ خَرَجُوا , فَرَجَعَ حَتَّى وَضَعَ رِجْله فِي أُسْكُفَّة دَاخِل الْبَيْت , وَالْأُخْرَى خَارِجه , إِذْ أُرْخِي السِّتْر بَيْنِي وَبَيْنَهُ , وَأُنْزِلَتْ آيَة الْحِجَاب . * حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَة بِشْر بْن دِحْيَة , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : سَأَلَنِي أُبَيّ بْن كَعْب عَنِ الْحِجَاب , فَقُلْت : أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهِ , نَزَلَتْ فِي شَأْن زَيْنَب ; أَوْلَمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا بِتَمْرٍ وَسَوِيق , فَنَزَلَتْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ } إِلَى قَوْله : { ذَلِكُمْ أَطْهَر لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبهنَّ } . * حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وَهْب , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَنَس بْن مَالِك أَنَّهُ كَانَ ابْن عَشْر سِنِينَ مَقْدَم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَة , فَكُنْت أَعْلَم النَّاس بِشَأْنِ الْحِجَاب حِين أُنْزِلَ فِي مُبْتَنَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ بِنْت جَحْش ; أَصْبَحَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا عَرُوسًا , فَدَعَا الْقَوْم فَأَصَابُوا مِنْ الطَّعَام حَتَّى خَرَجُوا , وَبَقِيَ مِنْهُمْ رَهْط عِنْدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطَالُوا الْمُكْث , فَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجَ , وَخَرَجْت مَعَهُ لِكَيْ يَخْرُجُوا , فَمَشَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَشَيْت مَعَهُ , حَتَّى جَاءَ عَتَبَة حُجْرَة عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ , ثُمَّ ظَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ قَدْ خَرَجُوا , فَرَجَعَ وَرَجَعْت مَعَهُ , حَتَّى دَخَلَ عَلَى زَيْنَب , فَإِذَا هُمْ جُلُوس لَمْ يَقُومُوا , فَرَجَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَعْت مَعَهُ , فَإِذَا هُمْ قَدْ خَرَجُوا , فَضَرَبَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سِتْرًا , وَأُنْزِلَ الْحِجَاب . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ حُمَيْد , عَنْ أَنَس , قَالَ : دَعَوْت الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , صَبِيحَة بَنَى بِزَيْنَبَ بِنْت جَحْش , فَأَوْسَعَهُمْ خُبْزًا وَلَحْمًا , ثُمَّ رَجَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَع , فَأَتَى حُجَر نِسَائِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ , فَدَعَوْنَ لَهُ , وَرَجَعَ إِلَى بَيْته وَأَنَا مَعَهُ ; فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَاب إِذَا رَجُلَانِ قَدْ جَرَى بِهِمَا الْحَدِيث فِي نَاحِيَة الْبَيْت , فَلَمَّا أَبْصَرَهُمَا وَلَّى رَاجِعًا ; فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَّى عَنْ بَيْته , وَلَّيَا مُسْرِعِينَ , فَلَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْته , أَوْ أُخْبِرَ فَرَجَعَ إِلَى بَيْته , فَأَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ , وَنَزَلَتْ آيَة الْحِجَاب . 21832 - حَدَّثَنِي ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ حُمَيْد , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب : قُلْت لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ حَجَبْت عَنْ أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ , فَإِنَّهُ يَدْخُل عَلَيْك الْبَرّ وَالْفَاجِر , فَنَزَلَتْ آيَة الْحِجَاب . * حَدَّثَنِي الْقَاسِم بْن بِشْر بْن مَعْرُوف , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن حَرْب , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : أَنَا أَعْلَم النَّاس بِهَذِهِ الْآيَة , آيَة الْحِجَاب ; لَمَّا أُهْدِيَتْ زَيْنَب إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ طَعَامًا , وَدَعَا الْقَوْمَ , فَجَاءُوا فَدَخَلُوا وَزَيْنَب مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَيْت , وَجَعَلُوا يَتَحَدَّثُونَ , وَجَعَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُج ثُمَّ يَدْخُل وَهُمْ قُعُود , قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيّ } . . . . إِلَى : { فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } قَالَ : فَقَامَ الْقَوْم وَضُرِبَ الْحِجَاب . * حَدَّثَنِي عُمَر بْن إِسْمَاعِيل بْن مُجَالِد , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ بَيَان , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : بَنَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ , فَأَرْسَلَنِي , فَدَعَوْت قَوْمًا إِلَى الطَّعَام ; فَلَمَّا أَكَلُوا وَخَرَجُوا , قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْطَلِقًا قِبَلَ بَيْت عَائِشَة , فَرَأَى رَجُلَيْنِ جَالِسَيْنِ , فَانْصَرَفَ رَاجِعًا , فَأَنْزَلَ اللَّه : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ } 21833 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ , قَالَ : ثنا الْمَسْعُودِيّ , قَالَ : ثنا ابْن نَهْشَل , عَنْ أَبِي وَائِل , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : أَمَرَ عُمَر نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِجَابِ , فَقَالَتْ زَيْنَب : يَا ابْن الْخَطَّاب , إِنَّك لَتَغَار عَلَيْنَا , وَالْوَحْي يَنْزِل فِي بُيُوتنَا , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَرْزُوق , قَالَ : ثنا أَشْهَل بْن حَاتِم , قَالَ : ثنا ابْن عَوْن , عَنْ عَمْرو بْن سَعْد , عَنْ أَنَس قَالَ : وَكُنْت مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَ يَمُرّ عَلَى نِسَائِهِ , قَالَ : فَأَتَى بِامْرَأَةٍ عَرُوس , ثُمَّ جَاءَ وَعِنْدَهَا قَوْم , فَانْطَلَقَ فَقَضَى حَاجَتَهُ , وَاحْتَبَسَ وَعَادَ وَقَدْ خَرَجُوا ; قَالَ : فَدَخَلَ فَأَرْخَى بَيْنِي وَبَيْنه سِتْرًا , قَالَ : فَحَدَّثْت أَبَا طَلْحَةَ , فَقَالَ : إِنْ كَانَ كَمَا تَقُول : لَيَنْزِلَنَّ فِي هَذَا شَيْء , قَالَ : وَنَزَلَتْ آيَة الْحِجَاب . وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَ ذَلِكَ فِي بَيْت أُمّ سَلَمَةَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21834 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } قَالَ : كَانَ هَذَا فِي بَيْت أُمّ سَلَمَةَ , قَالَ : أَكَلُوا , ثُمَّ أَطَالُوا الْحَدِيثَ , فَجَعَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُل وَيَخْرُج وَيَسْتَحْيِي مِنْهُمْ , وَاللَّه لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقّ. 21835 - قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّهُنَّ أُمِرْنَ بِالْحِجَابِ عِنْد ذَلِكَ . وَقَوْله : { إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ } . يَقُول : إِنَّ دُخُولَكُمْ بُيُوتَ النَّبِيّ مِنْ غَيْر أَنْ يُؤْذَن لَكُمْ , وَجُلُوسكُمْ فِيهَا مُسْتَأْنِسِينَ لِلْحَدِيثِ بَعْدَ فَرَاغكُمْ مِنْ أَكْل الطَّعَام الَّذِي دُعِيتُمْ لَهُ , كَانَ يُؤْذِي النَّبِيّ , فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْهَا إِذَا قَعَدْتُمْ فِيهَا لِلْحَدِيثِ بَعْدَ الْفَرَاغ مِنْ الطَّعَام , أَوْ يَمْنَعَكُمْ مِنْ الدُّخُول إِذَا دَخَلْتُمْ بِغَيْرِ إِذْن مَعَ كَرَاهِيَته لِذَلِكَ مِنْكُمْ { وَاللَّه لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقّ } أَنْ يَتَبَيَّن لَكُمْ , وَإِنْ اسْتَحْيَا نَبِيّكُمْ فَلَمْ يُبَيِّن لَكُمْ كَرَاهِيَة ذَلِكَ حَيَاء مِنْكُمْ { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } يَقُول : وَإِذَا سَأَلْتُمْ أَزْوَاجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ اللَّوَاتِي لَسْنَ لَكُمْ بِأَزْوَاجٍ مَتَاعًا { فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } يَقُول : مِنْ وَرَاء سِتْر بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُنَّ , وَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِنَّ بُيُوتَهُنَّ { ذَلِكُمْ أَطْهَر لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبهنَّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : سُؤَالكُمْ إِيَّاهُنَّ الْمَتَاع إِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ ذَلِكَ مِنْ وَرَاء حِجَاب أَطْهَر لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبهنَّ مِنْ عَوَارِض الْعَيْن فِيهَا الَّتِي تَعْرِض فِي صُدُور الرِّجَال مِنْ أَمْر النِّسَاء , وَفِي صُدُور النِّسَاء مِنْ أَمْر الرِّجَال , وَأَحْرَى مِنْ أَنْ لَا يَكُونَ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْكُمْ وَعَلَيْهِنَّ سَبِيل . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ سَبَبَ أَمْر اللَّه النِّسَاءَ بِالْحِجَابِ , إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْل أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُل مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَائِشَة مَعَهُمَا , فَأَصَابَتْ يَدهَا يَدَ الرَّجُل , فَكَرِهَ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21836 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطْعَم وَمَعَهُ بَعْض أَصْحَابه , فَأَصَابَتْ يَد رَجُل مِنْهُمْ يَدَ عَائِشَةَ , فَكَرِهَ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ آيَة الْحِجَاب . وَقِيلَ : نَزَلَتْ مِنْ أَجْل مَسْأَلَة عُمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21837 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَيَعْقُوب , قَالَا : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا حُمَيْد الطَّوِيل , عَنْ أَنَس , قَالَ : قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب : قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّه , إِنَّ نِسَاءَك يَدْخُل عَلَيْهِنَّ الْبَرّ وَالْفَاجِر , فَلَوْ أَمَرْتهنَّ أَنْ يَحْتَجِبْنَ ؟ قَالَ : فَنَزَلَتْ آيَة الْحِجَاب. * حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا حُمَيْد , عَنْ أَنَس , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ . 21838 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثني عَمْرو بْن عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : ثني يُونُس , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى " الْمَنَاصِع " وَهُوَ صَعِيد أَفْيَح , وَكَانَ عُمَر يَقُول : يَا رَسُولَ اللَّه , احْجُبْ نِسَاءَك , فَلَمْ يَكُنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَل , فَخَرَجَتْ سَوْدَة بِنْت زَمْعَةَ , زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَتْ امْرَأَة طَوِيلَة , فَنَادَاهَا عُمَر بِصَوْتِهِ الْأَعْلَى : قَدْ عَرَفْنَاك يَا سَوْدَة , حِرْصًا أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَاب , قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّه الْحِجَاب . 21839 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن نُمَيْر , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ , قَالَتْ : خَرَجَتْ سَوْدَة لِحَاجَتِهَا بَعْدَمَا ضُرِبَ عَلَيْنَا الْحِجَاب , وَكَانَتْ امْرَأَة تَفْرَع النِّسَاءَ طُولًا , فَأَبْصَرَهَا عُمَر , فَنَادَاهَا : يَا سَوْدَة , إِنَّك وَاللَّه مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا , فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ , أَوْ كَيْفَ تَصْنَعِينَ ؟ فَانْكَفَأَتْ فَرَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى , فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا كَانَ , وَمَا قَالَ لَهَا , وَإِنَّ فِي يَده لَعَرْقًا , فَأُوحِيَ إِلَيْهِ , ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ , وَإِنَّ الْعَرْق لَفِي يَده , فَقَالَ : " لَقَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ " . * حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد بْن عَبْد الْوَارِث , قَالَ : ثنا هَمَّام , قَالَ : ثنا عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ أَبِي وَائِل , عَنِ ابْن مَسْعُود , قَالَ : أَمَرَ عُمَر نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِجَابِ فَقَالَتْ زَيْنَب : يَا ابْن الْخَطَّاب , إِنَّك لَتَغَار عَلَيْنَا وَالْوَحْي يَنْزِل فِي بُيُوتنَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } . * حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوب النَّهْرَانِيّ سُلَيْمَان بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن عَبْد رَبّه , قَالَ : ثني ابْن حَرْب , عَنْ الزُّبَيْدِيّ , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى " الْمَنَاصِع " وَهُوَ صَعِيد أَفْيَح ; وَكَانَ عُمَر بْن الْخَطَّاب يَقُول لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْجُبْ نِسَاءَك , فَلَمْ يَكُنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَل , فَخَرَجَتْ سَوْدَة بِنْت زَمْعَةَ زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَة مِنْ اللَّيَالِي عِشَاء , وَكَانَتْ امْرَأَة طَوِيلَة , فَنَادَاهَا عُمَر بِصَوْتِهِ الْأَعْلَى : قَدْ عَرَفْنَاك يَا سَوْدَة , حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَاب , قَالَتْ عَائِشَة : فَأَنْزَلَ اللَّه الْحِجَابَ , قَالَ اللَّه : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا } . . . الْآيَةَ. وَقَوْله : { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّه , وَمَا يَصْلُح ذَلِكَ لَكُمْ { وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْده أَبَدًا } يَقُول : وَمَا يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْده أَبَدًا لِأَنَّهُنَّ أُمَّهَاتكُمْ , وَلَا يَحِلّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهُ. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ فِي رَجُل كَانَ يَدْخُل قَبْلَ الْحِجَاب , قَالَ : لَئِنْ مَاتَ مُحَمَّد لَأَتَزَوَّجَنَّ امْرَأَة مِنْ نِسَائِهِ سَمَّاهَا , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي ذَلِكَ : { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّه وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْده أَبَدًا } . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21840 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّه وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْده أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّه عَظِيمًا } قَالَ : رُبَّمَا بَلَغَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الرَّجُلَ يَقُول : لَوْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ مِنْ بَعْده , قَالَ : فَكَانَ ذَلِكَ يُؤْذِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَ الْقُرْآن : { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّه } .. . الْآيَة . 21841 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , عَنْ عَامِر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ , وَقَدْ مَلَكَ قَيْلَةَ بِنْت الْأَشْعَث , فَتَزَوَّجَهَا عِكْرِمَة بْن أَبِي جَهْل بَعْدَ ذَلِكَ , فَشَقَّ عَلَى أَبِي بَكْر مَشَقَّة شَدِيدَة , فَقَالَ لَهُ عُمَر : يَا خَلِيفَة رَسُول اللَّه إِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نِسَائِهِ إِنَّهَا لَمْ يُخَيِّرهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَحْجُبهَا , وَقَدْ بَرَّأَهَا مِنْهُ بِالرِّدَّةِ الَّتِي ارْتَدَّتْ مَعَ قَوْمهَا , فَاطْمَأَنَّ أَبُو بَكْر وَسَكَنَ . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , عَنْ عَامِر , أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَقَدْ مَلَكَ بِنْت الْأَشْعَث بْن قَيْس , وَلَمْ يُجَامِعهَا , ذَكَرَ نَحْوَهُ . وَقَوْله : { إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّه عَظِيمًا } يَقُول : إِنَّ أَذَاكُمْ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنِكَاحكُمْ أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْده عِنْدَ اللَّه عَظِيم مِنْ الْإِثْم .'; $t[54] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنْ تُظْهِرُوا بِأَلْسِنَتِكُمْ شَيْئًا أَيّهَا النَّاس مِنْ مُرَاقَبَة النِّسَاء , أَوْ غَيْر ذَلِكَ مِمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ أَوْ أَذًى لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ : لَأَتَزَوَّجَنَّ زَوْجَتَهُ بَعْدَ وَفَاته , { أَوْ تُخْفُوهُ } يَقُول : أَوْ تُخْفُوا ذَلِكَ فِي أَنْفُسكُمْ , فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا , يَقُول : فَإِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ ذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ مِنْ أُمُوركُمْ وَأُمُور غَيْركُمْ , عَلِيم لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء , وَهُوَ يُجَازِيكُمْ عَلَى جَمِيع ذَلِكَ .'; $t[55] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا جُنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانهنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانهنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتهنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهنَّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَا حَرَج عَلَى أَزْوَاج رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا إِثْم . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي وَضَعَ عَنْهُنَّ الْجُنَاح فِي هَؤُلَاءِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : وُضِعَ عَنْهُنَّ الْجُنَاح فِي وَضْع جَلَابِيبهنَّ عِنْدَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21842 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { لَا جُنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ } . . . الْآيَة كُلّهَا , قَالَ : أَنْ تَضَعَ الْجِلْبَابَ . 21843 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { لَا جُنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ } وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ أَنْ يَرَوْهُنَّ . وَقَالَ آخَرُونَ : وُضِعَ عَنْهُنَّ الْجُنَاح فِيهِنَّ فِي تَرْك الِاحْتِجَاب . 21844 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { لَا جُنَاح عَلَيْهِنَّ } . . . إِلَى { شَهِيدًا } : فَرَخَّصَ لِهَؤُلَاءِ أَنْ لَا يَحْتَجِبْنَ مِنْهُمْ . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : ذَلِكَ وَضْع الْجُنَاح عَنْهُنَّ فِي هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يَحْتَجِبْنَ مِنْهُمْ , وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة عَقِيبَ آيَة الْحِجَاب , وَبَعْد قَوْل اللَّه : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } فَلَا يَكُون قَوْله : { لَا جُنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ } اسْتِثْنَاء مِنْ جُمْلَة الَّذِينَ أُمِرُوا بِسُؤَالِهِنَّ الْمَتَاع مِنْ وَرَاء الْحِجَاب إِذَا سَأَلُوهُنَّ ذَلِكَ أَوْلَى وَأَشْبَه مِنْ أَنْ يَكُونَ خَبَر مُبْتَدَإِ عَنْ غَيْر ذَلِكَ الْمَعْنَى . فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَنْ : لَا إِثْمَ عَلَى نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ فِي إِذْنهنَّ لِآبَائِهِنَّ , وَتَرْك الْحِجَاب مِنْهُنَّ , وَلَا لِأَبْنَائِهِنَّ وَلَا لِإِخْوَانِهِنَّ , وَلَا لِأَبْنَاءِ إِخْوَانهنَّ , وَعَنَى بِإِخْوَانِهِنَّ وَأَبْنَاء إِخْوَانهنَّ إِخْوَتهنَّ وَأَبْنَاء إِخْوَتهنَّ , وَخَرَجَ مَعَهُمْ جَمْع ذَلِكَ مَخْرَج جَمْع فَتًى إِذَا جُمِعَ فِتْيَان , فَكَذَلِكَ جَمْع أَخ إِذَا جُمِعَ إِخْوَان . وَأَمَّا إِذَا جُمِعَ إِخْوَة , فَذَلِكَ نَظِير جَمْع فَتَى إِذَا جُمِعَ فِتْيَة , وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانهنَّ , وَلَمْ يُذْكَر فِي ذَلِكَ الْعَمّ عَلَى مَا قَالَ الشَّعْبِيّ حَذَرًا مِنْ أَنْ يَصِفهُنَّ لِأَبْنَائِهِ . 21845 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ دَاوُدَ , عَنِ الشَّعْبِيّ وَعِكْرِمَة فِي قَوْله : { لَا جُنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانهنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانهنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتهنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهنَّ } قُلْت : مَا شَأْن الْعَمّ وَالْخَال لَمْ يُذْكَرَا ؟ قَالَ : لِأَنَّهُمَا يَنْعَتَانِهَا لِأَبْنَائِهِمَا , وَكَرِهَا أَنْ تَضَعَ خِمَارَهَا عِنْدَ خَالهَا وَعَمّهَا . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , , قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيد , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ دَاوُدَ , عَنْ عِكْرِمَة وَالشَّعْبِيّ نَحْوه , غَيْر أَنَّهُ لَمْ يَذْكُر يَنْعَتَانِهَا. وَقَوْله : { وَلَا نِسَائِهِنَّ } يَقُول : وَلَا جُنَاح عَلَيْهِنَّ أَيْضًا فِي أَنْ لَا يَحْتَجِبْنَ مِنْ نِسَاء الْمُؤْمِنِينَ , كَمَا : 21846 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَا نِسَائِهِنَّ } قَالَ : نِسَاء الْمُؤْمِنَات الْحَرَائِر لَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاح أَنْ يَرَيْنَ تِلْكَ الزِّينَةَ , قَالَ : وَإِنَّمَا هَذَا كُلّه فِي الزِّينَة , قَالَ : وَلَا يَجُوز لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى شَيْء مِنْ عَوْرَة الْمَرْأَة , قَالَ : وَلَوْ نَظَر الرَّجُل إِلَى فَخِذ الرَّجُل لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا , قَالَ : { وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهنَّ } فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَكْشِف قُرْطَهَا لِلرَّجُلِ , قَالَ : وَأَمَّا الْكُحْل وَالْخَاتَم وَالْخِضَاب , فَلَا بَأْسَ بِهِ , قَالَ : وَالزَّوْج لَهُ فَضْل , وَالْآبَاء مِنْ وَرَاء الرَّجُل لَهُمْ فَضْل . قَالَ : وَالْآخَرُونَ يَتَفَاضَلُونَ , قَالَ : وَهَذَا كُلّه يَجْمَعهُ مَا ظَهَرَ مِنْ الزِّينَة , قَالَ : وَكَانَ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْتَجِبْنَ مِنْ الْمَمَالِيك . وَقَوْله : { وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهنَّ } مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء , وَقَالَ آخَرُونَ : مِنْ النِّسَاء. وَقَوْله : { وَاتَّقِينَ اللَّهَ } يَقُول : وَخِفْنَ اللَّهَ أَيّهَا النِّسَاء أَنْ تَتَعَدَّيْنَ مَا حَدّ اللَّه لَكُنَّ , فَتُبْدِينَ مِنْ زِينَتكُنَّ مَا لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تُبْدِينَهُ , أَوْ تَتْرُكْنَ الْحِجَابَ الَّذِي أَمَرَكُنَّ اللَّه بِلُزُومِهِ , إِلَّا فِيمَا أَبَاحَ لَكُنَّ تَرْكَهُ , وَالْزَمْنَ طَاعَتَهُ { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيدًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّهَ شَاهِد عَلَى مَا تَفْعَلْنَهُ مِنْ احْتِجَابكُنَّ , وَتَرْككُنَّ الْحِجَابَ لِمَنْ أَبَحْت لَكُنَّ تَرْكَ ذَلِكَ لَهُ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُوركُنَّ ; يَقُول : فَاتَّقِينَ اللَّهَ فِي أَنْفُسكُنَّ لَا تَلْقَيْنَ اللَّه , وَهُوَ شَاهِد عَلَيْكُمْ بِمَعْصِيَتِهِ , وَخِلَاف أَمْره وَنَهْيه , فَتَهْلَكْنَ , فَإِنَّهُ شَاهِد عَلَى كُلّ شَيْء .'; $t[56] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُبَرِّكُونَ عَلَى النَّبِيّ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَمَا : 21847 -حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ } يَقُول : يُبَارِكُونَ عَلَى النَّبِيّ. وَقَدْ يُحْتَمَل أَنْ يُقَالَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّ اللَّهَ يَرْحَم النَّبِيَّ , وَتَدْعُو لَهُ مَلَائِكَته وَيَسْتَغْفِرُونَ , وَذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي كَلَام الْعَرَب مِنْ غَيْر اللَّه إِنَّمَا هُوَ دُعَاء , وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا بِشَوَاهِدِهِ , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته. { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْعُوا لِنَبِيِّ اللَّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلِّمْ { وَسَلِّمُوا عَلَيْهِ تَسْلِيمًا } يَقُول : وَحَيُّوهُ تَحِيَّة الْإِسْلَام . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ جَاءَتْ الْآثَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21848 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ عُثْمَان بْن مَوْهِب , عَنْ مُوسَى بْن طَلْحَة , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : أَتَى رَجُل النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : سَمِعْت اللَّهَ يَقُول : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ } . . . الْآيَة , فَكَيْفَ الصَّلَاة عَلَيْك ؟ فَقَالَ : " قُلْ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِ مُحَمَّد , كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيم إِنَّك حَمِيد مَجِيد , وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد , كَمَا بَارَكْت عَلَى إِبْرَاهِيم إِنَّك حَمِيد مَجِيد " . 21849 - حَدَّثَنِي جَعْفَر بْن مُحَمَّد الْكُوفِيّ , قَالَ : ثنا يَعْلَى بْن الْأَجْلَح , عَنِ الْحَكَم بْن عُتَيْبَة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ كَعْب بْن عُجْرَة , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } قُمْت إِلَيْهِ , فَقُلْت : السَّلَام عَلَيْك قَدْ عَرَفْنَاهُ , فَكَيْفَ الصَّلَاة عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّه ؟ قَالَ : " قُلْ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد , كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم , إِنَّك حَمِيد مَجِيد , وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد , كَمَا بَارَكْت عَلَى إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حَمِيد مَجِيد " . 21850 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مَالِك بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا أَبُو إِسْرَائِيل , عَنْ يُونُس بْن خَبَّاب , قَالَ : خَطَبَنَا بِفَارِس فَقَالَ : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ } . . الْآيَة , فَقَالَ : أَنْبَأَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاس يَقُول : هَكَذَا أُنْزِلَ , فَقُلْنَا : أَوْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّه قَدْ عَلِمْنَا السَّلَامَ عَلَيْك , فَكَيْفَ الصَّلَاة عَلَيْك ؟ فَقَالَ : " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد , كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم , إِنَّك حَمِيد مَجِيد , وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد , كَمَا بَارَكْت عَلَى إِبْرَاهِيم إِنَّك حَمِيد مَجِيد " . 21851 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ زِيَاد , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ } . . . الْآيَة , قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّه هَذَا السَّلَام قَدْ عَرَفْنَاهُ , فَكَيْفَ الصَّلَاة عَلَيْك ؟ فَقَالَ : قُولُوا " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد عَبْدك وَرَسُولك وَأَهْل بَيْته كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيم إِنَّك حَمِيد مَجِيد " . 21852 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب الدَّوْرَقِيّ , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر بْن مَسْعُود الْأَنْصَارِيّ , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه هَذَا السَّلَام قَدْ عَرَفْنَاهُ , فَكَيْفَ الصَّلَاة , وَقَدْ غَفَرَ اللَّه لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبك وَمَا تَأَخَّرَ ؟ قَالَ : " قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد كَمَا صَلَّيْت عَلَى آل إِبْرَاهِيم , اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّد كَمَا بَارَكْت عَلَى آل إِبْرَاهِيم " 21853 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّه قَدْ عَلِمْنَا السَّلَام عَلَيْك , فَكَيْفَ الصَّلَاة عَلَيْك ؟ قَالَ : " قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد , كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيم , وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّد كَمَا بَارَكْت عَلَى إِبْرَاهِيم " وَقَالَ الْحَسَن : وَاللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتك وَبَرَكَاتك عَلَى آل مُحَمَّد , كَمَا جَعَلْتهَا عَلَى إِبْرَاهِيم إِنَّك حَمِيد مَجِيد " .'; $t[57] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْره : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ } إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ رَبَّهُمْ بِمَعْصِيَتِهِمْ إِيَّاهُ , وَرُكُوبهمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ , وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ عَنَى بِذَلِكَ أَصْحَاب التَّصَاوِير , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَرُومُونَ تَكْوِينَ خَلْق مِثْل خَلْق اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21854 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد الْقُرَشِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ سَلَمَة بْن الْحَجَّاج , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ هُمْ أَصْحَاب التَّصَاوِير . 21855 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } قَالَ : يَا سُبْحَانَ اللَّه مَا زَالَ أُنَاس مِنْ جَهَلَة بَنِي آدَم حَتَّى تَعَاطَوْا أَذَى رَبّهمْ ; وَأَمَّا أَذَاهُمْ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ طَعْنهمْ عَلَيْهِ فِي نِكَاحه صَفِيَّة بِنْت حُيَيّ فِيمَا ذُكِرَ . 21856 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } قَالَ : نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ طَعَنُوا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين اتَّخَذَ صَفِيَّة بِنْت حُيَيّ بْن أَخْطَبَ . وَقَوْله : { لَعَنَهُمُ اللَّه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَبْعَدَهُمُ اللَّه مِنْ رَحْمَته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأَعَدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَة عَذَابًا يُهِينهُمْ فِيهِ بِالْخُلُودِ فِيهِ .'; $t[58] = 'وَقَوْله : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ } كَانَ مُجَاهِد يُوَجِّه مَعْنَى قَوْله { يُؤْذُونَ } إِلَى يَقْفُونَ . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ عَنْهُ : 21857 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ } قَالَ : يَقْفُونَ. فَمَعْنَى الْكَلَام عَلَى مَا قَالَ مُجَاهِد : وَالَّذِينَ يَقْفُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات , وَيَعِيبُونَهُمْ طَلَبًا لِشَيْنِهِمْ { بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا } يَقُول : بِغَيْرِ مَا عَمِلُوا , كَمَا : 21858 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا } قَالَ عَمِلُوا . 21859 - حَدَّثَنَا نَصْر بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَثَّامُ بْن عَلِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قَرَأَ ابْن عُمَر : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } قَالَ : فَكَيْفَ إِذَا أُوذِيَ بِالْمَعْرُوفِ , فَذَلِكَ يُضَاعَف لَهُ الْعَذَاب . * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَثَّامُ بْن عَلِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ ثَوْر , عَنِ ابْن عُمَر { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا } قَالَ : كَيْفَ بِالَّذِي يَأْتِي إِلَيْهِمْ الْمَعْرُوف . 21860 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } فَإِيَّاكُمْ وَأَذَى الْمُؤْمِن , فَإِنَّ اللَّهَ يَحُوطهُ , وَيَغْضَب لَهُ . وَقَوْله : { فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } يَقُول : فَقَدِ احْتَمَلُوا زُورًا وَكَذِبًا وَفِرْيَة شَنِيعَة ; وَبُهْتَان : أَفْحَش الْكَذِب { وَإِثْمًا مُبِينًا } يَقُول : وَإِثْمًا يُبَيِّن لِسَامِعِهِ أَنَّهُ إِثْم وَزُور.'; $t[59] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ , لَا يَتَشَبَّهْنَ بِالْإِمَاءِ فِي لِبَاسهنَّ إِذَا هُنَّ خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتهنَّ لِحَاجَتِهِنَّ , فَكَشَفْنَ شُعُورَهُنَّ وَوُجُوهَهُنَّ , وَلَكِنْ لِيُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ , لِئَلَّا يَعْرِض لَهُنَّ فَاسِق , إِذَا عَلِمَ أَنَّهُنَّ حَرَائِر بِأَذًى مِنْ قَوْل , ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي صِفَة الْإِدْنَاء الَّذِي أَمَرَهُنَّ اللَّه بِهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ أَنْ يُغَطِّينَ وُجُوهَهُنَّ وَرُءُوسَهُنَّ , فَلَا يُبْدِينَ مِنْهُنَّ إِلَّا عَيْنًا وَاحِدَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21861 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ } أَمَرَ اللَّه نِسَاء الْمُؤْمِنِينَ إِذَا خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتهنَّ فِي حَاجَة أَنْ يُغَطِّينَ وُجُوهَهُنَّ مِنْ فَوْق رُءُوسهنَّ بِالْجَلَابِيبِ , وَيُبْدِينَ عَيْنًا وَاحِدَة . 21862 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنِ ابْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , عَنْ عُبَيْدَة فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ } فَلَبِسَهَا عِنْدَنَا ابْن عَوْن , قَالَ : وَلَبِسَهَا عِنْدَنَا مُحَمَّد , قَالَ مُحَمَّد : وَلَبِسَهَا عِنْدِي عُبَيْدَة ; قَالَ ابْن عَوْن بِرِدَائِهِ , فَتَقَنَّعَ بِهِ , فَغَطَّى أَنْفَهُ وَعَيْنَهُ الْيُسْرَى , وَأَخْرَجَ عَيْنَهُ الْيُمْنَى , وَأَدْنَى رِدَاءَهُ مِنْ فَوْق حَتَّى جَعَلَهُ قَرِيبًا مِنْ حَاجِبه أَوْ عَلَى الْحَاجِب . 21863 -حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام , عَنِ ابْن سِيرِينَ , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ قَوْله : { قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ } قَالَ : فَقَالَ بِثَوْبِهِ , فَغَطَّى رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ , وَأَبْرَزَ ثَوْبَهُ عَنْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ أُمِرْنَ أَنْ يَشْدُدْنَ جَلَابِيبهنَّ عَلَى جِبَاههنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21864 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ } .... إِلَى قَوْله : { وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } قَالَ : كَانَتْ الْحُرَّة تَلْبَس لِبَاس الْأَمَة , فَأَمَرَ اللَّه نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ ; وَإِدْنَاء الْجِلْبَاب : أَنْ تَقَنَّعَ وَتَشُدّ عَلَى جَبِينهَا. 21865 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ } أَخَذَ اللَّه عَلَيْهِنَّ إِذَا خَرَجْنَ أَنْ يُقَنَّعْنَ عَلَى الْحَوَاجِب { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ } وَقَدْ كَانَتْ الْمَمْلُوكَة إِذَا مَرَّتْ تَنَاوَلُوهَا بِالْإِيذَاءِ , فَنَهَى اللَّه الْحَرَائِرَ أَنْ يَتَشَبَّهْنَ بِالْإِمَاءِ . 21866 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ } يَتَجَلْبَبْنَ فَيُعْلَم أَنَّهُنَّ حَرَائِر فَلَا يَعْرِض لَهُنَّ فَاسِق بِأَذًى مِنْ قَوْل وَلَا رِيبَة . 21867 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ أَبِي صَالِح , قَالَ : قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة عَلَى غَيْر مَنْزِل , فَكَانَ نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرهنَّ إِذَا كَانَ اللَّيْل خَرَجْنَ يَقْضِينَ حَوَائِجَهُنَّ , وَكَانَ رِجَال يَجْلِسُونَ عَلَى الطَّرِيق لِلْغَزْلِ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ } يُقَنَّعْنَ بِالْجِلْبَابِ حَتَّى تُعْرَف الْأَمَة مِنْ الْحُرَّة . وَقَوْله : { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِدْنَاؤُهُنَّ جَلَابِيبهنَّ إِذَا أَدْنَيْنَهَا عَلَيْهِنَّ أَقْرَب وَأَحْرَى أَنْ يُعْرَفْنَ مِمَّنْ مَرَرْنَ بِهِ , وَيَعْلَمُوا أَنَّهُنَّ لَسْنَ بِإِمَاءٍ , فَيَتَنَكَّبُوا عَنْ أَذَاهُنَّ بِقَوْلٍ مَكْرُوه , أَوْ تَعَرُّض بِرِيبَةٍ { وَكَانَ اللَّه غَفُورًا } لِمَا سَلَفَ مِنْهُنَّ مِنْ تَرْكهنَّ إِدْنَاءَهُنَّ الْجَلَابِيبَ عَلَيْهِنَّ { رَحِيمًا } بِهِنَّ أَنْ يُعَاقِبهُنَّ بَعْد تَوْبَتهنَّ بِإِدْنَاءِ الْجَلَابِيب عَلَيْهِنَّ.'; $t[60] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَهْل النِّفَاق , الَّذِينَ يَسْتَسِرُّونَ الْكُفْرَ , وَيُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ { وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } يَعْنِي : رِيبَة مِنْ شَهْوَة الزِّنَا وَحُبّ الْفُجُور. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيلِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21868 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا مَالِك بْن دِينَار , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } قَالَ : هُمْ الزُّنَاة. 21869 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } قَالَ : شَهْوَة الزِّنَا . * قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح التَّمَّار , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَةَ فِي قَوْله : { فِي قُلُوبهمْ مَرَض } قَالَ : شَهْوَة الزِّنَا . 21870 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ أَبِي صَالِح { وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } قَالَ : الزُّنَاة . 21871 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } ... الْآيَة , قَالَ : هَؤُلَاءِ صِنْف مِنْ الْمُنَافِقِينَ { وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } أَصْحَاب الزِّنَا , قَالَ : أَهْل الزِّنَا مِنْ أَهْل النِّفَاق الَّذِينَ يَطْلُبُونَ النِّسَاء فَيَبْتَغُونَ الزِّنَا . وَقَرَأَ : { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبه مَرَض } 33 32 قَالَ : وَالْمُنَافِقُونَ أَصْنَاف عَشْرَة فِي بَرَاءَة , قَالَ : فَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض صِنْف مِنْهُمْ مَرَض مِنْ أَمْر النِّسَاء. وَقَوْله : { وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَة } يَقُول : وَأَهْل الْإِرْجَاف فِي الْمَدِينَة بِالْكَذِبِ وَالْبَاطِل , وَكَانَ إِرْجَافهمْ فِيمَا ذُكِرَ كَالَّذِي : 21872 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَة } .... الْآيَة , الْإِرْجَاف : الْكَذِب الَّذِي كَانَ نَافَقَهُ أَهْل النِّفَاق , وَكَانُوا يَقُولُونَ : أَتَاكُمْ عَدَد وَعُدَّة . وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْمُنَافِقِينَ أَرَادُوا أَنْ يُظْهِرُوا مَا فِي قُلُوبهمْ مِنْ النِّفَاق , فَأَوْعَدَهُمُ اللَّه بِهَذِهِ الْآيَة , قَوْله : { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } .... الْآيَة ; فَلَمَّا أَوْعَدَهُمُ اللَّه بِهَذِهِ الْآيَة كَتَمُوا ذَلِكَ وَأَسَرُّوهُ. 21873 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَة } هُمْ أَهْل النِّفَاق أَيْضًا الَّذِينَ يُرْجِفُونَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالْمُؤْمِنِينَ . وَقَوْله : { لَنُغْرِيَنَّك بِهِمْ } يَقُول : لَنُسَلِّطَنَّك عَلَيْهِمْ وَلَنُحَرِّشَنَّكَ بِهِمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21874 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { لَنُغْرِيَنَّك بِهِمْ } يَقُول : لَنُسَلِّطَنَّك عَلَيْهِمْ . 21875 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لَنُغْرِيَنَّك بِهِمْ } : أَيْ لَنَحْمِلَنَّكَ عَلَيْهِمْ لَنُحَرِّشَنَّك بِهِمْ. قَوْله : { ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَك فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا } يَقُول : ثُمَّ لَأَنْفِيَنهمْ عَنْ مَدِينَتك فَلَا يَسْكُنُونَ مَعَك فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا مِنَ الْمُدَّة وَالْأَجَل , حَتَّى تَنْفِيَهُمْ عَنْهَا , فَنُخْرِجَهُمْ مِنْهَا , كَمَا : 21876 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَك فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا } أَيْ بِالْمَدِينَةِ .'; $t[61] = 'وَقَوْله : { مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَطْرُودِينَ مَنْفِيِّينَ { أَيْنَمَا ثُقِفُوا } يَقُول : حَيْثُمَا لُقُوا مِنَ الْأَرْض أُخِذُوا وَقُتِّلُوا لِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ تَقْتِيلًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21877 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { مَلْعُونِينَ } عَلَى كُلّ حَال { أَيْنَمَا ثُقِفُوا } أُخِذُوا { وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا } إِذَا هُمْ أَظْهَرُوا النِّفَاقَ . وَنُصِبَ قَوْله : { مَلْعُونِينَ } عَلَى الشَّتْم , وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُونَ الْقَلِيل مِنْ صِفَة الْمَلْعُونِينَ , فَيَكُون قَوْله مَلْعُونِينَ مَرْدُودًا عَلَى الْقَلِيل , فَيَكُون مَعْنَاهُ : ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَك فِيهَا إِلَّا أَقِلَّاء مَلْعُونِينَ يُقَتَّلُونَ حَيْثُ أُصِيبُوا .'; $t[62] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { سُنَّة اللَّه فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { سُنَّة اللَّه فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل } هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ فِي مَدِينَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ مِنْ ضُرَبَاء هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ , إِذَا هُمْ أَظْهَرُوا نِفَاقَهُمْ أَنْ يُقَتِّلَهُمْ تَقْتِيلًا , وَيَلْعَنهُمْ لَعْنًا كَثِيرًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21878 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { سُنَّة اللَّه فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل } ... الْآيَة , يَقُول : هَكَذَا سُنَّة اللَّه فِيهِمْ إِذَا أَظْهَرُوا النِّفَاقَ . وَقَوْله : { وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّه تَبْدِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلَنْ تَجِد يَا مُحَمَّد لِسُنَّةِ اللَّه الَّتِي سَنَّهَا فِي خَلْقه تَغْيِيرًا , فَأَيْقَنَ أَنَّهُ غَيْر مُغَيِّر فِي هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ سُنَّته .'; $t[63] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَسْأَلُك النَّاس عَنِ السَّاعَة قُلْ إِنَّمَا عِلْمهَا عِنْدَ اللَّه وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُون قَرِيبًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { يَسْأَلُك النَّاس } يَا مُحَمَّد { عَنِ السَّاعَة } مَتَى هِيَ قَائِمَة ؟ قُلْ لَهُمْ : إِنَّمَا عِلْم السَّاعَة { عِنْدَ اللَّه } لَا يَعْلَم وَقْتَ قِيَامهَا غَيْره { وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُون قَرِيبًا } يَقُول : وَمَا أَشْعَرَك يَا مُحَمَّد لَعَلَّ قِيَامَ السَّاعَة يَكُون مِنْك قَرِيبًا , قَدْ قَرُبَ وَقْت قِيَامهَا , وَدَنَا حِين مَجِيئِهَا .'; $t[64] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّهَ أَبْعَدَ الْكَافِرِينَ بِهِ مِنْ كُلّ خَيْر , وَأَقْصَاهُمْ عَنْهُ { وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا } يَقُول : وَأَعَدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَة نَارًا تَتَّقِد وَتَتَسَعَّر لِيُصْلِيَهُمُوهَا { خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا } يَقُول : مَاكِثِينَ فِي السَّعِير أَبَدًا , إِلَى غَيْر نِهَايَة { لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا } يَتَوَلَّاهُمْ , فَيَسْتَنْقِذهُمْ مِنَ السَّعِير الَّتِي أَصْلَاهُمُوهَا اللَّه { وَلَا نَصِيرًا } يَنْصُرهُمْ , فَيُنْجِيهِمْ مِنْ عِقَاب اللَّه إِيَّاهُمْ .'; $t[65] = '{ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا } يَقُول : مَاكِثِينَ فِي السَّعِير أَبَدًا , إِلَى غَيْر نِهَايَة { لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا } يَتَوَلَّاهُمْ , فَيَسْتَنْقِذهُمْ مِنَ السَّعِير الَّتِي أُصْلَاهُمُوهَا اللَّه { وَلَا نَصِيرًا } يَنْصُرهُمْ , فَيُنْجِيهِمْ مِنْ عِقَاب اللَّه إِيَّاهُمْ .'; $t[66] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَوْمَ تُقَلَّب وُجُوههمْ فِي النَّار يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَا يَجِد هَؤُلَاءِ الْكَافِرُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا فِي يَوْم تُقَلَّب وُجُوههمْ فِي النَّار حَالًا بَعْدَ حَال { يَقُولُونَ } وَتِلْكَ حَالهمْ فِي النَّار : { يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ } فِي الدُّنْيَا وَأَطَعْنَا رَسُولَهُ , فِيمَا جَاءَنَا بِهِ عَنْهُ مِنْ أَمْره وَنَهْيه , فَكُنَّا مَعَ أَهْل الْجَنَّة فِي الْجَنَّة , يَا لَهَا حَسْرَة وَنَدَامَة , مَا أَعْظَمهَا وَأَجَلّهَا .'; $t[67] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالُوا رَبّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ الْكَافِرُونَ يَوْم الْقِيَامَة فِي جَهَنَّم : رَبّنَا إِنَّا أَطَعْنَا أَئِمَّتنَا فِي الضَّلَالَة وَكُبَرَاءَنَا فِي الشِّرْك { فَضَلُّونَا السَّبِيلَ } يَقُول : فَأَزَالُونَا عَنْ مَحَجَّة الْحَقّ , وَطَرِيق الْهُدَى , وَالْإِيمَان بِك , وَالْإِقْرَار بِوَحْدَانِيِّتِك , وَإِخْلَاص طَاعَتك فِي الدُّنْيَا { رَبّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَاب } يَقُول : عَذِّبْهُمْ مِنْ الْعَذَاب مِثْلَيْ عَذَابنَا الَّذِي تَعَذَّبْنَا { وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } يَقُول : وَاخْزِهِمْ خِزْيًا كَبِيرًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21879 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { رَبّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتنَا وَكُبَرَاءَنَا } أَيْ رُءُوسنَا فِي الشَّرّ وَالشِّرْك . 21880 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا } قَالَ : هُمْ رُءُوس الْأُمَم الَّذِينَ أَضَلُّوهُمْ , قَالَ : سَادَتنَا وَكُبَرَاءَنَا وَاحِد . وَقَرَأَتْ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { سَادَتنَا } . وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : " سَادَاتنَا " عَلَى الْجِمَاع , وَالتَّوْحِيدُ فِي ذَلِكَ هِيَ الْقِرَاءَة عِنْدَنَا ; لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي قِرَاءَة قَوْله : { لَعْنًا كَبِيرًا } فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار بِالثَّاءِ : " وَكَثِيرًا " مِنَ الْكَثْرَة , سِوَى عَاصِم , فَإِنَّهُ قَرَأَهُ { لَعْنًا كَبِيرًا } مِنَ الْكِبَر , وَالْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالثَّاءِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهَا .'; $t[68] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ الْكَافِرُونَ يَوْم الْقِيَامَة فِي جَهَنَّم : رَبّنَا إِنَّا أَطَعْنَا أَئِمَّتنَا فِي الضَّلَالَة وَكُبَرَاءَنَا فِي الشِّرْك { فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ } يَقُول : فَأَزَالُونَا عَنْ مَحَجَّة الْحَقّ , وَطَرِيق الْهُدَى , وَالْإِيمَان بِك , وَالْإِقْرَار بِوَحْدَانِيِّتِك , وَإِخْلَاص طَاعَتك فِي الدُّنْيَا { رَبّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَاب } يَقُول : عَذِّبْهُمْ مِنْ الْعَذَاب مِثْلَيْ عَذَابنَا الَّذِي تَعَذَّبْنَا { وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } يَقُول : وَاخْزِهِمْ خِزْيًا كَبِيرًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21879 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { رَبّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتنَا وَكُبَرَاءَنَا } أَيْ رُءُوسنَا فِي الشَّرّ وَالشِّرْك. 21880 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتنَا وَكُبَرَاءَنَا } قَالَ : هُمْ رُءُوس الْأُمَم الَّذِينَ أَضَلُّوهُمْ , قَالَ : سَادَتنَا وَكُبَرَاءَنَا وَاحِد . وَقَرَأَتْ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { سَادَتنَا } , وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : " سَادَاتنَا " عَلَى الْجِمَاع , وَالتَّوْحِيدُ فِي ذَلِكَ هِيَ الْقِرَاءَة عِنْدَنَا ; لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهِ . وَاخْتَلَفُوا فِي قِرَاءَة قَوْله : { لَعْنًا كَبِيرًا } فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار بِالثَّاءِ : " وَكَثِيرًا " مِنْ الْكَثْرَة , سِوَى عَاصِم , فَإِنَّهُ قَرَأَهُ { لَعْنًا كَبِيرًا } مِنَ الْكِبَر . وَالْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالثَّاءِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهَا .'; $t[69] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّه وَجِيهًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِأَصْحَابِ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُوله لَا تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّه بِقَوْلٍ يَكْرَههُ مِنْكُمْ , وَلَا بِفِعْلٍ لَا يُحِبّهُ مِنْكُمْ , وَلَا تَكُونُوا أَمْثَالَ الَّذِينَ آذَوْا مُوسَى نَبِيّ اللَّه , فَرَمَوْهُ بِعَيْبٍ كَذِبًا وَبَاطِلًا { فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا } فِيهِ مِنَ الْكَذِب وَالزُّور بِمَا أَظْهَرَ مِنَ الْبُرْهَان عَلَى كَذِبهمْ { وَكَانَ عِنْدَ اللَّه وَجِيهًا } يَقُول : وَكَانَ مُوسَى عِنْدَ اللَّه مُشَفَّعًا فِيمَا يَسْأَل , ذَا وَجْه وَمَنْزِلَة عِنْده بِطَاعَتِهِ إِيَّاهُ . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْأَذَى الَّذِي أُوذِيَ بِهِ مُوسَى الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : رَمَوْهُ بِأَنَّهُ آدَر , وَرُوِيَ بِذَلِكَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرًا . ذِكْر الرِّوَايَة الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ , وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21881 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنِ الْأَعْمَش , عَنِ الْمِنْهَال , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , وَعَبْد اللَّه بْن الْحَارِث , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى } قَالَ : قَالَ لَهُ قَوْمه : إِنَّك آدَر , قَالَ : فَخَرَجَ ذَات يَوْم يَغْتَسِل , فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى صَخْرَة , فَخَرَجَتْ الصَّخْرَة تَشْتَدّ بِثِيَابِهِ , وَخَرَجَ يَتْبَعهَا عُرْيَانًا حَتَّى انْتَهَتْ بِهِ إِلَى مَجَالِس بَنِي إِسْرَائِيل , قَالَ : فَرَأَوْهُ لَيْسَ بِآدَر , قَالَ : فَذَلِكَ قَوْله : { فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا } . 21882 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن دَاوُدَ الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن يُوسُف الْأَزْرَق , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى } قَالَ : قَالُوا : هُوَ آدَر , قَالَ : فَذَهَبَ مُوسَى يَغْتَسِل , فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى حَجَر , فَمَرَّ الْحَجَر بِثِيَابِهِ , فَتَبِعَ مُوسَى قَفَاهُ , فَقَالَ : ثِيَابِي حَجَر , فَمَرَّ بِمَجْلِسِ بَنِي إِسْرَائِيلَ , فَرَأَوْهُ , فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا " { وَكَانَ عِنْدَ اللَّه وَجِيهًا } . 21883 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى } ... إِلَى { وَجِيهًا } قَالَ : كَانَ أَذَاهُمْ مُوسَى أَنَّهُمْ قَالُوا : وَاللَّه مَا يَمْنَع مُوسَى أَنْ يَضَعَ ثِيَابَهُ عِنْدَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَر , فَآذَى ذَلِكَ مُوسَى ; فَبَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم يَغْتَسِل وَثَوْبه عَلَى صَخْرَة ; فَلَمَّا قَضَى مُوسَى غُسْله وَذَهَبَ إِلَى ثَوْبه لِيَأْخُذَهُ , انْطَلَقَتْ الصَّخْرَة تَسْعَى بِثَوْبِهِ , وَانْطَلَقَ يَسْعَى فِي أَثَرهَا حَتَّى مَرَّتْ عَلَى مَجْلِس بَنِي إِسْرَائِيل وَهُوَ يَطْلُبهَا ; فَلَمَّا رَأَوْا مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَجَرِّدًا لَا ثَوْبَ عَلَيْهِ قَالُوا : وَلِلَّهِ مَا نَرَى بِمُوسَى بَأْسًا , وَإِنَّهُ لَبَرِيءٌ مِمَّا كُنَّا نَقُول لَهُ , فَقَالَ اللَّه : { فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّه وَجِيهًا } . 21884 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى } ... الْآيَة , قَالَ : كَانَ مُوسَى رَجُلًا شَدِيد الْمُحَافَظَة عَلَى فَرْجه وَثِيَابه , قَالَ : فَكَانُوا يَقُولُونَ : مَا يَحْمِلهُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا عَيْب فِي فَرْجه يَكْرَه أَنْ يُرَى ; فَقَامَ يَوْمًا يَغْتَسِل فِي الصَّحْرَاء , فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى صَخْرَة , فَاشْتَدَّتْ بِثِيَابِهِ , قَالَ : وَجَاءَ يَطْلُبهَا عُرْيَانًا , حَتَّى اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ عُرْيَانًا , فَرَأَوْهُ بَرِيئًا مِمَّا قَالُوا , وَكَانَ عِنْد اللَّه وَجِيهًا . قَالَ : وَالْوَجِيه فِي كَلَام الْعَرَب : الْمُحِبّ الْمَقْبُول . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ وَصَفُوهُ بِأَنَّهُ أَبْرَص. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21885 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد , قَالَ : قَالَ بَنُو إِسْرَائِيل : إِنَّ مُوسَى آدَر ; وَقَالَتْ طَائِفَة : هُوَ أَبْرَص مِنْ شِدَّة تَسَتُّره , وَكَانَ يَأْتِي كُلَّ يَوْم عَيْنًا , فَيَغْتَسِل وَيَضَع ثِيَابَهُ عَلَى صَخْرَة عِنْدَهَا , فَعَدَتْ الصَّخْرَة بِثِيَابِهِ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى مَجْلِس بَنِي إِسْرَائِيل , وَجَاءَ مُوسَى يَطْلُبهَا ; فَلَمَّا رَأَوْهُ عُرْيَانًا لَيْسَ بِهِ شَيْء مِمَّا قَالُوا , لَبِسَ ثِيَابَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الصَّخْرَة يَضْرِبهَا بِعَصَاهُ , فَأَثَّرَتْ الْعَصَا فِي الصَّخْرَة . * حَدَّثَنَا بَحْر بْن حَبِيب بْن عَرَبِيّ , قَالَ : ثنا رُوح بْن عُبَادَة , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنْ مُحَمَّد , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فِي هَذِهِ الْآيَة { لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا } ... الْآيَة , قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا , لَا يَكَاد يُرَى مِنْ جِلْده شَيْء اسْتِحْيَاء مِنْهُ , فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنُو إِسْرَائِيلَ , وَقَالُوا : مَا تَسَتَّرَ هَذَا التَّسَتُّرَ إِلَّا مِنْ عَيْب فِي جِلْده , إِمَّا بَرَصٌ , وَإِمَّا أُدْرَة , وَإِمَّا آفَة , وَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا , وَإِنَّ مُوسَى خَلَا يَوْمًا وَحْدَهُ , فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى حَجَر , ثُمَّ اغْتَسَلَ ; فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْله أَقْبَلَ عَلَى ثَوْبه لِيَأْخُذَهُ , وَإِنَّ الْحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ , فَأَخَذَ مُوسَى عَصَا وَطَلَبَ الْحَجَر , وَجَعَلَ يَقُول : ثَوْبِي حَجَر , حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا كَأَحْسَنِ النَّاس خَلْقًا , وَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا , وَإِنَّ الْحَجَر قَامَ , فَأَخَذَ ثَوْبَهُ وَلَبِسَهُ , فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا بِذَلِكَ , فَوَاللَّهِ إِنَّ فِي الْحَجَر لَنَدْبًا مِنْ أَثَر ضَرْبه ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا " . 21886 -حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ عَوْف , عَنِ الْحَسَن , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " كَانَ مُوسَى رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا " ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوًا مِنْهُ. 21887 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : حَدَّثَ الْحَسَن , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل كَانُوا يَغْتَسِلُونَ وَهُمْ عُرَاة , وَكَانَ نَبِيّ اللَّه مُوسَى حَيِيًّا , فَكَانَ يَتَسَتَّر إِذَا اغْتَسَلَ , فَطَعَنُوا فِيهِ بِعَوْرَةٍ , قَالَ : فَبَيْنَا نَبِيّ اللَّه يَغْتَسِل يَوْمًا , إِذْ وَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى صَخْرَة , فَانْطَلَقَتْ الصَّخْرَة وَاتَّبَعَهَا نَبِيّ اللَّه ضَرْبًا بِعَصَاهُ : ثَوْبِي يَا حَجَر , ثَوْبِي يَا حَجَر , حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , أَوْ تَوَسَّطَهُمْ , فَقَامَتْ , فَأَخَذَ نَبِيّ اللَّه ثِيَابَهُ , فَنَظَرُوا إِلَى أَحْسَن النَّاس خَلْقًا , وَأَعْدَله مُرُوءَة , فَقَالَ الْمَلَأ : قَاتَلَ اللَّه أَفَّاكِي بَنِي إِسْرَائِيل , فَكَانَتْ بَرَاءَته الَّتِي بَرَّأَهُ اللَّه مِنْهَا " . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ أَذَاهُمْ إِيَّاهُ ادِّعَاءَهُمْ عَلَيْهِ قَتْل هَارُون أَخِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21888 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُسْلِم الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا عَبَّاد , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن حَبِيب , عَنْ الْحَكَم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فِي قَوْل اللَّه : { لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى } ... الْآيَة , قَالَ : صَعِدَ مُوسَى وَهَارُون الْجَبَلَ , فَمَاتَ هَارُون , فَقَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيل : أَنْتَ قَتَلْته , وَكَانَ أَشَدّ حُبًّا لَنَا مِنْك , وَأَلْيَن لَنَا مِنْك , فَآذَوْهُ بِذَلِكَ , فَأَمَرَ اللَّه الْمَلَائِكَةَ فَحَمَلَتْهُ حَتَّى مَرُّوا بِهِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل , وَتَكَلَّمَتْ الْمَلَائِكَة بِمَوْتِهِ , حَتَّى عَرَفَ بَنُو إِسْرَائِيل أَنَّهُ قَدْ مَاتَ , فَبَرَّأَهُ اللَّه مِنْ ذَلِكَ فَانْطَلَقُوا بِهِ فَدَفَنُوهُ , فَلَمْ يَطَّلِع عَلَى قَبْره أَحَد مِنْ خَلْق اللَّه إِلَّا الرَّخَم , فَجَعَلَهُ اللَّه أَصَمّ أَبْكَم . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل آذَوْا نَبِيّ اللَّه بِبَعْضِ مَا كَانَ يَكْرَه أَنْ يُؤْذَى بِهِ , فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا آذَوْهُ بِهِ , وَجَائِز أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ قِيلهمْ إِنَّهُ أَبْرَص , وَجَائِز أَنْ يَكُونَ كَانَ ادِّعَاءَهُمْ عَلَيْهِ قَتْل أَخِيهِ هَارُون , وَجَائِز أَنْ يَكُونَ كُلّ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ كُلّ ذَلِكَ أَنَّهُمْ قَدْ آذَوْهُ بِهِ , وَلَا قَوْلَ فِي ذَلِكَ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِمَّا قَالَ اللَّه إِنَّهُمْ آذَوْا مُوسَى , فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا .'; $t[70] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ , اتَّقُوا اللَّهَ أَنْ تَعْصُوهُ , فَتَسْتَحِقُّوا بِذَلِكَ عُقُوبَته . وَقَوْله : { وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } يَقُول : قُولُوا فِي رَسُول اللَّه وَالْمُؤْمِنِينَ قَوْلًا قَاصِدًا غَيْرَ جَائِز , حَقًّا غَيْر بَاطِل , كَمَا : 21889 -حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } يَقُول : سَدَادًا . 21890 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا عَنْبَسَة , عَنِ الْكَلْبِيّ { وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } قَالَ : صِدْقًا . 21891 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } أَيْ عَدْلًا , قَالَ قَتَادَة : يَعْنِي بِهِ فِي مَنْطِقه وَفِي عَمَله كُلّه , وَالسَّدِيد : الصِّدْق . 21892 - حَدَّثَنِي سَعْد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا حَفْص بْن عُمَر , عَنِ الْحَكَم بْن أَبَانَ , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْل اللَّه : { وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } قُولُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه.'; $t[71] = 'وَقَوْله : { يُصْلِح لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ : اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا السَّدَاد مِنْ الْقَوْل يُوَفِّقكُمْ لِصَالِحِ الْأَعْمَال , فَيُصْلِح أَعْمَالَكُمْ { وَيَغْفِر لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } يَقُول : وَيَعْفُ لَكُمْ عَنْ ذُنُوبكُمْ , فَلَا يُعَاقِبكُمْ عَلَيْهَا { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } فَيَعْمَل بِمَا أَمَرَهُ بِهِ , وَيَنْتَهِي عَمَّا نَهَاهُ , وَيَقُلْ السَّدِيدَ { فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } يَقُول : فَقَدْ ظَفِرَ بِالْكَرَامَةِ الْعُظْمَى مِنَ اللَّه .'; $t[72] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : إِنَّ اللَّهَ عَرَضَ طَاعَتَهُ وَفَرَائِضَهُ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال عَلَى أَنَّهَا إِنْ أَحْسَنَتْ أُثِيبَتْ وَجُوزِيَتْ , وَإِنْ ضَيَّعَتْ عُوقِبَتْ , فَأَبَتْ حَمْلهَا شَفَقًا مِنْهَا أَنْ لَا تَقُومَ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهَا , وَحَمَلَهَا آدَم { إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا } لِنَفْسِهِ { جَهُولًا } بِالَّذِي فِيهِ الْحَظّ لَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21893 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا } قَالَ : الْأَمَانَة : الْفَرَائِض الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّه عَلَى الْعِبَاد . 21894 - قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنِ الْعَوَّام , عَنِ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا } قَالَ : الْأَمَانَة : الْفَرَائِض الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّه عَلَى عِبَاده . 21895 - قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام بْن حَوْشَب وَجُوَيْبِر , كِلَاهُمَا عَنِ الضَّحَّاك , عَنْ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ } ... إِلَى قَوْله { جَهُولًا } قَالَ : الْأَمَانَة : الْفَرَائِض . قَالَ جُوَيْبِر فِي حَدِيثه : فَلَمَّا عُرِضَتْ عَلَى آدَم , قَالَ : أَيْ رَبّ وَمَا الْأَمَانَة ؟ قَالَ : قِيلَ : إِنْ أَدَّيْتهَا جُزِيت , وَإِنْ ضَيَّعْتهَا عُوقِبْت , قَالَ : أَيْ رَبّ حَمَلْتهَا بِمَا فِيهَا , قَالَ : فَمَا مَكَثَ فِي الْجَنَّة إِلَّا قَدْرَ مَا بَيْنَ الْعَصْر إِلَى غُرُوب الشَّمْس حَتَّى عَمِلَ بِالْمَعْصِيَةِ , فَأُخْرِجَ مِنْهَا . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد , عَنِ ابْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ } قَالَ : عُرِضَتْ عَلَى آدَم , فَقَالَ : خُذْهَا بِمَا فِيهَا , فَإِنْ أَطَعْت غَفَرْت لَك , وَإِنْ عَصَيْت عَذَّبْتُك , قَالَ : قَدْ قَبِلْت , فَمَا كَانَ إِلَّا قَدْر مَا بَيْن الْعَصْر إِلَى اللَّيْل مِنْ ذَلِكَ الْيَوْم حَتَّى أَصَابَ الْخَطِيئَةَ. * حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال } إِنْ أَدَّوْهَا أَثَابَهُمْ , وَإِنْ ضَيَّعُوهَا عَذَّبَهُمْ , فَكَرِهُوا ذَلِكَ , وَأَشْفَقُوا مِنْ غَيْر مَعْصِيَة , وَلَكِنْ تَعْظِيمًا لِدِينِ اللَّه أَنْ لَا يَقُومُوا بِهَا , ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى آدَم , فَقَبِلَهَا بِمَا فِيهَا , وَهُوَ قَوْله : { وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } غِرًّا بِأَمْرِ اللَّه . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبَى , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ } : الطَّاعَةَ عَرَضَهَا عَلَيْهَا قَبْل أَنْ يَعْرِضَهَا عَلَى آدَم , فَلَمْ تُطِقْهَا , فَقَالَ لِآدَمَ : يَا آدَم إِنِّي قَدْ عَرَضْت الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال , فَلَمْ تُطِقْهَا , فَهَلْ أَنْتَ آخِذهَا بِمَا فِيهَا ؟ فَقَالَ : يَا رَبّ : وَمَا فِيهَا ؟ قَالَ : إِنْ أَحْسَنْت جُزِيت , وَإِنْ أَسَأْت عُوقِبْت , فَأَخَذَهَا آدَم فَتَحَمَّلَهَا , فَذَلِكَ قَوْله : { وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } . 21896 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنِ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , فِي قَوْله : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } قَالَ آدَم : قِيلَ لَهُ : خُذْهَا بِحَقِّهَا , قَالَ : وَمَا حَقّهَا ؟ قِيلَ : إِنْ أَحْسَنْت جُزِيت , وَإِنْ أَسَأْت عُوقِبْت , فَمَا لَبِثَ مَا بَيْنَ الظُّهْر وَالْعَصْر حَتَّى أُخْرِجَ مِنْهَا . 21897 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال } فَلَمْ يُطِقْنَ حَمْلهَا , فَهَلْ أَنْتَ يَا آدَم آخِذهَا بِمَا فِيهَا قَالَ آدَم : وَمَا فِيهَا يَا رَبّ ؟ قَالَ : إِنْ أَحْسَنْت جُزِيت , وَإِنْ أَسَأْت عُوقِبْت , فَقَالَ : تَحَمَّلْتهَا , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : قَدْ حَمَّلْتُكهَا ; فَمَا مَكَثَ آدَم إِلَّا مِقْدَار مَا بَيْنَ الْأُولَى إِلَى الْعَصْر حَتَّى أَخْرَجَهُ إِبْلِيس لَعَنَهُ اللَّه مِنَ الْجَنَّة ; وَالْأَمَانَة : الطَّاعَة . 21898 - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن عَمْرو السَّكُونِيّ , قَالَ : ثنا بَقِيَّة , قَالَ : ثني عِيسَى بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ مُوسَى بْن أَبِي حَبِيب , عَنِ الْحَكَم بْن عَمْرو , وَكَانَ مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْأَمَانَةَ وَالْوَفَاء نَزَلَا عَلَى ابْن آدَم مَعَ الْأَنْبِيَاء , فَأُرْسِلُوا بِهِ , فَمِنْهُمْ رَسُول اللَّه , وَمِنْهُمْ نَبِيّ , وَمِنْهُمْ نَبِيّ رَسُول . نَزَلَ الْقُرْآن وَهُوَ كَلَام اللَّه , وَنَزَلَتْ الْعَرَبِيَّة وَالْعَجَمِيَّة , فَعَلِمُوا أَمْر الْقُرْآن , وَعَلِمُوا أَمْر السُّنَن بِأَلْسِنَتِهِمْ , وَلَمْ يَدَع اللَّه شَيْئًا مِنْ أَمْره مِمَّا يَأْتُونَ وَمِمَّا يَجْتَنِبُونَ , وَهِيَ الْحُجَج عَلَيْهِمْ , إِلَّا بَيَّنَّهُ لَهُمْ , فَلَيْسَ أَهْل لِسَان إِلَّا وَهُمْ يَعْرِفُونَ الْحَسَن مِنَ الْقَبِيح , ثُمَّ الْأَمَانَة أَوَّل شَيْء يُرْفَع , وَيَبْقَى أَثَرهَا فِي جُذُور قُلُوب النَّاس , ثُمَّ يُرْفَع الْوَفَاء وَالْعَهْد وَالذِّمَم , وَتَبْقَى الْكُتُب , فَعَالِم يَعْمَل , وَجَاهِل يَعْرِفهَا وَيُنْكِرهَا حَتَّى وَصَلَ إِلَيَّ وَإِلَى أُمَّتِي , فَلَا يَهْلِك عَلَى اللَّه إِلَّا هَالِك , وَلَا يُغْفِلهُ إِلَّا تَارِك , وَالْحَذَر أَيّهَا النَّاس , وَإِيَّاكُمْ وَالْوَسْوَاس الْخَنَّاس , وَإِنَّمَا يَبْلُوكُمْ أَيّكُمْ أَحْسَن عَمَلًا " . 21899 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَلَف الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْمَجِيد الْحَنَفِيّ , قَالَ : ثنا الْعَوَّام الْعَطَّار , قَالَ : ثنا قَتَادَة , وَأَبَان بْن أَبِي عَيَّاش , عَنْ خُلَيْد الْعَصْرِيّ , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خَمْس مَنْ جَاءَ بِهِنَّ يَوْمَ الْقِيَامَة مَعَ إِيمَان دَخَلَ الْجَنَّةَ : مَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَات الْخَمْس , عَلَى وُضُوئِهِنَّ وَرُكُوعهنَّ وَسُجُودهنَّ وَمَوَاقِيتهنَّ , وَأَعْطَى الزَّكَاةَ مِنْ مَاله طَيِّب النَّفْس بِهَا " وَكَانَ يَقُول : " وَأَيْم اللَّه لَا يَفْعَل ذَلِكَ إِلَّا مُؤْمِن , وَصَامَ رَمَضَان , وَحَجّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَاعَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا , وَأَدَّى الْأَمَانَةَ " قَالُوا : يَا أَبَا الدَّرْدَاء : وَمَا الْأَمَانَة ؟ قَالَ : الْغُسْل مِنَ الْجَنَابَة , فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمَن ابْنَ آدَم عَلَى شَيْء مِنْ دِينه غَيْرَهُ . 21900 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب , قَالَ : مِنَ الْأَمَانَة أَنَّ الْمَرْأَةَ اؤْتُمِنَتْ عَلَى فَرْجهَا . 21901 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : ثنا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا } قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَرَضَ عَلَيْهِنَّ الْأَمَانَةَ أَنْ يَفْتَرِض عَلَيْهِنَّ الدِّين , وَيَجْعَل لَهُنَّ ثَوَابًا وَعِقَابًا , وَيَسْتَأْمِنهُنَّ عَلَى الدِّين , فَقُلْنَ : لَا , نَحْنُ مُسَخَّرَات لِأَمْرِك , لَا نُرِيد ثَوَابًا وَلَا عِقَابًا , قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَعَرَضَهَا اللَّه عَلَى آدَم , فَقَالَ : بَيْن أُذُنِي وَعَاتِقِي " ; قَالَ ابْن زَيْد , فَقَالَ اللَّه لَهُ : أَمَا إِذْ تَحَمَّلْت هَذَا فَسَأُعِينُك , أَجْعَل لِبَصَرِك حِجَابًا , فَإِذَا خَشِيت أَنْ تَنْظُر إِلَى مَا لَا يَحِلّ لَك , فَأَرْخِ عَلَيْهِ حِجَابَهُ , وَاجْعَلْ لِلِسَانِك بَابًا وَغَلْقًا , فَإِذَا خَشِيت فَأَغْلِقْ , وَاجْعَلْ لِفَرْجِك لِبَاسًا , فَلَا تَكْشِفهُ إِلَّا عَلَى مَا أَحْلَلْت لَك . 21902 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال } يَعْنِي بِهِ : الدِّين وَالْفَرَائِض وَالْحُدُود { فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا } قِيلَ لَهُنَّ : احْمِلْنَهَا تُؤَدِّينَ حَقّهَا , فَقُلْنَ : لَا نُطِيق ذَلِكَ { وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } قِيلَ لَهُ : أَتَحْمِلُهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ , قِيلَ : أَتُؤَدِّي حَقَّهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ اللَّه : إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا عَنْ حَقّهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِالْأَمَانَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : أَمَانَات النَّاس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21903 -حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , عَنْ شَرِيك , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ عَبْد اللَّه بْن السَّائِب , عَنْ زَاذَانَ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " الْقَتْل فِي سَبِيل اللَّه يُكَفِّر الذُّنُوبَ كُلَّهَا - أَوْ قَالَ : يُكَفِّر كُلّ شَيْء -إِلَّا الْأَمَانَة ; يُؤْتَى بِصَاحِبِ الْأَمَانَة , فَيُقَال لَهُ : أَدِّ أَمَانَتَك , فَيَقُول : أَيْ رَبّ وَقَدْ ذَهَبَتْ الدُّنْيَا , ثَلَاثًا ; فَيُقَال : اذْهَبُوا بِهِ إِلَى الْهَاوِيَة فَيُذْهَب بِهِ إِلَيْهَا , فَيَهْوِي فِيهَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى قَعْرهَا , فَيَجِدهَا هُنَاكَ كَهَيْئَتِهَا , فَيَحْمِلهَا , فَيَضَعهَا عَلَى عَاتِقه , فَيَصْعَد بِهَا إِلَى شَفِير جَهَنَّم , حَتَّى إِذَا رَأَى أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ زَلَّتْ , فَهَوَى فِي أَثَرهَا أَبَد الْآبِدِينَ " . قَالُوا : وَالْأَمَانَة فِي الصَّلَاة , وَالْأَمَانَة فِي الصَّوْم , وَالْأَمَانَة فِي الْحَدِيث ; وَأَشَدّ ذَلِكَ الْوَدَائِع , فَلَقِيت الْبَرَاء فَقُلْت : أَلَا تَسْمَع إِلَى مَا يَقُول أَخُوك عَبْد اللَّه ؟ فَقَالَ : صَدَقَ . * قَالَ : شَرِيك , وثني عَيَّاش الْعَامِرِيّ عَنْ زَاذَانَ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ , لَمْ يَذْكُر الْأَمَانَةَ فِي الصَّلَاة , وَفِي كُلّ شَيْء . 21904 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ ابْن أَبِي هِلَال , عَنْ أَبِي حَازِم , قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَرَضَ الْأَمَانَةَ عَلَى سَمَاء الدُّنْيَا , فَأَبَتْ ; ثُمَّ الَّتِي تَلِيهَا , حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا , ثُمَّ الْأَرَضِينَ ثُمَّ الْجِبَال , ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى آدَم , فَقَالَ : نَعَمْ , بَيْن أُذُنِي وَعَاتِقِي , فَثَلَاث آمُرك بِهِنَّ , فَإِنَّهُنَّ لَك عَوْن : إِنِّي جَعَلْت لَك لِسَانًا بَيْن لَحْيَيْنِ , فَكُفَّهُ عَنْ كُلّ شَيْء نَهَيْتُك عَنْهُ ; وَجَعَلْت لَك فَرْجًا وَوَارَيْته , فَلَا تَكْشِفهُ إِلَى مَا حَرَّمْت عَلَيْك . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ إِنَّمَا عَنَى بِهِ ائْتِمَان آدَمَ ابْنه قَابِيل عَلَى أَهْله وَوَلَده , وَخِيَانَة قَابِيل أَبَاهُ فِي قَتْله أَخَاهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21905 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ فِي خَبَر ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِك , وَعَنْ أَبِي صَالِح , عَنِ ابْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , عَنِ ابْن مَسْعُود , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : كَانَ لَا يُولَد لِآدَمَ مَوْلُود إِلَّا وُلِدَ مَعَهُ جَارِيَة , فَكَانَ يُزَوِّج غُلَامَ هَذَا الْبَطْن جَارِيَةَ هَذَا الْبَطْن الْآخَر , وَيُزَوِّج جَارِيَةَ هَذَا الْبَطْن غُلَامَ هَذَا الْبَطْن الْآخَر , حَتَّى وُلِدَ لَهُ اثْنَانِ , يُقَال لَهُمَا قَابِيل , وَهَابِيل ; وَكَانَ قَابِيل صَاحِب زَرْع , وَكَانَ هَابِيل صَاحِب ضَرْع , وَكَانَ قَابِيل أَكْبَرهمَا , وَكَانَ لَهُ أُخْت أَحْسَن مِنْ أُخْت هَابِيل , وَإِنَّ هَابِيل طَلَبَ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَ قَابِيل , فَأَبَى عَلَيْهِ وَقَالَ : هِيَ أُخْتِي وُلِدَتْ مَعِي , وَهِيَ أَحْسَن مِنْ أُخْتك , وَأَنَا أَحَقّ أَنْ أَتَزَوَّجَهَا , فَأَمَرَهُ أَبُوهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا هَابِيلَ فَأَبَى , وَإِنَّهُمَا قَرَّبَا قُرْبَانًا إِلَى اللَّه أَيّهمَا أَحَقّ بِالْجَارِيَةِ , وَكَانَ آدَم يَوْمَئِذٍ قَدْ غَابَ عَنْهُمَا , أَيْ بِمَكَّةَ يَنْظُر إِلَيْهَا , قَالَ اللَّه لِآدَمَ : يَا آدَم هَلْ تَعْلَم أَنَّ لِي بَيْتًا فِي الْأَرْض ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ لَا , قَالَ : إِنَّ لِي بَيْتًا بِمَكَّةَ فَأْتِهِ , فَقَالَ آدَم لِلسَّمَاءِ : احْفَظِي وَلَدِي بِالْأَمَانَةِ , فَأَبَتْ ; وَقَالَ لِلْأَرْضِ , فَأَبَتْ ; فَقَالَ لِلْجِبَالِ , فَأَبَتْ ; فَقَالَ لِقَابِيل , فَقَالَ : نَعَمْ , تَذْهَب وَتَرْجِع وَتَجِد أَهْلَك كَمَا يَسُرّك ; فَلَمَّا انْطَلَقَ آدَم وَقَرَّبَا قُرْبَانًا , وَكَانَ قَابِيل يَفْخَر عَلَيْهِ فَيَقُول : أَنَا أَحَقّ بِهَا مِنْك , هِيَ أُخْتِي , وَأَنَا أَكْبَر مِنْك , وَأَنَا وَصِيّ وَالِدِي ; فَلَمَّا قَرَّبَا , قَرَّبَ هَابِيل جَذَعَة سَمِينَة , وَقَرَّبَ قَابِيل حُزْمَة سُنْبُل , فَوَجَدَ فِيهَا سُنْبُلَةً عَظِيمَة , فَفَرَكَهَا فَأَكَلَهَا , فَنَزَلَتْ النَّار فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ هَابِيل , وَتَرَكَتْ قُرْبَان قَابِيل , فَغَضِبَ وَقَالَ : لَأَقْتُلَنَّكَ حَتَّى لَا تَنْكِحَ أُخْتِي , فَقَالَ هَابِيل { إِنَّمَا يَتَقَبَّل اللَّه مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِنْ بَسَطْت إِلَيَّ يَدَك لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْك لِأَقْتُلَك إِنِّي أَخَاف اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } 5 27 : 28 إِلَى قَوْله : { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسه قَتْل أَخِيهِ } س 5 30 فَطَلَبَهُ لِيَقْتُلَهُ , فَرَاغَ الْغُلَام مِنْهُ فِي رُءُوس الْجِبَال ; وَأَتَاهُ يَوْمًا مِنَ الْأَيَّام , وَهُوَ يَرْعَى غَنَمَهُ فِي جَبَل , وَهُوَ نَائِم , فَرَفَعَ صَخْرَةً , فَشَدَخَ بِهَا رَأْسَهُ , فَمَاتَ , وَتَرَكَهُ بِالْعَرَاءِ , وَلَا يَعْلَم كَيْفَ يُدْفَن , فَبَعَثَ اللَّه غُرَابَيْنِ أَخَوَيْنِ فَاقْتَتَلَا , فَقَتَلَ أَحَدهمَا صَاحِبَهُ , فَحَفَرَ لَهُ , ثُمَّ حَثَا عَلَيْهِ ; فَلَمَّا رَآهُ قَالَ : { يَا وَيْلَتَا أَعْجَزْت أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَاب فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي } 5 31 فَهُوَ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { فَبَعَثَ اللَّه غُرَابًا يَبْحَث فِي الْأَرْض لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ } 5 31 فَرَجَعَ آدَم فَوَجَدَ ابْنَهُ قَدْ قَتَلَ أَخَاهُ , فَذَلِكَ حِينَ يَقُول : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال } ... إِلَى آخِر الْآيَة . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ مَا قَالَهُ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّهُ عُنِيَ بِالْأَمَانَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : جَمِيع مَعَانِي الْأَمَانَات فِي الدِّين , وَأَمَانَات النَّاس , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخُصّ بِقَوْلِهِ : { عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ } بَعْض مَعَانِي الْأَمَانَات لِمَا وَصَفْنَا. وَبِنَحْوِ قَوْلنَا قَالَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْل اللَّه : { إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21906 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } يَعْنِي قَابِيل حِين حَمَلَ أَمَانَةَ آدَم لَمْ يَحْفَظ لَهُ أَهْله. 21907 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان } قَالَ آدَم { إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } قَالَ : ظَلُومًا لِنَفْسِهِ , جَهُولًا فِيمَا احْتَمَلَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبّه . 21908 -حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس { إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } غِرٌّ بِأَمْرِ اللَّه . 21909 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } قَالَ : ظَلُومًا لَهَا , يَعْنِي لِلْأَمَانَةِ , جَهُولًا عَنْ حَقّهَا .'; $t[73] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِيُعَذِّب اللَّه الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَات وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَات وَيَتُوبَ اللَّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَحَمَلَ الْإِنْسَان الْأَمَانَةَ كَيْمَا يُعَذِّبَ اللَّه الْمُنَافِقِينَ فِيهَا الَّذِينَ يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ يُؤَدُّونَ فَرَائِض اللَّه , مُؤْمِنِينَ بِهَا , وَهُمْ مُسْتَسِرُّونَ الْكُفْرَ بِهَا , { وَالْمُنَافِقَات وَالْمُشْرِكِينَ } بِاللَّهِ فِي عِبَادَتهمْ إِيَّاهُ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان , { وَالْمُشْرِكَات وَيَتُوب اللَّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات } يَرْجِع بِهِمْ إِلَى طَاعَته , وَأَدَاء الْأَمَانَات الَّتِي أَلْزَمهُمْ إِيَّاهَا حَتَّى يُؤَدُّوهَا { وَكَانَ اللَّه غَفُورًا } لِذُنُوبِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات , بِسِتْرِهِ عَلَيْهَا , وَتَرْكه عِقَابَهُمْ عَلَيْهَا { رَحِيمًا } أَنْ يُعَذِّبَهُمْ عَلَيْهَا بَعْدَ تَوْبَتهمْ مِنْهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21910 - حَدَّثَنَا سِوَار بْن عَبْد اللَّه الْعَنْبَرِيّ , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَشْهَب , عَنِ الْحَسَن أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال } حَتَّى يَنْتَهِيَ { لِيُعَذِّبَ اللَّه الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَات وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَات } فَيَقُول : اللَّذَانِ خَانَاهَا , اللَّذَانِ ظَلَمَاهَا : الْمُنَافِق وَالْمُشْرِك. 21911 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لِيُعَذِّب اللَّه الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَات وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَات } هَذَانِ اللَّذَانِ خَانَاهَا , وَيَتُوبَ اللَّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات , هَذَانِ اللَّذَانِ أَدَّيَاهَا { وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } . آخِر سُورَة الْأَحْزَاب , وَلِلَّهِ الْحَمْد .'; ?>
/home/sudancam/public_html/0d544/../ph/../quran/api/quran/includes/tafseer/3/33.php