uawdijnntqw1x1x1
IP : 18.219.46.69
Hostname : ns1.eurodns.top
Kernel : Linux ns1.eurodns.top 4.18.0-348.7.1.lve.el7h.x86_64 #1 SMP Fri Dec 24 19:28:54 UTC 2021 x86_64
Disable Function : mail,sendmail,exec,passthru,shell_exec,system,popen,curl_multi_exec,show_source,eval,open_base
OS : Linux
PATH:
/
home
/
sudancam
/
.trash
/
quran
/
includes
/
tafseer
/
3-10.php
/
/
<?php $TAFSEER['3']['26']['1'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { طسم } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَقَدْ ذَكَرْنَا اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِيمَا فِي اِبْتِدَاء فَوَاتِح سُوَر الْقُرْآن مِنْ حُرُوف الْهِجَاء , وَمَا اُنْتُزِعَ بِهِ كُلّ قَائِل مِنْهُمْ لِقَوْلِهِ وَمَذْهَبه مِنْ الْعِلَّة . وَقَدْ بَيَّنَّا الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ الْقَوْل فِيهِ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته , وَقَدْ ذُكِرَ عَنْهُمْ مِنْ الِاخْتِلَاف فِي قَوْله : طسم وطس , نَظِير الَّذِي ذُكِرَ عَنْهُمْ فِي : الم وَالمر وَالمص . وَقَدْ : 20185 -حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { طسم } قَالَ : فَإِنَّهُ قَسَم أَقْسَمَهُ اللَّه , وَهُوَ مِنْ أَسْمَاء اللَّه . 20186 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { طسم } قَالَ : اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن .'; $TAFSEER['3']['26']['2'] = 'فَتَأْوِيل الْكَلَام عَلَى قَوْل اِبْن عَبَّاس وَالْجَمِيع : إِنَّ هَذِهِ الْآيَات الَّتِي أَنْزَلْتهَا عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ السُّورَة لَآيَات الْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلْته إِلَيْهِ مِنْ قَبْلهَا الَّذِي بُيِّنَ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ بِفَهْمٍ , وَفَكَّرَ فِيهِ بِعَقْلٍ , أَنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه جَلَّ جَلَاله , لَمْ يَتَخَرَّصهُ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَمْ يَتَقَوَّلهُ مِنْ عِنْده , بَلْ أَوْحَاهُ إِلَيْهِ رَبّه.'; $TAFSEER['3']['26']['3'] = 'وَقَوْله : { لَعَلَّك بَاخِع نَفْسك أَنْ لَا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَعَلَّك يَا مُحَمَّد قَاتِل نَفْسك وَمُهْلِكهَا إِنْ لَمْ يُؤْمِن قَوْمك بِك , وَيُصَدِّقُوك عَلَى مَا جِئْتهمْ بِهِ وَالْبَخْع : هُوَ الْقَتْل وَالْإِهْلَاك فِي كَلَام الْعَرَب ; وَمِنْهُ قَوْل ذِي الرِّمَّة : أَلَا أَيُّهَذَا الْبَاخِع الْوَجْد نَفْسه لِشَيْءٍ نَحَتْهُ عَنْ يَدَيْهِ الْمَقَادِر وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20187 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : { بَاخِع نَفْسك } : قَاتِل نَفْسك . 20188 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { لَعَلَّك بَاخِع نَفْسك أَنْ لَا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } قَالَ : لَعَلَّك مِنْ الْحِرْص عَلَى إِيمَانهمْ مُخْرِج نَفْسك مِنْ جَسَدك , قَالَ : ذَلِكَ الْبَخْع . 20189 -حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { لَعَلَّك بَاخِع نَفْسك } عَلَيْهِمْ حِرْصًا . وَأَنَّ مِنْ قَوْله : { أَنْ لَا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } فِي مَوْضِع نَصَب بِبَاخِعٍ , كَمَا يُقَال : زُرْت عَبْد اللَّه أَنْ زَارَنِي , وَهُوَ جَزَاء ; وَلَوْ كَانَ الْفِعْل الَّذِي بَعْد أَنَّ مُسْتَقْبِلًا لَكَانَ وَجْه الْكَلَام فِي " أَنَّ " الْكَسْر كَمَا يُقَال ; أَزُور عَبْد اللَّه إِنْ يَزُورنِي.'; $TAFSEER['3']['26']['4'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ نَشَأْ نُنَزِّل عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاء آيَة فَظَلَّتْ أَعْنَاقهمْ لَهَا خَاضِعِينَ } . اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَظَلَّتْ أَعْنَاقهمْ } الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : فَظَلَّ الْقَوْم الَّذِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاء آيَة خَاضِعَة أَعْنَاقهمْ لَهَا مِنْ الذِّلَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20190 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { فَظَلَّتْ أَعْنَاقهمْ لَهَا خَاضِعِينَ } قَالَ : فَظَلُّوا خَاضِعَة أَعْنَاقهمْ لَهَا . 20191 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { خَاضِعِينَ } قَالَ : لَوْ شَاءَ اللَّه لَنَزَّلَ عَلَيْهِ آيَة يَذِلُّونَ بِهَا , فَلَا يَلْوِي أَحَد عُنُقه إِلَى مَعْصِيَة اللَّه. 20192 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { أَنْ لَا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ إِنْ نَشَأْ نُنَزِّل عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاء آيَة } قَالَ : لَوْ شَاءَ اللَّه لَأَرَاهُمْ أَمْرًا مِنْ أَمْره لَا يَعْمَل أَحَد مِنْهُمْ بَعْده بِمَعْصِيَةٍ . 20193 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَظَلَّتْ أَعْنَاقهمْ لَهَا خَاضِعِينَ } قَالَ : مُلْقِينَ أَعْنَاقهمْ . 20194 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَظَلَّتْ أَعْنَاقهمْ لَهَا خَاضِعِينَ } قَالَ : الْخَاضِع : الذَّلِيل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : فَظَلَّتْ سَادَتهمْ وَكُبَرَاؤُهُمْ لِلْآيَةِ خَاضِعِينَ , وَيَقُول : الْأَعْنَاق : هُمْ الْكُبَرَاء مِنْ النَّاس . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه تَذْكِير خَاضِعِينَ , وَهُوَ خَبَر عَنْ الْأَعْنَاق , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : يَزْعُمُونَ أَنَّ قَوْله { أَعْنَاقهمْ } عَلَى الْجَمَاعَات , نَحْو : هَذَا عُنُق مِنْ النَّاس كَثِير , أَوْ ذُكِّرَ كَمَا يُذَكَّر بَعْض الْمُؤَنَّث , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : تَمَزَّزْتهَا وَالدِّيك يَدْعُو صَبَاحه إِذَا مَا بَنُو نَعْش دَنَوْا فَتَصَوَّبُوا فَجَمَاعَات هَذَا أَعْنَاق , أَوْ يَكُون ذَكَّرَهُ لِإِضَافَتِهِ إِلَى الْمُذَكَّر كَمَا يُؤَنَّث لِإِضَافَتِهِ إِلَى الْمُؤَنَّث , كَمَا قَالَ الْأَعْشَى : وَنَشْرَق بِالْقَوْلِ الَّذِي قَدْ أَذَعْته كَمَا شَرِقَتْ صَدْر الْقَنَاة مِنْ الدَّم وَقَالَ الْعَجَّاج : لَمَّا رَأَى رَأَى مَتْن السَّمَاء أَبْعَدَتْ وَقَالَ الْفَرَزْدَق : إِذَا الْقُنْبُضَات السُّود طَوَّفْنَ بِالضُّحَى رَقَدْنَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَال الْمُسَجَّف وَقَالَ الْأَعْشَى : وَإِنَّ أَمْرَأً أَهْدَى إِلَيْك وَدُونه مِنْ الْأَرْض يَهْمَاء وَبَيْدَاء خَيْفَق لَمَحْقُوقَة أَنْ تَسْتَجِيبِي لِصَوْتِهِ وَأَنْ تَعْلَمِي أَنَّ الْمُعَان الْمُوَفَّق قَالَ : وَيَقُولُونَ : بَنَات نَعْش وَبَنُو نَعْش , وَيُقَال : بَنَات عُرْس , وَبَنُو عُرْس ; وَقَالَتْ اِمْرَأَة : أَنَا اِمْرُؤٌ لَا أُخْبِر السِّرّ , قَالَ : وَذُكِرَ لِرُؤْبَة رَجُلٌ فَقَالَ : هُوَ كَانَ أَحَد بَنَات مَسَاجِد اللَّه , يَعْنِي الْحَصَى . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة يَقُول : هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْل الشَّاعِر : تَرَى أَرْمَاحهمْ مُتَقَلِّدِيهَا إِذَا صَدِئ الْحَدِيد عَلَى الْكُمَاة فَمَعْنَاهُ عِنْده : فَظَلَّتْ أَعْنَاقهمْ خَاضِعِيهَا هُمْ , كَمَا يُقَال : يَدك بَاسِطهَا , بِمَعْنَى : يَدك بَاسِطهَا أَنْتَ , فَاكْتَفَى بِمَا اِبْتَدَأَ بِهِ مِنْ الِاسْم أَنْ يَكُون , فَصَارَ الْفِعْل كَأَنَّهُ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ لِلثَّانِي , وَكَذَلِكَ قَوْله : لَمَحْقُوقَة أَنْ تَسْتَجِيبِي لِصَوْتِهِ إِنَّمَا هُوَ لَمَحْقُوقَة أَنْتِ , وَالْمَحْقُوقَة : النَّاقَة , إِلَّا أَنَّهُ عَطَفَهُ عَلَى الْمَرْء لَمَّا عَادَ بِالذِّكْرِ . وَكَانَ آخَر مِنْهُمْ يَقُول : الْأَعْنَاق : الطَّوَائِف , كَمَا يُقَال : رَأَيْت النَّاس إِلَى فُلَان عُنُقًا وَاحِدَة , فَيَجْعَل الْأَعْنَاق الطَّوَائِف وَالْعَصَب ; وَيَقُول : يَحْتَمِل أَيْضًا أَنْ تَكُون الْأَعْنَاق هُمْ السَّادَة وَالرِّجَال الْكُبَرَاء , فَيَكُون كَأَنَّهُ قِيلَ. فَظَلَّتْ رُءُوس الْقَوْم وَكُبَرَاؤُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ , وَقَالَ : أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْعَرَبِيَّة أَنْ يُقَال : إِنَّ الْأَعْنَاق إِذَا خَضَعَتْ فَأَرْبَابهَا خَاضِعُونَ , فَجَعَلْت الْفِعْل أَوَّلًا لِلْأَعْنَاقِ , ثُمَّ جَعَلْت خَاضِعِينَ لِلرِّجَالِ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : عَلَى قَبْضَة مَرْجُوَّة ظَهْر كَفّه فَلَا الْمَرْء مُسْتَحْيٍ وَلَا هُوَ طَاعِم فَأَنَّثَ فِعْل الظَّهْر , لِأَنَّ الْكَفّ تَجْمَع الظَّهْر , وَتَكْفِي مِنْهُ , كَمَا أَنَّك تَكْتَفِي بِأَنْ تَقُول : خَضَعْت لَك , مِنْ أَنْ تَقُول : خَضَعَتْ لَك رَقَبَتِي , وَقَالَ : أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَرَب تَقُول : كُلّ ذِي عَيْن نَاظِر وَنَاظِرَة إِلَيْك , لِأَنَّ قَوْلك : نَظَرَتْ إِلَيْك عَيْنِي , وَنَظَرْت إِلَيْك بِمَعْنًى وَاحِد بِتَرْكِ كُلّ , وَلَهُ الْفِعْل وَبِرَدِّهِ إِلَى الْعَيْن , فَلَوْ قُلْت : فَظَلَّتْ أَعْنَاقهمْ لَهَا خَاضِعَة , كَانَ صَوَابًا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ وَأَشْبَههَا بِمَا قَالَ أَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ أَنْ تَكُون الْأَعْنَاق هِيَ أَعْنَاق الرِّجَال , وَأَنْ يَكُون مَعْنَى الْكَلَام : فَظَلَّتْ أَعْنَاقهمْ ذَلِيلَة , لِلْآيَةِ الَّتِي يُنَزِّلهَا اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاء , وَأَنْ يَكُون قَوْله " خَاضِعِينَ " مُذَكَّرًا , لِأَنَّهُ خَبَر عَنْ الْهَاء وَالْمِيم فِي الْأَعْنَاق , فَيَكُون ذَلِكَ نَظِير قَوْل جَرِير : أَرَى مَرَّ السِّنِينَ أَخَذْنَ مِنِّي كَمَا أَخَذَ السِّرَار مِنْ الْهِلَال وَذَلِكَ أَنَّ قَوْله : مَرَّ , لَوْ أُسْقِطَ مِنْ الْكَلَام , لَأَدَّى مَا بَقِيَ مِنْ الْكَلَام عَنْهُ وَلَمْ يُفْسِد سُقُوطه مَعْنَى الْكَلَام عَمَّا كَانَ بِهِ قَبْل سُقُوطه , وَكَذَلِكَ لَوْ أُسْقِطَتْ الْأَعْنَاق مِنْ قَوْله : فَظَلَّتْ أَعْنَاقهمْ , لَأَدَّى مَا بَقِيَ مِنْ الْكَلَام عَنْهَا , وَذَلِكَ أَنَّ الرِّجَال إِذَا ذَلُّوا , فَقَدْ ذَلَّتْ رِقَابهمْ , وَإِذَا ذَلَّتْ رِقَابهمْ فَقَدْ ذَلُّوا . فَإِنْ قِيلَ فِي الْكَلَام : فَظَلُّوا لَهَا خَاضِعِينَ , كَانَ الْكَلَام غَيْر فَاسِد , لِسُقُوطِ الْأَعْنَاق , وَلَا مُتَغَيِّر مَعْنَاهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَبْل سُقُوطهَا , فَصُرِفَ الْخَبَر بِالْخُضُوعِ إِلَى أَصْحَاب الْأَعْنَاق , وَإِنْ كَانَ قَدْ اِبْتَدَأَ بِذِكْرِ الْأَعْنَاق لِمَا قَدْ جَرَى بِهِ اِسْتِعْمَال الْعَرَب فِي كَلَامهمْ , إِذَا كَانَ الِاسْم الْمُبْتَدَأ بِهِ , وَمَا أُضِيفَ إِلَيْهِ يُؤَدِّي الْخَبَر كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا عَنْ الْآخَر .'; $TAFSEER['3']['26']['5'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْر مِنْ الرَّحْمَن مُحْدَث إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا يَجِيء هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَك وَيَجْحَدُونَ مَا أَتَيْتهمْ بِهِ يَا مُحَمَّد مِنْ عِنْد رَبّك مِنْ تَذْكِير وَتَنْبِيه عَلَى مَوَاضِع حِجَج اللَّه عَلَيْهِمْ عَلَى صِدْقك , وَحَقِيقَة مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مِمَّا يُحْدِثهُ اللَّه إِلَيْك وَيُوحِيه إِلَيْك , لِتُذَكِّرهُمْ بِهِ , إِلَّا أَعْرَضُوا عَنْ اِسْتِمَاعه , وَتَرَكُوا إِعْمَال الْفِكْر فِيهِ وَتَدَبُّره'; $TAFSEER['3']['26']['6'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَقَدْ كَذَّبَ يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِالذِّكْرِ الَّذِي أَتَاهُمْ مِنْ عِنْد اللَّه , وَأَعْرَضُوا عَنْهُ { فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } يَقُول : فَسَيَأْتِيهِمْ أَخْبَار الْأَمْر الَّذِي كَانُوا يَسْخَرُونَ , وَذَلِكَ وَعِيد مِنْ اللَّه لَهُمْ أَنَّهُ مُحِلّ بِهِمْ عِقَابه عَلَى تَمَادِيهِمْ فِي كُفْرهمْ , وَتَمَرُّدهمْ عَلَى رَبّهمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['7'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْض كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْج كَرِيم } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَوَلَمْ يَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الْمُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ وَالنَّشْر إِلَى الْأَرْض , كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا بَعْد أَنْ كَانَتْ مَيِّتَة لَا نَبَات فِيهَا { مِنْ كُلّ زَوْج كَرِيم } يَعْنِي بِالْكَرِيمِ : الْحَسَن , كَمَا يُقَال لِلنَّخْلَةِ الطَّيِّبَة الْحِمْل : كَرِيمَة , وَكَمَا يُقَال لِلشَّاةِ أَوْ النَّاقَة إِذَا غَزُرَتَا , فَكَثُرَتْ أَلْبَانهمَا : نَاقَة كَرِيمَة , وَشَاة كَرِيمَة. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20195 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنِي أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْج كَرِيم } قَالَ : مِنْ نَبَات الْأَرْض , مِمَّا تَأْكُل النَّاس وَالْأَنْعَام . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20196 -حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { مِنْ كُلّ زَوْج كَرِيم } قَالَ : حَسَن'; $TAFSEER['3']['26']['8'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي إِنْبَاتنَا فِي الْأَرْض مِنْ كُلّ زَوْج كَرِيم لَآيَة . يَقُول : لِدَلَالَةِ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ , عَلَى حَقِيقَته , وَأَنَّ الْقُدْرَة الَّتِي بِهَا أَنْبَتَ اللَّه فِي الْأَرْض ذَلِكَ النَّبَات بَعْد جَدُوبهَا , لَنْ يُعْجِزهُ أَنْ يُنْشَر بِهَا الْأَمْوَات بَعْد مَمَاتهمْ , أَحْيَاء مِنْ قُبُورهمْ . وَقَوْله : { وَمَا كَانَ أَكْثَرهمْ مُؤْمِنِينَ } يَقُول : وَمَا كَانَ أَكْثَر هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ , الْجَاحِدِينَ نُبُوَّتك يَا مُحَمَّد , بِمُصَدِّقِيك عَلَى مَا تَأْتِيهِمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه مِنْ الذِّكْر. يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَقَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِي أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ , فَلَا يُؤْمِن بِك أَكْثَرهمْ لِلسَّابِقِ مِنْ عِلْمِي فِيهِمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['9'] = 'وَقَوْله : { وَإِنَّ رَبّك لَهُوَ الْعَزِيز الرَّحِيم } يَقُول : وَإِنَّ رَبّك يَا مُحَمَّد لَهُوَ الْعَزِيز فِي نِقْمَته , لَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ أَحَد أَرَادَ الِانْتِقَام مِنْهُ . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنِّي إِنْ أَحْلَلْت بِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِك يَا مُحَمَّد , الْمُعْرِضِينَ عَمَّا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْر مِنْ عِنْدِي , عُقُوبَتِي بِتَكْذِيبِهِمْ إِيَّاكَ , فَلَنْ يَمْنَعهُمْ مِنِّي مَانِع , لِأَنِّي أَنَا الْعَزِيز الرَّحِيم , يَعْنِي أَنَّهُ ذُو الرَّحْمَة بِمَنْ تَابَ مِنْ خَلْقه مِنْ كُفْره وَمَعْصِيَته , أَنْ يُعَاقِبهُ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ جُرْمه بَعْد تَوْبَته . وَكَانَ اِبْن جُرَيْج يَقُول فِي مَعْنَى ذَلِكَ , مَا : 20197 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي الْحَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج قَالَ : كُلّ شَيْء فِي الشُّعَرَاء مِنْ قَوْله " عَزِيز رَحِيم " فَهُوَ مَا أَهْلَكَ مِمَّنْ مَضَى مِنْ الْأُمَم , يَقُول عَزِيز , حِين اِنْتَقَمَ مِنْ أَعْدَائِهِ , رَحِيم بِالْمُؤْمِنِينَ , حِين أَنْجَاهُمْ مِمَّا أَهْلَكَ بِهِ أَعْدَاءَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَإِنَّمَا اِخْتَرْنَا الْقَوْل الَّذِي اِخْتَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِع , لِأَنَّ قَوْله : { وَإِنَّ رَبّك لَهُوَ الْعَزِيز الرَّحِيم } عَقِيب وَعِيد اللَّه قَوْمًا مِنْ أَهْل الشِّرْك وَالتَّكْذِيب بِالْبَعْثِ , لَمْ يَكُونُوا أُهْلِكُوا , فَيُوَجَّه إِلَى أَنَّهُ خَبَر مِنْ اللَّه عَنْ فِعْله بِهِمْ وَإِهْلَاكه . وَلَعَلَّ اِبْن جُرَيْج بِقَوْلِهِ هَذَا أَرَادَ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ عَقِيب خَبَر اللَّه عَنْ إِهْلَاكه مَنْ أَهْلَكَ مِنْ الْأُمَم , وَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّه إِذَا كَانَ عَقِيب خَبَرهمْ كَذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['26']['10'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذْ نَادَى رَبّك مُوسَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّد إِذْ نَادَى رَبّك مُوسَى بْن عِمْرَان . يَعْنِي الْكَافِرِينَ قَوْم فِرْعَوْن , وَنَصَبَ الْقَوْم الثَّانِي تَرْجَمَة عَنْ الْقَوْم الْأَوَّل ,'; $TAFSEER['3']['26']['11'] = 'وَقَوْله { أَلَا يَتَّقُونَ } يَقُول : أَلَا يَتَّقُونَ عِقَاب اللَّه عَلَى كُفْرهمْ بِهِ . وَمَعْنَى الْكَلَام : قَوْم فِرْعَوْن فَقُلْ لَهُمْ : أَلَا يَتَّقُونَ . وَتَرَكَ إِظْهَار فَقُلْ لَهُمْ لِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ . وَإِنَّمَا قِيلَ : أَلَا يَتَّقُونَ بِالْيَاءِ , وَلَمْ يَقُلْ أَلَا تَتَّقُونَ بِالتَّاءِ , لِأَنَّ التَّنْزِيل كَانَ قَبْل الْخِطَاب , وَلَوْ جَاءَتْ الْقِرَاءَة فِيهَا بِالتَّاءِ كَانَ صَوَابًا , كَمَا قِيلَ : { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَيَغْلِبُونَ } و " سَتَغْلِبُونَ "'; $TAFSEER['3']['26']['12'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ رَبّ إِنِّي أَخَاف أَنْ يُكَذِّبُونِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { قَالَ } مُوسَى لِرَبِّهِ { رَبّ إِنِّي أَخَاف } مِنْ قَوْم فِرْعَوْن الَّذِينَ أَمَرْتنِي أَنْ آتِيَهُمْ { أَنْ يُكَذِّبُونِ } بِقِيلِي لَهُمْ : إِنَّك أَرْسَلْتنِي إِلَيْهِمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['13'] = '{ وَيَضِيق صَدْرِي } مِنْ تَكْذِيبهمْ إِيَّايَ إِنْ كَذَّبُونِي . وَرُفِعَ قَوْله : { وَيَضِيق صَدْرِي } عَطْفًا بِهِ عَلَى أَخَاف , وَبِالرَّفْعِ فِيهِ قَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار , وَمَعْنَاهُ : وَإِنِّي يَضِيق صَدْرِي . وَقَوْله : { وَلَا يَنْطَلِق لِسَانِي } يَقُول : وَلَا يَنْطَلِق بِالْعِبَارَةِ عَمَّا تُرْسِلنِي بِهِ إِلَيْهِمْ , لِلْعِلَّةِ الَّتِي كَانَتْ بِلِسَانِهِ . وَقَوْله : { وَلَا يَنْطَلِق لِسَانِي } كَلَام مَعْطُوف بِهِ عَلَى يَضِيق. وَقَوْله : { فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُون } يَعْنِي هَارُون أَخَاهُ , وَلَمْ يَقُلْ : فَأَرْسِلْ إِلَيَّ هَارُون لِيُؤَازِرنِي وَلِيُعِينَنِي , إِذْ كَانَ مَفْهُومًا مَعْنَى الْكَلَام , وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِل : لَوْ نَزَلَتْ بِنَا نَازِلَة لَفَزِعْنَا إِلَيْك , بِمَعْنَى : لَفَزِعْنَا إِلَيْك لِتُعِينَنَا .'; $TAFSEER['3']['26']['14'] = 'وَقَوْله : { وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْب } يَقُول : وَلِقَوْمِ فِرْعَوْن عَلَيَّ دَعْوَى ذَنْب أَذْنَبْت إِلَيْهِمْ , وَذَلِكَ قَتْله النَّفْس الَّتِي قَتَلَهَا مِنْهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20198 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنِي عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْب فَأَخَاف أَنْ يَقْتُلُونِ } قَالَ : قَتْل النَّفْس الَّتِي قَتَلَ مِنْهُمْ . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنِي الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قَتْل مُوسَى النَّفْس . 20199 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْب } قَالَ : قَتْل النَّفْس. وَقَوْله : { فَأَخَاف أَنْ يَقْتُلُونِ } يَقُول : فَأَخَاف أَنْ يَقْتُلُونِي قَوَدًا بِالنَّفْسِ الَّتِي قَتَلْت مِنْهُمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['15'] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْرهُ : { كَلَّا } : أَيْ لَنْ يَقْتُلك قَوْم فِرْعَوْن. يَقُول : فَاذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوك بِآيَاتِنَا , يَعْنِي بِإِعْلَامِنَا وَحُجَجنَا الَّتِي أَعْطَيْنَاك عَلَيْهِمْ. وَقَوْله : { إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ } مِنْ قَوْم فِرْعَوْن مَا يَقُولُونَ لَكُمْ , وَيُجِيبُونَكُمْ بِهِ .'; $TAFSEER['3']['26']['16'] = 'وَقَوْله : { فَأْتِيَا فِرْعَوْن } يَقُول : فَأْتِ أَنْتَ يَا مُوسَى وَأَخُوك هَارُون فِرْعَوْن . { فَقُولَا إِنَّا رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ } إِلَيْك ب { أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيل } وَقَالَ رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ , وَهُوَ يُخَاطِب اِثْنَيْنِ بِقَوْلِهِ فَقُولَا , لِأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْمَصْدَر مِنْ أَرْسَلْت , يُقَال : أَرْسَلْت رِسَالَة وَرَسُولًا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : لَقَدْ كَذَبَ الْوَاشُونَ مَا بُحْت عِنْدهمْ بِسُوءٍ وَلَا أَرْسَلْتهمْ بِرَسُولِ يَعْنِى بِرِسَالَةٍ , وَقَالَ الْآخَر : أَلَا مَنْ مُبَلِّغ عَنِّي خِفَافًا رَسُولًا بَيْت أَهْلك مُنْتَهَاهَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ : رَسُولًا : رِسَالَة , فَأَنَّثَ لِذَلِكَ الْهَاء .'; $TAFSEER['3']['26']['17'] = '{ فَقُولَا إِنَّا رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ } إِلَيْك ب { أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيل } وَقَالَ رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ , وَهُوَ يُخَاطِب اِثْنَيْنِ بِقَوْلِهِ فَقُولَا , لِأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْمَصْدَر مِنْ أَرْسَلْت , يُقَال : أَرْسَلْت رِسَالَة وَرَسُولًا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : لَقَدْ كَذَبَ الْوَاشُونَ مَا بُحْت عِنْدهمْ بِسُوءٍ وَلَا أَرْسَلْتهمْ بِرَسُولِ يَعْنِى بِرِسَالَةٍ , وَقَالَ الْآخَر : أَلَا مَنْ مُبَلِّغ عَنِّي خِفَافًا رَسُولًا بَيْت أَهْلك مُنْتَهَاهَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ : رَسُولًا : رِسَالَة , فَأَنَّثَ لِذَلِكَ الْهَاء .'; $TAFSEER['3']['26']['18'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ أَلَمْ نُرَبِّك فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْت فِينَا مِنْ عُمُرك سِنِينَ } وَفِي هَذَا الْكَلَام مَحْذُوف اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ عَلَيْهِ مِنْهُ , وَهُوَ : فَأْتِيَا فِرْعَوْن فَأَبْلِغَاهُ رِسَالَة رَبّهمَا إِلَيْهِ , فَقَالَ فِرْعَوْن : أَلَمْ بِك فِينَا يَا مُوسَى وَلِيدًا , وَلَبِثْت فِينَا مِنْ عُمُرك سِنِينَ ؟ مُكْثه عِنْده قَبْل قَتْل الْقَتِيل الَّذِي قَتَلَهُ مِنْ الْقِبْط .'; $TAFSEER['3']['26']['19'] = 'يَعْنِي : قَتْله النَّفْس الَّتِي قَتَلَ مِنْ الْقِبْط. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20200 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَفَعَلْت فَعْلَتك الَّتِي فَعَلْت وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ } قَالَ : فَعَلْتهَا إِذًا وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ . قَالَ : قَتْل النَّفْس . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَإِنَّمَا قِيلَ { وَفَعَلْت فَعْلَتك } لِأَنَّهَا مَرَّة وَاحِدَة , وَلَا يَجُوز كَسْر الْفَاء إِذَا أُرِيدَ بِهَا هَذَا الْمَعْنَى . وَذُكِرَ عَنْ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ : " وَفَعَلْت فَعْلَتك " بِكَسْرِ الْفَاء , وَهِيَ قِرَاءَة لِقِرَاءَةِ الْقُرَّاء مِنْ أَهْل الْأَمْصَار مُخَالِفَة . وَقَوْله : { وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ عَلَى دِيننَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20201 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَفَعَلْت فَعْلَتك الَّتِي فَعَلْت وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ } يَعْنِي عَلَى دِيننَا هَذَا الَّذِي تَعِيب . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ نِعْمَتنَا عَلَيْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20202 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَفَعَلْت فَعْلَتك الَّتِي فَعَلْت وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ } قَالَ : رَبَّيْنَاك فِينَا وَلِيدًا , فَهَذَا الَّذِي كَافَأْتنَا أَنْ قَتَلْت مِنَّا نَفْسًا , وَكَفَرْت نِعْمَتنَا ! . 20203 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ } يَقُول : كَافِرًا لِلنِّعْمَةِ لِأَنَّ فِرْعَوْن لَمْ يَكُنْ يَعْلَم مَا الْكُفْر . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ اِبْن زَيْد أَشْبَه بِتَأْوِيلِ الْآيَة , لِأَنَّ فِرْعَوْن لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا لِلَّهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَإِنَّمَا كَانَ يَزْعُم أَنَّهُ هُوَ الرَّبّ , فَغَيْر جَائِز أَنْ يَقُول لِمُوسَى - إِنْ كَانَ مُوسَى كَانَ عِنْده عَلَى دِينه يَوْم قَتَلَ الْقَتِيل عَلَى مَا قَالَهُ السُّدِّيّ - : فَعَلْت الْفَعْلَة وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ , الْإِيمَان عِنْده : هُوَ دِينه الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ مُوسَى عِنْده , إِلَّا أَنْ يَقُول قَائِل : إِنَّمَا أَرَادَ : وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ يَوْمئِذٍ يَا مُوسَى , عَلَى قَوْلك الْيَوْم , فَيَكُون ذَلِكَ وَجْهًا يَتَوَجَّه . فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَنْ : وَقَتَلْت الَّذِي قَتَلْت مِنَّا وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ نِعْمَتنَا عَلَيْك , وَإِحْسَاننَا إِلَيْك فِي قَتْلك إِيَّاهُ . وَقَدْ قِيلَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَأَنْتَ الْآن مِنْ الْكَافِرِينَ لِنِعْمَتِي عَلَيْك , وَتَرْبِيَتِي إِيَّاكَ .'; $TAFSEER['3']['26']['20'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ فَعَلْتهَا إِذًا وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ مُوسَى لِفِرْعَوْن : فَعَلْت تِلْكَ الْفَعْلَة الَّتِي فَعَلْت , أَيْ قَتَلْت تِلْكَ النَّفْس الَّتِي قَتَلْت إِذَنْ وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ . يَقُول : وَأَنَا مِنْ الْجَاهِلِينَ قَبْل أَنْ يَأْتِيَنِي مِنْ اللَّه وَحْي بِتَحْرِيمِ قَتْله عَلَيَّ . وَالْعَرَب تَضَع مِنْ الضَّلَال مَوْضِع الْجَهْل , وَالْجَهْل مَوْضِع الضَّلَال , فَتَقُول : قَدْ جَهِلَ فُلَان الطَّرِيق وَضَلَّ الطَّرِيق , بِمَعْنًى وَاحِد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20204 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ } قَالَ : مِنْ الْجَاهِلِينَ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . قَالَ اِبْن جُرَيْج : وَفِي قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود : " وَأَنَا مِنْ الْجَاهِلِينَ ". 20205 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ } قَالَ : مِنْ الْجَاهِلِينَ . 20206 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ } فَقَالَ مُوسَى : لَمْ أَكْفُر , وَلَكِنْ فَعَلْتهَا وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ. وَفِي حَرْف اِبْن مَسْعُود : " فَعَلْتهَا إِذًا وَأَنَا مِنْ الْجَاهِلِينَ ". 20207 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { قَالَ فَعَلْتهَا إِذًا وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ } قَبْل أَنْ يَأْتِيَنِي مِنْ اللَّه شَيْء كَانَ قَتْلِي إِيَّاهُ ضَلَالَة خَطَأ. قَالَ : وَالضَّلَالَة هَهُنَا الْخَطَأ , لَمْ يَقُلْ ضَلَاله فِيمَا بَيْنه وَبَيْن اللَّه . 20208 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { قَالَ فَعَلْتهَا إِذًا وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ } يَقُول : وَأَنَا مِنْ الْجَاهِلِينَ.'; $TAFSEER['3']['26']['21'] = 'وَقَوْله { فَفَرَرْت مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ } الْآيَة , يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيلَ مُوسَى لِفِرْعَوْن : { فَفَرَرْت مِنْكُمْ } مَعْشَر الْمَلَأ مِنْ قَوْم فِرْعَوْن { لَمَّا خِفْتُكُمْ } أَنْ تَقْتُلُونِي بِقَتْلِي الْقَتِيل مِنْكُمْ . يَقُول : فَوَهَبَ لِي رَبِّي نُبُوَّة وَهِيَ الْحُكْم . كَمَا . 20209 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط عَنْ السُّدِّيّ : { فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا } وَالْحُكْم : النُّبُوَّة . وَقَوْله : { وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُرْسَلِينَ } يَقُول : وَأَلْحَقَنِي بِعِدَادِ مَنْ أَرْسَلَهُ إِلَى خَلْقه , مُبَلِّغًا عَنْهُ رِسَالَته إِلَيْهِمْ بِإِرْسَالِهِ إِيَّايَ إِلَيْك يَا فِرْعَوْن .'; $TAFSEER['3']['26']['22'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَتِلْكَ نِعْمَة تَمُنّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْت بَنِي إِسْرَائِيل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيلَ نَبِيّه مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفِرْعَوْن { وَتِلْكَ نِعْمَة تَمُنّهَا عَلَيَّ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : وَتِلْكَ تَرْبِيَة فِرْعَوْن إِيَّاهُ , يَقُول : وَتَرْبِيَتك إِيَّايَ , وَتَرْكك اِسْتِعْبَادِي , كَمَا اِسْتَعْبَدْت بَنِي إِسْرَائِيل نِعْمَة مِنْك تَمُنّهَا عَلَيَّ بِحَقٍّ . وَفِي الْكَلَام مَحْذُوف اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ عَنْهُ , وَهُوَ : وَتِلْكَ نِعْمَة تَمُنّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْت بَنِي إِسْرَائِيل وَتَرَكْتنِي , فَلَمْ تَسْتَعْبِدنِي , فَتَرَكَ ذِكْر " وَتَرَكْتنِي " لِدَلَالَةِ قَوْله { أَنْ عَبَّدْت بَنِي إِسْرَائِيل } عَلَيْهِ , وَالْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ اِخْتِصَارًا لِلْكَلَامِ , وَنَظِير ذَلِكَ فِي الْكَلَام أَنْ يَسْتَحِقّ رَجُلَانِ مِنْ ذِي سُلْطَان عُقُوبَة , فَيُعَاقِب أَحَدهمَا , وَيَعْفُو عَنْ الْآخَر , فَيَقُول الْمَعْفُوّ عَنْهُ هَذِهِ نِعْمَة عَلَيَّ مِنْ الْأَمِير أَنْ عَاقَبَ فُلَانًا , وَتَرَكَنِي , ثُمَّ حَذَفَ " وَتَرَكَنِي " لِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ , وَلِأَنَّ فِي قَوْله : { أَنْ عَبَّدْت بَنِي إِسْرَائِيل } وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا النَّصْب , لِتَعَلُّقِ " تَمُنّهَا " بِهَا , وَإِذَا كَانَتْ نَصْبًا كَانَ مَعْنَى الْكَلَام : وَتِلْكَ نِعْمَة تَمُنّهَا عَلَيَّ لِتَعَبُّدِك بَنِي إِسْرَائِيل. وَالْآخَر : الرَّفْع عَلَى أَنَّهَا رَدّ عَلَى النِّعْمَة . وَإِذَا كَانَتْ رَفْعًا كَانَ مَعْنَى الْكَلَام : وَتِلْكَ نِعْمَة تَمُنّهَا عَلَيَّ تَعْبِيدك بَنِي إِسْرَائِيل . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { أَنْ عَبَّدْت بَنِي إِسْرَائِيل } : أَنْ اِتَّخَذْتهمْ عَبِيدًا لَك . يُقَال مِنْهُ : عَبَّدْت الْعَبِيد وَأَعْبَدْتهمْ , قَالَ الشَّاعِر : عَلَامَ يُعَبِّدنِي قَوْمِي وَقَدْ كَثُرَتْ فِيهَا أَبَاعِر مَا شَاءُوا وَعُبْدَان وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20210 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { تَمُنّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْت بَنِي إِسْرَائِيل } قَالَ : قَهَرْتهمْ وَاسْتَعْمَلْتهمْ. 20211 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : تَمُنّ عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْت بَنِي إِسْرَائِيل , قَالَ : قَهَرْت وَغَلَبْت وَاسْتَعْمَلْت بَنِي إِسْرَائِيل . 20212 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَتِلْكَ نِعْمَة تَمُنّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْت بَنِي إِسْرَائِيل } وَرَبَّيْتنِي قَبْل وَلِيدًا . وَقَالَ آخَرُونَ : هَذَا اِسْتِفْهَام كَانَ مِنْ مُوسَى لِفِرْعَوْن , كَأَنَّهُ قَالَ : أَتَمُنُّ عَلَيَّ أَنْ اِتَّخَذْت بَنِي إِسْرَائِيل عَبِيدًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20213 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَتِلْكَ نِعْمَة تَمُنّهَا عَلَيَّ } قَالَ : يَقُول مُوسَى لِفِرْعَوْن : أَتَمُنَّ عَلَيَّ أَنْ اِتَّخَذْت أَنْتَ بَنِي إِسْرَائِيل عَبِيدًا . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : وَتِلْكَ نِعْمَة تَمُنّهَا عَلَيَّ , فَيُقَال : هَذَا اِسْتِفْهَام كَأَنَّهُ قَالَ : أَتَمُنُّهَا عَلَيَّ ؟ ثُمَّ فَسَّرَ فَقَالَ : { أَنْ عَبَّدْت بَنِي إِسْرَائِيل } وَجَعَلَهُ بَدَلًا مِنْ النِّعْمَة. وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يُنْكِر هَذَا الْقَوْل , وَيَقُول : هُوَ غَلَط مِنْ قَائِله لَا يَجُوز أَنْ يَكُون هَمْز الِاسْتِفْهَام يُلْقِي , وَهُوَ يَطْلُب , فَيَكُون الِاسْتِفْهَام كَالْخَبَرِ , قَالَ : وَقَدْ اُسْتُقْبِحَ وَمَعَهُ أَمْ , وَهِيَ دَلِيل عَلَى الِاسْتِفْهَام وَاسْتَقْبَحُوا : تَرُوح مِنْ الْحَيّ أَمْ تَبْتَكِر وَمَاذَا يَضُرّك لَوْ تَنْتَظِر ؟ قَالَ : وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ أَتَرُوحُ مِنْ الْحَيّ , وَحُذِفَ الِاسْتِفْهَام أَوَّلًا اِكْتِفَاء بِأَمْ . وَقَالَ أَكْثَرهمْ : بَلْ الْأَوَّل خَبَر , وَالثَّانِي اِسْتِفْهَام , وَكَأَنَّ " أَمْ " إِذَا جَاءَتْ بَعْد الْكَلَام فَهِيَ الْأَلِف , فَأَمَّا وَلَيْسَ مَعَهُ أَمْ , فَلَمْ يَقُلْهُ إِنْسَان . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة فِي ذَلِكَ مَا قُلْنَا . وَقَالَ : مَعْنَى الْكَلَام : وَفَعَلْت فَعْلَتك الَّتِي فَعَلْت وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ لِنِعْمَتِي : أَيْ لِنِعْمَةِ تَرْبِيَتِي لَك , فَأَجَابَهُ فَقَالَ : نَعَمْ هِيَ نِعْمَة عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْت النَّاس وَلَمْ تَسْتَعْبِدنِي .'; $TAFSEER['3']['26']['23'] = 'وَقَوْل { قَالَ فِرْعَوْن وَمَا رَبّ الْعَالَمِينَ } يَقُول : وَأَيّ شَيْء رَبّ الْعَالَمِينَ ؟'; $TAFSEER['3']['26']['24'] = '{ قَالَ } مُوسَى هُوَ { رَبّ السَّمَوَات وَالْأَرْض } وَمَالِكهنَّ { وَمَا بَيْنهمَا } يَقُول : وَمَالك مَا بَيْن السَّمَوَات وَالْأَرْض مِنْ شَيْء . يَقُول : إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ أَنَّ مَا تُعَايِنُونَهُ كَمَا تُعَايِنُونَهُ , فَكَذَلِكَ فَأَيْقِنُوا أَنَّ رَبّنَا هُوَ رَبّ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا .'; $TAFSEER['3']['26']['25'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ لِمَنْ حَوْله أَلَا تَسْتَمِعُونَ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ { قَالَ لِمَنْ حَوْله أَلَا تَسْتَمِعُونَ } قَالَ فِرْعَوْن لِمَنْ حَوْله مِنْ قَوْمه : أَلَا تَسْتَمِعُونَ لِمَا يَقُول مُوسَى , فَأَخْبَرَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام الْقَوْم بِالْجَوَابِ عَنْ مَسْأَلَة فِرْعَوْن إِيَّاهُ وَقِيله لَهُ { وَمَا رَبّ الْعَالَمِينَ } لِيَفْهَم بِذَلِكَ قَوْم فِرْعَوْن مَقَالَته لِفِرْعَوْن , وَجَوَابه إِيَّاهُ عَمَّا سَأَلَهُ , إِذْ قَالَ لَهُمْ فِرْعَوْن { أَلَا تَسْتَمِعُونَ } إِلَى قَوْل مُوسَى ,'; $TAFSEER['3']['26']['26'] = 'فَقَالَ لَهُمْ الَّذِي دَعَوْته إِلَيْهِ وَإِلَى عِبَادَته { رَبّكُمْ } الَّذِي خَلَقَكُمْ { وَرَبّ آبَائِكُمْ الْأَوَّلِينَ }'; $TAFSEER['3']['26']['27'] = 'فَقَالَ فِرْعَوْن لَمَّا قَالَ لَهُمْ مُوسَى ذَلِكَ , وَأَخْبَرَهُمْ عَمَّا يَدْعُو إِلَيْهِ فِرْعَوْن وَقَوْمه : { إِنَّ رَسُولكُمْ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُون } يَقُول : إِنَّ رَسُولكُمْ هَذَا الَّذِي يَزْعُم أَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَغْلُوب عَلَى عَقْله , لِأَنَّهُ يَقُول قَوْلًا لَا نَعْرِفهُ وَلَا نَفْهَمهُ , وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ وَنَسَبَ مُوسَى عَدُوّ اللَّه إِلَى الْجَنَّة , لِأَنَّهُ كَانَ عِنْده وَعِنْد قَوْمه أَنَّهُ لَا رَبّ غَيْره يُعْبَد , وَأَنَّ الَّذِي يَدْعُوهُ إِلَيْهِ مُوسَى بَاطِل لَيْسَتْ لَهُ حَقِيقَة , فَقَالَ مُوسَى عِنْد ذَلِكَ مُحْتَجًّا عَلَيْهِمْ , وَمُعَرِّفهمْ رَبّهمْ بِصِفَتِهِ وَأَدِلَّته , إِذْ كَانَ عِنْد قَوْم فِرْعَوْن أَنَّ الَّذِي يَعْرِفُونَهُ رَبًّا لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْت هُوَ فِرْعَوْن , وَأَنَّ الَّذِي يَعْرِفُونَهُ لِآبَائِهِمْ أَرْبَابًا مُلُوك أُخَر , كَانُوا قَبْل فِرْعَوْن , قَدْ مَضَوْا فَلَمْ يَكُنْ عِنْدهمْ أَنَّ مُوسَى أَخْبَرَهُمْ بِشَيْءٍ لَهُ مَعْنَى يَفْهَمُونَهُ وَلَا يَعْقِلُونَهُ , وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُمْ فِرْعَوْن : إِنَّهُ مَجْنُون , لِأَنَّ كَلَامه كَانَ عِنْدهمَا كَلَامًا لَا يَعْقِلُونَ مَعْنَاهُ .'; $TAFSEER['3']['26']['28'] = 'الَّذِي أَدْعُوكُمْ وَفِرْعَوْن إِلَى عِبَادَته رَبّ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب وَمَا بَيْنهمَا - يَعْنِي مَلِك مَشْرِق الشَّمْس وَمَغْرِبهَا , وَمَا بَيْنهمَا مِنْ شَيْء - لَا إِلَى عِبَادَة مُلُوك مِصْر الَّذِينَ كَانُوا مُلُوكهَا قَبْل فِرْعَوْن لِآبَائِكُمْ فَمَضَوْا , وَلَا إِلَى عِبَادَة فِرْعَوْن الَّذِي هُوَ مَلِكهَا . يَقُول : إِنْ كَانَ لَكُمْ عُقُول تَعْقِلُونَ بِهَا مَا يُقَال لَكُمْ , وَتَفْهَمُونَ بِهَا مَا تَسْمَعُونَ مِمَّا يُعَيَّن لَكُمْ.'; $TAFSEER['3']['26']['29'] = 'فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ عَلَيْهِ السَّلَام بِالْأَمْرِ الَّذِي عَلِمُوا أَنَّهُ الْحَقّ الْوَاضِح , إِذْ كَانَ فِرْعَوْن وَمَنْ قَبْله مِنْ مُلُوك مِصْر لَمْ يُجَاوِز مُلْكهمْ عَرِيش مِصْر , وَتَبَيَّنَ لِفِرْعَوْن وَمَنْ حَوْله مِنْ قَوْمه أَنَّ الَّذِي يَدْعُوهُمْ مُوسَى إِلَى عِبَادَته , هُوَ الْمَلِك الَّذِي يَمْلِك الْمُلُوك . قَالَ فِرْعَوْن حِينَئِذٍ اِسْتِكْبَارًا عَنْ الْحَقّ , وَتَمَادِيًا فِي الْغَيّ لِمُوسَى : { لَئِنْ اِتَّخَذْت إِلَهًا غَيْرِي } يَقُول : لَئِنْ أَقْرَرْت بِمَعْبُودٍ سِوَايَ { لِأَجْعَلَنك مِنْ الْمَسْجُونِينَ } يَقُول : لَأَسْجُنَنك مَعَ مَنْ فِي السِّجْن مِنْ أَهْله.'; $TAFSEER['3']['26']['30'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُك بِشَيْءٍ مُبِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ مُوسَى لِفِرْعَوْن لَمَّا عَرَّفَهُ رَبّه , وَأَنَّهُ رَبّ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب , وَدَعَاهُ إِلَى عِبَادَته وَإِخْلَاص الْأُلُوهَة لَهُ , وَأَجَابَهُ فِرْعَوْن بِقَوْلِهِ { لَئِنْ اِتَّخَذْت إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنك مِنْ الْمَسْجُونِينَ } : أَتَجْعَلُنِي مِنْ الْمَسْجُونِينَ { وَلَوْ جِئْتُك بِشَيْءٍ مُبِين } يُبَيِّن لَك صِدْق مَا أَقُول يَا فِرْعَوْن وَحَقِيقَة مَا أَدْعُوك إِلَيْهِ ؟ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لَهُ , لِأَنَّ مِنْ أَخْلَاق النَّاس السُّكُون لِلْإِنْصَافِ , وَالْإِجَابَة إِلَى الْحَقّ بَعْد الْبَيَان .'; $TAFSEER['3']['26']['31'] = 'فَلَمَّا قَالَ مُوسَى لَهُ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ , قَالَ لَهُ فِرْعَوْن : فَأْتِ بِالشَّيْءِ الْمُبِين حَقِيقَة مَا تَقُول , فَإِنَّا لَنْ نَسْجُنك حِينَئِذٍ إِنْ اِتَّخَذْت إِلَهًا غَيْرِي إِنْ كُنْت مِنْ الصَّادِقِينَ : يَقُول : إِنْ كُنْت مُحِقًّا فِيمَا تَقُول , وَصَادِقًا فِيمَا تَصِف وَتُخْبِر.'; $TAFSEER['3']['26']['32'] = 'يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَتَحَوَّلَتْ ثُعْبَانًا , وَهِيَ الْحَيَّة الذَّكَر كَمَا قَدْ بَيَّنْت فِيمَا مَضَى قَبْل مِنْ صِفَته وَقَوْله { مُبِين } يَقُول : يُبِين لِفِرْعَوْن وَالْمَلَأ مِنْ قَوْمه أَنَّهُ ثُعْبَان . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20214 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد اللَّه , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَان مُبِين } يَقُول : مُبِين لَهُ خَلْق حَيَّة .'; $TAFSEER['3']['26']['33'] = 'وَقَوْله : { وَنَزَعَ يَده فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء } يَقُول : وَأَخْرَجَ مُوسَى يَده مِنْ جَيْبه فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء تَلْمَع { لِلنَّاظِرِينَ } لِمَنْ يَنْظُر إِلَيْهَا وَيَرَاهَا . 20215 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عَثَّام بْن عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , قَالَ : اِرْتَفَعَتْ الْحَيَّة فِي السَّمَاء قَدْر مِيل , ثُمَّ سَفْلَتَ حَتَّى صَارَ رَأْس فِرْعَوْن بَيْن نَابِيهَا , فَجَعَلَتْ تَقُول : يَا مُوسَى مُرْنِي بِمَا شِئْت , فَجَعَلَ فِرْعَوْن يَقُول : يَا مُوسَى أَسْأَلك . بِاَلَّذِي أَرْسَلَك , قَالَ : فَأَخَذَهُ بَطْنه.'; $TAFSEER['3']['26']['34'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْله } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ فِرْعَوْن لَمَّا أَرَاهُ مُوسَى مِنْ عَظِيم قُدْرَة اللَّه وَسُلْطَانه حُجَّة عَلَيْهِ لِمُوسَى بِحَقِيقَةِ مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ , وَصِدْق مَا أَتَاهُ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّه { لِلْمَلَإِ حَوْله } يَعْنِي لِأَشْرَافِ قَوْمه الَّذِينَ كَانُوا حَوْله . يَقُول : إِنَّ مُوسَى سَحَرَ عَصَاهُ حَتَّى أَرَاكُمُوهَا ثُعْبَانًا { عَلِيم } , يَقُول : ذُو عِلْم بِالسِّحْرِ وَبَصَر بِهِ .'; $TAFSEER['3']['26']['35'] = 'يَقُول : يُرِيد أَنْ يُخْرِج بَنِي إِسْرَائِيل مِنْ أَرْضكُمْ إِلَى الشَّأْم بِقَهْرِهِ إِيَّاكُمْ بِالسِّحْرِ . وَإِنَّمَا قَالَ : يُرِيد أَنْ يُخْرِجكُمْ فَجَعَلَ الْخِطَاب لِلْمَلَإِ حَوْله مِنْ الْقِبْط , وَالْمَعْنَى بِهِ بَنُو إِسْرَائِيل , لِأَنَّ الْقِبْط كَانُوا قَدْ اِسْتَعْبَدُوا بَنِي إِسْرَائِيل , وَاِتَّخَذُوهُمْ خَدَمًا لِأَنْفُسِهِمْ وَمُهَّانًا , فَلِذَلِكَ قَالَ لَهُمْ : { يُرِيد أَنْ يُخْرِجكُمْ } وَهُوَ يُرِيد : أَنْ يُخْرِج خَدَمَكُمْ وَعَبِيدكُمْ مِنْ أَرْض مِصْر إِلَى الشَّأْم . وَإِنَّمَا قُلْت مَعْنَى ذَلِكَ كَذَلِكَ , لِأَنَّ اللَّه إِنَّمَا أَرْسَلَ مُوسَى إِلَى فِرْعَوْن يَأْمُرهُ بِإِرْسَالِ بَنِي إِسْرَائِيل مَعَهُ , فَقَالَ لَهُ وَلِأَخِيهِ { فَأْتِيَا فِرْعَوْن فَقُولَا إِنَّا رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيل } . وَقَوْله : { فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } يَقُول : فَأَيّ شَيْء تَأْمُرُونَ فِي أَمْر مُوسَى وَمَا بِهِ تُشِيرُونَ مِنْ الرَّأْي فِيهِ ؟'; $TAFSEER['3']['26']['36'] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَجَابَ فِرْعَوْن الْمَلَأ حَوْله بِأَنْ قَالُوا لَهُ : أَخِّرْ مُوسَى وَأَخَاهُ وَأَنْظِرْهُ , وَابْعَثْ فِي بِلَادك وَأَمْصَار مِصْر حَاشِرِينَ يَحْشِرُونَ إِلَيْك كُلّ سَحَّار عَلِيم بِالسِّحْرِ .'; $TAFSEER['3']['26']['37'] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَجَابَ فِرْعَوْن الْمَلَأ حَوْله بِأَنْ قَالُوا لَهُ : أَخِّرْ مُوسَى وَأَخَاهُ وَأَنْظِرْهُ , وَابْعَثْ فِي بِلَادك وَأَمْصَار مِصْر حَاشِرِينَ يَحْشِرُونَ إِلَيْك كُلّ سَحَّار عَلِيم بِالسِّحْرِ .'; $TAFSEER['3']['26']['38'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَجُمِعَ السَّحَرَة لِمِيقَاتِ يَوْم مَعْلُوم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَجُمِعَ الْحَاشِرُونَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ فِرْعَوْن بِحَشْرِ السَّحَرَة { لِمِيقَاتِ يَوْم مَعْلُوم } يَقُول : لِوَقْتٍ وَاعَدَ فِرْعَوْن لِمُوسَى الِاجْتِمَاع مَعَهُ فِيهِ مِنْ يَوْم مَعْلُوم , وَذَلِكَ يَوْم الزِّينَة { وَأَنْ يُحْشَر النَّاس ضُحًى } . 20 59'; $TAFSEER['3']['26']['39'] = 'وَقِيلَ لِلنَّاسِ : هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ لِتَنْظُرُوا إِلَى مَا يَفْعَل الْفَرِيقَانِ , وَلِمَنْ تَكُون الْغَلَبَة , لِمُوسَى أَوْ لِلسَّحَرَةِ ؟ وَقِيلَ : إِنَّ اِجْتِمَاعهمْ لِلْمِيقَاتِ الَّذِي اِتَّعَدَ لِلِاجْتِمَاعِ فِيهِ فِرْعَوْن وَمُوسَى كَانَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20216 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ } قَالَ : كَانُوا بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ , قَالَ : وَيُقَال : بَلَغَ ذَنَب الْحَيَّة مِنْ وَرَاء الْبُحَيْرَة يَوْمئِذٍ , قَالَ : وَهَرَبُوا وَأَسْلَمُوا فِرْعَوْن وَهَمَّتْ بِهِ , فَقَالَ : فَخُذْهَا يَا مُوسَى , قَالَ : فَكَانَ فِرْعَوْن مِمَّا يَلِي النَّاس مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَضَع عَلَى الْأَرْض شَيْئًا , قَالَ : فَأَحْدَثَ يَوْمئِذٍ تَحْته , قَالَ : وَكَانَ إِرْسَاله الْحَيَّة فِي الْقُبَّة الْحَمْرَاء .'; $TAFSEER['3']['26']['40'] = 'فَلَعَلَّنَا نَتَّبِع السَّحَرَة. وَمَعْنَى لَعَلَّ هُنَا : كَيْ . يَقُول : كَيْ نَتَّبِع السَّحَرَة إِنْ كَانُوا هُمْ الْغَالِبِينَ مُوسَى . وَإِنَّمَا قُلْت ذَلِكَ مَعْنَاهَا , لِأَنَّ قَوْم فِرْعَوْن كَانُوا عَلَى دِين فِرْعَوْن , فَغَيْر مَعْقُول أَنْ يَقُول مَنْ كَانَ عَلَى دِين : أَنْظُر إِلَى حُجَّة مَنْ هُوَ عَلَى خِلَافِي لَعَلِّي أَتَّبِع دِينِي , وَإِنَّمَا يُقَال : أَنْظُر إِلَيْهَا كَيْ أَزْدَاد بَصِيرَة بِدِينِي , فَأُقِيم عَلَيْهِ . وَكَذَلِكَ قَالَ قَوْم فِرْعَوْن , فَإِيَّاهَا عَنَوْا بِقِيلِهِمْ : لَعَلَّنَا نَتَّبِع السَّحَرَة إِنْ كَانُوا هُمْ الْغَالِبِينَ.'; $TAFSEER['3']['26']['41'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَة قَالُوا لِفِرْعَوْن أَئِنّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَة } فِرْعَوْن لِوَعْدِ مُوسَى وَمَوْعِد فِرْعَوْن { قَالُوا لِفِرْعَوْن أَئِنّ لَنَا لَأَجْرًا } سِحْرنَا قِبَلك { إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ } مُوسَى .'; $TAFSEER['3']['26']['42'] = '{ قَالَ } فِرْعَوْن لَهُمْ { نَعَمْ } لَكُمْ الْأَجْر عَلَى ذَلِكَ { وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ } مِنَّا .'; $TAFSEER['3']['26']['43'] = 'فَقَالُوا عِنْد ذَلِكَ لِمُوسَى : إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ , وَإِمَّا أَنْ نَكُون نَحْنُ الْمُلْقِينَ , وَتُرِكَ ذِكْر قِيلهمْ ذَلِكَ لِدَلَالَةِ خَبَر اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالَ لَهُمْ مُوسَى : أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ , عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَاهُ ف { قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ } مِنْ حِبَالكُمْ وَعِصِيّكُمْ.'; $TAFSEER['3']['26']['44'] = '{ فَأَلْقَوْا حِبَالهمْ وَعِصِيّهمْ } مِنْ أَيْدِيهمْ { وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْن } يَقُول : أَقْسَمُوا بِقُوَّةِ فِرْعَوْن وَشِدَّة سُلْطَانه , وَمَنَعَة مَمْلَكَته { إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ } مُوسَى .'; $TAFSEER['3']['26']['45'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ } حِين أَلْقَتْ السَّحَرَة حِبَالهمْ وَعِصِيّهمْ. يَقُول : فَإِذَا عَصَا مُوسَى تَزْدَرِد مَا يَأْتُونَ بِهِ مِنْ الْفِرْيَة وَالسِّحْر الَّذِي لَا حَقِيقَة لَهُ , وَإِنَّمَا هُوَ مَخَايِيل وَخُدْعَة .'; $TAFSEER['3']['26']['46'] = 'يَقُول : فَلَمَّا تَبَيَّنَ السَّحَرَة أَنَّ الَّذِي جَاءَهُمْ بِهِ مُوسَى حَقّ لَا سِحْر , وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يَقْدِر عَلَيْهِ غَيْر اللَّه الَّذِي فَطَرَ السَّمَوَات وَالْأَرْض مِنْ غَيْر أَصْل , خَرُّوا لِوُجُوهِهِمْ سُجَّدًا لِلَّهِ , مُذْعِنِينَ لَهُ بِالطَّاعَةِ , مُقِرِّينَ لِمُوسَى بِاَلَّذِي أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه أَنَّهُ هُوَ الْحَقّ , وَأَنَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَهُ مِنْ السِّحْر بَاطِل ,'; $TAFSEER['3']['26']['47'] = 'قَائِلِينَ : { آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ } الَّذِي دَعَانَا مُوسَى إِلَى عِبَادَته دُون فِرْعَوْن وَمَلَئِهِ.'; $TAFSEER['3']['26']['48'] = 'لَمْ يَتَعَرَّض الْمُصَنِّف لِهَذِهِ الْآيَة بِالتَّفْسِيرِ'; $TAFSEER['3']['26']['49'] = 'يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قَالَ فِرْعَوْن لِلَّذِينَ كَانُوا سَحَرَته فَآمَنُوا : آمَنْتُمْ لِمُوسَى بِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ حَقّ قَبْل أَنْ آذَن لَكُمْ فِي الْإِيمَان بِهِ . يَقُول : إِنَّ مُوسَى لَرَئِيسكُمْ فِي السِّحْر , وَهُوَ الَّذِي عَلَّمَكُمُوهُ , وَلِذَلِكَ آمَنْتُمْ بِهِ . عِنْد عِقَابِي إِيَّاكُمْ وَبَال مَا فَعَلْتُمْ , وَخَطَأ مَا صَنَعْتُمْ مِنْ الْإِيمَان بِهِ . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَأَقْطَعَن أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلكُمْ مِنْ خِلَاف وَلَأُصَلِّبَنكُمْ أَجْمَعِينَ } يَقُول { لَأَقْطَعَن أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلكُمْ } مُخَالِفًا فِي قَطْع ذَلِكَ مِنْكُمْ بَيْن قَطْع الْأَيْدِي وَالْأَرْجُل , وَذَلِكَ أَنْ أَقْطَع الْيَد الْيُمْنَى وَالرِّجْل الْيُسْرَى , ثُمَّ الْيَد الْيُسْرَى وَالرِّجْل الْيُمْنَى , وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ قَطْع الْيَد مِنْ جَانِب , ثُمَّ الرِّجْل مِنْ الْجَانِب الْآخَر , وَذَلِكَ هُوَ الْقَطْع مِنْ خِلَاف { وَلَأُصَلِّبَنكُمْ أَجْمَعِينَ } فَوَكَّدَ ذَلِكَ بِأَجْمَعِينَ إِعْلَامًا مِنْهُ أَنَّهُ غَيْر مُسْتَبْقٍ مِنْهُمْ أَحَدًا .'; $TAFSEER['3']['26']['50'] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ السَّحَرَة : لَا ضَيْر عَلَيْنَا ; وَهُوَ مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : قَدْ ضَارَ فُلَان فُلَانًا فَهُوَ يَضِير ضَيْرًا , وَمَعْنَاهُ : لَا ضَرَر . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20217 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { لَا ضَيْر } قَالَ : يَقُول : لَا يَضُرّنَا الَّذِي تَقُول , وَإِنْ صَنَعْته بِنَا وَصَلَبْتنَا . يَقُول : إِنَّا إِلَى رَبّنَا رَاجِعُونَ , وَهُوَ مُجَازِينَا بِصَبْرِنَا عَلَى عُقُوبَتك إِيَّانَا , وَثَبَاتنَا عَلَى تَوْحِيده , وَالْبَرَاءَة مِنْ الْكُفْر بِهِ .'; $TAFSEER['3']['26']['51'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّا نَطْمَع أَنْ يَغْفِر لَنَا رَبّنَا خَطَايَانَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل السَّحَرَة : إِنَّا نَطْمَع : إِنَّا نَرْجُو أَنْ يَصْفَح لَنَا رَبّنَا عَنْ خَطَايَانَا الَّتِي سَلَفَتْ مِنَّا قَبْل إِيمَاننَا بِهِ , فَلَا يُعَاقِبنَا بِهَا . كَمَا : 20218 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّا نَطْمَع أَنْ يَغْفِر لَنَا رَبّنَا خَطَايَانَا } قَالَ : السِّحْر وَالْكُفْر الَّذِي كَانُوا فِيهِ. يَقُول : لِأَنْ كُنَّا أَوَّل مَنْ آمَنَ بِمُوسَى وَصَدَّقَهُ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه وَتَكْذِيب فِرْعَوْن فِي اِدِّعَائِهِ الرُّبُوبِيَّة فِي دَهْرنَا هَذَا وَزَمَاننَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : * -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { أَنْ كُنَّا أَوَّل الْمُؤْمِنِينَ } قَالَ : كَانُوا كَذَلِكَ يَوْمئِذٍ أَوَّل مَنْ آمَنَ بِآيَاتِهِ حِين رَأَوْهَا .'; $TAFSEER['3']['26']['52'] = 'وَقَوْله : { وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْر بِعِبَادِي } يَقُول : وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذْ تَمَادَى فِرْعَوْن فِي غَيّه وَأَبَى إِلَّا الثَّبَات عَلَى طُغْيَانه بَعْد مَا أَرَيْنَاهُ آيَاتنَا , أَنْ أَسْر بِعِبَادِي : يَقُول : أَنْ سِرْ بِبَنِي إِسْرَائِيل لَيْلًا مِنْ أَرْض مِصْر. إِنَّ فِرْعَوْن وَجُنْده مُتَّبِعُوك وَقَوْمك مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , لِيَحُولُوا بَيْنكُمْ وَبَيْن الْخُرُوج مِنْ أَرْضهمْ , أَرْض مِصْر .'; $TAFSEER['3']['26']['53'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَرْسَلَ فِرْعَوْن فِي الْمَدَائِن حَاشِرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَرْسَلَ فِرْعَوْن فِي الْمَدَائِن يَحْشُر لَهُ جُنْده وَقَوْمه .'; $TAFSEER['3']['26']['54'] = 'وَيَقُول لَهُمْ { إِنَّ هَؤُلَاءِ } يَعْنِي بِهَؤُلَاءِ : بَنِي إِسْرَائِيل { لَشِرْذِمَة قَلِيلُونَ } يَعْنِي بِالشِّرْذِمَةِ : الطَّائِفَة وَالْعُصْبَة الْبَاقِيَة مِنْ عَصَب جبيرة , وَشِرْذِمَة كُلّ شَيْء : بَقِيَّته الْقَلِيلَة ; وَمِنْهُ قَوْل الرَّاجِز : جَاءَ الشِّتَاء وَقَمِيصِي أَخْلَاق شَرَاذِم يَضْحَك مِنْهُ التَّوَّاق وَقِيلَ : قَلِيلُونَ , لِأَنَّ كُلّ جَمَاعَة مِنْهُمْ كَانَ يَلْزَمهَا مَعْنَى الْقِلَّة ; فَلَمَّا جُمِعَ جَمْع جَمَاعَاتهمْ قِيلَ : قَلِيلُونَ , كَمَا قَالَ الْكُمَيْت : فَرَدَّ قَوَاصِي الْأَحْيَاء مِنْهُمْ فَقَدْ صَارُوا كَحَيٍّ وَاحِدِينَا وَذُكِرَ أَنَّ الْجَمَاعَة الَّتِي سَمَّاهَا فِرْعَوْن شِرْذِمَة قَلِيلِينَ , كَانُوا سِتّ مِائَة أَلْف وَسَبْعِينَ أَلْفًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20219 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة : { إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَة قَلِيلُونَ } , قَالَ : كَانُوا سِتّ مِائَة وَسَبْعِينَ أَلْفًا . 20220 - قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : الشِّرْذِمَة : سِتّ مِائَة أَلْف وَسَبْعُونَ أَلْفًا. 20221 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد بْن الْهَاد , قَالَ : اِجْتَمَعَ يَعْقُوب وَوَلَده إِلَى يُوسُف , وَهُمْ اِثْنَانِ وَسَبْعُونَ , وَخَرَجُوا مَعَ مُوسَى وَهُمْ سِتّ مِائَة أَلْف , فَقَالَ فِرْعَوْن { إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَة قَلِيلُونَ } , وَخَرَجَ فِرْعَوْن عَلَى فَرَس أَدْهَم حِصَان عَلَى لَوْن فَرَسه فِي عَسْكَره ثَمَان مِائَة أَلْف . 20222 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ سَعِيد الْجُرَيْرِيّ , عَنْ أَبِي السَّلِيل , عَنْ قَيْس بْن عَبَّاد , قَالَ : وَكَانَ مِنْ أَكْثَر النَّاس أَوْ أَحْدَث النَّاس عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل , قَالَ : فَحَدَّثَنَا أَنَّ الشِّرْذِمَة الَّذِينَ سَمَّاهُمْ فِرْعَوْن مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل كَانُوا سِتّ مِائَة أَلْف , قَالَ : وَكَانَ مُقَدِّمَة فِرْعَوْن سَبْعَة مِائَة أَلْف , كُلّ رَجُل مِنْهُمْ عَلَى حِصَان عَلَى رَأْسه بَيْضَة , وَفِي يَده حَرْبَة , وَهُوَ خَلْفهمْ فِي الدُّهْم . فَلَمَّا اِنْتَهَى مُوسَى بِبَنِي إِسْرَائِيل إِلَى الْبَحْر , قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيل . يَا مُوسَى أَيْنَ مَا وَعَدْتنَا , هَذَا الْبَحْر بَيْن أَيْدِينَا , وَهَذَا فِرْعَوْن وَجُنُوده قَدْ دَهَمَنَا مِنْ خَلْفنَا , فَقَالَ مُوسَى لِلْبَحْرِ : اِنْفَلِقْ أَبَا خَالِد , قَالَ : لَا لَنْ أَنْفَلِق لَك يَا مُوسَى , أَنَا أَقْدَم مِنْك خَلْقًا ; قَالَ : فَنُودِيَ أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاك الْبَحْر , فَضَرَبَهُ , فَانْفَلَقَ الْبَحْر , وَكَانُوا اِثْنَيْ عَشَر سِبْطًا . قَالَ الْجُرَيْرِيّ . فَأَحْسَبهُ قَالَ : إِنَّهُ كَانَ لِكُلِّ سِبْط طَرِيق , قَالَ : فَلَمَّا اِنْتَهَى أَوَّل جُنُود فِرْعَوْن إِلَى الْبَحْر , هَابَتْ الْخَيْل اللَّهَب ; قَالَ : وَمُثِّلَ لِحِصَانٍ مِنْهَا فَرَس وَدِيق , فَوَجَدَ رِيحهَا فَاشْتَدَّ , فَاتَّبَعَهُ الْخَيْل ; قَالَ : فَلَمَّا تَتَامَّ آخِر جُنُود فِرْعَوْن فِي الْبَحْر , وَخَرَجَ آخِر بَنِي إِسْرَائِيل , أُمِرَ الْبَحْر فَانْصَفَقَ عَلَيْهِمْ , فَقَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيل : مَا مَاتَ فِرْعَوْن وَمَا كَانَ لِيَمُوتَ أَبَدًا , فَسَمِعَ اللَّه تَكْذِيبهمْ نَبِيّه عَلَيْهِ السَّلَام , قَالَ : فَرَمَى بِهِ عَلَى السَّاحِل , كَأَنَّهُ ثَوْر أَحْمَر يَتَرَاءَاهُ بَنُو إِسْرَائِيل . 20223 -حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : { إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَة قَلِيلُونَ } يَعْنِي بَنِي إِسْرَائِيل. 20224 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَة قَلِيلُونَ } قَالَ : هُمْ يَوْمئِذٍ سِتّ مِائَة أَلْف , وَلَا يُحْصَى عَدَد أَصْحَاب فِرْعَوْن . 20225 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْر بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ } قَالَ : أَوْحَى اللَّه إِلَى مُوسَى أَنْ اِجْمَعْ بَنِي إِسْرَائِيل , كُلّ أَرْبَعَة أَبْيَات فِي بَيْت , ثُمَّ اِذْبَحُوا أَوْلَاد الضَّأْن , فَاضْرِبُوا بِدِمَائِهَا عَلَى الْأَبْوَاب , فَإِنِّي سَآمُرُ الْمَلَائِكَة أَنْ لَا تَدْخُل بَيْتًا عَلَى بَابه دَم , وَسَآمُرُهُمْ بِقَتْلِ أَبْكَار آل فِرْعَوْن مِنْ أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ , ثُمَّ اِخْبِزُوا خُبْزًا فَطِيرًا , فَإِنَّهُ أَسْرَع لَكُمْ , ثُمَّ أَسْر بِعِبَادِي حَتَّى تَنْتَهِيَ لِلْبَحْرِ , فَيَأْتِيك أَمْرِي , فَفَعَلَ ; فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ فِرْعَوْن : هَذَا عَمَل مُوسَى وَقَوْمه قَتَلُوا أَبْكَارنَا مِنْ أَنْفُسنَا وَأَمْوَالنَا , فَأَرْسَلَ فِي أَثَرهمْ أَلْف أَلْف وَخَمْس مِائَة أَلْف وَخَمْس مِائَة مَلَك مُسَوَّر , مَعَ كُلّ مَلَك أَلْف رَجُل , وَخَرَجَ فِرْعَوْن فِي الْكَرِش الْعُظْمَى , وَقَالَ { إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَة قَلِيلُونَ } قَالَ : قِطْعَة , وَكَانُوا سِتّ مِائَة أَلْف , مِئَتَا أَلْف مِنْهُمْ أَبْنَاء عِشْرِينَ سَنَة إِلَى أَرْبَعِينَ . 20226 - قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر بْن حَوْشَب , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ مَعَ فِرْعَوْن يَوْمئِذٍ أَلْف جَبَّار , كُلّهمْ عَلَيْهِ تَاج , وَكُلّهمْ أَمِير عَلَى خَيْل . 20227 -قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : كَانُوا ثَلَاثِينَ مَلَكًا سَاقَة خَلْف فِرْعَوْن يَحْسِبُونَ أَنَّهُمْ مَعَهُمْ وَجِبْرَائِيل أَمَامهمْ , يَرُدّ أَوَائِل الْخَيْل عَلَى أَوَاخِرهَا , فَأَتْبَعَهُمْ حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى الْبَحْر .'; $TAFSEER['3']['26']['55'] = 'وَقَوْله : { وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ } يَقُول : وَإِنَّ هَؤُلَاءِ الشِّرْذِمَة لَنَا لَغَائِظُونَ , فَذُكِرَ أَنَّ غَيْظهمْ إِيَّاهُمْ كَانَ قَتْل الْمَلَائِكَة مَنْ قَتَلَتْ مِنْ أَبْكَارهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20228 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ } يَقُول : بِقَتْلِهِمْ أَبْكَارنَا مِنْ أَنْفُسنَا وَأَمْوَالنَا . وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ بِذَهَابِهِمْ مِنْهُمْ بِالْعَوَارِي الَّتِي كَانُوا اِسْتَعَارُوهَا مِنْهُمْ مِنْ الْحُلِيّ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ بِفِرَاقِهِمْ إِيَّاهُمْ , وَخُرُوجهمْ مِنْ أَرْضهمْ بِكُرْهٍ لَهُمْ لِذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['26']['56'] = 'وَقَوْله { وَإِنَّا لَجَمِيع حَاذِرُونَ } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة { وَإِنَّا لَجَمِيع حَاذِرُونَ } بِمَعْنَى : أَنَّهُمْ مُعَدُّونَ مُؤَدُّونَ ذَوُو أَدَاة وَقُوَّة وَسِلَاح . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : " وَإِنَّا لَجَمِيع حَذِرُونَ " بِغَيْرِ أَلِف . وَكَانَ الْفَرَّاء يَقُول : كَأَنَّ الْحَاذِر الَّذِي يُحَذِّرك الْآن , وَكَأَنَّ الْحَذِر الْمَخْلُوق حَذِرًا لَا تَلْقَاهُ إِلَّا حَذِرًا ; وَمِنْ الْحَذَر قَوْل اِبْن أَحْمَر : هَلْ أُنْسَأَن يَوْمًا إِلَى غَيْره إِنِّي حَوَالِيّ وَإِنِّي حَذِر وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ , فَمُصِيب الصَّوَاب فِيهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20229 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : سَمِعْت الْأَسْوَد بْن زَيْد يَقْرَأ : { إِنَّا لَجَمِيع حَاذِرُونَ } قَالَ : مُقَوُّونَ مُؤَدُّونَ . 20230 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عِيسَى بْن عُبَيْد , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي الْعَرْجَاء , عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : { وَإِنَّا لَجَمِيع حَاذِرُونَ } يَقُول : مُؤَدُّونَ . 20231 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي قَوْله : { وَإِنَّا لَجَمِيع حَاذِرُونَ } يَقُول : حَذِرْنَا , قَالَ : جَمَعْنَا أَمْرنَا . 20232 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { وَإِنَّا لَجَمِيع حَاذِرُونَ } قَالَ : مُؤَدُّونَ مُعَدُّونَ فِي السِّلَاح وَالْكُرَاع . 20233 - ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج أَبُو مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن قَيْس قَالَ : كَانَ مَعَ فِرْعَوْن سِتّ مِائَة أَلْف حِصَان أَدْهَم سِوَى أَلْوَان الْخَيْل . 20234 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثَنَا سُلَيْمَان بْن مُعَاذ الضَّبِّيّ , عَنْ عَاصِم بْن بَهْدَلَة , عَنْ أَبِي رَزِين , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَرَأَهَا : { وَإِنَّا لَجَمِيع حَاذِرُونَ } قَالَ : مُؤَدُّونَ مُقَوُّونَ .'; $TAFSEER['3']['26']['57'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّات وَعُيُون } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَخْرَجْنَا فِرْعَوْن وَقَوْمه مِنْ بَسَاتِين وَعُيُون مَاء ,'; $TAFSEER['3']['26']['58'] = 'وَكُنُوز ذَهَب وَفِضَّة , وَمَقَام كَرِيم . قِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ الْمَقَام الْكَرِيم : الْمَنَابِر.'; $TAFSEER['3']['26']['59'] = 'وَقَوْله { كَذَلِكَ } يَقُول : هَكَذَا أَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ ذَلِكَ كَمَا وَصَفْت لَكُمْ فِي هَذِهِ الْآيَة وَاَلَّتِي قَبْلهَا . { وَأَوْرَثْنَاهَا } يَقُول : وَأَوْرَثْنَا تِلْكَ الْجَنَّات الَّتِي أَخْرَجْنَاهُمْ مِنْهَا وَالْعُيُون وَالْكُنُوز وَالْمَقَام الْكَرِيم عَنْهُمْ بِهَلَاكِهِمْ بَنِي إِسْرَائِيل .'; $TAFSEER['3']['26']['60'] = 'وَقَوْله : { فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ } فَأَتْبَعَ فِرْعَوْن وَأَصْحَابه بَنِي إِسْرَائِيل , مُشْرِقِينَ حِين أَشْرَقَتْ الشَّمْس , وَقِيلَ حِين أَصْبَحُوا . 20235 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنِي أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ } قَالَ : خَرَجَ مُوسَى لَيْلًا , فَكَسَفَ الْقَمَر وَأَظْلَمَتْ الْأَرْض , وَقَالَ أَصْحَابه : إِنَّ يُوسُف أَخْبَرَنَا أَنَّا سَنُنَجَّى مِنْ فِرْعَوْن , وَأَخَذَ عَلَيْنَا الْعَهْد لَنَخْرُجَنَّ بِعِظَامِهِ مَعَنَا , فَخَرَجَ مُوسَى لَيْلَته يَسْأَل عَنْ قَبْره , فَوَجَدَ عَجُوزًا بَيْتهَا عَلَى قَبْره , فَأَخْرَجَتْهُ لَهُ بِحُكْمِهَا , وَكَانَ حُكْمهَا أَوْ كَلِمَة تُشْبِه هَذَا , أَنْ قَالَتْ : اِحْمِلْنِي فَأَخْرِجْنِي مَعَك , فَجَعَلَ عِظَام يُوسُف فِي كِسَائِهِ , ثُمَّ حَمَلَ الْعَجُوز عَلَى كِسَائِهِ , فَجَعَلَهُ عَلَى رَقَبَته , وَخَيْل فِرْعَوْن هِيَ مِلْء أَعِنَّتهَا حَضَرًا فِي أَعْيُنهمْ , وَلَا تَبْرَح , حُبِسَتْ عَنْ مُوسَى وَأَصْحَابه حَتَّى تَوَارَوْا . 20236 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ } قَالَ : فِرْعَوْن وَأَصْحَابه , وَخَيْل فِرْعَوْن فِي مِلْء أَعِنَّتهَا فِي رَأْي عُيُونهمْ , وَلَا تَبْرَح , حُبِسَتْ عَنْ مُوسَى وَأَصْحَابه حَتَّى تَوَارَوْا .'; $TAFSEER['3']['26']['61'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَاب مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا تَنَاظَرَ الْجَمْعَانِ : جَمْع مُوسَى وَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيل , وَجَمْع فِرْعَوْن وَهُمْ الْقِبْط { قَالَ أَصْحَاب مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } أَيْ إِنَّا لَمُلْحَقُونَ , الْآن يَلْحَقنَا فِرْعَوْن وَجُنُوده فَيَقْتُلُونَنَا , وَذُكِرَ أَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ لِمُوسَى , تَشَاؤُمًا بِمُوسَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20237 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قُلْت لِعَبْدِ الرَّحْمَن { فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَاب مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } قَالَ : تَشَاءَمُوا بِمُوسَى , وَقَالُوا : أُوذِينَا مِنْ قَبْل أَنْ تَأْتِيَنَا , وَمِنْ بَعْد مَا جِئْتنَا . 20238 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ } فَنَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيل إِلَى فِرْعَوْن قَدْ رَمَقَهُمْ قَالُوا { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ }. { قَالُوا } يَا مُوسَى { أُوذِينَا مِنْ قَبْل أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْد مَا جِئْتنَا } الْيَوْم يُدْرِكنَا فِرْعَوْن فَيَقْتُلنَا , إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ; الْبَحْر بَيْن أَيْدِينَا , وَفِرْعَوْن مِنْ خَلْفنَا . 20239 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا اِنْتَهَى مُوسَى إِلَى الْبَحْر , وَهَاجَتْ الرِّيح الْعَاصِف , فَنَظَرَ أَصْحَاب مُوسَى خَلْفهمْ إِلَى الرِّيح , وَإِلَى الْبَحْر أَمَامهمْ { قَالَ أَصْحَاب مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار سِوَى الْأَعْرَج { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } , وَقَرَأَهُ الْأَعْرَج : " وَإِنَّا لَمُدْرَكُونَ " كَمَا يُقَال نَزَلَتْ , وَأُنْزِلَتْ . وَالْقِرَاءَة عِنْدنَا الَّتِي عَلَيْهَا قُرَّاء الْأَمْصَار , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهَا .'; $TAFSEER['3']['26']['62'] = 'وَقَوْله : { كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ : لَيْسَ الْأَمْر كَمَا ذَكَرْتُمْ , كَلَّا لَنْ تُدْرَكُوا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ , يَقُول : سَيَهْدِينِ لِطَرِيقٍ أَنْجُو فِيهِ مِنْ فِرْعَوْن وَقَوْمه . كَمَا : 20240 - حَدَّثَنِي اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد بْن الْهَاد , قَالَ : لَقَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّهُ خَرَجَ فِرْعَوْن فِي طَلَب مُوسَى عَلَى سَبْعِينَ أَلْفًا مِنْ دُهْم الْخَيْل , سِوَى مَا فِي جُنْده مِنْ شِيَة الْخَيْل , وَخَرَجَ مُوسَى حَتَّى إِذَا قَابِله الْبَحْر , وَلَمْ يَكُنْ عَنْهُ مُنْصَرَف , طَلَعَ فِرْعَوْن فِي جُنْده مِنْ خَلْفهمْ { فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَاب مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } أَيْ لِلنَّجَاةِ , وَقَدْ وَعَدَنِي ذَلِكَ , وَلَا خُلْف لِمَوْعُودِهِ. 20241 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } يَقُول : سَيَكْفِينِي , وَقَالَ : { عَسَى رَبّكُمْ أَنْ يُهْلِك عَدُوّكُمْ وَيَسْتَخْلِفكُمْ فِي الْأَرْض فَيَنْظُر كَيْفَ تَعْمَلُونَ } . 7 129'; $TAFSEER['3']['26']['63'] = 'وَقَوْله { فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ اِضْرِبْ بِعَصَاك الْبَحْر فَانْفَلَقَ } ذُكِرَ أَنَّ اللَّه كَانَ قَدْ أَمَرَ الْبَحْر أَنْ لَا يَنْفَلِق حَتَّى يَضْرِبهُ مُوسَى بِعَصَاهُ . 20242 -حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : فَتَقَدَّمَ هَارُون فَضَرَبَ الْبَحْر , فَأَبَى أَنْ يَنْفَتِح , وَقَالَ : مَنْ هَذَا الْجَبَّار الَّذِي يَضْرِبنِي , حَتَّى أَتَاهُ مُوسَى فَكَنَّاهُ أَبَا خَالِد , وَضَرَبَهُ فَانْفَلَقَ. 20243 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , قَالَ : ثَنِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : أَوْحَى اللَّه فِيمَا ذُكِرَ إِلَى الْبَحْر : إِذَا ضَرَبَك مُوسَى بِعَصَاهُ فَانْفَلِقْ لَهُ , قَالَ : فَبَاتَ الْبَحْر يَضْرِب بَعْضه بَعْضًا فَرَقًا مِنْ اللَّه , وَانْتِظَار أَمْره , وَأَوْحَى اللَّه إِلَى مُوسَى أَنْ اِضْرِبْ بِعَصَاك الْبَحْر , فَضَرَبَهُ بِهَا وَفِيهَا سُلْطَان اللَّه الَّذِي أَعْطَاهُ , فَانْفَلَقَ . 20244 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , ظَنَّ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي السَّلِيل , قَالَ : لَمَّا ضَرَبَ مُوسَى بِعَصَاهُ الْبَحْر , قَالَ : إِيه أَبَا خَالِد , فَأَخَذَهُ أَفْكَلٌ . 20245 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , وَحَجَّاج عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد اللَّه وَغَيْره , قَالُوا : لَمَّا اِنْتَهَى مُوسَى إِلَى الْبَحْر وَهَاجَتْ الرِّيح وَالْبَحْر يَرْمِي بِنِيَارِهِ , وَيَمُوج مِثْل الْجِبَال , وَقَدْ أَوْحَى اللَّه إِلَى الْبَحْر أَنْ لَا يَنْفَلِق حَتَّى يَضْرِبهُ مُوسَى بِالْعَصَا , فَقَالَ لَهُ يُوشَع : يَا كَلِيم اللَّه أَيْنَ أُمِرْت ؟ قَالَ : هَهُنَا , قَالَ : فَجَازَ الْبَحْر مَا يُوَارِي حَافِره الْمَاء , فَذَهَبَ الْقَوْم يَصْنَعُونَ مِثْل ذَلِكَ , فَلَمْ يَقْدِرُوا , وَقَالَ لَهُ الَّذِي يَكْتُم إِيمَانه : يَا كَلِيم اللَّه أَيْنَ أُمِرْت ؟ قَالَ : هَهُنَا , فَكَبَحَ فَرَسه بِلِجَامِهِ حَتَّى طَارَ الزَّبَد مِنْ شِدْقَيْهِ , ثُمَّ قَحَمَهُ الْبَحْر فَأَرْسَبَ فِي الْمَاء , فَأَوْحَى اللَّه إِلَى مُوسَى أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاك الْبَحْر , فَضَرَبَ بِعَصَاهُ مُوسَى الْبَحْر فَانْفَلَقَ , فَإِذَا الرَّجُل وَاقِف عَلَى فَرَسه لَمْ يَبْتَلّ سَرْجه وَلَا لِبْده . وَقَوْله : { فَكَانَ كُلّ فِرْق كَالطَّوْدِ الْعَظِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَكَانَ كُلّ طَائِفَة مِنْ الْبَحْر لَمَّا ضَرَبَهُ مُوسَى كَالْجَبَلِ الْعَظِيم . وَذُكِرَ أَنَّهُ اِنْفَلَقَ اِثْنَتَيْ عَشْرَة فِلْقَة عَلَى عَدَد الْأَسْبَاط , لِكُلِّ سِبْط مِنْهُمْ فِرْق . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20246 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلّ فِرْق كَالطَّوْدِ الْعَظِيم } يَقُول : كَالْجَبَلِ الْعَظِيم , فَدَخَلَتْ بَنُو إِسْرَائِيل , وَكَانَ فِي الْبَحْر اِثْنَا عَشَر طَرِيقًا , فِي كُلّ طَرِيق سِبْط , وَكَانَ الطَّرِيق كَمَا إِذَا اِنْفَلَقَتْ الْجُدْرَان , فَقَالَ : كُلّ سِبْط قَدْ قُتِلَ أَصْحَابنَا ; فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مُوسَى دَعَا اللَّه فَجَعَلَهَا قَنَاطِر كَهَيْئَةِ الطِّيقَان , فَنَظَرَ آخِرهمْ إِلَى أَوَّلهمْ حَتَّى خَرَجُوا جَمِيعًا. 20247 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , وَحَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد اللَّه وَغَيْره قَالُوا : اِنْفَلَقَ الْبَحْر , فَكَانَ كُلّ فِرْق كَالطَّوْدِ الْعَظِيم , اِثْنَا عَشَر طَرِيقًا فِي كُلّ طَرِيق سِبْط , وَكَانَ بَنُو إِسْرَائِيل اِثْنَيْ عَشَر سَبْطَا , وَكَانَتْ الطُّرُق بِجُدْرَانٍ , فَقَالَ كُلّ سِبْط : قَدْ قُتِلَ أَصْحَابنَا ; فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مُوسَى , دَعَا اللَّه فَجَعَلَهَا لَهُمْ بِقَنَاطِر كَهَيْئَةِ الطِّيقَان , يَنْظُر بَعْضهمْ إِلَى بَعْض , وَعَلَى أَرْض يَابِسَة كَأَنَّ الْمَاء لَمْ يُصِبْهَا قَطُّ حَتَّى عَبَرَ . 20248 - قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : لَمَّا اِنْفَلَقَ الْبَحْر لَهُمْ صَارَ فِيهِ كُوًى يَنْظُر بَعْضهمْ إِلَى بَعْض . 20249 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , قَالَ : ثَنِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق : { فَكَانَ كُلّ فِرْق كَالطَّوْدِ الْعَظِيم } أَيْ كَالْجَبَلِ عَلَى نَشَز مِنْ الْأَرْض . 20250 -حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَكَانَ كُلّ فِرْق كَالطَّوْدِ الْعَظِيم } يَقُول : كَالْجَبَلِ . 20251 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { كَالطَّوْدِ الْعَظِيم } قَالَ : كَالْجَبَلِ الْعَظِيم . وَمِنْهُ قَوْل الْأَسْوَد بْن يَعْفُر : حَلُّوا بِأَنْقِرَةٍ يَسِيل عَلَيْهُمُ مَاء الْفُرَات يَجِيء مِنْ أَطْوَاد يَعْنِي بِالْأَطْوَادِ : جَمَعَ طَوْد , وَهُوَ الْجَبَل .'; $TAFSEER['3']['26']['64'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ } يَعْنِي بِقَوْلِ تَعَالَى ذِكْره : { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ } : وَقَرَّبْنَا هُنَالِكَ آل فِرْعَوْن مِنْ الْبَحْر , وَقَدَّمْنَاهُمْ إِلَيْهِ , وَمِنْهُ قَوْله : { وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّة لِلْمُتَّقِينَ } 26 90 بِمَعْنَى : قُرِّبَتْ وَأُدْنِيَتْ ; وَمِنْهُ قَوْل الْعَجَّاج : طَيّ اللَّيَالِي زُلَفًا فَزُلَفًا سَمَاوَة الْهِلَال حَتَّى اِحْقَوْقَفَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20252 - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ } قَالَ : قَرَّبْنَا . 20253 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ } قَالَ : هُمْ قَوْم فِرْعَوْن قَرَّبَهُمْ اللَّه حَتَّى أَغْرَقَهُمْ فِي الْبَحْر . 20254 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : دَنَا فِرْعَوْن وَأَصْحَابه بَعْد مَا قَطَعَ مُوسَى بِبَنِي إِسْرَائِيل الْبَحْر مِنْ الْبَحْر ; فَلَمَّا نَظَرَ فِرْعَوْن إِلَى الْبَحْر مُنْفَلِقًا , قَالَ : أَلَا تَرَوْنَ الْبَحْر فَرَقَ مِنِّي , قَدْ تَفْتَح لِي حَتَّى أُدْرِك أَعْدَائِي فَأَقْتُلهُمْ , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ } يَقُول : قَرَّبْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ هُمْ آل فِرْعَوْن ; فَلَمَّا قَامَ فِرْعَوْن عَلَى الطُّرُق , وَأَبَتْ خَيْله أَنْ تَتَقَحَّم , فَنَزَلَ جِبْرَائِيل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَاذِيَانَة , فَتَشَامَّتْ الْحُصُن رِيح الْمَاذِيَانَة فَاقْتَحَمَتْ فِي أَثَرهَا حَتَّى إِذَا هَمَّ أَوَّلهمْ أَنْ يَخْرُج وَدَخَلَ آخِرهمْ , أُمِرَ الْبَحْر أَنْ يَأْخُذهُمْ , فَالْتَطَمَ عَلَيْهِمْ , وَتَفَرَّدَ جِبْرَائِيل بِمُقْلَةٍ مِنْ مُقَل الْبَحْر , فَجَعَلَ يَدُسّهَا فِي فِيهِ . 20255 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : أَقْبَلَ فِرْعَوْن فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْمَاء , قَالَ أَصْحَاب مُوسَى : يَا مُكَلِّم اللَّه إِنَّ الْقَوْم يَتَّبِعُونَنَا فِي الطَّرِيق , فَاضْرِبْ بِعَصَاك الْبَحْر فَاخْلِطْهُ , فَأَرَادَ مُوسَى أَنْ يَفْعَل , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ : أَنْ اُتْرُكْ الْبَحْر رَهْوًا يَقُول : أَمْره عَلَى سَكَنَاته { إِنَّهُمْ جُنْد مُغْرَقُونَ } 44 24 إِنَّمَا أَمْكُر بِهِمْ , فَإِذَا سَلَكُوا طَرِيقكُمْ غَرَّقْتهمْ ; فَلَمَّا نَظَرَ فِرْعَوْن إِلَى الْبَحْر قَالَ : أَلَا تَرَوْنَ الْبَحْر فَرَقَ مِنِّي حَتَّى تَفَتَّحَ لِي , حَتَّى أُدْرِك أَعْدَائِي فَأَقْتُلهُمْ ; فَلَمَّا وَقَفَ عَلَى أَفْوَاه الطُّرُق وَهُوَ عَلَى حِصَان , فَرَأَى الْحِصَان الْبَحْر فِيهِ أَمْثَال الْجِبَال هَابَ وَخَافَ , وَقَالَ فِرْعَوْن : أَنَا رَاجِع , فَمَكَرَ بِهِ جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام , فَأَقْبَلَ عَلَى فَرَس أُنْثَى , فَأَدْنَاهَا مِنْ حِصَان فِرْعَوْن , فَطَفِقَ فَرَسه لَا يَقَرّ , وَجَعَلَ جِبْرَائِيل يَقُول : تَقَدَّمْ , وَيَقُول : لَيْسَ أَحَد أَحَقّ بِالطَّرِيقِ مِنْك , فَتَشَامَّتْ الْحُصُن الْمَاذِيَانَة , فَمَا مَلَك فِرْعَوْن فَرَسه أَنْ وَلَجَ عَلَى أَثَره ; فَلَمَّا اِنْتَهَى فِرْعَوْن إِلَى وَسَط الْبَحْر , أَوْحَى اللَّه إِلَى الْبَحْر : خُذْ عَبْدِي الظَّالِم وَعِبَادِي الظُّلْمَة , سُلْطَانِي فِيك , فَإِنِّي قَدْ سَلَّطْتُك عَلَيْهِمْ , قَالَ : فَتَغَطْغَطَتْ تِلْكَ الْفِرَق مِنْ الْأَمْوَاج كَأَنَّهَا الْجِبَال , وَضَرَبَ بَعْضهَا بَعْضًا ; فَلَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَق { قَالَ آمَنْت أَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيل وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ } 10 90 وَكَانَ جِبْرَائِيل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيد الْأَسَف عَلَيْهِ لِمَا رَدَّ مِنْ آيَات اللَّه , وَلِطُولِ عِلَاج مُوسَى إِيَّاهُ , فَدَخَلَ فِي أَسْفَل الْبَحْر , فَأَخْرَجَ طِينًا , فَحَشَاهُ فِي فَم فِرْعَوْن لِكَيْلَا يَقُولهَا الثَّانِيَة , فَتُدْرِكهُ الرَّحْمَة , قَالَ : فَبَعَثَ اللَّه إِلَيْهِ مِيكَائِيل يُعَيِّرهُ : { آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْت قَبْلُ وَكُنْت مِنْ الْمُفْسِدِينَ } 10 91 وَقَالَ جِبْرَائِيل : يَا مُحَمَّد مَا أَبْغَضْت أَحَدًا مِنْ خَلْق اللَّه مَا أَبْغَضْت اِثْنَيْنِ أَحَدهمَا مِنْ الْجِنّ وَهُوَ إِبْلِيس , وَالْآخَر فِرْعَوْن { قَالَ أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } 79 24 وَلَقَدْ رَأَيْتنِي يَا مُحَمَّد , وَأَنَا أَحْشُو فِي فِيهِ مَخَافَة أَنْ يَقُول كَلِمَة يَرْحَمهُ اللَّه بِهَا . وَقَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ } وَجَمَعْنَا , قَالَ : وَمِنْهُ لَيْلَة الْمُزْدَلِفَة , قَالَ : وَمَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّهَا لَيْلَة جَمْع . وَقَالَ بَعْضهمْ : وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ وَأَهْلَكْنَا .'; $TAFSEER['3']['26']['65'] = 'وَقَوْله : { وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَنْجَيْنَا مُوسَى مِمَّا أَتْبَعَنَا بِهِ فِرْعَوْن وَقَوْمه مِنْ الْغَرَق فِي الْبَحْر وَمَنْ مَعَ مُوسَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل أَجْمَعِينَ .'; $TAFSEER['3']['26']['66'] = 'وَقَوْله : { ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ } يَقُول : ثُمَّ أَغْرَقْنَا فِرْعَوْن وَقَوْمه مِنْ الْقِبْط فِي الْبَحْر بَعْد أَنْ أَنْجَيْنَا مُوسَى مِنْهُ وَمَنْ مَعَهُ .'; $TAFSEER['3']['26']['67'] = 'وَقَوْله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِيمَا فَعَلْت بِفِرْعَوْن وَمَنْ مَعَهُ تَغْرِيقِي إِيَّاهُمْ فِي الْبَحْر إِذْ كَذَّبُوا رَسُولِي مُوسَى , وَخَالَفُوا أَمْرِي بَعْد الْإِعْذَار إِلَيْهِمْ , وَالْإِنْذَار لِدَلَالَةِ بَيِّنَة يَا مُحَمَّد لِقَوْمِك مِنْ قُرَيْش عَلَى أَنَّ ذَلِكَ سُنَّتِي فِيمَنْ سَلَكَ سَبِيلهمْ مِنْ تَكْذِيب رُسُلِي , وَعِظَة لَهُمْ وَعِبْرَة أَنْ اِدَّكَرُوا وَاعْتَبَرُوا أَنْ يَفْعَلُوا مِثْل فِعْلهمْ مِنْ تَكْذِيبك مَعَ الْبُرْهَان وَالْآيَات الَّتِي قَدْ أَتَيْتهمْ , فَيَحِلّ بِهِمْ مِنْ الْعُقُوبَة نَظِير مَا حَلَّ بِهِمْ , وَلَك آيَة فِي فِعْلِي بِمُوسَى , وَتَنْجِيَتِي إِيَّاهُ بَعْد طُول عِلَاجه فِرْعَوْن وَقَوْمه مِنْهُ , وَإِظْهَارِي إِيَّاهُ وَتَوْرِيثه وَقَوْمه دُورهمْ وَأَرْضهمْ وَأَمْوَالهمْ , عَلَى أَنِّي سَالِك فِيك سَبِيله , إِنْ أَنْتَ صَبَرْت صَبْره , وَقُمْت مِنْ تَبْلِيغ الرِّسَالَة إِلَى مَنْ أَرْسَلْتُك إِلَيْهِ قِيَامه , وَمُظْهِرك عَلَى مُكَذِّبِيك , وَمُعْلِيك عَلَيْهِمْ . يَقُول : وَمَا كَانَ أَكْثَر قَوْمك يَا مُحَمَّد مُؤْمِنِينَ بِمَا أَتَاك اللَّه مِنْ الْحَقّ الْمُبِين , فَسَابِق فِي عِلْمِي أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ .'; $TAFSEER['3']['26']['68'] = '{ الْعَزِيز } فِي اِنْتِقَامه مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ وَكَذَّبَ رُسُله مِنْ أَعْدَائِهِ , { الرَّحِيم } بِمَنْ أَنْجَى مِنْ رُسُله , وَأَتْبَاعهمْ مِنْ الْغَرَق وَالْعَذَاب الَّذِي عُذِّبَ بِهِ الْكَفَرَة .'; $TAFSEER['3']['26']['69'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأ إِبْرَاهِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاقْصُصْ عَلَى قَوْمك مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَا مُحَمَّد خَبَر إِبْرَاهِيم حِين قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمه : أَيّ شَيْء تَعْبُدُونَ ؟'; $TAFSEER['3']['26']['70'] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاقْصُصْ عَلَى قَوْمك مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَا مُحَمَّد خَبَر إِبْرَاهِيم حِين قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمه : أَيّ شَيْء تَعْبُدُونَ ؟'; $TAFSEER['3']['26']['71'] = '{ قَالُوا } لَهُ : { نَعْبُد أَصْنَامًا فَنَظَلّ لَهَا عَاكِفِينَ } يَقُول : فَنَظَلّ لَهَا خَدَمًا مُقِيمِينَ عَلَى عِبَادَتهَا وَخِدْمَتهَا . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْعُكُوف بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى قَبْل , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَكَانَ اِبْن عَبَّاس فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ يَقُول فِي مَعْنَى ذَلِكَ مَا . 20256 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { قَالُوا نَعْبُد أَصْنَامًا فَنَظَلّ لَهَا عَاكِفِينَ } قَالَ : الصَّلَاة لِأَصْنَامِهِمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['72'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ إِبْرَاهِيم لَهُمْ : هَلْ تَسْمَع دُعَاءَكُمْ هَؤُلَاءِ الْآلِهَة إِذْ تَدْعُونَهُمْ ؟ وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى ذَلِكَ : فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة مَعْنَاهُ : هَلْ يَسْمَعُونَ مِنْكُمْ أَوْ هَلْ يَسْمَعُونَ دُعَاءَكُمْ . فَحُذِفَ الدُّعَاء , كَمَا قَالَ زُهَيْر : الْقَائِد الْخَيْل مَنْكُوبًا دَوَابِرهَا قَدْ أُحْكِمَتْ حَكَمَات الْقِدّ وَالْأَبَقَا وَقَالَ : يُرِيد أُحْكِمَتْ حَكَمَات الْأَبَق , فَأَلْقَى الْحَكَمَات وَأَقَامَ الْأَبَق مَقَامهَا . وَقَالَ بَعْض مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْ قَوْله مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة : الْفَصِيح مِنْ الْكَلَام فِي ذَلِكَ هُوَ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآن , لِأَنَّ الْعَرَب تَقُول : سَمِعْت زَيْدًا مُتَكَلِّمًا , يُرِيدُونَ : سَمِعْت كَلَام زَيْد , ثُمَّ تَعْلَم أَنَّ السَّمْع لَا يَقَع عَلَى الْأَنَاسِيّ. إِنَّمَا يَقَع عَلَى كَلَامهمْ ثُمَّ يَقُولُونَ : سَمِعْت زَيْدًا : أَيْ سَمِعْت كَلَامه . قَالَ : وَلَوْ لَمْ يَقْدَم فِي بَيْت زُهَيْر حَكَمَات الْقِدّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُسْبَق بِالْأَبَقِ عَلَيْهَا , لِأَنَّهُ لَا يُقَال : رَأَيْت الْأَبَق , وَهُوَ يُرِيد الْحَكَمَة .'; $TAFSEER['3']['26']['73'] = 'وَقَوْله : { أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ } يَقُول : أَوْ تَنْفَعكُمْ هَذِهِ الْأَصْنَام , فَيَرْزُقُونَكُمْ شَيْئًا عَلَى عِبَادَتِكُمُوهَا , أَوْ يَضُرُّونَكُمْ فَيُعَاقِبُونَكُمْ عَلَى تَرْككُمْ عِبَادَتهَا بِأَنْ يَسْلُبُوكُمْ أَمْوَالكُمْ , أَوْ يُهْلِكُوكُمْ إِذَا هَلَكْتُمْ وَأَوْلَادكُمْ { قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } . وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ عَمَّا تُرِكَ , وَذَلِكَ جَوَابهمْ إِبْرَاهِيم عَنْ مَسْأَلَته إِيَّاهُمْ : { هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ } فَكَانَ جَوَابهمْ إِيَّاهُ : لَا , مَا يَسْمَعُونَنَا إِذَا دَعَوْنَاهُمْ , وَلَا يَنْفَعُونَنَا وَلَا يَضُرُّونَ , يَدُلّ عَلَى أَنَّهُمْ بِذَلِكَ أَجَابُوهُ.'; $TAFSEER['3']['26']['74'] = 'قَوْلهمْ : { بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } وَذَلِكَ رُجُوع عَنْ مَجْحُود , كَقَوْلِ الْقَائِل : مَا كَانَ كَذَا بَلْ كَذَا وَكَذَا , وَمَعْنَى قَوْلهمْ : { وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } وَجَدْنَا مِنْ قَبْلنَا وَلَا يَضُرُّونَ , يَدُلّ عَلَى أَنَّهُمْ بِذَلِكَ أَجَابُوهُ. قَوْلهمْ مِنْ آبَائِنَا يَعْبُدُونَهَا وَيَعْكُفُونَ عَلَيْهَا لِخِدْمَتِهَا وَعِبَادَتهَا , فَنَحْنُ نَفْعَل ذَلِكَ اِقْتِدَاء بِهِمْ , وَاتِّبَاعًا لِمِنْهَاجِهِمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['75'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ إِبْرَاهِيم لِقَوْمِهِ : أَفَرَأَيْتُمْ أَيّهَا الْقَوْم مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَام أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الْأَقْدَمُونَ , يَعْنِي بِالْأَقْدَمِينَ : الْأَقْدَمِينَ مِنْ الَّذِينَ كَانَ إِبْرَاهِيم يُخَاطِبهُمْ , وَهُمْ الْأَوَّلُونَ قَبْلهمْ مِمَّنْ كَانَ عَلَى مِثْل مَا كَانَ عَلَيْهِ الَّذِينَ كَلَّمَهُمْ إِبْرَاهِيم مِنْ عِبَادَة الْأَصْنَام'; $TAFSEER['3']['26']['76'] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ إِبْرَاهِيم لِقَوْمِهِ : أَفَرَأَيْتُمْ أَيّهَا الْقَوْم مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَام أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الْأَقْدَمُونَ , يَعْنِي بِالْأَقْدَمِينَ : الْأَقْدَمِينَ مِنْ الَّذِينَ كَانَ إِبْرَاهِيم يُخَاطِبهُمْ , وَهُمْ الْأَوَّلُونَ قَبْلهمْ مِمَّنْ كَانَ عَلَى مِثْل مَا كَانَ عَلَيْهِ الَّذِينَ كَلَّمَهُمْ إِبْرَاهِيم مِنْ عِبَادَة الْأَصْنَام'; $TAFSEER['3']['26']['77'] = 'فَإِنَّهُمْ عَدُوّ لِي إِلَّا رَبّ الْعَالَمِينَ . يَقُول قَائِل : وَكَيْفَ يُوصَف الْخَشَب وَالْحَدِيد وَالنُّحَاس بِعَدَاوَةِ اِبْن آدَم ؟ فَإِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : فَإِنَّهُمْ عَدُوّ لِي لَوْ عَبَّدْتهمْ يَوْم الْقِيَامَة , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { وَاِتَّخَذُوا مِنْ دُون اللَّه آلِهَة لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } 19 81 : 82 . وَقَوْله : { إِلَّا رَبّ الْعَالَمِينَ } نَصْبًا عَلَى الِاسْتِثْنَاء , وَالْعَدُوّ بِمَعْنَى الْجَمْع , وَوُحِّدَ لِأَنَّهُ أُخْرِجَ مَخْرَج الْمَصْدَر , مِثْل الْقُعُود وَالْجُلُوس. وَمَعْنَى الْكَلَام : أَفَرَأَيْتُمْ كُلّ مَعْبُود لَكُمْ وَلِآبَائِكُمْ , فَإِنِّي مِنْهُ بَرِيء لَا أَعْبُدهُ , إِلَّا رَبّ الْعَالَمِينَ .'; $TAFSEER['3']['26']['78'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } يَقُول : فَإِنَّهُمْ عَدُوّ لِي إِلَّا رَبّ الْعَالَمِينَ { الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } لِلصَّوَابِ مِنْ الْقَوْل وَالْعَمَل , وَيُسَدِّدنِي لِلرَّشَادِ .'; $TAFSEER['3']['26']['79'] = 'يَقُول : وَاَلَّذِي يَغْذُونِي بِالطَّعَامِ وَالشَّرَاب , وَيَرْزُقنِي الْأَرْزَاق .'; $TAFSEER['3']['26']['80'] = 'يَقُول : وَإِذَا سَقِمَ جِسْمِي وَاعْتَلَّ , فَهُوَ يُبْرِئهُ وَيُعَافِيه.'; $TAFSEER['3']['26']['81'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِي يُمِيتنِي ثُمَّ يُحْيِينِ } يَقُول : وَاَلَّذِي يُمِيتنِي إِذَا شَاءَ ثُمَّ يُحْيِينِي إِذَا أَرَادَ بَعْد مَمَاتِي.'; $TAFSEER['3']['26']['82'] = '{ وَاَلَّذِي أَطْمَع أَنْ يَغْفِر لِي خَطِيئَتِي يَوْم الدِّين } فَرَبِّي هَذَا الَّذِي بِيَدِهِ نَفْعِي وَضُرِّي , وَلَهُ الْقُدْرَة وَالسُّلْطَان , وَلَهُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , لَا الَّذِي لَا يَسْمَع إِذَا دُعِيَ , وَلَا يَنْفَع وَلَا يَضُرّ. وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الْكَلَام مِنْ إِبْرَاهِيم اِحْتِجَاجًا عَلَى قَوْمه , فِي أَنَّهُ لَا تَصْلُح الْأُلُوهَة , وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُون الْعُبُودَة إِلَّا لِمَنْ يَفْعَل هَذِهِ الْأَفْعَال , لَا لِمَنْ لَا يُطِيق نَفْعًا وَلَا ضُرًّا . وَقِيلَ : إِنَّ إِبْرَاهِيم صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ , عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { وَاَلَّذِي أَطْمَع أَنْ يَغْفِر لِي خَطِيئَتِي يَوْم الدِّين } : وَاَلَّذِي أَرْجُو أَنْ يَغْفِر لِي قَوْلِي : { إِنِّي سَقِيم } 37 89 , وَقَوْله : { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرهمْ هَذَا } 21 63 وَقَوْلِي لِسَارَة إِنَّهَا أُخْتِي . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20257 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { أَنْ يَغْفِر لِي خَطِيئَتِي يَوْم الدِّين } قَالَ : قَوْله : { إِنِّي سَقِيم } 37 89 وَقَوْله { فَعَلَهُ كَبِيرهمْ هَذَا } 21 63 وَقَوْله لِسَارَة : إِنَّهَا أُخْتِي , حِين أَرَادَ فِرْعَوْن مِنْ الْفَرَاعِنَة أَنْ يَأْخُذهَا . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَاَلَّذِي أَطْمَع أَنْ يَغْفِر لِي خَطِيئَتِي يَوْم الدِّين } قَالَ : قَوْله { إِنِّي سَقِيم } 37 89 , وَقَوْله { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرهمْ هَذَا } 21 63 وَقَوْله لِسَارَة : إِنَّهَا أُخْتِي . * - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد نَحْوه . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ { يَوْم الدِّين } يَوْم الْحِسَاب , يَوْم الْمُجَازَاة . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى .'; $TAFSEER['3']['26']['83'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { رَبّ هَبْ لِي حُكْمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ مَسْأَلَة خَلِيله إِبْرَاهِيم إِيَّاهُ { رَبّ هَبْ لِي حُكْمًا } يَقُول : رَبّ هَبْ لِي نُبُوَّة . يَقُول : وَاجْعَلْنِي رَسُولًا إِلَى خَلْقك , حَتَّى تُلْحِقنِي بِذَلِكَ بِعِدَادِ مَنْ أَرْسَلْته مِنْ رُسُلك إِلَى خَلْقك , وَائْتَمَنْته عَلَى وَحْيك , وَاصْطَفَيْته لِنَفْسِك .'; $TAFSEER['3']['26']['84'] = 'وَقَوْله : { وَاجْعَلْ لِي لِسَان صِدْق فِي الْآخِرِينَ } يَقُول : وَاجْعَلْ لِي فِي النَّاس ذِكْرًا جَمِيلًا , وَثَنَاء حَسَنًا , بَاقِيًا فِيمَنْ يَجِيء مِنْ الْقُرُون بَعْدِي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20258 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر , عَنْ عِكْرِمَة , قَوْله : { وَاجْعَلْ لِي لِسَان صِدْق فِي الْآخَرِينَ } , قَوْله { وَآتَيْنَاهُ أَجْره فِي الدُّنْيَا } 29 27 . قَالَ : إِنَّ اللَّه فَضْله بِالْخُلَّةِ حِين اِتَّخَذَهُ خَلِيلًا , فَسَأَلَ اللَّه فَقَالَ : { وَاجْعَلْ لِي لِسَان صِدْق فِي الْآخِرِينَ } حَتَّى لَا تُكَذِّبنِي الْأُمَم , فَأَعْطَاهُ اللَّه ذَلِكَ , فَإِنَّ الْيَهُود آمَنَتْ بِمُوسَى , وَكَفَرَتْ بِعِيسَى , وَإِنَّ النَّصَارَى آمَنَتْ بِعِيسَى , وَكَفَرَتْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكُلّهمْ يَتَوَلَّى إِبْرَاهِيم ; قَالَتْ الْيَهُود : هُوَ خَلِيل اللَّه وَهُوَ مِنَّا , فَقَطَعَ اللَّه وِلَايَتهمْ مِنْهُ بَعْد مَا أَقَرُّوا لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَآمَنُوا بِهِ , فَقَالَ : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيم يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا , وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ } 3 67 ثُمَّ أَلْحَقَ وِلَايَته بِكُمْ فَقَالَ : { إِنَّ أَوْلَى النَّاس بِإِبْرَاهِيم لَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَاَللَّه وَلِيّ الْمُؤْمِنِينَ } 3 68 فَهَذَا أَجْره الَّذِي عُجِّلَ لَهُ , وَهِيَ الْحَسَنَة , إِذْ يَقُول : { وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَة } 16 122 وَهُوَ اللِّسَان الصِّدْق الَّذِي سَأَلَ رَبّه . 20259 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَاجْعَلْ لِي لِسَان صِدْق فِي الْآخِرِينَ } قَالَ : اللِّسَان الصِّدْق : الذِّكْر الصِّدْق , وَالثَّنَاء الصَّالِح , وَالذِّكْر الصَّالِح فِي الْآخِرِينَ مِنْ النَّاس , مِنْ الْأُمَم .'; $TAFSEER['3']['26']['85'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَة جَنَّة النَّعِيم } يَعْنِي إِبْرَاهِيم صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ : { وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَة جَنَّة النَّعِيم } أَوْرِثْنِي يَا رَبّ مِنْ مَنَازِل مَنْ هَلَكَ مِنْ أَعْدَائِك الْمُشْرِكِينَ بِك مِنْ الْجَنَّة , وَأَسْكِنِّي ذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['26']['86'] = 'يَقُول : وَاصْفَحْ لِأَبِي عَنْ شِرْكه بِك , وَلَا تَعَاقُبه عَلَيْهِ { إِنَّهُ كَانَ مِنْ الضَّالِّينَ } يَقُول : إِنَّهُ كَانَ مِمَّنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيل الْهُدَى , فَكَفَرَ بِك . وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْله اِسْتَغْفَرَ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ , وَاخْتِلَاف أَهْل الْعِلْم فِي ذَلِكَ , وَالصَّوَاب عِنْدنَا مِنْ الْقَوْل فِيهِ فِيمَا مَضَى , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .'; $TAFSEER['3']['26']['87'] = 'وَقَوْله : { وَلَا تُخْزِنِي يَوْم يُبْعَثُونَ } يَقُول : وَلَا تُذِلّنِي بِعِقَابِك إِيَّايَ يَوْم تَبْعَث عِبَادك مِنْ قُبُورهمْ لِمَوْقِفِ الْقِيَامَة .'; $TAFSEER['3']['26']['88'] = 'يَقُول : لَا تُخْزِنِي يَوْم لَا يَنْفَع مَنْ كَفَرَ بِك وَعَصَاك فِي الدُّنْيَا مَال كَانَ لَهُ فِي الدُّنْيَا , وَلَا بَنُوهُ الَّذِينَ كَانُوا لَهُ فِيهَا , فَيَدْفَع ذَلِكَ عَنْهُ عِقَاب اللَّه إِذَا عَاقَبَهُ , وَلَا يُنْجِيه مِنْهُ .'; $TAFSEER['3']['26']['89'] = 'وَقَوْله : { إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّه بِقَلْبٍ سَلِيم } يَقُول : وَلَا تُخْزِنِي يَوْم يُبْعَثُونَ , يَوْم لَا يَنْفَع إِلَّا الْقَلْب السَّلِيم . وَاَلَّذِي عُنِيَ بِهِ مِنْ سَلَامَة الْقَلْب فِي هَذَا الْمَوْضِع : هُوَ سَلَامَة الْقَلْب مِنْ الشَّكّ فِي تَوْحِيد اللَّه , وَالْبَعْث بَعْد الْمَمَات . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20260 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ عَوْن , قَالَ : قُلْت لِمُحَمَّدٍ : مَا الْقَلْب السَّلِيم ؟ قَالَ : أَنْ يَعْلَم أَنَّ اللَّه حَقّ , وَأَنَّ السَّاعَة قَائِمَة , وَأَنَّ اللَّه يَبْعَث مَنْ فِي الْقُبُور . 20261 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّه بِقَلْبٍ سَلِيم } قَالَ : لَا شَكّ فِيهِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّه بِقَلْبٍ سَلِيم } قَالَ : لَيْسَ فِيهِ شَكّ فِي الْحَقّ . 20262 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { بِقَلْبٍ سَلِيم } قَالَ : سَلِيم مِنْ الشِّرْك . 20263 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : { إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّه بِقَلْبٍ سَلِيم } قَالَ : سَلِيم مِنْ الشِّرْك , فَأَمَّا الذُّنُوب فَلَيْسَ يَسْلَم مِنْهَا أَحَد . 20264 - حَدَّثَنِي عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد الْآمِلِيّ , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْل اللَّه : { إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّه بِقَلْبٍ سَلِيم } قَالَ : هُوَ الْخَالِص .'; $TAFSEER['3']['26']['90'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّة لِلْمُتَّقِينَ } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّة لِلْمُتَّقِينَ } وَأُدْنِيَتْ الْجَنَّة وَقُرِّبَتْ لِلْمُتَّقِينَ , الَّذِينَ اِتَّقُوا عِقَاب اللَّه فِي الْآخِرَة بِطَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ فِي الدُّنْيَا'; $TAFSEER['3']['26']['91'] = 'يَقُول : وَأُظْهِرَتْ النَّار لِلَّذِينَ غَوَوْا فَضَلُّوا عَنْ سَوَاء السَّبِيل .'; $TAFSEER['3']['26']['92'] = '{ وَقِيلَ } لِلْغَاوِينَ { أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه }'; $TAFSEER['3']['26']['93'] = '{ مِنْ دُون اللَّه } مِنْ الْأَنْدَاد { هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ } الْيَوْم مِنْ اللَّه , فَيُنْقِذُونَكُمْ مِنْ عَذَابه { أَوْ يَنْتَصِرُونَ } لِأَنْفُسِهِمْ , فَيَنْجُونَهَا مِمَّا يُرَاد بِهَا ؟'; $TAFSEER['3']['26']['94'] = 'وَقَوْله : { فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ } يَقُول : فَرُمِيَ بِبَعْضِهِمْ فِي الْجَحِيم عَلَى بَعْض , وَطُرِحَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض مُنْكَبِّينَ عَلَى وُجُوههمْ. وَأَصْل كُبْكِبُوا : كُبِّبُوا , وَلَكِنَّ الْكَاف كُرِّرَتْ كَمَا قِيلَ : { بِرِيحٍ صَرْصَر } يَعْنِي بِهِ صِرّ , وَنَهْنَهَنِي يُنَهْنِهنِي , يَعْنِي بِهِ : نَهَّهَنِي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20265 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ . ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَكُبْكِبُوا } قَالَ : فَدُهْوِرُوا. 20266 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَكُبْكِبُوا فِيهَا } يَقُول : فَجُمِعُوا فِيهَا . 20267 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَكُبْكِبُوا فِيهَا } قَالَ : طُرِحُوا فِيهَا. فَتَأْوِيل الْكَلَام : فَكُبْكِبَ هَؤُلَاءِ الْأَنْدَاد الَّتِي كَانَتْ تُعْبَد مِنْ دُون اللَّه فِي الْجَحِيم وَالْغَاوُونَ . وَذُكِرَ عَنْ قَتَادَة أَنَّهُ كَانَ يَقُول : الْغَاوُونَ فِي هَذَا الْمَوْضِع . الشَّيَاطِين . ذِكْر الرِّوَايَة عَمَّنْ قَالَ ذَلِكَ : 20268 -حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ } قَالَ : الْغَاوُونَ : الشَّيَاطِين . فَتَأْوِيل الْكَلَام عَلَى هَذَا الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ قَتَادَة . فَكُبْكِبَ فِيهَا الْكُفَّار الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه الْأَصْنَام وَالشَّيَاطِين .'; $TAFSEER['3']['26']['95'] = 'وَقَوْله : { وَجُنُود إِبْلِيس أَجْمَعُونَ } يَقُول : وَكُبْكِبَ فِيهَا مَعَ الْأَنْدَاد وَالْغَاوِينَ جُنُود إِبْلِيس أَجْمَعُونَ . وَجُنُوده : كُلّ مَنْ كَانَ مِنْ أَتْبَاعه , مِنْ ذُرِّيَّته كَانَ أَوْ مِنْ ذُرِّيَّة آدَم .'; $TAFSEER['3']['26']['96'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ هَؤُلَاءِ الْغَاوُونَ وَالْأَنْدَاد الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُون اللَّه وَجُنُود إِبْلِيس , وَهُمْ فِي الْجَحِيم يَخْتَصِمُونَ .'; $TAFSEER['3']['26']['97'] = 'يَقُول : تَاللَّهِ لَقَدْ كُنَّا فِي ذَهَاب عَنْ الْحَقّ , إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَال مُبِين , يُبَيِّن ذَهَابنَا ذَلِكَ عَنْهُ عَنْ نَفْسه , لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَتَدَبَّرَهُ , أَنَّهُ ضَلَال وَبَاطِل .'; $TAFSEER['3']['26']['98'] = 'وَقَوْله : { إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ } يَقُول الْغَاوُونَ لِلَّذِينَ يَعْبُدُونَهُمْ مِنْ دُون اللَّه : تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ذَهَاب عَنْ الْحَقّ حِين نَعْدِلكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَنَعْبُدكُمْ مِنْ دُونه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20269 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ } قَالَ : لِتِلْكَ الْآلِهَة .'; $TAFSEER['3']['26']['99'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيلَ هَؤُلَاءِ الْغَاوِينَ فِي الْجَحِيم : { وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ } يَعْنِي بِالْمُجْرِمِينَ إِبْلِيس , وَابْن آدَم الَّذِي سَنَّ الْقَتْل . كَمَا : 20270 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة , قَوْله : { وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ } قَالَ : إِبْلِيس وَابْن آدَم الْقَاتِل.'; $TAFSEER['3']['26']['100'] = 'وَقَوْله { فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ } يَقُول : فَلَيْسَ لَنَا شَافِع فَيَشْفَع لَنَا عِنْد اللَّه مِنْ الْأَبَاعِد , فَيَعْفُو عَنَّا , وَيُنْجِينَا مِنْ عِقَابه .'; $TAFSEER['3']['26']['101'] = 'مِنْ الْأَقَارِب . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِينَ عَنَوْا بِالشَّافِعِينَ , وَبِالصَّدِيقِ الْحَمِيم , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِالشَّافِعِينَ : الْمَلَائِكَة , وَبِالصَّدِيقِ الْحَمِيم : النَّسِيب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20271 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ } قَالَ : مِنْ الْمَلَائِكَة { وَلَا صَدِيق حَمِيم } قَالَ : مِنْ النَّاس , قَالَ مُجَاهِد : صَدِيق حَمِيم , قَالَ : شَقِيق . وَقَالَ آخَرُونَ : كُلّ هَؤُلَاءِ مِنْ بَنِي آدَم. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20272 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق بْن سَعِيد الْبَصْرِيّ الْمِسْمَعِيّ , عَنْ أَخِيهِ يَحْيَى بْن سَعِيد الْمِسْمَعِيّ , قَالَ : كَانَ قَتَادَة إِذَا قَرَأَ : { فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلَا صَدِيق حَمِيم } قَالَ : يَعْلَمُونَ وَاَللَّه أَنَّ الصَّدِيق إِذَا كَانَ صَالِحًا نَفَعَ , وَأَنَّ الْحَمِيم إِذَا كَانَ صَالِحًا شَفَعَ.'; $TAFSEER['3']['26']['102'] = 'وَقَوْله { فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّة فَنَكُون مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } يَقُول : فَلَوْ أَنَّ لَنَا رَجْعَة إِلَى الدُّنْيَا فَنُؤْمِن بِاَللَّهِ فَنَكُون بِإِيمَانِنَا بِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ .'; $TAFSEER['3']['26']['103'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة وَمَا كَانَ أَكْثَرهمْ مُؤْمِنِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِيمَا اِحْتَجَّ بِهِ إِبْرَاهِيم عَلَى قَوْمه مِنْ الْحُجَج الَّتِي ذَكَرْنَا لَهُ لَدَلَالَة بَيِّنَة وَاضِحَة لِمَنْ اِعْتَبَرَ , عَلَى أَنَّ سُنَّة اللَّه فِي خَلْقه الَّذِينَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّةِ قَوْم إِبْرَاهِيم مِنْ عِبَادَة الْأَصْنَام وَالْآلِهَة , وَيَقْتَدُونَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ مَا سُنَّ فِيهِمْ فِي الدَّار الْآخِرَة , مِنْ كَبْكَبَتهمْ وَمَا عَبَدُوا مِنْ دُونه مَعَ جُنُود إِبْلِيس فِي الْجَحِيم , وَمَا كَانَ أَكْثَرهمْ فِي سَابِق عِلْمه مُؤْمِنِينَ .'; $TAFSEER['3']['26']['104'] = 'وَإِنَّ رَبّك يَا مُحَمَّد لَهُوَ الشَّدِيد الِانْتِقَام مِمَّنْ عَبَدَ دُونه , ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْ كُفْره حَتَّى هَلَكَ , الرَّحِيم بِمَنْ تَابَ مِنْهُمْ أَنْ يُعَاقِبهُ عَلَى مَا كَانَ سَلَفَ مِنْهُ قَبْل تَوْبَته مِنْ إِثْم وَجُرْم .'; $TAFSEER['3']['26']['105'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَذَّبَتْ قَوْم نُوح الْمُرْسَلِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { كَذَّبَتْ قَوْم نُوح } رُسُل اللَّه الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ إِلَيْهِمْ لَمَّا'; $TAFSEER['3']['26']['106'] = '{ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوح أَلَا تَتَّقُونَ } فَتَحْذَرُوا عِقَابه عَلَى كُفْركُمْ بِهِ , وَتَكْذِيبكُمْ رُسُله .'; $TAFSEER['3']['26']['107'] = 'رَسُول مِنْ اللَّه { أَمِين } عَلَى وَحْيه إِلَيَّ , بِرِسَالَتِهِ إِيَّايَ إِلَيْكُمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['108'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَاتَّقُوا اللَّه وَأَطِيعُونِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَاتَّقُوا عِقَاب اللَّه أَيّهَا الْقَوْم عَلَى كُفْركُمْ بِهِ , وَأَطِيعُونِي فِي نَصِيحَتِي لَكُمْ , وَأَمْرِي إِيَّاكُمْ بِاتِّقَائِهِ .'; $TAFSEER['3']['26']['109'] = '{ وَمَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْر } يَقُول : وَمَا أَطْلُب مِنْكُمْ عَلَى نَصِيحَتِي لَكُمْ وَأَمْرِي إِيَّاكُمْ بِاتِّقَاءِ عِقَاب اللَّه بِطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَكُمْ وَنَهَاكُمْ , مِنْ ثَوَاب وَلَا جَزَاء { إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى رَبّ الْعَالَمِينَ } دُونكُمْ وَدُون جَمِيع خَلْق اللَّه ,'; $TAFSEER['3']['26']['110'] = 'فَاتَّقُوا عِقَاب اللَّه عَلَى كُفْركُمْ بِهِ , وَخَافُوا حُلُول سَخَطه بِكُمْ عَلَى تَكْذِيبكُمْ رُسُله , وَأَطِيعُونِ : يَقُول : وَأَطِيعُونِي فِي نَصِيحَتِي لَكُمْ , وَأَمْرِي إِيَّاكُمْ بِإِخْلَاصِ الْعِبَادَة لِخَالِقِكُمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['111'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَك وَاتَّبَعَك الْأَرْذَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ قَوْم نُوح لَهُ مُجِيبِيهِ عَنْ قِيله لَهُمْ : { إِنِّي لَكُمْ رَسُول أَمِين , فَاتَّقُوا اللَّه وَأَطِيعُونِ } قَالُوا : أَنُؤْمِنُ لَك يَا نُوح , وَنُقِرّ بِتَصْدِيقِك فِيمَا تَدْعُونَا إِلَيْهِ , وَإِنَّمَا اِتَّبَعَك مِنَّا الْأَرْذَلُونَ دُون ذَوِي الشَّرَف وَأَهْل الْبُيُوتَات .'; $TAFSEER['3']['26']['112'] = 'قَالَ نُوح لِقَوْمِهِ : وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانَ أَتْبَاعِي يَعْمَلُونَ , إِنَّمَا لِي مِنْهُمْ ظَاهِر أَمْرهمْ دُون بَاطِنه , وَلَمْ أُكَلَّف عِلْم بَاطِنهمْ , وَإِنَّمَا كُلِّفْت الظَّاهِر , فَمَنْ أَظْهَرَ حُسْنًا ظَنَنْت بِهِ حُسْنًا , وَمَنْ أَظْهَرَ سَيِّئًا ظَنَنْت بِهِ سَيِّئًا .'; $TAFSEER['3']['26']['113'] = 'يَقُول : إِنَّ حِسَاب بَاطِن أَمْرهمْ الَّذِي خَفِيَ عَنِّي إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ , فَإِنَّهُ يَعْلَم سِرّ أَمْرهمْ وَعَلَانِيَته . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20273 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { إِنْ حِسَابهمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ } قَالَ : هُوَ أَعْلَم بِمَا فِي نُفُوسهمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['114'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيلَ نُوح لِقَوْمِهِ : وَمَا أَنَا بِطَارِدِ مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَاتَّبَعَنِي عَلَى التَّصْدِيق بِمَا جِئْت بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه.'; $TAFSEER['3']['26']['115'] = 'يَقُول : مَا أَنَا إِلَّا نَذِير لَكُمْ مِنْ عِنْد رَبّكُمْ أُنْذِركُمْ بَأْسه , وَسَطْوَته عَلَى كُفْركُمْ بِهِ مُبِين : يَقُول : نَذِير قَدْ أَبَانَ لَكُمْ إِنْذَاره , وَلَمْ يَكْتُمكُمْ نَصِيحَته .'; $TAFSEER['3']['26']['116'] = 'يَقُول : قَالَ لِنُوحٍ قَوْمه : لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوح عَمَّا تَقُول , وَتَدْعُو إِلَيْهِ , وَتَعِيب بِهِ آلِهَتنَا , لَتَكُونَن مِنْ الْمَشْتُومِينَ , يَقُول : لَنَشْتُمك .'; $TAFSEER['3']['26']['117'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ رَبّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ نُوح : { رَبّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ } فِيمَا أَتَيْتهمْ بِهِ مِنْ الْحَقّ مِنْ عِنْدك , وَرَدُّوا عَلَيَّ نَصِيحَتِي لَهُمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['118'] = 'يَقُول : فَاحْكُمْ بَيْنِي وَبَيْنهمْ حُكْمًا مِنْ عِنْدك تُهْلِك بِهِ الْمُبْطِل , وَتَنْتَقِم بِهِ مِمَّنْ كَفَرَ بِك وَجَحَدَ تَوْحِيدك , وَكَذَّبَ رَسُولك . كَمَا : 20274 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنهمْ فَتْحًا } قَالَ : فَاقْضِ بَيْنِي وَبَيْنهمْ قَضَاء . 20275 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنهمْ فَتْحًا } قَالَ : يَقُول : اِقْضِ بَيْنِي وَبَيْنهمْ . { وَنَجِّنِي } يَقُول : وَنَجِّنِي مِنْ ذَلِكَ الْعَذَاب الَّذِي تَأْتِي بِهِ حُكْمًا بَيْنِي وَبَيْنهمْ . { وَمَنْ مَعِي مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } يَقُول : وَاَلَّذِينَ مَعِي مِنْ أَهْل الْإِيمَان بِك وَالتَّصْدِيق لِي .'; $TAFSEER['3']['26']['119'] = 'وَقَوْله { فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْك الْمَشْحُون } يَقُول : فَأَنْجَيْنَا نُوحًا وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ حِين فَتْحنَا بَيْنهمْ وَبَيْن قَوْمهمْ , وَأَنْزَلْنَا بَأْسنَا بِالْقَوْمِ الْكَافِرِينَ فِي الْفُلْك الْمَشْحُون , يَعْنِي فِي السَّفِينَة الْمُوقَرَة الْمَمْلُوءَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله { الْفُلْك الْمَشْحُون } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20276 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فِي الْفُلْك الْمَشْحُون } قَالَ : يَعْنِي الْمُوقَر . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن بْن الْحَسَن الْأَشْقَر , قَالَ : ثَنَا أَبُو كُدَيْنَة , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْمَشْحُون : الْمُوقَر . 20277 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { الْفُلْك الْمَشْحُون } قَالَ : الْمَفْرُوغ مِنْهُ الْمَمْلُوء . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { الْمَشْحُون } الْمَفْرُوغ مِنْهُ تَحْمِيلًا . 20278 -حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْل اللَّه : { الْفُلْك الْمَشْحُون } قَالَ : هُوَ الْمُحَمَّل .'; $TAFSEER['3']['26']['120'] = 'وَقَوْله : { ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْد الْبَاقِينَ } مِنْ قَوْمه الَّذِينَ كَذَّبُوهُ , وَرَدُّوا عَلَيْهِ النَّصِيحَة .'; $TAFSEER['3']['26']['121'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِيمَا فَعَلْنَا يَا مُحَمَّد بِنُوحٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْفُلْك الْمَشْحُون , حِين أَنْزَلْنَا بَأْسنَا وَسَطْوَتنَا , بِقَوْمِهِ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ , لَآيَة لَك وَلِقَوْمِك الْمُصَدِّقِيك مِنْهُمْ وَالْمُكَذِّبِيك , فِي أَنَّ سُنَّتنَا تَنْجِيَة رُسُلنَا وَأَتْبَاعهمْ , إِذَا نَزَلَتْ نِقْمَتنَا بِالْمُكَذِّبِينَ بِهِمْ مِنْ قَوْمهمْ , وَإِهْلَاك الْمُكَذِّبِينَ بِاَللَّهِ , وَكَذَلِكَ سُنَّتِي فِيك وَفِي قَوْمك . يَقُول : وَلَمْ يَكُنْ أَكْثَر قَوْمك بِاَلَّذِينَ يُصَدِّقُونَك مِمَّا سَبَقَ فِي قَضَاء اللَّه أَنَّهُمْ لَنْ يُؤْمِنُوا .'; $TAFSEER['3']['26']['122'] = '{ الْعَزِيز } فِي اِنْتِقَامه مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ , وَخَالَفَ أَمْره { الرَّحِيم } بِالتَّائِبِ مِنْهُمْ , أَنْ يُعَاقِبهُ بَعْد تَوْبَته .'; $TAFSEER['3']['26']['123'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَذَّبَتْ عَاد الْمُرْسَلِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { كَذَّبَتْ عَاد } رُسُل اللَّه إِلَيْهِمْ.'; $TAFSEER['3']['26']['124'] = 'عِقَاب اللَّه عَلَى كُفْركُمْ بِهِ .'; $TAFSEER['3']['26']['125'] = 'مِنْ رَبِّي يَأْمُركُمْ بِطَاعَتِهِ , وَيُحَذِّركُمْ عَلَى كُفْركُمْ بَأْسه , { أَمِين } عَلَى وَحْيه وَرِسَالَته .'; $TAFSEER['3']['26']['126'] = 'بِطَاعَتِهِ وَالِانْتِهَاء إِلَى مَا يَأْمُركُمْ وَيَنْهَاكُمْ { وَأَطِيعُونِ } فِيمَا آمُركُمْ بِهِ مِنْ اِتِّقَاء اللَّه وَتَحْذِيركُمْ سَطْوَته .'; $TAFSEER['3']['26']['127'] = 'يَقُول : وَمَا أَطْلُب مِنْكُمْ عَلَى أَمْرِي إِيَّاكُمْ بِاتِّقَاءِ اللَّه جَزَاء وَلَا ثَوَابًا . يَقُول : مَا جَزَائِي وَثَوَابِي عَلَى نَصِيحَتِي إِيَّاكُمْ إِلَّا عَلَى رَبّ الْعَالَمِينَ .'; $TAFSEER['3']['26']['128'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيع } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل هُود لِقَوْمِهِ : { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيع آيَة تَعْبَثُونَ } وَالرِّيع : كُلّ مَكَان مُشْرِف مِنْ الْأَرْض مُرْتَفِع , أَوْ طَرِيق أَوْ وَادٍ ; وَمِنْهُ قَوْل ذِي الرِّمَّة : طِرَاق الْخَوَافِي مُشْرِف فَوْق رِيعَة نَدَى لَيْله فِي رِيشه يَتَرَقْرَق وَقَوْل الْأَعْشَى : وَيَهْمَاء قَفْر تَجَاوَزْتهَا إِذَا خَبَّ فِي رِيعهَا آلهَا وَفِيهِ لُغَتَانِ : رِيع وَرَيْع بِكَسْرِ الرَّاء وَفَتْحهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20279 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيع آيَة تَعْبَثُونَ } يَقُول : بِكُلِّ شَرَف . 20280 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { بِكُلِّ رِيع } قَالَ : فَجّ . 20281 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيع آيَة } قَالَ : بِكُلِّ طَرِيق. 20282 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عُبَيْد اللَّه الْغَيْلَانِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو قُتَيْبَة , قَالَ : ثَنَا مُسْلِم بْن خَالِد , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيع } قَالَ : الرِّيع : الثَّنِيَّة الصَّغِيرَة . * - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن حَسَّان , عَنْ مُسْلِم بْن خَالِد , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . 20283 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عِكْرِمَة : { بِكُلِّ رِيع } قَالَ : فَجّ وَوَادٍ , قَالَ : وَقَالَ مُجَاهِد { بِكُلِّ رِيع } بَيْن جَبَلَيْنِ . * -قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيع } قَالَ : شَرَف وَمَنْظَر . 20284 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { بِكُلِّ رِيع } قَالَ : بِكُلِّ طَرِيق . 20285 -حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { بِكُلِّ رِيع } بِكُلِّ طَرِيق . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ { آيَة } بُنْيَانًا , عَلَمًا . وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ كِتَابنَا هَذَا , أَنَّ الْآيَة هِيَ الدَّلَالَة وَالْعَلَامَة بِالشَّوَاهِدِ الْمُغْنِيَة عَنْ إِعَادَتهَا فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى اِخْتِلَاف مِنْهُمْ فِي أَلْفَاظهمْ فِي تَأْوِيله. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20286 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { بِكُلِّ رِيع آيَة } قَالَ : الْآيَة : عَلَم . 20287 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { بِكُلِّ رِيع آيَة } قَالَ : آيَة : بُنْيَان . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { آيَة } : بُنْيَان . 20288 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { بِكُلِّ رِيع آيَة } قَالَ : بُنْيَان الْحَمَّام . وَقَوْله : { تَعْبَثُونَ } قَالَ : تَلْعَبُونَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20289 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { تَعْبَثُونَ } قَالَ : تَلْعَبُونَ. 20290 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك , يَقُول فِي قَوْله : { تَعْبَثُونَ } قَالَ : تَلْعَبُونَ .'; $TAFSEER['3']['26']['129'] = 'وَقَوْله : { وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِع } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْمَصَانِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ قُصُور مُشَيَّدَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20291 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِع } قَالَ : قُصُور مُشَيَّدَة , وَبُنْيَان مُخَلَّد . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { مَصَانِع } : قُصُور مَشِيدَة وَبُنْيَان . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { مَصَانِع } يَقُول : حُصُون وَقُصُور . 20292 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن حَسَّان , عَنْ مُسْلِم , عَنْ رَجُل , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { مَصَانِع لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } قَالَ : أَبْرِجَة الْحَمَام . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ مَآخِذ لِلْمَاءِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : * - حَدَّثَنِي الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { مَصَانِع } قَالَ : مَآخِذ لِلْمَاءِ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ الْمَصَانِع جَمْع مَصْنَعَة , وَالْعَرَب تُسَمِّي كُلّ بِنَاء مَصْنَعَة , وَجَائِز أَنْ يَكُون ذَلِكَ الْبِنَاء كَانَ قُصُورًا وَحُصُونًا مُشَيَّدَة , وَجَائِز أَنْ يَكُون كَانَ مَآخِذ لِلْمَاءِ , وَلَا خَبَر يَقْطَع الْعُذْر بِأَيِّ ذَلِكَ كَانَ , وَلَا هُوَ مِمَّا يُدْرَك مِنْ جِهَة الْعَقْل . فَالصَّوَاب أَنْ يُقَال فِيهِ , مَا قَالَ اللَّه : إِنَّهُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ مَصَانِع . وَقَوْله : { لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } يَقُول : كَأَنَّكُمْ تَخْلُدُونَ , فَتَبْقَوْنَ فِي الْأَرْض . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20294 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنَا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } يَقُول : كَأَنَّكُمْ تَخْلُدُونَ . 20295 -حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : قَالَ فِي بَعْض الْحُرُوف { وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِع } كَأَنَّكُمْ تَخْلُدُونَ . وَكَانَ اِبْن زَيْد يَقُول : " لَعَلَّكُمْ " فِي هَذَا الْمَوْضِع اِسْتِفْهَام. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20296 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِع لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } قَالَ : هَذَا اِسْتِفْهَام , يَقُول : لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ حِين تَبْنُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاء ؟ وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَزْعُم أَنَّ لَعَلَّكُمْ فِي هَذَا الْمَوْضِع بِمَعْنَى " كَيْمَا " .'; $TAFSEER['3']['26']['130'] = 'وَقَوْله : { وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ } يَقُول : وَإِذَا سَطَوْتُمْ سَطَوْتُمْ قَتْلًا بِالسُّيُوفِ , وَضَرْبًا بِالسِّيَاطِ . كَمَا : 20297 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : { وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ } قَالَ : الْقَتْل بِالسَّيْفِ وَالسِّيَاط .'; $TAFSEER['3']['26']['131'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَاتَّقُوا اللَّه وَأَطِيعُونِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل هُود لِقَوْمِهِ مِنْ عَاد : اِتَّقُوا عِقَاب اللَّه أَيّهَا الْقَوْم بِطَاعَتِكُمْ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ وَنَهَاكُمْ , وَانْتَهُوا عَنْ اللَّهْو وَاللَّعِب , وَظُلْم النَّاس , وَقَهْرهمْ بِالْغَلَبَةِ وَالْفَسَاد فِي الْأَرْض.'; $TAFSEER['3']['26']['132'] = 'وَاحْذَرُوا سُخْط الَّذِي أَعْطَاكُمْ مِنْ عِنْده مَا تَعْلَمُونَ.'; $TAFSEER['3']['26']['133'] = 'وَأَعَانَكُمْ بِهِ مِنْ بَيْن الْمَوَاشِي وَالْبَنِينَ .'; $TAFSEER['3']['26']['134'] = 'وَالْبَسَاتِين وَالْأَنْهَار.'; $TAFSEER['3']['26']['135'] = '{ إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُمْ عَذَاب يَوْم } مِنْ اللَّه { عَظِيم } .'; $TAFSEER['3']['26']['136'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا سَوَاء عَلَيْنَا أَوَعَظْت أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْوَاعِظِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ عَاد لِنَبِيِّهِمْ هُود صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مُعْتَدِل عِنْدنَا وَعْظك إِيَّانَا , وَتَرْكك الْوَعْظ , فَلَنْ نُؤْمِن لَك وَلَنْ نُصَدِّقك عَلَى مَا جِئْتنَا بِهِ .'; $TAFSEER['3']['26']['137'] = 'وَقَوْله : { إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُق الْأَوَّلِينَ } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ ; فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة سِوَى أَبِي جَعْفَر , وَعَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ : { إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُق الْأَوَّلِينَ } مِنْ قَبْلنَا : وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَر , وَأَبُو عَمْرو بْن الْعَلَاء : " إِنْ هَذَا خَلْق الْأَوَّلِينَ " بِفَتْحِ الْخَاء وَتَسْكِين اللَّام بِمَعْنَى : مَا هَذَا الَّذِي جِئْتنَا بِهِ إِلَّا كَذِب الْأَوَّلِينَ وَأَحَادِيثهمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , نَحْو اِخْتِلَاف الْقُرَّاء فِي قِرَاءَته , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : مَا هَذَا إِلَّا دِين الْأَوَّلِينَ وَعَادَتهمْ وَأَخْلَاقهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20298 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُق الْأَوَّلِينَ } يَقُول : دِين الْأَوَّلِينَ . 20299 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُق الْأَوَّلِينَ } يَقُول : هَكَذَا خِلْقَة الْأَوَّلِينَ , وَهَكَذَا كَانُوا يَحْيَوْنَ وَيَمُوتُونَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : مَا هَذَا إِلَّا كَذِب الْأَوَّلِينَ وَأَسَاطِيرهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20300 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُق الْأَوَّلِينَ } قَالَ : أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ . 20301 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِلَّا خُلُق الْأَوَّلِينَ } قَالَ : كَذِبهمْ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله. 20302 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُق الْأَوَّلِينَ } قَالَ : إِنْ هَذَا إِلَّا أَمْر الْأَوَّلِينَ وَأَسَاطِير الْأَوَّلِينَ اِكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَة وَأَصِيلًا . 20303 -حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ عَامِر , عَنْ عَلْقَمَة , عَنْ اِبْن مَسْعُود : { إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُق الْأَوَّلِينَ } يَقُول : إِنْ هَذَا إِلَّا اِخْتِلَاق الْأَوَّلِينَ . * - قَالَ ثَنَا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ . أَخْبَرَنَا دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَلْقَمَة , عَنْ عَبْد اللَّه , أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ { إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُق الْأَوَّلِينَ } وَيَقُول شَيْء اِخْتَلَقُوهُ . 20304 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : قَالَ عَلْقَمَة : { إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُق الْأَوَّلِينَ } قَالَ : اِخْتِلَاق الْأَوَّلِينَ . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ : قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ { إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُق الْأَوَّلِينَ } بِضَمِّ الْخَاء وَاللَّام , بِمَعْنَى : إِنْ هَذَا إِلَّا عَادَة الْأَوَّلِينَ وَدِينهمْ , كَمَا قَالَ اِبْن عَبَّاس , لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا عُوتِبُوا عَلَى الْبُنْيَان الَّذِي كَانُوا يَتَّخِذُونَهُ , وَبَطْشهمْ بِالنَّاسِ بَطْش الْجَبَابِرَة , وَقِلَّة شُكْرهمْ رَبّهمْ فِيمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ , فَأَجَابُوا نَبِيّهمْ بِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ مَا يَفْعَلُونَ مِنْ ذَلِكَ , اِحْتِذَاء مِنْهُمْ سُنَّة مَنْ قَبْلهمْ مِنْ الْأُمَم , وَاقْتِفَاء مِنْهُمْ آثَارهمْ , فَقَالُوا : مَا هَذَا الَّذِي نَفْعَلهُ إِلَّا خُلُق الْأَوَّلِينَ , يَعْنُونَ بِالْخُلُقِ : عَادَة الْأَوَّلِينَ . وَيَزِيد ذَلِكَ بَيَانًا وَتَصْحِيحًا لِمَا اِخْتَرْنَا مِنْ الْقِرَاءَة وَالتَّأْوِيل , قَوْلهمْ : { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } لِأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا لَا يُقِرُّونَ بِأَنَّ لَهُمْ رَبًّا يَقْدِر عَلَى تَعْذِيبهمْ , مَا قَالُوا : { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } بَلْ كَانُوا يَقُولُونَ : إِنَّ هَذَا الَّذِي جِئْتنَا بِهِ يَا هُود إِلَّا خُلُق الْأَوَّلِينَ , وَمَا لَنَا مِنْ مُعَذِّب يُعَذِّبنَا , وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِالصَّانِعِ , وَيَعْبُدُونَ الْآلِهَة , عَلَى نَحْو مَا كَانَ مُشْرِكُو الْعَرَب يَعْبُدُونَهَا , وَيَقُولُونَ إِنَّهَا تُقَرِّبنَا إِلَى اللَّه زُلْفَى , فَلِذَلِكَ قَالُوا لِهُودٍ وَهُمْ مُنْكِرُونَ نُبُوَّته : { سَوَاء عَلَيْنَا أَوَعَظْت أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْوَاعِظِينَ } ثُمَّ قَالُوا لَهُ : مَا هَذَا الَّذِي نَفْعَلهُ إِلَّا عَادَة مَنْ قَبْلنَا وَأَخْلَاقهمْ , وَمَا اللَّه مُعَذِّبنَا عَلَيْهِ , كَمَا أَخْبَرَنَا تَعَالَى ذِكْره عَنْ الْأُمَم الْخَالِيَة قَبْلنَا , أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ لِرُسُلِهِمْ : { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّة وَإِنَّا عَلَى آثَارهمْ مُقْتَدُونَ } 43 23 .'; $TAFSEER['3']['26']['138'] = 'قَوْلهمْ : { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } لِأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا لَا يُقِرُّونَ بِأَنَّ لَهُمْ رَبًّا يَقْدِر عَلَى تَعْذِيبهمْ , مَا قَالُوا : { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } بَلْ كَانُوا يَقُولُونَ : إِنْ هَذَا الَّذِي جِئْتنَا بِهِ يَا هُود إِلَّا خُلُق الْأَوَّلِينَ , وَمَا لَنَا مِنْ مُعَذِّب يُعَذِّبنَا , وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِالصَّانِعِ , وَيَعْبُدُونَ الْآلِهَة , عَلَى نَحْو مَا كَانَ مُشْرِكُو الْعَرَب يَعْبُدُونَهَا , وَيَقُولُونَ إِنَّهَا تُقَرِّبنَا إِلَى اللَّه زُلْفَى , فَلِذَلِكَ قَالُوا لِهُودٍ وَهُمْ مُنْكِرُونَ نُبُوَّته : { سَوَاء عَلَيْنَا أَوَعَظْت أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْوَاعِظِينَ } ثُمَّ قَالُوا لَهُ : مَا هَذَا الَّذِي نَفْعَلهُ إِلَّا عَادَة مَنْ قَبْلنَا وَأَخْلَاقهمْ , وَمَا اللَّه مُعَذِّبنَا عَلَيْهِ , كَمَا أَخْبَرَنَا تَعَالَى ذِكْره عَنْ الْأُمَم الْخَالِيَة قَبْلنَا , أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ لِرُسُلِهِمْ : { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّة وَإِنَّا عَلَى آثَارهمْ مُقْتَدُونَ } 43 23 .'; $TAFSEER['3']['26']['139'] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَكَذَّبَتْ عَادَ رَسُول رَبّهمْ هُودًا , وَالْهَاء فِي قَوْله { فَكَذَّبُوهُ } مِنْ ذِكْر هُود . يَقُول : فَأَهْلَكْنَا عَادًا بِتَكْذِيبِهِمْ رَسُولنَا . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي إِهْلَاكنَا عَادًا بِتَكْذِيبِهَا رَسُولهَا , لَعِبْرَة وَمَوْعِظَة لِقَوْمِك يَا مُحَمَّد , الْمُكَذِّبِيك فِيمَا أَتَيْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك . يَقُول : وَمَا كَانَ أَكْثَر مَنْ أَهْلَكْنَا بِاَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ فِي سَابِق عِلْم اللَّه.'; $TAFSEER['3']['26']['140'] = '{ الْعَزِيز } فِي اِنْتِقَامه مِنْ أَعْدَائِهِ , { الرَّحِيم } بِالْمُؤْمِنِينَ بِهِ .'; $TAFSEER['3']['26']['141'] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَذَّبَتْ ثَمُود رُسُل اللَّه ,'; $TAFSEER['3']['26']['142'] = 'إِذْ دَعَاهُمْ صَالِح أَخُوهُمْ إِلَى اللَّه , فَقَالَ لَهُمْ : أَلَا تَتَّقُونَ عِقَاب اللَّه يَا قَوْم عَلَى مَعْصِيَتكُمْ إِيَّاهُ , وَخِلَافكُمْ أَمْره , بِطَاعَتِكُمْ أَمْر الْمُفْسِدِينَ فِي أَرْض اللَّه .'; $TAFSEER['3']['26']['143'] = 'مِنْ اللَّه أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ بِتَحْذِيرِكُمْ عُقُوبَته عَلَى خِلَافكُمْ أَمْره { أَمِين } عَلَى رِسَالَته الَّتِي أَرْسَلَهَا مَعِي إِلَيْكُمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['144'] = 'أَيّهَا الْقَوْم , وَاحْذَرُوا عِقَابه { وَأَطِيعُونِ } فِي تَحْذِيرِي إِيَّاكُمْ , وَأَمْر رَبّكُمْ بِاتِّبَاعِ طَاعَته.'; $TAFSEER['3']['26']['145'] = 'يَقُول : وَمَا أَسْأَلكُمْ عَلَى نُصْحِي إِيَّاكُمْ , وَإِنْذَاركُمْ مِنْ جَزَاء وَلَا ثَوَاب . يَقُول : إِنْ جَزَائِي وَثَوَابِي إِلَّا عَلَى رَبّ جَمِيع مَا فِي السَّمَوَات , وَمَا فِي الْأَرْض , وَمَا بَيْنهمَا مِنْ خَلْق .'; $TAFSEER['3']['26']['146'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل صَالِح لِقَوْمِهِ مِنْ ثَمُود : أَيَتْرُكُكُمْ يَا قَوْم رَبّكُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا آمِنِينَ , لَا تَخَافُونَ شَيْئًا .'; $TAFSEER['3']['26']['147'] = 'يَقُول : فِي بَسَاتِين وَعُيُون مَاء .'; $TAFSEER['3']['26']['148'] = 'يَعْنِي بِالطَّلْعِ : الْكُفُرَّى. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله { هَضِيم } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ الْيَانِع النَّضِيج . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20305 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَنَخْل طَلْعهَا هَضِيم } يَقُول : أَيْنَعَ وَبَلَغَ فَهُوَ هَضِيم . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ الْمُتَهَشِّم الْمُتَفَتِّت . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20306 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَنَخْل طَلْعهَا هَضِيم } قَالَ مُحَمَّد بْن عَمْرو فِي حَدِيثه تَهَشَّمَ هَشِيمًا . وَقَالَ الْحَارِث : تَهَشَّمَ تَهَشُّمًا . 20307 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : سَمِعْت عَبْد الْكَرِيم يَقُول : سَمِعْت مُجَاهِدًا يَقُول فِي قَوْله : { وَنَخْل طَلْعهَا هَضِيم } قَالَ : حِين تَطْلُع يَقْبِض عَلَيْهِ فَيَهْضِمهُ. * - قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَالَ مُجَاهِد : إِذَا مَسَّ تَهَشَّمَ وَتَفَتَّتَ , قَالَ : هُوَ مِنْ الرُّطَب هَضِيم تَقْبِض عَلَيْهِ فَتَهْضِمهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الرَّطْب اللَّيِّن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20308 - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة قَوْله : { وَنَخْل طَلْعهَا هَضِيم } قَالَ : الْهَضِيم : الرَّطْب اللَّيِّن . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الرَّاكِب بَعْضه بَعْضًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20309 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { طَلْعهَا هَضِيم } إِذَا كَثُرَ حِمْل النَّخْلَة فَرَكِبَ بَعْضهَا بَعْضًا , حَتَّى نَقَصَ بَعْضهَا بَعْضًا , فَهُوَ حِينَئِذٍ هَضِيم . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : الْهَضِيم : هُوَ الْمُتَكَسِّر مِنْ لِينه وَرُطُوبَته , وَذَلِكَ مِنْ قَوْلهمْ : هَضَمَ فُلَان حَقّه : إِذَا اِنْتَقَصَهُ وَتَحَيَّفَهُ , فَكَذَلِكَ الْهَضْم فِي الطَّلْع , إِنَّمَا هُوَ التَّنَقُّص مِنْهُ مِنْ رُطُوبَته وَلِينه إِمَّا بِمَسِّ الْأَيْدِي , وَإِمَّا بِرُكُوبِ بَعْضه بَعْضًا , وَأَصْله مَفْعُول صُرِفَ إِلَى فَعِيلَ.'; $TAFSEER['3']['26']['149'] = 'وَقَوْله : { وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا فَارِهِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَتَتَّخِذُونَ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله { فَارِهِينَ } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة : { فَارِهِينَ } بِمَعْنَى : حَاذِقِينَ بِنَحْتِهَا . وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : " فَرِهِينَ " بِغَيْرِ أَلِف , بِمَعْنَى : أَشِرِينَ بَطِرِينَ. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عَلَى نَحْو اِخْتِلَاف الْقُرَّاء فِي قِرَاءَته , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى فَارِهِينَ : حَاذِقِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20310 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عَثَّام , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح وَعَبْد اللَّه بْن شَدَّاد : { وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا فَارِهِينَ } قَالَ أَحَدهمَا : حَاذِقِينَ , وَقَالَ الْآخَر : يَتَجَبَّرُونَ . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح : { وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا فَارِهِينَ } قَالَ : حَاذِقِينَ بِنَحْتِهَا . 20311 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَارِهِينَ } يَقُول : حَاذِقِينَ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى فَارِهِينَ : مُسْتَفْرِهِينَ مُتَجَبِّرِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20312 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد فِي قَوْله : " فَرِهِينَ " قَالَ : يَتَجَبَّرُونَ. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب : فَارِهِينَ . وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ قَرَأَهُ فَارِهِينَ : مَعْنَى ذَلِكَ : كَيِّسِينَ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20313 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { فَارِهِينَ } قَالَ : كَيِّسِينَ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد , عَنْ الضَّحَّاك أَنَّهُ قَرَأَ { فَارِهِينَ } قَالَ : كَيِّسِينَ . وَقَالَ آخَرُونَ : فَرِهِينَ : أَشِرِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20314 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا فَارِهِينَ } يَقُول : أَشِرِينَ , وَيُقَال : كَيِّسِينَ . 20315 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : " بُيُوتًا فَرِهِينَ " قَالَ : شَرِهِينَ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , بِمِثْلِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَقْوِيَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20316 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : " وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا فَرِهِينَ " قَالَ : الْفَرِه : الْقَوِيّ. وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا : 20317 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : " فَرِهِينَ " قَالَ : مُعْجَبِينَ بِصَنِيعِكُمْ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهَا { فَارِهِينَ } وَقِرَاءَة مَنْ قَرَأَ " فَرِهِينَ " قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ , مُسْتَفِيضَة الْقِرَاءَة بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا فِي عُلَمَاء الْقُرَّاء , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب. وَمَعْنَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ { فَارِهِينَ } : حَاذِقِينَ بِنَحْتِهَا , مُتَخَبِّرِينَ لِمَوَاضِع نَحْتهَا , كَيِّسِينَ , مِنْ الْفَرَاهَة . وَمَعْنَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ " فَرِهِينَ " : مَرِحِينَ أَشِرِينَ . وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون مَعْنَى فَارِه وَفَرِه وَاحِدًا , فَيَكُون فَارِه مَبْنِيًّا عَلَى بِنَائِهِ , وَأَصْله مِنْ فَعَلَ يَفْعَل , وَيَكُون فَرِه صِفَة , كَمَا يُقَال : فُلَان حَاذِق بِهَذَا الْأَمْر وَحَذِق . وَمِنْ الْفَارِه بِمَعْنَى الْمَرِح قَوْل الشَّاعِر عَدِيّ بْن وَادِع الْعَوْفِيّ مِنْ الْأَزْد : لَا أَسْتَكِين إِذَا مَا أَزْمَة أَزَمَتْ وَلَنْ تَرَانِي بِخَيْرٍ فَارِه الطَّلَب أَيْ مَرِح الطَّلَب .'; $TAFSEER['3']['26']['150'] = 'وَقَوْله : { فَاتَّقُوا اللَّه وَأَطِيعُونِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَاتَّقُوا عِقَاب اللَّه أَيّهَا الْقَوْم عَلَى مَعْصِيَتكُمْ رَبّكُمْ , وَخِلَافكُمْ أَمْره , وَأَطِيعُونِ فِي نَصِيحَتِي لَكُمْ , وَإِنْذَارِي إِيَّاكُمْ عِقَاب اللَّه تَرْشُدُوا .'; $TAFSEER['3']['26']['151'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تُطِيعُوا أَمْر الْمُسْرِفِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل صَالِح لِقَوْمِهِ مِنْ ثَمُود : لَا تُطِيعُوا أَيّهَا الْقَوْم أَمْر الْمُسْرِفِينَ عَلَى أَنْفُسهمْ فِي تَمَادِيهِمْ فِي مَعْصِيَة اللَّه , وَاجْتِرَائِهِمْ عَلَى سُخْطه .'; $TAFSEER['3']['26']['152'] = 'وَهُمْ الرَّهْط التِّسْعَة الَّذِينَ كَانُوا يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض , وَلَا يُصْلِحُونَ مِنْ ثَمُود الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَلَا يُصْلِحُونَ } 27 48 يَقُول : الَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي أَرْض اللَّه بِمَعَاصِيهِ , وَلَا يُصْلِحُونَ , يَقُول : وَلَا يُصْلِحُونَ أَنْفُسهمْ بِالْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللَّه .'; $TAFSEER['3']['26']['153'] = 'وَقَوْله : { إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمَسْحُورِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20318 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ } قَالَ : مِنْ الْمَسْحُورِينَ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20319 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ } قَالَ : إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمَسْحُورِينَ. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : مِنْ الْمَخْلُوقِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20320 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد , قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ } قَالَ : مِنْ الْمَخْلُوقِينَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْمَعْرِفَة بِكَلَامِ الْعَرَب فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَكَانَ بَعْض أَهْل الْبَصْرَة يَقُول : كُلّ مَنْ أَكَلَ مِنْ إِنْس أَوْ دَابَّة فَهُوَ مُسَحَّر , وَذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ سَحْرًا يَقْرِي مَا أَكَلَ فِيهِ , وَاسْتُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ لَبِيد : فَإِنْ تَسْأَلِينَا فِيمَ نَحْنُ فَإِنَّنَا عَصَافِير مِنْ هَذَا الْأَنَام الْمُسَحَّر وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ نَحْو هَذَا , غَيْر أَنَّهُ قَالَ : أُخِذَ مِنْ قَوْلك : اِنْتَفَخَ سَحْرك : أَيْ أَنَّك تَأْكُل الطَّعَام وَالشَّرَاب , فَتُسَحَّر بِهِ وَتُعَلَّل . وَقَالَ : مَعْنَى قَوْل لَبِيد : " مِنْ هَذَا الْأَنَام الْمُسَحَّر " : مِنْ هَذَا الْأَنَام الْمُعَلَّل الْمَخْدُوع . قَالَ : وَيُرْوَى أَنَّ السِّحْر مِنْ ذَلِكَ , لِأَنَّهُ كَالْخَدِيعَةِ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي : الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْته عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّ مَعْنَاهُ : إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ الَّذِينَ يُعَلَّلُونَ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَاب مِثْلنَا , وَلَسْت رَبًّا وَلَا مَلَكًا فَنُطِيعك , وَنَعْلَم أَنَّك صَادِق فِيمَا تَقُول . وَالْمُسَحَّر : الْمُفَعَّل مِنْ السَّحَرَة , وَهُوَ الَّذِي لَهُ سَحَرَة'; $TAFSEER['3']['26']['154'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَر مِثْلنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْت مِنْ الصَّادِقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل ثَمُود لِنَبِيِّهَا صَالِح : { مَا أَنْتَ } يَا صَالِح { إِلَّا بَشَر مِثْلنَا } مِنْ بَنِي آدَم , تَأْكُل مَا نَأْكُل , وَتَشْرَب مَا نَشْرَب , وَلَسْت بِرَبٍّ وَلَا مَلَك , فَعَلَّام نَتَّبِعك ؟ فَإِنْ كُنْت صَادِقًا فِي قِيلك , وَأَنَّ اللَّه أَرْسَلَك إِلَيْنَا { فَأْتِ بِآيَةٍ } يَعْنِي : بِدَلَالَةٍ وَحُجَّة عَلَى أَنَّك مُحِقّ فِيمَا تَقُول , إِنْ كُنْت مِمَّنْ صَدَقَنَا فِي دَعْوَاهُ أَنَّ اللَّه أَرْسَلَهُ إِلَيْنَا. وَقَدْ : 20321 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَمْرو الْبَصْرِيّ , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَاصِم الْكِلَابِيّ , قَالَ : ثَنَا دَاوُد بْن أَبِي الْفُرَات , قَالَ : ثَنَا عِلْبَاء بْن أَحْمَر , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : أَنَّ صَالِحًا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ اللَّه إِلَى قَوْمه , فَآمَنُوا بِهِ وَاتَّبَعُوهُ , فَمَاتَ صَالِح , فَرَجَعُوا عَنْ الْإِسْلَام , فَأَتَاهُمْ صَالِح , فَقَالَ لَهُمْ : أَنَا صَالِح , قَالُوا : إِنْ كُنْت صَادِقًا فَأْتِنَا بِآيَةٍ , فَأَتَاهُمْ بِالنَّاقَةِ , فَكَذَّبُوهُ وَعَقَرُوهَا , فَعَذَّبَهُمْ اللَّه .'; $TAFSEER['3']['26']['155'] = 'وَقَوْله : { قَالَ هَذِهِ نَاقَة لَهَا شِرْب وَلَكُمْ شِرْب يَوْم مَعْلُوم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ صَالِح لِثَمُود لَمَّا سَأَلُوهُ آيَة يَعْلَمُونَ بِهَا صِدْقه , فَأَتَاهُمْ بِنَاقَةٍ أَخْرَجَهَا مِنْ صَخْرَة أَوْ هَضْبَة : هَذِهِ نَاقَة يَا قَوْم , لَهَا شِرْب وَلَكُمْ مِثْله شِرْب يَوْم آخَر مَعْلُوم , مَا لَكُمْ مِنْ الشِّرْب , لَيْسَ لَكُمْ فِي يَوْم وِرْدهَا أَنْ تَشْرَبُوا مِنْ شِرْبهَا شَيْئًا , وَلَا لَهَا أَنْ تَشْرَب فِي يَوْمكُمْ مِمَّا لَكُمْ شَيْئًا . وَيَعْنِي بِالشِّرْبِ : الْحَظّ وَالنَّصِيب مِنْ الْمَاء , يَقُول : لَهَا حَظّ مِنْ الْمَاء , وَلَكُمْ مِثْله , وَالشُّرْب وَالشَّرْب وَالشِّرْب مَصَادِر كُلّهَا بِالضَّمِّ وَالْفَتْح وَالْكَسْر. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْعَرَب سَمَاعًا : آخِرهَا أَقَلّهَا شُرْبًا وَشِرْبًا .'; $TAFSEER['3']['26']['156'] = 'وَقَوْله : { وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ } يَقُول : لَا تَمَسُّوهَا بِمَا يُؤْذِيهَا مِنْ عَقْر وَقَتْل وَنَحْو ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20322 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ } لَا تَعْقِرُوهَا. وَقَوْله : { فَيَأْخُذكُمْ عَذَاب يَوْم عَظِيم } يَقُول : فَيَحِلّ بِكُمْ مِنْ اللَّه عَذَاب يَوْم عَظِيم عَذَابه .'; $TAFSEER['3']['26']['157'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره , فَخَالَفَتْ ثَمُود أَمْر نَبِيّهَا صَالِح صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَعَقَرُوا النَّاقَة الَّتِي قَالَ لَهُمْ صَالِح : لَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ , فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ عَلَى عَقْرهَا , فَلَمْ يَنْفَعهُمْ نَدَمهمْ ,'; $TAFSEER['3']['26']['158'] = 'وَأَخَذَهُمْ عَذَاب اللَّه الَّذِي كَانَ صَالِح تَوَعَّدَهُمْ بِهِ فَأَهْلَكَهُمْ . يَقُول : إِنَّ فِي إِهْلَاك ثَمُود بِمَا فَعَلَتْ مِنْ عَقْرهَا نَاقَة اللَّه وَخِلَافهَا أَمْر نَبِيّ اللَّه صَالِح لَعِبْرَة لِمَنْ اِعْتَبَرَ بِهِ يَا مُحَمَّد مِنْ قَوْمك. يَقُول : وَلَنْ يُؤْمِن أَكْثَرهمْ فِي سَابِق عِلْم اللَّه.'; $TAFSEER['3']['26']['159'] = '{ وَإِنَّ رَبّك } يَا مُحَمَّد { لَهُوَ الْعَزِيز } فِي اِنْتِقَامه مِنْ أَعْدَائِهِ { الرَّحِيم } بِمَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ خَلْقه .'; $TAFSEER['3']['26']['160'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَذَّبَتْ قَوْم لُوط الْمُرْسَلِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { كَذَّبَتْ قَوْم لُوط } مَنْ أَرْسَلَهُ اللَّه إِلَيْهِمْ مِنْ الرُّسُل حِين'; $TAFSEER['3']['26']['161'] = 'أَلَا تَتَّقُونَ اللَّه أَيّهَا الْقَوْم .'; $TAFSEER['3']['26']['162'] = 'رَسُول مِنْ رَبّكُمْ { أَمِين } عَلَى وَحْيه , وَتَبْلِيغ رِسَالَته .'; $TAFSEER['3']['26']['163'] = 'فَاتَّقُوا اللَّه فِي أَنْفُسكُمْ , أَنْ يَحِلّ بِكُمْ عِقَابه عَلَى تَكْذِيبكُمْ رَسُوله { وَأَطِيعُونِ } فِيمَا دَعْوَتكُمْ إِلَيْهِ أَهْدِكُمْ سَبِيل الرَّشَاد .'; $TAFSEER['3']['26']['164'] = 'يَقُول : وَمَا أَسْأَلكُمْ عَلَى نَصِيحَتِي لَكُمْ وَدِعَايَتكُمْ إِلَى رَبِّي جَزَاء وَلَا ثَوَابًا. يَقُول : مَا جَزَائِي عَلَى دِعَايَتكُمْ إِلَى اللَّه , وَعَلَى نُصْحِي لَكُمْ وَتَبْلِيغ رِسَالَات اللَّه إِلَيْكُمْ , إِلَّا عَلَى رَبّ الْعَالَمِينَ .'; $TAFSEER['3']['26']['165'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَتَأْتُونَ الذُّكْرَان مِنْ الْعَالَمِينَ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { أَتَأْتُونَ الذُّكْرَان مِنْ الْعَالَمِينَ } : أَتَنْكِحُونَ الذُّكْرَان مِنْ بَنِي آدَم فِي أَدْبَارهمْ.'; $TAFSEER['3']['26']['166'] = 'وَقَوْله : { وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبّكُمْ مِنْ أَزْوَاجكُمْ } يَقُول : وَتَدَعُونَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ رَبّكُمْ مِنْ أَزْوَاجكُمْ مِنْ فُرُوجهنَّ , فَأَحَلَّهُ لَكُمْ. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " وَتَذَرُونَ مَا أَصْلَحَ لَكُمْ رَبّكُمْ مِنْ أَزْوَاجكُمْ ". وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20323 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبّكُمْ مِنْ أَزْوَاجكُمْ } قَالَ : تَرَكْتُمْ أَقْبَال النِّسَاء إِلَى أَدْبَار الرِّجَال وَأَدْبَار النِّسَاء . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد بِنَحْوِهِ . وَقَوْله : { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم عَادُونَ } يَقُول : بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تَتَجَاوَزُونَ مَا أَبَاحَ لَكُمْ رَبّكُمْ , وَأَحَلَّهُ لَكُمْ مِنْ الْفُرُوج إِلَى مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ مِنْهَا. كَمَا : 20324 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم عَادُونَ } قَالَ : قَوْم مُعْتَدُونَ .'; $TAFSEER['3']['26']['167'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوط لَتَكُونَن مِنْ الْمُخْرَجِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ قَوْم لُوط : { لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوط } عَنْ نَهْينَا عَنْ إِتْيَان الذُّكْرَان { لَتَكُونَن مِنْ الْمُخْرَجِينَ } مِنْ بَيْن أَظْهُرنَا وَبَلَدنَا .'; $TAFSEER['3']['26']['168'] = 'يَقُول لَهُمْ لُوط : إِنِّي لِعَمَلِكُمْ الَّذِي تَعْمَلُونَهُ مِنْ إِتْيَان الذُّكْرَان فِي أَدْبَارهمْ مِنْ الْقَالِينَ , يَعْنِي مِنْ الْمُبْغِضِينَ , الْمُنْكِرِينَ فِعْله .'; $TAFSEER['3']['26']['169'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { رَبّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَاسْتَغَاثَ لُوط حِين تَوَعَّدَهُ قَوْمه بِالْإِخْرَاجِ مِنْ بَلَدهمْ إِنْ هُوَ لَمْ يَنْتَهِ عَنْ نَهْيهمْ عَنْ رُكُوب الْفَاحِشَة , فَقَالَ { رَبّ نَجِّنِي وَأَهْلِي } مِنْ عُقُوبَتك إِيَّاهُمْ عَلَى مَا يَعْمَلُونَ مِنْ إِتْيَان الذُّكْرَان .'; $TAFSEER['3']['26']['170'] = 'فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْله مِنْ عُقُوبَتنَا الَّتِي عَاقَبْنَا بِهَا قَوْم لُوط'; $TAFSEER['3']['26']['171'] = 'يَعْنِي فِي الْبَاقِينَ , لِطُولِ مُرُور السِّنِينَ عَلَيْهَا , فَصَارَتْ هَرِمَة , فَإِنَّهَا أُهْلِكَتْ مِنْ بَيْن أَهْل لُوط , لِأَنَّهَا كَانَتْ تَدُلّ قَوْمهَا عَلَى الْأَضْيَاف . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّمَا قِيلَ مِنْ الْغَابِرِينَ لِأَنَّهَا لَمْ تَهْلِك مَعَ قَوْمهَا فِي قَرْيَتهمْ , وَأَنَّهَا إِنَّمَا أَصَابَهَا الْحَجَر بَعْد مَا خَرَجَتْ عَنْ قَرْيَتهمْ مَعَ لُوط وَابْنَتَيْهِ , فَكَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ بَعْد قَوْمهَا , ثُمَّ أَهْلَكَهَا اللَّه بِمَا أَمْطَرَ عَلَى بَقَايَا قَوْم لُوط مِنْ الْحِجَارَة , وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَة عَنْ إِعَادَتهَا.'; $TAFSEER['3']['26']['172'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ أَهْلَكْنَا الْآخَرِينَ مِنْ قَوْم لُوط بِالتَّدْمِيرِ .'; $TAFSEER['3']['26']['173'] = 'وَذَلِكَ إِرْسَال اللَّه عَلَيْهِمْ حِجَارَة مِنْ سِجِّيل مِنْ السَّمَاء . يَقُول : فَبِئْسَ ذَلِكَ الْمَطَر مَطَر الْقَوْم الَّذِينَ أَنْذَرَهُمْ نَبِيّهمْ فَكَذَّبُوهُ .'; $TAFSEER['3']['26']['174'] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي إِهْلَاكنَا قَوْم لُوط الْهَلَاك الَّذِي وَصَفْنَا بِتَكْذِيبِهِمْ رَسُولنَا , لَعِبْرَة وَمَوْعِظَة لِقَوْمِك يَا مُحَمَّد , يَتَّعِظُونَ بِهَا فِي تَكْذِيبهمْ إِيَّاكَ , وَرَدّهمْ عَلَيْك مَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك مِنْ الْحَقّ فِي سَابِق عِلْم اللَّه'; $TAFSEER['3']['26']['175'] = 'بِمَنْ آمَنَ بِهِ'; $TAFSEER['3']['26']['176'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَذَّبَ أَصْحَاب الْأَيْكَة الْمُرْسَلِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { كَذَّبَ أَصْحَاب الْأَيْكَة } . وَالْأَيْكَة : الشَّجَر الْمُلْتَفّ , وَهِيَ وَاحِدَة الْأَيْك , وَكُلّ شَجَر مُلْتَفّ فَهُوَ عِنْد الْعَرَب أَيْكَة ; وَمِنْهُ قَوْل نَابِغَة بَنِي ذُبْيَان : تَجْلُو بِقَادِمَتَيْ حَمَامَةِ أَيْكَةٍ بَرَدًا أُسِفَّ لِثَاتُهُ بِالْإِثْمِدِ وَأَصْحَاب الْأَيْكَة : هُمْ أَهْل مَدْيَن فِيمَا ذُكِرَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20325 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { كَذَّبَ أَصْحَاب الْأَيْكَة الْمُرْسَلِينَ } يَقُول : أَصْحَاب الْغَيْضَة . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { كَذَّبَ أَصْحَاب الْأَيْكَة الْمُرْسَلِينَ } قَالَ : الْأَيْكَة : مَجْمَع الشَّجَر . 20326 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { كَذَّبَ أَصْحَاب الْأَيْكَة الْمُرْسَلِينَ } قَالَ : أَهْل مَدْيَن , وَالْأَيْكَة : الْمُلْتَفّ مِنْ الشَّجَر . 20327 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { كَذَّبَ أَصْحَاب الْأَيْكَة الْمُرْسَلِينَ } قَالَ : الْأَيْكَة : الشَّجَر , بَعَثَ اللَّه شُعَيْبًا إِلَى قَوْمه مِنْ أَهْل مَدْيَن , وَإِلَى أَهْل الْبَادِيَة , قَالَ : وَهُمْ أَصْحَاب لَيْكَة , وَلَيْكَة وَالْأَيْكَة : وَاحِد .'; $TAFSEER['3']['26']['177'] = 'وَقَوْله { إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْب أَلَا تَتَّقُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ لَهُمْ شُعَيْب : أَلَا تَتَّقُونَ عِقَاب اللَّه عَلَى مَعْصِيَتكُمْ رَبّكُمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['178'] = '{ إِنِّي لَكُمْ } مِنْ اللَّه { رَسُول أَمِين } عَلَى وَحْيه.'; $TAFSEER['3']['26']['179'] = '{ فَاتَّقُوا } عِقَاب { اللَّه } عَلَى خِلَافكُمْ أَمْره { وَأَطِيعُونِ } تَرْشَدُوا .'; $TAFSEER['3']['26']['180'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْر إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى رَبّ الْعَالَمِينَ } يَقُول : { وَمَا أَسْأَلكُمْ } عَلَى نُصْحِي لَكُمْ مِنْ جَزَاء وَثَوَاب , مَا جَزَائِي وَثَوَابِي عَلَى ذَلِكَ { إِلَّا عَلَى رَبّ الْعَالَمِينَ } .'; $TAFSEER['3']['26']['181'] = 'يَقُول : أَوْفُوا النَّاس حُقُوقهمْ مِنْ الْكَيْل . يَقُول : وَلَا تَكُونُوا مِمَّنْ نَقَصَهُمْ حُقُوقهمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['182'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيم } يَعْنِي بِقَوْلِهِ { وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ } وَزِنُوا بِالْمِيزَانِ { الْمُسْتَقِيم } الَّذِي لَا بَخْس فِيهِ عَلَى مَنْ وَزَنْتُمْ لَهُ .'; $TAFSEER['3']['26']['183'] = 'يَقُول : وَلَا تَنْقُصُوا النَّاس حُقُوقهمْ فِي الْكَيْل وَالْوَزْن . يَقُول : وَلَا تُكْثِرُوا فِي الْأَرْض الْفَسَاد. وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ كُلّه بِشَوَاهِدِهِ , ه وَاخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِيهِ فِيمَا مَضَى , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .'; $TAFSEER['3']['26']['184'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّة الْأَوَّلِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَاتَّقُوا } أَيّهَا الْقَوْم عِقَاب رَبّكُمْ { الَّذِي خَلَقَكُمْ , /و } خَلَقَ { الْجِبِلَّة الْأَوَّلِينَ } يَعْنِي بِالْجِبِلَّةِ : الْخَلْق الْأَوَّلِينَ . وَفِي الْجِبِلَّة لِلْعَرَبِ لُغَتَانِ : كَسْر الْجِيم وَالْبَاء وَتَشْدِيد اللَّام , وَضَمّ الْجِيم وَالْبَاء وَتَشْدِيد اللَّام ; فَإِذَا نَزَعْت الْهَاء مِنْ آخِرهَا كَانَ الضَّمّ فِي الْجِيم وَالْبَاء أَكْثَر كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جَبِلًا كَثِيرًا } 36 62 وَرُبَّمَا سَكَّنُوا الْبَاء مِنْ الْجِبْل , كَمَا قَالَ أَبُو ذُؤَيْب : مَنَايَا يُقَرِّبْنَ الْحُتُوف لِأَهْلِهَا جِهَارًا وَيَسْتَمْتِعْنَ بِالْأَنَسِ الْجِبْل وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى الْجِبِلَّة قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20328 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : قَوْله : { وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّة الْأَوَّلِينَ } يَقُول : خَلْق الْأَوَّلِينَ . 20329 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَالْجِبِلَّة الْأَوَّلِينَ } قَالَ : الْخَلِيقَة. 20330 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَالْجِبِلَّة الْأَوَّلِينَ } قَالَ : الْخَلْق الْأَوَّلِينَ , الْجِبِلَّة : الْخَلْق .'; $TAFSEER['3']['26']['185'] = 'وَقَوْله : { قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ } يَقُول : قَالُوا : إِنَّمَا أَنْتَ يَا شُعَيْب مُعَلَّل تُعَلَّل بِالطَّعَامِ وَالشَّرَاب , كَمَا نُعَلَّل بِهِمَا , وَلَسْت مَلَكًا .'; $TAFSEER['3']['26']['186'] = '{ وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَر مِثْلنَا } تَأْكُل وَتَشْرَب { وَإِنْ نَظُنّك لَمِنْ الْكَاذِبِينَ } . يَقُول : وَمَا نَحْسِبك فِيمَا تُخْبِرنَا وَتَدْعُونَا إِلَيْهِ , إِلَّا مِمَّنْ يَكْذِب فِيمَا يَقُول .'; $TAFSEER['3']['26']['187'] = 'فَإِنْ كُنْت صَادِقًا فِيمَا تَقُول بِأَنَّك رَسُول اللَّه كَمَا تَزْعُم { فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنْ السَّمَاء } يَعْنِي قِطَعًا مِنْ السَّمَاء , وَهِيَ جَمْع كِسْفَة , جُمِعَ كَذَلِكَ كَمَا تُجْمَع تَمْرَة : تَمْرًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20331 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنَا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { كِسَفًا } يَقُول : قِطَعًا . 20332 - حُدِّثْنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { كِسَفًا مِنْ السَّمَاء } : جَانِبًا مِنْ السَّمَاء . 20333 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنْ السَّمَاء } قَالَ : نَاحِيَة مِنْ السَّمَاء , عَذَاب ذَلِكَ الْكِسَف.'; $TAFSEER['3']['26']['188'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ رَبِّي أَعْلَم بِمَا تَعْمَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ شُعَيْب لِقَوْمِهِ : { رَبِّي أَعْلَم بِمَا تَعْمَلُونَ } يَقُول : بِأَعْمَالِهِمْ هُوَ بِهَا مُحِيط , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْء , وَهُوَ مُجَازِيكُمْ بِهَا جَزَاءَكُمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['189'] = 'يَقُول : فَكَذَّبَهُ قَوْمه . يَعْنِي بِالظُّلَّةِ : سَحَابَة ظَلَّلَتْهُمْ , فَلَمَّا تَتَامُّوا تَحْتهَا اِلْتَهَبَتْ عَلَيْهِمْ نَارًا , وَأَحْرَقَتْهُمْ , وَبِذَلِكَ جَاءَتْ الْآثَار. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20334 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ زَيْد بْن مُعَاوِيَة , فِي قَوْله : { فَأَخَذَهُمْ عَذَاب يَوْم الظُّلَّة } قَالَ : أَصَابَهُمْ حَرّ أَقْلَقَهُمْ فِي بُيُوتهمْ , فَنَشَأَتْ لَهُمْ سَحَابَة كَهَيْئَةِ الظُّلَّة , فَابْتَدَرُوهَا , فَلَمَّا تَتَامُّوا تَحْتهَا أَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَة. 20335 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , فِي قَوْله : { عَذَاب يَوْم الظُّلَّة } قَالَ : كَانُوا يَحْفِرُونَ الْأَسْرَاب لِيَتَبَرَّدُوا فِيهَا , فَإِذَا دَخَلُوهَا وَجَدُوهَا أَشَدّ حَرًّا مِنْ الظَّاهِر , وَكَانَتْ الظُّلَّة سَحَابَة 20336 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثَنِي جَرِير بْن حَازِم أَنَّهُ سَمِعَ قَتَادَة يَقُول : بُعِثَ شُعَيْب إِلَى أُمَّتَيْنِ : إِلَى قَوْمه أَهْل مَدْيَن , وَإِلَى أَصْحَاب الْأَيْكَة . وَكَانَتْ الْأَيْكَة مِنْ شَجَر مُلْتَفّ ; فَلَمَّا أَرَادَ اللَّه أَنْ يُعَذِّبهُمْ , بَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ حَرًّا شَدِيدًا , وَرَفَعَ لَهُمْ الْعَذَاب كَأَنَّهُ سَحَابَة ; فَلَمَّا دَنَتْ مِنْهُمْ خَرَجُوا إِلَيْهَا رَجَاء بَرْدهَا , فَلَمَّا كَانُوا تَحْتهَا مُطِرَتْ عَلَيْهِمْ نَارًا . قَالَ : فَذَلِكَ قَوْله : { فَأَخَذَهُمْ عَذَاب يَوْم الظُّلَّة } . 20337 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنِي سَعِيد بْن زَيْد أَخُو حَمَّاد بْن زَيْد , قَالَ : ثَنَا حَاتِم بْن أَبِي صَغِيرَة , قَالَ : ثَنِي يَزِيد الْبَاهِلِيّ , قَالَ : سَأَلْت عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس , عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { فَأَخَذَهُمْ عَذَاب يَوْم الظُّلَّة إِنَّهُ كَانَ عَذَاب يَوْم عَظِيم } فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس : بَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ وَمَدَة وَحَرًّا شَدِيدًا , فَأَخَذَ بِأَنْفَاسِهِمْ , فَدَخَلُوا الْبُيُوت , فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَجْوَاف الْبُيُوت , فَأَخَذَ بِأَنْفَاسِهِمْ , فَخَرَجُوا مِنْ الْبُيُوت هِرَابًا إِلَى الْبَرِّيَّة , فَبَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ سَحَابَة , فَأَظَلَّتْهُمْ مِنْ الشَّمْس , فَوَجَدُوا لَهَا بَرْدًا وَلَذَّة , فَنَادَى بَعْضهمْ بَعْضًا , حَتَّى إِذَا اِجْتَمَعُوا تَحْتهَا , أَرْسَلَهَا اللَّه عَلَيْهِمْ نَارًا . قَالَ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس : فَذَلِكَ عَذَاب يَوْم الظُّلَّة , إِنَّهُ كَانَ عَذَاب يَوْم عَظِيم . 20338 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : " يَوْم الظُّلَّة " قَالَ : إِظْلَال الْعَذَاب إِيَّاهُمْ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيج , عَنْ مُجَاهِد : { عَذَاب يَوْم الظُّلَّة } قَالَ : أَظَلَّ الْعَذَاب قَوْم شُعَيْب . قَالَ اِبْن جُرَيج : لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ أَوَّل الْعَذَاب , أَخَذَهُمْ مِنْهُ حَرّ شَدِيد , فَرَفَعَ اللَّه لَهُمْ غَمَامَة , فَخَرَجَ إِلَيْهَا طَائِفَة مِنْهُمْ لِيَسْتَظِلُّوا بِهَا , فَأَصَابَهُمْ مِنْهَا رَوْح وَبَرْد وَرِيح طَيِّبَة , فَصَبَّ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقهمْ مِنْ تِلْكَ الْغَمَامَة عَذَابًا , فَذَلِكَ قَوْله : { عَذَاب يَوْم الظُّلَّة } . 20339 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر بْن رَاشِد , قَالَ : ثَنِي رَجُل مِنْ أَصْحَابنَا , عَنْ بَعْض الْعُلَمَاء قَالَ : كَانُوا عَطَّلُوا حَدًّا , فَوَسَّعَ اللَّه عَلَيْهِمْ فِي الرِّزْق , ثُمَّ عَطَّلُوا حَدًّا , فَوَسَّعَ اللَّه عَلَيْهِمْ فِي الرِّزْق , ثُمَّ عَطَّلُوا حَدًّا , فَوَسَّعَ اللَّه عَلَيْهِمْ فِي الرِّزْق , فَجَعَلُوا كُلَّمَا عَطَّلُوا حَدًّا وَسَّعَ اللَّه عَلَيْهِمْ فِي الرِّزْق , حَتَّى إِذَا أَرَادَ إِهْلَاكهمْ سَلَّطَ اللَّه عَلَيْهِمْ حَرًّا لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَتَقَارُّوا , وَلَا يَنْفَعهُمْ ظِلّ وَلَا مَاء , حَتَّى ذَهَبَ ذَاهِب مِنْهُمْ , فَاسْتَظَلَّ تَحْت ظُلَّة , فَوَجَدَ رَوْحًا , فَنَادَى أَصْحَابه : هَلُمُّوا إِلَى الرَّوْح , فَذَهَبُوا إِلَيْهِ سِرَاعًا , حَتَّى إِذَا اِجْتَمَعُوا أَلْهَبَهَا اللَّه عَلَيْهِمْ نَارًا , فَذَلِكَ عَذَاب يَوْم الظُّلَّة. 20340 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : مَنْ حَدَّثَك مِنْ الْعُلَمَاء مَا عَذَاب يَوْم الظُّلَّة ؟ فَكَذَّبَهُ . 20341 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { فَأَخَذَهُمْ عَذَاب يَوْم الظُّلَّة } قَوْم شُعَيْب , حَبَسَ اللَّه عَنْهُمْ الظِّلّ وَالرِّيح , فَأَصَابَهُمْ حَرّ شَدِيد , ثُمَّ بَعَثَ اللَّه لَهُمْ سَحَابَة فِيهَا الْعَذَاب , فَلَمَّا رَأَوْا السَّحَابَة اِنْطَلَقُوا يَؤُمُّونَهَا , زَعَمُوا يَسْتَظِلُّونَ , فَاضْطَرَمَتْ عَلَيْهِمْ نَارًا فَأَهْلَكَتْهُمْ. 20342 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَأَخَذَهُمْ عَذَاب يَوْم الظُّلَّة , إِنَّهُ كَانَ عَذَاب يَوْم عَظِيم } قَالَ : بَعَثَ اللَّه إِلَيْهِمْ ظُلَّة مِنْ سَحَاب , وَبَعَثَ إِلَى الشَّمْس فَأَحْرَقَتْ مَا عَلَى وَجْه الْأَرْض , فَخَرَجُوا كُلّهمْ إِلَى تِلْكَ الظُّلَّة , حَتَّى إِذَا اِجْتَمَعُوا كُلّهمْ , كَشَفَ اللَّه عَنْهُمْ الظُّلَّة , وَأَحْمَى عَلَيْهِمْ الشَّمْس , فَاحْتَرَقُوا كَمَا يَحْتَرِق الْجَرَاد فِي الْمِقْلَى . وَقَوْله : { إِنَّهُ كَانَ عَذَاب يَوْم عَظِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ عَذَاب يَوْم الظُّلَّة كَانَ عَذَاب يَوْم لِقَوْمِ شُعَيْب عَظِيم .'; $TAFSEER['3']['26']['190'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي تَعْذِيبنَا قَوْم شُعَيْب عَذَاب يَوْم الظُّلَّة , بِتَكْذِيبِهِمْ نَبِيّهمْ شُعَيْبًا , لَآيَة لِقَوْمِك يَا مُحَمَّد , وَعِبْرَة لِمَنْ اِعْتَبِرْ , إِنْ اِعْتَبَرُوا أَنَّ سُنَّتنَا فِيهِمْ بِتَكْذِيبِهِمْ إِيَّاكَ , سُنَّتنَا فِي أَصْحَاب الْأَيْكَة . فِي سَابِق عِلْمنَا فِيهِمْ'; $TAFSEER['3']['26']['191'] = '{ وَإِنَّ رَبّك } يَا مُحَمَّد { لَهُوَ الْعَزِيز } فِي نِقْمَته مِمَّنْ اِنْتَقَمَ مِنْهُ مِنْ أَعْدَائِهِ { الرَّحِيم } بِمَنْ تَابَ مِنْ خَلْقه , وَأَنَابَ إِلَى طَاعَته .'; $TAFSEER['3']['26']['192'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنَّهُ لَتَنْزِيل رَبّ الْعَالَمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآن { لَتَنْزِيل رَبّ الْعَالَمِينَ } وَالْهَاء فِي قَوْله { وَإِنَّهُ } كِنَايَة الذِّكْر الَّذِي فِي قَوْله : { وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْر مِنْ الرَّحْمَن } 26 5 . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20343 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { لَتَنْزِيل رَبّ الْعَالَمِينَ } قَالَ : هَذَا الْقُرْآن .'; $TAFSEER['3']['26']['193'] = 'وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله { نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْبَصْرَة { نَزَلَ } بِهِ مُخَفَّفَة { الرُّوح الْأَمِين } رَفْعًا بِمَعْنَى : أَنَّ الرُّوح الْأَمِين هُوَ الَّذِي نَزَلَ بِالْقُرْآنِ عَلَى مُحَمَّد , وَهُوَ جِبْرِيل . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة. { نَزَّلَ } مُشَدَّدَة الزَّاي { الرُّوح الْأَمِين } نَصْبًا , بِمَعْنَى : أَنَّ رَبّ الْعَالَمِينَ نَزَّلَ بِالْقُرْآنِ الرُّوحَ الْأَمِين , وَهُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَأَيَّتهمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , وَذَلِكَ أَنَّ الرُّوح الْأَمِين إِذَا نَزَلَ عَلَى مُحَمَّد بِالْقُرْآنِ , لَمْ يَنْزِل بِهِ إِلَّا بِأَمْرِ اللَّه إِيَّاهُ بِالنُّزُولِ , وَلَنْ يَجْهَل أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ ذُو إِيمَان بِاَللَّهِ , وَأَنَّ اللَّه إِذَا أَنْزَلَهُ بِهِ نَزَلَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي أَنَّ الْمَعْنِيّ بِالرُّوحِ الْأَمِين فِي هَذَا الْمَوْضِع جِبْرِيل قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20344 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس . فِي قَوْله : { نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين } قَالَ : جِبْرِيل . 20345 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْل اللَّه : { نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين } قَالَ : جِبْرِيل . 20346 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج قَالَ : { الرُّوح الْأَمِين } جِبْرِيل . 20347 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { الرُّوح الْأَمِين } قَالَ : جِبْرِيل .'; $TAFSEER['3']['26']['194'] = 'وَقَوْله { عَلَى قَلْبك } يَقُول : نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين فَتَلَاهُ عَلَيْك يَا مُحَمَّد , حَتَّى وَعَيْته بِقَلْبِك. وَقَوْله : { لِتَكُونَ مِنْ الْمُنْذِرِينَ } يَقُول : لِتَكُونَ مِنْ رُسُل اللَّه الَّذِينَ كَانُوا يُنْذِرُونَ مَنْ أُرْسِلُوا إِلَيْهِ مِنْ قَوْمهمْ , فَتُنْذِر بِهَذَا التَّنْزِيل قَوْمك الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِ اللَّه .'; $TAFSEER['3']['26']['195'] = 'وَقَوْله : { بِلِسَانٍ عَرَبِيّ مُبِين } يَقُول : لِتُنْذِر قَوْمك بِلِسَانٍ عَرَبِيّ مُبِين , يُبَيِّن لِمَنْ سَمِعَهُ أَنَّهُ عَرَبِيّ , وَبِلِسَانِ الْعَرَب نَزَلَ , وَالْبَاء مِنْ قَوْله { بِلِسَانٍ } مِنْ صِلَة قَوْله : { نَزَلَ } , وَإِنَّمَا ذَكَرَ تَعَالَى ذِكْره أَنَّهُ نَزَلَ هَذَا الْقُرْآن بِلِسَانٍ عَرَبِيّ مُبِين فِي هَذَا الْمَوْضِع , إِعْلَامًا مِنْهُ مُشْرِكِي قُرَيْش أَنَّهُ أَنْزَلَهُ كَذَلِكَ , لِئَلَّا يَقُولُوا إِنَّهُ نَزَلَ بِغَيْرِ لِسَاننَا , فَنَحْنُ إِنَّمَا نَعْرِض عَنْهُ وَلَا نَسْمَعهُ , لِأَنَّا لَا نَفْهَمهُ , وَإِنَّمَا هَذَا تَقْرِيع لَهُمْ , وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى ذِكْره قَالَ : { مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْر مِنْ الرَّحْمَن مُحْدَث إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ } 26 5 . ثُمَّ قَالَ : لَمْ يُعْرِضُوا عَنْهُ لِأَنَّهُمْ لَا يَفْهَمُونَ مَعَانِيه , بَلْ يَفْهَمُونَهَا , لِأَنَّهُ تَنْزِيل رَبّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين بِلِسَانِهِمْ الْعَرَبِيّ , وَلَكِنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَنْهُ تَكْذِيبًا بِهِ وَاسْتِكْبَارًا { فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } 26 6 . كَمَا أَتَى هَذِهِ الْأُمَم الَّتِي قَصَصْنَا نَبَأَهَا فِي هَذِهِ السُّورَة حِين كَذَّبَتْ رُسُلهَا أَنْبَاء مَا كَانُوا بِهِ يُكَذِّبُونَ.'; $TAFSEER['3']['26']['196'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنَّهُ لَفِي زُبُر الْأَوَّلِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآن لَفِي زُبُر الْأَوَّلِينَ : يَعْنِي فِي كُتُب الْأَوَّلِينَ , وَخَرَجَ مَخْرَج الْعُمُوم وَمَعْنَاهُ الْخُصُوص , وَإِنَّمَا هُوَ : وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآن لَفِي بَعْض زُبُر الْأَوَّلِينَ ; يَعْنِي : أَنَّ ذِكْره وَخَبَره فِي بَعْض مَا نَزَلَ مِنْ الْكُتُب عَلَى بَعْض رُسُله .'; $TAFSEER['3']['26']['197'] = 'وَقَوْله : { أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَة أَنْ يَعْلَمهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَوَلَمْ يَكُنْ لِهَؤُلَاءِ الْمُعْرِضِينَ عَمَّا يَأْتِيك يَا مُحَمَّد مِنْ ذِكْر رَبّك , دَلَالَة عَلَى أَنَّك رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ , أَنْ يَعْلَم حَقِيقَة ذَلِكَ وَصِحَّته عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيل . وَقِيلَ : عُنِيَ بِعُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيل فِي هَذَا الْمَوْضِع : عَبْد اللَّه بْن سَلَام وَمَنْ أَشْبَهَهُ مِمَّنْ كَانَ قَدْ آمَنَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل فِي عَصْره . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20348 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَة أَنْ يَعْلَمهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيل } قَالَ : كَانَ عَبْد اللَّه بْن سَلَام مِنْ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيل , وَكَانَ مِنْ خِيَارهمْ , فَآمَنَ بِكِتَابِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ لَهُمْ اللَّه : أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَة أَنْ يَعْلَمهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيل وَخِيَارهمْ. 20349 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيل } قَالَ : عَبْد اللَّه بْن سَلَام وَغَيْره مِنْ عُلَمَائِهِمْ . 20350 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَة } قَالَ مُحَمَّد : { أَنْ يَعْلَمهُ } قَالَ : يَعْرِفهُ. { عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيل } . قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ مُجَاهِد : عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيل : عَبْد اللَّه بْن سَلَام , وَغَيْره مِنْ عُلَمَائِهِمْ . 20351 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَة أَنْ يَعْلَمهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيل } قَالَ : أَوَلَمْ يَكُنْ لِلنَّبِيِّ آيَة , عَلَامَة أَنَّ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيل كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدهمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['198'] = 'وَقَوْله : { وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْض الْأَعْجَمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْ نَزَّلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى بَعْض الْبَهَائِم الَّتِي لَا تَنْطِق , وَإِنَّمَا قِيلَ عَلَى بَعْض الْأَعْجَمِينَ , وَلَمْ يَقُلْ عَلَى بَعْض الْأَعْجَمِيِّينَ , لِأَنَّ الْعَرَب تَقُول إِذَا نَعَتَتْ الرَّجُل بِالْعُجْمَةِ وَأَنَّهُ لَا يُفْصِح بِالْعَرَبِيَّةِ : هَذَا رَجُل أَعْجَم , وَلِلْمَرْأَةِ : هَذِهِ اِمْرَأَة عَجْمَاء , وَلِلْجَمَاعَةِ : هَؤُلَاءِ قَوْم عَجَم وَأَعْجَمُونَ , وَإِذَا أُرِيدَ هَذَا الْمَعْنَى وُصِفَ بِهِ الْعَرَبِيّ وَالْأَعْجَمِيّ , لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي أَنَّهُ غَيْر فَصِيح اللِّسَان , وَقَدْ يَكُون كَذَلِكَ , وَهُوَ مِنْ الْعَرَب وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْل الشَّاعِر : مِنْ وَائِل لَا حَيّ يَعْدِلهُمْ مِنْ سُوقَة عَرَب وَلَا عَجَم فَأَمَّا إِذَا أُرِيدَ بِهِ نِسْبَة الرَّجُل إِلَى أَصْله مِنْ الْعَجَم , لَا وَصْفه بِأَنَّهُ غَيْر فَصِيح اللِّسَان , فَإِنَّهُ يُقَال : هَذَا رَجُل عَجَمِيّ , وَهَذَانِ رَجُلَانِ عَجَمِيَّانِ , وَهَؤُلَاءِ قَوْم عُجْم , كَمَا يُقَال : عَرَبِيّ , وَعَرَبِيَّانِ , وَقَوْم عَرَب . وَإِذَا قِيلَ : هَذَا رَجُل أَعْجَمِيّ , فَإِنَّمَا نُسِبَ إِلَى نَفْسه كَمَا يُقَال لِلْأَحْمَرِ : هَذَا أَحْمَرِيّ ضَخْم , وَكَمَا قَالَ الْعَجَاج : وَالدَّهْر بِالْإِنْسَانِ دَوَّارِيّ وَمَعْنَاهُ : دَوَّار , فَنَسَبَهُ إِلَى فِعْل نَفْسه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20352 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى , قَالَ : كُنْت وَاقِفًا إِلَى جَنْب عَبْد اللَّه بْن مُطِيع بِعَرَفَة , فَتَلَا هَذِهِ الْآيَة : { وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْض الْأَعْجَمِينَ . فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ } قَالَ : لَوْ نَزَلَ عَلَى بَعِيرِي هَذَا فَتَكَلَّمَ بِهِ مَا آمَنُوا بِهِ { لَقَالُوا : لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاته } 41 44 حَتَّى يَفْقَههُ عَرَبِيّ وَعَجَمِيّ , لَوْ فَعَلْنَا ذَلِكَ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى , قَالَ : كَانَ عَبْد اللَّه بْن مُطِيع وَاقِفًا بِعَرَفَة , فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَة { وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْض الْأَعْجَمِينَ } فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ , قَالَ : فَقَالَ : جَمَلِي هَذَا أَعْجَم , فَلَوْ أُنْزِلَ عَلَى هَذَا مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ . وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَة فِي ذَلِكَ مَا . 20353 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْض الْأَعْجَمِينَ } قَالَ : لَوْ نَزَّلَهُ اللَّه أَعْجَمِيًّا كَانُوا أَخْسَر النَّاس بِهِ , لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ بِالْعَجَمِيَّةِ . وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ قَتَادَة قَوْل لَا وَجْه لَهُ , لِأَنَّهُ وَجَّهَ الْكَلَام أَنَّ مَعْنَاهُ : وَلَوْ أَنْزَلْنَاهُ أَعْجَمِيًّا , وَإِنَّمَا التَّنْزِيل { وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْض الْأَعْجَمِينَ } يَعْنِي : وَلَوْ نَزَّلْنَا هَذَا الْقُرْآن الْعَرَبِيّ عَلَى بَهِيمَة مِنْ الْعَجَم أَوْ بَعْض مَا لَا يُفْصِح , وَلَمْ يَقُلْ : وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ أَعْجَمِيًّا . فَيَكُون تَأْوِيل الْكَلَام مَا قَالَهُ .'; $TAFSEER['3']['26']['199'] = 'وَقَوْله { فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ } يَقُول : فَقَرَأَ هَذَا الْقُرْآن عَلَى كُفَّار قَوْمك يَا مُحَمَّد الَّذِينَ حَتَّمْت عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُؤْمِنُوا ذَلِكَ الْأَعْجَم مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ . يَقُول : لَمْ يَكُونُوا لِيُؤْمِنُوا بِهِ , لِمَا قَدْ جَرَى لَهُمْ فِي سَابِق عِلْمِي مِنْ الشَّقَاء , وَهَذَا تَسْلِيَة مِنْ اللَّه نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْمه , لِئَلَّا يَشْتَدّ وَجْده بِإِدْبَارِهِمْ عَنْهُ , وَإِعْرَاضهمْ عَنْ الِاسْتِمَاع لِهَذَا الْقُرْآن , لِأَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيدًا حِرْصه عَلَى قَبُولهمْ مِنْهُ , وَالدُّخُول فِيمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ , حَتَّى عَاتَبَهُ رَبّه عَلَى شِدَّة حِرْصه عَلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ , فَقَالَ لَهُ : { لَعَلَّك بَاخِع نَفْسك أَنْ لَا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } 26 3 ثُمَّ قَالَ مُؤْيِسه مِنْ إِيمَانهمْ وَأَنَّهُمْ هَالِكُونَ بِبَعْضِ مَثُلَاته , كَمَا هَلَكَ بَعْض الْأُمَم الَّذِينَ قَصَّ عَلَيْهِمْ قَصَصهمْ فِي هَذِهِ السُّورَة. وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْض الْأَعْجَمِينَ يَا مُحَمَّد لَا عَلَيْك , فَإِنَّك رَجُل مِنْهُمْ , وَيَقُولُونَ لَك : مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَر مِثْلنَا , وَهَلَّا نَزَلَ بِهِ مَلَك , فَقَرَأَ ذَلِكَ الْأَعْجَم عَلَيْهِمْ هَذَا الْقُرْآن , وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عِلَّة يَدْفَعُونَ بِهَا أَنَّهُ حَقّ , وَأَنَّهُ تَنْزِيل مِنْ عِنْدِي , مَا كَانُوا بِهِ مُصَدِّقِينَ , فَخَفِّضْ مِنْ حِرْصك عَلَى إِيمَانهمْ بِهِ , ثُمَّ وَكَّدَ تَعَالَى ذِكْره الْخَبَر عَمَّا قَدْ حَتَّمَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ , الَّذِينَ آيَسَ نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِيمَانهمْ مِنْ الشَّقَاء وَالْبَلَاء , فَقَالَ : كَمَا حَتَّمْنَا عَلَى هَؤُلَاءِ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَذَا الْقُرْآن { وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْض الْأَعْجَمِينَ } فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['200'] = '{ كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ } التَّكْذِيب وَالْكُفْر { فِي قُلُوب الْمُجْرِمِينَ } . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : سَلَكْنَا : أَدْخَلْنَا , وَالْهَاء فِي قَوْله { سَلَكْنَاهُ } كِنَايَة مِنْ ذِكْر قَوْله { مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ } , كَأَنَّهُ قَالَ : كَذَلِكَ أَدْخَلْنَا فِي قُلُوب الْمُجْرِمِينَ تَرْك الْإِيمَان بِهَذَا الْقُرْآن. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20353 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ } قَالَ : الْكُفْر { فِي قُلُوب الْمُجْرِمِينَ } . 20355 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوب الْمُجْرِمِينَ . لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَاب الْأَلِيم } . 20356 -حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا زَيْد بْن أَبِي الزَّرْقَاء , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حُمَيْد , عَنْ الْحَسَن , فِي هَذِهِ الْآيَة : { كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوب الْمُجْرِمِينَ } قَالَ : خَلَقْنَاهُ. 20357 - قَالَ : ثَنَا زَيْد , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ حُمَيْد , قَالَ : سَأَلْت الْحَسَن فِي بَيْت أَبِي خَلِيفَة , عَنْ قَوْله { كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوب الْمُجْرِمِينَ } قَالَ : الشِّرْك سَلَكَهُ فِي قُلُوبهمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['201'] = 'وَقَوْله : { لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَاب الْأَلِيم } يَقُول : فَعَلْنَا ذَلِكَ بِهِمْ لِئَلَّا يُصَدِّقُوا بِهَذَا الْقُرْآن , حَتَّى يَرَوْا الْعَذَاب الْأَلِيم فِي عَاجِل الدُّنْيَا , كَمَا رَأَتْ ذَلِكَ الْأُمَم الَّذِينَ قَصَّ اللَّه قَصَصهمْ فِي هَذِهِ السُّورَة . وَرُفِعَ قَوْله { لَا يُؤْمِنُونَ } لِأَنَّ الْعَرَب مِنْ شَأْنهَا إِذَا وَضَعَتْ فِي مَوْضِع مِثْل هَذَا الْمَوْضِع " لَا " رُبَّمَا جَزَمَتْ مَا بَعْدهَا , وَرُبَّمَا رَفَعَتْ فَتَقُول : رَبَطْت الْفَرَس لَا تَنْفَلِت , وَأَحْكَمْت الْعِقْد لَا يَنْحَلّ , جَزْمًا وَرَفْعًا . وَإِنَّمَا تَفْعَل ذَلِكَ لِأَنَّ تَأْوِيل ذَلِكَ : إِنْ لَمْ أُحْكِم الْعِقْد اِنْحَلَّ , فَجَزْمه عَلَى التَّأْوِيل , وَرَفْعه بِأَنَّ الْجَازِم غَيْر ظَاهِر . وَمِنْ الشَّاهِد عَلَى الْجَزْم فِي ذَلِكَ قَوْل الشَّاعِر : لَوْ كُنْت إِذْ جِئْتنَا حَاوَلْت رُؤْيَتنَا أَوْ جِئْتنَا مَاشِيًا لَا يَعْرِف الْفَرَس وَقَوْل الْآخَر : لَطَالَمَا حَلَّأْتمَاهَا لَا تَرِد فَخَلِّيَاهَا وَالسِّجَال تَبْتَرِد'; $TAFSEER['3']['26']['202'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَيَأْتِيهِمْ بَغْتَة وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَيَأْتِي هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِهَذَا الْقُرْآن , الْعَذَاب الْأَلِيم بَغْتَة , يَعْنِي فَجْأَة { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } يَقُول : لَا يَعْلَمُونَ قَبْل ذَلِكَ بِمَجِيئِهِ حَتَّى يَفْجَأهُمْ بَغْتَة .'; $TAFSEER['3']['26']['203'] = '{ فَيَقُولُوا } حِين يَأْتِيهِمْ بَغْتَة { هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ } : أَيْ هَلْ نَحْنُ مُؤَخَّر عَنَّا الْعَذَاب , وَمُنَسَّأ فِي آجَالنَا لِنَثُوبَ , وَنُنِيب إِلَى اللَّه مِنْ شِرْكنَا وَكُفْرنَا بِاَللَّهِ , فَنُرَاجِع الْإِيمَان بِهِ , وَنُنِيب إِلَى طَاعَته .'; $TAFSEER['3']['26']['204'] = 'وَقَوْله : { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَبِعَذَابِنَا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ يَسْتَعْجِلُونَ بِقَوْلِهِمْ : لَنْ نُؤْمِن لَك حَتَّى تُسْقِط السَّمَاء كَمَا زَعَمْت عَلَيْنَا كِسَفًا .'; $TAFSEER['3']['26']['205'] = 'لَمْ يَتَعَرَّض الْمُصَنِّف لِهَذِهِ الْآيَة بِالتَّفْسِيرِ'; $TAFSEER['3']['26']['206'] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ جَاءَهُمْ الْعَذَاب الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ عَلَى كُفْرهمْ بِآيَاتِنَا , وَتَكْذِيبهمْ رَسُولنَا .'; $TAFSEER['3']['26']['207'] = 'يَقُول : أَيّ شَيْء أَغْنَى عَنْهُمْ التَّأْخِير الَّذِي أَخَّرْنَا فِي آجَالهمْ , وَالْمَتَاع الَّذِي مَتَّعْنَاهُمْ بِهِ مِنْ الْحَيَاة , إِذْ لَمْ يَتُوبُوا مِنْ شِرْكهمْ , هَلْ زَادَهُمْ تَمْتِيعنَا إِيَّاهُمْ ذَلِكَ إِلَّا خَبَالًا , وَهَلْ نَفَعَهُمْ شَيْئًا , بَلْ ضَرَّهُمْ بِازْدِيَادِهِمْ مِنْ الْآثَام , وَاكْتِسَابهمْ مِنْ الْإِجْرَام مَا لَوْ لَمْ يُمَتَّعُوا لَمْ يَكْتَسِبُوهُ . 20358 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَفَرَأَيْت إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ } إِلَى قَوْله { مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ } قَالَ : هَؤُلَاءِ أَهْل الْكُفْر.'; $TAFSEER['3']['26']['208'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَة إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَة } مِنْ هَذِهِ الْقُرَى الَّتِي وُصِفَتْ فِي هَذِهِ السُّوَر { إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ } يَقُول : إِلَّا بَعْد إِرْسَالنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا يُنْذِرُونَهُمْ بَأْسنَا عَلَى كُفْرهمْ وَسُخْطنَا عَلَيْهِمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['209'] = 'يَقُول : إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ يُنْذِرُونَهُمْ , تَذْكِرَة لَهُمْ وَتَنْبِيهًا لَهُمْ عَلَى مَا فِيهِ النَّجَاة لَهُمْ مِنْ عَذَابنَا . فَفِي الذِّكْرَى وَجْهَانِ مِنْ الْإِعْرَاب : أَحَدهمَا النَّصْب عَلَى الْمَصْدَر مِنْ الْإِنْذَار عَلَى مَا بَيَّنْت , وَالْآخَر : الرَّفْع عَلَى الِابْتِدَاء , كَأَنَّهُ قِيلَ : ذِكْرَى . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20359 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَة إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ. ذِكْرَى } قَالَ : الرُّسُل . قَالَ اِبْن جُرَيْج : وقَوْله : { ذِكْرَى } قَالَ : الرُّسُل . قَوْله : { وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ } يَقُول : وَمَا كُنَّا ظَالِمَيْهِمْ فِي تَعْذِيبِنَاهُمْ وَإِهْلَاكهمْ , لِأَنَّا إِنَّمَا أَهْلَكْنَاهُمْ , إِذْ عَتَوْا عَلَيْنَا , وَكَفَرُوا نِعْمَتنَا , وَعَبَدُوا غَيْرنَا بَعْد الْإِعْذَار عَلَيْهِمْ وَالْإِنْذَار , وَمُتَابَعَة الْحُجَج عَلَيْهِمْ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلُوهُ , فَأَبَوْا إِلَّا التَّمَادِي فِي الْغَيّ .'; $TAFSEER['3']['26']['210'] = 'وَقَوْله : { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهَذَا الْقُرْآن الشَّيَاطِين عَلَى مُحَمَّد , وَلَكِنَّهُ يَنْزِل بِهِ الرُّوح الْأَمِين . وَالْقُرَّاء مُجْمِعَة عَلَى قِرَاءَة { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِين } بِالتَّاءِ وَرَفْع النُّون , لِأَنَّهَا نُون أَصْلِيَّة , وَاحِدهمْ شَيْطَان , كَمَا وَاحِد الْبَسَاتِين بُسْتَان . وَذُكِرَ عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ : " وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطُونَ " بِالْوَاوِ , وَذَلِكَ لَحْن , وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُون ذَلِكَ إِنْ كَانَ صَحِيحًا عَنْهُ , أَنْ يَكُون تَوَهَّمَ أَنَّ ذَلِكَ نَظِير الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ , وَذَلِكَ بَعِيد مِنْ هَذَا .'; $TAFSEER['3']['26']['211'] = 'يَقُول : وَمَا يَنْبَغِي لِلشَّيَاطِينِ أَنْ يَنْزِلُوا بِهِ عَلَيْهِ , وَلَا يَصْلُح لَهُمْ ذَلِكَ . يَقُول : وَمَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْزِلُوا بِهِ , لِأَنَّهُمْ لَا يَصِلُونَ إِلَى اِسْتِمَاعه فِي الْمَكَان الَّذِي هُوَ بِهِ مِنْ السَّمَاء .'; $TAFSEER['3']['26']['212'] = 'يَقُول : إِنَّ الشَّيَاطِين عَنْ سَمْع الْقُرْآن مِنْ الْمَكَان الَّذِي هُوَ بِهِ مِنْ السَّمَاء لَمَعْزُولُونَ , فَكَيْفَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَتَنَزَّلُوا بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20360 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِين } قَالَ : هَذَا الْقُرْآن . وَفِي قَوْله { إِنَّهُمْ عَنْ السَّمْع لَمَعْزُولُونَ } قَالَ : عَنْ سَمْع السَّمَاء. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : عَنْ سَمْع الْقُرْآن .'; $TAFSEER['3']['26']['213'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر فَتَكُون مِنْ الْمُعَذَّبِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { فَلَا تَدْعُ } يَا مُحَمَّد { مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } أَيْ لَا تَعْبُد مَعَهُ مَعْبُودًا غَيْره { فَتَكُون مِنْ الْمُعَذَّبِينَ } فَيَنْزِل بِك مِنْ الْعَذَاب مَا نَزَلَ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ خَالَفُوا أَمْرنَا وَعَبَدُوا غَيْرنَا .'; $TAFSEER['3']['26']['214'] = 'وَقَوْله : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك مِنْ قَوْمك الْأَقْرَبِينَ إِلَيْك قَرَابَة , وَحَذِّرْهُمْ مِنْ عَذَابنَا أَنْ يَنْزِل بِهِمْ بِكُفْرِهِمْ . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة لَمَّا نَزَلَتْ , بَدَأَ بِبَنِي جَدّه عَبْد الْمُطَّلِب وَوَلَده , فَحَذَّرَهُمْ وَأَنْذَرَهُمْ . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 20361 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الْمِقْدَام , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا صَفِيَّة بِنْت عَبْد الْمُطَّلِب , يَا فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّد يَا بَنِي عَبْد الْمُطَّلِب إِنِّي لَا أَمْلِك لَكُمْ مِنْ اللَّه شَيْئًا , سَلُونِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمْ ". * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنِي أَبِي وَيُونُس بْن بُكَيْر , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ . 20362 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , قَالَ : ثَنَا عَنْبَسَة , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } قَامَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " يَا فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّد , وَيَا صَفِيَّة اِبْنَة عَبْد الْمُطَّلِب " ثُمَّ ذَكَرَ نَحْو حَدِيث اِبْن الْمِقْدَام. 20363 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا سَلَامَة , قَالَ : قَالَ عقيل : ثَنِي الزُّهْرِيّ , قَالَ : قَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , وَأَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن : إِنَّ أَبَا هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين أُنْزِلَ عَلَيْهِ { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } : " يَا مَعْشَر قُرَيْش اِشْتَرُوا أَنْفُسكُمْ مِنْ اللَّه , لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّه شَيْئًا , يَا بَنِي عَبْد مَنَاف لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّه شَيْئًا , يَا عَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب لَا أُغْنِي عَنْك مِنْ اللَّه شَيْئًا , يَا فَاطِمَة بِنْت رَسُول اللَّه لَا أُغْنِي عَنْك مِنْ اللَّه شَيْئًا , سَلِينِي مَا شِئْت , لَا أُغْنِي عَنْك مِنْ اللَّه شَيْئًا ". 20364 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الْمَلِك , قَالَ : ثَنَا أَبُو الْيَمَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعَيْب عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَأَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين أُنْزِلَ عَلَيْهِ : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } قَالَ : " يَا مَعْشَر قُرَيْش اِشْتَرُوا أَنْفُسكُمْ مِنْ اللَّه " ثُمَّ ذَكَرَ نَحْو حَدِيث يُونُس , عَنْ سَلَامَة ; غَيْر أَنَّهُ زَادَ فِيهِ " يَا صَفِيَّة عَمَّة رَسُول اللَّه لَا أُغْنِي عَنْك مِنْ اللَّه شَيْئًا " وَلَمْ يَذْكُر فِي حَدِيثه فَاطِمَة . 20365 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : ثَنَا سَلَامَة بْن رَوْح , قَالَ : قَالَ عقيل : ثَنِي اِبْن شِهَاب أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } جَمَعَ قُرَيْشًا , ثُمَّ أَتَاهُمْ , فَقَالَ لَهُمْ : " هَلْ فِيكُمْ غَرِيب ؟ " فَقَالُوا : لَا إِلَّا اِبْن أُخْت لَنَا لَا نَرَاهُ إِلَّا مِنَّا , قَالَ : " إِنَّهُ مِنْكُمْ " , فَوَعَظَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ قَالَ لَهُمْ فِي آخِر كَلَامه : " لَا أَعْرِفَن مَا وَرَدَ عَلَى النَّاس يَوْم الْقِيَامَة يَسُوقُونَ الْآخِرَة , وَجِئْتُمْ إِلَيَّ تَسُوقُونَ الدُّنْيَا " . * - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس , عَنْ اِبْن شِهَاب , أَخْبَرَنِي سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَأَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين أُنْزِلَ عَلَيْهِ { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } : " يَا مَعْشَر قُرَيْش اِشْتَرُوا أَنْفُسكُمْ مِنْ اللَّه لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّه شَيْئًا , يَا بَنِي عَبْد الْمُطَّلِب لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّه شَيْئًا , يَا عَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب لَا أُغْنِي عَنْك مِنْ اللَّه شَيْئًا , يَا صَفِيَّة عَمَّة رَسُول اللَّه لَا أُغْنِي عَنْك مِنْ اللَّه شَيْئًا , يَا فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّد سَلِينِي مَا شِئْت لَا أُغْنِي عَنْك مِنْ اللَّه شَيْئًا ". 20366 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت الْحَجَّاج يُحَدِّث , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر , عَنْ مُوسَى بْن طَلْحَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } قَالَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا مَعْشَر قُرَيْش أَنْقِذُوا أَنْفُسكُمْ مِنْ النَّار , يَا فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّد أَنْقِذِي نَفْسك مِنْ النَّار , أَلَّا أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا " . 20367 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ زَائِدَة , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر , عَنْ مُوسَى بْن طَلْحَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } دَعَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا , فَعَمّ وَخَصَّ , فَقَالَ : " يَا مَعْشَر قُرَيْش اِشْتَرُوا أَنْفُسكُمْ مِنْ اللَّه , يَا مَعْشَر بَنِي كَعْب بْن لُؤَيّ , يَا مَعْشَر بَنِي عَبْد مَنَاف , يَا مَعْشَر بَنِي هَاشِم , يَا مَعْشَر بَنِي عَبْد الْمُطَّلِب " , يَقُول لِكُلِّهِمْ : " أَنْقِذُوا أَنْفُسكُمْ مِنْ النَّار , يَا فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّد أَنْقِذِي نَفْسك مِنْ النَّار , فَإِنِّي وَاَللَّه مَا أَمْلِك لَكُمْ مِنْ اللَّه شَيْئًا , إِلَّا أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا ". 20368 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : ثَنَا أَبُو عُثْمَان , عَنْ زُهَيْر بْن عَمْرو وَقَبِيصَة بْن مُخَارِق : أَنَّهُمَا قَالَا : أَنْزَلَ اللَّه عَلَى نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } , فَحُدِّثْنَا عَنْ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَلَا صَخْرَة مِنْ جَبَل , فَعَلَا أَعْلَاهَا حَجَرًا , ثُمَّ قَالَ : " يَا آل عَبْد مَنَافَاهُ , يَا صَبَاحَاهُ , إِنِّي نَذِير , إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلكُمْ مَثَل رَجُل أَتَى الْجَيْش , فَخَشِيَهُمْ عَلَى أَهْله , فَذَهَبَ يَرْبَؤُهُمْ , فَخَشِيَ أَنْ يَسْبِقُوهُ إِلَى أَهْله , فَجَعَلَ يَهْتِف بِهِمْ : يَا صَبَاحَاهُ " ! أَوْ كَمَا قَالَ. 20369 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْوَهَّاب وَمُحَمَّد بْن جَعْفَر , عَنْ عَوْف , عَنْ قَسَامَة بْن زُهَيْر , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } جَاءَ فَوَضَعَ أُصْبُعه فِي أُذُنه , وَرَفَعَ مِنْ صَوْته , وَقَالَ : " يَا بَنِي عَبْد مَنَاف وَاصَبَاحَاه " ! 20370 - قَالَ : ثَنِي أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عَوْف , عَنْ قَسَامَة بْن زُهَيْر , قَالَ : أَظُنّهُ عَنْ الْأَشْعَرِيّ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي زِيَاد , قَالَ : ثَنَا أَبُو زَيْد الْأَنْصَارِيّ سَعْد بْن أَوْس , عَنْ عَوْف , قَالَ : قَالَ قَسَامَة بْن زُهَيْر , حَدَّثَنِي الْأَشْعَرِيّ , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه ; إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : وَضَعَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ . 20371 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّفَا , ثُمَّ نَادَى : " يَا صَبَاحَاهُ " , فَاجْتَمَعَ النَّاس إِلَيْهِ , فَبَيْن رَجُل يَجِيء , وَبَيْن آخَر يَبْعَث رَسُوله , فَقَالَ : " يَا بَنِي هَاشِم , يَا بَنِي عَبْد الْمُطَّلِب , يَا بَنِي فِهْر , يَا بَنِي يَا بَنِي , أَرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَل تُرِيد أَنْ تُغِير عَلَيْكُمْ صَدَّقْتُمُونِي ؟ " قَالُوا : نَعَمْ , قَالَ : " فَإِنِّي نَذِير لَكُمْ بَيْن يَدَيْ عَذَاب شَدِيد " فَقَالَ أَبُو لَهَب : تَبًّا لَكُمْ سَائِر الْيَوْم , مَا دَعَوْتُمُونِي إِلَّا لِهَذَا ؟ فَنَزَلَتْ : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب وَتَبَّ } 111 1 . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب , قَالَا : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : صَعِدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَات يَوْم الصَّفَا , فَقَالَ : " يَا صَبَاحَاهُ ! " فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْش , فَقَالُوا لَهُ : مَا لَك ؟ فَقَالَ : " أَرَأَيْتُكُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوّ مُصَبِّحكُمْ أَوْ مُمَسِّيكُمْ أَلَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي ؟ " قَالُوا : بَلَى , قَالَ : " فَإِنِّي نَذِير لَكُمْ بَيْن يَدَيْ عَذَاب شَدِيد ". قَالَ أَبُو لَهَب : تَبًّا لَك , أَلِهَذَا دَعَوْتنَا أَوْ جَمَعْتنَا ! , فَأَنْزَلَ اللَّه : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب } 111 1 إِلَى آخِر السُّورَة . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } وَرَهْطك مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ , خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا , فَهَتَفَ : " يَا صَبَاحَاهُ ! " فَقَالُوا : مَنْ هَذَا الَّذِي يَهْتِف ؟ فَقَالُوا : مُحَمَّد , فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ , فَقَالَ : " يَا بَنِي فُلَان , يَا بَنِي فُلَان , يَا بَنِي عَبْد الْمُطَّلِب , يَا بَنِي عَبْد مَنَاف " , فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ , فَقَالَ : " أَرَأَيْتُكُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا تَخْرُج بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَل أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ ؟ " قَالُوا : مَا جَرَّبْنَا عَلَيْك كَذِبًا , قَالَ : " فَإِنِّي نَذِير لَكُمْ بَيْن يَدَيْ عَذَاب شَدِيد " , فَقَالَ أَبُو لَهَب : تَبًّا لَك , مَا جَمَعْتنَا إِلَّا لِهَذَا ؟ ثُمَّ قَامَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَة : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب } وَقَدْ تَبَّ , 111 1 كَذَا قَرَأَ الْأَعْمَش , إِلَى آخِر السُّورَة . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة بْن هِشَام , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب , عَنْ سَعِيد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَامَ عَلَى الصَّفَا , فَقَالَ : " يَا صَبَاحَاهُ " ! * - قَالَ ثَنَا خَالِد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان الثَّوْرَيْ , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } , قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّفَا , فَقَالَ : " يَا صَبَاحَاهُ ! " فَجَعَلَ يُعَدِّدهُمْ : " يَا بَنِي فُلَان , وَيَا بَنِي فُلَان , وَيَا بَنِي عَبْد مَنَاف " . 20372 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة الْجَمَلِيّ , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } قَالَ : أَتَى جَبَلًا , فَجَعَلَ يَهْتِف : " يَا صَبَاحَاهُ " , فَأَتَاهُ مَنْ خَفَّ مِنْ النَّاس , وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُتَثَاقِلُونَ مِنْ النَّاس رُسُلًا , فَجَعَلُوا يَجِيئُونَ يَتَّبِعُونَ الصَّوْت ; فَلَمَّا اِنْتَهَوْا إِلَيْهِ قَالَ : " إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ جَاءَ لِيَنْظُر , وَمِنْكُمْ مَنْ أَرْسَلَ لِيَنْظُر مَنِّ الْهَاتِف " , فَلَمَّا اِجْتَمَعُوا وَكَثُرُوا قَالَ : " أَرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا مُصَبِّحَتكُمْ مِنْ هَذَا الْجَبَل , أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ ؟ " قَالُوا : نَعَمْ , مَا جَرَّبْنَا عَلَيْك كَذِبًا , فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْآيَات الَّتِي أُنْزِلْنَ , وَأَنْذَرَهُمْ كَمَا أُمِرَ , فَجَعَلَ يُنَادِي : " يَا قُرَيْش , يَا بَنِي هَاشِم " حَتَّى قَالَ : " يَا بَنِي عَبْد الْمُطَّلِب , إِنِّي نَذِير لَكُمْ بَيْن يَدَيْ عَذَاب شَدِيد ". 20373 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ عَمْرو : أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } وَرَهْطك الْمُخْلَصِينَ . 20374 - قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , قَالَ : ثَنِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ عَبْد الْغَفَّار بْن الْقَاسِم , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث بْن نَوْفَل بْن الْحَارِث بْن عَبْد الْمُطَّلِب , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } دَعَانِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ لِي : " يَا عَلِيّ , إِنَّ اللَّه أَمَرَنِي أَنْ أُنْذِر عَشِيرَتِي الْأَقْرَبِينَ " , قَالَ : " فَضِقْت بِذَلِكَ ذَرْعًا , وَعَرَفْت أَنَّى مَتَى مَا أُنَادِهِمْ بِهَذَا الْأَمْر أَرَ مِنْهُمْ مَا أَكْرَه , فَصُمْت حَتَّى جَاءَ جِبْرَائِيل , فَقَالَ : يَا مُحَمَّد , إِنَّك إِلَّا تَفْعَل مَا تُؤْمَر بِهِ يُعَذِّبك رَبّك . فَاصْنَعْ لَنَا صَاعًا مِنْ طَعَام , وَاجْعَلْ عَلَيْهِ رِجْل شَاة , وَامْلَأْ لَنَا عُسًّا مِنْ لَبَن , ثُمَّ اِجْمَعْ لِي بَنِي عَبْد الْمُطَّلِب , حَتَّى أُكَلِّمهُمْ , وَأُبَلِّغهُمْ مَا أُمِرْت بِهِ " , فَفَعَلْت مَا أَمَرَنِي بِهِ , ثُمَّ دَعَوْتهمْ لَهُ , وَهُمْ يَوْمئِذٍ أَرْبَعُونَ رَجُلًا , يَزِيدُونَ رَجُلًا أَوْ يَنْقُصُونَهُ , فِيهِمْ أَعْمَامه : أَبُو طَالِب , وَحَمْزَة , وَالْعَبَّاس , وَأَبُو لَهَب ; فَلَمَّا اِجْتَمَعُوا إِلَيْهِ دَعَانِي بِالطَّعَامِ الَّذِي صَنَعْت لَهُمْ , فَجِئْت بِهِ . فَلَمَّا وَضَعْته تَنَاوَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِذْيَة مِنْ اللَّحْم , فَشَقَّهَا بِأَسْنَانِهِ , ثُمَّ أَلْقَاهَا فِي نَوَاحِي الصَّحْفَة , قَالَ : " خُذُوا بِاسْمِ اللَّه " , فَأَكَلَ الْقَوْم حَتَّى مَا لَهُمْ بِشَيْءٍ حَاجَة , وَمَا أَرَى إِلَّا مَوَاضِع أَيْدِيهمْ ; وَاَيْم اللَّه الَّذِي نَفْس عَلِيّ بِيَدِهِ إِنْ كَانَ الرَّجُل الْوَاحِد لَيَأْكُل مَا قَدَّمْت لِجَمِيعِهِمْ , ثُمَّ قَالَ : " اِسْقِ النَّاس " , فَجِئْتهمْ بِذَلِكَ الْعُسّ , فَشَرِبُوا حَتَّى رَوَوْا مِنْهُ جَمِيعًا , وَاَيْم اللَّه إِنْ كَانَ الرَّجُل الْوَاحِد مِنْهُمْ لَيَشْرَب مِثْله ; فَلَمَّا أَرَادَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُكَلِّمهُمْ , بَدَرَهُ أَبُو لَهَب إِلَى الْكَلَام , فَقَالَ : - لَهَدَّ مَا سَحَرَكُمْ بِهِ صَاحِبكُمْ , فَتَفَرَّقَ الْقَوْم وَلَمْ يُكَلِّمهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " الْغَد يَا عَلِيّ , إِنَّ هَذَا الرَّجُل قَدْ سَبَقَنِي إِلَى مَا قَدْ سَمِعْت مِنْ الْقَوْل , فَتَفَرَّقَ الْقَوْم قَبْل أَنْ أُكَلِّمهُمْ , فَأَعِدَّ لَنَا مِنْ الطَّعَام مِثْل الَّذِي صَنَعْت , ثُمَّ اِجْمَعْهُمْ لِي " , قَالَ : فَفَعَلْت ثُمَّ جَمَعْتهمْ , ثُمَّ دَعَانِي بِالطَّعَامِ , فَقَرَّبْته لَهُمْ , فَفَعَلَ كَمَا فَعَلَ بِالْأَمْسِ , فَأَكَلُوا حَتَّى مَا لَهُمْ بِشَيْءٍ حَاجَة , قَالَ : " اِسْقِهِمْ " , فَجِئْتهمْ بِذَلِكَ الْعُسّ فَشَرِبُوا حَتَّى رَوَوْا مِنْهُ جَمِيعًا , ثُمَّ تَكَلَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " يَا بَنِي عَبْد الْمُطَّلِب , إِنِّي وَاَللَّه مَا أَعْلَم شَابًّا فِي الْعَرَب جَاءَ قَوْمه بِأَفْضَل مِمَّا جِئْتُكُمْ بِهِ , إِنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , وَقَدْ أَمَرَنِي اللَّه أَنْ أَدْعُوَكُمْ إِلَيْهِ , فَأَيّكُمْ يُؤَازِرنِي عَلَى هَذَا الْأَمْر , عَلَى أَنْ يَكُون أَخِي " وَكَذَا وَكَذَا ؟ قَالَ : فَأَحْجَمَ الْقَوْم عَنْهَا جَمِيعًا , وَقُلْت - وَإِنِّي لَأَحْدَثهمْ سِنًّا , وَأَرْمَصهمْ عَيْنًا , وَأَعْظَمهمْ بَطْنًا , وَأَخْمَشهُمْ سَاقَا . أَنَا يَا نَبِيّ اللَّه أَكُون وَزِيرك , فَأَخَذَ بِرَقَبَتِي , ثُمَّ قَالَ : " إِنَّ هَذَا أَخِي " وَكَذَا وَكَذَا , " فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا " , قَالَ : فَقَامَ الْقَوْم يَضْحَكُونَ , وَيَقُولُونَ لِأَبِي طَالِب : قَدْ أَمَرَك أَنْ تَسْمَع لِابْنِك وَتُطِيع ! . 20375 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , قَالَ : ثَنِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن عُبَيْد , عَنْ الْحَسَن بْن أَبِي الْحَسَن , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْطَح , ثُمَّ قَالَ : " يَا بَنِي عَبْد الْمُطَّلِب , يَا بَنِي عَبْد مَنَاف , يَا بَنِي قُصَيّ " , قَالَ : ثُمَّ فَخَّذَ قُرَيْشًا قَبِيلَة قَبِيلَة , حَتَّى مَرَّ عَلَى آخِرهمْ , " إِنِّي أَدْعُوكُمْ إِلَى اللَّه , وَأُنْذِركُمْ عَذَابه ". 20376 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } قَالَ : أُمِرَ مُحَمَّد أَنْ يُنْذِر قَوْمه , وَيَبْدَأ بِأَهْلِ بَيْته وَفَصِيلَته , قَالَ : { وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمك وَهُوَ الْحَقّ } 6 66 . 20377 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : وَلَمَّا نَزَلَتْ : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّد , يَا صَفِيَّة بِنْت عَبْد الْمُطَّلِب , اِتَّقُوا النَّار وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَة ". 20378 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } بَدَأَ بِأَهْلِ بَيْته وَفَصِيلَته . 20379 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } جَمَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي هَاشِم , فَقَالَ : " يَا بَنِي هَاشِم , أَلَا لَا أُلْفِيَنكُمْ تَأْتُونِي تَحْمِلُونَ الدُّنْيَا , وَيَأْتِي النَّاس يَحْمِلُونَ الْآخِرَة , أَلَا إِنَّ أَوْلِيَائِي مِنْكُمْ الْمُتَّقُونَ , فَاتَّقُوا النَّار وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَة ". 20380 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة بَدَأَ بِأَهْلِ بَيْته وَفَصِيلَته ; قَالَ : وَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : { وَاخْفِضْ جَنَاحك لِمَنْ اِتَّبَعَك مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } .'; $TAFSEER['3']['26']['215'] = 'وَقَوْله : { وَاخْفِضْ جَنَاحك } يَقُول : وَأَلِنْ جَانِبك وَكَلَامك { لِمَنْ اِتَّبَعَك مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } كَمَا. 20381 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَاخْفِضْ جَنَاحك لِمَنْ اِتَّبَعَك مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } قَالَ : يَقُول : لِنْ لَهُمْ .'; $TAFSEER['3']['26']['216'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ عَصَوْك فَقُلْ إِنِّي بَرِيء مِمَّا تَعْمَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِنْ عَصَتْك يَا مُحَمَّد عَشِيرَتك الْأَقْرَبُونَ الَّذِينَ أَمَرْتُك بِإِنْذَارِهِمْ , وَأَبَوْا إِلَّا الْإِقَامَة عَلَى عِبَادَة الْأَوْثَان , وَالْإِشْرَاك بِالرَّحْمَنِ , فَقُلْ لَهُمْ : { إِنِّي بَرِيء مِمَّا تَعْمَلُونَ } مِنْ عِبَادَة الْأَصْنَام وَمَعْصِيَة بَارِئ الْأَنَام .'; $TAFSEER['3']['26']['217'] = '{ الْعَزِيز } فِي نِقْمَته مِنْ أَعْدَائِهِ { الرَّحِيم } بِمَنْ أَنَابَ إِلَيْهِ وَتَابَ مِنْ مَعَاصِيه .'; $TAFSEER['3']['26']['218'] = 'يَقُول : الَّذِي يَرَاك حِين تَقُوم إِلَى صَلَاتك. وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول فِي تَأْوِيل ذَلِكَ مَا : 20382 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { الَّذِينَ يَرَاك حِين تَقُوم } قَالَ : أَيْنَمَا كُنْت .'; $TAFSEER['3']['26']['219'] = 'اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَيَرَى تَقَلُّبك فِي صَلَاتك حِين تَقُوم , ثُمَّ تَرْكَع , وَحِين تَسْجُد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20383 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { وَتَقَلُّبك فِي السَّاجِدِينَ } يَقُول : قِيَامك وَرُكُوعك وَسُجُودك . 20384 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , قَالَ : سَمِعْت أَبِي وَعَلِيّ بْن بَذِيمَة يُحَدِّثَانِ عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : { يَرَاك حِين تَقُوم وَتَقَلُّبك فِي السَّاجِدِينَ } قَالَ : قِيَامه وَرُكُوعه وَسُجُوده . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : قَالَ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { وَتَقَلُّبك فِي السَّاجِدِينَ } قَالَ : قَائِمًا وَسَاجِدًا وَرَاكِعًا وَجَالِسًا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَيَرَى تَقَلُّبك فِي الْمُصَلِّينَ , وَإِبْصَارك مِنْهُمْ مَنْ هُوَ خَلْفك , كَمَا تُبْصِر مَنْ هُوَ بَيْن يَدَيْك مِنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20385 -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { وَتَقَلُّبك فِي السَّاجِدِينَ } كَانَ يَرَى مِنْ خَلْفه , كَمَا يَرَى مِنْ قُدَّامه . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَتَقَلُّبك فِي السَّاجِدِينَ } قَالَ : الْمُصَلِّينَ كَانَ يَرَى مِنْ خَلْفه فِي الصَّلَاة . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَتَقَلُّبك فِي السَّاجِدِينَ } قَالَ : الْمُصَلِّينَ , قَالَ : كَانَ يَرَى فِي الصَّلَاة مِنْ خَلْفه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَتَقَلُّبك مَعَ السَّاجِدِينَ : أَيْ تَصَرُّفك مَعَهُمْ فِي الْجُلُوس وَالْقِيَام وَالْقُعُود . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20386 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : { وَتَقَلُّبك فِي السَّاجِدِينَ } قَالَ : يَرَاك وَأَنْتَ مَعَ السَّاجِدِينَ تَقَلَّب وَتَقُوم وَتَقْعُد مَعَهُمْ. 20387 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَتَقَلُّبك فِي السَّاجِدِينَ } قَالَ : فِي الْمُصَلِّينَ . 20388 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَتَقَلُّبك فِي السَّاجِدِينَ } قَالَ : فِي السَّاجِدِينَ : الْمُصَلِّينَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَيَرَى تَصَرُّفك فِي النَّاس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20389 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , قَالَ : ثَنَا رَبِيعَة بْن كُلْثُوم , قَالَ : سَأَلْت الْحَسَن عَنْ قَوْله : { وَتَقَلُّبك فِي السَّاجِدِينَ } قَالَ : فِي النَّاس . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَتَصَرُّفك فِي أَحْوَالك كَمَا كَانَتْ الْأَنْبِيَاء مِنْ قَبْلك تَفْعَلهُ , وَالسَّاجِدُونَ فِي قَوْل قَائِل هَذَا الْقَوْل : الْأَنْبِيَاء. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20390 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد , فِي قَوْله : { الَّذِي يَرَاك } الْآيَة , قَالَ : كَمَا كَانَتْ الْأَنْبِيَاء مِنْ قَبْلك. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِهِ قَوْل مَنْ قَالَ تَأْوِيله : وَيَرَى تَقَلُّبك مَعَ السَّاجِدِينَ فِي صَلَاتهمْ مَعَك , حِين تَقُوم مَعَهُمْ وَتَرْكَع وَتَسْجُد , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الظَّاهِر مِنْ مَعْنَاهُ. فَأَمَّا قَوْل مِنْ وَجْهه إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : وَتَقَلُّبك فِي النَّاس , فَإِنَّهُ قَوْل بَعِيد مِنْ الْمَفْهُوم بِظَاهِرِ التِّلَاوَة , وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْه , لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا شَيْء إِلَّا وَظِلّه يَسْجُد لِلَّهِ , فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمَفْهُوم مِنْ قَوْل الْقَائِل : فُلَان مَعَ السَّاجِدِينَ , أَوْ فِي السَّاجِدِينَ , أَنَّهُ مَعَ النَّاس أَوْ فِيهِمْ , بَلْ الْمَفْهُوم بِذَلِكَ أَنَّهُ مَعَ قَوْم سُجُود , السُّجُود الْمَعْرُوف , وَتَوْجِيه مَعَانِي كَلَام اللَّه إِلَى الْأَغْلَب أَوْلَى مِنْ تَوْجِيهه إِلَى الْأَنْكَر . وَكَذَلِكَ أَيْضًا فِي قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : تَتَقَلَّب فِي أَبْصَار السَّاجِدِينَ , وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْه , فَلَيْسَ ذَلِكَ الظَّاهِر مِنْ مَعَانِيه . فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَنْ : وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيز الرَّحِيم , الَّذِي يَرَاك حِين تَقُوم إِلَى صَلَاتك , وَيَرَى تَقَلُّبك فِي الْمُؤْتَمِّينَ بِك فِيهَا بَيْن قِيَام وَرُكُوع وَسُجُود وَجُلُوس'; $TAFSEER['3']['26']['220'] = 'وَقَوْله : { إِنَّهُ هُوَ السَّمِيع الْعَلِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ رَبّك هُوَ السَّمِيع تِلَاوَتك يَا مُحَمَّد , وَذِكْرك فِي صَلَاتك مَا تَتْلُو وَتَذْكُر , الْعَلِيم بِمَا تَعْمَل فِيهَا وَيَعْمَل فِيهَا مَنْ يَتَقَلَّب فِيهَا مَعَك مُؤْتَمًّا بِك , يَقُول : فَرَتِّلْ فِيهَا الْقُرْآن , وَأَقِمْ حُدُودهَا , فَإِنَّك بِمَرْأَى مِنْ رَبّك وَمَسْمَع .'; $TAFSEER['3']['26']['221'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هَلْ أُنَبِّئكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّل الشَّيَاطِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { هَلْ أُنَبِّئكُمْ } أَيّهَا النَّاس { عَلَى مَنْ تَنَزَّل الشَّيَاطِين } مِنْ النَّاس ؟'; $TAFSEER['3']['26']['222'] = '{ تَنَزَّل عَلَى كُلّ أَفَّاك } يَعْنِي كَذَّاب بَهَّات { أَثِيم } يَعْنِي : آثِم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20391 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { كُلّ أَفَّاك أَثِيم } قَالَ : كُلّ كَذَّاب مِنْ النَّاس . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { تَنَزَّل عَلَى كُلّ أَفَّاك أَثِيم } قَالَ : كَذَّاب مِنْ النَّاس. 20392 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { كُلّ أَفَّاك أَثِيم } قَالَ : هُمْ الْكَهَنَة تَسْتَرِق الْجِنّ السَّمْع , ثُمَّ يَأْتُونَ بِهِ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ مِنْ الْإِنْس . 20393 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سَعِيد بْن وَهْب , قَالَ : كُنْت عِنْد عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر , فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ الْمُخْتَار يَزْعُم أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ , فَقَالَ : صَدَقَ , ثُمَّ تَلَا : { هَلْ أُنَبِّئكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّل الشَّيَاطِين تَنَزَّل عَلَى كُلّ أَفَّاك أَثِيم } .'; $TAFSEER['3']['26']['223'] = 'وَقَوْله : { يُلْقُونَ السَّمْع } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يُلْقِي الشَّيَاطِين السَّمْع , وَهُوَ مَا يَسْمَعُونَ مِمَّا اِسْتَرَقُوا سَمِعَهُ مِنْ حِين حَدَث مِنْ السَّمَاء , إِلَى { كُلّ أَفَّاك أَثِيم } مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ مِنْ بَنِي آدَم . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20394 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { يُلْقُونَ السَّمْع } قَالَ : الشَّيَاطِين مَا سَمِعَتْهُ أَلْقَتْهُ عَلَى كُلّ أَفَّاك كَذَّاب. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { يُلْقُونَ السَّمْع } الشَّيَاطِين مَا سَمِعَتْهُ أَلْقَتْهُ { عَلَى كُلّ أَفَّاك } قَالَ : يُلْقُونَ السَّمْع , قَالَ : الْقَوْل . وَقَوْله : { وَأَكْثَرهمْ كَاذِبُونَ } يَقُول : وَأَكْثَر مَنْ تَنَزَّل عَلَيْهِ الشَّيَاطِين كَاذِبُونَ فِيمَا يَقُولُونَ وَيُخْبِرُونَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20395 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , فِي قَوْله : { وَأَكْثَرهمْ كَاذِبُونَ } عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : الشَّيَاطِين تَسْتَرِق السَّمْع , فَتَجِيء بِكَلِمَةِ حَقّ فَيَقْذِفهَا فِي أُذُن وَلِيّه ; قَالَ : وَيَزِيد فِيهَا أَكْثَر مِنْ مِائَة كَذْبَة.'; $TAFSEER['3']['26']['224'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ أَهْل الْغَيّ لَا أَهْل الرَّشَاد وَالْهُدَى. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِينَ وُصِفُوا بِالْغَيِّ فِي هَذَا الْمَوْضِع فَقَالَ بَعْضهمْ : رُوَاة الشِّعْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20396 - حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن يَزِيد الطَّحَّان , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق بْن مَنْصُور , قَالَ : ثَنَا قَيْس , عَنْ يَعْلَى , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس ; وَحَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا طَلْق بْن غَنَّام , عَنْ قَيْس ; وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عَطِيَّة , عَنْ قَيْس , عَنْ يَعْلَى بْن النُّعْمَان , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ } قَالَ : الرُّوَاة . وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ الشَّيَاطِين . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20397 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ } : الشَّيَاطِين . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله. 20389 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ } قَالَ : يَتَّبِعهُمْ الشَّيَاطِين . 20399 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد وَعَبْد الرَّحْمَن , قَالَا : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ } قَالَ : عُصَاة الْجِنّ . وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ السُّفَهَاء , وَقَالُوا : نَزَلَ ذَلِكَ فِي رَجُلَيْنِ تَهَاجَيَا عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20400 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ } إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : كَانَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَحَدهمَا مِنْ الْأَنْصَار , وَالْآخَر مِنْ قَوْم آخَرِينَ , وَأَنَّهُمَا تَهَاجَيَا , وَكَانَ مَعَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا غُوَاة مِنْ قَوْمه , وَهُمْ السُّفَهَاء , فَقَالَ اللَّه : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ , أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ }. 20401 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ } قَالَ : كَانَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَحَدهمَا مِنْ الْأَنْصَار , وَالْآخَر مِنْ قَوْم آخَرِينَ , تَهَاجَيَا , مَعَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا غُوَاة مِنْ قَوْمه , وَهُمْ السُّفَهَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ ضُلَّال الْجِنّ وَالْإِنْس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20402 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ } قَالَ : هُمْ الْكُفَّار يَتَّبِعهُمْ ضُلَّال الْجِنّ وَالْإِنْس. 20403 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ } قَالَ : الْغَاوُونَ الْمُشْرِكُونَ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال فِيهِ مَا قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ شُعَرَاء الْمُشْرِكِينَ يَتَّبِعهُمْ غُوَاة النَّاس , وَمَرَدَة الشَّيَاطِين , وَعُصَاة الْجِنّ , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه عَمَّ بِقَوْلِهِ : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ } فَلَمْ يُخَصِّص بِذَلِكَ بَعْض الْغُوَاة دُون بَعْض , فَذَلِكَ عَلَى جَمِيع أَصْنَاف الْغُوَاة الَّتِي دَخَلَتْ فِي عُمُوم الْآيَة .'; $TAFSEER['3']['26']['225'] = 'قَوْله : { أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَلَمْ تَرَ يَا مُحَمَّد أَنَّهُمْ , يَعْنِي الشُّعَرَاء فِي كُلّ وَادٍ يَذْهَبُونَ , كَالْهَائِمِ عَلَى وَجْهه عَلَى غَيْر قَصْد , بَلْ جَائِرًا عَلَى الْحَقّ , وَطَرِيق الرَّشَاد , وَقَصْد السَّبِيل. وَإِنَّمَا هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لَهُمْ فِي اِفْتِنَانهمْ فِي الْوُجُوه الَّتِي يُفْتَنُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حَقّ , فَيَمْدَحُونَ بِالْبَاطِلِ قَوْمًا وَيَهْجُونَ آخَرِينَ كَذَلِكَ بِالْكَذِبِ وَالزُّور . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20404 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ } يَقُول : فِي كُلّ لَغْو يَخُوضُونَ. 20405 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فِي كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ } قَالَ : فِي كُلّ فَنّ يَفْتَنُّونَ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلّ وَادٍ } قَالَ : فَنّ { يَهِيمُونَ } قَالَ : يَقُولُونَ . 20406 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { فِي كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ } قَالَ : يَمْدَحُونَ قَوْمًا بِبَاطِلٍ , وَيَشْتُمُونَ قَوْمًا بِبَاطِلٍ .'; $TAFSEER['3']['26']['226'] = 'وَقَوْله : { وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ } يَقُول : وَأَنَّ أَكْثَر قِيلهمْ بَاطِل وَكَذِب . كَمَا : 20407 -حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ } يَقُول : أَكْثَر قَوْلهمْ يَكْذِبُونَ. وَعُنِيَ بِذَلِكَ شُعَرَاء الْمُشْرِكِينَ . كَمَا : 20408 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد : قَالَ رَجُل لِأَبِي : يَا أَبَا أُسَامَة , أَرَأَيْت قَوْل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ } فَقَالَ لَهُ أَبِي : إِنَّمَا هَذَا لِشُعَرَاء الْمُشْرِكِينَ , وَلَيْسَ شُعَرَاء الْمُؤْمِنِينَ , أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُول : { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } إِلَخْ . فَقَالَ : فَرَّجْت عَنِّي يَا أَبَا أُسَامَة ; فَرَّجَ اللَّه عَنْك .'; $TAFSEER['3']['26']['227'] = 'وَقَوْله : { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } وَهَذَا اِسْتِثْنَاء مِنْ قَوْله { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } . وَذُكِرَ أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاء نَزَلَ فِي شُعَرَاء رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَحَسَّانِ بْن ثَابِت , وَكَعْب بْن مَالِك , ثُمَّ هُوَ لِكُلِّ مَنْ كَانَ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهُ اللَّه بِهَا . وَبِاَلَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ جَاءَتْ الْأَخْبَار. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20409 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة وَعَلِيّ بْن مُجَاهِد , وَإِبْرَاهِيم بْن الْمُخْتَار , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن قُسَيْط , عَنْ أَبِي الْحَسَن سَالِم الْبَرَّاد مَوْلَى تَمِيم الدَّارِيّ , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ } قَالَ : جَاءَ حَسَّان بْن ثَابِت وَعَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة , وَكَعْب بْن مَالِك إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُمْ يَبْكُونَ , فَقَالُوا : قَدْ عَلِمَ اللَّه حِين أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَة أَنَّا شُعَرَاء , فَتَلَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات , وَذَكَرُوا اللَّه كَثِيرًا , وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْد مَا ظُلِمُوا , وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيْ مُنْقَلَب يَنْقَلِبُونَ } . 20410 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَصْحَابه , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , قَالَ : نَزَلَتْ { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ } إِلَى آخِر السُّورَة فِي حَسَّان بْن ثَابِت , وَعَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة وَكَعْب بْن مَالِك . 20411 - قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , عَنْ الْحُسَيْن , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة وَطَاوُس , قَالَا : قَالَ : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ } , فَنَسَخَ مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَثْنَى , قَالَ : { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } الْآيَة . 20412 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : ثُمَّ اِسْتَثْنَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ , يَعْنِي الشُّعَرَاء , فَقَالَ : { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس , فَذَكَرَ مِثْله . 20413 - حَدَّثَنَا الْحَسَن قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات وَذَكَرُوا اللَّه كَثِيرًا , وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْد مَا ظُلِمُوا } قَالَ : هُمْ الْأَنْصَار الَّذِينَ هَاجَرُوا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 20414 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا عِيسَى بْن يُونُس , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن قُسَيْط , عَنْ أَبِي حَسَن الْبَرَّاد , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ } ثُمَّ ذَكَرَ نَحْو حَدِيث اِبْن حُمَيْد عَنْ سَلَمَة . وَقَوْله : { وَذَكَرُوا اللَّه كَثِيرًا } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي حَال الذِّكْر الَّذِي وَصَفَ اللَّه بِهِ هَؤُلَاءِ الْمُسْتَثْنَيْنَ مِنْ الشُّعَرَاء , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حَال مَنْطِقهمْ وَمُحَاوَرَتهمْ النَّاس , قَالُوا : مَعْنَى الْكَلَام : وَذَكَرُوا اللَّه كَثِيرًا فِي كَلَامهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20415 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات , وَذَكَرُوا اللَّه كَثِيرًا } فِي كَلَامهمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ فِي شِعْرهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20416 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَذَكَرُوا اللَّه كَثِيرًا } قَالَ : ذَكَرُوا اللَّه فِي شِعْرهمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه وَصَفَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اِسْتَثْنَاهُمْ مِنْ شُعَرَاء الْمُؤْمِنِينَ بِذِكْرِ اللَّه كَثِيرًا , وَلَمْ يَخُصّ ذِكْرهمْ اللَّه عَلَى حَال دُون حَال فِي كِتَابه , وَلَا عَلَى لِسَان رَسُوله , فَصِفَتهمْ أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ اللَّه كَثِيرًا فِي كُلّ أَحْوَالهمْ . وَقَوْله : { وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْد مَا ظُلِمُوا } يَقُول : وَانْتَصَرُوا مِمَّنْ هَجَاهُمْ مِنْ شُعَرَاء الْمُشْرِكِينَ ظُلْمًا بِشَعْرِهِمْ وَهِجَائِهِمْ إِيَّاهُمْ , وَإِجَابَتهمْ عَمَّا هَجَوْهُمْ بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20417 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْد مَا ظُلِمُوا } قَالَ : يَرُدُّونَ عَلَى الْكُفَّار الَّذِينَ كَانُوا يَهْجُونَ الْمُؤْمِنِينَ . 20418 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَانْتَصَرُوا } مِنْ الْمُشْرِكِينَ { مِنْ بَعْد مَا ظُلِمُوا } . وَقِيلَ : عَنَى بِذَلِكَ كُلّه الرَّهْط الَّذِينَ ذَكَرْت . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20419 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن مُجَاهِد وَإِبْرَاهِيم بْن الْمُخْتَار , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن قُسَيْط , عَنْ أَبِي الْحَسَن سَالِم الْبَرَّاد مَوْلَى تَمِيم الدَّارِيّ , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ } جَاءَ حَسَّان بْن ثَابِت وَعَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة , وَكَعْب بْن مَالِك إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَبْكُونَ , فَقَالُوا : قَدْ عَلِمَ اللَّه حِين أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَة أَنَّا شُعَرَاء , فَتَلَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات , وَذَكَرُوا اللَّه كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْد مَا ظُلِمُوا }. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا عِيسَى بْن يُونُس , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن قُسَيْط , عَنْ أَبِي حَسَن الْبَرَّاد , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ } ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . 20420 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْد مَا ظُلِمُوا } قَالَ : عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة وَأَصْحَابه . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْد مَا ظُلِمُوا } قَالَ : عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة. وَقَوْله : { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ بِشِرْكِهِمْ بِاَللَّهِ مِنْ أَهْل مَكَّة { أَيّ مُنْقَلَب يَنْقَلِبُونَ } يَقُول : أَيّ مَرْجِع يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ , وَأَيّ مَعَاد يَعُودُونَ إِلَيْهِ بَعْد مَمَاتهمْ , فَإِنَّهُمْ يَصِيرُونَ إِلَى نَار لَا يُطْفَأ سَعِيرهَا , وَلَا يَسْكُن لَهَبهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20421 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , وَعَلِيّ بْن مُجَاهِد , وَإِبْرَاهِيم بْن الْمُخْتَار , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن قُسَيْط , عَنْ أَبِي الْحَسَن سَالِم الْبَرَّاد مَوْلَى تَمِيم الدَّارِيّ : { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيْ مُنْقَلَب يَنْقَلِبُونَ } يَعْنِي : أَهْل مَكَّة . 20422 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيّ مُنْقَلَب يَنْقَلِبُونَ } قَالَ : وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَيْ مُنْقَلَب يَنْقَلِبُونَ .'; $TAFSEER['3']['27']['1'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { طس تِلْكَ آيَات الْقُرْآن وَكِتَاب مُبِين } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَقَدْ بَيَّنَّا الْقَوْل فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا فِيمَا كَانَ مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم فِي فَوَاتِح السُّوَر , فَقَوْله : { طس } مِنْ ذَلِكَ. 20423 - حَدَّثني عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : قَوْله : { طس } قَسَم أَقْسَمَهُ اللَّه هُوَ مِنْ أَسْمَاء اللَّه . فَالْوَاجِب عَلَى هَذَا الْقَوْل أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : وَالسَّمِيع اللَّطِيف , إِنَّ هَذِهِ الْآيَات الَّتِي أَنْزَلْتهَا إِلَيْك يَا مُحَمَّد لَآيَات الْقُرْآن , وَآيَات كِتَاب مُبِين : يَقُول : يُبَيِّن لِمَنْ تَدَبَّرَهُ , وَفَكَّرَ فِيهِ بِفَهْمٍ أَنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه , أَنْزَلَهُ إِلَيْك , لَمْ تَتَخَرَّصهُ أَنْتَ وَلَمْ تَتَقَوَّلهُ , وَلَا أَحَد سِوَاك مِنْ خَلْق اللَّه , لِأَنَّهُ لَا يَقْدِر أَحَد مِنْ الْخَلْق أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ , وَلَوْ تَظَاهَرَ عَلَيْهِ الْجِنّ وَالْإِنْس . وَخُفِضَ قَوْله : { وَكِتَاب مُبِين } عَطْفًا بِهِ عَلَى الْقُرْآن .'; $TAFSEER['3']['27']['2'] = 'وَقَوْله : { هُدًى } مِنْ صِفَة الْقُرْآن . يَقُول : هَذِهِ آيَات الْقُرْآن بَيَان مِنْ اللَّه بَيَّنَ بِهِ طَرِيق الْحَقّ وَسَبِيل السَّلَام . يَقُول : وَبِشَارَة لِمَنْ آمَنَ بِهِ , وَصَدَقَ بِمَا أَنْزَلَ فِيهِ بِالْفَوْزِ الْعَظِيم فِي الْمَعَاد . وَفِي قَوْله : { هُدًى وَبُشْرَى } وَجْهَانِ مِنْ الْعَرَبِيَّة : الرَّفْع عَلَى الِابْتِدَاء بِمَعْنَى : هُوَ هُدًى وَبُشْرَى. وَالنَّصْب عَلَى الْقَطْع مِنْ آيَات الْقُرْآن , فَيَكُون مَعْنَاهُ : تِلْكَ آيَات الْقُرْآن الْهُدَى وَالْبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ , ثُمَّ أُسْقِطَتْ الْأَلِف وَاللَّام مِنْ الْهُدَى وَالْبُشْرَى , فَصَارَا نَكِرَة , وَهُمَا صِفَة لِلْمَعْرِفَةِ فَنُصِبَا.'; $TAFSEER['3']['27']['3'] = 'وَقَوْله : { الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاة } يَقُول : هُوَ هُدًى وَبُشْرَى لِمَنْ آمَنَ بِهَا , وَأَقَامَ الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة بِحُدُودِهَا . وَقَوْله : { وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة } يَقُول : وَيُؤَدُّونَ الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : وَيُطَهِّرُونَ أَجْسَادهمْ مِنْ دَنَس الْمَعَاصِي. وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . يَقُول : وَهُمْ مَعَ إِقَامَتهمْ الصَّلَاة , وَإِيتَائِهِمْ الزَّكَاة الْوَاجِبَة , بِالْمَعَادِ إِلَى اللَّه بَعْد الْمَمَات يُوقِنُونَ , فَيَذِلُّونَ فِي طَاعَة اللَّه , رَجَاء جَزِيل ثَوَابه , وَخَوْف عَظِيم عِقَابه , وَلَيْسُوا كَاَلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ , وَلَا يُبَالُونَ , أَحْسَنُوا أَمْ أَسَاءُوا , وَأَطَاعُوا أَمْ عَصَوْا , لِأَنَّهُمْ إِنْ أَحْسَنُوا لَمْ يَرْجُوا ثَوَابًا , وَإِنْ أَسَاءُوا لَمْ يَخَافُوا عِقَابًا .'; $TAFSEER['3']['27']['4'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ لَا يُصَدِّقُونَ بِالدَّارِ الْآخِرَة , وَقِيَام السَّاعَة , وَبِالْمَعَادِ إِلَى اللَّه بَعْد الْمَمَات وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب . يَقُول : حَبَّبْنَا إِلَيْهِمْ قَبِيح أَعْمَالهمْ , وَسَهَّلْنَا ذَلِكَ عَلَيْهِمْ. يَقُول : فَهُمْ فِي ضَلَال أَعْمَالهمْ الْقَبِيحَة الَّتِي زَيَّنَّاهَا لَهُمْ يَتَرَدَّدُونَ حَيَارَى , يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ .'; $TAFSEER['3']['27']['5'] = 'وَقَوْله : { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوء الْعَذَاب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَهُمْ سُوء الْعَذَاب فِي الدُّنْيَا , وَهُمْ الَّذِينَ قُتِلُوا بِبَدْرٍ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْش . يَقُول : وَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة هُمْ الْأَوْضَعُونَ تِجَارَة وَالْأَوْكَسُوهَا بِاشْتِرَائِهِمْ الضَّلَالَة بِالْهُدَى { فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتهمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ } .'; $TAFSEER['3']['27']['6'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنَّك لَتُلَقَّى الْقُرْآن } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنَّك يَا مُحَمَّد لَتُحَفَّظ الْقُرْآن وَتُعَلَّمهُ . يَقُول : مِنْ عِنْد حَكِيم بِتَدْبِيرِ خَلْقه , عَلِيم بِأَنْبَاءِ خَلْقه وَمَصَالِحهمْ , وَالْكَائِن مِنْ أُمُورهمْ , وَالْمَاضِي مِنْ أَخْبَارهمْ , وَالْحَادِث مِنْهَا .'; $TAFSEER['3']['27']['7'] = 'وَإِذْ مِنْ صِلَة عَلِيم . وَمَعْنَى الْكَلَام : عَلِيم حِين قَالَ مُوسَى { لِأَهْلِهِ } وَهُوَ فِي مَسِيره مِنْ مَدْيَن إِلَى مِصْر , وَقَدْ آذَاهُمْ بَرْد لَيْلهمْ لَمَّا أَصْلَد زَنْده . أَيْ أَبْصَرْت نَارًا أَوْ أَحْسَسْتهَا , فَامْكُثُوا مَكَانكُمْ . يَعْنِي مِنْ النَّار , وَالْهَاء وَالْأَلِف مِنْ ذِكْر النَّار. اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : " بِشِهَابِ قَبَس " بِإِضَافَةِ الشِّهَاب إِلَى الْقَبَس , وَتَرْك التَّنْوِين , بِمَعْنَى : أَوْ آتِيكُمْ بِشُعْلَةِ نَار أَقْتَبِسهَا مِنْهَا . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة : { بِشِهَابٍ قَبَس } بِتَنْوِينِ الشِّهَاب وَتَرْك إِضَافَته إِلَى الْقَبَس , يَعْنِي : أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ مُقْتَبَس . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَقُول : إِذَا جُعِلَ الْقَبَس بَدَلًا مِنْ الشِّهَاب , فَالتَّنْوِين فِي الشِّهَاب , وَإِنْ أَضَافَ الشِّهَاب إِلَى الْقَبَس , لَمْ يُنَوِّن الشِّهَاب . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : إِذَا أُضِيفَ الشِّهَاب إِلَى الْقَبَس فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْله { وَلَدَار الْآخِرَة } 16 30 مِمَّا يُضَاف إِلَى نَفْسه إِذَا اِخْتَلَفَ اِسْمَاهُ وَلَفْظَاهُ تَوَهُّمًا بِالثَّانِي أَنَّهُ غَيْر الْأَوَّل . قَالَ : وَمِثْله حَبَّة الْخَضْرَاء , وَلَيْلَة الْقَمْرَاء , وَيَوْم الْخَمِيس وَمَا أَشْبَهَهُ. وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : إِنْ كَانَ الشِّهَاب هُوَ الْقَبَس لَمْ تَجُزْ الْإِضَافَة , لِأَنَّ الْقَبَس نَعْت , وَلَا يُضَاف الِاسْم إِلَى نَعْته إِلَّا فِي قَلِيل مِنْ الْكَلَام , وَقَدْ جَاءَ : { وَلَدَار الْآخِرَة } و { وَلَلدَّار الْآخِرَة } 6 32 وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّ الشِّهَاب إِذَا أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ غَيْر الْقَبَس , فَالْقِرَاءَة فِيهِ بِالْإِضَافَةِ , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام حِينَئِذٍ , مَا بَيَّنَّا مِنْ أَنَّهُ شُعْلَة قَبَس , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فِي كَفّه صَعْدَة مُشَقَّفَة فِيهَا سِنَان كَشُعْلَةِ الْقَبَس وَإِذَا أُرِيدَ بِالشِّهَابِ أَنَّهُ هُوَ الْقَبَس , أَوْ أَنَّهُ نَعْت لَهُ , فَالصَّوَاب فِي الشِّهَاب التَّنْوِين , لِأَنَّ الصَّحِيح فِي كَلَام الْعَرَب تَرْك إِضَافَة الِاسْم إِلَى نَعْته , وَإِلَى نَفْسه , بَلْ الْإِضَافَات فِي كَلَامهَا الْمَعْرُوف إِضَافَة الشَّيْء إِلَى غَيْر نَفْسه وَغَيْر نَعْته . وَقَوْله : { لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } يَقُول : كَيْ تَصْطَلُوا بِهَا مِنْ الْبَرْد .'; $TAFSEER['3']['27']['8'] = 'وَقَوْله : { فَلَمَّا جَاءَهَا } يَقُول : فَلَمَّا جَاءَ مُوسَى النَّار الَّتِي آنَسَهَا { نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّار وَمَنْ حَوْلهَا } . كَمَا : 20424 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّار } يَقُول : قُدِّسَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ { مَنْ فِي النَّار } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى جَلَّ جَلَاله بِذَلِكَ نَفْسه , وَهُوَ الَّذِي كَانَ فِي النَّار , وَكَانَتْ النَّار نُوره تَعَالَى ذِكْره فِي قَوْل جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20425 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّار } يَعْنِي نَفْسه ; قَالَ : كَانَ نُور رَبّ الْعَالَمِينَ فِي الشَّجَرَة . 20426 -حَدَّثني إِسْمَاعِيل بْن الْهَيْثَم أَبُو الْعَالِيَة الْعَبْدِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو قُتَيْبَة , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْل اللَّه : { بُورِكَ مَنْ فِي النَّار } قَالَ : نَادَاهُ وَهُوَ فِي النَّار . 20427 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّار وَمَنْ حَوْلهَا } قَالَ : هُوَ النُّور . 20428 - قَالَ مَعْمَر : قَالَ قَتَادَة : { بُورِكَ مَنْ فِي النَّار } قَالَ : نُور اللَّه بُورِكَ. * - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : { بُورِكَ مَنْ فِي النَّار } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : بُورِكَتْ النَّار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20429 -حَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْأَشْيَب , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّار } بُورِكَتْ النَّار . كَذَلِكَ قَالَهُ اِبْن عَبَّاس . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّار } قَالَ : بُورِكَتْ النَّار. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد : { بُورِكَ مَنْ فِي النَّار } قَالَ : بُورِكَتْ النَّار . 20430 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثَنَا مَكِّيّ بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا مُوسَى , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب , فِي قَوْله : { أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّار } نُور الرَّحْمَن , وَالنُّور هُوَ اللَّه { وَسُبْحَان اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ } . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى النَّار فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : النُّور كَمَا ذَكَرْت عَمَّنْ ذَكَرْت ذَلِكَ عَنْهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ النَّار لَا النُّور . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20431 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , أَنَّهُ قَالَ : حِجَاب الْعِزَّة , وَحِجَاب الْمَلِك , وَحِجَاب السُّلْطَان , وَحِجَاب النَّار , وَهِيَ تِلْكَ النَّار الَّتِي نُودِيَ مِنْهَا . قَالَ : وَحِجَاب النُّور , وَحِجَاب الْغَمَام , وَحِجَاب الْمَاء , وَإِنَّمَا قِيلَ : بُورِكَ مَنْ فِي النَّار , وَلَمْ يَقُلْ : بُورِكَ فِيمَنْ فِي النَّار عَلَى لُغَة الَّذِينَ يَقُولُونَ : بَارَكَك اللَّه . وَالْعَرَب تَقُول : بَارَكَك اللَّه , وَبَارَكَ فِيك . وَقَوْله : { وَمَنْ حَوْلهَا } يَقُول : وَمَنْ حَوْل النَّار. وَقِيلَ : عَنَى بِمَنْ حَوْلهَا : الْمَلَائِكَة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20432 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَمَنْ حَوْلهَا } قَالَ : يَعْنِي الْمَلَائِكَة . 20433 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ الْحَسَن , مِثْله. وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ مُوسَى وَالْمَلَائِكَة . 20434 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثَنَا مَكِّيّ بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا مُوسَى , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب { وَمَنْ حَوْلهَا } قَالَ : مُوسَى النَّبِيّ وَالْمَلَائِكَة , ثُمَّ قَالَ : { يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّه الْعَزِيز الْحَكِيم } . وَقَوْله : { وَسُبْحَان اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ } يَقُول : وَتَنْزِيهًا لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ , مِمَّا يَصِفهُ بِهِ الظَّالِمُونَ .'; $TAFSEER['3']['27']['9'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّه الْعَزِيز الْحَكِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيله لِمُوسَى : { إِنَّهُ أَنَا اللَّه الْعَزِيز } فِي نِقْمَته مِنْ أَعْدَائِهِ { الْحَكِيم } فِي تَدْبِيره فِي خَلْقه . وَالْهَاء الَّتِي فِي قَوْله : { إِنَّهُ } هَاء عِمَاد , وَهُوَ اِسْم لَا يَظْهَر فِي قَوْل بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : يَقُول هِيَ الْهَاء الْمَجْهُولَة , وَمَعْنَاهَا : أَنَّ الْأَمْر وَالشَّأْن : أَنَا اللَّه .'; $TAFSEER['3']['27']['10'] = 'وَقَوْله : { وَأَلْقِ عَصَاك فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزّ } فِي الْكَلَام مَحْذُوف تُرِكَ ذِكْره , اِسْتِغْنَاء بِمَا ذُكِرَ عَمَّا حُذِفَ , وَهُوَ : فَأَلْقَاهَا فَصَارَتْ حَيَّة تَهْتَزّ. يَقُول : كَأَنَّهَا حَيَّة عَظِيمَة , وَالْجَانّ : جِنْس مِنْ الْحَيَّات مَعْرُوف . وَقَالَ اِبْن جُرَيْج فِي ذَلِكَ مَا. 20435 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : { وَأَلْقِ عَصَاك فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزّ كَأَنَّهَا جَانّ } قَالَ : حِين تَحَوَّلَتْ حَيَّة تَسْعَى . وَهَذَا الْجِنْس مِنْ الْحَيَّات عَنَى الرَّاجِز بِقَوْلِهِ : يَرْفَعْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا مَا أَسْدَفَا أَعْنَاق جِنَّان وَهَامًا رُجَّفًا وَعَنَقًا بَعْد الرَّسِيم خَيْطَفَا وَقَوْله : { وَلَّى مُدْبِرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَّى مُوسَى هَارِبًا خَوْفًا مِنْهَا . يَقُول : وَلَمْ يَرْجِع ; مِنْ قَوْلهمْ : عَقَّبَ فُلَان : إِذَا رَجَعَ عَلَى عَقِبه إِلَى حَيْثُ بَدَأَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20436 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { وَلَمْ يُعَقِّب } قَالَ : لَمْ يَرْجِع . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20437 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : لَمْ يَلْتَفِت . 20438 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَمْ يُعَقِّب } قَالَ : لَمْ يَرْجِع { يَا مُوسَى } قَالَ : لَمَّا أَلْقَى الْعَصَا صَارَتْ حَيَّة , فَرُعِبَ مِنْهَا وَجَزِعَ , فَقَالَ اللَّه : { إِنِّي لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ } قَالَ : فَلَمْ يَرْعَوِ لِذَلِكَ , قَالَ : فَقَالَ اللَّه لَهُ : { أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّك مِنْ الْآمِنِينَ } 28 31 قَالَ : فَلَمْ يَقِف أَيْضًا عَلَى شَيْء مِنْ هَذَا حَتَّى قَالَ : { سَنُعِيدُهَا سِيرَتهَا الْأُولَى } 20 21 قَالَ : فَالْتَفَتَ فَإِذَا هِيَ عَصًا كَمَا كَانَتْ , فَرَجَعَ فَأَخَذَهَا , ثُمَّ قَوِيَ بَعْد ذَلِكَ حَتَّى صَارَ يُرْسِلهَا عَلَى فِرْعَوْن وَيَأْخُذهَا . وَقَوْله : { يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَنَادَاهُ رَبّه : يَا مُوسَى لَا تَخَفْ مِنْ هَذِهِ الْحَيَّة , إِنِّي لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ : يَقُول : إِنِّي لَا يَخَاف عِنْدِي رُسُلِي وَأَنْبِيَائِي الَّذِينَ أَخْتَصّهُمْ بِالنُّبُوَّةِ , إِلَّا مَنْ ظَلَمَ مِنْهُمْ , فَعَمِلَ بِغَيْرِ الَّذِي أُذِنَ لَهُ فِي الْعَمَل بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20439 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَوْله : { يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ } قَالَ : لَا يُخِيف اللَّه الْأَنْبِيَاء إِلَّا بِذَنْبٍ يُصِيبهُ أَحَدهمْ , فَإِنْ أَصَابَهُ أَخَافَهُ حَتَّى يَأْخُذهُ مِنْهُ . 20440 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه الْفَزَارِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , عَنْ أَبِي بَكْر , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : قَوْله : { يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ } قَالَ : إِنِّي إِنَّمَا أَخَفْتُك لِقَتْلِك النَّفْس , قَالَ : وَقَالَ الْحَسَن : كَانَتْ الْأَنْبِيَاء تُذْنِب فَتُعَاقَب . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه دُخُول إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِع , وَهُوَ اِسْتِثْنَاء مَعَ وَعْد اللَّه الْغُفْرَان الْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْله : { إِنِّي لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ } بِقَوْلِهِ : { فَإِنِّي غَفُور رَحِيم } . وَحُكْم الِاسْتِثْنَاء أَنْ يَكُون مَا بَعْده بِخِلَافِ مَعْنَى مَا قَبْله , وَذَلِكَ أَنْ يَكُون مَا بَعْده إِنْ كَانَ مَا قَبْله مَنْفِيًّا مُثْبَتًا كَقَوْلِهِ : مَا قَامَ إِلَّا زَيْد , فَزَيْد مُثْبَت لَهُ الْقِيَام , لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْل إِلَّا , وَمَا قَبْل إِلَّا مَنْفِيّ عَنْهُ الْقِيَام , وَأَنْ يَكُون مَا بَعْده إِنْ كَانَ مَا قَبْله مُثْبَتًا مَنْفِيًّا كَقَوْلِهِمْ : قَامَ الْقَوْم إِلَّا زَيْدًا ; فَزَيْد مَنْفِيّ عَنْهُ الْقِيَام ; وَمَعْنَاهُ : إِنَّ زَيْدًا لَمْ يَقُمْ , وَالْقَوْم مُثْبَت لَهُمْ الْقِيَام , { إِلَّا مَنْ ظَلَمَ , ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْد سُوء } , فَقَدْ أَمَّنَهُ اللَّه بِوَعْدِهِ الْغُفْرَان وَالرَّحْمَة , وَأَدْخَلَهُ فِي عِدَاد مَنْ لَا يَخَاف لَدَيْهِ مِنْ الْمُرْسَلِينَ . فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : أُدْخِلَتْ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِع , لِأَنَّ إِلَّا تَدْخُل فِي مِثْل هَذَا الْكَلَام , كَمِثْلِ قَوْل الْعَرَب : مَا أَشْتَكِي إِلَّا خَيْرًا ; فَلَمْ يَجْعَل قَوْله : إِلَّا خَيْرًا عَلَى الشَّكْوَى , وَلَكِنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ إِذَا قَالَ : مَا أَشْتَكِي شَيْئًا أَنْ يَذْكُر عَنْ نَفْسه خَيْرًا , كَأَنَّهُ قَالَ : مَا أَذْكُر إِلَّا خَيْرًا . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : يَقُول الْقَائِل : كَيْف صَيَّرَ خَائِفًا مَنْ ظَلَمَ , ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْد سُوء , وَهُوَ مَغْفُور لَهُ ؟ فَأَقُول لَك : فِي هَذِهِ الْآيَة وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنْ يَقُول : إِنَّ الرُّسُل مَعْصُومَة مَغْفُور لَهَا آمِنَة يَوْم الْقِيَامَة , وَمَنْ خَلَطَ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَر سَيِّئًا فَهُوَ يَخَاف وَيَرْجُو , فَهَذَا وَجْه . وَالْآخَر : أَنْ يَجْعَل الِاسْتِثْنَاء مِنْ الَّذِينَ تَرَكُوا فِي الْكَلِمَة , لِأَنَّ الْمَعْنَى : لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ , إِنَّمَا الْخَوْف عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ , ثُمَّ اِسْتَثْنَى فَقَالَ : { إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا } يَقُول : كَانَ مُشْرِكًا , فَتَابَ مِنْ الشِّرْك , وَعَمِلَ حُسْنًا , فَذَلِكَ مَغْفُور لَهُ , وَلَيْسَ يَخَاف . قَالَ : وَقَدْ قَالَ بَعْض النَّحْوِيِّينَ : إِنَّ إِلَّا فِي اللُّغَة بِمَنْزِلَةِ الْوَاو , وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذِهِ الْآيَة : لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ , وَلَا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا , قَالَ : وَجَعَلُوا مِثْله كَقَوْلِ اللَّه : { لِئَلَّا يَكُون لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّة إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } 2 150 قَالَ : وَلَمْ أَجِد الْعَرَبِيَّة تَحْتَمِل مَا قَالُوا , لِأَنِّي لَا أُجِيز : قَامَ النَّاس إِلَّا عَبْد اللَّه , وَعَبْد اللَّه قَائِم ; إِنَّمَا مَعْنَى الِاسْتِثْنَاء أَنْ يَخْرُج الِاسْم الَّذِي بَعْد إِلَّا مِنْ مَعْنَى الْأَسْمَاء الَّتِي قَبْل إِلَّا . وَقَدْ أَرَاهُ جَائِزًا أَنْ يَقُول : لِي عَلَيْك أَلْف سِوَى أَلْف آخَر ; فَإِنْ وُضِعَتْ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِع صَلَحَتْ , وَكَانَتْ إِلَّا فِي تَأْوِيل مَا قَالُوا , فَأَمَّا مُجَرَّدَة قَدْ اسْتُثْنِىَ قَلِيلهَا مِنْ كَثِيرهَا فَلَا , وَلَكِنَّ مِثْله مِمَّا يَكُون مَعْنَى إِلَّا كَمَعْنَى الْوَاو , وَلَيْسَتْ بِهَا قَوْله { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } 11 107 هُوَ فِي الْمَعْنَى . وَاَلَّذِي شَاءَ رَبّك مِنْ الزِّيَادَة , فَلَا تَجْعَل إِلَّا بِمَنْزِلَةِ الْوَاو , وَلَكِنْ بِمَنْزِلَةِ سِوَى ; فَإِذَا كَانَتْ " وَسِوَى " فِي مَوْضِع " إِلَّا " صَلَحَتْ بِمَعْنَى الْوَاو , لِأَنَّك تَقُول : عِنْدِي مَال كَثِير سِوَى هَذَا : أَيْ وَهَذَا عِنْدِي , كَأَنَّك قُلْت : عِنْدِي مَال كَثِير وَهَذَا أَيْضًا عِنْدِي , وَهُوَ فِي سِوَى أَبْعَد مِنْهُ فِي إِلَّا , لِأَنَّك تَقُول : عِنْدِي سِوَى هَذَا , وَلَا تَقُول : عِنْدِي إِلَّا هَذَا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي قَوْله { إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ } عِنْدِي غَيْر مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَكَيْنَا قَوْلهمْ مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة , بَلْ هُوَ الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَابْن جُرَيْج وَمَنْ قَالَ قَوْلهمَا , وَهُوَ أَنَّ قَوْله : { إِلَّا مَنْ ظَلَمَ } اِسْتِثْنَاء صَحِيح مِنْ قَوْله { لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ } مِنْهُمْ فَأَتَى ذَنْبًا , فَإِنَّهُ خَائِف لَدَيْهِ مِنْ عُقُوبَته. وَقَدْ بَيَّنَ الْحَسَن رَحِمَهُ اللَّه مَعْنَى قِيل اللَّه لِمُوسَى ذَلِكَ , وَهُوَ قَوْله قَالَ : إِنِّي إِنَّمَا أَخَفْتُك لِقَتْلِك النَّفْس . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَمَا وَجْه قِيله إِنْ كَانَ قَوْله { إِلَّا مَنْ ظَلَمَ } اِسْتِثْنَاء صَحِيحًا , وَخَارِجًا مِنْ عِدَاد مَنْ لَا يَخَاف لَدَيْهِ مِنْ الْمُرْسَلِينَ , وَكَيْفَ يَكُون خَائِفًا مَنْ كَانَ قَدْ وُعِدَ الْغُفْرَان وَالرَّحْمَة ؟ قِيلَ : إِنَّ قَوْله : { ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْد سُوء } كَلَام آخَر بَعْد الْأَوَّل , وَقَدْ تَنَاهَى الْخَبَر عَنْ الرُّسُل مَنْ ظَلَمَ مِنْهُمْ , وَمَنْ لَمْ يَظْلِم عِنْد قَوْله { إِلَّا مَنْ ظَلَمَ } ثُمَّ اِبْتَدَأَ الْخَبَر عَمَّنْ ظَلَمَ مِنْ الرُّسُل , وَسَائِر النَّاس غَيْرهمْ . وَقِيلَ : فَمَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْد سُوء فَإِنِّي لَهُ غَفُور رَحِيم . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَعَلَامَ تُعْطَف إِنْ كَانَ الْأَمْر كَمَا قُلْت بِثُمَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَطْفًا عَلَى قَوْله : { ظَلَمَ } ؟ قِيلَ : عَلَى مَتْرُوك اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ قَوْله { ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْد سُوء } عَلَيْهِ عَنْ إِظْهَاره , إِذْ كَانَ قَدْ جَرَى قَبْل ذَلِكَ مِنْ الْكَلَام نَظِيره , وَهُوَ : فَمَنْ ظَلَمَ مِنْ الْخَلْق . وَأَمَّا الَّذِينَ ذَكَرْنَا قَوْلهمْ مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة , فَقَدْ قَالُوا عَلَى مَذْهَب الْعَرَبِيَّة , غَيْر أَنَّهُمْ أَغْفَلُوا مَعْنَى الْكَلِمَة وَحَمَلُوهَا عَلَى غَيْر وَجْههَا مِنْ التَّأْوِيل . وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَل الْكَلَام عَلَى وَجْهه مِنْ التَّأْوِيل , وَيُلْتَمَس لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْه لِلْإِعْرَابِ فِي الصِّحَّة مَخْرَج لَا عَلَى إِحَالَة الْكَلِمَة عَنْ مَعْنَاهَا وَوَجْههَا الصَّحِيح مِنْ التَّأْوِيل .'; $TAFSEER['3']['27']['11'] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَنَادَاهُ رَبّه : يَا مُوسَى لَا تَخَفْ مِنْ هَذِهِ الْحَيَّة , إِنِّي لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ : يَقُول : إِنِّي لَا يَخَاف عِنْدِي رُسُلِي وَأَنْبِيَائِي الَّذِينَ أَخْتَصّهُمْ بِالنُّبُوَّةِ , إِلَّا مَنْ ظَلَمَ مِنْهُمْ , فَعَمِلَ بِغَيْرِ الَّذِي أُذِنَ لَهُ فِي الْعَمَل بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20439 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَوْله : { يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ } قَالَ : لَا يُخِيف اللَّه الْأَنْبِيَاء إِلَّا بِذَنْبٍ يُصِيبهُ أَحَدهمْ , فَإِنْ أَصَابَهُ أَخَافهُ حَتَّى يَأْخُذهُ مِنْهُ. 20440 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه الْفَزَارِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , عَنْ أَبِي بَكْر , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : قَوْله : { يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ } قَالَ : إِنِّي إِنَّمَا أَخَفْتُك لِقَتْلِك النَّفْس , قَالَ : وَقَالَ الْحَسَن : كَانَتْ الْأَنْبِيَاء تُذْنِب فَتُعَاقَب . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه دُخُول إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِع , وَهُوَ اِسْتِثْنَاء مَعَ وَعْد اللَّه الْغُفْرَان الْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْله : { إِنِّي لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ } بِقَوْلِهِ : { فَإِنِّي غَفُور رَحِيم } . وَحُكْم الِاسْتِثْنَاء أَنْ يَكُون مَا بَعْده بِخِلَافِ مَعْنَى مَا قَبْله , وَذَلِكَ أَنْ يَكُون مَا بَعْده إِنْ كَانَ مَا قَبْله مَنْفِيًّا مُثْبَتًا كَقَوْلِهِ : مَا قَامَ إِلَّا زَيْد , فَزَيْد مُثْبَت لَهُ الْقِيَام , لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْل إِلَّا , وَمَا قَبْل إِلَّا مَنْفِيّ عَنْهُ الْقِيَام , وَأَنْ يَكُون مَا بَعْده إِنْ كَانَ مَا قَبْله مُثْبَتًا مَنْفِيًّا كَقَوْلِهِمْ : قَامَ الْقَوْم إِلَّا زَيْدًا ; فَزَيْد مَنْفِيّ عَنْهُ الْقِيَام ; وَمَعْنَاهُ : إِنَّ زَيْدًا لَمْ يَقُمْ , وَالْقَوْم مُثْبَت لَهُمْ الْقِيَام , { إِلَّا مَنْ ظَلَمَ , ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْد سُوء } , فَقَدْ أَمَّنَهُ اللَّه بِوَعْدِهِ الْغُفْرَان وَالرَّحْمَة , وَأَدْخَلَهُ فِي عِدَاد مَنْ لَا يَخَاف لَدَيْهِ مِنْ الْمُرْسَلِينَ . فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : أُدْخِلَتْ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِع , لِأَنَّ إِلَّا تَدْخُل فِي مِثْل هَذَا الْكَلَام , كَمِثْلِ قَوْل الْعَرَب : مَا أَشْتَكِي إِلَّا خَيْرًا ; فَلَمْ يَجْعَل قَوْله : إِلَّا خَيْرًا عَلَى الشَّكْوَى , وَلَكِنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ إِذَا قَالَ : مَا أَشْتَكِي شَيْئًا أَنْ يَذْكُر عَنْ نَفْسه خَيْرًا , كَأَنَّهُ قَالَ : مَا أَذْكُر إِلَّا خَيْرًا . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : يَقُول الْقَائِل : كَيْفَ صَيَّرَ خَائِفًا مَنْ ظَلَمَ , ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْد سُوء , وَهُوَ مَغْفُور لَهُ ؟ فَأَقُول لَك : فِي هَذِهِ الْآيَة وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنْ يَقُول : إِنَّ الرُّسُل مَعْصُومَة مَغْفُور لَهَا آمِنَة يَوْم الْقِيَامَة , وَمَنْ خَلَطَ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَر سَيِّئًا فَهُوَ يَخَاف وَيَرْجُو , فَهَذَا وَجْه . وَالْآخَر : أَنْ يَجْعَل الِاسْتِثْنَاء مِنْ الَّذِينَ تَرَكُوا فِي الْكَلِمَة , لِأَنَّ الْمَعْنَى : لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ , إِنَّمَا الْخَوْف عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ , ثُمَّ اِسْتَثْنَى فَقَالَ : { إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا } يَقُول : كَانَ مُشْرِكًا , فَتَابَ مِنْ الشِّرْك , وَعَمِلَ حُسْنًا , فَذَلِكَ مَغْفُور لَهُ , وَلَيْسَ يَخَاف . قَالَ : وَقَدْ قَالَ بَعْض النَّحْوِيِّينَ : إِنَّ إِلَّا فِي اللُّغَة بِمَنْزِلَةِ الْوَاو , وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذِهِ الْآيَة : لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ , وَلَا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا , قَالَ : وَجَعَلُوا مِثْله كَقَوْلِ اللَّه : { لِئَلَّا يَكُون لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّة إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } 2 150 قَالَ : وَلَمْ أَجِد الْعَرَبِيَّة تَحْتَمِل مَا قَالُوا , لِأَنِّي لَا أُجِيز : قَامَ النَّاس إِلَّا عَبْد اللَّه , وَعَبْد اللَّه قَائِم ; إِنَّمَا مَعْنَى الِاسْتِثْنَاء أَنْ يَخْرُج الِاسْم الَّذِي بَعْد إِلَّا مِنْ مَعْنَى الْأَسْمَاء الَّتِي قَبْل إِلَّا . وَقَدْ أَرَاهُ جَائِزًا أَنْ يَقُول : لِي عَلَيْك أَلْف سِوَى أَلْف آخَر ; فَإِنْ وُضِعَتْ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِع صَلَحَتْ , وَكَانَتْ إِلَّا فِي تَأْوِيل مَا قَالُوا , فَأَمَّا مُجَرَّدَة قَدْ اسْتُثْنِىَ قَلِيلهَا مِنْ كَثِيرهَا فَلَا , وَلَكِنَّ مِثْله مِمَّا يَكُون مَعْنَى إِلَّا كَمَعْنَى الْوَاو , وَلَيْسَتْ بِهَا قَوْله { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } 11 107 هُوَ فِي الْمَعْنَى. وَاَلَّذِي شَاءَ رَبّك مِنْ الزِّيَادَة , فَلَا تُجْعَل إِلَّا بِمَنْزِلَةِ الْوَاو , وَلَكِنْ بِمَنْزِلَةِ سِوَى ; فَإِذَا كَانَتْ " وَسِوَى " فِي مَوْضِع " إِلَّا " صَلَحَتْ بِمَعْنَى الْوَاو , لِأَنَّك تَقُول : عِنْدِي مَال كَثِير سِوَى هَذَا : أَيْ وَهَذَا عِنْدِي , كَأَنَّك قُلْت : عِنْدِي مَال كَثِير وَهَذَا أَيْضًا عِنْدِي , وَهُوَ فِي سِوَى أَبْعَد مِنْهُ فِي إِلَّا , لِأَنَّك تَقُول : عِنْدِي سِوَى هَذَا , وَلَا تَقُول : عِنْدِي إِلَّا هَذَا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي قَوْله { إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ } عِنْدِي غَيْر مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَكَيْنَا قَوْلهمْ مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة , بَلْ هُوَ الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَابْن جُرَيْج وَمَنْ قَالَ قَوْلهمَا , وَهُوَ أَنَّ قَوْله : { إِلَّا مَنْ ظَلَمَ } اِسْتِثْنَاء صَحِيح مِنْ قَوْله { لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ } مِنْهُمْ فَأَتَى ذَنْبًا , فَإِنَّهُ خَائِف لَدَيْهِ مِنْ عُقُوبَته . وَقَدْ بَيَّنَ الْحَسَن رَحِمَهُ اللَّه مَعْنَى قِيل اللَّه لِمُوسَى ذَلِكَ , وَهُوَ قَوْله قَالَ : إِنِّي إِنَّمَا أَخَفْتُك لِقَتْلِك النَّفْس . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَمَا وَجْه قِيله إِنْ كَانَ قَوْله { إِلَّا مَنْ ظَلَمَ } اِسْتِثْنَاء صَحِيحًا , وَخَارِجًا مِنْ عِدَاد مَنْ لَا يَخَاف لَدَيْهِ مِنْ الْمُرْسَلِينَ , وَكَيْفَ يَكُون خَائِفًا مَنْ كَانَ قَدْ وُعِدَ الْغُفْرَان وَالرَّحْمَة ؟ قِيلَ : إِنَّ قَوْله : { ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْد سُوء } كَلَام آخَر بَعْد الْأَوَّل , وَقَدْ تَنَاهَى الْخَبَر عَنْ الرُّسُل مَنْ ظَلَمَ مِنْهُمْ , وَمَنْ لَمْ يَظْلِم عِنْد قَوْله { إِلَّا مَنْ ظَلَمَ } ثُمَّ اِبْتَدَأَ الْخَبَر عَمَّنْ ظَلَمَ مِنْ الرُّسُل , وَسَائِر النَّاس غَيْرهمْ . وَقِيلَ : فَمَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْد سُوء فَإِنِّي لَهُ غَفُور رَحِيم . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَعَلَامَ تُعْطَف إِنْ كَانَ الْأَمْر كَمَا قُلْت بِثُمَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَطْفًا عَلَى قَوْله : { ظَلَمَ } ؟ قِيلَ : عَلَى مَتْرُوك اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ قَوْله { ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْد سُوء } عَلَيْهِ عَنْ إِظْهَاره , إِذْ كَانَ قَدْ جَرَى قَبْل ذَلِكَ مِنْ الْكَلَام نَظِيره , وَهُوَ : فَمَنْ ظَلَمَ مِنْ الْخَلْق . وَأَمَّا الَّذِينَ ذَكَرْنَا قَوْلهمْ مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة , فَقَدْ قَالُوا عَلَى مَذْهَب الْعَرَبِيَّة , غَيْر أَنَّهُمْ أَغْفَلُوا مَعْنَى الْكَلِمَة وَحَمَلُوهَا عَلَى غَيْر وَجْههَا مِنْ التَّأْوِيل . وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَل الْكَلَام عَلَى وَجْهه مِنْ التَّأْوِيل , وَيُلْتَمَس لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْه لِلْإِعْرَابِ فِي الصِّحَّة مَخْرَج لَا عَلَى إِحَالَة الْكَلِمَة عَنْ مَعْنَاهَا وَوَجْههَا الصَّحِيح مِنْ التَّأْوِيل . وَقَوْله : { ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْد سُوء } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَمَنْ أَتَى ظُلْمًا مِنْ خَلْق اللَّه , وَرَكِبَ مَأْثَمًا , ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا , يَقُول : ثُمَّ تَابَ مِنْ ظُلْمه ذَلِكَ وَرُكُوبه الْمَأْثَم , { فَإِنِّي غَفُور } يَقُول : فَإِنِّي سَاتِر عَلَى ذَنْبه وَظُلْمه ذَلِكَ بِعَفْوِي عَنْهُ , وَتَرْك عُقُوبَته عَلَيْهِ { رَحِيم } بِهِ أَنْ أُعَاقِبهُ بَعْد تَبْدِيله الْحَسَن بِضِدِّهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20441 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِلَّا مَنْ ظَلَمَ , ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْد سُوء } ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْد إِسَاءَته { فَإِنِّي غَفُور رَحِيم }'; $TAFSEER['3']['27']['12'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَدْخِلْ يَدك فِي جَيْبك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيله لِنَبِيِّهِ مُوسَى : { وَأَدْخِلْ يَدك فِي جَيْبك } ذُكِرَ أَنَّهُ تَعَالَى ذِكْره أَمَرَهُ أَنْ يُدْخِل كَفّه فِي جَيْبه ; وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِإِدْخَالِهِ فِي جَيْبه , لِأَنَّ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ يَوْمئِذٍ مُدَرَّعَة مِنْ صُوف . قَالَ بَعْضهمْ : لَمْ يَكُنْ لَهَا كُمّ. وَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَ كُمّهَا إِلَى بَعْض يَده . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20442 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَأَدْخِلْ يَدك فِي جَيْبك } قَالَ : الْكَفّ فَقَطْ فِي جَيْبك . قَالَ : كَانَتْ مُدَرَّعَة إِلَى بَعْض يَده , وَلَوْ كَانَ لَهَا كُمّ أَمَرَهُ أَنْ يُدْخِل يَده فِي كُمّه . 20443 - قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون , قَالَ : قَالَ اِبْن مَسْعُود : إِنَّ مُوسَى أَتَى فِرْعَوْن حِين أَتَاهُ فِي ذر مانقة , يَعْنِي جُبَّة صُوف . وَقَوْله : { تَخْرُج بَيْضَاء } يَقُول : تَخْرُج الْيَد بَيْضَاء بِغَيْرِ لَوْن مُوسَى مِنْ { غَيْر سُوء } يَقُول : مِنْ غَيْر بَرَص { فِي تِسْع آيَات } , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَدْخِلْ يَدك فِي جَيْبك تَخْرُج بَيْضَاء مِنْ غَيْر سُوء , فَهِيَ آيَة فِي تِسْع آيَات مُرْسَل أَنْتَ بِهِنَّ إِلَى فِرْعَوْن ; وَتَرْك ذِكْر مُرْسَل لِدَلَالَةِ قَوْله { إِلَى فِرْعَوْن وَقَوْمه } عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : رَأَتْنِي بِحَبْلَيْهَا فَصَدَّتْ مَخَافَة وَفِي الْحَبْل رَوْعَاء الْفُؤَاد فَرُوق وَمَعْنَى الْكَلَام : رَأَتْنِي مُقْبِلًا بِحَبْلَيْهَا , فَتُرِكَ ذِكْر " مُقْبِل " اِسْتِغْنَاء بِمَعْرِفَةِ السَّامِعِينَ مَعْنَاهُ فِي ذَلِكَ , إِذْ قَالَ : رَأَتْنِي بِحَبْلَيْهَا ; وَنَظَائِر ذَلِكَ فِي كَلَام الْعَرَب كَثِيرَة. وَالْآيَات التِّسْع : هُنَّ الْآيَات الَّتِي بَيَّنَّاهُنَّ فِيمَا مَضَى . وَقَدْ : 20444 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { تِسْع آيَات إِلَى فِرْعَوْن وَقَوْمه } قَالَ : هِيَ الَّتِي ذَكَرَ اللَّه فِي الْقُرْآن : الْعَصَا , وَالْيَد , وَالْجَرَاد , وَالْقُمَّل , وَالضَّفَادِع , وَالطُّوفَان , وَالدَّم , وَالْحَجَر , وَالطَّمْس الَّذِي أَصَابَ آل فِرْعَوْن فِي أَمْوَالهمْ . وَقَوْله : { إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ } يَقُول : إِنَّ فِرْعَوْن وَقَوْمه مِنْ الْقِبْط كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ , يَعْنِي كَافِرِينَ بِاَللَّهِ . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْفِسْق فِيمَا مَضَى .'; $TAFSEER['3']['27']['13'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتنَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا جَاءَتْ فِرْعَوْن وَقَوْمه آيَاتنَا , يَعْنِي أَدِلَّتنَا وَحُجَجنَا , عَلَى حَقِيقَة مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مُوسَى وَصِحَّته , وَهِيَ الْآيَات التِّسْع الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْل . وَقَوْله { مُبْصِرَة } يَقُول : يُبْصِر بِهَا مَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا وَرَآهَا حَقِيقَة مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20445 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتنَا مُبْصِرَة } قَالَ : بَيِّنَة . يَقُول : قَالَ فِرْعَوْن وَقَوْمه : هَذَا الَّذِي جَاءَنَا بِهِ مُوسَى سِحْر مُبِين , يَقُول : يَبِين لِلنَّاظِرِينَ لَهُ أَنَّهُ سِحْر .'; $TAFSEER['3']['27']['14'] = 'وَقَوْله : { وَجَحَدُوا بِهَا } يَقُول : وَكَذَّبُوا بِالْآيَاتِ التِّسْع أَنْ تَكُون مِنْ عِنْد اللَّه , كَمَا : 20446 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { وَجَحَدُوا بِهَا } قَالَ : الْجُحُود : التَّكْذِيب بِهَا . وَقَوْله : { وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسهمْ } يَقُول : وَأَيْقَنَتْهَا قُلُوبهمْ , وَعَلِمُوا يَقِينًا أَنَّهَا مِنْ عِنْد اللَّه , فَعَانَدُوا بَعْد تَبَيُّنهمْ الْحَقّ , وَمَعْرِفَتهمْ بِهِ , كَمَا : 20447 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسهمْ } قَالَ : يَقِينهمْ فِي قُلُوبهمْ. 20448 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْل اللَّه : { وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسهمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا } قَالَ : اِسْتَيْقَنُوا أَنَّ الْآيَات مِنْ اللَّه حَقّ , فَلِمَ جَحَدُوا بِهَا ؟ قَالَ : ظُلْمًا وَعُلُوًّا . وَقَوْله : { ظُلْمًا وَعُلُوًّا } يَعْنِي بِالظُّلْمِ : الِاعْتِدَاء , وَالْعُلُوّ : الْكِبْر , كَأَنَّهُ قِيلَ : اِعْتِدَاء وَتَكَبُّرًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20449 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { ظُلْمًا وَعُلُوًّا } قَالَ : تَعَظُّمًا وَاسْتِكْبَارًا , وَمَعْنَى ذَلِكَ : وَجَحَدُوا بِالْآيَاتِ التِّسْع ظُلْمًا وَعُلُوًّا , وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسهمْ أَنَّهَا مِنْ عِنْد اللَّه , فَعَانَدُوا الْحَقّ بَعْد وُضُوحه لَهُمْ , فَهُوَ مِنْ الْمُؤَخَّر الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيم . وَقَوْله : { فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُفْسِدِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَانْظُرْ يَا مُحَمَّد بِعَيْنِ قَلْبك كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة تَكْذِيب هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَحَدُوا آيَاتنَا حِين جَاءَتْهُمْ مُبْصِرَة , وَمَاذَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ إِفْسَادهمْ فِي الْأَرْض وَمَعْصِيَتهمْ فِيهَا رَبّهمْ , وَأَعْقَبَهُمْ مَا فَعَلُوا , فَإِنَّ ذَلِكَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ جَنَّات وَعُيُون , وَزُرُوع وَمَقَام كَرِيم , إِلَى هَلَاك فِي الْعَاجِل بِالْغَرَقِ , وَفِي الْآجِل إِلَى عَذَاب دَائِم , { لَا يُفَتَّر عَنْهُمْ , وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } 43 75 يَقُول : وَكَذَلِكَ يَا مُحَمَّد سُنَّتِي فِي الَّذِينَ كَذَّبُوا بِمَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ الْآيَات عَلَى حَقِيقَة مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مِنْ الْحَقّ مِنْ قَوْمك .'; $TAFSEER['3']['27']['15'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُد وَسُلَيْمَان عِلْمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُد وَسُلَيْمَان عِلْمًا } وَذَلِكَ عِلْم كَلَام الطَّيْر وَالدَّوَابّ , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا خَصَّهُمْ اللَّه بِعِلْمِهِ. يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَقَالَ دَاوُد وَسُلَيْمَان : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي فَضَلَّنَا بِمَا خَصَّنَا بِهِ مِنْ الْعِلْم الَّذِي آتَانَاهُ دُون سَائِر خَلْقه مِنْ بَنِي آدَم فِي زَمَاننَا هَذَا عَلَى كَثِير مِنْ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ بِهِ فِي دَهْرنَا هَذَا .'; $TAFSEER['3']['27']['16'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَوَرِثَ سُلَيْمَان دَاوُد } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَوَرِثَ سُلَيْمَان } أَبَاهُ { دَاوُد } الْعِلْم الَّذِي كَانَ آتَاهُ اللَّه فِي حَيَاته , وَالْمُلْك الَّذِي كَانَ خَصَّهُ بِهِ عَلَى سَائِر قَوْمه , فَجَعَلَهُ لَهُ بَعْد أَبِيهِ دَاوُد دُون سَائِر وَلَد أَبِيهِ . يَقُول : وَقَالَ سُلَيْمَان لِقَوْمِهِ : يَا أَيّهَا النَّاس عُلِّمْنَا مَنْطِق الطَّيْر , يَعْنِي فَهِمْنَا كَلَامهَا ; وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الطَّيْر كَمَنْطِقِ الرَّجُل مِنْ بَنِي آدَم إِذْ فَهَمَّهُ عَنْهَا , وَقَدْ : 20450 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب : { وَقَالَ يَا أَيّهَا النَّاس عُلِّمْنَا مَنْطِق الطَّيْر } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ سُلَيْمَان كَانَ عَسْكَره مِائَة فَرْسَخ : خَمْسَة وَعِشْرُونَ مِنْهَا لِلْإِنْسِ , وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ لِلْجِنِّ وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ لِلْوَحْشِ وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ لِلطَّيْرِ , وَكَانَ لَهُ أَلْف بَيْت مِنْ قَوَارِير عَلَى الْخَشَب ; فِيهَا ثَلَاث مِائَة صَرِيحَة , وَسَبْع مِائَة سَرِيَّة , فَأَمَرَ الرِّيح الْعَاصِف فَرَفَعَتْهُ , وَأَمَرَ الرُّخَاء فَسَيَّرَتْهُ ; فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ وَهُوَ يَسِير بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض : إِنِّي قَدْ أَرَدْت أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّم أَحَد مِنْ الْخَلَائِق بِشَيْءٍ إِلَّا جَاءَتْ الرِّيح فَأَخْبَرَتْهُ. وَقَوْله : { وَأُوتِينَا مِنْ كُلّ شَيْء } يَقُول : وَأُعْطِينَا وَوُهِبَ لَنَا مِنْ كُلّ شَيْء مِنْ الْخَيْرَات . يَقُول : إِنَّ هَذَا الَّذِي أُوتِينَا مِنْ الْخَيْرَات لَهُوَ الْفَضْل عَلَى جَمِيع أَهْل دَهْرنَا الْمُبِين , يَقُول : الَّذِي يَبِين لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَتَدَبَّرَهُ أَنَّهُ فَضْل أُعْطِينَاهُ عَلَى مَنْ سِوَانَا مِنْ النَّاس .'; $TAFSEER['3']['27']['17'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَحُشِرَ لِسُلَيْمَان جُنُوده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس وَالطَّيْر فَهُمْ يُوزَعُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجُمِعَ لِسُلَيْمَان جُنُوده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس وَالطَّيْر فِي مَسِير لَهُمْ فَهُمْ يُوزَعُونَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله { فَهُمْ يُوزَعُونَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَهُمْ يُحْبَس أَوَّلهمْ عَلَى آخِرهمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20451 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : جُعِلَ عَلَى كُلّ صِنْف مَنْ يَرُدّ أُولَاهَا عَلَى أُخْرَاهَا لِئَلَّا يَتَقَدَّمُوا فِي الْمَسِير كَمَا تَصْنَع الْمُلُوك . 20452 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَحُشِرَ لِسُلَيْمَان جُنُوده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس وَالطَّيْر فَهُمْ يُوزَعُونَ } قَالَ : يُرَدّ أَوَّلهمْ عَلَى آخِرهمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ فَهُمْ يُسَاقُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20453 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَحُشِرَ لِسُلَيْمَان جُنُوده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس وَالطَّيْر فَهُمْ يُوزَعُونَ } قَالَ : يُوزَعُونَ : يُسَاقُونَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : فَهُمْ يَتَقَدَّمُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20454 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان عَنْ مَعْمَر , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : { يُوزَعُونَ } يَتَقَدَّمُونَ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : يُرَدّ أَوَّلهمْ عَلَى آخِرهمْ ; وَذَلِكَ أَنَّ الْوَازِع فِي كَلَام الْعَرَب هُوَ الْكَافّ , يُقَال مِنْهُ : وَزَعَ فُلَان فُلَانًا عَنْ الظُّلْم : إِذَا كَفَّهُ عَنْهُ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : أَلَمْ يَزَع الْهَوَى إِذْ لَمْ يُؤَاتِ بَلَى وَسَلَوْت عَنْ طَلَب الْفَتَاة وَقَالَ آخَر : عَلَى حِين عَاتَبْت الْمَشِيب عَلَى الصِّبَا وَقُلْت أَلَمَّا أَصْحُ وَالشَّيْب وَازِع وَإِنَّمَا قِيلَ لِلَّذِينَ يَدْفَعُونَ النَّاس عَنْ الْوُلَاة وَالْأُمَرَاء وَزَعَة : لِكَفِّهِمْ إِيَّاهُمْ عَنْهُ .'; $TAFSEER['3']['27']['18'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِالنَّمْل قَالَتْ نَمْلَة يَا أَيّهَا النَّمْل اُدْخُلُوا مَسَاكِنكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَان وَجُنُوده وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } . يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْل } حَتَّى إِذَا أَتَى سُلَيْمَان وَجُنُوده عَلَى وَادِي النَّمْل { قَالَتْ نَمْلَة يَا أَيّهَا النَّمْل اُدْخُلُوا مَسَاكِنكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَان وَجُنُوده } يَقُول : لَا يَكْسِرَنكُمْ وَيَقْتُلَنكُمْ سُلَيْمَان وَجُنُوده { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } يَقُول : وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ يُحَطِّمُونَكُمْ . 20455 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن وَيَحْيَى , قَالَا ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ رَجُل يُقَال لَهُ الْحَكَم , عَنْ عَوْف , فِي قَوْله : { قَالَتْ نَمْلَة يَا أَيّهَا النَّمْل } قَالَ : كَانَ نَمْل سُلَيْمَان بْن دَاوُد مِثْل الذُّبَاب .'; $TAFSEER['3']['27']['19'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَتَبَسَّمَ سُلَيْمَان ضَاحِكًا مِنْ قَوْل النَّمْلَة الَّتِي قَالَتْ مَا قَالَتْ وَقَالَ : { رَبّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيَّ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ { أَوْزِعْنِي } أَلْهِمْنِي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20456 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { قَالَ رَبّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُر نِعْمَتك } يَقُول : اِجْعَلْنِي . 20457 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { رَبّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيَّ } قَالَ : فِي كَلَام الْعَرَب , تَقُول : أَوْزَعَ فُلَان بِفُلَانٍ , يَقُول : حَرَّضَ عَلَيْهِ . وَقَالَ اِبْن زَيْد : { أَوْزِعْنِي } أَلْهِمْنِي وَحَرِّضْنِي عَلَى أَنْ أَشْكُر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ. وَقَوْله : { وَأَنْ أَعْمَل صَالِحًا تَرْضَاهُ } يَقُول : وَأَوْزِعْنِي أَنْ أَعْمَل بِطَاعَتِك وَمَا تَرْضَاهُ يَقُول : وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِك مَعَ عِبَادك الصَّالِحِينَ , الَّذِينَ اِخْتَرْتهمْ لِرِسَالَتِك وَانْتَخَبْتهمْ لِوَحْيِك , يَقُول : أَدْخِلْنِي مِنْ الْجَنَّة مَدَاخِلهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20458 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِك فِي عِبَادك الصَّالِحِينَ } قَالَ : مَعَ عِبَادك الصَّالِحِينَ الْأَنْبِيَاء وَالْمُؤْمِنِينَ .'; $TAFSEER['3']['27']['20'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَتَفَقَّدَ الطَّيْر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَتَفَقَّدَ } سُلَيْمَان { الطَّيْر فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُد } . وَكَانَ سَبَب تَفَقُّده الطَّيْر وَسُؤَاله عَنْ الْهُدْهُد خَاصَّة مِنْ بَيْن الطَّيْر , مَا : 20459 -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت عِمْرَان عَنْ أَبِي مِجْلَز , قَالَ : جَلَسَ اِبْن عَبَّاس إِلَى عَبْد اللَّه بْن سَلَام , فَسَأَلَهُ عَنْ الْهُدْهُد : لِمَ تَفَقَّدَهُ سُلَيْمَان مِنْ بَيْن الطَّيْر فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن سَلَام : إِنَّ سُلَيْمَان نَزَلَ مَنْزِلَة فِي مَسِير لَهُ , فَلَمْ يَدْرِ مَا بَعْد الْمَاء , فَقَالَ : مَنْ يَعْلَم بَعْد الْمَاء ؟ قَالُوا : الْهُدْهُد , فَذَاكَ حِين تَفَقَّدَهُ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا عِمْرَان بْن حُدَيْر , عَنْ أَبِي مِجْلَز , عَنْ اِبْن عَبَّاس وَعَبْد اللَّه بْن سَلَام بِنَحْوِهِ . 20460 -حَدَّثني أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ سُلَيْمَان بْن دَاوُد يُوضَع لَهُ سِتّ مِائَة كُرْسِيّ , ثُمَّ يَجِيء أَشْرَاف الْإِنْس فَيَجْلِسُونَ مِمَّا يَلِيه , ثُمَّ تَجِيء أَشْرَاف الْجِنّ فَيَجْلِسُونَ مِمَّا يَلِي الْإِنْس , قَالَ : ثُمَّ يَدْعُو الطَّيْر فَتُظِلّهُمْ , ثُمَّ يَدْعُو الرِّيح فَتَحْمِلهُمْ , قَالَ : فَيَسِير فِي الْغَدَاة الْوَاحِدَة مَسِيرَة شَهْر , قَالَ : فَبَيْنَا هُوَ فِي مَسِيره إِذْ اِحْتَاجَ إِلَى الْمَاء وَهُوَ فِي فَلَاة مِنْ الْأَرْض , قَالَ : فَدَعَا الْهُدْهُد , فَجَاءَهُ فَنَقَرَ الْأَرْض , فَيُصِيب مَوْضِع الْمَاء , قَالَ : ثُمَّ تَجِيء الشَّيَاطِين فَيَسْلُخُونَهُ كَمَا يُسْلَخ الْإِهَاب , قَالَ : ثُمَّ يَسْتَخْرِجُونَ الْمَاء. فَقَالَ لَهُ نَافِع بْن الْأَزْرَق : قِفْ يَا وَقَّاف ! أَرَأَيْت قَوْلك الْهُدْهُد يَجِيء فَيَنْقُر الْأَرْض , فَيُصِيب الْمَاء , كَيْف يُبْصِر هَذَا , وَلَا يُبْصِر الْفَخّ يَجِيء حَتَّى يَقَع فِي عُنُقه ؟ قَالَ : فَقَالَ لَهُ اِبْن عَبَّاس : وَيْحك إِنَّ الْقَدَر إِذَا جَاءَ حَالَ دُون الْبَصَر . 20461 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : كَانَ سُلَيْمَان بْن دَاوُد إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْته إِلَى مَجْلِسه عَكَفَتْ عَلَيْهِ الطَّيْر , وَقَامَ لَهُ الْجِنّ وَالْإِنْس حَتَّى يَجْلِس عَلَى سَرِيره , حَتَّى إِذَا كَانَ ذَات غَدَاة فِي بَعْض زَمَانه غَدَا إِلَى مَجْلِسه الَّذِي كَانَ يَجْلِس فِيهِ , فَتَفَقَّدَ الطَّيْر . وَكَانَ فِيمَا يَزْعُمُونَ يَأْتِيه نُوَبًا مِنْ كُلّ صِنْف مِنْ الطَّيْر طَائِر , فَنَظَرَ فَرَأَى مِنْ أَصْنَاف الطَّيْر كُلّهَا قَدْ حَضَرَهُ إِلَّا الْهُدْهُد , فَقَالَ : مَا لِي لَا أَرَى الْهُدْهُد ! 20462 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : أَوَّل مَا فَقَدَ سُلَيْمَان الْهُدْهُد نَزَلَ بِوَادٍ فَسَأَلَ الْإِنْس عَنْ مَائِهِ , فَقَالُوا : مَا نَعْلَم لَهُ مَاء , فَإِنْ يَكُنْ أَحَد مِنْ جُنُودك يَعْلَم لَهُ مَاء فَالْجِنّ , فَدَعَا الْجِنّ فَسَأَلَهُمْ , فَقَالُوا : مَا نَعْلَم لَهُ مَاء وَإِنْ يَكُنْ أَحَد مِنْ جُنُودك يَعْلَم لَهُ مَاء فَالطَّيْر , فَدَعَا الطَّيْر فَسَأَلَهُمْ , فَقَالُوا : مَا نَعْلَم لَهُ مَاء , وَإِنْ يَكُنْ أَحَد مِنْ جُنُودك يَعْلَمهُ فَالْهُدْهُد , فَلَمْ يَجِدهُ , قَالَ : فَذَاكَ أَوَّل مَا فَقَدَ الْهُدْهُد . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَتَفَقَّدَ الطَّيْر فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُد أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ } قَالَ : تَفَقَّدَ الْهُدْهُد مِنْ أَجْل أَنَّهُ كَانَ يَدُلّهُ عَلَى الْمَاء إِذَا رَكِبَ , وَإِنَّ سُلَيْمَان رَكِبَ ذَات يَوْم فَقَالَ : أَيْنَ الْهُدْهُد لِيَدُلّنَا عَلَى الْمَاء ؟ فَلَمْ يَجِدهُ , فَمِنْ أَجْل ذَلِكَ تَفَقَّدَهُ. فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : إِنَّ الْهُدْهُد كَانَ يَنْفَعهُ الْحَذَر مَا لَمْ يَبْلُغهُ الْأَجَل ; فَلَمَّا بَلَغَ الْأَجَل لَمْ يَنْفَعهُ الْحَذَر , وَحَالَ الْقَدَر دُون الْبَصَر . فَقَدْ اِخْتَلَفَ عَبْد اللَّه بْن سَلَام وَالْقَائِلُونَ بِقَوْلِهِ وَوَهْب بْن مُنَبِّه , فَقَالَ عَبْد اللَّه : كَانَ سَبَب تَفَقُّده الْهُدْهُد وَسُؤَاله عَنْهُ لِيَسْتَخْبِرهُ عَنْ بُعْد الْمَاء فِي الْوَادِي الَّذِي نَزَلَ بِهِ فِي مَسِيره . وَقَالَ وَهْب بْن مُنَبِّه : كَانَ تَفَقُّده إِيَّاهُ وَسُؤَاله عَنْهُ لِإِخْلَالِهِ بِالنَّوْبَةِ الَّتِي كَانَ يَنُوبهَا ; وَاَللَّه أَعْلَم بِأَيِّ ذَلِكَ كَانَ إِذْ لَمْ يَأْتِنَا بِأَيِّ ذَلِكَ كَانَ تَنْزِيل , وَلَا خَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيح . فَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه أَخْبَرَ عَنْ سُلَيْمَان أَنَّهُ تَفَقَّدَ الطَّيْر , إِمَّا لِلنَّوْبَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا وَأَخَلَّتْ بِهَا , وَإِمَّا لِحَاجَةٍ كَانَتْ إِلَيْهَا عَنْ بُعْد الْمَاء. وَقَوْله : { فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُد أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ { مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُد } أَخْطَأَهُ بَصَرِي فَلَا أَرَاهُ وَقَدْ حَضَرَ أَمْ هُوَ غَائِب فِيمَا غَابَ مِنْ سَائِر أَجْنَاس الْخَلْق فَلَمْ يَحْضُر . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20463 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُد أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ } أَخْطَأَهُ بَصَرِي فِي الطَّيْر , أَمْ غَابَ فَلَمْ يَحْضُر ؟'; $TAFSEER['3']['27']['21'] = 'وَقَوْله : { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } يَقُول : فَلَمَّا أُخْبِرَ سُلَيْمَان عَنْ الْهُدْهُد أَنَّهُ لَمْ يَحْضُر وَأَنَّهُ غَائِب غَيْر شَاهِد , أَقْسَمَ { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } وَكَانَ تَعْذِيبه الطَّيْر فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ إِذَا عَذَّبَهَا أَنْ يَنْتِف رِيشهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20464 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا الْحِمَّانِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } قَالَ : نَتْف رِيشه . 20465 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عَطِيَّة , عَنْ شَرِيك , عَنْ عَطَاء , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي : { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } عَذَابه : نَتْفه وَتَشْمِيسه . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } قَالَ : نَتْف رِيشه وَتَشْمِيسه . 20466 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } قَالَ : نَتْف رِيشه كُلّه. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } قَالَ : نَتْف رِيش الْهُدْهُد كُلّه , فَلَا يَغْفُو سِنَة. 20467 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : نَتْف رِيشه . 20468 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } يَقُول : نَتْف رِيشه. 20469 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , قَالَ : ثني اِبْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن رُومَان أَنَّهُ حُدِّثَ أَنَّ عَذَابه الَّذِي كَانَ يُعَذِّب بِهِ الطَّيْر نَتْف جَنَاحه . 20470 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : قِيلَ لِبَعْضِ أَهْل الْعِلْم : هَذَا الذَّبْح , فَمَا الْعَذَاب الشَّدِيد ؟ قَالَ : نَتْف رِيشه بِتَرْكِهِ بَضْعَة تَنْزُو . * - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن الرَّبِيع الرَّازِيّ , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو بْن بَشَّار , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } قَالَ : نَتْفه. 20471 - حَدَّثني سَعِيد بْن الرَّبِيع , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ حُسَيْن بْن أَبِي شَدَّاد , قَالَ : نَتْفه وَتَشْمِيسه . يَقُول : أَوْ لَأَقْتُلَنَّهُ . كَمَا : 20472 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ } يَقُول : أَوْ لَأَقْتُلَنَّهُ . 20473 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا عَبَّاد بْن الْعَوَّام , عَنْ حُصَيْن , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد : { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ } الْآيَة , قَالَ : فَتَلَقَّاهُ الطَّيْر , فَأَخْبَرَهُ , فَقَالَ : أَلَمْ يَسْتَثْنِ ؟ وَقَوْله : { أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِين } يَقُول : أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِحُجَّةٍ تُبَيِّن لِسَامِعِهَا صِحَّتهَا وَحَقِيقَتهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20474 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن الْأَزْدِيّ , قَالَ : ثَنَا الْمُعَافَى بْن عِمْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَمَّار الدُّهْنِيّ , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كُلّ سُلْطَان فِي الْقُرْآن فَهُوَ حُجَّة . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِين } يَقُول : بِبَيِّنَةٍ أَعْذُرهُ بِهَا , وَهُوَ مِثْل قَوْله : { الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَات اللَّه بِغَيْرِ سُلْطَان } 40 35 يَقُول : بِغَيْرِ بَيِّنَة . 20475 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : كُلّ شَيْء فِي الْقُرْآن سُلْطَان , فَهُوَ حُجَّة. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن يَزِيد , عَنْ قَبَاث بْن رَزِين , أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَة يَقُول : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول : كُلّ سُلْطَان فِي الْقُرْآن فَهُوَ حُجَّة , كَانَ لِلْهُدْهُدِ سُلْطَان . 20476 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِين } قَالَ : بِعُذْرٍ بَيِّن . 20477 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِين } أَيْ بِحُجَّةِ عُذْر لَهُ فِي غَيْبَته . 20478 -حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِين } يَقُول : بِبَيِّنَةٍ , وَهُوَ قَوْل اللَّه { الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَات اللَّه بِغَيْرِ سُلْطَان } 40 35 بِغَيْرِ بَيِّنَة . 20479 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِين } قَالَ : بِعُذْرٍ أَعْذُرهُ فِيهِ .'; $TAFSEER['3']['27']['22'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَمَكَثَ غَيْر بَعِيد } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { فَمَكَثَ غَيْر بَعِيد } فَمَكَثَ سُلَيْمَان غَيْر طَوِيل مِنْ حِين سَأَلَ عَنْ الْهُدْهُد , حَتَّى جَاءَ الْهُدْهُد. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { فَمَكَثَ } فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار سِوَى عَاصِم : " فَمَكُثَ " بِضَمِّ الْكَاف , وَقَرَأَهُ عَاصِم بِفَتْحِهَا , وَكِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ عِنْدنَا صَوَاب , لِأَنَّهُمَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ , وَإِنْ كَانَ الضَّمّ فِيهَا أَعْجَب إِلَيَّ , لِأَنَّهَا أَشْهَر اللُّغَتَيْنِ وَأَفْصَحهمَا. وَقَوْله : { فَقَالَ أَحَطْت بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } يَقُول : فَقَالَ الْهُدْهُد حِين سَأَلَهُ سُلَيْمَان عَنْ تَخَلُّفه وَغَيْبَته : أَحَطْت بِعِلْمِ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ أَنْتَ يَا سُلَيْمَان. كَمَا : 20480 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَحَطْت بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } قَالَ : مَا لَمْ تَعْلَم . 20481 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { فَمَكَثَ غَيْر بَعِيد } ثُمَّ جَاءَ الْهُدْهُد , فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان : مَا خَلَّفَكَ عَنْ نَوْبَتك ؟ قَالَ : أَحَطْت بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ . وَقَوْله : { وَجِئْتُك مِنْ سَبَأ بِنَبَإ يَقِين } يَقُول : وَجِئْتُك مِنْ سَبَأ بِخَبَرٍ يَقِين . وَهُوَ مَا : 20482 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { وَجِئْتُك مِنْ سَبَأ بِنَبَإ يَقِين } أَيْ أَدْرَكْت مُلْكًا لَمْ يَبْلُغهُ مُلْكك . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { مِنْ سَبَأ } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة { مِنْ سَبَأ } بِالْإِجْرَاءِ. الْمَعْنَى أَنَّهُ رَجُل اِسْمه سَبَأ . وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء أَهْل مَكَّة وَالْبَصْرَة { مِنْ سَبَأ } بِتَرْكِ الْإِجْرَاء , عَلَى أَنَّهُ اِسْم قَبِيلَة أَوْ لِامْرَأَةٍ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ , وَقَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنْ الْقُرَّاء , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب ; فَالْإِجْرَاء فِي سَبَأ , وَغَيْر الْإِجْرَاء صَوَاب , لِأَنَّ سَبَأ إِنْ كَانَ رَجُلًا كَمَا جَاءَ بِهِ الْأَثَر , فَإِنَّهُ إِذَا أُرِيدَ بِهِ اِسْم الرَّجُل أُجْرِيَ , وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ اِسْم الْقَبِيلَة لَمْ يُجْرَ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر فِي إِجْرَائِهِ : الْوَارِدُونَ وَتَيْمٌ فِي ذَرَا سَبَإ قَدْ عَضَّ أَعْنَاقهمْ جِلْد الْجَوَامِيس يُرْوَى : ذَرَا , وذرى , وَقَدْ حُدِّثْت عَنْ الْفَرَّاء عَنْ الرُّؤَاسِيّ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَمْرو بْن الْعَلَاء كَيْفَ لَمْ يُجْرَ سَبَأ ؟ قَالَ : لَسْت أَدْرِي مَا هُوَ ; فَكَأَنَّ أَبَا عَمْرو تَرَكَ إِجْرَاءَهُ , إِذْ لَمْ يَدْرِ مَا هُوَ , كَمَا تَفْعَل الْعَرَب بِالْأَسْمَاءِ الْمَجْهُولَة الَّتِي لَا تَعْرِفهَا مِنْ تَرْك الْإِجْرَاء. حُكِيَ عَنْ بَعْضهمْ : هَذَا أَبُو مَعْرُور قَدْ جَاءَ , فَتَرَكَ إِجْرَاءَهُ إِذْ لَمْ يَعْرِفهُ فِي أَسْمَائِهِمْ . وَإِنْ كَانَ سَبَأ جَبَلًا , أُجْرِيَ لِأَنَّهُ يُرَاد بِهِ الْجَبَل بِعَيْنِهِ , وَإِنْ لَمْ يُجْرَ فَلِأَنَّهُ يُجْعَل اِسْمًا لِلْجَبَلِ وَمَا حَوْله مِنْ الْبُقْعَة .'; $TAFSEER['3']['27']['23'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنِّي وَجَدْت اِمْرَأَة تَمْلِكهُمْ } . يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ قِيل الْهُدْهُد لِسُلَيْمَان مُخْبِرًا بِعُذْرِهِ فِي مَغِيبه عَنْهُ : { إِنِّي وَجَدْت اِمْرَأَة تَمْلِكهُمْ } يَعْنِي تَمْلِك سَبَأ , وَإِنَّمَا صَارَ هَذَا الْخَبَر لِلْهُدْهُدِ عُذْرًا وَحُجَّة عِنْد سُلَيْمَان , دَرَأَ بِهِ عَنْهُ مَا كَانَ أَوْعَدَ بِهِ , لِأَنَّ سُلَيْمَان كَانَ لَا يَرَى أَنَّ فِي الْأَرْض أَحَدًا لَهُ مَمْلَكَة مَعَهُ , وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا حُبِّبَ إِلَيْهِ الْجِهَاد وَالْغَزْو , فَلَمَّا دَلَّهُ الْهُدْهُد عَلَى مُلْكٍ بِمَوْضِعٍ مِنْ الْأَرْض هُوَ لِغَيْرِهِ , وَقَوْم كَفَرَة يَعْبُدُونَ غَيْر اللَّه , لَهُ فِي جِهَادهمْ وَغَزْوهمْ الْأَجْر الْجَزِيل , وَالثَّوَاب الْعَظِيم فِي الْآجِل , وَضَمّ مَمْلَكَة لِغَيْرِهِ إِلَى مُلْكه , حَقَّتْ لِلْهُدْهُدِ الْمَعْذِرَة , وَصَحَّتْ لَهُ الْحُجَّة فِي مَغِيبه عَنْ سُلَيْمَان . وَقَوْله : { وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْء } يَقُول : وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْء يُؤْتَاهُ الْمَلِك فِي عَاجِل الدُّنْيَا مِمَّا يَكُون عِنْدهمْ مِنْ الْعَتَاد وَالْآلَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20483 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة الْبَاجِيّ , عَنْ الْحَسَن , قَوْله : { وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْء } يَعْنِي : مِنْ كُلّ أَمْر الدُّنْيَا . وَقَوْله { وَلَهَا عَرْش عَظِيم } يَقُول : وَلَهَا كُرْسِيّ عَظِيم. وَعُنِيَ بِالْعَظِيمِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْعَظِيم فِي قَدْره , وَعِظَم خَطَره , لَا عِظَمه فِي الْكِبَر وَالسَّعَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20484 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَهَا عَرْش عَظِيم } قَالَ : سَرِير كَرِيم , قَالَ : حَسَن الصَّنْعَة , وَعَرْشهَا : سَرِير مِنْ ذَهَب قَوَائِمه مِنْ جَوْهَر وَلُؤْلُؤ . 20485 - قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة الْبَاجِيّ , عَنْ الْحَسَن , قَوْله : { وَلَهَا عَرْش عَظِيم } يَعْنِي سَرِير عَظِيم.'; $TAFSEER['3']['27']['24'] = 'وَقَوْله : { وَجَدْتهَا وَقَوْمهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُون اللَّه } يَقُول : وَجَدْت هَذِهِ الْمَرْأَة مَلِكَة سَبَإ , وَقَوْمهَا مِنْ سَبَإ , يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ فَيَعْبُدُونَهَا مِنْ دُون اللَّه . وَقَوْله : { وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان أَعْمَالهمْ } يَقُول : وَحَسَّنَ لَهُمْ إِبْلِيس عِبَادَتهمْ الشَّمْس , وَسُجُودهمْ لَهَا مِنْ دُون اللَّه , وَحَبَّبَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ. يَقُول : فَمَنَعَهُمْ بِتَزْيِينِهِ ذَلِكَ لَهُمْ أَنْ يَتَّبِعُوا الطَّرِيق الْمُسْتَقِيم , وَهُوَ دِين اللَّه الَّذِي بَعَثَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ , وَمَعْنَاهُ : فَصَدَّهُمْ عَنْ سَبِيل الْحَقّ . يَقُول : فَهُمْ لِمَا قَدْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان مَا زَيَّنَ مِنْ السُّجُود لِلشَّمْسِ مِنْ دُون اللَّه وَالْكُفْر بِهِ لَا يَهْتَدُونَ لِسَبِيلِ الْحَقّ وَلَا يَسْلُكُونَهُ , وَلَكِنَّهُمْ فِي ضَلَالهمْ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَتَرَدَّدُونَ .'; $TAFSEER['3']['27']['25'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ } . اِخْتَلَفَ الْقُرَّاء , فِي قِرَاءَة قَوْله { أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ } فَقَرَأَ بَعْض الْمَكِّيِّينَ وَبَعْض الْمَدَنِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ " أَلَّا " بِالتَّخْفِيفِ , بِمَعْنَى : أَلَا يَا هَؤُلَاءِ اُسْجُدُوا , فَأَضْمَرُوا " هَؤُلَاءِ " اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ " يَا " عَلَيْهَا . وَذَكَرَ بَعْضهمْ سَمَاعًا مِنْ الْعَرَب : أَلَا يَا اِرْحَمْنَا , أَلَا يَا تَصَدَّقْ عَلَيْنَا ; وَاسْتُشْهِدَ أَيْضًا بِبَيْتِ الْأَخْطَل : أَلَا يَا اِسْلَمِي يَا هِنْدُ هِنْدَ بَنِي بَدْر وَإِنْ كَانَ حَيَّانَا عِدًا آخِر الدَّهْر فَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة اُسْجُدُوا فِي هَذَا الْمَوْضِع جَزْم , وَلَا مَوْضِع لِقَوْلِهِ " أَلَا " فِي الْإِعْرَاب . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة وَالْبَصْرَة { أَلَّا يَسْجُدُوا } بِتَشْدِيدِ أَلَّا , بِمَعْنَى : وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان أَعْمَالهمْ لِئَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ " أَلَّا " فِي مَوْضِع نَصْب لِمَا ذَكَرْت مِنْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لِئَلَّا , وَيَسْجُدُوا فِي مَوْضِع نَصْب بِأَنَّ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنْ الْقُرَّاء مَعَ صِحَّة مَعْنَيَيْهِمَا . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه دُخُول " يَا " فِي قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ عَلَى وَجْه الْأَمْر , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ أَمْرًا , كَأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ : اُسْجُدُوا , وَزَادَ " يَا " بَيْنهمَا الَّتِي تَكُون لِلتَّنْبِيهِ , ثُمَّ أَذْهَبَ أَلِف الْوَصْل الَّتِي فِي اُسْجُدُوا , وَأُذْهِبَتْ الْأَلِف الَّتِي فِي " يَا " لِأَنَّهَا سَاكِنَة لَقِيَتْ السِّين , فَصَارَ أَلَّا يَسْجُدُوا . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : هَذِهِ " يَا " الَّتِي تَدْخُل لِلنِّدَاءِ يُكْتَفَى بِهَا مِنْ الِاسْم , وَيُكْتَفَى بِالِاسْمِ مِنْهَا , فَتَقُول : يَا أَقْبِلْ , وَزَيْد أَقْبِلْ , وَمَا سَقَطَ مِنْ السَّوَاكِن فَعَلَى هَذَا . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { يُخْرِج الْخَبْء } يُخْرِج الْمَخْبُوء فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْ غَيْث فِي السَّمَاء , وَنَبَات فِي الْأَرْض وَنَحْو ذَلِكَ . وَبِاَلَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ عِبَارَتهمْ عَنْهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20486 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قِرَاءَة عَنْ مُجَاهِد : { يُخْرِج الْخَبْء فِي السَّمَاوَات } قَالَ : الْغَيْث . * -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عُمَر , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { يُخْرِج الْخَبْء } قَالَ : الْغَيْث . 20487 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { الَّذِي يُخْرِج الْخَبْء فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض } قَالَ : خَبْء السَّمَاء وَالْأَرْض : مَا جَعَلَ اللَّه فِيهَا مِنْ الْأَرْزَاق , وَالْمَطَر مِنْ السَّمَاء , وَالنَّبَات مِنْ الْأَرْض , كَانَتَا رَتْقًا , لَا تُمْطِر هَذِهِ وَلَا تُنْبِت هَذِهِ , فَفَتَقَ السَّمَاء , وَأَنْزَلَ مِنْهَا الْمَطَر , وَأَخْرَجَ النَّبَات . 20488 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ابْن يُونُس , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ حَكِيم بْن جَابِر , فِي قَوْله : { أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِج الْخَبْء فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض } وَيَعْلَم كُلّ خَفِيَّة فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض . 20489 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا أُسَامَة بْن زَيْد , عَنْ مُعَاذ بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : رَأَيْت اِبْن عَبَّاس عَلَى بَغْلَة يَسْأَل تُبَّعًا اِبْن اِمْرَأَة كَعْب : هَلْ سَأَلْت كَعْبًا عَنْ الْبَذْر تُنْبِت الْأَرْض الْعَام لَمْ يُصِبْ الْعَام الْآخَر ؟ قَالَ : سَمِعْت كَعْبًا يَقُول : الْبَذْر يَنْزِل مِنْ السَّمَاء وَيَخْرُج مِنْ الْأَرْض , قَالَ : صَدَقْت. قَالَ أَبُو جَعْفَر : إِنَّمَا هُوَ تَبِيع , وَلَكِنْ هَكَذَا قَالَ مُحَمَّد. وَقِيلَ : يُخْرِج الْخَبْء فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض , لِأَنَّ الْعَرَب تَضَع " مِنْ " مَكَان " فِي " و " فِي " مَكَان " مِنْ " فِي الِاسْتِخْرَاج . يَقُول : وَيَعْلَم السِّرّ مِنْ أُمُور خَلْقه , هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان أَعْمَالهمْ وَالْعَلَانِيَة مِنْهَا , وَذَلِكَ عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ أَلَّا بِالتَّشْدِيدِ. وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ بِالتَّخْفِيفِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ : وَيَعْلَم مَا يُسِرّهُ خَلْقه الَّذِينَ أَمَرَهُمْ بِالسُّجُودِ بِقَوْلِهِ : " أَلَا يَا هَؤُلَاءِ اُسْجُدُوا ". وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ : " أَلَّا تَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يَعْلَم سِرّكُمْ وَمَا تُعْلِنُونَ ".'; $TAFSEER['3']['27']['26'] = 'وَقَوْله : { اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه الَّذِي لَا تَصْلُح الْعِبَادَة إِلَّا لَهُ , لَا إِلَه إِلَّا هُوَ , لَا مَعْبُود سِوَاهُ تَصْلُح لَهُ الْعِبَادَة , فَأَخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَة , وَأَفْرِدُوهُ بِالطَّاعَةِ , وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا . يَعْنِي بِذَلِكَ : مَالِك الْعَرْش الْعَظِيم الَّذِي كُلّ عَرْش , وَإِنْ عَظُمَ , فَدُونه , لَا يُشْبِههُ عَرْش مَلِكَة سَبَإ وَلَا غَيْره . 20490 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد ; فِي قَوْله : { أَحَطْت بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } إِلَى قَوْله { لَا إِلَه إِلَّا هُوَ رَبّ الْعَرْش الْعَظِيم } هَذَا كُلّه كَلَام الْهُدْهُد . 20491 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق بِنَحْوِهِ.'; $TAFSEER['3']['27']['27'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْت أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { قَالَ } سُلَيْمَان لِلْهُدْهُدِ : { سَنَنْظُرُ } فِيمَا اِعْتَذَرْت بِهِ مِنْ الْعُذْر , وَاحْتَجَجْت بِهِ مِنْ الْحُجَّة لِغَيْبَتِك عَنَّا , وَفِيمَا جِئْتنَا بِهِ مِنْ الْخَيْر { أَصَدَقْت } فِي ذَلِكَ كُلّه { أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ } فِيهِ'; $TAFSEER['3']['27']['28'] = 'اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ ; فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : اِذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا , فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ , فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ , ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ مُنْصَرِفًا إِلَيَّ , فَقَالَ : هُوَ مِنْ الْمُؤَخَّر الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20492 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : فَأَجَابَهُ سُلَيْمَان , يَعْنِي أَجَابَ الْهُدْهُد لَمَّا فَرَغَ : { قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْت أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ. اِذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ } وَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ , ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ مُنْصَرِفًا إِلَيَّ . وَقَالَ : وَكَانَتْ لَهَا كُوَّة مُسْتَقْبِلَة الشَّمْس , سَاعَة تَطْلُع الشَّمْس تَطْلُع فِيهَا فَتَسْجُد لَهَا , فَجَاءَ الْهُدْهُد حَتَّى وَقَعَ فِيهَا فَسَدَّهَا , وَاسْتَبْطَأَتْ الشَّمْس , فَقَامَتْ تَنْظُر , فَرَمَى بِالصَّحِيفَةِ إِلَيْهَا مِنْ تَحْت جَنَاحه , وَطَارَ حَتَّى قَامَتْ تَنْظُر الشَّمْس. قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَهَذَا الْقَوْل مِنْ قَوْل اِبْن زَيْد يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْهُدْهُد تَوَلَّى إِلَى سُلَيْمَان رَاجِعًا , بَعْد إِلْقَائِهِ الْكِتَاب , وَأَنَّ نَظَره إِلَى الْمَرْأَة مَا الَّذِي تَرْجِع وَتَفْعَل كَانَ قَبْل إِلْقَائِهِ كِتَاب سُلَيْمَان إِلَيْهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : اِذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقه إِلَيْهِمْ , ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ , فَكُنْ قَرِيبًا مِنْهُمْ , وَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ; قَالُوا : وَفَعَلَ الْهُدْهُد , وَسَمِعَ مُرَاجَعَة الْمَرْأَة أَهْل مَمْلَكَتهَا , وَقَوْلهَا لَهُمْ : { إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم , إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَان , وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم } وَمَا بَعْد ذَلِكَ مِنْ مُرَاجَعَة بَعْضهمْ بَعْضًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20493 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَوْله : { فَأَلْقه إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ } أَيْ كُنْ قَرِيبًا { فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } . وَهَذَا الْقَوْل أَشْبَه . بِتَأْوِيلِ الْآيَة , لِأَنَّ مُرَاجَعَة الْمَرْأَة قَوْمهَا , كَانَتْ بَعْد أَنْ أُلْقِيَ إِلَيْهَا الْكِتَاب , وَلَمْ يَكُنْ الْهُدْهُد لِيَنْصَرِف وَقَدْ أُمِرَ بِأَنْ يَنْظُر إِلَى مُرَاجَعَة الْقَوْم بَيْنهمْ مَا يَتَرَاجَعُونَهُ قَبْل أَنْ يَفْعَل مَا أَمَرَهُ بِهِ سُلَيْمَان.'; $TAFSEER['3']['27']['29'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَتْ يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْرهُ : فَذَهَبَ الْهُدْهُد بِكِتَابِ سُلَيْمَان إِلَيْهَا , فَأَلْقَاهُ إِلَيْهَا ; فَلَمَّا قَرَأَتْهُ قَالَتْ لِقَوْمِهَا : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20494 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : كَتَبَ , يَعْنِي سُلَيْمَان بْن دَاوُد مَعَ الْهُدْهُد : بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم , مِنْ سُلَيْمَان بْن دَاوُد , إِلَى بِلْقِيس بِنْت ذِي سَرْح وَقَوْمهَا , أَمَّا بَعْد , فَلَا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ , قَالَ : فَأَخَذَ الْهُدْهُد الْكِتَاب بِرِجْلِهِ , فَانْطَلَقَ بِهِ حَتَّى أَتَاهَا , وَكَانَتْ لَهَا كُوَّة فِي بَيْتهَا إِذَا طَلَعَتْ الشَّمْس نَظَرَتْ إِلَيْهَا , فَسَجَدَتْ لَهَا , فَأَتَى الْهُدْهُد الْكُوَّة فَسَدَّهَا بِجَنَاحَيْهِ حَتَّى اِرْتَفَعَتْ الشَّمْس وَلَمْ تَعْلَم , ثُمَّ أَلْقَى الْكِتَاب مِنْ الْكُوَّة , فَوَقَعَ عَلَيْهَا فِي مَكَانهَا الَّذِي هِيَ فِيهِ , فَأَخَذَتْهُ . 20495 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّهَا اِمْرَأَة يُقَال لَهَا بِلْقِيس , أَحْسَبهُ قَالَ : اِبْنَة شَرَاحِيل , أَحَد أَبَوَيْهَا مِنْ الْجِنّ , مُؤَخَّر أَحَد قَدَمَيْهَا كَحَافِرِ الدَّابَّة , وَكَانَتْ فِي بَيْت مَمْلَكَة , وَكَانَ أُولُو مَشُورَتهَا ثَلَاث مِائَة وَاثْنَيْ عَشَر كُلّ رَجُل مِنْهُمْ عَلَى عَشَرَة آلَاف , وَكَانَتْ بِأَرْضٍ يُقَال لَهَا مَأْرِب , مِنْ صَنْعَاء عَلَى ثَلَاثَة أَيَّام ; فَلَمَّا جَاءَ الْهُدْهُد بِخَبَرِهَا إِلَى سُلَيْمَان بْن دَاوُد , كَتَبَ الْكِتَاب وَبَعَثَ بِهِ مَعَ الْهُدْهُد , فَجَاءَ الْهُدْهُد وَقَدْ غَلَّقَتْ الْأَبْوَاب , وَكَانَتْ تُغْلِق أَبْوَابهَا وَتَضَع مَفَاتِيحهَا تَحْت رَأْسهَا , فَجَاءَ الْهُدْهُد فَدَخَلَ مِنْ كُوَّة , فَأَلْقَى الصَّحِيفَة عَلَيْهَا , فَقَرَأَتْهَا , فَإِذَا فِيهَا : { إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَان وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } وَكَذَلِكَ كَانَتْ تَكْتُب الْأَنْبِيَاء لَا تُطْنِب , إِنَّمَا تَكْتُب جُمَلًا . 20496 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : لَمْ يَزِدْ سُلَيْمَان عَلَى مَا قَصَّ اللَّه فِي كِتَابه : إِنَّهُ وَإِنَّهُ . 20497 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { اِذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقه إِلَيْهِمْ } فَمَضَى الْهُدْهُد بِالْكِتَابِ , حَتَّى إِذَا حَاذَى الْمَلِكَة وَهِيَ عَلَى عَرْشهَا أَلْقَى إِلَيْهَا الْكِتَاب . وَقَوْله : { قَالَتْ يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم } وَالْمَلَأ : أَشْرَاف قَوْمهَا . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ مَلِكَة سَبَإ لِأَشْرَافِ قَوْمهَا : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم }. وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي سَبَب وَصْفهَا الْكِتَاب بِالْكَرِيمِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : وَصَفَتْهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ مَخْتُومًا : وَقَالَ آخَرُونَ : وَصَفَتْهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ مَلِك فَوَصَفَتْهُ بِالْكَرَمِ لِكَرَمِ صَاحِبه . وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ اِبْن زَيْد . 20498 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم } قَالَ : هُوَ كِتَاب سُلَيْمَان حَيْثُ كَتَبَ إِلَيْهَا .'; $TAFSEER['3']['27']['30'] = 'وَقَوْله { إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَان وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم } كُسِرَتْ إِنَّ الْأُولَى وَالثَّانِيَة عَلَى الرَّدّ عَلَى " إِنِّي " مِنْ قَوْله : { إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم } . وَمَعْنَى الْكَلَام : قَالَتْ : يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب , وَإِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَان .'; $TAFSEER['3']['27']['31'] = 'وَقَوْله { أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ } يَقُول : أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ . فَفِي " أَنَّ " وَجْهَانِ مِنْ الْعَرَبِيَّة : إِنْ جُعِلَتْ بَدَلًا مِنْ الْكِتَاب كَانَتْ رَفْعًا بِمَا رُفِعَ بِهِ الْكِتَاب بَدَلًا مِنْهُ ; وَإِنْ جُعِلَ مَعْنَى الْكَلَام : إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم أَنْ لَا تَعْلُو عَلَيَّ كَانَتْ نَصْبًا بِتَعَلُّقِ الْكِتَاب بِهَا . وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ : { أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ } أَنْ لَا تَتَكَبَّرُوا وَلَا تَتَعَاظَمُوا عَمَّا دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ. كَمَا : 20499 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ } أَنْ لَا تَتَمَنَّعُوا مِنْ الَّذِي دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ ; إِنْ اِمْتَنَعْتُمْ جَاهَدْتُكُمْ . فَقُلْت لِابْنِ زَيْد : { أَنْ لَا تَعْلُوا عَلَيَّ } أَنْ لَا تَتَكَبَّرُوا عَلَيَّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ; قَالَ : وَقَالَ اِبْن زَيْد : { أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } ذَلِكَ فِي كِتَاب سُلَيْمَان إِلَيْهَا . وَقَوْله : { وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } يَقُول : وَأَقْبِلُوا إِلَيَّ مُذْعِنِينَ لِلَّهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالطَّاعَة .'; $TAFSEER['3']['27']['32'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَتْ يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ مَلِكَة سَبَإ لِأَشْرَافِ قَوْمهَا : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي } تَقُول : أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أَمْرِي الَّذِي قَدْ حَضَرَنِي مِنْ أَمْر صَاحِب هَذَا الْكِتَاب الَّذِي أُلْقِيَ إِلَيَّ , فَجَعَلَتْ الْمَشُورَة فُتْيَا . وَقَوْله : { مَا كُنْت قَاطِعَة أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ } تَقُول : مَا كُنْت قَاضِيَة أَمْرًا فِي ذَلِكَ حَتَّى تَشْهَدُونِ , فَأُشَاوِركُمْ فِيهِ . كَمَا : 20500 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : دَعَتْ قَوْمهَا تُشَاوِرهُمْ { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي , مَا كُنْت قَاطِعَة أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ } يَقُول فِي الْكَلَام : مَا كُنْت لِأَقْطَع أَمْرًا دُونك وَلَا كُنْت لِأَقْضِيَ أَمْرًا , فَلِذَلِكَ قَالَتْ : { مَا كُنْت قَاطِعَة أَمْرًا } بِمَعْنَى : قَاضِيَة .'; $TAFSEER['3']['27']['33'] = 'وَقَوْله : { قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّة وَأُولُو بَأْس شَدِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ الْمَلَأ مِنْ قَوْم مَلِكَة سَبَإ , إِذْ شَاوَرْتهمْ فِي أَمْرهَا وَأَمْر سُلَيْمَان : نَحْنُ ذَوُو الْقُوَّة عَلَى الْقِتَال , وَالْبَأْس الشَّدِيد فِي الْحَرْب , وَالْأَمْر أَيَّتهَا الْمَلِكَة إِلَيْك فِي الْقِتَال وَفِي تَرْكه , فَانْظُرِي مِنْ الرَّأْي مَا تَرَيْنَ , فَمُرِينَا نَأْتَمِر لِأَمْرِك . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20501 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : { قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّة وَأُولُو بَأْس شَدِيد } عَرَضُوا لَهَا الْقِتَال , يُقَاتِلُونَ لَهَا , وَالْأَمْر إِلَيْك بَعْد هَذَا , { فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ } . 20502 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : كَانَ مَعَ مَلِكَة سَبَإ اِثْنَا عَشَر أَلْف قَيْل , مَعَ كُلّ قَيْل مِائَة أَلْف . 20503 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ مَعَ بِلْقِيس مِائَة أَلْف قَيْل , مَعَ كُلّ قَيْل مِائَة أَلْف. * - قَالَ : ثَنَا وَكِيع , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , قَالَ : سَمِعْت مُجَاهِدًا يَقُول : كَانَتْ تَحْت يَد مَلِكَة سَبَإ اِثْنَا عَشَر أَلْف قَيْل ; وَالْقَيْل بِلِسَانِهِمْ : الْمَلِك تَحْت يَد كُلّ مَلِك مِائَة أَلْف مُقَاتِل .'; $TAFSEER['3']['27']['34'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ صَاحِبَة سَبَإ لِلْمَلَأِ مِنْ قَوْمهَا , إِذْ عَرَضُوا عَلَيْهَا أَنْفُسهمْ لِقِتَالِ سُلَيْمَان , إِنْ أَمَرَتْهُمْ بِذَلِكَ : { إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة } عَنْوَة وَغَلَبَة { أَفْسَدُوهَا } يَقُول : خَرَّبُوهَا { وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة } وَذَلِكَ بِاسْتِعْبَادِهِمْ الْأَحْرَار , وَاسْتِرْقَاقهمْ إِيَّاهُمْ ; وَتَنَاهَى الْخَبَر مِنْهَا عَنْ الْمُلُوك فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ اللَّه : { وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَمَا قَالَتْ صَاحِبَة سَبَإ تَفْعَل الْمُلُوك , إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة عَنْوَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20504 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر , فِي قَوْله : { وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة } قَالَ أَبُو بَكْر : هَذَا عَنْوَة . 20505 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة أَفْسَدُوهَا } قَالَ : إِذَا دَخَلُوهَا عَنْوَة خَرَّبُوهَا. 20506 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : { قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة } قَالَ اِبْن عَبَّاس : يَقُول اللَّه : { وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } .'; $TAFSEER['3']['27']['35'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } ذُكِرَ أَنَّهَا قَالَتْ : إِنِّي مُرْسِلَة إِلَى سُلَيْمَان , لِتَخْتَبِرهُ بِذَلِكَ وَتَعْرِفهُ بِهِ , أَمَلِك هُوَ , أَمْ نَبِيّ ؟ وَقَالَتْ : إِنْ يَكُنْ نَبِيًّا لَمْ يَقْبَل الْهَدِيَّة , وَلَمْ يَرْضَهُ مِنَّا , إِلَّا أَنْ نَتَّبِعهُ عَلَى دِينه , وَإِنْ يَكُنْ مَلِكًا قَبِلَ الْهَدِيَّة وَانْصَرَفَ . ذِكْر الرِّوَايَة عَمَّنْ قَالَ ذَلِكَ : 20507 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَتْ : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } قَالَ : وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ بِوَصَائِف وَوُصَفَاء , وَأَلْبَسَتْهُمْ لِبَاسًا وَاحِدًا حَتَّى لَا يُعْرَف ذَكَر مِنْ أُنْثَى , فَقَالَتْ : إِنْ زَيَّلَ بَيْنهمْ حَتَّى يَعْرِف الذَّكَر مِنْ الْأُنْثَى , ثُمَّ رَدَّ الْهَدِيَّة فَإِنَّهُ نَبِيّ , وَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتْرُك مُلْكنَا , وَنَتَّبِع دِينه , وَنَلْحَق بِهِ . 20508 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } قَالَ : بِجَوَارٍ لِبَاسهمْ لِبَاس الْغِلْمَان , وَغِلْمَان لِبَاسهمْ لِبَاس الْجَوَارِي . 20509 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَوْلهَا : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } قَالَ : مِائَتَيْ غُلَام وَمِائَتَيْ جَارِيَة . قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ مُجَاهِد : قَوْله : { بِهَدِيَّةٍ } قَالَ : جَوَارٍ أَلْبَسَتْهُنَّ لِبَاس الْغِلْمَان , وَغِلْمَان أَلْبَسَتْهُمْ لِبَاس الْجَوَارِي . قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَالَ [ مُجَاهِد ] : قَالَتْ : فَإِنْ خَلَّصَ الْجَوَارِي مِنْ الْغِلْمَان , وَرَدَّ الْهَدِيَّة فَإِنَّهُ نَبِيّ , وَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّبِعهُ . قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ مُجَاهِد : فَخَلَّصَ سُلَيْمَان بَعْضهمْ مِنْ بَعْض , وَلَمْ يَقْبَل هَدِيَّتهَا . 20510 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ ثَابِت الْبُنَانِيّ , قَالَ : أَهْدَتْ لَهُ صَفَائِح الذَّهَب فِي أَوْعِيَة الدِّيبَاج ; فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ سُلَيْمَان أَمَرَ الْجِنّ فَمَوَّهُوا لَهُ الْآجُرّ بِالذَّهَبِ , ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُلْقِيَ فِي الطُّرُق ; فَلَمَّا جَاءُوا فَرَأَوْهُ مُلْقًى مَا يُلْتَفَت إِلَيْهِ , صَغُرَ فِي أَعْيُنهمْ مَا جَاءُوا بِهِ . 20511 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة أَفْسَدُوهَا } الْآيَة , وَقَالَتْ : إِنَّ هَذَا الرَّجُل إِنْ كَانَ إِنَّمَا هِمَّته الدُّنْيَا فَسَنُرْضِيهِ , وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يُرِيد الدِّين فَلَنْ يَقْبَل غَيْره { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } . 20512 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : كَانَتْ بِلْقِيس اِمْرَأَة لَبِيبَة أَدِيبَة فِي بَيْت مُلْك , لَمْ تَمْلِك إِلَّا لِبَقَايَا مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلهَا , إِنَّهُ قَدْ سَيِسَتْ وَسَاسَتْ حَتَّى أَحْكَمَهَا ذَلِكَ , وَكَانَ دِينهَا وَدِين قَوْمهَا فِيمَا ذُكِرَ الزِّنْدِيقِيَّة ; فَلَمَّا قَرَأَتْ الْكِتَاب سَمِعَتْ كِتَابًا لَيْسَ مِنْ كُتُب الْمُلُوك الَّتِي كَانَتْ قَبْلهَا , فَبَعَثَتْ إِلَى الْمَقَاوِلَة مِنْ أَهْل الْيَمَن , فَقَالَتْ لَهُمْ : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم , إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَان وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم , أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } إِلَى قَوْله { بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } ثُمَّ قَالَتْ : إِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي كِتَاب لَمْ يَأْتِنِي مِثْله مِنْ مَلِك مِنْ الْمُلُوك قَبْله , فَإِنْ يَكُنْ الرَّجُل نَبِيًّا مُرْسَلًا فَلَا طَاقَة لَنَا بِهِ وَلَا قُوَّة , وَإِنْ يَكُنْ الرَّجُل مَلِكًا يُكَاثِر , فَلَيْسَ بِأَعَزّ مِنَّا , وَلَا أَعَدّ . فَهَيَّأَتْ هَدَايَا مِمَّا يُهْدَى لِلْمُلُوكِ , مِمَّا يُفْتَنُونَ بِهِ , فَقَالَتْ : إِنْ يَكُنْ مَلِكًا فَسَيَقْبَلُ الْهَدِيَّة وَيَرْغَب فِي الْمَال , وَإِنْ يَكُنْ نَبِيًّا فَلَيْسَ لَهُ فِي الدُّنْيَا حَاجَة , وَلَيْسَ إِيَّاهَا يُرِيد , إِنَّمَا يُرِيد أَنْ نَدْخُل مَعَهُ فِي دِينه وَنَتَّبِعهُ عَلَى أَمْره , أَوْ كَمَا قَالَتْ . 20513 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } بَعَثَتْ بِوَصَائِف وَوُصَفَاء , لِبَاسهمْ لِبَاس وَاحِد , فَقَالَتْ : إِنْ زَيَّلَ بَيْنهمْ حَتَّى يَعْرِف الذَّكَر مِنْ الْأُنْثَى , ثُمَّ رَدَّ الْهَدِيَّة فَهُوَ نَبِيّ , وَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّبِعهُ , وَنَدْخُل فِي دِينه ; فَزَيَّلَ سُلَيْمَان بَيْن الْغِلْمَان وَالْجَوَارِي , وَرَدَّ الْهَدِيَّة , فَقَالَ { أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّه خَيْر مِمَّا آتَاكُمْ } . 20514 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : كَانَ فِي الْهَدَايَا الَّتِي بَعَثَتْ بِهَا وَصَائِف وَوُصَفَاء يَخْتَلِفُونَ فِي ثِيَابهمْ , لِتَمْيِيزِ الْغِلْمَان مِنْ الْجَوَارِي , قَالَ : فَدَعَا بِمَاءٍ , فَجَعَلَ الْجَوَارِي يَتَوَضَّأْنَ مِنْ الْمِرْفَق إِلَى أَسْفَل , وَجَعَلَ الْغِلْمَان يَتَوَضَّئُونَ مِنْ الْمِرْفَق إِلَى فَوْق . قَالَ : وَكَانَ أَبِي يُحَدِّثنَا هَذَا الْحَدِيث. 20515 - حَدَّثَنَا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } قَالَ : أَرْسَلَتْ بِلَبِنَةٍ مِنْ ذَهَب , وَقَالَتْ : إِنْ كَانَ يُرِيد الدُّنْيَا عَلِمْته , وَإِنْ كَانَ يُرِيد الْآخِرَة عَلِمْته . وَقَوْله : { فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } تَقُول : فَأَنْظُر بِأَيِّ شَيْء مِنْ خَبَره وَفِعْله فِي هَدِيَّتِي الَّتِي أَرْسَلَهَا إِلَيْهِ تَرْجِع رُسُلِي , أَبِقَبُولٍ وَانْصِرَاف عَنَّا , أَمْ بِرَدِّ الْهَدِيَّة وَالثَّبَات عَلَى مُطَالَبَتنَا بِاتِّبَاعِهِ عَلَى دِينه ؟ وَأُسْقِطَتْ الْأَلِف مِنْ " مَا " فِي قَوْله { بِمَ } وَأَصْله : بِمَا , لِأَنَّ الْعَرَب إِذَا كَانَتْ " مَا " بِمَعْنَى : أَيّ , ثُمَّ وَصَلُوهَا بِحَرْفٍ خَافِض أَسْقَطُوا أَلِفهَا تَفْرِيقًا بَيْن الِاسْتِفْهَام وَغَيْره , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ } 78 1 و { قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ } 4 97 , وَرُبَّمَا أَثْبَتُوا فِيهَا الْأَلِف , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : عَلَامَا قَامَ يَشْتُمنِي لَئِيم كَخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ فِي تُرَاب وَقَالَتْ : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ } وَإِنَّمَا أَرْسَلَتْ إِلَى سُلَيْمَان وَحْده عَلَى النَّحْو الَّذِي بَيَّنَّا فِي قَوْله : { عَلَى خَوْف مِنْ فِرْعَوْن وَمَلَئِهِمْ } 10 83'; $TAFSEER['3']['27']['36'] = 'وَقَوْله : { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان } . إِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ : { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان } فَجُعِلَ الْخَبَر فِي مَجِيء سُلَيْمَان عَنْ وَاحِد , وَقَدْ قَالَ قَبْل ذَلِكَ { فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } فَإِنْ كَانَ الرَّسُول كَانَ وَاحِدًا , فَكَيْفَ قِيلَ { بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَة فَكَيْفَ قِيلَ : { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان } ؟ قِيلَ : هَذَا نَظِير مَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْل مِنْ إِظْهَار الْعَرَب الْخَبَر فِي أَمْر كَانَ مِنْ وَاحِد عَلَى وَجْه الْخَبَر , عَنْ جَمَاعَة إِذَا لَمْ يَقْصِد قَصْد الْخَبَر عَنْ شَخْص وَاحِد بِعَيْنِهِ , يُشَار إِلَيْهِ بِعَيْنِهِ , فَسُمِّيَ فِي الْخَبَر . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الرَّسُول الَّذِي وَجَّهَتْهُ مَلِكَة سَبَإ إِلَى سُلَيْمَان كَانَ أَمْرَأً وَاحِدًا , فَلِذَلِكَ قَالَ : { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان } يُرَاد بِهِ : فَلَمَّا جَاءَ الرَّسُول سُلَيْمَان ; وَاسْتَدَلَّ قَائِلُو ذَلِكَ عَلَى صِحَّة مَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ بِقَوْلِ سُلَيْمَان لِلرَّسُولِ : { اِرْجِعْ إِلَيْهِمْ } وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه , فَلَمَّا جَاءُوا سُلَيْمَان عَلَى الْجَمْع , وَذَلِكَ لِلَّفْظِ قَوْله : { بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } فَصَلَحَ الْجَمْع لِلَّفْظِ وَالتَّوْحِيد لِلْمَعْنَى . وَقَوْله : { قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ } يَقُول : قَالَ سُلَيْمَان لَمَّا جَاءَ الرَّسُول مِنْ قِبَل الْمَرْأَة بِهَدَايَاهَا : أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة " أَتُمِدُّونَنِي " بِنُونَيْنِ , وَإِثْبَات الْيَاء. وَقَرَأَهُ بَعْض الْكُوفِيِّينَ مِثْل ذَلِكَ , غَيْر أَنَّهُ حَذَفَ الْيَاء مِنْ آخِر ذَلِكَ وَكَسَرَ النُّون الْأَخِيرَة . وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْبَصْرَة بِنُونَيْنِ , وَإِثْبَات الْيَاء فِي الْوَصْل وَحَذْفهَا فِي الْوَقْف. وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْكُوفَة بِتَشْدِيدِ النُّون وَإِثْبَات الْيَاء . وَكُلّ هَذِهِ الْقِرَاءَات مُتَقَارِبَات وَجَمِيعهَا صَوَاب , لِأَنَّهَا مَعْرُوفَة فِي لُغَات الْعَرَب , مَشْهُورَة فِي مَنْطِقهَا . وَقَوْله : { فَمَا آتَانِي اللَّه خَيْر مِمَّا آتَاكُمْ } يَقُول : فَمَا آتَانِي اللَّه مِنْ الْمَال وَالدُّنْيَا أَكْثَر مِمَّا أَعْطَاكُمْ مِنْهَا وَأَفْضَل . يَقُول : مَا أَفْرَح بِهَدِيَّتِكُمْ الَّتِي أَهْدَيْتُمْ إِلَيَّ , بَلْ أَنْتُمْ تَفْرَحُونَ بِالْهَدِيَّةِ الَّتِي تُهْدَى إِلَيْكُمْ , لِأَنَّكُمْ أَهْل مُفَاخَرَة بِالدُّنْيَا , وَمُكَاثَرَة بِهَا , وَلَيْسَتْ الدُّنْيَا وَأَمْوَالهَا مِنْ حَاجَتِي , لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْره قَدْ مَكَّنَنِي مِنْهَا وَمَلَّكَنِي فِيهَا مَا لَمْ يُمَلِّك أَحَدًا .'; $TAFSEER['3']['27']['37'] = '{ اِرْجِعْ إِلَيْهِمْ } وَهَذَا قَوْل سُلَيْمَان لِرَسُولِ الْمَرْأَة { اِرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَا قِبَل لَهُمْ بِهَا } لَا طَاقَة لَهُمْ بِهَا وَلَا قُدْرَة لَهُمْ عَلَى دَفْعهمْ عَمَّا أَرَادُوا مِنْهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20516 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : لَمَّا أَتَتْ الْهَدَايَا سُلَيْمَان فِيهَا الْوَصَائِف وَالْوُصَفَاء , وَالْخَيْل الْعِرَاب , وَأَصْنَاف مِنْ أَصْنَاف الدُّنْيَا , قَالَ لِلرُّسُلِ . الَّذِينَ جَاءُوا بِهِ : { أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّه خَيْر مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } لِأَنَّهُ لَا حَاجَة لِي بِهَدِيَّتِكُمْ , وَلَيْسَ رَأْيِي فِيهِ كَرَأْيِكُمْ , فَارْجِعُوا إِلَيْهَا بِمَا جِئْتُمْ بِهِ مِنْ عِنْدهَا , { فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَا قِبَل لَهُمْ بِهَا } . 20517 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح فِي قَوْله : { فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَا قِبَل لَهُمْ بِهَا } قَالَ : لَا طَاقَة لَهُمْ بِهَا . وَقَوْله : { وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِنْهَا أَذِلَّة وَهُمْ صَاغِرُونَ } يَقُول : وَلَنُخْرِجَنَّ مَنْ أَرْسَلَكُمْ مِنْ أَرْضهمْ أَذِلَّة وَهُمْ صَاغِرُونَ إِنْ لَمْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20518 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِنْهَا أَذِلَّة وَهُمْ صَاغِرُونَ } , أَوْ لَتَأْتِيَنِّي مُسْلِمَة هِيَ وَقَوْمهَا.'; $TAFSEER['3']['27']['38'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الْحِين الَّذِي قَالَ فِيهِ سُلَيْمَان { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } فَقَالَ بَعْضهمْ : قَالَ ذَلِكَ حِين أَتَاهُ الْهُدْهُد بِنَبَإ صَاحِبَة سَبَأ , وَقَالَ لَهُ : { جِئْتُك مِنْ سَبَأ بِنَبَإ يَقِين } وَأَخْبَرَهُ أَنَّ لَهَا عَرْشًا عَظِيمًا , فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { سَنَنْظُرُ أَصَدَقْت أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ } فَكَانَ اِخْتِبَاره صِدْقه مِنْ كَذِبه بِأَنْ قَالَ لِهَؤُلَاءِ : أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِ هَذِهِ الْمَرْأَة قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ . وَقَالُوا إِنَّمَا كَتَبَ سُلَيْمَان الْكِتَاب مَعَ الْهُدْهُد إِلَى الْمَرْأَة بَعْد مَا صَحَّ عِنْده صِدْق الْهُدْهُد بِمَجِيءِ الْعَالِم بِعَرْشِهَا إِلَيْهِ عَلَى مَا وَصَفَهُ بِهِ الْهُدْهُد , قَالُوا : وَلَوْلَا ذَلِكَ كَانَ مُحَالًا أَنْ يَكْتُب مَعَهُ كِتَابًا إِلَى مَنْ لَا يَدْرِي , هَلْ هُوَ فِي الدُّنْيَا أَمْ لَا ؟ قَالُوا : وَأُخْرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَتَبَ مَعَ الْهُدْهُد كِتَابًا إِلَى الْمَرْأَة قَبْل مَجِيء عَرْشهَا إِلَيْهِ , وَقَبْل عِلْمه صِدْق الْهُدْهُد بِذَلِكَ , لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ لَهُ { سَنَنْظُرُ أَصَدَقْت أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ } مَعْنَى , لِأَنَّهُ لَا يُلِمّ بِخَبَرِهِ الثَّانِي مِنْ إِبْلَاغه إِيَّاهَا الْكِتَاب , أَوْ تَرْك إِبْلَاغه إِيَّاهَا ذَلِكَ , إِلَّا نَحْو الَّذِي عَلِمَ بِخَبَرِهِ الْأَوَّل حِين قَالَ لَهُ : { جِئْتُك مِنْ سَبَإ بِنَبَإ يَقِين } قَالُوا : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِتَاب مَعَهُمْ اِمْتِحَان صِدْقه مِنْ كَذِبه , وَكَانَ مُحَالًا أَنْ يَقُول نَبِيّ اللَّه قَوْلًا لَا مَعْنَى لَهُ وَقَدْ قَالَ : { سَنَنْظُرُ أَصَدَقْت أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ } عَلِمَ أَنَّ الَّذِي اِمْتَحَنَ بِهِ صِدْق الْهُدْهُد مِنْ كَذِبه هُوَ مَصِير عَرْش الْمَرْأَة إِلَيْهِ , عَلَى مَا أَخْبَرَهُ بِهِ الْهُدْهُد الشَّاهِد عَلَى صِدْقه , ثُمَّ كَانَ الْكِتَاب مَعَهُ بَعْد ذَلِكَ إِلَيْهَا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20519 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : إِنَّ سُلَيْمَان أُوتِيَ مُلْكًا , وَكَانَ لَا يَعْلَم أَنَّ أَحَدًا أُوتِيَ مُلْكًا غَيْره ; فَلَمَّا فَقَدَ الْهُدْهُد سَأَلَهُ : مِنْ أَيْنَ جِئْت ؟ وَوَعَدَهُ وَعِيدًا شَدِيدًا بِالْقَتْلِ وَالْعَذَاب , قَالَ : { جِئْتُك مِنْ سَبَإ بِنَبَإ يَقِين } قَالَ لَهُ سُلَيْمَان : مَا هَذَا النَّبَأ ؟ قَالَ الْهُدْهُد : { إِنِّي وَجَدْت اِمْرَأَة } بِسَبَإ { تَمْلِكهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْء ولَهَا عَرْش عَظِيم } فَلَمَّا أَخْبَرَ الْهُدْهُد سُلَيْمَان أَنَّهُ وَجَدَ سُلْطَانًا , أَنْكَرَ أَنْ يَكُون لِأَحَدٍ فِي الْأَرْض سُلْطَان غَيْره , فَقَالَ لِمَنْ عِنْده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ؟ قَالَ عِفْرِيت مِنْ الْجِنّ أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } قَالَ سُلَيْمَان : أُرِيد أَعْجَل مِنْ ذَلِكَ { قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } وَهُوَ رَجُل مِنْ الْإِنْس عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب فِيهِ اِسْم اللَّه الْأَكْبَر , الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ : { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } فَدَعَا بِالِاسْمِ وَهُوَ عِنْده قَائِم , فَاحْتَمَلَ الْعَرْش اِحْتِمَالًا حَتَّى وُضِعَ بَيْن يَدَيْ سُلَيْمَان , وَاَللَّه صَنَعَ ذَلِكَ ; فَلَمَّا أَتَى سُلَيْمَانَ بِالْعَرْشِ وَهُمْ مُشْرِكُونَ , يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَر , أَخْبَرَهُ الْهُدْهُد بِذَلِكَ , فَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا ثُمَّ بَعَثَهُ إِلَيْهِمْ , حَتَّى إِذَا جَاءَ الْهُدْهُد الْمَلِكَة أَلْقَى إِلَيْهَا الْكِتَاب { قَالَتْ يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم } إِلَى { وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } فَقَالَتْ لِقَوْمِهَا مَا قَالَتْ { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } قَالَ : وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ بِوَصَائِف وَوُصَفَاء , وَأَلْبَسَتْهُمْ لِبَاسًا وَاحِدًا , حَتَّى لَا يُعْرَف ذَكَر مِنْ أُنْثَى , فَقَالَتْ : إِنْ زَيَّلَ بَيْنهمْ حَتَّى يَعْرِف الذَّكَر مِنْ الْأُنْثَى , ثُمَّ رَدَّ الْهَدِيَّة , فَإِنَّهُ نَبِيّ , وَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتْرُك مُلْكنَا وَنَتَّبِع دِينه وَنَلْحَق بِهِ , فَرَدَّ سُلَيْمَان الْهَدِيَّة وَزَيَّلَ بَيْنهمْ , فَقَالَ : هَؤُلَاءِ غِلْمَان , وَهَؤُلَاءِ جَوَارٍ , وَقَالَ : { أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّه خَيْر مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } إِلَى آخِر الْآيَة . 20520 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { إِنِّي وَجَدْت اِمْرَأَة تَمْلِكهُمْ } الْآيَة ; قَالَ : وَأَنْكَرَ سُلَيْمَان أَنْ يَكُون لِأَحَدٍ عَلَى الْأَرْض سُلْطَان غَيْره , قَالَ لِمَنْ حَوْله مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } الْآيَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ إِنَّمَا اِخْتَبَرَ صِدْق الْهُدْهُد سُلَيْمَان بِالْكِتَابِ , وَإِنَّمَا سَأَلَ مَنْ عِنْده إِحْضَاره عَرْش الْمَرْأَة بَعْد مَا خَرَجَتْ رُسُلهَا مِنْ عِنْده , وَبَعْد أَنْ أَقْبَلَتْ الْمَرْأَة إِلَيْهِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20521 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : لَمَّا رَجَعَتْ إِلَيْهَا الرُّسُل بِمَا قَالَ سُلَيْمَان : قَالَتْ : وَاَللَّه عَرَفْت مَا هَذَا بِمَلِكٍ , وَمَا لَنَا بِهِ طَاقَة , وَمَا نَصْنَع بِمُكَاثَرَتِهِ شَيْئًا , وَبَعَثَتْ : إِنِّي قَادِمَة عَلَيْك بِمُلُوكِ قَوْمِي , حَتَّى أَنْظُر مَا أَمْرك , وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ دِينك . ثُمَّ أَمَرَتْ بِسَرِيرِ مُلْكهَا , الَّذِي كَانَتْ تَجْلِس عَلَيْهِ , وَكَانَ مِنْ ذَهَب مُفَصَّص بِالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَد وَاللُّؤْلُؤ , فَجُعِلَ فِي سَبْعَة أَبْيَات بَعْضهَا فِي بَعْض , ثُمَّ أُقْفِلَتْ عَلَيْهِ الْأَبْوَاب . وَكَانَتْ إِنَّمَا يَخْدُمهَا النِّسَاء , مَعَهَا سِتّ مِائَة اِمْرَأَة يَخْدُمْنَهَا ; ثُمَّ قَالَتْ لِمَنْ خَلَفَتْ عَلَى سُلْطَانهَا , اِحْتَفِظْ بِمَا قِبَلك , وَبِسَرِيرِ مُلْكِي , فَلَا يَخْلُص إِلَيْهِ أَحَد مِنْ عِبَاد اللَّه , وَلَا يَرَيَنه أَحَد حَتَّى آتِيَك ; ثُمَّ شَخَصَتْ إِلَى سُلَيْمَان فِي اِثْنَيْ عَشَر أَلْف قِيلَ مَعَهَا مِنْ مُلُوك الْيَمَن , تَحْت يَد كُلّ قَيْل مِنْهُمْ أُلُوف كَثِيرَة , فَجَعَلَ سُلَيْمَان يَبْعَث الْجِنّ , . فَيَأْتُونَهُ بِمَسِيرِهَا وَمُنْتَهَاهَا كُلّ يَوْم وَلَيْلَة , حَتَّى إِذَا دَنَتْ جَمَعَ مَنْ عِنْده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس مِمَّنْ تَحْت يَده , فَقَالَ : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } . وَتَأْوِيل الْكَلَام : قَالَ سُلَيْمَان لِأَشْرَافِ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ جُنْده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } يَعْنِي سَرِيرهَا. كَمَا : 20522 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } قَالَ : سَرِير فِي أَرِيكَة . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : عَرْشهَا سَرِير فِي أَرِيكَة . قَالَ اِبْن جُرَيْج : سَرِير مِنْ ذَهَب , قَوَائِمه مِنْ جَوْهَر وَلُؤْلُؤ . 20523 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } بِسَرِيرِهَا. وَقَالَ اِبْن زَيْد فِي ذَلِكَ مَا : 20524 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } قَالَ : مَجْلِسهَا . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله خَصَّ سُلَيْمَان مَسْأَلَة الْمَلَأ مِنْ جُنْده إِحْضَار عَرْش هَذِهِ الْمَرْأَة مِنْ بَيْن أَمْلَاكهَا قَبْل إِسْلَامهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَعْجَبَهُ حِين وَصَفَ لَهُ الْهُدْهُد صِفَته , وَخَشِيَ أَنْ تُسْلِم فَيُحَرَّم عَلَيْهِ مَالهَا , فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذ سَرِيرهَا ذَلِكَ قَبْل أَنْ يُحَرَّم عَلَيْهِ أَخْذه بِإِسْلَامِهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20525 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : أَخْبَرَ سُلَيْمَان الْهُدْهُد أَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ لِتَأْتِيهِ , وَأَخْبَرَ بِعَرْشِهَا فَأَعْجَبَهُ . كَانَ مِنْ ذَهَب وَقَوَائِمه مِنْ جَوْهَر مُكَلَّل بِاللُّؤْلُؤِ , فَعَرَفَ أَنَّهُمْ إِنْ جَاءُوهُ مُسْلِمِينَ لَمْ تَحِلّ لَهُمْ أَمْوَالهمْ , فَقَالَ لِلْجِنِّ : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ فَعَلَ ذَلِكَ سُلَيْمَان لِيُعَاتِبهَا بِهِ , وَيَخْتَبِر بِهِ عَقْلهَا , هَلْ تُثْبِتهُ إِذَا رَأَتْهُ , أَمْ تُنْكِرهُ ؟ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20526 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : أَعْلَمَ اللَّه سُلَيْمَان أَنَّهَا سَتَأْتِيهِ , فَقَالَ : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } حَتَّى يُعَاتِبهَا , وَكَانَتْ الْمُلُوك يَتَعَاتَبُونَ بِالْعِلْمِ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله { قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْتَسْلِمِينَ طَوْعًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20527 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } يَقُول : طَائِعِينَ. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ الْإِسْلَام الَّذِي هُوَ دِين اللَّه. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20528 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } بِحُرْمَةِ الْإِسْلَام فَيَمْنَعهُمْ وَأَمْوَالهمْ , يَعْنِي الْإِسْلَام يَمْنَعهُمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله خَصَّ سُلَيْمَان بِسُؤَالِهِ الْمَلَأ مِنْ جُنْده بِإِحْضَارِهِ عَرْش هَذِهِ الْمَرْأَة دُون سَائِر مُلْكهَا عِنْدنَا , لِيَجْعَل ذَلِكَ حُجَّة عَلَيْهَا فِي نُبُوَّته , وَيُعَرِّفهَا بِذَلِكَ قُدْرَة اللَّه وَعَظِيم شَأْنه , أَنَّهَا خَلَفَتْهُ فِي بَيْت فِي جَوْف أَبْيَات , بَعْضهَا فِي جَوْف بَعْض , مُغْلَق مُقْفَل عَلَيْهَا , فَأَخْرَجَهُ اللَّه مِنْ ذَلِكَ كُلّه , بِغَيْرِ فَتْح أَغْلَاق وَأَقْفَال , حَتَّى أَوْصَلَهُ إِلَى وَلِيَّة مِنْ خَلْقه , وَسَلَّمَهُ إِلَيْهِ , فَكَانَ لَهَا فِي ذَلِكَ أَعْظَم حُجَّة , عَلَى حَقِيقَة مَا دَعَاهَا إِلَيْهِ سُلَيْمَان , وَعَلَى صِدْق سُلَيْمَان فِيمَا أَعْلَمهَا مِنْ نُبُوَّته . فَأَمَّا الَّذِي هُوَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي قَوْله { قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } بِتَأْوِيلِهِ , فَقَوْل اِبْن عَبَّاس الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْل , مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ طَائِعِينَ , لِأَنَّ الْمَرْأَة لَمْ تَأْتِ سُلَيْمَان إِذْ أَتَتْهُ مُسْلِمَة , وَإِنَّمَا أَسْلَمَتْ بَعْد مَقْدِمهَا عَلَيْهِ وَبَعْد مُحَاوَرَة جَرَتْ بَيْنهمَا وَمُسَاءَلَة .'; $TAFSEER['3']['27']['39'] = 'وَقَوْله : { قَالَ عِفْرِيت مِنْ الْجِنّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ رَئِيس مِنْ الْجِنّ مَارِد قَوِيّ. وَلِلْعَرَبِ فِيهِ لُغَتَانِ : عِفْرِيت , وَعِفْرِيَة ; فَمَنْ قَالَ : عِفْرِيَة , جَمْعه : عَفَارِيَة ; وَمَنْ قَالَ : عِفْرِيت , جَمْعه : عَفَارِيت. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20529 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ مُجَاهِد : { قَالَ عِفْرِيت مِنْ الْجِنّ } قَالَ : مَارِد مِنْ الْجِنّ { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك } . 20530 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَغَيْره , مِثْله . 20531 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ بَعْض أَصْحَابه : { قَالَ عِفْرِيت } قَالَ : دَاهِيَة . 20532 -قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي وَهْب بْن سُلَيْمَان , عَنْ شُعَيْب الْجُبَّائِيّ قَالَ : الْعِفْرِيت الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه اِسْمه : كوزن . 20533 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم : { قَالَ عِفْرِيت } اِسْمه : كوزن . وَقَوْله : { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك } يَقُول : أَنَا آتِيك بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقْعَدك هَذَا . وَكَانَ فَمَا ذُكِرَ قَاعِدًا لِلْقَضَاءِ بَيْن النَّاس , فَقَالَ : أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَجْلِسك هَذَا الَّذِي جَلَسْت فِيهِ لِلْحُكْمِ بَيْن النَّاس. وَذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْعُد إِلَى اِنْتِصَاف النَّهَار . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20534 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20535 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَغَيْره , مِثْله , قَالَ : وَكَانَ يَقْضِي قَالَ : قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَجْلِسك الَّذِي تَقْضِي فِيهِ . 20536 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك } يَعْنِي مَجْلِسه . وَقَوْله { وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْجَوَاهِر , وَلَا أَخُون فِيهِ . وَقَدْ قِيلَ : أَمِين عَلَى فَرْج الْمَرْأَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20537 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } يَقُول : قَوِيّ عَلَى حَمْله , أَمِين عَلَى فَرْج هَذِهِ .'; $TAFSEER['3']['27']['40'] = 'قَوْله : { قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ كِتَاب اللَّه , وَكَانَ رَجُلًا فِيمَا ذُكِرَ مِنْ بَنِي آدَم , فَقَالَ بَعْضهمْ : اِسْمه بليخا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20538 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَثْمَة , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ بِشْر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } قَالَ : كَانَ اِسْمه بليخا . 20539 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن دَاوُد الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : { الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } رَجُل مِنْ الْإِنْس . 20540 -حَدَّثَنَا اِبْن عَرَفَة , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة الْفَزَارِيّ , عَنْ الْعَلَاء بْن عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب أَنَا آتِيك بِهِ } قَالَ : أَنَا أَنْظُر فِي كِتَاب رَبِّي , ثُمَّ آتِيك بِهِ { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : فَتَكَلَّمَ ذَلِكَ الْعَالِم بِكَلَامٍ دَخَلَ الْعَرْش تَحْت الْأَرْض حَتَّى خَرَجَ إِلَيْهِمْ . 20541 - حَدَّثَنَا اِبْن عَرَفَة , قَالَ : ثني حَمَّاد بْن مُحَمَّد , عَنْ عُثْمَان بْن مَطَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : دَعَا الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب : يَا إِلَهنَا وَإِلَه كُلّ شَيْء إِلَهًا وَاحِدًا , لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ , اِئْتِنِي بِعَرْشِهَا , قَالَ : فَمَثُلَ بَيْن يَدَيْهِ. 20542 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } قَالَ : رَجُل مِنْ بَنِي آدَم أَحْسَبهُ قَالَ : مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , كَانَ يَعْلَم اِسْم اللَّه الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ . 20543 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } قَالَ : الِاسْم الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ , وَهُوَ : يَا ذَا الْجَلَال وَالْإِكْرَام . 20544 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : قَالَ سُلَيْمَان لِمَنْ حَوْله : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } فَقَالَ عِفْرِيت { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك } قَالَ سُلَيْمَان : أُرِيد أَعْجَل مِنْ ذَلِكَ , فَقَالَ رَجُل مِنْ الْإِنْس عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب , يَعْنِي اِسْم اللَّه إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ . 20545 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : { قَالَ عِفْرِيت مِنْ الْجِنّ أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } لَا آتِيك بِغَيْرِهِ , أَقُول غَيْره أَمْثَله لَك. قَالَ : وَخَرَجَ يَوْمئِذٍ رَجُل عَابِد فِي جَزِيرَة مِنْ الْبَحْر , فَلَمَّا سَمِعَ الْعِفْرِيت { قَالَ أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : ثُمَّ دَعَا بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاء اللَّه , فَإِذَا هُوَ يُحْمَل بَيْن عَيْنَيْهِ , وَقَرَأَ : { فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْده قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي } حَتَّى بَلَغَ { إِنَّ رَبِّي غَنِيّ كَرِيم } . 20546 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيج , قَالَ : قَالَ رَجُل مِنْ الْإِنْس . قَالَ : وَقَالَ مُجَاهِد : الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب : عِلْم اِسْم اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب , كَانَ آصف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20547 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق : { قَالَ عِفْرِيت } لِسُلَيْمَان { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } فَزَعَمُوا أَنَّ سُلَيْمَان بْن دَاوُد قَالَ : أَبْتَغِي أَعْجَل مِنْ هَذَا , فَقَالَ آصف بْن برخيا , وَكَانَ صِدِّيقًا يَعْلَم الِاسْم الْأَعْظَم الَّذِي إِذَا دُعِيَ اللَّه بِهِ أَجَابَ , وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى : { أَنَا } يَا نَبِيّ اللَّه { آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } . وَقَوْله : { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَصِل إِلَيْك مَنْ كَانَ مِنْك عَلَى مَدّ الْبَصَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20548 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : مِنْ قَبْل أَنْ يَرْجِع إِلَيْك أَقْصَى مَنْ تَرَى , فَذَلِكَ قَوْله { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك }. 20549 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : قَالَ غَيْر قَتَادَة : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَبْل أَنْ يَأْتِيَك الشَّخْص مِنْ مَدّ الْبَصَر . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : مِنْ قَبْل أَنْ يَبْلُغ طَرْفك مَدَاهُ وَغَايَته . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20550 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } تَمُدّ عَيْنَيْك فَلَا يَنْتَهِي طَرْفك إِلَى مَدَاهُ حَتَّى أَمْثُلهُ بَيْن يَدَيْك . قَالَ : ذَلِكَ أُرِيد . 20551 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عَثَّام , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : أُخْبِرْت أَنَّهُ قَالَ : اِرْفَعْ طَرْفك مِنْ حَيْثُ يَجِيء , فَلَمْ يَرْجِع إِلَيْهِ طَرْفه حَتَّى وُضِعَ الْعَرْش بَيْن يَدَيْهِ . 20552 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَطَاء , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : مَدّ بَصَره. * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : إِذَا مُدَّ الْبَصَر حَتَّى يُرَدّ الطَّرَف خَاسِئًا . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : إِذَا مُدَّ الْبَصَر حَتَّى يَحْسِر الطَّرْف . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : قَبْل أَنْ يَرْجِع إِلَيْك طَرْفك مِنْ أَقْصَى أَثَره , وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْله { يَرْتَدّ إِلَيْك } يَرْجِع إِلَيْك الْبَصَر , إِذَا فَتَحْت الْعَيْن غَيْر رَاجِع , بَلْ إِنَّمَا يَمْتَدّ مَاضِيًا إِلَى أَنْ يَتَنَاهَى مَا اِمْتَدَّ نُوره . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ اللَّه إِنَّمَا أَخْبَرَنَا عَنْ قَائِل ذَلِكَ { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ } لَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نَقُول : أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ رَاجِعًا { إِلَيْك طَرْفك } مِنْ عِنْد مُنْتَهَاهُ . وَقَوْله : { فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْده } يَقُول : فَلَمَّا رَأَى سُلَيْمَان عَرْش مَلِكَة سَبَإ مُسْتَقِرًّا عِنْده . وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ عَمَّا تُرِكَ , وَهُوَ : فَدَعَا اللَّه , فَأَتَى بِهِ ; فَلَمَّا رَآهُ سُلَيْمَان مُسْتَقِرًّا عِنْده . وَذُكِرَ أَنَّ الْعَالِم دَعَا اللَّه , فَغَارَ الْعَرْش فِي الْمَكَان الَّذِي كَانَ بِهِ , ثُمَّ نَبَعَ مِنْ تَحْت الْأَرْض بَيْن يَدَيْ سُلَيْمَان. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20553 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : ذَكَرُوا أَنَّ آصف بْن برخيا تَوَضَّأَ , ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ قَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه , اُمْدُدْ عَيْنك حَتَّى يَنْتَهِيَ طَرْفك , فَمَدَّ سُلَيْمَان عَيْنه يَنْظُر إِلَيْهِ نَحْو الْيَمَن , وَدَعَا آصف فَانْخَرَقَ بِالْعَرْشِ مَكَانه الَّذِي هُوَ فِيهِ , ثُمَّ نَبَعَ بَيْن يَدَيْ سُلَيْمَان { فَلَمَّا رَآهُ } سُلَيْمَان { مُسْتَقِرًّا عِنْده قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي } الْآيَة . 20554 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : نَبَعَ عَرْشهَا مِنْ تَحْت الْأَرْض . وَقَوْله : { قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي } يَقُول : هَذَا الْبَصَر وَالتَّمَكُّن وَالْمُلْك وَالسُّلْطَان الَّذِي أَنَا فِيهِ حَتَّى حُمِلَ إِلَيَّ عَرْش هَذِهِ فِي قَدْر اِرْتِدَاد الطَّرْف مِنْ مَأْرِب إِلَى الشَّام , مِنْ فَضْل رَبِّي الَّذِي أَفَضَلَهُ عَلَيَّ وَعَطَائِهِ الَّذِي جَادَ بِهِ عَلَيَّ , لِيَبْلُوَنِي , يَقُول : لِيَخْتَبِرَنِي وَيَمْتَحِننِي , أَأَشْكُرُ ذَلِكَ مِنْ فِعْله عَلَيَّ , أَمْ أَكْفُر نِعْمَته عَلَيَّ بِتَرْكِ الشُّكْر لَهُ ؟ وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَاهُ : أَأَشْكُرُ عَلَى عَرْش هَذِهِ الْمَرْأَة إِذْ أُتِيت بِهِ , أَمْ أَكْفُر إِذْ رَأَيْت مَنْ هُوَ دُونِي فِي الدُّنْيَا أَعْلَم مِنِّي ؟ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20555 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْده قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ } عَلَى السَّرِير إِذْ أَتَيْت بِهِ { أَمْ أَكْفُر } إِذْ رَأَيْت مَنْ هُوَ دُونِي فِي الدُّنْيَا أَعْلَم مِنِّي ؟ . وَقَوْله : { وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُر لِنَفْسِهِ } يَقُول : وَمَنْ شَكَرَ نِعْمَة اللَّه عَلَيْهِ , وَفَضْله عَلَيْهِ , فَإِنَّمَا يَشْكُر طَلَب نَفْع نَفْسه , لِأَنَّهُ لَيْسَ يَنْفَع بِذَلِكَ غَيْر نَفْسه , لِأَنَّهُ لَا حَاجَة لِلَّهِ إِلَى أَحَد مِنْ خَلْقه , وَإِنَّمَا دَعَاهُمْ إِلَى شُكْره تَعْرِيضًا مِنْهُ لَهُمْ لِلنَّفْعِ , لَا لِاجْتِلَابٍ مِنْهُ بِشُكْرِهِمْ إِيَّاهُ نَفْعًا إِلَى نَفْسه , وَلَا دَفْع ضُرّ عَنْهَا . يَقُول : وَمَنْ كَفَرَ نِعَمه وَإِحْسَانه إِلَيْهِ , وَفَضْله عَلَيْهِ , لِنَفْسِهِ ظَلَمَ , وَحَظّهَا بَخَسَ , وَاَللَّه غَنِيّ عَنْ شُكْره , لَا حَاجَة بِهِ إِلَيْهِ , لَا يَضُرّهُ كُفْر مَنْ كَفَرَ بِهِ مِنْ خَلْقه , كَرِيم , وَمِنْ كَرَمه إِفْضَاله عَلَى مَنْ يَكْفُر نِعَمه , وَيَجْعَلهَا وُصْلَة يَتَوَصَّل بِهَا إِلَى مَعَاصِيه .'; $TAFSEER['3']['27']['41'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ سُلَيْمَان لَمَّا أَتَى عَرْش بِلْقِيس صَاحِبَة سَبَإ , وَقَدِمَتْ هِيَ عَلَيْهِ , لِجُنْدِهِ : غَيِّرُوا لِهَذِهِ الْمَرْأَة سَرِيرهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20556 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } قَالَ : غَيِّرُوا . 20557 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : فَلَمَّا أَتَتْهُ { قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } قَالَ : وَتَنْكِير الْعَرْش , أَنَّهُ زِيدَ فِيهِ وَنُقِصَ . 20558 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } قَالَ : غَيِّرُوهُ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , نَحْوه . 20559 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } قَالَ : مَجْلِسهَا الَّذِي تَجْلِس فِيهِ . 20560 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول , أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } أَمَرَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا فِيهِ , وَيُنْقِصُوا مِنْهُ . وَقَوْله : { نَنْظُر أَتَهْتَدِي } يَقُول : نَنْظُر أَتَعْقِلُ فَتُثْبِت عَرْشهَا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي لَهَا { أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ } يَقُول : مِنْ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ فَلَا تُثْبِت عَرْشهَا . وَقِيلَ : إِنَّ سُلَيْمَان إِنَّمَا نَكَّرَ لَهَا عَرْشهَا , وَأَمَرَ بِالصَّرْحِ يُعْمَل لَهَا , مِنْ أَجْل أَنَّ الشَّيَاطِين كَانُوا أَخْبَرُوهُ أَنَّهُ لَا عَقْل لَهَا , وَأَنَّ رِجْلهَا كَحَافِرِ حِمَار , فَأَرَادَ أَنْ يَعْرِف صِحَّة مَا قِيلَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله { أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20561 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { نَنْظُر أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ } قَالَ : زِيدَ فِي عَرْشهَا وَنُقِصَ مِنْهُ , لِيَنْظُر إِلَى عَقْلهَا , فَوُجِدَتْ ثَابِتَة الْعَقْل . 20562 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { نَنْظُر أَتَهْتَدِي } أَتَعْرِفُهُ. * -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثني وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { نَنْظُر أَتَهْتَدِي } قَالَ : تَعْرِفهُ . 20563 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ } أَيْ أَتَعْقِلُ , أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ؟ فَفَعَلَ ذَلِكَ لِيَنْظُر أَتَعْرِفه , أَمْ لَا تَعْرِفهُ ؟'; $TAFSEER['3']['27']['42'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشك قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَمَّا جَاءَتْ صَاحِبَة سَبَإ سُلَيْمَان , أَخْرَجَ لَهَا عَرْشهَا , فَقَالَ لَهَا : { أَهَكَذَا عَرْشك ؟ } قَالَتْ وَشَبَّهَتْهُ بِهِ : { كَأَنَّهُ هُوَ } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20564 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : لَمَّا اِنْتَهَتْ إِلَى سُلَيْمَان وَكَلَّمَتْهُ أَخْرَجَ لَهَا عَرْشهَا , ثُمَّ قَالَ : { أَهَكَذَا عَرْشك ؟ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ } . 20565 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشك ؟ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ } قَالَ : شَبَّهْته , وَكَانَتْ قَدْ تَرَكَتْهُ خَلْفهَا . 20566 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : كَانَ أَبِي يُحَدِّثنَا هَذَا الْحَدِيث كُلّه , يَعْنِي حَدِيث سُلَيْمَان , وَهَذِهِ الْمَرْأَة ; { فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشك ؟ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ } شَكَّتْ . وَقَوْله : { وَأُوتِينَا الْعِلْم مِنْ قَبْلهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل سُلَيْمَان , وَقَالَ سُلَيْمَان : { وَأُوتِينَا الْعِلْم مِنْ قَبْلهَا } أَيْ هَذِهِ الْمَرْأَة , بِاَللَّهِ وَبِقُدْرَتِهِ عَلَى مَا يَشَاء , { وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } لِلَّهِ مِنْ قَبْلهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20567 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَأُوتِينَا الْعِلْم مِنْ قَبْلهَا } قَالَ : سُلَيْمَان بِقَوْلِهِ. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .'; $TAFSEER['3']['27']['43'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه }. يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنَعَ هَذِهِ الْمَرْأَة صَاحِبَة سَبَإ { مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه } , وَذَلِكَ عِبَادَتهَا الشَّمْس أَنْ تَعْبُد اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20568 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه } قَالَ : كُفْرهَا بِقَضَاءِ اللَّه غَيْر الْوَثَن [ صَدَّهَا ] أَنْ تَهْتَدِيَ لِلْحَقِّ. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيج , عَنْ مُجَاهِد : { وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه } قَالَ : كُفْرهَا بِقَضَاءِ اللَّه , صَدَّهَا أَنْ تَهْتَدِيَ لِلْحَقِّ . وَلَوْ قِيلَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَصَدَّهَا سُلَيْمَان مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه , بِمَعْنَى : مَنَعَهَا وَحَالَ بَيْنهَا وَبَيْنه , كَانَ وَجْهًا حَسَنًا . وَلَوْ قِيلَ أَيْضًا : وَصَدَّهَا اللَّه ذَلِكَ بِتَوْفِيقِهَا لِلْإِسْلَامِ , كَانَ أَيْضًا وَجْهًا صَحِيحًا . وَمَنْ تَأَوَّلَ قَوْله : { وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه } التَّأْوِيل الَّذِي تَأَوَّلْنَا , كَانَتْ " مَا " مِنْ قَوْله { مَا كَانَتْ تَعْبُد } فِي مَوْضِع رَفْع بِالصَّدِّ , لِأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ لَمْ يَصُدّهَا عَنْ عِبَادَة اللَّه جَهْلهَا , وَأَنَّهَا لَا تَعْقِل , إِنَّمَا صَدَّهَا عَنْ عِبَادَة اللَّه عِبَادَتهَا الشَّمْس وَالْقَمَر , وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ دِين قَوْمهَا وَآبَائِهَا , فَاتَّبَعَتْ فِيهِ آثَارهمْ . وَمَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْآخَرِينَ كَانَتْ " مَا " فِي مَوْضِع نَصَب . وَقَوْله : { إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْم كَافِرِينَ } يَقُول : إِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَة كَانَتْ كَافِرَة مِنْ قَوْم كَافِرِينَ. وَكُسِرَتْ الْأَلِف مِنْ قَوْله " إِنَّهَا " عَلَى الِابْتِدَاء .'; $TAFSEER['3']['27']['44'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قِيلَ لَهَا اُدْخُلِي الصَّرْح } . ذُكِرَ أَنَّ سُلَيْمَان لَمَّا أَقْبَلَتْ صَاحِبَة سَبَإ تُرِيدهُ , أَمَرَ الشَّيَاطِين فَبَنَوْا لَهُ صَرْحًا , وَهُوَ كَهَيْئَةِ السَّطْح مِنْ قَوَارِير , وَأَجْرَى مِنْ تَحْته الْمَاء لِيَخْتَبِر عَقْلهَا بِذَلِكَ وَفَهْمهَا عَلَى نَحْو الَّذِي كَانَتْ تَفْعَل هِيَ مِنْ تَوْجِيههَا إِلَيْهِ الْوَصَائِف وَالْوُصَفَاء لِيُمَيِّز بَيْن الذُّكُور مِنْهُمْ وَالْإِنَاث مُعَاتَبَة بِذَلِكَ كَذَلِكَ . 20569 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : أَمَرَ سُلَيْمَان بِالصَّرْحِ , وَقَدْ عَمِلَتْهُ لَهُ الشَّيَاطِين مِنْ زُجَاج كَأَنَّهُ الْمَاء بَيَاضًا , ثُمَّ أُرْسِلَ الْمَاء تَحْته , ثُمَّ وُضِعَ لَهُ فِيهِ سَرِيره , فَجَلَسَ عَلَيْهِ , وَعَكَفَتْ عَلَيْهِ الطَّيْر وَالْجِنّ وَالْإِنْس , ثُمَّ قَالَ : { اُدْخُلِي الصَّرْح } لِيُرِيَهَا مُلْكًا هُوَ أَعَزّ مِنْ مُلْكهَا , وَسُلْطَانًا هُوَ أَعْظَم مِنْ سُلْطَانهَا { فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّة وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا } لَا تَشُكّ أَنَّهُ مَاء تَخُوضهُ , قِيلَ لَهَا : اُدْخُلِي إِنَّهُ صَرْح مُمَرَّد مِنْ قَوَارِير ; فَلَمَّا وَقَفَتْ عَلَى سُلَيْمَان دَعَاهَا إِلَى عِبَادَة اللَّه وَعَاتَبَهَا فِي عِبَادَتهَا الشَّمْس دُون اللَّه , فَقَالَتْ بِقَوْلِ الزَّنَادِقَة , فَوَقَعَ سُلَيْمَان سَاجِدًا إِعْظَامًا لِمَا قَالَتْ , وَسَجَدَ مَعَهُ النَّاس ; وَسُقِطَ فِي يَدَيْهَا حِين رَأَتْ سُلَيْمَان صَنَعَ مَا صَنَعَ ; فَلَمَّا رَفَعَ سُلَيْمَان رَأْسه قَالَ : وَيْحك مَاذَا قُلْت ؟ قَالَ : وَأُنْسِيَتْ مَا قَالَتْ فَقَالَتْ : { رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي وَأَسْلَمْت مَعَ سُلَيْمَان لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ } وَأَسْلَمَتْ , فَحَسُنَ إِسْلَامهَا . وَقِيلَ : إِنَّ سُلَيْمَان إِنَّمَا أَمَرَ بِبِنَاءِ الصَّرْح عَلَى مَا وَصَفَهُ اللَّه , لِأَنَّ الْجِنّ خَافَتْ مِنْ سُلَيْمَان أَنْ يَتَزَوَّجهَا , فَأَرَادُوا أَنْ يُزَهِّدُوهُ فِيهَا , فَقَالُوا : إِنَّ رِجْلهَا رِجْل حِمَار , وَإِنَّ أُمّهَا كَانَتْ مِنْ الْجِنّ , فَأَرَادَ سُلَيْمَان أَنْ يَعْلَم حَقِيقَة مَا أَخْبَرَتْهُ الْجِنّ مِنْ ذَلِكَ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20570 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : قَالَتْ الْجِنّ لِسُلَيْمَان تُزَهِّدهُ فِي بِلْقِيس : إِنَّ رِجْلهَا رِجْل حِمَار , وَإِنَّ أُمّهَا كَانَتْ مِنْ الْجِنّ ; فَأَمَرَ سُلَيْمَان بِالصَّرْحِ , فَعُمِلَ , فَسُجِنَ فِيهِ دَوَابّ الْبَحْر : الْحِيتَان , وَالضَّفَادِع ; فَلَمَّا بَصُرَتْ بِالصَّرْحِ قَالَتْ : مَا وَجَدَ اِبْن دَاوُد عَذَابًا يَقْتُلنِي بِهِ إِلَّا الْغَرَق ! { فَحَسِبَتْهُ لُجَّة وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا } قَالَ : فَإِذَا [ هِيَ ] أَحْسَن النَّاس سَاقًا وَقَدَمًا . قَالَ : فَضَنَّ سُلَيْمَان بِسَاقِهَا عَنْ الْمُوسَى , قَالَ : فَاُتُّخِذَتْ النُّورَة بِذَلِكَ السَّبَب . وَجَائِز عِنْدِي أَنْ يَكُون سُلَيْمَان أَمَرَ بِاِتِّخَاذِ الصَّرْح لِلْأَمْرَيْنِ الَّذِي قَالَهُ وَهْب , وَاَلَّذِي قَالَهُ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , لِيَخْتَبِر عَقْلهَا , وَيَنْظُر إِلَى سَاقهَا وَقَدَمهَا , لِيَعْرِف صِحَّة مَا قِيلَ لَهُ فِيهَا. وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ فِي مَعْنَى الصَّرْح مَا : 20571 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { الصَّرْح } قَالَ : بِرْكَة مِنْ مَاء ضَرَبَ عَلَيْهَا سُلَيْمَان قَوَارِير أَلْبَسَهَا . قَالَ : وَكَانَتْ بِلْقِيس هَلْبَاء شَعْرَاء , قَدَمهَا كَحَافِرِ الْحِمَار , وَكَانَتْ أُمّهَا جِنِّيَّة. 20572 - حَدَّثني أَحْمَد بْن الْوَلِيد الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثَنَا هِشَام بْن عَمَّار , قَالَ : ثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , عَنْ النَّضْر بْن أَنَس , عَنْ بَشِير بْن نَهِيك , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَانَ أَحَد أَبَوَيْ صَاحِبَة سَبَإِ جِنِّيًّا ". * - قَالَ : ثَنَا صَفْوَان بْن صَالِح , قَالَ : ثني الْوَلِيد , عَنْ سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , عَنْ بَشِير بْن نَهِيك , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَمْ يَذْكُر النَّضْر بْن أَنَس. وَقَوْله : { فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّة } يَقُول : فَلَمَّا رَأَتْ الْمَرْأَة الصَّرْح حَسِبَتْهُ لِبَيَاضِهِ وَاضْطِرَاب دَوَابّ الْمَاء تَحْته لُجَّة بَحْر كَشَفَتْ مِنْ سَاقَيْهَا لِتَخُوضَهُ إِلَى سُلَيْمَان . وَنَحْو الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20573 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { قِيلَ لَهَا اُدْخُلِي الصَّرْح فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّة } قَالَ : وَكَانَ مِنْ قَوَارِير , وَكَانَ الْمَاء مِنْ خَلْفه فَحَسِبَتْهُ لُجَّة. 20574 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { حَسِبَتْهُ لُجَّة } قَالَ : بَحْرًا . 20575 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا اِبْن سَوَّار , قَالَ : ثَنَا رَوْح بْن الْقَاسِم , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا } فَإِذَا هُمَا شَعْرَاوَانِ , فَقَالَ : أَلَا شَيْء يُذْهِب هَذَا ؟ قَالُوا : الْمُوسَى , قَالَ : لَا , الْمُوسَى لَهُ أَثَر , فَأَمَرَ بِالنُّورَةِ فَصُنِعَتْ . 20576 - حَدَّثني أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا حَفْص , عَنْ عِمْرَان بْن سُلَيْمَان , عَنْ عِكْرِمَة وَأَبِي صَالِح قَالَا : لَمَّا تَزَوَّجَ سُلَيْمَان بِلْقِيس قَالَتْ لَهُ : لَمْ تَمَسّنِي حَدِيدَة قَطُّ ! قَالَ سُلَيْمَان لِلشَّيَاطِينِ : اُنْظُرُوا مَا يُذْهِب الشَّعْر ؟ قَالُوا : النُّورَة , فَكَانَ أَوَّل مَنْ صَنَعَ النُّورَة . وَقَوْله : { إِنَّهُ صَرْح مُمَرَّد مِنْ قَوَارِير } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قَالَ سُلَيْمَان لَهَا : إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِبَحْرٍ , إِنَّهُ صَرْح مُمَرَّد مِنْ قَوَارِير , يَقُول : إِنَّمَا هُوَ بِنَاء مَبْنِيّ مُشَيَّد مِنْ قَوَارِير. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20577 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { مُمَرَّد } قَالَ : مُشَيَّد. وَقَوْله : { قَالَتْ رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي وَأَسْلَمْت مَعَ سُلَيْمَان } الْآيَة , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ الْمَرْأَة صَاحِبَة سَبَإ : رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي فِي عِبَادَتِي الشَّمْس , وَسُجُودِي لِمَا دُونك { وَأَسْلَمْت مَعَ سُلَيْمَان لِلَّهِ } تَقُول : وَانْقَدْت مَعَ سُلَيْمَان مُذْعِنَة لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ , مُفْرِدَة لَهُ بِالْأُلُوهَةِ وَالرُّبُوبِيَّة دُون كُلّ مَنْ سِوَاهُ . وَكَانَ اِبْن زَيْد يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 20578 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي : { حَسِبَتْهُ لُجَّة } قَالَ : { إِنَّهُ صَرْح مُمَرَّد مِنْ قَوَارِير } فَعَرَفَتْ أَنَّهَا قَدْ غُلِبَتْ { قَالَتْ رَبّ إِنِّي ظَلَمَتْ نَفْسِي , وَأَسْلَمْت مَعَ سُلَيْمَان لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ } .'; $TAFSEER['3']['27']['45'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُود أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُود أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّه } وَحْده لَا شَرِيك لَهُ , وَلَا تَجْعَلُوا مَعَهُ إِلَهًا غَيْره . يَقُول : فَلَمَّا أَتَاهُمْ صَالِح دَاعِيًا لَهُمْ إِلَى اللَّه صَارَ قَوْمه مِنْ ثَمُود فِيمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ فَرِيقَيْنِ يَخْتَصِمُونَ , فَفَرِيق مُصَدِّق صَالِحًا مُؤْمِن بِهِ , وَفَرِيق مُكَذِّب بِهِ كَافِر بِمَا جَاءَ بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20579 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } قَالَ : مُؤْمِن وَكَافِر , قَوْلهمْ صَالِح مُرْسَل , وَقَوْلهمْ صَالِح لَيْسَ بِمُرْسَلٍ , وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ { يَخْتَصِمُونَ } يَخْتَلِفُونَ. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { فَإِذَا فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } قَالَ : مُؤْمِن , وَكَافِر .'; $TAFSEER['3']['27']['46'] = 'وَقَوْله : { قَالَ يَا قَوْم لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْل الْحَسَنَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ صَالِح لِقَوْمِهِ : يَا قَوْم لِأَيِّ شَيْء تَسْتَعْجِلُونَ بِعَذَابِ اللَّه قَبْل الرَّحْمَة. كَمَا : 20580 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْل الْحَسَنَة } قَالَ : السَّيِّئَة : الْعَذَاب , قَبْل الْحَسَنَة : قَبْل الرَّحْمَة . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { قَالَ يَا قَوْم لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ } قَالَ بِالْعَذَابِ قَبْل الْحَسَنَة , قَالَ : الْعَافِيَة . وَقَوْله : { لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّه } يَقُول : هَلَّا تَتُوبُونَ إِلَى اللَّه مِنْ كُفْركُمْ , فَيَغْفِر لَكُمْ رَبّكُمْ عَظِيم جُرْمكُمْ , يَصْفَح لَكُمْ عَنْ عُقُوبَته إِيَّاكُمْ عَلَى مَا قَدْ أَتَيْتُمْ مِنْ عَظِيم الْخَطِيئَة. وَقَوْله : { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } يَقُول : لِيَرْحَمكُمْ رَبّكُمْ بِاسْتِغْفَارِكُمْ إِيَّاهُ مِنْ كُفْركُمْ .'; $TAFSEER['3']['27']['47'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِك وَبِمَنْ مَعَك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ ثَمُود لِرَسُولِهَا صَالِح { اطَّيَّرْنَا بِك وَبِمَنْ مَعَك } أَيْ تَشَاء مِنَّا بِك وَبِمَنْ مَعَك مِنْ أَتْبَاعنَا , وَزَجَرْنَا الطَّيْر بِأَنَّا سَيُصِيبُنَا بِك وَبِهِمْ الْمَكَارِه وَالْمَصَائِب . فَأَجَابَهُمْ صَالِح فَقَالَ لَهُمْ { طَائِركُمْ عِنْد اللَّه } أَيْ مَا زَجَرْتُمْ مِنْ الطَّيْر لِمَا يُصِيبكُمْ مِنْ الْمَكَارِه عِنْد اللَّه عِلْمه , لَا يُدْرَى أَيّ ذَلِكَ كَائِن , أَمَا تَظُنُّونَ مِنْ الْمَصَائِب أَوْ الْمَكَارِه , أَمْ مَا لَا تَرْجُونَهُ مِنْ الْعَافِيَة وَالرَّجَاء وَالْمَحَابّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20581 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنَا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { قَالَ طَائِركُمْ عِنْد اللَّه } يَقُول : مَصَائِبكُمْ. 20582 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { طَائِركُمْ عِنْد اللَّه } عِلْمكُمْ عِنْد اللَّه . وَقَوْله : { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تُفْتَنُونَ } يَقُول : بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تُخْتَبَرُونَ , يَخْتَبِركُمْ رَبّكُمْ إِذْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ , أَتُطِيعُونَهُ , فَتَعْمَلُونَ بِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ , فَيَجْزِيكُمْ الْجَزِيل مِنْ ثَوَابه , أَمْ تَعْصُونَهُ , فَتَعْمَلُونَ بِخِلَافِهِ , فَيَحِلّ بِكُمْ عِقَابه .'; $TAFSEER['3']['27']['48'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَلَا يُصْلِحُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ فِي مَدِينَة صَالِح , وَهِيَ حِجْر ثَمُود , تِسْعَة أَنْفُس يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَلَا يُصْلِحُونَ , وَكَانَ إِفْسَادهمْ فِي الْأَرْض : كُفْرهمْ بِاَللَّهِ , وَمَعْصِيَتهمْ إِيَّاهُ , وَإِنَّمَا خَصَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ هَؤُلَاءِ التِّسْعَة الرَّهْط بِالْخَبَرِ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض , وَلَا يُصْلِحُونَ , وَإِنْ كَانَ أَهْل الْكُفْر كُلّهمْ فِي الْأَرْض مُفْسِدِينَ , لِأَنَّ هَؤُلَاءِ التِّسْعَة هُمْ الَّذِينَ سَعَوْا فِيمَا بَلَغْنَا فِي عَقْر النَّاقَة , وَتَعَاوَنُوا عَلَيْهِ , وَتَحَالَفُوا عَلَى قَتْل صَالِح مِنْ بَيْن قَوْم ثَمُود . وَقَدْ ذَكَرْنَا قَصَصهمْ وَأَخْبَارهمْ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20583 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { تِسْعَة رَهْط } قَالَ : مِنْ قَوْم صَالِح . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20584 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَلَا يُصْلِحُونَ } هُمْ الَّذِينَ عَقَرُوا النَّاقَة , وَقَالُوا حِين عَقَرُوهَا : نُبَيِّت صَالِحًا وَأَهْله فَنَقْتُلهُمْ , ثُمَّ نَقُول لِأَوْلِيَاءِ صَالِح : مَا شَهِدْنَا مِنْ هَذَا شَيْئًا , وَمَا لَنَا بِهِ عِلْم , فَدَمَّرَهُمْ اللَّه أَجْمَعِينَ.'; $TAFSEER['3']['27']['49'] = 'وَقَوْله : { قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْله } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ هَؤُلَاءِ التِّسْعَة الرَّهْط الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي أَرْض حِجْر ثَمُود , وَلَا يُصْلِحُونَ , تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ : تَحَالَفُوا بِاَللَّهِ أَيّهَا الْقَوْم , لِيَحْلِف بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ : لَنُبَيِّتَنَّ صَالِحًا وَأَهْله , فَلَنَقْتُلَنَّهُ , ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ : مَا شَهِدْنَا مَهْلِك أَهْله . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20585 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ } قَالَ : تَحَالَفُوا عَلَى إِهْلَاكه , فَلَمْ يَصِلُوا إِلَيْهِ حَتَّى هَلَكُوا وَقَوْمهمْ أَجْمَعُونَ . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ : وَيَتَوَجَّه قَوْله { تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ } إِلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا النَّصْب عَلَى وَجْه الْخَبَر , كَأَنَّهُ قِيلَ : قَالُوا مُتَقَاسِمِينَ. وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " وَلَا يُصْلِحُونَ تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ " وَلَيْسَ فِيهَا " قَالُوا " , فَذَلِكَ مِنْ قِرَاءَته يَدُلّ عَلَى وَجْه النَّصْب فِي " تَقَاسَمُوا " عَلَى مَا وَصَفْت . وَالْوَجْه الْآخَر : الْجَزْم , كَأَنَّهُمْ قَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : أَقْسِمُوا بِاَللَّهِ , فَعَلَى هَذَا الْوَجْه الثَّانِي تَصْلُح قِرَاءَة { لَنُبَيِّتَنَّهُ } بِالْيَاءِ وَالنُّون , لِأَنَّ الْقَائِل لَهُمْ تَقَاسَمُوا , وَإِنْ كَانَ هُوَ الْآمِر فَهُوَ فِيمَنْ أَقْسَمَ , كَمَا يُقَال فِي الْكَلَام : اِنْهَضُوا بِنَا نَمْضِ إِلَى فُلَان , وَانْهَضُوا نَمْضِي إِلَيْهِ . وَعَلَى الْوَجْه الْأَوَّل الَّذِي هُوَ وَجْه النَّصْب الْقِرَاءَة فِيهِ بِالنُّونِ أَفْصَح , لِأَنَّ مَعْنَاهُ : قَالُوا مُتَقَاسِمِينَ لَنُبَيِّتَنَّهُ , وَقَدْ تَجُوز الْيَاء عَلَى هَذَا الْوَجْه كَمَا يُقَال فِي الْكَلَام : قَالُوا لَنُكْرِمَنَّ أَبَاك , وَلَيُكْرِمَن أَبَاك , وَبِالنُّونِ قَرَأَ ذَلِكَ قُرَّاء الْمَدِينَة , وَعَامَّة قُرَّاء الْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ. وَأَمَّا الْأَغْلَب عَلَى قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة , فَقِرَاءَته بِالْيَاءِ , وَضَمّ التَّاء جَمِيعًا . وَأَمَّا بَعْض الْمَكِّيِّينَ , فَقَرَأَهُ بِالْيَاءِ . وَأَعْجَب الْقِرَاءَات فِي ذَلِكَ إِلَيَّ النُّون , لِأَنَّ ذَلِكَ أَفْصَح الْكَلَام عَلَى الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ بَيَّنْت مِنْ النَّصْب وَالْجَزْم , وَإِنْ كَانَ كُلّ ذَلِكَ صَحِيحًا غَيْر فَاسِد لِمَا وَصَفْت , وَأَكْرَههَا إِلَيَّ الْقِرَاءَة بِهَا الْيَاء , لِقِلَّةِ قَارِئ ذَلِكَ كَذَلِكَ. وَقَوْله : { لَنُبَيِّتَنَّهُ } قَالَ : لَيُبَيِّتُنَّ صَالِحًا ثُمَّ يَفْتِكُوا بِهِ . 20586 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : [ قَالَ ] التِّسْعَة الَّذِينَ عَقَرُوا النَّاقَة : هَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ صَالِحًا , فَإِنْ كَانَ صَادِقًا , يَعْنِي فِيمَا وَعَدَهُمْ مِنْ الْعَذَاب بَعْد الثَّلَاث , عَجَّلْنَاهُ قَبْله , وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا نَكُون قَدْ أَلْحَقْنَاهُ بِنَاقَتِهِ . فَأَتَوْهُ لَيْلًا لِيُبَيِّتُوهُ فِي أَهْله , فَدَمَغَتْهُمْ الْمَلَائِكَة بِالْحِجَارَةِ ; فَلَمَّا أَبْطَئُوا عَلَى أَصْحَابهمْ أَتَوْا مَنْزِل صَالِح , فَوَجَدُوهُمْ مَشْدُوخِينَ قَدْ رُضِخُوا بِالْحِجَارَةِ . وَقَوْله : { وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } نَقُول لِوَلِيِّهِ : وَإِنَّا لَصَادِقُونَ , إِنَّا مَا شَهِدْنَا مَهْلِك أَهْله .'; $TAFSEER['3']['27']['50'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكْرنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَغَدَرَ هَؤُلَاءِ التِّسْعَة الرَّهْط الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض بِصَالِحٍ بِمَصِيرِهِمْ إِلَيْهِ لَيْلًا لِيَقْتُلُوهُ وَأَهْله , وَصَالِح لَا يَشْعُر بِذَلِكَ { وَمَكَرْنَا مَكْرًا } يَقُول : فَأَخَذْنَاهُمْ بِعُقُوبَتِنَا إِيَّاهُمْ , وَتَعْجِيلنَا الْعَذَاب لَهُمْ { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } بِمَكْرِنَا . وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى مَعْنَى : مَكْر اللَّه بِمَنْ مَكَرَ بِهِ , وَمَا وَجْه ذَلِكَ , وَأَنَّهُ أَخَذَهُ مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُمْ عَلَى غِرَّة , أَوْ اِسْتِدْرَاجه مِنْهُمْ مَنْ اُسْتُدْرِجَ عَلَى كُفْره بِهِ , وَمَعْصِيَته إِيَّاهُ , ثُمَّ إِحْلَاله الْعُقُوبَة بِهِ عَلَى غِرَّة وَغَفْلَة , وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20587 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُؤَمَّل , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ شِمْر بْن عَطِيَّة , عَنْ رَجُل , عَنْ عَلِيّ , قَالَ : الْمَكْر غَدْر , وَالْغَدْر كُفْر . 20588 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا } قَالَ : اِحْتَالُوا لِأَمْرِهِمْ , وَاحْتَالَ اللَّه لَهُمْ , مَكَرُوا بِصَالِحٍ مَكْرًا , وَمَكَرْنَا بِهِمْ مَكْرًا { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } بِمَكْرِنَا وَشَعَرْنَا بِمَكْرِهِمْ , قَالُوا : زَعَمَ صَالِح أَنَّهُ يَفْرُغ مِنَّا إِلَى ثَلَاث فَنَحْنُ نَفْرُغ مِنْهُ وَأَهْله قَبْل ذَلِكَ , وَكَانَ لَهُ مَسْجِد فِي الْحِجْر فِي شِعْب يُصَلِّي فِيهِ , فَخَرَجُوا إِلَى كَهْف وَقَالُوا : إِذَا جَاءَ يُصَلِّي قَتَلْنَاهُ , ثُمَّ رَجَعْنَا إِذَا فَرَغْنَا مِنْهُ إِلَى أَهْله , فَفَرَغْنَا مِنْهُمْ , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْله ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِك أَهْله وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } فَبَعَثَ اللَّه صَخْرَة مِنْ الْهَضْب حِيَالهمْ , فَخَشُوا أَنْ تَشْدَخهُمْ , فَبَادَرُوا الْغَار , فَطَبَّقَتْ الصَّخْرَة عَلَيْهِمْ فَم ذَلِكَ الْغَار , فَلَا يَدْرِي قَوْمهمْ أَيْنَ هُمْ ؟ وَلَا يَدْرُونَ مَا فُعِلَ بِقَوْمِهِمْ ؟ فَعَذَّبَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَؤُلَاءِ هَا هُنَا , وَهَؤُلَاءِ هُنَا , وَأَنْجَى اللَّه صَالِحًا وَمَنْ مَعَهُ . 20589 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا } قَالَ : فَسَلَّطَ اللَّه عَلَيْهِمْ صَخْرَة فَقَتَلَتْهُمْ .'; $TAFSEER['3']['27']['51'] = 'وَقَوْله : { فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَانْظُرْ يَا مُحَمَّد بِعَيْنِ قَلْبك إِلَى عَاقِبَة غَدْر ثَمُود بِنَبِيِّهِمْ صَالِح , كَيْفَ كَانَتْ ؟ وَمَا الَّذِي أَوْرَثَهَا اِعْتِدَاؤُهُمْ وَطُغْيَانهمْ وَتَكْذِيبهمْ ؟ فَإِنَّ ذَلِكَ سُنَّتنَا فِيمَنْ كَذَّبَ رُسُلنَا , وَطَغَى عَلَيْنَا مِنْ سَائِر الْخَلْق , فَحَذِّرْ قَوْمك مِنْ قُرَيْش , أَنْ يَنَالهُمْ بِتَكْذِيبِهِمْ إِيَّاكَ , مَا نَالَ ثَمُود بِتَكْذِيبِهِمْ صَالِحًا مِنْ الْمَثُلَات. وَقَوْله : { أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمهمْ أَجْمَعِينَ } يَقُول : إِنَّا دَمَّرْنَا التِّسْعَة الرَّهْط الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض مِنْ قَوْم صَالِح وَقَوْمهمْ مِنْ ثَمُود أَجْمَعِينَ , فَلَمْ نُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله " إِنَّا " فَقَرَأَ بِكَسْرِهَا عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْبَصْرَة عَلَى الِابْتِدَاء , وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : { أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ } بِفَتْحِ الْأَلِف . وَإِذَا فُتِحَتْ كَانَ فِي { أَنَّا } وَجْهَانِ مِنْ الْإِعْرَاب : أَحَدهمَا الرَّفْع عَلَى رَدّهَا عَلَى الْعَاقِبَة عَلَى الْإِتْبَاع لَهَا , وَالْآخَر النَّصْب عَلَى الرَّدّ عَلَى مَوْضِع كَيْفَ , لِأَنَّهَا فِي مَوْضِع نَصْب إِنْ شِئْت , وَإِنْ شِئْت عَلَى تَكْرِير كَانَ عَلَيْهَا عَلَى وَجْه , فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ ؟ كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ تَدْمِيرنَا إِيَّاهُمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .'; $TAFSEER['3']['27']['52'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَتِلْكَ بُيُوتهمْ خَاوِيَة } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { فَتِلْكَ بُيُوتهمْ خَاوِيَة } فَتِلْكَ مَسَاكِنهمْ خَاوِيَة خَالِيَة مِنْهُمْ , لَيْسَ فِيهَا مِنْهُمْ أَحَد , قَدْ أَهْلَكَهُمْ اللَّه فَأَبَادَهُمْ . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : بِظُلْمِهِمْ أَنْفُسهمْ , بِشِرْكِهِمْ بِاَللَّهِ , وَتَكْذِيبهمْ رَسُولهمْ . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي فِعْلنَا بِثَمُود مَا قَصَصْنَا عَلَيْك يَا مُحَمَّد مِنْ الْقِصَّة , لَعِظَة لِمَنْ يَعْلَم فِعْلنَا بِهِمْ مَا فَعَلْنَا , مِنْ قَوْمك الَّذِينَ يُكَذِّبُونَك فِيمَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك وَعِبْرَة.'; $TAFSEER['3']['27']['53'] = 'يَقُول : وَأَنْجَيْنَا مِنْ نِقْمَتنَا وَعَذَابنَا الَّذِي أَحْلَلْنَاهُ بِثَمُود رَسُولنَا صَالِحًا وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ. يَقُول : وَكَانُوا يَتَّقُونَ بِإِيمَانِهِمْ , وَبِتَصْدِيقِهِمْ صَالِحًا الَّذِي حَلَّ بِقَوْمِهِمْ مِنْ ثَمُود مَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عَذَاب اللَّه , فَكَذَلِكَ نُنَجِّيك يَا مُحَمَّد وَأَتْبَاعك , عِنْد إِحْلَالنَا عُقُوبَتنَا بِمُشْرِكِي قَوْمك مِنْ بَيْن أَظْهُرهمْ . وَذُكِرَ أَنَّ صَالِحًا لَمَّا أَحَلَّ اللَّه بِقَوْمِهِ مَا أَحَلَّ , خَرَجَ هُوَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِهِ إِلَى الشَّام , فَنَزَلَ رَمْلَة فِلَسْطِين .'; $TAFSEER['3']['27']['54'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَرْسَلْنَا لُوطًا إِلَى قَوْمه , إِذْ قَالَ لَهُمْ : يَا قَوْم { أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ } أَنَّهَا فَاحِشَة , لِعِلْمِكُمْ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقكُمْ إِلَى مَا تَفْعَلُونَ مِنْ ذَلِكَ أَحَد .'; $TAFSEER['3']['27']['55'] = 'وَقَوْله : { أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَال شَهْوَة } مِنْكُمْ بِذَلِكَ مِنْ دُون فُرُوج النِّسَاء الَّتِي أَبَاحَهَا اللَّه لَكُمْ بِالنِّكَاحِ . وَقَوْله : { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تَجْهَلُونَ } يَقُول : مَا ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا أَنَّكُمْ قَوْم سُفَهَاء جَهَلَة بِعَظِيمِ حَقّ اللَّه عَلَيْكُمْ , فَخَالَفْتُمْ لِذَلِكَ أَمْره , وَعَصَيْتُمْ رَسُوله .'; $TAFSEER['3']['27']['56'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَمَا كَانَ جَوَاب قَوْمه إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آل لُوط مِنْ قَرْيَتكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمْ يَكُنْ لِقَوْمِ لُوط جَوَاب لَهُ , إِذْ نَهَاهُمْ عَمَّا أَمَرَهُ اللَّه بِنَهْيِهِمْ عَنْهُ مِنْ إِتْيَان الرِّجَال , إِلَّا قِيل بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : { أَخْرِجُوا آل لُوط مِنْ قَرْيَتكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ } عَمَّا نَفْعَلهُ نَحْنُ مِنْ إِتْيَان الذُّكْرَان فِي أَدْبَارهمْ. كَمَا : 20590 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن بْن عُمَارَة يَذْكُر عَنْ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ } قَالَ : مِنْ إِتْيَان الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ . 20591 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { إِنَّهُمْ أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ } قَالَ : مِنْ أَدْبَار الرِّجَال وَأَدْبَار النِّسَاء اِسْتِهْزَاء بِهِمْ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { يَتَطَهَّرُونَ } مِنْ أَدْبَار الرِّجَال وَالنِّسَاء , اِسْتِهْزَاء بِهِمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ . 20592 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة أَنَّهُ تَلَا : { إِنَّهُمْ أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ } قَالَ : عَابُوهُمْ بِغَيْرِ عَيْب : أَيْ إِنَّهُمْ يَتَطَهَّرُونَ مِنْ أَعْمَال السُّوء .'; $TAFSEER['3']['27']['57'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْله إِلَّا اِمْرَأَته قَدَّرْنَاهَا مِنْ الْغَابِرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَنْجَيْنَا لُوطًا وَأَهْله سِوَى اِمْرَأَته مِنْ عَذَابنَا حِين أَحْلَلْنَاهُ بِهِمْ , ثُمَّ { قَدَّرْنَاهَا } يَقُول : فَإِنَّ اِمْرَأَته قَدَّرْنَاهَا : جَعَلْنَاهَا بِتَقْدِيرِنَا { مِنْ الْغَابِرِينَ } مِنْ الْبَاقِينَ .'; $TAFSEER['3']['27']['58'] = '{ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا } وَهُوَ إِمْطَار اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاء حِجَارَة مِنْ سِجِّيل . يَقُول : فَسَاءَ ذَلِكَ الْمَطَر مَطَر الْقَوْم الَّذِينَ أَنْذَرَهُمْ اللَّه عِقَابه عَلَى مَعْصِيَتهمْ إِيَّاهُ , وَخَوْفهمْ بَأْسه بِإِرْسَالِ الرَّسُول إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ.'; $TAFSEER['3']['27']['59'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ الْحَمْد لِلَّهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { قُلْ } يَا مُحَمَّد { الْحَمْد لِلَّهِ } عَلَى نِعَمه عَلَيْنَا , وَتَوْفِيقه إِيَّانَا لِمَا وَفَّقْنَا مِنْ الْهِدَايَة . { وَسَلَام } يَقُول : وَأَمَنَة مِنْهُ مِنْ عِقَابه الَّذِي عَاقَبَ بِهِ قَوْم لُوط , وَقَوْم صَالِح , عَلَى الَّذِينَ اِصْطَفَاهُمْ , يَقُول : الَّذِينَ اِجْتَبَاهُمْ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَعَلَهُمْ أَصْحَابه وَوُزَرَاءَهُ عَلَى الدِّين الَّذِي بَعَثَهُ بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ دُون الْمُشْرِكِينَ بِهِ , الْجَاحِدِينَ نُبُوَّة نَبِيّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , قَالَا أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20593 - حَدِيث أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا طَلْق , يَعْنِي اِبْن غَنَّام , عَنْ اِبْن ظُهَيْر , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَسَلَام عَلَى عِبَاده الَّذِينَ اِصْطَفَى } قَالَ : أَصْحَاب مُحَمَّد اِصْطَفَاهُمْ اللَّه لِنَبِيِّهِ . 20594 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : قُلْت لِعَبْدِ اللَّه بْن الْمُبَارَك : أَرَأَيْت قَوْل اللَّه { قُلْ الْحَمْد لِلَّهِ وَسَلَام عَلَى عِبَاده الَّذِينَ اِصْطَفَى } مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ فَحَدَّثني عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ , قَالَ : هُمْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَوْله : { آللَّه خَيْر أَمَّا يُشْرِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره ; قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالهمْ مِنْ قَوْمك فَهُمْ يَعْمَهُونَ : اللَّه الَّذِي أَنْعَمَ عَلَى أَوْلِيَائِهِ هَذِهِ النِّعَم الَّتِي قَصَّهَا عَلَيْكُمْ فِي هَذِهِ السُّورَة , وَأَهْلَكَ أَعْدَاءَهُ بِاَلَّذِي أَهْلَكَهُمْ بِهِ مِنْ صُنُوف الْعَذَاب الَّتِي ذَكَرَهَا لَكُمْ فِيهَا خَيْر , أَمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ أَوْثَانكُمْ الَّتِي لَا تَنْفَعكُمْ وَلَا تَضُرّكُمْ , وَلَا تَدْفَع عَنْ أَنْفُسهَا وَلَا عَنْ أَوْلِيَائِهَا سُوءًا , وَلَا تَجْلِب إِلَيْهَا وَلَا إِلَيْهِمْ نَفْعًا ؟ يَقُول : إِنَّ هَذَا الْأَمْر لَا يُشْكِل عَلَى مَنْ لَهُ عَقْل , فَكَيْفَ تَسْتَجِيزُونَ أَنْ تُشْرِكُوا عِبَادَة مَنْ لَا نَفْع عِنْده لَكُمْ , وَلَا دَفْع ضُرّ عَنْكُمْ فِي عِبَادَة مَنْ بِيَدِهِ النَّفْع وَالضُّرّ , وَلَهُ كُلّ شَيْء . ثُمَّ اِبْتَدَأَ تَعَالَى ذِكْره تَعْدِيد نِعَمه عَلَيْهِمْ , وَأَيَادِيه عِنْدهمْ , وَتَعْرِيفهمْ بِقِلَّةِ شُكْرهمْ إِيَّاهُ عَلَى مَا أَوْلَاهُمْ مِنْ ذَلِكَ , فَقَالَ : { أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض } .'; $TAFSEER['3']['27']['60'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ مِنْ قُرَيْش : أَعِبَادَة مَا تَعْبُدُونَ مِنْ أَوْثَانكُمْ الَّتِي لَا تَضُرّ وَلَا تَنْفَ خَيْر , أَمْ عِبَادَة مِنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض ؟ يَعْنِي مَطَرًا , وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون مُرِيدًا بِهِ الْعُيُون الَّتِي فَجَّرَهَا فِي الْأَرْض , لِأَنَّ كُلّ ذَلِكَ مِنْ خَلْقه يَعْنِي بِالْمَاءِ الَّذِي أُنْزِلَ مِنْ السَّمَاء . وَهِيَ جَمْع حَدِيقَة , وَالْحَدِيقَة : الْبُسْتَان عَلَيْهِ حَائِط مَحُوط , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَائِط لَمْ يَكُنْ حَدِيقَة . وَقَوْله : { ذَات بَهْجَة } يَقُول : ذَات مَنْظَر حَسَن . وَقِيلَ ذَات بِالتَّوْحِيدِ . وَقَدْ قِيلَ حَدَائِق , كَمَا قَالَ : { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى } 7 180 , وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِيمَا مَضَى . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20595 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { حَدَائِق ذَات بَهْجَة } قَالَ : الْبَهْجَة : الْفُقَّاح مِمَّا يَأْكُل النَّاس وَالْأَنْعَام . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { حَدَائِق ذَات بَهْجَة } قَالَ : مِنْ كُلّ شَيْء تَأْكُلهُ النَّاس وَالْأَنْعَام . وَقَوْله : { مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَنْبَتْنَا بِالْمَاءِ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاء لَكُمْ هَذِهِ الْحَدَائِق إِذْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ , لَوْلَا أَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ الْمَاء مِنْ السَّمَاء طَاقَة أَنْ تُنْبِتُوا شَجَر هَذِهِ الْحَدَائِق , وَلَمْ تَكُونُوا قَادِرِينَ عَلَى ذَهَاب ذَلِكَ , لِأَنَّهُ لَا يَصْلُح ذَلِكَ إِلَّا بِالْمَاءِ . وَقَوْله : { أَإِلَه مَعَ اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمَعْبُود مَعَ اللَّه أَيّهَا الْجَهَلَة خَلَقَ ذَلِكَ , وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاء الْمَاء , فَأَنْبَتَ بِهِ لَكُمْ الْحَدَائِق ؟ ! فَقَوْله : أَإِلَه مَرْدُود عَلَى تَأْوِيل : أَمَعَ اللَّه إِلَه . يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : بَلْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ قَوْم ضُلَّال , يَعْدِلُونَ عَنْ الْحَقّ , وَيَجُورُونَ عَلَيْهِ , عَلَى عَمْد مِنْهُمْ لِذَلِكَ , مَعَ عِلْمهمْ بِأَنَّهُمْ عَلَى خَطَإ وَضَلَال وَلَمْ يَعْدِلُوا عَنْ جَهْل مِنْهُمْ , بِأَنَّ مَنْ لَا يَقْدِر عَلَى نَفْع وَلَا ضُرّ , خَيْر مِمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض , وَفَعَلَ هَذِهِ الْأَفْعَال , وَلَكِنَّهُمْ عَدَلُوا عَلَى عِلْم مِنْهُمْ وَمَعْرِفَة , اِقْتِفَاء مِنْهُمْ سُنَّة مَنْ مَضَى قَبْلهمْ مِنْ آبَائِهِمْ .'; $TAFSEER['3']['27']['61'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْض قَرَارًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَعِبَادَة مَا تُشْرِكُونَ أَيّهَا النَّاس بِرَبِّكُمْ خَيْر وَهُوَ لَا يَضُرّ وَلَا يَنْفَع , أَمْ الَّذِي جَعَلَ الْأَرْض لَكُمْ قَرَارًا تَسْتَقِرُّونَ عَلَيْهَا لَا تَمِيد بِكُمْ . { وَجَعَلَ } لَكُمْ { خِلَالهَا أَنْهَارًا } يَقُول : بَيْنهَا أَنْهَارًا . وَهِيَ ثَوَابِت الْجِبَال . بَيْن الْعَذْب وَالْمِلْح , أَنْ يُفْسِد أَحَدهمَا صَاحِبه . سِوَاهُ فَعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاء فَأَشْرَكْتُمُوهُ فِي عِبَادَتكُمْ إِيَّاهُ ؟ وَقَوْله : { بَلْ أَكْثَرهمْ لَا يَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : بَلْ أَكْثَر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ لَا يَعْلَمُونَ قَدْر عَظَمَة اللَّه , وَمَا عَلَيْهِمْ مِنْ الضُّرّ فِي إِشْرَاكهمْ فِي عِبَادَة اللَّه غَيْره , وَمَا لَهُمْ مِنْ النَّفْع فِي إِفْرَادهمْ اللَّه بِالْأُلُوهَةِ , وَإِخْلَاصهمْ لَهُ الْعِبَادَة , وَبَرَاءَتهمْ مِنْ كُلّ مَعْبُود سِوَاهُ .'; $TAFSEER['3']['27']['62'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمَّنْ يُجِيب الْمُضْطَرّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِف السُّوء } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمْ مَا تُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ خَيْر , أَمْ الَّذِي يُجِيب الْمُضْطَرّ إِذَا دَعَاهُ , وَيَكْشِف السُّوء النَّازِل بِهِ عَنْهُ ؟ كَمَا : 20596 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { وَيَكْشِف السُّوء } قَالَ : الضُّرّ . وَقَوْله : { وَيَجْعَلكُمْ خُلَفَاء الْأَرْض } يَقُول : وَيَسْتَخْلِف بَعْد أُمَرَائِكُمْ فِي الْأَرْض مِنْكُمْ خُلَفَاء أَحْيَاء يَخْلُفُونَهُمْ. وَقَوْله : { أَإِلَه مَعَ اللَّه } يَقُول : أَإِلَه مَعَ اللَّه سِوَاهُ يَفْعَل هَذِهِ الْأَشْيَاء بِكُمْ , وَيُنْعِم عَلَيْكُمْ هَذِهِ النِّعَم ؟ وَقَوْله : { قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ } يَقُول : تَذَكُّرًا قَلِيلًا مِنْ عَظَمَة اللَّه وَأَيَادِيه عِنْدكُمْ تَذَكَّرُونَ وَتَعْتَبِرُونَ حُجَج اللَّه عَلَيْكُمْ يَسِيرًا , فَلِذَلِكَ أَشْرَكْتُمْ بِاَللَّهِ غَيْره فِي عِبَادَته .'; $TAFSEER['3']['27']['63'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَات الْبَرّ وَالْبَحْر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمْ مَا تُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ خَيْر , أَمْ الَّذِي يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَات الْبَرّ وَالْبَحْر إِذَا ضَلَلْتُمْ فِيهِمَا الطَّرِيق , فَأَظْلَمَتْ عَلَيْكُمْ السُّبُل فِيهِمَا ؟ كَمَا : 20597 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَات الْبَرّ وَالْبَحْر } وَالظُّلُمَات فِي الْبَرّ , ضَلَالَة الطَّرِيق , وَالْبَحْر , ضَلَاله طَرِيقه وَمَوْجه وَمَا يَكُون فِيهِ . قَوْله : { وَمَنْ يُرْسِل الرِّيَاح بُشْرًا بَيْن يَدَيْ رَحْمَته } يَقُول : وَاَلَّذِي يُرْسِل الرِّيَاح بُشْرًا لِمَوَتَانِ الْأَرْض بَيْن يَدَيْ رَحْمَته , يَعْنِي : قُدَّام الْغَيْث الَّذِي يُحْيِي مَوَات الْأَرْض . وَقَوْله : { أَإِلَه مَعَ اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْرهُ : أَإِلَه مَعَ اللَّه سِوَى اللَّه يَفْعَل بِكُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَتَعَبَّدُوهُ مِنْ دُونه , أَوْ تُشْرِكُوهُ فِي عِبَادَتكُمْ إِيَّاهُ . يَقُول : لِلَّهِ الْعُلُوّ وَالرِّفْعَة عَنْ شِرْككُمْ الَّذِي تُشْرِكُونَ بِهِ , وَعِبَادَتكُمْ مَعَهُ مَا تَعْبُدُونَ .'; $TAFSEER['3']['27']['64'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمَّنْ يَبْدَأ الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ وَمَنْ يَرْزُقكُمْ مِنْ السَّمَاء وَالْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْرهُ : أَمْ مَا تُشْرِكُونَ أَيّهَا الْقَوْم خَيْر , أَمْ الَّذِي يَبْدَأ الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ , فَيُنْشِئهُ مِنْ غَيْر أَصْل , وَيَبْتَدِعهُ ثُمَّ يُفْنِيه إِذَا شَاءَ , ثُمَّ يُعِيدهُ إِذَا أَرَادَ كَهَيْئَتِهِ قَبْل أَنْ يُفْنِيَهُ , وَاَلَّذِي يَرْزُقكُمْ مِنْ السَّمَاء وَالْأَرْض فَيُنْزِل مِنْ هَذِهِ الْغَيْث , وَيُنْبِت مِنْ هَذِهِ النَّبَات لِأَقْوَاتِكُمْ , وَأَقْوَات أَنْعَامكُمْ . و " مَنْ " الَّتِي فِي " أَمَّنْ " و " مَا " مُبْتَدَأ فِي قَوْله : أَمَّا يُشْرِكُونَ , وَالْآيَات بَعْدهَا إِلَى قَوْله : { وَمَنْ يَرْزُقكُمْ مِنْ السَّمَاء وَالْأَرْض } بِمَعْنَى " الَّذِي " , لَا بِمَعْنَى الِاسْتِفْهَام , وَذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِفْهَام لَا يَدْخُل عَلَى الِاسْتِفْهَام . { أَإِلَه مَعَ اللَّه } سِوَى اللَّه يَفْعَل ذَلِكَ ؟ وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ إِلَهًا غَيْر اللَّه يَفْعَل ذَلِكَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ ف { قُلْ } لَهُمْ يَا مُحَمَّد { هَاتُوا بُرْهَانكُمْ } أَيْ حُجَّتكُمْ عَلَى أَنَّ شَيْئًا سِوَى اللَّه يَفْعَل ذَلِكَ. { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } فِي دَعْوَاكُمْ.'; $TAFSEER['3']['27']['65'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ لَا يَعْلَم مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْغَيْب إِلَّا اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِسَائِلِيك مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَنْ السَّاعَة مَتَى هِيَ قَائِمَة { لَا يَعْلَم مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْغَيْب } الَّذِي قَدْ اِسْتَأْثَرَ اللَّه بِعِلْمِهِ , وَحَجَبَ عَنْهُ خَلْقه غَيْره وَالسَّاعَة مِنْ ذَلِكَ . وَقَدْ : 20598 - حَدَّثني يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : قَالَتْ عَائِشَة : مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِر النَّاس بِمَا يَكُون فِي غَد , فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّه الْفِرْيَة , وَاَللَّه يَقُول : { لَا يَعْلَم مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْغَيْب إِلَّا اللَّه } . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه رَفْع اللَّه , فَقَالَ بَعْض الْبَصْرِيِّينَ : هُوَ كَمَا تَقُول : إِلَّا قَلِيل مِنْهُمْ . وَفِي حَرْف اِبْن مَسْعُود : قَلِيلًا بَدَلًا مِنْ الْأَوَّل , لِأَنَّك نَفَيْته عَنْهُ وَجَعَلْته لِلْآخَرِ . وَقَالَ بَعْض الْكُوفِيِّينَ : إِنْ شِئْت أَنْ تَتَوَهَّم فِي " وَمَنْ " الْمَجْهُول , فَتَكُون مَعْطُوفَة عَلَى : قُلْ لَا يَعْلَم أَحَد الْغَيْب إِلَّا اللَّه . قَالَ : وَيَجُوز أَنْ تَكُون " مَنْ " مَعْرِفَة , وَنَزَلَ مَا بَعْد " إِلَّا " عَلَيْهِ , فَيَكُون عَطْفًا وَلَا يَكُون بَدَلًا , لِأَنَّ الْأَوَّل مَنْفِيّ , وَالثَّانِي مُثْبَت , فَيَكُون فِي النَّسَق كَمَا تَقُول : قَامَ زَيْد إِلَّا عَمْرو , فَيَكُون الثَّانِي عَطْفًا عَلَى الْأَوَّل , وَالتَّأْوِيل جَحْد , وَلَا يَكُون أَنْ يَكُون الْخَبَر جَحْدًا , أَوْ الْجَحْد خَبَرًا . قَالَ : وَكَذَلِكَ { مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيل } 4 66 وَقَلِيلًا ; مَنْ نَصَبَ , فَعَلَى الِاسْتِثْنَاء فِي عِبَادَتكُمْ إِيَّاهُ , وَمَنْ رَفَعَ فَعَلَى الْعَطْف , وَلَا يَكُون بَدَلًا . يَقُول : وَمَا يَدْرِي مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْ خَلْقه مَتَى هُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ قُبُورهمْ لِقِيَامِ السَّاعَة .'; $TAFSEER['3']['27']['66'] = 'وَقَوْله : { اِدَّارَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة سِوَى أَبِي جَعْفَر وَعَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة : { بَلْ اِدّرَاك } بِكَسْرِ اللَّام مِنْ " بَلْ " وَتَشْدِيد الدَّال مِنْ " اِدّرَاك " , بِمَعْنَى : بَلِ تَدَارَكَ عِلْمهمْ أَيْ تَتَابَعَ عِلْمهمْ بِالْآخِرَةِ هَلْ هِيَ كَائِنَة أَمْ لَا , ثُمَّ أُدْغِمَتْ التَّاء فِي الدَّال كَمَا قِيلَ : { اِثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْض } 9 38 وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة مِنْ إِعَادَته . وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل مَكَّة : " بَلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَة " بِسُكُونِ الدَّال وَفَتْح الْأَلِف , بِمَعْنَى هَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ عِلْم الْآخِرَة. وَكَانَ أَبُو عَمْرو بْن الْعَلَاء يُنْكِر فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : " بَلْ أَدْرَكَ " وَيَقُول : إِنَّ " بَلْ " إِيجَاب وَالِاسْتِفْهَام فِي هَذَا الْمَوْضِع إِنْكَار . وَمَعْنَى الْكَلَام : إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ " بَلْ أَدْرَكَ " لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ يُدْرِك عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة , وَبِالِاسْتِفْهَامِ قَرَأَ ذَلِكَ اِبْن مُحَيْصِن عَلَى الْوَجْه الَّذِي ذَكَرْت أَنَّ أَبَا عَمْرو أَنْكَرَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي ذَكَرْت عَنْ الْمَكِّيِّينَ أَنَّهُمْ قَرَءُوهُ ذُكِرَ عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَرَأَهُ , غَيْر أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ فِي مَوْضِع بَلْ : أَمْ . 20599 -حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , عَنْ مُجَاهِد , أَنَّهُ قَرَأَ " أَمْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ " وَكَانَ اِبْن عَبَّاس فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ يَقْرَأ بِإِثْبَاتِ يَاء فِي بَلْ , ثُمَّ يَبْتَدِئ أَدَّارَكَ بِفَتْحِ أَلِفهَا عَلَى وَجْه الِاسْتِفْهَام وَتَشْدِيد الدَّال . 20600 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثَنَا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة : " بَلَى أَدَّارَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة " : أَيْ لَمْ يُدْرَك . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقْرَأ { بَلَى أَدَّارَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة } إِنَّمَا هُوَ اِسْتِفْهَام أَنَّهُ لَمْ يُدْرَك . وَكَأَنَّ اِبْن عَبَّاس وَجَّهَ ذَلِكَ إِلَى أَنَّ مَخْرَجه مَخْرَج الِاسْتِهْزَاء بِالْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَات عِنْدنَا فِي ذَلِكَ الْقِرَاءَتَانِ اللَّتَانِ ذُكِرَتْ إِحْدَاهُمَا عَنْ قِرَاءَة أَهْل مَكَّة وَالْبَصْرَة , وَهِيَ " بَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ " بِسُكُونِ لَام بَلْ وَفَتْح أَلِف أَدْرَكَ وَتَخْفِيف دَالهَا , وَالْأُخْرَى مِنْهُمَا عَنْ قِرَاءَة الْكُوفَة , وَهِيَ { بَلْ ادَّارَكَ } بِكَسْرِ اللَّام وَتَشْدِيد الدَّال مِنْ ادَّارَكَ , لِأَنَّهُمَا الْقِرَاءَتَانِ الْمَعْرُوفَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب عِنْدنَا . فَأَمَّا الْقِرَاءَة الَّتِي ذُكِرَتْ عَنْ اِبْن عَبَّاس , فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَة الْمَعْنَى وَالْإِعْرَاب , فَخِلَاف لِمَا عَلَيْهِ مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ , وَذَلِكَ أَنَّ فِي بَلَى زِيَادَة يَاء فِي قِرَاءَاته لَيْسَتْ فِي الْمَصَاحِف , وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ قِرَاءَة لَا نَعْلَمهَا قَرَأَ بِهَا أَحَد مِنْ قُرَّاء الْأَمْصَار . وَأَمَّا الْقِرَاءَة الَّتِي ذُكِرَتْ عَنْ اِبْن مُحَيْصِن , فَإِنَّ الَّذِي قَالَ فِيهَا أَبُو عَمْرو قَوْل صَحِيح , لِأَنَّ الْعَرَب تُحَقِّق بِبَلْ مَا بَعْدهَا لَا تَنْفِيه . وَالِاسْتِفْهَام فِي هَذَا الْمَوْضِع إِنْكَار لَا إِثْبَات , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه قَدْ أَخْبَرَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ مِنْ السَّاعَة فِي شَكّ , فَقَالَ : { بَلْ هُمْ فِي شَكّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ } . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : بَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة فَأَيْقَنُوهَا إِذْ عَايَنُوهَا حِين لَمْ يَنْفَعهُمْ يَقِينهمْ بِهَا , إِذْ كَانُوا بِهَا فِي الدُّنْيَا مُكَذِّبِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20601 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : " بَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ " قَالَ : بَصَرهمْ فِي الْآخِرَة حِين لَمْ يَنْفَعهُمْ الْعِلْم وَالْبَصَر. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : بَلْ غَابَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20602 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : " بَلْ ادَّارَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة " يَقُول : غَابَ عِلْمهمْ . 20603 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { بَلْ ادَّارَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة } قَالَ : يَقُول : ضَلَّ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهَا عِلْم , { هُمْ مِنْهَا عَمُونَ } . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَمْ يَبْلُغ لَهُمْ فِيهَا عِلْم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20604 - حَدَّثني عَبْد الْوَارِث بْن عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ جَدِّي , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { بَلْ ادَّارَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة } قَالَ : كَانَ يَقْرَؤُهَا : " بَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة " قَالَ : لَمْ يَبْلُغ لَهُمْ فِيهَا عِلْم , وَلَا يَصِل إِلَيْهَا مِنْهُمْ رَغْبَة . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : بَلْ أَدْرَكَ : أَمْ أَدْرَكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20605 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : " بَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ " قَالَ : أَمْ أَدْرَكَ . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عُثْمَان , عَنْ مُجَاهِد : " بَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ " قَالَ : أَمْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ مِنْ أَيْنَ يُدْرِك عِلْمهمْ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي تَأْوِيل ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ " بَلْ أَدْرَكَ " الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَهُوَ أَنَّ مَعْنَاهُ : إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ { وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } بَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ نَفْس وَقْت ذَلِكَ فِي الْآخِرَة حِين يُبْعَثُونَ , فَلَا يَنْفَعهُمْ عِلْمهمْ بِهِ حِينَئِذٍ , فَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُمْ مِنْهَا فِي شَكّ , بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ . وَإِنَّمَا قُلْت : هَذَا الْقَوْل أَوْلَى الْأَقْوَال فِي تَأْوِيل ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عَلَى الْقِرَاءَة الَّتِي ذُكِرَتْ , لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَر مَعَانِيه. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ كَانَ فِي الْكَلَام مَحْذُوف قَدْ اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنْهُ عَنْهُ . وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ , بَلْ يَشْعُرُونَ ذَلِكَ فِي الْآخِرَة , فَالْكَلَام إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ , بَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ بِذَلِكَ فِي الْآخِرَة , بَلْ هُمْ فِي الدُّنْيَا فِي شَكّ مِنْهَا . وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ { بَلْ ادَّارَكَ } بِكَسْرِ اللَّام وَتَشْدِيد الدَّال , فَالْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ مُجَاهِد , وَهُوَ أَنْ يَكُون مَعْنَى بَلْ : أَمْ , وَالْعَرَب تَضَع أَمْ مَوْضِع بَلْ , وَمَوْضِع بَلْ : أَمْ , إِذَا كَانَ فِي أَوَّل الْكَلَام اِسْتِفْهَام , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فَوَاَللَّهِ مَا أَدْرِي أَسَلْمَى تَغَوَّلَتْ أَمْ النَّوْم أَمْ كُلٌّ إِلَيَّ حَبِيبُ يَعْنِي بِذَلِكَ بَلْ كُلّ إِلَيَّ حَبِيب , فَيَكُون تَأْوِيل الْكَلَام : وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ , بَلْ تَدَارَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة : يَعْنِي تَتَابَعَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة : أَيْ بِعِلْمِ الْآخِرَة : أَيْ لَمْ يَتَتَابَع بِذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمُوهُ , بَلْ غَابَ عِلْمهمْ عَنْهُ , وَضَلَّ فَلَمْ يَبْلُغُوهُ وَلَمْ يُدْرِكُوهُ . وَقَوْله : { بَلْ هُمْ فِي شَكّ مِنْهَا } يَقُول : بَلْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ يَسْأَلُونَك عَنْ السَّاعَة فِي شَكّ مِنْ قِيَامهَا لَا يُوقِنُونَ بِهَا وَلَا يُصَدِّقُونَ بِأَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْد الْمَوْت . يَقُول : بَلْ هُمْ مِنْ الْعِلْم بِقِيَامِهَا عَمُونَ .'; $TAFSEER['3']['27']['67'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ مِنْ قُبُورنَا أَحْيَاء , كَهَيْئَتِنَا مِنْ بَعْد مَمَاتنَا بَعْد أَنْ كُنَّا فِيهَا تُرَابًا قَدْ بَلِينَا .'; $TAFSEER['3']['27']['68'] = 'يَقُول : لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا مِنْ قَبْل مُحَمَّد وَاعِدُونَ وَعَدُّوا ذَلِكَ آبَاءَنَا , فَلَمْ نَرَ لِذَلِكَ حَقِيقَة , وَلَمْ نَتَبَيَّن لَهُ صِحَّة . يَقُول : قَالُوا : مَا هَذَا الْوَعْد إِلَّا مَا سَطَّرَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْأَكَاذِيب فِي كُتُبهمْ , فَأَثْبَتُوهُ فِيهَا وَتَحَدَّثُوا بِهِ مِنْ غَيْر أَنْ يَكُون لَهُ صِحَّة .'; $TAFSEER['3']['27']['69'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْض فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُجْرِمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ مَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ الْأَنْبَاء مِنْ عِنْد رَبّك : { سِيرُوا فِي الْأَرْض فَانْظُرُوا } إِلَى دِيَار مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ رُسُل اللَّه وَمَسَاكِنهمْ كَيْفَ هِيَ , أَلَمْ يُخَرِّبهَا اللَّه , وَيُهْلِك أَهْلهَا بِتَكْذِيبِهِمْ رُسُلهمْ , وَرَدّهمْ عَلَيْهِمْ نَصَائِحهمْ فَخَلَتْ مِنْهُمْ الدِّيَار وَتَعَفَّتْ مِنْهُمْ الرُّسُوم وَالْآثَار , فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ عَاقِبَة إِجْرَامهمْ , وَذَلِكَ سُنَّة رَبّكُمْ فِي كُلّ مَنْ سَلَكَ سَبِيلهمْ فِي تَكْذِيب رُسُل رَبّهمْ , وَاَللَّه فَاعِل ذَلِكَ بِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ لَمْ تُبَادِرُوا الْإِنَابَة مِنْ كُفْركُمْ وَتَكْذِيبكُمْ رَسُول رَبّكُمْ .'; $TAFSEER['3']['27']['70'] = 'وَقَوْله : { وَلَا تَحْزَن عَلَيْهِمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلَا تَحْزَن عَلَى إِدْبَار هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ عَنْك وَتَكْذِيبهمْ لَك. يَقُول : وَلَا يَضِقْ صَدْرك مِنْ مَكْرهمْ بِك , فَإِنَّ اللَّه نَاصِرك عَلَيْهِمْ , وَمُهْلِكهمْ قَتْلًا بِالسَّيْفِ .'; $TAFSEER['3']['27']['71'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْد إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَقُول مُشْرِكُو قَوْمك يَا مُحَمَّد , الْمُكَذِّبُوك فِيمَا أَتَيْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك . { مَتَى } يَكُون { هَذَا الْوَعْد } الَّذِي تَعِدنَاهُ مِنْ الْعَذَاب , الَّذِي هُوَ بِنَا فِيمَا تَقُول حَالّ { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } فِيمَا تَعِدُونَنَا بِهِ .'; $TAFSEER['3']['27']['72'] = 'يَقُول جَلَّ جَلَاله : قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد : عَسَى أَنْ يَكُون اِقْتَرَبَ لَكُمْ وَدَنَا { بَعْض الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } مِنْ عَذَاب اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20606 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { قُلْ عَسَى أَنْ يَكُون رَدِفَ لَكُمْ } يَقُول : اِقْتَرَبَ لَكُمْ . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { قُلْ عَسَى أَنْ يَكُون رَدِفَ لَكُمْ بَعْض الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } يَقُول : اِقْتَرَبَ لَكُمْ بَعْض الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ . 20607 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { عَسَى أَنْ يَكُون رَدِفَ لَكُمْ } قَالَ : رَدِفَ : أُعْجِلَ لَكُمْ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { قُلْ عَسَى أَنْ يَكُون رَدِفَ لَكُمْ بَعْض الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } قَالَ : أَزِفَ . 20608 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { رَدِفَ لَكُمْ } اِقْتَرَبَ لَكُمْ. وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه دُخُول اللَّام فِي قَوْله : { رَدِفَ لَكُمْ } وَكَلَام الْعَرَب الْمَعْرُوف : رَدِفَهُ أَمْر , وَأَرْدَفَهُ , كَمَا يُقَال : تَبِعَهُ وَأَتْبَعَهُ , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : أَدْخَلَ اللَّام فِي ذَلِكَ فَأَضَافَ بِهَا الْفِعْل كَمَا يُقَال : { لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ } 12 43 و { لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ } 7 154 وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : أَدْخَلَ اللَّام فِي ذَلِكَ لِلْمَعْنَى , لِأَنَّ مَعْنَاهُ : دَنَا لَهُمْ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فَقُلْت لَهَا الْحَاجَات يَطْرَحْنَ بِالْفَتَى فَأَدْخَلَ الْبَاء فِي يَطْرَحْنَ , وَإِنَّمَا يُقَال طَرَحْته , لِأَنَّ مَعْنَى الطَّرْح : الرَّمْي , فَأَدْخَلَ الْبَاء لِلْمَعْنَى , إِذْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ يَرْمِينَ بِالْفَتَى , وَهَذَا الْقَوْل الثَّانِي هُوَ أَوْلَاهُمَا عِنْدِي بِالصَّوَابِ , وَقَدْ مَضَى الْبَيَان عَنْ نَظَائِره فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ الْكِتَاب بِمَا أَغْنَى عَنْ تَكْرَاره فِي هَذَا الْمَوْضِع. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { تَسْتَعْجِلُونَ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20609 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { رَدِفَ لَكُمْ بَعْض الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } قَالَ : مِنْ الْعَذَاب.'; $TAFSEER['3']['27']['73'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنَّ رَبّك لَذُو فَضْل عَلَى النَّاس وَلَكِنَّ أَكْثَرهمْ لَا يَشْكُرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَإِنَّ رَبّك } يَا مُحَمَّد { لَذُو فَضْل عَلَى النَّاس } بِتَرْكِهِ مُعَاجَلَتهمْ بِالْعُقُوبَةِ عَلَى مَعْصِيَتهمْ إِيَّاهُ , وَكُفْرهمْ بِهِ , وَذُو إِحْسَان إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ وَفِي غَيْره مِنْ نِعَمه عِنْدهمْ { وَلَكِنَّ أَكْثَرهمْ لَا يَشْكُرُونَ } عَلَى ذَلِكَ مِنْ إِحْسَانه وَفَضْله عَلَيْهِمْ , فَيُخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَة , وَلَكِنَّهُمْ يُشْرِكُونَ مَعَهُ فِي الْعِبَادَة مَا يَضُرّهُمْ وَلَا يَنْفَعهُمْ وَمَنْ لَا فَضْل لَهُ عِنْدهمْ وَلَا إِحْسَان .'; $TAFSEER['3']['27']['74'] = 'وَقَوْله : { وَإِنَّ رَبّك لَيَعْلَم مَا تُكِنّ صُدُورهمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } يَقُول : وَإِنَّ رَبّك لَيَعْلَم ضَمَائِر صُدُور خَلْقه , وَمَكْنُون أَنْفُسهمْ , وَخَفِيّ أَسْرَارهمْ , وَعَلَانِيَة أُمُورهمْ الظَّاهِرَة , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ ذَلِكَ , وَهُوَ مُحْصِيهَا عَلَيْهِمْ حَتَّى يُجَازِيَ جَمِيعهمْ بِالْإِحْسَانِ إِحْسَانًا وَبِالْإِسَاءَةِ جَزَاءَهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20610 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثني الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { وَإِنَّ رَبّك لَيَعْلَم مَا تُكِنّ صُدُورهمْ } قَالَ : السِّرّ .'; $TAFSEER['3']['27']['75'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا مِنْ غَائِبَة فِي السَّمَاء وَالْأَرْض إِلَّا فِي كِتَاب مُبِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَمَا مِنْ } مَكْتُوم سِرّ وَخَفِيّ أَمْر يَغِيب عَنْ أَبْصَار النَّاظِرِينَ { فِي السَّمَاء وَالْأَرْض إِلَّا فِي كِتَاب } وَهُوَ أُمّ الْكِتَاب الَّذِي أَثْبَتَ رَبّنَا فِيهِ كُلّ مَا هُوَ كَائِن مِنْ لَدُنْ اِبْتَدَأَ خَلْق خَلَقَهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { مُبِين } أَنَّهُ يُبَيِّن لِمَنْ نَظَرَ إِلَيْهِ , وَقَرَأَ مَا فِيهِ مِمَّا أَثْبَتَ فِيهِ رَبّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20611 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَا مِنْ غَائِبَة فِي السَّمَاء وَالْأَرْض إِلَّا فِي كِتَاب مُبِين } يَقُول : مَا مِنْ شَيْء فِي السَّمَاء وَالْأَرْض سِرّ وَلَا عَلَانِيَة إِلَّا يَعْلَمهُ .'; $TAFSEER['3']['27']['76'] = 'وَقَوْله : { إِنَّ هَذَا الْقُرْآن يَقُصّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل أَكْثَر الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ هَذَا الْقُرْآن الَّذِي أَنْزَلْته إِلَيْك يَا مُحَمَّد يَقُصّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل الْحَقّ فِي أَكْثَر الْأَشْيَاء الَّتِي اِخْتَلَفُوا فِيهَا , وَذَلِكَ كَاَلَّذِي اِخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ أَمْر عِيسَى , فَقَالَتْ الْيَهُود فِيهِ مَا قَالَتْ , وَقَالَتْ النَّصَارَى فِيهِ مَا قَالَتْ , وَتَبَرَّأَ لِاخْتِلَافِهِمْ فِيهِ هَؤُلَاءِ مِنْ هَؤُلَاءِ , وَهَؤُلَاءِ مِنْ هَؤُلَاءِ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأُمُور الَّتِي اِخْتَلَفُوا فِيهَا , فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَهُمْ : إِنَّ هَذَا الْقُرْآن يَقُصّ عَلَيْكُمْ الْحَقّ فِيمَا اِخْتَلَفْتُمْ فِيهِ فَاتَّبَعُوهُ , وَأَقَرُّوا لِمَا فِيهِ , فَإِنَّهُ يَقُصّ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ , وَيَهْدِيكُمْ إِلَى سَبِيل الرَّشَاد.'; $TAFSEER['3']['27']['77'] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ هَذَا الْقُرْآن لَهُدًى , يَقُول : لَبَيَان مِنْ اللَّه , بَيَّنَ بِهِ الْحَقّ فِيمَا اِخْتَلَفَ فِيهِ خَلْقه مِنْ أُمُور دِينهمْ . يَقُول : وَرَحْمَة لِمَنْ صَدَّقَ بِهِ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ .'; $TAFSEER['3']['27']['78'] = 'يَقُول : إِنَّ رَبّك يَقْضِي بَيْن الْمُخْتَلِفِينَ مِنْ بَيْن إِسْرَائِيل بِحُكْمِهِ فِيهِمْ , فَيَنْتَقِم مِنْ الْمُبْطِل مِنْهُمْ , وَيُجَازِي الْمُحْسِن مِنْهُمْ الْمُحِقّ بِجَزَائِهِ . يَقُول : وَرَبّك الْعَزِيز فِي اِنْتِقَامه مَنْ الْمُبْطِل مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرهمْ , لَا يَقْدِر أَحَد عَلَى مَنْعه مِنْ الِانْتِقَام مِنْهُ إِذَا اِنْتَقَمَ الْعَلِيم بِالْمُحِقِّ الْمُحْسِن مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُخْتَلِفِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل فِيمَا اِخْتَلَفُوا فِيهِ , وَمِنْ غَيْرهمْ مِنْ الْمُبْطِل الضَّالّ عَنْ الْهُدَى .'; $TAFSEER['3']['27']['79'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَفَوِّضْ إِلَى اللَّه يَا مُحَمَّد أُمُورك , وَثِقْ بِهِ فِيهَا , فَإِنَّهُ كَافِيك. { إِنَّك عَلَى الْحَقّ الْمُبِين } لِمَنْ تَأَمَّلَهُ , وَفَكَّرَ مَا فِيهِ بِعَقْلٍ , وَتَدَبَّرَهُ بِفَهْمٍ , أَنَّهُ الْحَقّ , دُون مَا عَلَيْهِ الْيَهُود وَالنَّصَارَى الْمُخْتَلِفُونَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , وَدُون مَا عَلَيْهِ أَهْل الْأَوْثَان الْمُكَذِّبُوك فِيمَا أَتَيْتهمْ بِهِ مِنْ الْحَقّ , يَقُول : فَلَا يَحْزُنك تَكْذِيب مَنْ كَذَّبَك , وَخِلَاف مَنْ خَالَفَك , وَامْضِ لِأَمْرِ رَبّك الَّذِي بَعَثَك بِهِ .'; $TAFSEER['3']['27']['80'] = 'وَقَوْله : { إِنَّك لَا تُسْمِع الْمَوْتَى } يَقُول : إِنَّك يَا مُحَمَّد لَا تَقْدِر أَنْ تَفْهَم الْحَقّ مَنْ طَبَعَ اللَّه عَلَى قَلْبه فَأَمَاتَهُ , لِأَنَّ اللَّه قَدْ خَتَمَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَفْهَمهُ . يَقُول : وَلَا تَقْدِر أَنْ تُسْمِع ذَلِكَ مَنْ أَصَمّ اللَّه عَنْ سَمَاعه سَمْعه . يَقُول : إِذَا هُمْ أَدْبَرُوا مُعْرِضِينَ عَنْهُ , لَا يَسْمَعُونَ لَهُ لِغَلَبَةِ دِين الْكُفْر عَلَى قُلُوبهمْ , وَلَا يُصْغُونَ لِلْحَقِّ , وَلَا يَتَدَبَّرُونَهُ , وَلَا يُنْصِتُونَ لِقَائِلِهِ , وَلَكِنَّهُمْ يُعْرِضُونَ عَنْهُ , وَيُنْكِرُونَ الْقَوْل بِهِ , وَالِاسْتِمَاع لَهُ.'; $TAFSEER['3']['27']['81'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْي عَنْ ضَلَالَتهمْ } اِخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : { وَمَا أَنْتَ بِهَادِي } بِالْيَاءِ وَالْأَلِف وَإِضَافَته إِلَى الْعُمْي بِمَعْنَى : لَسْت يَا مُحَمَّد بِهَادِي مَنْ عَمِيَ عَنْ الْحَقّ { عَنْ ضَلَالَته } . وَقِرَاءَة عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة " وَمَا أَنْتَ تَهْدِي الْعُمْي " بِالتَّاءِ وَنَصَب الْعُمْي , بِمَعْنَى : وَلَسْت تَهْدِيهِمْ { عَنْ ضَلَالَتهمْ } وَلَكِنَّ اللَّه يَهْدِيهِمْ إِنْ شَاءَ . وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى مَشْهُورَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . وَتَأْوِيل الْكَلَام مَا وَصَفْت { وَمَا أَنْتَ } يَا مُحَمَّد { بِهَادِي } مَنْ أَعْمَاهُ اللَّه عَنْ الْهُدَى وَالرَّشَاد فَجَعَلَ عَلَى بَصَره غِشَاوَة أَنْ يَتَبَيَّن سَبِيل الرَّشَاد عَنْ ضَلَالَته الَّتِي هُوَ فِيهَا إِلَى طَرِيق الرَّشَاد وَسَبِيل الرَّشَاد. وَقَوْله : { إِنْ تُسْمِع إِلَّا مَنْ يُؤْمِن بِآيَاتِنَا } يَقُول : مَا تَقْدِر أَنْ تُفْهِم الْحَقّ وَتُوعِيه أَحَدًا إِلَّا سَمْع مَنْ يُصَدِّق بِآيَاتِنَا , يَعْنِي بِأَدِلَّتِهِ وَحُجَجه وَآي تَنْزِيله { فَهُمْ مُسْلِمُونَ } فَإِنَّ أُولَئِكَ يَسْمَعُونَ مِنْك مَا تَقُول وَيَتَدَبَّرُونَهُ , وَيُفَكِّرُونَ فِيهِ , وَيَعْمَلُونَ بِهِ , فَهُمْ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ .'; $TAFSEER['3']['27']['82'] = 'سَقَطَ كَلَام الْمُصَنِّف فِي تَأْوِيل هَذِهِ الْآيَة , وَيَدُلّ عَلَيْهِ إِيرَاد كَلَام أَهْل التَّأْوِيل فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ مِثْل الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْله تَعَالَى : { وَقَعَ } 20612 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْل عَلَيْهِمْ } قَالَ : حَقَّ عَلَيْهِمْ . 20613 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْل عَلَيْهِمْ } يَقُول : إِذَا وَجَبَ الْقَوْل عَلَيْهِمْ. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَقَعَ الْقَوْل عَلَيْهِمْ } قَالَ : حَقَّ الْعَذَاب . قَالَ اِبْن جُرَيْج : الْقَوْل : الْعَذَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ قَوْلنَا فِي مَعْنَى الْقَوْل : 20614 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْل عَلَيْهِمْ } وَالْقَوْل : الْغَضَب . 20615 - حَدَّثني يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ هِشَام , عَنْ حَفْصَة , قَالَتْ : سَأَلْت أَبَا الْعَالِيَة , عَنْ قَوْله : { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْل عَلَيْهِمْ } فَقَالَ : أَوْحَى اللَّه إِلَى نُوح { أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِن مِنْ قَوْمك إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ } 11 36 قَالَتْ : فَكَأَنَّمَا كَانَ عَلَى وَجْهِي غِطَاء فَكُشِفَ. وَقَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْعِلْم : خُرُوج هَذِهِ الدَّابَّة الَّتِي ذَكَرَهَا حِين لَا يَأْمُر النَّاس بِمَعْرُوفٍ وَلَا يَنْهَوْنَ عَنْ مُنْكَر. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20616 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَمْرو بْن قَيْس , عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ , عَنْ اِبْن عُمَر فِي قَوْله : { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْل عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّة مِنْ الْأَرْض } قَالَ : هُوَ حِين لَا يَأْمُرُونَ بِمَعْرُوفٍ وَلَا يَنْهَوْنَ عَنْ مُنْكَر . * - حَدَّثني يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن أَبُو الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن قَيْس الْمُلَائِيّ , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ اِبْن عُمَر , فِي قَوْله : { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْل عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّة مِنْ الْأَرْض } قَالَ : ذَاكَ إِذَا تُرِكَ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو بْن قَيْس , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ اِبْن عُمَر , فِي قَوْله : { أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّة مِنْ الْأَرْض تُكَلِّمهُمْ } قَالَ : حِين لَا يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ , وَلَا يَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَر. 20617 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو الْمَقْدِسِيّ , قَالَ : ثَنَا أَشْعَث بْن عَبْد اللَّه السِّجِسْتَانِيّ , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ عَطِيَّة , فِي قَوْله : { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْل عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّة مِنْ الْأَرْض تُكَلِّمهُمْ } قَالَ : إِذَا لَمْ يَعْرِفُوا مَعْرُوفًا , وَلَمْ يُنْكِرُوا مُنْكَرًا . وَذُكِرَ أَنَّ الْأَرْض الَّتِي تَخْرُج مِنْهَا الدَّابَّة مَكَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20618 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثني الْأَشْجَعِيّ , عَنْ فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : تَخْرُج الدَّابَّة مِنْ صَدْع فِي الصَّفَا كَجَرْيِ الْفَرَس ثَلَاثَة أَيَّام وَمَا خَرَجَ ثُلُثهَا . 20619 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا الْحَكَم بْن بَشِير , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن قَيْس , عَنْ الْفُرَات الْقَزَّاز , عَنْ عَامِر بْن وَاثِلَة أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ حُذَيْفَة بْن أُسَيْد الْغِفَارِيّ , قَالَ : إِنَّ الدَّابَّة حِين تَخْرُج يَرَاهَا بَعْض النَّاس فَيَقُولُونَ : وَاَللَّه لَقَدْ رَأَيْنَا الدَّابَّة , حَتَّى يَبْلُغ ذَلِكَ الْإِمَام , فَيَطْلُب فَلَا يَقْدِر عَلَى شَيْء . قَالَ : ثُمَّ تَخْرُج فَيَرَاهَا النَّاس , فَيَقُولُونَ : وَاَللَّه لَقَدْ رَأَيْنَاهَا , فَيَبْلُغ ذَلِكَ الْإِمَام فَيَطْلُب فَلَا يَرَى شَيْئًا , فَيَقُول : أَمَا إِنِّي إِذَا حَدَثَ الَّذِي يَذْكُرهَا قَالَ : حَتَّى يُعَدّ فِيهَا الْقَتْل , قَالَ : فَتَخْرُج , فَإِذَا رَآهَا النَّاس دَخَلُوا الْمَسْجِد يُصَلُّونَ , فَتَجِيء إِلَيْهِمْ فَتَقُول : الْآن تُصَلُّونَ , فَتَخْطِم الْكَافِر , وَتَمْسَح عَلَى جَبِين الْمُسْلِم غُرَّة , قَالَ : فَيَعِيش النَّاس زَمَانًا يَقُول هَذَا : يَا مُؤْمِن , وَهَذَا : يَا كَافِر . 20620 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا عُثْمَان بْن مَطَر , عَنْ وَاصِل مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَة , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ حُذَيْفَة , وَأَبِي سُفْيَان , ثَنَا عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَيْس بْن سَعْد , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ حُذَيْفَة بْن أُسَيْد , فِي قَوْله : { أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّة مِنْ الْأَرْض تُكَلِّمهُمْ } قَالَ : لِلدَّابَّةِ ثَلَاث خَرْجَات : خَرْجَة فِي بَعْض الْبَوَادِي ثُمَّ تَكْمُن , وَخَرْجَة فِي بَعْض الْقُرَى حِين يُهَرِيق فِيهَا الْأُمَرَاء الدِّمَاء , ثُمَّ تَكْمُن , فَبَيْنَا النَّاس عِنْد أَشْرَف الْمَسَاجِد وَأَعْظَمهَا وَأَفْضَلهَا , إِذْ اِرْتَفَعَتْ بِهِمْ الْأَرْض , فَانْطَلَقَ النَّاس هِرَابًا , وَتَبْقَى طَائِفَة مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , وَيَقُولُونَ : إِنَّهُ لَا يُنْجِينَا مِنْ اللَّه شَيْء , فَتَخْرُج عَلَيْهِمْ الدَّابَّة تَجْلُو وُجُوههمْ مِثْل الْكَوْكَب الدُّرِّيّ ثُمَّ تَنْطَلِق فَلَا يُدْرِكهَا طَالِب وَلَا يَفُوتهَا هَارِب , وَتَأْتِي الرَّجُل يُصَلِّي , فَتَقُول : وَاَللَّه مَا كُنْت مِنْ أَهْل الصَّلَاة , فَيَلْتَفِت إِلَيْهَا فَتَخْطِمهُ , قَالَ : تَجْلُو وَجْه الْمُؤْمِن , وَتَخْطِم الْكَافِر , قُلْنَا : فَمَا النَّاس يَوْمئِذٍ ؟ قَالَ : جِيرَان فِي الرِّبَاع , وَشُرَكَاء فِي الْأَمْوَال , وَأَصْحَاب فِي الْأَسْفَار . 20621 - حَدَّثني أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ الْوَلِيد بْن جُمَيْع عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن الْمُغِيرَة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْبَيْلَمَانِيّ , عَنْ اِبْن عُمَر : يَبِيت النَّاس يَسِيرُونَ إِلَى جَمْع , وَتَبِيت دَابَّة الْأَرْض تُسَايِرهُمْ , فَيُصْبِحُونَ وَقَدْ خَطَمَتْهُمْ مِنْ رَأْسهَا وَذَنَبهَا , فَمَا مِنْ مُؤْمِن إِلَّا مَسَحَتْهُ , وَلَا مِنْ كَافِر وَلَا مُنَافِق إِلَّا تَخْبِطهُ . 20622 - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا الْخَيْبَرِيّ , عَنْ حَيَّان بْن عُمَيْر , عَنْ حَسَّان بْن حِمَّصَة , قَالَ : سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن عَمْرو يَقُول : لَوْ شِئْت لَانْتَعَلْت بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ , فَلَمْ أَمَسّ الْأَرْض قَاعِدًا حَتَّى أَقِف عَلَى الْأَحْجَار الَّتِي تَخْرُج الدَّابَّة مِنْ بَيْنهَا , وَلَكَأَنِّي بِهَا قَدْ خَرَجَتْ فِي عَقِب رَكْب مِنْ الْحَاجّ , قَالَ : فَمَا حَجَجْت قَطُّ إِلَّا خِفْت تَخْرُج بِعَقِبِنَا . * - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد الْآمُلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ هِشَام , عَنْ قَيْس بْن سَعْد , عَنْ عَطَاء , قَالَ : رَأَيْت عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , وَكَانَ مَنْزِله قَرِيبًا مِنْ الصَّفَا , رَفَعَ قَدَمه وَهُوَ قَائِم , وَقَالَ : لَوْ شِئْت لَمْ أَضَعهَا حَتَّى أَضَعهَا عَلَى الْمَكَان الَّذِي تَخْرُج مِنْهُ الدَّابَّة . 20623 -حَدَّثَنَا عِصَام بْن رَوَّاد بْن الْجَرَّاح , قَالَ : ثَنَا أَبِي , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان بْن سَعِيد الثَّوْرِيّ , قَالَ : ثَنَا مَنْصُور بْن الْمُعْتَمِر , عَنْ رِبْعِيّ بْن حِرَاش , قَالَ : سَمِعْت حُذَيْفَة بْن الْيَمَان يَقُول : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : وَذَكَرَ الدَّابَّة , فَقَالَ حُذَيْفَة : قُلْت يَا رَسُول اللَّه , مِنْ أَيْنَ تَخْرُج ؟ قَالَ : " مَنْ أَعْظَم الْمَسَاجِد حُرْمَة عَلَى اللَّه , بَيْنَمَا عِيسَى يَطُوف بِالْبَيْتِ وَمَعَهُ الْمُسْلِمُونَ , إِذْ تَضْطَرِب الْأَرْض تَحْتهمْ , تَحَرَّكَ الْقِنْدِيل , وَيَنْشَقّ الصَّفَا مِمَّا يَلِي الْمَسْعَى , وَتَخْرُج الدَّابَّة مِنْ الصَّفَا أَوَّل مَا يَبْدُو رَأْسهَا مُلَمَّعَة ذَات وَبَر وَرِيش , لَمْ يُدْرِكهَا طَالِب , وَلَنْ يَفُوتهَا هَارِب , تَسِم النَّاس مُؤْمِن وَكَافِر , أَمَّا الْمُؤْمِن فَتَتْرُك وَجْهه كَأَنَّهُ كَوْكَب دُرِّيّ , وَتَكْتُب بَيْن عَيْنَيْهِ مُؤْمِن , وَأَمَّا الْكُفَّار فَتَنْكُت بَيْن عَيْنَيْهِ نُكْتَة سَوْدَاء كَافِر ". 20624 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو الْحُسَيْن , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد بْن جُدْعَان , عَنْ أَوْس بْن خَالِد , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تَخْرُج الدَّابَّة مَعَهَا خَاتَم سُلَيْمَان وَعَصَا مُوسَى , فَتَجْلُو وَجْه الْمُؤْمِن بِالْعَصَا , وَتَخْتِم أَنْف الْكَافِر بِالْخَاتَمِ , حَتَّى إِنَّ أَهْل الْبَيْت لَيَجْتَمِعُونَ فَيَقُول هَذَا . يَا مُؤْمِن , وَيَقُول هَذَا : يَا كَافِر ". 20625 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : هِيَ دَابَّة ذَات زَغَب وَرِيش , وَلَهَا أَرْبَع قَوَائِم تَخْرُج مِنْ بَعْض أَوْدِيَة تِهَامَة , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر : إِنَّهَا تَنْكُت فِي وَجْه الْكَافِر نُكْتَة سَوْدَاء , فَتَفْشُو فِي وَجْهه , فَيَسْوَدّ وَجْهه , وَتَنْكُت فِي وَجْه الْمُؤْمِن نُكْتَة بَيْضَاء فَتَفْشُو فِي وَجْهه , حَتَّى يَبْيَضّ وَجْهه , فَيَجْلِس أَهْل الْبَيْت عَلَى الْمَائِدَة , فَيَعْرِفُونَ الْمُؤْمِن مِنْ الْكَافِر , وَيَتَبَايَعُونَ فِي الْأَسْوَاق , فَيَعْرِفُونَ الْمُؤْمِن مِنْ الْكَافِر . 20626 - حَدَّثني اِبْن عَبْد الرَّحِيم الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : ثَنَا اِبْن لَهِيعَة وَيَحْيَى بْن أَيُّوب , قَالَا : ثَنَا اِبْن الْهَاد , عَنْ عُمَر بْن الْحَكَم , أَنَّهُ سَمِعَ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو يَقُول : تَخْرُج الدَّابَّة مِنْ شِعْب , فَيَمَسّ رَأْسهَا السَّحَاب , وَرِجْلَاهَا فِي الْأَرْض مَا خَرَجَتَا , فَتَمُرّ بِالْإِنْسَانِ يُصَلِّي , فَتَقُول : مَا الصَّلَاة مِنْ حَاجَتك فَتَخْطِمهُ . 20627 - حَدَّثَنَا صَالِح بْن مِسْمَار , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي فُدَيْك , قَالَ : ثَنَا يَزِيد بْن عِيَاض , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , قَالَ : تَخْرُج دَابَّة الْأَرْض وَمَعَهَا خَاتَم سُلَيْمَان وَعَصَا مُوسَى , فَأَمَّا الْكَافِر فَتَخْتِم بَيْن عَيْنَيْهِ بِخَاتَمِ سُلَيْمَان , وَأَمَّا الْمُؤْمِن فَتَمْسَح وَجْهه بِعَصَا مُوسَى فَيَبْيَضّ . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { تُكَلِّمهُمْ } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { تُكَلِّمهُمْ } بِضَمِّ التَّاء وَتَشْدِيد اللَّام , بِمَعْنَى تُخْبِرهُمْ وَتُحَدِّثهُمْ , وَقَرَأَهُ أَبُو زُرْعَة بْن عَمْرو : " تَكْلَمهُمْ " بِفَتْحِ التَّاء وَتَخْفِيف اللَّام بِمَعْنَى : تَسِمهُمْ. وَالْقِرَاءَة الَّتِي لَا أَسَتُجِيزُ غَيْرهَا فِي ذَلِكَ مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20628 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّة مِنْ الْأَرْض تُكَلِّمهُمْ } قَالَ : تُحَدِّثهُمْ . 20629 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّة مِنْ الْأَرْض تُكَلِّمهُمْ } وَهِيَ فِي بَعْض الْقِرَاءَة " تُحَدِّثهُمْ " تَقُول لَهُمْ : { أَنَّ النَّاس كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ } . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { تُكَلِّمهُمْ } قَالَ : كَلَامهَا تُنَبِّئهُمْ { أَنَّ النَّاس كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ } . وَقَوْله : { أَنَّ النَّاس كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْبَصْرَة وَالشَّام : " إِنَّ النَّاس " بِكَسْرِ الْأَلِف مِنْ " إِنَّ " عَلَى وَجْه الِابْتِدَاء بِالْخَبَرِ عَنْ النَّاس أَنَّهُمْ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّه لَا يُوقِنُونَ ; وَهِيَ وَإِنْ كُسِرَتْ فِي قِرَاءَة هَؤُلَاءِ فَإِنَّ الْكَلَام لَهَا مُتَنَاوِل . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَبَعْض أَهْل الْبَصْرَة : { أَنَّ النَّاس كَانُوا } بِفَتْحِ أَنَّ بِمَعْنَى : تُكَلِّمهُمْ بِأَنَّ النَّاس , فَيَكُون حِينَئِذٍ نَصَب بِوُقُوعِ الْكَلَام عَلَيْهَا . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .'; $TAFSEER['3']['27']['83'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْم نَحْشُر مِنْ كُلّ أُمَّة فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّب بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَوْم نَجْمَع مِنْ كُلّ قَرْن وَمِلَّة فَوْجًا , يَعْنِي جَمَاعَة مِنْهُمْ , وَزُمْرَة { مِمَّنْ يُكَذِّب بِآيَاتِنَا } يَقُول : مِمَّنْ يُكَذِّب بِأَدِلَّتِنَا وَحُجَجنَا , فَهُوَ يَحْبِس أَوَّلهمْ عَلَى آخِرهمْ , لِيَجْتَمِع جَمِيعهمْ , ثُمَّ يُسَاقُونَ إِلَى النَّار . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20630 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَيَوْم نَحْشُر مِنْ كُلّ أُمَّة فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّب بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ } يَعْنِي : الشِّيعَة عِنْد الْحَشْر . 20631 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { مِنْ كُلّ أُمَّة فَوْجًا } قَالَ : زُمْرَة. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { نَحْشُر مِنْ كُلّ أُمَّة فَوْجًا } قَالَ : زُمْرَة زُمْرَة { فَهُمْ يُوزَعُونَ }. 20632 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { مِمَّنْ يُكَذِّب بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ } قَالَ : يَقُول : فَهُمْ يَدْفَعُونَ . 20633 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { فَهُمْ يُوزَعُونَ } قَالَ : يُحْبَس أَوَّلهمْ عَلَى آخِرهمْ . 20634 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَهُمْ يُوزَعُونَ } قَالَ : وَزَعَة تَرُدّ أُولَاهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ . وَقَدْ بَيَّنْت مَعْنَى قَوْله : { يُوزَعُونَ } فِيمَا مَضَى قَبْل بِشَوَاهِدِهِ , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .'; $TAFSEER['3']['27']['84'] = 'وَقَوْله : { حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : حَتَّى إِذَا جَاءَ مِنْ كُلّ أُمَّة فَوْج مِمَّنْ يُكَذِّب بِآيَاتِنَا فَاجْتَمَعُوا قَالَ اللَّه : { أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي } أَيْ بِحُجَجِي وَأَدِلَّتِي { وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا } يَقُول وَلَمْ تَعْرِفُوهَا حَقّ مَعْرِفَتهَا ؟ { أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } فِيهَا مِنْ تَكْذِيب أَوْ تَصْدِيق .'; $TAFSEER['3']['27']['85'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَوَقَعَ الْقَوْل عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَوَجَبَ السُّخْط وَالْغَضَب مِنْ اللَّه عَلَى الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِهِ { بِمَا ظَلَمُوا } يَعْنِي بِتَكْذِيبِهِمْ بِآيَاتِ اللَّه , يَوْم يُحْشَرُونَ . يَقُول : فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ بِحُجَّةٍ يَدْفَعُونَ بِهَا عَنْ أَنْفُسهمْ عَظِيم مَا حَلَّ بِهِمْ وَوَقَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْقَوْل .'; $TAFSEER['3']['27']['86'] = 'وَقَوْله : { أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْل لِيَسْكُنُوا فِيهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَلَمْ يَرَ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِآيَاتِنَا تَصْرِيفنَا اللَّيْل وَالنَّهَار , وَمُخَالَفَتنَا بَيْنهمَا بِتَصْيِيرِنَا هَذَا سَكَنًا لَهُمْ يَسْكُنُونَ فِيهِ , وَيَهْدَءُونَ رَاحَة أَبْدَانهمْ مِنْ تَعَب التَّصَرُّف وَالتَّقَلُّب نَهَارًا , وَهَذَا مُضِيئًا يُبْصِرُونَ فِيهِ الْأَشْيَاء وَيُعَايِنُونَهَا فَيَتَقَلَّبُونَ فِيهِ لِمَعَايِشِهِمْ , فَيَتَفَكَّرُوا فِي ذَلِكَ , وَيَتَدَبَّرُوا , وَيَعْلَمُوا أَنَّ مُصَرِّف ذَلِكَ كَذَلِكَ هُوَ الْإِلَه الَّذِي لَا يُعْجِزهُ شَيْء , وَلَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ إِمَاتَة الْأَحْيَاء , وَإِحْيَاء الْأَمْوَات بَعْد الْمَمَات , كَمَا لَمْ يَتَعَذَّر عَلَيْهِ الذَّهَاب بِالنَّهَارِ وَالْمَجِيء بِاللَّيْلِ , وَالْمَجِيء بِالنَّهَارِ وَالذَّهَاب بِاللَّيْلِ مَعَ اِخْتِلَاف أَحْوَالهمَا . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي تَصْيِيرنَا اللَّيْل سَكَنًا , وَالنَّهَار مُبْصِرًا لَدَلَالَة لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ عَلَى قُدْرَته عَلَى مَا آمَنُوا بِهِ مِنْ الْبَعْث بَعْد الْمَوْت , وَحُجَّة لَهُمْ عَلَى تَوْحِيد اللَّه.'; $TAFSEER['3']['27']['87'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْم يُنْفَخ فِي الصُّور } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْم يُنْفَخ فِي الصُّور } وَقَدْ ذَكَرْنَا اِخْتِلَافهمْ فِيمَا مَضَى , وَبَيَّنَّا الصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا بِشَوَاهِدِهِ , غَيْر أَنَّا نَذْكُر فِي هَذَا الْمَوْضِع بَعْض مَا لَمْ يُذْكَر هُنَاكَ مِنْ الْأَخْبَار , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ قَرْن يُنْفَخ فِيهِ . ذِكْر بَعْض مَنْ لَمْ يُذْكَر فِيمَا مَضَى قَبْل مِنْ الْخَبَر عَنْ ذَلِكَ : 20635 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : { وَيَوْم يُنْفَخ فِي الصُّور } قَالَ كَهَيْئَةِ الْبُوق . 20636 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الصُّور : الْبُوق قَالَ : هُوَ الْبُوق صَاحِبه آخِذ بِهِ يَقْبِض قَبْضَتَيْنِ بِكَفَّيْهِ عَلَى طَرَف الْقَرْن بَيْن طَرَفه , وَبَيْن فِيهِ قَدْر قَبْضَة أَوْ نَحْوهَا , قَدْ بَرَكَ عَلَى رُكْبَة إِحْدَى رِجْلَيْهِ , فَأَشَارَ , فَبَرَكَ عَلَى رُكْبَة يَسَاره مُقْعِيًا عَلَى قَدَمهَا عَقِبهَا تَحْت فَخِذه وَأَلْيَته وَأَطْرَاف أَصَابِعهَا فِي التُّرَاب . 20637 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : الصُّور كَهَيْئَةِ الْقَرْن قَدْ رَفَعَ إِحْدَى رُكْبَتَيْهِ إِلَى السَّمَاء , وَخَفَضَ الْأُخْرَى , لَمْ يُلْقِ جُفُون عَيْنه عَلَى غَمْض مُنْذُ خَلَقَ اللَّه السَّمَوَات مُسْتَعِدًّا مُسْتَجِدًّا , قَدْ وَضَعَ الصُّور عَلَى فِيهِ يَنْتَظِر مَتَى يُؤْمَر أَنْ يَنْفُخ فِيهِ . 20638 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الْمُحَارِبِيّ , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَافِع الْمَدَنِيّ , عَنْ يَزِيد بْن زِيَاد - قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب : يَزِيد بْن أَبِي زِيَاد - عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , عَنْ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار عَنْ أَبِي هُرَيْرَة : أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا رَسُول اللَّه , مَا الصُّور ؟ قَالَ : " قَرْن " , قَالَ : وَكَيْفَ هُوَ ؟ قَالَ : " قَرْن عَظِيم يُنْفَخ فِيهِ ثَلَاث نَفَخَات : الْأُولَى : نَفْخَة الْفَزَع , وَالثَّانِيَة : نَفْخَة الصَّعْق , وَالثَّالِثَة : نَفْخَة الْقِيَام لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ , يَأْمُر اللَّه إِسْرَافِيل بِالنَّفْخَةِ الْأُولَى , فَيَقُول : اُنْفُخْ نَفْخَة الْفَزَع , فَيَنْفُخ نَفْخَة الْفَزَع , فَيَفْزَع أَهْل السَّمَاوَات وَأَهْل الْأَرْض , إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه , وَيَأْمُرهُ اللَّه فَيَمُدّ بِهَا وَيُطَوِّلهَا , فَلَا يَفْتُر , وَهِيَ الَّتِي يَقُول اللَّه : { مَا يَنْظُر هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة مَا لَهَا مِنْ فَوَاق } 38 15 فَيُسَيِّر اللَّه الْجِبَال , فَتَكُون سَرَبًا , وَتُرَجّ الْأَرْض بِأَهْلِهَا رَجًّا , وَهِيَ الَّتِي يَقُول اللَّه : { يَوْم تَرْجُف الرَّاجِفَة تَتْبَعهَا الرَّادِفَة قُلُوب يَوْمئِذٍ وَاجِفَة } 79 6 : 8 فَتَكُون الْأَرْض كَالسَّفِينَةِ الْمُوثَقَة فِي الْبَحْر , تَضْرِبهَا الْأَمْوَاج , تُكْفَأ بِأَهْلِهَا , أَوْ كَالْقِنْدِيلِ الْمُعَلَّق بِالْوَتَرِ , تَجُحّهُ الْأَرْيَاح , فَتَمِيد النَّاس عَلَى ظَهْرهَا , فَتَذْهَل الْمَرَاضِع , وَتَضَع الْحَوَامِل , وَتَشِيب الْوِلْدَان , وَتَطِير الشَّيَاطِين هَارِبَة , حَتَّى تَأْتِيَ الْأَقْطَار , فَتَتَلَقَّاهَا الْمَلَائِكَة , فَتَضْرِب وُجُوههَا , فَتَرْجِع , وَيُوَلِّي النَّاس مُدْبِرِينَ يُنَادِي بَعْضهمْ بَعْضًا , وَهُوَ الَّذِي يَقُول اللَّه : { يَوْم التَّنَاد يَوْم تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنْ اللَّه مِنْ عَاصِم وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } 40 32 : 33 فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ تَصَدَّعَتْ الْأَرْض مِنْ قُطْر إِلَى قُطْر , فَرَأَوْا أَمْرًا عَظِيمًا , فَأَخَذَهُمْ لِذَلِكَ مِنْ الْكَرْب مَا اللَّه أَعْلَم بِهِ , ثُمَّ نَظَرُوا إِلَى السَّمَاء , فَإِذَا هِيَ كَالْمُهْلِ , ثُمَّ خَسَفَ شَمْسهَا وَقَمَرهَا , وَانْتَثَرَتْ نُجُومهَا , ثُمَّ كُشِطَتْ عَنْهُمْ ". قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَالْأَمْوَات لَا يَعْلَمُونَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ " , فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة : يَا رَسُول اللَّه , فَمَنْ اِسْتَثْنَى اللَّه حِين يَقُول : { فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَات وَمَنْ فِي الْأَرْض إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه } قَالَ : " أُولَئِكَ الشُّهَدَاء , وَإِنَّمَا يَصِل الْفَزَع إِلَى الْأَحْيَاء , أُولَئِكَ أَحْيَاء عِنْد رَبّهمْ يُرْزَقُونَ , وَقَاهُمْ اللَّه فَزَع ذَلِكَ الْيَوْم وَآمَنَهُمْ , وَهُوَ عَذَاب اللَّه يَبْعَثهُ عَلَى شِرَار خَلْقه ". * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل بْن رَافِع , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا فَرَغَ مِنْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض , خَلَقَ الصُّور , فَأَعْطَاهُ مَلَكًا , فَهُوَ وَاضِعه عَلَى فِيهِ , شَاخِص بِبَصَرِهِ الْعَرْش , يَنْتَظِر مَتَى يُؤْمَر ". قَالَ : قُلْت : يَا رَسُول اللَّه , وَمَا الصُّور ؟ قَالَ : " قَرْن " , قُلْت : فَكَيْفَ هُوَ ؟ قَالَ : " عَظِيم , وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , إِنَّ عَظَم دَائِرَة فِيهِ , لَكَعَرْضِ السَّمَاوَات وَالْأَرْض , يَأْمُرهُ فَيَنْفُخ نَفْخَة الْفَزَع , فَيَفْزَع أَهْل السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه " , ثُمَّ ذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيث نَحْو حَدِيث أَبِي كُرَيْب عَنْ الْمُحَارِبِيّ , غَيْر أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثه " كَالسَّفِينَةِ الْمُرْفَأَة فِي الْبَحْر " . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَنُفِخَ فِي صُور الْخَلْق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20639 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَيَوْم يُنْفَخ فِي الصُّور } أَيْ فِي الْخَلْق , قَوْله : { فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَات وَمَنْ فِي الْأَرْض } يَقُول : فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَات مِنْ الْمَلَائِكَة وَمَنْ فِي الْأَرْض مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس وَالشَّيَاطِين , مِنْ هَوْل مَا يُعَايِنُونَ ذَلِكَ الْيَوْم. فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ : فَفَزِعَ , فَجَعَلَ فَزِعَ وَهِيَ فَعِلَ مَرْدُودَة عَلَى يُنْفَخ , وَهِيَ يُفْعَل ؟ قِيلَ : الْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ فِي الْمَوَاضِع الَّتِي تَصْلُح فِيهَا إِذَا , لِأَنَّ إِذَا يَصْلُح مَعَهَا فَعَلَ وَيَفْعَل , كَقَوْلِك : أَزُورك إِذَا زُرْتنِي , وَأَزُورك إِذَا تَزُورنِي , فَإِذَا وُضِعَ مَكَان إِذَا يَوْم أُجْرِيَ مَجْرَى إِذَا. فَإِنْ قِيلَ : فَأَيْنَ جَوَاب قَوْله : { وَيَوْم يُنْفَخ فِي الصُّور فَفَزِعَ } قِيلَ : جَائِز أَنْ يَكُون مُضْمَرًا مَعَ الْوَاو , كَأَنَّهُ قِيلَ : وَوَقَعَ الْقَوْل عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ , وَذَلِكَ يَوْم يُنْفَخ فِي الصُّور . وَجَائِز أَنْ يَكُون مَتْرُوكًا اُكْتُفِيَ بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ مِنْهُ , كَمَا قِيلَ : { وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا } 2 165 فَتُرِكَ جَوَابه . وَقَوْله : { إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه } قِيلَ : إِنَّ الَّذِينَ اِسْتَثْنَاهُمْ اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع مِنْ أَنْ يَنَالهُمْ الْفَزَع يَوْمئِذٍ الشُّهَدَاء , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَحْيَاء عِنْد رَبّهمْ يُرْزَقُونَ , وَإِنْ كَانُوا فِي عِدَاد الْمَوْتَى عِنْد أَهْل الدُّنْيَا , وَبِذَلِكَ جَاءَ الْأَثَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْخَبَر الْمَاضِي . 20640 - وَحَدَّثني يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة : { فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَات وَمَنْ فِي الْأَرْض إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه } قَالَ : هُمْ الشُّهَدَاء . وَقَوْله : { وَكُلّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } يَقُول : وَكُلّ أَتَوْهُ صَاغِرِينَ . وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20641 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَكُلّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } يَقُول : صَاغِرِينَ . 20642 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَكُلّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } قَالَ : صَاغِرِينَ . 20643 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَكُلّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } قَالَ : الدَّاخِر : الصَّاغِر الرَّاغِم , قَالَ : لِأَنَّ الْمَرْء الَّذِي يَفْزَع إِذَا فَزِعَ إِنَّمَا هِمَّته الْهَرَب مِنْ الْأَمْر الَّذِي فَزِعَ مِنْهُ , قَالَ : فَلَمَّا نُفِخَ فِي الصُّور فَزِعُوا , فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ اللَّه مَنْجًى . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَكُلّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : " وَكُلّ آتَوْهُ " بِمَدِّ الْأَلِف مِنْ أَتَوْهُ عَلَى مِثَال فَاعَلُوهُ , سِوَى اِبْن مَسْعُود , فَإِنَّهُ قَرَأَهُ : " وَكُلّ أَتَوْهُ " عَلَى مِثَال فَعَلُوهُ , وَاتَّبَعَهُ عَلَى الْقِرَاءَة بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ الْأَعْمَش وَحَمْزَة , وَاعْتَلَّ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ عَلَى مِثَال فَاعَلُوهُ بِإِجْمَاعِ الْقُرَّاء عَلَى قَوْله : { وَكُلّهمْ آتِيه } 19 95 قَالُوا : فَكَذَلِكَ قَوْله : " آتُوهُ " فِي الْجَمْع . وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا عَلَى قِرَاءَة عَبْد اللَّه , فَإِنَّهُمْ رَدُّوهُ عَلَى قَوْله : { فَفَزِعَ } كَأَنَّهُمْ وَجَّهُوا مَعْنَى الْكَلَام إِلَى : وَيَوْم يُنْفَخ فِي الصُّور فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَات وَمَنْ فِي الْأَرْض , وَأَتَوْهُ كُلّهمْ دَاخِرِينَ , كَمَا يُقَال فِي الْكَلَام : رَأَى وَفَرَّ وَعَادَ وَهُوَ صَاغِر . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , وَمُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .'; $TAFSEER['3']['27']['88'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَتَرَى الْجِبَال تَحْسَبهَا جَامِدَة وَهِيَ تَمُرّ مَرّ السَّحَاب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَتَرَى الْجِبَال } يَا مُحَمَّد { تَحْسَبهَا } قَائِمَة { وَهِيَ تَمُرّ } . كَاَلَّذِي . 20644 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَتَرَى الْجِبَال تَحْسَبهَا جَامِدَة } يَقُول : قَائِمَة . وَإِنَّمَا قِيلَ : { وَهِيَ تَمُرّ مَرّ السَّحَاب } لِأَنَّهَا تُجْمَع ثُمَّ تَسِير , فَيَحْسِب رَائِيهَا لِكَثْرَتِهَا أَنَّهَا وَاقِفَة , وَهِيَ تَسِير سَيْرًا حَثِيثًا , كَمَا قَالَ الْجَعْدِيّ : بِأَرْعَن مِثْل الطَّوْد تَحْسِب أَنَّهُمْ وُقُوف لِحَاجٍ وَالرِّكَاب تُهَمْلِج قَوْله : { صُنْع اللَّه الَّذِي أَتْقَنَ كُلّ شَيْء } وَأَوْثَق خَلْقه. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20645 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { صُنْع اللَّه الَّذِي أَتْقَنَ كُلّ شَيْء } يَقُول : أَحْكَمَ كُلّ شَيْء . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { صُنْع اللَّه الَّذِي أَتْقَنَ كُلّ شَيْء } يَقُول : أَحْسَنَ كُلّ شَيْء خَلَقه وَأَوْثَقه. 20646 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { الَّذِي أَتْقَنَ كُلّ شَيْء } قَالَ : أَوْثَقَ كُلّ شَيْء وَسَوَّى . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { أَتْقَنَ } أَوْثَقَ . 20647 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { إِنَّهُ خَبِير بِمَا يَفْعَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه ذُو عِلْم وَخِبْرَة بِمَا يَفْعَل عِبَاده مِنْ خَيْر وَشَرّ وَطَاعَة لَهُ وَمَعْصِيَة , وَهُوَ مُجَازِي جَمِيعهمْ عَلَى جَمِيع ذَلِكَ عَلَى الْخَيْر الْخَيْر , وَعَلَى الشَّرّ الشَّرّ نَظِيره .'; $TAFSEER['3']['27']['89'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْر مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَع يَوْمئِذٍ آمِنُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { مَنْ جَاءَ } اللَّه بِتَوْحِيدِهِ وَالْإِيمَان بِهِ , وَقَوْل لَا إِلَه إِلَّا اللَّه مُوقِنًا بِهِ قَلْبه , { فَلَهُ } مِنْ هَذِهِ الْحَسَنَة عِنْد اللَّه { خَيْر } يَوْم الْقِيَامَة , وَذَلِكَ الْخَيْر أَنْ يُثِيبهُ اللَّه { مِنْهَا } الْجَنَّة , وَيُؤَمِّنهُ { مِنْ فَزَع } الصَّيْحَة الْكُبْرَى وَهِيَ النَّفْخ فِي الصُّور. اُنْظُرْ أَقْوَال أَهْل التَّأْوِيل فِي الْآيَة التَّالِيَة'; $TAFSEER['3']['27']['90'] = '{ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ } يَقُول : وَمَنْ جَاءَ بِالشِّرْكِ بِهِ يَوْم يَلْقَاهُ , وَجُحُود وَحْدَانِيّته { فَكُبَّتْ وُجُوههمْ } فِي نَار جَهَنَّم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20648 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن خَلَف الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثني الْفَضْل بْن دُكَيْن , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن أَيُّوب الْبَجَلِيّ , قَالَ : سَمِعْت أَبَا زُرْعَة , قَالَ : قَالَ أَبُو هُرَيْرَة , قَالَ يَحْيَى : أَحْسَبهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْر مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَع يَوْمئِذٍ آمِنُونَ } قَالَ : وَهِيَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه { وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوههمْ فِي النَّار } قَالَ : وَهِيَ الشِّرْك ". 20649 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيّ , عَنْ النَّضْر بْن عَرَبِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْر مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَع يَوْمئِذٍ آمِنُونَ } قَالَ : مَنْ جَاءَ بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , { وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوههمْ فِي النَّار } , قَالَ : بِالشِّرْكِ. * - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْر مِنْهَا } يَقُول : مَنْ جَاءَ بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه { وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ } وَهُوَ الشِّرْك. * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ } قَالَ : بِالشِّرْكِ . 20650 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ } قَالَ : كَلِمَة الْإِخْلَاص { وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ } قَالَ : الشِّرْك . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد بِنَحْوِهِ . قَالَ اِبْن جُرَيْج : وَسَمِعْت عَطَاء يَقُول فِيهَا الشِّرْك , يَعْنِي فِي قَوْله : { وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ }. 20651 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ أَبِي الْمُحَجِّل , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : كَانَ يَحْلِف مَا يَسْتَثْنِي , أَنَّ { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ } قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , { وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ } قَالَ : الشِّرْك . 20652 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء مِثْله . 20653 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب : { وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوههمْ فِي النَّار } قَالَ : الشِّرْك . 20654 - حَدَّثني أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا حَفْص , قَالَ : ثَنَا سَعِيد بْن سَعِيد , عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن , وَكَانَ رَجُلًا غَزَّاء , قَالَ : بَيْنَا هُوَ فِي بَعْض خَلَوَاته حَتَّى رَفَعَ صَوْته : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ , لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْد يُحْيِي وَيُمِيت , بِيَدِهِ الْخَيْر , وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير ; قَالَ : فَرَدَّ عَلَيْهِ رَجُل : مَا تَقُول يَا عَبْد اللَّه ؟ قَالَ : أَقُول مَا تَسْمَع , قَالَ : أَمَا إِنَّهَا الْكَلِمَة الَّتِي قَالَ اللَّه : { مَنْ جَاءَ فَلَهُ خَيْر مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَع يَوْمئِذٍ آمِنُونَ } . 20655 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ } قَالَ : الْإِخْلَاص { وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ } قَالَ : الشِّرْك . 20656 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ } يَعْنِي : الشِّرْك. 20657 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن : { وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ } يَقُول : الشِّرْك . 20658 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : { وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوههمْ فِي النَّار } قَالَ : السَّيِّئَة : الشِّرْك الْكُفْر . 20659 - حَدَّثني سَعْد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم قَالَ : ثَنَا حَفْص بْن عُمَر الْعَدَنِيّ , قَالَ : ثَنَا الْحَكَم بْن أَبَان , عَنْ عِكْرِمَة , قَوْله : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ } قَالَ : شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه { وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ } قَالَ : السَّيِّئَة : الشِّرْك . قَالَ الْحَكَم : قَالَ عِكْرِمَة : كُلّ شَيْء فِي الْقُرْآن السَّيِّئَة فَهُوَ الشِّرْك. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { فَلَهُ خَيْر مِنْهَا } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20660 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَلَهُ خَيْر مِنْهَا } فَمِنْهَا وَصَلَ إِلَيْهِ الْخَيْر , يَعْنِي اِبْن عَبَّاس بِذَلِكَ : مِنْ الْحَسَنَة وَصَلَ إِلَى الَّذِي جَاءَ بِهَا الْخَيْر . 20661 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا رَوْح بْن عُبَادَة , قَالَ : ثَنَا حُسَيْن الشَّهِيد , عَنْ الْحَسَن : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْر مِنْهَا } قَالَ : لَهُ مِنْهَا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : مَنْ جَاءَ بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , فَلَهُ خَيْر مِنْهَا خَيْرًا . 20662 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَلَهُ خَيْر مِنْهَا } يَقُول : لَهُ مِنْهَا حَظّ . 20663 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْر مِنْهَا } قَالَ : لَهُ مِنْهَا خَيْر ; فَأَمَّا أَنْ يَكُون خَيْرًا مِنْ الْإِيمَان فَلَا , وَلَكِنَّ مِنْهَا خَيْر يُصِيب مِنْهَا خَيْرًا . 20664 - حَدَّثَنَا سَعْد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثَنَا حَفْص بْن عُمَر , قَالَ : ثَنَا الْحَكَم , عَنْ عِكْرِمَة , قَوْله : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْر مِنْهَا } قَالَ : لَيْسَ شَيْء خَيْرًا مِنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَلَكِنْ لَهُ مِنْهَا خَيْر . وَكَانَ اِبْن زَيْد يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 20665 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْر مِنْهَا } قَالَ : أَعْطَاهُ اللَّه بِالْوَاحِدَةِ عَشْرًا , فَهَذَا خَيْر مِنْهَا . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَهُمْ مِنْ فَزَع يَوْمئِذٍ آمِنُونَ } فَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء الْبَصْرَة : " وَهُمْ مِنْ فَزَع يَوْمئِذٍ آمِنُونَ " بِإِضَافَةِ فَزَع إِلَى الْيَوْم . وَقَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة : { مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ } بِتَنْوِينِ فَزِع . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , غَيْر أَنَّ الْإِضَافَة أَعْجَب إِلَيَّ , لِأَنَّهُ فَزَع مَعْلُوم . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ مَعْرِفَة عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي سِيَاق قَوْله : { وَيَوْم يُنْفَخ فِي الصُّور فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَات وَمَنْ فِي الْأَرْض إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه } فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُوم أَنَّهُ عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { وَهُمْ مِنْ فَزَع يَوْمئِذٍ آمِنُونَ } مِنْ الْفَزَع الَّذِي قَدْ جَرَى ذِكْره قَبْله . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , كَانَ لَا شَكّ أَنَّهُ مَعْرِفَة , وَأَنَّ الْإِضَافَة إِذَا كَانَ مَعْرِفَة بِهِ أَوْلَى مِنْ تَرْك الْإِضَافَة ; وَأَحْرَى أَنَّ ذَلِكَ إِذَا أُضِيفَ فَهُوَ أَبْيَن أَنَّهُ خَبَر عَنْ أَمَانه مِنْ كُلّ أَهْوَال ذَلِكَ الْيَوْم مِنْهُ إِذَا لَمْ يُضَفْ ذَلِكَ , وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُضَفْ كَانَ الْأَغْلَب عَلَيْهِ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَمَان مِنْ فَزَع بَعْض أَهْوَاله . وَقَوْله : { هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره . يُقَال لَهُمْ : هَلْ تُجْزَوْنَ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ , إِذْ كَبَّكُمْ اللَّه لِوُجُوهِكُمْ فِي النَّار , وَإِلَّا جَزَاء مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فِي الدُّنْيَا بِمَا يُسْخِط رَبّكُمْ ; وَتُرِكَ " يُقَال لَهُمْ " اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ .'; $TAFSEER['3']['27']['91'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّمَا أُمِرْت أَنْ أَعْبُد رَبّ هَذِهِ الْبَلْدَة الَّذِي حَرَّمَهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مُحَمَّد { قُلْ إِنَّمَا أُمِرْت أَنْ أَعْبُد رَبّ هَذِهِ الْبَلْدَة } وَهِيَ مَكَّة { الَّذِي حَرَّمَهَا } عَلَى خَلْقه أَنْ يَسْفِكُوا فِيهَا دَمًا حَرَامًا , أَوْ يَظْلِمُوا فِيهَا أَحَدًا , أَوْ يُصَاد صَيْدهَا , أَوْ يُخْتَلَى خَلَاهَا دُون الْأَوْثَان الَّتِي تَعْبُدُونَهَا أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20666 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّمَا أُمِرْت أَنْ أَعْبُد رَبّ هَذِهِ الْبَلْدَة الَّذِي حَرَّمَهَا } يَعْنِي : مَكَّة . وَإِنَّمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { رَبّ هَذِهِ الْبَلْدَة الَّذِي حَرَّمَهَا } فَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ دُون سَائِر الْبُلْدَان , وَهُوَ رَبّ الْبِلَاد كُلّهَا , لِأَنَّهُ أَرَادَ تَعْرِيف الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , الَّذِينَ هُمْ أَهْل مَكَّة , بِذَلِكَ نِعْمَته عَلَيْهِمْ , وَإِحْسَانه إِلَيْهِمْ , وَأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَعْبُدُوهُ هُوَ الَّذِي حَرَّمَ بَلَدهمْ , فَمَنَعَ النَّاس مِنْهُمْ , وَهُمْ فِي سَائِر الْبِلَاد يَأْكُل بَعَضهمْ بَعْضًا , وَيَقْتُل بَعْضهمْ بَعْضًا , لَا مَنْ لَمْ تَجْرِ لَهُ عَلَيْهِمْ نِعْمَة , وَلَا يَقْدِر لَهُمْ عَلَى نَفْع وَلَا ضُرّ . وَقَوْله : { وَلَهُ كُلّ شَيْء } يَقُول : وَلِرَبِّ هَذِهِ الْبَلْدَة الْأَشْيَاء كُلّهَا مُلْكًا . فَإِيَّاهُ أُمِرْت أَنْ أَعْبُد , لَا مَنْ لَا يَمْلِك شَيْئًا. وَقَوْله : { وَأُمِرْت أَنْ أَكُون مِنْ الْمُسْلِمِينَ } يَقُول : وَأَمَرَنِي رَبِّي أَنْ أُسْلِم وَجْهِي لَهُ حَنِيفًا , فَأَكُون مِنْ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ دَانُوا بِدِينِ خَلِيله إِبْرَاهِيم وَجَدَكُمْ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ , لَا مَنْ خَالَفَ دِين جَدّه الْمُحِقّ , وَدَانَ دِين إِبْلِيس عَدُوّ اللَّه .'; $TAFSEER['3']['27']['92'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآن فَمَنْ اِهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { قُلْ إِنَّمَا أُمِرْت أَنْ أَعْبُد رَبّ هَذِهِ الْبَلْدَة } و { أَنْ أَكُون مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآن , فَمَنْ اِهْتَدَى } يَقُول : فَمَنْ تَبِعَنِي وَآمَنَ بِي وَبِمَا جِئْت بِهِ , فَسَلَكَ طَرِيق الرَّشَاد { فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } يَقُول : فَإِنَّمَا يَسْلُك سَبِيل الصَّوَاب بِاتِّبَاعِهِ إِيَّايَ , وَإِيمَانه بِي , وَبِمَا جِئْت بِهِ لِنَفْسِهِ , لِأَنَّهُ بِإِيمَانِهِ بِي , وَبِمَا جِئْت بِهِ يَأْمَن نِقْمَته فِي الدُّنْيَا وَعَذَابه فِي الْآخِرَة . وَقَوْله : { وَمَنْ ضَلَّ } يَقُول : وَمَنْ جَارَ عَنْ قَصْد السَّبِيل بِتَكْذِيبِهِ بِي وَبِمَا جِئْت بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه { فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنْ الْمُنْذِرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَقُلْ يَا مُحَمَّد لِمَنْ ضَلَّ عَنْ قَصْد السَّبِيل , وَكَذَّبَك , وَلَمْ يُصَدِّق بِمَا جِئْت بِهِ مِنْ عِنْدِي , إِنَّمَا أَنَا مِمَّنْ يُنْذِر قَوْمه عَذَاب اللَّه وَسَخَطه عَلَى مَعْصِيَتهمْ إِيَّاهُ , وَقَدْ أَنْذَرْتُكُمْ ذَلِكَ مَعْشَر كُفَّار قُرَيْش , فَإِنْ قَبِلْتُمْ وَانْتَهَيْتُمْ عَمَّا يَكْرَههُ اللَّه مِنْكُمْ مِنْ الشِّرْك بِهِ , فَحُظُوظ أَنْفُسكُمْ تُصِيبُونَ , وَإِنْ رَدَدْتُمْ وَكَذَّبْتُمْ فَعَلَى أَنْفُسكُمْ جَنَيْتُمْ , وَقَدْ بَلَّغْتُكُمْ مَا أُمِرْت بِإِبْلَاغِهِ إِيَّاكُمْ , وَنَصَحْت لَكُمْ .'; $TAFSEER['3']['27']['93'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقُلْ الْحَمْد لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاته فَتَعْرِفُونَهَا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ لَك مِنْ مُشْرِكِي قَوْمك : { مَتَى هَذَا الْوَعْد إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } , { الْحَمْد لِلَّهِ } عَلَى نِعْمَته عَلَيْنَا بِتَوْفِيقِهِ إِيَّانَا لِلْحَقِّ الَّذِي أَنْتُمْ عَنْهُ عَمُونَ , سَيُرِيكُمْ رَبّكُمْ آيَات عَذَابه وَسَخَطه , فَتَعْرِفُونَ بِهَا حَقِيقَة نُصْحِي كَانَ لَكُمْ , وَيَتَبَيَّن صِدْق مَا دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ مِنْ الرَّشَاد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20667 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { سَيُرِيكُمْ آيَاته فَتَعْرِفُونَهَا } قَالَ : فِي أَنْفُسكُمْ , وَفِي السَّمَاء وَالْأَرْض وَالرِّزْق. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { سَيُرِيكُمْ آيَاته فَتَعْرِفُونَهَا } قَالَ : فِي أَنْفُسكُمْ وَالسَّمَاء وَالْأَرْض وَالرِّزْق . وَقَوْله : { وَمَا رَبّك بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا رَبّك يَا مُحَمَّد بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَل هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ , وَلَكِنْ لَهُمْ أَجَل هُمْ بَالِغُوهُ , فَإِذَا بَلَغُوهُ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَلَا يَحْزُنك تَكْذِيبهمْ إِيَّاكَ , فَإِنِّي مِنْ وَرَاء إِهْلَاكهمْ , وَإِنِّي لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ , فَأَيْقِنْ لِنَفْسِك بِالنَّصْرِ , وَلِعَدُوِّك بِالذُّلِّ وَالْخِزْي . آخِر تَفْسِير سُورَة النَّمْل وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة , وَبِهِ الثِّقَة وَالْعِصْمَة .'; $TAFSEER['3']['28']['1'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { طسم } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَقَدْ بَيَّنَّا الْقَوْل فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا فِيمَا كَانَ مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم فِي فَوَاتِح السُّوَر , فَقَوْله : { طس } مِنْ ذَلِكَ. 20423 - حَدَّثني عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : قَوْله : { طس } قَسَم أَقْسَمَهُ اللَّه هُوَ مِنْ أَسْمَاء اللَّه .'; $TAFSEER['3']['28']['2'] = 'وَأَمَّا قَوْله : { تِلْكَ آيَات الْكِتَاب الْمُبِين } فَإِنَّهُ يَعْنِي هَذِهِ آيَات الْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلْته إِلَيْك يَا مُحَمَّد , الْمُبَيَّن أَنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه , وَأَنَّك لَمْ تَتَقَوَّلهُ وَلَمْ تَتَخَرَّصهُ. وَكَانَ قَتَادَة فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 20668 - حَدَّثني بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { طسم . تِلْكَ آيَات الْكِتَاب الْمُبِين } يَعْنِي مُبِين وَاَللَّه بَرَكَته وَرُشْده وَهُدَاهُ .'; $TAFSEER['3']['28']['3'] = 'وَقَوْله : { نَتْلُو عَلَيْك } يَقُول : نَقْرَأ عَلَيْك وَنَقُصّ فِي هَذَا الْقُرْآن مِنْ خَبَر مُوسَى { وَفِرْعَوْن بِالْحَقِّ } . كَمَا : 20669 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { نَتْلُو عَلَيْك مِنْ نَبَإ مُوسَى وَفِرْعَوْن بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } يَقُول : فِي هَذَا الْقُرْآن نَبَؤُهُمْ . وَقَوْله : { لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } يَقُول : لِقَوْمٍ يُصَدِّقُونَ بِهَذَا الْكِتَاب , لِيَعْلَمُوا أَنَّ مَا نَتْلُو عَلَيْك مِنْ نَبَئِهِمْ فِيهِ نَبَؤُهُمْ , وَتَطْمَئِنّ نُفُوسهمْ , بِأَنَّ سُنَّتنَا فِيمَنْ خَالَفَك وَعَادَاك مِنْ الْمُشْرِكِينَ سُنَّتنَا فِيمَنْ عَادَى مُوسَى , وَمَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل مِنْ فِرْعَوْن وَقَوْمه , أَنْ نُهْلِكهُمْ كَمَا أَهْلَكْنَاهُمْ , وَنُنْجِيهِمْ مِنْهُمْ كَمَا أَنْجَيْنَاهُمْ.'; $TAFSEER['3']['28']['4'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ فِرْعَوْن عَلَا فِي الْأَرْض } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِرْعَوْن تَجَبَّرَ فِي أَرْض مِصْر وَتَكَبَّرَ , وَعَلَا أَهْلهَا وَقَهَرَهُمْ , حَتَّى أَقَرُّوا لَهُ بِالْعُبُودَةِ . كَمَا : 20670 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن هَارُون , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { إِنَّ فِرْعَوْن عَلَا فِي الْأَرْض } يَقُول : تَجَبَّرَ فِي الْأَرْض. 20671 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِنَّ فِرْعَوْن عَلَا فِي الْأَرْض } أَيْ بَغَى فِي الْأَرْض. وَقَوْله : { وَجَعَلَ أَهْلهَا شِيَعًا } يَعْنِي بِالشِّيَعِ : الْفِرَق , يَقُول : وَجَعَلَ أَهْلهَا فِرَقًا مُتَفَرِّقِينَ . كَمَا : 20672 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَجَعَلَ أَهْلهَا شِيَعًا } : أَيْ فِرَقًا يُذَبِّح طَائِفَة مِنْهُمْ , وَيَسْتَحْيِي طَائِفَة , وَيُعَذِّب طَائِفَة , وَيَسْتَعْبِد طَائِفَة . قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { يُذَبِّح أَبْنَاءَهُمْ , وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ , إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ } . 20673 - حَدَّثني مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : كَانَ مِنْ شَأْن فِرْعَوْن أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا فِي مَنَامه , أَنَّ نَارًا أَقْبَلَتْ مِنْ بَيْت الْمَقْدِس حَتَّى اِشْتَمَلَتْ عَلَى بُيُوت مِصْر , فَأَحْرَقَتْ الْقِبْط , وَتَرَكَتْ بَنِي إِسْرَائِيل , وَأَحْرَقَتْ بُيُوت مِصْر , فَدَعَا السَّحَرَة وَالْكَهَنَة وَالْقَافَة والحازة , فَسَأَلَهُمْ عَنْ رُؤْيَاهُ , فَقَالُوا لَهُ : يَخْرُج مِنْ هَذَا الْبَلَد الَّذِي جَاءَ بَنُو إِسْرَائِيل مِنْهُ , يَعْنُونَ بَيْت الْمَقْدِس , رَجُل يَكُون عَلَى وَجْهه هَلَاك مِصْر , فَأَمَرَ بِبَنِي إِسْرَائِيل أَنْ لَا يُولَد لَهُمْ غُلَام إِلَّا ذَبَحُوهُ , وَلَا تُولَد لَهُمْ جَارِيَة إِلَّا تُرِكَتْ , وَقَالَ لِلْقِبْطِ : اُنْظُرُوا مَمْلُوكِيكُمْ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ خَارِجًا , فَأَدْخِلُوهُمْ , وَاجْعَلُوا بَنِي إِسْرَائِيل يَلُونَ تِلْكَ الْأَعْمَال الْقَذِرَة , فَجَعَلَ بَنِي إِسْرَائِيل فِي أَعْمَال غِلْمَانهمْ , وَأَدْخَلُوا غِلْمَانهمْ , فَذَلِكَ حِين يَقُول : { إِنَّ فِرْعَوْن عَلَا فِي الْأَرْض وَجَعَلَ أَهْلهَا شِيَعًا } يَعْنِي بَنِي إِسْرَائِيل حِين جَعَلَهُمْ فِي الْأَعْمَال الْقَذِرَة . 20674 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَجَعَلَ أَهْلهَا شِيَعًا } قَالَ : فَرَّقَ بَيْنهمْ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَجَعَلَ أَهْلهَا شِيَعًا } قَالَ : فِرَقًا . 20675 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَجَعَلَ أَهْلهَا شِيَعًا } قَالَ : الشِّيَع : الْفِرَق . وَقَوْله : { يَسْتَضْعِف طَائِفَة مِنْهُمْ } ذُكِرَ أَنَّ اِسْتِضْعَافه إِيَّاهَا كَانَ اِسْتِعْبَاده . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20676 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : يَسْتَعْبِد طَائِفَة مِنْهُمْ , وَيُذَبِّح طَائِفَة , وَيَقْتُل طَائِفَة , وَيَسْتَحْيِي طَائِفَة . وَقَوْله : { إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ } يَقُول : إِنَّهُ كَانَ مِمَّنْ يُفْسِد فِي الْأَرْض بِقَتْلِهِ مَنْ لَا يَسْتَحِقّ مِنْهُ الْقَتْل , وَاسْتِعْبَاده مَنْ لَيْسَ لَهُ اِسْتِعْبَاده وَتَجَبُّره فِي الْأَرْض عَلَى أَهْلهَا , وَتَكَبُّره عَلَى عِبَادَة رَبّه .'; $TAFSEER['3']['28']['5'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَنُرِيد أَنْ نَمُنّ عَلَى الَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْض } . قَوْله : { وَنُرِيد } عُطِفَ عَلَى قَوْله { يَسْتَضْعِف طَائِفَة مِنْهُمْ } وَمَعْنَى الْكَلَام : أَنَّ فِرْعَوْن عَلَا فِي الْأَرْض وَجَعَلَ أَهْلهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل فِرَقًا يَسْتَضْعِف طَائِفَة مِنْهُمْ { و } نَحْنُ { نُرِيد أَنْ نَمُنّ عَلَى الَّذِينَ } اِسْتَضْعَفَهُمْ فِرْعَوْن مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل { وَنَجْعَلهُمْ أَئِمَّة } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20677 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَنُرِيد أَنْ نَمُنّ عَلَى الَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْض } قَالَ : بَنُو إِسْرَائِيل . قَوْله : { وَنَجْعَلهُمْ أَئِمَّة } أَيْ وُلَاة وَمُلُوكًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20678 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَنَجْعَلهُمْ أَئِمَّة } أَيْ وُلَاة الْأَمْر : وَقَوْله : { وَنَجْعَلهُمْ الْوَارِثِينَ } يَقُول : وَنَجْعَلهُمْ وُرَّاث آل فِرْعَوْن يَرِثُونَ الْأَرْض مِنْ بَلَد مَهْلِكهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20679 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَنَجْعَلهُمْ الْوَارِثِينَ } : أَيْ يَرِثُونَ الْأَرْض بَعْد فِرْعَوْن وَقَوْمه . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَنَجْعَلهُمْ الْوَارِثِينَ } يَقُول : يَرِثُونَ الْأَرْض بَعْد فِرْعَوْن .'; $TAFSEER['3']['28']['6'] = 'وَقَوْله : { وَنُمَكِّن لَهُمْ فِي الْأَرْض } يَقُول : وَنُوَطِّئ لَهُمْ فِي أَرْض الشَّام وَمِصْر . { وَنُرِيَ فِرْعَوْن وَهَامَان وَجُنُودهمَا } كَانُوا قَدْ أَخْبَرُوا أَنَّ هَلَاكهمْ عَلَى يَد رَجُل مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , فَكَانُوا مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجَل مِنْهُمْ , وَلِذَلِكَ كَانَ فِرْعَوْن يُذَبِّح أَبْنَاءَهُمْ , وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ , فَأَرَى اللَّه فِرْعَوْن وَهَامَان وَجُنُودهمَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل عَلَى يَد مُوسَى بْن عِمْرَان نَبِيّه مَا كَانُوا يَحْذَرُونَهُ مِنْهُمْ مِنْ هَلَاكهمْ وَخَرَاب مَنَازِلهمْ وَدُورهمْ . كَمَا : 20680 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَنُمَكِّن لَهُمْ فِي الْأَرْض وَنُرِي فِرْعَوْن وَهَامَان وَجُنُودهمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ } شَيْئًا مَا حَذَّرَ الْقَوْم , قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ حَازِيًا حَزَا لِعَدُوِّ اللَّه فِرْعَوْن , فَقَالَ : يُولَد فِي هَذَا الْعَام غُلَام مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل يَسْلُبك مُلْكك , فَتَتَبَّعَ أَبْنَاءَهُمْ ذَلِكَ الْعَام , يَقْتُل أَبْنَاءَهُمْ , وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ حَذَرًا مِمَّا قَالَ لَهُ الْحَازِي . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ لِفِرْعَوْن رَجُل يَنْظُر لَهُ وَيُخْبِرهُ , يَعْنِي أَنَّهُ كَاهِن , فَقَالَ لَهُ : إِنَّهُ يُولَد فِي هَذَا الْعَام غُلَام يَذْهَب بِمُلْكِكُمْ , فَكَانَ فِرْعَوْن يُذَبِّح أَبْنَاءَهُمْ , وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ حَذَرًا , فَذَلِكَ قَوْله { وَنُرِيَ فِرْعَوْن وَهَامَان وَجُنُودهمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ } . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَنُرِيَ فِرْعَوْن وَهَامَان } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : { وَنُرِيَ فِرْعَوْن وَهَامَان } بِمَعْنَى : وَنُرِي نَحْنُ بِالنُّونِ عَطْفًا بِذَلِكَ عَلَى قَوْله : { وَنُمَكِّن لَهُمْ } . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : " وَيَرَى فِرْعَوْن " عَلَى أَنَّ الْفِعْل لِفِرْعَوْن , بِمَعْنَى : وَيُعَايِن فِرْعَوْن , بِالْيَاءِ مِنْ يَرَى , وَرَفْع فِرْعَوْن وَهَامَان وَالْجُنُود . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنْ الْقُرَّاء , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَهُوَ مُصِيب , لِأَنَّهُ مَعْلُوم أَنَّ فِرْعَوْن لَمْ يَكُنْ لِيَرَى مِنْ مُوسَى مَا رَأَى , إِلَّا بِأَنْ يُرِيَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ , وَلَمْ يَكُنْ لِيُرِيَهُ اللَّه تَعَالَى ذِكْره ذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا رَآهُ .'; $TAFSEER['3']['28']['7'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْت عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمّ }. يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمّ مُوسَى } حِين وَلَدَتْ مُوسَى { أَنْ أَرْضِعِيهِ } . وَكَانَ قَتَادَة يَقُول , فِي مَعْنَى ذَلِكَ { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمّ مُوسَى } : قَذَفْنَا فِي قَلْبهَا . 20681 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمّ مُوسَى } وَحْيًا جَاءَهَا مِنْ اللَّه , فَقُذِفَ فِي قَلْبهَا , وَلَيْسَ بِوَحْيِ نُبُوَّة , أَنْ أَرْضِعِي مُوسَى { فَإِذَا خِفْت عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمّ , وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي } الْآيَة . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمّ مُوسَى } قَالَ : قُذِفَ فِي نَفْسهَا . 20682 -حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : أَمَرَ فِرْعَوْن أَنْ يُذَبَّح مَنْ وُلِدَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل سَنَة , وَيُتْرَكُوا سَنَة ; فَلَمَّا كَانَ فِي السَّنَة الَّتِي يُذَبَّحُونَ فِيهَا حَمَلَتْ بِمُوسَى ; فَلَمَّا أَرَادَتْ وَضْعه , حَزِنَتْ مِنْ شَأْنه , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهَا { أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْت عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمّ } . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْحَال الَّتِي أُمِرَتْ أُمّ مُوسَى أَنْ تُلْقِيَ مُوسَى فِي الْيَمّ , فَقَالَ بَعْضهمْ : أُمِرَتْ أَنْ تُلْقِيَهُ فِي الْيَمّ بَعْد مِيلَاده بِأَرْبَعَةِ أَشْهُر , وَذَلِكَ حَال طَلَبه مِنْ الرَّضَاع أَكْثَر مِمَّا يَطْلُب الصَّبِيّ بَعْد حَال سُقُوطه مِنْ بَطْن أُمّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20683 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْت عَلَيْهِ } قَالَ : إِذَا بَلَغَ أَرْبَعَة أَشْهُر وَصَاحَ وَابْتَغَى مِنْ الرَّضَاع أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ { فَأَلْقِيهِ } حِينَئِذٍ { فِي الْيَمّ } فَذَلِكَ قَوْله : { فَإِذَا خِفْت عَلَيْهِ } . 20684 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : لَمْ يَقُلْ لَهَا : إِذَا وَلَدْتِيهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمّ , إِنَّمَا قَالَ لَهَا { أَنْ أَرْضِعِيهِ , فَإِذَا خِفْت عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمّ } بِذَلِكَ أُمِرَتْ , قَالَ : جَعَلَتْهُ فِي بُسْتَان , فَكَانَتْ تَأْتِيه كُلّ يَوْم فَتُرْضِعهُ , وَتَأْتِيه كُلّ لَيْلَة فَتُرْضِعهُ , فَيَكْفِيه ذَلِكَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ أُمِرَتْ أَنْ تُلْقِيَهُ فِي الْيَمّ بَعْد وِلَادهَا إِيَّاهُ , وَبَعْد رَضَاعهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20685 - حَدَّثني مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : لَمَّا وَضَعَتْهُ أَرْضَعَتْهُ ثُمَّ دَعَتْ لَهُ نَجَّارًا , فَجَعَلَ لَهُ تَابُوتًا , وَجَعَلَ مِفْتَاح التَّابُوت مِنْ دَاخِل , وَجَعَلَتْهُ فِيهِ , فَأَلْقَتْهُ فِي الْيَمّ . وَأَوْلَى قَوْل قِيلَ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَمَرَ أُمّ مُوسَى أَنْ تُرْضِعهُ , فَإِذَا خَافَتْ عَلَيْهِ مِنْ عَدُوّ اللَّه فِرْعَوْن وَجُنْده أَنْ تُلْقِيَهُ فِي الْيَمّ . وَجَائِز أَنْ تَكُون خَافَتْهُمْ عَلَيْهِ بَعْد أَشْهُر مِنْ وِلَادهَا إِيَّاهُ ; وَأَيّ ذَلِكَ كَانَ , فَقَدْ فَعَلَتْ مَا أَوْحَى اللَّه إِلَيْهَا فِيهِ , وَلَا خَبَر قَامَتْ بِهِ حُجَّة , وَلَا فِطْرَة فِي الْعَقْل لِبَيَانِ أَيّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَيّ , فَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ أَنْ يُقَال كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ . وَالْيَمّ الَّذِي أُمِرَتْ أَنْ تُلْقِيَهُ فِيهِ هُوَ النِّيل . كَمَا : 20686 -حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمّ } قَالَ : هُوَ الْبَحْر , وَهُوَ النِّيل . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ بِشَوَاهِدِهِ , وَذِكْر الرِّوَايَة فِيهِ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته . وَقَوْله : { وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي } يَقُول : لَا تَخَافِي عَلَى وَلَدك مِنْ فِرْعَوْن وَجُنْده أَنْ يَقْتُلُوهُ , وَلَا تَحْزَنِي لِفِرَاقِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20687 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : { وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي } قَالَ : لَا تَخَافِي عَلَيْهِ الْبَحْر , وَلَا تَحْزَنِي لِفِرَاقِهِ { إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْك } . وَقَوْله : { إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْك وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ } يَقُول : إِنَّا رَادُّو وَلَدك إِلَيْك لِلرَّضَاعِ لِتَكُونِي أَنْتِ تُرْضِعِيهِ , وَبَاعِثُوهُ رَسُولًا إِلَى مَنْ تَخَافِينَهُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلهُ , وَفَعَلَ اللَّه ذَلِكَ بِهَا وَبِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20688 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْك } وَبَاعِثُوهُ رَسُولًا إِلَى هَذَا الطَّاغِيَة , وَجَاعِلُو هَلَاكه وَنَجَاة بَنِي إِسْرَائِيل مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ الْبَلَاء عَلَى يَدَيْهِ .'; $TAFSEER['3']['28']['8'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَالْتَقَطَهُ آل فِرْعَوْن } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَالْتَقَطَهُ آل فِرْعَوْن فَأَصَابُوهُ وَأَخَذُوهُ ; وَأَصْله مِنْ اللُّقَطَة , وَهُوَ مَا وُجِدَ ضَالًّا فَأُخِذَ . وَالْعَرَب تَقُول لِمَا وَرَدَتْ عَلَيْهِ فَجْأَة مِنْ غَيْر طَلَب لَهُ وَلَا إِرَادَة : أَصَبْته اِلْتِقَاطًا , وَلَقِيت فُلَانًا اِلْتِقَاطًا ; وَمِنْهُ قَوْل الرَّاجِز : وَمَنْهَل وَرَدْته اِلْتِقَاطًا لَمْ أَلْقَ إِذْ وَرَدْته فُرَّاطًا يَعْنِي فَجْأَة. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { آل فِرْعَوْن } فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِذَلِكَ : جِوَارِي اِمْرَأَة فِرْعَوْن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20689 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : أَقْبَلَ الْمَوْج بِالتَّابُوتِ يَرْفَعهُ مَرَّة وَيَخْفِضهُ أُخْرَى , حَتَّى أَدْخَلَهُ بَيْن أَشْجَار عِنْد بَيْت فِرْعَوْن , فَخَرَجَ جِوَارِي آسِيَة اِمْرَأَة فِرْعَوْن يَغْسِلْنَ , فَوَجَدْنَ التَّابُوت , فَأَدْخَلْنَهُ إِلَى آسِيَة , وَظَنَنَّ أَنَّ فِيهِ مَالًا ; فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ آسِيَة , وَقَعَتْ عَلَيْهَا رَحْمَته فَأَحَبَّتْهُ ; فَلَمَّا أَخْبَرَتْ بِهِ فِرْعَوْن أَرَادَ أَنْ يَذْبَحهُ , فَلَمْ تَزَلْ آسِيَة تُكَلِّمهُ حَتَّى تَرَكَهُ لَهَا , قَالَ : إِنِّي أَخَاف أَنْ يَكُون هَذَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , وَأَنْ يَكُون هَذَا الَّذِي عَلَى يَدَيْهِ هَلَاكنَا , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه : { فَالْتَقَطَهُ آل فِرْعَوْن لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهِ اِبْنَة فِرْعَوْن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20690 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن قَيْس , قَالَ : كَانَتْ بِنْت فِرْعَوْن بَرْصَاء , فَجَاءَتْ إِلَى النِّيل , فَإِذَا التَّابُوت فِي النِّيل تَخْفِقهُ الْأَمْوَاج , فَأَخَذَتْهُ بِنْت فِرْعَوْن , فَلَمَّا فَتَحَتْ التَّابُوت , فَإِذَا هِيَ بِصَبِيٍّ , فَلَمَّا اِطَّلَعَتْ فِي وَجْهه بَرِئَتْ مِنْ الْبَرَص , فَجَاءَتْ بِهِ إِلَى أُمّهَا , فَقَالَتْ : إِنَّ هَذَا الصَّبِيّ مُبَارَك لَمَّا نَظَرْت إِلَيْهِ بَرِئْت , فَقَالَ فِرْعَوْن : هَذَا مِنْ صِبْيَان بَنِي إِسْرَائِيل , هَلُمَّ حَتَّى أَقْتُلهُ , فَقَالَتْ : { قُرَّة عَيْن لِي وَلَك , لَا تَقْتُلُوهُ } . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِهِ أَعْوَان فِرْعَوْن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20691 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : أَصْبَحَ فِرْعَوْن فِي مَجْلِس لَهُ كَانَ يَجْلِسهُ عَلَى شَفِير النِّيل كُلّ غَدَاة : فَبَيْنَمَا هُوَ جَالِس , إِذْ مَرَّ النِّيل بِالتَّابُوتِ يَقْذِف بِهِ , وَآسِيَة بِنْت مُزَاحِم اِمْرَأَته جَالِسَة إِلَى جَنْبه , فَقَالَتْ : إِنَّ هَذَا لَشَيْء فِي الْبَحْر , فَأْتُونِي بِهِ , فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَعْوَانه , حَتَّى جَاءُوا بِهِ , فَفُتِحَ التَّابُوت فَإِذَا فِيهِ صَبِيّ فِي مَهْده , فَأَلْقَى اللَّه عَلَيْهِ مَحَبَّته , وَعَطَفَ عَلَيْهِ نَفْسه , قَالَتْ اِمْرَأَته آسِيَة : { لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعنَا أَوْ نَتَّخِذهُ وَلَدًا } . وَلَا قَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِمَّا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { فَالْتَقَطَهُ آل فِرْعَوْن } وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْآل فِيمَا مَضَى بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة مِنْ إِعَادَته هَهُنَا . وَقَوْله : { لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا } فَيَقُول الْقَائِل : لِيَكُونَ مُوسَى لِآلِ فِرْعَوْن عَدُوًّا وَحَزَنًا فَالْتَقَطُوهُ , فَيُقَال { فَالْتَقَطَهُ آل فِرْعَوْن لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا } قِيلَ : إِنَّهُمْ حِين اِلْتَقَطُوهُ لَمْ يَلْتَقِطُوهُ لِذَلِكَ , بَلْ لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْره . وَلَكِنَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّه كَمَا . 20692 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة عَنْ اِبْن إِسْحَاق , فِي قَوْله : { فَالْتَقَطَهُ آل فِرْعَوْن لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا } قَالَ : لِيَكُونَ فِي عَاقِبَة أَمْره عَدُوًّا وَحَزَنًا لِمَا أَرَادَ اللَّه بِهِ , وَلَيْسَ لِذَلِكَ أَخَذُوهُ , وَلَكِنَّ اِمْرَأَة فِرْعَوْن قَالَتْ : { قُرَّة عَيْن لِي وَلَك } فَكَانَ قَوْل اللَّه : { لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا } لِمَا هُوَ كَائِن فِي عَاقِبَة أَمْره لَهُمْ , وَهُوَ كَقَوْلِ الْآخَر إِذَا قَرَّعَهُ لِفِعْلٍ كَانَ فَعَلَهُ وَهُوَ يَحْسَب مُحْسِنًا فِي فِعْله , فَأَدَّاهُ فِعْله ذَلِكَ إِلَى مَسَاءَة مُنَدِّمًا لَهُ عَلَى فِعْله : فَعَلْت هَذَا لِضُرِّ نَفْسك , وَلِتَضُرّ بِهِ نَفْسك فَعَلْت . وَقَدْ كَانَ الْفَاعِل فِي حَال فِعْله ذَلِكَ عِنْد نَفْسه يَفْعَلهُ رَاجِيًا نَفْعه , غَيْر أَنَّ الْعَاقِبَة جَاءَتْ بِخِلَافِ مَا كَانَ يَرْجُو . فَكَذَلِكَ قَوْله : { فَالْتَقَطَهُ آل فِرْعَوْن لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا } إِنَّمَا هُوَ : فَالْتَقَطَهُ آل فِرْعَوْن ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُمْ مُحْسِنُونَ إِلَى أَنْفُسهمْ , لِيَكُونَ قُرَّة عَيْن لَهُمْ , فَكَانَتْ عَاقِبَة اِلْتِقَاطهمْ إِيَّاهُ مِنْهُ هَلَاكهمْ عَلَى يَدَيْهِ . وَقَوْله : { عَدُوًّا وَحَزَنًا } يَقُول : يَكُون لَهُمْ عَدُوًّا فِي دِينهمْ , وَحَزَنًا عَلَى مَا يَنَالهُمْ مِنْهُ مِنْ الْمَكْرُوه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20693 - حَدَّثني بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَالْتَقَطَهُ آل فِرْعَوْن لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا } عَدُوًّا لَهُمْ فِي دِينهمْ , وَحَزَنًا لِمَا يَأْتِيهِمْ . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة : { وَحَزَنًا } بِفَتْحِ الْحَاء وَالزَّاي . وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : " وَحُزْنًا " بِضَمِّ الْحَاء وَتَسْكِين الزَّاي . وَالْحَزَن بِفَتْحِ الْحَاء وَالزَّاي مَصْدَر مِنْ حَزِنْت حَزَنًا , وَالْحُزْن بِضَمِّ الْحَاء وَتَسْكِين الزَّاي الِاسْم : كَالْعَدَمِ وَالْعُدْم وَنَحْوه . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , وَهُمَا عَلَى اِخْتِلَاف اللَّفْظ فِيهِمَا بِمَنْزِلَةِ الْعَدَم , وَالْعُدْم , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . وَقَوْله : { إِنَّ فِرْعَوْن وَهَامَان وَجُنُودهمَا كَانُوا خَاطِئِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِرْعَوْن وَهَامَان وَجُنُودهمَا كَانُوا بِرَبِّهِمْ آثِمِينَ , فَلِذَلِكَ كَانَ لَهُمْ مُوسَى عَدُوًّا وَحَزَنًا .'; $TAFSEER['3']['28']['9'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَتْ اِمْرَأَة فِرْعَوْن قُرَّة عَيْن لِي وَلَك } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَقَالَتْ اِمْرَأَة فِرْعَوْن } لَهُ هَذَا { قُرَّة عَيْن لِي وَلَك } يَا فِرْعَوْن ; فَقُرَّة عَيْن مَرْفُوعَة بِمُضْمَرٍ هُوَ هَذَا , أَوْ هُوَ. وَقَوْله : { لَا تَقْتُلُوهُ } مَسْأَلَة مِنْ اِمْرَأَة فِرْعَوْن أَنْ لَا يَقْتُلهُ . وَذُكِرَ أَنَّ الْمَرْأَة لَمَّا قَالَتْ هَذَا الْقَوْل لِفِرْعَوْن , قَالَ فِرْعَوْن : أَمَّا لَك فَنَعَمْ , وَأَمَّا لِي فَلَا , فَكَانَ كَذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20694 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن قَيْس , قَالَ : قَالَتْ اِمْرَأَة فِرْعَوْن : { قُرَّة عَيْن لِي وَلَك , لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعنَا أَوْ نَتَّخِذهُ وَلَدًا } قَالَ فِرْعَوْن : قُرَّة عَيْن لَك , أَمَّا لِي فَلَا . قَالَ مُحَمَّد بْن قَيْس : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْ قَالَ فِرْعَوْن : قُرَّة عَيْن لِي وَلَك , لَكَانَ لَهُمَا جَمِيعًا ". 20695 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : اِتَّخَذَهُ فِرْعَوْن وَلَدًا , وَدُعِيَ عَلَى أَنَّهُ اِبْن فِرْعَوْن ; فَلَمَّا تَحَرَّكَ الْغُلَام أَرَتْهُ أُمّه آسِيَة صَبِيًّا , فَبَيْنَمَا هِيَ تُرَقِّصهُ وَتَلْعَب بِهِ , إِذْ نَاوَلَتْهُ فِرْعَوْن , وَقَالَتْ : خُذْهُ قُرَّة عَيْن لِي وَلَك , قَالَ فِرْعَوْن : هُوَ قُرَّة عَيْن لَك , لَا لِي . قَالَ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس : لَوْ أَنَّهُ قَالَ : وَهُوَ لِي قُرَّة عَيْن إِذَنْ لَآمَنَ بِهِ , وَلَكِنَّهُ أَبَى . 20696 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَتْ اِمْرَأَة فِرْعَوْن : { قُرَّة عَيْن لِي وَلَك } تَعْنِي بِذَلِكَ مُوسَى . 20697 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَصْبَغ بْن يَزِيد , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم بْن أَبِي أَيُّوب , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : لَمَّا أَتَتْ بِمُوسَى اِمْرَأَة فِرْعَوْن فِرْعَوْن قَالَتْ : { قُرَّة عَيْن لِي وَلَك } قَالَ فِرْعَوْن : يَكُون لَك , فَأَمَّا لِي فَلَا حَاجَة لِي فِيهِ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَاَلَّذِي يُحْلَف بِهِ لَوْ أَقَرَّ فِرْعَوْن أَنْ يَكُون لَهُ قُرَّة عَيْن كَمَا أَقَرَّتْ , لَهَدَاهُ اللَّه بِهِ كَمَا هَدَى بِهِ اِمْرَأَته , وَلَكِنَّ اللَّه حَرَمَهُ ذَلِكَ ". وَقَوْله : { لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعنَا أَوْ نَتَّخِذهُ وَلَدًا } ذُكِرَ أَنَّ اِمْرَأَة فِرْعَوْن قَالَتْ هَذَا الْقَوْل حِين هَمَّ بِقَتْلِهِ . قَالَ بَعْضهمْ : حِين أُتِيَ بِهِ يَوْم اِلْتَقَطَهُ مِنْ الْيَمّ. وَقَالَ بَعْضهمْ : يَوْم نَتَفَ مِنْ لِحْيَته أَوْ ضَرَبَهُ بِعَصًا كَانَتْ فِي يَده . ذِكْر مَنْ قَالَ : قَالَتْ ذَلِكَ يَوْم نَتَفَ لِحْيَته : 20698 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : لَمَّا أُتِيَ فِرْعَوْن بِهِ صَبِيًّا أَخَذَهُ إِلَيْهِ , فَأَخَذَ مُوسَى بِلِحْيَتِهِ فَنَتَفَهَا , قَالَ فِرْعَوْن : عَلَيَّ بِالذَّبَّاحِينَ , هُوَ هَذَا ! قَالَتْ آسِيَة : { لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعنَا أَوْ نَتَّخِذهُ وَلَدًا } إِنَّمَا هُوَ صَبِيّ لَا يَعْقِل , وَإِنَّمَا صَنَعَ هَذَا مِنْ صِبَاهُ . 20699 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعنَا أَوْ نَتَّخِذهُ وَلَدًا } قَالَ : أُلْقِيَتْ عَلَيْهِ رَحْمَتهَا حِين أَبْصَرَتْهُ . وَقَوْله : { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ هَلَاكهمْ عَلَى يَده . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20700 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } قَالَ : وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ أَنَّ هَلَكَتهمْ عَلَى يَدَيْهِ , وَفِي زَمَانه . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { أَوْ نَتَّخِذهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } قَالَ : إِنَّ هَلَاكهمْ عَلَى يَدَيْهِ . 20701 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } قَالَ : آل فِرْعَوْن إِنَّهُ لَهُمْ عَدُوّ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } بِمَا هُوَ كَائِن مِنْ أَمْرهمْ وَأَمْره . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20702 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : قَالَتْ اِمْرَأَة فِرْعَوْن آسِيَة : { لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعنَا أَوْ نَتَّخِذهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } يَقُول اللَّه : وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ أَيْ بِمَا هُوَ كَائِن بِمَا أَرَادَ اللَّه بِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى قَوْله { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } بَنُو إِسْرَائِيل لَا يَشْعُرُونَ أَنَّا اِلْتَقَطْنَاهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20703 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن قَيْس { لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعنَا أَوْ نَتَّخِذهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } قَالَ : يَقُول : لَا تَدْرِي بَنُو إِسْرَائِيل أَنَّا اِلْتَقَطْنَاهُ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَفِرْعَوْن وَآله لَا يَشْعُرُونَ بِمَا هُوَ كَائِن مِنْ هَلَاكهمْ عَلَى يَدَيْهِ . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَات بِهِ لِأَنَّهُ عَقِيب قَوْله : { وَقَالَتْ اِمْرَأَة فِرْعَوْن قُرَّة عَيْن لِي وَلَك , لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعنَا أَوْ نَتَّخِذهُ وَلَدًا } وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عَقِبه , فَهُوَ بِأَنْ يَكُون بَيَانًا عَنْ الْقَوْل الَّذِي هُوَ عَقِبه أَحَقّ مِنْ أَنْ يَكُون بَيَانًا عَنْ غَيْره .'; $TAFSEER['3']['28']['10'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا } . اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي عَنَى اللَّه أَنَّهُ أَصْبَحَ مِنْهُ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا , فَقَالَ بَعْضهمْ : الَّذِي عَنَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ أَصْبَحَ مِنْهُ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا : كُلّ شَيْء سِوَى ذِكْر اِبْنهَا مُوسَى. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20704 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن الْعَلَاء , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد , وَحَسَّان أَبِي الْأَشْرَس عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا } قَالَ : فَرَغَ مِنْ كُلّ شَيْء إِلَّا مِنْ ذِكْر مُوسَى . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ حَسَّان , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا } قَالَ : فَارِغًا مِنْ كُلّ شَيْء إِلَّا مِنْ ذِكْر مُوسَى. * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ رَجُل , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا } قَالَ : فَارِغًا مِنْ كُلّ شَيْء إِلَّا مِنْ هَمّ مُوسَى. * - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا } قَالَ : يَقُول : لَا تَذْكُرُوا إِلَّا مُوسَى. 20705 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد { وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا } قَالَ : مِنْ كُلّ شَيْء غَيْر ذِكْر مُوسَى . * -حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا } قَالَ : فَرَغَ مِنْ كُلّ شَيْء إِلَّا مِنْ ذِكْر مُوسَى . 20706 -حَدَّثَنَا عَبْد الْجَبَّار بْن يَحْيَى الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثَنَا ضَمْرَة بْن رَبِيعَة , عَنْ اِبْن شَوْذَب , عَنْ مَطَر , فِي قَوْله { وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا } قَالَ : فَارِغًا مِنْ كُلّ شَيْء إِلَّا مِنْ هَمّ مُوسَى . 20707 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا } : أَيْ لَاغِيًا مِنْ كُلّ شَيْء , إِلَّا مِنْ ذِكْر مُوسَى . 20708 -حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله { وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا } قَالَ : فَرَغَ مِنْ كُلّ شَيْء غَيْر ذِكْر مُوسَى. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى أَنَّ فُؤَادهَا أَصْبَحَ فَارِغًا مِنْ الْوَحْي الَّذِي كَانَ اللَّه أَوْحَاهُ إِلَيْهَا , إِذْ أَمَرَهَا أَنْ تُلْقِيَهُ فِي الْيَمّ فَقَالَ { وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي , إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْك , وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ } قَالَ : فَحَزِنَتْ وَنَسِيَتْ عَهْد اللَّه إِلَيْهَا , فَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا } مِنْ وَحْينَا الَّذِي أَوْحَيْنَاهُ إِلَيْهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20709 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا } قَالَ : فَارِغًا مِنْ الْوَحْي الَّذِي أَوْحَى اللَّه إِلَيْهَا حِين أَمَرَهَا أَنْ تُلْقِيَهُ فِي الْبَحْر , وَلَا تَخَاف وَلَا تَحْزَن . قَالَ : فَجَاءَهَا الشَّيْطَان , فَقَالَ : يَا أُمّ مُوسَى , كَرِهْت أَنْ يَقْتُل فِرْعَوْن مُوسَى , فَيَكُون لَك أَجْره وَثَوَابه وَتَوَلَّيْت قَتْله , فَأَلْقَيْتِيهِ فِي الْبَحْر وَغَرَّقْتِيهِ , فَقَالَ اللَّه : { وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا } مِنْ الْوَحْي الَّذِي أَوْحَاهُ إِلَيْهَا . 20710 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني الْحَسَن , قَالَ : أَصْبَحَ فَارِغًا مِنْ الْعَهْد الَّذِي عَهِدْنَا إِلَيْهَا , وَالْوَعْد الَّذِي وَعَدْنَاهَا أَنْ نَرُدّ عَلَيْهَا اِبْنهَا , فَنَسِيَتْ ذَلِكَ كُلّه , حَتَّى كَادَتْ أَنْ تُبْدِيَ بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبهَا. 20711 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , قَالَ : قَالَ اِبْن إِسْحَاق : قَدْ كَانَتْ أُمّ مُوسَى تَرْفَع لَهُ حِين قَذَفَتْهُ فِي الْبَحْر , هَلْ تَسْمَع لَهُ بِذِكْرٍ , حَتَّى أَتَاهَا الْخَبَر بِأَنَّ فِرْعَوْن أَصَابَ الْغَدَاة صَبِيًّا فِي النِّيل فِي التَّابُوت , فَعَرَفَتْ الصِّفَة , وَرَأَتْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي يَدَيْ عَدُوّهُ الَّذِي فَرَّتْ بِهِ مِنْهُ , وَأَصْبَحَ فُؤَادهَا فَارِغًا مِنْ عَهْد اللَّه إِلَيْهَا فِيهِ قَدْ أَنْسَاهَا عَظِيم الْبَلَاء مَا كَانَ مِنْ الْعَهْد عِنْدهَا مِنْ اللَّه فِيهِ . وَقَالَ بَعْض أَهْل الْمَعْرِفَة بِكَلَامِ الْعَرَب : مَعْنَى ذَلِكَ : { وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا } مِنْ الْحُزْن , لِعِلْمِهَا بِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَق . قَالَ : وَهُوَ مِنْ قَوْلهمْ : دَم فَرْغ : أَيْ لَا قَوَد وَلَا دِيَة ; وَهَذَا قَوْل لَا مَعْنَى لَهُ لِخِلَافِهِ قَوْل جَمِيع أَهْل التَّأْوِيل . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : { وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا } مِنْ كُلّ شَيْء إِلَّا مِنْ هَمّ مُوسَى . وَإِنَّمَا قُلْنَا : ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَال فِيهِ بِالصَّوَابِ لِدَلَالَةِ قَوْله : { إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبهَا } وَلَوْ كَانَ عَنَى بِذَلِكَ : فَرَاغ قَلْبهَا مِنْ الْوَحْي لَمْ يُعَقِّب بِقَوْلِهِ : { إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ } لِأَنَّهَا إِنْ كَانَتْ قَارَبَتْ أَنْ تُبْدِيَ الْوَحْي , فَلَمْ تَكَدْ أَنْ تُبْدِيهِ إِلَّا لِكَثْرَةِ ذِكْرهَا إِيَّاهُ , وَوُلُوعهَا بِهِ . وَمُحَال أَنْ تَكُون بِهِ وَلِعَة إِلَّا وَهِيَ ذَاكِرَة . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ بَطَلَ الْقَوْل بِأَنَّهَا كَانَتْ فَارِغَة الْقَلْب مِمَّا أُوحِيَ إِلَيْهَا . وَأُخْرَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ عَنْهَا أَنَّهَا أَصْبَحَتْ فَارِغَة الْقَلْب , وَلَمْ يُخَصِّص فَرَاغ قَلْبهَا مِنْ شَيْء دُون شَيْء , فَذَلِكَ عَلَى الْعُمُوم إِلَّا مَا قَامَتْ حُجَّته أَنَّ قَلْبهَا لَمْ يَفْرُغ مِنْهُ . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ فَضَالَة بْن عُبَيْد أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ : " وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَازِعًا " مِنْ الْفَزَع . وَقَوْله : { إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي عَادَتْ عَلَيْهِ الْهَاء فِي قَوْله : { بِهِ } فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ مِنْ ذِكْر مُوسَى , وَعَلَيْهِ عَادَتْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20712 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد وَحَسَّان أَبِي الْأَشْرَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ } أَنْ تَقُول : يَا اِبْنَاهُ . * - قَالَ : ثني يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ حَسَّان , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ } أَنْ تَقُول : يَا اِبْنَاهُ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ حَسَّان , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ } أَنْ تَقُول : يَا اِبْنَاهُ . 20713 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ } أَيْ لَتُبْدِي بِهِ أَنَّهُ اِبْنهَا مِنْ شِدَّة وَجْدهَا . 20714 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : لَمَّا جَاءَتْ أُمّه أُخِذَ مِنْهَا , يَعْنِي الرَّضَاع , فَكَادَتْ أَنْ تَقُول : هُوَ اِبْنِي , فَعَصَمَهَا اللَّه , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه { إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبهَا } . وَقَالَ آخَرُونَ بِمَا أَوْحَيْنَاهُ إِلَيْهَا : أَيْ تَظْفَر . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ الَّذِينَ ذَكَرْنَا قَوْلهمْ أَنَّهُمْ قَالُوا : إِنْ كَادَتْ لَتَقُول : يَا بُنَيَّاهُ , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى ذَلِكَ , وَأَنَّهُ عَقِيب قَوْله : { وَأَصْبَحَ فُؤَاد أُمّ مُوسَى فَارِغًا } فَلَأَنْ يَكُون لَوْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ ذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ إِجْمَاع عَلَى ذَلِكَ مِنْ ذِكْر مُوسَى , لِقُرْبِهِ مِنْهُ , أَشْبَه مِنْ أَنْ يَكُون مِنْ ذِكْر الْوَحْي . وَقَالَ بَعْضهمْ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ { إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي } بِمُوسَى فَتَقُول : هُوَ اِبْنِي . قَالَ : وَذَلِكَ أَنَّ صَدْرهَا ضَاقَ إِذْ نُسِبَ إِلَى فِرْعَوْن , وَقِيلَ اِبْن فِرْعَوْن . وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ { لَتُبْدِي بِهِ } لِتُظْهِرهُ وَتُخْبِر بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20715 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ } : لِتُشْعِر بِهِ. 20716 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ } قَالَ : لَتُعْلِن بِأَمْرِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبهَا لِتَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ . وَقَوْله : { لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبهَا } يَقُول : لَوْلَا أَنْ عَصَمْنَاهَا مِنْ ذَلِكَ بِتَثْبِيتنَاهَا وَتَوْفِيقنَاهَا لِلسُّكُوتِ عَنْهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20717 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ اللَّه { لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبهَا } : أَيْ بِالْإِيمَانِ { لِتَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } . 20718 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : كَادَتْ تَقُول : هُوَ اِبْنِي , فَعَصَمَهَا اللَّه , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه : { إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبهَا } . وَقَوْله : { لِتَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : عَصَمْنَاهَا مِنْ إِظْهَار ذَلِكَ وَقِيله بِلِسَانِهَا , وَثَبَّتْنَاهَا لِلْعَهْدِ الَّذِي عَهِدْنَا إِلَيْهَا { لِتَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } بِوَعْدِ اللَّه , الْمُوقِنِينَ بِهِ .'; $TAFSEER['3']['28']['11'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَقَالَتْ } أُمّ مُوسَى لِأُخْتِ مُوسَى حِين أَلْقَتْهُ فِي الْيَمّ { قُصِّيهِ } يَقُول : قُصِّي أَثَر مُوسَى , اِتَّبِعِي أَثَره , تَقُول : قَصَصْت آثَار الْقَوْم : إِذَا اِتَّبَعْت آثَارهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20719 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ } قَالَ : اِتَّبِعِي أَثَره كَيْفَ يُصْنَع بِهِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { قُصِّيهِ } أَيْ قُصِّي أَثَره . 20720 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ } قَالَ : اِتَّبِعِي أَثَره . 20721 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ } أَيْ اُنْظُرِي مَاذَا يَفْعَلُونَ بِهِ . 20722 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ } يَعْنِي : قُصِّي أَثَره. 20723 - حَدَّثني الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَصْبَغ بْن زَيْد , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم بْن أَبِي أَيُّوب , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ } أَيْ قُصِّي أَثَره وَاطْلُبِيهِ هَلْ تَسْمَعِينَ لَهُ ذِكْرًا , أَحَيّ اِبْنِي أَوْ قَدْ أَكَلَتْهُ دَوَابّ الْبَحْر وَحِيتَانه ؟ وَنَسِيَتْ الَّذِي كَانَ اللَّه وَعَدَهَا . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَقَالَتْ } أُمّ مُوسَى لِأُخْتِ مُوسَى حِين أَلْقَتْهُ فِي الْيَمّ { قُصِّيهِ } يَقُول : قُصِّي أَثَر مُوسَى , اِتَّبِعِي أَثَره , تَقُول : قَصَصْت آثَار الْقَوْم : إِذَا اِتَّبَعْت آثَارهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20719 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ } قَالَ : اِتَّبِعِي أَثَره كَيْفَ يُصْنَع بِهِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { قُصِّيهِ } أَيْ قُصِّي أَثَره . 20720 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ } قَالَ : اِتَّبِعِي أَثَره . 20721 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ } أَيْ اُنْظُرِي مَاذَا يَفْعَلُونَ بِهِ . 20722 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ } يَعْنِي : قُصِّي أَثَره. 20723 - حَدَّثني الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَصْبَغ بْن زَيْد , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم بْن أَبِي أَيُّوب , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ } أَيْ قُصِّي أَثَره وَاطْلُبِيهِ هَلْ تَسْمَعِينَ لَهُ ذِكْرًا , أَحَيّ اِبْنِي أَوْ قَدْ أَكَلَتْهُ دَوَابّ الْبَحْر وَحِيتَانه ؟ وَنَسِيَتْ الَّذِي كَانَ اللَّه وَعَدَهَا . وَقَوْله : { فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَقَصَّتْ أُخْت مُوسَى أَثَره , فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُب : يَقُول فَبَصُرَتْ بِمُوسَى عَنْ بُعْد لَمْ تَدْنُ مِنْهُ وَلَمْ تَقْرَب , لِئَلَّا يَعْلَم أَنَّهَا مِنْهُ بِسَبِيلٍ. يُقَال مِنْهُ : بَصُرْت بِهِ وَأَبْصَرْته , لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ , وَأَبْصَرْت عَنْ جُنُب , وَعَنْ جَنَابَة , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : أَتَيْت حُرَيْثًا زَائِرًا عَنْ جَنَابَة فَكَانَ حُرَيْث عَنْ عَطَائِي جَاحِدًا يَعْنِي بِقَوْلِهِ : عَنْ جَنَابَة : عَنْ بُعْد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20724 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { عَنْ جُنُب } قَالَ : بُعْد . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { عَنْ جُنُب } قَالَ : عَنْ بُعْد . قَالَ اِبْن جُرَيْج { عَنْ جُنُب } قَالَ : هِيَ عَلَى الْحَدّ فِي الْأَرْض , وَمُوسَى يَجْرِي بِهِ النِّيل وَهُمَا مُتَحَاذِيَانِ كَذَلِكَ تَنْظُر إِلَيْهِ نَظْرَة , وَإِلَى النَّاس نَظْرَة , وَقَدْ جُعِلَ فِي تَابُوت مُقَيَّر ظَهْره وَبَطْنه , وَأَقْفَلَتْهُ عَلَيْهِ. 20725 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُب } يَقُول : بَصُرَتْ بِهِ وَهِيَ مُحَاذِيَته لَمْ تَأْتِهِ . 20726 - حَدَّثني الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَصْبَغ بْن زَيْد , قَالَ : ثني الْقَاسِم بْن أَبِي أَيُّوب , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُب } وَالْجُنُب : أَنْ يَسْمُوَ بَصَر الْإِنْسَان إِلَى الشَّيْء الْبَعِيد , وَهُوَ إِلَى جَنْبه لَا يَشْعُر بِهِ. وَقَوْله : { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } يَقُول : وَقَوْم فِرْعَوْن لَا يَشْعُرُونَ بِأُخْتِ مُوسَى أَنَّهَا أُخْته. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20727 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } قَالَ : آل فِرْعَوْن . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20728 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُب وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } أَنَّهَا أُخْته , قَالَ : جَعَلَتْ تَنْظُر إِلَيْهِ كَأَنَّهَا لَا تُرِيدهُ. 20729 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } أَنَّهَا أُخْته . 20730 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } أَيْ لَا يَعْرِفُونَ أَنَّهَا مِنْهُ بِسَبِيلٍ.'; $TAFSEER['3']['28']['12'] = 'يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ " الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِع مِنْ قَبْل فَقَالَتْ هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى أَهْل بَيْت يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنَعْنَا مُوسَى الْمَرَاضِع أَنْ يَرْتَضِع مِنْهُنَّ مِنْ قَبْل أُمّه . ذُكِرَ أَنَّ أُخْتًا لِمُوسَى هِيَ الَّتِي قَالَتْ لِآلِ فِرْعَوْن : { هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى أَهْل بَيْت يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20731 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : أَرَادُوا لَهُ الْمُرْضِعَات , فَلَمْ يَأْخُذ مِنْ أَحَد مِنْ النِّسَاء , وَجَعَلَ النِّسَاء يَطْلُبْنَ ذَلِكَ لِيَنْزِلْنَ عِنْد فِرْعَوْن فِي الرَّضَاع , فَأَبَى أَنْ يَأْخُذ , فَذَلِكَ قَوْله : { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِع مِنْ قَبْل فَقَالَتْ } أُخْته { هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى أَهْل بَيْت يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } فَلَمَّا جَاءَتْ أُمّه أَخَذَ مِنْهَا. 20732 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِع مِنْ قَبْل } قَالَ : لَا يَقْبَل ثَدْي اِمْرَأَة حَتَّى يَرْجِع إِلَى أُمّه . 20733 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ حَسَّان , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِع مِنْ قَبْل } قَالَ : كَانَ لَا يُؤْتَى بِمُرْضِعٍ فَيَقْبَلهَا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِع مِنْ قَبْل } قَالَ : لَا يَرْضِع ثَدْي اِمْرَأَة حَتَّى يَرْجِع إِلَى أُمّه . 20734 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِع مِنْ قَبْل } قَالَ : جَعَلَ لَا يُؤْتَى بِامْرَأَةٍ إِلَّا لَمْ يَأْخُذ ثَدْيهَا , قَالَ : { فَقَالَتْ } أُخْته { هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى أَهْل بَيْت يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } . 20735 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : جَمَعُوا الْمَرَاضِع حِين أَلْقَى اللَّه مَحَبَّتهمْ عَلَيْهِ , فَلَا يُؤْتَى بِامْرَأَةٍ فَيَقْبَل ثَدْيهَا فَيَرْمِضهُمْ ذَلِكَ , فَيُؤْتَى بِمُرْضِعٍ بَعْد مُرْضِع , فَلَا يَقْبَل شَيْئًا مِنْهُنَّ { فَقَالَتْ } لَهُمْ أُخْته حِين رَأَتْ مِنْ وَجْدهمْ بِهِ , وَحِرْصهمْ عَلَيْهِ { هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى أَهْل بَيْت يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ } , وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ { يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ } : يَضُمُّونَهُ لَكُمْ . وَقَوْله : { وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } ذُكِرَ أَنَّهَا أُخِذَتْ , فَقِيلَ : قَدْ عَرَفْته , فَقَالَتْ : إِنَّمَا عَنَيْت أَنَّهُمْ لِلْمَلِكِ نَاصِحُونَ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20736 - حَدَّثني مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : لَمَّا قَالَتْ أُخْته { هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى أَهْل بَيْت يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } أَخَذُوهَا , وَقَالُوا : إِنَّك قَدْ عَرَفْت هَذَا الْغُلَام , فَدُلِّينَا عَلَى أَهْله , فَقَالَتْ : مَا أَعْرِفهُ , وَلَكِنِّي إِنَّمَا قُلْت : هُمْ لِلْمَلِكِ نَاصِحُونَ . 20737 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى أَهْل بَيْت يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } قَالَ : فَعِلْقُوهَا حِين قَالَتْ : وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ , قَالُوا : قَدْ عَرَفْتِيهِ , قَالَتْ : إِنَّمَا أَرَدْت هُمْ لِلْمَلِكِ نَاصِحُونَ . 20738 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } أَيْ لِمَنْزِلَتِهِ عِنْدكُمْ , وَحِرْصكُمْ عَلَى مَسَرَّة الْمَلِك , قَالُوا : هَاتِي .'; $TAFSEER['3']['28']['13'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمّه كَيْ تَقَرّ عَيْنهَا وَلَا تَحْزَن وَلِتَعْلَم أَنَّ وَعْد اللَّه حَقّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { فَرَدَدْنَا } مُوسَى { إِلَى أُمّه } بَعْد أَنْ اِلْتَقَطَهُ آل فِرْعَوْن , لِتَقَرّ عَيْنهَا بِابْنِهَا , إِذْ رَجَعَ إِلَيْهَا سَلِيمًا مِنْ قَتْل فِرْعَوْن { وَلَا تَحْزَن } عَلَى فِرَاقه إِيَّاهَا { وَلِتَعْلَم أَنَّ وَعْد اللَّه } الَّذِي وَعَدَهَا إِذْ قَالَ لَهَا { فَإِذَا خِفْت عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي } الْآيَة , حَقّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20739 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمّه } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ { لَا يَعْلَمُونَ } وَوَعَدَهَا أَنَّهُ رَادّه إِلَيْهَا وَجَاعِله مِنْ الْمُرْسَلِينَ , فَفَعَلَ اللَّه ذَلِكَ بِهَا . وَقَوْله : { وَلَكِنَّ أَكْثَرهمْ لَا يَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَكِنَّ أَكْثَر الْمُشْرِكِينَ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ وَعْد اللَّه حَقّ , لَا يُصَدِّقُونَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['28']['14'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدّهُ وَاسْتَوَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلَمَّا بَلَغَ } مُوسَى { أَشُدّهُ } , يَعْنِي حَانَ شِدَّة بَدَنه وَقُوَاهُ , وَانْتَهَى ذَلِكَ مِنْهُ . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْأَشُدّ فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَقَوْله : { وَاسْتَوَى } يَقُول : تَنَاهَى شَبَابه , وَتَمَّ خَلْقه وَاسْتَحْكَمَ . وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَبْلَغ عَدَد سِنِي الِاسْتِوَاء , فَقَالَ بَعْضهمْ : يَكُون ذَلِكَ فِي أَرْبَعِينَ سَنَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20740 -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَاسْتَوَى } قَالَ : أَرْبَعِينَ سَنَة . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدّهُ } قَالَ : ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَة . قَوْله : { وَاسْتَوَى } قَالَ : بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَة . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20741 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدّهُ } قَالَ : بِضْعًا وَثَلَاثِينَ سَنَة . * - قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدّهُ } قَالَ : ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَة . 20742 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { أَشُدّهُ وَاسْتَوَى } قَالَ : أَرْبَعِينَ سَنَة , وَأَشُدّهُ : ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَة . 20743 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدّهُ وَاسْتَوَى } قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُول : الْأَشُدّ : الْجَلَد , وَالِاسْتِوَاء : أَرْبَعُونَ سَنَة . وَقَالَ بَعْضهمْ : يَكُون ذَلِكَ فِي ثَلَاثِينَ سَنَة. وَقَوْله : { آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا } يَعْنِي بِالْحُكْمِ : الْفَهْم بِالدِّينِ وَالْمَعْرِفَة. كَمَا : 20744 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا } قَالَ : الْفِقْه وَالْعَقْل وَالْعَمَل قَبْل النُّبُوَّة . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا } قَالَ : الْفِقْه وَالْعَمَل قَبْل النُّبُوَّة . 20745 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدّهُ وَاسْتَوَى } آتَاهُ اللَّه حُكْمًا وَعِلْمًا وَفِقْهًا فِي دِينه وَدِين آبَائِهِ , وَعِلْمًا بِمَا فِي دِينه وَشَرَائِعه وَحُدُوده . وَقَوْله : { وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَمَا جَزَيْنَا مُوسَى عَلَى طَاعَته إِيَّانَا وَإِحْسَانه بِصَبْرِهِ عَلَى أَمْرنَا , كَذَلِكَ نَجْزِي كُلّ مَنْ أَحْسَنَ مِنْ رُسُلنَا وَعِبَادنَا , فَصَبَرَ عَلَى أَمْرنَا وَأَطَاعَنَا , وَانْتَهَى عَمَّا نَهَيْنَاهُ عَنْهُ .'; $TAFSEER['3']['28']['15'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَدَخَلَ الْمَدِينَة عَلَى حِين غَفْلَة مِنْ أَهْلهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { دَخَلَ } مُوسَى { الْمَدِينَة } مَدِينَة مَنْف مِنْ مِصْر { عَلَى حِين غَفْلَة مِنْ أَهْلهَا } وَذَلِكَ عِنْد الْقَائِلَة نِصْف النَّهَار. وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله دَخَلَ مُوسَى هَذِهِ الْمَدِينَة فِي هَذَا الْوَقْت , فَقَالَ بَعْضهمْ : دَخَلَهَا مُتَّبِعًا أَثَر فِرْعَوْن , لِأَنَّ فِرْعَوْن رَكِبَ وَمُوسَى غَيْر شَاهِد ; فَلَمَّا حَضَرَ عَلِمَ بِرُكُوبِهِ فَرَكِبَ وَاتَّبَعَ أَثَره , وَأَدْرَكَهُ الْمَقِيل فِي هَذِهِ الْمَدِينَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20746 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : كَانَ مُوسَى حِين كَبِرَ يَرْكَب مَرَاكِب فِرْعَوْن , وَيَلْبَس مِثْل مَا يَلْبَس , وَكَانَ إِنَّمَا يُدْعَى مُوسَى بْن فِرْعَوْن , ثُمَّ إِنَّ فِرْعَوْن رَكِبَ مَرْكَبًا وَلَيْسَ عِنْده مُوسَى ; فَلَمَّا جَاءَ مُوسَى قِيلَ لَهُ : إِنَّ فِرْعَوْن قَدْ رَكِبَ , فَرَكِبَ فِي أَثَره فَأَدْرَكَهُ الْمَقِيل بِأَرْضٍ يُقَال لَهَا مَنْف , فَدَخَلَهَا نِصْف النَّهَار , وَقَدْ تَغَلَّقَتْ أَسْوَاقهَا , وَلَيْسَ فِي طُرُقهَا أَحَد , وَهِيَ الَّتِي يَقُول اللَّه : { وَدَخَلَ الْمَدِينَة عَلَى حِين غَفْلَة مِنْ أَهْلهَا } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ دَخَلَهَا مُسْتَخْفِيًا مِنْ فِرْعَوْن وَقَوْمه , لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ خَالَفَهُمْ فِي دِينهمْ , وَعَابَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20747 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : لَمَّا بَلَغَ مُوسَى أَشُدّهُ وَاسْتَوَى , آتَاهُ اللَّه حُكْمًا وَعِلْمًا , فَكَانَتْ لَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل شِيعَة يَسْمَعُونَ مِنْهُ وَيُطِيعُونَهُ وَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ , فَلَمَّا اِسْتَدَّ رَأْيه , وَعَرَفَ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَقّ , رَأَى فِرَاق فِرْعَوْن وَقَوْمه عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ حَقًّا فِي دِينه , فَتَكَلَّمَ وَعَادَى وَأَنْكَرَ , حَتَّى ذُكِرَ مِنْهُ , وَحَتَّى أَخَافُوهُ وَخَافَهُمْ , حَتَّى كَانَ لَا يَدْخُل قَرْيَة فِرْعَوْن إِلَّا خَائِفًا مُسْتَخْفِيًا , فَدَخَلَهَا يَوْمًا عَلَى حِين غَفْلَة مِنْ أَهْلهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ فِرْعَوْن قَدْ أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ مَدِينَته حِين عَلَاهُ بِالْعَصَا , فَلَمْ يَدْخُلهَا إِلَّا بَعْد أَنْ كَبِرَ وَبَلَعَ أَشُدّهُ. قَالُوا : وَمَعْنَى الْكَلَام : وَدَخَلَ الْمَدِينَة عَلَى حِين غَفْلَة مِنْ أَهْلهَا لِذِكْرِ مُوسَى ; أَيْ مِنْ بَعْد نِسْيَانهمْ خَبَره وَأَمْره . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20748 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { عَلَى حِين غَفْلَة مِنْ أَهْلهَا } قَالَ : لَيْسَ غَفْلَة مِنْ سَاعَة , وَلَكِنْ غَفْلَة مِنْ ذِكْر مُوسَى وَأَمْره . وَقَالَ فِرْعَوْن لِامْرَأَتِهِ : أَخْرِجِيهِ عَنِّي , حِين ضَرَبَ رَأْسه بِالْعَصَا , هَذَا الَّذِي قُلْت فِيهِ بَنُو إِسْرَائِيل , فَقَالَتْ : هُوَ صَغِير , وَهُوَ كَذَا , هَاتِ جَمْرًا , فَأُتِيَ بِجَمْرٍ , فَأَخَذَ جَمْرَة فَطَرَحَهَا فِي فِيهِ فَصَارَتْ عُقْدَة فِي لِسَانه , فَكَانَتْ تِلْكَ الْعُقْدَة الَّتِي قَالَ اللَّه { وَاحُلَل عُقْدَة مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي } 20 27 : 28 قَالَ : أَخْرِجِيهِ عَنِّي , فَأُخْرِجَ , فَلَمْ يَدْخُل عَلَيْهِمْ حَتَّى كَبِرَ , فَدَخَلَ عَلَى حِين غَفْلَة مِنْ ذِكْره . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي الصِّحَّة بِذَلِكَ أَنْ يُقَال كَمَا قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدّهُ وَاسْتَوَى وَدَخَلَ الْمَدِينَة عَلَى حِين غَفْلَة مِنْ أَهْلهَا } . وَاخْتَلَفُوا فِي الْوَقْت الَّذِي عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { عَلَى حِين غَفْلَة مِنْ أَهْلهَا } فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ نِصْف النَّهَار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20749 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَدَخَلَ الْمَدِينَة عَلَى حِين غَفْلَة } قَالَ : نِصْف النَّهَار . قَالَ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : يَقُولُونَ فِي الْقَائِلَة , قَالَ : وَبَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء . 20750 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَدَخَلَ الْمَدِينَة عَلَى حِين غَفْلَة مِنْ أَهْلهَا } قَالَ : دَخَلَهَا بَعْد مَا بَلَغَ أَشُدّهُ عِنْد الْقَائِلَة نِصْف النَّهَار . 20751 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : دَخَلَ نِصْف النَّهَار. وَقَوْله : { فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَته } يَقُول : هَذَا مِنْ أَهْل دِين مُوسَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل { وَهَذَا مِنْ عَدُوّهُ } مِنْ الْقِبْط مِنْ قَوْم فِرْعَوْن { فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَته } يَقُول : فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْل دِين مُوسَى عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوّهُ مِنْ الْقِبْط { فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ } يَقُول : فَلَكَزَهُ وَلَهَزَهُ فِي صَدْره بِجَمْعِ كَفّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20752 - حَدَّثني يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا حَفْص , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : أَسَاءَ مُوسَى مِنْ حَيْثُ أَسَاءَ , وَهُوَ شَدِيد الْغَضَب شَدِيد الْقُوَّة , فَمَرَّ بِرَجُلٍ مِنْ الْقِبْط قَدْ تَسَخَّرَ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ , قَالَ : فَلَمَّا رَأَى مُوسَى اِسْتَغَاثَ بِهِ , قَالَ : يَا مُوسَى , فَقَالَ مُوسَى : خَلّ سَبِيله , فَقَالَ : قَدْ هَمَمْت أَنْ أَحْمِلهُ عَلَيْك { فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ } قَالَ : حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَد نِصْف النَّهَار خَرَجَ يَنْظُر الْخَبَر قَالَ : فَإِذَا ذَاكَ الرَّجُل قَدْ أَخَذَهُ آخَر فِي مِثْل حَدّه ; قَالَ : فَقَالَ : يَا مُوسَى , قَالَ : فَاشْتَدَّ غَضَب مُوسَى , قَالَ : فَأَهْوَى , قَالَ : فَخَافَ أَنْ يَكُون إِيَّاهُ يُرِيد , قَالَ : فَقَالَ : { أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلنِي كَمَا قَتَلْت نَفْسًا بِالْأَمْسِ ؟ } قَالَ : فَقَالَ الرَّجُل : أَلَا أُرَاك يَا مُوسَى أَنْتَ الَّذِي قَتَلْت ؟. * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عَثَّام بْن عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ } قَالَ : رَجُل مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل يُقَاتِل جَبَّارًا لِفِرْعَوْن فَاسْتَغَاثَهُ { فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ } فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَد , اِسْتَصْرَخَ بِهِ فَوَجَدَ . يُقَاتِل آخَر , فَأَغَاثَهُ , فَقَالَ { أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلنِي كَمَا قَتَلْت نَفْسًا بِالْأَمْسِ } فَعَرَفُوا أَنَّهُ مُوسَى , فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّب , قَالَ عَثَّام : أَوْ نَحْو هَذَا . 20753 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ , هَذَا مِنْ شِيعَته , وَهَذَا مِنْ عَدُوّهُ } أَمَّا الَّذِي مِنْ شِيعَته فَمِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , وَأَمَّا الَّذِي مِنْ عَدُوّهُ فَقِبْطِيّ مِنْ آل فِرْعَوْن . 20754 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ , هَذَا مِنْ شِيعَته وَهَذَا مِنْ عَدُوّهُ } يَقُول : مِنْ الْقِبْط { فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَته عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوّهُ } . 20755 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَصْبَغ بْن زَيْد , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم بْن أَبِي أَيُّوب , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا بَلَغَ مُوسَى أَشُدّهُ , وَكَانَ مِنْ الرِّجَال , لَمْ يَكُنْ أَحَد مِنْ آل فِرْعَوْن يَخْلُص إِلَى أَحَد مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل مَعَهُ بِظُلْمٍ وَلَا سُخْرَة , حَتَّى اِمْتَنَعُوا كُلّ الِامْتِنَاع , فَبَيْنَا هُوَ يَمْشِي ذَات يَوْم فِي نَاحِيَة الْمَدِينَة , إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ : أَحَدهمَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , وَالْآخَر مِنْ آل فِرْعَوْن , فَاسْتَغَاثَهُ الْإِسْرَائِيلِيّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيّ , فَغَضِبَ مُوسَى وَاشْتَدَّ غَضَبه , لِأَنَّهُ تَنَاوَلَهُ وَهُوَ يَعْلَم مَنْزِلَة مُوسَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , وَحِفْظه لَهُمْ , وَلَا يَعْلَم النَّاس إِلَّا أَنَّمَا ذَلِكَ مِنْ قَبْل الرَّضَاعَة مِنْ أُمّ مُوسَى إِلَّا أَنْ يَكُون اللَّه أَطْلَع مُوسَى مِنْ ذَلِكَ عَلَى عِلْم مَا لَمْ يَطَّلِع عَلَيْهِ غَيْره , فَوَكَزَ مُوسَى الْفِرْعَوْنِيّ فَقَتَلَهُ , وَلَمْ يَرَهُمَا أَحَد إِلَّا اللَّه وَالْإِسْرَائِيلِيّ , ف { قَالَ } مُوسَى حِين قَتَلَ الرَّجُل { هَذَا مِنْ عَمَل الشَّيْطَان } الْآيَة . 20756 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ , هَذَا مِنْ شِيعَته } مُسْلِم , وَهَذَا مِنْ أَهْل دِين فِرْعَوْن كَافِر { فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَته عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوّهُ } وَكَانَ مُوسَى قَدْ أُوتِيَ بَسْطَة فِي الْخَلْق , وَشِدَّة فِي الْبَطْش فَغَضِبَ بِعَدُوِّهِمَا فَنَازَعَهُ { فَوَكَزَهُ مُوسَى } وَكْزَة قَتَلَهُ مِنْهَا وَهُوَ لَا يُرِيد قَتْله , ف { قَالَ هَذَا مِنْ عَمَل الشَّيْطَان إِنَّهُ عَدُوّ مُضِلّ مُبِين } . 20757 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { هَذَا مِنْ شِيعَته } قَالَ : مِنْ قَوْمه مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , وَكَانَ فِرْعَوْن مِنْ فَارِس مِنْ إِصْطَخْر . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ. 20758 - قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد اللَّه , عَنْ أَصْحَابه { هَذَا مِنْ شِيعَته } إِسْرَائِيلِيّ { وَهَذَا مِنْ عَدُوّهُ } قِبْطِيّ { فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَته عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوّهُ } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا أَيْضًا قَالُوا فِي مَعْنَى قَوْله : { فَوَكَزَهُ مُوسَى } . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20759 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { فَوَكَزَهُ مُوسَى } قَالَ : بِجَمْعِ كَفّه . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20760 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَوَكَزَهُ مُوسَى } نَبِيّ اللَّه , وَلَمْ يَتَعَمَّد قَتْله . 20761 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : قَتَلَهُ وَهُوَ لَا يُرِيد قَتْله . وَقَوْله : { فَقَضَى عَلَيْهِ } يَقُول : فَفَرَغَ مِنْ قَتْله . وَقَدْ بَيَّنْت فِيمَا مَضَى أَنَّ مَعْنَى الْقَضَاء : الْفَرَاغ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته هَا هُنَا . ذُكِرَ أَنَّهُ قَتَلَهُ ثُمَّ دَفَنَهُ فِي الرَّمْل , كَمَا : 20762 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد اللَّه , عَنْ أَصْحَابه { فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ } ثُمَّ دَفَنَهُ فِي الرَّمْل . وَقَوْله : { قَالَ هَذَا مِنْ عَمَل الشَّيْطَان } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ مُوسَى حِين قَتَلَ الْقَتِيل : هَذَا الْقَتْل مِنْ تَسَبُّب الشَّيْطَان لِي بِأَنْ هَيَّجَ غَضَبِي حَتَّى ضَرَبْت هَذَا فَهَلَكَ مِنْ ضَرْبَتِي . { إِنَّهُ عَدُوّ } يَقُول : إِنَّ الشَّيْطَان عَدُوّ لِابْنِ آدَم { مُضِلّ } لَهُ عَنْ سَبِيل الرَّشَاد بِتَزْيِينِهِ لَهُ الْقَبِيح مِنْ الْأَعْمَال , وَتَحْسِينه ذَلِكَ لَهُ { مُبِين } يَعْنِي أَنَّهُ يُبَيِّن عَدَاوَته لَهُمْ قَدِيمًا , وَإِضْلَاله إِيَّاهُمْ .'; $TAFSEER['3']['28']['16'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ نَدَم مُوسَى عَلَى مَا كَانَ مِنْ قَتْله النَّفْس الَّتِي قَتَلَهَا , وَتَوْبَته إِلَيْهِ مِنْهُ وَمَسْأَلَته غُفْرَانه مِنْ ذَلِكَ { رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي } بِقَتْلِ النَّفْس الَّتِي لَمْ تَأْمُرنِي بِقَتْلِهَا , فَاعْفُ عَنْ ذَنْبِي ذَلِكَ , وَاسْتُرْهُ عَلَيَّ , وَلَا تُؤَاخِذنِي بِهِ فَتُعَاقِبنِي عَلَيْهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20763 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي } قَالَ : بِقَتْلِي مِنْ أَجْل أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَقْتُل حَتَّى يُؤْمَر , وَلَمْ يُؤْمَر . 20764 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : عَرَفَ الْمَخْرَج , فَقَالَ : { ظَلَمْت نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي , فَغَفَرَ لَهُ } . وَقَوْله : { فَغَفَرَ لَهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَعَفَا اللَّه لِمُوسَى عَنْ ذَنْبه وَلَمْ يُعَاقِبهُ بِهِ . يَقُول : إِنَّ اللَّه هُوَ السَّاتِر عَلَى الْمُنِيبِينَ إِلَيْهِ مِنْ ذُنُوبهمْ عَلَى ذُنُوبهمْ , الْمُتَفَضِّل عَلَيْهِمْ بِالْعَفْوِ عَنْهَا , الرَّحِيم لِلنَّاسِ أَنْ يُعَاقِبَهُمْ عَلَى ذُنُوبهمْ بَعْد مَا تَابُوا مِنْهَا.'; $TAFSEER['3']['28']['17'] = 'وَقَوْله : { قَالَ رَبّ بِمَا أَنْعَمْت عَلَيَّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ مُوسَى رَبّ بِإِنْعَامِك عَلَيَّ بِعَفْوِك عَنْ قَتْل هَذِهِ النَّفْس . يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ , كَأَنَّهُ أَقْسَمَ بِذَلِكَ , وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " فَلَا تَجْعَلنِي ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ " كَأَنَّهُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة دَعَا رَبّه , فَقَالَ : اللَّهُمَّ لَنْ أَكُون ظَهِيرًا وَلَمْ يَسْتَثْنِ عَلَيْهِ السَّلَام حِين قَالَ { فَلَنْ أَكُون ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ } فَابْتُلِيَ . وَكَانَ قَتَادَة يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 20765 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَلَنْ أَكُون ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ } يَقُول : فَلَنْ أُعِين بَعْدهَا ظَالِمًا عَلَى فُجْره , قَالَ : وَقَلَّمَا قَالَهَا رَجُل إِلَّا اُبْتُلِيَ , قَالَ : فَابْتُلِيَ كَمَا تَسْمَعُونَ .'; $TAFSEER['3']['28']['18'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَة خَائِفًا يَتَرَقَّب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَصْبَحَ مُوسَى فِي مَدِينَة فِرْعَوْن خَائِفًا مِنْ جِنَايَته الَّتِي جَنَاهَا , وَقَتْله النَّفْس الَّتِي قَتَلَهَا أَنْ يُؤْخَذ فَيُقْتَل بِهَا { يَتَرَقَّب } يَقُول : يَتَرَقَّب الْأَخْبَار : أَيْ يَنْتَظِر مَا الَّذِي يَتَحَدَّث بِهِ النَّاس , مِمَّا هُمْ صَانِعُونَ فِي أَمْره وَأَمْر قَتِيله. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20766 - حَدَّثني الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَصْبَغ بْن زَيْد , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم عَنْ أَبِي أَيُّوب , قَالَ : ثَنَا سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَة خَائِفًا يَتَرَقَّب } قَالَ : خَائِفًا مِنْ قَتْله النَّفْس , يَتَرَقَّب أَنْ يُؤْخَذ . 20767 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَة خَائِفًا يَتَرَقَّب } قَالَ : خَائِفًا أَنْ يُؤْخَذ .'; $TAFSEER['3']['28']['19'] = 'وَقَوْله : { فَإِذَا الَّذِي اِسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَرَأَى مُوسَى لَمَّا دَخَلَ الْمَدِينَة عَلَى خَوْف مُتَرَقِّبًا الْأَخْبَار عَنْ أَمْره وَأَمْر الْقَتِيل , فَإِذَا الْإِسْرَائِيلِيّ الَّذِي اِسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ عَلَى الْفِرْعَوْنِيّ يُقَاتِلهُ فِرْعُونِيّ آخَر , فَرَآهُ الْإِسْرَائِيلِيّ فَاسْتَصْرَخَهُ عَلَى الْفِرْعَوْنِيّ . يَقُول : فَاسْتَغَاثَهُ أَيْضًا عَلَى الْفِرْعَوْنِيّ , وَأَصْله مِنْ الصُّرَاخ , كَمَا يُقَال : قَالَ بَنُو فُلَان : يَا صَبَاحَاهُ , قَالَ لَهُ مُوسَى : { إِنَّك لَغَوِيّ مُبِين } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قَالَ مُوسَى لِلْإِسْرَائِيلِيِّ الَّذِي اِسْتَصْرَخَهُ , وَقَدْ صَادَفَ مُوسَى نَادِمًا عَلَى مَا سَلَفَ مِنْهُ مِنْ قَتْله بِالْأَمْسِ الْقَتِيل , وَهُوَ يَسْتَصْرِخهُ الْيَوْم عَلَى آخَر : إِنَّك أَيّهَا الْمُسْتَصْرِخ لَغَوِيّ : يَقُول : إِنَّك لَذُو غِوَايَة , مُبِين : يَقُول : قَدْ تَبَيَّنَتْ غِوَايَتك بِقَتْلِك أَمْس رَجُلًا , وَالْيَوْم آخَر . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20768 - حَدَّثني الْعَبَّاس , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَصْبَغ بْن زَيْد , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : أُتِيَ فِرْعَوْن , فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل قَدْ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ آل فِرْعَوْن , فَخُذْ لَنَا بِحَقِّنَا وَلَا تُرَخِّص لَهُمْ فِي ذَلِكَ , قَالَ : اِبْغُونِي قَاتِله وَمَنْ يَشْهَد عَلَيْهِ , لَا يَسْتَقِيم أَنْ نَقْضِيَ بِغَيْرِ بَيِّنَة وَلَا ثَبْت فَاطْلُبُوا ذَلِكَ , فَبَيْنَمَا هُمْ يَطُوفُونَ لَا يَجِدُونَ شَيْئًا , إِذْ مَرَّ مُوسَى مِنْ الْغَد , فَرَأَى ذَلِكَ الْإِسْرَائِيلِيّ يُقَاتِل فِرْعَوْنِيًّا , فَاسْتَغَاثَهُ الْإِسْرَائِيلِيّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيّ , فَصَادَفَ مُوسَى وَقَدْ نَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ بِالْأَمْسِ , وَكَرِهَ الَّذِي رَأَى , فَغَضِبَ مُوسَى , فَمَدَّ يَده وَهُوَ يُرِيد أَنْ يَبْطِش بِالْفِرْعَوْنِيِّ , فَقَالَ لِلْإِسْرَائِيلِيِّ لِمَا فَعَلَ بِالْأَمْسِ وَالْيَوْم { إِنَّك لَغَوِيّ مُبِين } , فَنَظَرَ الْإِسْرَائِيلِيّ إِلَى مُوسَى بَعْد مَا قَالَ هَذَا , فَإِذَا هُوَ غَضْبَان كَغَضَبِهِ بِالْأَمْسِ إِذْ قَتَلَ فِيهِ الْفِرْعَوْنِيّ , فَخَافَ أَنْ يَكُون بَعْد مَا قَالَ لَهُ : { إِنَّك لَغَوِيّ مُبِين } إِيَّاهُ أَرَادَ , وَلَمْ يَكُنْ أَرَادَهُ , إِنَّمَا أَرَادَ الْفِرْعَوْنِيّ , فَخَافَ الْإِسْرَائِيلِيّ فَحَاجَّهُ , فَقَالَ { يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلنِي كَمَا قَتَلْت نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيد إِلَّا أَنْ تَكُون جَبَّارًا فِي الْأَرْض } وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مَخَافَة أَنْ يَكُون إِيَّاهُ أَرَادَ مُوسَى لِيَقْتُلهُ , فَتَتَارَكَا. 20769 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد عَنْ قَتَادَة : { فَإِذَا الَّذِي اِسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخهُ } قَالَ : الِاسْتِنْصَار وَالِاسْتِصْرَاخ وَاحِد . 20770 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَإِذَا الَّذِي اِسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخهُ } يَقُول : يَسْتَغِيثهُ . 20771 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : لَمَّا قَتَلَ مُوسَى الْقَتِيل , خَرَجَ فَلَحِقَ بِمَنْزِلِهِ مِنْ مِصْر , وَتَحَدَّثَ النَّاس بِشَأْنِهِ , وَقِيلَ : قَتَلَ مُوسَى رَجُلًا حَتَّى اِنْتَهَى ذَلِكَ إِلَى فِرْعَوْن , فَأَصْبَحَ مُوسَى غَادِيًا الْغَد , وَإِذَا صَاحِبه بِالْأَمْسِ مُعَانِق رَجُلًا آخَر مِنْ عَدُوّهُ , فَقَالَ لَهُ مُوسَى : { إِنَّك لَغَوِيّ مُبِين } أَمْس رَجُلًا , وَالْيَوْم آخَر ؟ . 20772 -حَدَّثني يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا حَفْص , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر وَالشَّيْبَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : الَّذِي اِسْتَنْصَرَهُ : هُوَ الَّذِي اِسْتَصْرَخَهُ . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِش بِاَلَّذِي هُوَ عَدُوّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلنِي كَمَا قَتَلْت نَفْسًا بِالْأَمْسِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا أَرَادَ مُوسَى أَنْ يَبْطِش بِالْفِرْعَوْنِيِّ الَّذِي هُوَ عَدُوّ لَهُ وَلِلْإِسْرَائِيلِيِّ , قَالَ الْإِسْرَائِيلِيّ لِمُوسَى وَظَنَّ أَنَّهُ إِيَّاهُ يُرِيد { أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلنِي كَمَا قَتَلْت نَفْسًا بِالْأَمْسِ } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20773 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِش بِاَلَّذِي هُوَ عَدُوّ لَهُمَا قَالَ } : خَافَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَته حِين قَالَ لَهُ مُوسَى : { إِنَّك لَغَوِيّ مُبِين } . 20774 -حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ مُوسَى لِلْإِسْرَائِيلِيِّ : { إِنَّك لَغَوِيّ مُبِين } ثُمَّ أَقْبَلَ لِيَنْصُرهُ , فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى مُوسَى قَدْ أَقْبَلَ نَحْوه لِيَبْطِش بِالرَّجُلِ الَّذِي يُقَاتِل الْإِسْرَائِيلِيّ , { قَالَ } الْإِسْرَائِيلِيّ , وَفَرَقَ مِنْ مُوسَى أَنْ يَبْطِش بِهِ مِنْ أَجْل أَنَّهُ أَغْلَظَ لَهُ الْكَلَام : { يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلنِي كَمَا قَتَلْت نَفْسًا بِالْأَمْسِ , إِنْ تُرِيد إِلَّا أَنْ تَكُون جَبَّارًا فِي الْأَرْض وَمَا تُرِيد أَنْ تَكُون مِنْ الْمُصْلِحِينَ } فَتَرَكَهُ مُوسَى . 20775 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد اللَّه , عَنْ أَصْحَابه , قَالَ : نَدِمَ بَعْد أَنْ قَتَلَ الْقَتِيل , فَقَالَ : { هَذَا مِنْ عَمَل الشَّيْطَان إِنَّهُ عَدُوّ مُضِلّ مُبِين } قَالَ : ثُمَّ اِسْتَنْصَرَهُ بَعْد ذَلِكَ الْإِسْرَائِيلِيّ عَلَى قِبْطِيّ آخَر , فَقَالَ لَهُ مُوسَى : { إِنَّك لَغَوِيّ مُبِين } فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَبْطِش بِالْقِبْطِيِّ , ظَنَّ الْإِسْرَائِيلِيّ أَنَّهُ إِيَّاهُ يُرِيد , فَقَالَ : يَا مُوسَى { أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلنِي كَمَا قَتَلْت نَفْسًا بِالْأَمْسِ } ؟ . قَالَ : وَقَالَ اِبْن جُرَيْج , أَوْ اِبْن أَبِي نَجِيح - الطَّبَرِيّ يَشُكّ وَهُوَ فِي الْكِتَاب اِبْن أَبِي نَجِيح - أَنَّ مُوسَى لَمَّا أَصْبَحَ , أَصْبَحَ نَادِمًا تَائِبًا , يَوَدّ أَنْ لَمْ يَبْطِش بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا , وَقَدْ قَالَ لِلْإِسْرَائِيلِيِّ : { إِنَّك لَغَوِيّ مُبِين } فَعَلِمَ الْإِسْرَائِيلِيّ أَنَّ مُوسَى غَيْر نَاصِره ; فَلَمَّا أَرَادَ الْإِسْرَائِيلِيّ أَنْ يَبْطِش بِالْقِبْطِيِّ نَهَاهُ مُوسَى , فَفَرَقَ الْإِسْرَائِيلِيّ مِنْ مُوسَى , فَقَالَ : { أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْت نَفْسًا بِالْأَمْسِ } ؟ فَسَعَى بِهَا الْقِبْطِيّ . وَقَوْله : { إِنْ تُرِيد إِلَّا أَنْ تَكُون جَبَّارًا فِي الْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل الْإِسْرَائِيلِيّ لِمُوسَى : { إِنْ تُرِيد } مَا تُرِيد إِلَّا أَنْ تَكُون جَبَّارًا فِي الْأَرْض . وَكَانَ مِنْ فِعْل الْجَبَابِرَة : قَتْل النُّفُوس ظُلْمًا , بِغَيْرِ حَقّ . وَقِيلَ : إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِمُوسَى الْإِسْرَائِيلِيّ , لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدهمْ مَنْ قَتَلَ نَفْسَيْنِ : مِنْ الْجَبَابِرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20776 - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم بْن بَشِير , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن سَالِم , عَنْ الشَّعْبِيّ قَالَ : مَنْ قَتَلَ رَجُلَيْنِ فَهُوَ جَبَّار ; قَالَ : ثُمَّ قَرَأَ { أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْت نَفْسًا بِالْأَمْسِ , إِنْ تُرِيد إِلَّا أَنْ تَكُون جَبَّارًا فِي الْأَرْض , وَمَا تُرِيد أَنْ تَكُون مِنْ الْمُصْلِحِينَ } . 20777 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { إِنْ تُرِيد إِلَّا أَنْ تَكُون جَبَّارًا فِي الْأَرْض } إِنَّ الْجَبَابِرَة هَكَذَا , تَقْتُل النَّفْس بِغَيْرِ النَّفْس . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , { إِنْ تُرِيد إِلَّا أَنْ تَكُون جَبَّارًا فِي الْأَرْض } قَالَ : تِلْكَ سِيرَة الْجَبَابِرَة أَنْ تَقْتُل النَّفْس بِغَيْرِ النَّفْس . وَقَوْله : { وَمَا تُرِيد أَنْ تَكُون مِنْ الْمُصْلِحِينَ } يَقُول : مَا تُرِيد أَنْ تَكُون مِمَّنْ يَعْمَل فِي الْأَرْض بِمَا فِيهِ صَلَاح أَهْلهَا , مِنْ طَاعَة اللَّه . وَذُكِرَ عَنْ اِبْن إِسْحَاق أَنَّهُ قَالَ فِي ذَلِكَ مَا : 20778 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق : { وَمَا تُرِيد أَنْ تَكُون مِنْ الْمُصْلِحِينَ } أَيْ مَا هَكَذَا يَكُون الْإِصْلَاح.'; $TAFSEER['3']['28']['20'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَجَاءَ رَجُل مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَة يَسْعَى }. ذُكِرَ أَنَّ قَوْل الْإِسْرَائِيلِيّ سَمِعَهُ سَامِع فَأَفْشَاهُ , وَأَعْلَمَ بِهِ أَهْل الْقَتِيل , فَحِينَئِذٍ طَلَبَ فِرْعَوْن مُوسَى , وَأَمَرَ بِقَتْلِهِ ; فَلَمَّا أَمَرَ بِقَتْلِهِ , جَاءَ مُوسَى مُخْبِر , وَخَبَّرَهُ بِمَا قَدْ أَمَرَ بِهِ فِرْعَوْن فِي أَمْره , وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالْخُرُوجِ مِنْ مِصْر , بَلَد فِرْعَوْن وَقَوْمه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20779 - حَدَّثني الْعَبَّاس , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَصْبَغ بْن زَيْد , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم بْن أَبِي أَيُّوب , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : اِنْطَلَقَ الْفِرْعَوْنِيّ الَّذِي كَانَ يُقَاتِل الْإِسْرَائِيلِيّ إِلَى قَوْمه , فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا سَمِعَ مِنْ الْإِسْرَائِيلِيّ مِنْ الْخَبَر حِين يَقُول { أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلنِي كَمَا قَتَلْت نَفْسًا بِالْأَمْسِ } ؟ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْن الذَّبَّاحِينَ لِقَتْلِ مُوسَى , فَأَخَذُوا الطَّرِيق الْأَعْظَم , وَهُمْ لَا يَخَافُونَ أَنْ يَفُوتهُمْ , وَكَانَ رَجُل مِنْ شِيعَة مُوسَى فِي أَقْصَى الْمَدِينَة , فَاخْتَصَرَ طَرِيقًا قَرِيبًا , حَتَّى سَبَقَهُمْ إِلَى مُوسَى , فَأَخْبَرَهُ الْخَبَر . 20780 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : أَعْلَمَهُمْ الْقِبْطِيّ الَّذِي هُوَ عَدُوّ لَهُمَا , فَأْتَمَرَ الْمَلَأ لِيَقْتُلُوهُ , فَجَاءَ رَجُل مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَة , وَقَرَأَ { إِنَّ } إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : كُنَّا نُحَدَّث أَنَّهُ مُؤْمِن آل فِرْعَوْن. 20781 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : ذَهَبَ الْقِبْطِيّ , يَعْنِي الَّذِي كَانَ يُقَاتِل الْإِسْرَائِيلِيّ , فَأَفْشَى عَلَيْهِ أَنَّ مُوسَى هُوَ الَّذِي قَتَلَ الرَّجُل , فَطَلَبَهُ فِرْعَوْن وَقَالَ : خُذُوهُ فَإِنَّهُ صَاحِبنَا , وَقَالَ لِلَّذِينَ يَطْلُبُونَهُ : اُطْلُبُوهُ فِي بُنَيَّات الطَّرِيق , فَإِنَّ مُوسَى غُلَام لَا يَهْتَدِي الطَّرِيق , وَأَخَذَ مُوسَى فِي بُنَيَّات الطَّرِيق , وَقَدْ جَاءَهُ الرَّجُل فَأَخْبَرَهُ { إِنَّ الْمَلَأ يَأْتَمِرُونَ بِك لِيَقْتُلُوك } . 20782 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد اللَّه , عَنْ أَصْحَابه , قَالُوا : لَمَّا سَمِعَ الْقِبْطِيّ قَوْل الْإِسْرَائِيلِيّ لِمُوسَى { أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْت نَفْسًا بِالْأَمْسِ } سَعَى بِهَا إِلَى أَهْل الْمَقْتُول فَقَالَ : إِنَّ مُوسَى هُوَ قَتَلَ صَاحِبكُمْ , وَلَوْ لَمْ يَسْمَعهُ مِنْ الْإِسْرَائِيلِيّ لَمْ يَعْلَمهُ أَحَد ; فَلَمَّا عَلِمَ مُوسَى أَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا خَرَجَ هَارِبًا , فَطَلَبَهُ الْقَوْم فَسَبَقَهُمْ ; قَالَ : وَقَالَ اِبْن أَبِي نَجِيح : سَعَى الْقِبْطِيّ . 20783 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , قَالَ قَالَ الْإِسْرَائِيلِيّ لِمُوسَى : { أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلنِي كَمَا قَتَلْت نَفْسًا بِالْأَمْسِ } وَقِبْطِيّ قَرِيب مِنْهُمَا يَسْمَع , فَأَفْشَى عَلَيْهِمَا . 20784 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : سَمِعَ ذَلِكَ عَدُوّ , فَأَفْشَى عَلَيْهِمَا . وَقَوْله : { وَجَاءَ رَجُل } ذُكِرَ أَنَّهُ مُؤْمِن آل فِرْعَوْن , وَكَانَ اِسْمه فِيمَا قِيلَ : سَمْعَان. وَقَالَ بَعْضهمْ : بَلْ كَانَ اِسْمه شَمْعُون . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20785 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , أَخْبَرَنِي وَهْب بْن سُلَيْمَان , عَنْ شُعَيْب الْجُبَّائِيّ , قَالَ : اِسْمه شَمْعُون الَّذِي قَالَ لِمُوسَى : { إِنَّ الْمَلَأ يَأْتَمِرُونَ بِك لِيَقْتُلُوك } . 20786 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : أَصْبَحَ الْمَلَأ مِنْ قَوْم فِرْعَوْن قَدْ أَجْمَعُوا لِقَتْلِ مُوسَى فِيمَا بَلَغَهُمْ عَنْهُ , فَجَاءَ رَجُل مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَة يَسْعَى يُقَال لَهُ سَمْعَان , فَقَالَ : { يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأ يَأْتَمِرُونَ بِك لِيَقْتُلُوك , فَاخْرُجْ إِنِّي لَك مِنْ النَّاصِحِينَ } . 20787 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : { وَجَاءَ رَجُل مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَة يَسْعَى } إِلَى مُوسَى { قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأ يَأْتَمِرُونَ بِك لِيَقْتُلُوك , فَاخْرُجْ إِنِّي لَك مِنْ النَّاصِحِينَ } . وَقَوْله { مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَة } يَقُول : مِنْ آخِر مَدِينَة فِرْعَوْن { يَسْعَى } يَقُول : يَعْجَل . كَمَا : 20788 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { وَجَاءَ رَجُل مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَة يَسْعَى } قَالَ : يَعْجَل , لَيْسَ بِالشَّدِّ. وَقَوْله : { قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأ يَأْتَمِرُونَ بِك لِيَقْتُلُوك } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قَالَ الرَّجُل الَّذِي جَاءَهُ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَة يَسْعَى لِمُوسَى : يَا مُوسَى إِنَّ أَشْرَاف قَوْم فِرْعَوْن وَرُؤَسَائِهِمْ يَتَآمَرُونَ بِقَتْلِك , وَيَتَشَاوَرُونَ وَيَرْتَئُونَ فِيك ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : مَا تَأْتَمِر فِينَا فَأَمْ رُكَ فِي يَمِينِك أَوْ شِمَالك يَعْنِي : مَا تَرْتَئِي , وَتَهُمّ بِهِ ; وَمِنْهُ قَوْل النَّمِر بْن تَوْلَب : أَرَى النَّاس قَدْ أَحْدَثُوا شِيمَة وَفِي كُلّ حَادِثَة يُؤْتَمَر أَيْ يُتَشَاوَر وَيُرْتَأَى فِيهَا . وَقَوْله : { فَاخْرُجْ إِنِّي لَك مِنْ النَّاصِحِينَ } يَقُول : فَاخْرُجْ مِنْ هَذِهِ الْمَدِينَة , إِنِّي لَك فِي إِشَارَتِي عَلَيْك بِالْخُرُوجِ مِنْهَا مِنْ النَّاصِحِينَ.'; $TAFSEER['3']['28']['21'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّب } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَخَرَجَ مُوسَى مِنْ مَدِينَة فِرْعَوْن خَائِفًا مِنْ قَتْله النَّفْس أَنْ يُقْتَل بِهِ { يَتَرَقَّب } يَقُول : يَنْتَظِر الطَّلَب أَنْ يُدْرِكهُ فَيَأْخُذهُ . كَمَا : 20789 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّب } خَائِفًا مِنْ قَتْله النَّفْس يَتَرَقَّب الطَّلَب { قَالَ رَبّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْم الظَّالِمِينَ } . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّب } قَالَ : خَائِفًا مِنْ قَتْل النَّفْس , يَتَرَقَّب أَنْ يَأْخُذهُ الطَّلَب . 20790 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : ذُكِرَ لِي أَنَّهُ خَرَجَ عَلَى وَجْهه خَائِفًا يَتَرَقَّب مَا يَدْرِي أَيّ وَجْه يَسْلُك , وَهُوَ يَقُول : { رَبّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْم الظَّالِمِينَ } . 20791 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّب } قَالَ : يَتَرَقَّب مَخَافَة الطَّلَب . وَقَوْله : { قَالَ رَبّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْم الظَّالِمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ مُوسَى وَهُوَ شَاخِص عَنْ مَدِينَة فِرْعَوْن خَائِفًا : رَبّ نَجِّنِي مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الْكَافِرِينَ , الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ بِكُفْرِهِمْ بِك.'; $TAFSEER['3']['28']['22'] = 'وَقَوْله : { وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَن } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَمَّا جَعَلَ مُوسَى وَجْهه نَحْو مَدْيَن , مَاضِيًا إِلَيْهَا , شَاخِصًا عَنْ مَدِينَة فِرْعَوْن , وَخَارِجًا عَنْ سُلْطَانه , { قَالَ : عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِينِي سَوَاء السَّبِيل } وَعَنَى بِقَوْلِهِ : " تِلْقَاء " : نَحْو مَدْيَن ; وَيُقَال : فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ تِلْقَاء نَفْسه , يَعْنِي بِهِ : مِنْ قِبَل نَفْسه وَيُقَال : دَاره تِلْقَاء دَار فُلَان : إِذَا كَانَتْ مُحَاذِيَتهَا , وَلَمْ يُصْرَف اِسْم مَدْيَن لِأَنَّهَا اِسْم بَلْدَة مَعْرُوفَة , كَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب بِأَسْمَاءِ الْبِلَاد الْمَعْرُوفَة ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : رُهْبَان مَدْيَن لَوْ رَأَوْك تَنَزَّلُوا وَالْعَصَم مِنْ شَعَف الْعُقُول الْفَادِر وَقَوْله : { عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيل } يَقُول : عَسَى رَبِّي أَنْ يُبَيِّنَ لِي قَصْد السَّبِيل إِلَى مَدْيَن , وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِف الطَّرِيق إِلَيْهَا . وَذُكِرَ أَنَّ اللَّه قَيَّضَ لَهُ إِذْ قَالَ : { رَبّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْم الظَّالِمِينَ } مَلَكًا سَدَّدَهُ الطَّرِيقَ , وَعَرَّفَهُ إِيَّاهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20792 -حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : لَمَّا أَخَذَ مُوسَى فِي بُنَيَّات الطَّرِيق جَاءَهُ مَلَك عَلَى فَرَس بِيَدِهِ عَنَزَة ; فَلَمَّا رَآهُ مُوسَى سَجَدَ لَهُ مِنْ الْفَرَق قَالَ : لَا تَسْجُد لِي وَلَكِنْ اِتَّبِعْنِي , فَاتَّبَعَهُ , فَهَدَاهُ نَحْو مَدْيَن. وَقَالَ مُوسَى وَهُوَ مُتَوَجِّه نَحْو مَدْيَن : { عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيل } فَانْطَلَقَ بِهِ حَتَّى اِنْتَهَى بِهِ إِلَى مَدْيَن . 20793 -حَدَّثَنَا الْعَبَّاس , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَصْبَغ بْن زَيْد , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : خَرَجَ مُوسَى مُتَوَجِّهًا نَحْو مَدْيَن , وَلَيْسَ لَهُ عِلْم بِالطَّرِيقِ إِلَّا حُسْن ظَنّه بِرَبِّهِ , فَإِنَّهُ قَالَ { عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيل } . 20794 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : ذُكِرَ لِي أَنَّهُ خَرَجَ وَهُوَ يَقُول : { رَبّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْم الظَّالِمِينَ } فَهَيَّأَ اللَّه الطَّرِيق إِلَى مَدْيَن , فَخَرَجَ مِنْ مِصْر بِلَا زَاد وَلَا حِذَاء وَلَا ظَهْر وَلَا دِرْهَم وَلَا رَغِيف , خَائِفًا يَتَرَقَّب , حَتَّى وَقَعَ إِلَى أُمَّة مِنْ النَّاس يَسْقُونَ بِمَدْيَن . 20795 -حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّار الْحُسَيْن بْن حُرَيْث الْمَرْوَزِيّ , قَالَ : ثَنَا الْفَضْل بْن مُوسَى , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : خَرَجَ مُوسَى مِنْ مِصْر إِلَى مَدْيَن , وَبَيْنهَا وَبَيْنهَا مَسِيرَة ثَمَان , قَالَ : وَكَانَ يُقَال نَحْو مِنْ الْكُوفَة إِلَى الْبَصْرَة , وَلَمْ يَكُنْ لَهُ طَعَام إِلَّا وَرَق الشَّجَر , وَخَرَجَ حَافِيًا , فَمَا وَصَلَ إِلَيْهَا حَتَّى وَقَعَ خُفّ قَدَمه . 20796 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عَثَّام , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ سَعِيد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا خَرَجَ مُوسَى مِنْ مِصْر إِلَى مَدْيَن , وَبَيْنه وَبَيْنهَا ثَمَان لَيَالٍ , كَانَ يُقَال : نَحْو مِنْ الْبَصْرَة إِلَى الْكُوفَة ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . وَمَدْيَن كَانَ بِهَا يَوْمئِذٍ قَوْم شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20797 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَن } وَمَدْيَن : مَاء كَانَ عَلَيْهِ قَوْم شُعَيْب { قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيل } . وَأَمَّا قَوْله : { سَوَاء السَّبِيل } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله نَحْو قَوْلنَا فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20798 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { سَوَاء السَّبِيل } قَالَ : الطَّرِيق إِلَى مَدْيَن . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20799 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيل } قَالَ : قَصْد السَّبِيل . 20800 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا عَبَّاد بْن رَاشِد , عَنْ الْحَسَن : { عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيل } قَالَ : الطَّرِيق الْمُسْتَقِيم.'; $TAFSEER['3']['28']['23'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَن وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّة مِنْ النَّاس يَسْقُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلَمَّا وَرَدَ } مُوسَى { مَاء مَدْيَن وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّة } يَعْنِي جَمَاعَة { مِنْ النَّاس يَسْقُونَ } نَعَمهمْ وَمَوَاشِيهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20801 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّة مِنْ النَّاس يَسْقُونَ } يَقُول : كَثْرَة مِنْ النَّاس يَسْقُونَ. 20802 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { أُمَّة مِنْ النَّاس } قَالَ : أُنَاسًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله. 20803 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : وَقَعَ إِلَى أُمَّة مِنْ النَّاس يَسْقُونَ بِمَدْيَن أَهْل نَعَم وَشَاء. 20804 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُوسَى وَابْن بَشَّار , قَالَا : ثَنَا أَبُو دَاوُد , قَالَ : أَخْبَرَنَا عِمْرَان الْقَطَّان , قَالَ : ثَنَا أَبُو حَمْزَة عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَن } قَالَ عَلِيّ بْن مُوسَى : قَالَ : مِثْل مَاء جَوْبكُمْ هَذَا , يَعْنِي المحدثة . وَقَالَ اِبْن بَشَّار : مِثْل محدثتكم هَذِهِ , يَعْنِي جَوَابكُمْ هَذَا . وَقَوْله : { وَوَجَدَ مِنْ دُونهمْ اِمْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ } يَقُول : وَوَجَدَ مِنْ دُون أُمَّة النَّاس الَّذِينَ هُمْ عَلَى الْمَاء , اِمْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ , يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { تَذُودَانِ } تَحْبِسَانِ غَنَمهمَا ; يُقَال مِنْهُ : ذَادَ فُلَان غَنَمه وَمَاشِيَته : إِذَا أَرَادَ شَيْء مِنْ ذَلِكَ يَشِذّ وَيَذْهَب , فَرَدَّهُ وَمَنَعَهُ يَذُودهَا ذَوْدًا . وَقَالَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ الْكُوفِيِّينَ : لَا يَجُوز أَنْ يُقَال : ذُدْت الرَّجُل بِمَعْنَى : حَبَسْته , إِنَّمَا يُقَال ذَلِكَ لِلْغَنَمِ وَالْإِبِل . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي لَبِعُقْرِ حَوْضِي أَذُود النَّاس عَنْهُ بِعَصَايَ " فَقَدْ جَعَلَ الذَّوْد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاس ; وَمِنْ الذَّوْد قَوْل سُوَيْد بْن كُرَاع : أَبِيت عَلَى بَاب الْقَوَافِي كَأَنَّمَا أَذُود بِهَا سَرَبًا مِنْ الْوَحْش نُزَّعًا وَقَوْل الْآخَر : وَقَدْ سَلَبَتْ عَصَاك بَنُو تَمِيم فَمَا تَدْرِي بِأَيِّ عَصًا تَذُود وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20805 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { تَذُودَانِ } يَقُول : تَحْبِسَانِ . * - حَدَّثني الْعَبَّاس , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَصْبَغ , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَوَجَدَ مِنْ دُونهمْ اِمْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ } يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُمَا حَابِسَتَانِ . 20806 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي الْهَيْثَم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { اِمْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ } قَالَ : حَابِسَتَيْنِ. 20807 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { وَوَجَدَ مِنْ دُونهمْ اِمْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ } يَقُول : تَحْبِسَانِ غَنَمهمَا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِي كَانَتْ عَنْهُ تَذُود هَاتَانِ الْمَرْأَتَانِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَتَا تَذُودَانِ غَنَمهمَا عَنْ الْمَاء , حَتَّى يَصْدُر عَنْهُ مَوَاشِي النَّاس , ثُمَّ تَسْقِيَانِ مَاشِيَتهمَا لِضَعْفِهِمَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20808 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك قَوْله : { اِمْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ } قَالَ : تَحْبِسَانِ غَنَمهمَا عَنْ النَّاس حَتَّى يَفْرُغُوا وَتَخْلُو لَهُمَا الْبِئْر . 20809 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { وَوَجَدَ مِنْ دُونهمْ اِمْرَأَتَيْنِ } يَعْنِي دُون الْقَوْم تَذُودَانِ غَنَمهمَا عَنْ الْمَاء , وَهُوَ مَاء مَدْيَن . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : تَذُودَانِ النَّاس عَنْ غَنَمهمَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20810 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَن وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّة مِنْ النَّاس يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونهمْ اِمْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ } قَالَ : أَيْ حَابِسَتَيْنِ شَاءَهُمَا تَذُودَانِ النَّاس عَنْ شَائِهِمَا . 20811 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ أَصْحَابه { تَذُودَانِ } قَالَ : تَذُودَانِ النَّاس عَنْ غَنَمهمَا . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ : تَحْبِسَانِ غَنَمهمَا عَنْ النَّاس حَتَّى يَفْرَغُوا مِنْ سَقْي مَوَاشِيهمْ . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِدَلَالَةِ قَوْله : { مَا خَطْبكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِر الرِّعَاء } عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَذَلِكَ أَنَّهُمَا إِنَّمَا شَكَّتَا أَنَّهُمَا لَا تَسْقِيَانِ حَتَّى يُصْدِر الرِّعَاء , إِذْ سَأَلَهُمَا مُوسَى عَنْ ذَوْدهمَا , وَلَوْ كَانَتَا تَذُودَانِ عَنْ غَنَمهمَا النَّاس , كَانَ لَا شَكّ أَنَّهُمَا كَانَتَا تُخْبِرَانِ عَنْ سَبَب ذَوْدهمَا عَنْهَا النَّاس , لَا عَنْ سَبَب تَأَخَّرَ سَقْيهمَا إِلَى أَنْ يُصْدِر الرِّعَاء . وَقَوْله : { قَالَ مَا خَطْبكُمَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ مُوسَى لِلْمَرْأَتَيْنِ مَا شَأْنكُمَا وَأَمْركُمَا تَذُودَانِ مَاشِيَتكُمَا عَنْ النَّاس , هَلَّا تَسْقُونَهَا مَعَ مَوَاشِي النَّاس وَالْعَرَب , تَقُول لِلرَّجُلِ : مَا خَطْبك : بِمَعْنَى مَا أَمْرك وَحَالك , كَمَا قَالَ الرَّاجِز : يَا عَجَبًا مَا خَطْبه وَخَطْبِي وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20812 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاس , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَصْبَغ , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : قَالَ لَهُمَا : { مَا خَطْبكُمَا } مُعْتَزِلَتَيْنِ لَا تَسْقِيَانِ مَعَ النَّاس ؟ . 20813 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : وَجَدَ لَهُمَا رَحْمَة , وَدَخَلَتْهُ فِيهِمَا خَشْيَة , لَمَّا رَأَى مِنْ ضَعْفهمَا , وَغَلَبَة النَّاس عَلَى الْمَاء دُونهمَا , فَقَالَ لَهُمَا : مَا خَطْبكُمَا : أَيْ مَا شَأْنكُمَا ؟. وَقَوْله : { قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِر الرِّعَاء } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قَالَتْ الْمَرْأَتَانِ لِمُوسَى : لَا نَسْقِي مَاشِيَتنَا حَتَّى يُصْدِر الرِّعَاء مَوَاشِيهمْ , لِأَنَّا لَا نُطِيق أَنْ نَسْقِيَ , وَإِنَّمَا نَسْقِي مَوَاشِينَا مَا أَفْضَلَتْ مَوَاشِي الرِّعَاء فِي الْحَوْض , وَالرِّعَاء : جَمْع رَاعٍ , وَالرَّاعِي جَمْعه رِعَاء وَرُعَاة وَرُعْيَان . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20814 - حَدَّثني الْعَبَّاس , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَصْبَغ , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا قَالَ مُوسَى لِلْمَرْأَتَيْنِ : { مَا خَطْبكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِر الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخ كَبِير } : أَيْ لَا نَسْتَطِيع أَنْ نَسْقِيَ حَتَّى يَسْقِيَ النَّاس , ثُمَّ نَتَّبِع فَضَلَاتهمْ . 20815 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { حَتَّى يُصْدِر الرِّعَاء } قَالَ : تَنْتَظِر أَنْ تَسْقِيَانِ مِنْ فُضُول مَا فِي الْحِيَاض حِيَاض الرِّعَاء . 20816 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِر الرِّعَاء } اِمْرَأَتَانِ لَا نَسْتَطِيع أَنْ نُزَاحِم الرِّجَال { وَأَبُونَا شَيْخ كَبِير } لَا يَقْدِر أَنْ يَمَسّ ذَلِكَ مِنْ نَفْسه , وَلَا يَسْقِي مَاشِيَته , فَنَحْنُ نَنْتَظِر النَّاس حَتَّى إِذَا فَرَغُوا سَقَيْنَا ثُمَّ اِنْصَرَفْنَا . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { حَتَّى يُصْدِر الرِّعَاء } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز سِوَى أَبِي جَعْفَر الْقَارِئ وَعَامَّة قُرَّاء الْعِرَاق سِوَى أَبِي عَمْرو : { يُصْدِر الرِّعَاء } بِضَمِّ الْيَاء , وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَر وَأَبُو عَمْرو بِفَتْحِ الْيَاء مِنْ يَصْدُر الرِّعَاء عَنْ الْحَوْض . وَأَمَّا الْآخَرُونَ فَإِنَّهُمْ ضَمُّوا الْيَاء , بِمَعْنَى : أَصْدَرَ الرِّعَاء مَوَاشِيهمْ , وَهُمَا عِنْدِي قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنْ الْقُرَّاء , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب. وَقَوْله : { وَأَبُونَا شَيْخ كَبِير } يَقُولَانِ : لَا يَسْتَطِيع مِنْ الْكِبْر وَالضَّعْف أَنْ يَسْقِيَ مَاشِيَته.'; $TAFSEER['3']['28']['24'] = 'وَقَوْله : { فَسَقَى لَهُمَا } ذُكِرَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام فَتَحَ لَهُمَا عَنْ رَأْس بِئْر كَانَ عَلَيْهَا حَجَر لَا يُطِيق رَفْعه إِلَّا جَمَاعَة مِنْ النَّاس , ثُمَّ اِسْتَسْقَى فَسَقَى لَهُمَا مَاشِيَتهمَا مِنْهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20817 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : فَتَحَ لَهُمَا عَنْ بِئْر حَجَرًا عَلَى فِيهَا , فَسَقَى لَهُمَا مِنْهَا. 20818 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج بِنَحْوِهِ , وَزَادَ فِيهِ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : حَجَرًا كَانَ لَا يُطِيقهُ إِلَّا عَشَرَة رَهْط . 20819 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْحَجَّاج , عَنْ الْحَكَم , عَنْ شُرَيْح , قَالَ : اِنْتَهَى إِلَى حَجَر لَا يَرْفَعهُ إِلَّا عَشَرَة رِجَال , فَرَفَعَهُ وَحْده . 20820 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : رَحِمَهُمَا مُوسَى حِين { قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِر الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخ كَبِير } فَأَتَى إِلَى الْبِئْر فَاقْتَلَعَ صَخْرَة عَلَى الْبِئْر كَانَ النَّفَر مِنْ أَهْل مَدْيَن يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهَا , حَتَّى يَرْفَعُوهَا , فَسَقَى لَهُمَا مُوسَى دَلْوًا فَأَرْوَتَا غَنَمهمَا , فَرَجَعَتَا سَرِيعًا , وَكَانَتَا إِنَّمَا تَسْقِيَانِ مِنْ فُضُول الْحِيَاض . 20821 - حَدَّثني الْعَبَّاس , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَصْبَغ , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { فَسَقَى لَهُمَا } فَجَعَلَ يَغْرِف فِي الدَّلْو مَاء كَثِيرًا حَتَّى كَانَتْ أَوَّل الرِّعَاء رِيًّا , فَانْصَرَفَتَا إِلَى أَبِيهِمَا بِغَنَمِهِمَا . 20822 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , وَقَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : تَصَدَّقَ عَلَيْهِمَا نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَسَقَى لَهُمَا , فَلَمْ يَلْبَث أَنْ أَرْوَى غَنَمهمَا . 20823 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : أَخَذَ دَلْوهمَا مُوسَى , ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى السِّقَاء بِفَضْلِ قُوَّته , فَزَاحَمَ الْقَوْم عَلَى الْمَاء حَتَّى أَخَّرَهُمْ عَنْهُ , ثُمَّ سَقَى لَهُمَا . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَسَقَى مُوسَى لِلْمَرْأَتَيْنِ مَاشِيَتهمَا , ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى ظِلّ شَجَرَة ذُكِرَ أَنَّهَا سَمُرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20824 -حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { ثُمَّ تَوَلَّى } مُوسَى إِلَى ظِلّ شَجَرَة سَمُرَة , فَقَالَ : { رَبّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير } . 20825 - حَدَّثني الْعَبَّاس , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَصْبَغ , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : اِنْصَرَفَ مُوسَى إِلَى شَجَرَة , فَاسْتَظَلَّ بِظِلِّهَا , { فَقَالَ : رَبّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير } . 20826 - حَدَّثني الْحُسَيْن بْن عَمْرو الْعَنْقَزِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبِي , قَالَ : ثَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : حَثَثْت عَلَى جَمَل لِي لَيْلَتَيْنِ حَتَّى صَبَّحْت مَدْيَن , فَسَأَلْت عَنْ الشَّجَرَة الَّتِي أَوَى إِلَيْهَا مُوسَى , فَإِذَا شَجَرَة خَضْرَاء تَرِفّ , فَأَهْوَى إِلَيْهَا جَمَلِي وَكَانَ جَائِعًا , فَأَخَذَهَا جَمَلِي , فَعَالَجَهَا سَاعَة , ثُمَّ لَفَظَهَا , فَدَعَوْت اللَّه لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام , ثُمَّ اِنْصَرَفْت . وَقَوْله : { فَقَالَ رَبّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير } مُحْتَاج . وَذُكِرَ أَنَّ نَبِيّ اللَّه مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ هَذَا الْقَوْل , وَهُوَ بِجَهْدٍ شَدِيد , وَعَرَّضَ ذَلِكَ لِلْمَرْأَتَيْنِ تَعْرِيضًا لَهُمَا , لَعَلَّهُمَا أَنْ تُطْعِمَاهُ مِمَّا بِهِ مِنْ شِدَّة الْجُوع. وَقِيلَ : إِنَّ الْخَيْر الَّذِي قَالَ نَبِيّ اللَّه { إِنِّي بِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير } مُحْتَاج , إِنَّمَا عَنَى بِهِ : شِبْعَة مِنْ طَعَام. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20827 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا هَرَبَ مُوسَى مِنْ فِرْعَوْن أَصَابَهُ جُوع شَدِيد , حَتَّى كَانَتْ تُرَى أَمْعَاؤُهُ مِنْ ظَاهِر الصِّفَاق ; فَلَمَّا سَقَى لِلْمَرْأَتَيْنِ , وَأَوَى إِلَى الظِّلّ , قَالَ : { رَبّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير } . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , قَالَ : ثَنَا عَنْبَسَة , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَن } قَالَ : وَرَدَ الْمَاء وَإِنَّهُ لِيَتَرَاءَى خُضْرَة الْبَقْل فِي بَطْنه مِنْ الْهُزَال , { فَقَالَ رَبّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير } قَالَ : شِبْعَة . * -حَدَّثني نَصْر بْن عَبْد الرَّحْمَن الْأَوْدِيّ , قَالَ : ثَنَا حَكَّام بْن سَلْم , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَن } قَالَ : وَرَدَ الْمَاء , وَإِنَّ خُضْرَة الْبَقْل لَتُرَى فِي بَطْنه مِنْ الْهُزَال. 20828 - حَدَّثني نَصْر بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا حَكَّام بْن سَلْم , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر { إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير } قَالَ : شُعْبَة يَوْمئِذٍ . 20829 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله , فَقَالَ : { رَبّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير } قَالَ : قَالَ هَذَا وَمَا مَعَهُ دِرْهَم وَلَا دِينَار. 20830 - قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد { إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير } قَالَ : مَا سَأَلَ إِلَّا الطَّعَام. * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة بْن الْفَضْل , عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله فَقَالَ : { رَبّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير } قَالَ : مَا سَأَلَ رَبّه إِلَّا الطَّعَام . * -حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { قَالَ رَبّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير } قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : لَقَدْ قَالَ مُوسَى : وَلَوْ شَاءَ إِنْسَان أَنْ يَنْظُر إِلَى خُضْرَة أَمْعَائِهِ مِنْ شِدَّة الْجُوع , وَمَا يَسْأَل اللَّه إِلَّا أَكْلَة . 20831 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : { رَبّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير } قَالَ : كَانَ نَبِيّ اللَّه بِجَهْدٍ . 20832 - حَدَّثني يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب فِي قَوْله : { إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير } قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ مُوسَى قَالَهَا وَأَسْمَعَ الْمَرْأَة . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثني أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { مِنْ خَيْر فَقِير } قَالَ : طَعَام . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { مِنْ خَيْر فَقِير } قَالَ : طَعَام . 20833 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير } قَالَ : الطَّعَام يَسْتَطْعِم , لَمْ يَكُنْ مَعَهُ طَعَام , وَإِنَّمَا سَأَلَ الطَّعَام .'; $TAFSEER['3']['28']['25'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَجَاءَتْ مُوسَى إِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ سَقَى لَهُمَا تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء مِنْ مُوسَى , قَدْ سَتَرَتْ وَجْههَا بِثَوْبِهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20834 - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب وَالْفَضْل بْن الصَّبَّاح , قَالَا : ثَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ ضِرَار بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْهُذَيْل , عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فِي قَوْله : { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء } قَالَ : مُسْتَتِرَة بِكُمِّ دِرْعهَا , أَوْ بِكُمِّ قَمِيصهَا . * -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ حَمَّاد بْن عَمْرو الْأَسَدِيّ , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ اِبْن أَبِي الْهُذَيْل عَنْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ : وَاضِعَة يَدهَا عَلَى وَجْههَا مُسْتَتِرَة . 20835 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ نَوْف : { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء } قَالَ : قَدْ سَتَرَتْ وَجْههَا بِيَدَيْهَا . * - قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ نَوْف بِنَحْوِهِ. * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ نَوْف { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء } قَالَ : قَائِلَة بِيَدَيْهَا عَلَى وَجْههَا , وَوَضَعَ أَبِي يَده عَلَى وَجْهه. 20836 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء } قَالَ : لَيْسَتْ بِسَلْفَعٍ مِنْ النِّسَاء خَرَّاجَة وَلَّاجَة وَاضِعَة ثَوْبهَا عَلَى وَجْههَا . تَقُول { إِنَّ أَبِي يَدْعُوك لِيَجْزِيَك أَجْر مَا سَقَيْت لَنَا } . 20837 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون , عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء } قَالَ : لَمْ تَكُنْ سَلْفَعًا مِنْ النِّسَاء خَرَّاجَة وَلَّاجَة , قَائِلَة بِيَدِهَا عَلَى وَجْههَا { إِنَّ أَبِي يَدْعُوك لِيَجْزِيَك أَجْر مَا سَقَيْت لَنَا } . 20838 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , قَالَ : ثَنَا قُرَّة بْن خَالِد , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن يَقُول , فِي قَوْله : { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء } قَالَ : بَعِيدَة مِنْ الْبَذَاء . 20839 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء } قَالَ : أَتَتْهُ تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء مِنْهُ . 20840 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء } قَالَ : وَاضِعَة يَدهَا عَلَى جَبِينهَا. وَقَوْله : { قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوك لِيَجْزِيَك أَجْر مَا سَقَيْت لَنَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ الْمَرْأَة الَّتِي جَاءَتْ مُوسَى تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء : إِنَّ أَبِي يَدْعُوك لِيَجْزِيَك : تَقُول : يُثِيبك أَجْر مَا سَقَيْت لَنَا . وَقَوْله : { فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَص } يَقُول : فَمَضَى مُوسَى مَعَهَا إِلَى أَبِيهَا , فَلَمَّا جَاءَ أَبَاهَا وَقَصَّ عَلَيْهِ قَصَصه مَعَ فِرْعَوْن وَقَوْمه مِنْ الْقِبْط , قَالَ لَهُ أَبُوهَا : { لَا تَخَفْ } فَقَدْ { نَجَوْت مِنْ الْقَوْم الظَّالِمِينَ } يَعْنِي : مِنْ فِرْعَوْن وَقَوْمه , لِأَنَّهُ لَا سُلْطَان لَهُ بِأَرْضِنَا الَّتِي أَتَوْا بِهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20841 - حَدَّثني الْعَبَّاس , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا الْأَصْبَغ , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : اِسْتَنْكَرَ أَبُو الْجَارِيَتَيْنِ سُرْعَة صُدُورهمَا بِغَنَمِهِمَا حُفَّلًا بِطَانًا , فَقَالَ : إِنَّ لَكُمَا الْيَوْم لَشَأْنًا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : أَحْسَبهُ قَالَ : فَأَخْبَرَتَاهُ الْخَبَر ; فَلَمَّا أَتَاهُ مُوسَى كَلَّمَهُ , { قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْت مِنْ الْقَوْم الظَّالِمِينَ } لَيْسَ لِفِرْعَوْن وَلَا لِقَوْمِهِ عَلَيْنَا سُلْطَان , وَلَسْنَا فِي مَمْلَكَته . 20842 -حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : لَمَّا رَجَعَتْ الْجَارِيَتَانِ إِلَى أَبِيهِمَا سَرِيعًا سَأَلَهُمَا , فَأَخْبَرَتَاهُ خَبَر مُوسَى , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ إِحْدَاهُمَا , فَأَتَتْهُ تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء , وَهِيَ تَسْتَحْيِيَ مِنْهُ { قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوك لِيَجْزِيَك أَجْر مَا سَقَيْت لَنَا } فَقَامَ مَعَهَا وَقَالَ لَهَا : اِمْضِي , فَمَشَتْ بَيْن يَدَيْهِ , فَضَرَبَتْهَا الرِّيح , فَنَظَرَ إِلَى عَجِيزَتهَا , فَقَالَ لَهَا مُوسَى : اِمْشِي خَلْفِي , وَدُلِّينِي عَلَى الطَّرِيق إِنْ أَخْطَأْت . فَلَمَّا جَاءَ الشَّيْخ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَص { قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْت مِنْ الْقَوْم الظَّالِمِينَ }. 20843 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوك لِيَجْزِيَك أَجْر مَا سَقَيْت لَنَا } قَالَ : قَالَ مُطَرِّف : أَمَا وَاَللَّه لَوْ كَانَ عِنْد نَبِيّ اللَّه شَيْء مَا تَتَبَّعَ مِذْقَيْهِمَا , وَلَكِنْ إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ الْجَهْد { فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَص قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْت مِنْ الْقَوْم الظَّالِمِينَ } . 20844 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : رَجَعَتَا إِلَى أَبِيهِمَا فِي سَاعَة كَانَتَا لَا تَرْجِعَانِ فِيهَا , فَأَنْكَرَ شَأْنهمَا , فَسَأَلَهُمَا فَأَخْبَرَتَاهُ الْخَبَر , فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا : عَجِّلِي عَلَيَّ بِهِ , فَأَتَتْهُ عَلَى اِسْتِحْيَاء فَجَاءَتْهُ , فَقَالَتْ { إِنَّ أَبِي يَدْعُوك لِيَجْزِيَك أَجْر مَا سَقَيْت لَنَا } فَقَامَ مَعَهَا كَمَا ذُكِرَ لِي , فَقَالَ لَهَا : اِمْشِي خَلْفِي , وَانْعَتِي لِي الطَّرِيق , وَأَنَا أَمْشِي أَمَامك , فَإِنَّا لَا نَنْظُر إِلَى أَدْبَار النِّسَاء ; فَلَمَّا جَاءَهُ أَخْبَرَهُ الْخَبَر , وَمَا أَخْرَجَهُ مِنْ بِلَاده { فَلَمَّا قَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَص قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْت مِنْ الْقَوْم الظَّالِمِينَ } وَقَدْ أَخْبَرَتْ أَبَاهَا بِقَوْلِهِ إِنَّا لَا نَنْظُر إِلَى أَدْبَار النِّسَاء .'; $TAFSEER['3']['28']['26'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اِسْتَأْجِرْهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ إِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ سَقَى لَهُمَا مُوسَى لِأَبِيهَا حِين أَتَاهُ مُوسَى , وَكَانَ اِسْم إِحْدَاهُمَا صَفُّورَا , وَاسْم الْأُخْرَى لَيَّا , وَقِيلَ : شَرْفَا كَذَلِكَ . 20845 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي وَهْب بْن سُلَيْمَان الرَّمَادِيّ , عَنْ شُعَيْب الْجُبَّائِيّ , قَالَ : اِسْم الْجَارِيَتَيْنِ لَيَّا , وَصَفُّورَا , وَامْرَأَة مُوسَى صَفُّورَا اِبْنَة يثرون كَاهِن مَدْيَن , وَالْكَاهِن : حَبْر . 20846 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : إِحْدَاهُمَا صَفُّورَا اِبْنَة يثرون وَأُخْتهَا شَرْفَا , وَيُقَال : لَيَّا , وَهُمَا اللَّتَانِ كَانَتَا تَذُودَانِ . وَأَمَّا أَبُوهُمَا فَفِي اِسْمه اِخْتِلَاف , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَ اِسْمه يثرون . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20847 - حَدَّثني أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عُمَر بْن مُرَّة , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , قَالَ : كَانَ الَّذِي اِسْتَأْجَرَ مُوسَى اِبْن أَخِي شُعَيْب يثرون . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , قَالَ : الَّذِي اِسْتَأْجَرَ مُوسَى يثرون اِبْن أَخِي شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ اِسْمه : يثرى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20848 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا الْعَلَاء بْن عَبْد الْجَبَّار , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : الَّذِي اِسْتَأْجَرَ مُوسَى : يثرى صَاحِب مَدْيَن . * - حَدَّثني أَبُو الْعَالِيَة الْعَبْدِيّ إِسْمَاعِيل بْن الْهَيْثَم , قَالَ : ثَنَا أَبُو قُتَيْبَة , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الَّذِي اِسْتَأْجَرَ مُوسَى : يثرى صَاحِب مَدْيَن . * -حَدَّثني أَبُو الْعَالِيَة الْعَبْدِيّ إِسْمَاعِيل بْن الْهَيْثَم , قَالَ : ثَنَا أَبُو قُتَيْبَة , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : اِسْم أَبِي الْمَرْأَة : يثرى . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ اِسْمه شُعَيْب , وَقَالُوا : هُوَ شُعَيْب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20849 -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا قُرَّة بْن خَالِد , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن يَقُول : يَقُولُونَ شُعَيْب صَاحِب مُوسَى , وَلَكِنَّهُ سَيِّد أَهْل الْمَاء يَوْمئِذٍ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا مِمَّا لَا يُدْرَك عِلْمه إِلَّا بِخَبَرٍ , وَلَا خَبَر بِذَلِكَ تَجِب حُجَّته , فَلَا قَوْل فِي ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِمَّا قَالَهُ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ { وَوَجَدَ مِنْ دُونهمْ اِمْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ...... قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اِسْتَأْجِرْهُ } تَعْنِي بِقَوْلِهَا : اِسْتَأْجِرْهُ لِيَرْعَى عَلَيْك مَاشِيَتك . تَقَوَّلَ : إِنَّ خَيْر مَنْ تَسْتَأْجِرهُ لِلرَّعْيِ الْقَوِيّ عَلَى حِفْظ مَاشِيَتك وَالْقِيَام عَلَيْهَا فِي إِصْلَاحهَا وَصَلَاحهَا , الْأَمِين الَّذِي لَا تَخَاف خِيَانَته , فِيمَا تَأْمَنهُ عَلَيْهِ . وَقِيلَ : إِنَّهَا لَمَّا قَالَتْ ذَلِكَ لِأَبِيهَا , اِسْتَنْكَرَ أَبُوهَا ذَلِكَ مِنْ وَصْفهَا إِيَّاهُ فَقَالَ لَهَا : وَمَا عِلْمك بِذَلِكَ , فَقَالَتْ : أَمَّا قُوَّته فَمَا رَأَيْت مِنْ عِلَاجه مَا عَالَجَ عِنْد السَّقْي عَلَى الْبِئْر , وَأَمَّا الْأَمَانَة فَمَا رَأَيْت مِنْ غَضّ الْبَصَر عَنِّي . وَبِنَحْوِ ذَلِكَ جَاءَتْ الْأَخْبَار عَنْ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20850 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَصْبَغ بْن زَيْد , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي أَيُّوب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اِسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْر مَنْ اِسْتَأْجَرْت الْقَوِيّ الْأَمِين } قَالَ : فَأَحْفَظَتْهُ الْغَيْرَة أَنْ قَالَ : وَمَا يُدْرِيك مَا قُوَّته وَأَمَانَته ؟ قَالَتْ : أَمَّا قُوَّته , فَمَا رَأَيْت مِنْهُ حِين سَقَى لَنَا , لَمْ أَرَ رَجُلًا قَطُّ أَقْوَى فِي ذَلِكَ السَّقْي مِنْهُ ; وَأَمَّا أَمَانَته , فَإِنَّهُ نَظَرَ حِين أَقْبَلْت إِلَيْهِ وَشَخَصْت لَهُ , فَلَمَّا عَلِمَ أَنِّي اِمْرَأَة صَوَّبَ رَأْسه فَلَمْ يَرْفَعهُ , وَلَمْ يَنْظُر إِلَيَّ حَتَّى بَلَغَتْهُ رِسَالَتك , ثُمَّ قَالَ : اِمْشِي خَلْفِي وَانْعَتِي لِي الطَّرِيق , وَلَمْ يَفْعَل ذَلِكَ إِلَّا وَهُوَ أَمِين , فَسُرِّيَ عَنْ أَبِيهَا وَصَدَّقَهَا وَظَنَّ بِهِ الَّذِي قَالَتْ . 20851 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله لِمُوسَى { إِنَّ خَيْر مَنْ اِسْتَأْجَرْت الْقَوِيّ الْأَمِين } يَقُول : أَمِين فِيمَا وَلِيَ , أَمِين عَلَى مَا اُسْتُوْدِعَ . 20852 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اِسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْر مَنْ اِسْتَأْجَرْت الْقَوِيّ الْأَمِين } قَالَ : إِنَّ مُوسَى لَمَّا سَقَى لَهُمَا , وَرَأَتْ قُوَّته , وَحَرَّكَ حَجَرًا عَلَى الرَّكِيَّة , لَمْ يَسْتَطِعْهُ ثَلَاثُونَ رَجُلًا , فَأَزَالَهُ عَنْ الرَّكِيَّة , وَانْطَلَقَ مَعَ الْجَارِيَة حِين دَعَتْهُ , فَقَالَ لَهَا : اِمْشِي خَلْفِي وَأَنَا أَمَامك , كَرَاهِيَة أَنْ يَرَى شَيْئًا مِنْ خَلْفهَا مِمَّا حَرَّمَ اللَّه أَنْ يَنْظُر إِلَيْهِ , وَكَانَ يَوْمًا فِيهِ رِيح . 20853 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نُعْم , فِي قَوْله : { يَا أَبَتِ اِسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْر مَنْ اِسْتَأْجَرْت الْقَوِيّ الْأَمِين } قَالَ لَهَا أَبُوهَا : مَا رَأَيْت مِنْ أَمَانَته ؟ قَالَتْ : لَمَّا دَعَوْته مَشَيْت بَيْن يَدَيْهِ , فَجَعَلَتْ الرِّيح تَضْرِب ثِيَابِي , فَتَلْزَق بِجَسَدِي , فَقَالَ : كُونِي خَلْفِي , فَإِذَا بَلَغْت الطَّرِيق فَاذْهَبِي , قَالَتْ : وَرَأَيْته يَمْلَأ الْحَوْض بِسَجْلٍ وَاحِد. 20854 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { الْقَوِيّ الْأَمِين } قَالَ : غَضّ طَرَفه عَنْهُمَا . قَالَ مُحَمَّد بْن عَمْرو فِي حَدِيثه : حِين , أَوْ حَتَّى سَقَى لَهُمَا فَصَدَرَتَا . وَقَالَ الْحَارِث فِي حَدِيثه : حَتَّى سَقَى بِغَيْرِ شَكّ . 20855 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : فَتَحَ عَنْ بِئْر حَجَرًا عَلَى فِيهَا , فَسَقَى لَهُمَا بِهَا , وَالْأَمِين : أَنَّهُ غَضَّ بَصَره عَنْهُمَا حِين سَقَى لَهُمَا فَصَدَرَتَا. * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر وَهَانِئ بْن سَعِيد , عَنْ الْحَجَّاج , عَنْ الْقَاسِم , عَنْ مُجَاهِد { إِنَّ خَيْر مَنْ اِسْتَأْجَرْت الْقَوِيّ الْأَمِين } قَالَ : رَفَعَ حَجَرًا لَا يَرْفَعهُ إِلَّا فِئَام مِنْ النَّاس . 20856 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , قَالَ سَرْو بْن مَيْمُون , فِي قَوْله { الْقَوِيّ الْأَمِين } قَالَ : كَانَ يَوْم رِيح , فَقَالَ : لَا تَمْشِي أَمَامِي , فَيَصِفك الرِّيح لِي , وَلَكِنْ اِمْشِي خَلْفِي وَدُلِّينِي عَلَى الطَّرِيق ; قَالَ : فَقَالَ لَهَا : كَيْفَ عَرَفْت قُوَّته ؟ قَالَتْ : كَانَ الْحَجَر لَا يُطِيقهُ إِلَّا عَشَرَة فَرَفَعَهُ وَحْده . 20857 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْحَجَّاج بْن أَرَطْأَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ شُرَيْح فِي قَوْله : { الْقَوِيّ الْأَمِين } قَالَ : أَمَّا قُوَّته : فَانْتَهَى إِلَى حَجَر لَا يَرْفَعهُ إِلَّا عَشَرَة , فَرَفَعَهُ وَحْده. وَأَمَّا أَمَانَته : فَإِنَّهَا مَشَتْ أَمَامه فَوَصَفَهَا الرِّيح , فَقَالَ لَهَا : اِمْشِي خَلْفِي وَصِفِي لِي الطَّرِيق. 20858 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ عَمْرو , عَنْ زَائِدَة , عَنْ الْأَعْمَش , قَالَ : سَأَلْت تَمِيم بْن إِبْرَاهِيم : بِمَ عَرَفْت أَمَانَته ؟ قَالَ : فِي طَرْفه , بِغَضِّ طَرْفه عَنْهَا. 20859 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { إِنَّ خَيْر مَنْ اِسْتَأْجَرْت الْقَوِيّ الْأَمِين } قَالَ : الْقَوِيّ فِي الصَّنْعَة , الْأَمِين فِيمَا وَلِيَ . قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ الَّذِي رَأَتْ مِنْ قُوَّته : أَنَّهُ لَمْ تَلْبَث مَاشِيَتهَا حَتَّى أَرْوَاهَا ; وَأَنَّ الْأَمَانَة الَّتِي رَأَتْ مِنْهُ أَنَّهَا حِين جَاءَتْ تَدْعُوهُ , قَالَ لَهَا : كُونِي وَرَائِي , وَكَرِهَ أَنْ يَسْتَدْبِرهَا , فَذَلِكَ مَا رَأَتْ مِنْ قُوَّته وَأَمَانَته . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا أَبَتِ اِسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْر مَنْ اِسْتَأْجَرْت الْقَوِيّ الْأَمِين } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ قُوَّته كَانَتْ سُرْعَة مَا أَرْوَى غَنَمهمَا . وَبَلَغَنَا أَنَّهُ مَلَأَ الْحَوْض بِدَلْوٍ وَاحِد . وَأَمَّا أَمَانَته فَإِنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَمْشِيَ خَلْفه . 20860 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا : يَا أَبَتِ اِسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْر مَنْ اِسْتَأْجَرْت الْقَوِيّ الْأَمِين } وَهِيَ الْجَارِيَة الَّتِي دَعَتْهُ , قَالَ الشَّيْخ : هَذِهِ الْقُوَّة قَدْ رَأَيْت حِين اِقْتَلَعَ الصَّخْرَة , أَرَأَيْت أَمَانَته , مَا يُدْرِيك مَا هِيَ ؟ قَالَتْ : مَشَيْت قُدَّامه فَلَمْ يُحِبّ أَنْ يَخُوننِي فِي نَفْسِي , فَأَمَرَنِي أَنْ أَمْشِيَ خَلْفه . 20861 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اِسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْر مَنْ اِسْتَأْجَرْت الْقَوِيّ الْأَمِين } فَقَالَ لَهَا : وَمَا عِلْمك بِقُوَّتِهِ وَأَمَانَته , فَقَالَتْ : أَمَّا قُوَّته فَإِنَّهُ كَشَفَ الصَّخْرَة الَّتِي عَلَى بِئْر آل فُلَان , وَكَانَ لَا يَكْشِفهَا دُون سَبْعَة نَفَر . وَأَمَّا أَمَانَته فَإِنِّي لَمَّا جِئْت أَدْعُوهُ قَالَ : كُونِي خَلْف ظَهْرِي , وَأَشِيرِي لِي إِلَى مَنْزِلك , فَعَرَفْت أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ أَمَانَة. 20862 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق : { قَالَتْ يَا أَبَتِ اِسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْر مَنْ اِسْتَأْجَرْت الْقَوِيّ الْأَمِين } لَمَّا رَأَتْ مِنْ قُوَّته وَقَوْله لَهَا مَا قَالَ : أَنْ اِمْشِي خَلْفِي , لِئَلَّا يَرَى مِنْهَا شَيْئًا مِمَّا يَكْرَه , فَزَادَهُ ذَلِكَ فِيهِ رَغْبَة .'; $TAFSEER['3']['28']['27'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ إِنِّي أُرِيد أَنْ أُنْكِحك إِحْدَى اِبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِي حِجَج } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { قَالَ } أَبُو الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ سَقَى لَهُمَا مُوسَى لِمُوسَى : { إِنِّي أُرِيد أَنْ أُنْكِحك إِحْدَى اِبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِي حِجَج } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي } : عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي مِنْ تَزْوِيجهَا رَعْي مَاشِيَتِي ثَمَانِي حِجَج , مِنْ قَوْل النَّاس : آجَرَك اللَّه فَهُوَ يَأْجُرك , بِمَعْنَى : أَثَابَك اللَّه ; وَالْعَرَب تَقُول : أَجَرْت الْأَجِير آجُرهُ , بِمَعْنَى : أَعْطَيْته ذَلِكَ , كَمَا يُقَال : أَخَذْته فَأَنَا آخُذهُ . وَحَكَى بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ أَهْل الْبَصْرَة أَنَّ لُغَة الْعَرَب : أَجَرْت غُلَامِي فَهُوَ مَأْجُور , وَآجَرْته فَهُوَ مُؤَجَّر , يُرِيد : أَفَعَلْته . قَالَ : وَقَالَ بَعْضهمْ : آجُرهُ فَهُوَ مُؤَاجَر , أَرَادَ فَاعَلْته ; وَكَأَنَّ أَبَاهَا عِنْدِي جَعَلَ صَدَاق اِبْنَته الَّتِي زَوْجهَا مُوسَى رَعْي مُوسَى عَلَيْهِ مَاشِيَته ثَمَانِي حِجَج , وَالْحِجَج : السُّنُونَ . وَقَوْله : { فَإِنْ أَتْمَمْت عَشْرًا فَمِنْ عِنْدك } يَقُول : فَإِنْ أَتْمَمْت الثَّمَانِي الْحِجَج عَشْرًا الَّتِي شَرَطْتهَا عَلَيْك بِإِنْكَاحِي إِيَّاكَ إِحْدَى اِبْنَتَيَّ , فَجَعَلْتهَا عَشْر حِجَج , فَإِحْسَان مِنْ عِنْدك , وَلَيْسَ مِمَّا اِشْتَرَطْته عَلَيْك بِسَبَبِ تَزْوِيجك اِبْنَتِي. { وَمَا أُرِيد أَنْ أَشُقّ عَلَيْك } بِاشْتِرَاطِ الثَّمَانِي الْحِجَج عَشْرًا عَلَيْك . { سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّه مِنْ الصَّالِحِينَ } فِي الْوَفَاء بِمَا قُلْت لَك . كَمَا : 20863 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق : { سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّه مِنْ الصَّالِحِينَ } أَيْ فِي حُسْن الصُّحْبَة وَالْوَفَاء بِمَا قُلْت.'; $TAFSEER['3']['28']['28'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { قَالَ } مُوسَى لِأَبِي الْمَرْأَتَيْنِ { ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنك } أَيْ هَذَا الَّذِي قُلْت مِنْ أَنَّك تُزَوِّجنِي إِحْدَى اِبْنَتَيْك عَلَى أَنْ آجُرك ثَمَانِي حِجَج , وَاجِب بَيْنِي وَبَيْنك , عَلَى كُلّ وَاحِد مِنَّا الْوَفَاء لِصَاحِبِهِ بِمَا أَوْجَبَ لَهُ عَلَى نَفْسه . وَقَوْله : { أَيّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْت } يَقُول : أَيّ الْأَجَلَيْنِ مِنْ الثَّمَانِي الْحِجَج وَالْعَشْر الْحِجَج قَضَيْت , يَقُول : فَرَغْت مِنْهَا فَوَفَّيْتُكهَا رَعْي غَنَمك وَمَاشِيَتك { فَلَا عُدْوَان عَلَيَّ } يَقُول : فَلَيْسَ لَك أَنْ تَعْتَدِّي عَلَيَّ , فَتُطَالِبنِي بِأَكْثَر مِنْهُ , و " مَا " فِي قَوْله : { أَيّمَا الْأَجَلَيْنِ } صِلَة يُوصَل بِهَا أَيْ عَلَى الدَّوَام , وَزَعَمَ أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّ هَذَا أَكْثَر فِي كَلَام الْعَرَب مِنْ أَيّ , وَأَنْشَدَ قَوْل الشَّاعِر : وَأَيّهمَا مَا أَتْبَعَنَّ فَإِنَّنِي حَرِيص عَلَى أَثَر الَّذِي أَنَا تَابِع وَقَالَ عَبَّاس بْن مِرْدَاس : فَأَيِّي مَا وَأَيّك كَانَ شَرًّا فَقِيدَ إِلَى الْمُقَامَة لَا يَرَاهَا وَقَوْله : { وَاَللَّه عَلَى مَا نَقُول وَكِيل } كَانَ اِبْن إِسْحَاق يَرَى هَذَا الْقَوْل مِنْ أَبِي الْمَرْأَتَيْنِ . 20864 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : قَالَ مُوسَى { ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنك أَيّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْت فَلَا عُدْوَان عَلَيَّ } قَالَ : نَعَمْ . { وَاَللَّه عَلَى مَا نَقُول وَكِيل } فَزَوَّجَهُ , وَأَقَامَ مَعَهُ يَكْفِيه , وَيَعْمَل لَهُ فِي رِعَايَة غَنَمه , وَمَا يَحْتَاج إِلَيْهِ مِنْهُ , وَزَوْجَة مُوسَى صَفُّورَا أَوْ أُخْتهَا : شَرْفَا أَوْ لَيَّا 20865 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس ; الْجَارِيَة الَّتِي دَعَتْهُ هِيَ الَّتِي تَزَوَّجَ . 20866 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , قَالَ لَهُ { إِنِّي أُرِيد أَنْ أُنْكِحك إِحْدَى اِبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي } إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : وَأَيَّتهمَا تُرِيد أَنْ تُنْكِحَنِي ؟ قَالَ : الَّتِي دَعَتْك , قَالَ : لَا . أَلَا وَهِيَ بَرِيئَة مِمَّا دَخَلَ نَفْسك عَلَيْهَا , فَقَالَ : هِيَ عِنْدك كَذَلِكَ , فَزَوَّجَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْله : { أَيّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْت } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20867 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنك أَيّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْت } إِمَّا ثَمَانِيًا , وَإِمَّا عَشْرًا . 20868 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي اِبْن لَهِيعَة , عَنْ عُمَارَة بْن غَزِيَّة , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد , وَسَأَلَهُ رَجُل قَالَ { أَيّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْت فَلَا عُدْوَان عَلَيَّ } قَالَ : فَقَالَ الْقَاسِم : مَا أُبَالِي أَيّ ذَلِكَ كَانَ , إِنَّمَا هُوَ مَوْعِد وَقَضَاء. وَقَوْله : { وَاَللَّه عَلَى مَا نَقُول وَكِيل } يَقُول : وَاَللَّه عَلَى مَا أَوْجَبَ كُلّ وَاحِد مِنَّا لِصَاحِبِهِ عَلَى نَفْسه بِهَذَا الْقَوْل , شَهِيد وَحَفِيظ . كَاَلَّذِي . 20869 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَاَللَّه عَلَى مَا نَقُول وَكِيل } قَالَ : شَهِيد عَلَى قَوْل مُوسَى وَخَتْنه . وَذُكِرَ أَنَّ مُوسَى وَصَاحِبه لَمَّا تَعَاقَدَا بَيْنهمَا هَذَا الْعَقْد , أَمَرَ إِحْدَى اِبْنَتَيْهِ أَنْ تُعْطِيَ مُوسَى عَصًا مِنْ الْعِصِيّ الَّتِي تَكُون مَعَ الرُّعَاة , فَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ , فَذَكَرَ بَعْضهمْ أَنَّهَا الْعَصَا الَّتِي جَعَلَهَا اللَّه لَهُ آيَة . وَقَالَ بَعْضهمْ تِلْكَ عَصَا أَعْطَاهُ إِيَّاهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20870 -حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : أَمَرَ - يَعْنِي أَبَا الْمَرْأَتَيْنِ - إِحْدَى اِبْنَتَيْهِ أَنْ تَأْتِيَهُ , يَعْنِي أَنْ تَأْتِيَ مُوسَى بِعَصًا , فَأَتَتْهُ بِعَصًا , وَكَانَتْ تِلْكَ الْعَصَا عَصًا اِسْتَوْدَعَهَا إِيَّاهُ مَلَك فِي صُورَة رَجُل , فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ , فَدَخَلَتْ الْجَارِيَة , فَأَخَذَتْ الْعَصَا , فَأَتَتْهُ بِهَا ; فَلَمَّا رَآهَا الشَّيْخ قَالَ : لَا , اِئْتِيهِ بِغَيْرِهَا , فَأَلْقَتْهَا تُرِيد أَنْ تَأْخُذ غَيْرهَا , فَلَا يَقَع فِي يَدهَا إِلَّا هِيَ , وَجَعَلَ يُرَدِّدهَا , وَكُلّ ذَلِكَ لَا يَخْرُج فِي يَدهَا غَيْرهَا ; فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَمَدَ إِلَيْهَا , فَأَخْرَجَهَا مَعَهُ , فَرَعَى بِهَا. ثُمَّ إِنَّ الشَّيْخ نَدِمَ وَقَالَ : كَانَتْ وَدِيعَة , فَخَرَجَ يَتَلَقَّى مُوسَى , فَلَمَّا لَقِيَهُ قَالَ : أَعْطِنِي الْعَصَا , فَقَالَ مُوسَى : هِيَ عَصَايَ , فَأَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ , فَاخْتَصَمَا , فَرَضِيَا أَنْ يَجْعَلَا بَيْنهمَا أَوَّل رَجُل يَلْقَاهُمَا , فَأَتَاهُمَا مَلَك يَمْشِي , فَقَالَ : ضَعُوهَا فِي الْأَرْض , فَمَنْ حَمَلَهَا فَهِيَ لَهُ , فَعَالَجَهَا الشَّيْخ فَلَمْ يُطِقْهَا , وَأَخَذَ مُوسَى بِيَدِهِ فَرَفَعَهَا , فَتَرَكَهَا لَهُ الشَّيْخ , فَرَعَى لَهُ عَشْر سِنِينَ . قَالَ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس . كَانَ مُوسَى أَحَقّ بِالْوَفَاءِ . 20871 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : قَالَ - يَعْنِي أَبَا الْجَارِيَة - لَمَّا زَوَّجَهَا مُوسَى لِمُوسَى : اُدْخُلْ ذَلِكَ الْبَيْت فَخُذْ عَصًا , فَتَوَكَّأْ عَلَيْهَا , فَدَخَلَ , فَلَمَّا وَقَفَ عَلَى بَاب الْبَيْت , طَارَتْ إِلَيْهِ تِلْكَ الْعَصَا , فَأَخَذَهَا , فَقَالَ : اُرْدُدْهَا وَخُذْ أُخْرَى مَكَانهَا , قَالَ : فَرَدَّهَا , ثُمَّ ذَهَبَ لِيَأْخُذ أُخْرَى , فَطَارَتْ إِلَيْهِ كَمَا هِيَ , فَقَالَ : لَا اُرْدُدْهَا , فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا , فَقَالَ : اُرْدُدْهَا , فَقَالَ : لَا أَجِد غَيْرهَا الْيَوْم , فَالْتَفَتَ إِلَى اِبْنَته , فَقَالَ لِابْنَتِهِ : إِنَّ زَوْجك لَنَبِيّ . ذِكْر مَنْ قَالَ الَّتِي كَانَتْ آيَة عَصًا أَعْطَاهَا مُوسَى جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام : 20872 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر , قَالَ : سَأَلْت عِكْرِمَة قَالَ : أَمَّا عَصَا مُوسَى , فَإِنَّهَا خَرَجَ بِهَا آدَم مِنْ الْجَنَّة , ثُمَّ قَبَضَهَا بَعْد ذَلِكَ جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام , فَلَقِيَ مُوسَى بِهَا لَيْلًا , فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ .'; $TAFSEER['3']['28']['29'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَل وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِب الطُّور نَارًا }. يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا وَفَّى مُوسَى صَاحِبه الْأَجَل الَّذِي فَارَقَهُ عَلَيْهِ , عِنْد إِنْكَاحه إِيَّاهُ اِبْنَته , وَذَكَرَ أَنَّ الَّذِي وَفَّاهُ مِنْ الْأَجَلَيْنِ , أَتَمَّهُمَا وَأَكْمَلَهُمَا , وَذَلِكَ الْعَشْر الْحِجَج , عَلَى أَنَّ بَعْض أَهْل الْعِلْم قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : زَادَ مَعَ الْعَشْر عَشْرًا أُخْرَى . ذِكْر مَنْ قَالَ : الَّذِي قَضَى مِنْ ذَلِكَ هُوَ الْحِجَج الْعَشْر : 20873 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس : أَيّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى ؟ قَالَ : خَيْرهمَا وَأَوْفَاهُمَا . * -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس سُئِلَ : أَيّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى ؟ قَالَ : أَتَمّهمَا وَأَخْيَرهمَا . * -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ أَخِيهِ , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : قَضَى مُوسَى آخِر الْأَجَلَيْنِ. * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُبَيْدَة , عَنْ الْحَكَم بْن أَبَان , عَنْ عِكْرِمَة , سُئِلَ اِبْن عَبَّاس : أَيّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى ؟ قَالَ : أَتَمّهمَا وَأَوْفَاهُمَا . * -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , قَالَ : ثني اِبْن إِسْحَاق , عَنْ حَكِيم بْن جُبَيْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : قَالَ يَهُودِيّ بِالْكُوفَةِ وَأَنَا أَتَجَهَّز لِلْحَجِّ : إِنِّي أَرَاك رَجُلًا تَتَتَبَّع الْعِلْم , أَخْبِرْنِي أَيّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى ؟ قُلْت : لَا أَعْلَم , وَأَنَا الْآن قَادِم عَلَى حَبْر الْعَرَب يَعْنِي اِبْن عَبَّاس , فَسَائِله عَنْ ذَلِكَ ; فَلَمَّا قَدِمْت مَكَّة سَأَلْت اِبْن عَبَّاس عَنْ ذَلِكَ وَأَخْبَرْته بِقَوْلِ الْيَهُودِيّ , فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : قَضَى أَكْثَرهمَا وَأَطْيَبهمَا , إِنَّ النَّبِيّ إِذَا وَعَدَ لَمْ يُخْلِف , قَالَ سَعِيد : فَقَدِمْت الْعِرَاق فَلَقِيت الْيَهُودِيّ , فَأَخْبَرْته , فَقَالَ : صَدَقَ , وَمَا أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى هَذَا , وَاَللَّه الْعَالِم . * - قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا الْأَصْبَغ بْن زَيْد , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي أَيُّوب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : سَأَلَنِي رَجُل مِنْ أَهْل النَّصْرَانِيَّة : أَيّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى ؟ قُلْت : لَا أَعْلَم , وَأَنَا يَوْمئِذٍ لَا أَعْلَم , فَلَقِيت اِبْن عَبَّاس , فَذَكَرْت لَهُ الَّذِي سَأَلَنِي عَنْهُ النَّصْرَانِيّ , فَقَالَ : أَمَا كُنْت تَعْلَم أَنَّ ثَمَانِيًا وَاجِب عَلَيْهِ , لَمْ يَكُنْ نَبِيّ اللَّه نَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا , وَتَعْلَم أَنَّ اللَّه كَانَ قَاضِيًا عَنْ مُوسَى عِدَته الَّتِي وَعَدَهُ , فَإِنَّهُ قَضَى عَشْر سِنِينَ . * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَل } قَالَ : حَدَّثَ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : رَعَى عَلَيْهِ نَبِيّ اللَّه أَكْثَرهَا وَأَطْيَبهَا . 20874 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى ؟ قَالَ : " أَوْفَاهُمَا وَأَتَمّهمَا " . 20875 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطُّوسِيّ , قَالَ : ثَنَا الْحُمَيْدِيّ أَبُو بَكْر بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , قَالَ : ثني إِبْرَاهِيم بْن يَحْيَى بْن أَبِي يَعْقُوب , عَنْ الْحَكَم بْن أَبَان , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " سَأَلْت جَبْرَائِيل : أَيّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى ؟ قَالَ : أَتَمّهمَا وَأَكْمَلهمَا ". 20876 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد : إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ جَبْرَائِيل : " أَيّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى ؟ قَالَ سَوْفَ أَسْأَل إِسْرَافِيل , فَسَأَلَهُ فَقَالَ : سَوْفَ أَسْأَل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى , فَسَأَلَهُ , فَقَالَ : أَبَرّهمَا وَأَوْفَاهُمَا " . ذِكْر مَنْ قَالَ : قَضَى الْعَشْر الْحِجَج وَزَادَ عَلَى الْعَشْر عَشْرًا أُخْرَى : 20877 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَل } قَالَ : عَشْر سِنِينَ , ثُمَّ مَكَثَ بَعْد ذَلِكَ عَشْرًا أُخْرَى. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { قَضَى مُوسَى الْأَجَل } عَشْر سِنِينَ , ثُمَّ مَكَثَ بَعْد ذَلِكَ عَشْرًا أُخْرَى . 20878 - حَدَّثني الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ثَنَا أَنَس , قَالَ : لَمَّا دَعَا نَبِيّ اللَّه مُوسَى صَاحِبه إِلَى الْأَجَل الَّذِي كَانَ بَيْنهمَا , قَالَ لَهُ صَاحِبه : كُلّ شَاة وُلِدَتْ عَلَى غَيْر لَوْنهَا فَلَك وَلَد , فَعَمَدَ , فَرَفَعَ خَيَالًا عَلَى الْمَاء , فَلَمَّا رَأَتْ الْخَيَال , فَزِعَتْ , فَجَالَتْ جَوْلَة فَوُلِدْنَ كُلّهنَّ بُلْقًا , إِلَّا شَاة وَاحِدَة , فَذَهَبَ بِأَوْلَادِهِنَّ ذَلِكَ الْعَام . وَقَوْله : { وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِب الطُّور نَارًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَل وَسَارَ بِأَهْلِهِ } شَاخِصًا بِهِمْ إِلَى مَنْزِله مِنْ مِصْر { آنَسَ مِنْ جَانِب الطُّور } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : آنَسَ : أَبْصَرَ وَأَحْسَنَ كَمَا قَالَ الْعَجَّاج : آنَسَ خِرْبَان فَضَاء فَانْكَدَرْ دَانَى جَنَاحَيْهِ مِنْ الطُّور فَمَرَّ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة بِذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْل , غَيْر أَنَّا نَذْكُر هَا هُنَا بَعْض مَا لَمْ نَذْكُر قَبْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20879 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { آنَسَ مِنْ جَانِب الطُّور نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ اُمْكُثُوا إِنِّي آنَسْت نَارًا } : أَيْ أَحْسَسْت نَارًا . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الطُّور فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ , وَمَا فِيهِ مِنْ الرِّوَايَة عَنْ أَهْل التَّأْوِيل. وَقَوْله : { لِأَهْلِهِ اُمْكُثُوا إِنِّي آنَسْت نَارًا } يَقُول : قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ : تَمَهَّلُوا وَانْتَظِرُوا : إِنِّي أَبْصَرْت نَارًا { لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا } يَعْنِي مِنْ النَّار { بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَة مِنْ النَّار } يَقُول : أَوْ آتِيكُمْ بِقِطْعَةٍ غَلِيظَة مِنْ الْحَطَب فِيهَا النَّار , وَهِيَ مِثْل الْجِذْمَة مِنْ أَصْل الشَّجَرَة ; وَمِنْهُ قَوْل اِبْن مُقْبِل : بَاتَتْ حَوَاطِب لَيْلَى يَلْتَمِسْنَ لَهَا جَزْل الْجِذَا غَيْر خَوَّار وَلَا دَعْر وَفِي الْجِذْوَة لُغَات لِلْعَرَبِ ثَلَاث : جِذْوَة بِكَسْرِ الْجِيم , وَبِهَا قَرَأَتْ قُرَّاء الْحِجَاز وَالْبَصْرَة وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة , وَهِيَ أَشْهَر اللُّغَات الثَّلَاث فِيهَا : وَجَذْوَة بِفَتْحِ الْجِيم , وَبِهَا قَرَأَ أَيْضًا بَعْض قُرَّاء الْكُوفَة . وَهَذِهِ اللُّغَات الثَّلَاث وَإِنْ كُنَّ مَشْهُورَات فِي كَلَام الْعَرَب , فَالْقِرَاءَة بِأَشْهَرِهَا أَعْجَب إِلَيَّ , وَإِنْ لَمْ أُنْكِر قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ بِغَيْرِ الْأَشْهَر مِنْهُنَّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى الْجِذْوَة قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20880 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { أَوْ جِذْوَة مِنْ النَّار } يَقُول شِهَاب . 20881 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَوْ جِذْوَة } وَالْجِذْوَة : أَصْل شَجَرَة فِيهَا نَار . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { إِنِّي آنَسْت نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جِذْوَة مِنْ النَّار } قَالَ : أَصْل الشَّجَرَة فِي طَرَفهَا النَّار , فَذَلِكَ قَوْله { أَوْ جَذْوَة } قَالَ : السَّعَف فِيهِ النَّار . قَالَ مَعْمَر , وَقَالَ قَتَادَة { أَوْ جِذْوَة } : أَوْ شُعْلَة مِنْ النَّار . 20882 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { أَوْ جِذْوَة مِنْ النَّار } قَالَ : أَصْل شَجَرَة. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيج , عَنْ مُجَاهِد { أَوْ جِذْوَة مِنْ النَّار } قَالَ : أَصْل شَجَرَة . 20883 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { أَوْ جِذْوَة مِنْ النَّار } قَالَ : الْجِذْوَة : الْعُود مِنْ الْحَطَب الَّذِي فِيهِ النَّار , ذَلِكَ الْجِذْوَة . وَقَوْله : { لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } يَقُول : لَعَلَّكُمْ تَسْخَنُونَ بِهَا مِنْ الْبَرْد , وَكَانَ فِي شِتَاء .'; $TAFSEER['3']['28']['30'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئ الْوَادِ الْأَيْمَن فِي الْبُقْعَة الْمُبَارَكَة مِنْ الشَّجَرَة أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا أَتَى مُوسَى النَّار الَّتِي { آنَسَ مِنْ جَانِب الطُّور } { نُودِيَ مِنْ شَاطِئ الْوَادِ الْأَيْمَن } يَعْنِي بِالشَّاطِئِ : الشَّطّ , وَهُوَ جَانِب الْوَادِي وَعُدْوَته , وَالشَّاطِئ يُجْمَع شَوَاطِئ وَشُطْآن. وَالشَّطّ : الشُّطُوط . وَالْأَيْمَن : نَعْت مِنْ الشَّاطِئ عَنْ يَمِين مُوسَى. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20884 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { مِنْ شَاطِئ الْوَادِ الْأَيْمَن } قَالَ اِبْن عَمْرو فِي حَدِيثه عِنْد الطُّور. وَقَالَ الْحَارِث فِي حَدِيثه مِنْ شَاطِئ الْوَادِي الْأَيْمَن عِنْد الطُّور عَنْ يَمِين مُوسَى . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئ الْوَادِ الْأَيْمَن } قَالَ : شِقّ الْوَادِي عَنْ يَمِين مُوسَى عِنْد الطُّور . وَقَوْله : { فِي الْبُقْعَة الْمُبَارَكَة } مِنْ صِلَة الشَّاطِئ . وَتَأْوِيل الْكَلَام : فَلَمَّا أَتَاهَا نَادَى اللَّه مُوسَى مِنْ شَاطِئ الْوَادِي الْأَيْمَن فِي الْبُقْعَة الْمُبَارَكَة مِنْهُ مِنْ الشَّجَرَة : { أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ } . وَقِيلَ : إِنَّ مَعْنَى قَوْله { مِنْ الشَّجَرَة } : عِنْد الشَّجَرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20885 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئ الْوَادِ الْأَيْمَن فِي الْبُقْعَة الْمُبَارَكَة مِنْ الشَّجَرَة } قَالَ : نُودِيَ مِنْ عِنْد الشَّجَرَة { أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ } . وَقِيلَ : إِنَّ الشَّجَرَة الَّتِي نَادَى مُوسَى مِنْهَا رَبّه : شَجَرَة عَوْسَج. وَقَالَ بَعْضهمْ : بَلْ كَانَتْ شَجَرَة الْعَلِيق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20886 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { الْبُقْعَة الْمُبَارَكَة مِنْ الشَّجَرَة } قَالَ : الشَّجَرَة عَوْسَج . قَالَ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : عَصَا مُوسَى مِنْ الْعَوْسَج ; وَالشَّجَرَة مِنْ الْعَوْسَج . 20887 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض مَنْ لَا يُتَّهَم , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم { إِنِّي آنَسْت نَارًا } قَالَ : خَرَجَ نَحْوهَا , فَإِذَا هِيَ شَجَرَة مِنْ الْعَلِيق , وَبَعْض أَهْل الْكِتَاب يَقُول : هِيَ عَوْسَجَة . 20888 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ : رَأَيْت الشَّجَرَة الَّتِي نُودِيَ مِنْهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام , شَجَرَة سَمْرَاء خَضْرَاء تَرِفّ .'; $TAFSEER['3']['28']['31'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَنْ أَلْقِ عَصَاك } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : نُودِيَ مُوسَى : { أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ . وَأَنْ أَلْقِ عَصَاك } فَأَلْقَاهَا مُوسَى , فَصَارَتْ حَيَّة تَسْعَى. { فَلَمَّا رَآهَا } مُوسَى يَقُول : تَتَحَرَّك وَتَضْطَرِب . وَالْجَانّ : وَاحِد الْجِنَان , وَهِيَ نَوْع مَعْرُوف مِنْ أَنْوَاع الْحَيَّات , وَهِيَ مِنْهَا عِظَام . وَمَعْنَى الْكَلَام : كَأَنَّهَا جَانّ مِنْ الْحَيَّات . يَقُول : وَلَّى مُوسَى هَارِبًا مِنْهَا . كَمَا : 20889 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَّى مُدْبِرًا } فَارًّا مِنْهَا . يَقُول : وَلَمْ يَرْجِع عَلَى عَقِبه. وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة فِي ذَلِكَ , وَمَا قَالَهُ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَا مَضَى , فَكَرِهْنَا إِعَادَته , غَيْر أَنَّا نَذْكُر فِي ذَلِكَ بَعْض مَا لَمْ نَذْكُرهُ هُنَالِكَ . 20890 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَمْ يُعَقِّب } يَقُول : وَلَمْ يُعَقِّب , أَيْ لَمْ يَلْتَفِت مِنْ الْفَرَق . 20891 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { وَلَمْ يُعَقِّب } يَقُول : لَمْ يَنْتَظِر . وَقَوْله : { يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَنُودِيَ مُوسَى : يَا مُوسَى أَقْبِلْ إِلَيَّ وَلَا تَخَفْ مِنْ الَّذِي تَهْرُب مِنْهُ . { إِنَّك مِنْ الْآمِنِينَ } مِنْ أَنْ يَضُرّك , إِنَّمَا هُوَ عَصَاك .'; $TAFSEER['3']['28']['32'] = 'وَقَوْله : { اُسْلُكْ يَدك فِي جَيْبك } يَقُول : أَدْخِلْ يَدك . وَفِيهِ لُغَتَانِ : سَلَكْته , وَأَسْلَكْته { فِي جَيْبك } يَقُول : فِي جَيْب قَمِيصك . كَمَا : 20892 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { اُسْلُكْ يَدك فِي جَيْبك } : أَيْ فِي جَيْب قَمِيصك . وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله أَمَرَ أَنْ يُدْخِل يَده فِي الْجَيْب دُون الْكُمّ . وَقَوْله : { تَخْرُج بَيْضَاء مِنْ غَيْر سُوء } يَقُول : تَخْرُج بَيْضَاء مِنْ غَيْر بَرَص . كَمَا : 20893 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا اِبْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثَنَا قُرَّة بْن خَالِد , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { اُسْلُكْ يَدك فِي جَيْبك تَخْرُج بَيْضَاء مِنْ غَيْر سُوء } قَالَ : فَخَرَجَتْ كَأَنَّهَا الْمِصْبَاح , فَأَيْقَنَ مُوسَى أَنَّهُ لَقِيَ رَبّه . وَقَوْله : { وَاضْمُمْ إِلَيْك جَنَاحك } يَقُول : وَاضْمُمْ إِلَيْك يَدك . كَمَا : 20894 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس { وَاضْمُمْ إِلَيْك جَنَاحك } قَالَ : يَدك . 20895 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد { وَاضْمُمْ إِلَيْك جَنَاحك } قَالَ : وَجَنَاحَاهُ : الذِّرَاع . وَالْعَضُد : هُوَ الْجَنَاح . وَالْكَفّ : الْيَد , { اُضْمُمْ يَدك إِلَى جَنَاحك تَخْرُج بَيْضَاء مِنْ غَيْر سُوء } . وَقَوْله : { مِنْ الرَّهْب } يَقُول : مِنْ الْخَوْف وَالْفَرَق الَّذِي قَدْ نَالَك مِنْ مُعَايَنَتك مَا عَايَنْت مِنْ هَوْل الْحَيَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20896 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { مِنْ الرَّهْب } قَالَ : الْفَرَق . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20897 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَاضْمُمْ إِلَيْك جَنَاحك مِنْ الرَّهْب } : أَيْ مِنْ الرُّعْب . 20898 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { مِنْ الرَّهْب } قَالَ : مِمَّا دَخَلَهُ مِنْ الْفَرَق مِنْ الْحَيَّة وَالْخَوْف , وَقَالَ : ذَلِكَ الرَّهْب , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه { يَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا } 21 90 قَالَ : خَوْفًا وَطَمَعًا . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْحِجَاز وَالْبَصْرَة : " مِنْ الرَّهَب " بِفَتْحِ الرَّاء وَالْهَاء. وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : " مِنْ الرُّهْب " بِضَمِّ الرَّاء وَتَسْكِين الْهَاء , وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَّفِقَتَا الْمَعْنَى مَشْهُورَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . وَقَوْله : { فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبّك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَهَذَانِ اللَّذَانِ أَرَيْتُكَهُمَا يَا مُوسَى مِنْ تَحَوُّل الْعَصَا حَيَّة , وَيَدك وَهِيَ سَمْرَاء , بَيْضَاء تَلْمَع مِنْ غَيْر بَرَص , بُرْهَانَانِ : يَقُول : آيَتَانِ وَحُجَّتَانِ وَأَصْل الْبُرْهَان : الْبَيَان , يُقَال لِلرَّجُلِ يَقُول الْقَوْل إِذَا سُئِلَ الْحُجَّة عَلَيْهِ : هَاتِ بُرْهَانك عَلَى مَا تَقُول : أَيْ هَاتِ تِبْيَان ذَلِكَ وَمِصْدَاقه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20899 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبّك } الْعَصَا وَالْيَد آيَتَانِ . 20900 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه { فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبّك } تِبْيَانَانِ مِنْ رَبّك . 20901 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبّك } هَذَانِ بُرْهَانَانِ . 20902 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبّك } فَقَرَأَ : { هَاتُوا بُرْهَانكُمْ } 2 111 عَلَى ذَلِكَ آيَة نَعْرِفهَا , وَقَالَ : بُرْهَانَانِ آيَتَانِ مِنْ اللَّه . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { فَذَانِكَ } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار , سِوَى اِبْن كَثِير وَأَبِي عَمْرو : { فَذَانِكَ } بِتَخْفِيفِ النُّون , لِأَنَّهَا نُون الِاثْنَيْنِ , وَقَرَأَهُ اِبْن كَثِير وَأَبُو عَمْرو : " فَذَانّك " بِتَشْدِيدِ النُّون . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه تَشْدِيدهَا , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : ثَقَّلَ النُّون مَنْ ثَقَّلَهَا لِلتَّوْكِيدِ , كَمَا أَدْخَلُوا اللَّام فِي ذَلِكَ . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : شُدِّدَتْ فَرْقًا بَيْنهَا وَبَيْن النُّون الَّتِي تَسْقُط لِلْإِضَافَةِ , لِأَنَّ هَاتَانِ وَهَذَانِ لَا تُضَاف. وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : هُوَ مِنْ لُغَة مَنْ قَالَ : هَذَا آقَالَ ذَلِكَ , فَزَادَ عَلَى الْأَلِف أَلِفًا , كَذَا زَادَ عَلَى النُّون نُونًا لِيَفْصِل بَيْنهمَا وَبَيْن الْأَسْمَاء الْمُتَمَكِّنَة , وَقَالَ فِي ذَانّك إِنَّمَا كَانَتْ ذَلِكَ فِيمَنْ قَالَ : هَذَانِ يَا هَذَا , فَكَرِهُوا تَثْنِيَة الْإِضَافَة فَأَعْقَبُوهَا بِاللَّامِ , لِأَنَّ الْإِضَافَة تُعْقَب بِاللَّامِ . وَكَانَ أَبُو عَمْرو يَقُول : التَّشْدِيد فِي النُّون فِي { ذَانّك } مِنْ لُغَة قُرَيْش . يَقُول : إِلَى فِرْعَوْن وَأَشْرَاف قَوْمه , حُجَّة عَلَيْهِمْ , وَدَلَالَة عَلَى حَقِيقَة نُبُوَّتك يَا مُوسَى . يَقُول : إِنَّ فِرْعَوْن وَمَلَئِهِ كَانُوا قَوْمًا كَافِرِينَ .'; $TAFSEER['3']['28']['33'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ رَبّ إِنِّي قَتَلْت مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَاف أَنْ يَقْتُلُونِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ مُوسَى : رَبّ إِنِّي قَتَلْت مِنْ قَوْم فِرْعَوْن نَفْسًا , فَأَخَاف إِنْ أَتَيْتهمْ فَلَمْ أُبِنْ عَنْ نَفْسِي بِحُجَّةٍ أَنْ يَقْتُلُونِ , لِأَنَّ فِي لِسَانِي عُقْدَة , وَلَا أُبَيِّن مَعَهَا مَا أُرِيد مِنْ الْكَلَام.'; $TAFSEER['3']['28']['34'] = '{ وَأَخِي هَارُون هُوَ أَفْصَح مِنِّي لِسَانًا } , يَقُول : أَحْسَن بَيَانًا عَمَّا يُرِيد أَنْ يُبَيِّنهُ . { فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا } يَقُول : عَوْنًا . يُصَدِّقنِي : أَيْ يُبَيِّن لَهُمْ عَنِّي مَا أُخَاطِبهُمْ بِهِ . كَمَا : 20903 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { وَأَخِي هَارُون هُوَ أَفْصَح مِنِّي لِسَانًا , فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقنِي } : أَيْ يُبَيِّن لَهُمْ عَنِّي مَا أُكَلِّمهُمْ بِهِ , فَإِنَّهُ يَفْهَم مَا لَا يَفْهَمُونَ . وَقِيلَ : إِنَّمَا سَأَلَ مُوسَى رَبّه يُؤَيِّدهُ بِأَخِيهِ , لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ إِذَا اِجْتَمَعَا عَلَى الْخَيْر , كَانَتْ النَّفْس إِلَى تَصْدِيقهمَا , أَسْكَن مِنْهَا إِلَى تَصْدِيق خَبَر الْوَاحِد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20904 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقنِي } لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ أَحْرَى أَنْ يُصَدَّقَا مِنْ وَاحِد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20905 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقنِي } قَالَ عَوْنًا. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20906 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { رِدْءًا يُصَدِّقنِي } : أَيْ عَوْنًا. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : كَيْمَا يُصَدِّقنِي . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20907 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { رِدْءًا يُصَدِّقنِي } يَقُول : كَيْ يُصَدِّقنِي . 20908 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقنِي } يَقُول : كَيْمَا يُصَدِّقنِي . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { رِدْءًا يُصَدِّقنِي } يَقُول : كَيْمَا يُصَدِّقنِي. وَالرِّدْء فِي كَلَام الْعَرَب : هُوَ الْعَوْن , يُقَال مِنْهُ : قَدْ أَرْدَأْت فُلَانًا عَلَى أَمْره : أَيْ أَكَفَيْته وَأَعَنْته . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { يُصَدِّقنِي } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْبَصْرَة : " رِدْءًا يُصَدِّقنِي " بِجَزْمِ يُصَدِّقنِي . وَقَرَأَ عَاصِم وَحَمْزَة : " يُصَدِّقنِي " بِرَفْعِهِ , فَمَنْ رَفَعَهُ جَعَلَهُ صِلَة لِلرِّدْءِ , بِمَعْنَى : فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا مِنْ صِفَته يُصَدِّقنِي ; وَمَنْ جَزَمَهُ جَعَلَهُ جَوَابًا لِقَوْلِهِ فَأَرْسِلْهُ , فَإِنَّك إِذَا أَرْسَلْته صَدَّقَنِي , عَلَى وَجْه الْخَبَر . وَالرَّفْع فِي ذَلِكَ أَحَبّ الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيَّ , لِأَنَّهُ مَسْأَلَة مِنْ مُوسَى رَبَّهُ أَنْ يُرْسِل أَخَاهُ عَوْنًا لَهُ بِهَذِهِ الصِّفَة . وَقَوْله : { إِنِّي أَخَاف أَنْ يُكَذِّبُونِ } يَقُول : إِنِّي أَخَاف أَنْ لَا يُصَدِّقُونِ عَلَى قَوْلِي لَهُمْ إِنِّي أَرْسَلْت إِلَيْكُمْ.'; $TAFSEER['3']['28']['35'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدك بِأَخِيك } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ اللَّه لِمُوسَى { سَنَشُدُّ عَضُدك } ; أَيْ نُقَوِّيك وَنُعِينك بِأَخِيك. تَقُول الْعَرَب إِذَا أَعَزَّ رَجُل رَجُلًا , وَأَعَانَهُ وَمَنَعَهُ مِمَّنْ أَرَادَهُ بِظُلْمٍ : قَدْ شَدَّ فُلَان عَلَى عَضُد فُلَان , وَهُوَ مِنْ عَاضَدَهُ عَلَى أَمْره : إِذَا أَعَانَهُ , وَمِنْهُ قَوْل اِبْن مُقْبِل : عَاضَدْتهَا بِعَتُودٍ غَيْر مُعْتَلِث كَأَنَّهُ وَقْفُ عَاج بَاتَ مَكْنُونَا يَعْنِي بِذَلِكَ : قَوْسًا عَاضَدَهَا بِسَهْمٍ . وَفِي الْعَضُد لُغَات أَرْبَع : أَجْوَدهَا : الْعَضُد , ثُمَّ الْعَضْد , ثُمَّ الْعُضُد , وَالْعُضْد . يَجْمَع جَمِيع ذَلِكَ عَلَى أَعْضَاد. وَقَوْله : { وَنَجْعَل لَكُمَا سُلْطَانًا } يَقُول : وَنَجْعَل لَكُمَا حُجَّة . كَمَا : 20909 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { لَكُمَا سُلْطَانًا } حُجَّة . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم قَالَ : قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20910 -حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { وَنَجْعَل لَكُمَا سُلْطَانًا } وَالسُّلْطَان : الْحُجَّة . وَقَوْله : { فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَا يَصِل إِلَيْكُمَا فِرْعَوْن وَقَوْمه بِسُوءٍ . وَقَوْله : { بِآيَاتِنَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا } فِرْعَوْن وَقَوْمه { بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنْ اِتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ } فَالْبَاء فِي قَوْله بِآيَاتِنَا مِنْ صِلَة غَالِبُونَ . وَمَعْنَى الْكَلَام : أَنْتُمَا وَمَنْ اِتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ فِرْعَوْن وَمَلَأَهُ بِآيَاتِنَا أَيْ بِحُجَّتِنَا وَسُلْطَاننَا الَّذِي نَجْعَلهُ لَكُمَا .'; $TAFSEER['3']['28']['36'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَات قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْر مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا جَاءَ مُوسَى فِرْعَوْن وَمَلَأَهُ بِأَدِلَّتِنَا وَحُجَجنَا بَيِّنَات أَنَّهَا حُجَج شَاهِدَة بِحَقِيقَةٍ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى مِنْ عِنْد رَبّه , قَالُوا لِمُوسَى : مَا هَذَا الَّذِي جِئْتنَا بِهِ إِلَّا سِحْرًا اِفْتَرَيْته مِنْ قِبَلك وَتَخَرَّصْته كَذِبًا وَبَاطِلًا { وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا } الَّذِي تَدْعُونَا إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَة مَنْ تَدْعُونَا إِلَى عِبَادَته فِي أَسْلَافنَا وَآبَائِنَا الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ مَضَوْا قَبْلنَا .'; $TAFSEER['3']['28']['37'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَم بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْده وَمَنْ تَكُون لَهُ عَاقِبَة الدَّار إِنَّهُ لَا يُفْلِح الظَّالِمُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَقَالَ مُوسَى } مُجِيبًا لِفِرْعَوْن : { رَبِّي أَعْلَم } بِالْمُحِقِّ مِنَّا يَا فِرْعَوْن مِنْ الْمُبْطِل , وَمَنْ الَّذِي جَاءَ بِالرَّشَادِ إِلَى سَبِيل الصَّوَاب وَالْبَيَان عَنْ وَاضِح الْحُجَّة مِنْ عِنْده , وَمَنْ الَّذِي لَهُ الْعُقْبَى الْمَحْمُودَة فِي الدَّار الْآخِرَة مِنَّا . وَهَذِهِ مُعَارَضَة مِنْ نَبِيّ اللَّه مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لِفِرْعَوْن , وَجَمِيل مُخَاطَبَة , إِذْ تُرِكَ أَنْ يَقُول لَهُ : بَلْ الَّذِي غَرَّ قَوْمه وَأَهْلك جُنُوده , وَأَضَلَّ أَتْبَاعه أَنْتَ لَا أَنَا , وَلَكِنَّهُ قَالَ : { رَبِّي أَعْلَم بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْده , وَمَنْ تَكُون لَهُ عَاقِبَة الدَّار } ثُمَّ بَالَغَ فِي ذَمّ عَدُوّ اللَّه بِأَجْمَل مِنْ الْخِطَاب فَقَالَ : { إِنَّهُ لَا يُفْلِح الظَّالِمُونَ } يَقُول : إِنَّهُ لَا يَنْجَح وَلَا يُدْرِك طُلْبَتهمْ الْكَافِرُونَ بِاَللَّهِ تَعَالَى , يَعْنِي بِذَلِكَ فِرْعَوْن إِنَّهُ لَا يُفْلِح وَلَا يَنْجَح لِكُفْرِهِ بِهِ.'; $TAFSEER['3']['28']['38'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ فِرْعَوْن يَا أَيّهَا الْمَلَأ مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ فِرْعَوْن لِأَشْرَافِ قَوْمه وِسَادَتهمْ : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي } فَتَعْبُدُوهُ , وَتُصَدِّقُوا قَوْل مُوسَى فِيمَا جَاءَكُمْ بِهِ مِنْ أَنَّ لَكُمْ وَلَهُ رَبًّا غَيْرِي وَمَعْبُودًا سِوَايَ . يَقُول : فَاعْمَلْ لِي آجُرًّا , وَذُكِرَ أَنَّهُ أَوَّل مَنْ طَبَخَ الْآجُر وَبَنَى بِهِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20911 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَان عَلَى الطِّين } قَالَ : عَلَى الْمَدَر يَكُون لَبَنًا مَطْبُوخًا. قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَوَّل مَنْ أَمَرَ بِصَنْعَةِ الْآجُرّ وَبَنَى بِهِ فِرْعَوْن . 20912 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَان عَلَى الطِّين } قَالَ : فَكَانَ أَوَّل مَنْ طَبَخَ الْآجُرّ يَبْنِي بِهِ الصَّرْح . 20913 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْل اللَّه : { فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَان عَلَى الطِّين } قَالَ : الْمَطْبُوخ الَّذِي يُوقَد عَلَيْهِ هُوَ مِنْ طِين يَبْنُونَ بِهِ الْبُنْيَان . وَقَوْله : { فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا } يَقُول : اِبْنِ لِي بِالْآجُرِّ بِنَاء , وَكُلّ بِنَاء مُسَطَّح فَهُوَ صَرْح كَالْقَصْرِ . وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : بِهِنَّ نَعَام بَنَاهَا الرِّجَا ل يَحْسَب أَعْلَامهنَّ الصُّرُوحَا يَعْنِي بِالصُّرُوحِ : جَمْع صَرْح . وَقَوْله : { لَعَلِّي أَطَّلِع إِلَى إِلَه مُوسَى } يَقُول : أَنْظُر إِلَى مَعْبُود مُوسَى , الَّذِي يَعْبُدهُ , وَيَدْعُو إِلَى عِبَادَته { وَإِنِّي لَأَظُنّهُ } فِيمَا يَقُول مِنْ أَنَّ لَهُ مَعْبُودًا يَعْبُدهُ فِي السَّمَاء , وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُؤَيِّدهُ وَيَنْصُرهُ , وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَهُ إِلَيْنَا , مِنْ الْكَاذِبِينَ ; فَذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَامَان بَنَى لَهُ الصَّرْح , فَارْتَقَى فَوْقه . فَكَانَ مِنْ قِصَّته وَقِصَّة اِرْتِقَائِهِ مَا : 20914 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : قَالَ فِرْعَوْن لِقَوْمِهِ : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَان عَلَى الطِّين , فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا } لَعَلِّي أَذْهَب فِي السَّمَاء , فَأَنْظُر إِلَى إِلَه مُوسَى ; فَلَمَّا بُنِيَ لَهُ الصَّرْح , اِرْتَقَى فَوْقه , فَأَمَرَ بِنُشَّابَةٍ فَرَمَى بِهَا نَحْو السَّمَاء , فَرُدَّتْ إِلَيْهِ وَهِيَ مُتَلَطِّخَة دَمًا , فَقَالَ : قَدْ قَتَلْت إِلَه مُوسَى , تَعَالَى اللَّه عَمَّا يَقُولُونَ .'; $TAFSEER['3']['28']['39'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُوده فِي الْأَرْض بِغَيْرِ الْحَقّ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاسْتَكْبَرَ فِرْعَوْن وَجُنُوده فِي أَرْض مِصْر عَنْ تَصْدِيق مُوسَى , وَاتِّبَاعه عَلَى مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه , وَالْإِقْرَار بِالْعُبُودِيَّةِ لَهُ { بِغَيْرِ الْحَقّ } يَعْنِي تَعَدِّيًا وَعُتُوًّا عَلَى رَبّهمْ . يَقُول : وَحَسِبُوا أَنَّهُمْ بَعْد مَمَاتهمْ لَا يُبْعَثُونَ , وَلَا ثَوَاب , وَلَا عِقَاب , فَرَكِبُوا أَهْوَاءَهُمْ , وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّه لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ , وَأَنَّهُ لَهُمْ مُجَازٍ عَلَى أَعْمَالهمْ الْخَبِيثَة .'; $TAFSEER['3']['28']['40'] = 'وَقَوْله : {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُوده } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَجَمَعْنَا فِرْعَوْن وَجُنُوده مِنْ الْقِبْط. يَقُول : فَأَلْقَيْنَاهُمْ جَمِيعهمْ فِي الْبَحْر , فَغَرَّقْنَاهُمْ فِيهِ , كَمَا قَالَ أَبُو الْأَسْوَد الدُّؤَلِيّ : نَظَرْت إِلَى عِنْوَانه فَنَبَذْته كَنَبْذِك نَعْلًا أَخَلَقَتْ مِنْ نِعَالِكَا وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ بَحْر مِنْ وَرَاء مِصْر , كَمَا : 20915 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمّ } قَالَ : كَانَ الْيَمّ بَحْرًا يُقَال لَهُ إِسَاف , مِنْ وَرَاء مِصْر , غَرَّقَهُمْ اللَّه فِيهِ . وَقَوْله : { فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الظَّالِمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَانْظُرْ يَا مُحَمَّد بِعَيْنِ قَلْبك : كَيْف كَانَ أَمْر هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ , فَكَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَرَدُّوا عَلَى رَسُوله نَصِيحَته , أَلَمْ نُهْلِكهُمْ فَنُوَرِّث دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ أَوْلِيَاءَنَا , وَنُخَوِّلهُمْ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ جَنَّات وَعُيُون وَكُنُوز , وَمَقَام كَرِيم , بَعْد أَنْ كَانُوا مُسْتَضْعَفِينَ , تُقَتَّل أَبْنَاؤُهُمْ , وَتُسْتَحَيَا نِسَاؤُهُمْ , فَإِنَّا كَذَلِكَ بِك وَبِمَنْ آمَنَ بِك وَصَدَّقَك فَاعِلُونَ مُخَوِّلُوك وَإِيَّاهُمْ دِيَار مَنْ كَذَّبَك , وَرَدَّ عَلَيْك مَا أَتَيْتهمْ بِهِ مِنْ الْحَقّ وَأَمْوَالهمْ , وَمُهْلِكُوهُمْ قَتْلًا بِالسَّيْفِ , سُنَّة اللَّه فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل .'; $TAFSEER['3']['28']['41'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّة يَدْعُونَ إِلَى النَّار } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجَعَلْنَا فِرْعَوْن وَقَوْمه أَئِمَّة يَأْتَمّ بِهِمْ أَهْل الْعُتُوّ عَلَى اللَّه , وَالْكُفْر بِهِ , يَدْعُونَ النَّاس إِلَى أَعْمَال أَهْل النَّار . يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَيَوْم الْقِيَامَة لَا يَنْصُرهُمْ إِذَا عَذَّبَهُمْ اللَّه نَاصِر , وَقَدْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَتَنَاصَرُونَ , فَاضْمَحَلَّتْ تِلْكَ النُّصْرَة يَوْمئِذٍ.'; $TAFSEER['3']['28']['42'] = 'وَقَوْله : { وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَة وَيَوْم الْقِيَامَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَلْزَمْنَا فِرْعَوْن وَقَوْمه فِي هَذِهِ الدُّنْيَا خِزْيًا وَغَضَبًا مِنَّا عَلَيْهِمْ , فَحَتَّمْنَا لَهُمْ فِيهَا بِالْهَلَاكِ وَالْبَوَار وَالثَّنَاء السَّيِّئ , وَنَحْنُ مُتْبِعُوهُمْ لَعْنَة أُخْرَى يَوْم الْقِيَامَة , فَمُخْزُوهُمْ بِهَا الْخِزْي الدَّائِم , وَمُهِينُوهُمْ الْهَوَان اللَّازِم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20916 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَة وَيَوْم الْقِيَامَة } قَالَ : لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , قَالَ : هُوَ كَقَوْلِهِ { وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَة , وَيَوْم الْقِيَامَة بِئْسَ الرِّفْد الْمَرْفُود } . 11 99 20917 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَة وَيَوْم الْقِيَامَة } لَعْنَة أُخْرَى , ثُمَّ اِسْتَقْبَلَ فَقَالَ : { هُمْ مِنْ الْمَقْبُوحِينَ } وَقَوْله : { هُمْ مِنْ الْمَقْبُوحِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هُمْ مِنْ الْقَوْم الَّذِينَ قَبَّحَهُمْ اللَّه , فَأَهْلَكَهُمْ بِكُفْرِهِمْ بِرَبِّهِمْ , وَتَكْذِيبهمْ رَسُوله مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام , فَجَعَلَهُمْ عِبْرَة لِلْمُعْتَبَرِينَ , وَعِظَة لِلْمُتَّعِظِينَ .'; $TAFSEER['3']['28']['43'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب مِنْ بَعْد مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُون الْأُولَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى التَّوْرَاة مِنْ بَعْد مَا أَهْلَكْنَا الْأُمَم الَّتِي كَانَتْ قَبْله , كَقَوْمِ نُوح وَعَاد وَثَمُود وَقَوْم لُوط وَأَصْحَاب مَدْيَن . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب مِنْ بَعْد مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُون الْأُولَى } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20918 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد وَعَبْد الْوَهَّاب , قَالَا : ثَنَا عَوْف , عَنْ أَبِي نَضْرَة , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : مَا أَهْلَكَ اللَّه قَوْمًا بِعَذَابٍ مِنْ السَّمَاء وَلَا مِنْ الْأَرْض بَعْد مَا أُنْزِلَتْ التَّوْرَاة عَلَى وَجْه الْأَرْض غَيْر الْقَرْيَة الَّتِي مُسِخُوا قِرَدَة , أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه يَقُول : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب مِنْ بَعْد مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُون الْأُولَى بَصَائِر لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَة لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } . يَقُول : ضِيَاء لِبَنِي إِسْرَائِيل فِيمَا بِهِمْ إِلَيْهِ الْحَاجَة مِنْ أَمْر دِينهمْ . يَقُول : وَبَيَانًا لَهُمْ وَرَحْمَة لِمَنْ عَمِلَ بِهِ مِنْهُمْ . يَقُول : لِيَتَذَكَّرُوا نِعَم اللَّه بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ , فَيَشْكُرُوهُ عَلَيْهَا وَلَا يَكْفُرُوا .'; $TAFSEER['3']['28']['44'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كُنْت بِجَانِبِ الْغَرْبِيّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَمَا كُنْت } يَا مُحَمَّد { بِجَانِبِ } غَرْبِيّ الْجَبَل. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20919 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا كُنْت } يَا مُحَمَّد { بِجَانِبِ الْغَرْبِيّ } يَقُول : بِجَانِبِ غَرْبِيّ الْجَبَل } إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْر } . 20920 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : غَرْبِيّ الْجَبَل . 20921 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا الضَّحَّاك بْن مَخْلَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَلِيّ بْن مُدْرِك , عَنْ أَبِي زُرْعَة بْن عَمْرو , قَالَ : إِنَّكُمْ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُجِبْتُمْ قَبْل أَنْ تَسْأَلُوا , وَقَرَأَ : { وَمَا كُنْت بِجَانِبِ الْغَرْبِيّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْر } . يَقُول : إِذْ فَرَضْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْر فِيمَا أَلْزَمْنَاهُ وَقَوْمه , وَعَهِدْنَا إِلَيْهِ مِنْ عَهْد . يَقُول : وَمَا كُنْت لِذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ.'; $TAFSEER['3']['28']['45'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمْ الْعُمُر } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا } وَلَكِنَّا خَلَقْنَا أُمَمًا فَأَحْدَثْنَاهَا مِنْ بَعْد ذَلِكَ { فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمْ الْعُمُر } . وَقَوْله : { وَمَا كُنْت ثَاوِيًا فِي أَهْل مَدْيَن } يَقُول : وَمَا كُنْت مُقِيمًا فِي أَهْل مَدْيَن , يُقَال : ثَوَيْت بِالْمَكَانِ أَثْوِي بِهِ ثَوَاء , قَالَ أَعْشَى ثَعْلَبَة : أَثْوَى وَقَصَّرَ لَيْلَهُ لِيُزَوَّدَا فَمَضَى وَأَخْلَفَ مِنْ قُتَيْلَة مَوْعِدًا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20922 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَا كُنْت ثَاوِيًا فِي أَهْل مَدْيَن } قَالَ : الثَّاوِي : الْمُقِيم. يَقُول : تَقْرَأ عَلَيْهِمْ كِتَابنَا . يَقُول : لَمْ تَشْهَد شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يَا مُحَمَّد , وَلَكِنَّا كُنَّا نَحْنُ نَفْعَل ذَلِكَ وَنُرْسِل الرُّسُل .'; $TAFSEER['3']['28']['46'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كُنْت بِجَانِبِ الطُّور إِذْ نَادَيْنَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا كُنْت يَا مُحَمَّد بِجَانِبِ الْجَبَل إِذْ نَادَيْنَا مُوسَى بِأَنْ { سَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة , وَاَلَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُول النَّبِيّ الْأُمِّيّ } 7 156 : 157 الْآيَة , كَمَا : 20923 -حَدَّثَنَا عِيسَى بْن عُثْمَان بْن عِيسَى الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن عِيسَى , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَلِيّ بْن مُدْرِك , عَنْ أَبِي زُرْعَة , فِي قَوْل اللَّه : { وَمَا كُنْت بِجَانِبِ الطُّور إِذْ نَادَيْنَا } قَالَ : نَادَى يَا أُمَّة مُحَمَّد أَعْطَيْتُكُمْ قَبْل أَنْ تَسْأَلُونِي , وَأَجَبْتُكُمْ قَبْل أَنْ تَدْعُونِي . 20924 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا كُنْت بِجَانِبِ الطُّور إِذْ نَادَيْنَا } قَالَ : نُودُوا : يَا أُمَّة مُحَمَّد أَعْطَيْتُكُمْ قَبْل أَنْ تَسْأَلُونِي , وَاسْتَجَبْت لَكُمْ قَبْل أَنْ تَدْعُونِي . 20925 - حَدَّثني اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا حَرْمَلَة بْن قَيْس النَّخَعِيّ , قَالَ : سَمِعْت هَذَا الْحَدِيث مِنْ أَبِي زُرْعَة بْن عَمْرو بْن جَرِير , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة { وَمَا كُنْت بِجَانِبِ الطُّور إِذْ نَادَيْنَا } قَالَ : نُودُوا يَا أُمَّة مُحَمَّد أَعْطَيْتُكُمْ قَبْل أَنْ تَسْأَلُونِي , وَاسْتَجَبْت لَكُمْ قَبْل أَنْ تَدْعُونِي . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا مُعْتَمِر عَنْ سُلَيْمَان , وَسُفْيَان عَنْ سُلَيْمَان , وَحَجَّاج , عَنْ حَمْزَة الزَّيَّات , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَلِيّ بْن مُدْرِك , عَنْ أَبِي زُرْعَة بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , فِي قَوْله : { وَمَا كُنْت بِجَانِبِ الطُّور إِذْ نَادَيْنَا } قَالَ : نُودُوا يَا أُمَّة مُحَمَّد أَعْطَيْتُكُمْ قَبْل أَنْ تَسْأَلُونِي , وَاسْتَجَبْت لَكُمْ قَبْل أَنْ تَدْعُونِي , قَالَ : وَهُوَ قَوْله حِين قَالَ مُوسَى { وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَة , وَفِي الْآخِرَة } 7 156 الْآيَة . 20926 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج مِثْل ذَلِكَ . وَقَوْله : { وَلَكِنْ رَحْمَة مِنْ رَبّك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَمْ تَشْهَد شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يَا مُحَمَّد فَتَعْلَمهُ , وَلَكِنَّا عَرَّفْنَاكَهُ , وَأَنْزَلْنَا إِلَيْك , فَاقْتَصَصْنَا ذَلِكَ كُلّه عَلَيْك فِي كِتَابنَا , وَابْتَعَثْنَاك بِمَا أَنْزَلْنَا إِلَيْك مِنْ ذَلِكَ رَسُولًا إِلَى مَنْ ابْتَعَثْنَاك إِلَيْهِ مِنْ الْخَلْق رَحْمَة مِنَّا لَك وَلَهُمْ , كَمَا : 20927 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَكِنْ رَحْمَة مِنْ رَبّك } مَا قَصَصْنَا عَلَيْك { لِتُنْذِر قَوْمًا } الْآيَة . 20928 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { وَلَكِنْ رَحْمَة مِنْ رَبّك } قَالَ : كَانَ رَحْمَة مِنْ رَبّك النُّبُوَّة . وَقَوْله : { لِتُنْذِر قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِير مِنْ قَبْلك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَكِنْ أَرْسَلْنَاك بِهَذَا الْكِتَاب وَهَذَا الدِّين لِتُنْذِر قَوْمًا لَمْ يَأْتِهِمْ مِنْ قَبْلك نَذِير , وَهُمْ الْعَرَب الَّذِينَ بُعِثَ إِلَيْهِمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بَعَثَهُ اللَّه إِلَيْهِمْ رَحْمَة لِيُنْذِرهُمْ بَأْسه عَلَى عِبَادَتهمْ الْأَصْنَام , وَإِشْرَاكهمْ بِهِ الْأَوْثَان وَالْأَنْدَاد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20929 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد { وَلَكِنْ رَحْمَة مِنْ رَبّك } قَالَ : الَّذِي أَنْزَلْنَا عَلَيْك مِنْ الْقُرْآن { لِتُنْذِر قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِير مِنْ قَبْلك } . وَقَوْله : { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } يَقُول : لِيَتَذَكَّرُوا خَطَأ مَا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنْ كُفْرهمْ بِرَبِّهِمْ , فَيُنِيبُوا إِلَى الْإِقْرَار لِلَّهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ , وَإِفْرَاده بِالْعِبَادَةِ دُون كُلّ مَا سِوَاهُ مِنْ الْآلِهَة .'; $TAFSEER['3']['28']['47'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبهُمْ مُصِيبَة بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ فَيَقُولُوا رَبّنَا لَوْلَا أَرْسَلْت إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِع آيَاتك وَنَكُون مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْلَا أَنْ يَقُول هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَرْسَلْتُك يَا مُحَمَّد إِلَيْهِمْ , لَوْ حَلَّ بِهِمْ بَأْسنَا , أَوْ أَتَاهُمْ عَذَابنَا مِنْ قَبْل أَنْ نُرْسِلك إِلَيْهِمْ عَلَى كُفْرهمْ بِرَبِّهِمْ , وَاكْتِسَابهمْ الْآثَام , وَاجْتِرَامهمْ الْمَعَاصِي : رَبّنَا هَلَّا أَرْسَلْت إِلَيْنَا رَسُولًا مِنْ قَبْل أَنْ يَحِلّ بِنَا سَخَطك , وَيَنْزِل بِنَا عَذَابك فَنَتَّبِع أَدِلَّتك , وَآيَ كِتَابك الَّذِي تُنْزِلهُ عَلَى رَسُولك وَنَكُون مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِأُلُوهِيَّتِك , الْمُصَدِّقِينَ رَسُولك فِيمَا أَمَرْتنَا وَنَهَيْتنَا , لَعَاجَلْنَاهُمْ الْعُقُوبَة عَلَى شِرْكهمْ مِنْ قَبْل مَا أَرْسَلْنَاك إِلَيْهِمْ , وَلَكِنَّا بَعَثْنَاك إِلَيْهِمْ نَذِيرًا بَأْسنَا عَلَى كُفْرهمْ , لِئَلَّا يَكُون لِلنَّاسِ عَلَى اللَّه حُجَّة بَعْد الرُّسُل. وَالْمُصِيبَة فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْعَذَاب وَالنِّقْمَة . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ } بِمَا اِكْتَسَبُوا .'; $TAFSEER['3']['28']['48'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا جَاءَهُمْ الْحَقّ مِنْ عِنْدنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا جَاءَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَمْ يَأْتِهِمْ مِنْ قَبْلك يَا مُحَمَّد نَذِير فَبَعَثْنَاك إِلَيْهِمْ نَذِيرًا { الْحَقّ مِنْ عِنْدنَا } , وَهُوَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرِّسَالَةِ مِنْ اللَّه إِلَيْهِمْ , قَالُوا تَمَرُّدًا عَلَى اللَّه , وَتَمَادِيًا فِي الْغَيّ : هَلَّا أُوتِيَ هَذَا الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْنَا , وَهُوَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى بْن عِمْرَان مِنْ الْكِتَاب ؟ يَقُول اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِقَوْمِك مِنْ قُرَيْش , الْقَائِلِينَ لَك { لَوْلَا أُوتِيَ مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى } : أَوَلَمْ يَكْفُر الَّذِينَ عَلِمُوا هَذِهِ الْحُجَّة مِنْ الْيَهُود بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلك ؟ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20930 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْيَهُود تَأْمُر قُرَيْشًا أَنْ تَسْأَل مُحَمَّدًا مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى , يَقُول اللَّه لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لِقُرَيْشٍ يَقُولُوا لَهُمْ : أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْل ؟ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى } قَالَ : الْيَهُود تَأْمُر قُرَيْشًا , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : " وَقَالُوا سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا " بِمَعْنَى : أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْل , وَقَالُوا لَهُ وَلِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْل بَعْض الْمُفَسِّرِينَ , وَفِي قَوْل بَعْضهمْ لِمُوسَى وَهَارُون عَلَيْهِمَا السَّلَام , وَفِي قَوْل بَعْضهمْ : لِعِيسَى وَمُحَمَّد سَاحِرَانِ تَعَاوَنَا . وَقَرَأَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : { قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } بِمَعْنَى : وَقَالُوا لِلتَّوْرَاةِ وَالْفُرْقَان فِي قَوْل بَعْض أَهْل التَّأْوِيل , وَفِي قَوْل بَعْضهمْ لِلْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَان . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عَلَى قَدْر اِخْتِلَاف الْقُرَّاء فِي قِرَاءَته . ذِكْر مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِالسَّاحِرَيْنِ اللَّذَيْنِ تَظَاهَرَا مُحَمَّد وَمُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِمَا : 20931 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن مُحَمَّد بْن مَعْدِي كَرِبَ الرُّعَيْنِيّ , قَالَ : ثَنَا بَقِيَّة بْن الْوَلِيد , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة قَالَ : سَمِعْت مُسْلِم بْن يَسَار , يُحَدِّث عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْل اللَّه { سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا } قَالَ : مُوسَى وَمُحَمَّد . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ . ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , قَالَ : سَمِعْت مُسْلِم بْن يَسَار , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس , عَنْ هَذِهِ الْآيَة { سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا } قَالَ : مُوسَى وَمُحَمَّد. * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ . ثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ مُسْلِم بْن يَسَار , أَنَّ اِبْن عَبَّاس , قَرَأَ { سَاحِرَانِ } قَالَ مُوسَى وَمُحَمَّد عَلَيْهِمَا السَّلَام . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ شُعْبَة , عَنْ كَيْسَان أَبِي حَمْزَة , عَنْ مُسْلِم بْن يَسَار , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . وَمَنْ قَالَ : مُوسَى وَهَارُون عَلَيْهِمَا السَّلَام : 20932 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه { سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا } قَالَ : الْيَهُود لِمُوسَى وَهَارُون . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { قَالُوا سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا } قَوْل يَهُود لِمُوسَى وَهَارُون عَلَيْهِمَا السَّلَام . 20933 - حَدَّثني يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر وَأَبِي رَزِين أَنَّ أَحَدهمَا قَرَأَ : " سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا " , وَالْآخَر : { سِحْرَانِ } . قَالَ : الَّذِي قَرَأَ { سِحْرَانِ } قَالَ : التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل . وَقَالَ : الَّذِي قَرَأَ : " سَاحِرَانِ " قَالَ : مُوسَى وَهَارُون. وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَوْا بِالسَّاحِرَيْنِ عِيسَى وَمُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20934 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن . قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , قَوْله { سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا } قَالَ عِيسَى وَمُحَمَّد , أَوْ قَالَ مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ : عَنَوْا بِذَلِكَ التَّوْرَاة وَالْفُرْقَان , وَوَجْه تَأْوِيله إِلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ { سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } : 20935 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } يَقُول : التَّوْرَاة وَالْقُرْآن. 20936 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } يَعْنِي : التَّوْرَاة وَالْفُرْقَان . 20937 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } قَالَ : كِتَاب مُوسَى , وَكِتَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ : عَنَوْا بِهِ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل : 20938 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع . قَالَ ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ حُمَيْد الْأَعْرَج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : كُنْت إِلَى جَنْب اِبْن عَبَّاس وَهُوَ يَتَعَوَّذ بَيْن الرُّكْن وَالْمَقَام , فَقُلْت كَيْفَ تَقْرَأ سِحْرَانِ , أَوْ سَاحِرَانِ ؟ فَلَمْ يَرُدّ عَلَيَّ شَيْئًا , فَقَالَ عِكْرِمَة : سَاحِرَانِ , وَظَنَنْتُ أَنَّهُ لَوْ كَرِهَ ذَلِكَ أَنْكَرَهُ عَلَيَّ . قَالَ حُمَيْد فَلَقِيَتْ عِكْرِمَة بَعْد ذَلِكَ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ , وَقُلْت كَيْفَ كَانَ يَقْرَؤُهَا ؟ قَالَ : كَانَ يَقْرَأ { سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } أَيْ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ : عَنَوْا بِهِ الْفُرْقَان وَالْإِنْجِيل : 20939 - اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد , عَنْ الضَّحَّاك , أَنَّهُ قَرَأَ { سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } يَعْنُونَ الْإِنْجِيل وَالْفُرْقَان . 20940 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } قَالَتْ ذَلِكَ أَعْدَاء اللَّه الْيَهُود لِلْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَان , فَمَنْ قَالَ { سَاحِرَانِ } فَيَقُول : مُحَمَّد , وَعِيسَى اِبْن مَرْيَم. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا بِالصَّوَابِ , قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ { قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } بِمَعْنَى : كِتَاب مُوسَى وَهُوَ التَّوْرَاة , وَكِتَاب عِيسَى وَهُوَ الْإِنْجِيل. وَإِنَّمَا قُلْنَا : ذَلِكَ أَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ الْكَلَام مِنْ قَبْله جَرَى بِذِكْرِ الْكِتَاب , وَهُوَ قَوْله : { وَقَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى } وَاَلَّذِي يَلِيه مِنْ بَعْده ذِكْر الْكِتَاب , وَهُوَ قَوْله : { فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْد اللَّه هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ } فَاَلَّذِي بَيْنهمَا بِأَنْ يَكُون مَنْ ذَكَرَهُ أَوْلَى وَأَشْبَه بِأَنْ يَكُون مِنْ ذِكْر غَيْره . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْأَوْلَى بِالْقِرَاءَةِ , فَمَعْلُوم أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : قُلْ يَا مُحَمَّد : أَوَلَمْ يَكْفُر هَؤُلَاءِ الْيَهُود بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْل , وَقَالُوا لِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ الْكِتَاب وَمَا أُوتِيته أَنْتَ , سِحْرَانِ تَعَاوَنَا . وَقَوْله : { وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَتْ الْيَهُود : إِنَّا بِكُلِّ كِتَاب فِي الْأَرْض مِنْ تَوْرَاة وَإِنْجِيل , وَزَبُور وَفُرْقَان كَافِرُونَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ بَعْض أَهْل التَّأْوِيل , وَخَالَفَهُ فِيهِ مُخَالِفُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ مِثْل الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ : 20941 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } قَالُوا : نَكْفُر أَيْضًا بِمَا أُوتِيَ مُحَمَّد . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } قَالَ الْيَهُود أَيْضًا : نَكْفُر بِمَا أُوتِيَ مُحَمَّد أَيْضًا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَقَالُوا إِنَّا بِكُلِّ الْكِتَابَيْنِ الْفُرْقَان وَالْإِنْجِيل كَافِرُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20942 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد , عَنْ الضَّحَّاك { وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } يَقُول : بِالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآن . * - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله { وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } : يَعْنُونَ الْإِنْجِيل وَالْفُرْقَان . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } قَالَ : هُمْ أَهْل الْكِتَاب , يَقُول : بِالْكِتَابَيْنِ : التَّوْرَاة وَالْفُرْقَان . 20943 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى , وَاَلَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .'; $TAFSEER['3']['28']['49'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْد اللَّه هُوَ أَهْدَى مِنْهَا أَتَّبِعهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِلْقَائِلِينَ لِلتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل : هُمَا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا : اِئْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْد اللَّه , هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا لِطَرِيقِ الْحَقّ , وَلِسَبِيلِ الرَّشَاد { أَتَّبِعهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } فِي زَعْمكُمْ أَنَّ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ سِحْرَانِ , وَأَنَّ الْحَقّ فِي غَيْرهمَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20944 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : فَقَالَ اللَّه تَعَالَى { قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْد اللَّه هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا } الْآيَة . 20945 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فَقَالَ اللَّه { ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ عِنْد اللَّه هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا } مِنْ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ ; الَّذِي بُعِثَ بِهِ مُوسَى , وَاَلَّذِي بُعِثَ بِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.'; $TAFSEER['3']['28']['50'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَك فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِنْ لَمْ يُجِبْك هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ لِلتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل : سِحْرَانِ تَظَاهَرَا , الزَّاعِمُونَ أَنَّ الْحَقّ فِي غَيْرهمَا , مِنْ الْيَهُود يَا مُحَمَّد , إِلَى أَنْ يَأْتُوك بِكِتَابٍ مِنْ عِنْد اللَّه , هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا , فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ , وَأَنَّ الَّذِي يَنْطِقُونَ بِهِ , وَيَقُولُونَ فِي الْكِتَابَيْنِ , قَوْل كَذِب وَبَاطِل , لَا حَقِيقَة لَهُ , وَلَعَلَّ قَائِلًا أَنْ يَقُول : أَوَلَمْ يَكُنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَم أَنَّ مَا قَالَ الْقَائِلُونَ مِنْ الْيَهُود وَغَيْرهمْ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل مِنْ الْإِفْك وَالزُّور , الْمُسَمُّوهُمَا سِحْرَيْنِ : بَاطِل مِنْ الْقَوْل , إِلَّا بِأَنْ لَا يُجِيبُوهُ إِلَى إِتْيَانهمْ بِكِتَابٍ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا ؟ قِيلَ : هَذَا كَلَام خَرَجَ مَخْرَج الْخِطَاب لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْمُرَاد بِهِ الْمَقُول لَهُمْ أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْل مِنْ كُفَّار قُرَيْش , وَذَلِكَ أَنَّهُ قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِمُشْرِكِي قُرَيْش : أَوَلَمْ يَكْفُر هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَمَرُوكُمْ أَنْ تَقُولُوا : هَلَّا أُوتِيَ مُحَمَّد مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى , بِاَلَّذِي أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْل هَذَا الْقُرْآن , وَيَقُولُوا لِلَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَعَلَى عِيسَى { سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } فَقُولُوا لَهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أَنَّ مَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى سِحْر , فَأْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ عِنْد اللَّه , هُوَ أَهْدَى مِنْ كِتَابَيْهِمَا , فَإِنْ هُمْ لَمْ يُجِيبُوكُمْ إِلَى ذَلِكَ فَاعْلَمُوا أَنَّهُمْ كَذْبَة , وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَّبِعُونَ فِي تَكْذِيبهمْ مُحَمَّدًا , وَمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه أَهْوَاء أَنْفُسهمْ , وَيَتْرُكُونَ الْحَقّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ أَضَلّ عَنْ طَرِيق الرَّشَاد , وَسَبِيل السَّدَاد مِمَّنْ اِتَّبَعَ هَوَى نَفْسه بِغَيْرِ بَيَان مِنْ عِنْد اللَّه , وَعَهْد مِنْ اللَّه , وَيَتْرُك عَهْد اللَّه الَّذِي عَهِدَهُ إِلَى خَلْقه فِي وَحْيه وَتَنْزِيله . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه لَا يُوَفِّق لِإِصَابَةِ الْحَقّ وَسَبِيل الرُّشْد الْقَوْم الَّذِينَ خَالَفُوا أَمْر اللَّه وَتَرَكُوا طَاعَته , وَكَذَّبُوا رَسُوله , وَبَدَّلُوا عَهْده , وَاتَّبَعُوا أَهْوَاء أَنْفُسهمْ إِيثَارًا مِنْهُمْ لِطَاعَةِ الشَّيْطَان عَلَى طَاعَة رَبّهمْ.'; $TAFSEER['3']['28']['51'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ وَصَّلْنَا يَا مُحَمَّد لِقَوْمِك مِنْ قُرَيْش وَلِلْيَهُودِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل الْقَوْل بِأَخْبَارِ الْمَاضِينَ وَالنَّبَإ عَمَّا أَحْلَلْنَا بِهِمْ مِنْ بَأْسنَا , إِذْ كَذَّبُوا رُسُلنَا , وَعَمَّا نَحْنُ فَاعِلُونَ بِمَنْ اِقْتَفَى آثَارهمْ , وَاحْتَذَى فِي الْكُفْر بِاَللَّهِ , وَتَكْذِيب رُسُله مِثَالهمْ , لِيَتَذَكَّرُوا فَيَعْتَبِرُوا وَيَتَّعِظُوا. وَأَصْله مِنْ : وَصَلَ الْحِبَال بَعْضهَا بِبَعْضٍ ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : فَقُلْ لِبَنِي مَرْوَان مَا بَال ذِمَّة وَحَبْل ضَعِيف مَا يَزَال يُوَصَّل وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ أَلْفَاظهمْ بِبَيَانِهِمْ عَنْ تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ بَيَّنَّا . وَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : فَصَّلْنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20946 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل } قَالَ : فَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل . 20947 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل } قَالَ : وَصَّلَ اللَّه لَهُمْ الْقَوْل فِي هَذَا الْقُرْآن , يُخْبِرهُمْ كَيْفَ صَنَعَ بِمَنْ مَضَى , وَكَيْفَ هُوَ صَانِع { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } . 20948 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن عِيسَى أَبُو جَعْفَر , عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة : وَصَّلْنَا : بَيَّنَّا . 20949 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ } الْخَبَر , خَبَر الدُّنْيَا بِخَبَرِ الْآخِرَة , حَتَّى كَأَنَّهُمْ عَايَنُوا الْآخِرَة , وَشَهِدُوهَا فِي الدُّنْيَا , بِمَا نُرِيهِمْ مِنْ الْآيَات فِي الدُّنْيَا وَأَشْبَاههَا . وَقَرَأَ { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة لِمَنْ خَافَ عَذَاب الْآخِرَة } 11 103 وَقَالَ : إِنَّا سَوْفَ نُنْجِزهُمْ مَا وَعَدْنَاهُمْ فِي الْآخِرَة , كَمَا أَنْجَزْنَا لِلْأَنْبِيَاءِ مَا وَعَدْنَاهُمْ , نَقْضِي بَيْنهمْ وَبَيْن قَوْمهمْ. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل , فِيمَنْ عَنَى بِالْهَاءِ وَالْمِيم مِنْ قَوْله { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِهِمَا قُرَيْشًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20950 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل } قَالَ : قُرَيْش . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل } قَالَ : لِقُرَيْشٍ . 20951 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } قَالَ : يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِهِمَا الْيَهُود . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20952 - حَدَّثني بِشْر بْن آدَم , قَالَ : ثَنَا عَفَّان بْن مُسْلِم , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ يَحْيَى بْن جَعْدَة , عَنْ رِفَاعَة الْقُرَظِيّ , قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي عَشَرَة أَنَا أَحَدهمْ { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } . 20953 - حَدَّثَنَا اِبْن سِنَان , قَالَ : ثَنَا حَيَّان , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , عَنْ عَمْرو , عَنْ يَحْيَى بْن جَعْدَة , عَنْ عَطِيَّة الْقُرَظِيّ قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } حَتَّى بَلَغَ { إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ } فِي عَشَرَة أَنَا أَحَدهمْ , فَكَأَنَّ اِبْن عَبَّاس أَرَادَ بِقَوْلِهِ : يَعْنِي مُحَمَّدًا : لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ عَهْد اللَّه فِي مُحَمَّد إِلَيْهِمْ , فَيُقِرُّونَ بِنُبُوَّتِهِ وَيُصَدِّقُونَهُ .'; $TAFSEER['3']['28']['52'] = 'وَقَوْله : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْله هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ } يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره قَوْمًا مِنْ أَهْل الْكِتَاب آمَنُوا بِرَسُولِهِ وَصَدَّقُوهُ , فَقَالَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْل هَذَا الْقُرْآن , هُمْ بِهَذَا الْقُرْآن يُؤْمِنُونَ , فَيُقِرُّونَ أَنَّهُ حَقّ مِنْ عِنْد اللَّه , وَيُكَذِّب جَهَلَة الْأُمِّيِّينَ , الَّذِينَ لَمْ يَأْتِهِمْ مِنْ اللَّه كِتَاب. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20954 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله تَعَالَى { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْله هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ } قَالَ : يَعْنِي مَنْ آمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْل الْكِتَاب . 20955 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْله هُمْ بِهِ } إِلَى قَوْله { لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } فِي مُسْلِمَة أَهْل الْكِتَاب . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْله } إِلَى قَوْله { الْجَاهِلِينَ } قَالَ : هُمْ مُسْلِمَة أَهْل الْكِتَاب . قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن دِينَار : أَنَّ يَحْيَى بْن جَعْدَة أَخْبَرَهُ , عَنْ عَلِيّ بْن رِفَاعَة , قَالَ : خَرَجَ عَشْرَة رَهْط مِنْ أَهْل الْكِتَاب , مِنْهُمْ أَبُو رِفَاعَة , يَعْنِي أَبَاهُ , إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَآمَنُوا , فَأُوذُوا , فَنَزَلَتْ : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْله } قَبْل الْقُرْآن . 20956 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْله هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ } قَالَ : كُنَّا نُحَدَّث أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أُنَاس مِنْ أَهْل الْكِتَاب كَانُوا عَلَى شَرِيعَة مِنْ الْحَقّ , يَأْخُذُونَ بِهَا , وَيَنْتَهُونَ إِلَيْهَا , حَتَّى بَعَثَ اللَّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَآمَنُوا بِهِ , وَصَدَّقُوا بِهِ , فَأَعْطَاهُمْ اللَّه أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ , بِصَبْرِهِمْ عَلَى الْكِتَاب الْأَوَّل , وَاتِّبَاعهمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَصَبْرهمْ عَلَى ذَلِكَ , وَذُكِرَ أَنَّ مِنْهُمْ سَلْمَان , وَعَبْد اللَّه بْن سَلَام . 20957 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْله هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ } إِلَى قَوْله { مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ } : نَاس مِنْ أَهْل الْكِتَاب آمَنُوا بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل ثُمَّ أَدْرَكُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَآمَنُوا بِهِ , فَآتَاهُمْ اللَّه أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا : بِإِيمَانِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل أَنْ يُبْعَث , وَبِاتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُ حِين بُعِثَ , فَذَلِكَ قَوْله : { إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ } .'; $TAFSEER['3']['28']['53'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقّ مِنْ رَبّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا يُتْلَى هَذَا الْقُرْآن عَلَى الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْل نُزُول هَذَا الْقُرْآن { قَالُوا آمَنَّا بِهِ } يَقُول : يَقُولُونَ صَدَّقْنَا بِهِ { إِنَّهُ الْحَقّ رَبّنَا } يَعْنِي مِنْ عِنْد رَبّنَا نَزَلَ , إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْل نُزُول هَذَا الْقُرْآن مُسْلِمِينَ , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ بِمَا جَاءَ بِهِ الْأَنْبِيَاء قَبْل مَجِيء نَبِيّنَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَعَلَيْهِمْ مِنْ الْكُتُب , وَفِي كُتُبهمْ صِفَة مُحَمَّد وَنَعْته , فَكَانُوا بِهِ وَبِمَبْعَثِهِ وَبِكِتَابِهِ مُصَدِّقِينَ قَبْل نُزُول الْقُرْآن , فَلِذَلِكَ قَالُوا : { إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ } .'; $TAFSEER['3']['28']['54'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْت صِفَتهمْ , يُؤْتَوْنَ ثَوَاب عَمَلهمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الصَّبْر الَّذِي وَعَدَ اللَّه مَا وَعَدَ عَلَيْهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : وَعَدَهُمْ مَا وَعَدَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ , بِصَبْرِهِمْ عَلَى الْكِتَاب الْأَوَّل , وَاتِّبَاعهمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَصَبْرهمْ عَلَى ذَلِكَ . وَذَلِكَ قَوْل قَتَادَة , وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ وَعَدَهُمْ بِصَبْرِهِمْ بِإِيمَانِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل أَنْ يُبْعَث , وَبِاتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُ حِين بُعِثَ. وَذَلِكَ قَوْل الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا قَبْل , وَمِمَّنْ وَافَقَ قَتَادَة عَلَى قَوْله عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد . 20958 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب . قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ } عَلَى دِين عِيسَى , فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْلَمُوا , فَكَانَ لَهُمْ أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ : بِمَا صَبَرُوا أَوَّل مَرَّة , وَدَخَلُوا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِسْلَام . وَقَالَ قَوْم فِي ذَلِكَ بِمَا : 20959 -حَدَّثَنَا بِهِ اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : إِنَّ قَوْمًا كَانُوا مُشْرِكِينَ أَسْلَمُوا , فَكَانَ قَوْمهمْ يُؤْذِنهُمْ , فَنَزَلَتْ { أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا } وَقَوْله { وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَة } يَقُول : وَيَدْفَعُونَ بِحَسَنَاتِ أَفْعَالهمْ الَّتِي يَفْعَلُونَهَا سَيِّئَاتهمْ { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } مِنْ الْأَمْوَال { يُنْفِقُونَ } فِي طَاعَة اللَّه , إِمَّا فِي جِهَاد فِي سَبِيل اللَّه , وَإِمَّا فِي صَدَقَة عَلَى مُحْتَاج , أَوْ فِي صِلَة رَحِم . 20960 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقّ مِنْ رَبّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ } قَالَ اللَّه : { أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا } وَأَحْسَنَ اللَّه عَلَيْهِمْ الثَّنَاء كَمَا تَسْمَعُونَ , فَقَالَ : { وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَة }.'; $TAFSEER['3']['28']['55'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْو أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالنَا وَلَكُمْ أَعْمَالكُمْ سَلَام عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا سَمِعَ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب اللَّغْو , وَهُوَ الْبَاطِل مِنْ الْقَوْل , كَمَا : 20961 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْو أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالنَا وَلَكُمْ أَعْمَالكُمْ , سَلَام عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } لَا يُجَارُونَ أَهْل الْجَهْل وَالْبَاطِل فِي بَاطِلهمْ , أَتَاهُمْ مِنْ أَمْر اللَّه مَا وَقَذَهُمْ عَنْ ذَلِكَ . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِاللَّغْوِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : مَا كَانَ أَهْل الْكِتَاب أَلْحَقُوهُ فِي كِتَاب اللَّه , مِمَّا لَيْسَ هُوَ مِنْهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20962 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْو أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا } إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : هَذِهِ لِأَهْلِ الْكِتَاب , إِذَا سَمِعُوا اللَّغْو الَّذِي كَتَبَ الْقَوْم بِأَيْدِيهِمْ مَعَ كِتَاب اللَّه , وَقَالُوا : هُوَ مِنْ عِنْد اللَّه , إِذَا سَمِعَهُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا , وَمَرُّوا بِهِ يَتْلُونَهُ , أَعْرَضُوا عَنْهُ , وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا ذَلِكَ قَبْل أَنْ يُؤْمِنُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُسْلِمِينَ عَلَى دِين عِيسَى , أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : { إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ } . وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا : 20963 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْو أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالنَا وَلَكُمْ أَعْمَالكُمْ , سَلَام عَلَيْكُمْ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي قَوْم كَانُوا مُشْرِكِينَ فَأَسْلَمُوا , فَكَانَ قَوْمهمْ يُؤْذُونَهُمْ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جُوَيْرِيَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْو أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالنَا وَلَكُمْ أَعْمَالكُمْ } قَالَ : كَانَ نَاس مِنْ أَهْل الْكِتَاب أَسْلَمُوا , فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُؤْذُونَهُمْ , فَكَانُوا يَصْفَحُونَ عَنْهُمْ , يَقُولُونَ : { سَلَام عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } . وَقَوْله : { أَعْرَضُوا عَنْهُ } يَقُول : لَمْ يُصْغُوا إِلَيْهِ وَلَمْ يَسْتَمِعُوهُ { وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالنَا وَلَكُمْ أَعْمَالكُمْ } وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ اللَّغْو الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع , إِنَّمَا هُوَ مَا قَالَهُ مُجَاهِد , مِنْ أَنَّهُ سَمَاع الْقَوْم مِمَّنْ يُؤْذِيهِمْ بِالْقَوْلِ مَا يَكْرَهُونَ مِنْهُ فِي أَنْفُسهمْ , وَأَنَّهُمْ أَجَابُوهُمْ بِالْجَمِيلِ مِنْ الْقَوْل { لَنَا أَعْمَالنَا } قَدْ رَضِينَا بِهَا لِأَنْفُسِنَا , { وَلَكُمْ أَعْمَالكُمْ } قَدْ رَضِيتُمْ بِهَا لِأَنْفُسِكُمْ . وَقَوْله : { سَلَام عَلَيْكُمْ } يَقُول : أَمَنَة لَكُمْ مِنَّا أَنْ نُسَابّكُمْ , أَوْ تَسْمَعُوا مِنَّا مَا لَا تُحِبُّونَ { لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } يَقُول : لَا نُرِيد مُحَاوَرَة أَهْل الْجَهْل وَمُسَابَّتهمْ .'; $TAFSEER['3']['28']['56'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت وَلَكِنَّ اللَّه يَهْدِي مَنْ يَشَاء } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إِنَّك } يَا مُحَمَّد { لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت } هِدَايَته , { وَلَكِنَّ اللَّه يَهْدِي مَنْ يَشَاء } أَنْ يَهْدِيَهُ مِنْ خَلْقه , بِتَوْفِيقِهِ لِلْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ . وَلَوْ قِيلَ : مَعْنَاهُ : إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْته , لِقَرَابَتِهِ مِنْك , وَلَكِنَّ اللَّه يَهْدِي مَنْ يَشَاء , كَانَ مَذْهَبًا . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْل اِمْتِنَاع أَبِي طَالِب عَمّه مِنْ إِجَابَته , إِذْ دَعَاهُ إِلَى الْإِيمَان بِاَللَّهِ , إِلَى مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 20964 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَالْحُسَيْن بْن عَلِيّ الصُّدَائِيّ , قَالَا : ثَنَا الْوَلِيد بْن الْقَاسِم , عَنْ يَزِيد بْن كَيْسَان , عَنْ أَبِي حَازِم , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمِّهِ عِنْد الْمَوْت : " قُلْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه أَشْهَد لَك بِهَا يَوْم الْقِيَامَة " قَالَ : لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْش لَأَقْرَرْت عَيْنك , فَأَنْزَلَ اللَّه : { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت } الْآيَة. * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ يَزِيد بْن كَيْسَان , قَالَ : ثني أَبُو حَازِم الْأَشْجَعِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمِّهِ : " قُلْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه " ثُمَّ ذَكَرَ مِثْله . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ يَزِيد بْن كَيْسَان سَمِعَ أَبَا حَازِم الْأَشْجَعِيّ , يَذْكُر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : لَمَّا حَضَرَتْ وَفَاة أَبِي طَالِب , أَتَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " يَا عَمَّاهُ قُلْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه " فَذَكَرَ مِثْله , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْش , يَقُولُونَ : مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ إِلَّا جَزَع الْمَوْت . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد , عَنْ يَزِيد بْن كَيْسَان , عَنْ أَبِي حَازِم , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ نَحْو حَدِيث أَبِي كُرَيْب الصُّدَائِيّ . 20965 -حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وَهْب , قَالَ : ثني عَمِّي عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : ثني يُونُس , عَنْ الزُّهْرِيّ قَالَ : ثني سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِب الْوَفَاة , جَاءَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَوَجَدَ عِنْده أَبَا جَهْل بْن هِشَام , وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي أُمَيَّة بْن الْمُغِيرَة , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا عَمّ قُلْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه كَلِمَة أَشْهَد لَك بِهَا عِنْد اللَّه " فَقَالَ أَبُو جَهْل وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي أُمَيَّة : يَا أَبَا طَالِب : أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّة عَبْد الْمُطَّلِب ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضهَا عَلَيْهِ , وَيُعِيد لَهُ تِلْكَ الْمَقَالَة , حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِب آخِر مَا كَلَّمَهُمْ : هُوَ عَلَى مِلَّة عَبْد الْمُطَّلِب , وَأَبِي أَنْ يَقُول : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَا وَاَللَّه لَأَسْتَغْفِرَن لَك مَا لَمْ أُنْهَ عَنْك " , فَأَنْزَلَ اللَّه { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى } 9 113 وَأَنْزَلَ اللَّه فِي أَبِي طَالِب , فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت وَلَكِنَّ اللَّه يَهْدِي } الْآيَة . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ أَبِيهِ , بِنَحْوِهِ 20966 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو , عَنْ أَبِي سَعِيد بْن رَافِع , قَالَ : قُلْت لِابْنِ عُمَر : { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت } نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِب ؟ قَالَ : نَعَمْ . 20967 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت } قَالَ : قَوْل مُحَمَّد لِأَبِي طَالِب : " قُلْ كَلِمَة الْإِخْلَاص أُجَادِل عَنْك بِهَا يَوْم الْقِيَامَة " قَالَ مُحَمَّد بْن عَمْرو فِي حَدِيثه : قَالَ : يَا اِبْن أَخِي مِلَّة الْأَشْيَاخ , أَوْ سُنَّة الْأَشْيَاخ . وَقَالَ الْحَارِث فِي حَدِيثه : قَالَ يَا اِبْن أَخِي مِلَّة الْأَشْيَاخ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت } قَالَ : قَالَ مُحَمَّد لِأَبِي طَالِب : " اِشْهَدْ بِكَلِمَةِ الْإِخْلَاص أُجَادِل عَنْك بِهَا يَوْم الْقِيَامَة " قَالَ : أَيْ اِبْن أَخِي مِلَّة الْأَشْيَاخ , فَأَنْزَلَ اللَّه { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت } قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي أَبِي طَالِب . 20968 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت } ذُكِرَ لَنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِب قَالَ الْأَصَمّ عِنْد مَوْته يَقُول لَا إِلَه إِلَّا اللَّه لِكَيْمَا تَحِلّ لَهُ بِهَا الشَّفَاعَة , فَأَبَى عَلَيْهِ. 20969 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَامِر : لَمَّا حَضَرَ أَبَا طَالِب الْمَوْت , قَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا عَمَّاهُ قُلْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه أَشْهَد لَك بِهَا يَوْم الْقِيَامَة " , فَقَالَ لَهُ : يَا اِبْن أَخِي , إِنَّهُ لَوْلَا أَنْ يَكُون عَلَيْك عَار لَمْ أُبَالِ أَنْ أَفْعَل ; فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا . فَلَمَّا مَاتَ اِشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا : مَا تَنْفَع قَرَابَة أَبِي طَالِب مِنْك , فَقَالَ : " بَلَى وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ السَّاعَة لَفِي ضَحْضَاح مِنْ النَّار عَلَيْهِ نَعْلَانِ مِنْ نَار تَغْلِي مِنْهُمَا أُمّ رَأْسه , وَمَا مِنْ أَهْل النَّار مِنْ إِنْسَان هُوَ أَهْوَن عَذَابًا مِنْهُ , وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّه فِيهِ { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت , وَلَكِنَّ اللَّه يَهْدِي مَنْ يَشَاء , وَهُوَ أَعْلَم بِالْمُهْتَدِينَ } ". يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاَللَّه أَعْلَم مَنْ سَبَقَ لَهُ فِي عَمَله أَنَّهُ يَهْتَدِي لِلرَّشَادِ , ذَلِكَ الَّذِي يَهْدِيه اللَّه فَيُسَدِّدهُ وَيُوَفِّقهُ. وَقَوْله : { وَهُوَ أَعْلَم بِالْمُهْتَدِينَ } يَقُول : وَهُوَ أَعْلَم بِمَنْ قَضَى لَهُ الْهُدَى . كَاَلَّذِي : 20970 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { وَهُوَ أَعْلَم بِالْمُهْتَدِينَ } قَالَ بِمَنْ قُدِّرَ لَهُ الْهُدَى وَالضَّلَالَة . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .'; $TAFSEER['3']['28']['57'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِع الْهُدَى مَعَك نُتَخَطَّف مِنْ أَرْضنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا }. يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَتْ كُفَّار قُرَيْش : إِنْ نَتَّبِع الْحَقّ الَّذِي جِئْتنَا بِهِ مَعَك , وَنَتَبَرَّأ مِنْ الْأَنْدَاد وَالْآلِهَة , يَتَخَطَّفنَا النَّاس مِنْ أَرْضنَا بِإِجْمَاعِ جَمِيعهمْ عَلَى خِلَافنَا وَحَرْبنَا , يَقُول اللَّه لِنَبِيِّهِ : فَقُلْ { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا } يَقُول : أَوَلَمْ نُوَطِّئ لَهُمْ بَلَدًا حَرَّمْنَا عَلَى النَّاس سَفْك الدِّمَاء فِيهِ , وَمَنَعْنَاهُمْ مِنْ أَنْ يَتَنَاوَلُوا سُكَّانه فِيهِ بِسُوءٍ , وَأَمِنَّا عَلَى أَهْله مِنْ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِهَا غَارَة , أَوْ قَتْل , أَوْ سَبَاء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20971 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّ الْحَارِث بْن نَوْفَل , الَّذِي قَالَ : { إِنْ نَتَّبِع الْهُدَى مَعَك نُتَخَطَّف مِنْ أَرْضنَا } وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ قَالُوا : قَدْ عَلِمنَا أَنَّك رَسُول اللَّه , وَلَكِنَّا نَخَاف أَنْ نُتَخَطَّف مِنْ أَرْضنَا , { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ } الْآيَة . 20972 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِع الْهُدَى مَعَك نُتَخَطَّف مِنْ أَرْضنَا } قَالَ : هُمْ أُنَاس مِنْ قُرَيْش قَالُوا لِمُحَمَّدٍ : إِنْ نَتَّبِعك يَتَخَطَّفنَا النَّاس , فَقَالَ اللَّه { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَات كُلّ شَيْء } . 20973 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { وَيُتَخَطَّف النَّاس مِنْ حَوْلهمْ } : قَالَ : كَانَ يُغِير بَعْضهمْ عَلَى بَعْض . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20974 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِع الْهُدَى مَعَك نُتَخَطَّف مِنْ أَرْضنَا } قَالَ اللَّه { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَات كُلّ شَيْء } يَقُول : أَوَلَمْ يَكُونُوا آمِنِينَ فِي حَرَمهمْ لَا يُغْزَوْنَ فِيهِ وَلَا يَخَافُونَ , يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَات كُلّ شَيْء. 20975 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ ثني أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا } قَالَ : كَانَ أَهْل الْحَرَم آمِنِينَ يَذْهَبُونَ حَيْثُ شَاءُوا , إِذَا خَرَجَ أَحَدهمْ فَقَالَ : إِنِّي مِنْ أَهْل الْحَرَم لَمْ يَتَعَرَّض لَهُ , وَكَانَ غَيْرهمْ مِنْ النَّاس إِذَا خَرَجَ أَحَدهمْ قُتِلَ . 20976 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا } قَالَ : آمَنَّاكُمْ بِهِ , قَالَ هِيَ مَكَّة , وَهُمْ قُرَيْش . وَقَوْله : { يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَات كُلّ شَيْء } يَقُول يُجْمَع إِلَيْهِ , وَهُوَ مِنْ قَوْلهمْ : جَبَيْت الْمَاء فِي الْحَوْض : إِذَا جَمَعْته فِيهِ , وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ : يُحْمَل إِلَيْهِ ثَمَرَات كُلّ بَلَد . كَمَا : 20977 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ ثَنَا اِبْن عَطِيَّة , عَنْ شَرِيك , عَنْ عُثْمَان بْن أَبِي زُرْعَة , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي { يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَات كُلّ شَيْء } قَالَ : ثَمَرَات الْأَرْض. وَقَوْله : { رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا } يَقُول : وَرِزْقًا رَزَقْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا , يَعْنِي : مِنْ عِنْدنَا . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَكِنَّ أَكْثَر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْقَائِلِينَ لِرَسُولِ اللَّه : { إِنْ نَتَّبِع الْهُدَى مَعَك نُتَخَطَّف مِنْ أَرْضنَا } لَا يَعْلَمُونَ أَنَّا نَحْنُ الَّذِينَ مَكَّنَّا لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا , وَرَزَقْنَاهُمْ فِيهِ , وَجَعَلْنَا الثَّمَرَات مِنْ كُلّ أَرْض تُجْبَى إِلَيْهِمْ , فَهُمْ بِجَهْلِهِمْ بِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ يَكْفُرُونَ , لَا يَشُكُّونَ مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['28']['58'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَة بَطِرَتْ مَعِيشَتهَا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَة أَبْطَرَتْهَا مَعِيشَتهَا , فَبَطِرَتْ , وَأَشِرَتْ , وَطَغَتْ , فَكَفَرَتْ رَبّهَا . وَقِيلَ : بَطِرَتْ مَعِيشَتهَا , فَجَعَلَ الْفِعْل لِلْقَرْيَةِ , وَهُوَ فِي الْأَصْل لِلْمَعِيشَةِ , كَمَا يُقَال : أَسْفَهَك رَأْيك فَسَفِهْته , وَأَبْطَرَك مَالِك فَبَطِرْته , وَالْمَعِيشَة مَنْصُوبَة عَلَى التَّفْسِير . وَقَدْ بَيَّنَّا نَظَائِر ذَلِكَ فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ كِتَابنَا هَذَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20978 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَة بَطِرَتْ مَعِيشَتهَا } قَالَ : الْبَطَر : أَشَرّ أَهْل الْغَفْلَة وَأَهْل الْبَاطِل وَالرُّكُوب لِمَعَاصِي اللَّه , وَقَالَ : ذَلِكَ الْبَطَر فِي النِّعْمَة . يَقُول : فَتِلْكَ دُور الْقَوْم الَّذِينَ أَهْلَكْنَاهُمْ بِكُفْرِهِمْ بِرَبِّهِمْ وَمَنَازِلهمْ , لَمْ تُسْكَن مِنْ بَعْدهمْ إِلَّا قَلِيلًا , يَقُول : خَرِبَتْ مِنْ بَعْدهمْ , فَلَمْ يُعَمَّر مِنْهَا إِلَّا أَقَلّهَا , وَأَكْثَرهَا خَرَاب . وَلَفْظ الْكَلَام وَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَلَى أَنَّ مَسَاكِنهمْ قَدْ سَكَنَتْ قَلِيلًا , فَإِنَّ مَعْنَاهُ : فَتِلْكَ مَسَاكِنهمْ لَمْ تُسْكَن مِنْ بَعْدهمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهَا , كَمَا يُقَال : قَضَيْت حَقّك إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُ . وَقَوْله : { وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ } يَقُول : وَلَمْ يَكُنْ لِمَا خَرَّبْنَا مِنْ مَسَاكِنهمْ مِنْهُمْ وَارِث , وَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ قَبْل سُكْنَاهُمْ فِيهَا , لَا مَالِك لَهَا إِلَّا اللَّه , الَّذِي لَهُ مِيرَاث السَّمَوَات وَالْأَرْض.'; $TAFSEER['3']['28']['59'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كَانَ رَبّك مُهْلِك الْقُرَى } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَمَا كَانَ رَبّك } يَا مُحَمَّد { مُهْلِك الْقُرَى } الَّتِي حَوَالَيْ مَكَّة فِي زَمَانك وَعَصْرك . يَقُول : حَتَّى يَبْعَثَ فِي مَكَّة رَسُولًا , وَهِيَ أُمّ الْقُرَى , يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَات كِتَابنَا , وَالرَّسُول : مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20979 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { حَتَّى يَبْعَث فِي أُمّهَا رَسُولًا } وَأُمّ الْقُرَى مَكَّة , وَبَعَثَ اللَّه إِلَيْهِمْ رَسُولًا : مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَوْله : { وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلهَا ظَالِمُونَ } يَقُول : وَلَمْ نَكُنْ لِنُهْلِك قَرْيَة وَهِيَ بِاَللَّهِ مُؤْمِنَة إِنَّمَا نُهْلِكهَا بِظُلْمِهَا أَنْفُسهَا بِكُفْرِهَا بِاَللَّهِ , وَإِنَّمَا أَهْلَكْنَا أَهْل مَكَّة بِكُفْرِهِمْ بِرَبِّهِمْ وَظُلْم أَنْفُسهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20980 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلهَا ظَالِمُونَ } قَالَ اللَّه : لَمْ يُهْلِك قَرْيَة بِإِيمَانٍ , وَلَكِنَّهُ يُهْلِك الْقُرَى بِظُلْمٍ إِذَا ظَلَمَ أَهْلهَا , وَلَوْ كَانَتْ قَرْيَة آمَنَتْ لَمْ يَهْلِكُوا مَعَ مَنْ هَلَكَ , وَلَكِنَّهُمْ كَذَّبُوا وَظَلَمُوا , فَبِذَلِكَ أُهْلِكُوا .'; $TAFSEER['3']['28']['60'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْء فَمَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزِينَتهَا }. يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا أَعْطَيْتُمْ أَيّهَا النَّاس مِنْ شَيْء مِنْ الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد , فَإِنَّمَا هُوَ مَتَاع تَتَمَتَّعُونَ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَيَاة الدُّنْيَا , وَهُوَ مِنْ زِينَتهَا الَّتِي يُتَزَيَّن بِهِ فِيهَا , لَا يُغْنِي عَنْكُمْ عِنْد اللَّه شَيْئًا , وَلَا يَنْفَعكُمْ شَيْء مِنْهُ فِي مَعَادكُمْ . وَمَا عِنْد اللَّه لِأَهْلِ طَاعَته وَوِلَايَته خَيْر مِمَّا أُوتِيتُمُوهُ أَنْتُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنْ مَتَاعهَا وَزِينَتهَا وَأَبْقَى , يَقُول : وَأَبْقَى لِأَهْلِهِ , لِأَنَّهُ دَائِم لَا نَفَاد لَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20981 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , فِي قَوْله { وَمَا عِنْد اللَّه خَيْر وَأَبْقَى } قَالَ : خَيْر ثَوَابًا , وَأَبْقَى عِنْدنَا . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَلَا عُقُول لَكُمْ أَيّهَا الْقَوْم تَتَدَبَّرُونَ بِهَا فَتَعْرِفُونَ بِهَا الْخَيْر مِنْ الشَّرّ , وَتَخْتَارُونَ لِأَنْفُسِكُمْ خَيْر الْمَنْزِلَتَيْنِ عَلَى شَرّهمَا , وَتُؤْثِرُونَ الدَّائِم الَّذِي لَا نَفَاد لَهُ مِنْ النَّعِيم , عَلَى الْفَانِي الَّذِي لَا بَقَاء لَهُ .'; $TAFSEER['3']['28']['61'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيه كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ الْمُحْضَرِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ مِنْ خَلْقنَا عَلَى طَاعَته إِيَّانَا الْجَنَّة , فَآمَنَ بِمَا وَعَدْنَاهُ وَصَدَّقَ وَأَطَاعَنَا , فَاسْتَحَقَّ بِطَاعَتِهِ إِيَّانَا أَنْ نُنْجِز لَهُ مَا وَعَدْنَا , فَهُوَ لَاقٍ مَا وُعِدَ , وَصَائِر إِلَيْهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا مَتَاعهَا , فَتَمَتَّعَ بِهِ , وَنَسِيَ الْعَمَل بِمَا وَعَدْنَا أَهْل الطَّاعَة , وَتَرَكَ طَلَبه , وَآثَرَ لَذَّة عَاجِلَة عَلَى آجِلَة , ثُمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة إِذَا وَرَدَ عَلَى اللَّه مِنْ الْمُحْضَرِينَ , يَعْنِي مِنْ الْمُشْهَدِينَ عَذَاب اللَّه , وَأَلِيم عِقَابه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20982 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيه } قَالَ : هُوَ الْمُؤْمِن سَمِعَ كِتَاب اللَّه فَصَدَّقَ بِهِ وَآمَنَ بِمَا وَعَدَ اللَّه فِيهِ { كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا } هُوَ هَذَا الْكَافِر , لَيْسَ وَاَللَّه كَالْمُؤْمِنِ { ثُمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ الْمُحْضَرِينَ } : أَيْ فِي عَذَاب اللَّه . 20983 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ اِبْن عَمْرو فِي حَدِيثه : قَوْله { مِنْ الْمُحْضَرِينَ } قَالَ : أُحْضِرُوهَا . وَقَالَ الْحَارِث فِي حَدِيثه { ثُمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ الْمُحْضَرِينَ } أَهْل النَّار , أُحْضِرُوهَا . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { ثُمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ الْمُحْضَرِينَ } قَالَ : أَهْل النَّار , أُحْضِرُوهَا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَنْ نَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ نَزَلَتْ فِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفِي أَبِي جَهْل بْن هِشَام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20984 -حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو النُّعْمَان الْحَكَم بْن عَبْد اللَّه الْعِجْلِيّ , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبَان بْن تَغْلِب , عَنْ مُجَاهِد { أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيه , كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا , ثُمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ الْمُحْضَرِينَ } قَالَ نَزَلَتْ فِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفِي أَبِي جَهْل بْن هِشَام. 20985 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج { أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيه } قَالَ : النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ آخَرُونَ : نَزَلَتْ فِي حَمْزَة وَعَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا , وَأَبِي جَهْل لَعَنَهُ اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20986 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا بَدَل بْن الْمُحَبَّر التَّغْلِبِيّ , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبَان بْن تَغْلِب , عَنْ مُجَاهِد { أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيه كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا , ثُمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ الْمُحْضَرِينَ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي حَمْزَة وَعَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , وَأَبِي جَهْل . 20987 - حَدَّثَنَا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة عَنْ أَبَان بْن تَغْلِب , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : نَزَلَتْ فِي حَمْزَة وَأَبِي جَهْل .'; $TAFSEER['3']['28']['62'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْم يُنَادِيهِمْ فَيَقُول أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَوْم يُنَادِي رَبّ الْعِزَّة الَّذِينَ أَشْرَكُوا بِهِ الْأَنْدَاد وَالْأَوْثَان فِي الدُّنْيَا , فَيَقُول لَهُمْ : { أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ } أَنَّهُمْ لِي فِي الدُّنْيَا شُرَكَاء ؟'; $TAFSEER['3']['28']['63'] = '{ قَالَ الَّذِينَ حَقّ عَلَيْهِمْ الْقَوْل } يَقُول : قَالَ الَّذِينَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ غَضَب اللَّه وَلَعْنَته , وَهُمْ الشَّيَاطِين الَّذِينَ كَانُوا يُغْوُونَ بَنِي آدَم : { رَبّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا , أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20988 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا , أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا } قَالَ : هُمْ الشَّيَاطِين . وَقَوْله : { تَبَرَّأْنَا إِلَيْك } يَقُول : تَبَرَّأْنَا مِنْ وِلَايَتهمْ وَنُصْرَتهمْ إِلَيْك يَقُول : لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَنَا .'; $TAFSEER['3']['28']['64'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقِيلَ اُدْعُوا شُرَكَاءَكُمْ }. يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقِيلَ لِلْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد فِي الدُّنْيَا { اُدْعُوا شُرَكَاءَكُمْ } الَّذِينَ كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه . يَقُول فَلَمْ يُجِيبُوهُمْ. يَقُول : وَعَايَنُوا الْعَذَاب . يَقُول : فَوَدُّوا حِين رَأَوْا الْعَذَاب لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا مُهْتَدِينَ لِلْحَقِّ .'; $TAFSEER['3']['28']['65'] = 'يَقُول : فَخَفِيَتْ عَلَيْهِمْ الْأَخْبَار , مِنْ قَوْلهمْ : قَدْ عَمِيَ عَنِّي خَبَر الْقَوْم : إِذَا خَفِيَ . وَإِنَّمَا عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ عَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الْحُجَّة , فَلَمْ يَدْرُوا مَا يَحْتَجُّونَ , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ كَانَ أَبْلَغَ إِلَيْهِمْ فِي الْمَعْذِرَة , وَتَابَعَ عَلَيْهِمْ الْحُجَّة , فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ حُجَّة يَحْتَجُّونَ بِهَا , وَلَا خَبَر يُخْبِرُونَ بِهِ , مِمَّا تَكُون لَهُمْ بِهِ نَجَاة وَمَخْلَص . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20989 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الْأَنْبَاء } قَالَ : الْحُجَج , يَعْنِي الْحُجَّة. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الْأَنْبَاء } قَالَ : الْحُجَج . 20990 - قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { وَيَوْم يُنَادِيهِمْ فَيَقُول مَاذَا أَجَبْتُمْ الْمُرْسَلِينَ } قَالَ : بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , التَّوْحِيد .'; $TAFSEER['3']['28']['66'] = 'يَقُول : فَخَفِيَتْ عَلَيْهِمْ الْأَخْبَار , مِنْ قَوْلهمْ : قَدْ عَمِيَ عَنِّي خَبَر الْقَوْم : إِذَا خَفِيَ . وَإِنَّمَا عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ عَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الْحُجَّة , فَلَمْ يَدْرُوا مَا يَحْتَجُّونَ , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ كَانَ أَبْلَغَ إِلَيْهِمْ فِي الْمَعْذِرَة , وَتَابَعَ عَلَيْهِمْ الْحُجَّة , فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ حُجَّة يَحْتَجُّونَ بِهَا , وَلَا خَبَر يُخْبِرُونَ بِهِ , مِمَّا تَكُون لَهُمْ بِهِ نَجَاة وَمَخْلَص . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20989 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الْأَنْبَاء } قَالَ : الْحُجَج , يَعْنِي الْحُجَّة. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الْأَنْبَاء } قَالَ : الْحُجَج . 20990 - قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { وَيَوْم يُنَادِيهِمْ فَيَقُول مَاذَا أَجَبْتُمْ الْمُرْسَلِينَ } قَالَ : بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , التَّوْحِيد . وَقَوْله : { فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ } بِالْأَنْسَابِ وَالْقَرَابَة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20991 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ } قَالَ : لَا يَتَسَاءَلُونَ بِالْأَنْسَابِ , وَلَا يَتَمَاتُّونَ بِالْقَرَابَاتِ , إِنَّهُمْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا إِذَا أَلْتَقَوْا تَسَاءَلُوا وَتَمَاتُّوا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ } قَالَ : بِالْأَنْسَابِ. وَقِيلَ مَعْنَى ذَلِكَ : فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الْحُجَج يَوْمئِذٍ , فَسَكَتُوا , فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ فِي حَال سُكُوتهمْ .'; $TAFSEER['3']['28']['67'] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { فَأَمَّا مَنْ تَابَ } مِنْ الْمُشْرِكِينَ , فَأَنَابَ وَرَاجَعَ الْحَقّ , وَأَخْلَصَ لِلَّهِ الْأُلُوهَة , وَأَفْرَدَ لَهُ الْعِبَادَة , فَلَمْ يُشْرِك فِي عِبَادَته شَيْئًا يَقُول : وَصَدَّقَ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . يَقُول : وَعَمِلَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّه بِعَمَلِهِ فِي كِتَابه , وَعَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . يَقُول : فَهُوَ مِنْ الْمُنْجَحِينَ الْمُدْرِكِينَ طُلْبَتهمْ عِنْد اللَّه , الْخَالِدِينَ فِي جِنَانه , وَعَسَى مِنْ اللَّه وَاجِب .'; $TAFSEER['3']['28']['68'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَرَبّك يَخْلُق مَا يَشَاء وَيَخْتَار مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَة } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَرَبّك } يَا مُحَمَّد { يَخْلُق مَا يَشَاء } أَنْ يَخْلُقهُ , { وَيَخْتَار } لِوِلَايَتِهِ الْخِيَرَة مِنْ خَلْقه , وَمَنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنْهُ السَّعَادَة. وَإِنَّمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { وَيَخْتَار مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَة } وَالْمَعْنَى : مَا وَصَفْت , لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُمْ يَخْتَارُونَ أَمْوَالهمْ , فَيَجْعَلُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ , فَقَالَ اللَّه لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَرَبّك يَا مُحَمَّد يَخْلُق مَا يَشَاء أَنْ يَخْلُقهُ , وَيَخْتَار لِلْهِدَايَةِ وَالْإِيمَان وَالْعَمَل الصَّالِح مِنْ خَلْقه , مَا هُوَ فِي سَابِق عِلْمه أَنَّهُ خِيَرَتهمْ , نَظِير مَا كَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ لِآلِهَتِهِمْ خِيَار أَمْوَالهمْ , فَكَذَلِكَ اِخْتِيَارِي لِنَفْسِي . وَاجْتِبَائِي لِوِلَايَتِي , وَاصْطِفَائِي لِخِدْمَتِي وَطَاعَتِي , خِيَار مَمْلَكَتِي وَخَلْقِي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20992 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَرَبّك يَخْلُق مَا يَشَاء وَيَخْتَار مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَة } قَالَ : كَانُوا يَجْعَلُونَ خَيْر أَمْوَالهمْ لِآلِهَتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّة . فَإِذَا كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَلَا شَكّ أَنَّ " مَا " مِنْ قَوْله : { وَيَخْتَار مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَة } فِي مَوْضِع نَصْب , بِوُقُوعِ يَخْتَار عَلَيْهَا , وَأَنَّهَا بِمَعْنَى الَّذِي . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنْ كَانَ الْأَمْر كَمَا وَصَفْت , مِنْ أَنَّ " مَا " اِسْم مَنْصُوب بِوُقُوعِ قَوْله { يَخْتَار } عَلَيْهَا , فَأَيْنَ خَبَر كَانَ ؟ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ لَك إِذَا كَانَ كَمَا قُلْت , أَنَّ فِي كَانَ ذِكْرًا مِنْ مَا , لَا بُدّ لَكَانَ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ مِنْ تَمَام , وَأَيْنَ التَّمَام ؟ قِيلَ : إِنَّ الْعَرَب تَجْعَل لِحُرُوفِ الصِّفَات إِذَا جَاءَتْ الْأَخْبَار بَعْدهَا أَحْيَانًا , أَخْبَارًا , كَفِعْلِهَا بِالْأَسْمَاءِ إِذَا جَاءَتْ بَعْدهَا أَخْبَارهَا . ذَكَرَ الْفَرَّاء أَنَّ الْقَاسِم بْن مَعْن أَنْشَدَهُ قَوْل عَنْتَرَة : أَمِنْ سُمَيَّة دَمْع الْعَيْن تَذْرِيف لَوْ كَانَ ذَا مِنْك قَبْل الْيَوْم مَعْرُوف فَرَفَعَ مَعْرُوفًا بِحَرْفِ الصِّفَة , وَهُوَ لَا شَكّ خَبَر لِذَا , وَذُكِرَ أَنَّ الْمُفَضَّل أَنْشَدَهُ ذَلِكَ : لَوْ أَنَّ ذَا مِنْك قَبْل الْيَوْم مَعْرُوف وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْل عُمَر بْن أَبِي رَبِيعَة : قُلْت أَجِيبِي عَاشِقًا بِحُبِّكُمْ مُكَلَّف فِيهَا ثَلَاث كَالدُّمَى وَكَاعِب وَمُسْلِف فَمُكَلَّف مِنْ نَعْت عَاشِق , وَقَدْ رَفَعَهُ بِحَرْفِ الصِّفَة , وَهُوَ الْبَاء , فِي أَشْبَاه لِمَا ذَكَرْنَا بِكَثِيرٍ مِنْ الشَّوَاهِد , فَكَذَلِكَ قَوْله : { وَيَخْتَار مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَة } رُفِعَتْ الْخِيَرَة بِالصِّفَةِ , وَهِيَ لَهُمْ , إِنْ كَانَتْ خَبَرًا لِمَا , لَمَا جَاءَتْ بَعْد الصِّفَة , وَوَقَعَتْ الصِّفَة مَوْقِع الْخَبَر , فَصَارَ كَقَوْلِ الْقَائِل : كَانَ عُمَر وَأَبُوهُ قَائِم , لَا شَكّ أَنَّ قَائِمًا لَوْ كَانَ مَكَان الْأَب , وَكَانَ الْأَب هُوَ الْمُتَأَخِّر بَعْده , كَانَ مَنْصُوبًا , فَكَذَلِكَ وَجْه رَفْع الْخِيَرَة , وَهُوَ خَبَر لِمَا . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَهَلْ يَجُوز أَنْ تَكُون " مَا " فِي هَذَا الْمَوْضِع جَحْدًا , وَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام : وَرَبّك يَخْلُق مَا يَشَاء أَنْ يَخْلُقهُ , وَيَخْتَار مَا يَشَاء أَنْ يَخْتَارهُ , فَيَكُون قَوْله { وَيَخْتَار } نِهَايَة الْخَبَر عَنْ الْخَلْق وَالِاخْتِيَار , ثُمَّ يَكُون الْكَلَام بَعْد ذَلِكَ مُبْتَدَأ بِمَعْنَى : لَمْ تَكُنْ لَهُمْ الْخِيَرَة : أَيْ لَمْ يَكُنْ لِلْخَلْقِ الْخِيَرَة , وَإِنَّمَا الْخِيَرَة لِلَّهِ وَحْده ؟ قِيلَ : هَذَا قَوْل لَا يَخْفَى فَسَاده عَلَى ذِي حِجًا , مِنْ وُجُوه , لَوْ لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِهِ لِأَهْلِ التَّأْوِيل قَوْل , فَكَيْفَ وَالتَّأْوِيل عَمَّنْ ذَكَرْنَا بِخِلَافِهِ ; فَأَمَّا أَحَد وُجُوه فَسَاده , فَهُوَ أَنَّ قَوْله : { مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَة } لَوْ كَانَ كَمَا ظَنَّهُ مَنْ ظَنَّهُ , مِنْ أَنَّ " مَا " بِمَعْنَى الْجَحْد , عَلَى نَحْو التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْت , كَانَ إِنَّمَا جَحَدَ تَعَالَى ذِكْره , أَنْ تَكُون لَهُمْ الْخِيَرَة فِيمَا مَضَى قَبْل نُزُول هَذِهِ الْآيَة , فَأَمَّا فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَهُ فَلَهُمْ الْخِيَرَة , لِأَنَّ قَوْل الْقَائِل : مَا كَانَ لَك هَذَا , لَا شَكّ إِنَّمَا هُوَ خَبَر عَنْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى . وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون لَهُ فِيمَا يَسْتَقْبِل , وَذَلِكَ مِنْ الْكَلَام لَا شَكّ خُلْف . لِأَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ لِلْخَلْقِ مِنْ ذَلِكَ قَدِيمًا , فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ أَبَدًا . وَبَعْد , لَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ الْمَعْنَى , لَكَانَ الْكَلَام : فَلَيْسَ . وَقِيلَ : وَرَبّك يَخْلُق مَا يَشَاء وَيَخْتَار , لَيْسَ لَهُمْ الْخِيَرَة , لِيَكُونَ نَفْيًا عَنْ أَنْ يَكُون ذَلِكَ لَهُمْ فِيمَا قَبْل وَفِيمَا بَعْد . وَالثَّانِي : أَنَّ كِتَاب اللَّه أَبْيَن الْبَيَان , وَأَوْضَح الْكَلَام , وَمُحَال أَنْ يُوجَد فِيهِ شَيْء غَيْر مَفْهُوم الْمَعْنَى , وَغَيْر جَائِز فِي الْكَلَام أَنْ يُقَال اِبْتِدَاء : مَا كَانَ لِفُلَانٍ الْخِيَرَة , وَلِمَا يَتَقَدَّم قَبْل ذَلِكَ كَلَام يَقْتَضِي ذَلِكَ ; فَكَذَلِكَ قَوْله : " وَيَخْتَار , مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَة " وَلَمْ يَتَقَدَّم قَبْله مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره خَبَر عَنْ أَحَد , أَنَّهُ اِدَّعَى أَنَّهُ كَانَ لَهُ الْخِيَرَة , فَيُقَال لَهُ : مَا كَانَ لَك الْخِيَرَة , وَإِنَّمَا جَرَى قَبْله الْخَبَر عَمَّا هُوَ صَائِر إِلَيْهِ أَمْر مَنْ تَابَ مِنْ شِرْكه , وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا , وَأَتْبَعَ ذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْخَبَر عَنْ سَبَب إِيمَان مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا مِنْهُمْ , وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ لِاخْتِيَارِهِ إِيَّاهُ لِلْإِيمَانِ , وَلِلسَّابِقِ مِنْ عِلْمه فِيهِ اِهْتَدَى . وَيَزِيد مَا قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ إِبَانَة قَوْله : { وَرَبّك يَعْلَم مَا تُكِنّ صُدُورهمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَعْلَم مِنْ عِبَاده السَّرَائِر وَالظَّوَاهِر , وَيَصْطَفِي لِنَفْسِهِ وَيَخْتَار لِطَاعَتِهِ مَنْ قَدْ عَلِمَ مِنْهُ السَّرِيرَة الصَّالِحَة , وَالْعَلَانِيَة الرَّضِيَّة . وَالثَّالِث : أَنَّ مَعْنَى الْخِيَرَة فِي هَذَا الْمَوْضِع : إِنَّمَا هُوَ الْخِيَرَة , وَهُوَ الشَّيْء الَّذِي يُخْتَار مِنْ الْبَهَائِم وَالْأَنْعَام وَالرِّجَال وَالنِّسَاء , يُقَال مِنْهُ : أُعْطِيَ الْخِيرَة وَالْخِيَرَة , مِثْل الطِّيرَة وَالطِّيَرَة , وَلَيْسَ بِالِاخْتِيَارِ , وَإِذَا كَانَتْ الْخِيَرَة مَا وَصَفْنَا , فَمَعْلُوم أَنَّ مِنْ أَجْوَد الْكَلَام أَنْ يُقَال : وَرَبّك يَخْلُق مَا يَشَاء , وَيَخْتَار مَا يَشَاء , لَمْ يَكُنْ لَهُمْ خَيْر بَهِيمَة أَوْ خَيْر طَعَام , أَوْ خَيْر رَجُل أَوْ اِمْرَأَة . فَإِنْ قَالَ : فَهَلْ يَجُوز أَنْ تَكُون بِمَعْنَى الْمَصْدَر ؟ قِيلَ : لَا , وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ مَصْدَرًا كَانَ مَعْنَى الْكَلَام : وَرَبّك يَخْلُق مَا يَشَاء وَيَخْتَار كَوْن الْخِيَرَة لَهُمْ . إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , وَجَبَ أَنْ لَا تَكُنْ الشِّرَار لَهُمْ مِنْ الْبَهَائِم وَالْأَنْعَام ; إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَرَائِر ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُون لَهَا مَالِك , وَذَلِكَ مَا لَا يَخْفَى خَطَؤُهُ , لِأَنَّ لِخِيَارِهَا وَلِشِرَارِهَا أَرْبَابًا يَمْلِكُونَهَا بِتَمْلِيكِ اللَّه إِيَّاهُمْ ذَلِكَ , وَفِي كَوْن ذَلِكَ كَذَلِكَ فَسَاد تَوْجِيه ذَلِكَ إِلَى مَعْنَى الْمَصْدَر . وَقَوْله سُبْحَانه وَتَعَالَى : { عَمَّا يُشْرِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره تَنْزِيهًا لِلَّهِ وَتَبْرِئَة لَهُ , وَعُلُوًّا عَمَّا أَضَافَ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الشِّرْك , وَمَا تَخَرَّصُوهُ مِنْ الْكَذِب وَالْبَاطِل عَلَيْهِ . وَتَأْوِيل الْكَلَام : سُبْحَان اللَّه وَتَعَالَى عَنْ شِرْكهمْ. وَقَدْ كَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يُوَجِّههُ إِلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى : وَتَعَالَى عَنْ الَّذِي يُشْرِكُونَ بِهِ .'; $TAFSEER['3']['28']['69'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَرَبّك يَعْلَم مَا تُكِنّ صُدُورهمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَرَبّك يَا مُحَمَّد يَعْلَم مَا تُخْفِي صُدُور خَلْقه ; وَهُوَ مِنْ : أَكْنَنْت الشَّيْء فِي صَدْرِي : إِذَا أَضْمَرْته فِيهِ , وَكَنَنْت الشَّيْء : إِذَا صُنْته , { وَمَا يُعْلِنُونَ } : يَقُول : وَمَا يُبْدُونَهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَجَوَارِحهمْ , وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ اِخْتِيَار مَنْ يَخْتَار مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ بِهِ عَلَى عِلْم مِنْهُ بِسَرَائِر أُمُورهمْ وَبَوَادِيهَا , وَإِنَّهُ يَخْتَار لِلْخَيْرِ أَهْله , فَيُوَفِّقهُمْ لَهُ , وَيُوَلِّي الشَّرّ أَهْله , وَيُخَلِّيهِمْ وَإِيَّاهُ .'; $TAFSEER['3']['28']['70'] = 'وَقَوْله : { وَهُوَ اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَرَبّك يَا مُحَمَّد الْمَعْبُود الَّذِي لَا تَصْلُح الْعِبَادَة إِلَّا لَهُ , وَلَا مَعْبُود تَجُوز عِبَادَته غَيْره . يَعْنِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة . يَقُول : وَلَهُ الْقَضَاء بَيْن خَلْقه . يَقُول : وَإِلَيْهِ تُرَدُّونَ مِنْ بَعْد مَمَاتكُمْ , فَيَقْضِي بَيْنكُمْ بِالْحَقِّ.'; $TAFSEER['3']['28']['71'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّه عَلَيْكُمْ اللَّيْل سَرْمَدًا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ : أَيّهَا الْقَوْم أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّه عَلَيْكُمْ اللَّيْل دَائِمًا لَا نَهَار إِلَى يَوْم الْقِيَامَة يَعْقُبهُ . وَالْعَرَب تَقُول لِكُلِّ مَا كَانَ مُتَّصِلًا لَا يَنْقَطِع مِنْ رَخَاء أَوْ بَلَاء أَوْ نِعْمَة هُوَ سَرْمَد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20993 - حَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : { سَرْمَدًا } : دَائِمًا لَا يَنْقَطِع. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ ثني حَجَّاج , , عَنْ اِبْن اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20994 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { إِنْ جَعَلَ اللَّه عَلَيْكُمْ اللَّيْل سَرْمَدًا } يَقُول : دَائِمًا . وَقَوْله : { مَنْ إِلَه غَيْر اللَّه يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ } يَقُول : مَنْ مَعْبُود غَيْر الْمَعْبُود الَّذِي لَهُ عِبَادَة كُلّ شَيْء يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءِ النَّهَار , فَتَسْتَضِيئُونَ بِهِ . يَقُول : أَفَلَا تَرْعَوْنَ ذَلِكَ سَمْعكُمْ , وَتُفَكِّرُونَ فِيهِ فَتَتَّعِظُونَ , وَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَبّكُمْ هُوَ الَّذِي يَأْتِي بِاللَّيْلِ وَيَذْهَب بِالنَّهَارِ إِذَا شَاءَ , وَإِذَا شَاءَ أَتَى بِالنَّهَارِ وَذَهَبَ بِاللَّيْلِ , فَيَنْعَم بِاخْتِلَافِهِمَا كَذَلِكَ عَلَيْكُمْ.'; $TAFSEER['3']['28']['72'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّه عَلَيْكُمْ النَّهَار سَرْمَدًا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة مَنْ إِلَه غَيْر اللَّه يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِمُشْرِكِي قَوْمك { أَرَأَيْتُمْ } أَيّهَا الْقَوْم { إِنْ جَعَلَ اللَّه عَلَيْكُمْ النَّهَار سَرْمَدًا } دَائِمًا لَا لَيْل مَعَهُ أَبَدًا { إِلَى يَوْم الْقِيَامَة مَنْ إِلَه غَيْر اللَّه } مِنْ مَعْبُود غَيْر الْمَعْبُود الَّذِي لَهُ عِبَادَة كُلّ شَيْء { يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ } فَتَسْتَقِرُّونَ وَتَهْدَءُونَ فِيهِ. يَقُول : أَفَلَا تَرَوْنَ بِأَبْصَارِكُمْ اِخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار عَلَيْكُمْ , رَحْمَة مِنْ اللَّه لَكُمْ , وَحُجَّة مِنْهُ عَلَيْكُمْ , فَتَعْلَمُوا بِذَلِكَ أَنَّ الْعِبَادَة لَا تَصْلُح إِلَّا لِمَنْ أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ دُون غَيْره , وَلِمَنْ لَهُ الْقُدْرَة الَّتِي خَالَفَ بِهَا بَيْن ذَلِكَ.'; $TAFSEER['3']['28']['73'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْ رَحْمَته جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْل وَالنَّهَار لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْله } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَمِنْ رَحْمَته } بِكُمْ أَيّهَا النَّاس { جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْل وَالنَّهَار } فَخَالَفَ بَيْنهمَا , فَجَعَلَ هَذَا اللَّيْل ظَلَامًا { لِتَسْكُنُوا فِيهِ } وَتَهْدَءُوا وَتَسْتَقِرُّوا لِرَاحَةِ أَبْدَانكُمْ فِيهِ مِنْ تَعَب التَّصَرُّف الَّذِي تَتَصَرَّفُونَ نَهَارًا لِمَعَايِشِكُمْ . وَفِي الْهَاء الَّتِي فِي قَوْله : { لِتَسْكُنُوا فِيهِ } وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : أَنْ تَكُون مِنْ ذِكْر اللَّيْل خَاصَّة , وَيُضْمَر لِلنَّهَارِ مَعَ الِابْتِغَاء هَاء أُخْرَى . وَالثَّانِي : أَنْ تَكُون مِنْ ذِكْر اللَّيْل وَالنَّهَار , فَيَكُون وَجْه تَوْحِيدهَا وَهِيَ لَهُمَا وَجْه تَوْحِيد الْعَرَب فِي قَوْلهمْ : إِقْبَالك وَإِدْبَارك يُؤْذِينِي , لِأَنَّ الْإِقْبَال وَالْإِدْبَار فِعْل , وَالْفِعْل يُوَحَّد كَثِيره وَقَلِيله . وَجَعَلَ هَذَا النَّهَار ضِيَاء تُبْصِرُونَ فِيهِ , فَتَتَصَرَّفُونَ أَبْصَاركُمْ فِيهِ لِمَعَايِشِكُمْ , وَابْتِغَاء رِزْقه الَّذِي قَسَمَهُ بَيْنكُمْ بِفَضْلِهِ الَّذِي تَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ . وَقَوْله : { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلِتَشْكُرُوهُ عَلَى إِنْعَامه عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ , فَعَلَ ذَلِكَ بِكُمْ لِتُفْرِدُوهُ بِالشُّكْرِ , وَتُخْلِصُوا لَهُ الْحَمْد , لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَكهُ فِي إِنْعَامه عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ شَرِيك , فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُون لَهُ شَرِيك فِي الْحَمْد عَلَيْهِ.'; $TAFSEER['3']['28']['74'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْم يُنَادِيهِمْ فَيَقُول أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ } . يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : وَيَوْم يُنَادِي رَبّك يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ فَيَقُول لَهُمْ : { أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ } أَيّهَا الْقَوْم فِي الدُّنْيَا أَنَّهُمْ شُرَكَائِي .'; $TAFSEER['3']['28']['75'] = 'وَقَوْله : { وَنَزَعْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة شَهِيدًا } وَأَحْضَرْنَا مِنْ كُلّ جَمَاعَة شَهِيدهَا وَهُوَ نَبِيّهَا الَّذِي يَشْهَد عَلَيْهَا بِمَا أَجَابَتْهُ أُمَّته فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ عَنْ اللَّه مِنْ الرِّسَالَة. وَقِيلَ : وَنَزَعْنَا مِنْ قَوْله : نَزَعَ فُلَان بِحُجَّةِ كَذَا , بِمَعْنَى : أَحْضَرَهَا وَأَخْرَجَهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20995 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَنَزَعْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة شَهِيدًا } وَشَهِيدهَا : نَبِيّهَا , يَشْهَد عَلَيْهَا أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ رِسَالَة رَبّه . 20996 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا ; عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ; قَوْله : { وَنَزَعْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة شَهِيدًا } قَالَ : رَسُولًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ. وَقَوْله : { فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانكُمْ } يَقُول : فَقُلْنَا لِأُمَّةِ كُلّ نَبِيّ مِنْهُمْ الَّتِي رَدَّتْ نَصِيحَته , وَكَذَّبَتْ بِمَا جَاءَهَا بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ , إِذْ شَهِدَ نَبِيّهَا عَلَيْهَا بِإِبْلَاغِهِ إِيَّاهَا رِسَالَة اللَّه : { هَاتُوا بُرْهَانكُمْ } يَقُول : فَقَالَ لَهُمْ : هَاتُوا حُجَّتكُمْ عَلَى إِشْرَاككُمْ بِاَللَّهِ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مَعَ إِعْذَار اللَّه إِلَيْكُمْ بِالرُّسُلِ وَإِقَامَته عَلَيْكُمْ بِالْحُجَجِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20997 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانكُمْ } أَيْ بَيِّنَتكُمْ . 20998 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانكُمْ } قَالَ : حُجَّتكُمْ لِمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ وَتَقُولُونَ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانكُمْ } قَالَ : حُجَّتكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ. وَقَوْله : { فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقّ لِلَّهِ } يَقُول : فَعَلِمُوا حِينَئِذٍ أَنَّ الْحُجَّة الْبَالِغَة لِلَّهِ عَلَيْهِ , وَأَنَّ الْحَقّ لِلَّهِ , وَالصِّدْق خَبَره , فَأَيْقَنُوا عَذَابًا مِنْ اللَّه لَهُمْ دَائِم . يَقُول : وَاضْمَحَلَّ فَذَهَبَ الَّذِي كَانُوا يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ فِي الدُّنْيَا , وَمَا كَانُوا يَتَخَرَّصُونَ , وَيَكْذِبُونَ عَلَى رَبّهمْ , فَلَمْ يَنْفَعهُمْ هُنَالِكَ بَلْ ضَرَّهُمْ وَأَصْلَاهُمْ نَار جَهَنَّم .'; $TAFSEER['3']['28']['76'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { إِنَّ قَارُون } وَهُوَ قَارُون بْن يصهر بْن قاهث بْن لاوي بْن يَعْقُوب { كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى } يَقُول : كَانَ مِنْ عَشِيرَة مُوسَى بْن عِمْرَان النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ اِبْن عَمّه لِأَبِيهِ وَأُمّه , وَذَلِكَ أَنَّ قَارُون هُوَ قَارُون بْن يصهر بْن قاهث , وَمُوسَى : هُوَ مُوسَى بْن عِمْرَان بْن قاهث , كَذَا نَسَبَهُ اِبْن جُرَيْج . 20999 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى } قَالَ : اِبْن عَمّه اِبْن أَخِي أَبِيهِ , فَإِنَّ قَارُون بْن يصفر , هَكَذَا قَالَ الْقَاسِم , وَإِنَّمَا هُوَ يصهر بْن قاهث , وَمُوسَى بْن عومر بْن قاهث , وعومر بِالْعَرَبِيَّةِ : عِمْرَان. وَأَمَّا اِبْن إِسْحَاق فَإِنَّ اِبْن حُمَيْد . 21000 - حَدَّثَنَا . قَالَ : ثَنَا سَلَمَة عَنْهُ , أَنَّ يصهر بْن قاهث تَزَوَّجَ سميت بِنْت بتاويت بْن بركنا بْن بقشان بْن إِبْرَاهِيم , فَوَلَدَتْ لَهُ عِمْرَان بْن يصهر , وَقَارُون بْن يصهر , فَنَكَحَ عِمْرَان بِنْت شمويل بْن بركنا بْن بقشان بْن بركنا , فَوَلَدَتْ لَهُ هَارُون بْن عِمْرَان , وَمُوسَى بْن عِمْرَان صَفِيّ اللَّه وَنَبِيّه ; فَمُوسَى عَلَى مَا ذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق اِبْن أَخِي قَارُون , وَقَارُون هُوَ عَمّه أَخُو أَبِيهِ لِأَبِيهِ وَلِأُمِّهِ . وَأَكْثَر أَهْل الْعِلْم فِي ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَهُ اِبْن جُرَيْج . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21001 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله : { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى } قَالَ : كَانَ اِبْن عَمّ مُوسَى . 21002 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , قَالَ : ثَنَا سَعِيد عَنْ قَتَادَة { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى } : كُنَّا نُحَدَّث أَنَّهُ كَانَ اِبْن عَمّه أَخِي أَبِيهِ , وَكَانَ يُسَمَّى الْمُنَوَّر مِنْ حُسْن صَوْته بِالتَّوْرَاةِ , وَلَكِنَّ عَدُوّ اللَّه نَافَقَ , كَمَا نَافَقَ السَّامِرِيّ , فَأَهْلَكَهُ الْبَغْي . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سِمَاك , عَنْ إِبْرَاهِيم { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى } قَالَ : كَانَ اِبْن عَمّه فَبَغَى عَلَيْهِ . * - قَالَ : ثَنَا يَحْيَى الْقَطَّان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سِمَاك , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : كَانَ قَارُون اِبْن عَمّ مُوسَى . * -قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ اِبْن أَبِي خَالِد , عَنْ إِبْرَاهِيم { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى } قَالَ : كَانَ اِبْن عَمّه . 21003 - حَدَّثني بِشْر بْن هِلَال الصَّوَّاف , قَالَ : ثَنَا جَعْفَر بْن سُلَيْمَان الضُّبَعِيّ , عَنْ مَالِك بْن دِينَار , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ مُوسَى بْن عِمْرَان كَانَ اِبْن عَمّ قَارُون . وَقَوْله : { فَبَغَى عَلَيْهِمْ } يَقُول : فَتَجَاوَزَ حَدّه فِي الْكِبْر وَالتَّجَبُّر عَلَيْهِمْ. وَكَانَ بَعْضهمْ يَقُول : كَانَ بَغْيه عَلَيْهِمْ زِيَادَة شِبْر أَخَذَهَا فِي طُول ثِيَابه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21004 - حَدَّثني عَلِيّ بْن سَعِيد الْكِنْدِيّ وَأَبُو السَّائِب وَابْن وَكِيع قَالُوا : ثَنَا حَفْص بْن غِيَاث , عَنْ لَيْث , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ } قَالَ : زَادَ عَلَيْهِمْ فِي الثِّيَاب شِبْرًا . وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَ بَغْيه عَلَيْهِمْ بِكَثْرَةِ مَاله . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21005 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : إِنَّمَا بَغَى عَلَيْهِمْ بِكَثْرَةِ مَاله . وَقَوْله : { وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوز مَا إِنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَآتَيْنَا قَارُون مِنْ كُنُوز الْأَمْوَال مَا إِنَّ مَفَاتِحه , وَهِيَ جَمْع مِفْتَح , وَهُوَ الَّذِي يُفْتَح بِهِ الْأَبْوَاب. وَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِالْمَفَاتِحِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْخَزَائِن لِتُثْقِل الْعُصْبَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى مَفَاتِح : 21006 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَعْمَش , عَنْ خَيْثَمَة , قَالَ : كَانَتْ مَفَاتِح قَارُون تُحْمَل عَلَى سِتِّينَ بَغْلًا , كُلّ مِفْتَاح مِنْهَا بَاب كَنْز مَعْلُوم مِثْل الْأُصْبُع مِنْ جُلُود . 21007 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ خَيْثَمَة , قَالَ : كَانَتْ مَفَاتِح كُنُوز قَارُون مِنْ جُلُود كُلّ مِفْتَاح مِثْل الْأُصْبُع , كُلّ مِفْتَاح عَلَى خِزَانَة عَلَى حِدَة , فَإِذَا رَكِبَ حُمِلَتْ الْمَفَاتِيح عَلَى سِتِّينَ بَغْلًا أَغَرّ مُحَجَّل . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ خَيْثَمَة , فِي قَوْله { مَا إِنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّة } قَالَ : نَجِد مَكْتُوبًا فِي الْإِنْجِيل مَفَاتِح قَارُون وَقْر سِتِّينَ بَغْلًا غُرًّا مُحَجَّلَة , مَا يَزِيد كُلّ مِفْتَاح مِنْهَا عَلَى أُصْبُع , لِكُلِّ مِفْتَاح مِنْهَا كَنْز . 21008 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ حُمَيْد , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : كَانَتْ الْمَفَاتِح مِنْ جُلُود الْإِبِل . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوز مَا إِنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : مَفَاتِح مِنْ جُلُود كَمَفَاتِح الْعِيدَان . وَقَالَ قَوْم : عُنِيَ بِالْمَفَاتِحِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : خَزَائِنه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21009 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن سَالِم , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : { مَا إِنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : كَانَتْ خَزَائِنه تُحْمَل عَلَى أَرْبَعِينَ بَغْلًا . 21010 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِي حُجَيْر , عَنْ الضَّحَّاك { مَا إِنَّ مَفَاتِحه } قَالَ : أَوْعِيَته . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21011 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : ثَنَا أَبُو رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : لَتَثْقُل بِالْعُصْبَةِ . * - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } يَقُول : تَثْقُل . وَأَمَّا الْعُصْبَة فَإِنَّهَا الْجَمَاعَة . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَبْلَغ عَدَدهَا الَّذِي أُرِيدَ فِي هَذَا الْمَوْضِع ; فَأَمَّا مَبْلَغ عَدَد الْعُصْبَة فِي كَلَام الْعَرَب فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَضَى بِاخْتِلَافِ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ , وَالرِّوَايَة فِي ذَلِكَ , وَالشَّوَاهِد عَلَى الصَّحِيح مِنْ قَوْلهمْ فِي ذَلِكَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَتْ مَفَاتِحه تَنُوء بِعُصْبَةٍ ; مَبْلَغ عَدَدهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21012 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن سَالِم , عَنْ أَبِي صَالِح , قَوْله : { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : أَرْبَعُونَ رَجُلًا . 21013 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد عَنْ قَتَادَة { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْعُصْبَة مَا بَيْن الْعَشَرَة إِلَى الْأَرْبَعِينَ . 21014 -حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّة } : يَزْعُمُونَ أَنَّ الْعُصْبَة أَرْبَعُونَ رَجُلًا , يَنْقُلُونَ مَفَاتِحه مِنْ كَثْرَة عَدَدهَا. 21015 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوز مَا إِنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّة } قَالَ : أَرْبَعُونَ رَجُلًا . وَقَالَ آخَرُونَ : سِتُّونَ , وَقَالَ : كَانَتْ مَفَاتِحه تُحْمَل عَلَى سِتِّينَ بَغْلًا . 21016 -حَدَّثَنَا كَذَلِكَ اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ خَيْثَمَة . وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَتْ تُحْمَل عَلَى مَا بَيْن ثَلَاثَة إِلَى عَشَرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21017 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : الْعُصْبَة : ثَلَاثَة . 21018 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : ثَنَا أَبُو رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : الْعُصْبَة : مَا بَيْن الثَّلَاثَة إِلَى الْعَشَرَة . وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَتْ تُحْمَل مَا بَيْن عَشَرَة إِلَى خَمْسَة عَشَر ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21019 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { مَا إِنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : الْعُصْبَة : مَا بَيْن الْعَشَرَة إِلَى الْخَمْسَة عَشَر . 21020 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : الْعُصْبَة : خَمْسَة عَشَر رَجُلًا . وَقَوْله : { أُولِي الْقُوَّة } يَعْنِي : أُولِي الشِّدَّة . وَقَالَ مُجَاهِد فِي ذَلِكَ مَا : * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { أُولِي الْقُوَّة } قَالَ : خَمْسَة عَشَر . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ { وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوز مَا إِنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } وَكَيْفَ تَنُوء الْمَفَاتِح بِالْعُصْبَةِ , وَإِنَّمَا الْعُصْبَة هِيَ الَّتِي تَنُوء بِهَا ؟ قِيلَ : اِخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب , فَقَالَ بَعْض أَهْل الْبَصْرَة : مَجَاز ذَلِكَ : مَا إِنَّ الْعُصْبَة ذَوِي الْقُوَّة لَتَنُوء بِمَفَاتِح نِعَمه . قَالَ : وَيُقَال فِي الْكَلَام : إِنَّهَا لَتَنُوء بِهَا عَجِيزَتهَا , وَإِنَّمَا هُوَ : تَنُوء بِعَجِيزَتِهَا كَمَا يَنُوء الْبَعِير بِحِمْلِهِ , قَالَ : وَالْعَرَب قَدْ تَفْعَل مِثْل هَذَا . قَالَ الشَّاعِر : فَدَيْت بِنَفْسِهِ نَفْسِي وَمَالِي وَمَا آلُوك إِلَّا مَا أُطِيق وَالْمَعْنَى : فَدَيْت بِنَفْسِي وَبِمَالِي نَفْسه . وَقَالَ آخَر : وَتَرْكَب خَيْلًا لَا هَوَادَة بَيْنهَا وَتَشْقَى الرِّمَاح بِالضَّيَاطِرَةِ الْحُمْر وَإِنَّمَا تَشْقَى الضَّيَاطِرَة بِالرِّمَاحِ . قَالَ : وَالْخَيْل هَا هُنَا : الرِّجَال . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ { مَا إِنَّ مَفَاتِحه } قَالَ : وَهَذَا مَوْضِع لَا يَكَاد يُبْتَدَأ فِيهِ " إِنَّ " , وَقَدْ قَالَ : { إِنَّ الْمَوْت الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ } 62 8 . وَقَوْله : { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } إِنَّمَا الْعُصْبَة تَنُوء بِهَا ; وَفِي الشِّعْر : تَنُوء بِهَا فَتُثْقِلهَا عَجِيزَتهَا وَلَيْسَتْ الْعَجِيزَة تَنُوء بِهَا , وَلَكِنَّهَا هِيَ تَنُوء بِالْعَجِيزَةِ ; وَقَالَ الْأَعْشَى : مَا كُنْت فِي الْحَرْب الْعَوَان مُغَمَّرَا إِذْ شَبَّ حَرُّ وُقُودهَا أَجْذَالَهَا وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ الْكُوفِيِّينَ يُنْكِر هَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِل , وَابْتِدَاء إِنَّ بَعْد مَا , وَيَقُول : ذَلِكَ جَائِز مَعَ مَا وَمِنْ , وَهُوَ مَعَ مَا وَمِنْ أَجْوَد مِنْهُ مَعَ الَّذِي , لِأَنَّ الَّذِي لَا يُعْمَل فِي صِلَته , وَلَا تَعْمَل صِلَته فِيهِ , فَلِذَلِكَ جَازَ , وَصَارَتْ الْجُمْلَة عَائِد " مَا " , إِذْ كَانَتْ لَا تَعْمَل فِي " مَا " , وَلَا تَعْمَل " مَا " فِيهَا ; قَالَ : وَحَسُنَ مَعَ " مَا " و " مِنْ " , لِأَنَّهُمَا يَكُونَانِ بِتَأْوِيلِ النَّكِرَة إِنْ شِئْت , وَالْمَعْرِفَة إِنْ شِئْت , فَتَقُول : ضَرَبْت رَجُلًا لِيَقُومَن , وَضَرَبْت رَجُلًا إِنَّهُ لَمُحْسِن , فَتَكُون " مِنْ وَمَا " تَأْوِيل هَذَا , وَمَعَ " الَّذِي " أَقْبَح , لِأَنَّهُ لَا يَكُون بِتَأْوِيلِ النَّكِرَة . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ فِي قَوْله : { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } : نَوْءُهَا بِالْعُصْبَةِ : أَنْ تُثْقِلهُمْ ; وَقَالَ : الْمَعْنَى : إِنَّ مَفَاتِحه لَتُنِيء الْعُصْبَة : تَمِيلهُنَّ مِنْ ثِقَلهَا , فَإِذَا أُدْخِلَتْ الْبَاء قُلْت : تَنُوء بِهِمْ , كَمَا قَالَ : { آتُونِي أُفْرِغ عَلَيْهِ قِطْرًا } 18 96 . قَالَ وَالْمَعْنَى : آتُونِي بِقِطْرٍ أُفْرِغ عَلَيْهِ ; فَإِذَا حَذَفْت الْبَاء , زِدْت عَلَى الْفِعْل أَلِفًا فِي أَوَّله ; وَمِثْله : { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض } 19 23 مَعْنَاهُ : فَجَاءَ بِهَا الْمَخَاض ; وَقَالَ : قَدْ قَالَ رَجُل مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة : مَا إِنَّ الْعُصْبَة تَنُوء بِمَفَاتِحِهِ , فَحُوِّلَ الْفِعْل إِلَى الْمَفَاتِح , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : إِنَّ سِرَاجًا لَكَرِيم مَفْخَرُهُ تَحْلَى بِهِ الْعَيْن إِذَا مَا تَجْهَرُهُ وَهُوَ الَّذِي يَحْلَى بِالْعَيْنِ , قَالَ : فَإِنْ كَانَ سَمِعَ أَثَرًا بِهَذَا , فَهُوَ وَجْه , وإِلَّا فَإِنَّ الرَّجُل جَهِلَ الْمَعْنَى . قَالَ : وَأَنْشَدَنِي بَعْض الْعَرَب : حَتَّى إِذَا مَا اِلْتَأَمَتْ مُوَاصِله وَنَاءَ فِي شِقّ الشِّمَال كَاهِله يَعْنِي : الرَّامِي لَمَّا أَخَذَ الْقَوْس , وَنَزَعَ مَالَ عَلَيْهَا . قَالَ : وَنَرَى أَنَّ قَوْل الْعَرَب : مَا سَاءَك , وَنَاءَك مِنْ ذَلِكَ , وَمَعْنَاهُ : مَا سَاءَك وَأَنَاءَك مِنْ ذَلِكَ , إِلَّا أَنَّهُ أَلْقَى الْأَلِف لِأَنَّهُ مُتَّبِع لِسَاءَكَ , كَمَا قَالَتْ الْعَرَب : أَكَلْت طَعَامًا فَهَنَّأَنِي وَمَرَّأَنِي , وَمَعْنَاهُ : إِذَا أَفْرَدْت : وَأَمْرَأَنِي فَحُذِفَتْ مِنْهُ الْأَلِف لَمَّا أُتْبِعَ مَا لَيْسَ فِيهِ أَلِف . وَهَذَا الْقَوْل الْآخَر فِي تَأْوِيل قَوْله : { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } : أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ الْأَقْوَال الْأُخَر , لِمَعْنَيَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنَّهُ تَأْوِيل مُوَافِق لِظَاهِرِ التَّنْزِيل. وَالثَّانِي : أَنَّ الْآثَار الَّتِي ذَكَرْنَا عَنْ أَهْل التَّأْوِيل بِنَحْوِ هَذَا الْمَعْنَى جَاءَتْ , وَإِنَّ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : مَا إِنَّ الْعُصْبَة لَتَنُوء بِمَفَاتِحِهِ , إِنَّمَا هُوَ تَوْجِيه مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : مَا إِنَّ الْعُصْبَة لَتَنْهَض بِمَفَاتِحِهِ ; وَإِذَا وُجِّهَ إِلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنْ الدَّلَالَة عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْخَبَر عَنْ كَثْرَة كُنُوزه , عَلَى نَحْو مَا فِيهِ , إِذَا وُجِّهَ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : إِنَّ مَفَاتِحه تُثْقِل الْعُصْبَة وَتُمِيلهَا , لِأَنَّهُ قَدْ تَنْهَض الْعُصْبَة بِالْقَلِيلِ مِنْ الْمَفَاتِح وَبِالْكَثِيرِ . وَإِنَّمَا قَصَدَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْخَبَر عَنْ كَثْرَة ذَلِكَ , وَإِذَا أُرِيدَ بِهِ الْخَبَر عَنْ كَثْرَته , كَانَ لَا شَكّ أَنَّ الَّذِي قَالَهُ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْله , مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ : لَتَنُوء الْعُصْبَة بِمَفَاتِحِهِ , قَوْل لَا مَعْنًى لَهُ , هَذَا مَعَ خِلَافه تَأْوِيل السَّلَف فِي ذَلِكَ . وَقَوْله : { إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمه لَا تَفْرَح , إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } يَقُول : إِذْ قَالَ قَوْمه : لَا تَبْغِ وَلَا تَبْطَر فَرَحًا , إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مِنْ خَلْقه الْأَشِرِينَ الْبَطِرِينَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21021 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } يَقُول : الْمَرِحِينَ . 21022 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { لَا تَفْرَح إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } قَالَ : الْمُتَبَذِّخِينَ الْأَشِرِينَ الْبَطِرِينَ , الَّذِينَ لَا يَشْكُرُونَ اللَّه عَلَى مَا أَعْطَاهُمْ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ جَابِر , قَالَ : سَمِعْت مُجَاهِدًا يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } قَالَ : الْأَشِرِينَ الْبَطِرِينَ الْبَذِخِينَ . 21023 -حَدَّثني يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { لَا تَفْرَح إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } قَالَ : يَعْنِي بِهِ الْبَغْي . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { لَا تَفْرَح إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } قَالَ : الْمُتَبَذِّخِينَ الْأَشِرِينَ , الَّذِينَ لَا يَشْكُرُونَ اللَّه فِيمَا أَعْطَاهُمْ . * - حَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله ; إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : الْمُتَبَذِّخِينَ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْمَخْرَمِيّ , قَالَ : ثني شَبَّابَة , قَالَ ثني وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { لَا تَفْرَح إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } قَالَ : الْأَشِرِينَ الْبَطِرِينَ . 21024 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمه { لَا تَفْرَح } : أَيْ لَا تَمْرَح { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } : أَيْ إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْمَرِحِينَ . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { لَا تَفْرَح إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } قَالَ : الْأَشِرِينَ الْبَطِرِينَ , الَّذِينَ لَا يَشْكُرُونَ اللَّه فِيمَا أَعْطَاهُمْ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمه لَا تَفْرَح , إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } قَالَ : هُوَ فَرَح الْبَغْي .'; $TAFSEER['3']['28']['77'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاك اللَّه الدَّار الْآخِرَة } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره , مُخْبِرًا عَنْ قِيل قَوْم قَارُون لَهُ : لَا تَبْغِ يَا قَارُون عَلَى قَوْمك , بِكَثْرَةِ مَالِك , وَالْتَمِسْ فِيمَا آتَاك اللَّه مِنْ الْأَمْوَال خَيْرَات الْآخِرَة , بِالْعَمَلِ فِيهَا بِطَاعَةِ اللَّه فِي الدُّنْيَا . وَقَوْله : { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } يَقُول : وَلَا تَتْرُك نَصِيبك وَحَظّك مِنْ الدُّنْيَا , أَنْ تَأْخُذ فِيهَا بِنَصِيبِك مِنْ الْآخِرَة , فَتَعْمَل فِيهِ بِمَا يُنْجِيك غَدًا مِنْ عِقَاب اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21025 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا , وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّه إِلَيْك } يَقُول : لَا تَتْرُك أَنْ تَعْمَل لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } قَالَ : أَنْ تَعْمَل فِيهَا لِآخِرَتِك . 21016 -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا قُرَّة بْن خَالِد , عَنْ عَوْن بْن عَبْد اللَّه { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } قَالَ : إِنَّ قَوْمًا يَضَعُونَهَا عَلَى غَيْر مَوْضِعهَا. وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا : تَعْمَل فِيهَا بِطَاعَةِ اللَّه . 21017 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } قَالَ : الْعَمَل بِطَاعَتِهِ . * -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : تَعْمَل فِي دُنْيَاك لِآخِرَتِك . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } قَالَ : الْعَمَل فِيهَا بِطَاعَةِ اللَّه . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عِيسَى الْجُرَشِيّ , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } قَالَ : أَنْ تَعْمَل فِي دُنْيَاك لِآخِرَتِك . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْعَمَل بِطَاعَةِ اللَّه : نَصِيبه مِنْ الدُّنْيَا , الَّذِي يُثَاب عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة . 21018 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } قَالَ : لَا تَنْسَ أَنْ تُقَدِّم مِنْ دُنْيَاك لِآخِرَتِك , فَإِنَّمَا تَجِد فِي آخِرَتك مَا قَدَّمْت فِي الدُّنْيَا , فِيمَا رَزَقَك اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَتْرُك أَنْ تَطْلُب فِيهَا حَظّك مِنْ الرِّزْق. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21029 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } : قَالَ الْحَسَن : مَا أَحَلَّ اللَّه لَك مِنْهَا , فَإِنَّ لَك فِيهِ غِنًى وَكِفَايَة . * -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن حُمَيْد الْمَعْمَرِيّ , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } قَالَ : طَلَب الْحَلَال . 21030 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا حَفْص , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الْحَسَن : { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } : قَالَ : قَدَّمَ الْفَضْل , وَأَمْسَكَ مَا يُبَلِّغك . 21031 - الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : الْحَلَال فِيهَا . وَقَوْله : { وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّه إِلَيْك } يَقُول : وَأَحْسِنْ فِي الدُّنْيَا إِنْفَاق مَالِك الَّذِي آتَاكَهُ اللَّه , فِي وُجُوهه وَسُبُله , كَمَا أَحْسَنَ اللَّه إِلَيْك , فَوَسَّعَ عَلَيْك مِنْهُ , وَبَسَطَ لَك فِيهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21032 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّه إِلَيْك } قَالَ : أَحْسِنْ فِيمَا رَزَقَك اللَّه . يَقُول : وَلَا تَلْتَمِس مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْك مِنْ الْبَغْي عَلَى قَوْمك . يَقُول : إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ بُغَاة الْبَغْي وَالْمَعَاصِي .'; $TAFSEER['3']['28']['78'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ إِنَّمَا أُوتِيته عَلَى عِلْم عِنْدِي } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره قَالَ قَارُون لِقَوْمِهِ الَّذِينَ وَعَظُوهُ : إِنَّمَا أُوتِيت هَذِهِ الْكُنُوز عَلَى فَضْل عِلْم عِنْدِي , عَلِمَهُ اللَّه مِنِّي , فَرَضِيَ بِذَلِكَ عَنِّي , وَفَضَّلَنِي بِهَذَا الْمَال عَلَيْكُمْ , لِعِلْمِهِ بِفَضْلِي عَلَيْكُمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21033 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { قَالَ إِنَّمَا أُوتِيته عَلَى عِلْم عِنْدِي } قَالَ : عَلَى خَبَر عِنْدِي . 21034 - قَالَ : حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله { إِنَّمَا أُوتِيته عَلَى عِلْم عِنْدِي } قَالَ : لَوْلَا رِضَا اللَّه عَنِّي وَمَعْرِفَته بِفَضْلِي مَا أَعْطَانِي هَذَا , وَقَرَأَ : { أَوَلَمْ يَعْلَم أَنَّ اللَّه قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْله مِنْ الْقُرُون مَنْ هُوَ أَشَدّ مِنْهُ قُوَّة وَأَكْثَر جَمْعًا } الْآيَة . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى قَوْله : { عِنْدِي } بِمَعْنَى : أَرَى , كَأَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا أُوتِيته لِفَضْلِ عِلْمِي , فِيمَا أَرَى . وَقَوْله : { أَوَلَمْ يَعْلَم أَنَّ اللَّه قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْله مِنْ الْقُرُون مَنْ هُوَ أَشَدّ مِنْهُ قُوَّة وَأَكْثَر جَمْعًا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَوَلَمْ يَعْلَم قَارُون حِين زَعَمَ أَنَّهُ أُوتِيَ الْكُنُوز لِفَضْلِ عِلْم عِنْده عَلِمْته أَنَا مِنْهُ , فَاسْتَحَقَّ بِذَلِكَ أَنْ يُؤْتَى مَا أُوتِيَ مِنْ الْكُنُوز , أَنَّ اللَّه قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْله مِنْ الْأُمَم مَنْ هُوَ أَشَدّ مِنْهُ بَطْشًا , وَأَكْثَر جَمْعًا لِلْأَمْوَالِ ; وَلَوْ كَانَ اللَّه يُؤْتِي الْأَمْوَال مَنْ يُؤْتِيه لِفَضْلٍ فِيهِ وَخَيْر عِنْده , وَلِرِضَاهُ عَنْهُ , لَمْ يَكُنْ يُهْلِك مَنْ أَهْلَكَ مِنْ أَرْبَاب الْأَمْوَال الَّذِينَ كَانُوا أَكْثَر مِنْهُ مَالًا , لِأَنَّ مَنْ كَانَ اللَّه عَنْهُ رَاضِيًا , فَمُحَال أَنْ يُهْلِكهُ اللَّه , وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ , وَإِنَّمَا يُهْلِك مَنْ كَانَ عَلَيْهِ سَاخِطًا . وَقَوْله : { وَلَا يُسْأَل عَنْ ذُنُوبهمْ الْمُجْرِمُونَ } قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ النَّار بِغَيْرِ حِسَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21035 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عُمَر , عَنْ قَتَادَة { وَلَا يُسْأَل عَنْ ذُنُوبهمْ الْمُجْرِمُونَ } قَالَ : يَدْخُلُونَ النَّار بِغَيْرِ حِسَاب. وَقِيلَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّ الْمَلَائِكَة لَا تَسْأَل عَنْهُمْ , لِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21036 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَلَا يُسْأَل عَنْ ذُنُوبهمْ الْمُجْرِمُونَ } كَقَوْلِهِ : { يُعْرَف الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ } 55 41 . زُرْقًا سُود الْوُجُوه , وَالْمَلَائِكَة لَا تَسْأَل عَنْهُمْ قَدْ عَرَفَتْهُمْ . وَقِيلَ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا يُسْأَل عَنْ ذُنُوب هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَهْلَكَهُمْ اللَّه مِنْ الْأُمَم الْمَاضِيَة الْمُجْرِمُونَ فِيمَ أُهْلِكُوا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21037 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب { وَلَا يُسْأَل عَنْ ذُنُوبهمْ الْمُجْرِمُونَ } قَالَ : عَنْ ذُنُوب الَّذِينَ مَضَوْا فِيمَ أُهْلِكُوا . فَالْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله { عَنْ ذُنُوبهمْ } عَلَى هَذَا التَّأْوِيل لِمَنْ الَّذِي فِي قَوْله : { أَوَلَمْ يَعْلَم أَنَّ اللَّه قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْله مِنْ الْقُرُون مَنْ هُوَ أَشَدّ مِنْهُ قُوَّة } . وَعَلَى التَّأْوِيل الْأَوَّل الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِد وَقَتَادَة لِلْمُجْرِمِينَ , وَهِيَ بِأَنْ تَكُون مِنْ ذِكْر الْمُجْرِمِينَ أَوْلَى , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره غَيْر سَائِل عَنْ ذُنُوب مُذْنِب غَيْر مَنْ أَذْنَبَ , لَا مُؤْمِن وَلَا كَافِر . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُوم أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِخُصُوصِ الْمُجْرِمِينَ , لَوْ كَانَتْ الْهَاء وَالْمِيم اللَّتَانِ فِي قَوْله { عَنْ ذُنُوبهمْ } لِمَنْ الَّذِي فِي قَوْله { مَنْ هُوَ أَشَدّ مِنْهُ قُوَّة } مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ , يَعْنِي لِأَنَّهُ غَيْر مَسْئُول عَنْ ذَلِكَ مُؤْمِن وَلَا كَافِر , إِلَّا الَّذِينَ رَكِبُوهُ وَاكْتَسَبُوهُ .'; $TAFSEER['3']['28']['79'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَخَرَجَ قَارُون عَلَى قَوْمه فِي زِينَته , وَهِيَ فِيمَا ذُكِرَ ثِيَاب الْأُرْجُوَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21038 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا طَلْحَة بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي الزُّبَيْر , عَنْ جَابِر { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } قَالَ : فِي الْقِرْمِز . 21039 - قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , عَنْ مُجَاهِد { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } قَالَ : فِي ثِيَاب حُمْر . 21040 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ ثَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر , عَنْ عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , عَنْ مُجَاهِد { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } قَالَ : عَلَى بَرَاذِين بِيض , عَلَيْهَا سُرُوج الْأُرْجُوَان , عَلَيْهِمْ الْمُعَصْفَرَات. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } قَالَ : عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُعَصْفَرَانِ . وَقَالَ اِبْن جُرَيْج : عَلَى بَغْلَة شَهْبَاء عَلَيْهَا الْأُرْجُوَان , وَثَلَاث مِائَة جَارِيَة عَلَى الْبِغَال الشُّهْب , عَلَيْهِنَّ ثِيَاب حُمْر . 21041 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي وَيَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ مُبَارَك , عَنْ الْحَسَن { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } قَالَ : فِي ثِيَاب حُمْر وَصُفْر . 21042 -حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , أَنَّهُ سَمِعَ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ , قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } قَالَ : فِي ثِيَاب حُمْر . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا غُنْدَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ إِبْرَاهِيم مِثْله . 21043 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَلِيّ الْمُقَدَّمِيّ , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل بْن حَكِيم , قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى مَالِك بْن دِينَار عَشِيَّة , وَإِذَا هُوَ فِي ذِكْر قَارُون , قَالَ : وَإِذَا رَجُل مِنْ جِيرَانه عَلَيْهِ ثِيَاب مُعَصْفَرَة , قَالَ : فَقَالَ مَالِك : { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } قَالَ : فِي ثِيَاب مِثْل ثِيَاب هَذَا . 21044 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } : ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ خَرَجُوا عَلَى أَرْبَعَة آلَاف دَابَّة , عَلَيْهِمْ وَعَلَى دَوَابّهمْ الْأُرْجُوَان . 21045 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } قَالَ : خَرَجَ فِي سَبْعِينَ أَلْفًا , عَلَيْهِمْ الْمُعَصْفَرَات , فِيمَا كَانَ أَبِي يَذْكُر لَنَا . { قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْل مَا أُوتِيَ قَارُون } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا مِنْ قَوْم قَارُون : يَا لَيْتَنَا أُعْطِينَا مِثْل مَا أُعْطِيَ قَارُون مِنْ زِينَتهَا ! . يَقُول : إِنَّ قَارُون لَذُو نَصِيب مِنْ الدُّنْيَا .'; $TAFSEER['3']['28']['80'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم وَيْلكُمْ ثَوَاب اللَّه خَيْر لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم بِاَللَّهِ , حِين رَأَوْا قَارُون خَارِجًا عَلَيْهِمْ فِي زِينَته , لِلَّذِينَ قَالُوا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْل مَا أُوتِيَ قَارُون : وَيْلكُمْ اِتَّقُوا اللَّه وَأَطِيعُوهُ , فَثَوَاب اللَّه وَجَزَاؤُهُ لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَبِرُسُلِهِ , وَعَمِلَ بِمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُله مِنْ صَالِحَات الْأَعْمَال فِي الْآخِرَة , خَيْر مِمَّا أُوتِيَ قَارُون مِنْ زِينَته وَمَاله لِقَارُون . وَقَوْله : { وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ } يَقُول : وَلَا يُلَقَّاهَا : أَيْ وَلَا يُوَفَّق لِقِيلِ هَذِهِ الْكَلِمَة , وَهِيَ قَوْله : { ثَوَاب اللَّه خَيْر لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا } وَالْهَاء وَالْأَلِف كِنَايَة عَنْ الْكَلِمَة . وَقَالَ : { إِلَّا الصَّابِرُونَ } يَعْنِي بِذَلِكَ : الَّذِينَ صَبَرُوا عَنْ طَلَب زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا , وَآثَرُوا مَا عِنْد اللَّه مِنْ جَزِيل ثَوَابه عَلَى صَالِحَات الْأَعْمَال عَلَى لَذَّات الدُّنْيَا وَشَهَوَاتهَا , فَجَدُّوا فِي طَاعَة اللَّه , وَرَفَضُوا الْحَيَاة الدُّنْيَا .'; $TAFSEER['3']['28']['81'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْض } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَخَسَفْنَا بِقَارُون وَأَهْل دَاره . وَقِيلَ : وَبِدَارِهِ , لِأَنَّهُ ذُكِرَ أَنَّ مُوسَى إِذْ أَمَرَ الْأَرْض أَنْ تَأْخُذهُ أَمَرَهَا بِأَخْذِهِ , وَأَخْذ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ جُلَسَائِهِ فِي دَاره , وَكَانُوا جَمَاعَة جُلُوسًا مَعَهُ , وَهُمْ عَلَى مِثْل الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ مِنْ النِّفَاق وَالْمُؤَازَرَة عَلَى أَذَى مُوسَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21046 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ الزَّكَاة أَتَى قَارُون مُوسَى , فَصَالَحَهُ عَلَى كُلّ أَلْف دِينَار دِينَارًا , وَكُلّ أَلْف شَيْء شَيْئًا , أَوْ قَالَ : وَكُلّ أَلْف شَاة شَاة " الطَّبَرِيّ يَشُكّ " , قَالَ : ثُمَّ أَتَى بَيْته فَحَسَبَهُ فَوَجَدَهُ كَثِيرًا , فَجَمَعَ بَنِي إِسْرَائِيل , فَقَالَ : يَا بَنِي إِسْرَائِيل إِنَّ مُوسَى قَدْ أَمَرَكُمْ بِكُلِّ شَيْء فَأَطَعْتُمُوهُ , وَهُوَ الْآن يُرِيد أَنْ يَأْخُذ مِنْ أَمْوَالكُمْ , فَقَالُوا : أَنْتَ كَبِيرنَا وَأَنْتَ سَيِّدنَا , فَمُرْنَا بِمَا شِئْت , فَقَالَ : آمُركُمْ أَنْ تَجِيئُوا بِفُلَانَة الْبَغِيّ , فَتَجْعَلُوا لَهَا جُعْلًا , فَتَقْذِفهُ بِنَفْسِهَا , فَدَعَوْهَا فَجَعَلَ لَهَا جُعْلًا عَلَى أَنْ تَقْذِفهُ بِنَفْسِهَا , ثُمَّ أَتَى مُوسَى , فَقَالَ لِمُوسَى : إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل قَدْ اِجْتَمَعُوا لِتَأْمُرهُمْ وَلِتَنْهَاهُمْ , فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي بَرَاح مِنْ الْأَرْض , فَقَالَ : يَا بَنِي إِسْرَائِيل مَنْ سَرَقَ قَطَعْنَا يَده , وَمَنْ اِفْتَرَى جَلَدْنَاهُ , وَمَنْ زَنَى وَلَيْسَ لَهُ اِمْرَأَة جَلَدْنَاهُ مِائَة , وَمَنْ زَنَى وَلَهُ اِمْرَأَة جَلَدْنَاهُ حَتَّى يَمُوت , أَوْ رَجَمْنَاهُ حَتَّى يَمُوت وَالطَّبَرِيّ يَشُكّ " , فَقَالَ لَهُ قَارُون : إِنْ كُنْت أَنْتَ ؟ قَالَ : وَإِنْ كُنْت أَنَا ! قَالَ : فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل يَزْعُمُونَ أَنَّك فَجَرْت بِفُلَانَة . قَالَ : اُدْعُوهَا , فَإِنْ قَالَتْ , فَهُوَ كَمَا قَالَتْ ; فَلَمَّا جَاءَتْ قَالَ لَهَا مُوسَى : يَا فُلَانَة , قَالَتْ : يَا لَبَّيْكَ , قَالَ : أَنَا فَعَلْت بِك مَا يَقُول هَؤُلَاءِ ؟ قَالَتْ : لَا , وَكَذَبُوا , وَلَكِنْ جَعَلُوا لِي جُعْلًا عَلَى أَنْ أَقْذِفَك بِنَفْسِي ; فَوَثَبَ , فَسَجَدَ وَهُوَ بَيْنهمْ , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ : مُرْ الْأَرْض بِمَا شِئْت , قَالَ : يَا أَرْض خُذِيهِمْ ! فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَقْدَامهمْ . ثُمَّ قَالَ : يَا أَرْض خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى رُكَبهمْ . ثُمَّ قَالَ : يَا أَرْض خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ ! إِلَى حِقِيِّهِمْ , ثُمَّ قَالَ : يَا أَرْض خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَعْنَاقهمْ قَالَ : فَجَعَلُوا يَقُولُونَ : يَا مُوسَى يَا مُوسَى , وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ . قَالَ : يَا أَرْض خُذِيهِمْ , فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ : يَا مُوسَى , يَقُول لَك عِبَادِي : يَا مُوسَى , يَا مُوسَى , فَلَا تَرْحَمهُمْ ؟ أَمَا لَوْ إِيَّايَ دَعَوْا , لَوَجَدُونِي قَرِيبًا مُجِيبًا ; قَالَ : فَذَلِكَ قَوْل اللَّه : { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } وَكَانَتْ زِينَته أَنَّهُ خَرَجَ عَلَى دَوَابّ شُقْر عَلَيْهَا سُرُوج حُمْر , عَلَيْهِمْ ثِيَاب مُصَبَّغَة بِالْبَهْرَمَانِ . { قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا : يَا لَيْتَ لَنَا مِثْل مَا أُوتِيَ قَارُون } إِلَى قَوْله { إِنَّهُ لَا يُفْلِح الْكَافِرُونَ } يَا مُحَمَّد { تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَلهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض وَلَا فَسَادًا , وَالْعَاقِبَة لِلْمُتَّقِينَ } . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن عِيسَى , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ رَجُل , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : لَمَّا أَمَرَ اللَّه مُوسَى بِالزَّكَاةِ , قَالَ : رَمَوْهُ بِالزِّنَا , فَجَزِعَ مِنْ ذَلِكَ , فَأَرْسَلُوا إِلَى اِمْرَأَة كَانَتْ قَدْ أَعْطَوْهَا حُكْمهَا , عَلَى أَنْ تَرْمِيَهُ بِنَفْسِهَا ; فَلَمَّا جَاءَتْ عَظُمَ عَلَيْهَا , وَسَأَلَهَا بِاَلَّذِي فَلَقَ الْبَحْر لِبَنِي إِسْرَائِيل , وَأَنْزَلَ التَّوْرَاة عَلَى مُوسَى إِلَّا صَدَقْت . قَالَتْ : إِذْ قَدْ اِسْتَحْلَفْتنِي , فَإِنِّي أَشْهَد أَنَّك بَرِيء , وَأَنَّك رَسُول اللَّه , فَخَرَّ سَاجِدًا يَبْكِي , فَأَوْحَى اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : مَا يُبْكِيك ؟ قَدْ سَلَّطْنَاك عَلَى الْأَرْض , فَمُرْهَا بِمَا شِئْت , فَقَالَ : خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى مَا شَاءَ اللَّه , فَقَالُوا : يَا مُوسَى , يَا مُوسَى ! فَقَالَ : خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى مَا شَاءَ اللَّه , فَقَالُوا : يَا مُوسَى , يَا مُوسَى ! فَخَسَفَتْهُمْ . قَالَ : وَأَصَابَ بَنِي إِسْرَائِيل بَعْد ذَلِكَ شِدَّة وَجُوع شَدِيد , فَأَتَوْا مُوسَى , فَقَالُوا : اُدْعُ لَنَا رَبّك ; قَالَ : فَدَعَا لَهُمْ , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ : يَا مُوسَى , أَتُكَلِّمُنِي فِي قَوْم قَدْ أَظْلَمَ مَا بَيْنِي وَبَيْنهمْ خَطَايَاهُمْ , وَقَدْ دَعَوْك فَلَمْ تُجِبْهُمْ , أَمَّا إِيَّايَ لَوْ دَعَوْا لَأَجَبْتهمْ . * -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْض } قَالَ : قِيلَ لِلْأَرْضِ خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَعْقَابهمْ ; ثُمَّ قِيلَ لَهَا : خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى رُكَبهمْ ; ثُمَّ قِيلَ لَهَا : خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَحْقَائِهِمْ ; ثُمَّ قِيلَ لَهَا : خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَعْنَاقهمْ ; ثُمَّ قِيلَ لَهَا : خُذِيهِمْ , فَخُسِفَ بِهِمْ , فَذَلِكَ قَوْله : { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْض } . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن هَاشِم بْن الْبَرِيد , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى } قَالَ : كَانَ اِبْن عَمّه , وَكَانَ مُوسَى يَقْضِي فِي نَاحِيَة بَنِي إِسْرَائِيل , وَقَارُون فِي نَاحِيَة , قَالَ : فَدَعَا بَغِيَّة كَانَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيل , فَجَعَلَ لَهَا جُعْلًا عَلَى أَنْ تَرْمِيَ مُوسَى بِنَفْسِهَا , فَتَرَكَتْهُ إِذَا كَانَ يَوْم تَجْتَمِع فِيهِ بَنُو إِسْرَائِيل إِلَى مُوسَى , أَتَاهُ قَارُون فَقَالَ : يَا مُوسَى مَا حَدّ مَنْ سَرَقَ ؟ قَالَ : أَنْ تَنْقَطِع يَده , قَالَ : وَإِنْ كُنْت أَنْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ; قَالَ . فَمَا حَدّ مَنْ زَنَى ؟ قَالَ : أَنْ يُرْجَم , قَالَ : وَإِنْ كُنْت أَنْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ; قَالَ : فَإِنَّك قَدْ فَعَلْت , قَالَ : وَيْلك بِمَنْ ؟ قَالَ : بِفُلَانَة ! فَدَعَاهَا مُوسَى , فَقَالَ : أَنْشُدك بِاَلَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاة , أَصَدَقَ قَارُون ؟ قَالَتْ : اللَّهُمَّ إِذْ نَشَدْتنِي , فَإِنِّي أَشْهَد أَنَّك بَرِيء , وَأَنَّك رَسُول اللَّه , وَأَنَّ عَدُوّ اللَّه قَارُون جَعَلَ لِي جُعْلًا عَلَى أَنْ أَرْمِيَك بِنَفْسِي ; قَالَ : فَوَثَبَ مُوسَى , فَخَرَّ سَاجِدًا لِلَّهِ , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَنْ اِرْفَعْ رَأْسك , فَقَدْ أَمَرْت الْأَرْض أَنْ تُطِيعَك , فَقَالَ مُوسَى : يَا أَرْض خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ حَتَّى بَلَغُوا الْحِقْو , قَالَ : يَا مُوسَى ; قَالَ : خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ حَتَّى بَلَغُوا الصُّدُور , قَالَ : يَا مُوسَى , قَالَ : خُذِيهِمْ , قَالَ : فَذَهَبُوا . قَالَ : فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ يَا مُوسَى : اِسْتَغَاثَ بِك فَلَمْ تُغِثْهُ , أَمَّا لَوْ اِسْتَغَاثَ بِي لَأَجَبْته وَلَأَغَثْته . 21047 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن هِلَال الصَّوَّاف , قَالَ : ثَنَا جَعْفَر بْن سُلَيْمَان الضُّبَعِيّ , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن زَيْد بْن جُدْعَان , قَالَ : خَرَجَ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث مِنْ الدَّار , وَدَخَلَ الْمَقْصُورَة ; فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهَا , جَلَسَ وَتَسَانَدَ عَلَيْهَا , وَجَلَسْنَا إِلَيْهِ , فَذَكَرَ سُلَيْمَان بْن دَاوُد { وَقَالَ يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } إِلَى قَوْله { إِنَّ رَبِّي غَنِيّ كَرِيم } ثُمَّ سَكَتَ عَنْ ذِكْر سُلَيْمَان , فَقَالَ { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ } وَكَانَ قَدْ أُوتِيَ مِنْ الْكُنُوز مَا ذَكَرَ اللَّه فِي كِتَابه { مَا إِنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّة } , { قَالَ إِنَّمَا أُوتِيته عَلَى عِلْم عِنْدِي } قَالَ : وَعَادَى مُوسَى , وَكَانَ مُؤْذِيًا لَهُ , وَكَانَ مُوسَى يَصْفَح عَنْهُ وَيَعْفُو , لِلْقَرَابَةِ , حَتَّى بَنَى دَارًا , وَجَعَلَ بَاب دَاره مِنْ ذَهَب , وَضَرَبَ عَلَى جُدْرَانه صَفَائِح الذَّهَب , وَكَانَ الْمَلَأ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل يَغْدُونَ عَلَيْهِ وَيَرُوحُونَ , فَيُطْعِمهُمْ الطَّعَام , وَيُحَدِّثُونَهُ وَيَضْحَكُونَهُ , فَلَمْ تَدْعُهُ شِقْوَته وَالْبَلَاء , حَتَّى أَرْسَلَ إِلَى اِمْرَأَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل مَشْهُورَة بِالْخَنَا , مَشْهُورَة بِالسَّبِّ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَجَاءَتْهُ , فَقَالَ لَهَا : هَلْ لَك أَنْ أُمَوِّلك وَأُعْطِيك , وَأَخْلِطك فِي نِسَائِي , عَلَى أَنْ تَأْتِيَنِي وَالْمَلَأ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل عِنْدِي , فَتَقُولِي : يَا قَارُون , أَلَا تَنْهَى عَنِّي مُوسَى ! قَالَتْ : بَلَى . فَلَمَّا جَلَسَ قَارُون , وَجَاءَ الْمَلَأ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , أَرْسَلَ إِلَيْهَا , فَجَاءَتْ فَقَامَتْ بَيْن يَدَيْهِ , فَقَلَّبَ اللَّه قَلْبهَا , وَأَحْدَثَ لَهَا تَوْبَة , فَقَالَتْ فِي نَفْسهَا : لَأَنْ أُحْدِث الْيَوْم تَوْبَة , أَفْضَل مِنْ أَنْ أُوذِيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأُكَذِّب عَدُوّ اللَّه لَهُ . فَقَالَتْ : إِنَّ قَارُون قَالَ لِي : هَلْ لَك أَنْ أُمَوِّلك وَأُعْطِيَك , وَأَخْلِطك بِنِسَائِي , عَلَى أَنْ تَأْتِيَنِي وَالْمَلَأ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل عِنْدِي , فَتَقُولِي : يَا قَارُون أَلَا تَنْهَى عَنِّي مُوسَى , فَلَمْ أَجِد تَوْبَة أَفْضَل مِنْ أَنْ لَا أُوذِيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأُكَذِّب عَدُوّ اللَّه ; فَلَمَّا تَكَلَّمَتْ بِهَذَا الْكَلَام , سَقَطَ فِي يَدَيْ قَارُون , وَنَكَّسَ رَأْسه , وَسَكَتَ الْمَلَأ , وَعُرِفَ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي هَلَكَة , وَشَاعَ كَلَامهَا فِي النَّاس , حَتَّى بَلَغَ مُوسَى ; فَلَمَّا بَلَغَ مُوسَى اِشْتَدَّ غَضَبه , فَتَوَضَّأَ مِنْ الْمَاء , وَصَلَّى وَبَكَى , وَقَالَ : يَا رَبّ عَدُوّك لِي مُؤْذٍ , أَرَادَ فَضِيحَتِي وَشَيْنِي , يَا رَبّ سَلِّطْنِي عَلَيْهِ . فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَنْ مُرْ الْأَرْض بِمَا شِئْت تُطِعْك . فَجَاءَ مُوسَى إِلَى قَارُون ; فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ , عَرَفَ الشَّرّ فِي وَجْه مُوسَى لَهُ , فَقَالَ : يَا مُوسَى اِرْحَمْنِي ; قَالَ : يَا أَرْض خُذِيهِمْ , قَالَ : فَاضْطَرَبَتْ دَاره , وَسَاخَتْ بِقَارُون وَأَصْحَابه إِلَى الْكَعْبَيْنِ , وَجَعَلَ يَقُول : يَا مُوسَى , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى رُكَبهمْ , وَهُوَ يَتَضَرَّع إِلَى مُوسَى : يَا مُوسَى اِرْحَمْنِي ; قَالَ : يَا أَرْض خُذِيهِمْ , قَالَ فَاضْطَرَبَتْ دَاره وَسَاخَتْ , وَخُسِفَ بِقَارُون وَأَصْحَابه إِلَى سُرَرهمْ , وَهُوَ يَتَضَرَّع إِلَى مُوسَى : يَا مُوسَى اِرْحَمْنِي ; قَالَ : يَا أَرْض خُذِيهِمْ , فَخُسِفَ بِهِ وَبِدَارِهِ وَأَصْحَابه . قَالَ : وَقِيلَ لِمُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مُوسَى مَا أَفَظّك. أَمَا وَعِزَّتِي لَوْ إِيَّايَ نَادَى لَأَجَبْته . 21048 - حَدَّثني بِشْر بْن هِلَال , قَالَ : ثَنَا جَعْفَر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِي عِمْرَان الْجَوْنِيّ , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّهُ قِيلَ لِمُوسَى : لَا أُعَبِّد الْأَرْض لِأَحَدٍ بَعْدك أَبَدًا . 21049 -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , وَعَبْد الْحَمِيد الْحِمَّانِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَغَرّ بْن الصَّبَّاح , عَنْ خَلِيفَة بْن حُصَيْن , قَالَ عَبْد الْحَمِيد , عَنْ أَبِي نَصْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَلَمْ يَذْكُر اِبْن مَهْدِيّ أَبَا نَصْر { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْض } قَالَ : الْأَرْض السَّابِعَة . 21050 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّهُ يُخْسَف بِهِ كُلّ يَوْم مِائَة قَامَة , وَلَا يَبْلُغ أَسْفَل الْأَرْض إِلَى يَوْم الْقِيَامَة , فَهُوَ يَتَجَلْجَل فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة . 21051 -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا زَيْد بْن حِبَّان , عَنْ جَعْفَر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت مَالِك بْن دِينَار , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ قَارُون يُخْسَف بِهِ كُلّ يَوْم مِائَة قَامَة . 21052 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْض } ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُخْسَف بِهِ كُلّ يَوْم قَامَة , وَأَنَّهُ يَتَجَلْجَل فِيهَا , لَا يَبْلُغ قَعْرهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة . وَقَوْله : { فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَة يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُون اللَّه } يَقُول : فَلَمْ يَكُنْ لَهُ جُنْد يَرْجِع إِلَيْهِمْ , وَلَا فِئَة يَنْصُرُونَهُ لِمَا نَزَلَ بِهِ مِنْ سَخَطه , بَلْ تَبَرَّءُوا مِنْهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21053 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَة يَنْصُرُونَهُ } أَيْ جُنْد يَنْصُرُونَهُ , وَمَا عِنْده مَنَعَة يَمْتَنِع بِهَا مِنْ اللَّه . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْفِئَة فِيمَا مَضَى وَأَنَّهَا الْجَمَاعَة مِنْ النَّاس , وَأَصْلهَا الْجَمَاعَة الَّتِي يَفِيء إِلَيْهَا الرَّجُل عِنْد الْحَاجَة إِلَيْهِمْ , لِلْعَوْنِ عَلَى الْعَدُوّ , ثُمَّ تَسْتَعْمِل ذَلِكَ الْعَرَب فِي كُلّ جَمَاعَة كَانَتْ عَوْنًا لِلرَّجُلِ , وَظَهْرًا لَهُ ; وَمِنْهُ قَوْل خِفَاف : فَلَمْ أَرَ مِثْلهمْ حَيًّا لَقَاحًا وَجَدِّك بَيْن نَاضِحَة وَحَجْر أَشَدّ عَلَى صُرُوف الدَّهْر آدًا وَأَكْبَر مِنْهُمُ فِئَة بِصَبْرِ يَقُول : وَلَا كَانَ هُوَ مِمَّنْ يَنْتَصِر مِنْ اللَّه إِذَا أَحَلَّ بِهِ نِقْمَته , فَيَمْتَنِع لِقُوَّتِهِ مِنْهَا .'; $TAFSEER['3']['28']['82'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانه بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّه يَبْسُط الرِّزْق لِمَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده وَيَقْدِر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانه بِالْأَمْسِ مِنْ الدُّنْيَا , وَغِنَاهُ وَكَثْرَة مَاله , وَمَا بُسِطَ لَهُ مِنْهَا بِالْأَمْسِ , يَعْنِي قَبْل أَنْ يَنْزِل بِهِ مَا نَزَلَ مِنْ سَخَط اللَّه وَعِقَابه , يَقُولُونَ : وَيْكَأَنَّ اللَّه اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى { وَيْكَأَنَّ اللَّه } فَأَمَّا قَتَادَة , فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ : أَحَدهمَا مَا : 21054 -حَدَّثَنَا بِهِ اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن خَالِد بْن عَثْمَة , قَالَ : ثَنَا سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , قَالَ فِي قَوْله { وَيْكَأَنَّهُ } قَالَ : أَلَمْ تَرَ أَنَّهُ . * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَيْكَأَنَّهُ } : أَوَلَا تَرَى أَنَّهُ . * - وَحَدَّثني إِسْمَاعِيل بْن الْمُتَوَكِّل الْأَشْجَعِيّ , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن كَثِير , قَالَ : ثني مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَيْكَأَنَّهُ } قَالَ : أَلَمْ تَرَ أَنَّهُ. وَالْقَوْل الْآخَر , مَا : 21055 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَيْكَأَنَّ اللَّه يَبْسُط الرِّزْق } قَالَ : أَوَلَمْ يَعْلَم أَنَّ اللَّه { وَيْكَأَنَّهُ } : أَوَلَا يَعْلَم أَنَّهُ . وَتَأَوَّلَ هَذَا التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ قَتَادَة فِي ذَلِكَ أَيْضًا بَعْض أَهْل الْمَعْرِفَة بِكَلَامِ الْعَرَب مِنْ أَهْل الْبَصْرَة , وَاسْتَشْهَدَ لِصِحَّةِ تَأْوِيله ذَلِكَ كَذَلِكَ , بِقَوْلِ الشَّاعِر : سَأَلْتَانِي الطَّلَاق أَنْ رَأَتَانِي قَلَّ مَالِي , قَدْ جِئْتُمَا بِنُكْرِ وَيْكَأَنْ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَب يُحْ بَبْ وَمَنْ يُفْتَقَر يَعِشْ عَيْش ضُرّ وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : " وَيْكَأَنَّ " فِي كَلَام الْعَرَب : تَقْرِير , كَقَوْلِ الرَّجُل : أَمَا تَرَى إِلَى صُنْع اللَّه وَإِحْسَانه ! وَذُكِرَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ مَنْ سَمِعَ أَعْرَابِيَّة تَقُول لِزَوْجِهَا : أَيْنَ اِبْننَا ؟ فَقَالَ : وَيْكَأَنَّهُ وَرَاء الْبَيْت . مَعْنَاهُ : أَمَا تَرَيْنَهُ وَرَاء الْبَيْت ! قَالَ : وَقَدْ يَذْهَب بِهَا بَعْض النَّحْوِيِّينَ إِلَى أَنَّهَا كَلِمَتَانِ , يُرِيد : وَيْك أَنَّهُ , كَأَنَّهُ أَرَادَ : وَيْلك , فَحَذَفَ اللَّام , فَتُجْعَل " أَنَّ " مَفْتُوحَة بِفِعْلِ مُضْمَر , كَأَنَّهُ قَالَ : وَيْلك اِعْلَمْ أَنَّهُ وَرَاء الْبَيْت , فَأَضْمَرَ " اِعْلَمْ " . قَالَ : وَلَمْ نَجِد الْعَرَب تُعْمِل الظَّنّ مُضْمَرًا , وَلَا الْعِلْم وَأَشْبَاهه فِي " أَنَّ " , وَذَلِكَ أَنَّهُ يَبْطُل إِذَا كَانَ بَيْن الْكَلِمَتَيْنِ , أَوْ فِي آخِر الْكَلِمَة , فَلَمَّا أُضْمِرَ جَرَى مَجْرَى الْمُتَأَخِّر ; أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوز فِي الِابْتِدَاء أَنْ يَقُول : يَا هَذَا , أَنَّك قَائِم , وَيَا هَذَا أَنْ قُمْت , يُرِيد : عَلِمْت , أَوْ اِعْلَمْ , أَوْ ظَنَنْت , أَوْ أَظُنّ . وَأَمَّا حَذْف اللَّام مِنْ قَوْلك : وَيْلك حَتَّى تَصِير : وَيْك , فَقَدْ تَقُولهُ الْعَرَب , لِكَثْرَتِهَا فِي الْكَلَام , قَالَ عَنْتَرَة : وَلَقَدْ شَفَى نَفْسِي وَأَبْرَأَ سُقْمهَا قَوْل الْفَوَارِس وَيْك عَنْتَرَ أَقْدِمِ قَالَ : وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّ مَعْنَى قَوْله { وَيْكَأَنَّ } : " وَيْ " مُنْفَصِلَة مِنْ كَأَنَّ , كَقَوْلِك لِلرَّجُلِ : وَيْ أَمَا تَرَى مَا بَيْن يَدَيْك ؟ فَقَالَ : " وَيْ " ثُمَّ اِسْتَأْنَفَ , كَأَنَّ اللَّه يَبْسُط الرِّزْق , وَهِيَ تَعَجُّب , وَكَأَنَّ فِي مَعْنَى الظَّنّ وَالْعِلْم , فَهَذَا وَجْه يَسْتَقِيم . قَالَ : وَلَمْ تَكْتُبهَا الْعَرَب مُنْفَصِلَة , وَلَوْ كَانَتْ عَلَى هَذَا لَكَتَبُوهَا مُنْفَصِلَة , وَقَدْ يَجُوز أَنْ تَكُون كَثُرَ بِهَا الْكَلَام , فَوُصِلَتْ بِمَا لَيْسَتْ مِنْهُ . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : إِنَّ " وَيْ " : تَنْبِيه , وَكَأَنَّ حَرْف آخَر غَيْره , بِمَعْنَى : لَعَلَّ الْأَمْر كَذَا , وَأَظُنّ الْأَمْر كَذَا , لِأَنَّ كَأَنَّ بِمَنْزِلَةِ أَظُنّ وَأَحْسَب وَأَعْلَم. وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ : الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ قَتَادَة , مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ : أَلَمْ تَرَ , أَلَمْ تَعْلَم , لِلشَّاهِدِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِيهِ مِنْ قَوْل الشَّاعِر , وَالرِّوَايَة عَنْ الْعَرَب ; وَأَنَّ " وَيْكَأَنَّ " فِي خَطّ الْمُصْحَف حَرْف وَاحِد . وَمَتَى وُجِّهَ ذَلِكَ إِلَى غَيْر التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ قَتَادَة , فَإِنَّهُ يَصِير حَرْفَيْنِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنْ وُجِّهَ إِلَى قَوْل مَنْ تَأَوَّلَهُ بِمَعْنَى : وَيْلك اِعْلَمْ أَنَّ اللَّه , وَجَبَ أَنْ يُفْصَل " وَيْك " مِنْ " أَنَّ " , وَذَلِكَ خِلَاف خَطّ جَمِيع الْمَصَاحِف , مَعَ فَسَاده فِي الْعَرَبِيَّة , لِمَا ذَكَرْنَا . وَإِنْ وُجِّهَ إِلَى قَوْل مَنْ يَقُول : " وَيْ " بِمَعْنَى التَّنْبِيه , ثُمَّ اِسْتَأْنَفَ الْكَلَام بِكَأَنَّ , وَجَبَ أَنْ يَفْصِل " وَيْ " مِنْ " كَأَنَّ " , وَذَلِكَ أَيْضًا خِلَاف خُطُوط الْمَصَاحِف كُلّهَا . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ حَرْفًا وَاحِدًا , فَالصَّوَاب مِنْ التَّأْوِيل : مَا قَالَهُ قَتَادَة , وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الصَّوَاب , فَتَأْوِيل الْكَلَام : وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَان قَارُون وَمَوْضِعه مِنْ الدُّنْيَا بِالْأَمْسِ , يَقُولُونَ لَمَّا عَايَنُوا مَا أَحَلَّ اللَّه بِهِ مِنْ نِقْمَته , أَلَمْ تَرَيَا هَذَا أَنَّ اللَّه يَبْسُط الرِّزْق لِمَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده , فَيُوَسِّع عَلَيْهِ , لَا لِفَضْلِ مَنْزِلَته عِنْده , وَلَا لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ , كَمَا كَانَ بَسَطَ مِنْ ذَلِكَ لِقَارُون , لَا لِفَضْلِهِ وَلَا لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ . { وَيَقْدِر } يَقُول : وَيُضَيِّق عَلَى مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه ذَلِكَ , وَيُقَتِّر عَلَيْهِ , لَا لِهَوَانِهِ , وَلَا لِسَخَطِهِ عَمَله . وَقَوْله : { لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّه عَلَيْنَا } يَقُول : لَوْلَا أَنْ تَفَضَّلَ عَلَيْنَا , فَصَرَفَ عَنَّا مَا كُنَّا نَتَمَنَّاهُ بِالْأَمْسِ , { لَخَسَفَ بِنَا }. وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار سِوَى شَيْبَة : " لَخُسِفَ بِنَا " بِضَمِّ الْخَاء , وَكَسْر السِّين وَذُكِرَ عَنْ شَيْبَة وَالْحَسَن : { لَخَسَفَ بِنَا } بِفَتْحِ الْخَاء وَالسِّين , بِمَعْنَى : لَخَسَفَ اللَّه بِنَا . وَقَوْله : { وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِح الْكَافِرُونَ } يَقُول : أَلَمْ تَعْلَم أَنَّهُ لَا يُفْلِح الْكَافِرُونَ , فَتَنْجَح طَلَبَاتهمْ .'; $TAFSEER['3']['28']['83'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تِلْكَ الدَّار الْأَخِرَة نَجْعَلهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض وَلَا فَسَادًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَل نَعِيمهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ تَكَبُّرًا عَنْ الْحَقّ فِي الْأَرْض وَتَجَبُّرًا عَنْهُ وَلَا فَسَادًا . يَقُول : وَلَا ظُلْم النَّاس بِغَيْرِ حَقّ , وَعَمَلًا بِمَعَاصِي اللَّه فِيهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21056 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , عَنْ زِيَاد بْن أَبِي زِيَاد , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة يَقُول { لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض وَلَا فَسَادًا } قَالَ : الْعُلُوّ : التَّجَبُّر . 21057 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُسْلِم الْبَطِين { تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَلهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض وَلَا فَسَادًا } قَالَ : الْعُلُوّ : التَّكَبُّر فِي الْحَقّ , وَالْفَسَاد : الْأَخْذ بِغَيْرِ الْحَقّ . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُسْلِم الْبَطِين : { لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض } قَالَ : التَّكَبُّر فِي الْأَرْض بِغَيْرِ الْحَقّ { وَلَا فَسَادًا } أَخْذ الْمَال بِغَيْرِ حَقّ . 21058 - قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض } قَالَ : الْبَغْي. 21059 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض } قَالَ : تَعَظُّمًا وَتَجَبُّرًا , { وَلَا فَسَادًا } : عَمَلًا بِالْمَعَاصِي . 21060 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَشْعَث السَّمَّان , عَنْ أَبِي سَلْمَان الْأَعْرَج , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : إِنَّ الرَّجُل لِيُعْجِبهُ مِنْ شِرَاك نَعْله أَنْ يَكُون أَجْوَد مِنْ شِرَاك صَاحِبه , فَيَدْخُل فِي قَوْله { تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَلهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض وَلَا فَسَادًا , وَالْعَاقِبَة لِلْمُتَّقِينَ } . وَقَوْله : { وَالْعَاقِبَة لِلْمُتَّقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالْجَنَّة لِلْمُتَّقِينَ , وَهُمْ الَّذِينَ اِتَّقَوْا مَعَاصِي اللَّه , وَأَدَّوْا فَرَائِضه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى الْعَاقِبَة قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21061 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَالْعَاقِبَة لِلْمُتَّقِينَ } أَيْ الْجَنَّة لِلْمُتَّقِينَ .'; $TAFSEER['3']['28']['84'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْر مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَنْ جَاءَ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة بِإِخْلَاصِ التَّوْحِيد , فَلَهُ خَيْر , وَذَلِكَ الْخَيْر هُوَ الْجَنَّة وَالنَّعِيم الدَّائِم , وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ , وَهِيَ الشِّرْك بِاَللَّهِ. كَمَا : 21062 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد قَالَ ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْر مِنْهَا } : أَيْ لَهُ مِنْهَا حَظّ خَيْر , وَالْحَسَنَة : الْإِخْلَاص , وَالسَّيِّئَة : الشِّرْك . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْمُخْتَلِفِينَ , وَدَلَّلْنَا عَلَى الصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِيهِ. وَقَوْله : { فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَات } يَقُول : فَلَا يُثَاب الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَات عَلَى أَعْمَالهمْ السَّيِّئَة . يَقُول : إِلَّا جَزَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .'; $TAFSEER['3']['28']['85'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن لَرَادّك إِلَى مَعَاد } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك يَا مُحَمَّد الْقُرْآن . كَمَا : 21063 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن } قَالَ : الَّذِي أَعْطَاك الْقُرْآن . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن } قَالَ : الَّذِي أَعْطَاكَهُ. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : لِمَصِيرِك إِلَى الْجَنَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21064 - حَدَّثني إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن حَبِيب بْن الشَّهِيد , قَالَ : ثَنَا عَتَّاب بْن بِشْر , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : إِلَى مَعْدِنك مِنْ الْجَنَّة. * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن مَهْدِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ رَجُل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : إِلَى الْجَنَّة . 21065 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن حِبَّان , سَمِعْت أَبَا جَعْفَر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : مَعَاده آخِرَته الْجَنَّة . 21066 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , فِي { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : إِلَى الْجَنَّة لِيَسْأَلك عَنْ الْقُرْآن . 21067 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي صَالِح , قَالَ : الْجَنَّة . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن مَهْدِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي صَالِح : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : إِلَى الْجَنَّة . * - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ يَرُدّك إِلَى الْجَنَّة , ثُمَّ يَسْأَلك عَنْ الْقُرْآن . 21068 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد , قَالَا : إِلَى الْجَنَّة . 21069 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَعَطَاء وَمُجَاهِد وَأَبِي قَزَعَة وَالْحَسَن , قَالُوا : يَوْم الْقِيَامَة. 21070 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : يَجِيء بِك يَوْم الْقِيَامَة. 21071 - ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن وَالزُّهْرِيّ , قَالَا : مَعَاده يَوْم الْقِيَامَة . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : يَجِيء بِك يَوْم الْقِيَامَة. 21072 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا هَوْذَة , قَالَ : ثَنَا عَوْن , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : مَعَادك مِنْ الْآخِرَة . * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : كَانَ الْحَسَن يَقُول : إِي وَاَللَّه , إِنَّ لَهُ لَمَعَادًا يَبْعَثهُ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة , وَيُدْخِلهُ الْجَنَّة. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَرَادّك إِلَى الْمَوْت . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21073 - حَدَّثني إِسْحَاق بْن وَهْب الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان بْن سَعِيد الثَّوْرِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : الْمَوْت. * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ رَجُل , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : إِلَى الْمَوْت . 21074 - قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ سَعِيد : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : إِلَى الْمَوْت . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ عَمَّنْ سَمِعَ اِبْن عَبَّاس , قَالَ إِلَى الْمَوْت . * -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : إِلَى الْمَوْت . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ رَجُل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : الْمَوْت . 21075 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ عَدِيّ بْن ثَابِت , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَا : إِلَى الْمَوْت , أَوْ إِلَى مَكَّة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَرَادّك إِلَى الْمَوْضِع الَّذِي خَرَجْت مِنْهُ , وَهُوَ مَكَّة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21076 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَعْلَى بْن عُبَيْد , عَنْ سُفْيَان الْعُصْفُرِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : إِلَى مَكَّة . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : يَقُول : لَرَادّك إِلَى مَكَّة , كَمَا أَخْرَجَك مِنْهَا . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : مَوْلِده بِمَكَّة . 21077 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ ثَنَا أَبِي عَنْ يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : سَمِعْت مُجَاهِدًا يَقُول : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : إِلَى مَوْلِدك بِمَكَّة . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا يُونُس بْن عَمْرو , وَهُوَ اِبْن أَبِي إِسْحَاق , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : إِلَى مَوْلِدك بِمَكَّة . * - حَدَّثني الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الصُّدَائِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ الْفُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ مُجَاهِد أَبِي الْحَجَّاج , فِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : إِلَى مَوْلِده بِمَكَّة . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني عِيسَى بْن يُونُس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ مُجَاهِد قَالَ : إِلَى مَوْلِدك بِمَكَّة . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي : قَوْل مَنْ قَالَ : لَرَادّك إِلَى عَادَتك مِنْ الْمَوْت , أَوْ إِلَى عَادَتك حَيْثُ وُلِدْت , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعَاد فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْمَفْعَل مِنْ الْعَادَة , لَيْسَ مِنْ الْعَوْد , إِلَّا أَنْ يُوَجَّه مُوَجِّه تَأْوِيل قَوْله : { لَرَادّك } لِمَصِيرِك , فَيَتَوَجَّه حِينَئِذٍ قَوْله { إِلَى مَعَاد } إِلَى مَعْنَى الْعَوْد , وَيَكُون تَأْوِيله : إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن لِمَصِيرِك إِلَى أَنْ تَعُود إِلَى مَكَّة مَفْتُوحَة لَك . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَهَذِهِ الْوُجُوه الَّتِي وَصَفْت فِي ذَلِكَ قَدْ فَهِمْنَاهَا , فَمَا وَجْه تَأْوِيل مَنْ تَأَوَّلَهُ بِمَعْنَى : لَرَادّك إِلَى الْجَنَّة ؟ قِيلَ : يَنْبَغِي أَنْ يَكُون وَجْه تَأْوِيله ذَلِكَ كَذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْه الْآخَر , وَهُوَ لِمَصِيرِك إِلَى أَنْ تَعُود إِلَى الْجَنَّة . فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَوَ كَانَ أُخْرِج مِنْ الْجَنَّة , فَيُقَال لَهُ : نَحْنُ نُعِيدك إِلَيْهَا ؟ قِيلَ : لِذَلِكَ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : أَنَّهُ إِنْ كَانَ أَبُوهُ آدَم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِمَا أُخْرِج مِنْهَا , فَكَأَنَّ وَلَده بِإِخْرَاجِ اللَّه إِيَّاهُ مِنْهَا , قَدْ أُخْرِجُوا مِنْهَا , فَمَنْ دَخَلَهَا فَكَأَنَّمَا يُرَدّ إِلَيْهَا بَعْد الْخُرُوج . وَالثَّانِي أَنْ يُقَال : إِنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَهَا لَيْلَة أُسْرِيَ بِهِ , كَمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : " دَخَلْت الْجَنَّة , فَرَأَيْت فِيهَا قَصْرًا , فَقُلْت لِمَنْ هَذَا ؟ فَقَالُوا لِعُمَر بْن الْخَطَّاب " , وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ الْأَخْبَار الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ بِذَلِكَ , ثُمَّ رُدَّ إِلَى الْأَرْض , فَيُقَال لَهُ : إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن لَرَادّك لِمَصِيرِك إِلَى الْمَوْضِع الَّذِي خَرَجْت مِنْهُ مِنْ الْجَنَّة , إِلَى أَنْ تَعُود إِلَيْهِ , فَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّه قَوْل مَنْ قَالَ ذَلِكَ . وَقَوْله : { قُلْ رَبِّي أَعْلَم مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ : رَبِّي أَعْلَم مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى الَّذِي مَنْ سَلَكَهُ نَجَا , وَمَنْ هُوَ فِي جَوْر عَنْ قَصْد السَّبِيل مِنَّا وَمِنْكُمْ . وَقَوْله : { مُبِين } يَعْنِي أَنَّهُ يُبَيَّن لِلْمُفَكِّرِ الْفَهْم إِذَا تَأَمَّلَهُ وَتَدَبَّرَهُ , أَنَّهُ ضَلَال وَجَوْر عَنْ الْهُدَى.'; $TAFSEER['3']['28']['86'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كنْت تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْك الْكِتَاب إِلَّا رَحْمَة مِنْ رَبّك } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا كُنْت تَرْجُو يَا مُحَمَّد أَنْ يُنَزَّل عَلَيْك هَذَا الْقُرْآن , فَتَعْلَم الْأَنْبَاء وَالْأَخْبَار عَنْ الْمَاضِينَ قَبْلك , وَالْحَادِثَة بَعْدك , مِمَّا لَمْ يَكُنْ بَعْد , مِمَّا لَمْ تَشْهَدهُ وَلَا تَشْهَدهُ , ثُمَّ تَتْلُو ذَلِكَ عَلَى قَوْمك مِنْ قُرَيْش , إِلَّا أَنَّ رَبّك رَحِمَك , فَأَنْزَلَهُ عَلَيْك , فَقَوْله : { إِلَّا رَحْمَة مِنْ رَبّك } اِسْتِثْنَاء مُنْقَطِع . وَقَوْله : { فَلَا تَكُونَن ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ } يَقُول : فَاحْمَدْ رَبّك عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْك مِنْ رَحْمَته إِيَّاكَ , بِإِنْزَالِهِ عَلَيْك هَذَا الْكِتَاب , وَلَا تَكُونَن عَوْنًا لِمَنْ كَفَرَ بِرَبِّك عَلَى كُفْره بِهِ . وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمُؤَخَّر الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيم , وَإِنَّ مَعْنَى اللَّام : إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن , فَأَنْزَلَهُ عَلَيْك , وَمَا كُنْت تَرْجُو أَنْ يُنَزَّل عَلَيْك , فَتَكُون نَبِيًّا قَبْل ذَلِكَ , لَرَادّك إِلَى مَعَاد .'; $TAFSEER['3']['28']['87'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا يَصُدُّنَّك عَنْ آيَات اللَّه بَعْد إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْك وَادْعُ إِلَى رَبّك } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا يَصْرِفَنك عَنْ تَبْلِيغ آيَات اللَّه وَحُجَجه بَعْد أَنْ أَنْزَلَهَا إِلَيْك رَبّك يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِقَوْلِهِمْ : { لَوْلَا أُوتِيَ مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى } وَادْعُ إِلَى رَبّك وَبَلِّغْ رِسَالَته إِلَى مَنْ أَرْسَلَك إِلَيْهِ بِهَا. يَقُول : وَلَا تَتْرُكَن الدُّعَاء إِلَى رَبّك , وَتَبْلِيغ الْمُشْرِكِينَ رِسَالَته , فَتَكُون مِمَّنْ فَعَلَ فِعْل الْمُشْرِكِينَ بِمَعْصِيَتِهِ رَبّه , وَخِلَافه أَمْره .'; $TAFSEER['3']['28']['88'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا تَعْبُد يَا مُحَمَّد مَعَ مَعْبُودك الَّذِي لَهُ عِبَادَة كُلّ شَيْء مَعْبُودًا آخَر سِوَاهُ . وَقَوْله : { لَا إِلَه إِلَّا هُوَ } يَقُول : لَا مَعْبُود تَصْلُح لَهُ الْعِبَادَة إِلَّا اللَّه الَّذِي كُلّ شَيْء هَالِك إِلَّا وَجْهه . وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْله : { إِلَّا وَجْهه } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : كُلّ شَيْء هَالِك إِلَّا هُوَ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهه , وَاسْتَشْهَدُوا لِتَأْوِيلِهِمْ ذَلِكَ كَذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِر : أَسْتَغْفِر اللَّه ذَنْبًا لَسْت مُحْصِيه رَبّ الْعِبَاد إِلَيْهِ الْوَجْه وَالْعَمَل وَقَوْله : { لَهُ الْحُكْم } يَقُول : لَهُ الْحُكْم بَيْن خَلْقه دُون غَيْره , لَيْسَ لِأَحَدٍ غَيْره مَعَهُ فِيهِمْ حُكْم . يَقُول : وَإِلِيه تُرَدُّونَ مِنْ بَعْد مَمَاتكُمْ , فَيَقْضِي بَيْنكُمْ بِالْعَدْلِ , فَيُجَازِي مُؤْمِنِيكُمْ جَزَاءَهُمْ , وَكُفَّاركُمْ مَا وَعَدَهُمْ.'; $TAFSEER['3']['29']['1'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الم } قَالَ أَبُو جَعْفَر : اِخْتَلَفَتْ تَرَاجِمَة الْقُرْآن فِي تَأْوِيل قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { الم } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 184 -حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { الم } قَالَ : اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن 185 - حَدَّثني الْمُثَنَّى بْن إِبْرَاهِيم الْآمُلِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَة مُوسَى بْن مَسْعُود قَالَ : حَدَّثَنَا شِبْل عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَالَ : { الم } اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن 186 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن الْحَسَن , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن دَاوُد , قَالَ : حَدَّثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج قَالَ : { الم } اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ فَوَاتِح يَفْتَح اللَّه بِهَا الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 187 - حَدَّثني هَارُون بْن إِدْرِيس الْأَصَمّ الْكُوفِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الْمُحَارِبِيّ , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { الم } فَوَاتِح يَفْتَح اللَّه بِهَا الْقُرْآن . حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم الْغِفَارِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَان , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { الم } فَوَاتِح . حَدَّثني الْمُثَنَّى بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن الْحَجَّاج , عَنْ يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { الم } و { حم } و { المص } و { ص } فَوَاتِح اِفْتَتَحَ اللَّه بِهَا . حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن الْحَسَن , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : حَدَّثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد مِثْل حَدِيث هَارُون بْن إِدْرِيس . وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ اِسْم لِلسُّورَةِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 188 - حَدَّثني يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَنْبَأَنَا عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : سَأَلْت عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم , عَنْ قَوْل اللَّه : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } و { الم تَنْزِيل } و { المر تِلْكَ } فَقَالَ : قَالَ أَبِي : إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاء السُّوَر. وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ اِسْم اللَّه الْأَعْظَم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 189 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَة , قَالَ : سَأَلْت السُّدِّيّ عَنْ { حم } و { طسم } و { الم } فَقَالَ قَالَ اِبْن عَبَّاس : هُوَ اِسْم اللَّه الْأَعْظَم . حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثني أَبُو النُّعْمَان , قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ , عَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه فَذَكَرَ نَحْوه. 190 - حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن الْحَجَّاج , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ الشَّعْبِيّ قَالَ : فَوَاتِح السُّوَر مِنْ أَسْمَاء اللَّه . وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ قَسَم أَقْسَمَ اللَّه بِهِ وَهِيَ مِنْ أَسْمَائِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 191 - حَدَّثني يَحْيَى بْن عُثْمَان بْن صَالِح السَّهْمِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : حَدَّثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : هُوَ قَسَم أَقْسَمَ اللَّه بِهِ وَهُوَ مِنْ أَسْمَاء اللَّه . 192 حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِد الْحَذَّاء عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : { الم } قَسَم . وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ حُرُوف مُقَطَّعَة مِنْ أَسْمَاء وَأَفْعَال , كُلّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ لِمَعْنًى غَيْر مَعْنَى الْحَرْف الْآخَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 193 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيع , وَحَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { الم } قَالَ : أَنَا اللَّه أَعْلَم . 194 - وَحَدَّثَنَا عَنْ أَبِي عُبَيْد قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَقْظَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ قَوْله : { الم } قَالَ : أَنَا اللَّه أَعْلَم . 195 -حَدَّثني مُوسَى بْن هَارُون الْهَمْدَانِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرو بْن حَمَّاد الْقَنَّاد , قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاط بْن نَصْر , عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ فِي خَبَر ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِك , وَعَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , عَنْ اِبْن مَسْعُود , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { الم } قَالَ : أَمَّا : { الم } فَهُوَ حَرْف اُشْتُقَّ مِنْ حُرُوف هِجَاء أَسْمَاء اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ . 196 حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَعْمَر , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّاس بْن زِيَاد الْبَاهِلِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { الم } و { حم } و { ن } قَالَ : اِسْم مُقَطَّع . وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حُرُوف هِجَاء مَوْضُوع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 197 - حَدَّثَنَا عَنْ مَنْصُور بْن أَبِي نُوَيْرَة , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْمُؤَدِّب , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : فَوَاتِح السُّوَر كُلّهَا { ق } و { ص } و { حم } و { طسم } و { الر } وَغَيْر ذَلِكَ هِجَاء مَوْضُوع . وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حُرُوف يَشْتَمِل كُلّ حَرْف مِنْهَا عَلَى مَعَانٍ شَتَّى مُخْتَلِفَة ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 198 - حَدَّثني الْمُثَنَّى بْن إِبْرَاهِيم الطَّبَرِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن الْحَجَّاج , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ قَالَ : حَدَّثني أَبِي , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { الم } قَالَ : هَذِهِ الْأَحْرُف مِنْ التِّسْعَة وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا , دَارَتْ فِيهَا الْأَلْسُن كُلّهَا , لَيْسَ مِنْهَا حَرْف إِلَّا وَهُوَ مِفْتَاح اِسْم مِنْ أَسْمَائِهِ , وَلَيْسَ مِنْهَا حَرْف إِلَّا وَهُوَ فِي آلَائِهِ وَبَلَائِهِ , وَلَيْسَ مِنْهَا حَرْف إِلَّا وَهُوَ مُدَّة قَوْم وَآجَالهمْ . وَقَالَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم : " وَعَجِيب يَنْطِقُونَ فِي أَسْمَائِهِ , وَيَعِيشُونَ فِي رِزْقه , فَكَيْفَ يَكْفُرُونَ " ؟ قَالَ : الْأَلِف : مِفْتَاح اِسْمه " اللَّه " , وَاللَّام : مِفْتَاح اِسْمه " لَطِيف " , وَالْمِيم : مِفْتَاح اِسْمه " مَجِيد " ; وَالْأَلِف : آلَاء اللَّه , وَاللَّام : لُطْفه , وَالْمِيم : مَجْده ; الْأَلِف : سَنَة , وَاللَّام ثَلَاثُونَ سَنَة , وَالْمِيم : أَرْبَعُونَ سَنَة. حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : حَدَّثَنَا حَكَّام عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بِنَحْوِهِ. وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حُرُوف مِنْ حِسَاب الْجُمَّل , كَرِهْنَا ذِكْر الَّذِي حُكِيَ ذَلِكَ عَنْهُ , إِذْ كَانَ الَّذِي رَوَاهُ مِمَّنْ لَا يُعْتَمَد عَلَى رِوَايَته وَنَقْله , وَقَدْ مَضَتْ الرِّوَايَة بِنَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْقَوْل عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس . وَقَالَ بَعْضهمْ : لِكُلِّ كِتَاب سِرّ , وَسِرّ الْقُرْآن فَوَاتِحه. وَأَمَّا أَهْل الْعَرَبِيَّة فَإِنَّهُمْ اِخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حُرُوف مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم اُسْتُغْنِيَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهَا فِي أَوَائِل السُّوَر عَنْ ذِكْر بِوَاقِيهَا الَّتِي هِيَ تَتِمَّة الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا , كَمَا اِسْتَغْنَى الْمُخْبِر عَمَّنْ أَخْبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ فِي حُرُوف الْمُعْجَم الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ بِذِكْرِ " أ ب ت ث " عَنْ ذِكْر بِوَاقِي حُرُوفهَا الَّتِي هِيَ تَتِمَّة الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ , قَالَ : وَلِذَلِكَ رُفِعَ { ذَلِكَ الْكِتَاب } لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : الْأَلِف وَاللَّام وَالْمِيم مِنْ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة { ذَلِكَ الْكِتَاب } الَّذِي أَنْزَلْته إِلَيْك مَجْمُوعًا { لَا رَيْب فِيهِ } . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنَّ " أ ب ت ث " قَدْ صَارَتْ كَالِاسْمِ فِي حُرُوف الْهِجَاء كَمَا صَارَتْ الْحَمْد اِسْمًا لِفَاتِحَةِ الْكِتَاب . قِيلَ لَهُ : لَمَّا كَانَ جَائِزًا أَنْ يَقُول الْقَائِل : اِبْنِي فِي " ط ظ " , وَكَانَ مَعْلُومًا بِقِيلِهِ ذَلِكَ لَوْ قَالَهُ أَنَّهُ يُرِيد الْخَبَر عَنْ اِبْنه أَنَّهُ فِي الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة , عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ " أ ب ت ث " لَيْسَ لَهَا بِاسْمٍ , وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ آثَر فِي الذِّكْر مِنْ سَائِرهَا. قَالَ : وَإِنَّمَا خُولِفَ بَيْن ذِكْر حُرُوف الْمُعْجَم فِي فَوَاتِح السُّوَر , فَذُكِرَتْ فِي أَوَائِلهَا مُخْتَلِفَة , وَذِكْرهَا إِذَا ذُكِرَتْ بِأَوَائِلِهَا الَّتِي هِيَ " أ ب ت ث " مُؤْتَلِفَة لِيُفْصَل بَيْن الْخَبَر عَنْهَا , إِذَا أُرِيدَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهَا مُخْتَلِفًا الدَّلَالَة عَلَى الْكَلَام الْمُتَّصِل , وَإِذَا أُرِيدَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهَا مُؤْتَلِفًا الدَّلَالَة عَلَى الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة بِأَعْيَانِهَا . وَاسْتَشْهَدُوا - الْإِجَازَة قَوْل الْقَائِل : اِبْنِي فِي " ط ظ " , وَمَا أَشْبَه ذَلِكَ مِنْ الْخَبَر عَنْهُ أَنَّهُ فِي حُرُوف الْمُعْجَم , وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ قِيله فِي الْبَيَان يَقُوم مَقَام قَوْله : " اِبْنِي فِي أ ب ت ث " بِرَجَزِ بَعْض الرُّجَّاز مِنْ بَنِي أَسَد : لَمَّا رَأَيْت أَمْرهَا فِي حُطِّي وَفَنَكَتْ فِي كَذِب وَلَطِّ أَخَذْت مِنْهَا بِقُرُونٍ شُمْطِ فَلَمْ يَزَلْ ضَرْبِي بِهَا وَمَعْطِي حَتَّى عَلَا الرَّأْس دَم يُغَطِّي فَزَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْخَبَر عَنْ الْمَرْأَة أَنَّهَا فِي " أبي جاد " , فَأَقَامَ قَوْله : " لَمَّا رَأَيْت أَمْرهَا فِي حُطِّي " مَقَام خَبَره عَنْهَا أَنَّهَا فِي " أبي جاد " , إِذْ كَانَ ذَاكَ مِنْ قَوْله يَدُلّ سَامِعه عَلَى مَا يَدُلّهُ عَلَيْهِ قَوْله : لَمَّا رَأَيْت أَمْرهَا فِي أبي جاد . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ اُبْتُدِئَتْ بِذَلِكَ أَوَائِل السُّوَر لِيَفْتَح لِاسْتِمَاعِهِ أَسْمَاع الْمُشْرِكِينَ , إِذْ تَوَاصَوْا بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْقُرْآن , حَتَّى إِذَا اِسْتَمَعُوا لَهُ تُلِيَ عَلَيْهِمْ الْمُؤَلَّف مِنْهُ. وَقَالَ بَعْضهمْ : الْحُرُوف الَّتِي هِيَ فَوَاتِح السُّوَر حُرُوف يَسْتَفْتِح اللَّه بِهَا كَلَامه . فَإِنْ قِيلَ : هَلْ يَكُون مِنْ الْقُرْآن مَا لَيْسَ لَهُ مَعْنًى ؟ فَإِنَّ مَعْنَى هَذَا أَنَّهُ اِفْتَتَحَ بِهَا لِيُعْلَم أَنَّ السُّورَة الَّتِي قَبْلهَا قَدْ اِنْقَضَتْ , وَأَنَّهُ قَدْ أُخِذَ فِي أُخْرَى , فَجُعِلَ هَذَا عَلَامَة اِنْقِطَاع مَا بَيْنهمَا , وَذَلِكَ فِي كَلَام الْعَرَب يُنْشِد الرَّجُل مِنْهُمْ الشِّعْر فَيَقُول : بَلْ وَبَلْدَة مَا الْإِنْس مِنْ آهَالهَا وَيَقُول : لَا بَلْ مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا و " بَلْ " لَيْسَتْ مِنْ الْبَيْت وَلَا تُعَدّ فِي وَزْنه , وَلَكِنْ يَقْطَع بِهَا كَلَامًا وَيَسْتَأْنِف الْآخَر . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَلِكُلِّ قَوْل مِنْ الْأَقْوَال الَّتِي قَالَهَا الَّذِينَ وَصَفْنَا قَوْلهمْ فِي ذَلِكَ وَجْه مَعْرُوف . فَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : { الم } اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن , فَلِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا أَنَّ : { الم } اِسْم لِلْقُرْآنِ كَمَا الْفُرْقَان اِسْم لَهُ . وَإِذَا كَانَ مَعْنَى قَائِل ذَلِكَ كَذَلِكَ , كَانَ تَأْوِيل قَوْله : { الم } ذَلِكَ الْكِتَاب عَلَى مَعْنَى الْقَسَم ; كَأَنَّهُ قَالَ : وَالْقُرْآن هَذَا الْكِتَاب لَا رَيْب فِيهِ . وَالْآخَر مِنْهُمَا أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا أَنَّهُ اِسْم مِنْ أَسْمَاء السُّورَة الَّتِي تُعْرَف بِهِ كَمَا تُعْرَف سَائِر الْأَشْيَاء بِأَسْمَائِهَا الَّتِي هِيَ لَهَا أَمَارَات تُعْرَف بِهَا , فَيَفْهَم السَّامِع مَنْ الْقَائِل يَقُول : قَرَأْت الْيَوْم { المص } و { ن } أَيْ السُّورَة الَّتِي قَرَأَهَا مِنْ سُوَر الْقُرْآن , كَمَا يُفْهَم عَنْهُ إِذَا قَالَ : لَقِيت الْيَوْم عَمْرًا وَزَيْدًا , وَهُمَا بِزَيْدٍ وَعُمَر وَعَارِفَانِ مَنْ الَّذِي لَقِيَ مِنْ النَّاس . وَإِنْ أَشْكَلَ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى اِمْرِئٍ فَقَالَ : وَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يَكُون ذَلِكَ كَذَلِكَ وَنَظَائِر الم المر فِي الْقُرْآن جَمَاعَة مِنْ السُّوَر ؟ وَإِنَّمَا تَكُون الْأَسْمَاء أَمَارَات , إِذَا كَانَتْ مُمَيَّزَة بَيْن الْأَشْخَاص , فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ غَيْر مُمَيَّزَة فَلَيْسَتْ أَمَارَات . قِيلَ : إِنَّ الْأَسْمَاء وَإِنْ كَانَتْ قَدْ صَارَتْ لِاشْتِرَاكِ كَثِير مِنْ النَّاس فِي الْوَاحِد مِنْهَا غَيْر مُمَيَّزَة إِلَّا بِمَعَانٍ أُخَر مَعَهَا مِنْ ضَمّ نِسْبَة الْمُسَمَّى بِهَا إِلَيْهَا أَوْ نَعْته أَوْ صِفَته بِمَا يُفَرَّق بَيْنه وَبَيْن غَيْره مِنْ أَشْكَالهَا , فَإِنَّهَا وُضِعَتْ اِبْتِدَاء لِلتَّمْيِيزِ لَا شَكّ ثُمَّ اُحْتِيجَ عِنْد الِاشْتِرَاك إِلَى الْمَعَانِي الْمُفَرَّقَة بَيْن الْمُسَمَّى بِهَا. فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي أَسْمَاء السُّوَر , جُعِلَ كُلّ اِسْم - فِي قَوْل قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة - أَمَارَة لِلْمُسَمَّى بِهِ مِنْ السُّوَر فَلَمَّا شَارَكَ الْمُسَمَّى بِهِ فِيهِ غَيْره مِنْ سُوَر الْقُرْآن اِحْتَاجَ الْمُخْبِر عَنْ سُورَة مِنْهَا أَنْ يَضُمّ إِلَى اِسْمهَا الْمُسَمَّى بِهِ مِنْ ذَلِكَ مَا يُفَرَّق بِهِ لِلسَّامِعِ بَيْن الْخَبَر عَنْهَا وَعَنْ غَيْرهَا مِنْ نَعْت وَصِفَة أَوْ غَيْر ذَلِكَ , فَيَقُول الْمُخْبِر عَنْ نَفْسه إِنَّهُ تَلَا سُورَة الْبَقَرَة إِذَا سَمَّاهَا بِاسْمِهَا الَّذِي هُوَ { الم } قَرَأْت { الم } الْبَقَرَة , وَفِي آل عِمْرَان : قَرَأْت { الم } آل عِمْرَان , و { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } و { الم اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ الْقَيُّوم }. كَمَا لَوْ أَرَادَ الْخَبَر عَنْ رَجُلَيْنِ اِسْم كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا عَمْرو , غَيْر أَنَّ أَحَدهمَا تَمِيمِيّ وَالْآخَر أَزْدِيّ , لَلَزِمَهُ أَنْ يَقُول لِمَنْ أَرَادَ إِخْبَاره عَنْهُمَا : لَقِيت عَمْرًا التَّمِيمِيّ وَعَمْرًا الْأَزْدِيّ , إِذْ كَانَ لَا فَرْق بَيْنهمَا وَبَيْن غَيْرهمَا مِمَّنْ يُشَارِكهُمَا فِي أَسْمَائِهِمَا إِلَّا بِنِسْبَتِهِمَا كَذَلِكَ , فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْل مَنْ تَأَوَّلَ فِي الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة أَنَّهَا أَسْمَاء لِلسُّوَرِ. وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : ذَلِكَ فَوَاتِح يَفْتَتِح اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهَا كَلَامه , فَإِنَّهُمْ وَجَّهُوا ذَلِكَ إِلَى نَحْو الْمَعْنَى الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَمَّنْ حَكَيْنَا عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّهُ قَالَ : ذَلِكَ أَدِلَّة عَلَى اِنْقِضَاء سُورَة وَابْتِدَاء فِي أُخْرَى وَعَلَامَة لِانْقِطَاعِ مَا بَيْنهمَا , كَمَا جُعِلَتْ " بَلْ " فِي اِبْتِدَاء قَصِيدَة دَلَالَة عَلَى اِبْتِدَاء فِيهَا وَانْقِضَاء أُخْرَى قَبْلهَا كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ الْعَرَب إِذَا أَرَادُوا الِابْتِدَاء فِي إِنْشَاد قَصِيد ة , قَالُوا : بَلْ مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا و " بَلْ " لَيْسَتْ مِنْ الْبَيْت وَلَا دَاخِلَة فِي وَزْنه , وَلَكِنْ لِيَدُلّ بِهِ عَلَى قَطْع كَلَام وَابْتِدَاء آخَر . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : ذَلِكَ حُرُوف مُقَطَّعَة بَعْضهَا مِنْ أَسْمَاء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , وَبَعْضهَا مِنْ صِفَاته , وَلِكُلِّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى غَيْر مَعْنَى الْحَرْف الْآخَر . فَإِنَّهُمْ نَحَوْا بِتَأْوِيلِهِمْ ذَلِكَ نَحْو قَوْل الشَّاعِر : قُلْنَا لَهَا قِفِي لَنَا قَالَتْ قَاف لَا تَحْسِبِي أَنَّا نَسِينَا الْإِيجَاف يَعْنِي بِقَوْلِهِ : قَالَتْ قَاف : قَالَتْ قَدْ وَقَفْت . فَدَلَّتْ بِإِظْهَارِ الْقَاف مِنْ وَوَقَفْت عَلَى مُرَادهَا مِنْ تَمَام الْكَلِمَة الَّتِي هِيَ " وَقَفْت " , فَصَرَفُوا قَوْله : { الم } وَمَا أَشَبَه ذَلِكَ إِلَى نَحْو هَذَا الْمَعْنَى , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْأَلِف أَلِف " أَنَا " , وَاللَّام لَام " اللَّه " , وَالْمِيم مِيم " أَعْلَم " , وَكُلّ حَرْف مِنْهَا دَالّ عَلَى كَلِمَة تَامَّة . قَالُوا : فَجُمْلَة هَذِهِ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة إِذَا ظَهَرَ مَعَ كُلّ حَرْف مِنْهُنَّ تَمَام حُرُوف الْكَلِمَة " أَنَا " اللَّه أَعْلَم ". قَالُوا : وَكَذَلِكَ سَائِر جَمِيع مَا فِي أَوَائِل سُوَر الْقُرْآن مِنْ ذَلِكَ , فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَبِهَذَا التَّأْوِيل . قَالُوا : وَمُسْتَفِيض ظَاهِر فِي كَلَام الْعَرَب أَنْ يُنْقِص الْمُتَكَلِّم مِنْهُمْ مِنْ الْكَلِمَة الْأَحْرُف إِذَا كَانَ فِيمَا بَقِيَ دَلَالَة عَلَى مَا حُذِفَ مِنْهَا , وَيَزِيد فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَة مُلَبِّسَة مَعْنَاهَا عَلَى سَامِعهَا كَحَذْفِهِمْ فِي النَّقْص فِي التَّرْخِيم مِنْ " حَارِث " " الثَّاء " فَيَقُولُونَ : يَا حَارِ , وَمِنْ " مَالِك " " الْكَاف " فَيَقُولُونَ : يَا مَالِ , وَأَمَّا أَشْبَهَ ذَلِكَ . وَكَقَوْلِ رَاجِزهمْ مَا لِلظَّلِيمِ عَالَ كَيْفَ لَا يَا يَنْقَدّ عَنْهُ جِلْده إِذَا يَا كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُول : إِذَا يَفْعَل كَذَا وَكَذَا , فَاكْتَفَى بِالْيَاءِ مِنْ وَيَفْعَل , وَكَمَا قَالَ آخَر مِنْهُمْ : بِالْخَيْرِ خَيْرَات وَإِنْ شَرًّا فَا يُرِيد فَشَرًّا . وَلَا أُرِيد الشَّرّ إِلَّا أَنْ تَا يُرِيد إِلَّا أَنْ تَشَاء . فَاكْتَفَى بِالتَّاءِ وَالْفَاء فِي الْكَلِمَتَيْنِ جَمِيعًا مِنْ سَائِر حُرُوفهمَا , وَمَا أَشَبَه ذَلِكَ مِنْ الشَّوَاهِد الَّتِي يَطُول الْكِتَاب بِاسْتِيعَابِهِ . وَكَمَا : 199 - حَدَّثني يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب وَابْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : لَمَّا مَاتَ يَزِيد بْن مُعَاوِيَة , قَالَ لِي عَبْدَة : إِنِّي لَا أُرَاهَا إِلَّا كَائِنَة فِتْنَة فَافْزَعْ مِنْ ضَيْعَتك وَالْحَقْ بِأَهْلِك ! قُلْت : فَمَا تَأْمُرنِي ؟ قَالَ : أَحَبّ إِلَيَّ لَك أَنْ تَا - قَالَ أَيُّوب وَابْن عَوْن بِيَدِهِ تَحْت خَدّه الْأَيْمَن يَصِف الِاضْطِجَاع - حَتَّى تَرَى أَمْرًا تَعْرِفهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي ب " تَا " تَضْطَجِع , فَاجْتَزَأَ بِالتَّاءِ مِنْ تَضْطَجِع. وَكَمَا قَالَ الْآخَر فِي الزِّيَادَة فِي الْكَلَام عَلَى النَّحْو الَّذِي وَصَفْت : أَقُول إِذْ خَرَّتْ عَلَى الْكَلْكَال يَا نَاقَتِي مَا جُلْت مِنْ مَجَال يُرِيد الْكَلْكَل . وَكَمَا قَالَ الْآخَر : إِنَّ شَكْلِي وَإِنَّ شَكْلك شَتَّى فَالْزَمِي الْخُصّ , وَاخْفِضِي تَبْيَضِضِّي فَزَادَ ضَادًا وَلَيْسَتْ فِي الْكَلِمَة. قَالُوا : فَكَذَلِكَ مَا نَقَصَ مِنْ تَمَام حُرُوف كُلّ كَلِمَة مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَات الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهَا تَتِمَّة حُرُوف { الم } وَنَظَائِرهَا , نَظِير مَا نَقَصَ مِنْ الْكَلَام الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْ الْعَرَب فِي أَشْعَارهَا وَكَلَامهَا . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : كُلّ حَرْف مِنْ { الم } وَنَظَائِرهَا دَالّ عَلَى مَعَانٍ شَتَّى نَحْو الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , فَإِنَّهُمْ وَجَّهُوا ذَلِكَ إِلَى مِثْل الَّذِي وَجَّهَهُ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ هُوَ بِتَأْوِيلِ : " أَنَا اللَّه أَعْلَم " فِي أَنَّ كُلّ حَرْف مِنْهُ بَعْض حُرُوف كَلِمَة تَامَّة اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَتِهِ عَلَى تَمَامه عَنْ ذِكْر تَمَامه , وَإِنْ كَانُوا لَهُ مُخَالِفِينَ فِي كُلّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ , أَهُوَ مِنْ الْكَلِمَة الَّتِي اِدَّعَى أَنَّهُ مِنْهَا قَائِلُو الْقَوْل الْأَوَّل أَمْ مِنْ غَيْرهَا ؟ فَقَالُوا : بَلْ الْأَلِف مِنْ { الم } مِنْ كَلِمَات شَتَّى هِيَ دَالَّة عَلَى مَعَانِي جَمِيع ذَلِكَ وَعَلَى تَمَامه . قَالُوا : وَإِنَّمَا أَفْرَدَ كُلّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ وَقَصَّرَ بِهِ عَنْ تَمَام حُرُوف الْكَلِمَة أَنَّ جَمِيع حُرُوف الْكَلِمَة لَوْ أُظْهِرَتْ لَمْ تَدُلّ الْكَلِمَة الَّتِي تَظْهَر بَعْض هَذِهِ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة بَعْض لَهَا , إِلَّا عَلَى مَعْنًى وَاحِد لَا عَلَى مَعْنَيَيْنِ وَأَكْثَر مِنْهُمَا . قَالُوا : وَإِذَا كَانَ لَا دَلَالَة فِي ذَلِكَ لَوْ أُظْهِرَ جَمِيعهَا إِلَّا عَلَى مَعْنَاهَا الَّذِي هُوَ مَعْنًى وَاحِد , وَكَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ أَرَادَ الدَّلَالَة بِكُلِّ حَرْف مِنْهَا عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة لِشَيْءٍ وَاحِد , لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يُفْرَد . الْحَرْف الدَّالّ عَلَى تِلْكَ الْمَعَانِي , لِيَعْلَم الْمُخَاطَبُونَ بِهِ أَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَقْصِد قَصْد مَعْنًى وَاحِد وَدَلَالَة عَلَى شَيْء وَاحِد بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ , وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ الدَّلَالَة [ بِهِ ] عَلَى أَشْيَاء كَثِيرَة . قَالُوا : فَالْأَلِف مِنْ { الم } مُقْتَضِيَة مَعَانِي كَثِيرَة , مِنْهَا : إِتْمَام اِسْم الرَّبّ الَّذِي هُوَ اللَّه , وَتَمَام اِسْم نَعْمَاء اللَّه الَّتِي هِيَ آلَاء اللَّه , وَالدَّلَالَة عَلَى أَجَل قَوْم أَنَّهُ سَنَة , إِذَا كَانَتْ الْأَلِف فِي حِسَاب الْجُمَّل وَاحِدًا . وَاللَّام مُقْتَضِيَة تَمَام اِسْم اللَّه الَّذِي هُوَ لَطِيف , وَتَمَام اِسْم فَضْله الَّذِي هُوَ لُطْف , وَالدَّلَالَة عَلَى أَجَل قَوْم أَنَّهُ ثَلَاثُونَ سَنَة . وَالْمِيم مُقْتَضِيَة تَمَام اِسْم اللَّه الَّذِي هُوَ مَجِيد , وَتَمَام اِسْم عَظَمَته الَّتِي هِيَ مَجْد , وَالدَّلَالَة عَلَى أَجَل قَوْم أَنَّهُ أَرْبَعُونَ سَنَة . فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَام فِي تَأْوِيل قَائِل الْقَوْل الْأَوَّل : أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ اِفْتَتَحَ كَلَامه بِوَصْفِ نَفْسه بِأَنَّهُ الْعَالِم الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء , وَجَعَلَ ذَلِكَ لِعِبَادِهِ مَنْهَجًا يَسْلُكُونَهُ فِي مُفْتَتَح خُطَبهمْ وَرَسَائِلهمْ وَمُهِمّ أُمُورهمْ , وَابْتِلَاء مِنْهُ لَهُمْ لِيَسْتَوْجِبُوا بِهِ عَظِيم الثَّوَاب فِي دَار الْجَزَاء , كَمَا اِفْتَتَحَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ , و { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض } 6 1 وَمَا أَشَبَه ذَلِكَ مِنْ السُّوَر الَّتِي جَعَلَ مَفَاتِحهَا الْحَمْد لِنَفْسِهِ . وَكَمَا جَعَلَ مَفَاتِح بَعْضهَا تَعْظِيم نَفْسه وَإِجْلَالهَا بِالتَّسْبِيحِ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { سُبْحَان الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا } 17 1 وَمَا أَشَبَه ذَلِكَ مِنْ سَائِر سُوَر الْقُرْآن الَّتِي جَعَلَ مَفَاتِح بَعْضهَا تَحْمِيد نَفْسه , وَمَفَاتِح بَعْضهَا تَمْجِيدهَا , وَمَفَاتِح بَعْضهَا تَعْظِيمهَا وَتَنْزِيههَا . فَكَذَلِكَ جَعَلَ مَفَاتِح السُّوَر الْأُخْرَى الَّتِي أَوَائِلهَا بَعْض حُرُوف الْمُعْجَم مَدَائِح نَفْسه أَحْيَانًا بِالْعِلْمِ , وَأَحْيَانًا بِالْعَدْلِ وَالْإِنْصَاف , وَأَحْيَانًا بِالْإِفْضَالِ وَالْإِحْسَان بِإِيجَازٍ وَاخْتِصَار , ثُمَّ اِقْتِصَاص الْأُمُور بَعْد ذَلِكَ . وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل يَجِب أَنْ يَكُون الْأَلِف وَاللَّام وَالْمِيم فِي أَمَاكِن الرَّفْع مَرْفُوعًا بَعْضهَا بِبَعْضٍ دُون قَوْله : { ذَلِكَ الْكِتَاب } وَيَكُون ذَلِكَ الْكِتَاب خَبَر مُبْتَدَأ مُنْقَطِعًا عَنْ مَعْنَى { الم } , وَكَذَلِكَ " ذَلِكَ " فِي تَأْوِيل قَوْل قَائِل هَذَا الْقَوْل الثَّانِي مَرْفُوع بَعْضه بِبَعْضٍ , وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا مَعْنَاهُ مَعْنَى قَوْل قَائِل الْقَوْل الْأَوَّل . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : هُنَّ حُرُوف مِنْ حُرُوف حِسَاب الْجُمَّل دُون مَا خَالَفَ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي , فَإِنَّهُمْ قَالُوا : لَا نَعْرِف لِلْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَة مَعْنًى يُفْهَم سِوَى حِسَاب الْجُمَّل وَسِوَى تَهَجِّي قَوْل الْقَائِل : { الم } . وَقَالُوا : غَيْر جَائِز أَنْ يُخَاطِب اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَاده إِلَّا بِمَا يَفْهَمُونَهُ وَيَعْقِلُونَهُ عَنْهُ . فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ - وَكَانَ قَوْله : { الم } لَا يُعْقَل لَهَا وَجْه تُوَجَّه إِلَيْهِ إِلَّا أَحَد الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا , فَبَطَلَ أَحَد وَجْهَيْهِ , وَهُوَ أَنْ يَكُون مُرَادًا بِهَا تَهَجِّي . { الم } - صَحَّ وَثَبَتَ أَنَّهُ مُرَاد بِهِ الْوَجْه الثَّانِي وَهُوَ حِسَاب الْجُمَّل ; لِأَنَّ قَوْل الْقَائِل : { الم } لَا يَجُوز أَنْ يَلِيَهُ مِنْ الْكَلَام ذَلِكَ الْكِتَاب لِاسْتِحَالَةِ مَعْنَى الْكَلَام وَخُرُوجه عَنْ الْمَعْقُول إِذَا وَلِيَ { الم } ذَلِكَ الْكِتَاب . وَاحْتَجُّوا لِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا : 200 -حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّد بْن حُمَيْد الرَّازِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَة بْن الْفَضْل . قَالَ : حَدَّثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : حَدَّثني الْكَلْبِيّ , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه بْن رِئَاب , قَالَ : مَرَّ أَبُو يَاسِر بْن أَخْطَب بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يَتْلُو فَاتِحَة سُورَة الْبَقَرَة : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب لَا رَيْب فِيهِ } فَأَتَى أَخَاهُ حُيَيّ بْن أَخْطَب فِي رِجَال مِنْ يَهُود فَقَالَ : تَعْلَمُونَ وَاَللَّه لَقَدْ سَمِعْت مُحَمَّدًا يَتْلُو فِيمَا أَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } فَقَالُوا : أَنْتَ سَمِعْته ؟ قَالَ : نَعَمْ فَمَشَى حُيَيّ بْن أَخْطَب فِي أُولَئِكَ النَّفَر مِنْ يَهُود إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : يَا مُحَمَّد أَلَمْ يُذْكَر لَنَا أَنَّك تَتْلُو فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْك : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ : " بَلَى " فَقَالُوا : أَجَاءَك بِهَذَا جِبْرِيل مِنْ عِنْد اللَّه ؟ قَالَ : " نَعَمْ " ! قَالُوا : لَقَدْ بَعَثَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَبْلك أَنْبِيَاء مَا نَعْلَمهُ بَيْن لِنَبِيٍّ مِنْهُمْ مَا مُدَّة مُلْكه وَمَا أَجَل أُمَّته غَيْرك ! فَقَالَ حُيَيّ بْن أَخْطَب : وَأَقْبَلَ عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ , فَقَالَ لَهُمْ : الْأَلِف وَاحِدَة , وَاللَّام ثَلَاثُونَ , وَالْمِيم أَرْبَعُونَ , فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَة , قَالَ : فَقَالَ لَهُمْ : أَتَدْخُلُونَ فِي دِين نَبِيّ إِنَّمَا مُدَّة مُلْكه وَأَجَل أُمَّته إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَة ؟ قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّد هَلْ مَعَ هَذَا غَيْره ؟ قَالَ : " نَعَمْ " ! قَالَ : مَاذَا ؟ قَالَ : " المص " قَالَ : هَذِهِ أَثْقَل وَأَطْوَل : الْأَلِف وَاحِدَة , وَاللَّام ثَلَاثُونَ , وَالْمِيم أَرْبَعُونَ , وَالصَّاد تِسْعُونَ. فَهَذِهِ مِائَة وَإِحْدَى وَسِتُّونَ سَنَة ; هَلْ مَعَ هَذَا يَا مُحَمَّد غَيْره ؟ قَالَ : " نَعَمْ " ! قَالَ : مَاذَا ؟ قَالَ : " الر " قَالَ : هَذِهِ أَثْقَل وَأَطْوَل الْأَلِف وَاحِدَة , وَاللَّام ثَلَاثُونَ , وَالرَّاء مِائَتَانِ , فَهَذِهِ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَتَا سَنَة ; فَقَالَ : هَلْ مَعَ هَذَا غَيْره يَا مُحَمَّد ؟ قَالَ : " نَعَمْ المر " , قَالَ : فَهَذِهِ أَثْقَل وَأَطْوَل : الْأَلِف وَاحِدَة وَاللَّام ثَلَاثُونَ , وَالْمِيم أَرْبَعُونَ , وَالرَّاء مِائَتَانِ , فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ وَمِائَتَا سَنَة . ثُمَّ قَالَ : لَقَدْ لُبِّسَ عَلَيْنَا أَمْرك يَا مُحَمَّد , حَتَّى مَا نَدْرِي أَقَلِيلًا أُعْطِيت أَمْ كَثِيرًا ! ثُمَّ قَامُوا عَنْهُ , فَقَالَ أَبُو يَاسِر لِأَخِيهِ حُيَيّ بْن أَخْطَب وَلِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْأَحْبَار : مَا يُدْرِيكُمْ لَعَلَّهُ قَدْ جُمِعَ هَذَا كُلّه لِمُحَمَّدٍ : إِحْدَى وَسَبْعُونَ , وَإِحْدَى وَسِتُّونَ وَمِائَة , وَمِائَتَانِ وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ , وَمِائَتَانِ وَإِحْدَى وَسَبْعُونَ , فَذَلِكَ سَبْعمِائَةِ سَنَة وَأَرْبَع وَثَلَاثُونَ , فَقَالُوا : لَقَدْ تَشَابَهَ عَلَيْنَا أَمْره . وَيَزْعُمُونَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْآيَات نَزَلَتْ فِيهِمْ : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب وَأُخَر مُتَشَابِهَات } . 3 7 فَقَالُوا : قَدْ صَرَّحَ هَذَا الْخَبَر بِصِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّأْوِيل وَفَسَاد مَا قَالَهُ مُخَالِفُونَا فِيهِ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل عِنْدِي فِي تَأْوِيل مَفَاتِح السُّوَر الَّتِي هِيَ حُرُوف الْمُعْجَم : أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَهَا حُرُوفًا مُقَطَّعَة وَلَمْ يَصِل بَعْضهَا بِبَعْضٍ فَيَجْعَلهَا كَسَائِرِ الْكَلَام الْمُتَّصِل الْحُرُوف ; لِأَنَّهُ عَزَّ ذِكْره أَرَادَ بِلَفْظِهِ الدَّلَالَة بِكُلِّ حَرْف مِنْهُ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة لَا عَلَى مَعْنًى وَاحِد , كَمَا قَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس , وَإِنْ كَانَ الرَّبِيع قَدْ اِقْتَصَرَ بِهِ عَلَى مَعَانٍ ثَلَاثَة دُون مَا زَادَ عَلَيْهَا . وَالصَّوَاب فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ كُلّ حَرْف مِنْهُ يَحْوِي مَا قَالَهُ الرَّبِيع وَمَا قَالَهُ سَائِر الْمُفَسِّرِينَ غَيْره فِيهِ , سِوَى مَا ذَكَرْت مِنْ الْقَوْل عَمَّنْ ذَكَرْت عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّهُ كَانَ يُوَجِّه تَأْوِيل ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ حُرُوف هِجَاء اُسْتُغْنِيَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهُ فِي مَفَاتِح السُّوَر عَنْ ذِكْر تَتِمَّة الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم بِتَأْوِيلِ : إِنَّ هَذِهِ الْحُرُوف , ذَلِكَ الْكِتَاب , مَجْمُوعَة لَا رَيْب فِيهِ , فَإِنَّهُ قَوْل خَطَأ فَاسِد لِخُرُوجِهِ عَنْ أَقْوَال جَمِيع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ , وَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ الْخَالِفِينَ مِنْ أَهْل التَّفْسِير وَالتَّأْوِيل , فَكَفَى دَلَالَة عَلَى خَطَئِهِ شَهَادَة الْحُجَّة شَهَادَة الْحُجَّة عَلَيْهِ بِالْخَطَإ مَعَ إِبْطَال قَائِل ذَلِكَ قَوْله الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْهُ , إِذْ صَارَ إِلَى الْبَيَان عَنْ رَفْع ذَلِكَ الْكِتَاب بِقَوْلِهِ مَرَّة إِنَّهُ مَرْفُوع كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ وَمَرَّة أُخْرَى أَنَّهُ مَرْفُوع بِالرَّاجِعِ مِنْ ذِكْره فِي قَوْله : { لَا رَيْب فِيهِ } وَمَرَّة بِقَوْلِهِ : { هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } وَذَلِكَ تُرِكَ مِنْهُ لِقَوْلِهِ إِنَّ { الم } رَافِعَة { ذَلِكَ الْكِتَاب } وَخُرُوج مِنْ الْقَوْل الَّذِي اِدَّعَاهُ فِي تَأْوِيل { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } وَأَنَّ تَأْوِيل ذَلِكَ : هَذِهِ الْحُرُوف ذَلِكَ الْكِتَاب . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يَكُون حَرْف وَاحِد شَامِلًا الدَّلَالَة عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة مُخْتَلِفَة ؟ قِيلَ : كَمَا جَازَ أَنْ تَكُون كَلِمَة وَاحِدَة تَشْتَمِل عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة مُخْتَلِفَة كَقَوْلِهِمْ لِلْجَمَاعَةِ مِنْ النَّاس : أُمَّة , وَلِلْحِينِ مِنْ الزَّمَان : أُمَّة , وَلِلرَّجُلِ الْمُتَعَبِّد الْمُطِيع لِلَّهِ : أُمَّة , وَلِلدِّينِ وَالْمِلَّة : أُمَّة . وَكَقَوْلِهِمْ لِلْجَزَاءِ وَالْقِصَاص : دِين , وَلِلسُّلْطَانِ وَالطَّاعَة : دِين , وَلِلتَّذَلُّلِ : دِين , وَلِلْحِسَابِ : دِين ; فِي أَشْبَاه لِذَلِكَ كَثِيرَة يَطُول الْكِتَاب بِإِحْصَائِهَا مِمَّا يَكُون مِنْ الْكَلَام بِلَفْظٍ وَاحِد , وَهُوَ مُشْتَمِل عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة . وَكَذَلِكَ قَوْل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : " الم وَالمر " و " المص " وَمَا أَشْبَه ذَلِكَ مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم الَّتِي هِيَ فَوَاتِح أَوَائِل السُّوَر , كُلّ حَرْف مِنْهَا دَالّ عَلَى مَعَانٍ شَتَّى , شَامِل جَمِيعهَا مِنْ أَسْمَاء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَصِفَاته مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ مِنْ الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْهُمْ ; وَهُنَّ مَعَ ذَلِكَ فَوَاتِح السُّوَر كَمَا قَالَهُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ . وَلَيْسَ كَوْن ذَلِكَ مِنْ حُرُوف أَسْمَاء اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَصِفَاته بِمَانِعِهَا أَنْ تَكُون لِلسُّوَرِ فَوَاتِح ; لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ اِفْتَتَحَ كَثِيرًا مِنْ سُوَر الْقُرْآن بِالْحَمْدِ لِنَفْسِهِ وَالثَّنَاء عَلَيْهَا , وَكَثِيرًا مِنْهَا بِتَمْجِيدِهَا وَتَعْظِيمهَا , فَغَيْر مُسْتَحِيل أَنْ يَبْتَدِئ بَعْض ذَلِكَ بِالْقَسَمِ بِهَا . فَاَلَّتِي اُبْتُدِئَ أَوَائِلهَا بِحُرُوفِ الْمُعْجَم أَحَد مَعَانِي أَوَائِلهَا أَنَّهُنَّ فَوَاتِح مَا اِفْتَتَحَ بِهِنَّ مِنْ سُوَر الْقُرْآن , وَهُنَّ مِمَّا أَقْسَمَ بِهِنَّ ; لِأَنَّ أَحَد مَعَانِيهنَّ أَنَّهُنَّ مِنْ حُرُوف أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى ذِكْره وَصِفَاته عَلَى مَا قَدَّمْنَا الْبَيَان عَنْهَا , وَلَا شَكّ فِي صِحَّة مَعْنَى الْقَسَم بِاَللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاته , وَهُنَّ مِنْ حُرُوف حِسَاب الْجُمَّل , وَهُنَّ لِلسُّوَرِ الَّتِي اُفْتُتِحَتْ بِهِنَّ شِعَار وَأَسْمَاء . فَذَلِكَ يَحْوِي مَعَانِيَ جَمِيع مَا وَصَفْنَا مِمَّا بَيَّنَّا مِنْ وُجُوهه , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ الدَّلَالَة عَلَى مَعْنًى وَاحِد مِمَّا يَحْتَمِلهُ ذَلِكَ دُون سَائِر الْمَعَانِي غَيْره , لَأَبَانَ ذَلِكَ لَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِبَانَة غَيْر مُشْكِلَة , إِذْ كَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا أَنْزَلَ كِتَابه عَلَى رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُبَيِّن لَهُمْ مَا اِخْتَلَفُوا فِيهِ . وَفِي تَرْكه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِبَانَة ذَلِكَ أَنَّهُ مُرَاد بِهِ مِنْ وُجُوه تَأْوِيله الْبَعْض دُون الْبَعْض أَوْضَح الدَّلِيل عَلَى أَنَّهُ مُرَاد بِهِ جَمِيع وُجُوهه الَّتِي هُوَ لَهَا مُحْتَمِل , إِذْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِيلًا فِي الْعَقْل وَجْه مِنْهَا أَنْ يَكُون مِنْ تَأْوِيله وَمَعْنَاهُ كَمَا كَانَ غَيْر مُسْتَحِيل اِجْتِمَاع الْمَعَانِي الْكَثِيرَة لِلْكَلِمَةِ الْوَاحِدَة بِاللَّفْظِ الْوَاحِد فِي كَلَام وَاحِد . وَمَنْ أَبَى مَا قُلْنَاهُ فِي ذَلِكَ سُئِلَ الْفَرْق بَيْن ذَلِكَ وَبَيْن سَائِر الْحُرُوف الَّتِي تَأْتِي بِلَفْظٍ وَاحِد مَعَ اِشْتِمَالهَا عَلَى الْمَعَانِي الْكَثِيرَة الْمُخْتَلِفَة كَالْأُمَّةِ وَالدِّين وَمَا أَشْبه ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال . فَلَنْ يَقُول فِي أَحَد ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْأُخَر مِثْله . وَكَذَلِكَ يُسْأَل كُلّ مَنْ تَأَوَّلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْه دُون الْأَوْجُه الْأُخَر الَّتِي وَصَفْنَا عَنْ الْبُرْهَان عَلَى دَعْوَاهُ مِنْ الْوَجْه الَّذِي يُحِبّ التَّسْلِيم لَهُ ثُمَّ يُعَارَض بِقَوْلِهِ يُخَالِفهُ فِي ذَلِكَ , وَيُسْأَل الْفَرْق بَيْنه وَبَيْنه : مِنْ أَصْل , أَوْ مِمَّا يَدُلّ عَلَيْهِ أَصْل , فَلَنْ يَقُول فِي أَحَدهمَا قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْأُخَر مِثْله . وَأَمَّا الَّذِي زَعَمَ مِنْ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ ذَلِكَ نَظِير " بَلْ " فِي قَوْل الْمُنْشِد شِعْرًا : بَلْ مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا وَأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ , وَإِنَّمَا هُوَ زِيَادَة فِي الْكَلَام مَعْنَاهُ الطَّرْح ; فَإِنَّهُ أَخْطَأَ مِنْ وُجُوه شَتَّى : أَحَدهَا : أَنَّهُ وَصَفَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِأَنَّهُ خَاطَبَ الْعَرَب بِغَيْرِ مَا هُوَ مِنْ لُغَتهَا وَغَيْر مَا هُوَ فِي لُغَة أَحَد مِنْ الْآدَمِيِّينَ , إِذْ كَانَتْ الْعَرَب وَإِنْ كَانَتْ قَدْ كَانَتْ تَفْتَتِح أَوَائِل إِنْشَادهَا مَا أَنْشَدَتْ مِنْ الشِّعْر ب " بَلْ " , فَإِنَّهُ مَعْلُوم مِنْهَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَبْتَدِئ شَيْئًا مِنْ الْكَلَام ب " الم " و " الر " و " المص " بِمَعْنَى اِبْتِدَائِهَا ذَلِكَ ب " بَلْ " . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ اِبْتِدَائِهَا , وَكَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا خَاطَبَهُمْ بِمَا خَاطَبَهُمْ مِنْ الْقُرْآن بِمَا يَعْرِفُونَ مِنْ لُغَاتهمْ وَيَسْتَعْمِلُونَ بَيْنهمْ مِنْ مَنْطِقهمْ فِي جَمِيع آيِهِ , فَلَا شَكّ أَنَّ سَبِيل مَا وَصَفْنَا مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم الَّتِي اُفْتُتِحَتْ بِهَا أَوَائِل السُّوَر الَّتِي هُنَّ لَهَا فَوَاتِح سَبِيل سَائِر الْقُرْآن فِي أَنَّهُ لَمْ يُعْدَل بِهَا عَنْ لُغَاتهمْ الَّتِي كَانُوا بِهَا عَارِفِينَ وَلَهَا بَيْنهمْ فِي مَنْطِقهمْ مُسْتَعْمِلِينَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعْدُولًا بِهِ عَنْ سَبِيل لُغَاتهمْ وَمَنْطِقهمْ كَانَ خَارِجًا عَنْ مَعْنَى الْإِبَانَة الَّتِي وَصَفَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهَا الْقُرْآن , فَقَالَ تَعَالَى ذِكْره : { نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين عَلَى قَلْبك لِتَكُونَ مِنْ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيّ مُبِين }. 26 193 : 195 وَأَنَّى يَكُون مُبِينًا مَا لَا يَعْقِلهُ وَلَا يَفْقَههُ أَحَد مِنْ الْعَالَمِينَ فِي قَوْل قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة , وَلَا يُعْرَف فِي مَنْطِق أَحَد مِنْ الْمَخْلُوقِينَ فِي قَوْله ؟ وَفِي إِخْبَار اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَرَبِيّ مُبِين مَا يُكَذِّب هَذِهِ الْمَقَالَة , وَيُنْبِئ عَنْهُ أَنَّ الْعَرَب كَانُوا بِهِ عَالِمِينَ وَهُوَ لَهَا مُسْتَبِين . فَذَلِكَ أَحَد أَوْجُه خَطَئِهِ . وَالْوَجْه الثَّانِي مِنْ خَطَئِهِ فِي ذَلِكَ : إِضَافَته إِلَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ خَاطَبَ عِبَاده بِمَا لَا فَائِدَة لَهُمْ فِيهِ وَلَا مَعْنًى لَهُ مِنْ الْكَلَام الَّذِي سَوَاء الْخِطَاب بِهِ وَتَرْك الْخِطَاب بِهِ , وَذَلِكَ إِضَافَة الْعَبَث الَّذِي هُوَ مَنْفِيّ فِي قَوْل جَمِيع الْمُوَحِّدِينَ عَنْ اللَّه , إِلَى اللَّه تَعَالَى ذِكْره . وَالْوَجْه الثَّالِث مِنْ خَطَئِهِ : أَنَّ " بَلْ " فِي كَلَام الْعَرَب مَفْهُوم تَأْوِيلهَا وَمَعْنَاهَا , وَأَنَّهَا تَدْخُلهَا فِي كَلَامهَا رُجُوعًا عَنْ كَلَام لَهَا قَدْ تَقَضَّى كَقَوْلِهِمْ : مَا جَاءَنِي أَخُوك بَلْ أَبُوك ; وَمَا رَأَيْت عَمْرًا بَلْ عَبْد اللَّه , وَمَا أَشْبه ذَلِكَ مِنْ الْكَلَام , كَمَا قَالَ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَة : وَلَأَشْرَبَن ثَمَانِيًا وَثَمَانِيًا وَثَلَاث عَشْرَة وَاثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعَا وَمَضَى فِي كَلِمَته حَتَّى بَلَغَ قَوْله : بِالْجُلَّسَانِ وَطَيِّب أَرْدَانُهُ بِالْوَنِّ يَضْرِب لِي يَكُرّ الْأُصْبُعَا ثُمَّ قَالَ : بَلْ عُدَّ هَذَا فِي قَرِيض غَيْره وَاذْكُرْ فَتًى سَمْح الْخَلِيقَة أَرْوَعَا فَكَأَنَّهُ قَالَ : دَعْ هَذَا وَخُذْ فِي قَرِيض غَيْره . ف " بَلْ " إِنَّمَا يَأْتِي فِي كَلَام الْعَرَب عَلَى هَذَا النَّحْو مِنْ الْكَلَام . فَأَمَّا إِفْسَاحًا لِكَلَامِهَا مُبْتَدَأ بِمَعْنَى التَّطْوِيل وَالْحَذْف مِنْ غَيْر أَنْ يَدُلّ عَلَى مَعْنًى , فَذَلِكَ مِمَّا لَا نَعْلَم أَحَدًا اِدَّعَاهُ مِنْ أَهْل الْمَعْرِفَة بِلِسَانِ الْعَرَب وَمَنْطِقهَا , سِوَى الَّذِي ذَكَرْت قَوْله , فَيَكُون ذَلِكَ أَصْلًا يُشْبِه بِهِ حُرُوف الْمُعْجَم الَّتِي هِيَ فَوَاتِح سُوَر الْقُرْآن الَّتِي اُفْتُتِحَتْ بِهَا لَوْ كَانَ لَهُ مُشْبِهَة , فَكَيْفَ وَهِيَ مِنْ الشَّبَه بِهِ بَعِيدَة ؟'; $TAFSEER['3']['29']['2'] = 'وَأَمَّا قَوْله : { أَحَسِبَ النَّاس أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : أَظَنَّ الَّذِينَ خَرَجُوا يَا مُحَمَّد مِنْ أَصْحَابك مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ إِيَّاهُمْ , أَنْ نَتْرُكهُمْ بِغَيْرِ اِخْتِبَار , وَلَا اِبْتِلَاء اِمْتِحَان , بِأَنْ قَالُوا : آمَنَّا بِك يَا مُحَمَّد , فَصَدَّقْنَاك فِيمَا جِئْتنَا بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , كَلَّا لَنَخْتَبِرهُمْ , لِيَتَبَيَّن الصَّادِق مِنْهُمْ مِنْ الْكَاذِب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21078 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه { آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ } قَالَ : يُبْتَلَوْنَ فِي أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ. * حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 21079 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ } أَيْ لَا يُبْتَلَوْنَ . * حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُؤَمَّل , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي هَاشِم , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ } قَالَ : لَا يُبْتَلَوْنَ . فَإِنَّ الْأُولَى مَنْصُوبَة بِحَسِبَ , وَالثَّانِيَة مَنْصُوبَة فِي قَوْل بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة , بِتَعَلُّقِ يُتْرَكُوا بِهَا , وَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام عَلَى قَوْله { أَحَسِبَ النَّاس أَنْ يُتْرَكُوا } لِأَنْ يَقُولُوا آمَنَّا ; فَلَمَّا حُذِفَتْ اللَّام الْخَافِضَة مِنْ لِأَنْ , نَصَبَتْ عَلَى مَا ذَكَرْت . وَأَمَّا عَلَى قَوْل غَيْره فَهِيَ فِي مَوْضِع خَفْض بِإِضْمَارِ الْخَافِض , وَلَا تَكَاد الْعَرَب تَقُول : تَرَكْت فُلَانًا أَنْ يَذْهَب , فَتَدْخُل أَنْ فِي الْكَلَام , وَإِنَّمَا تَقُول : تَرَكْته يَذْهَب , وَإِنَّمَا أُدْخِلَتْ أَنْ هَاهُنَا لِاكْتِفَاءِ الْكَلَام بِقَوْلِهِ { أَنْ يُتْرَكُوا } إِذْ كَانَ مَعْنَاهُ : أَحَسِبَ النَّاس أَنْ يُتْرَكُوا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ , مِنْ أَجْل أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا , فَكَانَ قَوْله : { أَنْ يُتْرَكُوا } مُكْتَفِيَة بِوُقُوعِهَا عَلَى النَّاس , دُون أَخْبَارهمْ . وَإِنْ جُعِلَتْ " أَنْ " فِي قَوْله { أَنْ يَقُولُوا } مَنْصُوبَة بِنِيَّةِ تَكْرِير أَحَسِبَ , كَانَ جَائِزًا , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام : أَحَسِبَ النَّاس أَنْ يُتْرَكُوا : أَحَسِبُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ .'; $TAFSEER['3']['29']['3'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ فَلَيَعْلَمَن اللَّه الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَن الْكَاذِبِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ اِخْتَبَرْنَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ مِنْ الْأُمَم , مِمَّنْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلنَا , فَقَالُوا مِثْل مَا قَالَتْهُ أُمَّتك يَا مُحَمَّد بِأَعْدَائِهِمْ , وَتَمْكِيننَا إِيَّاهُمْ مِنْ أَذَاهُمْ , كَمُوسَى إِذَا أَرْسَلْنَاهُ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيل , فَابْتَلَيْنَاهُمْ بِفِرْعَوْن وَمَلَئِهِمْ , وَكَعِيسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيل , فَابْتَلَيْنَا مَنْ اِتَّبَعَهُ بِمَنْ تَوَلَّى عَنْهُ , فَكَذَلِكَ اِبْتَلَيْنَا أَتْبَاعك بِمُخَالِفِيك مِنْ أَعْدَائِك { فَلَيَعْلَمَن اللَّه الَّذِينَ صَدَقُوا } مِنْهُمْ فِي قِيلهمْ آمَنَّا { وَلَيَعْلَمَن الْكَاذِبِينَ } مِنْهُمْ فِي قِيلهمْ ذَلِكَ , وَاَللَّه عَالِم بِذَلِكَ مِنْهُمْ قَبْل الِاخْتِبَار , وَفِي حَال الِاخْتِبَار , وَبَعْد الِاخْتِبَار , وَلَكِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَيَظْهَرَن اللَّه صِدْق الصَّادِق مِنْهُمْ فِي قِيله آمَنَّا بِاَللَّهِ مِنْ كَذِب الْكَاذِب مِنْهُمْ بِابْتِلَائِهِ إِيَّاهُ بِعَدُوِّهِ , لِيَعْلَم صِدْقه مِنْ كَذِبه أَوْلِيَاؤُهُ , عَلَى نَحْو مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا مَضَى قَبْل . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي قَوْم مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَذَّبَهُمْ الْمُشْرِكُونَ , فَفَتَنَ بَعْضهمْ , وَصَبَرَ بَعْضهمْ عَلَى أَذَاهُمْ حَتَّى أَتَاهُمْ اللَّه بِفَرَجٍ مِنْ عِنْده . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 21080 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد بْن عُمَيْر يَقُول : نَزَلَتْ , يَعْنِي هَذِهِ الْآيَة { الم . أَحَسِبَ النَّاس أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا } إِلَى قَوْله { وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ } فِي عَمَّار بْن يَاسِر , إِذْ كَانَ يُعَذَّب فِي اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَ ذَلِكَ مِنْ أَجْل قَوْم كَانُوا قَدْ أَظْهَرُوا الْإِسْلَام بِمَكَّة , وَتَخَلَّفُوا عَنْ الْهِجْرَة , وَالْفِتْنَة الَّتِي فُتِنَ بِهَا هَؤُلَاءِ الْقَوْم عَلَى مَقَالَة هَؤُلَاءِ , هِيَ الْهِجْرَة الَّتِي اُمْتُحِنُوا بِهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21081 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ مَطَر , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : إِنَّهَا نَزَلَتْ , يَعْنِي { الم . أَحَسِبَ النَّاس أَنْ يُتْرَكُوا } الْآيَتَيْنِ فِي أُنَاس كَانُوا بِمَكَّة أَقَرُّوا بِالْإِسْلَامِ , فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ أَصْحَاب مُحَمَّد نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَة : إِنَّهُ لَا يَقْبَل مِنْكُمْ إِقْرَارًا بِالْإِسْلَامِ حَتَّى تُهَاجِرُوا , فَخَرَجُوا عَامِدِينَ إِلَى الْمَدِينَة , فَاتَّبَعَهُمْ الْمُشْرِكُونَ , فَرَدُّوهُمْ , فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَة , فَكَتَبُوا إِلَيْهِمْ : إِنَّهُ قَدْ نَزَلَتْ فِيكُمْ آيَة كَذَا وَكَذَا , فَقَالُوا : نَخْرُج , فَإِنْ اِتَّبَعَنَا أَحَدٌ قَاتَلْنَاهُ ; قَالَ : فَخَرَجُوا فَاتَّبَعَهُمْ الْمُشْرِكُونَ فَقَاتَلُوهُمْ ثَمَّ , فَمِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ , وَمِنْهُمْ مَنْ نَجَا , فَأَنْزَلَهُ اللَّه فِيهِمْ : { ثُمَّ إِنَّ رَبّك لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْد مَا فُتِنُوا , ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبّك مِنْ بَعْدهَا لَغَفُور رَحِيم } 16 110 21082 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { وَلَقَدْ فَتَنَّا } قَالَ : اِبْتَلَيْنَا . * حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُؤَمَّل , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي هَاشِم , عَنْ مُجَاهِد { وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ } قَالَ : اِبْتَلَيْنَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ . * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي هَاشِم , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 21083 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ } أَيْ اِبْتَلَيْنَا.'; $TAFSEER['3']['29']['4'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات أَنْ يَسْبِقُونَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ فَيَعْبُدُونَ مَعَهُ غَيْره , وَهُمْ الْمَعْنِيُّونَ بِقَوْلِهِ { الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات أَنْ يَسْبِقُونَا } يَقُول : أَنْ يُعْجِزُونَا فَيَفُوتُونَا بِأَنْفُسِهِمْ , فَلَا نَقْدِر عَلَيْهِمْ فَنَنْتَقِم مِنْهُمْ لِشِرْكِهِمْ بِاَللَّهِ ؟ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21084 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات } أَيْ الشِّرْك أَنْ يَسْبِقُونَا . 21085 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { أَنْ يَسْبِقُونَا } أَنْ يُعْجِزُونَا . وَقَوْله : { سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : سَاءَ حُكْمهمْ الَّذِي يَحْكُمُونَ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات يَسْبِقُونَنَا بِأَنْفُسِهِمْ.'; $TAFSEER['3']['29']['5'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّه فَإِنَّ أَجَل اللَّه لَآتٍ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّه يَوْم لِقَائِهِ , وَيَطْمَع فِي ثَوَابه , فَإِنَّ أَجَل اللَّه الَّذِي أَجَّلَه لِبَعْثِ خَلْقه لِلْجَزَاءِ وَالْعِقَاب لَآتٍ قَرِيبًا . { وَهُوَ السَّمِيع } يَقُول : وَاَللَّه الَّذِي يَرْجُو هَذَا الرَّاجِي بِلِقَائِهِ ثَوَابه , السَّمِيع لِقَوْلِهِ : آمَنَّا بِاَللَّهِ , { الْعَلِيم } بِصِدْقِ قِيله إِنَّهُ قَدْ آمَنَ مِنْ كَذِبه فِيهِ .'; $TAFSEER['3']['29']['6'] = 'وَقَوْله : { وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِد لِنَفْسِهِ } يَقُول : وَمَنْ يُجَاهِد عَدُوّهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّمَا يُجَاهِد لِنَفْسِهِ , لِأَنَّهُ يَفْعَل ذَلِكَ اِبْتِغَاء الثَّوَاب مِنْ اللَّه عَلَى جِهَاده , وَالْهَرَب مِنْ الْعِقَاب , فَلَيْسَ بِاَللَّهِ إِلَى فِعْله ذَلِكَ حَاجَة , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه غَنِيّ عَنْ جَمِيع خَلْقه , لَهُ الْمُلْك وَالْخَلْق وَالْأَمْر .'; $TAFSEER['3']['29']['7'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَأُكَفِّرَن عَنْهُمْ سَيِّئَاتهمْ وَلَأَجْزِيَنهمْ أَحْسَن الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله , فَصَحَّ إِيمَانهمْ عِنْد اِبْتِلَاء اللَّه إِيَّاهُمْ وَفِتْنَته لَهُمْ , وَلَمْ يَرْتَدُّوا عَنْ أَدْيَانهمْ بِأَذَى الْمُشْرِكِينَ إِيَّاهُمْ { وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَأُكَفِّرَن عَنْهُمْ سَيِّئَاتهمْ } الَّتِي سَلَفَتْ مِنْهُمْ فِي شِرْكهمْ { وَلَأَجْزِيَنهمْ أَحْسَن الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ } يَقُول : وَلَأُثِيبَنهُمْ عَلَى صَالِحَات أَعْمَالهمْ فِي إِسْلَامهمْ , أَحْسَن مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فِي حَال شِرْكهمْ مَعَ تَكْفِيرنَا سَيِّئَات أَعْمَالهمْ .'; $TAFSEER['3']['29']['8'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْلِه تَعَالَى : { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ } فِيمَا أَنْزَلْنَا إِلَى رَسُولنَا { بِوَالِدَيْهِ } أَنْ يَفْعَل بِهِمَا { حُسْنًا } . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه نَصْب الْحُسْن , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : نُصِبَ ذَلِكَ عَلَى نِيَّة تَكْرِير وَصَّيْنَا . وَكَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام عِنْده : وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَان بِوَالِدَيْهِ , وَوَصَّيْنَاهُ حُسْنًا . وَقَالَ : قَدْ يَقُول الرَّجُل وَصِيَّته خَيْرًا : أَيْ بِخَيْرٍ . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : مَعْنَى ذَلِكَ : وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَان أَنْ يَفْعَل حُسْنًا , وَلَكِنَّ الْعَرَب تُسْقِط مِنْ الْكَلَام بَعْضه إِذَا كَانَ فِيمَا بَقِيَ الدَّلَالَة عَلَى مَا سَقَطَ , وَتُعْمِل مَا بَقِيَ فِيمَا كَانَ يَعْمَل فِيهِ الْمَحْذُوف , فَنُصِبَ قَوْله { حُسْنًا } وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى مَا وَصَفْت وَصَّيْنَا , لِأَنَّهُ قَدْ نَابَ عَنْ السَّاقِط , وَأُنْشِدَ فِي ذَلِكَ : عَجِبْت مِنْ دَهْمَاء إِذْ تَشْكُونَا وَمِنْ أَبِي دَهْمَاء إِذْ يُوصِينَا خَيْرًا بِهَا كَأَنَّنَا جَافَوْنَا وَقَالَ : مَعْنَى قَوْله : يُوصِينَا خَيْرًا : أَنْ نَفْعَل بِهَا خَيْرًا , فَاكْتَفَى بِيُوصِينَا مِنْهُ , وَقَالَ : ذَلِكَ نَحْو قَوْله { فَطَفِقَ مَسْحًا } 38 33 أَيْ يَمْسَح مَسْحًا . وَقَوْله : { وَإِنْ جَاهَدَاك لِتُشْرِك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم فَلَا تُطِعْهُمَا } يَقُول : وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَان , فَقُلْنَا لَهُ : إِنْ جَاهَدَاك وَالِدَاك لِتُشْرِك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم أَنَّهُ لَيْسَ لِي شَرِيك , فَلَا تُطِعْهُمَا فَتُشْرِك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم اِبْتِغَاء مَرْضَاتهمَا , وَلَكِنْ خَالِفْهُمَا فِي ذَلِكَ . { إِلَيَّ مَرْجِعكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِلَيَّ مَعَادكُمْ وَمَصِيركُمْ يَوْم الْقِيَامَة { فَأُنَبِّئكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } يَقُول : فَأُخْبِركُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فِي الدُّنْيَا مِنْ صَالِح الْأَعْمَال وَسَيِّئَاتهَا , ثُمَّ أُجَازِيكُمْ عَلَيْهَا الْمُحْسِن بِالْإِحْسَانِ , وَالْمُسِيء بِمَا هُوَ أَهْله. وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبَبِ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21086 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَان بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا } إِلَى قَوْله { فَأُنَبِّئكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص لَمَّا هَاجَرَ , قَالَتْ أُمّه : وَاَللَّه لَا يُظِلّنِي بَيْت حَتَّى يَرْجِع , فَأَنْزَلَ اللَّه فِي ذَلِكَ أَنْ يُحْسِن إِلَيْهِمَا , وَلَا يُطِيعهُمَا فِي الشِّرْك .'; $TAFSEER['3']['29']['9'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَأُدْخِلَنهُمْ فِي الصَّالِحِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا } بِاَللَّهِ وَرَسُوله { وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } مِنْ الْأَعْمَال , وَذَلِكَ أَنْ يُؤَدُّوا فَرَائِض اللَّه , وَيَجْتَنِبُوا مَحَارِمه { لَأُدْخِلَنهُمْ فِي الصَّالِحِينَ } فِي مَدْخَل الصَّالِحِينَ , وَذَلِكَ الْجَنَّة .'; $TAFSEER['3']['29']['10'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْ النَّاس مَنْ يَقُول آمَنَّا بِاَللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّه جَعَلَ فِتْنَة النَّاس كَعَذَابِ اللَّه وَلَئِنْ جَاءَ نَصْر مِنْ رَبّك لَيَقُولُن إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّه بِأَعْلَم بِمَا فِي صُدُور الْعَالَمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنْ النَّاس مَنْ يَقُول : أَقْرَرْنَا بِاَللَّهِ فَوَحَّدْنَاهُ , فَإِذَا آذَاهُ الْمُشْرِكُونَ فِي إِقْرَاره بِاَللَّهِ , جَعَلَ فِتْنَة النَّاس إِيَّاهُ فِي الدُّنْيَا , كَعَذَابِ اللَّه فِي الْآخِرَة , فَارْتَدَّ عَنْ إِيمَانه بِاَللَّهِ , رَاجِعًا عَلَى الْكُفْر بِهِ { وَلَئِنْ جَاءَ نَصْر مِنْ رَبّك } يَا مُحَمَّد أَهْل الْإِيمَان بِهِ { لَيَقُولُن } هَؤُلَاءِ الْمُرْتَدُّونَ عَنْ إِيمَانهمْ , الْجَاعِلُونَ فِتْنَة النَّاس كَعَذَابِ اللَّه : { إِنَّا كُنَّا } أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ { مَعَكُمْ } نَنْصُركُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ , كَذِبًا وَإِفْكًا . يَقُول اللَّه : { أَوَلَيْسَ اللَّه بِأَعْلَم } أَيّهَا الْقَوْم مِنْ كُلّ أَحَد { بِمَا فِي صُدُور الْعَالَمِينَ } جَمِيع خَلْقه , الْقَائِلِينَ آمَنَّا بِاَللَّهِ وَغَيْرهمْ , فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّه اِرْتَدَّ عَنْ دِين اللَّه فَكَيْفَ يُخَادِع مَنْ كَانَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَة , وَلَا يَسْتَتِر عَنْهُ سِرٌّ وَلَا عَلَانِيَة. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَمِنْ النَّاس مَنْ يَقُول آمَنَّا بِاَللَّهِ , فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّه جَعَلَ فِتْنَة النَّاس كَعَذَابِ اللَّه } قَالَ : فِتْنَته أَنْ يَرْتَدّ عَنْ دِين اللَّه إِذَا أُوذِيَ فِي اللَّه . 21088 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّه جَعَلَ فِتْنَة النَّاس كَعَذَابِ اللَّه } إِلَى قَوْله { وَلَيَعْلَمَن الْمُنَافِقِينَ } قَالَ : أُنَاس يُؤْمِنُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ , فَإِذَا أَصَابَهُمْ بَلَاء مِنْ اللَّه أَوْ مُصِيبَة فِي أَنْفُسهمْ اُفْتُتِنُوا , فَجَعَلُوا ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا كَعَذَابِ اللَّه فِي الْآخِرَة . 21089 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : قَوْله : { وَمِنْ النَّاس مَنْ يَقُول آمَنَّا بِاَللَّهِ } الْآيَة , نَزَلَتْ فِي نَاس مِنْ الْمُنَافِقِينَ بِمَكَّة كَانُوا يُؤْمِنُونَ , فَإِذَا أُوذُوا وَأَصَابَهُمْ بَلَاء مِنْ الْمُشْرِكِينَ , رَجَعُوا إِلَى الْكُفْر مَخَافَة مَنْ يُؤْذِيهِمْ , وَجَعَلُوا أَذَى النَّاس فِي الدُّنْيَا كَعَذَابِ اللَّه . 21090 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه { فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّه جَعَلَ فِتْنَة النَّاس كَعَذَابِ اللَّه } قَالَ : هُوَ الْمُنَافِق إِذَا أُوذِيَ فِي اللَّه رَجَعَ عَنْ الدِّين وَكَفَرَ , وَجَعَلَ فِتْنَة النَّاس كَعَذَابِ اللَّه . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي قَوْم مِنْ أَهْل الْإِيمَان كَانُوا بِمَكَّة , فَخَرَجُوا مُهَاجِرِينَ , فَأُدْرِكُوا وَأُخِذُوا فَأُعْطُوا الْمُشْرِكِينَ لَمَّا نَالَهُمْ أَذَاهُمْ مَا أَرَادُوا مِنْهُمْ . ذِكْر الْخَبَر بِذَلِكَ : 21091 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مَنْصُور الرَّمَادِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن شَرِيك , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ قَوْم مِنْ أَهْل مَكَّة أَسْلَمُوا , وَكَانُوا يَسْتَخِفُّونَ بِإِسْلَامِهِمْ , فَأَخْرَجَهُمْ الْمُشْرِكُونَ , يَوْم بَدْر مَعَهُمْ , فَأُصِيبَ بَعْضهمْ وَقُتِلَ بَعْض , فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : كَانَ أَصْحَابنَا هَؤُلَاءِ مُسْلِمِينَ , وَأُكْرِهُوا , فَاسْتَغْفِرُوا لَهُمْ , فَنَزَلَتْ : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ } 4 97 إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : فَكُتِبَ إِلَى مَنْ بَقِيَ بِمَكَّة مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِهَذِهِ الْآيَة أَنْ لَا عُذْر لَهُمْ , فَخَرَجُوا , فَلَحِقَهُمْ الْمُشْرِكُونَ , فَأَعْطَوْهُمْ الْفِتْنَة , فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَة : { وَمِنْ النَّاس مَنْ يَقُول آمَنَّا بِاَللَّهِ , فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّه جَعَلَ فِتْنَة النَّاس كَعَذَابِ اللَّه } إِلَى آخِر الْآيَة , فَكَتَبَ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ , فَخَرَجُوا وَأَيِسُوا مِنْ كُلّ خَيْر , ثُمَّ نَزَلَتْ فِيهِمْ : { ثُمَّ إِنَّ رَبّك لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْد مَا فُتِنُوا , ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا , إِنَّ رَبّك مِنْ بَعْدهَا لَغَفُور رَحِيم } 16 110 فَكَتَبُوا إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ : إِنَّ اللَّه قَدْ جَعَلَ لَكُمْ مَخْرَجًا , فَخَرَجُوا , فَأَدْرَكَهُمْ الْمُشْرِكُونَ , فَقَاتَلُوهُمْ , حَتَّى نَجَا مَنْ نَجَا , وَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ. 21092 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَمِنْ النَّاس مَنْ يَقُول آمَنَّا بِاَللَّهِ , فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّه } إِلَى قَوْله { وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ } قَالَ : هَذِهِ الْآيَات أُنْزِلَتْ فِي الْقَوْم الَّذِينَ رَدَّهُمْ الْمُشْرِكُونَ إِلَى مَكَّة , وَهَذِهِ الْآيَات الْعَشْر مَدَنِيَّة إِلَى هَهُنَا وَسَائِرهَا مَكِّيّ.'; $TAFSEER['3']['29']['11'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّه أَوْلِيَاء اللَّه , وَحِزْبه أَهْل الْإِيمَان بِاَللَّهِ مِنْكُمْ أَيّهَا الْقَوْم , وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ مِنْكُمْ حَتَّى يُمَيِّزُوا كُلّ فَرِيق مِنْكُمْ مِنْ الْفَرِيق الْآخَر , بِإِظْهَارِ اللَّه ذَلِكَ مِنْكُمْ بِالْمِحَنِ وَالِابْتِلَاء وَالِاخْتِبَار وَبِمُسَارَعَةِ الْمُسَارِع مِنْكُمْ إِلَى الْهِجْرَة مِنْ دَار الشِّرْك إِلَى دَار الْإِسْلَام , وَتَثَاقُل الْمُتَثَاقِل مِنْكُمْ عَنْهَا.'; $TAFSEER['3']['29']['12'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّبِعُوا سَبِيلنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ مِنْ قُرَيْش لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ مِنْهُمْ : { اِتَّبِعُوا سَبِيلنَا } يَقُول : قَالُوا : كُونُوا عَلَى مِثْل مَا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنْ التَّكْذِيب بِالْبَعْثِ بَعْد الْمَمَات وَجُحُود الثَّوَاب وَالْعِقَاب عَلَى الْأَعْمَال { وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ } يَقُول : قَالُوا فَإِنَّكُمْ إِنْ اِتَّبَعْتُمْ سَبِيلنَا فِي ذَلِكَ , فَبُعِثْتُمْ مِنْ بَعْد الْمَمَات , وَجُوزِيتُمْ عَلَى الْأَعْمَال , فَإِنَّا نَتَحَمَّل آثَام خَطَايَاكُمْ حِينَئِذٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21093 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { اِتَّبِعُوا سَبِيلنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ } قَالَ : قَوْل كُفَّار قُرَيْش بِمَكَّة لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ , يَقُول : قَالُوا : لَا نُبْعَث نَحْنُ وَلَا أَنْتُمْ , فَاتَّبِعُونَا إِنْ كَانَ عَلَيْكُمْ شَيْء فَهُوَ عَلَيْنَا. 21094 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا } هُمْ الْقَادَة مِنْ الْكُفَّار , قَالُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْ الْأَتْبَاع : اُتْرُكُوا دِين مُحَمَّد وَاتَّبِعُوا دِيننَا , وَهَذَا أَعْنِي قَوْله { اِتَّبِعُوا سَبِيلنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ } وَإِنْ كَانَ خَرَجَ مَخْرَج الْأَمْر , فَإِنَّ فِيهِ تَأْوِيل الْجَزَاء , وَمَعْنَاهُ مَا قُلْت : إِنْ اِتَّبَعْتُمْ سَبِيلنَا حَمَلْنَا خَطَايَاكُمْ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فُقْت اُدْعِي وَأَدْعُ فَإِنَّ أَنْدَى لِصَوْتٍ أَنْ يُنَادِيَ دَاعِيَانِ يُرِيد : اُدْعِي وَلْأَدْعُ , وَمَعْنَاهُ : إِنْ دَعَوْت دَعَوْت . وَقَوْله : { وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْء إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } وَهَذَا تَكْذِيب مِنْ اللَّه لِلْمُشْرِكِينَ الْقَاتِلِينَ لِلَّذِينَ آمَنُوا { اِتَّبِعُوا سَبِيلنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَكَذَبُوا فِي قِيلهمْ ذَلِكَ لَهُمْ , مَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ آثَام خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْء , إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ فِيمَا قَالُوا لَهُمْ وَوَعَدُوهُمْ , مِنْ حَمْل خَطَايَاهُمْ إِنْ هُمْ اِتَّبَعُوهُمْ.'; $TAFSEER['3']['29']['13'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالهمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالهمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْم الْقِيَامَة عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَيَحْمِلُنَّ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ الْقَائِلُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِهِ اِتَّبِعُوا سَبِيلنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ أَوْزَار أَنْفُسهمْ وَآثَامهَا , وَأَوْزَار مَنْ أَضَلُّوا وَصُدُّوا عَنْ سَبِيل اللَّه مَعَ أَوْزَارهمْ , وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْم الْقِيَامَة عَمَّا كَانُوا يَكْذِبُونَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِوَعْدِهِمْ إِيَّاهُمْ الْأَبَاطِيل , وَقِيلهمْ لَهُمْ : اِتَّبِعُوا سَبِيلنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ فَيَفْتَرُونَ الْكَذِب بِذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21095 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالهمْ } أَيْ أَوْزَارهمْ { وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالهمْ } يَقُول أَوْزَار مَنْ أَضَلُّوا . 21096 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالهمْ , وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالهمْ } . وَقَرَأَ قَوْله : { لِيَحْمِلُوا أَوْزَارهمْ كَامِلَة يَوْم الْقِيَامَة , وَمِنْ أَوْزَار الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْم أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ } 16 25 قَالَ : فَهَذَا قَوْله { وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالهمْ }'; $TAFSEER['3']['29']['14'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمه فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْف سَنَة إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا } وَهَذَا وَعِيد مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْرهُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْش , الْقَائِلِينَ لِلَّذِينَ آمَنُوا : اِتَّبِعُوا سَبِيلنَا , وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ , يَقُول لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يَحْزُنَنك يَا مُحَمَّد مَا تَلْقَى مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ أَنْتَ وَأَصْحَابك مِنْ الْأَذَى , فَإِنِّي وَإِنْ أَمْلَيْت لَهُمْ فَأَطَلْت إِمْلَاءَهُمْ , فَإِنَّ مَصِير أَمْرهمْ إِلَى الْبَوَار , وَمَصِير أَمْرك وَأَمْر أَصْحَابك إِلَى الْعُلُوّ وَالظَّفَر بِهِمْ , وَالنَّجَاة مِمَّا يَحِلّ بِهِمْ مِنْ الْعِقَاب , كَفِعْلِنَا ذَلِكَ بِنُوحٍ , إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى قَوْمه , فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْف سَنَة إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا يَدْعُوهُمْ إِلَى التَّوْحِيد , وَفِرَاق الْآلِهَة وَالْأَوْثَان , فَلَمْ يَزِدْهُمْ ذَلِكَ مِنْ دُعَائِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى اللَّه مِنْ الْإِقْبَال إِلَيْهِ , وَقَبُول مَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ النَّصِيحَة مِنْ عِنْد اللَّه إِلَّا فِرَارًا. وَذُكِرَ أَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَى قَوْمه وَهُوَ اِبْن ثَلَاث مِائَة وَخَمْسِينَ سَنَة , كَمَا : 21097 - حَدَّثَنَا نَصْر بْن عَلِيّ الْجَهْضَمِيّ , قَالَ : ثَنَا نُوح بْن قَيْس , قَالَ : ثَنَا عَوْن بْن أَبِي شَدَّاد , قَالَ : إِنَّ اللَّه أَرْسَلَ نُوحًا إِلَى قَوْمه وَهُوَ اِبْن خَمْسِينَ وَثَلَاث مِائَة سَنَة فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْف سَنَة إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا , ثُمَّ عَاشَ , بَعْد ذَلِكَ خَمْسِينَ وَثَلَاث مِائَة سَنَة { فَأَخَذَهُمْ الطُّوفَان } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَهْلَكَهُمْ الْمَاء الْكَثِير , وَكُلّ مَاء كَثِير فَاش طَامٍ , فَهُوَ عِنْد الْعَرَب طُوفَان , سَيْلًا كَانَ أَوْ غَيْره , وَكَذَلِكَ الْمَوْت إِذَا كَانَ فَاشِيًا كَثِيرًا , فَهُوَ أَيْضًا عِنْدهمْ طُوفَان ; وَمِنْهُ قَوْل الرَّاجِز : أَفْنَاهُمْ طُوفَان مَوْت جَارِف وَبِنَحْوِ قَوْلنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21098 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَأَخَذَهُمْ الطُّوفَان } قَالَ : هُوَ الْمَاء الَّذِي أُرْسِلَ عَلَيْهِمْ. 21099 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : الطُّوفَان : الْغَرَق. وَقَوْله : { وَهُمْ ظَالِمُونَ } يَقُول : وَهُمْ ظَالِمُونَ أَنْفُسهمْ بِكُفْرِهِمْ .'; $TAFSEER['3']['29']['15'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَاب السَّفِينَة وَجَعَلْنَاهَا آيَة لِلْعَالَمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَنْجَيْنَا نُوحًا وَأَصْحَاب سَفِينَته , وَهُمْ الَّذِينَ حَمَلَهُمْ فِي سَفِينَته مِنْ وَلَده وَأَزْوَاجهمْ . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْل , وَذَكَرْنَا الرِّوَايَات فِيهِ , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . { وَجَعَلْنَاهَا آيَة لِلْعَالَمِينَ } يَقُول : وَجَعَلْنَا السَّفِينَة الَّتِي أَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابه فِيهَا عِبْرَة وَعِظَة لِلْعَالَمِينَ , وَحُجَّة عَلَيْهِمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21100 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد عَنْ قَتَادَة , قَوْله { فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَاب السَّفِينَة } الْآيَة . قَالَ : أَبْقَاهَا اللَّه آيَة لِلنَّاسِ بِأَعْلَى الْجُودِيّ . وَلَوْ قِيلَ : مَعْنَى : { وَجَعَلْنَاهَا آيَة لِلْعَالَمِينَ } وَجَعَلْنَا عُقُوبَتنَا إِيَّاهُمْ آيَة لِلْعَالَمِينَ , وَجَعَلَ الْهَاء وَالْأَلِف فِي قَوْله { وَجَعَلْنَاهَا } كِنَايَة عَنْ الْعُقُوبَة أَوْ السَّخَط , وَنَحْو ذَلِكَ , إِذْ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي قَوْله { فَأَخَذَهُمْ الطُّوفَان وَهُمْ ظَالِمُونَ } كَانَ وَجْهًا مِنْ التَّأْوِيل.'; $TAFSEER['3']['29']['16'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِبْرَاهِيم إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اُعْبُدُوا اللَّه وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاذْكُرْ أَيْضًا يَا مُحَمَّد إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن , إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ : اُعْبُدُوا اللَّه أَيّهَا الْقَوْم دُون غَيْره مِنْ الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام , فَإِنَّهُ لَا إِلَه لَكُمْ غَيْره , { وَاتَّقُوهُ } يَقُول : وَاتَّقُوا سَخَطه بِأَدَاءِ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه { ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } مَا هُوَ خَيْر لَكُمْ مِمَّا هُوَ شَرّ لَكُمْ .'; $TAFSEER['3']['29']['17'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه أَوْثَانًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل خَلِيله إِبْرَاهِيم لِقَوْمِهِ : إِنَّمَا تَعْبُدُونَ أَيّهَا الْقَوْم مِنْ دُون اللَّه أَوْثَانًا , يَعْنِي مُثُلًا . كَمَا : 21101 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه أَوْثَانًا } أَصْنَامًا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَتَصْنَعُونَ كَذِبًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21102 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا } يَقُول : تَصْنَعُونَ كَذِبًا . وَقَالَ آخَرُونَ : وَتَقُولُونَ كَذِبًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21103 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا } يَقُول : وَتَقُولُونَ إِفْكًا. 21104 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا } يَقُول : تَقُولُونَ كَذِبًا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَتَنْحِتُونَ إِفْكًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21105 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا } قَالَ : تَنْحِتُونَ تُصَوِّرُونَ إِفْكًا . 21106 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا } أَيْ تَصْنَعُونَ أَصْنَامًا . 21107 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا } الْأَوْثَان الَّتِي يَنْحِتُونَهَا بِأَيْدِيهِمْ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : وَتَصْنَعُونَ كَذِبًا . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْخَلْق فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع. فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَنْ : إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه أَوْثَانًا , وَتَصْنَعُونَ كَذِبًا وَبَاطِلًا . وَإِنَّمَا فِي قَوْله { إِفْكًا } مَرْدُود عَلَى إِنَّمَا , كَقَوْلِ الْقَائِل : إِنَّمَا تَفْعَلُونَ كَذَا , وَإِنَّمَا تَفْعَلُونَ كَذَا. وَقَرَأَ جَمِيع قُرَّاء الْأَمْصَار : { وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا } بِتَخْفِيفِ الْخَاء مِنْ قَوْله : { وَتَخْلُقُونَ } وَضَمّ اللَّام : مِنْ الْخَلْق . وَذُكِرَ عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ أَنَّهُ قَرَأَ : { وَتُخَلِّقُونَ إِفْكًا } بِفَتْحِ الْخَاء وَتَشْدِيد اللَّام مِنْ التَّخْلِيق. وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ . وَقَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ أَوْثَانكُمْ الَّتِي تَعْبُدُونَهَا , لَا تَقْدِر أَنْ تَرْزُقكُمْ شَيْئًا { فَابْتَغُوا عِنْد اللَّه الرِّزْق } يَقُول : فَالْتَمِسُوا عِنْد اللَّه الرِّزْق لَا مِنْ عِنْد أَوْثَانكُمْ , تُدْرِكُوا مَا تَبْتَغُونَ مِنْ ذَلِكَ { وَعَبَدُوهُ } يَقُول : وَذَلُّوا لَهُ { وَشَكَرُوا لَهُ } عَلَى رِزْقه إِيَّاكُمْ , وَنِعَمه الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْكُمْ . يُقَال : شَكَرْته وَشَكَرْت لَهُ , ( وَالثَّانِيَة ) أُفْصِح مَنْ شَكَرْته . وَقَوْله : { إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يَقُول : إِلَى اللَّه تُرَدُّونَ مِنْ بَعْد مَمَاتكُمْ , فَيَسْأَلكُمْ عَمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَتكُمْ غَيْره وَأَنْتُمْ عِبَاده وَخَلْقه , وَفِي نِعَمه تَتَقَلَّبُونَ , وَرِزْقه تَأْكُلُونَ.'; $TAFSEER['3']['29']['18'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَم مِنْ قَبْلكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنْ تُكَذِّبُوا أَيّهَا النَّاس رَسُولنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَة رَبّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ , وَالْبَرَاءَة مِنْ الْأَوْثَان , فَقَدْ كَذَّبَتْ جَمَاعَات مِنْ قَبْلكُمْ رُسُلهَا فِيمَا دَعَتْهُمْ إِلَيْهِ الرُّسُل مِنْ الْحَقّ , فَحَلَّ بِهَا مِنْ اللَّه سَخَطه , وَنَزَلَ بِهَا مِنْهُ عَاجِل عُقُوبَته , فَسَبِيلكُمْ سَبِيلهَا فِيمَا هُوَ نَازِل بِكُمْ بِتَكْذِيبِكُمْ إِيَّاهُ . { وَمَا عَلَى الرَّسُول إِلَّا الْبَلَاغ الْمُبِين } يَقُول : وَمَا عَلَى مُحَمَّد إِلَّا أَنْ يُبَلِّغكُمْ عَنْ اللَّه رِسَالَته , وَيُؤَدِّي إِلَيْكُمْ مَا أَمَرَهُ بِأَدَائِهِ إِلَيْكُمْ رَبّه . وَيَعْنِي بِالْبَلَاغِ الْمُبِين : الَّذِي يُبَيِّن لِمَنْ سَمِعَهُ مَا يُرَاد بِهِ , وَيُفْهَم بِهِ مَا يَعْنِي بِهِ .'; $TAFSEER['3']['29']['19'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئ اللَّه الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يَسْتَأْنِف اللَّه خَلْق الْأَشْيَاء طِفْلًا صَغِيرًا , ثُمَّ غُلَامًا يَافِعًا , ثُمَّ رَجُلًا مُجْتَمِعًا , ثُمَّ كَهْلًا . يُقَال مِنْهُ : أَبْدَأَ وَأَعَادَ , وَبَدَأَ وَعَادَ , لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِد . وَقَوْله : { ثُمَّ يُعِيدهُ } يَقُول : ثُمَّ هُوَ يُعِيدهُ مِنْ بَعْد فَنَائِهِ وَبِلَاهُ , كَمَا بَدَأَهُ أَوَّل مَرَّة خَلْقًا جَدِيدًا , لَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21108 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئ اللَّه الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ } : بِالْبَعْثِ بَعْد الْمَوْت . { إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِير } سَهْل كَمَا كَانَ يَسِيرًا عَلَيْهِ إِبْدَاؤُهُ .'; $TAFSEER['3']['29']['20'] = 'وَقَوْله { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِلْمُنْكَرِينَ لِلْبَعْثِ بَعْد الْمَمَات , الْجَاحِدِينَ الثَّوَاب وَالْعِقَاب : سِيرُوا فِي الْأَرْض فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ اللَّه الْأَشْيَاء وَكَيْفَ أَنْشَأَهَا وَأَحْدَثَهَا ; وَكَمَا أَوْجَدَهَا وَأَحْدَثهَا اِبْتِدَاء , فَلَمْ يَتَعَذَّر عَلَيْهِ إِحْدَاثهَا مُبْدِئًا , فَكَذَلِكَ لَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ إِنْشَاؤُهَا مُعِيدًا { ثُمَّ اللَّه يُنْشِئ النَّشْأَة الْآخِرَة } يَقُول : ثُمَّ اللَّه يُبْدِئ تِلْكَ الْبَدْأَة الْآخِرَة بَعْد الْفَنَاء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21109 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْض فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْق } خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض { ثُمَّ اللَّه يُنْشِئ النَّشْأَة الْآخِرَة } : أَيْ الْبَعْث بَعْد الْمَوْت. 21110 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { ثُمَّ اللَّه يُنْشِئ النَّشْأَة الْآخِرَة } قَالَ : هِيَ الْحَيَاة بَعْد الْمَوْت , وَهُوَ النُّشُور. وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه عَلَى إِنْشَاء جَمِيع خَلْقه بَعْد إِفْنَائِهِ كَهَيْئَتِهِ قَبْل فَنَائِهِ , وَعَلَى غَيْر ذَلِكَ مِمَّا يَشَاء فِعْله قَادِر لَا يُعْجِزهُ شَيْء أَرَادَهُ .'; $TAFSEER['3']['29']['21'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يُعَذِّب مَنْ يَشَاء وَيَرْحَم مَنْ يَشَاء } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ اللَّه يُنْشِئ النَّشْأَة الْآخِرَة خَلْقه مِنْ بَعْد فَنَائِهِمْ , فَيُعَذِّب مَنْ يَشَاء مِنْهُمْ عَلَى مَا أَسْلَفَ مِنْ جُرْمه فِي أَيَّام حَيَاته , وَيَرْحَم مَنْ يَشَاء مِنْهُمْ مِمَّنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا { وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } يَقُول : وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَتُرَدُّونَ.'; $TAFSEER['3']['29']['22'] = 'وَأَمَّا قَوْله : { وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء } فَإِنَّ اِبْن زَيْد قَالَ فِي ذَلِكَ مَا : 21111 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء } قَالَ : لَا يُعْجِزهُ أَهْل الْأَرَضِينَ فِي الْأَرَضِينَ وَلَا أَهْل السَّمَاوَات فِي السَّمَاوَات إِنْ عَصَوْهُ , وَقَرَأَ : { مِثْقَال ذَرَّة فِي السَّمَاوَات وَلَا فِي الْأَرْض , وَلَا أَصْغَر مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَر إِلَّا فِي كِتَاب مُبِين } 10 61 وَقَالَ فِي ذَلِكَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ أَهْل الْبَصْرَة : وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ مَنْ فِي الْأَرْض وَلَا مَنْ فِي السَّمَاء مُعْجِزِينَ قَالَ : وَهُوَ مِنْ غَامِض الْعَرَبِيَّة لِلضَّمِيرِ الَّذِي لَمْ يَظْهَر فِي الثَّانِي . قَالَ : وَمِثْله قَوْل حَسَّان بْن ثَابِت : أَمَّنْ يَهْجُو رَسُول اللَّه مِنْكُمْ وَيَمْدَحهُ وَيَنْصُرهُ سَوَاء ؟ أَرَادَ : وَمَنْ يَنْصُرهُ وَيَمْدَحهُ , فَأَضْمَرَ " مَنْ " . قَالَ : وَقَدْ يَقَع فِي وَهْم السَّامِع أَنَّ النَّصْر وَالْمَدْح لِمَنْ هَذِهِ الظَّاهِرَة ; وَمِثْله فِي الْكَلَام : أَكْرَم مَنْ أَتَاك وَأَتَى أَبَاك , وَأَكْرَم مَنْ أَتَاك وَلَمْ يَأْتِ زَيْدًا . تُرِيد : وَمَنْ لَمْ يَأْتِ زَيْدًا , فَيَكْتَفِي بِاخْتِلَافِ الْأَفْعَال مِنْ إِعَادَة مَنْ , كَأَنَّهُ قَالَ : أَمَّنْ يَهْجُو , وَمَنْ يَمْدَحهُ , وَمَنْ يَنْصُرهُ . وَمِنْهُ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِب بِالنَّهَارِ } 13 10 وَهَذَا الْقَوْل أَصَحّ عِنْدِي فِي الْمَعْنَى مِنْ الْقَوْل الْآخَر , وَلَوْ قَالَ قَائِل : مَعْنَاهُ : وَلَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْض , وَلَا أَنْتُمْ لَوْ كُنْتُمْ فِي السَّمَاء بِمُعْجِزِينَ كَانَ مَذْهَبًا . وَقَوْله : { وَمَا لَكُمْ مِنْ دُون اللَّه مِنْ وَلِيّ وَلَا نَصِير } يَقُول : وَمَا كَانَ لَكُمْ أَيّهَا النَّاس مِنْ دُون اللَّه مِنْ وَلِيّ يَلِي أُمُوركُمْ , وَلَا نَصِير يَنْصُركُمْ مِنْ اللَّه إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا وَلَا يَمْنَعكُمْ مِنْهُ إِنْ أَحَلَّ بِكُمْ عُقُوبَته.'; $TAFSEER['3']['29']['23'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّه وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَاب أَلِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا حُجَج اللَّه , وَأَنْكَرُوا أَدِلَّته , وَجَحَدُوا لِقَاءَهُ وَالْوُرُود عَلَيْهِ , يَوْم تَقُوم السَّاعَة { أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي فِي الْآخِرَة لِمَا عَايَنُوا مَا أُعِدّ لَهُمْ مِنْ الْعَذَاب , وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَاب مُوجِع . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ اُعْتُرِضَ بِهَذِهِ الْآيَات مِنْ قَوْله { وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَم مِنْ قَبْلكُمْ } إِلَى قَوْله { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } وَتُرِكَ ضَمِير قَوْله { فَمَا كَانَ جَوَاب قَوْمه } وَهُوَ مِنْ قِصَّة إِبْرَاهِيم . وَقَوْله { إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه } إِلَى قَوْله { فَابْتَغُوا عِنْد اللَّه الرِّزْق وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } . قِيلَ : فَعَلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , لِأَنَّ الْخَبَر عَنْ أَمْر نُوح وَإِبْرَاهِيم وَقَوْمهمَا , وَسَائِر مَنْ ذَكَرَ اللَّه مِنْ الرُّسُل وَالْأُمَم فِي هَذِهِ السُّورَة وَغَيْرهَا , إِنَّمَا هُوَ تَذْكِير مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِهِ الَّذِينَ يَبْتَدِئ بِذِكْرِهِمْ قَبْل الِاعْتِرَاض بِالْخَبَرِ , وَتَحْذِير مِنْهُ لَهُمْ أَنْ يَحِلّ بِهِمْ مَا حَلَّ بِهِمْ , فَكَأَنَّهُ قِيلَ فِي هَذَا الْمَوْضِع : فَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ , فَكَذَّبْتُمْ أَنْتُمْ مَعْشَر قُرَيْش رَسُولكُمْ مُحَمَّدًا , كَمَا كَذَّبَ أُولَئِكَ إِبْرَاهِيم , ثُمَّ جُعِلَ مَكَان : فَكَذَّبْتُمْ : وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَم مِنْ قَبْلكُمْ , إِذْ كَانَ ذَلِكَ يَدُلّ عَلَى الْخَبَر عَنْ تَكْذِيبهمْ رَسُولهمْ , ثُمَّ عَادَ إِلَى الْخَبَر عَنْ إِبْرَاهِيم وَقَوْمه , وَتَتْمِيم قِصَّته وَقِصَّتهمْ بِقَوْلِهِ { فَمَا كَانَ جَوَاب قَوْمه }'; $TAFSEER['3']['29']['24'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَمَا كَانَ جَوَاب قَوْمه إِلَّا أَنْ قَالُوا اُقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوا فَأَنْجَاهُ اللَّه مِنْ النَّار إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمْ يَكُنْ جَوَاب قَوْم إِبْرَاهِيم لَهُ إِذْ قَالَ لَهُمْ : اُعْبُدُوا اللَّه وَاتَّقُوهُ , ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ , إِلَّا أَنْ قَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : اُقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ بِالنَّارِ , فَفَعَلُوا , فَأَرَادُوا إِحْرَاقه بِالنَّارِ , فَأَضْرَمُوا لَهُ النَّار , فَأَلْقَوْهُ فِيهَا , فَأَنْجَاهُ اللَّه مِنْهَا , وَلَمْ يُسَلِّطهَا عَلَيْهِ , بَلْ جَعَلَهَا عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا . كَمَا : 21112 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : فَمَا كَانَ جَوَاب قَوْم إِبْرَاهِيم { إِلَّا أَنْ قَالُوا اُقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ , فَأَنْجَاهُ اللَّه مِنْ النَّار } قَالَ : قَالَ كَعْب : مَا حَرَقَتْ مِنْهُ إِلَّا وِثَاقه { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي إِنْجَائِنَا لِإِبْرَاهِيم مِنْ النَّار , وَقَدْ أُلْقِيَ فِيهَا وَهِيَ تُسَعَّر , وَتَصْيِيرهَا عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا , لَأَدِلَّة وَحُجَجًا لِقَوْمٍ يُصَدِّقُونَ بِالْأَدِلَّةِ وَالْحُجَج إِذَا عَايَنُوا وَرَأَوْا .'; $TAFSEER['3']['29']['25'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ إِنَّمَا اِتَّخَذْتُمْ مِنْ دُون اللَّه أَوْثَانًا مَوَدَّة بَيْنكُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل إِبْرَاهِيم لِقَوْمِهِ : { وَقَالَ } إِبْرَاهِيم لِقَوْمِهِ : يَا قَوْم { إِنَّمَا اِتَّخَذْت مِنْ دُون اللَّه أَوْثَانًا } . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { مَوَدَّة بَيْنكُمْ } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالشَّأْم وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : " مَوَدَّة " بِنَصْبِ مَوَدَّة بِغَيْرِ إِضَافَة بَيْنكُمْ بِنَصْبِهَا . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْكُوفِيِّينَ : { مَوَدَّة بَيْنكُمْ } بِنَصْبِ الْمَوَدَّة وَإِضَافَتهَا إِلَى قَوْله { بَيْنكُمْ } وَخَفْض بَيْنكُمْ . وَكَأَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَرَءُوا قَوْله : { مَوَدَّة } نَصْبًا وَجَّهُوا مَعْنَى الْكَلَام إِلَى : إِنَّمَا اِتَّخَذْتُمْ أَيّهَا الْقَوْم أَوْثَانًا مَوَدَّة بَيْنكُمْ , فَجَعَلُوا إِنَّمَا حَرْفًا وَاحِدًا , وَأَوْقَعُوا قَوْله { اِتَّخَذْتُمْ } عَلَى الْأَوْثَان , فَنَصَبُوهَا بِمَعْنَى : اِتَّخَذْتُمُوهَا مَوَدَّة بَيْنكُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا , تَتَحَابُّونَ عَلَى عِبَادَتهَا , وَتَتَوَادُّونَ عَلَى خِدْمَتهَا , فَتَتَوَاصَلُونَ عَلَيْهَا . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء أَهْل مَكَّة وَالْبَصْرَة : " مَوَدَّة بَيْنكُمْ " بِرَفْعِ الْمَوَدَّة وَإِضَافَتهَا إِلَى الْبَيْن , وَخَفْض الْبَيْن. وَكَأَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ كَذَلِكَ , جَعَلُوا " إِنَّ مَا " حَرْفَيْنِ , بِتَأْوِيلِ : إِنَّ الَّذِينَ اِتَّخَذْتُمْ مِنْ دُون اللَّه أَوْثَانًا إِنَّمَا هُوَ مَوَدَّتكُمْ لِلدُّنْيَا , فَرَفَعُوا مَوَدَّة عَلَى خَبَر إِنَّ . وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُونُوا عَلَى قِرَاءَتهمْ ذَلِكَ رَفْعًا بِقَوْلِهِ " إِنَّمَا " أَنْ تَكُون حَرْفًا وَاحِدًا , وَيَكُون الْخَبَر مُتَنَاهِيًا عِنْد قَوْله { إِنَّمَا اِتَّخَذْتُمْ مِنْ دُون اللَّه أَوْثَانًا } ثُمَّ يَبْتَدِئ الْخَبَر فَيُقَال : مَا مَوَدَّتكُمْ تِلْكَ الْأَوْثَان بِنَافِعَتِكُمْ , إِنَّمَا مَوَدَّة بَيْنكُمْ فِي حَيَاتكُمْ الدُّنْيَا , ثُمَّ هِيَ مُنْقَطِعَة , وَإِذَا أُرِيدَ هَذَا الْمَعْنَى كَانَتْ الْمَوَدَّة مَرْفُوعَة بِالصِّفَةِ بِقَوْلِهِ { فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا بِرَفْعِ الْمَوَدَّة , رَفْعهَا عَلَى ضَمِير هِيَ . وَهَذِهِ الْقِرَاءَات الثَّلَاث مُتَقَارِبَات الْمَعَانِي , لِأَنَّ الَّذِينَ اِتَّخَذُوا الْأَوْثَان آلِهَة يَعْبُدُونَهَا , اِتَّخَذُوهَا مَوَدَّة بَيْنهمْ , وَكَانَتْ لَهُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا مَوَدَّة , ثُمَّ هِيَ عَنْهُمْ مُنْقَطِعَة , فَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , لِتَقَارُبِ مَعَانِي ذَلِكَ , وَشُهْرَة الْقِرَاءَة بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُنَّ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار . وَقَوْله : { ثُمَّ يَوْم الْقِيَامَة يَكْفُر بَعْضكُمْ بِبَعْضٍ , وَيَلْعَن بَعْضكُمْ بَعْضًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ يَوْم الْقِيَامَة أَيّهَا الْمُتَوَادُّونَ عَلَى عِبَادَة الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام , وَالْمُتَوَاصِلُونَ عَلَى خِدْمَاتهَا عِنْد وُرُودكُمْ عَلَى رَبّكُمْ , وَمُعَايَنَتكُمْ مَا أَعَدَّ اللَّه لَكُمْ عَلَى التَّوَاصُل , وَالتَّوَادّ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَلَم الْعَذَاب { يَكْفُر بَعْضكُمْ بِبَعْضٍ } يَقُول : يَتَبَرَّأ بَعْضكُمْ مِنْ بَعْض , وَيَلْعَن بَعْضكُمْ بَعْضًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21113 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَقَالَ إِنَّمَا اِتَّخَذْتُمْ مِنْ دُون اللَّه أَوْثَانًا مَوَدَّة بَيْنكُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا , ثُمَّ يَوْم الْقِيَامَة يَكْفُر بَعْضكُمْ بِبَعْضٍ , وَيَلْعَن بَعْضكُمْ بَعْضًا } قَالَ : صَارَتْ كُلّ خُلَّة فِي الدُّنْيَا عَدَاوَة عَلَى أَهْلهَا يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا خُلَّة الْمُتَّقِينَ . وَقَوْله : { وَمَأْوَاكُمْ النَّار } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَصِير جَمِيعكُمْ أَيّهَا الْعَابِدُونَ الْأَوْثَان وَمَا تَعْبُدُونَ النَّار { وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } يَقُول : وَمَا لَكُمْ أَيّهَا الْقَوْم الْمُتَّخِذُو الْآلِهَة , مِنْ دُون اللَّه مَوَدَّة بَيْنكُمْ مِنْ أَنْصَار يَنْصُرُونَكُمْ مِنْ اللَّه حِين يُصْلِيكُمْ نَار جَهَنَّم , فَيُنْقِذُونَكُمْ مِنْ عَذَابه .'; $TAFSEER['3']['29']['26'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَآمَنَ لَهُ لُوط وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِر إِلَى رَبِّي } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَصَدَّقَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ اللَّه لُوطٌ { وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِر إِلَى رَبِّي } يَقُول : وَقَالَ إِبْرَاهِيم : إِنِّي مُهَاجِر دَار قَوْمِي إِلَى رَبِّي إِلَى الشَّام. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21114 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَآمَنَ لَهُ لُوط } قَالَ : صَدَّقَ لُوط { وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِر إِلَى رَبِّي } قَالَ : هُوَ إِبْرَاهِيم . 21115 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَآمَنَ لَهُ لُوط } أَيْ فَصَدَّقَهُ لُوط { وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِر إِلَى رَبِّي } قَالَ : هَاجَرَا جَمِيعًا مِنْ كُوثَى , وَهِيَ مِنْ سَوَاد الْكُوفَة إِلَى الشَّام . قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : " إِنَّهَا سَتَكُونُ هِجْرَة بَعْد هِجْرَة , يَنْحَاز أَهْل الْأَرْض إِلَى مُهَاجَر إِبْرَاهِيم , وَيَبْقَى فِي الْأَرْض شِرَار أَهْلهَا , حَتَّى تَلْفِظهُمْ وَتَقْذَرهُمْ وَتَحْشُرهُمْ النَّار مَعَ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير ". 21116 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَآمَنَ لَهُ لُوط } قَالَ : صَدَّقَهُ لُوط , صَدَّقَ إِبْرَاهِيم قَالَ : أَرَأَيْت الْمُؤْمِنِينَ , أَلَيْسَ آمَنُوا لِرَسُولِ اللَّه صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جَاءَ بِهِ ؟ قَالَ : فَالْإِيمَان : التَّصْدِيق . وَفِي قَوْله : { إِنِّي مُهَاجِر إِلَى رَبِّي } قَالَ : كَانَتْ هِجْرَته إِلَى الشَّام . وَقَالَ اِبْن زَيْد فِي حَدِيث الذِّئْب الَّذِي كَلَّمَ الرَّجُل , فَأَخْبَرَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَآمَنْت لَهُ أَنَا وَأَبُو بَكْر وَعُمَر , وَلَيْسَ أَبُو بَكْر وَلَا عُمَر مَعَهُ " يَعْنِي آمَنْت لَهُ : صَدَّقْته . 21117 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , فِي قَوْله { فَآمَنَ لَهُ لُوط وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِر إِلَى رَبِّي } قَالَ : إِلَى حَرَّان , ثُمَّ أُمِرَ بَعْد بِالشَّأْمِ الَّذِي هَاجَرَ إِبْرَاهِيم , وَهُوَ أَوَّل مَنْ هَاجَرَ يَقُول : { فَآمَنَ لَهُ لُوط وَقَالَ إِبْرَاهِيم إِنِّي مُهَاجِر } الْآيَة . 21118 -حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله { فَآمَنَ لَهُ لُوط وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِر إِلَى رَبِّي } إِبْرَاهِيم الْقَائِل : إِنِّي مُهَاجِر إِلَى رَبِّي . وَقَوْله : { إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم } يَقُول : إِنَّ رَبِّي هُوَ الْعَزِيز الَّذِي لَا يَذِلّ مَنْ نَصَرَهُ , وَلَكِنَّهُ يَمْنَعهُ مِمَّنْ أَرَادَهُ بِسُوءٍ , وَإِلَيْهِ هِجْرَته , الْحَكِيم فِي تَدْبِيره خَلْقه , وَتَصْرِيفه إِيَّاهُمْ فِيمَا صَرَفَهُمْ فِيهِ .'; $TAFSEER['3']['29']['27'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاق وَيَعْقُوب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَرَزَقْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِسْحَاق وَلَدًا , وَيَعْقُوب مِنْ بَعْده وَلَد وَلَد . كَمَا : 21119 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاق وَيَعْقُوب } قَالَ : هُمَا وَلَدَا إِبْرَاهِيم . وَقَوْله : { وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّته النُّبُوَّة وَالْكِتَاب } بِمَعْنَى الْجَمْع , يُرَاد بِهِ الْكُتُب , وَلَكِنَّهُ خَرَجَ مَخْرَج قَوْلهمْ : كَثُرَ الدِّرْهَم وَالدِّينَار عِنْد فُلَان . وَقَوْله : { وَآتَيْنَاهُ أَجْره فِي الدُّنْيَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَعْطَيْنَاهُ ثَوَاب بَلَائِهِ فِينَا فِي الدُّنْيَا { وَإِنَّهُ } مَعَ ذَلِكَ { فِي الْآخِرَة لَمِنْ الصَّالِحِينَ } فَلَهُ هُنَاكَ أَيْضًا جَزَاء الصَّالِحِينَ , غَيْر مُنْتَقَص حَظّه بِمَا أُعْطَى فِي الدُّنْيَا مِنْ الْأَجْر عَلَى بَلَائِهِ فِي اللَّه , عَمَّا لَهُ عِنْده فِي الْآخِرَة . وَقِيلَ : إِنَّ الْأَجْر الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , أَنَّهُ آتَاهُ إِبْرَاهِيم فِي الدُّنْيَا هُوَ الثَّنَاء الْحَسَن , وَالْوَلَد الصَّالِح. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21120 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَآتَيْنَاهُ أَجْره فِي الدُّنْيَا } قَالَ : الثَّنَاء . 21121 - حَدَّثني أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ لَيْث قَالَ : أَرْسَلَ مُجَاهِد رَجُلًا يُقَال لَهُ قَاسِم إِلَى عِكْرِمَة يَسْأَلهُ عَنْ قَوْله { وَآتَيْنَا أَجْره فِي الدُّنْيَا . وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَة لَمِنْ الصَّالِحِينَ } قَالَ : قَالَ أَجْره فِي الدُّنْيَا أَنَّ كُلّ مِلَّة تَتَوَلَّاهُ , وَهُوَ عِنْد اللَّه مِنْ الصَّالِحِينَ , قَالَ : فَرَجَعَ إِلَى مُجَاهِد فَقَالَ : أَصَابَ . 21122 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ مَنْدَل , عَمَّنْ ذَكَرَهُ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَآتَيْنَاهُ أَجْره فِي الدُّنْيَا } قَالَ : الْوَلَد الصَّالِح وَالثَّنَاء. * حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَآتَيْنَاهُ أَجْره فِي الدُّنْيَا } يَقُول : الذِّكْر الْحَسَن . 21123 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَآتَيْنَاهُ أَجْره فِي الدُّنْيَا } قَالَ : عَافِيَة وَعَمَلًا صَالِحًا , وَثَنَاء حَسَنًا , فَلَسْت بِلَاقٍ أَحَدًا مِنْ الْمِلَل إِلَّا يَرَى إِبْرَاهِيم وَيَتَوَلَّاهُ { وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَة لَمِنْ الصَّالِحِينَ }'; $TAFSEER['3']['29']['28'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَد مِنْ الْعَالَمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاذْكُرْ لُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ : إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الذُّكْرَان { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا } يَعْنِي بِالْفَاحِشَةِ الَّتِي كَانُوا يَأْتُونَهَا , وَهِيَ إِتْيَان الذُّكْرَان { مِنْ أَحَد مِنْ الْعَالَمِينَ } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21124 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن خَالِد بْن خِدَاش وَيَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَا : ثَنَا إِسْمَاعِيل ابْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , فِي قَوْله { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَد مِنْ الْعَالَمِينَ } قَالَ : مَا نَزَا ذَكَر عَلَى ذَكَر حَتَّى كَانَ قَوْم لُوط .'; $TAFSEER['3']['29']['29'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَال وَتَقْطَعُونَ السَّبِيل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل لُوط لِقَوْمِهِ { أَئِنَّكُمْ } أَيّهَا الْقَوْم { لَتَأْتُونَ الرِّجَال } فِي أَدْبَارهمْ { وَتَقْطَعُونَ السَّبِيل } يَقُول : وَتَقْطَعُونَ الْمُسَافِرِينَ عَلَيْكُمْ بِفِعْلِكُمْ الْخَبِيث , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِمَنْ مَرَّ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمُسَافِرِينَ , مَنْ وَرَدَ بِلَادهمْ مِنْ الْغُرَبَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21125 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { وَتَقْطَعُونَ السَّبِيل } قَالَ : السَّبِيل : الطَّرِيق . الْمُسَافِر إِذَا مَرَّ بِهِمْ , وَهُوَ اِبْن السَّبِيل قَطَعُوا بِهِ , وَعَمِلُوا بِهِ ذَلِكَ الْعَمَل الْخَبِيث . وَقَوْله : { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنْكَر } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمُنْكَر الَّذِي عَنَاهُ اللَّه , الَّذِي كَانَ هَؤُلَاءِ الْقَوْم يَأْتُونَهُ فِي نَادِيهمْ , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَضَارَطُونَ فِي مَجَالِسهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21126 - حَدَّثني عَبْد الرَّحْمَن بْن الْأَسْوَد , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن رَبِيعَة , قَالَ : ثَنَا رَوْح بْن عُطَيْفَة الثَّقَفِيّ , عَنْ عَمْرو بْن مُصْعَب , عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , عَنْ عَائِشَة , فِي قَوْله { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنْكَر } قَالَ : الضُّرَاط . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْذِفُونَ مَنْ مَرَّ بِهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21127 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَابْن وَكِيع قَالَا : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ حَاتِم بْن أَبِي صَغِيرَة , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أُمّ هَانِئ , قَالَتْ : سَأَلْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْله { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنْكَر } قَالَ : " كَانُوا يَخْذِفُونَ أَهْل الطَّرِيق وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ " فَهُوَ الْمُنْكَر الَّذِي كَانُوا يَأْتُونَ. 21128 - حَدَّثَنَا الرَّبِيع , قَالَ : ثَنَا أَسَد , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , بِإِسْنَادِهِ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْله. * حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْدَة الضَّبِّيّ , قَالَ : ثَنَا سُلَيْم بْن أَخْضَر , قَالَ : ثَنَا أَبُو يُونُس الْقُشَيْرِيّ , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ أَبِي صَالِح مَوْلَى أُمّ هَانِئ , أَنَّ أُمّ هَانِئ سُئِلَتْ عَنْ هَذِهِ الْآيَة { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنْكَر } فَقَالَتْ : سَأَلْت عَنْهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " كَانُوا يَخْذِفُونَ أَهْل الطَّرِيق , وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ". 21129 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عُمَر بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة يَقُول فِي قَوْله { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنْكَر } قَالَ : كَانُوا يُؤْذُونَ أَهْل الطَّرِيق يَخْذِفُونَ مَنْ مَرَّ بِهِمْ . * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ عُمَر بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة قَالَ : الْخَذْف . 21130 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنْكَر } قَالَ : كَانَ كُلّ مَنْ مَرَّ بِهِمْ خَذَفُوهُ فَهُوَ الْمُنْكَر . * حَدَّثَنَا الرَّبِيع , قَالَ : ثَنَا أَسَد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد بْن زَيْد , قَالَ : ثَنَا حَاتِم بْن أَبِي صَغِيرَة , قَالَ : ثَنَا سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ بَاذَام , عَنْ أَبِي صَالِح مَوْلَى أُمّ هَانِئ , عَنْ أُمّ هَانِئ , قَالَتْ : سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنْكَر } قَالَ : " كَانُوا يَجْلِسُونَ بِالطَّرِيقِ , فَيَخْذِفُونَ أَبْنَاء السَّبِيل , وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ". وَقَالَ بَعْضهمْ : بَلْ كَانَ ذَلِكَ إِتْيَانهمْ الْفَاحِشَة فِي مَجَالِسهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21131 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : كَانَ يَأْتِي بَعْضهمْ بَعْضًا فِي مَجَالِسهمْ , يَعْنِي قَوْله { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنْكَر } * حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثَنَا ثَابِت بْن مُحَمَّد اللَّيْثِيّ , قَالَ : ثَنَا فُضَيْل بْن عِيَاض , عَنْ مَنْصُور بْن الْمُعْتَمِر , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنْكَر } قَالَ : كَانَ يُجَامِع بَعْضهمْ بَعْضًا فِي الْمَجَالِس . * حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنْكَر } قَالَ : كَانَ يَأْتِي بَعْضهمْ بَعْضًا فِي الْمَجَالِس . * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : كَانُوا يُجَامِعُونَ الرِّجَال فِي مَجَالِسهمْ . * حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنْكَر } قَالَ : الْمَجَالِس , وَالْمُنْكَر : إِتْيَانهمْ الرِّجَال . 21132 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنْكَر } قَالَ : كَانُوا يَأْتُونَ الْفَاحِشَة فِي نَادِيهمْ. 21133 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنْكَر } قَالَ : نَادِيهمْ : الْمَجَالِس , وَالْمُنْكَر : عَمَلهمْ الْخَبِيث الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَهُ , كَانُوا يَعْتَرِضُونَ بِالرَّاكِبِ فَيَأْخُذُونَهُ وَيَرْكَبُونَهُ . وَقَرَأَ { أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ } 27 54 وَقَرَأَ { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَد مِنْ الْعَالَمِينَ } 21134 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنْكَر } يَقُول : فِي مَجَالِسكُمْ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : وَتَخْذِفُونَ فِي مَجَالِسكُمْ الْمَارَّة بِكُمْ , وَتَسْخَرُونَ مِنْهُمْ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الرِّوَايَة بِذَلِكَ عَنْ رَسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَوْله : { فَمَا كَانَ جَوَاب قَوْمه إِلَّا أَنْ قَالُوا اِئْتِنَا بِعَذَابِ اللَّه إِنْ كُنْت مِنْ الصَّادِقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمْ يَكُنْ جَوَاب قَوْم لُوط إِذْ نَهَاهُمْ عَمَّا يَكْرَههُ اللَّه مِنْ إِتْيَان الْفَوَاحِش الَّتِي حَرَّمَهَا اللَّه إِلَّا قِيلهمْ : اِئْتِنَا بِعَذَابِ اللَّه الَّذِي تَعِدنَا , إِنْ كُنْت مِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا تَقُول , وَالْمُنْجِزِينَ لِمَا تَعِد .'; $TAFSEER['3']['29']['30'] = 'لَمْ يَتَعَرَّض الْمُصَنِّف لَهَا بِالتَّفْسِيرِ'; $TAFSEER['3']['29']['31'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلنَا إِبْرَاهِيم بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْل هَذِهِ الْقَرْيَة إِنَّ أَهْلهَا كَانُوا ظَالِمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلنَا إِبْرَاهِيم بِالْبُشْرَى } مِنْ اللَّه بِإِسْحَاق , وَمِنْ وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب , { قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْل هَذِهِ الْقَرْيَة } يَقُول : قَالَتْ رُسُل اللَّه لِإِبْرَاهِيم : إِنَّا مُهْلِكُو أَهْل هَذِهِ الْقَرْيَة , قَرْيَة سَدُوم , وَهِيَ قَرْيَة قَوْم لُوط { إِنَّ أَهْلهَا كَانُوا ظَالِمِينَ } يَقُول : إِنَّ أَهْلهَا كَانُوا ظَالِمِي أَنْفُسهمْ بِمَعْصِيَتِهِمْ اللَّه , وَتَكْذِيبهمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 21135 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلنَا إِبْرَاهِيم بِالْبُشْرَى } إِلَى قَوْله { نَحْنُ أَعْلَم بِمَنْ فِيهَا } قَالَ : فَجَادَلَ إِبْرَاهِيم الْمَلَائِكَة فِي قَوْم لُوط أَنْ يُتْرَكُوا , قَالَ : فَقَالَ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ فِيهَا عَشَرَة أَبْيَات مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَتَتْرُكُونَهُمْ ؟ فَقَالَتْ الْمَلَائِكَة : لَيْسَ فِيهَا عَشَرَة أَبْيَات , وَلَا خَمْسَة , وَلَا أَرْبَعَة , وَلَا ثَلَاثَة , وَلَا اِثْنَانِ ; قَالَ : فَحَزِنَ عَلَى لُوط وَأَهْل بَيْته , فَقَالَ { إِنَّ فِيهَا لُوطًا , قَالُوا نَحْنُ أَعْلَم بِمَنْ فِيهَا , لَأُنْجِيَنهُ وَأَهْله , إِلَّا اِمْرَأَته كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ } فَذَلِكَ قَوْله : { يُجَادِلنَا فِي قَوْم لُوط , إِنَّ إِبْرَاهِيم لَحَلِيم أَوَّاه مُنِيب } 11 74 : 75 فَقَالَتْ الْمَلَائِكَة : { يَا إِبْرَاهِيم أَعْرِضْ عَنْ هَذَا , إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْر رَبّك , وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَاب غَيْر مَرْدُود } 11 76 فَبَعَثَ اللَّه إِلَيْهِمْ جَبْرَائِيل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَانْتَسَفَ الْمَدِينَة وَمَا فِيهَا بِأَحَدِ جَنَاحَيْهِ , فَجَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا , وَتَتَّبِعهُمْ بِالْحِجَارَةِ بِكُلِّ أَرْض .'; $TAFSEER['3']['29']['32'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَم بِمَنْ فِيهَا لَأُنْجِيَنهُ وَأَهْله إِلَّا اِمْرَأَته كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ إِبْرَاهِيم لِلرُّسُلِ مِنْ الْمَلَائِكَة , إِذْ قَالُوا لَهُ : { إِنَّا مُهْلِكُو أَهْل هَذِهِ الْقَرْيَة إِنَّ أَهْلهَا كَانُوا ظَالِمِينَ } فَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْهُمْ أَحَدًا , إِذْ وَصَفُوهُمْ بِالظُّلْمِ : إِنَّ فِيهَا لُوطًا , وَلَيْسَ مِنْ الظَّالِمِينَ , بَلْ هُوَ مِنْ رُسُل اللَّه , وَأَهْل الْإِيمَان بِهِ , وَالطَّاعَة لَهُ , فَقَالَتْ الرُّسُل لَهُ : { نَحْنُ أَعْلَم بِمَنْ فِيهَا } مِنْ الظَّالِمِينَ الْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ مِنْك , وَإِنَّ لُوطًا لَيْسَ مِنْهُمْ , بَلْ هُوَ كَمَا قُلْت مِنْ أَوْلِيَاء اللَّه , لَأُنْجِيَنهُ وَأَهْله مِنْ الْهَلَاك الَّذِي هُوَ نَازِل بِأَهْلِ قَرْيَته { إِلَّا اِمْرَأَته كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ } الَّذِينَ أَبْقَتْهُمْ الدُّهُور وَالْأَيَّام , وَتَطَاوَلَتْ أَعْمَارهمْ وَحَيَاتهمْ , وَإِنَّهَا هَالِكَة مِنْ بَيْن أَهْل لُوط مَعَ قَوْمهَا .'; $TAFSEER['3']['29']['33'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلنَا لُوطًا } مِنْ الْمَلَائِكَة { سِيءَ بِهِمْ } يَقُول : سَاءَتْهُ الْمَلَائِكَة بِمَجِيئِهِمْ إِلَيْهِ , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ تَضَيَّفُوهُ , فَسَاءُوهُ بِذَلِكَ , فَقَوْله { سِيءَ بِهِمْ } : فَعَلَ بِهِمْ , مَنْ سَاءَهُ بِذَلِكَ . وَذُكِرَ عَنْ قَتَادَة أَنَّهُ كَانَ يَقُول : سَاءَ ظَنّه بِقَوْمِهِ , وَضَاقَ بِضَيْفِهِ ذَرْعًا . 21136 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْهُ { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا } يَقُول : وَضَاقَ ذَرْعه بِضِيَافَتِهِمْ لِمَا عَلِمَ مِنْ خُبْث فِعْل قَوْمه . كَمَا : * حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا } قَالَ : بِالضِّيَافَةِ مَخَافَة عَلَيْهِمْ مِمَّا يَعْلَم مِنْ شَرّ قَوْمه . وَقَوْله : { وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَن } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ الرُّسُل لِلُوطٍ : لَا تَخَفْ عَلَيْنَا أَنْ يَصِل إِلَيْنَا قَوْمك , وَلَا تَحْزَن مِمَّا أَخْبَرْنَاك مِنْ إِنَّا مُهْلِكُوهُمْ , وَذَلِكَ أَنَّ الرُّسُل قَالَتْ لَهُ : { يَا لُوط إِنَّا رُسُل رَبّك لَنْ يَصِلُوا إِلَيْك فَأَسْرِ بِأَهْلِك بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْل } 11 81 { إِنَّا مُنَجُّوك } مِنْ الْعَذَاب الَّذِي هُوَ نَازِل بِقَوْمِك. { وَأَهْلك } يَقُول : وَمُنَجُّو أَهْلك مَعَك { إِلَّا اِمْرَأَتك } فَإِنَّهَا هَالِكَة فِيمَنْ يَهْلِك مِنْ قَوْمهَا , كَانَتْ مِنْ الْبَاقِينَ الَّذِينَ طَالَتْ أَعْمَارهمْ .'; $TAFSEER['3']['29']['34'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْل هَذِهِ الْقَرْيَة رِجْزًا مِنْ السَّمَاء } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل الرُّسُل لِلُوطٍ { إِنَّا مُنْزِلُونَ } يَا لُوط { عَلَى أَهْل هَذِهِ الْقَرْيَة } سَدُوم { رِجْزًا مِنْ السَّمَاء } يَعْنِي عَذَابًا . كَمَا : 21137 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْل هَذِهِ الْقَرْيَة رِجْزًا } : أَيْ عَذَابًا . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الرِّجْز وَمَا فِيهِ مِنْ أَقْوَال أَهْل التَّأْوِيل فِيمَا مَضَى , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَقَوْله : { بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } يَقُول : بِمَا كَانُوا يَأْتُونَ مِنْ مَعْصِيَة اللَّه , وَيَرْكَبُونَ مِنْ الْفَاحِشَة .'; $TAFSEER['3']['29']['35'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَة بَيِّنَة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ أَبْقَيْنَا مِنْ فِعْلَتنَا الَّتِي فَعَلْنَا بِهِمْ آيَة , يَقُول : عِبْرَة بَيِّنَة وَعِظَة وَاعِظَة , لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ عَنْ اللَّه حُجَجه , وَيَتَفَكَّرُونَ فِي مَوَاعِظه , وَتِلْكَ الْآيَة الْبَيِّنَة هِيَ عِنْدِي عَفْو آثَارهمْ , وَدُرُوس مَعَالِمهمْ . وَذُكِرَ عَنْ قَتَادَة فِي ذَلِكَ مَا : 21138 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَة بَيِّنَة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } قَالَ : هِيَ الْحِجَارَة الَّتِي أُمْطِرَتْ عَلَيْهِمْ . 21139 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { مِنْهَا آيَة بَيِّنَة } قَالَ : عِبْرَة .'; $TAFSEER['3']['29']['36'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِلَى مَدْيَن أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قُوْم اُعْبُدُوا اللَّه وَارْجُوا الْيَوْم الْآخِر وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْض مُفْسِدِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَرْسَلْت إِلَى مَدْيَن أَخَاهُمْ شُعَيْبًا , فَقَالَ لَهُمْ : يَا قَوْم اُعْبُدُوا اللَّه وَحْده , وَذِلُّوا لَهُ بِالطَّاعَةِ , وَاخْضَعُوا لَهُ بِالْعِبَادَةِ { وَارْجُوا الْيَوْم الْآخِر } يَقُول : وَارْجُوا بِعِبَادَتِكُمْ إِيَّايَ جَزَاء الْيَوْم الْآخِر , وَذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة { وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْض مُفْسِدِينَ } يَقُول : وَلَا تُكْثِرُوا فِي الْأَرْض مَعْصِيَة اللَّه , وَلَا تُقِيمُوا عَلَيْهَا , وَلَكِنْ تُوبُوا إِلَى اللَّه مِنْهَا وَأَنِيبُوا . وَقَدْ كَانَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب يَتَأَوَّل قَوْله : { وَارْجُوا الْيَوْم الْآخِر } بِمَعْنَى : وَاخْشُوا الْيَوْم الْآخِر . وَكَانَ غَيْره مِنْ أَهْل الْعِلْم بِالْعَرَبِيَّةِ يُنْكِر ذَلِكَ وَيَقُول : لَمْ نَجِد الرَّجَاء بِمَعْنَى الْخَوْف فِي كَلَام الْعَرَب إِلَّا إِذَا قَارَنَهُ الْجَحْد.'; $TAFSEER['3']['29']['37'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَة فَأَصْبَحُوا فِي دَارهمْ جَاثِمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَكَذَّبَ أَهْلُ مَدْيَن شُعَيْبًا فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ عَنْ اللَّه مِنْ الرِّسَالَة , فَأَخَذَتْهُمْ رَجْفَة الْعَذَاب فَأَصْبَحُوا فِي دَارهمْ جَاثِمِينَ جُثُومًا , بَعْضهمْ عَلَى بَعْض مَوْتَى . كَمَا : 21140 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَأَصْبَحُوا فِي دَارهمْ جَاثِمِينَ } : أَيْ مَيِّتِينَ .'; $TAFSEER['3']['29']['38'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَعَادًا وَثَمُود وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاذْكُرُوا أَيّهَا الْقَوْم عَادًا وَثَمُود , وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنهمْ خَرَابهَا وَخَلَاؤُهَا مِنْهُمْ بِوَقَائِعِنَا بِهِمْ , وَحُلُول سَطْوَتنَا بِجَمِيعِهِمْ { وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان أَعْمَالهمْ } يَقُول : وَحَسَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان كُفْرهمْ بِاَللَّهِ , وَتَكْذِيبهمْ رُسُله { فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيل } يَقُول : فَرَدَّهُمْ بِتَزْيِينِهِ لَهُمْ مَا زَيَّنَ لَهُمْ مِنْ الْكُفْر , عَنْ سَبِيل اللَّه , الَّتِي هِيَ الْإِيمَان بِهِ وَرُسُله , وَمَا جَاءُوهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ { وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ } يَقُول : وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ فِي ضَلَالَتهمْ , مُعْجَبِينَ بِهَا , يَحْسِبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى هُدًى وَصَوَاب , وَهُمْ عَلَى الضَّلَال. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21141 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيل , وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ } يَقُول : كَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ فِي دِينهمْ . 21142 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ } فِي الضَّلَالَة . 21143 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ } فِي ضَلَالَتهمْ مُعْجَبِينَ بِهَا . 21144 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله { وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ } يَقُول : فِي دِينهمْ .'; $TAFSEER['3']['29']['39'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَارُون وَفِرْعَوْن وَهَامَان وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْض وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّد قَارُون وَفِرْعَوْن وَهَامَان , وَلَقَدْ جَاءَ جَمِيعهمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ , يَعْنِي بِالْوَاضِحَاتِ مِنْ الْآيَات , فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْض عَنْ التَّصْدِيق بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ الْآيَات , وَعَنْ اِتِّبَاع مُوسَى صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ { وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ } : يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا كَانُوا سَابِقِينَا بِأَنْفُسِهِمْ , فَيَفُوتُونَا , بَلْ كُنَّا مُقْتَدِرِينَ عَلَيْهِمْ.'; $TAFSEER['3']['29']['40'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَة وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْض وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَخَذْنَا جَمِيع هَذِهِ الْأُمَم الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لَك يَا مُحَمَّد بِعَذَابِنَا { فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا } وَهُمْ قَوْم لُوط , الَّذِينَ أَمْطَرَ اللَّه عَلَيْهِمْ حِجَارَة مِنْ سِجِّيل مَنْضُود , وَالْعَرَب تُسَمِّي الرِّيح الْعَاصِف الَّتِي فِيهَا الْحَصَى الصِّغَار أَوْ الثَّلْج أَوْ الْبَرْد وَالْجَلِيد حَاصِبًا ; وَمِنْهُ قَوْل الْأَخْطَل : وَلَقَدْ عَلِمْت إِذَا الْعِشَار تَرَوَّحَتْ هَدَجَ الرِّئَالِ يَكُبّهُنَّ شَمَالَا تَرْمِي الْعِضَاه بِحَاصِبٍ مِنْ ثَلْجهَا حَتَّى يَبِيت عَلَى الْعِضَاه جُفَالَا وَقَالَ الْفَرَزْدَق : مُسْتَقْبِلِينَ شِمَال الشَّأْم تَضْرِبنَا بِحَاصِبٍ كَنَدِيفِ الْقُطْن مَنْثُور وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21145 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : { فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا } قَوْم لُوط . 21146 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا } وَهُمْ قَوْم لُوط . { وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَة } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِينَ عَنَوْا بِذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ ثَمُود قَوْم صَالِح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21147 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس { وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَة } ثَمُود. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُمْ قَوْم شُعَيْب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21148 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَة } قَوْم شُعَيْب . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه قَدْ أَخْبَرَ عَنْ ثَمُود وَقَوْم شُعَيْب مِنْ أَهْل مَدْيَن أَنَّهُ أَهْلَكَهُمْ بِالصَّيْحَةِ فِي كِتَابه فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع , ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَمِنْ الْأُمَم الَّتِي أَهْلَكْنَاهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا , وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَة , فَلَمْ يُخَصَّص الْخَبَر بِذَلِكَ عَنْ بَعْض مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَة مِنْ الْأُمَم دُون بَعْض , وَكِلَا الْأُمَّتَيْنِ أَعْنِي ثَمُود وَمَدْيَن قَدْ أَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَة . وَقَوْله : { وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْض } : يَعْنِي بِذَلِكَ قَارُون . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21149 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : { وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْض } قَارُون { وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا } يَعْنِي : قَوْم نُوح وَفِرْعَوْن وَقَوْمه. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ : قَوْم نُوح عَلَيْهِ السَّلَام ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21150 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : { وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا } قَوْم نُوح . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُمْ قَوْم فِرْعَوْن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21151 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا } قَوْم فِرْعَوْن . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , أَنَّ يُقَال : عُنِيَ بِهِ قَوْم نُوح وَفِرْعَوْن وَقَوْمه , لِأَنَّ اللَّه لَمْ يُخَصِّص , بِذَلِكَ إِحْدَى الْأُمَّتَيْنِ دُون الْأُخْرَى , وَقَدْ كَانَ أَهْلَكَهُمَا قَبْل نُزُول هَذَا الْخَبَر عَنْهُمَا , فَهُمَا مَعْنِيَّتَانِ بِهِ . وَقَوْله : { وَمَا كَانَ اللَّه لِيَظْلِمهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسهمْ يَظْلِمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَمْ يَكُنْ اللَّه لِيُهْلِك هَؤُلَاءِ الْأُمَم الَّذِينَ أَهْلَكَهُمْ بِذُنُوبِ غَيْرهمْ , فَيَظْلِمهُمْ بِإِهْلَاكِهِ إِيَّاهُمْ بِغَيْرِ اِسْتِحْقَاق , بَلْ إِنَّمَا أَهْلَكَهُمْ بِذُنُوبِهِمْ , وَكُفْرهمْ بِرَبِّهِمْ , وَجُحُودهمْ نِعَمه عَلَيْهِمْ , مَعَ تَتَابُع إِحْسَانه عَلَيْهِمْ , وَكَثْرَة أَيَادِيه عِنْدهمْ , وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسهمْ يَظْلِمُونَ بِتَصَرُّفِهِمْ فِي نِعَم رَبّهمْ , وَتَقَلُّبهمْ فِي آلَائِهِ وَعِبَادَتهمْ غَيْره , وَمَعْصِيَتهمْ مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ.'; $TAFSEER['3']['29']['41'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَثَل الَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُون اللَّه أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوت اِتَّخَذَتْ بَيْتًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَثَل الَّذِينَ اِتَّخَذُوا الْآلِهَة وَالْأَوْثَان مِنْ دُون اللَّه أَوْلِيَاء يَرْجُونَ نَصْرهَا وَنَفْعهَا عِنْد حَاجَتهمْ إِلَيْهَا فِي ضَعْف اِحْتِيَالهمْ , وَقُبْح رِوَايَاتهمْ , وَسُوء اِخْتِيَارهمْ لِأَنْفُسِهِمْ , كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوت فِي ضَعْفهَا , وَقِلَّة اِحْتِيَالهَا لِنَفْسِهَا , اِتَّخَذَتْ بَيْتًا لِنَفْسِهَا , كَيْمَا يُكِنّهَا , فَلَمْ يُغْنِ عَنْهَا شَيْئًا عِنْد حَاجَتهَا إِلَيْهِ , فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ لَمْ يُغْنِ عَنْهُمْ حِين نَزَلَ بِهِمْ أَمْر اللَّه , وَحَلَّ بِهِمْ سَخَطه أَوْلِيَاؤُهُمْ الَّذِينَ اِتَّخَذُوهُمْ مِنْ دُون اللَّه شَيْئًا , وَلَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُمْ مَا أَحَلَّ اللَّه بِهِمْ مِنْ سَخَطه بِعِبَادَتِهِمْ إِيَّاهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21152 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { مَثَل الَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُون اللَّه أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوت اِتَّخَذْت بَيْتًا } إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : ذَلِكَ مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لِمَنْ عَبَدَ غَيْره , إِنَّ مَثَله كَمَثَلِ بَيْت الْعَنْكَبُوت . 21153 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { مَثَل الَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُون اللَّه أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوت } قَالَ : هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لِلْمُشْرِكِ مَثَل إِلَهه الَّذِي يَدْعُوهُ مِنْ دُون اللَّه كَمَثَلِ بَيْت الْعَنْكَبُوت وَاهِن ضَعِيف لَا يَنْفَعهُ . 21154 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { مَثَل الَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُون اللَّه أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوت اِتَّخَذَتْ بَيْتًا } قَالَ : هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه , لَا يُغْنِي أَوْلِيَاؤُهُمْ عَنْهُمْ شَيْئًا كَمَا لَا يُغْنِي الْعَنْكَبُوت بَيْتهَا هَذَا . وَقَوْله : { وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوت } يَقُول : وَإِنَّ أَضْعَف الْبُيُوت { لَبَيْت الْعَنْكَبُوت لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُون اللَّه أَوْلِيَاء , يَعْلَمُونَ أَنَّ أَوْلِيَاءَهُمْ الَّذِينَ اِتَّخَذُوهُمْ مِنْ دُون اللَّه فِي قِلَّة غَنَائِهِمْ عَنْهُمْ , كَغَنَاءِ بَيْت الْعَنْكَبُوت عَنْهَا , لَكِنَّهُمْ يَجْهَلُونَ ذَلِكَ , فَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يَنْفَعُونَهُمْ وَيُقَرِّبُونَهُمْ إِلَى اللَّه زُلْفَى .'; $TAFSEER['3']['29']['42'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه يَعْلَم مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونه مِنْ شَيْء } اِخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { إِنَّ اللَّه يَعْلَم مَا يَدْعُونَ } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار " تَدْعُونَ " بِالتَّاءِ بِمَعْنَى الْخِطَاب لِمُشْرِكِي قُرَيْش { إِنَّ اللَّه } أَيّهَا النَّاس " يَعْلَم مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ مِنْ دُونه مِنْ شَيْء ". وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو عَمْرو : { إِنَّ اللَّه يَعْلَم مَا يَدْعُونَ } بِالْيَاءِ بِمَعْنَى الْخَبَر عَنْ الْأُمَم , إِنَّ اللَّه يَعْلَم مَا يَدْعُوا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَهْلَكْنَاهُمْ مِنْ الْأُمَم مِنْ دُونه مِنْ شَيْء . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا , قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ بِالتَّاءِ , لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ خَبَرًا عَنْ الْأُمَم الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّه أَنَّهُ أَهْلَكَهُمْ , لَكَانَ الْكَلَام : إِنَّ اللَّه يَعْلَم مَا كَانُوا يَدْعُونَ , لِأَنَّ الْقَوْم فِي حَال نُزُول هَذَا الْخَبَر عَلَى نَبِيّ اللَّه لَمْ يَكُونُوا مَوْجُودِينَ , إِذْ كَانُوا قَدْ هَلَكُوا فَبَادُوا , وَإِنَّمَا يُقَال : إِنَّ اللَّه يَعْلَم مَا تَدْعُونَ إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْخَبَر عَنْ مَوْجُودِينَ , لَا عَمَّنْ قَدْ هَلَكَ. فَتَأْوِيل الْكَلَام إِنْ كَانَ الْأَمْر كَمَا وَصَفْنَا : إِنَّ اللَّه يَعْلَم أَيّهَا الْقَوْم حَال مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونه مِنْ شَيْء , وَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعكُمْ وَلَا يَضُرّكُمْ , إِنْ أَرَادَ اللَّه بِكُمْ سُوءًا , وَلَا يُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا ; وَإِنَّ مَثَله فِي قِلَّة غِنَائِهِ عَنْكُمْ , مَثَل بَيْت الْعَنْكَبُوت فِي غِنَائِهِ عَنْهَا . وَقَوْله : { وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم } يَقُول : وَاَللَّه الْعَزِيز فِي اِنْتِقَامه مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ , وَأَشْرَكَ فِي عِبَادَته مَعَهُ غَيْره فَاتَّقُوا أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ بِهِ عِقَابه بِالْإِيمَانِ بِهِ قَبْل نُزُوله بِكُمْ , كَمَا نَزَلَ بِالْأُمَمِ الَّذِينَ قَصَّ اللَّه قِصَصهمْ فِي هَذِهِ السُّورَة عَلَيْكُمْ , فَإِنَّهُ إِنْ نَزَلَ بِكُمْ عِقَابه لَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ أَوْلِيَاؤُكُمْ الَّذِينَ اِتَّخَذْتُمُوهُمْ مِنْ دُونه أَوْلِيَاء , كَمَا لَمْ يُغْنِ عَنْهُمْ مِنْ قَبْلكُمْ أَوْلِيَاؤُهُمْ الَّذِينَ اِتَّخَذُوهُمْ مِنْ دُونه , { الْحَكِيم } فِي تَدْبِيره خَلْقه , فَمُهْلِك مَنْ اِسْتَوْجَبَ الْهَلَاك فِي الْحَال الَّتِي هَلَاكه صَلَاح , وَالْمُؤَخِّر مَنْ أَخَّرَ هَلَاكه مِنْ كَفَرَة خَلْقه بِهِ إِلَى الْحِين الَّذِي فِي هَلَاكه الصَّلَاح .'; $TAFSEER['3']['29']['43'] = 'وَقَوْله : { وَتِلْكَ الْأَمْثَال نَضْرِبهَا لِلنَّاسِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَهَذِهِ الْأَمْثَال , وَهِيَ الْأَشْبَاه وَالنَّظَائِر نَضْرِبهَا لِلنَّاسِ يَقُول : نُمَثِّلهَا وَنُشَبِّههَا وَنَحْتَجّ بِهَا لِلنَّاسِ , كَمَا قَالَ الْأَعْشَى : هَلْ تَذْكُر الْعَهْد مِنْ تَنَمَّصَ إِذْ تَضْرِب لِي قَاعِدًا بِهَا مَثَلَا { وَمَا يَعْقِلهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا يَعْقِل أَنَّهُ أُصِيبَ بِهَذِهِ الْأَمْثَال الَّتِي نَضْرِبهَا لِلنَّاسِ مِنْهُمْ الصَّوَاب وَالْحَقّ فِيمَا ضَرَبْت لَهُ مَثَلًا إِلَّا الْعَالِمُونَ بِاَللَّهِ وَآيَاته .'; $TAFSEER['3']['29']['44'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { خَلَقَ اللَّه السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة لِلْمُؤْمِنِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خَلَقَ اللَّه يَا مُحَمَّد السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَحْده مُنْفَرِدًا بِخَلْقِهَا , لَا يُشْرِكهُ فِي خَلْقهَا شَرِيك { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة } يَقُول إِنَّ فِي خَلْقه ذَلِكَ لَحُجَّة لِمَنْ صَدَقَ بِالْحُجَجِ إِذَا عَايَنَهَا , وَالْآيَات إِذَا رَآهَا .'; $TAFSEER['3']['29']['45'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اُتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْك مِنْ الْكِتَاب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { اُتْلُ } يَعْنِي اِقْرَأْ { مَا أُوحِيَ إِلَيْك } مِنْ الْكِتَاب يَعْنِي مَا أُنْزِلَ إِلَيْك مِنْ هَذَا الْقُرْآن { وَأَقِمْ الصَّلَاة } يَعْنِي : وَأَدِّ الصَّلَاة الَّتِي فَرَضَهَا اللَّه عَلَيْك بِحُدُودِهَا . { إِنَّ الصَّلَاة تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الصَّلَاة الَّتِي ذُكِرَتْ فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهَا الْقُرْآن الَّذِي يُقْرَأ فِي مَوْضِع الصَّلَاة , أَوْ فِي الصَّلَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21155 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ أَبِي الْوَفَاء , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عُمَر { إِنَّ الصَّلَاة تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر } قَالَ : الْقُرْآن الَّذِي يُقْرَأ فِي الْمَسَاجِد . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهَا الصَّلَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21156 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { إِنَّ الصَّلَاة تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر } يَقُول : فِي الصَّلَاة مُنْتَهًى وَمُزْدَجَر عَنْ مَعَاصِي اللَّه . * حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا خَالِد بْن عَبْد اللَّه , عَنْ الْعَلَاء بْن الْمُسَيِّب , عَمَّنْ ذَكَرَهُ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْل اللَّه { إِنَّ الصَّلَاة تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر } مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاته عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر لَمْ يَزْدَدْ بِصَلَاتِهِ مِنْ اللَّه إِلَّا بُعْدًا . 21157 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا خَالِد , قَالَ : قَالَ الْعَلَاء بْن الْمُسَيِّب , عَنْ سَمُرَة بْن عَطِيَّة , قَالَ : قِيلَ لِابْنِ مَسْعُود , إِنَّ فُلَانًا كَثِير الصَّلَاة , قَالَ : فَإِنَّهَا لَا تَنْفَع إِلَّا مَنْ أَطَاعَهَا. * قَالَ ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مَالِك بْن الْحَارِث , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : مَنْ لَمْ تَأْمُرهُ صَلَاته بِالْمَعْرُوفِ , وَتَنْهَهُ عَنْ الْمُنْكَر , لَمْ يَزْدَدْ بِهَا مِنْ اللَّه إِلَّا بُعْدًا . 21158 - قَالَ ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن هَاشِم بْن الْبَرِيد , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن مَسْعُود , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " لَا صَلَاة لِمَنْ لَمْ يُطِعْ الصَّلَاة , وَطَاعَة الصَّلَاة أَنْ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر " قَالَ : قَالَ سُفْيَان { قَالُوا يَا شُعَيْب أَصَلَاتك تَأْمُرك } 11 87 قَالَ : فَقَالَ سُفْيَان : إِي وَاَللَّه تَأْمُرهُ وَتَنْهَاهُ . 21159 - قَالَ عَلِيّ : وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن مُسْلِم , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ صَلَّى صَلَاة لَمْ تَنْهَهُ عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر لَمْ يَزِدْ بِهَا مِنْ اللَّه إِلَّا بُعْدًا ". * حَدَّثني يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : الصَّلَاة إِذَا لَمْ تَنْهَهُ عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر , قَالَ : مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاته عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر , لَمْ يَزْدَدْ مِنْ اللَّه إِلَّا بُعْدًا . * حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة وَالْحَسَن , قَالَا : مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاته عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر , فَإِنَّهُ لَا يَزْدَاد مِنْ اللَّه بِذَلِكَ إِلَّا بُعْدًا . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاة تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر , كَمَا قَالَ اِبْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود. فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ تَنْهَى الصَّلَاة عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْنِيًّا بِهَا مَا يُتْلَى فِيهَا ؟ قِيلَ : تَنْهَى مَنْ كَانَ فِيهَا , فَتَحُول بَيْنه وَبَيْن إِتْيَان الْفَوَاحِش , لِأَنَّ شُغْله بِهَا يَقْطَعهُ عَنْ الشُّغْل بِالْمُنْكَرِ , وَلِذَلِكَ قَالَ اِبْن مَسْعُود : مَنْ لَمْ يُطِعْ صَلَاته لَمْ يَزْدَدْ مِنْ اللَّه إِلَّا بُعْدًا . وَذَلِكَ أَنَّ طَاعَته لَهَا إِقَامَته إِيَّاهَا بِحُدُودِهَا , وَفِي طَاعَته لَهَا مُزْدَجَر عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر. 21160 - حَدَّثَنَا أَبُو حُمَيْد الْحِمْصِيّ , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد الْعَطَّار , قَالَ : ثَنَا أَرَطْأَة , عَنْ اِبْن عَوْن , فِي قَوْل اللَّه { إِنَّ الصَّلَاة تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر } قَالَ : إِذَا كُنْت فِي صَلَاة , فَأَنْتَ فِي مَعْرُوف , وَقَدْ حَجَزَتْك عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر , وَالْفَحْشَاء : هُوَ الزِّنَا . وَالْمُنْكَر : مَعَاصِي اللَّه . وَمَنْ أَتَى فَاحِشَة أَوْ عَصَى اللَّه فِي صَلَاته بِمَا يُفْسِد صَلَاته , فَلَا شَكّ أَنَّهُ لَا صَلَاة لَهُ . وَقَوْله : { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَلَذِكْر اللَّه إِيَّاكُمْ أَفْضَل مِنْ ذِكْركُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21161 - حَدَّثني يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ عَبْد اللَّه بْن رَبِيعَة , قَالَ : قَالَ لِي اِبْن عَبَّاس : هَلْ تَدْرِي مَا قَوْله { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } قَالَ : قُلْت : نَعَمْ , قَالَ . فَمَا هُوَ ؟ قَالَ : قُلْت : التَّسْبِيح وَالتَّحْمِيد وَالتَّكْبِير فِي الصَّلَاة , وَقِرَاءَة الْقُرْآن وَنَحْو ذَلِكَ , قَالَ : لَقَدْ قُلْت قَوْلًا عَجَبًا وَمَا هُوَ كَذَلِكَ , وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا يَقُول : ذِكْر اللَّه إِيَّاكُمْ عِنْدَمَا أَمَرَ بِهِ أَوْ نَهَى عَنْهُ إِذَا ذَكَرْتُمُوهُ أَكْبَر مِنْ ذِكْركُمْ إِيَّاهُ. * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ اِبْن رَبِيعَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : ذِكْر اللَّه إِيَّاكُمْ أَكْبَر مِنْ ذِكْركُمْ إِيَّاهُ . * حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَبْد اللَّه بْن رَبِيعَة , قَالَ : سَأَلَنِي اِبْن عَبَّاس , عَنْ قَوْل اللَّه { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } فَقُلْت : ذِكْره بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِير وَالْقُرْآن حَسَن , وَذِكْره عِنْد الْمَحَارِم فَيُحْتَجَز عَنْهَا , فَقَالَ : لَقَدْ قُلْت قَوْلًا عَجِيبًا وَمَا هُوَ كَمَا قُلْت , وَلَكِنْ ذِكْر اللَّه إِيَّاكُمْ أَكْبَر مِنْ ذِكْركُمْ إِيَّاهُ . * حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ عَبْد اللَّه بْن رَبِيعَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } قَالَ : ذِكْر اللَّه لِلْعَبْدِ أَفْضَل مِنْ ذِكْره إِيَّاهُ . 21162 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى وَابْن وَكِيع , قَالَ اِبْن الْمُثَنَّى : ثني عَبْد الْأَعْلَى , وَقَالَ اِبْن وَكِيع : ثَنَا عَبْد الْأَعْلَى قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى , قَالَ : كُنْت قَاعِدًا عِنْد اِبْن عَبَّاس , فَجَاءَهُ رَجُل , فَسَأَلَ اِبْن عَبَّاس عَنْ ذِكْر اللَّه أَكْبَر , فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : الصَّلَاة وَالصَّوْم قَالَ : ذَاكَ ذِكْر اللَّه , قَالَ رَجُل : إِنِّي تَرَكْت رَجُلًا فِي رَحْلِي يَقُول غَيْر هَذَا , قَالَ : { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } قَالَ : ذِكْر اللَّه الْعِبَاد أَكْبَر مِنْ ذِكْر الْعِبَاد إِيَّاهُ , فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : صَدَقَ وَاَللَّه صَاحِبك. * حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب الْقُمِّيّ , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى اِبْن عَبَّاس , فَقَالَ : حَدِّثْنِي عَنْ قَوْل اللَّه { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } قَالَ : ذِكْر اللَّه لَكُمْ أَكْبَر مِنْ ذِكْركُمْ لَهُ . 21163 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } قَالَ : ذِكْر اللَّه لِلْعَبْدِ أَفْضَل مِنْ ذِكْره إِيَّاهُ . 21164 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثَنَا ابْن فُضَيْل , قَالَ : ثَنَا فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } قَالَ : هُوَ قَوْله : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُركُمْ } 2 152 وَذِكْر اللَّه إِيَّاكُمْ أَكْبَر مِنْ ذِكْركُمْ إِيَّاهُ . * حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَلَذِكْر اللَّه } لِعِبَادِهِ إِذَا ذَكَرُوهُ { أَكْبَر } مِنْ ذِكركُمْ إِيَّاهُ . 21165 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني . الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } قَالَ : ذِكْر اللَّه عَبْده أَكْبَر مِنْ ذِكْر الْعَبْد رَبّه فِي الصَّلَاة أَوْ غَيْرهَا . * حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : ذِكْر اللَّه إِيَّاكُمْ إِذَا ذَكَرْتُمُوهُ أَكْبَر مِنْ ذِكْركُمْ إِيَّاهُ . 21166 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر , عَنْ أَبِي قُرَّة , عَنْ سَلْمَان , مِثْله . 21167 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , قَالَ : ثني عَبْد الْحَمِيد بْن جَعْفَر , عَنْ صَالِح بْن أَبِي عَرِيب , عَنْ كَثِير بْن مُرَّة الْحَضْرَمِيّ , قَالَ : سَمِعْت أَبَا الدَّرْدَاء , يَقُول : " أَلَا أُخْبِركُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالكُمْ وَأَحَبّهَا إِلَى مَلِيككُمْ , وَأَرْفَعهَا فِي دَرَجَاتكُمْ , وَخَيْر مِنْ أَنْ تَغْزُوا عَدُوّكُمْ , فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقهمْ , وَخَيْر مِنْ إِعْطَاء الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم ؟ قَالُوا : مَا هُوَ ؟ قَالَ : ذِكْركُمْ رَبّكُمْ , وَذِكْر اللَّه أَكْبَر " . 21168 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر , عَنْ أَبِي قُرَّة , عَنْ سَلْمَان { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } قَالَ : قَالَ ذِكْر اللَّه إِيَّاكُمْ أَكْبَر مِنْ ذِكْركُمْ إِيَّاهُ . 21169 -قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر , قَالَ : سَأَلْت أَبَا قُرَّة , عَنْ قَوْله { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } قَالَ : ذِكْر اللَّه إِيَّاكُمْ أَكْبَر مِنْ ذِكْركُمْ إِيَّاهُ . 21170 -قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة قَالَا : ذِكْر اللَّه إِيَّاكُمْ أَكْبَر مِنْ ذِكْركُمْ إِيَّاهُ . * قَالَ : ثَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : هُوَ كَقَوْلِهِ : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُركُمْ } 2 152 فَذِكْر اللَّه إِيَّاكُمْ أَكْبَر مِنْ ذِكْركُمْ إِيَّاهُ. * قَالَ : ثَنَا حَسَن بْن عَلِيّ , عَنْ زَائِدَة , عَنْ عَاصِم , عَنْ شَقِيق , عَنْ عَبْد اللَّه { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } قَالَ : ذِكْر اللَّه الْعَبْد أَكْبَر مِنْ ذِكْر الْعَبْد لِرَبِّهِ . 21171 - قَالَ : ثَنَا أَبُو يَزِيد الرَّازِيّ , عَنْ يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ شُعْبَة , قَالَ : ذِكْر اللَّه لَكُمْ أَكْبَر مِنْ ذِكْركُمْ لَهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَذِكْركُمْ اللَّه أَفْضَل مِنْ كُلّ شَيْء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21172 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا عُمَر بْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ الْعَيْزَار بْن حُرَيْث , عَنْ رَجُل , عَنْ سَلْمَان , أَنَّهُ سُئِلَ : أَيّ الْعَمَل أَفْضَل ؟ قَالَ : أَمَا تَقْرَأ الْقُرْآن { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } : لَا شَيْء أَفْضَل مِنْ ذِكْر اللَّه . 21173 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد أَحْمَد بْن الْمُغِيرَة الْحِمْصِيّ , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن عَيَّاش , قَالَ : ثَنَا اللَّيْث , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ رَبِيعَة بْن يَزِيد , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن عُبَيْد اللَّه , عَنْ أُمّ الدَّرْدَاء , أَنَّهَا قَالَتْ : { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } فَإِنْ صَلَّيْت فَهُوَ مِنْ ذِكْر اللَّه , وَإِنْ صُمْت فَهُوَ مِنْ ذِكْر اللَّه , وَكُلّ خَيْر تَعْمَلهُ فَهُوَ مِنْ ذِكْر اللَّه وَكُلّ شَرّ تَجْتَنِبهُ فَهُوَ مِنْ ذِكْر اللَّه , وَأَفْضَل ذَلِكَ تَسْبِيح اللَّه . 21174 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } قَالَ : لَا شَيْء أَكْبَر مِنْ ذِكْر اللَّه , قَالَ : أَكْبَر الْأَشْيَاء كُلّهَا , وَقَرَأَ { أَقِمْ الصَّلَاة لِذِكْرِي } 20 14 قَالَ : لِذِكْرِ اللَّه : وَإِنَّهُ لَمْ يَصِفهُ عِنْد الْقِتَال إِلَّا أَنَّهُ أَكْبَر . 21175 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : قَالَ رَجُل لِسَلْمَان : أَيّ الْعَمَل أَفْضَل , قَالَ : ذِكْر اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ مُحْتَمِل لِلْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا , يَعْنُونَ الْقَوْل الْأَوَّل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَالثَّانِي . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21176 - حَدَّثني يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ خَالِد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } قَالَ : لَهَا وَجْهَانِ : ذِكْر اللَّه أَكْبَر مِمَّا سِوَاهُ , وَذِكْر اللَّه إِيَّاكُمْ أَكْبَر مِنْ ذِكْركُمْ إِيَّاهُ . * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا خَالِد الْحَذَّاء , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي : { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } قَالَ : لَهَا وَجْهَانِ : ذِكْر اللَّه إِيَّاكُمْ أَكْبَر مِنْ ذِكْركُمْ إِيَّاهُ , وَذِكْر اللَّه عِنْد مَا حَرَّمَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَذِكْر اللَّه الْعَبْد فِي الصَّلَاة أَكْبَر مِنْ الصَّلَاة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21177 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , فِي قَوْله { وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر } قَالَ : ذِكْر اللَّه الْعَبْد فِي الصَّلَاة , أَكْبَر مِنْ الصَّلَاة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَلصَّلَاة الَّتِي أَتَيْت أَنْتَ بِهَا , وَذِكْرك اللَّه فِيهَا أَكْبَر مِمَّا نَهَتْك الصَّلَاة مِنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر . 21178 - حَدَّثني أَحْمَد بْن الْمُغِيرَة الْحِمْصِيّ , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد الْعَطَّار , قَالَ : ثَنَا أَرَطْأَة , عَنْ اِبْن عَوْن , فِي قَوْل اللَّه { إِنَّ الصَّلَاة تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر } وَاَلَّذِي أَنْتَ فِيهِ مِنْ ذِكْر اللَّه أَكْبَر . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَشْبَه هَذِهِ الْأَقْوَال بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل قَوْل مَنْ قَالَ : وَلَذِكْر اللَّه إِيَّاكُمْ أَفْضَل مِنْ ذِكْركُمْ إِيَّاهُ . وَقَوْله : { وَاَللَّه يَعْلَم مَا تَصْنَعُونَ } يَقُول : وَاَللَّه يَعْلَم مَا تَصْنَعُونَ أَيّهَا النَّاس فِي صَلَاتكُمْ مِنْ إِقَامَة حُدُودهَا , وَتَرْك ذَلِكَ وَغَيْره مِنْ أُمُوركُمْ , وَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَى ذَلِكَ , يَقُول : فَاتَّقُوا أَنْ تُضَيِّعُوا شَيْئًا مِنْ حُدُودهَا , وَاَللَّه أَعْلَم .'; $TAFSEER['3']['29']['46'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْل الْكِتَاب إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلَا تُجَادِلُوا } أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ الْيَهُود وَالنَّصَارَى , وَهُمْ { أَهْل الْكِتَاب إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن } يَقُول : إِلَّا بِالْجَمِيلِ مِنْ الْقَوْل , وَهُوَ الدُّعَاء إِلَى اللَّه بِآيَاتِهِ , وَالتَّنْبِيه عَلَى حُجَجه. وَقَوْله : { إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله ; فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : إِلَّا الَّذِينَ أَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا لَكُمْ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَة , وَنَصَبُوا دُون ذَلِكَ لَكُمْ حَرْبًا , فَإِنَّهُمْ ظَلَمَة , فَأُولَئِكَ جَادِلُوهُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21179 - حَدَّثني عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْل الْكِتَاب إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } قَالَ : مَنْ قَاتَلَ وَلَمْ يُعْطِ الْجِزْيَة. * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ . إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : مَنْ قَاتَلَك وَلَمْ يُعْطِك الْجِزْيَة . 21180 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْل الْكِتَاب إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن } قَالَ : إِنْ قَالُوا شَرًّا , فَقُولُوا خَيْرًا , { إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } فَانْتَصِرُوا مِنْهُمْ . 21181 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } قَالَ : قَالُوا مَعَ اللَّه إِلَه , أَوْ لَهُ وَلَد , أَوْ لَهُ شَرِيك , أَوْ يَد اللَّه مَغْلُولَة , أَوْ اللَّه فَقِير , أَوْ آذَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : هُمْ أَهْل الْكِتَاب . 21182 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْل الْكِتَاب إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن , إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } قَالَ : أَهْل الْحَرْب , مَنْ لَا عَهْد لَهُ , جَادِلْهُ بِالسَّيْفِ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْل الْكِتَاب } الَّذِينَ قَدْ آمَنُوا بِهِ , وَاتَّبَعُوا رَسُوله فِيمَا أَخْبَرُوكُمْ عَنْهُ مِمَّا فِي كُتُبهمْ { إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن , إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } . فَأَقَامُوا عَلَى كُفْرهمْ , وَقَالُوا : هَذِهِ الْآيَة مُحْكَمَة , وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21183 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْل الْكِتَاب إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن } قَالَ : لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ , لَا يَنْبَغِي أَنْ تُجَادِل مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ , لَعَلَّهُمْ يُحْسِنُونَ شَيْئًا فِي كِتَاب اللَّه , لَا تَعْلَمهُ أَنْتَ , فَلَا تُجَادِلهُ , وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُجَادِل إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا , الْمُقِيم مِنْهُمْ عَلَى دِينه . فَقَالَ : هُوَ الَّذِي يُجَادِل , وَيُقَال لَهُ بِالسَّيْفِ . قَالَ : وَهَؤُلَاءِ يَهُود . قَالَ : وَلَمْ يَكُنْ بِدَارِ الْهِجْرَة مِنْ النَّصَارَى أَحَد , إِنَّمَا كَانُوا يَهُودًا هُمْ الَّذِي كَلَّمُوا وَحَالَفُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَغَدَرَتْ النَّضِير يَوْم أُحُد , وَغَدَرَتْ قُرَيْظَة يَوْم الْأَحْزَاب . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة قَبْل أَنْ يُؤْمَر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِتَالِ , وَقَالُوا : هِيَ مَنْسُوخَة نَسَخَهَا قَوْله : { قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر } 9 29 ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21184 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْل الْكِتَاب إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن } ثُمَّ نُسِخَ بَعْد ذَلِكَ , فَأَمَرَ بِقِتَالِهِمْ فِي سُورَة بَرَاءَة , وَلَا مُجَادَلَة أَشَدّ مِنْ السَّيْف أَنْ يُقَاتِلُوا حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَوْ يُقِرُّوا بِالْخَرَاجِ . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ { إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } : إِلَّا الَّذِينَ اِمْتَنَعُوا مِنْ أَدَاء الْجِزْيَة , وَنَصَبُوا دُونهَا الْحَرْب. فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَوْ غَيْر ظَالِم مِنْ أَهْل الْكِتَاب , إِلَّا مَنْ لَمْ يُؤَدِّ الْجِزْيَة ؟ قِيلَ : إِنَّ جَمِيعهمْ وَإِنْ كَانُوا لِأَنْفُسِهِمْ بِكُفْرِهِمْ بِاَللَّهِ , وَتَكْذِيبهمْ رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ظَلَمَة , فَإِنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِقَوْلِهِ { إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } . ظُلْم أَنْفُسهمْ. وَإِنَّمَا عَنَى بِهِ : إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ أَهْل الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَرَسُوله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّ أُولَئِكَ جَادَلُوهُمْ بِالْقِتَالِ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَال فِيهِ بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَذِنَ لِلْمُؤْمِنِينَ بِجِدَالِ ظَلَمَة أَهْل الْكِتَاب بِغَيْرِ الَّذِي هُوَ أَحْسَن , بِقَوْلِهِ { إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } فَمَعْلُوم إِذْ كَانَ قَدْ أَذِنَ لَهُمْ فِي جِدَالهمْ , أَنَّ الَّذِينَ لَمْ يُؤْذَن لَهُمْ فِي جِدَالهمْ إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن , غَيْر الَّذِينَ أَذِنَ لَهُمْ بِذَلِكَ فِيهِمْ , وَأَنَّهُمْ غَيْر الْمُؤْمِن , لِأَنَّ الْمُؤْمِن مِنْهُمْ غَيْر جَائِز جِدَاله إِلَّا فِي غَيْر الْحَقّ , لِأَنَّهُ إِذَا جَاءَ بِغَيْرِ الْحَقّ , فَقَدْ صَارَ فِي مَعْنَى الظَّلَمَة فِي الَّذِي خَالَفَ فِيهِ الْحَقّ . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , تَبَيَّنَ أَنْ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْل الْكِتَاب } أَهْل الْإِيمَان مِنْهُمْ , وَكَذَلِكَ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة قَبْل الْأَمْر بِالْقِتَالِ , وَزُعِمَ أَنَّهَا مَنْسُوخَة , لِأَنَّهُ لَا خَبَر بِذَلِكَ يَقْطَع الْعُذْر , وَلَا دَلَالَة عَلَى صِحَّته مِنْ فِطْرَة عَقْل . وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ كِتَابنَا , أَنَّهُ لَا يَجُوز أَنْ يُحْكَم عَلَى حُكْم اللَّه فِي كِتَابه بِأَنَّهُ مَنْسُوخ إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِب التَّسْلِيم لَهَا مِنْ خَبَر أَوْ عَقْل . وَقَوْله : { وَقُولُوا آمَنَّا بِاَلَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهنَا وَإِلَهكُمْ وَاحِد وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ , الَّذِينَ نَهَاهُمْ أَنْ يُجَادِلُوا أَهْل الْكِتَاب إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن : إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْل الْكِتَاب أَيّهَا الْقَوْم عَنْ كُتُبهمْ , وَأَخْبَرُوكُمْ عَنْهَا بِمَا يُمْكِن وَيَجُوز أَنْ يَكُونُوا فِيهِ صَادِقِينَ , وَأَنْ يَكُونُوا فِيهِ كَاذِبِينَ , وَلَمْ تَعْلَمُوا أَمْرهمْ وَحَالهمْ فِي ذَلِكَ فَقُولُوا لَهُمْ { آمَنَّا بِاَلَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَإِلَيْكُمْ } مِمَّا فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل { وَإِلَهنَا وَإِلَهكُمْ وَاحِد } يَقُول : وَمَعْبُودنَا وَمَعْبُودكُمْ وَاحِد { وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } يَقُول : وَنَحْنُ لَهُ خَاضِعُونَ مُتَذَلِّلُونَ بِالطَّاعَةِ فِيمَا أَمَرَنَا وَنَهَانَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , جَاءَ الْأَثَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 21185 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عُثْمَان بْن عُمَر , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : كَانَ أَهْل الْكِتَاب يَقْرَءُونَ التَّوْرَاة بِالْعِبْرَانِيَّةِ . فَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الْإِسْلَام , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَلَا تُصَدِّقُوا أَهْل الْكِتَاب وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ , وَقُولُوا آمَنَّا بِاَلَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ , وَإِلَهنَا وَإِلَهكُمْ وَاحِد , وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ " . 21186 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ سَعْد بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , قَالَ : كَانَ نَاس مِنْ الْيَهُود يُحَدِّثُونَ نَاسًا مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " لَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ , وَقُولُوا آمَنَّا بِاَلَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ". 21187 - ثَنَا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ سُلَيْمَان , عَنْ عُمَارَة بْن عُمَيْر , عَنْ حُرَيْث بْن ظُهَيْر , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : لَا تَسْأَلُوا أَهْل الْكِتَاب عَنْ شَيْء , فَإِنَّهُمْ لَنْ يُهْدُوكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا , إِمَّا أَنْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ أَوْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ , فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَد مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا وَفِي قَلْبه تَالِيَة تَدْعُوهُ إِلَى دِينه كَتَالِيَةِ الْمَال . وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 21188 -حَدَّثني بِهِ مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } قَالَ : قَالُوا مَعَ اللَّه إِلَه , أَوْ لَهُ وَلَد , أَوْ لَهُ شَرِيك , أَوْ يَد اللَّه مَغْلُولَة . أَوْ اللَّه فَقِير , أَوْ آذَوْا مُحَمَّدًا , { وَقُولُوا آمَنَّا بِاَلَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ } لِمَنْ لَمْ يَقُلْ هَذَا مِنْ أَهْل الْكِتَاب .'; $TAFSEER['3']['29']['47'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْك الْكِتَاب فَاَلَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِن بِهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَمَا أَنْزَلْنَا الْكُتُب عَلَى مَنْ قَبْلك يَا مُحَمَّد مِنْ الرُّسُل { كَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْك } هَذَا { الْكِتَاب فَاَلَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب } مِنْ قَبْلك مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل { يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِن بِهِ } يَقُول : وَمِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ بَيْن ظَهْرَانَيْك الْيَوْم مَنْ يُؤْمِن بِهِ كَعَبْدِ اللَّه بْن سَلَام , وَمَنْ آمَنَ بِرَسُولِهِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل. وَقَوْله : { وَمَا يَجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا يَجْحَد بِأَدِلَّتِنَا وَحُجَجنَا إِلَّا الَّذِي يَجْحَد نِعَمنَا عَلَيْهِ , وَيُنْكِر تَوْحِيدنَا وَرُبُوبِيَّتنَا عَلَى عِلْم مِنْهُ عِنَادًا لَنَا . كَمَا : 21189 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا يَجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ } قَالَ : إِنَّمَا يَكُون الْجُحُود بَعْد الْمَعْرِفَة .'; $TAFSEER['3']['29']['48'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كُنْت تَتْلُو مِنْ قَبْله مِنْ كِتَاب وَلَا تَخُطّهُ بِيَمِينِك إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَمَا كُنْت } يَا مُحَمَّد { تَتْلُو } يَعْنِي تَقْرَأ { مِنْ قَبْله } يَعْنِي مِنْ قَبْل هَذَا الْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلْته إِلَيْك { مِنْ كِتَاب وَلَا تَخُطّهُ بِيَمِينِك } يَقُول : وَلَمْ تَكُنْ تَكْتُب بِيَمِينِك , وَلَكِنَّك كُنْت أُمِّيًّا { إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ } يَقُول : وَلَوْ كُنْت مِنْ قَبْل أَنْ يُوحَى إِلَيْك تَقْرَأ الْكِتَاب , أَوْ تَخُطّهُ بِيَمِينِك , إِذَنْ لَارْتَابَ : يَقُول : إِذَنْ لَشَكَّ بِسَبَبِ ذَلِكَ فِي أَمْرك , وَمَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك مِنْ هَذَا الْكِتَاب الَّذِي تَتْلُوهُ عَلَيْهِمْ الْمُبْطِلُونَ الْقَائِلُونَ إِنَّهُ سَجْع وَكِهَانَة , وَإِنَّهُ أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21190 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَمَا كُنْت تَتْلُو مِنْ قَبْله مِنْ كِتَاب وَلَا تَخُطّهُ بِيَمِينِك إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ } قَالَ : كَانَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِّيًّا لَا يَقْرَأ شَيْئًا وَلَا يَكْتُب . 21191 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَمَا كُنْت تَتْلُو مِنْ قَبْله مِنْ كِتَاب وَلَا تَخُطّهُ بِيَمِينِك } قَالَ : كَانَ نَبِيّ اللَّه لَا يَقْرَأ كِتَابًا قَبْله , وَلَا يَخُطّهُ بِيَمِينِهِ ; قَالَ : كَانَ أُمِّيًّا , وَالْأُمِّيّ : الَّذِي لَا يَكْتُب . 21192 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ إِدْرِيس الْأَوْدِيّ , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد { وَمَا كُنْت تَتْلُو مِنْ قَبْله مِنْ كِتَاب وَلَا تَخُطّهُ بِيَمِينِك } قَالَ : كَانَ أَهْل الْكِتَاب يَجِدُونَ فِي كُتُبهمْ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخُطّ بِيَمِينِهِ , وَلَا يَقْرَأ كِتَابًا , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا أَيْضًا فِي قَوْله { إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ } قَالُوا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21193 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ } إِذَنْ لَقَالُوا : إِنَّمَا هَذَا شَيْء تَعَلَّمَهُ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَتَبَهُ . 21194 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه { إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ } قَالَ قُرَيْش .'; $TAFSEER['3']['29']['49'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { بَلْ هُوَ آيَات بَيِّنَات فِي صُدُور الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ : { بَلْ هُوَ آيَات بَيِّنَات فِي صُدُور الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم } فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَالُوا : مَعْنَى الْكَلَام : بَلْ وُجُود أَهْل الْكِتَاب فِي كُتُبهمْ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكْتُب وَلَا يَقْرَأ , وَأَنَّهُ أُمِّيّ , آيَات بَيِّنَات فِي صُدُورهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21195 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { بَلْ هُوَ آيَات بَيِّنَات فِي صُدُور الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم } قَالَ : كَانَ اللَّه تَعَالَى أَنْزَلَ شَأْن مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل لِأَهْلِ الْعِلْم وَعِلْمه لَهُمْ , وَجَعَلَهُ لَهُمْ آيَة , فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّ آيَة نُبُوَّته أَنْ يَخْرُج حِين يَخْرُج لَا يَعْلَم كِتَابًا , وَلَا يَخُطّهُ بِيَمِينِهِ , وَهِيَ الْآيَات الْبَيِّنَات . 21196 - حَدَّثني عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله { وَمَا كُنْت تَتْلُو مَنْ قَبْله مِنْ كِتَاب } قَالَ : كَانَ نَبِيّ اللَّه لَا يَكْتُب وَلَا يَقْرَأ , وَكَذَلِكَ جَعَلَ اللَّه نَعْته فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل , أَنَّهُ نَبِيّ أُمِّيّ لَا يَقْرَأ وَلَا يَكْتُب , وَهِيَ الْآيَة الْبَيِّنَة فِي صُدُور الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم. 21197 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { بَلْ هُوَ آيَات بَيِّنَات فِي صُدُور الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم } مِنْ أَهْل الْكِتَاب صَدَّقُوا بِمُحَمَّدٍ وَنَعْته وَنُبُوَّته . 21198 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , { بَلْ هُوَ آيَات بَيِّنَات } قَالَ : أَنْزَلَ اللَّه شَأْن مُحَمَّد فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل لِأَهْلِ الْعِلْم , بَلْ هُوَ آيَة بَيِّنَة فِي صُدُور الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم , يَقُول : النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِذَلِكَ الْقُرْآن , وَقَالُوا : مَعْنَى الْكَلَام : بَلْ هَذَا الْقُرْآن آيَات بَيِّنَات فِي صُدُور الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21199 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : قَالَ الْحَسَن , فِي قَوْله : { بَلْ هُوَ آيَات بَيِّنَات فِي صُدُور الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم } الْقُرْآن آيَات بَيِّنَات فِي صُدُور الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم , يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِذَلِكَ : بَلْ الْعِلْم بِأَنَّك مَا كُنْت تَتْلُو مِنْ قَبْل هَذَا الْكِتَاب كِتَابًا , وَلَا تَخُطّهُ بِيَمِينِك , آيَات بَيِّنَات فِي صُدُور الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم مِنْ أَهْل الْكِتَاب . وَإِنَّمَا قُلْت ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالْآيَةِ , لِأَنَّ قَوْله : { بَلْ هُوَ آيَات بَيِّنَات فِي صُدُور الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم } بَيْن خَبَرَيْنِ مِنْ أَخْبَار اللَّه عَنْ رَسُوله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَهُوَ بِأَنْ يَكُون خَبَرًا عَنْهُ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُون خَبَرًا عَنْ الْكِتَاب الَّذِي قَدْ اِنْقَضَى الْخَبَر عَنْهُ قَبْل . وَقَوْله : { وَمَا يَجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا يَجْحَد نُبُوَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَدِلَّته , وَيُنْكِر الْعِلْم الَّذِي يَعْلَم مِنْ كُتُب اللَّه الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى أَنْبِيَائِهِ , بِبَعْثِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُبُوَّته وَمَبْعَثه إِلَّا الظَّالِمُونَ , يَعْنِي الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ بِكُفْرِهِمْ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.'; $TAFSEER['3']['29']['50'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَات مِنْ رَبّه قُلْ إِنَّمَا الْآيَات عِنْد اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَتْ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْش : هَلَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّد آيَة مِنْ رَبّه تَكُون حُجَّة لِلَّهِ عَلَيْنَا كَمَا جُعِلَتْ النَّاقَة لِصَالِحٍ , وَالْمَائِدَة آيَة لِعِيسَى , قُلْ يَا مُحَمَّد , إِنَّمَا الْآيَات عِنْد اللَّه لَا يَقْدِر عَلَى الْإِتْيَان بِهَا غَيْره { وَإِنَّمَا أَنَا نَذِير مُبِين } وَإِنَّمَا أَنَا نَذِير لَكُمْ أُنْذِركُمْ بَأْس اللَّه وَعِقَابه عَلَى كُفْركُمْ بِرَسُولِهِ . وَمَا جَاءَكُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّكُمْ { مُبِين } يَقُول : قَدْ أَبَانَ لَكُمْ إِنْذَاره .'; $TAFSEER['3']['29']['51'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْكِتَاب يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَة وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَوَلَمْ يَكْفِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَا مُحَمَّد , الْقَائِلِينَ : لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَة مِنْ رَبّه , مِنْ الْآيَات وَالْحُجَج { أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْك } هَذَا { الْكِتَاب يُتْلَى عَلَيْهِمْ } يَقُول : يُقْرَأ عَلَيْهِمْ { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَة } يَقُول : إِنَّ فِي هَذَا الْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ لَرَحْمَة لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَذِكْرَى يَتَذَكَّرُونَ بِمَا فِيهِ مِنْ عِبْرَة وَعِظَة . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ مِنْ أَجْل أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَسَخُوا شَيْئًا مِنْ بَعْض كُتُب أَهْل الْكِتَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21200 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ يَحْيَى بْن جَعْدَة أَنَّ نَاسًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَتَوْا نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُتُبٍ قَدْ كَتَبُوا فِيهَا بَعْض مَا يَقُول الْيَهُود , فَلَمَّا أَنْ نَظَرَ فِيهَا أَلْقَاهَا , ثُمَّ قَالَ : " كَفَى بِهَا حَمَاقَة قَوْم , أَوْ ضَلَالَة قَوْم , أَنْ يَرْغَبُوا عَمَّا جَاءَهُمْ بِهِ نَبِيّهمْ , إِلَى مَا جَاءَ بِهِ غَيْر نَبِيّهمْ إِلَى قَوْم غَيْرهمْ " , فَنَزَلَتْ : { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْك يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَة وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }'; $TAFSEER['3']['29']['52'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ كَفَى بِاَللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنكُمْ شَهِيدًا يَعْلَم مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِلْقَائِلِينَ لَك : لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْك آيَة مِنْ رَبّك , الْجَاحِدِينَ بِآيَاتِنَا مِنْ قَوْمك : كَفَى اللَّه يَا هَؤُلَاءِ بَيْنِي وَبَيْنكُمْ شَاهِدًا لِي وَعَلَيَّ , لِأَنَّهُ يَعْلَم الْمُحِقّ مِنَّا مِنْ الْمُبْطِل , وَيَعْلَم مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء فِيهِمَا , وَهُوَ الْمُجَازِي كُلّ فَرِيق مِنَّا بِمَا هُوَ أَهْله , الْمُحِقّ عَلَى ثَبَاته عَلَى الْحَقّ , وَالْمُبْطِل عَلَى بَاطِله , بِمَا هُوَ أَهْله . { الَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ } يَقُول : صَدَّقُوا بِالشِّرْكِ , فَأَقَرُّوا بِهِ وَكَفَرُوا بِهِ . يَقُول : وَجَحَدُوا اللَّه { أُولَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ } يَقُول : هُمْ الْمَغْبُونُونَ فِي صَفْقَتهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْله { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21201 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ } : الشِّرْك .'; $TAFSEER['3']['29']['53'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَسْتَعْجِلُونَك بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَل مُسَمًّى لَجَاءَهُمْ الْعَذَاب وَلَيَأْتِيَنهمْ بَغْتَة وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَسْتَعْجِلك يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ مِنْ قَوْمك : لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَة مِنْ رَبّه بِالْعَذَابِ , وَيَقُولُونَ : { اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا الْحَقّ مِنْ عِنْدك فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَة مِنْ السَّمَاء } وَلَوْلَا أَجَل سَمَّيْته لَهُمْ فَلَا أُهْلِكهُمْ حَتَّى يَسْتَوْفُوهُ وَيَبْلُغُوهُ , لَجَاءَهُمْ الْعَذَاب عَاجِلًا . وَقَوْله : { وَلَيَأْتِيَنهمْ بَغْتَة وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } يَقُول : وَلَيَأْتِيَنهمْ الْعَذَاب فَجْأَة وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ بِوَقْت مَجِيئهُ قَبْل مَجِيئِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21202 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَيَسْتَعْجِلُونَك بِالْعَذَابِ } قَالَ : قَالَ نَاس مِنْ جَهَلَة هَذِهِ الْأُمَّة { اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقّ مِنْ عِنْدك فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَة مِنْ السَّمَاء أَوْ اِئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيم } 8 32 الْآيَة .'; $TAFSEER['3']['29']['54'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَسْتَعْجِلُونَك بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّم لَمُحِيطَة بِالْكَافِرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَسْتَعْجِلك يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِمَجِيءِ الْعَذَاب وَنُزُوله بِهِمْ , وَالنَّار بِهِمْ مُحِيطَة لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَدْخُلُوهَا . وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْبَحْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21203 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة { وَإِنَّ جَهَنَّم لَمُحِيطَة بِالْكَافِرِينَ } قَالَ : الْبَحْر . * أَخْبَرَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا غُنْدَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , مِثْله .'; $TAFSEER['3']['29']['55'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَوْم يَغْشَاهُمْ الْعَذَاب مِنْ فَوْقهمْ وَمِنْ تَحْت أَرْجُلهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَإِنَّ جَهَنَّم لَمُحِيطَة بِالْكَافِرِينَ } يَوْم يَغْشَى الْكَافِرِينَ الْعَذَاب مِنْ فَوْقهمْ فِي جَهَنَّم , وَمِنْ تَحْت أَرْجُلهمْ . كَمَا : 21204 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { يَوْم يَغْشَاهُمْ الْعَذَاب مِنْ فَوْقهمْ وَمِنْ تَحْت أَرْجُلهمْ } : أَيْ فِي النَّار . وَقَوْله : { وَيَقُول ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَيَقُول اللَّه لَهُمْ : ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فِي الدُّنْيَا مِنْ مَعَاصِي اللَّه , وَمَا يَسْخَطهُ فِيهَا . وَبِالْيَاءِ فِي { وَيَقُول ذُوقُوا } قَرَأَتْ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار خَلَا أَبِي جَعْفَر , وَأَبِي عَمْرو , فَإِنَّهُمَا قَرَآ ذَلِكَ بِالنُّونِ : " وَنَقُول ". وَالْقِرَاءَة الَّتِي هِيَ الْقِرَاءَة عِنْدنَا بِالْيَاءِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهَا .'; $TAFSEER['3']['29']['56'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَة فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ عِبَاده : يَا عِبَادِي الَّذِينَ وَحَّدُونِي وَآمَنُوا بِي وَبِرَسُولِي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَة } وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي أُرِيدَ مِنْ الْخَبَر عَنْ سَعَة الْأَرْض , فَقَالَ بَعْضهمْ : أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهَا لَمْ تَضِقْ عَلَيْكُمْ فَتُقِيمُوا بِمَوْضِعٍ مِنْهَا لَا يَحِلّ لَكُمْ الْمَقَام فِيهِ , وَلَكِنْ إِذَا عُمِلَ بِمَكَانٍ مِنْهَا بِمَعَاصِي اللَّه فَلَمْ تَقْدِرُوا عَلَى تَغْيِيره , فَاهْرَبُوا مِنْهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21205 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَة } قَالَ : إِذَا عُمِلَ فِيهَا بِالْمَعَاصِي , فَاخْرُجْ مِنْهَا . * حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله { إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَة } قَالَ : إِذَا عُمِلَ فِيهَا بِالْمَعَاصِي , فَاخْرُجْ مِنْهَا . * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ رَجُل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : اِهْرَبُوا فَإِنَّ أَرْضِي وَاسِعَة. 21206 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ شَرِيك , عَنْ مَنْصُور , عَنْ عَطَاء , قَالَ : إِذَا أُمِرْتُمْ بِالْمَعَاصِي فَاهْرُبُوا , فَإِنَّ أَرْضِي وَاسِعَة . * حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ مَنْصُور , عَنْ عَطَاء { إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَة } قَالَ : مُجَانَبَة أَهْل الْمَعَاصِي . 21207 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه { إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَة } فَهَاجِرُوا وَجَاهِدُوا. 21208 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله { يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَة فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ } فَقُلْت : يُرِيد بِهَذَا مَنْ كَانَ بِمَكَّة مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , فَقَالَ : نَعَمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّ مَا أَخْرَجَ مِنْ أَرْضِي لَكُمْ مِنْ الرِّزْق وَاسِع لَكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21209 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثني زَيْد بْن الْحُبَاب , عَنْ شَدَّاد بْن سَعِيد بْن مَالِك أَبِي طَلْحَة الرَّاسِبِيّ عَنْ غَيْلَان بْن جَرِير الْمِعْوَلِيّ , عَنْ مُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه بْن الشِّخِّير الْعَامِرِيّ , فِي قَوْل اللَّه : { إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَة } : قَالَ : إِنَّ رِزْقِي لَكُمْ وَاسِع . * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا زَيْد بْن حُبَاب , عَنْ شَدَّاد , عَنْ غَيْلَان بْن جَرِير , عَنْ مُطَرِّف بْن الشِّخِّير { إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَة } قَالَ : رِزْقِي لَكُمْ وَاسِع . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَة , فَاهْرُبُوا مِمَّنْ مَنَعَكُمْ مِنْ الْعَمَل بِطَاعَتِي لِدَلَالَةِ قَوْله { فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ } عَلَى ذَلِكَ , وَأَنَّ ذَلِكَ هُوَ أَظْهَر مَعْنَيَيْهِ , وَذَلِكَ أَنَّ الْأَرْض إِذَا وَصَفَهَا بِسَعَةٍ , فَالْغَالِب مِنْ وَصْفه إِيَّاهَا بِذَلِكَ , أَنَّهَا لَا تَضِيق جَمِيعهَا عَلَى مَنْ ضَاقَ عَلَيْهِ مِنْهَا مَوْضِع , لَا أَنَّهُ وَصَفَهَا بِكَثْرَةِ الْخَيْر وَالْخِصْب . وَقَوْله : { فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ } يَقُول : فَأَخْلِصُوا لِي عِبَادَتكُمْ وَطَاعَتكُمْ , وَلَا تُطِيعُوا فِي مَعْصِيَتِي أَحَدًا .'; $TAFSEER['3']['29']['57'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كُلّ نَفْس ذَائِقَة الْمَوْت ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَاب نَبِيّه : هَاجِرُوا مِنْ أَرْض الشِّرْك مِنْ مَكَّة , إِلَى أَرْض الْإِسْلَام الْمَدِينَة , فَإِنَّ أَرْضِي وَاسِعَة , فَاصْبِرُوا عَلَى عِبَادَتِي , وَأَخْلِصُوا طَاعَتِي , فَإِنَّكُمْ مَيِّتُونَ , وَصَائِرُونَ إِلَيَّ , لِأَنَّ كُلّ نَفْس حَيَّة ذَائِقَة الْمَوْت , ثُمَّ إِلَيْنَا بَعْد الْمَوْت تُرَدُّونَ .'; $TAFSEER['3']['29']['58'] = 'ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَمَّا أَعَدَّ لِلصَّابِرِينَ مِنْهُمْ عَلَى طَاعَته , مِنْ كَرَامَته عِنْده , فَقَالَ : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا } يَعْنِي صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله , فِيمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , { وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } : يَقُول : وَعَمِلُوا بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّه فَأَطَاعُوهُ فِيهِ , وَانْتَهَوْا عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ { لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنْ الْجَنَّة غُرَفًا } يَقُول : لَأُنْزِلَنَّهُمْ مِنْ الْجَنَّة عَلَالِيّ. وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : { لَأُبَوِّئَنهُمْ } بِالْبَاءِ وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة بِالثَّاءِ : " لَنُثْوِيَنَّهُمْ " . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنْ الْقُرَّاء , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , وَذَلِكَ أَنَّ قَوْله : { لَأُبَوِّئَنهُمْ } مِنْ بَوَّأْته مَنْزِلًا : أَيْ أَنْزَلْته , وَكَذَلِكَ لَنُثْوِيَنَّهُمْ ; إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَثْوَيْته مَسْكَنًا إِذَا أَنْزَلْته مَنْزِلًا , مِنْ الثَّوَاء , وَهُوَ الْمَقَام . وَقَوْله : { تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار } يَقُول : تَجْرِي مِنْ تَحْت أَشْجَارهَا الْأَنْهَار . { خَالِدِينَ فِيهَا } يَقُول : مَاكِثِينَ فِيهَا إِلَى غَيْر نِهَايَة { نِعْمَ أَجْر الْعَامِلِينَ } يَقُول : نِعْمَ جَزَاء الْعَامِلِينَ بِطَاعَةِ اللَّه هَذِهِ الْغُرَف الَّتِي يُثْوِيهُمُوهَا اللَّه فِي جَنَّاته , تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار .'; $TAFSEER['3']['29']['59'] = 'الَّذِينَ صَبَرُوا عَلَى أَذَى الْمُشْرِكِينَ فِي الدُّنْيَا , وَمَا كَانُوا يَلْقَوْنَ مِنْهُمْ , وَعَلَى الْعَمَل بِطَاعَةِ اللَّه وَمَا يُرْضِيه , وَجِهَاد أَعْدَائِهِ 0{ وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ } فِي أَرْزَاقهمْ وَجِهَاد أَعْدَائِهِمْ , فَلَا يَنْكُلُونَ عَنْهُمْ ثِقَة مِنْهُمْ بِأَنَّ اللَّه مُعْلِي كَلِمَته , وَمُوهِن كَيْد الْكَافِرِينَ , وَأَنَّ مَا قُسِمَ لَهُمْ مِنْ الرِّزْق فَلَنْ يَفُوتهُمْ.'; $TAFSEER['3']['29']['60'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّة لَا تَحْمِل رِزْقهَا اللَّه يَرْزُقهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ , وَبِرَسُولِهِ مِنْ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَاجِرُوا وَجَاهِدُوا فِي اللَّه أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَعْدَاءَهُ , وَلَا تَخَافُوا عَيْلَة وَلَا إِقْتَارًا , فَكَمْ مِنْ دَابَّة ذَات حَاجَة إِلَى غِذَاء وَمَطْعَم وَمَشْرَب لَا تَحْمِل رِزْقهَا , يَعْنِي غِذَاءَهَا لَا تَحْمِلهُ , فَتَرْفَعهُ فِي يَوْمهَا لِغَدِهَا لِعَجْزِهَا عَنْ ذَلِكَ { اللَّه يَرْزُقهَا وَإِيَّاكُمْ } يَوْمًا بِيَوْمٍ { وَهُوَ السَّمِيع } لِأَقْوَالِكُمْ : نَخْشَى بِفِرَاقِنَا أَوْطَاننَا الْعَيْلَة { الْعَلِيم } مَا فِي أَنْفُسكُمْ , وَمَا إِلَيْهِ صَائِر أَمْركُمْ , وَأَمْر عَدُوّكُمْ مِنْ إِذْلَال اللَّه إِيَّاهُمْ , وَنُصْرَتكُمْ عَلَيْهِمْ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُوركُمْ , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ أُمُور خَلْقه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21210 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّة لَا تَحْمِل رِزْقهَا } قَالَ : الطَّيْر وَالْبَهَائِم لَا تَحْمِل الرِّزْق . 21211 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت عِمْرَان , عَنْ أَبِي مِجْلَز فِي هَذِهِ الْآيَة { وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّة لَا تَحْمِل رِزْقهَا اللَّه يَرْزُقهَا وَإِيَّاكُمْ } قَالَ : مِنْ الدَّوَابّ مَا لَا يَسْتَطِيع أَنْ يَدَّخِر لِغَدٍ , يُوَفَّق لِرِزْقِهِ كُلّ يَوْم حَتَّى يَمُوت . 21212 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَلِيّ بْن الْأَقْمَر { وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّة لَا تَحْمِل رِزْقهَا } قَالَ : لَا تَدَّخِر شَيْئًا لِغَدٍ .'; $TAFSEER['3']['29']['61'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَسَخَّرَ الشَّمْس وَالْقَمَر لَيَقُولُن اللَّه فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَئِنْ سَأَلْت يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض فَسَوَّاهُنَّ , وَسَخَّرَ الشَّمْس وَالْقَمَر لِعِبَادِهِ , يَجْرِيَانِ دَائِبَيْنِ لِمَصَالِح خَلْق اللَّه , لَيَقُولَن الَّذِي خَلَقَ ذَلِكَ وَفَعَلَهُ اللَّه { فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَأَنَّى يُصْرَفُونَ عَمَّنْ صَنَعَ ذَلِكَ , فَيَعْدِلُونَ عَنْ إِخْلَاص الْعِبَادَة لَهُ . كَمَا : 21213 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ } : أَيْ يَعْدِلُونَ .'; $TAFSEER['3']['29']['62'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه يَبْسُط الرِّزْق لِمَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده وَيَقْدِر لَهُ إِنَّ اللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه يُوَسِّع مِنْ رِزْقه لِمَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه , وَيُضَيِّق فَيُقَتِّر لِمَنْ يَشَاء مِنْهُمْ . يَقُول : فَأَرْزَاقكُمْ وَقِسْمَتهَا بَيْنكُمْ أَيّهَا النَّاس بِيَدِي دُون كُلّ أَحَد سِوَايَ ; أَبْسُط لِمَنْ شِئْت مِنْهَا , وَأُقَتِّر عَلَى مَنْ شِئْت , فَلَا يُخَلِّفَنكُمْ عَنْ الْهِجْرَة وَجِهَاد عَدُوّكُمْ خَوْف الْعَيْلَة { إِنَّ اللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيم } يَقُول : إِنَّ اللَّه عَلِيم بِمَصَالِحِكُمْ , وَمَنْ لَا يَصْلُح لَهُ إِلَّا الْبَسْط فِي الرِّزْق , وَمَنْ لَا يَصْلُح لَهُ إِلَّا التَّقْتِير عَلَيْهِ , وَهُوَ عَالِم بِذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['29']['63'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ مَنْ نَزَّلَ مِنْ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْض مِنْ بَعْد مَوْتهَا لَيَقُولُنَّ اللَّه قُلْ الْحَمْد لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرهمْ لَا يَعْقِلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلَئِنْ سَأَلْت يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ مِنْ قَوْمك مَنْ نَزَّلَ مِنْ السَّمَاء مَاء , وَهُوَ الْمَطَر الَّذِي يُنَزِّلهُ اللَّه مِنْ السَّحَاب { فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْض } يَقُول : فَأَحْيَا بِالْمَاءِ الَّذِي نَزَلَ مِنْ السَّمَاء الْأَرْض , وَإِحْيَاؤُهَا : إِنْبَاته النَّبَات فِيهَا { مِنْ بَعْد مَوْتهَا } مِنْ بَعْد جَدُوبهَا وَقُحُوطهَا. وَقَوْله : { لَيَقُولُنَّ اللَّه } يَقُول : لَيَقُولُنَّ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ اللَّه الَّذِي لَهُ عِبَادَة كُلّ شَيْء . وَقَوْله : { قُلْ الْحَمْد لِلَّهِ } يَقُول : وَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ , فَقُلْ الْحَمْد لِلَّهِ { بَلْ أَكْثَرهمْ لَا يَعْقِلُونَ } يَقُول : بَلْ أَكْثَر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ لَا يَعْقِلُونَ مَا لَهُمْ فِيهِ النَّفْع مِنْ أَمْر دِينهمْ , وَمَا فِيهِ الضُّرّ , فَهُمْ لِجَهْلِهِمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ لِعِبَادَتِهِمْ الْآلِهَة دُون اللَّه , يَنَالُونَ بِهَا عِنْد اللَّه زُلْفَة وَقُرْبَة , وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ بِذَلِكَ هَالِكُونَ مُسْتَوْجِبُونَ الْخُلُود فِي النَّار .'; $TAFSEER['3']['29']['64'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا هَذِهِ الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا لَهْو وَلَعِب وَإِنَّ الدَّار الْآخِرَة لَهِيَ الْحَيَوَان لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَمَا هَذِهِ الْحَيَاة الدُّنْيَا } الَّتِي يَتَمَتَّع مِنْهَا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ { إِلَّا لَهْو وَلَعِب } يَقُول : إِلَّا تَعْلِيل النُّفُوس بِمَا تَلْتَذّ بِهِ , ثُمَّ هُوَ مُنْقَضٍ عَنْ قَرِيب , لَا بَقَاء لَهُ وَلَا دَوَام { وَإِنَّ الدَّار الْآخِرَة لَهِيَ الْحَيَوَان } يَقُول : وَإِنَّ الدَّار الْآخِرَة لَفِيهَا الْحَيَاة الدَّائِمَة الَّتِي لَا زَوَال لَهَا وَلَا اِنْقِطَاع وَلَا مَوْت مَعَهَا . كَمَا : 21214 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَإِنَّ الدَّار الْآخِرَة لَهِيَ الْحَيَوَان لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } حَيَاة لَا مَوْت فِيهَا . 12115 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَا : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { لَهِيَ الْحَيَوَان } قَالَ : لَا مَوْت فِيهَا. 21216 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { وَإِنَّ الدَّار الْآخِرَة لَهِيَ الْحَيَوَان } يَقُول : بَاقِيَة . وَقَوْله : { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } يَقُول : لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ يَعْلَمُونَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , لَقَصُرُوا عَنْ تَكْذِيبهمْ بِاَللَّهِ , وَإِشْرَاكهمْ غَيْره فِي عِبَادَته , وَلَكِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['29']['65'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْك دَعَوْا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِذَا رَكِبَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ السَّفِينَة فِي الْبَحْر , فَخَافُوا الْغَرَق وَالْهَلَاك فِيهِ { دَعَوْا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين } يَقُول : أَخْلَصُوا لِلَّهِ عِنْد الشِّدَّة الَّتِي نَزَلَتْ بِهِمْ التَّوْحِيد , وَأَفْرَدُوا لَهُ الطَّاعَة , وَأَذْعَنُوا لَهُ بِالْعُبُودَةِ , وَلَمْ يَسْتَغِيثُوا بِآلِهَتِهِمْ وَأَنْدَادهمْ , وَلَكِنْ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُمْ { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرّ } يَقُول : فَلَمَّا خَلَّصَهُمْ مِمَّا كَانُوا فِيهِ وَسَلَّمَهُمْ , فَصَارُوا إِلَى الْبَرّ إِذَا هُمْ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّه شَرِيكًا فِي عِبَادَتهمْ , وَيَدْعُونَ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان مَعَهُ أَرْبَابًا . 21217 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } فَالْخَلْق كُلّهمْ يُقِرُّونَ لِلَّهِ أَنَّهُ رَبّهمْ , ثُمَّ يُشْرِكُونَ بَعْد ذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['29']['66'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا نَجَّى اللَّه هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِمَّا كَانُوا فِيهِ مِنْ الْبَحْر مِنْ الْخَوْف وَالْحَذَر مِنْ الْغَرَق إِلَى الْبَرّ إِذَا هُمْ بَعْد أَنْ صَارُوا إِلَى الْبَرّ يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد { لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ } يَقُول : لِيَجْحَدُوا نِعْمَة اللَّه الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِمْ فِي أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ . { وَلِيَتَمَتَّعُوا } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : { وَلِيَتَمَتَّعُوا } بِكَسْرِ اللَّام , بِمَعْنَى : وَكَيْ يَتَمَتَّعُوا آتَيْنَاهُمْ ذَلِكَ . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : " وَلْيَتَمَتَّعُوا " بِسُكُونِ اللَّام عَلَى وَجْه الْوَعِيد وَالتَّوْبِيخ : أَيْ اُكْفُرُوا فَإِنَّكُمْ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَاذَا يَلْقَوْنَ مِنْ عَذَاب اللَّه بِكُفْرِهِمْ بِهِ . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ عِنْدِي فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بِسُكُونِ اللَّام عَلَى وَجْه التَّهْدِيد وَالْوَعِيد , وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوهُ بِكَسْرِ اللَّام زَعَمُوا أَنَّهُمْ إِنَّمَا اِخْتَارُوا كَسْرهَا عَطْفًا بِهَا عَلَى اللَّام الَّتِي فِي قَوْله : { وَلِيُكَفِّرُوا } وَأَنَّ قَوْله { لِيَكْفُرُوا } لَمَّا كَانَ مَعْنَاهُ : كَيْ يَكْفُرُوا كَانَ الصَّوَاب فِي قَوْله { وَلِيَتَمَتَّعُوا } أَنْ يَكُون : وَكَيْ يَتَمَتَّعُوا , إِذْ كَانَ عَطْفًا عَلَى قَوْله : لِيَكْفُرُوا عِنْدهمْ , وَلَيْسَ الَّذِي ذَهَبُوا مِنْ ذَلِكَ بِمَذْهَبٍ , وَذَلِكَ لِأَنَّ لَام قَوْله { لِيَكْفُرُوا } صَلَحَتْ أَنْ تَكُون بِمَعْنَى كَيْ , لِأَنَّهَا شَرْط لِقَوْلِهِ : إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ كَيْ يَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ النِّعَم , وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي قَوْله { وَلِيَتَمَتَّعُوا } لِأَنَّ إِشْرَاكهمْ بِاَللَّهِ كَانَ يَكْفُرُوا بِنِعْمَتِهِ , وَلَيْسَ إِشْرَاكهمْ بِهِ تَمَتُّعًا بِالدُّنْيَا , وَإِنْ كَانَ الْإِشْرَاك بِهِ يُسَهِّل لَهُمْ سَبِيل التَّمَتُّع بِهَا فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَتَوْجِيهه إِلَى مَعْنَى الْوَعِيد أَوْلَى وَأَحَقّ مِنْ تَوْجِيهه إِلَى مَعْنَى : وَكَيْ يَتَمَتَّعُوا . وَبَعْد فَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ : " وَتَمَتَّعُوا " وَذَلِكَ دَلِيل عَلَى صِحَّة مَنْ قَرَأَهُ بِسُكُونِ اللَّام بِمَعْنَى الْوَعِيد .'; $TAFSEER['3']['29']['67'] = 'وَقَوْله : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُذَكِّرًا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْش , الْقَائِلِينَ : لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَة مِنْ رَبّه , نِعْمَته عَلَيْهِمْ الَّتِي خَصَّهُمْ بِهَا دُون سَائِر النَّاس غَيْرهمْ مَعَ كُفْرهمْ بِنِعْمَتِهِ وَإِشْرَاكهمْ فِي عِبَادَته الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد : أَوَلَمْ يَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْش , مَا خَصَّصْنَاهُمْ بِهِ مِنْ نِعْمَتنَا عَلَيْهِمْ دُون سَائِر عِبَادنَا , فَيَشْكُرُونَا عَلَى ذَلِكَ , وَيَنْزَجِرُوا عَنْ كُفْرهمْ بِنَا , وَإِشْرَاكهمْ مَا لَا يَنْفَعنَا وَلَا يَضُرّهُمْ فِي عِبَادَتنَا أَنَّا جَعَلْنَا بَلَدهمْ حَرَمًا , حَرَّمْنَا عَلَى النَّاس أَنْ يَدْخُلُوهُ بِغَارَةٍ أَوْ حَرْب , آمِنًا , يَأْمَن فِيهِ مَنْ سَكَنَهُ , فَأَوَى إِلَيْهِ مِنْ السِّبَاء وَالْخَوْف وَالْحَرَام الَّذِي لَا يَأْمَنهُ غَيْرهمْ مِنْ النَّاس { وَيُتَخَطَّف النَّاس مِنْ حَوْلهمْ } يَقُول : وَتُسْلَب النَّاس مِنْ حَوْلهمْ قَتْلًا وَسِبَاء . كَمَا : 21218 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّف النَّاس مِنْ حَوْلهمْ } قَالَ : كَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ آيَة أَنَّ النَّاس يُغْزَوْنَ وَيُتَخَطَّفُونَ وَهُمْ آمِنُونَ . وَقَوْله : { أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } يَقُول : أَفَبِالشِّرْكِ بِاَللَّهِ يُقِرُّونَ بِأُلُوهَةِ الْأَوْثَان بِأَنْ يُصَدِّقُوا , وَبِنِعْمَةِ اللَّه الَّتِي خَصَّهُمْ بِهَا مِنْ أَنْ جَعَلَ بَلَدهمْ حَرَمًا آمِنًا يَكْفُرُونَ , يَعْنِي بِقَوْلِهِ " يَكْفُرُونَ " : يَجْحَدُونَ . كَمَا : 21219 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } : أَيْ بِالشِّرْكِ { وَبِنِعْمَةِ اللَّه يَكْفُرُونَ } أَيْ يَجْحَدُونَ .'; $TAFSEER['3']['29']['68'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ أَظْلَم مِمَّنْ اِفْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّم مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ أَظْلَم أَيّهَا النَّاس مِمَّنْ اِخْتَلَقَ عَلَى اللَّه كَذِبًا , فَقَالُوا إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَة : وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا , وَاَللَّه أَمَرَنَا بِهَا , وَاَللَّه لَا يَأْمُر بِالْفَحْشَاءِ { أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ } يَقُول : أَوْ كَذَّبَ بِمَا بَعَثَ اللَّه بِهِ رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَوْحِيده , وَالْبَرَاءَة مِنْ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد لِمَا جَاءَهُ هَذَا الْحَقّ مِنْ عِنْد اللَّه { أَلَيْسَ فِي جَهَنَّم مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ } يَقُول : أَلَيْسَ فِي النَّار مَثْوًى وَمَسْكَن لِمَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ , وَجَحَدَ تَوْحِيده وَكَذَّبَ رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; وَهَذَا تَقْرِير , وَلَيْسَ بِاسْتِفْهَامٍ , إِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ جَرِير : أَلَسْتُمْ خَيْر مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا وَأَنْدَى الْعَالَمِينَ بُطُون رَاحِ إِنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّ لِلْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ مَسْكَنًا فِي النَّار , وَمَنْزِلًا يَثْوُونَ فِيهِ.'; $TAFSEER['3']['29']['69'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلنَا وَإِنَّ اللَّه لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاَلَّذِينَ قَاتَلُوا هَؤُلَاءِ الْمُفْتَرِينَ عَلَى اللَّه كَذِبًا مِنْ كُفَّار قُرَيْش , الْمُكَذِّبِينَ بِالْحَقِّ لِمَا جَاءَهُمْ فِينَا , مُبْتَغِينَ بِقِتَالِهِمْ عُلُوّ كَلِمَتنَا , وَنُصْرَة دِيننَا { لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلنَا } يَقُول : لَنُوَفِّقَنَّهُمْ لِإِصَابَةِ الطَّرِيق الْمُسْتَقِيمَة , وَذَلِكَ إِصَابَة دِين اللَّه الَّذِي هُوَ الْإِسْلَام الَّذِي بَعَثَ اللَّه بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَإِنَّ اللَّه لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } يَقُول : وَإِنَّ اللَّه لَمَعَ مَنْ أَحْسَنَ مِنْ خَلْقه , فَجَاهَدَ فِيهِ أَهْل الشِّرْك , مُصَدِّقًا رَسُوله فِيمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه بِالْعَوْنِ لَهُ , وَالنُّصْرَة عَلَى مَنْ جَاهَدَ مِنْ أَعْدَائِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله { وَاَلَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21220 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { وَاَلَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا } فَقُلْت لَهُ : قَاتَلُوا فِينَا , قَالَ : نَعَمْ . آخِر تَفْسِير سُورَة الْعَنْكَبُوت'; $TAFSEER['3']['30']['1'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الم } قَالَ أَبُو جَعْفَر : اِخْتَلَفَتْ تَرَاجِمَة الْقُرْآن فِي تَأْوِيل قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { الم } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 184 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { الم } قَالَ : اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن 185 - حَدَّثني الْمُثَنَّى بْن إِبْرَاهِيم الْآمُلِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَة مُوسَى بْن مَسْعُود قَالَ : حَدَّثَنَا شِبْل عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَالَ : { الم } اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن 186 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن الْحَسَن , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن دَاوُد , قَالَ : حَدَّثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج قَالَ : { الم } اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ فَوَاتِح يَفْتَح اللَّه بِهَا الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 187 - حَدَّثني هَارُون بْن إِدْرِيس الْأَصَمّ الْكُوفِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الْمُحَارِبِيّ , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { الم } فَوَاتِح يَفْتَح اللَّه بِهَا الْقُرْآن . حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم الْغِفَارِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَان , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { الم } فَوَاتِح . حَدَّثني الْمُثَنَّى بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن الْحَجَّاج , عَنْ يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { الم } و { حم } و { المص } و { ص } فَوَاتِح اِفْتَتَحَ اللَّه بِهَا . حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن الْحَسَن , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : حَدَّثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد مِثْل حَدِيث هَارُون بْن إِدْرِيس . وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ اِسْم لِلسُّورَةِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 188 - حَدَّثني يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَنْبَأَنَا عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : سَأَلْت عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم , عَنْ قَوْل اللَّه : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } و { الم تَنْزِيل } و { المر تِلْكَ } فَقَالَ : قَالَ أَبِي : إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاء السُّوَر. وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ اِسْم اللَّه الْأَعْظَم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 189 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَة , قَالَ : سَأَلْت السُّدِّيّ عَنْ { حم } و { طسم } و { الم } فَقَالَ قَالَ اِبْن عَبَّاس : هُوَ اِسْم اللَّه الْأَعْظَم . حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثني أَبُو النُّعْمَان , قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ , عَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه فَذَكَرَ نَحْوه. 190 - حَدَّثني الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن الْحَجَّاج , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ الشَّعْبِيّ قَالَ : فَوَاتِح السُّوَر مِنْ أَسْمَاء اللَّه . وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ قَسَم أَقْسَمَ اللَّه بِهِ وَهِيَ مِنْ أَسْمَائِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 191 - حَدَّثني يَحْيَى بْن عُثْمَان بْن صَالِح السَّهْمِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : حَدَّثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : هُوَ قَسَم أَقْسَمَ اللَّه بِهِ وَهُوَ مِنْ أَسْمَاء اللَّه . 192 حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِد الْحَذَّاء عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : { الم } قَسَم . وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ حُرُوف مُقَطَّعَة مِنْ أَسْمَاء وَأَفْعَال , كُلّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ لِمَعْنًى غَيْر مَعْنَى الْحَرْف الْآخَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 193 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيع , وَحَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { الم } قَالَ : أَنَا اللَّه أَعْلَم . 194 - وَحَدَّثَنَا عَنْ أَبِي عُبَيْد قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَقْظَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ قَوْله : { الم } قَالَ : أَنَا اللَّه أَعْلَم . 195 -حَدَّثني مُوسَى بْن هَارُون الْهَمْدَانِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرو بْن حَمَّاد الْقَنَّاد , قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاط بْن نَصْر , عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ فِي خَبَر ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِك , وَعَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , عَنْ اِبْن مَسْعُود , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { الم } قَالَ : أَمَّا : { الم } فَهُوَ حَرْف اُشْتُقَّ مِنْ حُرُوف هِجَاء أَسْمَاء اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ . 196 حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَعْمَر , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّاس بْن زِيَاد الْبَاهِلِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { الم } و { حم } و { ن } قَالَ : اِسْم مُقَطَّع . وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حُرُوف هِجَاء مَوْضُوع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 197 - حَدَّثَنَا عَنْ مَنْصُور بْن أَبِي نُوَيْرَة , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْمُؤَدِّب , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : فَوَاتِح السُّوَر كُلّهَا { ق } و { ص } و { حم } و { طسم } و { الر } وَغَيْر ذَلِكَ هِجَاء مَوْضُوع . وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حُرُوف يَشْتَمِل كُلّ حَرْف مِنْهَا عَلَى مَعَانٍ شَتَّى مُخْتَلِفَة ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 198 - حَدَّثني الْمُثَنَّى بْن إِبْرَاهِيم الطَّبَرِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن الْحَجَّاج , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ قَالَ : حَدَّثني أَبِي , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { الم } قَالَ : هَذِهِ الْأَحْرُف مِنْ التِّسْعَة وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا , دَارَتْ فِيهَا الْأَلْسُن كُلّهَا , لَيْسَ مِنْهَا حَرْف إِلَّا وَهُوَ مِفْتَاح اِسْم مِنْ أَسْمَائِهِ , وَلَيْسَ مِنْهَا حَرْف إِلَّا وَهُوَ فِي آلَائِهِ وَبَلَائِهِ , وَلَيْسَ مِنْهَا حَرْف إِلَّا وَهُوَ مُدَّة قَوْم وَآجَالهمْ . وَقَالَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم : " وَعَجِيب يَنْطِقُونَ فِي أَسْمَائِهِ , وَيَعِيشُونَ فِي رِزْقه , فَكَيْفَ يَكْفُرُونَ " ؟ قَالَ : الْأَلِف : مِفْتَاح اِسْمه " اللَّه " , وَاللَّام : مِفْتَاح اِسْمه " لَطِيف " , وَالْمِيم : مِفْتَاح اِسْمه " مَجِيد " ; وَالْأَلِف : آلَاء اللَّه , وَاللَّام : لُطْفه , وَالْمِيم : مَجْده ; الْأَلِف : سَنَة , وَاللَّام ثَلَاثُونَ سَنَة , وَالْمِيم : أَرْبَعُونَ سَنَة. حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : حَدَّثَنَا حَكَّام عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بِنَحْوِهِ. وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حُرُوف مِنْ حِسَاب الْجُمَّل , كَرِهْنَا ذِكْر الَّذِي حُكِيَ ذَلِكَ عَنْهُ , إِذْ كَانَ الَّذِي رَوَاهُ مِمَّنْ لَا يُعْتَمَد عَلَى رِوَايَته وَنَقْله , وَقَدْ مَضَتْ الرِّوَايَة بِنَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْقَوْل عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس . وَقَالَ بَعْضهمْ : لِكُلِّ كِتَاب سِرّ , وَسِرّ الْقُرْآن فَوَاتِحه. وَأَمَّا أَهْل الْعَرَبِيَّة فَإِنَّهُمْ اِخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حُرُوف مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم اُسْتُغْنِيَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهَا فِي أَوَائِل السُّوَر عَنْ ذِكْر بِوَاقِيهَا الَّتِي هِيَ تَتِمَّة الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا , كَمَا اِسْتَغْنَى الْمُخْبِر عَمَّنْ أَخْبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ فِي حُرُوف الْمُعْجَم الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ بِذِكْرِ " أ ب ت ث " عَنْ ذِكْر بِوَاقِي حُرُوفهَا الَّتِي هِيَ تَتِمَّة الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ , قَالَ : وَلِذَلِكَ رُفِعَ { ذَلِكَ الْكِتَاب } لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : الْأَلِف وَاللَّام وَالْمِيم مِنْ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة { ذَلِكَ الْكِتَاب } الَّذِي أَنْزَلْته إِلَيْك مَجْمُوعًا { لَا رَيْب فِيهِ } . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنَّ " أ ب ت ث " قَدْ صَارَتْ كَالِاسْمِ فِي حُرُوف الْهِجَاء كَمَا صَارَتْ الْحَمْد اِسْمًا لِفَاتِحَةِ الْكِتَاب . قِيلَ لَهُ : لَمَّا كَانَ جَائِزًا أَنْ يَقُول الْقَائِل : اِبْنِي فِي " ط ظ " , وَكَانَ مَعْلُومًا بِقِيلِهِ ذَلِكَ لَوْ قَالَهُ أَنَّهُ يُرِيد الْخَبَر عَنْ اِبْنه أَنَّهُ فِي الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة , عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ " أ ب ت ث " لَيْسَ لَهَا بِاسْمٍ , وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ آثَر فِي الذِّكْر مِنْ سَائِرهَا. قَالَ : وَإِنَّمَا خُولِفَ بَيْن ذِكْر حُرُوف الْمُعْجَم فِي فَوَاتِح السُّوَر , فَذُكِرَتْ فِي أَوَائِلهَا مُخْتَلِفَة , وَذِكْرهَا إِذَا ذُكِرَتْ بِأَوَائِلِهَا الَّتِي هِيَ " أ ب ت ث " مُؤْتَلِفَة لِيُفْصَل بَيْن الْخَبَر عَنْهَا , إِذَا أُرِيدَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهَا مُخْتَلِفًا الدَّلَالَة عَلَى الْكَلَام الْمُتَّصِل , وَإِذَا أُرِيدَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهَا مُؤْتَلِفًا الدَّلَالَة عَلَى الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة بِأَعْيَانِهَا . وَاسْتَشْهَدُوا - الْإِجَازَة قَوْل الْقَائِل : اِبْنِي فِي " ط ظ " , وَمَا أَشْبَه ذَلِكَ مِنْ الْخَبَر عَنْهُ أَنَّهُ فِي حُرُوف الْمُعْجَم , وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ قِيله فِي الْبَيَان يَقُوم مَقَام قَوْله : " اِبْنِي فِي أ ب ت ث " بِرَجَزِ بَعْض الرُّجَّاز مِنْ بَنِي أَسَد : لَمَّا رَأَيْت أَمْرهَا فِي حُطِّي وَفَنَكَتْ فِي كَذِب وَلَطِّ أَخَذْت مِنْهَا بِقُرُونٍ شُمْطِ فَلَمْ يَزَلْ ضَرْبِي بِهَا وَمَعْطِي حَتَّى عَلَا الرَّأْس دَم يُغَطِّي فَزَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْخَبَر عَنْ الْمَرْأَة أَنَّهَا فِي " أبي جاد " , فَأَقَامَ قَوْله : " لَمَّا رَأَيْت أَمْرهَا فِي حطي " مَقَام خَبَره عَنْهَا أَنَّهَا فِي " أبي جاد " , إِذْ كَانَ ذَاكَ مِنْ قَوْله يَدُلّ سَامِعه عَلَى مَا يَدُلّهُ عَلَيْهِ قَوْله : لَمَّا رَأَيْت أَمْرهَا فِي أبي جاد . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ اُبْتُدِئَتْ بِذَلِكَ أَوَائِل السُّوَر لِيَفْتَح لِاسْتِمَاعِهِ أَسْمَاع الْمُشْرِكِينَ , إِذْ تَوَاصَوْا بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْقُرْآن , حَتَّى إِذَا اِسْتَمَعُوا لَهُ تُلِيَ عَلَيْهِمْ الْمُؤَلَّف مِنْهُ. وَقَالَ بَعْضهمْ : الْحُرُوف الَّتِي هِيَ فَوَاتِح السُّوَر حُرُوف يَسْتَفْتِح اللَّه بِهَا كَلَامه . فَإِنْ قِيلَ : هَلْ يَكُون مِنْ الْقُرْآن مَا لَيْسَ لَهُ مَعْنًى ؟ فَإِنَّ مَعْنَى هَذَا أَنَّهُ اِفْتَتَحَ بِهَا لِيُعْلَم أَنَّ السُّورَة الَّتِي قَبْلهَا قَدْ اِنْقَضَتْ , وَأَنَّهُ قَدْ أُخِذَ فِي أُخْرَى , فَجُعِلَ هَذَا عَلَامَة اِنْقِطَاع مَا بَيْنهمَا , وَذَلِكَ فِي كَلَام الْعَرَب يُنْشِد الرَّجُل مِنْهُمْ الشِّعْر فَيَقُول : بَلْ وَبَلْدَة مَا الْإِنْس مِنْ آهَالهَا وَيَقُول : لَا بَلْ مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا و " بَلْ " لَيْسَتْ مِنْ الْبَيْت وَلَا تُعَدّ فِي وَزْنه , وَلَكِنْ يَقْطَع بِهَا كَلَامًا وَيَسْتَأْنِف الْآخَر . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَلِكُلِّ قَوْل مِنْ الْأَقْوَال الَّتِي قَالَهَا الَّذِينَ وَصَفْنَا قَوْلهمْ فِي ذَلِكَ وَجْه مَعْرُوف . فَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : { الم } اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن , فَلِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا أَنَّ : { الم } اِسْم لِلْقُرْآنِ كَمَا الْفُرْقَان اِسْم لَهُ . وَإِذَا كَانَ مَعْنَى قَائِل ذَلِكَ كَذَلِكَ , كَانَ تَأْوِيل قَوْله : { الم } ذَلِكَ الْكِتَاب عَلَى مَعْنَى الْقَسَم ; كَأَنَّهُ قَالَ : وَالْقُرْآن هَذَا الْكِتَاب لَا رَيْب فِيهِ . وَالْآخَر مِنْهُمَا أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا أَنَّهُ اِسْم مِنْ أَسْمَاء السُّورَة الَّتِي تُعْرَف بِهِ كَمَا تُعْرَف سَائِر الْأَشْيَاء بِأَسْمَائِهَا الَّتِي هِيَ لَهَا أَمَارَات تُعْرَف بِهَا , فَيَفْهَم السَّامِع مَنْ الْقَائِل يَقُول : قَرَأْت الْيَوْم { المص } و { ن } أَيْ السُّورَة الَّتِي قَرَأَهَا مِنْ سُوَر الْقُرْآن , كَمَا يُفْهَم عَنْهُ إِذَا قَالَ : لَقِيت الْيَوْم عَمْرًا وَزَيْدًا , وَهُمَا بِزَيْدٍ وَعُمَر وَعَارِفَانِ مَنْ الَّذِي لَقِيَ مِنْ النَّاس . وَإِنْ أَشْكَلَ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى اِمْرِئٍ فَقَالَ : وَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يَكُون ذَلِكَ كَذَلِكَ وَنَظَائِر الم المر فِي الْقُرْآن جَمَاعَة مِنْ السُّوَر ؟ وَإِنَّمَا تَكُون الْأَسْمَاء أَمَارَات , إِذَا كَانَتْ مُمَيَّزَة بَيْن الْأَشْخَاص , فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ غَيْر مُمَيَّزَة فَلَيْسَتْ أَمَارَات . قِيلَ : إِنَّ الْأَسْمَاء وَإِنْ كَانَتْ قَدْ صَارَتْ لِاشْتِرَاكِ كَثِير مِنْ النَّاس فِي الْوَاحِد مِنْهَا غَيْر مُمَيَّزَة إِلَّا بِمَعَانٍ أُخَر مَعَهَا مِنْ ضَمّ نِسْبَة الْمُسَمَّى بِهَا إِلَيْهَا أَوْ نَعْته أَوْ صِفَته بِمَا يُفَرَّق بَيْنه وَبَيْن غَيْره مِنْ أَشْكَالهَا , فَإِنَّهَا وُضِعَتْ اِبْتِدَاء لِلتَّمْيِيزِ لَا شَكّ ثُمَّ اُحْتِيجَ عِنْد الِاشْتِرَاك إِلَى الْمَعَانِي الْمُفَرَّقَة بَيْن الْمُسَمَّى بِهَا. فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي أَسْمَاء السُّوَر , جُعِلَ كُلّ اِسْم - فِي قَوْل قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة - أَمَارَة لِلْمُسَمَّى بِهِ مِنْ السُّوَر فَلَمَّا شَارَكَ الْمُسَمَّى بِهِ فِيهِ غَيْره مِنْ سُوَر الْقُرْآن اِحْتَاجَ الْمُخْبِر عَنْ سُورَة مِنْهَا أَنْ يَضُمّ إِلَى اِسْمهَا الْمُسَمَّى بِهِ مِنْ ذَلِكَ مَا يُفَرَّق بِهِ لِلسَّامِعِ بَيْن الْخَبَر عَنْهَا وَعَنْ غَيْرهَا مِنْ نَعْت وَصِفَة أَوْ غَيْر ذَلِكَ , فَيَقُول الْمُخْبِر عَنْ نَفْسه إِنَّهُ تَلَا سُورَة الْبَقَرَة إِذَا سَمَّاهَا بِاسْمِهَا الَّذِي هُوَ { الم } قَرَأْت { الم } الْبَقَرَة , وَفِي آل عِمْرَان : قَرَأْت { الم } آل عِمْرَان , و { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } و { الم اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ الْقَيُّوم }. كَمَا لَوْ أَرَادَ الْخَبَر عَنْ رَجُلَيْنِ اِسْم كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا عَمْرو , غَيْر أَنَّ أَحَدهمَا تَمِيمِيّ وَالْآخَر أَزْدِيّ , لَلَزِمَهُ أَنْ يَقُول لِمَنْ أَرَادَ إِخْبَاره عَنْهُمَا : لَقِيت عَمْرًا التَّمِيمِيّ وَعَمْرًا الْأَزْدِيّ , إِذْ كَانَ لَا فَرْق بَيْنهمَا وَبَيْن غَيْرهمَا مِمَّنْ يُشَارِكهُمَا فِي أَسْمَائِهِمَا إِلَّا بِنِسْبَتِهِمَا كَذَلِكَ , فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْل مَنْ تَأَوَّلَ فِي الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة أَنَّهَا أَسْمَاء لِلسُّوَرِ. وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : ذَلِكَ فَوَاتِح يَفْتَتِح اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهَا كَلَامه , فَإِنَّهُمْ وَجَّهُوا ذَلِكَ إِلَى نَحْو الْمَعْنَى الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَمَّنْ حَكَيْنَا عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّهُ قَالَ : ذَلِكَ أَدِلَّة عَلَى اِنْقِضَاء سُورَة وَابْتِدَاء فِي أُخْرَى وَعَلَامَة لِانْقِطَاعِ مَا بَيْنهمَا , كَمَا جُعِلَتْ " بَلْ " فِي اِبْتِدَاء قَصِيدَة دَلَالَة عَلَى اِبْتِدَاء فِيهَا وَانْقِضَاء أُخْرَى قَبْلهَا كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ الْعَرَب إِذَا أَرَادُوا الِابْتِدَاء فِي إِنْشَاد قَصِيدَة , قَالُوا : بَلْ مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا و " بَلْ " لَيْسَتْ مِنْ الْبَيْت وَلَا دَاخِلَة فِي وَزْنه , وَلَكِنْ لِيَدُلّ بِهِ عَلَى قَطْع كَلَام وَابْتِدَاء آخَر . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : ذَلِكَ حُرُوف مُقَطَّعَة بَعْضهَا مِنْ أَسْمَاء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , وَبَعْضهَا مِنْ صِفَاته , وَلِكُلِّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى غَيْر مَعْنَى الْحَرْف الْآخَر . فَإِنَّهُمْ نَحَوْا بِتَأْوِيلِهِمْ ذَلِكَ نَحْو قَوْل الشَّاعِر : قُلْنَا لَهَا قِفِي لَنَا قَالَتْ قَاف لَا تَحْسِبِي أَنَّا نَسِينَا الْإِيجَاف يَعْنِي بِقَوْلِهِ : قَالَتْ قَاف : قَالَتْ قَدْ وَقَفْت . فَدَلَّتْ بِإِظْهَارِ الْقَاف مِنْ وَوَقَفْت و عَلَى مُرَادهَا مِنْ تَمَام الْكَلِمَة الَّتِي هِيَ " وَقَفْت " , فَصَرَفُوا قَوْله : { الم } وَمَا أَشَبَه ذَلِكَ إِلَى نَحْو هَذَا الْمَعْنَى , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْأَلِف أَلِف " أَنَا " , وَاللَّام لَام " اللَّه " , وَالْمِيم مِيم " أَعْلَم " , وَكُلّ حَرْف مِنْهَا دَالّ عَلَى كَلِمَة تَامَّة. قَالُوا : فَجُمْلَة هَذِهِ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة إِذَا ظَهَرَ مَعَ كُلّ حَرْف مِنْهُنَّ تَمَام حُرُوف الْكَلِمَة " أَنَا " اللَّه أَعْلَم " . قَالُوا : وَكَذَلِكَ سَائِر جَمِيع مَا فِي أَوَائِل سُوَر الْقُرْآن مِنْ ذَلِكَ , فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَبِهَذَا التَّأْوِيل. قَالُوا : وَمُسْتَفِيض ظَاهِر فِي كَلَام الْعَرَب أَنْ يُنْقِص الْمُتَكَلِّم مِنْهُمْ مِنْ الْكَلِمَة الْأَحْرُف إِذَا كَانَ فِيمَا بَقِيَ دَلَالَة عَلَى مَا حُذِفَ مِنْهَا , وَيَزِيد فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَة مُلَبِّسَة مَعْنَاهَا عَلَى سَامِعهَا كَحَذْفِهِمْ فِي النَّقْص فِي التَّرْخِيم مِنْ " حَارِث " " الثَّاء " فَيَقُولُونَ : يَا حَارِ , وَمِنْ " مَالِك " " الْكَاف " فَيَقُولُونَ : يَا مَالِ , وَأَمَّا أَشْبَهَ ذَلِكَ . وَكَقَوْلِ رَاجِزهمْ مَا لِلظَّلِيمِ عَالَ كَيْفَ لَا يَا يَنْقَدّ عَنْهُ جِلْده إِذَا يَا كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُول : إِذَا يَفْعَل كَذَا وَكَذَا , فَاكْتَفَى بِالْيَاءِ مِنْ وَيَفْعَل , وَكَمَا قَالَ آخَر مِنْهُمْ : بِالْخَيْرِ خَيْرَات وَإِنْ شَرًّا فَا يُرِيد فَشَرًّا . وَلَا أُرِيد الشَّرّ إِلَّا أَنْ تَا يُرِيد إِلَّا أَنْ تَشَاء . فَاكْتَفَى بِالتَّاءِ وَالْفَاء فِي الْكَلِمَتَيْنِ جَمِيعًا مِنْ سَائِر حُرُوفهمَا , وَمَا أَشَبَه ذَلِكَ مِنْ الشَّوَاهِد الَّتِي يَطُول الْكِتَاب بِاسْتِيعَابِهِ . وَكَمَا : 199 - حَدَّثني يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب وَابْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : لَمَّا مَاتَ يَزِيد بْن مُعَاوِيَة , قَالَ لِي عَبْدَة : إِنِّي لَا أُرَاهَا إِلَّا كَائِنَة فِتْنَة فَافْزَعْ مِنْ ضَيْعَتك وَالْحَقْ بِأَهْلِك ! قُلْت : فَمَا تَأْمُرنِي ؟ قَالَ : أَحَبّ إِلَيَّ لَك أَنْ تَا - قَالَ أَيُّوب وَابْن عَوْن بِيَدِهِ تَحْت خَدّه الْأَيْمَن يَصِف الِاضْطِجَاع - حَتَّى تَرَى أَمْرًا تَعْرِفهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي ب " تَا " تَضْطَجِع , فَاجْتَزَأَ بِالتَّاءِ مِنْ تَضْطَجِع. وَكَمَا قَالَ الْآخَر فِي الزِّيَادَة فِي الْكَلَام عَلَى النَّحْو الَّذِي وَصَفْت : أَقُول إِذْ خَرَّتْ عَلَى الْكَلْكَال يَا نَاقَتِي مَا جُلْت مِنْ مَجَال يُرِيد الْكَلْكَل . وَكَمَا قَالَ الْآخَر : إِنَّ شَكْلِي وَإِنَّ شَكْلك شَتَّى فَالْزَمِي الْخُصّ , وَاخْفِضِي تَبْيَضِضِّي فَزَادَ ضَادًا وَلَيْسَتْ فِي الْكَلِمَة. قَالُوا : فَكَذَلِكَ مَا نَقَصَ مِنْ تَمَام حُرُوف كُلّ كَلِمَة مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَات الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهَا تَتِمَّة حُرُوف { الم } وَنَظَائِرهَا , نَظِير مَا نَقَصَ مِنْ الْكَلَام الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْ الْعَرَب فِي أَشْعَارهَا وَكَلَامهَا . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : كُلّ حَرْف مِنْ { الم } وَنَظَائِرهَا دَالّ عَلَى مَعَانٍ شَتَّى نَحْو الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , فَإِنَّهُمْ وَجَّهُوا ذَلِكَ إِلَى مِثْل الَّذِي وَجَّهَهُ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ هُوَ بِتَأْوِيلِ : " أَنَا اللَّه أَعْلَم " فِي أَنَّ كُلّ حَرْف مِنْهُ بَعْض حُرُوف كَلِمَة تَامَّة اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَتِهِ عَلَى تَمَامه عَنْ ذِكْر تَمَامه , وَإِنْ كَانُوا لَهُ مُخَالِفِينَ فِي كُلّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ , أَهُوَ مِنْ الْكَلِمَة الَّتِي اِدَّعَى أَنَّهُ مِنْهَا قَائِلُو الْقَوْل الْأَوَّل أَمْ مِنْ غَيْرهَا ؟ فَقَالُوا : بَلْ الْأَلِف مِنْ { الم } مِنْ كَلِمَات شَتَّى هِيَ دَالَّة عَلَى مَعَانِي جَمِيع ذَلِكَ وَعَلَى تَمَامه . قَالُوا : وَإِنَّمَا أَفْرَدَ كُلّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ وَقَصَّرَ بِهِ عَنْ تَمَام حُرُوف الْكَلِمَة أَنَّ جَمِيع حُرُوف الْكَلِمَة لَوْ أُظْهِرَتْ لَمْ تَدُلّ الْكَلِمَة الَّتِي تَظْهَر بَعْض هَذِهِ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة بَعْض لَهَا , إِلَّا عَلَى مَعْنًى وَاحِد لَا عَلَى مَعْنَيَيْنِ وَأَكْثَر مِنْهُمَا . قَالُوا : وَإِذَا كَانَ لَا دَلَالَة فِي ذَلِكَ لَوْ أُظْهِرَ جَمِيعهَا إِلَّا عَلَى مَعْنَاهَا الَّذِي هُوَ مَعْنًى وَاحِد , وَكَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ أَرَادَ الدَّلَالَة بِكُلِّ حَرْف مِنْهَا عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة لِشَيْءٍ وَاحِد , لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يُفْرَد . الْحَرْف الدَّالّ عَلَى تِلْكَ الْمَعَانِي , لِيَعْلَم الْمُخَاطَبُونَ بِهِ أَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَقْصِد قَصْد مَعْنًى وَاحِد وَدَلَالَة عَلَى شَيْء وَاحِد بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ , وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ الدَّلَالَة [ بِهِ ] عَلَى أَشْيَاء كَثِيرَة . قَالُوا : فَالْأَلِف مِنْ { الم } مُقْتَضِيَة مَعَانِي كَثِيرَة , مِنْهَا : إِتْمَام اِسْم الرَّبّ الَّذِي هُوَ اللَّه , وَتَمَام اِسْم نَعْمَاء اللَّه الَّتِي هِيَ آلَاء اللَّه , وَالدَّلَالَة عَلَى أَجَل قَوْم أَنَّهُ سَنَة , إِذَا كَانَتْ الْأَلِف فِي حِسَاب الْجُمَّل وَاحِدًا . وَاللَّام مُقْتَضِيَة تَمَام اِسْم اللَّه الَّذِي هُوَ لَطِيف , وَتَمَام اِسْم فَضْله الَّذِي هُوَ لُطْف , وَالدَّلَالَة عَلَى أَجَل قَوْم أَنَّهُ ثَلَاثُونَ سَنَة . وَالْمِيم مُقْتَضِيَة تَمَام اِسْم اللَّه الَّذِي هُوَ مَجِيد , وَتَمَام اِسْم عَظَمَته الَّتِي هِيَ مَجْد , وَالدَّلَالَة عَلَى أَجَل قَوْم أَنَّهُ أَرْبَعُونَ سَنَة . فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَام فِي تَأْوِيل قَائِل الْقَوْل الْأَوَّل : أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ اِفْتَتَحَ كَلَامه بِوَصْفِ نَفْسه بِأَنَّهُ الْعَالِم الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء , وَجَعَلَ ذَلِكَ لِعِبَادِهِ مَنْهَجًا يَسْلُكُونَهُ فِي مُفْتَتَح خُطَبهمْ وَرَسَائِلهمْ وَمُهِمّ أُمُورهمْ , وَابْتِلَاء مِنْهُ لَهُمْ لِيَسْتَوْجِبُوا بِهِ عَظِيم الثَّوَاب فِي دَار الْجَزَاء , كَمَا اِفْتَتَحَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ , و { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض } 6 1 وَمَا أَشَبَه ذَلِكَ مِنْ السُّوَر الَّتِي جَعَلَ مَفَاتِحهَا الْحَمْد لِنَفْسِهِ . وَكَمَا جَعَلَ مَفَاتِح بَعْضهَا تَعْظِيم نَفْسه وَإِجْلَالهَا بِالتَّسْبِيحِ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { سُبْحَان الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا } 17 1 وَمَا أَشَبَه ذَلِكَ مِنْ سَائِر سُوَر الْقُرْآن الَّتِي جَعَلَ مَفَاتِح بَعْضهَا تَحْمِيد نَفْسه , وَمَفَاتِح بَعْضهَا تَمْجِيدهَا , وَمَفَاتِح بَعْضهَا تَعْظِيمهَا وَتَنْزِيههَا . فَكَذَلِكَ جَعَلَ مَفَاتِح السُّوَر الْأُخْرَى الَّتِي أَوَائِلهَا بَعْض حُرُوف الْمُعْجَم مَدَائِح نَفْسه أَحْيَانًا بِالْعِلْمِ , وَأَحْيَانًا بِالْعَدْلِ وَالْإِنْصَاف , وَأَحْيَانًا بِالْإِفْضَالِ وَالْإِحْسَان بِإِيجَازٍ وَاخْتِصَار , ثُمَّ اِقْتِصَاص الْأُمُور بَعْد ذَلِكَ . وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل يَجِب أَنْ يَكُون الْأَلِف وَاللَّام وَالْمِيم فِي أَمَاكِن الرَّفْع مَرْفُوعًا بَعْضهَا بِبَعْضٍ دُون قَوْله : { ذَلِكَ الْكِتَاب } وَيَكُون ذَلِكَ الْكِتَاب خَبَر مُبْتَدَأ مُنْقَطِعًا عَنْ مَعْنَى { الم } , وَكَذَلِكَ " ذَلِكَ " فِي تَأْوِيل قَوْل قَائِل هَذَا الْقَوْل الثَّانِي مَرْفُوع بَعْضه بِبَعْضٍ , وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا مَعْنَاهُ مَعْنَى قَوْل قَائِل الْقَوْل الْأَوَّل . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : هُنَّ حُرُوف مِنْ حُرُوف حِسَاب الْجُمَّل دُون مَا خَالَفَ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي , فَإِنَّهُمْ قَالُوا : لَا نَعْرِف لِلْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَة مَعْنًى يُفْهَم سِوَى حِسَاب الْجُمَّل وَسِوَى تَهَجِّي قَوْل الْقَائِل : { الم } . وَقَالُوا : غَيْر جَائِز أَنْ يُخَاطِب اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَاده إِلَّا بِمَا يَفْهَمُونَهُ وَيَعْقِلُونَهُ عَنْهُ . فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ - وَكَانَ قَوْله : { الم } لَا يُعْقَل لَهَا وَجْه تُوَجَّه إِلَيْهِ إِلَّا أَحَد الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا , فَبَطَلَ أَحَد وَجْهَيْهِ , وَهُوَ أَنْ يَكُون مُرَادًا بِهَا تُهُجِّيَ . { الم } - صَحَّ وَثَبَتَ أَنَّهُ مُرَاد بِهِ الْوَجْه الثَّانِي وَهُوَ حِسَاب الْجُمَّل ; لِأَنَّ قَوْل الْقَائِل : { الم } لَا يَجُوز أَنْ يَلِيَهُ مِنْ الْكَلَام ذَلِكَ الْكِتَاب لِاسْتِحَالَةِ مَعْنَى الْكَلَام وَخُرُوجه عَنْ الْمَعْقُول إِذَا وَلِيَ { الم } ذَلِكَ الْكِتَاب . وَاحْتَجُّوا لِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا : 200 -حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّد بْن حُمَيْد الرَّازِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَة بْن الْفَضْل . قَالَ : حَدَّثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : حَدَّثني الْكَلْبِيّ , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه بْن رِئَاب , قَالَ : مَرَّ أَبُو يَاسِر بْن أَخْطَب بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتْلُو فَاتِحَة سُورَة الْبَقَرَة : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب لَا رَيْب فِيهِ } فَأَتَى أَخَاهُ حُيَيّ بْن أَخْطَب فِي رِجَال مِنْ يَهُود فَقَالَ : تَعْلَمُونَ وَاَللَّه لَقَدْ سَمِعْت مُحَمَّدًا يَتْلُو فِيمَا أَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } فَقَالُوا : أَنْتَ سَمِعْته ؟ قَالَ : نَعَمْ فَمَشَى حُيَيّ بْن أَخْطَب فِي أُولَئِكَ النَّفَر مِنْ يَهُود إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : يَا مُحَمَّد أَلَمْ يُذْكَر لَنَا أَنَّك تَتْلُو فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْك : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ : " بَلَى " فَقَالُوا : أَجَاءَك بِهَذَا جِبْرِيل مِنْ عِنْد اللَّه ؟ قَالَ : " نَعَمْ " ! قَالُوا : لَقَدْ بَعَثَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَبْلك أَنْبِيَاء مَا نَعْلَمهُ بَيْن لِنَبِيٍّ مِنْهُمْ مَا مُدَّة مُلْكه وَمَا أَجَل أُمَّته غَيْرك ! فَقَالَ حُيَيّ بْن أَخْطَب : وَأَقْبَلَ عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ , فَقَالَ لَهُمْ : الْأَلِف وَاحِدَة , وَاللَّام ثَلَاثُونَ , وَالْمِيم أَرْبَعُونَ , فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَة , قَالَ : فَقَالَ لَهُمْ : أَتَدْخُلُونَ فِي دِين نَبِيّ إِنَّمَا مُدَّة مُلْكه وَأَجَل أُمَّته إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَة ؟ قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّد هَلْ مَعَ هَذَا غَيْره ؟ قَالَ : " نَعَمْ " ! قَالَ : مَاذَا ؟ قَالَ : " المص " قَالَ : هَذِهِ أَثْقَل وَأَطْوَل : الْأَلِف وَاحِدَة , وَاللَّام ثَلَاثُونَ , وَالْمِيم أَرْبَعُونَ , وَالصَّاد تِسْعُونَ. فَهَذِهِ مِائَة وَإِحْدَى وَسِتُّونَ سَنَة ; هَلْ مَعَ هَذَا يَا مُحَمَّد غَيْره ؟ قَالَ : " نَعَمْ " ! قَالَ : مَاذَا ؟ قَالَ : " الر " قَالَ : هَذِهِ أَثْقَل وَأَطْوَل الْأَلِف وَاحِدَة , وَاللَّام ثَلَاثُونَ , وَالرَّاء مِائَتَانِ , فَهَذِهِ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَتَا سَنَة ; فَقَالَ : هَلْ مَعَ هَذَا غَيْره يَا مُحَمَّد ؟ قَالَ : " نَعَمْ المر " , قَالَ : فَهَذِهِ أَثْقَل وَأَطْوَل : الْأَلِف وَاحِدَة وَاللَّام ثَلَاثُونَ , وَالْمِيم أَرْبَعُونَ , وَالرَّاء مِائَتَانِ , فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ وَمِائَتَا سَنَة . ثُمَّ قَالَ : لَقَدْ لُبِّسَ عَلَيْنَا أَمْرك يَا مُحَمَّد , حَتَّى مَا نَدْرِي أَقَلِيلًا أُعْطِيت أَمْ كَثِيرًا ! ثُمَّ قَامُوا عَنْهُ , فَقَالَ أَبُو يَاسِر لِأَخِيهِ حُيَيّ بْن أَخْطَب وَلِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْأَحْبَار : مَا يُدْرِيكُمْ لَعَلَّهُ قَدْ جُمِعَ هَذَا كُلّه لِمُحَمَّدٍ : إِحْدَى وَسَبْعُونَ , وَإِحْدَى وَسِتُّونَ وَمِائَة , وَمِائَتَانِ وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ , وَمِائَتَانِ وَإِحْدَى وَسَبْعُونَ , فَذَلِكَ سَبْعمِائَةِ سَنَة وَأَرْبَع وَثَلَاثُونَ , فَقَالُوا : لَقَدْ تَشَابَهَ عَلَيْنَا أَمْره . وَيَزْعُمُونَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْآيَات نَزَلَتْ فِيهِمْ : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب وَأُخَر مُتَشَابِهَات } . 3 7 فَقَالُوا : قَدْ صَرَّحَ هَذَا الْخَبَر بِصِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّأْوِيل وَفَسَاد مَا قَالَهُ مُخَالِفُونَا فِيهِ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل عِنْدِي فِي تَأْوِيل مَفَاتِح السُّوَر الَّتِي هِيَ حُرُوف الْمُعْجَم : أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَهَا حُرُوفًا مُقَطَّعَة وَلَمْ يَصِل بَعْضهَا بِبَعْضٍ فَيَجْعَلهَا كَسَائِرِ الْكَلَام الْمُتَّصِل الْحُرُوف ; لِأَنَّهُ عَزَّ ذِكْره أَرَادَ بِلَفْظِهِ الدَّلَالَة بِكُلِّ حَرْف مِنْهُ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة لَا عَلَى مَعْنًى وَاحِد , كَمَا قَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس , وَإِنْ كَانَ الرَّبِيع قَدْ اِقْتَصَرَ بِهِ عَلَى مَعَانٍ ثَلَاثَة دُون مَا زَادَ عَلَيْهَا . وَالصَّوَاب فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ كُلّ حَرْف مِنْهُ يَحْوِي مَا قَالَهُ الرَّبِيع وَمَا قَالَهُ سَائِر الْمُفَسِّرِينَ غَيْره فِيهِ , سِوَى مَا ذَكَرْت مِنْ الْقَوْل عَمَّنْ ذَكَرْت عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّهُ كَانَ يُوَجِّه تَأْوِيل ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ حُرُوف هِجَاء اُسْتُغْنِيَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهُ فِي مَفَاتِح السُّوَر عَنْ ذِكْر تَتِمَّة الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم بِتَأْوِيلِ : إِنَّ هَذِهِ الْحُرُوف , ذَلِكَ الْكِتَاب , مَجْمُوعَة لَا رَيْب فِيهِ , فَإِنَّهُ قَوْل خَطَأ فَاسِد لِخُرُوجِهِ عَنْ أَقْوَال جَمِيع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ , وَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ الْخَالِفِينَ مِنْ أَهْل التَّفْسِير وَالتَّأْوِيل , فَكَفَى دَلَالَة عَلَى خَطَئِهِ شَهَادَة الْحُجَّة شَهَادَة الْحُجَّة عَلَيْهِ بِالْخَطَإ مَعَ إِبْطَال قَائِل ذَلِكَ قَوْله الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْهُ , إِذْ صَارَ إِلَى الْبَيَان عَنْ رَفْع ذَلِكَ الْكِتَاب بِقَوْلِهِ مَرَّة إِنَّهُ مَرْفُوع كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ وَمَرَّة أُخْرَى أَنَّهُ مَرْفُوع بِالرَّاجِعِ مِنْ ذِكْره فِي قَوْله : { لَا رَيْب فِيهِ } وَمَرَّة بِقَوْلِهِ : { هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } وَذَلِكَ تُرِكَ مِنْهُ لِقَوْلِهِ إِنَّ { الم } رَافِعَة { ذَلِكَ الْكِتَاب } وَخُرُوج مِنْ الْقَوْل الَّذِي اِدَّعَاهُ فِي تَأْوِيل { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } وَأَنَّ تَأْوِيل ذَلِكَ : هَذِهِ الْحُرُوف ذَلِكَ الْكِتَاب . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يَكُون حَرْف وَاحِد شَامِلًا الدَّلَالَة عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة مُخْتَلِفَة ؟ قِيلَ : كَمَا جَازَ أَنْ تَكُون كَلِمَة وَاحِدَة تَشْتَمِل عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة مُخْتَلِفَة كَقَوْلِهِمْ لِلْجَمَاعَةِ مِنْ النَّاس : أُمَّة , وَلِلْحِينِ مِنْ الزَّمَان : أُمَّة , وَلِلرَّجُلِ الْمُتَعَبِّد الْمُطِيع لِلَّهِ : أُمَّة , وَلِلدِّينِ وَالْمِلَّة : أُمَّة . وَكَقَوْلِهِمْ لِلْجَزَاءِ وَالْقِصَاص : دِين , وَلِلسُّلْطَانِ وَالطَّاعَة : دِين , وَلِلتَّذَلُّلِ : دِين , وَلِلْحِسَابِ : دِين ; فِي أَشْبَاه لِذَلِكَ كَثِيرَة يَطُول الْكِتَاب بِإِحْصَائِهَا مِمَّا يَكُون مِنْ الْكَلَام بِلَفْظٍ وَاحِد , وَهُوَ مُشْتَمِل عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة . وَكَذَلِكَ قَوْل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : " الم وَالمر " , و" المص " وَمَا أَشْبَه ذَلِكَ مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم الَّتِي هِيَ فَوَاتِح أَوَائِل السُّوَر , كُلّ حَرْف مِنْهَا دَالّ عَلَى مَعَانٍ شَتَّى , شَامِل جَمِيعهَا مِنْ أَسْمَاء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَصِفَاته مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ مِنْ الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْهُمْ ; وَهُنَّ مَعَ ذَلِكَ فَوَاتِح السُّوَر كَمَا قَالَهُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ . وَلَيْسَ كَوْن ذَلِكَ مِنْ حُرُوف أَسْمَاء اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَصِفَاته بِمَانِعِهَا أَنْ تَكُون لِلسُّوَرِ فَوَاتِح ; لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ اِفْتَتَحَ كَثِيرًا مِنْ سُوَر الْقُرْآن بِالْحَمْدِ لِنَفْسِهِ وَالثَّنَاء عَلَيْهَا , وَكَثِيرًا مِنْهَا بِتَمْجِيدِهَا وَتَعْظِيمهَا , فَغَيْر مُسْتَحِيل أَنْ يَبْتَدِئ بَعْض ذَلِكَ بِالْقَسَمِ بِهَا . فَاَلَّتِي اُبْتُدِئَ أَوَائِلهَا بِحُرُوفِ الْمُعْجَم أَحَد مَعَانِي أَوَائِلهَا أَنَّهُنَّ فَوَاتِح مَا اِفْتَتَحَ بِهِنَّ مِنْ سُوَر الْقُرْآن , وَهُنَّ مِمَّا أَقْسَمَ بِهِنَّ ; لِأَنَّ أَحَد مَعَانِيهنَّ أَنَّهُنَّ مِنْ حُرُوف أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى ذِكْره وَصِفَاته عَلَى مَا قَدَّمْنَا الْبَيَان عَنْهَا , وَلَا شَكّ فِي صِحَّة مَعْنَى الْقَسَم بِاَللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاته , وَهُنَّ مِنْ حُرُوف حِسَاب الْجُمَّل , وَهُنَّ لِلسُّوَرِ الَّتِي اُفْتُتِحَتْ بِهِنَّ شِعَار وَأَسْمَاء . فَذَلِكَ يَحْوِي مَعَانِيَ جَمِيع مَا وَصَفْنَا مِمَّا بَيَّنَّا مِنْ وُجُوهه , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ الدَّلَالَة عَلَى مَعْنًى وَاحِد مِمَّا يَحْتَمِلهُ ذَلِكَ دُون سَائِر الْمَعَانِي غَيْره , لَأَبَانَ ذَلِكَ لَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِبَانَة غَيْر مُشْكِلَة , إِذْ كَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا أَنْزَلَ كِتَابه عَلَى رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُبَيِّن لَهُمْ مَا اِخْتَلَفُوا فِيهِ . وَفِي تَرْكه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِبَانَة ذَلِكَ أَنَّهُ مُرَاد بِهِ مِنْ وُجُوه تَأْوِيله الْبَعْض دُون الْبَعْض أَوْضَح الدَّلِيل عَلَى أَنَّهُ مُرَاد بِهِ جَمِيع وُجُوهه الَّتِي هُوَ لَهَا مُحْتَمِل , إِذْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِيلًا فِي الْعَقْل وَجْه مِنْهَا أَنْ يَكُون مِنْ تَأْوِيله وَمَعْنَاهُ كَمَا كَانَ غَيْر مُسْتَحِيل اِجْتِمَاع الْمَعَانِي الْكَثِيرَة لِلْكَلِمَةِ الْوَاحِدَة بِاللَّفْظِ الْوَاحِد فِي كَلَام وَاحِد . وَمَنْ أَبَى مَا قُلْنَاهُ فِي ذَلِكَ سُئِلَ الْفَرْق بَيْن ذَلِكَ وَبَيْن سَائِر الْحُرُوف الَّتِي تَأْتِي بِلَفْظٍ وَاحِد مَعَ اِشْتِمَالهَا عَلَى الْمَعَانِي الْكَثِيرَة الْمُخْتَلِفَة كَالْأُمَّةِ وَالدِّين وَمَا أَشْبه ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال . فَلَنْ يَقُول فِي أَحَد ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْأُخَر مِثْله . وَكَذَلِكَ يُسْأَل كُلّ مَنْ تَأَوَّلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْه دُون الْأَوْجُه الْأُخَر الَّتِي وَصَفْنَا عَنْ الْبُرْهَان عَلَى دَعْوَاهُ مِنْ الْوَجْه الَّذِي يُحِبّ التَّسْلِيم لَهُ ثُمَّ يُعَارَض بِقَوْلِهِ يُخَالِفهُ فِي ذَلِكَ , وَيُسْأَل الْفَرْق بَيْنه وَبَيْنه : مِنْ أَصْل , أَوْ مِمَّا يَدُلّ عَلَيْهِ أَصْل , فَلَنْ يَقُول فِي أَحَدهمَا قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْأُخَر مِثْله . وَأَمَّا الَّذِي زَعَمَ مِنْ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ ذَلِكَ نَظِير " بَلْ " فِي قَوْل الْمُنْشِد شِعْرًا : بَلْ مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا وَأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ , وَإِنَّمَا هُوَ زِيَادَة فِي الْكَلَام مَعْنَاهُ الطَّرْح ; فَإِنَّهُ أَخْطَأَ مِنْ وُجُوه شَتَّى : أَحَدهَا : أَنَّهُ وَصَفَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِأَنَّهُ خَاطَبَ الْعَرَب بِغَيْرِ مَا هُوَ مِنْ لُغَتهَا وَغَيْر مَا هُوَ فِي لُغَة أَحَد مِنْ الْآدَمِيِّينَ , إِذْ كَانَتْ الْعَرَب وَإِنْ كَانَتْ قَدْ كَانَتْ تَفْتَتِح أَوَائِل إِنْشَادهَا مَا أَنْشَدَتْ مِنْ الشِّعْر ب " بَلْ " , فَإِنَّهُ مَعْلُوم مِنْهَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَبْتَدِئ شَيْئًا مِنْ الْكَلَام ب " الم " و " الر " و " المص " بِمَعْنَى اِبْتِدَائِهَا ذَلِكَ ب " بَلْ " . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ اِبْتِدَائِهَا , وَكَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا خَاطَبَهُمْ بِمَا خَاطَبَهُمْ مِنْ الْقُرْآن بِمَا يَعْرِفُونَ مِنْ لُغَاتهمْ وَيَسْتَعْمِلُونَ بَيْنهمْ مِنْ مَنْطِقهمْ فِي جَمِيع آيِهِ , فَلَا شَكّ أَنَّ سَبِيل مَا وَصَفْنَا مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم الَّتِي اُفْتُتِحَتْ بِهَا أَوَائِل السُّوَر الَّتِي هُنَّ لَهَا فَوَاتِح سَبِيل سَائِر الْقُرْآن فِي أَنَّهُ لَمْ يُعْدَل بِهَا عَنْ لُغَاتهمْ الَّتِي كَانُوا بِهَا عَارِفِينَ وَلَهَا بَيْنهمْ فِي مَنْطِقهمْ مُسْتَعْمِلِينَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعْدُولًا بِهِ عَنْ سَبِيل لُغَاتهمْ وَمَنْطِقهمْ كَانَ خَارِجًا عَنْ مَعْنَى الْإِبَانَة الَّتِي وَصَفَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهَا الْقُرْآن , فَقَالَ تَعَالَى ذِكْره : { نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين عَلَى قَلْبك لِتَكُونَ مِنْ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيّ مُبِين }. 26 193 : 195 وَأَنَّى يَكُون مُبِينًا مَا لَا يَعْقِلهُ وَلَا يَفْقَههُ أَحَد مِنْ الْعَالَمِينَ فِي قَوْل قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة , وَلَا يُعْرَف فِي مَنْطِق أَحَد مِنْ الْمَخْلُوقِينَ فِي قَوْله ؟ وَفِي إِخْبَار اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَرَبِيّ مُبِين مَا يُكَذِّب هَذِهِ الْمَقَالَة , وَيُنْبِئ عَنْهُ أَنَّ الْعَرَب كَانُوا بِهِ عَالِمِينَ وَهُوَ لَهَا مُسْتَبِين . فَذَلِكَ أَحَد أَوْجُه خَطَئِهِ . وَالْوَجْه الثَّانِي مِنْ خَطَئِهِ فِي ذَلِكَ : إِضَافَته إِلَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ خَاطَبَ عِبَاده بِمَا لَا فَائِدَة لَهُمْ فِيهِ وَلَا مَعْنًى لَهُ مِنْ الْكَلَام الَّذِي سَوَاء الْخِطَاب بِهِ وَتَرْك الْخِطَاب بِهِ , وَذَلِكَ إِضَافَة الْعَبَث الَّذِي هُوَ مَنْفِيّ فِي قَوْل جَمِيع الْمُوَحِّدِينَ عَنْ اللَّه , إِلَى اللَّه تَعَالَى ذِكْره . وَالْوَجْه الثَّالِث مِنْ خَطَئِهِ : أَنَّ " بَلْ " فِي كَلَام الْعَرَب مَفْهُوم تَأْوِيلهَا وَمَعْنَاهَا , وَأَنَّهَا تَدْخُلهَا فِي كَلَامهَا رُجُوعًا عَنْ كَلَام لَهَا قَدْ تَقَضَّى كَقَوْلِهِمْ : مَا جَاءَنِي أَخُوك بَلْ أَبُوك ; وَمَا رَأَيْت عَمْرًا بَلْ عَبْد اللَّه , وَمَا أَشْبه ذَلِكَ مِنْ الْكَلَام , كَمَا قَالَ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَة : وَلَأَشْرَبَن ثَمَانِيًا وَثَمَانِيًا وَثَلَاث عَشْرَة وَاثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعَا وَمَضَى فِي كَلِمَته حَتَّى بَلَغَ قَوْله : بِالْجُلَّسَانِ وَطَيِّب أَرْدَانُهُ بِالْوَنِّ يَضْرِب لِي يَكُرّ الْأُصْبُعَا ثُمَّ قَالَ : بَلْ عُدَّ هَذَا فِي قَرِيض غَيْره وَاذْكُرْ فَتًى سَمْح الْخَلِيقَة أَرْوَعَا فَكَأَنَّهُ قَالَ : دَعْ هَذَا وَخُذْ فِي قَرِيض غَيْره . ف " بَلْ " إِنَّمَا يَأْتِي فِي كَلَام الْعَرَب عَلَى هَذَا النَّحْو مِنْ الْكَلَام . فَأَمَّا إِفْسَاحًا لِكَلَامِهَا مُبْتَدَأ بِمَعْنَى التَّطْوِيل وَالْحَذْف مِنْ غَيْر أَنْ يَدُلّ عَلَى مَعْنًى , فَذَلِكَ مِمَّا لَا نَعْلَم أَحَدًا اِدَّعَاهُ مِنْ أَهْل الْمَعْرِفَة بِلِسَانِ الْعَرَب وَمَنْطِقهَا , سِوَى الَّذِي ذَكَرْت قَوْله , فَيَكُون ذَلِكَ أَصْلًا يُشْبِه بِهِ حُرُوف الْمُعْجَم الَّتِي هِيَ فَوَاتِح سُوَر الْقُرْآن الَّتِي اُفْتُتِحَتْ بِهَا لَوْ كَانَ لَهُ مُشْبِهَة , فَكَيْفَ وَهِيَ مِنْ الشَّبَه بِهِ بَعِيدَة ؟'; $TAFSEER['3']['30']['2'] = 'وَقَوْله : { غُلِبَتْ الرُّوم } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { غُلِبَتْ الرُّوم } بِضَمِّ الْغَيْن , بِمَعْنَى : أَنَّ فَارِس غَلَبَتْ الرُّوم . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عُمَر وَأَبِي سَعِيد فِي ذَلِكَ مَا : 21221 -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ الْحَسَن الْجَفْرِيّ , عَنْ سَلِيط , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عُمَر يَقْرَأ " الم غَلَبَتْ الرُّوم " فَقِيلَ لَهُ : يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن , عَلَى أَيّ شَيْء غَلَبُوا ؟ قَالَ : عَلَى رِيف الشَّام . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا الَّذِي لَا يَجُوز غَيْره { الم غُلِبَتْ الرُّوم } بِضَمِّ الْغَيْن , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَتَأْوِيل الْكَلَام : غَلَبَتْ فَارِسُ الرُّومَ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21222 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن سَعِيد , أَبُو سَعِيد الثَّعْلَبِيّ الَّذِي يُقَال لَهُ أَبُو سَعْد مِنْ أَهْل طَرَسُوس , قَالَ : ثَنَا أَبُو إِسْحَاق الْفَزَارِيّ , عَنْ سُفْيَان بْن سَعِيد الثَّوْرِيّ , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي عَمْرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَغْلِب الرُّوم أَهْل الْكِتَاب , وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ يَغْلِب أَهْل فَارِس , لِأَنَّهُمْ أَهْل الْأَوْثَان , قَالَ : فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِأَبِي بَكْر , فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْر لِلنَّبِيِّ صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " أَمَا إِنَّهُمْ سَيُهْزَمُونَ " , قَالَ : فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْر لِلْمُشْرِكِينَ , قَالَ : فَقَالُوا : أَفَنَجْعَل بَيْننَا وَبَيْنكُمْ أَجَلًا , فَإِنْ غَلَبُوا كَانَ لَك كَذَا وَكَذَا , وَإِنْ غَلَبْنَا كَانَ لَنَا كَذَا وَكَذَا ; قَالَ : فَجَعَلُوا بَيْنهمْ وَبَيْنه أَجَلًا خَمْس سِنِينَ , قَالَ : فَمَضَتْ فَلَمْ يَغْلِبُوا ; قَالَ : فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْر لِلنَّبِيِّ صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ لَهُ : " أَفَلَا جَعَلْته دُون الْعَشْر " , قَالَ سَعِيد : وَالْبِضْع مَا دُون الْعَشْر , قَالَ : فَغُلِبَ الرُّوم , ثُمَّ غَلَبَتْ ; قَالَ : فَذَلِكَ قَوْله : { الم غُلِبَتْ الرُّوم فِي أَدْنَى الْأَرْض وَهُمْ مِنْ بَعْد غَلَبهمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْع سِنِينَ } قَالَ : الْبِضْع : مَا دُون الْعَشْر { لِلَّهِ الْأَمْر مِنْ قَبْل وَمِنْ بَعْد وَيَوْمئِذٍ يَفْرَح الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّه } قَالَ سُفْيَان : فَبَلَغَنِي أَنَّهُمْ غَلَبُوا يَوْم بَدْر . 21223 - حَدَّثني زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبَان الْمِصْرِيّ , قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْن هَارُون الْبَرْدِيّ , قَالَ : ثَنَا مَعْن بْن عِيسَى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ اِبْن شِهَاب , عَنْ عُبَيْد اللَّه , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ { الم غُلِبَتْ الرُّوم فِي أَدْنَى الْأَرْض } الْآيَة , نَاحَبَ أَبُو بَكْر قُرَيْشًا , ثُمَّ أَتَى النَّبِيّ صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ لَهُ : إِنِّي قَدْ نَاحَبْتهُمْ , فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هَلَّا اِحْتَطْت فَإِنَّ الْبِضْع مَا بَيْن الثَّلَاثَة إِلَى التِّسْع ". قَالَ الْجُمَحِيّ : الْمُنَاحَبَة : الْمُرَاهَنَة , وَذَلِكَ قَبْل أَنْ يَكُون تَحْرِيم ذَلِكَ . 21224 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { الم غُلِبَتْ الرُّوم } إِلَى قَوْله { وَيَوْمئِذٍ يَفْرَح الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّه } قَالَ : قَدْ مَضَى كَانَ ذَلِكَ فِي أَهْل فَارِس وَالرُّوم , وَكَانَتْ فَارِس قَدْ غَلَبَتْهُمْ , ثُمَّ غَلَبَتْ الرُّوم بَعْد ذَلِكَ , وَلَقِيَ نَبِيّ اللَّه صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشْرِكِي الْعَرَب , يَوْم اِلْتَقَتْ الرُّوم وَفَارِس , فَنَصَرَ اللَّه النَّبِيّ صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَب , وَنَصَرَ أَهْل الْكِتَاب عَلَى مُشْرِكِي الْعَجَم , فَفَرِحَ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّه إِيَّاهُمْ وَنَصْر أَهْل الْكِتَاب عَلَى الْعَجَم . قَالَ عَطِيَّة : فَسَأَلْت أَبَا سَعِيد الْخُدْرِيّ عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ : اِلْتَقَيْنَا مَعَ مُحَمَّد رَسُول صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُشْرِكِي الْعَرَب , وَالْتَقَتْ الرُّوم وَفَارِس , فَنَصَرَنَا اللَّه عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَب , وَنَصَرَ اللَّه أَهْل الْكِتَاب عَلَى الْمَجُوس , فَفَرِحْنَا بِنَصْرِ اللَّه إِيَّانَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ , وَفَرِحْنَا بِنَصْرِ اللَّه أَهْل الْكِتَاب عَلَى الْمَجُوس , فَذَلِكَ قَوْله { وَيَوْمئِذٍ يَفْرَح الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّه } - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { الم غُلِبَتْ الرُّوم فِي أَدْنَى الْأَرْض وَهُمْ مِنْ بَعْد غَلَبهمْ سَيَغْلِبُونَ } غَلَبَتْهُمْ فَارِس , ثُمَّ غَلَبَتْ الرُّوم . 21225 - حَدَّثني أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : خَمْس قَدْ مَضَيْنَ : الدُّخَان , وَاللِّزَام , وَالْبَطْشَة , وَالْقَمَر , وَالرُّوم . * حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ عَامِر , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : قَدْ مَضَى { الم غُلِبَتْ الرُّوم } 21226 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد { الم غُلِبَتْ الرُّوم } إِلَى قَوْله { أَكْثَر النَّاس لَا يَعْلَمُونَ } قَالَ : ذِكْر غَلَبَة فَارِس إِيَّاهُمْ , وَإِدَالَة الرُّوم عَلَى فَارِس , وَفَرَح الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ الرُّوم أَهْل الْكِتَاب عَلَى فَارِس مِنْ أَهْل الْأَوْثَان . 21227 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد اللَّه , عَنْ عِكْرِمَة , أَنَّ الرُّوم وَفَارِس اِقْتَتَلُوا فِي أَدْنَى الْأَرْض , قَالُوا : وَأَدْنَى الْأَرْض يَوْمئِذٍ أَذْرِعَات , بِهَا اِلْتَقَوْا , فَهُزِمَتْ الرُّوم فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه وَهُمْ بِمَكَّة , فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَكَانَ النَّبِيّ صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَه أَنْ يَظْهَر الْأُمِّيُّونَ مِنْ الْمَجُوس عَلَى أَهْل الْكِتَاب مِنْ الرُّوم , فَفَرِحَ الْكُفَّار بِمَكَّة وَشَمِتُوا , فَلَقُوا أَصْحَاب النَّبِيّ صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : إِنَّكُمْ أَهْل الْكِتَاب , وَالنَّصَارَى أَهْل كِتَاب , وَنَحْنُ أُمِّيُّونَ , وَقَدْ ظَهَرَ إِخْوَاننَا مِنْ أَهْل فَارِس عَلَى إِخْوَانكُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب , وَإِنَّكُمْ إِنْ قَاتَلْتُمُونَا لَأَظْهَرَن عَلَيْكُمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه { الم غُلِبَتْ الرُّوم فِي أَدْنَى الْأَرْض وَهُمْ مِنْ بَعْد غَلَبهمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْع سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْر مِنْ قَبْل وَمِنْ بَعْد وَيَوْمئِذٍ يَفْرَح الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّه } الْآيَات , فَخَرَجَ أَبُو بَكْر الصِّدِّيق إِلَى الْكُفَّار , فَقَالَ : أَفَرِحْتُمْ بِظُهُورِ إِخْوَانكُمْ عَلَى إِخْوَاننَا ؟ فَلَا تَفْرَحُوا , وَلَا يُقِرَّن اللَّه أَعْيُنكُمْ , فَوَاَللَّهِ لَيَظْهَرَن الرُّوم عَلَى فَارِس , أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ نَبِيّنَا صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَامَ إِلَيْهِ أُبَيّ بْن خَلَف , فَقَالَ : كَذَبْت يَا أَبَا فُضَيْل , فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْر : أَنْتَ أَكْذَب يَا عَدُوّ اللَّه , فَقَالَ : أُنَاحِبك عَشْر قَلَائِص مِنِّي , وَعَشْر قَلَائِص مِنْك , فَإِنْ ظَهَرَتْ الرُّوم عَلَى فَارِس غَرِمْت , وَإِنْ ظَهَرَتْ فَارِس عَلَى الرُّوم غَرِمْت إِلَى ثَلَاث سِنِينَ ; ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْر إِلَى النَّبِيّ صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ , فَقَالَ : وَمَا هَكَذَا ذَكَرْت , إِنَّمَا الْبِضْع مَا بَيْن الثَّلَاث إِلَى التِّسْع , فَزَايِدْهُ فِي الْخَطَر , وَمَادّه فِي الْأَجَل ". فَخَرَجَ أَبُو بَكْر فَلَقِيَ أُبَيًّا , فَقَالَ : لَعَلَّك نَدِمْت , فَقَالَ : لَا , فَقَالَ : أُزَايِدك فِي الْخَطَر , وَأُمَادّك فِي الْأَجَل , فَاجْعَلْهَا مِائَة قَلُوص لِمِائَة قَلُوص إِلَى تِسْع سِنِينَ , قَالَ : قَدْ فَعَلْت. 21228 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : كَانَتْ فِي فَارِس اِمْرَأَة لَا تَلِد إِلَّا الْمُلُوك الْأَبْطَال , فَدَعَاهَا كِسْرَى , فَقَالَ : إِنِّي أُرِيد أَنْ أَبْعَث إِلَى الرُّوم جَيْشًا وَأَسْتَعْمِل عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْ بَنِيك , فَأَشِيرِي عَلَيَّ أَيّهمْ أَسْتَعْمِل , فَقَالَتْ : هَذَا فُلَان , وَهُوَ أَرْوَغ مِنْ ثَعْلَب , وَأَحْذَر مِنْ صُرَد , وَهَذَا فرخان , وَهُوَ أَنْفَذ مِنْ سِنَان , وَهَذَا شهربراز , وَهُوَ أَحْلَم مِنْ كَذَا , فَاسْتَعْمِلْ أَيّهمْ شِئْت ; قَالَ : إِنِّي قَدْ اِسْتَعْمَلْت الْحَلِيم , فَاسْتَعْمَلَ شهربراز , فَسَارَ إِلَى الرُّوم بِأَهْلِ فَارِس , وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ , فَقَتَلَهُمْ , وَخَرَّبَ مَدَائِنهمْ , وَقَطَعَ زَيْتُونهمْ ; قَالَ أَبُو بَكْر : فَحَدَّثْت بِهَذَا الْحَدِيث عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ فَقَالَ : أَمَا رَأَيْت بِلَاد الشَّام ؟ قُلْت : لَا , قَالَ : أَمَّا إِنَّك لَوْ رَأَيْتهَا , لَرَأَيْت الْمَدَائِن الَّتِي خُرِّبَتْ , وَالزَّيْتُون الَّذِي قُطِعَ , فَأَتَيْت الشَّام بَعْد ذَلِكَ فَرَأَيْته . قَالَ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ : ثني يَحْيَى بْن يَعْمَر , أَنَّ قَيْصَر بَعَثَ رَجُلًا يُدْعَى قطمة بِجَيْشٍ مِنْ الرُّوم , وَبَعَثَ كِسْرَى شهربراز , فَالْتَقَيَا بِأَذْرِعَات وَبُصْرَى , وَهِيَ أَدْنَى الشَّام إِلَيْكُمْ , فَلَقِيَتْ فَارِس الرُّوم , فَغَلَبَتْهُمْ فَارِس , فَفَرِحَ بِذَلِكَ كُفَّار قُرَيْش , وَكَرِهَهُ الْمُسْلِمُونَ , فَأَنْزَلَ اللَّه { الم غُلِبَتْ الرُّوم فِي أَدْنَى الْأَرْض } الْآيَات , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْل حَدِيث عِكْرِمَة , وَزَادَ : فَلَمْ يَزَلْ شهربراز يَطَؤُهُمْ , وَيُخَرِّب مَدَائِنهمْ حَتَّى بَلَغَ الْخَلِيج ثُمَّ مَاتَ كِسْرَى , فَبَلَغَهُمْ مَوْته , فَانْهَزَمَ شهربراز وَأَصْحَابه , وَأُوعِبَتْ عَلَيْهِمْ الرُّوم عِنْد ذَلِكَ , فَأَتْبَعُوهُمْ يَقْتُلُونَهُمْ قَالَ : وَقَالَ عِكْرِمَة فِي حَدِيثه : لَمَّا ظَهَرَتْ فَارِس عَلَى الرُّوم جَلَسَ فرخان يَشْرَب , فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : لَقَدْ رَأَيْت كَأَنِّي جَالِس عَلَى سَرِير كِسْرَى , فَبَلَغَتْ كِسْرَى , فَكَتَبَ إِلَى شهربراز : إِذَا أَتَاك كِتَابِي فَابْعَثْ إِلَيَّ بِرَأْسِ فرخان , فَكَتَبَ إِلَيْهِ : أَيّهَا الْمَلِك , إِنَّك لَنْ تَجِد مِثْل فرخان , إِنَّ لَهُ نِكَايَة وَضَرْبًا فِي الْعَدُوّ , فَلَا تَفْعَل . فَكَتَبَ إِلَيْهِ : إِنَّ فِي رِجَال فَارِس خَلَفًا مِنْهُ , فَعَجِّلْ إِلَيَّ بِرَأْسِهِ . فَرَاجَعَهُ , فَغَضِبَ كِسْرَى ; فَلَمْ يُجِبْهُ , وَبَعَثَ بَرِيدًا إِلَى أَهْل فَارِس : إِنِّي قَدْ نَزَعْت عَنْكُمْ شهربراز , وَاسْتَعْمَلَتْ عَلَيْكُمْ فرخان ; ثُمَّ دَفَعَ إِلَى الْبَرِيد صَحِيفَة صَغِيرَة : إِذَا وَلِيَ فرخان الْمُلْك , وَانْقَادَ لَهُ أَخُوهُ , فَأَعْطِهِ هَذِهِ ; فَلَمَّا قَرَأَ شهربراز الْكِتَاب , قَالَ : سَمْعًا وَطَاعَة , وَنَزَلَ عَنْ سَرِيره , وَجَلَسَ فرخان , وَدَفَعَ الصَّحِيفَة إِلَيْهِ , قَالَ : اِئْتُونِي بشهربراز , فَقَدَّمَهُ لِيَضْرِب عُنُقه , قَالَ : لَا تَعَجَّلْ حَتَّى أَكْتُب وَصِيَّتِي , قَالَ : نَعَمْ , فَدَعَا بِالسَّفَطِ , فَأَعْطَاهُ ثَلَاث صَحَائِف , وَقَالَ : كُلّ هَذَا رَاجَعْت فِيك كِسْرَى , وَأَنْتَ أَرَدْت أَنْ تَقْتُلَنِي بِكِتَابٍ وَاحِد , فَرَدَّ الْمُلْك , وَكَتَبَ شهربراز إِلَى قَيْصَر مَلِك الرُّوم : أَنَّ لِي إِلَيْك حَاجَة لَا يَحْمِلهَا الْبَرِيد , وَلَا تَبْلُغهَا الصُّحُف , فَالْقَنِي , وَلَا تَلْقَنِي إِلَّا فِي خَمْسِينَ رُومِيًّا , فَإِنِّي أَلْقَاك فِي خَمْسِينَ فَارِسِيًّا ; فَأَقْبَلَ قَيْصَر فِي خَمْس مِائَة أَلْف رُومِيّ , وَجَعَلَ يَضَع الْعُيُون بَيْن يَدَيْهِ فِي الطَّرِيق , وَخَافَ أَنْ يَكُون قَدْ مَكَرَ بِهِ , حَتَّى أَتَتْهُ عُيُونه أَنْ لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا خَمْسُونَ رَجُلًا , ثُمَّ بُسِطَ لَهُمَا , وَالْتَقَيَا فِي قُبَّة دِيبَاج ضُرِبَتْ لَهُمَا , مَعَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا سِكِّين , فَدَعَيَا تُرْجُمَانًا بَيْنهمَا , فَقَالَ شهربراز : إِنَّ الَّذِينَ خَرَّبُوا مَدَائِنك أَنَا وَأَخِي , بِكَيْدِنَا وَشَجَاعَتنَا , وَإِنَّ كِسْرَى حَسَدَنَا , فَأَرَادَ أَنْ أَقْتُل أَخِي , فَأَبَيْت , ثُمَّ أَمَرَ أَخِي أَنْ يَقْتُلنِي , فَقَدْ خَلَعْنَاهُ جَمِيعًا , فَنَحْنُ نُقَاتِلهُ مَعَك , فَقَالَ : قَدْ أَصَبْتُمَا , ثُمَّ أَشَارَ أَحَدهمَا إِلَى صَاحِبه أَنَّ السِّرّ بَيْن اِثْنَيْنِ , فَإِذَا جَاوَزَ اِثْنَيْنِ فَشَا . قَالَ : أَجَلْ , فَقَتَلَا التُّرْجُمَان جَمِيعًا بِسِكِّينَيْهِمَا , فَأَهْلَكَ اللَّه كِسْرَى , وَجَاءَ الْخَبَر إِلَى رَسُول اللَّه صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة , فَفَرِحَ وَمَنْ مَعَهُ . 21229 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { الم غُلِبَتْ الرُّوم } قَالَ : غَلَبَتْهُمْ فَارِس عَلَى أَدْنَى الشَّام { وَهُمْ مِنْ بَعْد غَلَبهمْ سَيَغْلِبُونَ } الْآيَة , قَالَ : لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه هَؤُلَاءِ الْآيَات صَدَّقَ الْمُسْلِمُونَ رَبّهمْ , وَعَلِمُوا أَنَّ الرُّوم سَيَظْهَرُونَ عَلَى فَارِس , فَاقْتَمَرُوا هُمْ وَالْمُشْرِكُونَ خَمْس قَلَائِص , خَمْس قَلَائِص , وَأَجَّلُوا بَيْنهمْ خَمْس سِنِينَ , فَوَلِيَ قِمَار الْمُسْلِمِينَ أَبُو بَكْر , وَوَلِيَ قِمَار الْمُشْرِكِينَ أُبَيّ بْن خَلَف , وَذَلِكَ قَبْل أَنْ يُنْهَى عَنْ الْقِمَار , فَحَلَّ الْأَجَل , وَلَمْ يَظْهَر الرُّوم عَلَى فَارِس , وَسَأَلَ الْمُشْرِكُونَ قِمَارهمْ , فَذَكَرَ ذَلِكَ أَصْحَاب النَّبِيّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " وَلَمْ تَكُونُوا أَحِقَّاء أَنْ تُؤَجِّلُوا دُون الْعَشْر , فَإِنَّ الْبِضْع مَا بَيْن الثَّلَاث إِلَى الْعَشْر , وَزَايِدُوهُمْ فِي الْقِمَار , وَمَادُّوهُمْ فِي الْأَجَل " , فَفَعَلُوا ذَلِكَ , فَأَظْهَرَ اللَّه الرُّوم عَلَى فَارِس عِنْد رَأْس الْبِضْع سِنِينَ مِنْ قِمَارهمْ الْأَوَّل , وَكَانَ ذَلِكَ مَرْجِعه مِنْ الْحُدَيْبِيَة , فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِصُلْحِهِمْ الَّذِي كَانَ , وَبِظُهُورِ أَهْل الْكِتَاب عَلَى الْمَجُوس , وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا شَدَّدَ اللَّه بِهِ الْإِسْلَام وَهُوَ قَوْله { وَيَوْمئِذٍ يَفْرَح الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّه } الْآيَة . 21230 - حَدَّثني يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ الشَّعْبِيّ , فِي قَوْله { الم غُلِبَتْ الرُّوم } إِلَى قَوْله { وَيَوْمئِذٍ يَفْرَح الْمُؤْمِنُونَ } قَالَ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَبَرَ النَّاس بِمَكَّة أَنَّ الرُّوم سَتَغْلِبُ , قَالَ : فَنَزَلَ الْقُرْآن بِذَلِكَ , قَالَ : وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ ظُهُور الرُّوم عَلَى فَارِس , لِأَنَّهُمْ أَهْل الْكِتَاب . 21231 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع قَالَ : ثَنَا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ عَامِر , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : كَانَتْ فَارِس ظَاهِرَة عَلَى الرُّوم , وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَر فَارِس عَلَى الرُّوم , وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَر الرُّوم عَلَى فَارِس , لِأَنَّهُمْ أَهْل كِتَاب , وَهُمْ أَقْرَب إِلَى دِينهمْ : فَلَمَّا نَزَلَتْ { الم غُلِبَتْ الرُّوم } إِلَى { فِي بِضْع سِنِينَ } قَالُوا : يَا أَبَا بَكْر : إِنَّ صَاحِبك يَقُول : إِنَّ الرُّوم تَظْهَر عَلَى فَارِس فِي بِضْع سِنِينَ , قَالَ : صَدَقَ , قَالُوا : هَلْ لَك أَنْ نُقَامِرك ؟ فَبَايَعُوهُ عَلَى أَرْبَع قَلَائِص , إِلَى سَبْع سِنِينَ , فَمَضَتْ السَّبْع , وَلَمْ يَكُنْ شَيْء , فَفَرِحَ الْمُشْرِكُونَ بِذَلِكَ , وَشَقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ , فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَقَالَ : " مَا بِضْع سِنِينَ عِنْدكُمْ ؟ " قَالُوا : دُون الْعَشْر , قَالَ : " اِذْهَبْ فَزَايِدْهُمْ وَازْدَدْ سَنَتَيْنِ " قَالَ : فَمَا مَضَتْ السَّنَتَانِ , حَتَّى جَاءَتْ الرُّكْبَان بِظُهُورِ الرُّوم عَلَى فَارِس , فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { الم غُلِبَتْ الرُّوم } إِلَى قَوْله { وَعْد اللَّه لَا يُخْلِف اللَّه وَعْده } * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ الْأَعْمَش , وَمَطَر عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ : مَضَتْ الرُّوم . 21232 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { الم غُلِبَتْ الرُّوم فِي أَدْنَى الْأَرْض } قَالَ : أَدْنَى الْأَرْض : الشَّام { وَهُمْ مِنْ بَعْد غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ } قَالَ : كَانَتْ فَارِس قَدْ غَلَبَتْ الرُّوم , ثُمَّ أُدِيلَ الرُّوم عَلَى فَارِس , وَذُكِرَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ الرُّوم سَتَغْلِبُ فَارِسًا " , فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : هَذَا مِمَّا يَتَخَرَّص مُحَمَّد , فَقَالَ أَبُو بَكْر : تُنَاحِبُونَنِي ؟ وَالْمُنَاحَبَة : الْمُجَاعَلَة , قَالُوا : نَعَمْ , فَنَاحَبَهُمْ أَبُو بَكْر , فَجَعَلَ السِّنِينَ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا , ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيّ صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ رَسُول صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْبِضْع فِيمَا بَيْن الثَّلَاثَة إِلَى التِّسْع , فَارْجِعْ إِلَى الْقَوْم , فَزِدْ فِي الْمُنَاحَبَة " , فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ . قَالُوا : فَنَاحَبَهُمْ فَزَادَ . قَالَ : فَغَلَبَتْ الرُّوم فَارِسًا , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه : { وَيَوْمئِذٍ يَفْرَح الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّه يَنْصُر مَنْ يَشَاء } يَوْم أُدِيلَتْ الرُّوم عَلَى فَارِس . * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا مُعَاوِيَة بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي إِسْحَاق الْفَزَارِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي عَمْرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { الم غُلِبَتْ الرُّوم } قَالَ : غُلِبَتْ وَغَلَبَتْ . فَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ : " غَلَبَتْ الرُّوم " بِفَتْحِ الْغَيْن , فَإِنَّهُمْ قَالُوا : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة خَبَرًا مِنْ اللَّه نَبِيّه صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غَلَبَة الرُّوم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21233 - حَدَّثَنَا نَصْر بْن عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ سُلَيْمَان , يَعْنِي الْأَعْمَش , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ أَبِي سَعِيد , قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْم ظَهَرَ الرُّوم عَلَى فَارِس , فَأَعْجَبَ ذَلِكَ الْمُؤْمِنِينَ , فَنَزَلَتْ { الم غُلِبَتْ الرُّوم } عَلَى فَارِس. * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن حَمَّاد , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَوَانَة , عَنْ سُلَيْمَان , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ أَبِي سَعِيد , قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر , غَلَبَتْ الرُّوم عَلَى فَارِس , فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ , فَأَنْزَلَ اللَّه { الم غُلِبَتْ الرُّوم } إِلَى آخِر الْآيَة . - يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم الْمَسْعُودِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ أَبِي سَعِيد , قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر , ظَهَرَتْ الرُّوم عَلَى فَارِس , فَأَعْجَبَ ذَلِكَ الْمُؤْمِنِينَ , لِأَنَّهُمْ أَهْل كِتَاب , فَأَنْزَلَ اللَّه { الم غُلِبَتْ الرُّوم فِي أَدْنَى الْأَرْض } قَالَ : كَانُوا قَدْ غُلِبُوا قَبْل ذَلِكَ , ثُمَّ قَرَأَ حَتَّى بَلَغَ { وَيَوْمئِذٍ يَفْرَح الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّه } وَقَوْله : { فِي أَدْنَى الْأَرْض } قَدْ ذَكَرْت قَوْل بَعْضهمْ فِيمَا تَقَدَّمَ قَبْل , وَأَذْكُر قَوْل مَنْ لَمْ يُذْكَر قَوْله. 2123 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { فِي أَدْنَى الْأَرْض } يَقُول : فِي طَرَف الشَّام . وَمَعْنَى قَوْله أَدْنَى : أَقْرَب , وَهُوَ أَفْعَل مِنْ الدُّنُوّ وَالْقُرْب . وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ : فِي أَدْنَى الْأَرْض مِنْ فَارِس , فَتُرِكَ ذِكْر فَارِس اِسْتِغْنَاء بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنْ قَوْله { فِي أَدْنَى الْأَرْض } عَلَيْهِ مِنْهُ. وَقَوْله : { وَهُمْ مِنْ بَعْد غَلَبهمْ } يَقُول : وَالرُّوم مِنْ بَعْد غَلَبَة فَارِس إِيَّاهُمْ سَيَغْلِبُونَ فَارِس. وَقَوْله : { مِنْ بَعْد غَلَبهمْ } مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : غَلَبْته غَلَبَة , فَحُذِفَتْ الْهَاء مِنْ الْغَلَبَة . وَقِيلَ : مِنْ بَعْد غَلَبهمْ , وَلَمْ يَقُلْ : مِنْ بَعْد غَلَبَتهمْ لِلْإِضَافَةِ , كَمَا حُذِفَتْ مِنْ قَوْله : { وَإِقَام الصَّلَاة } 24 37 لِلْإِضَافَةِ . وَإِنَّمَا الْكَلَام : وَإِقَامَة الصَّلَاة . وَأَمَّا قَوْله : { سَيَغْلِبُونَ } فَإِنَّ الْقُرَّاء أَجْمَعِينَ عَلَى فَتْح الْيَاء فِيهَا , وَالْوَاجِب عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : " الم غَلَبَتْ الرُّوم " بِفَتْحِ الْغَيْن , أَنْ يَقْرَأ قَوْله : " سَيُغْلَبُونَ " بِضَمِّ الْيَاء , فَيَكُون مَعْنَاهُ : وَهُمْ مِنْ بَعْد غَلَبَتهمْ فَارِس سَيَغْلِبُهُمْ الْمُسْلِمُونَ , حَتَّى يَصِحّ مَعْنَى الْكَلَام , وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلْكَلَامِ كَبِير مَعْنَى إِنْ فُتِحَتْ الْيَاء , لِأَنَّ الْخَبَر عَمَّا قَدْ كَانَ يَصِير إِلَى الْخَبَر عَنْ أَنَّهُ سَيَكُونُ , وَذَلِكَ إِفْسَاد أَحَد الْخَبَرَيْنِ بِالْآخَرِ. وَقَوْله : { فِي بِضْع سِنِينَ } قَدْ ذَكَرْنَا اِخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْبِضْع فِيمَا مَضَى , وَأَتَيْنَا عَلَى الصَّحِيح مِنْ أَقْوَالهمْ , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع. وَقَدْ : 21235 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا الْحَكَم بْن بَشِير , قَالَ : ثَنَا خَلَّاد بْن أَسْلَم الصَّفَّار , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عِيسَى , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , قَالَ : قُلْت لَهُ : مَا الْبِضْع ؟ قَالَ : زَعَمَ أَهْل الْكِتَاب أَنَّهُ تِسْع أَوْ سَبْع . وَأَمَّا قَوْله : { لِلَّهِ الْأَمْر مِنْ قَبْل وَمِنْ بَعْد } فَإِنَّ الْقَاسِم . 21236 - حَدَّثَنَا , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { لِلَّهِ الْأَمْر { دَوْلَة فَارِس عَلَى الرُّوم } { وَمِنْ بَعْد } دَوْلَة الرُّوم عَلَى فَارِس . وَأَمَّا قَوْله : { وَيَوْمئِذٍ يَفْرَح الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّه يَنْصُر مَنْ يَشَاء } فَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة فِي تَأْوِيله قَبْل , وَبَيَّنَّا مَعْنَاهُ .'; $TAFSEER['3']['30']['3'] = '{ فِي أَدْنَى الْأَرْض } مِنْ أَرْض الشَّام إِلَى أَرْض فَارِس { وَهُمْ مِنْ بَعْد غَلَبهمْ } يَقُول : وَالرُّوم مِنْ بَعْد غَلَبَة فَارِس إِيَّاهُمْ { سَيَغْلِبُونَ } فَارِس'; $TAFSEER['3']['30']['4'] = '{ فِي بِضْع سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْر مِنْ قَبْل } غَلَبَتهمْ فَارِس { وَمِنْ بَعْد } غَلَبَتهمْ إِيَّاهَا , يَقْضِي فِي خَلْقه مَا يَشَاء , وَيَحْكُم مَا يُرِيد , وَيُظْهِر مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ عَلَى مَنْ أَحَبَّ إِظْهَاره عَلَيْهِ'; $TAFSEER['3']['30']['5'] = '{ وَيَوْمئِذٍ يَفْرَح الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّه } يَقُول : وَيَوْم يَغْلِب الرُّوم فَارِس يَفْرَح الْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله بِنَصْرِ اللَّه إِيَّاهُمْ عَلَى الْمُشْرِكِينَ , وَنُصْرَة الرُّوم عَلَى فَارِس { يَنْصُر } اللَّه تَعَالَى ذِكْره { مَنْ شَاءَ } مِنْ خَلْقه , عَلَى مَنْ يَشَاء , وَهُوَ نُصْرَة الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِبَدْرٍ { وَهُوَ الْعَزِيز } يَقُول : وَاَللَّه الشَّدِيد فِي اِنْتِقَامه مِنْ أَعْدَائِهِ , لَا يَمْنَعهُ مِنْ ذَلِكَ مَانِع , وَلَا يَحُول بَيْنه وَبَيْنه حَائِل { الرَّحِيم } بِمَنْ تَابَ مِنْ خَلْقه , وَرَاجَعَ طَاعَته أَنْ يُعَذِّبهُ .'; $TAFSEER['3']['30']['6'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَعْد اللَّه لَا يُخْلِف اللَّه وَعْده } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَعْد اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ , وَعَدَ أَنَّ الرُّوم سَتَغْلِبُ فَارِس مِنْ بَعْد غَلَبَة فَارِس لَهُمْ . وَنُصِبَ { وَعْد اللَّه } عَلَى الْمَصْدَر مِنْ قَوْله { وَهُمْ مِنْ بَعْد غَلَبهمْ سَيَغْلِبُونَ } لِأَنَّ ذَلِكَ وَعْد مِنْ اللَّه لَهُمْ أَنَّهُمْ سَيَغْلِبُونَ , فَكَأَنَّهُ قَالَ : وَعَدَ اللَّه ذَلِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَعْدًا . { لَا يُخْلِف اللَّه وَعْده } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه يَفِي بِوَعْدِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنَّ الرُّوم سَيَغْلِبُونَ فَارِس , لَا يُخْلِفهُمْ وَعْده ذَلِكَ , لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَوَاعِيده خُلْف . { وَلَكِنَّ أَكْثَر النَّاس لَا يَعْلَمُونَ } يَقُول : وَلَكِنَّ أَكْثَر قُرَيْش الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِأَنَّ اللَّه مُنْجِز وَعْده الْمُؤْمِنِينَ , مِنْ أَنَّ الرُّوم تَغْلِب فَارِس , لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَأَنَّهُ لَا يَجُوز أَنْ يَكُون فِي وَعْد اللَّه إِخْلَاف.'; $TAFSEER['3']['30']['7'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاة الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الْآخِرَة هُمْ غَافِلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَعْلَم هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِحَقِيقَةِ خَبَر اللَّه أَنَّ الرُّوم سَتَغْلِبُ فَارِس ظَاهِرًا مِنْ حَيَاتهمْ الدُّنْيَا , وَتَدْبِير مَعَايِشهمْ فِيهَا , وَمَا يُصْلِحهُمْ , وَهُمْ عَنْ أَمْر آخِرَتهمْ , وَمَا لَهُمْ فِيهِ النَّجَاة مِنْ عِقَاب اللَّه هُنَالِكَ غَافِلُونَ , لَا يُفَكِّرُونَ فِيهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21237 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا أَبُو تُمَيْلَة يَحْيَى بْن وَاضِح الْأَنْصَارِيّ , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن بْن وَاقِد , قَالَ : ثَنَا يَزِيد النَّحْوِيّ عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَعْنِي مَعَايِشهمْ , مَتَى يَحْصُدُونَ وَمَتَى يَغْرِسُونَ . - حَدَّثني أَحْمَد بْن الْوَلِيد الرَّمْلِيّ , قَالَ ثَنَا : عَمْرو بْن عُثْمَان بْن عُمَر , عَنْ عَاصِم بْن عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو تُمَيْلَة , قَالَ : ثَنَا اِبْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : مَتَى يَزْرَعُونَ , مَتَى يَغْرِسُونَ . 21238 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , قَالَ : ثني شَرْقِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله { وَيَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : هُوَ السَّرَّاج أَوْ نَحْوه . - حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَة مُحَمَّد بْن فِرَاس الضُّبَعِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو قُتَيْبَة , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ شَرْقِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاة الدُّنْيَا } : قَالَ السَّرَّاجُونَ . - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْوَلِيد الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثَنَا سُلَيْمَان بْن حَرْب , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ شَرْقِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : الْخَرَّازُونَ وَالسَّرَّاجُونَ. 21239 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن آدَم , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : مَعَايِشهمْ وَمَا يُصْلِحهُمْ . * حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم مِثْله . -حَدَّثني بِشْر بْن آدَم , قَالَ : ثَنَا الضَّحَّاك بْن مَخْلَد , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عِكْرِمَة , وَعَنْ مَنْصُور عَنْ إِبْرَاهِيم { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : مَعَايِشهمْ . 21240 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَعْنِي الْكُفَّار , يَعْرِفُونَ عُمْرَان الدُّنْيَا , وَهُمْ فِي أَمْر الدِّين جُهَّال . 21241 -حَدَّثني اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عِكْرِمَة { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : مَعَايِشهمْ , وَمَا يُصْلِحهُمْ . * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . 21242 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاة الدُّنْيَا } مِنْ حِرْفَتهَا وَتَصَرُّفهَا وَبُغْيَتهَا { وَهُمْ عَنْ الْآخِرَة هُمْ غَافِلُونَ } 21243 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : يَعْلَمُونَ مَتَى زَرْعهمْ , وَمَتَى حَصَادهمْ . * قَالَ : ثَنَا حَفْص بْن رَاشِد الْهِلَالِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ شَرْقِيّ , عَنْ عِكْرِمَة { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : السَّرَّاج وَنَحْوه. 21244 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , قَالَ : صَرْفهَا فِي مَعِيشَتهَا . 21245 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاة الدُّنْيَا , وَهُمْ عَنْ الْآخِرَة هُمْ غَافِلُونَ } وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا : 21246 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب الْقُمِّيّ , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد , فِي قَوْله { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَا : تَسْتَرِق الشَّيَاطِين السَّمْع , فَيَسْمَعُونَ الْكَلِمَة الَّتِي قَدْ نَزَلَتْ , يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَكُون فِي الْأَرْض , قَالَ : وَيُرْمَوْنَ بِالشُّهُبِ , فَلَا يَنْجُو أَنْ يَحْتَرِق , أَوْ يُصِيبهُ شَرَر مِنْهُ ; قَالَ : فَيَسْقُط فَلَا يَعُود أَبَدًا ; قَالَ : وَيُرْمَى بِذَلِكَ الَّذِي سَمِعَ إِلَى أَوْلِيَائِهِ مِنْ الْإِنْس , قَالَ : فَيَحْمِلُونَ عَلَيْهِ أَلْف كِذْبَة , قَالَ : فَمَا رَأَيْت النَّاس يَقُولُونَ : يَكُون كَذَا وَكَذَا , قَالَ . فَيَجِيء الصَّحِيح مِنْهُ كَمَا يَقُولُونَ , الَّذِي سَمِعُوهُ مِنْ السَّمَاء , وَيَعْقُبهُ مِنْ الْكَذِب الَّذِي يَخُوضُونَ فِيهِ .'; $TAFSEER['3']['30']['8'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسهمْ مَا خَلَقَ اللَّه السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَل مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاس بِلِقَاءِ رَبّهمْ لَكَافِرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَوَلَمْ يَتَفَكَّر هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ يَا مُحَمَّد مِنْ قَوْمك فِي خَلْق اللَّه إِيَّاهُمْ , وَأَنَّهُ خَلَقَهُمْ وَلَمْ يَكُونُوا شَيْئًا , ثُمَّ صَرَفَهُمْ أَحْوَالًا وَتَارَات حَتَّى صَارُوا رِجَالًا , فَيَعْلَمُوا أَنَّ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ قَادِر أَنْ يُعِيدهُمْ بَعْد فَنَائِهِمْ خَلْقًا جَدِيدًا , ثُمَّ يُجَازِي الْمُحْسِن مِنْهُمْ بِإِحْسَانِهِ . وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ , لَا يَظْلِم أَحَدًا مِنْهُمْ فَيُعَاقِبهُ بِجُرْم غَيْره , وَلَا يَحْرِم أَحَدًا مِنْهُمْ جَزَاء عَمَله , لِأَنَّهُ الْعَدْل الَّذِي لَا يَجُور { مَا خَلَقَ اللَّه السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا } إِلَّا بِالْعَدْلِ , وَإِقَامَة الْحَقّ , { وَأَجَل مُسَمًّى } يَقُول : وَبِأَجَلٍ مُؤَقَّت مُسَمًّى , إِذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ الْوَقْت أَفْنَى ذَلِكَ كُلّه , وَبَدَّلَ الْأَرْض غَيْر الْأَرْض وَالسَّمَاوَات , وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار , { وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاس بِلِقَاءِ رَبّهمْ } جَاحِدُونَ مُنْكِرُونَ , جَهْلًا مِنْهُمْ بِأَنَّ مَعَادهمْ إِلَى اللَّه بَعْد فَنَائِهِمْ , وَغَفْلَة مِنْهُمْ عَنْ الْآخِرَة .'; $TAFSEER['3']['30']['9'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْض فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ كَانُوا أَشَدّ مِنْهُمْ قُوَّة وَأَثَارُوا الْأَرْض وَعَمَرُوهَا أَكْثَر مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلهمْ بِالْبَيَانَاتِ فَمَا كَانَ اللَّه لِيَظْلِمهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسهمْ يَظْلِمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَوَلَمْ لَمْ يَسِرْ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِاَللَّهِ , الْغَافِلُونَ عَنْ الْآخِرَة مِنْ قُرَيْش فِي الْبِلَاد الَّتِي يَسْلُكُونَهَا تُجُرًا , فَيَنْظُرُوا إِلَى آثَار اللَّه فِيمَنْ كَانَ قَبْلهمْ مِنْ الْأُمَم الْمُكَذِّبَة , كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة أَمْرهَا فِي تَكْذِيبِهَا رُسُلهَا , فَقَدْ كَانُوا أَشَدّ مِنْهُمْ قُوَّة , { وَأَثَارُوا الْأَرْض } يَقُول : وَاسْتَخْرَجُوا الْأَرْض , وَحَرَثُوهَا وَعَمَرُوهَا أَكْثَر مِمَّا عَمَرَ هَؤُلَاءِ , فَأَهْلَكَهُمْ اللَّه بِكُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبهمْ رُسُلهمْ , فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الِامْتِنَاع , مَعَ شِدَّة قُوَاهُمْ مِمَّا نَزَلَ بِهِمْ مِنْ عِقَاب اللَّه , وَلَا نَفَعَتْهُمْ عِمَارَتهمْ مَا عَمَرُوا مِنْ الْأَرْض , إِذْ جَاءَتْهُمْ رُسُلهمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ الْآيَات , فَكَذَّبُوهُمْ , فَأَحَلَّ اللَّه بِهِمْ بَأْسه , فَمَا كَانَ اللَّه لِيَظْلِمهُمْ بِعِقَابِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى تَكْذِيبهمْ رُسُله وَجُحُودهمْ آيَاته , وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسهمْ يَظْلِمُونَ بِمَعْصِيَتِهِمْ رَبّهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله { وَأَثَارُوا الْأَرْض } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21247 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْض فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ كَانُوا أَشَدّ مِنْهُمْ قُوَّة وَأَثَارُوا الْأَرْض وَعَمَرُوهَا أَكْثَر مِمَّا عَمَرُوهَا } قَالَ : مَلَكُوا الْأَرْض وَعَمَرُوهَا . 21248 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَأَثَارُوا الْأَرْض } قَالَ : حَرَثُوهَا . 21249 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْض } إِلَى قَوْله { وَأَثَارُوا الْأَرْض وَعَمَرُوهَا } كَقَوْلِهِ : { وَآثَارًا فِي الْأَرْض } 40 21 , قَوْله : { وَعَمَرُوهَا } أَكْثَر مِمَّا عَمَرَ هَؤُلَاءِ { وَجَاءَتْهُمْ رُسُلهمْ بِالْبَيِّنَاتِ }'; $TAFSEER['3']['30']['10'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَة الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّه وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ كَانَ آخِر أَمْر مَنْ كَفَرَ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَثَارُوا الْأَرْض وَعَمَرُوهَا , وَجَاءَتْهُمْ رُسُلهمْ بِالْبَيِّنَاتِ بِاَللَّهِ , وَكَذَّبُوا رُسُلهمْ , فَأَسَاءُوا بِذَلِكَ فِي فِعْلهمْ . السُّوأَى : يَعْنِي الْخُلَّة الَّتِي هِيَ أَسْوَأ مِنْ فِعْلهمْ ; أَمَّا فِي الدُّنْيَا , فَالْبَوَار وَالْهَلَاك , وَأَمَّا فِي الْآخِرَة فَالنَّار لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا , وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21250 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَة الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى } : الَّذِينَ أَشْرَكُوا السُّوأَى : أَيْ النَّار . 21251 -حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَة الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى } يَقُول : الَّذِينَ كَفَرُوا جَزَاؤُهُمْ الْعَذَاب. وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَقُول : السُّوأَى فِي هَذَا الْمَوْضِع : مَصْدَر , مِثْل البُقوى , وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ غَيْره فَقَالَ : هِيَ اِسْم . وَقَوْله : { أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّه } يَقُول : كَانَتْ لَهُمْ السُّوأَى , لِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا فِي الدُّنْيَا بِآيَاتِ اللَّه , وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ : يَقُول : وَكَانُوا بِحُجَجِ اللَّه وَهُمْ أَنْبِيَاؤُهُ وَرُسُله يَسْخَرُونَ.'; $TAFSEER['3']['30']['11'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه يَبْدَأ الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه تَعَالَى يَبْدَأ إِنْشَاء جَمِيع الْخَلْق مُنْفَرِدًا بِإِنْشَائِهِ مِنْ غَيْر شَرِيك وَلَا ظَهِير , فَيُحْدِثهُ مِنْ غَيْر شَيْء , بَلْ بِقُدْرَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ , ثُمَّ يُعِيدهُ خَلْقًا جَدِيدًا بَعْد إِفْنَائِهِ وَإِعْدَامه , كَمَا بَدَأَهُ خَلْقًا سَوِيًّا , وَلَمْ يَكُ شَيْئًا { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يَقُول : ثُمَّ إِلَيْهِ مِنْ بَعْد إِعَادَتهمْ خَلْقًا جَدِيدًا يُرَدُّونَ , فَيُحْشَرُونَ لِفَصْلِ الْقَضَاء بَيْنهمْ و { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى } 53 31'; $TAFSEER['3']['30']['12'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْم تَقُوم السَّاعَة يُبْلِس الْمُجْرِمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَوْم تَجِيء السَّاعَة الَّتِي فِيهَا يَفْصِل اللَّه بَيْن خَلْقه , وَيَنْشُر فِيهَا الْمَوْتَى مِنْ قُبُورهمْ , فَيَحْشُرهُمْ إِلَى مَوْقِف الْحِسَاب { يُبْلِس الْمُجْرِمُونَ } يَقُول : يَيْأَس الَّذِينَ أَشْرَكُوا بِاَللَّهِ , وَاكْتَسَبُوا فِي الدُّنْيَا مَسَاوِئ الْأَعْمَال مِنْ كُلّ شَرّ , وَيَكْتَئِبُونَ وَيَتَنَدَّمُونَ , كَمَا قَالَ الْعَجَّاج : يَا صَاح هَلْ تَعْرِف رَسْمًا مُكَرَّسًا قَالَ نَعَمْ أَعْرِفهُ وَأَبْلَسَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21252 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { يُبْلِس } قَالَ : يَكْتَئِب. 21253 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { يُبْلِس الْمُجْرِمُونَ } أَيْ فِي النَّار. 211254 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه { وَيَوْم تَقُوم السَّاعَة يُبْلِس الْمُجْرِمُونَ } قَالَ : الْمُبْلِس : الَّذِي قَدْ نَزَلَ بِهِ الشَّرّ , إِذَا أَبْلَسَ الرَّجُل , فَقَدْ نَزَلَ بِهِ بَلَاء .'; $TAFSEER['3']['30']['13'] = 'وَقَوْله : { وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاء } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَوْم تَقُوم السَّاعَة لَمْ يَكُنْ لِهَؤُلَاءِ الْمُجْرِمِينَ الَّذِينَ وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَتهمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ الَّذِينَ كَانُوا يَتَّبِعُونَهُمْ , عَلَى مَا دَعَوْهُمْ إِلَيْهِ مِنْ الضَّلَالَة , فَيُشَارِكُونَهُمْ فِي الْكُفْر بِاَللَّهِ , وَالْمُعَاوَنَة عَلَى أَذَى رُسُله , شُفَعَاء يَشْفَعُونَ لَهُمْ عِنْد اللَّه , فَيَسْتَنْقِذُوهُمْ مِنْ عَذَابه . { وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ } يَقُول : وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ فِي الضَّلَالَة وَالْمُعَاوَنَة فِي الدُّنْيَا عَلَى أَوْلِيَاء اللَّه كَافِرِينَ , يَجْحَدُونَ وِلَايَتهمْ , وَيَتَبَرَّءُونَ مِنْهُمْ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اُتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اِتَّبَعُوا , وَرَأَوْا الْعَذَاب وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الْأَسْبَاب. وَقَالَ الَّذِينَ اِتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا } 2 166 : 167'; $TAFSEER['3']['30']['14'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْم تَقُوم السَّاعَة يَوْمئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَوْم تَجِيء السَّاعَة الَّتِي يُحْشَر فِيهَا الْخَلْق إِلَى اللَّه يَوْمئِذٍ , يَقُول فِي ذَلِكَ الْيَوْم يَتَفَرَّقُونَ يَعْنِي : يَتَفَرَّق أَهْل الْإِيمَان بِاَللَّهِ , وَأَهْل الْكُفْر بِهِ ; فَأَمَّا أَهْل الْإِيمَان , فَيُؤْخَذ بِهِمْ ذَات الْيَمِين إِلَى الْجَنَّة , وَأَمَّا أَهْل الْكُفْر فَيُؤْخَذ بِهِمْ ذَات الشِّمَال إِلَى النَّار , فَهُنَالِكَ يَمِيز اللَّه الْخَبِيث مِنْ الطَّيِّب . كَمَا : 21255 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { يَوْم تَقُوم السَّاعَة يَوْمئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } قَالَ : فُرْقَة وَاَللَّه لَا اِجْتِمَاع بَعْدهَا .'; $TAFSEER['3']['30']['15'] = '{ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا } بِاَللَّهِ وَرَسُوله { وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } يَقُول : وَعَمِلُوا بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ , وَانْتَهَوْا عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ { فَهُمْ فِي رَوْضَة يُحْبَرُونَ } يَقُول : فَهُمْ فِي الرَّيَاحِين وَالنَّبَاتَات الْمُلْتَفَّة , وَبَيْن أَنْوَاع الزَّهْر فِي الْجِنَان يُسَرُّونَ , وَيُلَذَّذُونَ بِالسَّمَاعِ وَطِيب الْعَيْش الْهَنِيّ . وَإِنَّمَا خَصَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ذِكْر الرَّوْضَة فِي هَذَا الْمَوْضِع , لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْد الطَّرَفَيْنِ أَحْسَن مَنْظَرًا , وَلَا أَطْيَب نَشْرًا مِنْ الرِّيَاض , وَيَدُلّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ قَوْل أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَة : مَا رَوْضَة مِنْ رِيَاض الْحُسْن مُعْشِبَة خَضْرَاء جَادَ عَلَيْهَا مُسْبِل هَطِل يُضَاحِك الشَّمْس مِنْهَا كَوْكَب شَرِق مُؤَزَّر بِعَمِيمِ النَّبْت مُكْتَهِل يَوْمًا بِالطِّيبِ مِنْهَا نَشْر رَائِحَة وَلَا بِأَحْسَن مِنْهَا إِذْ دَنَا الْأُصُل فَأَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ تَعَالَى , أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات مِنْ الْمَنْظَر الْأَنِيق , وَاللَّذِيذ مِنْ الْأَرَايِيح , وَالْعَيْش الْهَنِيّ فِيمَا يُحِبُّونَ , وَيُسَرُّونَ بِهِ , وَيُغْبَطُونَ عَلَيْهِ . وَالْحِبَرَة عِنْد الْعَرَب : السُّرُور وَالْغِبْطَة ; قَالَ الْعَجَّاج : فَالْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَعْطَى الْحِبَر مَوَالِي الْحَقّ إِنْ الْمَوْلَى شَكَرْ وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَهُمْ فِي رَوْضَة يُكْرَمُونَ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21256 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { فَهُمْ فِي رَوْضَة يُحْبَرُونَ } قَالَ : يُكْرَمُونَ. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : يُنَعَّمُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21257 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى. وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { يُحْبَرُونَ } قَالَ : يُنَعَّمُونَ . 21258 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { فَهُمْ فِي رَوْضَة يُحْبَرُونَ } قَالَ : يُنَعَّمُونَ . وَقَالَ آخَرُونَ : يُلَذَّذُونَ بِالسَّمَاعِ وَالْغِنَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21259 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن مُوسَى الْحَرَسِيّ , قَالَ : ثني عَامِر بْن يَسَاف , قَالَ : سَأَلْت يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ قَوْل اللَّه { فَهُمْ فِي رَوْضَة يُحْبَرُونَ } قَالَ : الْحَبَرَة : اللَّذَّة وَالسَّمَاع . 21260 - حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد الْفِرْيَابِيّ , قَالَ : ثَنَا ضَمْرَة بْن رَبِيعَة , عَنْ الْأَوْزَاعِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير فِي قَوْله { يُحْبَرُونَ } قَالَ : السَّمَاع فِي الْجَنَّة . * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عِيسَى بْن يُونُس , عَنْ الْأَوْزَاعِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , مِثْله . * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ عَامِر بْن يَسَاف , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , مِثْله . وَكُلّ هَذِهِ الْأَلْفَاظ الَّتِي ذَكَرْنَا عَمَّنْ ذَكَرْنَاهَا عَنْهُ تَعُود إِلَى مَعْنَى مَا قُلْنَا .'; $TAFSEER['3']['30']['16'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاء الْآخِرَة فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَاب مُحْضَرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَمَّا الَّذِينَ جَحَدُوا تَوْحِيد اللَّه , وَكَذَّبُوا رُسُله , وَأَنْكَرُوا الْبَعْث بَعْد الْمَمَات وَالنُّشُور لِلدَّارِ الْآخِرَة , فَأُولَئِكَ فِي عَذَاب اللَّه مُحْضَرُونَ , وَقَدْ أَحْضَرَهُمْ اللَّه إِيَّاهَا , فَجَمَعَهُمْ فِيهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَاب الَّذِي كَانُوا فِي الدُّنْيَا يُكَذِّبُونَ .'; $TAFSEER['3']['30']['17'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَسُبْحَان اللَّه حِين تُمْسُونَ وَحِين تُصْبِحُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَسَبِّحُوا اللَّه أَيّهَا النَّاس : أَيْ صَلُّوا لَهُ حِين تُمْسُونَ , وَذَلِكَ صَلَاة الْمَغْرِب , وَحِين تُصْبِحُونَ , وَذَلِكَ صَلَاة الصُّبْح وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21261 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ أَبِي رَزِين , قَالَ : سَأَلَ نَافِعُ بْن الْأَزْرَق ابْن عَبَّاس : ( هَلْ تَجِد ) مِيقَات الصَّلَوَات الْخَمْس فِي كِتَاب اللَّه ؟ قَالَ : نَعَمْ { فَسُبْحَان اللَّه حِين تُمْسُونَ } الْمَغْرِب { وَحِين تُصْبِحُونَ } الْفَجْر { وَعَشِيًّا } الْعَصْر { وَحِين تُظْهِرُونَ } الظُّهْر , قَالَ : { وَمِنْ بَعْد صَلَاة الْعِشَاء ثَلَاث عَوْرَات لَكُمْ } 24 58 -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ أَبِي رَزِين , قَالَ : سَأَلَ نَافِع بْن الْأَزْرَق اِبْن عَبَّاس عَنْ الصَّلَوَات الْخَمْس فِي الْقُرْآن , قَالَ : نَعَمْ , فَقَرَأَ { فَسُبْحَان اللَّه حِين تُمْسُونَ } قَالَ : صَلَاة الْمَغْرِب { وَحِين تُصْبِحُونَ } قَالَ : صَلَاة الصُّبْح { وَعَشِيًّا } قَالَ : صَلَاة الْعَصْر { وَحِين تُظْهِرُونَ } صَلَاة الظُّهْر , ثُمَّ قَرَأَ : { وَمِنْ بَعْد صَلَاة الْعِشَاء ثَلَاث عَوْرَات لَكُمْ } 24 58 -حَدَّثني أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ لَيْث , عَنْ الْحَكَم بْن أَبِي عِيَاض , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : جَمَعَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ مَوَاقِيت الصَّلَاة { فَسُبْحَان اللَّه حِين تُمْسُونَ } قَالَ : الْمَغْرِب وَالْعِشَاء { وَحِين تُصْبِحُونَ } الْفَجْر { وَعَشِيًّا } الْعَصْر { وَحِين تُظْهِرُونَ } الظُّهْر. * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ لَيْث , عَنْ الْحَكَم , عَنْ أَبِي عِيَاض , عَنْ اِبْن عَبَّاس , بِنَحْوِهِ . * حَدَّثني يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ لَيْث , عَنْ الْحَكَم , عَنْ أَبِي عِيَاض , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله { فَسُبْحَان اللَّه حِين تُمْسُونَ وَحِين تُصْبِحُونَ } إِلَى قَوْله { وَحِين تُظْهِرُونَ } قَالَ : جَمَعَتْ الصَّلَوَات ; { فَسُبْحَان اللَّه حِين تُمْسُونَ } الْمَغْرِب وَالْعِشَاء { وَحِين تُصْبِحُونَ } صَلَاة الصُّبْح { وَعَشِيًّا } صَلَاة الْعَصْر { وَحِين تُظْهِرُونَ } صَلَاة الظُّهْر . 21262 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان الرَّازِيّ , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد { فَسُبْحَان اللَّه يَحِين تُمْسُونَ } الْمَغْرِب وَالْعِشَاء { وَحِين تُصْبِحُونَ } الْفَجْر { وَعَشِيًّا } الْعَصْر { وَحِين تُظْهِرُونَ } الظُّهْر , وَكُلّ سَجْدَة فِي الْقُرْآن فَهِيَ صَلَاة . 21263 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَسُبْحَان اللَّه حِين تُمْسُونَ } لِصَلَاةِ الْمَغْرِب { وَحِين تُصْبِحُونَ } لِصَلَاةِ الصُّبْح { وَعَشِيًّا } لِصَلَاةِ الْعَصْر { وَحِين تُظْهِرُونَ } صَلَاة الظُّهْر أَرْبَع صَلَوَات . 21264 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { فَسُبْحَان اللَّه حِين تُمْسُونَ وَحِين تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْد فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَعَشِيًّا وَحِين تُظْهِرُونَ } قَالَ : حِين تُمْسُونَ : صَلَاة الْمَغْرِب , وَحِين تُصْبِحُونَ : صَلَاة الصُّبْح , وَعَشِيًّا : صَلَاة الْعَصْر , وَحِين تُظْهِرُونَ : صَلَاة الظُّهْر.'; $TAFSEER['3']['30']['18'] = '{ وَلَهُ الْحَمْد فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض } يَقُول : وَلَهُ الْحَمْد مِنْ جَمِيع خَلْقه دُون غَيْره فِي السَّمَاوَات مِنْ سُكَّانهَا مِنْ الْمَلَائِكَة , وَالْأَرْض مِنْ أَهْلهَا , مِنْ جَمِيع أَصْنَاف خَلْقه فِيهَا , { وَعَشِيًّا } يَقُول : وَسَبِّحُوهُ أَيْضًا عَشِيًّا , وَذَلِكَ صَلَاة الْعَصْر { وَحِين تُظْهِرُونَ } يَقُول : وَحِين تَدْخُلُونَ فِي وَقْت الظُّهْر .'; $TAFSEER['3']['30']['19'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يُخْرِج الْحَيّ مِنْ الْمَيِّت وَيُخْرِج الْمَيِّت مِنْ الْحَيّ وَيُحْيِي الْأَرْض بَعْد مَوْتهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : صَلُّوا فِي هَذِهِ الْأَوْقَات الَّتِي أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ فِيهَا أَيّهَا النَّاس , لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِج الْحَيّ مِنْ الْمَيِّت , وَهُوَ الْإِنْسَان الْحَيّ مِنْ الْمَاء الْمَيِّت , وَيُخْرِج الْمَاء الْمَيِّت مِنْ الْإِنْسَان الْحَيّ { وَيُحْيِي الْأَرْض بَعْد مَوْتهَا } فَيُنْبِتهَا , وَيُخْرِج زَرْعهَا بَعْد خَرَابهَا وَجُدُوبهَا { وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } يَقُول : كَمَا يُحْيِي الْأَرْض بَعْد مَوْتهَا , فَيُخْرِج نَبَاتهَا وَزَرْعهَا , كَذَلِكَ يُحْيِيكُمْ مِنْ بَعْد مَمَاتكُمْ , فَيُخْرِجكُمْ أَحْيَاء مِنْ قُبُوركُمْ إِلَى مَوْقِف الْحِسَاب . وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى قَبْل تَأْوِيل قَوْله : { يُخْرِج الْحَيّ مِنْ الْمَيِّت , وَيُخْرِج الْمَيِّت مِنْ الْحَيّ } وَذَكَرْنَا اِخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِيهِ , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع , غَيْر أَنَّا نَذْكُر بَعْض مَا لَمْ نَذْكُر مِنْ الْخَبَر هُنَالِكَ إِنْ شَاءَ اللَّه . 21265 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يُخْرِج الْحَيّ مِنْ الْمَيِّت وَيُخْرِج الْمَيِّت مِنْ الْحَيّ } قَالَ : يُخْرِج مِنْ الْإِنْسَان مَاء مَيِّتًا فَيَخْلُق مِنْهُ بَشَرًا , فَذَلِكَ الْمَيِّت مِنْ الْحَيّ , وَيُخْرِج الْحَيّ مِنْ الْمَيِّت , فَيَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ يَخْلُق مِنْ الْمَاء بَشَرًا , فَذَلِكَ الْحَيّ مِنْ الْمَيِّت . 21266 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , قَوْله { يُخْرِج الْحَيّ مِنْ الْمَيِّت وَيُخْرِج الْمَيِّت مِنْ الْحَيّ } الْمُؤْمِن مِنْ الْكَافِر , وَالْكَافِر مِنْ الْمُؤْمِن . 21267 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا جَرِير وَأَبُو مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه { يُخْرِج الْحَيّ مِنْ الْمَيِّت وَيُخْرِج الْمَيِّت مِنْ الْحَيّ } قَالَ : النُّطْفَة مَاء الرَّجُل مَيِّتَة وَهُوَ حَيّ , وَيُخْرِج الرَّجُل مِنْهَا حَيًّا وَهِيَ مَيِّتَة .'; $TAFSEER['3']['30']['20'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْ آيَاته أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَاب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنْ حُجَجه عَلَى أَنَّهُ الْقَادِر عَلَى مَا يَشَاء أَيّهَا النَّاس مِنْ إِنْشَاء وَإِفْنَاء , وَإِيجَاد وَإِعْدَام , وَأَنَّ كُلّ مَوْجُود فَخَلْقه خِلْقَة أَبِيكُمْ مِنْ تُرَاب , يَعْنِي بِذَلِكَ خَلْق آدَم مِنْ تُرَاب , فَوَصَفَهُمْ بِأَنَّهُ خَلَقَهُمْ مِنْ تُرَاب , إِذْ كَانَ ذَلِكَ فَعَلَهُ بِأَبِيهِمْ آدَم كَنَحْوِ الَّذِي قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى مِنْ خِطَاب الْعَرَب مَنْ خَاطَبَتْ بِمَا فَعَلَتْ بِسَلَفِهِ مِنْ قَوْلهمْ : فَعَلْنَا بِكُمْ وَفَعَلْنَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21268 - بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمِنْ آيَاته أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَاب } خَلَقَ آدَم عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ تُرَاب { ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَر تَنْتَشِرُونَ } يَعْنِي ذُرِّيَّته . وَقَوْله : { ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَر تَنْتَشِرُونَ } يَقُول : ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ مَعْشَر ذُرِّيَّة مَنْ خَلَقْنَاهُ مِنْ تُرَاب بَشَر تَنْتَشِرُونَ , يَقُول : تَتَصَرَّفُونَ.'; $TAFSEER['3']['30']['21'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْ آيَاته أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنْ حُجَجه وَأَدِلَّته عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا خَلْقه لِأَبِيكُمْ آدَم مِنْ نَفْسه زَوْجَة لِيَسْكُن إِلَيْهَا , وَذَلِكَ أَنَّهُ خَلَقَ حَوَّاء مِنْ ضِلْع مِنْ أَضْلَاع آدَم . كَمَا : 21269 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمِنْ آيَاته أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسكُمْ أَزْوَاجًا } خَلَقَهَا لَكُمْ مِنْ ضِلْع مِنْ أَضْلَاعه . وَقَوْله : { وَجَعَلَ بَيْنكُمْ مَوَدَّة وَرَحْمَة } يَقُول : جَعَلَ بَيْنكُمْ بِالْمُصَاهَرَةِ وَالْخُتُونَة مَوَدَّة تَتَوَادُّونَ بِهَا , وَتَتَوَاصَلُونَ مِنْ أَجْلهَا , وَرَحْمَة رَحِمَكُمْ بِهَا , فَعَطَفَ بَعْضكُمْ بِذَلِكَ عَلَى بَعْض { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي فِعْله ذَلِكَ لَعِبَرًا وَعِظَات لِقَوْمٍ يَتَذَكَّرُونَ فِي حُجَج اللَّه وَأَدِلَّته , فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْإِلَه الَّذِي لَا يُعْجِزهُ شَيْء أَرَادَهُ , وَلَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ فِعْل شَيْء شَاءَهُ.'; $TAFSEER['3']['30']['22'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْ آيَاته خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف أَلْسِنَتكُمْ وَأَلْوَانكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنْ حُجَجه وَأَدِلَّته أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْجِزهُ شَيْء , وَأَنَّهُ إِذَا شَاءَ أَمَاتَ مَنْ كَانَ حَيًّا مِنْ خَلْقه , ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ وَأَعَادَهُ كَمَا كَانَ قَبْل إِمَاتَته إِيَّاهُ خَلْقه السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْ غَيْر شَيْء أَحْدَثَ ذَلِكَ مِنْهُ , بَلْ بِقُدْرَتِهِ الَّتِي لَا يَمْتَنِع مَعَهَا عَلَيْهِ شَيْء أَرَادَهُ { وَاخْتِلَاف أَلْسِنَتكُمْ } يَقُول : وَاخْتِلَاف مَنْطِق أَلْسِنَتكُمْ وَلُغَاتهَا { وَأَلْوَانكُمْ } يَقُول : وَاخْتِلَاف أَلْوَان أَجْسَامكُمْ { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِلْعَالِمِينَ } يَقُول : إِنَّ فِي فِعْله ذَلِكَ كَذَلِكَ لَعِبَرًا وَأَدِلَّة لِخَلْقِهِ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ أَنَّهُ لَا يَعِيبهُ إِعَادَتهمْ لِهَيْئَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا بِهَا قَبْل مَمَاتهمْ مِنْ بَعْد فَنَائِهِمْ . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْعَالَمِينَ فِيمَا مَضَى قَبْل .'; $TAFSEER['3']['30']['23'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْ آيَاته مَنَامكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْله } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنْ حُجَجه عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْقَوْم تَقْدِيره السَّاعَات وَالْأَوْقَات , وَمُخَالَفَته بَيْن اللَّيْل وَالنَّهَار , فَجَعَلَ اللَّيْل لَكُمْ سَكَنًا تَسْكُنُونَ فِيهِ , وَتَنَامُونَ فِيهِ , وَجَعَلَ النَّهَار مُضِيئًا لِتَصَرُّفِكُمْ فِي مَعَايِشكُمْ وَالْتِمَاسكُمْ فِيهِ مِنْ رِزْق بِكُمْ { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي فِعْل اللَّه ذَلِكَ كَذَلِكَ , لَعِبَرًا وَذِكْرَى وَأَدِلَّة عَلَى أَنَّ فَاعِل ذَلِكَ لَا يُعْجِزهُ شَيْء أَرَادَهُ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ مَوَاعِظ اللَّه , فَيَتَّعِظُونَ بِهَا , وَيَعْتَبِرُونَ فَيَفْهَمُونَ حُجَج اللَّه عَلَيْهِمْ .'; $TAFSEER['3']['30']['24'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْ آيَاته يُرِيكُمْ الْبَرْق خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّل مِنْ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْض بَعْد مَوْتهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنْ حُجَجه { يُرِيكُمْ الْبَرْق خَوْفًا } لَكُمْ إِذَا كُنْتُمْ سَفْرًا , أَنْ تُمْطَرُوا فَتَتَأَذَّوْا بِهِ { وَطَمَعًا } لَكُمْ , إِذَا كُنْتُمْ فِي إِقَامَة أَنْ تُمْطَرُوا , فَتَحْيَوْا وَتُخْصِبُوا { وَيُنَزِّل مِنْ السَّمَاء مَاء } يَقُول : وَيُنَزِّل مِنْ السَّمَاء مَطَرًا . فَيُحْيِي بِذَلِكَ الْمَاء الْأَرْض الْمَيِّتَة , فَتُنْبِت وَيَخْرُج زَرْعهَا بَعْد مَوْتهَا . يَعْنِي جُدُوبهَا وَدُرُوسهَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله { وَيُرِيكُمْ الْبَرْق خَوْفًا وَطَمَعًا } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21270 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { وَمِنْ آيَاته يُرِيكُمْ الْبَرْق خَوْفًا وَطَمَعًا } قَالَ : خَوْفًا لِلْمُسَافِرِ , وَطَمَعًا لِلْمُقِيمِ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه سُقُوط " أَنْ " فِي قَوْله : { يُرِيكُمْ الْبَرْق خَوْفًا وَطَمَعًا } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : لَمْ يَذْكُر هَا هُنَا " أَنْ " لِأَنَّ هَذَا يَدُلّ عَلَى الْمَعْنَى ; وَقَالَ الشَّاعِر : أَلَا أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحْضُرَ الْوَغَى وَأَنْ أَشْهَد اللَّذَّات هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي قَالَ : وَقَالَ : لَوْ قُلْت مَا فِي قَوْمهَا لَمْ تِيتَم يَفْضُلهَا فِي حَسَب وَمِيسَم وَقَالَ : يُرِيد : مَا فِي قَوْمهَا أَحَد . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ : إِذَا أُظْهِرَتْ " أَنْ " فَهِيَ فِي مَوْضِع رَفْع , كَمَا قَالَ : { وَمِنْ آيَاته خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض -وَمَنَامكُمْ } فَإِذَا حُذِفَتْ جُعِلَتْ " مَنْ " مُؤَدِّيَة عَنْ اِسْم مَتْرُوك , يَكُون الْفِعْل صِلَة , كَقَوْلِ الشَّاعِر : وَمَا الدَّهْر إِلَّا تَارَتَانِ فَمِنْهُمَا أَمُوت وَأُخْرَى أَبْتَغِي الْعَيْش أَكْدَح كَأَنَّهُ أَرَادَ : فَمِنْهُمَا سَاعَة أَمُوتهَا , وَسَاعَة أَعِيشهَا , وَكَذَلِكَ : وَمِنْ آيَاته يُرِيكُمْ آيَة الْبَرْق , وَآيَة لِكَذَا , وَإِنْ شِئْت أَرَدْت : وَيُرِيكُمْ مِنْ آيَاته الْبَرْق , فَلَا تُضْمَر " أَنْ " وَلَا غَيْره . وَقَالَ بَعْض مَنْ أَنْكَرَ قَوْل الْبَصْرِيّ : إِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ تُحْذَف " أَنْ " مِنْ الْمَوْضِع الَّذِي يَدُلّ عَلَى حَذْفهَا , فَأَمَّا فِي كُلّ مَوْضِع فَلَا , فَأَمَّا مَعَ أَحْضُر الْوَغَى فَلَمَّا كَانَ زَجَرْتُك أَنْ تَقُوم , وَزَجَرْتُك لِأَنْ تَقُوم , يَدُلّ عَلَى الِاسْتِقْبَال جَازَ حَذْف " أَنْ " , لِأَنَّ الْمَوْضِع مَعْرُوف لَا يَقَع فِي كُلّ الْكَلَام , فَأَمَّا قَوْله : وَمِنْ آيَاته أَنَّك قَائِم , وَأَنَّك تَقُوم , وَأَنْ تَقُوم , فَهَذَا الْمَوْضِع لَا يُحْذَف , لِأَنَّهُ لَا يَدُلّ عَلَى شَيْء وَاحِد . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّ " وَمِنْ " فِي قَوْله { وَمِنْ آيَاته } تَدُلّ عَلَى الْمَحْذُوف , وَذَلِكَ أَنَّهَا تَأْتِي بِمَعْنَى التَّبْعِيض . وَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ , كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهَا تَقْتَضِي الْبَعْض , فَلِذَلِكَ تَحْذِف الْعَرَب مَعَهَا الِاسْم لِدَلَالَتِهَا عَلَيْهِ . { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات } يَقُول : إِنَّ فِي فِعْله ذَلِكَ كَذَلِكَ لَعِبَرًا وَأَدِلَّة { لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } عَنْ اللَّه حُجَجه وَأَدِلَّته.'; $TAFSEER['3']['30']['25'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْ آيَاته أَنْ تَقُوم السَّمَاء وَالْأَرْض بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَة مِنْ الْأَرْض إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنْ حُجَجه أَيّهَا الْقَوْم عَلَى قُدْرَته عَلَى مَا يَشَاء , قِيَام السَّمَاء وَالْأَرْض بِأَمْرِهِ خُضُوعًا لَهُ بِالطَّاعَةِ بِغَيْرِ عَمْد تَرَى { ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَة مِنْ الْأَرْض إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ } يَقُول : إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ مِنْ الْأَرْض , إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَة مُسْتَجِيبِينَ لِدَعْوَتِهِ إِيَّاكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21271 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمِنْ آيَاته أَنْ تَقُوم السَّمَاء وَالْأَرْض بِأَمْرِهِ } قَامَتَا بِأَمْرِهِ بِغَيْرِ عَمْد { ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَة مِنْ الْأَرْض إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ } قَالَ : دَعَاهُمْ فَخَرَجُوا مِنْ الْأَرْض . 21272 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ } يَقُول : مِنْ الْأَرْض .'; $TAFSEER['3']['30']['26'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض كُلّ لَهُ قَانِتُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْ مَلَك وَجِنّ وَإِنْس عَبِيد وملك { كُلّ لَهُ قَانِتُونَ } يَقُول : كُلّ لَهُ مُطِيعُونَ , فَيَقُول قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ { كُلّ لَهُ قَانِتُونَ } وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ أَكْثَر الْإِنْس وَالْجِنّ لَهُ عَاصُونَ ؟ فَنَقُول : اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَنَذْكُر اِخْتِلَافهمْ , ثُمَّ نُبَيِّن الصَّوَاب عِنْدنَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْقَوْل , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ كَلَام مَخْرَجه مَخْرَج الْعُمُوم , وَالْمُرَاد بِهِ الْخُصُوص , وَمَعْنَاهُ : كُلّ لَهُ قَانِتُونَ فِي الْحَيَاة وَالْبَقَاء وَالْمَوْت , وَالْفَنَاء وَالْبَعْث وَالنُّشُور , لَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ شَيْء مِنْ ذَلِكَ , وَإِنْ عَصَاهُ بَعْضهمْ مِنْ غَيْر ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21273 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَمِنْ آيَاته أَنْ تَقُوم السَّمَاء وَالْأَرْض بِأَمْرِهِ } إِلَى { كُلّ لَهُ قَانِتُونَ } يَقُول : مُطِيعُونَ , يَعْنِي الْحَيَاة وَالنُّشُور وَالْمَوْت , وَهُمْ عَاصُونَ لَهُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْعِبَادَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : كُلّ لَهُ قَانِتُونَ بِإِقْرَارِهِمْ بِأَنَّهُ رَبّهمْ وَخَالِقهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21274 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { كُلّ لَهُ قَانِتُونَ } : أَيْ مُطِيع مُقِرّ بِأَنَّ اللَّه رَبّه وَخَالِقه . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ عَلَى الْخُصُوص , وَالْمَعْنَى : وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْ مَلَك وَعَبْد مُؤْمِن لِلَّهِ مُطِيع دُون غَيْرهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21275 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { كُلّ لَهُ قَانِتُونَ } قَالَ : كُلّ لَهُ مُطِيعُونَ . الْمُطِيع : الْقَانِت , قَالَ : وَلَيْسَ شَيْء إِلَّا وَهُوَ مُطِيع , إِلَّا اِبْن آدَم , وَكَانَ أَحَقّهمْ أَنْ يَكُون أَطْوَعهمْ لِلَّهِ . وَفِي قَوْله { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } 2 238 قَالَ : هَذَا فِي الصَّلَاة , لَا تَتَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاة كَمَا يَتَكَلَّم أَهْل الْكِتَاب فِي الصَّلَاة , قَالَ : وَأَهْل الْكِتَاب يَمْشِي بَعْضهمْ إِلَى بَعْض فِي الصَّلَاة , قَالَ : وَيَتَقَابَلُونَ فِي الصَّلَاة , فَإِذَا قِيلَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ , قَالُوا : لِكَيْ تَذْهَب الشَّحْنَاء مِنْ قُلُوبنَا تَسْلَم قُلُوب بَعْضنَا لِبَعْضٍ , فَقَالَ اللَّه : وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ لَا تَزُولُوا كَمْ يَزُولُونَ . قَانِتِينَ : لَا تَتَكَلَّمُوا كَمَا يَتَكَلَّمُونَ. قَالَ : فَأَمَّا مَا سِوَى هَذَا كُلّه فِي الْقُرْآن مِنْ الْقُنُوت فَهُوَ الطَّاعَة , إِلَّا هَذِهِ الْوَاحِدَة . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَهُوَ أَنَّ كُلّ مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْ خَلْق لِلَّهِ مُطِيع فِي تَصَرُّفه فِيمَا أَرَادَ تَعَالَى ذِكْره مِنْ حَيَاة وَمَوْت , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , وَإِنْ عَصَاهُ فِيمَا يَكْسِبهُ بِقَوْلِهِ , وَفِيمَا لَهُ السَّبِيل إِلَى اِخْتِيَاره وَإِيثَاره عَلَى خِلَافه . وَإِنَّمَا قُلْت : ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , لِأَنَّ الْعُصَاة مِنْ خَلْقه فِيمَا لَهُمْ السَّبِيل إِلَى اِكْتِسَابه كَثِير عَدَدهمْ , وَقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْره عَنْ جَمِيعهمْ أَنَّهُمْ لَهُ قَانِتُونَ , فَغَيْر جَائِز أَنْ يُخْبِر عَمَّنْ هُوَ عَاصٍ أَنَّهُ لَهُ قَانِت فِيمَا هُوَ لَهُ عَاصٍ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَاَلَّذِي فِيهِ عَاصٍ هُوَ مَا وَصَفْت , وَاَلَّذِي هُوَ لَهُ قَانِت مَا بَيَّنْت .'; $TAFSEER['3']['30']['27'] = 'وَقَوْله : { وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأ الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاَلَّذِي لَهُ هَذِهِ الصِّفَات تَبَارَكَ وَتَعَالَى , هُوَ الَّذِي يَبْدَأ الْخَلْق مِنْ غَيْر أَصْل فَيُنْشِئهُ وَيُوجِدهُ , بَعْد أَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا , ثُمَّ يُفْنِيه بَعْد ذَلِكَ , ثُمَّ يُعِيدهُ , كَمَا بَدَأَهُ بَعْد فَنَائِهِ , وَهُوَ أَهْوَن عَلَيْهِ . اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل , فِي مَعْنَى قَوْله : { وَهُوَ أَهْوَن عَلَيْهِ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَهُوَ هَيِّن عَلَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21276 -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد الْعَطَّار , عَنْ سُفْيَان عَمَّنْ ذَكَرَهُ , عَنْ مُنْذِر الثَّوْرِيّ , عَنْ الرَّبِيع بْن خَيْثَم { وَهُوَ أَهْوَن عَلَيْهِ } قَالَ : مَا شَيْء عَلَيْهِ بِعَزِيزٍ. 21277 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأ الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ وَهُوَ أَهْوَن عَلَيْهِ } يَقُول : كُلّ شَيْء عَلَيْهِ هَيِّن. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : وَإِعَادَة الْخَلْق بَعْد فَنَائِهِمْ أَهْوَن عَلَيْهِ مِنْ اِبْتِدَاء خَلْقهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21278 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَهُوَ أَهْوَن عَلَيْهِ } قَالَ : يَقُول : أَيْسَر عَلَيْهِ . 21279 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَهُوَ أَهْوَن عَلَيْهِ } قَالَ : الْإِعَادَة أَهْوَن عَلَيْهِ مِنْ الْبُدَاءَة , وَالْبُدَاءَة عَلَيْهِ هَيِّن . 21280 - حَدَّثني اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة قَرَأَ هَذَا الْحَرْف { وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأ الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ وَهُوَ أَهْوَن عَلَيْهِ } قَالَ : تَعَجَّبَ الْكُفَّار مِنْ إِحْيَاء اللَّه الْمَوْتَى , قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة { وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأ الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ , وَهُوَ أَهْوَن عَلَيْهِ } إِعَادَة الْخَلْق أَهْوَن عَلَيْهِ مِنْ إِبْدَاء الْخَلْق . * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا غُنْدَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : إِعَادَة الْخَلْق أَهْوَن عَلَيْهِ مِنْ اِبْتِدَائِهِ . 21281 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَهُوَ أَهْوَن عَلَيْهِ } : يَقُول : إِعَادَته أَهْوَن عَلَيْهِ مِنْ بَدْئِهِ , وَكُلّ عَلَى اللَّه هَيِّن . وَفِي بَعْض الْقِرَاءَة : وَكُلّ عَلَى اللَّه هَيِّن . وَقَدْ يَحْتَمِل هَذَا الْكَلَام وَجْهَيْنِ , غَيْر الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْت , وَهُوَ أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأ الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ , وَهُوَ أَهْوَن عَلَى الْخَلْق : أَيْ إِعَادَة الشَّيْء أَهْوَن عَلَى الْخَلْق مِنْ اِبْتِدَائِهِ . وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي الْخَبَر الَّذِي حَدَّثني بِهِ اِبْن سَعْد , قَوْل أَيْضًا لَهُ وَجْه . وَقَدْ وَجَّهَ غَيْر وَاحِد مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة قَوْل ذِي الرُّمَّة : أَخِي قَفَرَاتٍ دَبَّبَتْ فِي عِظَامه شُفَافَات أَعْجَاز الْكَرَى فَهُوَ أَخْضَع إِلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى خَاضِع ; وَقَوْل الْآخَر : لَعَمْرك إِنَّ الزِّبْرِقَان لَبَاذِل لِمَعْرُوفِهِ عِنْد السِّنِينَ وَأَفْضَل كَرِيم لَهُ عَنْ كُلّ ذَمّ تَأَخُّرٌ وَفِي كُلّ أَسْبَاب الْمَكَارِم أَوَّل إِلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى : وَفَاضِل ; وَقَوْل مَعْن : لَعَمْرك مَا أَدْرِي وَإِنِّي لَأَوْجَل عَلَى أَيّنَا تَعْدُو الْمَنِيَّة أَوَّل إِلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى : وَإِنِّي لَوَجِل ; وَقَوْل الْآخَر : تَمَنَّى مُرَيْء الْقَيْس مَوْتِي وَإِنْ أَمُتْ فَتِلْكَ سَبِيل لَسْت فِيهَا بِأَوْحَدِ إِلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى : لَسْت فِيهَا بِوَاحِدٍ ; وَقَوْل الْفَرَزْدَق : إِنَّ الَّذِي سَمَكَ السَّمَاء بَنَى لَنَا بَيْتًا دَعَائِمه أَعَزُّ وَأَطْوَلُ إِلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى : عَزِيزَة طَوِيلَة . قَالُوا : وَمِنْهُ قَوْلهمْ فِي الْأَذَان : اللَّه أَكْبَر , بِمَعْنَى : اللَّه كَبِير ; وَقَالُوا : إِنْ قَالَ قَائِل : إِنَّ اللَّه لَا يُوصَف بِهَذَا , وَإِنَّمَا يُوصَف بِهِ الْخَلْق , فَزَعَمَ أَنَّهُ وَهُوَ أَهْوَن عَلَى الْخَلْق , فَإِنَّ الْحُجَّة عَلَيْهِ قَوْل اللَّه : { وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِيرًا } 4 30 وَقَوْله : { وَلَا يَئُودهُ حِفْظهمَا } 2 255 أَيْ لَا يُثْقِلهُ حِفْظهمَا. وَقَوْله : { وَلَهُ الْمَثَل الْأَعْلَى } يَقُول : وَلِلَّهِ الْمَثَل الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض , وَهُوَ أَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ , لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء , فَذَلِكَ الْمَثَل الْأَعْلَى , تَعَالَى رَبّنَا وَتَقَدَّسَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21282 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَلَهُ الْمَثَل الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَات } يَقُول : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء . 21283 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَلَهُ الْمَثَل الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض } مَثَله أَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ , وَلَا رَبّ غَيْره . وَقَوْله : { وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَهُوَ الْعَزِيز فِي اِنْتِقَامه مِنْ أَعْدَائِهِ , الْحَكِيم فِي تَدْبِيره خَلْقه , وَتَصْرِيفهمْ فِيمَا أَرَادَ مِنْ إِحْيَاء وَإِمَاتَة , وَبَعْث وَنَشْر , وَمَا شَاءَ .'; $TAFSEER['3']['30']['28'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْ شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَثَّلَ لَكُمْ أَيّهَا الْقَوْم رَبّكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسكُمْ , { هَلْ لَكُمْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَقُول : مِنْ مَمَالِيككُمْ مِنْ شُرَكَاء , { فِيمَا رَزَقْنَاكُمْ } مِنْ مَال , { فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاء } وَهُمْ. يَقُول : فَإِذَا لَمْ تَرْضَوْا بِذَلِكَ لِأَنْفُسِكُمْ فَكَيْفَ رَضِيتُمْ أَنْ تَكُون آلِهَتكُمْ الَّتِي تَعْبُدُونَهَا لِي شُرَكَاء فِي عِبَادَتكُمْ إِيَّايَ , وَأَنْتُمْ وَهُمْ عَبِيدِي وَمَمَالِيكِي , وَأَنَا مَالِك جَمِيعكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21284 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسكُمْ هَلْ لَكُمْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْ شُرَكَاء فِيمَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاء } قَالَ : مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لِمَنْ عَدَلَ بِهِ شَيْئًا مِنْ خَلْقه , يَقُول : أَكَانَ أَحَدكُمْ مُشَارِكًا مَمْلُوكه فِي فِرَاشه وَزَوْجَته , فَكَذَلِكُمْ اللَّه لَا يَرْضَى أَنْ يُعْدَل بِهِ أَحَد مِنْ خَلْقه . 21285 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسكُمْ هَلْ لَكُمْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْ شُرَكَاء فِيمَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاء } قَالَ : هَلْ تَجِد أَحَدًا يَجْعَل عَبْده هَكَذَا فِي مَاله , فَكَيْفَ تَعْمِد أَنْتَ وَأَنْتَ تَشْهَد أَنَّهُمْ عَبِيدِي وَخَلْقِي , وَتَحْمِل لَهُمْ نَصِيبًا فِي عِبَادَتِي , كَيْفَ يَكُون هَذَا ؟ قَالَ : وَهَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لَهُمْ , وَقَرَأَ : { كَذَلِكَ نُفَصِّل الْآيَات لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسكُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : تَخَافُونَ هَؤُلَاءِ الشُّرَكَاء مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ أَنْ يَرِثُوكُمْ أَمْوَالكُمْ مِنْ بَعْد وَفَاتكُمْ , كَمَا يَرِث بَعْضكُمْ بَعْضًا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21286 - حَدِيث عَنْ حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : فِي الْآلِهَة , وَفِيهِ يَقُول : تَخَافُونَهُمْ أَنْ يَرِثُوكُمْ كَمَا يَرِث بَعْضكُمْ بَعْضًا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : تَخَافُونَ هَؤُلَاءِ الشُّرَكَاء مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ أَنْ يُقَاسِمُوكُمْ أَمْوَالكُمْ , كَمَا تَقَاسَمَ بَعْضًا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21287 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت عِمْرَان قَالَ : قَالَ أَبُو مِجْلَز : إِنَّ مَمْلُوكك لَا تَخَاف أَنْ يُقَاسِمك مَالِك , وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ , كَذَلِكَ اللَّه لَا شَرِيك لَهُ . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ الْقَوْل الثَّانِي , لِأَنَّهُ أَشْبَههمَا بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِر الْكَلَام , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَبَّخَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ لَهُ مِنْ خَلْقه آلِهَة يَعْبُدُونَهَا , وَأَشْرَكُوهُمْ فِي عِبَادَتهمْ إِيَّاهُ , وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يُقِرُّونَ بِأَنَّهَا خَلْقه وَهُمْ عَبِيده , وَعَيَّرَهُمْ بِفِعْلِهِمْ ذَلِكَ , فَقَالَ لَهُمْ : هَلْ لَكُمْ مِنْ عَبِيدكُمْ شُرَكَاء فِيمَا خَوَّلْنَاكُمْ مِنْ نِعَمنَا , فَهُمْ سَوَاء , أَنْتُمْ فِي ذَلِكَ تَخَافُونَ أَنْ يُقَاسِمُوكُمْ ذَلِكَ الْمَال الَّذِي هُوَ بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ , كَخِيفَةِ بَعْضكُمْ بَعْضًا أَنْ يُقَاسِمهُ مَا بَيْنه وَبَيْنه مِنْ الْمَال شَرِكَة ; فَالْخِيفَة الَّتِي ذَكَرَهَا تَعَالَى ذِكْره بِأَنْ تَكُون خِيفَة مِمَّا يَخَاف الشَّرِيك مِنْ مُقَاسَمَة شَرِيكه الْمَال الَّذِي بَيْنهمَا إِيَّاهُ أَشْبَه مِنْ أَنْ تَكُون خِيفَة مِنْهُ بِأَنْ يَرِثهُ , لِأَنَّ ذِكْر الشَّرِكَة لَا يَدُلّ عَلَى خِيفَة الْوِرَاثَة , وَقَدْ يَدُلّ عَلَى خِيفَة الْفِرَاق وَالْمُقَاسَمَة. وَقَوْله : { كَذَلِكَ نُفَصِّل الْآيَات لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَمَا بَيَّنَّا لَكُمْ أَيّهَا الْقَوْم حُجَجنَا فِي هَذِهِ الْآيَات مِنْ هَذِهِ السُّورَة عَلَى قُدْرَتنَا عَلَى مَا نَشَاء مِنْ إِنْشَاء مَا نَشَاء , وَإِفْنَاء مَا نُحِبّ , وَإِعَادَة مَا نُرِيد إِعَادَته بَعْد فَنَائِهِ , وَدَلَّلْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا تَصْلُح الْعِبَادَة إِلَّا لِلْوَاحِدِ الْقَهَّار , الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوت كُلّ شَيْء , كَذَلِكَ نُبَيِّن حُجَجنَا فِي كُلّ حَقّ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ , فَيَتَدَبَّرُونَهَا إِذَا سَمِعُوهَا , وَيَعْتَبِرُونَ فَيَتَّعِظُونَ بِهَا.'; $TAFSEER['3']['30']['29'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { بَلْ اِتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْم فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّه وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَلَا أَشْرَكَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ فِي عِبَادَة اللَّه الْآلِهَة وَالْأَوْثَان , لِأَنَّ لَهُمْ شُرَكَاء فِيمَا رَزَقَهُمْ اللَّه مِنْ مِلْك أَيْمَانهمْ , فَهُمْ وَعَبِيدهمْ فِيهِ سَوَاء , يَخَافُونَ أَنْ يُقَاسِمُوهُمْ مَا هُمْ شُرَكَاؤُهُمْ فِيهِ , فَرَضُوا لِلَّهِ مِنْ أَجْل ذَلِكَ بِمَا رَضُوا بِهِ لِأَنْفُسِهِمْ , فَأَشْرَكُوهُمْ فِي عِبَادَته , وَلَكِنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ فَكَفَرُوا بِاَللَّهِ , اِتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ , جَهْلًا مِنْهُمْ لِحَقِّ اللَّه عَلَيْهِمْ , فَأَشْرَكُوا الْآلِهَة وَالْأَوْثَان فِي عِبَادَته { فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّه } يَقُول : فَمَنْ يُسَدَّد لِلصَّوَابِ مِنْ الطُّرُق , يَعْنِي بِذَلِكَ مَنْ يُوَفَّق لِلْإِسْلَامِ مَنْ أَضَلَّ اللَّه عَنْ الِاسْتِقَامَة وَالرَّشَاد ؟ { وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } يَقُول : وَمَا لِمَنْ أَضَلَّ اللَّه مِنْ نَاصِرِينَ يَنْصُرُونَهُ , فَيُنْقِذُونَهُ مِنْ الضَّلَال الَّذِي يَبْتَلِيه بِهِ تَعَالَى ذِكْره .'; $TAFSEER['3']['30']['30'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَقِمْ وَجْهك لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَسَدِّدْ وَجْهك نَحْو الْوَجْه الَّذِي وَجَّهَك إِلَيْهِ رَبّك يَا مُحَمَّد لِطَاعَتِهِ , وَهِيَ الدِّين , { حَنِيفًا } يَقُول : مُسْتَقِيمًا لِدِينِهِ وَطَاعَته , { فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا } يَقُول : صَنْعَة اللَّه الَّتِي خَلَقَ النَّاس عَلَيْهَا ; وَنُصِبَتْ فِطْرَة عَلَى الْمَصْدَر مِنْ مَعْنَى قَوْله { فَأَقِمْ وَجْهك لِلدِّينِ حَنِيفًا } وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : فَطَرَ اللَّه النَّاس عَلَى ذَلِكَ فِطْرَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21288 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا } قَالَ : الْإِسْلَام مُذْ خَلَقَهُمْ اللَّه مِنْ آدَم جَمِيعًا , يُقِرُّونَ بِذَلِكَ , وَقَرَأَ : { وَإِذْ أَخَذَ رَبّك مِنْ بَنِي آدَم مِنْ ظُهُورهمْ ذُرِّيَّتهمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسهمْ أَلَسْت بِرَبِّكُمْ ؟ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا } 7 172 قَالَ : { كَانَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة فَبَعَثَ اللَّه النَّبِيِّينَ } 2 213 بَعْد . 21289 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { فِطْرَة اللَّه } قَالَ : الْإِسْلَام . 21290 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَا : ثَنَا يُونُس بْن أَبِي صَالِح , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : مَرَّ عُمَر بِمَعَاذِ بْن جَبَل , فَقَالَ : مَا قِوَام هَذِهِ الْأُمَّة ؟ قَالَ مُعَاذ : ثَلَاث , وَهُنَّ الْمُنْجِيَات : الْإِخْلَاص , وَهُوَ الْفِطْرَة { فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا } وَالصَّلَاة ; وَهِيَ الْمِلَّة وَالطَّاعَة ; وَهِيَ الْعِصْمَة , فَقَالَ عُمَر : صَدَقْت . * حَدَّثني يَعْقُوب , قَالَ : ثني اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثَنَا أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة أَنَّ عُمَر قَالَ لِمُعَاذٍ : مَا قِوَام هَذِهِ الْأُمَّة ؟ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . وَقَوْله { لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه } يَقُول : لَا تَغْيِير لِدِينِ اللَّه : أَيْ لَا يُصْلِح ذَلِكَ , وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَل . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ نَحْو الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21291 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه } قَالَ : لِدِينِهِ. 21292 - حَدَّثني أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ لَيْث , قَالَ : أَرْسَلَ مُجَاهِد رَجُلًا يُقَال لَهُ قَاسِم إِلَى عِكْرِمَة يَسْأَلهُ عَنْ قَوْل اللَّه : { لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه } [ قَالَ ] : إِنَّمَا هُوَ الدِّين , وَقَرَأَ { لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه ذَلِكَ الدِّين الْقَيِّم } * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا زَيْد بْن حُبَاب , عَنْ حُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة { فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا } قَالَ : الْإِسْلَام . * قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ نَضْر بْن عَرَبِيّ , عَنْ عِكْرِمَة { لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه } قَالَ : لِدِينِ اللَّه . * قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : لِدِينِ اللَّه . * قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ عَبْد الْجَبَّار بْن الْوَرْد , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد , فَسَلْ عَنْهَا عِكْرِمَة , فَسَأَلْته , فَقَالَ عِكْرِمَة : دِين اللَّه تَعَالَى مَا لَهُ أَخْزَاهُ اللَّه ؟ أَلَمْ يَسْمَع إِلَى قَوْله { فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه } 21293 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه } : أَيْ لِدِينِ اللَّه . * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا حَفْص بْن غِيَاث , عَنْ لَيْث , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : لِدِينِ اللَّه . 21294 - قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ حُمَيْد الْأَعْرَج , قَالَ : قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر { لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه } قَالَ : لِدِينِ اللَّه . 21295 - قَالَ : ثَنَا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك { لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه } قَالَ : لِدِينِ اللَّه. 211296 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه } قَالَ : دِين اللَّه . 21297 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي عَنْ مِسْعَر وَسُفْيَان , عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ { لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه } قَالَ : لِدِينِ اللَّه. * قَالَ : ثَنَا أَبِي عَنْ جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : لِدِينِ اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَغْيِير لِخَلْقِ اللَّه مِنْ الْبَهَائِم بِأَنْ يُخْصِيَ الْفُحُول مِنْهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21298 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ رَجُل , سَأَلَ اِبْن عَبَّاس , عَنْ خِصَاء الْبَهَائِم , فَكَرِهَهُ , وَقَالَ : { لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه } 21299 - قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ حُمَيْد الْأَعْرَج , قَالَ : قَالَ عِكْرِمَة : الْإِخْصَاء . 21300 - قَالَ : ثَنَا حَفْص بْن غِيَاث , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْإِخْصَاء . وَقَوْله : { ذَلِكَ الدِّين الْقَيِّم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ إِقَامَتك وَجْهك لِلدِّينِ حَنِيفًا غَيْر مُغَيِّر وَلَا مُبَدِّل هُوَ الدِّين الْقَيِّم , يَعْنِي الْمُسْتَقِيم الَّذِي لَا عِوَج فِيهِ عَنْ الِاسْتِقَامَة مِنْ الْحَنِيفِيَّة إِلَى الْيَهُودِيَّة وَالنَّصْرَانِيَّة , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الضَّلَالَات وَالْبِدَع الْمُحْدَثَة . وَقَدْ وَجَّهَ بَعْضهمْ مَعْنَى الدِّين فِي هَذَا الْمَوْضِع إِلَى الْحِسَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21301 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو لَيْلَى , عَنْ بُرَيْدَة { ذَلِكَ الدِّين الْقَيِّم } قَالَ : الْحِسَاب الْقَيِّم { وَلَكِنَّ أَكْثَر النَّاس لَا يَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَكِنَّ أَكْثَر النَّاس لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الدِّين الَّذِي أَمَرْتُك يَا مُحَمَّد بِهِ بِقَوْلِي { فَأَقِمْ وَجْهك لِلدِّينِ حَنِيفًا } هُوَ الدِّين الْحَقّ دُون سَائِر الْأَدْيَان غَيْره .'; $TAFSEER['3']['30']['31'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ } تَائِبِينَ رَاجِعِينَ إِلَى اللَّه مُقْبِلِينَ , كَمَا : 21302 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ } قَالَ : الْمُنِيب إِلَى اللَّه : الْمُطِيع لِلَّهِ , الَّذِي أَنَابَ إِلَى طَاعَة اللَّه وَأَمْره , وَرَجَعَ عَنْ الْأُمُور الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْل ذَلِكَ . كَانَ الْقَوْم كُفَّارًا , فَنَزَعُوا وَرَجَعُوا إِلَى الْإِسْلَام . وَتَأْوِيل الْكَلَام : فَأَقِمْ وَجْهك يَا مُحَمَّد لِلدِّينِ حَنِيفًا مُنِيبِينَ إِلَيْهِ إِلَى اللَّه ; فَالْمُنِيبُونَ حَال مِنْ الْكَاف الَّتِي فِي وَجْهك . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ يَكُون حَالًا مِنْهَا , وَالْكَاف كِنَايَة عَنْ وَاحِد , وَالْمُنِيبُونَ صِفَة لِجَمَاعَةٍ ؟ قِيلَ : لِأَنَّ الْأَمْر مِنْ الْكَاف كِنَايَة اِسْمه مِنْ اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع أَمْر مِنْهُ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ , فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ : فَأَقِمْ وَجْهك أَنْتَ وَأُمَّتك لِلدِّينِ حَنِيفًا لِلَّهِ , مُنِيبِينَ إِلَيْهِ . وَقَوْله : { وَاتَّقُوهُ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَخَافُوا اللَّه وَرَاقِبُوهُ أَنْ تُفَرِّطُوا فِي طَاعَته , وَتَرْكَبُوا مَعْصِيَته . { وَلَا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ } يَقُول : وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَهْل الشِّرْك بِاَللَّهِ بِتَضْيِيعِكُمْ فَرَائِضه , وَرُكُوبكُمْ مَعَاصِيه , وَخِلَافكُمْ الدِّين الَّذِي دَعَاكُمْ إِلَيْهِ .'; $TAFSEER['3']['30']['32'] = 'وَقَوْله : { مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينهمْ وَكَانُوا شِيَعًا } يَقُول : وَلَا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ بَدَّلُوا دِينهمْ , وَخَالَفُوهُ فَفَارَقُوهُ { وَكَانُوا شِيَعًا } يَقُول : وَكَانُوا أَحْزَابًا فِرَقًا كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21303 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينهمْ وَكَانُوا شِيَعًا } : وَهُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى . 21304 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينهمْ وَكَانُوا شِيَعًا } إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : هَؤُلَاءِ يَهُود , فَلَوْ وَجْه قَوْله { مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينهمْ } إِلَى أَنَّهُ خَبَر مُسْتَأْنَف مُنْقَطِع عَنْ قَوْله : { وَلَا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ } وَأَنَّ مَعْنَاهُ : مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينهمْ { وَكَانُوا شِيَعًا } أَحْزَابًا { كُلّ حِزْب بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } كَانَ وَجْهًا يَحْتَمِلهُ الْكَلَام . وَقَوْله : { كُلّ حِزْب بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } يَقُول : كُلّ طَائِفَة وَفِرْقَة مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ فَارَقُوا دِينهمْ الْحَقّ , فَأَحْدَثُوا الْبِدَع الَّتِي أَحْدَثُوا بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ . يَقُول : بِمَا هُمْ بِهِ مُتَمَسِّكُونَ مِنْ الْمَذْهَب , فَرِحُونَ مَسْرُورُونَ , يَحْسِبُونَ أَنَّ الصَّوَاب مَعَهُمْ دُون غَيْرهمْ .'; $TAFSEER['3']['30']['33'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا مَسَّ النَّاس ضُرّ دَعَوْا رَبّهمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَة إِذَا فَرِيق مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا مَسَّ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر ضُرّ , فَأَصَابَتْهُمْ شِدَّة وَجَدُوب وَقُحُوط { دَعَوْا رَبّهمْ } يَقُول : أَخْلَصُوا لِرَبِّهِمْ التَّوْحِيد , وَأَفْرَدُوهُ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّع إِلَيْهِ , وَاسْتَغَاثُوا بِهِ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ , تَائِبِينَ إِلَيْهِ مِنْ شِرْكهمْ وَكُفْرهمْ { ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَة } يَقُول : ثُمَّ إِذَا كَشَفَ رَبّهمْ تَعَالَى ذِكْره عَنْهُمْ ذَلِكَ الضُّرّ وَفَرَّجَهُ عَنْهُمْ وَأَصَابَهُمْ بِرَخَاءٍ وَخِصْب وَسَعَة , { إِذَا فَرِيق مِنْهُمْ } يَقُول : إِذَا جَمَاعَة مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ { يُشْرِكُونَ } يَقُول : يَعْبُدُونَ مَعَهُ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان.'; $TAFSEER['3']['30']['34'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُتَوَعِّدًا لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُ إِذَا كَشَفَ الضُّرّ عَنْهُمْ كَفَرُوا بِهِ , لِيَكْفُرُوا بِمَا أَعْطَيْنَاهُمْ , يَقُول : إِذَا هُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ , كَيْ يَكْفُرُوا : أَيْ يَجْحَدُوا النِّعْمَة الَّتِي أَنْعَمْتهَا عَلَيْهِمْ بِكَشْفِ عَنْهُمْ الضُّرّ الَّذِي كَانُوا فِيهِ , وَإِبْدَالِي ذَلِكَ لَهُمْ بِالرَّخَاءِ وَالْخِصْب وَالْعَافِيَة , وَذَلِكَ الرَّخَاء وَالسَّعَة هُوَ الَّذِي آتَاهُمْ تَعَالَى ذِكْره , الَّذِي قَالَ : { بِمَا آتَيْنَاهُمْ } وَقَوْله { فَتَمَتَّعُوا } يَقُول : فَتَمَتَّعُوا أَيّهَا الْقَوْم بِاَلَّذِي آتَيْنَاكُمْ مِنْ الرَّخَاء وَالسَّعَة فِي هَذِهِ الدُّنْيَا { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } إِذَا وَرَدْتُمْ عَلَى رَبّكُمْ مَا تَلْقَوْنَ مِنْ عَذَابه , وَعَظِيم عِقَابه عَلَى كُفْركُمْ بِهِ فِي الدُّنْيَا . وَقَدْ قَرَأَ بَعْضهمْ : " فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ " بِالْيَاءِ , بِمَعْنَى : لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ , فَقَدْ تَمَتَّعُوا عَلَى وَجْه الْخَبَر , فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ .'; $TAFSEER['3']['30']['35'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّم بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُشْرِكُونَ فِي عِبَادَتنَا الْآلِهَة وَالْأَوْثَان , كِتَابًا بِتَصْدِيقِ مَا يَقُولُونَ , وَبِحَقِيقَةِ مَا يَفْعَلُونَ { فَهُوَ يَتَكَلَّم بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ } يَقُول : فَذَلِكَ الْكِتَاب يَنْطِق بِصِحَّةِ شِرْكهمْ ; وَإِنَّمَا يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ : أَنَّهُ لَمْ يُنَزِّل بِمَا يَقُولُونَ وَيَفْعَلُونَ كِتَابًا , وَلَا أَرْسَلَ بِهِ رَسُولًا , وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء اِفْتَعَلُوهُ وَاخْتَلَقُوهُ , اِتِّبَاعًا مِنْهُمْ لِأَهْوَائِهِمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21305 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّم بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ } يَقُول : أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ كِتَابًا فَهُوَ يَنْطِق بِشِرْكِهِمْ .'; $TAFSEER['3']['30']['36'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاس رَحْمَة فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَة بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِذَا أَصَابَ النَّاس مِنَّا خِصْب وَرَخَاء , وَعَافِيَة فِي الْأَبْدَان وَالْأَمْوَال , فَرِحُوا بِذَلِكَ , وَإِنْ تُصِبْهُمْ مِنَّا شِدَّة مِنْ جَدْب وَقَحْط وَبَلَاء فِي الْأَمْوَال وَالْأَبْدَان { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ } يَقُول : بِمَا أَسْلَفُوا مِنْ سَيِّئ الْأَعْمَال بَيْنهمْ وَبَيْن اللَّه , وَرَكِبُوا مِنْ الْمَعَاصِي { إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } يَقُول : إِذَا هُمْ يَيْأَسُونَ مِنْ الْفَرَج ; وَالْقُنُوط : هُوَ الْإِيَاس ; وَمِنْهُ قَوْل حُمَيْد الْأَرْقَط . قَدْ وَجَدُوا الْحَجَّاج غَيْر قَانِط وَقَوْله : { إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } هُوَ جَوَاب الْجَزَاء , لِأَنَّ " إِذَا " نَابَتْ عَنْ الْفِعْل بِدَلَالَتِهَا عَلَيْهِ , فَكَأَنَّهُ قِيلَ : وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَة بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ وَجَدْتهمْ يَقْنَطُونَ , أَوْ تَجِدهُمْ , أَوْ رَأَيْتهمْ , أَوْ تَرَاهُمْ . وَقَدْ كَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَقُول : إِذَا كَانَتْ " إِذَا " جَوَابًا لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَة بِالْكَلَامِ الْأَوَّل بِمَنْزِلَةِ الْفَاء .'; $TAFSEER['3']['30']['37'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّه يَبْسُط الرِّزْق لِمَنْ يَشَاء وَيَقْدِر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَوَلَمْ يَرَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ عِنْد الرَّخَاء يُصِيبهُمْ وَالْخِصْب , وَيَيْأَسُونَ مِنْ الْفَرَج عِنْد شِدَّة تَنَالهُمْ , بِعُيُونِ قُلُوبهمْ , فَيَعْلَمُوا أَنَّ الشِّدَّة وَالرَّخَاء بِيَدِ اللَّه , وَأَنَّ اللَّه يَبْسُط الرِّزْق لِمَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده فَيُوَسِّعهُ عَلَيْهِ , وَيَقْدِر عَلَى مَنْ أَرَادَ فَيُضَيِّقهُ عَلَيْهِ { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } يَقُول : إِنَّ فِي بَسْطه ذَلِكَ عَلَى مَنْ بَسَطَهُ عَلَيْهِ , وَقَدَّرَهُ عَلَى مَنْ قَدَّرَهُ عَلَيْهِ , وَمُخَالَفَته بَيْن مَنْ خَالَفَ بَيْنه مِنْ عِبَاده فِي الْغِنَى وَالْفَقْر , لَدَلَالَة وَاضِحَة لِمَنْ صَدَّقَ حُجَج اللَّه وَأَقَرَّ بِهَا إِذَا عَايَنَهَا وَرَآهَا .'; $TAFSEER['3']['30']['38'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقّه وَالْمِسْكِين وَابْن السَّبِيل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطِ يَا مُحَمَّد ذَا الْقَرَابَة مِنْك حَقّه عَلَيْك مِنْ الصِّلَة وَالْبِرّ وَالْمِسْكِين وَابْن السَّبِيل , مَا فَرَضَ اللَّه لَهُمَا فِي ذَلِكَ , كَمَا : 21306 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا غُنْدَر , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن { فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقّه وَالْمِسْكِين وَابْن السَّبِيل } قَالَ : هُوَ أَنْ تُوفِيَهُمْ حَقّهمْ إِنْ كَانَ عِنْد يُسْر , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدك فَقُلْ لَهُمْ قُولًا مَيْسُورًا , قُلْ لَهُمْ الْخَيْر . وَقَوْله : { ذَلِكَ خَيْر لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْه اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِيتَاء هَؤُلَاءِ حُقُوقهمْ الَّتِي أَلْزَمهَا اللَّه عِبَاده , خَيْر لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ اللَّه بِإِتْيَانِهِمْ ذَلِكَ { وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ } يَقُول : وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ مُبْتَغِيًا وَجْه اللَّه بِهِ , فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُنَجَّحُونَ , الْمُدْرِكُونَ طُلُبَاتهمْ عِنْد اللَّه , الْفَائِزُونَ بِمَا اِبْتَغَوْا وَالْتَمَسُوا بِإِيتَائِهِمْ إِيَّاهُمْ مَا آتَوْا .'; $TAFSEER['3']['30']['39'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يَرْبُو عِنْد اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا أَعْطَيْتُمْ أَيّهَا النَّاس بَعْضكُمْ بَعْضًا مِنْ عَطِيَّة لِتَزْدَادَ فِي أَمْوَال النَّاس بِرُجُوعِ ثَوَابهَا إِلَيْهِ , مِمَّنْ أَعْطَاهُ ذَلِكَ , { فَلَا يَرْبُو عِنْد اللَّه } يَقُول : فَلَا يَزْدَاد ذَلِكَ عِنْد اللَّه , لِأَنَّ صَاحِبه لَمْ يُعْطِهِ مَنْ أَعْطَاهُ مُبْتَغِيًا بِهِ وَجْهه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21307 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يَرْبُو عِنْد اللَّه } قَالَ : هُوَ مَا يُعْطِي النَّاس بَيْنهمْ بَعْضهمْ بَعْضًا , يُعْطِي الرَّجُل الرَّجُل الْعَطِيَّة , يُرِيد أَنْ يُعْطَى أَكْثَر مِنْهَا . 21308 - حَدَّثَنَا اِبْن بِشَارَة , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور بْن صَفِيَّة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر { مَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَال النَّاس } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يُعْطِي الرَّجُل الْعَطِيَّة لِيُثِيبَهُ. * قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , قَالَ ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور بْن صَفِيَّة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , مِثْله . * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور بْن صَفِيَّة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يَرْبُو عِنْد اللَّه } قَالَ : الرَّجُل يُعْطِي لِيُثَابَ عَلَيْهِ . 21309 -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَال النَّاس } قَالَ : الْهَدَايَا . * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : هِيَ الْهَدَايَا . 21310 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَال النَّاس } قَالَ : يُعْطِي مَاله يَبْتَغِي أَفْضَل مِنْهُ . 21311 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ اِبْن أَبِي خَالِد , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : هُوَ الرَّجُل يُهْدِي إِلَى الرَّجُل الْهَدِيَّة , لِيُثِيبَهُ أَفْضَل مِنْهَا. 21312 - قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن حُمَيْد الْمَعْمَرِيّ , عَنْ مَعْمَر , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ : هُوَ الرَّجُل يُعْطِي الْعَطِيَّة وَيُهْدِي الْهَدِيَّة , لِيُثَابَ أَفْضَل مِنْ ذَلِكَ , لَيْسَ فِيهِ أَجْر وَلَا وِزْر . 21313 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يَرْبُو عِنْد اللَّه } قَالَ : مَا أَعْطَيْت مِنْ شَيْء تُرِيد مَثَابَة الدُّنْيَا , وَمُجَازَاة النَّاس ذَاكَ الرِّبَا الَّذِي لَا يَقْبَلهُ اللَّه , وَلَا يَجْزِي بِهِ. 21314 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَال النَّاس } فَهُوَ مَا يَتَعَاطَى النَّاس بَيْنهمْ وَيَتَهَادَوْنَ , يُعْطِي الرَّجُلَ الْعَطِيَّة لِيُصِيبَ مِنْهُ أَفْضَل مِنْهَا , وَهَذَا لِلنَّاسِ عَامَّة . وَأَمَّا قَوْله : { وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِر } 74 6 فَهَذَا لِلنَّبِيِّ خَاصَّة , لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ إِلَّا لِلَّهِ , وَلَمْ يَكُنْ يُعْطِي لِيُعْطَى أَكْثَر مِنْهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا عُنِيَ بِهَذَا : الرَّجُل يُعْطِي مَاله الرَّجُل لِيُعِينَهُ بِنَفْسِهِ , وَيَخْدُمهُ وَيَعُود عَلَيْهِ نَفْعه , لَا لِطَلَبِ أَجْر مِنْ اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21315 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي وَمُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ زَكَرِيَّا عَنْ عَامِر { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَال النَّاس } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَلْزَق بِالرَّجُلِ , فَيَخِفّ لَهُ وَيَخْدُمهُ , وَيُسَافِر مَعَهُ , فَيَحْمِل لَهُ رِبْح بَعْض مَاله لِيَجْزِيَهُ , وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ اِلْتِمَاس عَوْنه , وَلَمْ يُرِدْ وَجْه اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ إِعْطَاء الرَّجُل مَاله لِيُكْثِر بِهِ مَال مَنْ أَعْطَاهُ ذَلِكَ , لَا طَلَب ثَوَاب اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21316 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَال النَّاس } قَالَ : أَلَمْ تَرَ إِلَى الرَّجُل يَقُول لِلرَّجُلِ : لَأَمُولَنك , فَيُعْطِيه , فَهَذَا لَا يَرْبُو عِنْد اللَّه , لِأَنَّهُ يُعْطِيه لِغَيْرِ اللَّه لِيُثْرِيَ مَاله . 21317 - قَالَ ثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد الْآمُلِيّ , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , قَالَ : سَمِعْت إِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ يَقُول فِي قَوْله : { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يَرْبُو عِنْد اللَّه } قَالَ : كَانَ هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّة يُعْطِي أَحَدهمْ ذَا الْقَرَابَة الْمَال يُكَثِّر بِهِ مَاله . وَقَالَ آخَرُونَ : ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة , وَأَمَّا لِغَيْرِهِ فَحَلَال . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21318 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِي رَوَّاد , عَنْ الضَّحَّاك { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يَرْبُو عِنْد اللَّه } هَذَا لِلنَّبِيِّ صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الرِّبَا الْحَلَال . وَإِنَّمَا اِخْتَرْنَا الْقَوْل الَّذِي اِخْتَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَظْهَر مَعَانِيه . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض أَهْل مَكَّة : { لِيَرْبُوَ } بِفَتْحِ الْيَاء مِنْ يَرْبُو , بِمَعْنَى : وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ ذَلِكَ الرِّبَا فِي أَمْوَال النَّاس . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة : " لِتَرْبُوا " بِالتَّاءِ مِنْ تُرْبُوا وَضَمّهَا بِمَعْنَى : وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِتُرْبُوا أَنْتُمْ فِي أَمْوَال النَّاس . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا , أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار مَعَ تَقَارُب مَعْنَيَيْهِمَا , لِأَنَّ أَرْبَاب الْمَال إِذَا أَرْبَوْا رَبَا الْمَال , وَإِذَا رَبَا الْمَال فَبِإِرْبَاءِ أَرْبَابه إِيَّاهُ رَبَا . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب. { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاة } يَقُول : وَمَا أَعْطَيْتُمْ مِنْ صَدَقَة تُرِيدُونَ بِهَا وَجْه اللَّه , { فَأُولَئِكَ } يَعْنِي الَّذِينَ يَتَصَدَّقُونَ بِأَمْوَالِهِمْ مُلْتَمِسِينَ بِذَلِكَ وَجْه اللَّه { هُمْ الْمُضْعِفُونَ } يَقُول : هُمْ الَّذِينَ لَهُمْ الضِّعْف مِنْ الْأَجْر وَالثَّوَاب , مِنْ قَوْل الْعَرَب : أَصْبَحَ الْقَوْم مُسْمِنِينَ مُعْطِشِينَ , إِذَا سَمِنَتْ إِبِلهمْ وَعَطِشَتْ. وَأَمَّا قَوْله : { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاة تُرِيدُونَ وَجْه اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُضْعِفُونَ } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل قَالُوا فِي تَأْوِيله نَحْو الَّذِي قُلْنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21319 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاة تُرِيدُونَ وَجْه اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُضْعِفُونَ } قَالَ : هَذَا الَّذِي يَقْبَلهُ اللَّه وَيُضَعِّفهُ لَهُمْ عَشْر أَمْثَالهَا , وَأَكْثَر مِنْ ذَلِكَ . 21320 - حَدَّثَنَا عَنْ عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يَرْبُو عِنْد اللَّه } قَالَ : هِيَ الْهِبَة , يَهَب الشَّيْء يُرِيد أَنْ يُثَاب عَلَيْهِ أَفْضَل مِنْهُ , فَذَلِكَ الَّذِي لَا يَرْبُو عِنْد اللَّه , لَا يُؤْجَر فِيهِ صَاحِبه , وَلَا إِثْم عَلَيْهِ { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاة } قَالَ : هِيَ الصَّدَقَة تُرِيدُونَ وَجْه اللَّه { فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُضْعِفُونَ } 21321 - قَالَ مَعْمَر , قَالَ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْل ذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['30']['40'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ , مُعَرِّفهمْ قُبْح فِعْلهمْ , وَخُبْث صَنِيعهمْ : اللَّه أَيّهَا الْقَوْم الَّذِي لَا تَصْلُح الْعِبَادَة إِلَّا لَهُ , وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُون لِغَيْرِهِ , هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا , ثُمَّ رَزَقَكُمْ وَخَوَّلَكُمْ , وَلَمْ تَكُونُوا تَمْلِكُونَ قَبْل ذَلِكَ , ثُمَّ هُوَ يُمِيتكُمْ مِنْ بَعْد أَنْ خَلَقَكُمْ أَحْيَاء , ثُمَّ يُحْيِيكُمْ مِنْ بَعْد مَمَاتكُمْ لِبَعْثِ الْقِيَامَة , كَمَا : 21322 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { اللَّه الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } لِلْبَعْثِ بَعْد الْمَوْت. وَقَوْله : { هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَل مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْء } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَلْ مِنْ آلِهَتكُمْ وَأَوْثَانكُمْ الَّتِي تَجْعَلُونَهُمْ لِلَّهِ فِي عِبَادَتكُمْ إِيَّاهُ شُرَكَاء مَنْ يَفْعَل مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْء , فَيَخْلُق أَوْ يَرْزُق , أَوْ يُمِيت , أَوْ يَنْشُر ! ; وَهَذَا مِنْ اللَّه تَقْرِيع لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ . وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام أَنَّ شُرَكَاءَهُمْ لَا تَفْعَل شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ , فَكَيْفَ لِعَبْدٍ مِنْ دُون اللَّه مَنْ لَا يَفْعَل شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ؟ ! ثُمَّ بَرَّأَ نَفْسه تَعَالَى ذِكْره عَنْ الْفِرْيَة الَّتِي اِفْتَرَاهَا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِ بِزَعْمِهِمْ أَنَّ آلِهَتهمْ لَهُ شُرَكَاء , فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { سُبْحَانه } أَيْ تَنْزِيهًا لِلَّهِ وَتَبْرِئَة { وَتَعَالَى } يَقُول : وَعُلُوًّا لَهُ { عَمَّا يُشْرِكُونَ } يَقُول : عَنْ شِرْك هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21323 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَل مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْء } لَا وَاَللَّه { سُبْحَانه وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } يُسَبِّح نَفْسه إِذْ قِيلَ عَلَيْهِ الْبُهْتَان .'; $TAFSEER['3']['30']['41'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ظَهَرَ الْفَسَاد فِي الْبَرّ وَالْبَحْر بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاس } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ظَهَرَتْ الْمَعَاصِي فِي بَرّ الْأَرْض وَبَحْرهَا بِكَسْبِ أَيْدِي النَّاس مَا نَهَاهُمْ اللَّه عَنْهُ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمُرَاد مِنْ قَوْله : { ظَهَرَ الْفَسَاد فِي الْبَرّ وَالْبَحْر } فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِالْبَرِّ : الْفَلَوَات , وَبِالْبَحْرِ : الْأَمْصَار وَالْقُرَى الَّتِي عَلَى الْمِيَاه وَالْأَنْهَار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21324 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب قَالَ : ثَنَا عَثَّام , قَالَ : ثَنَا النَّضْر بْن عَرَبِيّ , عَنْ مُجَاهِد { وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْض لِيُفْسِد فِيهَا } 2 205 الْآيَة , قَالَ : إِذَا وُلِّيَ سَعَى بِالتَّعَدِّي وَالظُّلْم , فَيَحْبِس اللَّه الْقَطْر , ف { يُهْلِك الْحَرْث وَالنَّسْل وَاَللَّه لَا يُحِبّ الْفَسَاد } 2 205 قَالَ : ثُمَّ قَرَأَ مُجَاهِد : { ظَهَرَ الْفَسَاد فِي الْبَرّ وَالْبَحْر } الْآيَة ; قَالَ : ثُمَّ قَالَ : أَمَا وَاَللَّه مَا هُوَ بَحْركُمْ هَذَا , وَلَكِنْ كُلّ قَرْيَة عَلَى مَاء جَارٍ فَهُوَ بَحْر . 21325 -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ النَّضْر بْن عَرَبِيّ , عَنْ عِكْرِمَة { ظَهَرَ الْفَسَاد فِي الْبَرّ وَالْبَحْر } قَالَ : أَمَا إِنِّي لَا أَقُول بَحْركُمْ هَذَا , وَلَكِنْ كُلّ قَرْيَة عَلَى مَاء جَارٍ. 21326 - قَالَ : ثَنَا يَزِيد بْن هَارُون , عَنْ عَمْرو بْن فَرُّوخ , عَنْ حَبِيب بْن الزُّبَيْر , عَنْ عِكْرِمَة { ظَهَرَ الْفَسَاد فِي الْبَرّ وَالْبَحْر } قَالَ : إِنَّ الْعَرَب تُسَمِّي الْأَمْصَار بَحْرًا . 21327 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { ظَهَرَ الْفَسَاد فِي الْبَرّ وَالْبَحْر بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاس } قَالَ : هَذَا قَبْل أَنْ يَبْعَث اللَّه نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , اِمْتَلَأَتْ ضَلَالَة وَظُلْمًا , فَلَمَّا بَعَثَ اللَّه نَبِيّه , رَجَعَ رَاجِعُونَ مِنْ النَّاس . قَوْله : { ظَهَرَ الْفَسَاد فِي الْبَرّ وَالْبَحْر } أَمَّا الْبَرّ فَأَهْل الْعَمُود , وَأَمَّا الْبَحْر فَأَهْل الْقُرَى وَالرِّيف . 21328 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { ظَهَرَ الْفَسَاد فِي الْبَرّ وَالْبَحْر } قَالَ : الذُّنُوب , وَقَرَأَ { لِيُذِيقَهُمْ بَعْض الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } 21329 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثَنَا قُرَّة , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله { ظَهَرَ الْفَسَاد فِي الْبَرّ وَالْبَحْر بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاس } قَالَ : أَفْسَدَهُمْ اللَّه بِذُنُوبِهِمْ , فِي بَحْر الْأَرْض وَبَرّهَا , بِأَعْمَالِهِمْ الْخَبِيثَة. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِالْبَرِّ : ظَهْر الْأَرْض , الْأَمْصَار وَغَيْرهَا , وَبِالْبَحْرِ الْبَحْر الْمَعْرُوف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21330 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد { ظَهَرَ الْفَسَاد فِي الْبَرّ وَالْبَحْر } : قَالَ : فِي الْبَرّ : اِبْن آدَم الَّذِي قَتَلَ أَخَاهُ , وَفِي الْبَحْر : الَّذِي كَانَ يَأْخُذ كُلّ سَفِينَة غَصْبًا . 21331 -حَدَّثني يَعْقُوب , قَالَ : قَالَ أَبُو بِشْر : يَعْنِي اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : سَمِعْت اِبْن أَبِي نَجِيح , يَقُول فِي قَوْله { ظَهَرَ الْفَسَاد فِي الْبَرّ وَالْبَحْر بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاس } قَالَ : بِقَتْلِ اِبْن آدَم , وَاَلَّذِي كَانَ يَأْخُذ كُلّ سَفِينَة غَصْبًا. 21332 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَزِيد بْن هَارُون , عَنْ فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة { ظَهَرَ الْفَسَاد فِي الْبَرّ وَالْبَحْر } قَالَ : قُلْت : هَذَا الْبَرّ وَالْبَحْر أَيّ فَسَاد فِيهِ ؟ قَالَ : فَقَالَ : إِذَا قَلَّ الْمَطَر , قَلَّ الْغَوْص . - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { ظَهَرَ الْفَسَاد فِي الْبَرّ } قَالَ : قَتَلَ اِبْن آدَم أَخَاهُ , وَالْبَحْر : قَالَ : أَخَذَ الْمَلِك السُّفُن غَصْبًا . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ : أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره , أَخْبَرَ أَنَّ الْفَسَاد قَدْ ظَهَرَ فِي الْبَرّ وَالْبَحْر عِنْد الْعَرَب فِي الْأَرْض الْقِفَار , وَالْبَحْر بَحْرَانِ : بَحْر مِلْح , وَبَحْر عَذْب , فَهُمَا جَمِيعًا عِنْدهمْ بَحْر , وَلَمْ يُخَصِّص جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْخَبَر عَنْ ظُهُور ذَلِكَ فِي بَحْر دُون بَحْر , فَذَلِكَ عَلَى مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اِسْم بَحْر , عَذْبًا كَانَ أَوْ مِلْحًا . إِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , دَخَلَ الْقُرَى الَّتِي عَلَى الْأَنْهَار وَالْبِحَار . فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَنْ إِذْ كَانَ الْأَمْر كَمَا وَصَفْت , ظَهَرَتْ مَعَاصِي اللَّه فِي كُلّ مَكَان , مِنْ بَرّ وَبَحْر { بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاس } : أَيْ بِذُنُوبِ النَّاس , وَانْتَشَرَ الظُّلْم فِيهِمَا. وَقَوْله : { لِيُذِيقَهُمْ بَعْض الَّذِي عَمِلُوا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لِيُصِيبَهُمْ بِعُقُوبَةِ بَعْض أَعْمَالهمْ الَّتِي عَمِلُوا , وَمَعْصِيَتهمْ الَّتِي عَصَوْا { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } يَقُول : كَيْ يُنِيبُوا إِلَى الْحَقّ , وَيَرْجِعُوا إِلَى التَّوْبَة , وَيَتْرُكُوا مَعَاصِي اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21333 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الْحَسَن { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } قَالَ : يَتُوبُونَ. 21334 - قَالَ : ثَنَا اِبْن مَهْدِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } يَوْم بَدْر , لَعَلَّهُمْ يَتُوبُونَ . 21335 - قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ زَائِدَة , عَنْ مَنْصُور عَنْ إِبْرَاهِيم { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } قَالَ : إِلَى الْحَقّ . 21336 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { لِيُذِيقَهُمْ بَعْض الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } : لَعَلَّ رَاجِعًا أَنْ يَرْجِع , لَعَلَّ تَائِبًا أَنْ يَتُوب , لَعَلَّ مُسْتَعْتِبًا أَنْ يَسْتَعْتِب . 21337 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثَنَا قُرَّة , عَنْ الْحَسَن , { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } قَالَ : يَرْجِع مَنْ بَعْدهمْ . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { لِيُذِيقَهُمْ } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار { لِيُذِيقَهُمْ } بِالْيَاءِ , بِمَعْنَى : لِيُذِيقَهُمْ اللَّه بَعْض الَّذِي عَمِلُوا , وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ قَرَأَ ذَلِكَ بِالنُّونِ عَلَى وَجْه الْخَبَر مِنْ اللَّه عَنْ نَفْسه بِذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['30']['42'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْض فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذِينَ مِنْ قَبْل كَانَ أَكْثَرهمْ مُشْرِكِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ مِنْ قَوْمك : سِيرُوا فِي الْبِلَاد , فَانْظُرُوا إِلَى مَسَاكِن الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ مِنْ قَبْلكُمْ , وَكَذَّبُوا رُسُله , كَيْفَ كَانَ آخِر أَمْرهمْ , وَعَاقِبَة تَكْذِيبهمْ رُسُل اللَّه وَكُفْرهمْ ! أَلَمْ نُهْلِكهُمْ بِعَذَابٍ مِنَّا , وَنَجْعَلهُمْ عِبْرَة لِمَنْ بَعْدهمْ ؟ { كَانَ أَكْثَرهمْ مُشْرِكِينَ } يَقُول : فَعَلْنَا ذَلِكَ بِهِمْ , لِأَنَّ أَكْثَرهمْ كَانُوا مُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ مِثْلهمْ .'; $TAFSEER['3']['30']['43'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَقِمْ وَجْهك لِلدِّينِ الْقَيِّم مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيَ يَوْم لَا مَرَدّ لَهُ مِنْ اللَّه يَوْمئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَوَجِّهْ وَجْهك يَا مُحَمَّد نَحْو الْوَجْه الَّذِي وَجَّهَك إِلَيْهِ رَبّك { لِلدِّينِ الْقَيِّم } لِطَاعَةِ رَبّك , وَالْمِلَّة الْمُسْتَقِيمَة الَّتِي لَا اِعْوِجَاج فِيهَا عَنْ الْحَقّ { مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيَ يَوْم لَا مَرَدّ لَهُ مِنْ اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مِنْ قَبْل مَجِيء يَوْم مِنْ أَيَّام اللَّه لَا مَرَدّ لَهُ لِمَجِيئِهِ , لِأَنَّ اللَّه قَدْ قَضَى بِمَجِيئِهِ فَهُوَ لَا مَحَالَة جَاءَ { يَوْمئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } يَقُول : يَوْم يَجِيء ذَلِكَ الْيَوْم يَصَّدَّع النَّاس , يَقُول : يَتَفَرَّق النَّاس فِرْقَتَيْنِ ; مِنْ قَوْلهمْ : صَدَعْت الْغَنَم صَدْعَتَيْنِ : إِذَا فَرَّقْتهَا فِرْقَتَيْنِ : فَرِيق فِي الْجَنَّة , وَفَرِيق فِي السَّعِير . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21338 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَأَقِمْ وَجْهك لِلدِّينِ الْقَيِّم } الْإِسْلَام { مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيَ يَوْم لَا مَرَدّ لَهُ مِنْ اللَّه يَوْمئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } فَرِيق فِي الْجَنَّة , وَفَرِيق فِي السَّعِير . 21339 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { يَوْمئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } يَقُول : يَتَفَرَّقُونَ . 21340 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { يَصَّدَّعُونَ } قَالَ : يَتَفَرَّقُونَ إِلَى الْجَنَّة , وَإِلَى النَّار.'; $TAFSEER['3']['30']['44'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْره وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ فَعَلَيْهِ أَوْزَار كُفْره , وَآثَام جُحُوده نِعَم رَبّه , { وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا } يَقُول : وَمَنْ أَطَاعَ اللَّه , فَعَمِلَ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ فِي الدُّنْيَا , وَانْتَهَى عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ فِيهَا { فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } يَقُول : فَلِأَنْفُسِهِمْ يَسْتَعِدُّونَ , وَيُسَوُّونَ الْمَضْجَع لِيَسْلَمُوا مِنْ عِقَاب رَبّهمْ , وَيَنْجُوا مِنْ عَذَابه , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : اِمْهَدْ لِنَفْسِك حَانَ السُّقْم وَالتَّلَفُ وَلَا تُضِيعَن نَفْسًا مَا لَهَا خَلَفُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21341 - حَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } قَالَ : يُسَوُّونَ الْمَضَاجِع . 21342 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى وَالْحُسَيْن بْن يَزِيد الطَّحَّان وَابْن وَكِيع وَأَبُو عَبْد الرَّحْمَن الْعَلَائِيّ , قَالُوا : ثَنَا يَحْيَى بْن سُلَيْم , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } قَالَ : فِي الْقَبْر . * حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد الْجَوْهَرِيّ , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن سُلَيْم , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } قَالَ : لِلْقَبْرِ . - حَدَّثَنَا نَصْر بْن عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن سُلَيْم , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي نَجِيح , قَالَ : سَمِعْت مُجَاهِدًا يَقُول : فِي قَوْله { فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } قَالَ : فِي الْقَبْر .'; $TAFSEER['3']['30']['45'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات مِنْ فَضْله } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { يَوْمئِذٍ يَصَّدَّعُونَ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا } بِاَللَّهِ وَرَسُوله { وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } يَقُول : وَعَمِلُوا بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّه { مِنْ فَضْله } الَّذِي وَعَدَ مَنْ أَطَاعَهُ فِي الدُّنْيَا أَنْ يَجْزِيَهُ يَوْم الْقِيَامَة { إِنَّهُ لَا يُحِبّ الْكَافِرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّمَا خَصَّ بِجَزَائِهِ مِنْ فَضْله الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات دُون مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ , إِنَّهُ لَا يُحِبّ أَهْل الْكُفْر بِهِ . وَاسْتَأْنَفَ الْخَبَر بِقَوْلِهِ { إِنَّهُ لَا يُحِبّ الْكَافِرِينَ } وَفِيهِ الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْت .'; $TAFSEER['3']['30']['46'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْ آيَاته أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاح مُبَشِّرَات وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَته وَلِتَجْرِيَ الْفُلْك بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْله وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنْ أَدِلَّته عَلَى وَحْدَانِيّته وَحُجَجه عَلَيْكُمْ عَلَى أَنَّهُ إِلَه كُلّ شَيْء { أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاح مُبَشِّرَات } بِالْغَيْثِ وَالرَّحْمَة { وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَته } يَقُول : وَلِيُنْزِل عَلَيْكُمْ مِنْ رَحْمَته , وَهِيَ الْغَيْث الَّذِي يُحْيِي بِهِ الْبِلَاد , وَلِتَجْرِيَ السُّفُن فِي الْبِحَار بِهَا بِأَمْرِهِ إِيَّاهَا { وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْله } يَقُول : وَلِتَلْتَمِسُوا مِنْ أَرْزَاقه وَمَعَايِشكُمْ الَّتِي قَسَمَهَا بَيْنكُمْ { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } يَقُول : وَلِتَشْكُرُوا رَبّكُمْ عَلَى ذَلِكَ أَرْسَلَ هَذِهِ الرِّيَاح مُبَشِّرَات . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21343 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { الرِّيَاح مُبَشِّرَات } قَالَ : بِالْمَطَرِ . وَقَالُوا فِي قَوْله : { وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَته } مِثْل الَّذِي قُلْنَا فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21344 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَته } قَالَ : الْمَطَر . 21345 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَته } : الْمَطَر.'; $TAFSEER['3']['30']['47'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك رُسُلًا إِلَى قَوْمهمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنْ الَّذِينَ أَجْرَمُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُسَلِّيًا نَبِيّه صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَلْقَى مِنْ قَوْمه مِنْ الْأَذَى فِيهِ بِمَا لَقِيَ مِنْ قَبْله مِنْ رُسُله مِنْ قَوْمهمْ , وَمُعَلِّمه سُنَّته فِيهِمْ وَفِي قَوْمهمْ , وَأَنَّهُ سَالِك بِهِ وَبِقَوْمِهِ سُنَّته فِيهِمْ , وَفِي أُمَمهمْ : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا يَا مُحَمَّد مِنْ قَبْلك رُسُلًا إِلَى قَوْمهمْ الْكَفَرَة , كَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَى قَوْمك الْعَابِدِي الْأَوْثَان مِنْ دُون اللَّه { فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ } يَعْنِي : بِالْوَاضِحَاتِ مِنْ الْحُجَج عَلَى صِدْقهمْ وَأَنَّهُمْ لِلَّهِ رُسُل كَمَا جِئْت أَنْتَ قَوْمك بِالْبَيِّنَاتِ فَكَذَّبُوهُمْ كَمَا كَذَّبَك قَوْمك , وَرَدُّوا عَلَيْهِمْ مَا جَاءُوهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , كَمَا رَدُّوا عَلَيْك مَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك { فَانْتَقَمْنَا مِنْ الَّذِينَ أَجْرَمُوا } يَقُول : فَانْتَقَمْنَا مِنْ الَّذِينَ أَجْرَمُوا الْآثَام , وَاكْتَسَبُوا السَّيِّئَات مِنْ قَوْمهمْ , وَنَحْنُ فَاعِلُو ذَلِكَ كَذَلِكَ بِمُجْرِمِي قَوْمك { وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْر الْمُؤْمِنِينَ } يَقُول : وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَصَدَّقُوا رُسُله , إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسنَا , وَكَذَلِكَ نَفْعَل بِك وَبِمَنْ آمَنَ بِك مِنْ قَوْمك { وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْر الْمُؤْمِنِينَ } عَلَى الْكَافِرِينَ , وَنَحْنُ نَاصِرُوك وَمَنْ آمَنَ بِك عَلَى مَنْ كَفَرَ بِك , وَمُظْفِرُوك بِهِمْ .'; $TAFSEER['3']['30']['48'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاح فَتُثِير سَحَابًا فَيَبْسُطهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْق يَخْرُج مِنْ خِلَاله } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه يُرْسِل الرِّيَاح فَتُثِير سَحَابًا , يَقُول : فَتُنْشِئ الرِّيَاح سَحَابًا , وَهِيَ جَمْع سَحَابَة , { فَيَبْسُطهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء } يَقُول : فَيَنْشُرهُ اللَّه , وَيَجْمَعهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء , وَقَالَ : فَيَبْسُطهُ , فَوَحَّدَ الْهَاء , وَأَخْرَجَ مَخْرَج كِنَايَة الْمُذَكَّر , وَالسَّحَاب جَمْع كَمَا وَصَفْت رَدًّا عَلَى لَفْظ السَّحَاب , لَا عَلَى مَعْنَاهُ , كَمَا يُقَال : هَذَا تَمْر جَيِّد. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله { فَيَبْسُطهُ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21346 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَيَبْسُطهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء } وَيَجْمَعهُ . وَقَوْله : { وَيَجْعَلهُ كِسَفًا } : يَقُول : وَيَجْعَل السَّحَاب قِطَعًا . مُتَفَرِّقَة , كَمَا : 21347 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَيَجْعَلهُ كِسَفًا } : أَيْ قِطَعًا . وَقَوْله { فَتَرَى الْوَدْق } يَعْنِي : الْمَطَر { يَخْرُج مِنْ خِلَاله } يَعْنِي : مِنْ بَيْن السَّحَاب . كَمَا : 21348 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَتَرَى الْوَدْق يَخْرُج مِنْ خِلَاله } 21349 -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ قَطَن , عَنْ حَبِيب , عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر { يُرْسِل الرِّيَاح فَتُثِير سَحَابًا } قَالَ : الرِّيَاح أَرْبَع : يَبْعَث اللَّه رِيحًا فَتَقُمّ الْأَرْض قَمًّا , ثُمَّ يَبْعَث اللَّه الرِّيح الثَّانِيَة فَتُثِير سَحَابًا , فَيَجْعَلهُ فِي السَّمَاء كِسَفًا , ثُمَّ يَبْعَث اللَّه الرِّيح الثَّالِثَة , فَتُؤَلِّف بَيْنه فَيَحْمِلهُ رُكَامًا , ثُمَّ يَبْعَث الرِّيح الرَّابِعَة فَتُمْطِر. 21350 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { فَتَرَى الْوَدْق } قَالَ : الْقَطْر . وَقَوْله : { فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } يَقُول : فَإِذَا صُرِفَ ذَلِكَ الْوَدْق إِلَى أَرْض مَنْ أَرَادَ صَرْفه إِلَى أَرْضه مِنْ خَلْقه رَأَيْتهمْ يَسْتَبْشِرُونَ بِأَنَّهُ صُرِفَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ وَيَفْرَحُونَ .'; $TAFSEER['3']['30']['49'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْل أَنْ يُنَزَّل عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْله لَمُبْلِسِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَصَابَهُمْ اللَّه بِهَذَا الْغَيْث مِنْ عِبَاده مِنْ قَبْل أَنْ يُنَزَّل عَلَيْهِمْ هَذَا الْغَيْث مِنْ قَبْل هَذَا الْغَيْث لَمُبْلِسِينَ , يَقُول : لَمُكْتَئِبِينَ حَزِنِينَ بِاحْتِبَاسِهِ عَنْهُمْ , كَمَا : 21351 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْل أَنْ يُنَزَّل عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْله لَمُبْلِسِينَ } : أَيْ قَانِطِينَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه تَكْرِير " مِنْ قَبْله " , وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْل ذَلِكَ قَوْله : { مِنْ قَبْل أَنْ يُنَزَّل عَلَيْهِمْ } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة رُدَّ مِنْ قَبْله عَلَى التَّوْكِيد نَحْو قَوْله : { فَسَجَدَ الْمَلَائِكَة كُلّهمْ أَجْمَعُونَ } 15 30 وَقَالَ غَيْر : لَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , لِأَنَّ مَعَ { مِنْ قَبْل أَنْ يُنَزَّل عَلَيْهِمْ } حَرْفًا لَيْسَ مَعَ الثَّانِيَة , قَالَ : فَكَأَنَّهُ قَالَ : مِنْ قَبْل التَّنْزِيل مِنْ قَبْل الْمَطَر فَقَدْ اِخْتَلَفَتَا , وَأَمَّا { كُلّهمْ أَجْمَعُونَ } وَكَّدَ بِأَجْمَعِينَ لِأَنَّ كُلًّا يَكُون اِسْمًا وَيَكُون تَوْكِيدًا , وَهُوَ قَوْله أَجْمَعُونَ . وَالْقَوْل عِنْدِي فِي قَوْله : { مِنْ قَبْله } عَلَى وَجْه التَّوْكِيد .'; $TAFSEER['3']['30']['50'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَانْظُرْ إِلَى آثَار رَحْمَة اللَّه كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْض بَعْد مَوْتهَا } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قَوْله : { فَانْظُرْ إِلَى آثَار رَحْمَة اللَّه } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : " إِلَى أَثَر رَحْمَة اللَّه " عَلَى التَّوْحِيد , بِمَعْنَى : فَانْظُرْ يَا مُحَمَّد إِلَى أَثَر الْغَيْث الَّذِي أَصَابَ اللَّه بِهِ مَنْ أَصَابَ مِنْ عِبَاده , كَيْفَ يُحْيِي ذَلِكَ الْغَيْث الْأَرْض مِنْ بَعْد مَوْتهَا . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : { فَانْظُرْ إِلَى آثَار رَحْمَة اللَّه } عَلَى الْجَمَّاع , بِمَعْنَى : فَانْظُرْ إِلَى آثَار الْغَيْث الَّذِي أَصَابَ اللَّه بِهِ مَنْ أَصَابَ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْض بَعْد مَوْتهَا. وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه إِذَا أَحْيَا الْأَرْض بِغَيْثٍ أَنْزَلَهُ عَلَيْهَا , فَإِنَّ الْغَيْث أَحْيَاهَا بِإِحْيَاءِ اللَّه إِيَّاهَا بِهِ , وَإِذَا أَحْيَاهَا الْغَيْث , فَإِنَّ اللَّه هُوَ الْمُحْيِي بِهِ , فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَنْ : فَانْظُرْ يَا مُحَمَّد إِلَى آثَار الْغَيْث الَّذِي يُنَزِّل اللَّه مِنْ السَّحَاب , كَيْفَ يُحْيِي بِهَا الْأَرْض الْمَيِّتَة , فَيُنْبِتهَا وَيُعْشِبهَا مِنْ بَعْد مَوْتهَا وَدُثُورهَا . { إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى } يَقُول جَلَّ ذِكْره : إِنَّ الَّذِي يُحْيِي هَذِهِ الْأَرْض بَعْد مَوْتهَا بِهَذَا الْغَيْث , لَمُحْيِي الْمَوْتَى مِنْ بَعْد مَوْتهمْ , وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء مَعَ قُدْرَته عَلَى إِحْيَاء الْمَوْتَى قَدِير , لَا يَعِزّ عَلَيْهِ شَيْء أَرَادَهُ , وَلَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ فِعْل شَيْء شَاءَهُ سُبْحَانه .'; $TAFSEER['3']['30']['51'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْده يَكْفُرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا مُفْسِدَة مَا أَنْبَتَهُ الْغَيْث الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاء , فَرَأَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَصَابَهُمْ اللَّه بِذَلِكَ الْغَيْث الَّذِي حَيِيَتْ بِهِ أَرَضُوهُمْ , وَأَعْشَبَتْ وَنَبَتَتْ بِهِ زُرُوعهمْ , مَا أَنْبَتَتْهُ أَرَضُوهُمْ بِذَلِكَ الْغَيْث مِنْ الزَّرْع مُصْفَرًّا , قَدْ فَسَدَ بِتِلْكَ الرِّيح الَّتِي أَرْسَلْنَاهَا , فَصَارَ مِنْ بَعْد خُضْرَته مُصْفَرًّا , لَظَلُّوا مِنْ بَعْد اِسْتِبْشَارهمْ وَفَرْحَتهمْ بِهِ يَكْفُرُونَ بِرَبِّهِمْ .'; $TAFSEER['3']['30']['52'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنَّك لَا تُسْمِع الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِ الصُّمّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { فَإِنَّك } يَا مُحَمَّد { لَا تُسْمِع الْمَوْتَى } يَقُول : لَا تَجْعَل لَهُمْ أَسْمَاعًا يَفْهَمُونَ بِهَا عَنْك مَا تَقُول لَهُمْ , وَإِنَّمَا هَذَا مَثَل مَعْنَاهُ : فَإِنَّك لَا تَقْدِر أَنْ تَفْهَم هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَدْ خَتَمَ اللَّه عَلَى أَسْمَاعهمْ , فَسَلَبَهُمْ فَهْم مَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ مِنْ مَوَاعِظ تَنْزِيله , كَمَا لَا تَقْدِر أَنْ تُفْهِم الْمَوْتَى الَّذِينَ قَدْ سَلَبَهُمْ اللَّه أَسْمَاعهمْ , بِأَنْ تَجْعَل لَهُمْ أَسْمَاعًا . وَقَوْله : { لَا تُسْمِع الصُّمّ الدُّعَاء } يَقُول : وَكَمَا لَا تَقْدِر أَنْ تُسْمِع الصُّمّ الَّذِينَ قَدْ سُلِبُوا السَّمْع الدُّعَاء , إِذَا هُمْ وَلَّوْا عَنْك مُدْبِرِينَ , كَذَلِكَ لَا تَقْدِر أَنْ تُوَفِّق هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَدْ سَلَبَهُمْ اللَّه فَهُمْ آيَات كِتَابه , لِسَمَاعِ ذَلِكَ وَفَهْمه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21352 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَإِنَّك لَا تُسْمِع الْمَوْتَى } : هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لِلْكَافِرِ ; فَكَمَا لَا يَسْمَع الْمَيِّت الدُّعَاء , كَذَلِكَ لَا يَسْمَع الْكَافِر . { لَا تُسْمِع الصُّمّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ } يَقُول : لَوْ أَنَّ أَصَمّ وَلَّى مُدْبِرًا ثُمَّ نَادَيْته لَمْ يَسْمَع , كَذَلِكَ الْكَافِر لَا يَسْمَع وَلَا يَنْتَفِع بِمَا يَسْمَع .'; $TAFSEER['3']['30']['53'] = 'وَقَوْله : { وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْي عَنْ ضَلَالَتهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا أَنْتَ يَا مُحَمَّد بِمُسَدِّدٍ مَنْ أَعْمَاهُ اللَّه عَنْ الِاسْتِقَامَة , وَمَحَجَّة الْحَقّ , فَلَمْ يُوَفِّقهُ لِإِصَابَةِ الرُّشْد , فَصَارَفَهُ عَنْ ضَلَالَته الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا , وَرُكُوبه الْجَائِر مِنْ الطُّرُق , إِلَى سَبِيل الرَّشَاد , يَقُول : لَيْسَ ذَلِكَ بِيَدِك وَلَا إِلَيْك , وَلَا يَقْدِر عَلَى ذَلِكَ أَحَد غَيْرِي , لِأَنِّي الْقَادِر عَلَى كُلّ شَيْء . وَقِيلَ : بِهَادِي الْعُمْي عَنْ ضَلَالَتهمْ , وَلَمْ يَقُلْ : مِنْ ضَلَالَتهمْ . لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام مَا وَصَفْت , مِنْ أَنَّهُ : وَمَا أَنْتَ بِصَارِفِهِمْ عَنْهُ , فَحُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى . وَلَوْ قِيلَ : مِنْ ضَلَالَتهمْ كَانَ صَوَابًا . وَكَانَ مَعْنَاهُ : مَا أَنْتَ بِمَانِعِهِمْ مِنْ ضَلَالَتهمْ . وَقَوْله : { إِنْ تُسْمِع إِلَّا مَنْ يُؤْمِن بِآيَاتِنَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ : مَا تَسْمَع السَّمَاع الَّذِي يَنْتَفِع بِهِ سَامِعه فَيَعْقِلهُ , إِلَّا مَنْ يُؤْمِن بِآيَاتِنَا , لِأَنَّ الَّذِي يُؤْمِن بِآيَاتِنَا إِذَا سَمِعَ كِتَاب اللَّه تَدَبَّرَهُ وَفَهِمَهُ وَعَقَلَهُ , وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ , وَانْتَهَى إِلَى حُدُود اللَّه , الَّذِي حَدَّ فِيهِ , فَهُوَ الَّذِي يَسْمَع السَّمَاع النَّافِع . وَقَوْله : { فَهُمْ مُسْلِمُونَ } يَقُول : فَهُمْ خَاضِعُونَ لِلَّهِ بِطَاعَتِهِ , مُتَذَلِّلُونَ لِمَوَاعِظ كِتَابه .'; $TAFSEER['3']['30']['54'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْف ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْد ضَعْف قُوَّة ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْد قُوَّة ضَعْفًا وَشَيْبَة يَخْلُق مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيم الْقَدِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْش , مُحْتَجًّا عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ الْقَادِر عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى مَا يَشَاء : { اللَّه الَّذِي خَلَقَكُمْ } أَيّهَا النَّاس { مِنْ ضَعْف } يَقُول : مِنْ نُطْفَة وَمَاء مَهِين , فَأَنْشَأَكُمْ بَشَرًا سَوِيًّا { ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْد ضَعْف قُوَّة } يَقُول : ثُمَّ جَعَلَ لَكُمْ قُوَّة عَلَى التَّصَرُّف , مِنْ بَعْد خَلْقه إِيَّاكُمْ مِنْ ضَعْف , وَمِنْ بَعْد ضَعْفكُمْ , بِالصِّغَرِ وَالطُّفُولَة { ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْد قُوَّة ضَعْفًا وَشَيْبَة } يَقُول : ثُمَّ أَحْدَثَ لَكُمْ الضَّعْف بِالْهَرَمِ وَالْكِبَر عَمَّا كُنْتُمْ عَلَيْهِ أَقْوِيَاء فِي شَبَابكُمْ وَشَيْبَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21353 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْف } أَيْ مِنْ نُطْفَة { ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْد ضَعْف قُوَّة , ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْد قُوَّة ضَعْفًا } الْهَرَم { وَشَيْبَة } الشَّمَط . وَقَوْله : { يَخْلُق مَا يَشَاء } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَخْلُق مَا يَشَاء مِنْ ضَعْف وَقُوَّة وَشَبَاب وَشَيْب { وَهُوَ الْعَلِيم } بِتَدْبِيرِ خَلْقه { الْقَدِير } عَلَى مَا يَشَاء , لَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ شَيْء أَرَادَهُ , فَكَمَا فَعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاء , فَكَذَلِكَ يُمِيت خَلْقه وَيُحْيِيهِمْ إِذَا شَاءَ . يَقُول : وَاعْلَمُوا أَنَّ الَّذِي فَعَلَ هَذِهِ الْأَفْعَال بِقُدْرَتِهِ يُحْيِي الْمَوْتَى إِذَا شَاءَ .'; $TAFSEER['3']['30']['55'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْم تَقُوم السَّاعَة يُقْسِم الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْر سَاعَة كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَوْم تَجِيء سَاعَة الْبَعْث , فَيَبْعَث الْخَلْق مِنْ قُبُورهمْ , يُقْسِم الْمُجْرِمُونَ , وَهُمْ الَّذِينَ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِاَللَّهِ فِي الدُّنْيَا , وَيَكْتَسِبُونَ فِيهِ الْآثَام , وَإِقْسَامهمْ : حَلِفهمْ بِاَللَّهِ . { مَا لَبِثُوا غَيْر سَاعَة } : يَقُول : يُقْسِمُونَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْبَثُوا فِي قُبُورهمْ غَيْر سَاعَة وَاحِدَة. يَقُول اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : كَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا كَانُوا يُؤْفَكُونَ : يَقُول : كَذَبُوا فِي قِيلهمْ وَقَسَمهمْ مَا لَبِثْنَا غَيْر سَاعَة , كَمَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَكْذِبُونَ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِب وَهُمْ يَعْلَمُونَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21354 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَيَوْم تَقُوم السَّاعَة يُقْسِم الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْر سَاعَة كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ } أَيْ يَكْذِبُونَ فِي الدُّنْيَا , وَإِنَّمَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { يُؤْفَكُونَ } عَنْ الصِّدْق , وَيَصُدُّونَ عَنْهُ إِلَى الْكَذِب .'; $TAFSEER['3']['30']['56'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم وَالْإِيمَان لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَاب اللَّه إِلَى يَوْم الْبَعْث فَهَذَا يَوْم الْبَعْث وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } كَانَ قَتَادَة يَقُول : هَذَا مِنْ الْمُقَدَّم الَّذِي مَعْنَاهُ التَّأْخِير . 21355 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم وَالْإِيمَان لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَاب اللَّه إِلَى يَوْم الْبَعْث } قَالَ : هَذَا مِنْ مَقَادِيم الْكَلَام. وَتَأْوِيلهَا : وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْإِيمَان وَالْعِلْم : لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَاب اللَّه . وَذُكِرَ عَنْ اِبْن جُرَيْج أَنَّهُ كَانَ يَقُول : مَعْنَى ذَلِكَ : وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم بِكِتَابِ اللَّه , وَالْإِيمَان بِاَللَّهِ وَكِتَابه . وَقَوْله : { فِي كِتَاب اللَّه } يَقُول : فِيمَا كَتَبَ اللَّه مِمَّا سَبَقَ فِي عِلْمه أَنَّكُمْ تَلْبَثُونَهُ { فَهَذَا يَوْم الْبَعْث } يَقُول : فَهَذَا يَوْم يُبْعَث النَّاس مِنْ قُبُورهمْ { وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } يَقُول : وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ فِي الدُّنْيَا أَنَّهُ يَكُون , وَأَنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْد الْمَوْت , فَلِذَلِكَ كُنْتُمْ تُكَذِّبُونَ .'; $TAFSEER['3']['30']['57'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَيَوْمئِذٍ لَا يَنْفَع الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتهمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَيَوْم يُبْعَثُونَ مِنْ قُبُورهمْ { لَا يَنْفَع الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتهمْ } يَعْنِي الْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ فِي الدُّنْيَا مَعْذِرَتهمْ , وَهُوَ قَوْلهمْ : مَا عِلْمنَا أَنَّهُ يَكُون , وَلَا أَنَّا نُبْعَث . { وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } يَقُول : وَلَا هَؤُلَاءِ الظَّلَمَة يُسْتَرْجَعُونَ يَوْمئِذٍ عَمَّا كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا .'; $TAFSEER['3']['30']['58'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآن مِنْ كُلّ مَثَل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ مَثَّلْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآن مِنْ كُلّ مَثَل اِحْتِجَاجًا عَلَيْهِمْ , وَتَنْبِيهًا لَهُمْ عَنْ وَحْدَانِيَّة اللَّه . وَقَوْله { وَلَئِنْ جِئْتهمْ بِآيَةٍ } يَقُول : وَلَئِنْ جِئْت يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْقَوْم بِآيَةٍ : يَقُول : بِدَلَالَةٍ عَلَى صِدْق مَا تَقُول { لَيَقُولُن الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ } يَقُول : لَيَقُولُن الَّذِينَ جَحَدُوا رِسَالَتك , وَأَنْكَرُوا نُبُوَّتك : إِنْ أَنْتُمْ أَيّهَا الْمُصَدِّقُونَ مُحَمَّدًا فِيمَا أَتَاكُمْ بِهِ إِلَّا مُبْطِلُونَ فِيمَا تَجِيئُونَنَا بِهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمُور .'; $TAFSEER['3']['30']['59'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَذَلِكَ يَطْبَع اللَّه عَلَى قُلُوب الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَذَلِكَ يَخْتِم اللَّه عَلَى قُلُوب الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ حَقِيقَة مَا تَأْتِيهِمْ بِهِ يَا مُحَمَّد مِنْ عِنْد اللَّه مِنْ هَذِهِ الْعِبَر وَالْعِظَات , وَالْآيَات الْبَيِّنَات , فَلَا يَفْقَهُونَ عَنْ اللَّه حُجَّة , وَلَا يَفْهَمُونَ عَنْهُ مَا يَتْلُو عَلَيْهِمْ مِنْ آي كِتَابه , فَهُمْ لِذَلِكَ فِي طُغْيَانهمْ يَتَرَدَّدُونَ .'; $TAFSEER['3']['30']['60'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْد اللَّه حَقّ وَلَا يَسْتَخِفَّنك الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَاصْبِرْ يَا مُحَمَّد لِمَا يَنَالك مِنْ أَذَاهُمْ , وَبَلِّغْهُمْ رِسَالَة رَبّك , فَإِنَّ وَعْد اللَّه الَّذِي وَعَدَك مِنْ النَّصْر عَلَيْهِمْ , وَالظَّفَر بِهِمْ , وَتَمْكِينك وَتَمْكِين أَصْحَابك وَتُبَّاعك فِي الْأَرْض حَقّ { وَلَا يَسْتَخِفَّنك الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ } يَقُول : وَلَا يَسْتَخِفَّن حِلْمك وَرَأْيك هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ بِالْمَعَادِ وَلَا يُصَدِّقُونَ بِالْبَعْثِ بَعْد الْمَمَات , فَيُثَبِّطُوك عَنْ أَمْر اللَّه وَالنُّفُوذ لِمَا كَلَّفَك مِنْ تَبْلِيغهمْ رِسَالَته . 21356 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ عَلِيّ بْن رَبِيعَة , أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْخَوَارِج , قَرَأَ خَلْف عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : { لَئِنْ أَشْرَكْت لَيَحْبَطَن عَمَلك وَلَتَكُونَن مِنْ الْخَاسِرِينَ } 39 65 فَقَالَ عَلِيّ : { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْد اللَّه حَقّ , وَلَا يَسْتَخِفَّنك الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ } * قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ شَرِيك , عَنْ عُثْمَان بْن أَبِي زُرْعَة عَنْ عَلِيّ بْن رَبِيعَة قَالَ : نَادَى رَجُل مِنْ الْخَوَارِج عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , وَهُوَ فِي صَلَاة الْفَجْر , فَقَالَ { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْك وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلك لَئِنْ أَشْرَكْت لَيَحْبَطَن عَمَلك وَلَتَكُونَن مِنْ الْخَاسِرِينَ } فَأَجَابَهُ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاة : { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْد اللَّه حَقّ وَلَا يَسْتَخِفَّنك الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ } 21357 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْد اللَّه حَقّ وَلَا يَسْتَخِفَّنك الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ } قَالَ : قَالَ رَجُل مِنْ الْخَوَارِج خَلْف عَلِيّ فِي صَلَاة الْغَدَاة : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْك وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلك لَئِنْ أَشْرَكْت لَيَحْبَطَن عَمَلك وَلَتَكُونَن مِنْ الْخَاسِرِينَ } 39 65 فَأَنْصَتَ لَهُ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حَتَّى فَهِمَ مَا قَالَ , فَأَجَابَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاة : { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْد اللَّه حَقّ , وَلَا يَسْتَخِفَّنك الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ } آخِر تَفْسِير سُورَة الرُّوم .'; $TAFSEER['3']['31']['1'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الم } قَالَ أَبُو جَعْفَر : اخْتَلَفَتْ تَرَاجِمَة الْقُرْآن فِي تَأْوِيل قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { الم } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ اسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 184 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { الم } قَالَ : اسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن 185 -حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْن إِبْرَاهِيم الْآمِلِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَة مُوسَى بْن مَسْعُود قَالَ : حَدَّثَنَا شِبْل عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَالَ : { الم } اسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن 186 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن الْحَسَن , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن دَاوُدَ , قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج قَالَ : { الم } اسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن. وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ فَوَاتِح يَفْتَح اللَّه بِهَا الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 187 - حَدَّثَنِي هَارُون بْن إِدْرِيس الْأَصَمّ الْكُوفِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الْمُحَارِبِيّ , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { الم } فَوَاتِح يَفْتَح اللَّه بِهَا الْقُرْآن . حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم الْغِفَارِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَان , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { الم } فَوَاتِح . حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن الْحَجَّاج , عَنْ يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { الم } وَ { حم } وَ { المص } وَ { ص } فَوَاتِح افْتَتَحَ اللَّه بِهَا . حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن الْحَسَن , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد مِثْل حَدِيث هَارُون بْن إِدْرِيس . وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ اسْم لِلسُّورَةِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 188 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَنْبَأَنَا عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : سَأَلْت عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ , عَنْ قَوْل اللَّه : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } وَ { الم تَنْزِيل } وَ { المر تِلْكَ } فَقَالَ : قَالَ أَبِي : إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاء السُّوَر . وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ اسْم اللَّه الْأَعْظَم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 189 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَة , قَالَ : سَأَلْت السُّدِّيّ عَنْ { حم } وَ { طسم } وَ { الم } فَقَالَ قَالَ ابْن عَبَّاس : هُوَ اسْم اللَّه الْأَعْظَم . حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو النُّعْمَان , قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ , عَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه فَذَكَرَ نَحْوَهُ. 190 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن الْحَجَّاج , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنِ الشَّعْبِيّ قَالَ : فَوَاتِح السُّوَر مِنْ أَسْمَاء اللَّه . وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ قَسَم أَقْسَمَ اللَّه بِهِ وَهِيَ مِنْ أَسْمَائِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 191 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن عُثْمَان بْن صَالِح السَّهْمِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ ابْن أَبِي طَلْحَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : هُوَ قَسَم أَقْسَمَ اللَّه بِهِ وَهُوَ مِنْ أَسْمَاء اللَّه . 192 حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِد الْحَذَّاء عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : { الم } قَسَم . وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ حُرُوف مُقَطَّعَة مِنْ أَسْمَاء وَأَفْعَال , كُلّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ لِمَعْنًى غَيْر مَعْنَى الْحَرْف الْآخَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 193 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيع , وَحَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْن أَبِي شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنِ ابْن عَبَّاس : { الم } قَالَ : أَنَا اللَّه أَعْلَم . 194 - وَحَدَّثَنَا عَنْ أَبِي عُبَيْد قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَقْظَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ قَوْله : { الم } قَالَ : أَنَا اللَّه أَعْلَم . 195 -حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُون الْهَمْدَانِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرو بْن حَمَّاد الْقَنَّاد , قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاط بْن نَصْر , عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ فِي خَبَر ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِك , وَعَنْ أَبِي صَالِح , عَنِ ابْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , عَنْ ابْن مَسْعُود , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : { الم } قَالَ : أَمَّا : { الم } فَهُوَ حَرْف اشْتُقَّ مِنْ حُرُوف هِجَاء أَسْمَاء اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ . 196 حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَعْمَر , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّاس بْن زِيَاد الْبَاهِلِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله : { الم } وَ { حم } وَ { ن } قَالَ : اسْم مُقَطَّع . وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حُرُوف هِجَاء مَوْضُوع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 197 - حَدَّثَنَا عَنْ مَنْصُور ابْن أَبِي نُوَيْرَة , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْمُؤَدِّب , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : فَوَاتِح السُّوَر كُلّهَا { ق } وَ { ص } وَ { حم } وَ { طسم } وَ { الر } وَغَيْر ذَلِكَ هِجَاء مَوْضُوع . وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حُرُوف يَشْتَمِل كُلّ حَرْف مِنْهَا عَلَى مَعَانٍ شَتَّى مُخْتَلِفَة ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 198- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْن إِبْرَاهِيم الطَّبَرِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن الْحَجَّاج , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , عَنِ الرَّبِيع بْن أَنَس فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { الم } قَالَ : هَذِهِ الْأَحْرُف مِنْ التِّسْعَة وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا , دَارَتْ فِيهَا الْأَلْسُن كُلّهَا , لَيْسَ مِنْهَا حَرْف إِلَّا وَهُوَ مِفْتَاح اسْم مِنْ أَسْمَائِهِ , وَلَيْسَ مِنْهَا حَرْف إِلَّا وَهُوَ فِي آلَائِهِ وَبَلَائِهِ , وَلَيْسَ مِنْهَا حَرْف إِلَّا وَهُوَ مُدَّة قَوْم وَآجَالهمْ . وَقَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم : " وَعَجِيب يَنْطِقُونَ فِي أَسْمَائِهِ , وَيَعِيشُونَ فِي رِزْقه , فَكَيْفَ يَكْفُرُونَ " ؟ قَالَ : الْأَلِف : مِفْتَاح اسْمه " اللَّه " , وَاللَّام : مِفْتَاح اسْمه " لَطِيف " , وَالْمِيم : مِفْتَاح اسْمه " مَجِيد " ; وَالْأَلِف : آلَاء اللَّه , وَاللَّام : لُطْفه , وَالْمِيم : مَجْده ; الْأَلِف : سَنَة , وَاللَّام ثَلَاثُونَ سَنَة , وَالْمِيم : أَرْبَعُونَ سَنَة. حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : حَدَّثَنَا حَكَّام عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنِ الرَّبِيع بِنَحْوِهِ. وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حُرُوف مِنْ حِسَاب الْجُمَّل , كَرِهْنَا ذِكْر الَّذِي حُكِيَ ذَلِكَ عَنْهُ , إِذْ كَانَ الَّذِي رَوَاهُ مِمَّنْ لَا يُعْتَمَد عَلَى رِوَايَته وَنَقْله , وَقَدْ مَضَتْ الرِّوَايَة بِنَظِيرِ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْل عَنِ الرَّبِيع بْن أَنَس . وَقَالَ بَعْضهمْ : لِكُلِّ كِتَاب سِرّ , وَسِرّ الْقُرْآن فَوَاتِحه. وَأَمَّا أَهْل الْعَرَبِيَّة فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حُرُوف مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم اسْتُغْنِيَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهَا فِي أَوَائِل السُّوَر عَنْ ذِكْر بِوَاقِيهَا الَّتِي هِيَ تَتِمَّة الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا , كَمَا اسْتَغْنَى الْمُخْبِر عَمَّنْ أَخْبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ فِي حُرُوف الْمُعْجَم الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ بِذِكْرِ " أ ب ت ث " عَنْ ذِكْر بِوَاقِي حُرُوفهَا الَّتِي هِيَ تَتِمَّة الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ , قَالَ : وَلِذَلِكَ رَفَعَ { ذَلِكَ الْكِتَاب } لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : الْأَلِف وَاللَّام وَالْمِيم مِنَ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة { ذَلِكَ الْكِتَاب } الَّذِي أَنْزَلْته إِلَيْك مَجْمُوعًا { لَا رَيْبَ فِيهِ ... } . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنَّ " أ ب ت ث " قَدْ صَارَتْ كَالِاسْمِ فِي حُرُوف الْهِجَاء كَمَا صَارَتْ الْحَمْد اسْمًا لِفَاتِحَةِ الْكِتَاب . قِيلَ لَهُ : لَمَّا كَانَ جَائِزًا أَنْ يَقُولَ الْقَائِل : ابْنِي فِي " ط ظ " , وَكَانَ مَعْلُومًا بِقِيلِهِ ذَلِكَ لَوْ قَالَهُ أَنَّهُ يُرِيد الْخَبَرَ عَنِ ابْنه أَنَّهُ فِي الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة , عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ " أ ب ت ث " لَيْسَ لَهَا بِاسْمٍ , وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ آثَر فِي الذِّكْر مِنْ سَائِرهَا. قَالَ : وَإِنَّمَا خُولِفَ بَيْنَ ذِكْر حُرُوف الْمُعْجَم فِي فَوَاتِح السُّوَر , فَذُكِرَتْ فِي أَوَائِلهَا مُخْتَلِفَة , وَذِكْرهَا إِذَا ذُكِرَتْ بِأَوَائِلِهَا الَّتِي هِيَ " أ ب ت ث " مُؤْتَلِفَة لِيَفْصِلَ بَيْنَ الْخَبَر عَنْهَا , إِذَا أُرِيد بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهَا مُخْتَلِفًا الدَّلَالَة عَلَى الْكَلَام الْمُتَّصِل , وَإِذَا أُرِيد بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهَا مُؤْتَلِفًا الدَّلَالَة عَلَى الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة بِأَعْيَانِهَا . وَاسْتَشْهَدُوا - الْإِجَازَة قَوْل الْقَائِل : ابْنِي فِي " ط ظ " , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْخَبَر عَنْهُ أَنَّهُ فِي حُرُوف الْمُعْجَم , وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ قِيله فِي الْبَيَان يَقُوم مَقَام قَوْله : " ابْنِي فِي أ ب ت ث " بِرَجَزِ بَعْض الرُّجَّاز مِنْ بَنِي أَسَد : لَمَّا رَأَيْت أَمْرهَا فِي حُطِّي وَفَنَكَتْ فِي كَذِب وَلَطّ أَخَذْت مِنْهَا بِقُرُونٍ شُمْط فَلَمْ يَزَلْ ضَرْبِي بِهَا وَمَعْطِي حَتَّى عَلَا الرَّأْس دَم يُغَطِّي فَزَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْخَبَر عَنِ الْمَرْأَة أَنَّهَا فِي " أَبِي جَاد " , فَأَقَامَ قَوْله : " لَمَّا رَأَيْت أَمْرهَا فِي حُطِّي " مَقَام خَبَره عَنْهَا أَنَّهَا فِي " أَبِي جَاد " , إِذْ كَانَ ذَاكَ مِنْ قَوْله يَدُلّ سَامِعه عَلَى مَا يَدُلّهُ عَلَيْهِ قَوْله : لَمَّا رَأَيْت أَمْرهَا فِي أَبِي جَاد . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ابْتُدِئَتْ بِذَلِكَ أَوَائِل السُّوَر لِيَفْتَح لِاسْتِمَاعِهِ أَسْمَاع الْمُشْرِكِينَ , إِذْ تَوَاصَوْا بِالْإِعْرَاضِ عَنِ الْقُرْآن , حَتَّى إِذَا اسْتَمَعُوا لَهُ تَلَا عَلَيْهِمْ الْمُؤَلَّف مِنْهُ. وَقَالَ بَعْضهمْ : الْحُرُوف الَّتِي هِيَ فَوَاتِح السُّوَر حُرُوف يَسْتَفْتِح اللَّه بِهَا كَلَامه . فَإِنْ قِيلَ : هَلْ يَكُون مِنَ الْقُرْآن مَا لَيْسَ لَهُ مَعْنًى ؟ فَإِنَّ مَعْنَى هَذَا أَنَّهُ افْتَتَحَ بِهَا لِيَعْلَم أَنَّ السُّورَة الَّتِي قَبْلهَا قَدْ انْقَضَتْ , وَأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ فِي أُخْرَى , فَجَعَلَ هَذَا عَلَامَة انْقِطَاع مَا بَيْنهمَا , وَذَلِكَ فِي كَلَام الْعَرَب يُنْشِد الرَّجُل مِنْهُمْ الشِّعْر فَيَقُول : بَلْ ......... وَبَلْدَة مَا الْإِنْس مِنْ آهَالهَا وَيَقُول : لَا بَلْ ... مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا و " بَلْ " لَيْسَتْ مِنَ الْبَيْت وَلَا تُعَدّ فِي وَزْنه , وَلَكِنْ يَقْطَع بِهَا كَلَامًا وَيَسْتَأْنِف الْآخَرَ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَلِكُلِّ قَوْل مِنَ الْأَقْوَال الَّتِي قَالَهَا الَّذِينَ وَصَفْنَا قَوْلهمْ فِي ذَلِكَ وَجْه مَعْرُوف . فَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : { الم } اسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن , فَلِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا أَنَّ : { الم } اسْم لِلْقُرْآنِ كَمَا الْفُرْقَان اسْم لَهُ . وَإِذَا كَانَ مَعْنَى قَائِل ذَلِكَ كَذَلِكَ , كَانَ تَأْوِيل قَوْله : { الم } ذَلِكَ الْكِتَاب عَلَى مَعْنَى الْقَسَم ; كَأَنَّهُ قَالَ : وَالْقُرْآن هَذَا الْكِتَاب لَا رَيْب فِيهِ . وَالْآخَر مِنْهُمَا أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا أَنَّهُ اسْم مِنْ أَسْمَاء السُّورَة الَّتِي تُعْرَف بِهِ كَمَا تُعْرَف سَائِر الْأَشْيَاء بِأَسْمَائِهَا الَّتِي هِيَ لَهَا أَمَارَات تُعْرَف بِهَا , فَيَفْهَم السَّامِع مِنَ الْقَائِل يَقُول : قَرَأْت الْيَوْمَ { المص } وَ { ن } أَيْ السُّورَة الَّتِي قَرَأَهَا مِنْ سُوَر الْقُرْآن , كَمَا يُفْهَم عَنْهُ إِذَا قَالَ : لَقِيت الْيَوْم عَمْرًا وَزَيْدًا , وَهُمَا بِزَيْدٍ وَعَمْرٍ وَعَارِفَانِ مَنْ الَّذِي لَقِيَ مِنْ النَّاس . وَإِنْ أَشْكَلَ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى امْرِئٍ فَقَالَ : وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَنَظَائِر الم المر فِي الْقُرْآن جَمَاعَة مِنْ السُّوَر ؟ وَإِنَّمَا تَكُون الْأَسْمَاء أَمَارَات , إِذَا كَانَتْ مُمَيِّزَة بَيْنَ الْأَشْخَاص , فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ غَيْر مُمَيِّزَة فَلَيْسَتْ أَمَارَات . قِيلَ : إِنَّ الْأَسْمَاءَ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ صَارَتْ لِاشْتِرَاكِ كَثِير مِنْ النَّاس فِي الْوَاحِد مِنْهَا غَيْر مُمَيِّزَة إِلَّا بِمَعَانٍ أُخَرَ مَعَهَا مِنْ ضَمّ نِسْبَة الْمُسَمَّى بِهَا إِلَيْهَا أَوْ نَعْته أَوْ صِفَته بِمَا يُفَرِّق بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْره مِنْ أَشْكَالهَا , فَإِنَّهَا وُضِعَتْ ابْتِدَاء لِلتَّمْيِيزِ لَا شَكَّ ثُمَّ احْتِيجَ عِنْد الِاشْتِرَاك إِلَى الْمَعَانِي الْمُفَرِّقَة بَيْن الْمُسَمَّى بِهَا. فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي أَسْمَاء السُّوَر , جَعَلَ كُلّ اسْم -فِي قَوْل قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة - أَمَارَة لِلْمُسَمَّى بِهِ مِنْ السُّوَر فَلَمَّا شَارَكَ الْمُسَمَّى بِهِ فِيهِ غَيْره مِنْ سُوَر الْقُرْآن احْتَاجَ الْمُخْبِر عَنْ سُورَة مِنْهَا أَنْ يَضُمّ إِلَى اسْمهَا الْمُسَمَّى بِهِ مِنْ ذَلِكَ مَا يُفَرِّق بِهِ لِلسَّامِعِ بَيْن الْخَبَر عَنْهَا وَعَنْ غَيْرهَا مِنْ نَعْت وَصِفَة أَوْ غَيْر ذَلِكَ , فَيَقُول الْمُخْبِر عَنْ نَفْسه إِنَّهُ تَلَا سُورَة الْبَقَرَة إِذَا سَمَّاهَا بِاسْمِهَا الَّذِي هُوَ { الم } قَرَأْت { الم } الْبَقَرَة , وَفِي آل عِمْرَان : قَرَأْت { الم } آل عِمْرَان , وَ { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } وَ { الم اللَّه لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيّ الْقَيُّوم } . كَمَا لَوْ أَرَادَ الْخَبَر عَنْ رَجُلَيْنِ اسْم كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا عَمْرو , غَيْرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا تَمِيمِيّ وَالْآخَر أَزْدِيّ , لَلَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ أَرَادَ إِخْبَاره عَنْهُمَا : لَقِيت عَمْرًا التَّمِيمِيّ وَعَمْرًا الْأَزْدِيّ , إِذْ كَانَ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ غَيْرهمَا مِمَّنْ يُشَارِكهُمَا فِي أَسْمَائِهِمَا إِلَّا بِنِسْبَتِهِمَا كَذَلِكَ , فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْل مَنْ تَأَوَّلَ فِي الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة أَنَّهَا أَسْمَاءٌ لِلسُّوَرِ. وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : ذَلِكَ فَوَاتِح يَفْتَتِح اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهَا كَلَامَهُ , فَإِنَّهُمْ وَجَّهُوا ذَلِكَ إِلَى نَحْو الْمَعْنَى الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَمَّنْ حَكَيْنَا عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّهُ قَالَ : ذَلِكَ أَدِلَّة عَلَى انْقِضَاء سُورَة وَابْتِدَاء فِي أُخْرَى وَعَلَامَة لِانْقِطَاعِ مَا بَيْنهمَا , كَمَا جُعِلَتْ " بَلْ " فِي ابْتِدَاء قَصِيدَة دَلَالَة عَلَى ابْتِدَاء فِيهَا وَانْقِضَاء أُخْرَى قَبْلهَا كَمَا ذَكَرْنَا عَنِ الْعَرَب إِذَا أَرَادُوا الِابْتِدَاءَ فِي إِنْشَاد قَصِيدَة , قَالُوا : بَلْ .... مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا وَ " بَلْ " لَيْسَتْ مِنْ الْبَيْت وَلَا دَاخِلَة فِي وَزْنِهِ , وَلَكِنْ لِيَدُلّ بِهِ عَلَى قَطْع كَلَام وَابْتِدَاء آخَر. وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : ذَلِكَ حُرُوف مُقَطَّعَة بَعْضهَا مِنْ أَسْمَاء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , وَبَعْضهَا مِنْ صِفَاته , وَلِكُلِّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى غَيْر مَعْنَى الْحَرْف الْآخَر , فَإِنَّهُمْ نَحَوْا بِتَأْوِيلِهِمْ ذَلِكَ نَحْو قَوْل الشَّاعِر : قُلْنَا لَهَا قِفِي لَنَا قَالَتْ قَاف لَا تَحْسِبِي أَنَّا نَسِينَا الْإِيجَاف يَعْنِي بِقَوْلِهِ : قَالَتْ قَاف : قَالَتْ قَدْ وَقَفْت , فَدَلَّتْ بِإِظْهَارِ الْقَاف مِنْ وَقَفْت عَلَى مُرَادهَا مِنْ تَمَام الْكَلِمَة الَّتِي هِيَ " وَقَفْت " , فَصَرَفُوا قَوْله : { الم } وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إِلَى نَحْو هَذَا الْمَعْنَى , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْأَلِف أَلِف " أَنَا " , وَاللَّام لَام " اللَّه " , وَالْمِيم مِيم " أَعْلَم " , وَكُلّ حَرْف مِنْهَا دَالّ عَلَى كَلِمَة تَامَّة . قَالُوا : فَجُمْلَة هَذِهِ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة إِذَا ظَهَرَ مَعَ كُلّ حَرْف مِنْهُنَّ تَمَام حُرُوف الْكَلِمَة " أَنَا " اللَّه أَعْلَم " . قَالُوا : وَكَذَلِكَ سَائِر جَمِيع مَا فِي أَوَائِل سُوَر الْقُرْآن مِنْ ذَلِكَ , فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَبِهَذَا التَّأْوِيل . قَالُوا : وَمُسْتَفِيض ظَاهِر فِي كَلَام الْعَرَب أَنْ يَنْقُص الْمُتَكَلِّم مِنْهُمْ مِنَ الْكَلِمَة الْأَحْرُف إِذَا كَانَ فِيمَا بَقِيَ دَلَالَة عَلَى مَا حُذِفَ مِنْهَا , وَيَزِيد فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَة مُلَبِّسَة مَعْنَاهَا عَلَى سَامِعهَا كَحَذْفِهِمْ فِي النَّقْص فِي التَّرْخِيم مِنْ " حَارِث " " الثَّاءَ " فَيَقُولُونَ : يَا حَارِ , وَمِنْ " مَالِك " " الْكَاف " فَيَقُولُونَ : يَا مَالِ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . وَكَقَوْلِ رَاجِزهمْ مَا لِلظَّلِيمِ عَالَ كَيْفَ لَا يَا يَنْقَدّ عَنْهُ جِلْده إِذَا يَا كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُول : إِذَا يَفْعَل كَذَا وَكَذَا , فَاكْتَفَى بِالْيَاءِ مِنْ يَفْعَل . . وَكَمَا قَالَ آخَر مِنْهُمْ : بِالْخَيْرِ خَيْرَات وَإِنْ شَرًّا فَا يُرِيد فَشَرًّا . وَلَا أُرِيد الشَّرّ إِلَّا أَنْ تَا يُرِيد إِلَّا أَنْ تَشَاء , فَاكْتَفَى بِالتَّاءِ وَالْفَاء فِي الْكَلِمَتَيْنِ جَمِيعًا مِنْ سَائِر حُرُوفهمَا , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الشَّوَاهِد الَّتِي يَطُول الْكِتَاب بِاسْتِيعَابِهِ . وَكَمَا : 199 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب وَابْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : لَمَّا مَاتَ يَزِيد بْن مُعَاوِيَة , قَالَ لِي عَبَدَة : إِنِّي لَا أَرَاهَا إِلَّا كَائِنَة فِتْنَة فَافْزَعْ مِنْ ضَيْعَتك وَالْحَقْ بِأَهْلِك ! قُلْت : فَمَا تَأْمُرنِي ؟ قَالَ : أَحَبّ إِلَيَّ لَك أَنْ تَا - قَالَ أَيُّوب وَابْن عَوْن بِيَدِهِ تَحْت خَدّه الْأَيْمَن يَصِف الِاضْطِجَاع - حَتَّى تَرَى أَمْرًا تَعْرِفهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي بِ " تَا " تَضْطَجِع , فَاجْتَزَأَ بِالتَّاءِ مِنْ تَضْطَجِع. وَكَمَا قَالَ الْآخَر فِي الزِّيَادَة فِي الْكَلَام عَلَى النَّحْو الَّذِي وَصَفْت : أَقُول إِذْ خَرَّتْ عَلَى الْكَلْكَالِ يَا نَاقَتِي مَا جُلْت مِنْ مَجَال يُرِيد الْكَلْكَل . وَكَمَا قَالَ الْآخَر : إِنَّ شَكْلِي وَإِنَّ شَكْلَك شَتَّى فَالْزَمِي الْخُصّ , وَاخْفِضِي تَبْيَضِضِّي فَزَادَ ضَادًا وَلَيْسَتْ فِي الْكَلِمَة. قَالُوا : فَكَذَلِكَ مَا نَقَصَ مِنْ تَمَام حُرُوف كُلّ كَلِمَة مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَات الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهَا تَتِمَّة حُرُوف { الم } وَنَظَائِرهَا , نَظِير مَا نَقَصَ مِنْ الْكَلَام الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنِ الْعَرَب فِي أَشْعَارهَا وَكَلَامهَا. وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : كُلّ حَرْف مِنْ { الم } وَنَظَائِرهَا دَالّ عَلَى مَعَانٍ شَتَّى نَحْو الَّذِي ذَكَرْنَا عَنِ الرَّبِيع بْن أَنَس , فَإِنَّهُمْ وَجَّهُوا ذَلِكَ إِلَى مِثْل الَّذِي وَجَّهَهُ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ هُوَ بِتَأْوِيلِ : " أَنَا اللَّه أَعْلَم " فِي أَنَّ كُلّ حَرْف مِنْهُ بَعْض حُرُوف كَلِمَة تَامَّة اسْتُغْنِيَ بِدَلَالَتِهِ عَلَى تَمَامه عَنْ ذِكْر تَمَامه , وَإِنْ كَانُوا لَهُ مُخَالِفِينَ فِي كُلّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ , أَهُوَ مِنَ الْكَلِمَة الَّتِي ادَّعَى أَنَّهُ مِنْهَا قَائِلُو الْقَوْل الْأَوَّل أَمْ مِنْ غَيْرهَا ؟ فَقَالُوا : بَلْ الْأَلِف مِنْ { الم } مِنْ كَلِمَات شَتَّى هِيَ دَالَّة عَلَى مَعَانِي جَمِيع ذَلِكَ وَعَلَى تَمَامه . قَالُوا : وَإِنَّمَا أَفْرَدَ كُلّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ وَقَصَرَ بِهِ عَنْ تَمَام حُرُوف الْكَلِمَة أَنَّ جَمِيع حُرُوف الْكَلِمَة لَوْ أُظْهِرَتْ لَمْ تَدُلّ الْكَلِمَة الَّتِي تُظْهِر بَعْضَ هَذِهِ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة بَعْض لَهَا , إِلَّا عَلَى مَعْنًى وَاحِد لَا عَلَى مَعْنَيَيْنِ وَأَكْثَر مِنْهُمَا . قَالُوا : وَإِذَا كَانَ لَا دَلَالَة فِي ذَلِكَ لَوْ أَظْهَر جَمِيعهَا إِلَّا عَلَى مَعْنَاهَا الَّذِي هُوَ مَعْنَى وَاحِد , وَكَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ أَرَادَ الدَّلَالَةَ بِكُلِّ حَرْف مِنْهَا عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة لِشَيْءٍ وَاحِد , لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يُفْرَد . الْحَرْف الدَّالّ عَلَى تِلْكَ الْمَعَانِي , لِيَعْلَم الْمُخَاطَبُونَ بِهِ أَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَقْصِد قَصْد مَعْنًى وَاحِد وَدَلَالَة عَلَى شَيْء وَاحِد بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ , وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ الدَّلَالَة [ بِهِ ] عَلَى أَشْيَاء كَثِيرَة . قَالُوا : فَالْأَلِف مِنْ { الم } مُقْتَضِيَة مَعَانِي كَثِيرَة , مِنْهَا : إِتْمَام اسْم الرَّبّ الَّذِي هُوَ اللَّه , وَتَمَام اسْم نَعْمَاء اللَّه الَّتِي هِيَ آلَاء اللَّه , وَالدَّلَالَة عَلَى أَجَل قَوْم أَنَّهُ سَنَة , إِذَا كَانَتْ الْأَلِف فِي حِسَاب الْجُمَّل وَاحِدًا . وَاللَّام مُقْتَضِيَة تَمَام اسْم اللَّه الَّذِي هُوَ لَطِيف , وَتَمَام اسْم فَضْله الَّذِي هُوَ لُطْف , وَالدَّلَالَة عَلَى أَجَل قَوْم أَنَّهُ ثَلَاثُونَ سَنَة . وَالْمِيم مُقْتَضِيَة تَمَام اسْم اللَّه الَّذِي هُوَ مَجِيد , وَتَمَام اسْم عَظَمَته الَّتِي هِيَ مَجْد , وَالدَّلَالَة عَلَى أَجَل قَوْم أَنَّهُ أَرْبَعُونَ سَنَة , فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَام فِي تَأْوِيل قَائِل الْقَوْل الْأَوَّل : أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ افْتَتَحَ كَلَامَهُ بِوَصْفِ نَفْسه بِأَنَّهُ الْعَالِم الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء , وَجَعَلَ ذَلِكَ لِعِبَادِهِ مَنْهَجًا يَسْلُكُونَهُ فِي مُفْتَتَح خُطَبهمْ وَرَسَائِلهمْ وَمُهِمّ أُمُورهمْ , وَابْتِلَاء مِنْهُ لَهُمْ لِيَسْتَوْجِبُوا بِهِ عَظِيم الثَّوَاب فِي دَار الْجَزَاء , كَمَا افْتَتَحَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ , وَ { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْضَ } 6 1 وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ السُّوَر الَّتِي جَعَلَ مَفَاتِحهَا الْحَمْد لِنَفْسِهِ . وَكَمَا جَعَلَ مَفَاتِح بَعْضهَا تَعْظِيم نَفْسه وَإِجْلَالَهَا بِالتَّسْبِيحِ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { سُبْحَان الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا } 17 1 وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ سَائِر سُوَر الْقُرْآن الَّتِي جَعَلَ مَفَاتِحَ بَعْضهَا تَحْمِيدَ نَفْسه , وَمَفَاتِحَ بَعْضهَا تَمْجِيدهَا , وَمَفَاتِح بَعْضهَا تَعْظِيمهَا وَتَنْزِيههَا . فَكَذَلِكَ جَعَلَ مَفَاتِح السُّوَر الْأُخْرَى الَّتِي أَوَائِلهَا بَعْض حُرُوف الْمُعْجَم مَدَائِح نَفْسه أَحْيَانًا بِالْعِلْمِ , وَأَحْيَانًا بِالْعَدْلِ وَالْإِنْصَاف , وَأَحْيَانًا بِالْإِفْضَالِ وَالْإِحْسَان بِإِيجَازٍ وَاخْتِصَار , ثُمَّ اقْتِصَاص الْأُمُور بَعْد ذَلِكَ . وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل يَجِب أَنْ يَكُونَ الْأَلِف وَاللَّام وَالْمِيم فِي أَمَاكِن الرَّفْع مَرْفُوعًا بَعْضهَا بِبَعْضٍ دُونَ قَوْله : { ذَلِكَ الْكِتَاب } وَيَكُون ذَلِكَ الْكِتَاب خَبَر مُبْتَدَأ مُنْقَطِعًا عَنْ مَعْنَى { الم } , وَكَذَلِكَ " ذَلِكَ " فِي تَأْوِيل قَوْل قَائِل هَذَا الْقَوْل الثَّانِي مَرْفُوع بَعْضه بِبَعْضٍ , وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا مَعْنَاهُ مَعْنَى قَوْل قَائِل الْقَوْل الْأَوَّل . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : هُنَّ حُرُوف مِنْ حُرُوف حِسَاب الْجُمَّل دُونَ مَا خَالَفَ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَانِي , فَإِنَّهُمْ قَالُوا : لَا نَعْرِف لِلْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَة مَعْنًى يُفْهَم سِوَى حِسَاب الْجُمَّل وَسِوَى تَهَجِّي قَوْل الْقَائِل : { الم } . وَقَالُوا : غَيْر جَائِز أَنْ يُخَاطِب اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَادَهُ إِلَّا بِمَا يَفْهَمُونَهُ وَيَعْقِلُونَهُ عَنْهُ , فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ - وَكَانَ قَوْله : { الم } لَا يُعْقَل لَهَا وَجْه تُوَجَّهُ إِلَيْهِ إِلَّا أَحَد الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا , فَبَطَلَ أَحَد وَجْهَيْهِ , وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِهَا تَهَجِّي . { الم } -صَحَّ وَثَبَتَ أَنَّهُ مُرَاد بِهِ الْوَجْه الثَّانِي وَهُوَ حِسَاب الْجُمَّل ; لِأَنَّ قَوْل الْقَائِل : { الم } لَا يَجُوز أَنْ يَلِيَهُ مِنَ الْكَلَام ذَلِكَ الْكِتَاب لِاسْتِحَالَةِ مَعْنَى الْكَلَام وَخُرُوجه عَنْ الْمَعْقُول إِذَا وَلِيَ { الم } ذَلِكَ الْكِتَاب. وَاحْتَجُّوا لِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا : 200 - حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّد بْن حُمَيْد الرَّازِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَة بْن الْفَضْل . قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : حَدَّثَنِي الْكَلْبِيّ , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنِ ابْن عَبَّاس , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه بْن رِئَاب , قَالَ : مَرَّ أَبُو يَاسِر بْن أَخْطَبَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يَتْلُو فَاتِحَةَ سُورَة الْبَقَرَة : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب لَا رَيْبَ فِيهِ } فَأَتَى أَخَاهُ حُيَيّ بْن أَخْطَب فِي رِجَال مِنْ يَهُودَ فَقَالَ : تَعْلَمُونَ وَاللَّه لَقَدْ سَمِعْت مُحَمَّدًا يَتْلُو فِيمَا أَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } فَقَالُوا : أَنْتَ سَمِعْته ؟ قَالَ : نَعَمْ فَمَشَى حُيَيّ بْن أَخْطَبَ فِي أُولَئِكَ النَّفَر مِنْ يَهُودَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ , فَقَالُوا : يَا مُحَمَّد أَلَمْ يُذْكَر لَنَا أَنَّك تَتْلُو فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْك : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ : " بَلَى " فَقَالُوا : أَجَاءَك بِهَذَا جِبْرِيل مِنْ عِنْد اللَّه ؟ قَالَ : " نَعَمْ " ! قَالُوا : لَقَدْ بَعَثَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَبْلَك أَنْبِيَاءَ مَا نَعْلَمهُ بَيَّنَ لِنَبِيٍّ مِنْهُمْ مَا مُدَّة مُلْكه وَمَا أَجَل أُمَّته غَيْرَك ! فَقَالَ حُيَيّ بْن أَخْطَبَ : وَأَقْبَلَ عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ , فَقَالَ لَهُمْ : الْأَلِف وَاحِدَة , وَاللَّام ثَلَاثُونَ , وَالْمِيم أَرْبَعُونَ , فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَة , قَالَ : فَقَالَ لَهُمْ : أَتَدْخُلُونَ فِي دِين نَبِيّ إِنَّمَا مُدَّة مُلْكه وَأَجَل أُمَّته إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَة ؟ قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّد هَلْ مَعَ هَذَا غَيْره ؟ قَالَ : " نَعَمْ " ! قَالَ : مَاذَا ؟ قَالَ : " المص " قَالَ : هَذِهِ أَثْقَل وَأَطْوَل : الْأَلِف وَاحِدَة , وَاللَّام ثَلَاثُونَ , وَالْمِيم أَرْبَعُونَ , وَالصَّاد تِسْعُونَ , فَهَذِهِ مِائَة وَإِحْدَى وَسِتُّونَ سَنَة ; هَلْ مَعَ هَذَا يَا مُحَمَّد غَيْره ؟ قَالَ : " نَعَمْ " ! قَالَ : مَاذَا ؟ قَالَ : " الر " قَالَ : هَذِهِ أَثْقَل وَأَطْوَل الْأَلِف وَاحِدَة , وَاللَّام ثَلَاثُونَ , وَالرَّاء مِائَتَانِ , فَهَذِهِ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَتَا سَنَة ; فَقَالَ : هَلْ مَعَ هَذَا غَيْره يَا مُحَمَّد ؟ قَالَ : " نَعَمْ المر " , قَالَ : فَهَذِهِ أَثْقَل وَأَطْوَل : الْأَلِف وَاحِدَة وَاللَّام ثَلَاثُونَ , وَالْمِيم أَرْبَعُونَ , وَالرَّاء مِائَتَانِ , فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ وَمِائَتَا سَنَة . ثُمَّ قَالَ : لَقَدْ لَبَسَ عَلَيْنَا أَمْرك يَا مُحَمَّد , حَتَّى مَا نَدْرِي أَقَلِيلًا أُعْطِيت أَمْ كَثِيرًا ! ثُمَّ قَامُوا عَنْهُ , فَقَالَ أَبُو يَاسِر لِأَخِيهِ حُيَيّ بْن أَخْطَبَ وَلِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْأَحْبَار : مَا يُدْرِيكُمْ لَعَلَّهُ قَدْ جُمِعَ هَذَا كُلّه لِمُحَمَّدٍ : إِحْدَى وَسَبْعُونَ , وَإِحْدَى وَسِتُّونَ وَمِائَة , وَمِائَتَانِ وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ , وَمِائَتَانِ وَإِحْدَى وَسَبْعُونَ , فَذَلِكَ سَبْعمِائَةِ سَنَة وَأَرْبَع وَثَلَاثُونَ , فَقَالُوا : لَقَدْ تَشَابَهَ عَلَيْنَا أَمْره . وَيَزْعُمُونَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْآيَات نَزَلَتْ فِيهِمْ : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَابَ مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب وَأُخَر مُتَشَابِهَات } . 3 7 فَقَالُوا : قَدْ صَرَّحَ هَذَا الْخَبَر بِصِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّأْوِيل وَفَسَاد مَا قَالَهُ مُخَالِفُونَا فِيهِ . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل عِنْدِي فِي تَأْوِيل مَفَاتِح السُّوَر الَّتِي هِيَ حُرُوف الْمُعْجَم : أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَهَا حُرُوفًا مُقَطَّعَة وَلَمْ يَصِل بَعْضهَا بِبَعْضٍ فَيَجْعَلَهَا كَسَائِرِ الْكَلَام الْمُتَّصِل الْحُرُوف ; لِأَنَّهُ عَزَّ ذِكْره أَرَادَ بِلَفْظِهِ الدَّلَالَة بِكُلِّ حَرْف مِنْهُ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة لَا عَلَى مَعْنًى وَاحِد , كَمَا قَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس , وَإِنْ كَانَ الرَّبِيع قَدْ اقْتَصَرَ بِهِ عَلَى مَعَانٍ ثَلَاثَة دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا . وَالصَّوَاب فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ كُلَّ حَرْف مِنْهُ يَحْوِي مَا قَالَهُ الرَّبِيع وَمَا قَالَهُ سَائِر الْمُفَسِّرِينَ غَيْره فِيهِ , سِوَى مَا ذَكَرْت مِنَ الْقَوْل عَمَّنْ ذَكَرْت عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّهُ كَانَ يُوَجِّه تَأْوِيلَ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ حُرُوف هِجَاء اسْتُغْنِيَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهُ فِي مَفَاتِح السُّوَر عَنْ ذِكْر تَتِمَّة الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم بِتَأْوِيلِ : أَنَّ هَذِهِ الْحُرُوف , ذَلِكَ الْكِتَاب , مَجْمُوعَة لَا رَيْب فِيهِ , فَإِنَّهُ قَوْل خَطَأ فَاسِد لِخُرُوجِهِ عَنْ أَقْوَال جَمِيع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ , وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ مِنْ أَهْل التَّفْسِير وَالتَّأْوِيل , فَكَفَى دَلَالَة عَلَى خَطَئِهِ شَهَادَة الْحُجَّة شَهَادَة الْحُجَّة عَلَيْهِ بِالْخَطَأِ مَعَ إِبْطَال قَائِل ذَلِكَ قَوْله الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْهُ , إِذْ صَارَ إِلَى الْبَيَان عَنْ رَفْع ذَلِكَ الْكِتَاب بِقَوْلِهِ مَرَّة إِنَّهُ مَرْفُوع كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ وَمَرَّة أُخْرَى أَنَّهُ مَرْفُوع بِالرَّاجِعِ مِنْ ذِكْره فِي قَوْله : { لَا رَيْبَ فِيهِ } وَمَرَّة بِقَوْلِهِ : { هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } وَذَلِكَ تُرِكَ مِنْهُ لِقَوْلِهِ إِنَّ { الم } رَافِعَة { ذَلِكَ الْكِتَاب } وَخُرُوج مِنَ الْقَوْل الَّذِي ادَّعَاهُ فِي تَأْوِيل { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } وَأَنَّ تَأْوِيلَ ذَلِكَ : هَذِهِ الْحُرُوف ذَلِكَ الْكِتَاب . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يَكُونَ حَرْف وَاحِد شَامِلًا الدَّلَالَة عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة مُخْتَلِفَة ؟ قِيلَ : كَمَا جَازَ أَنْ تَكُونَ كَلِمَة وَاحِدَة تَشْتَمِل عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة مُخْتَلِفَة كَقَوْلِهِمْ لِلْجَمَاعَةِ مِنْ النَّاس : أُمَّة , وَلِلْحِينِ مِنْ الزَّمَان : أُمَّة , وَلِلرَّجُلِ الْمُتَعَبِّد الْمُطِيع لِلَّهِ : أُمَّة , وَلِلدِّينِ وَالْمِلَّة : أُمَّة , وَكَقَوْلِهِمْ لِلْجَزَاءِ وَالْقِصَاص : دِين , وَلِلسُّلْطَانِ وَالطَّاعَة : دِين , وَلِلتَّذَلُّلِ : دِين , وَلِلْحِسَابِ : دِين ; فِي أَشْبَاه لِذَلِكَ كَثِيرَة يَطُول الْكِتَاب بِإِحْصَائِهَا مِمَّا يَكُون مِنَ الْكَلَام بِلَفْظٍ وَاحِد , وَهُوَ مُشْتَمِل عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة , وَكَذَلِكَ قَوْل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : " الم وَالمر " , وَ " المص " وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم الَّتِي هِيَ فَوَاتِح أَوَائِل السُّوَر , كُلّ حَرْف مِنْهَا دَالّ عَلَى مَعَانٍ شَتَّى , شَامِل جَمِيعهَا مِنْ أَسْمَاء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَصِفَاته مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ مِنْ الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْهُمْ ; وَهُنَّ مَعَ ذَلِكَ فَوَاتِح السُّوَر كَمَا قَالَهُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ , وَلَيْسَ كَوْن ذَلِكَ مِنْ حُرُوف أَسْمَاء اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَصِفَاته بِمَانِعِهَا أَنْ تَكُونَ لِلسُّوَرِ فَوَاتِح ; لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ افْتَتَحَ كَثِيرًا مِنْ سُوَر الْقُرْآن بِالْحَمْدِ لِنَفْسِهِ وَالثَّنَاء عَلَيْهَا , وَكَثِيرًا مِنْهَا بِتَمْجِيدِهَا وَتَعْظِيمهَا , فَغَيْر مُسْتَحِيل أَنْ يَبْتَدِئَ بَعْض ذَلِكَ بِالْقَسَمِ بِهَا , فَالَّتِي ابْتُدِئَ أَوَائِلهَا بِحُرُوفِ الْمُعْجَم أَحَد مَعَانِي أَوَائِلهَا أَنَّهُنَّ فَوَاتِح مَا افْتَتَحَ بِهِنَّ مِنْ سُوَر الْقُرْآن , وَهُنَّ مِمَّا أَقْسَمَ بِهِنَّ ; لِأَنَّ أَحَدَ مَعَانِيهنَّ أَنَّهُنَّ مِنْ حُرُوف أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى ذِكْره وَصِفَاته عَلَى مَا قَدَّمْنَا الْبَيَانَ عَنْهَا , وَلَا شَكَّ فِي صِحَّة مَعْنَى الْقَسَم بِاللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاته , وَهُنَّ مِنْ حُرُوف حِسَاب الْجُمَّل , وَهُنَّ لِلسُّوَرِ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهِنَّ شِعَار وَأَسْمَاء . فَذَلِكَ يَحْوِي مَعَانِي جَمِيع مَا وَصَفْنَا مِمَّا بَيَّنَّا مِنْ وُجُوهه ; لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ الدَّلَالَةَ عَلَى مَعْنًى وَاحِد مِمَّا يَحْتَمِلهُ ذَلِكَ دُون سَائِر الْمَعَانِي غَيْره , لَأَبَانَ ذَلِكَ لَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِبَانَة غَيْر مُشْكِلَة , إِذْ كَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا أَنْزَلَ كِتَابه عَلَى رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِيُبَيِّن لَهُمْ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ , وَفِي تَرْكه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِبَانَة ذَلِكَ أَنَّهُ مُرَاد بِهِ مِنْ وُجُوه تَأْوِيله الْبَعْض دُون الْبَعْض أَوْضَح الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّهُ مُرَاد بِهِ جَمِيع وُجُوهه الَّتِي هُوَ لَهَا مُحْتَمِل , إِذْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِيلًا فِي الْعَقْل وَجْه مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ تَأْوِيله وَمَعْنَاهُ كَمَا كَانَ غَيْر مُسْتَحِيل اجْتِمَاع الْمَعَانِي الْكَثِيرَة لِلْكَلِمَةِ الْوَاحِدَة بِاللَّفْظِ الْوَاحِد فِي كَلَام وَاحِد . وَمَنْ أَبَى مَا قُلْنَاهُ فِي ذَلِكَ سُئِلَ الْفَرْق بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ سَائِر الْحُرُوف الَّتِي تَأْتِي بِلَفْظٍ وَاحِد مَعَ اشْتِمَالهَا عَلَى الْمَعَانِي الْكَثِيرَة الْمُخْتَلِفَة كَالْأُمَّةِ وَالدِّين وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال . فَلَنْ يَقُولَ فِي أَحَد ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَر مِثْله , وَكَذَلِكَ يُسْأَل كُلّ مَنْ تَأَوَّلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْه دُونَ الْأَوْجُه الْأُخَر الَّتِي وَصَفْنَا عَنِ الْبُرْهَان عَلَى دَعْوَاهُ مِنَ الْوَجْه الَّذِي يُحِبّ التَّسْلِيم لَهُ ثُمَّ يُعَارِض بِقَوْلِهِ يُخَالِفهُ فِي ذَلِكَ , وَيَسْأَل الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ : مِنْ أَصْل , أَوْ مِمَّا يَدُلّ عَلَيْهِ أَصْل , فَلَنْ يَقُولَ فِي أَحَدهمَا قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَر مِثْله , وَأَمَّا الَّذِي زَعَمَ مِنَ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ ذَلِكَ نَظِير " بَلْ " فِي قَوْل الْمُنْشِد شِعْرًا : بَلْ ... مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا وَأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ , وَإِنَّمَا هُوَ زِيَادَة فِي الْكَلَام مَعْنَاهُ الطَّرْح ; فَإِنَّهُ أَخْطَأَ مِنْ وُجُوه شَتَّى : أَحَدهَا : أَنَّهُ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْره بِأَنَّهُ خَاطَبَ الْعَرَبَ بِغَيْرِ مَا هُوَ مِنْ لُغَتهَا وَغَيْر مَا هُوَ فِي لُغَة أَحَد مِنَ الْآدَمِيِّينَ , إِذْ كَانَتْ الْعَرَب وَإِنْ كَانَتْ قَدْ كَانَتْ تَفْتَتِح أَوَائِل إِنْشَادهَا مَا أَنْشَدَتْ مِنْ الشَّعْر ب " بَلْ " , فَإِنَّهُ مَعْلُوم مِنْهَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَبْتَدِئ شَيْئًا مِنَ الْكَلَام ب " الم " و " الر " و" المص " بِمَعْنَى ابْتِدَائِهَا ذَلِكَ ب " بَلْ " , وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ ابْتِدَائِهَا , وَكَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا خَاطَبَهُمْ بِمَا خَاطَبَهُمْ مِنَ الْقُرْآن بِمَا يَعْرِفُونَ مِنْ لُغَاتهمْ وَيَسْتَعْمِلُونَ بَيْنَهُمْ مِنْ مَنْطِقهمْ فِي جَمِيع آيِهِ , فَلَا شَكَّ أَنَّ سَبِيلَ مَا وَصَفْنَا مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهَا أَوَائِل السُّوَر الَّتِي هُنَّ لَهَا فَوَاتِح سَبِيل سَائِر الْقُرْآن فِي أَنَّهُ لَمْ يَعْدِل بِهَا عَنْ لُغَاتهمْ الَّتِي كَانُوا بِهَا عَارِفِينَ وَلَهَا بَيْنَهُمْ فِي مَنْطِقهمْ مُسْتَعْمِلِينَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعْدُولًا بِهِ عَنْ سَبِيل لُغَاتهمْ وَمَنْطِقهمْ كَانَ خَارِجًا عَنْ مَعْنَى الْإِبَانَة الَّتِي وَصَفَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهَا الْقُرْآن , فَقَالَ تَعَالَى ذِكْره : { نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين عَلَى قَلْبك لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِين }. 26 193 : 195 وَأَنَّى يَكُون مُبِينًا مَا لَا يَعْقِلهُ وَلَا يَفْقَههُ أَحَد مِنَ الْعَالَمِينَ فِي قَوْل قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة , وَلَا يُعْرَف فِي مَنْطِق أَحَد مِنَ الْمَخْلُوقِينَ فِي قَوْله ؟ وَفِي إِخْبَار اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَرَبِيّ مُبِين مَا يُكَذِّب هَذِهِ الْمَقَالَةَ , وَيُنْبِئُ عَنْهُ أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا بِهِ عَالِمِينَ وَهُوَ لَهَا مُسْتَبِين , فَذَلِكَ أَحَد أَوْجُه خَطَئِهِ . وَالْوَجْه الثَّانِي مِنْ خَطَئِهِ فِي ذَلِكَ : إِضَافَته إِلَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ خَاطَبَ عِبَادَهُ بِمَا لَا فَائِدَةَ لَهُمْ فِيهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ مِنَ الْكَلَام الَّذِي سَوَاء الْخِطَاب بِهِ وَتَرْك الْخِطَاب بِهِ , وَذَلِكَ إِضَافَة الْعَبَث الَّذِي هُوَ مَنْفِيّ فِي قَوْل جَمِيع الْمُوَحِّدِينَ عَنِ اللَّه , إِلَى اللَّه تَعَالَى ذِكْره. وَالْوَجْه الثَّالِث مِنْ خَطَئِهِ : أَنَّ " بَلْ " فِي كَلَام الْعَرَب مَفْهُوم تَأْوِيلهَا وَمَعْنَاهَا , وَأَنَّهَا تُدْخِلهَا فِي كَلَامهَا رُجُوعًا عَنْ كَلَام لَهَا قَدْ تَقَضَّى كَقَوْلِهِمْ : مَا جَاءَنِي أَخُوك بَلْ أَبُوك ; وَمَا رَأَيْت عَمْرًا بَلْ عَبْدَ اللَّه , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَام , كَمَا قَالَ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَة : وَلَأَشْرَبَنَّ ثَمَانِيًا وَثَمَانِيَا وَثَلَاث عَشْرَة وَاثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعَا وَمَضَى فِي كَلِمَته حَتَّى بَلَغَ قَوْله : بِالْجُلَّسَانِ وَطَيِّب أَرْدَانه بِالْوَنِّ يَضْرِب لِي يَكُرّ الْأُصْبُعَا ثُمَّ قَالَ : بَلْ عُدَّ هَذَا فِي قَرِيض غَيْره وَاذْكُرْ فَتًى سَمْح الْخَلِيقَة أَرْوَعَا فَكَأَنَّهُ قَالَ : دَعْ هَذَا وَخُذْ فِي قَرِيض غَيْره , فَ " بَلْ " إِنَّمَا يَأْتِي فِي كَلَام الْعَرَب عَلَى هَذَا النَّحْو مِنَ الْكَلَام , فَأَمَّا إِفْسَاحًا لِكَلَامِهَا مُبْتَدَأ بِمَعْنَى التَّطْوِيل وَالْحَذْف مِنْ غَيْر أَنْ يَدُلّ عَلَى مَعْنًى , فَذَلِكَ مِمَّا لَا نَعْلَم أَحَدًا ادَّعَاهُ مِنْ أَهْل الْمَعْرِفَة بِلِسَانِ الْعَرَب وَمَنْطِقهَا , سِوَى الَّذِي ذَكَرْت قَوْله , فَيَكُون ذَلِكَ أَصْلًا يُشْبِه بِهِ حُرُوف الْمُعْجَم الَّتِي هِيَ فَوَاتِح سُوَر الْقُرْآن الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهَا لَوْ كَانَ لَهُ مُشْبِهَة , فَكَيْفَ وَهِيَ مِنْ الشَّبَه بِهِ بَعِيدَة ؟'; $TAFSEER['3']['31']['2'] = 'وَقَوْله : { تِلْكَ آيَات الْكِتَاب الْحَكِيم } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : هَذِهِ آيَات الْكِتَاب الْحَكِيم بَيَانًا وَتَفْصِيلًا .'; $TAFSEER['3']['31']['3'] = 'وَقَوْله { هُدًى وَرَحْمَةً } يَقُول : هَذِهِ آيَات الْكِتَاب بَيَانًا وَرَحْمَة مِنْ اللَّه , رَحِمَ بِهِ مَنْ اتَّبَعَهُ , وَعَمِلَ بِهِ مِنْ خَلْقه ; وَبِنَصْبِ الْهُدَى وَالرَّحْمَة عَلَى الْقَطْع مِنْ آيَات الْكِتَاب قَرَأَتْ قُرَّاء الْأَمْصَار غَيْر حَمْزَة , فَإِنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ رَفْعًا عَلَى وَجْه الِاسْتِئْنَاف , إِذْ كَانَ مُنْقَطِعًا عَنْ الْآيَة الَّتِي قَبْلَهَا بِأَنَّهُ ابْتِدَاء آيَة وَأَنَّهُ مَدْح , وَالْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ مِمَّا كَانَ مِنْ نُعُوت الْمَعَارِف , وَقَعَ مَوْقِع الْحَال إِذَا كَانَ فِيهِ مَعْنَى مَدْح أَوْ ذَمّ , وَكِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ صَوَاب عِنْدِي , وَإِنْ كُنْت إِلَى النَّصْب أَمِيل , لِكَثْرَةِ الْقُرَّاء بِهِ . وَقَوْله : { لِلْمُحْسِنِينَ } وَهُمْ الَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي الْعَمَل بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فِي هَذَا الْقُرْآن , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الْكِتَاب الْحَكِيم هُدًى وَرَحْمَة لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا , فَعَمِلُوا بِمَا فِيهِ مِنْ أَمْر اللَّه وَنَهْيه'; $TAFSEER['3']['31']['4'] = '{ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ } يَقُول : الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ بِحُدُودِهَا { وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } مَنْ جَعَلَهَا اللَّه لَهُ الْمَفْرُوضَةَ فِي أَمْوَالهمْ { وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } يَقُول : يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَهُمْ بِجَزَاءِ اللَّه وَثَوَابه لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْآخِرَة يُوقِنُونَ.'; $TAFSEER['3']['31']['5'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبّهمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْت صِفَتهمْ عَلَى بَيَان مِنْ رَبّهمْ وَنُور { وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } يَقُول : وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمُنْجِحُونَ الْمُدْرِكُونَ مَا رَجَوْا وَأَمَلُوا مِنْ ثَوَاب رَبّهمْ يَوْم الْقِيَامَة.'; $TAFSEER['3']['31']['6'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل , فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَنْ يَشْتَرِي الشِّرَاءَ الْمَعْرُوف بِالثَّمَنِ , وَرَوَوْا بِذَلِكَ خَبَرًا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; وَهُوَ مَا : 21358 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ خَلَّاد الصَّفَّار , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن زَحْر , عَنْ عَلِيّ بْن يَزِيد , عَنْ الْقَاسِم , عَنْ أَبِي أُمَامَةَ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَحِلّ بَيْع الْمُغَنِّيَات , وَلَا شِرَاؤُهُنَّ , وَلَا التِّجَارَة فِيهِنَّ , وَلَا أَثْمَانهنَّ , وَفِيهِنَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } " . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ خَلَّاد الصَّفَّار , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن زَحْر , عَنْ عَلِيّ بْن يَزِيد , عَنِ الْقَاسِم , عَنْ أَبِي أُمَامَةَ , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : " أَكْل ثَمَنهنَّ حَرَام " وَقَالَ أَيْضًا : " وَفِيهِنَّ أَنْزَلَ اللَّه عَلَيَّ هَذِهِ الْآيَة : { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث لِيُضِلّ عَنْ سَبِيل اللَّه } " . * حَدَّثَنِي عُبَيْد بْن آدَم ابْن أَبِي إِيَاس الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن حَيَّان , عَنْ عَمْرو بْن قَيْس الْكِلَابِيّ , عَنْ أَبِي الْمُهَلَّب , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن زَحْر , عَنْ عَلِيّ بْن يَزِيد , عَنِ الْقَاسِم , عَنْ أَبِي أُمَامَةَ . قَالَ : وثنا إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش , عَنْ مَطْرَح بْن يَزِيد , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن زَحْر , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ الْقَاسِم , عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ , قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " لَا يَحِلّ تَعْلِيم الْمُغَنِّيَات , وَلَا بَيْعهنَّ وَلَا شِرَاؤُهُنَّ , وَثَمَنهنَّ حَرَام , وَقَدْ نَزَلَ تَصْدِيق ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } إِلَى آخِر الْآيَة " . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : مَنْ يَخْتَار لَهْو الْحَدِيث وَيَسْتَحِبّهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21359 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث لِيُضِلّ عَنْ سَبِيل اللَّه بِغَيْرِ عِلْم } وَاللَّه لَعَلَّهُ أَنْ لَا يُنْفِق فِيهِ مَالًا , وَلَكِنْ اشْتِرَاؤُهُ اسْتِحْبَابه , بِحَسْب الْمَرْء مِنَ الضَّلَالَة أَنْ يَخْتَارَ حَدِيثَ الْبَاطِل عَلَى حَدِيث الْحَقّ , وَمَا يَضُرّ عَلَى مَا يَنْفَع . 21360 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَلَف الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا أَيُّوب بْن سُوَيْد , قَالَ : ثنا ابْن شَوْذَب , عَنْ مَطَر , فِي قَوْل اللَّه { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } قَالَ : اشْتِرَاؤُهُ : اسْتِحْبَابه . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ تَأْوِيل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : الشِّرَاء , الَّذِي هُوَ بِالثَّمَنِ , وَذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ أَظْهَر مَعْنَيَيْهِ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث ؟ قِيلَ : يَشْتَرِي ذَات لَهْو الْحَدِيث , أَوْ ذَا لَهْو الْحَدِيث , فَيَكُون مُشْتَرِيًا لَهْو الْحَدِيث . وَأَمَّا الْحَدِيث , فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيل اخْتَلَفُوا فِيهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الْغِنَاء وَالِاسْتِمَاع لَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21361 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يَزِيد بْن يُونُس , عَنْ أَبِي صَخْر , عَنْ أَبِي مُعَاوِيَة الْبَجَلِيّ , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ أَبِي الصَّهْبَاء الْبَكْرِيّ , أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّه بْن مَسْعُود وَهُوَ يَسْأَل عَنْ هَذِهِ الْآيَة { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث لِيُضِلّ عَنْ سَبِيل اللَّه بِغَيْرِ عِلْم } فَقَالَ عَبْد اللَّه : الْغِنَاء , وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ , يُرَدِّدهَا ثَلَاثَ مَرَّات . * حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا صَفْوَان بْن عِيسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُمَيْد الْخَرَّاط , عَنْ عَمَّار , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ أَبِي الصَّهْبَاء , أَنَّهُ سَأَلَ ابْن مَسْعُود , عَنْ قَوْل اللَّه { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } قَالَ : الْغِنَاء . 21362 -أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن عَابِس , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } قَالَ : الْغِنَاء . 21363 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا عِمْرَان بْن عُيَيْنَةَ , قَالَ : ثنا عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } قَالَ : الْغِنَاء وَأَشْبَاهه . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , وَالْفَضْل بْن الصَّبَّاح , قَالَا : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } قَالَ : هُوَ الْغِنَاء وَنَحْوه. * حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام بْن سَلْم , عَنْ عَمْرو ابْن أَبِي قَيْس , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنِ ابْن عَبَّاس , مِثْله. * حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن عَبْد الرَّحْمَن الْأَنْمَاطِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنِ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : هُوَ الْغِنَاء وَالِاسْتِمَاع لَهُ , يَعْنِي قَوْله : { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } 21364 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَبْد الرَّحِيم , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ قَابُوس ابْن أَبِي ظَبْيَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَابِر , فِي قَوْله : { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } قَالَ : هُوَ الْغِنَاء وَالِاسْتِمَاع لَهُ . 21365 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنِ ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنِ الْحَكَم أَوْ مِقْسَم , عَنْ مُجَاهِد , عَنِ ابْن عَبَّاس قَالَ : شِرَاء الْمُغَنِّيَة . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَفْص وَالْمُحَارِبِيّ , عَنْ لَيْث , عَنِ الْحَكَم , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : الْغِنَاء . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث لِيُضِلّ عَنْ سَبِيل اللَّه } قَالَ : بَاطِل الْحَدِيث : هُوَ الْغِنَاء وَنَحْوه . 21366 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار وَابْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حَبِيب , عَنْ مُجَاهِد { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } قَالَ : الْغِنَاء. * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر وَعَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنِ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } قَالَ : الْغِنَاء. * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب عَنْ مُجَاهِد قَالَ : الْغِنَاء . * قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ شُعْبَة , عَنِ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله. 21367 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مُجَاهِد { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } قَالَ : هُوَ الْغِنَاء , وَكُلّ لَعِب لَهْو . * حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن عَبْد الرَّحْمَن الْأَنْمَاطِيّ , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن حَفْص الْهَمْدَانِيّ , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } قَالَ : الْغِنَاء وَالِاسْتِمَاع لَهُ وَكُلّ لَهْو . 21368 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } قَالَ : الْمُغَنِّي وَالْمُغَنِّيَة بِالْمَالِ الْكَثِير , أَوْ اسْتِمَاع إِلَيْهِ , أَوْ إِلَى مِثْله مِنْ الْبَاطِل. * حَدَّثَنِي يَعْقُوب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } قَالَ : هُوَ الْغِنَاء أَوْ الْغِنَاء مِنْهُ , أَوْ الِاسْتِمَاع لَهُ . 21369 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَثَّامُ بْن عَلِيّ , عَنْ إِسْمَاعِيل ابْن أَبِي خَالِد , عَنْ شُعَيْب بْن يَسَار , عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : { لَهْو الْحَدِيث } : الْغِنَاء . 21370 - حَدَّثَنِي عُبَيْد بْن إِسْمَاعِيل الْهَبَّارِيّ , قَالَ : ثنا عَثَّامٌ , عَنْ إِسْمَاعِيل ابْن أَبِي خَالِد , عَنْ شُعَيْب بْن يَسَار هَكَذَا قَالَ عِكْرِمَة , عَنْ عُبَيْد مِثْله . * حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن الزِّبْرِقَان النَّخَعِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة وَعُبَيْد اللَّه , عَنْ أُسَامَة , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } قَالَ : الْغِنَاء . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أُسَامَة بْن زَيْد , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : الْغِنَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِاللَّهْوِ : الطَّبْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21371 - حَدَّثَنِي عَبَّاس بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا حَجَّاج الْأَعْوَر , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : اللَّهْو : الطَّبْل . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِلَهْوِ الْحَدِيث : الشِّرْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21372 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث } يَعْنِي الشِّرْك . 21373 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث لِيُضِلّ عَنْ سَبِيل اللَّه بِغَيْرِ عِلْم وَيَتَّخِذهَا هُزُوًا } قَالَ : هَؤُلَاءِ أَهْل الْكُفْر , أَلَا تَرَى إِلَى قَوْله : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا } فَلَيْسَ هَكَذَا أَهْل الْإِسْلَام , قَالَ : وَنَاس يَقُولُونَ : هِيَ فِيكُمْ , وَلَيْسَ كَذَلِكَ , قَالَ : وَهُوَ الْحَدِيث الْبَاطِل الَّذِي كَانُوا يَلْغُونَ فِيهِ . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ : عَنَى بِهِ كُلّ مَا كَانَ مِنَ الْحَدِيث مُلْهِيًا عَنْ سَبِيل اللَّه , مِمَّا نَهَى اللَّه عَنْ اسْتِمَاعه أَوْ رَسُوله ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَمّ بِقَوْلِهِ { لَهْو الْحَدِيث } وَلَمْ يُخَصِّص بَعْضًا دُونَ بَعْض , فَذَلِكَ عَلَى عُمُومه , حَتَّى يَأْتِيَ مَا يَدُلّ عَلَى خُصُوصه , وَالْغِنَاء وَالشِّرْك مِنْ ذَلِكَ . وَقَوْله : { لِيُضِلّ عَنْ سَبِيل اللَّه } يَقُول : لِيَصُدّ ذَلِكَ الَّذِي يَشْتَرِي مِنْ لَهْو الْحَدِيث عَنْ دِين اللَّه وَطَاعَته , وَمَا يُقَرِّب إِلَيْهِ مِنْ قِرَاءَة قُرْآن , وَذِكْر اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21374 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس { لِيُضِلّ عَنْ سَبِيل اللَّه } قَالَ : سَبِيل اللَّه : قِرَاءَة الْقُرْآن , وَذِكْر اللَّه إِذَا ذَكَرَهُ , وَهُوَ رَجُل مِنْ قُرَيْش اشْتَرَى جَارِيَة مُغَنِّيَة . وَقَوْله : { بِغَيْرِ عِلْم } يَقُول : فَعَلَ مَا فَعَلَ مِنْ اشْتِرَائِهِ لَهْو الْحَدِيث , جَهْلًا مِنْهُ بِمَا لَهُ فِي الْعَاقِبَة عِنْدَ اللَّه مِنْ وِزْر ذَلِكَ وَإِثْمه . وَقَوْله { وَيَتَّخِذهَا هُزُوًا } اخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة , وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة : " وَيَتَّخِذُهَا " رَفْعًا , عَطْفًا بِهِ عَلَى قَوْله : { يَشْتَرِي } كَأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَهُمْ : وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث , وَيَتَّخِذُ آيَات اللَّه هُزُوًا , وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : { وَيَتَّخِذَهَا } نَصْبًا عَطْفًا عَلَى يَضِلَّ , بِمَعْنَى : لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيل اللَّه , وَلِيَتَّخِذَهَا هُزُوًا . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ : أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ , فَمُصِيبٌ الصَّوَابَ فِي قِرَاءَته , وَالْهَاء وَالْأَلِف فِي قَوْله : { وَيَتَّخِذَهَا } مِنْ ذِكْر سَبِيل اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21375 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا } قَالَ : سَبِيل اللَّه. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ مِنْ ذِكْر آيَات الْكِتَاب . 21376 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : بِحَسْب الْمَرْء مِنْ الضَّلَالَة , أَنْ يَخْتَارَ حَدِيثَ الْبَاطِل عَلَى حَدِيث الْحَقّ , وَمَا يَضُرّ عَلَى مَا يَنْفَع . { وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا } يَسْتَهْزِئ بِهَا وَيُكَذِّب بِهَا. مِنْ أَنْ يَكُونَا مِنْ ذِكْر سَبِيل اللَّه أَشْبَهَ عِنْدِي لِقُرْبِهِمَا مِنْهَا , وَإِنْ كَانَ الْقَوْل الْآخَر غَيْر بَعِيد مِنْ الصَّوَاب , وَاتِّخَاذه ذَلِكَ هُزُوًا هُوَ اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِ . وَقَوْله : { أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَاب مُهِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْنَا أَنَّهُمْ يَشْتَرُونَ لَهْو الْحَدِيث لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيل اللَّه , لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة عَذَاب مُذِلّ مُخْزٍ فِي نَار جَهَنَّم .'; $TAFSEER['3']['31']['7'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا تُتْلَى عَلَى هَذَا الَّذِي اشْتَرَى لَهْو الْحَدِيث لِلْإِضْلَالِ عَنْ سَبِيل اللَّه , آيَات كِتَاب اللَّه , فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ { وَلَّى مُسْتَكْبِرًا } يَقُول : أَدْبَرَ عَنْهَا , وَاسْتَكْبَرَ اسْتِكْبَارًا , وَأَعْرَضَ عَنْ سَمَاع الْحَقّ وَالْإِجَابَة عَنْهُ { كَأَنْ لَمْ يَسْمَعهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا } يَقُول : ثِقَلًا , فَلَا يُطِيق مِنْ أَجْله سَمَاعَهُ , كَمَا : 21377 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا } قَالَ : ثِقَلًا . وَقَوْله { فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَبَشِّرْ هَذَا الْمُعْرِض عَنْ آيَات اللَّه إِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِ اسْتِكْبَارًا بِعَذَابٍ لَهُ مِنْ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة مُوجِع , وَذَلِكَ عَذَاب النَّار .'; $TAFSEER['3']['31']['8'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَهُمْ جَنَّات النَّعِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا } بِاللَّهِ فَوَحَّدُوهُ , وَصَدَّقُوا رَسُولَهُ وَاتَّبَعُوهُ { وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } يَقُول : فَأَطَاعُوا اللَّه , فَعَمِلُوا بِمَا أَمَرَهُمْ فِي كِتَابه وَعَلَى لِسَان رَسُوله , وَانْتَهَوْا عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ { لَهُمْ جَنَّات النَّعِيم } يَقُول : لِهَؤُلَاءِ بَسَاتِين النَّعِيم'; $TAFSEER['3']['31']['9'] = '{ خَالِدِينَ فِيهَا } يَقُول : مَاكِثِينَ فِيهَا إِلَى غَيْر نِهَايَة { وَعْد اللَّه حَقًّا } يَقُول : وَعَدَهُمْ اللَّه وَعْدًا حَقًّا , لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا خُلْف لَهُ { وَهُوَ الْعَزِيز } يَقُول : وَهُوَ الشَّدِيد فِي انْتِقَامه مِنْ أَهْل الشِّرْك بِهِ , وَالصَّادِّينَ عَنْ سَبِيله , { الْحَكِيم } فِي تَدْبِير خَلْقه .'; $TAFSEER['3']['31']['10'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { خَلَقَ السَّمَاوَات بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنْ حِكْمَته أَنَّهُ { خَلَقَ السَّمَاوَات } السَّبْع { بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَهَا } وَقَدْ ذَكَرْت فِيمَا مَضَى اخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله { بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَهَا } وَبَيَّنَّا الصَّوَابَ مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا , وَقَدْ : 21378 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن مُعَاذ , عَنْ عِمْرَان بْن حُدَيْرٍ , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس { بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَهَا } قَالَ : لَعَلَّهَا بِعَمَدٍ لَا تَرَوْنَهَا . 21379 - وَقَالَ : ثنا الْعَلَاء بْن عَبْد الْجَبَّار , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ حُمَيْد , عَنِ الْحَسَن بْن مُسْلِم , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : إِنَّهَا بِعَمَدٍ لَا تَرَوْنَهَا . * قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ شَرِيك , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَعَلَّهَا بِعَمَدٍ لَا تَرَوْنَهَا . 21380- حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة فِي هَذَا الْحَرْف { خَلَقَ السَّمَاوَات بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَهَا } قَالَ : تَرَوْنَهَا بِغَيْرِ عَمَد , وَهِيَ بِعَمَدٍ . 21381 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { خَلَقَ السَّمَاوَات بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَهَا } قَالَ : قَالَ الْحَسَن وَقَتَادَة : إِنَّهَا بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَهَا , لَيْسَ لَهَا عَمَد . وَقَالَ ابْن عَبَّاس { بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَهَا } قَالَ : لَهَا عَمَد لَا تَرَوْنَهَا . وَقَوْله : { وَأَلْقَى فِي الْأَرْض رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ } يَقُول : وَجَعَلَ عَلَى ظَهْر الْأَرْض رَوَاسِيَ , وَهِيَ ثَوَابِت الْجِبَال { أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ } أَنْ لَا تَمِيدَ بِكُمْ . يَقُول : أَنْ لَا تَضْطَرِب بِكُمْ , وَلَا تَتَحَرَّك يَمْنَة وَلَا يَسْرَة , وَلَكِنْ تَسْتَقِرّ بِكُمْ , كَمَا : 21382 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَأَلْقَى فِي الْأَرْض رَوَاسِيَ } : أَيْ جِبَالًا { أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ } أَثْبَتَهَا بِالْجِبَالِ , وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا أَقَرَّتْ عَلَيْهَا خَلْقًا , وَذَلِكَ كَمَا قَالَ الرَّاجِز : وَالْمَهْر يَأْبَى أَنْ يَزَالَ مُلَهَّبًا بِمَعْنَى : لَا يَزَال. وَقَوْله : { وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلّ دَابَّة } يَقُول : وَفَرَّقَ فِي الْأَرْض مِنْ كُلّ أَنْوَاع الدَّوَابّ . وَقِيلَ الدَّوَابّ اسْم لِكُلِّ مَا أَكَلَ وَشَرِبَ , وَهُوَ عِنْدِي لِكُلِّ مَا دَبَّ عَلَى الْأَرْض . وَقَوْله : { وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْج كَرِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَطَرًا , فَأَنْبَتْنَا بِذَلِكَ الْمَطَرَ فِي الْأَرْض مِنْ كُلّ زَوْج , يَعْنِي : مِنْ كُلّ نَوْع مِنْ النَّبَات كَرِيم , وَهُوَ الْحَسَن النَّبْتَة , كَمَا : 21383 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { مِنْ كُلّ زَوْج كَرِيم } : أَيْ حَسَن .'; $TAFSEER['3']['31']['11'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هَذَا خَلْق اللَّه فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الَّذِي أَعْدَدْت عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس أَنِّي خَلَقْته فِي هَذِهِ الْآيَة خَلْق اللَّه الَّذِي لَهُ أُلُوهَة كُلّ شَيْء , وَعِبَادَة كُلّ خَلْق , الَّذِي لَا تَصْلُح الْعِبَادَة لِغَيْرِهِ , وَلَا تَنْبَغِي لِشَيْءٍ سِوَاهُ , فَأَرُونِي أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ فِي عِبَادَتكُمْ إِيَّاهُ مَنْ دُونَهُ مِنَ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان , أَيّ شَيْء خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونه مِنْ آلِهَتكُمْ وَأَصْنَامكُمْ , حَتَّى اسْتَحَقَّتْ عَلَيْكُمْ الْعِبَادَةَ فَعَبَدْتُمُوهَا مِنْ دُونه , كَمَا اسْتَحَقَّ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ خَالِقكُمْ , وَخَالِق هَذِهِ الْأَشْيَاء الَّتِي عَدَدْتهَا عَلَيْكُمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21384 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْلُهُ : { هَذَا خَلْق اللَّه } مَا ذُكِرَ مِنْ خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض , وَمَا بَثَّ مِنْ الدَّوَابّ , وَمَا أَنْبَتَ مِنْ كُلّ زَوْج كَرِيم , فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونه الْأَصْنَام الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونه . وَقَوْله : { بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَال مُبِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا عَبَدَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام مِنْ أَجْل أَنَّهَا تَخْلُق شَيْئًا , وَلَكِنَّهُمْ دَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَتهَا ضَلَالهمْ , وَذَهَابهمْ عَنْ سَبِيل الْحَقّ , فَهُمْ فِي ضَلَال. يَقُول : فَهُمْ فِي جَوْر عَنِ الْحَقّ , وَذَهَاب عَنْ الِاسْتِقَامَة { مُبِين } يَقُول : يَبِين لِمَنْ تَأَمَّلَهُ , وَنَظَرَ فِيهِ وَفَكَّرَ بِعَقْلٍ أَنَّهُ ضَلَال لَا هُدًى .'; $TAFSEER['3']['31']['12'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْفِقْهَ فِي الدِّين , وَالْعَقْل , وَالْإِصَابَةَ فِي الْقَوْل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21385 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ } قَالَ : الْفِقْه وَالْعَقْل وَالْإِصَابَة فِي الْقَوْل مِنْ غَيْر نُبُوَّة . 21386 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ } أَيْ الْفِقْهَ فِي الْإِسْلَام . قَالَ قَتَادَة : وَلَمْ يَكُنْ نَبِيًّا , وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ . * حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُس , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ } قَالَ : الْحِكْمَة : الصَّوَاب , وَقَالَ غَيْر أَبِي بِشْر : الصَّوَاب فِي غَيْر النُّبُوَّة . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنِ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد , أَنَّهُ قَالَ : كَانَ لُقْمَان رَجُلًا صَالِحًا , وَلَمْ يَكُنْ نَبِيًّا . 21387 - حَدَّثَنِي نَصْر بْن عَبْد الرَّحْمَن الْأَوْدِيّ وَابْن حُمَيْد , قَالَا : ثنا حَكَّام , عَنْ سَعِيد الزُّبَيْدِيّ , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : كَانَ لُقْمَان الْحَكِيم عَبْدًا حَبَشِيًّا , غَلِيظ الشَّفَتَيْنِ , مُصَفَّح الْقَدَمَيْنِ , قَاضِيًا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل . * حَدَّثَنِي عِيسَى بْن عُثْمَان بْن عِيسَى الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن عِيسَى عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : كَانَ لُقْمَان عَبْدًا أَسْوَد , عَظِيمَ الشَّفَتَيْنِ , مُشَقَّق الْقَدَمَيْنِ . 21388 - حَدَّثَنِي عَبَّاس بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا خَالِد بْن مَخْلَد , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن بِلَال , قَالَ : ثني يَحْيَى بْن سَعِيد قَالَ : سَمِعْت سَعِيدَ بْن الْمُسَيِّب يَقُول : كَانَ لُقْمَان الْحَكِيم أَسْوَد مِنْ سُودَان مِصْر . 21389 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ لُقْمَان عَبْدًا حَبَشِيًّا . 21390 -حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبِي , قَالَ : ثنا الْأَوْزَاعِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن حَرْمَلَة , قَالَ : جَاءَ أَسْوَد إِلَى سَعِيد بْن الْمُسَيِّب يَسْأَل , فَقَالَ لَهُ سَعِيد : لَا تَحْزَن مِنْ أَجْل أَنَّك أَسْوَد , فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ خَيْر النَّاس ثَلَاثَة مِنْ السُّودَان : بِلَال , وَمَهْجَع مَوْلَى عُمَر بْن الْخَطَّاب , وَلُقْمَان الْحَكِيم , كَانَ أَسْوَد نُوبِيًّا ذَا مَشَافِر . 21391 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِي الْأَشْهَب , عَنْ خَالِد الرَّبَعِيّ , قَالَ : كَانَ لُقْمَان عَبْدًا حَبَشِيًّا نَجَّارًا , فَقَالَ لَهُ مَوْلَاهُ : اذْبَحْ لَنَا هَذِهِ الشَّاة , فَذَبَحَهَا. قَالَ : أَخِّرْ أَطْيَب مُضْغَتَيْنِ فِيهَا , فَأَخْرَجَ اللِّسَانَ وَالْقَلْبَ. ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّه , ثُمَّ قَالَ : اذْبَحْ لَنَا هَذِهِ الشَّاةَ , فَذَبَحَهَا , فَقَالَ : أَخْرِجْ أَخْبَث مُضْغَتَيْنِ فِيهَا , فَأَخْرَجَ اللِّسَانَ وَالْقَلْبَ , فَقَالَ لَهُ مَوْلَاهُ : أَمَرْتُك أَنْ تُخْرِجَ أَطْيَبَ مُضْغَتَيْنِ فِيهَا فَأَخْرَجْتهمَا , وَأَمَرْتُك أَنْ تُخْرِجَ أَخْبَثَ مُضْغَتَيْنِ فِيهَا فَأَخْرَجْتهمَا ! فَقَالَ لَهُ لُقْمَان : إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْء أَطْيَب مِنْهُمَا إِذَا طَابَا , وَلَا أَخْبَث مِنْهُمَا إِذَا خَبُثَا . 21392 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا الْحَكَم , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن قَيْس , قَالَ : كَانَ لُقْمَان عَبْدًا أَسْوَد , غَلِيظَ الشَّفَتَيْنِ , مُصَفَّح الْقَدَمَيْنِ , فَأَتَاهُ رَجُل , وَهُوَ فِي مَجْلِس أُنَاس يُحَدِّثهُمْ , فَقَالَ لَهُ : أَلَسْت الَّذِي كُنْت تَرْعَى مَعِي الْغَنَمَ فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَمَا بَلَغَ بِك مَا أَرَى ؟ قَالَ : صِدْق الْحَدِيث , وَالصَّمْت عَمَّا لَا يَعْنِينِي . 21393 -حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ مُجَاهِد { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ } قَالَ : الْقُرْآنَ . 21394 - قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْحِكْمَة : الْأَمَانَة . وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَ نَبِيًّا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21395 -حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : كَانَ لُقْمَان نَبِيًّا . وَقَوْله : { أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ } : يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ , أَنْ احْمَدْ اللَّه عَلَى مَا آتَاك مِنْ فَضْله ; وَجَعَلَ قَوْله { أَنِ اشْكُرْ } تَرْجَمَة عَنِ الْحِكْمَة ; لِأَنَّ مِنْ الْحِكْمَة الَّتِي كَانَ أُوتِيَهَا , كَانَ شُكْره اللَّه عَلَى مَا آتَاهُ . وَقَوْله : { وَمَنْ يَشْكُر فَإِنَّمَا يَشْكُر لِنَفْسِهِ } يَقُول : وَمَنْ يَشْكُر اللَّه عَلَى نِعَمه عِنْدَهُ فَإِنَّمَا يَشْكُر لِنَفْسِهِ ; لِأَنَّ اللَّهَ يُجْزِل لَهُ عَلَى شُكْره إِيَّاهُ الثَّوَابَ , وَيُنْقِذهُ بِهِ مِنَ الْهَلَكَة . { وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّه غَنِيّ حَمِيد } يَقُول : وَمَنْ كَفَرَ نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْهِ , إِلَى نَفْسه أَسَاءَ ; لِأَنَّ اللَّهَ مُعَاقِبُهُ عَلَى كُفْرَانه إِيَّاهُ , وَاللَّه غَنِيّ عَنْ شُكْره إِيَّاهُ عَلَى نِعَمه , لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَيْهِ ; لِأَنَّ شُكْرَهُ إِيَّاهُ لَا يَزِيد فِي سُلْطَانه , وَلَا يَنْقُص كُفْرَانه إِيَّاهُ مِنْ مُلْكه , وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ { حَمِيد } مَحْمُود عَلَى كُلّ حَال , لَهُ الْحَمْد عَلَى نِعَمه , كَفَرَ الْعَبْد نِعْمَتَهُ أَوْ شَكَرَهُ عَلَيْهَا ; وَهُوَ مَصْرُوف مِنْ مَفْعُول إِلَى فَعِيلٍ .'; $TAFSEER['3']['31']['13'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذْ قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظهُ يَا بُنَيّ لَا تُشْرِك بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْم عَظِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّد { إِذْ قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظهُ يَا بُنَيّ لَا تُشْرِك بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْم عَظِيم } يَقُول : لَخَطَأ مِنْ الْقَوْل عَظِيم .'; $TAFSEER['3']['31']['14'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمّه وَهْنًا عَلَى وَهْن } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَمَرْنَا الْإِنْسَانَ بِبِرِّ وَالِدَيْهِ { حَمَلَتْهُ أُمّه وَهْنًا عَلَى وَهْن } يَقُول : ضَعْفًا عَلَى ضَعْف , وَشِدَّة عَلَى شِدَّة ; وَمِنْهُ قَوْل زُهَيْر : فَلَنْ يَقُولُوا بِحَبْلٍ وَاهِن خَلَقٍ لَوْ كَانَ قَوْمك فِي أَسْبَابه هَلَكُوا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , غَيْر أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي الْمَعْنِيّ بِذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِهِ الْحَمْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21396 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمّه وَهْنًا عَلَى وَهْن } يَقُول : شِدَّة بَعْد شِدَّة , وَخَلْقًا بَعْدَ خَلْق . 21397 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { وَهْنًا عَلَى وَهْن } يَقُول : ضَعْفًا عَلَى ضَعْف . 21398 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { حَمَلَتْهُ أُمّه وَهْنًا عَلَى وَهْن } أَيْ جَهْدًا عَلَى جَهْد . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِهِ : وَهْن الْوَلَد وَضَعْفه عَلَى ضَعْف الْأُمّ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21399 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَهْنًا عَلَى وَهْن } قَالَ : وَهْن الْوَلَد عَلَى وَهْن الْوَالِدَة وَضَعْفهَا . وَقَوْله : { وَفِصَاله فِي عَامَيْنِ } يَقُول : وَفِطَامه فِي انْقِضَاء عَامَيْنِ , وَقِيلَ : { وَفِصَاله فِي عَامَيْنِ } وَتَرَكَ ذِكْر وَانْقِضَاء " اكْتِفَاء بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ , كَمَا قِيلَ : { وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا } 12 82 يُرَاد بِهِ أَهْل الْقَرْيَة. وَقَوْله : { أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك } يَقُول : وَعَهِدْنَا إِلَيْهِ أَنْ اشْكُرْ لِي عَلَى نِعَمِي عَلَيْك , وَلِوَالِدَيْك تَرْبِيَتهمَا إِيَّاكَ , وَعِلَاجَهُمَا فِيك مَا عَالَجَا مِنْ الْمَشَقَّة حَتَّى اسْتَحْكَمَ قُوَاك . وَقَوْله : { إِلَيَّ الْمَصِير } يَقُول : إِلَى اللَّه مَصِيرك أَيّهَا الْإِنْسَان , وَهُوَ سَائِلُك عَمَّا كَانَ مِنْ شُكْرك لَهُ عَلَى نِعَمه عَلَيْك , وَعَمَّا كَانَ مِنْ شُكْرك لِوَالِدَيْك , وَبِرّك بِهِمَا عَلَى مَا لَقِيَا مِنْك مِنَ الْعَنَاء وَالْمَشَقَّة فِي حَال طُفُولِيَّتك وَصِبَاك , وَمَا اصْطَنَعَا إِلَيْك فِي بِرّهمَا بِك , وَتَحَنُّنهمَا عَلَيْك . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْن سَعْد ابْن أَبِي وَقَّاص وَأُمّه. ذِكْر الرِّوَايَة الْوَارِدَة فِي ذَلِكَ : 21400 - حَدَّثَنَا هَنَّاد بْن السَّرِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد , قَالَ : حَلَفَتْ أُمّ سَعْد أَنْ لَا تَأْكُل وَلَا تَشْرَب , حَتَّى يَتَحَوَّلَ سَعْد عَنْ دِينه . قَالَ : فَأَبَى عَلَيْهَا , فَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى غَشِيَ عَلَيْهَا . قَالَ : فَأَتَاهَا بَنُوهَا فَسَقَوْهَا . قَالَ : فَلَمَّا أَفَاقَتْ دَعَتْ اللَّهَ عَلَيْهِ , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ } إِلَى قَوْله : { فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا } 21401- حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر ; قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَالَتْ أُمّ سَعْد لِسَعْدٍ : أَلَيْسَ اللَّه قَدْ أَمَرَ بِالْبِرِّ , فَوَاللَّهِ لَا أَطْعَم طَعَامًا وَلَا أَشْرَب شَرَابًا حَتَّى أَمُوت أَوْ تَكْفُر ! قَالَ : فَكَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُطْعِمُوهَا شَجَرُوا فَاهَا بِعَصًا , ثُمَّ أَوْجَرُوهَا , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ } 21402 -حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , قَالَ : قَالَ سَعْد بْن مَالِك : نَزَلَتْ فِيَّ : { وَإِنْ جَاهَدَاك عَلَى أَنْ تُشْرِك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبهمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا } قَالَ : لَمَّا أَسْلَمْت , حَلَفَتْ أُمِّي لَا تَأْكُل طَعَامًا وَلَا تَشْرَب شَرَابًا , قَالَ : فَنَاشَدْتهَا أَوَّل يَوْم , فَأَبَتْ وَصَبَرَتْ ; فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّانِي نَاشَدْتهَا , فَأَبَتْ ; فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث نَاشَدْتهَا فَأَبَتْ , فَقُلْت : وَاللَّه لَوْ كَانَتْ لَك مِئَة نَفْس لَخَرَجَتْ قَبْل أَنْ أَدَعَ دِينِي هَذَا ; فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ , وَعَرَفَتْ أَنِّي لَسْت فَاعِلًا أَكَلَتْ. 21403 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : سَمِعْت أَبَا هُبَيْرَة يَقُول : قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي سَعْد ابْن أَبِي وَقَّاص { وَإِنْ جَاهَدَاك عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم فَلَا تُطِعْهُمَا } الْآيَة.'; $TAFSEER['3']['31']['15'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ جَاهَدَاك عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبهمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنْ جَاهَدَك أَيّهَا الْإِنْسَان وَالِدَاك عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي فِي عِبَادَتك إِيَّايَ مَعِي غَيْرِي مِمَّا لَا تَعْلَم أَنَّهُ لِي شَرِيك , وَلَا شَرِيك لَهُ تَعَالَى ذِكْره عُلُوًّا كَبِيرًا , فَلَا تُطِعْهُمَا فِيمَا أَرَادَاك عَلَيْهِ مِنْ الشِّرْك بِي , { وَصَاحِبهمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا } يَقُول : وَصَاحِبهمَا فِي الدُّنْيَا بِالطَّاعَةِ لَهُمَا فِيمَا لَا تَبِعَة عَلَيْك فِيهِ فِيمَا بَيْنَك وَبَيْنَ رَبّك وَلَا إِثْم . وَقَوْله : { وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ } يَقُول : وَاسْلُكْ طَرِيقَ مَنْ تَابَ مِنْ شِرْكه , وَرَجَعَ إِلَى الْإِسْلَام , وَاتَّبَعَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21404 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ } : أَيْ مَنْ أَقْبَلَ إِلَيَّ . وَقَوْله : { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعكُمْ فَأُنَبِّئكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } فَإِنَّ إِلَيَّ مَصِيركُمْ وَمُعَادكُمْ بَعْد مَمَاتكُمْ فَأُخْبِركُمْ بِجَمِيعِ مَا كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا تَعْمَلُونَ مِنْ خَيْر وَشَرّ , ثُمَّ أُجَازِيكُمْ عَلَى أَعْمَالكُمْ , الْمُحْسِن مِنْكُمْ بِإِحْسَانِهِ , وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : مَا وَجْه اعْتِرَاض هَذَا الْكَلَام بَيْن الْخَبَر عَنْ وَصِيَّة لُقْمَان ابْنَهُ ؟ قِيلَ ذَلِكَ أَيْضًا , وَإِنْ كَانَ خَبَرًا مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْ وَصِيَّته عِبَاده بِهِ , وَأَنَّهُ إِنَّمَا أَوْصَى بِهِ لُقْمَان ابْنه , فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَام : { وَإِذْ قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظهُ يَا بُنَيّ لَا تُشْرِك بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْك لَظُلْم عَظِيم } وَلَا تُطِعْ فِي الشِّرْك بِهِ وَالِدَيْك { وَصَاحِبهمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا } فَإِنَّ اللَّهَ وَصَّى بِهِمَا , فَاسْتُؤْنِفَ الْكَلَام عَلَى وَجْه الْخَبَر مِنْ اللَّه , وَفِيهِ هَذَا الْمَعْنَى , فَذَلِكَ وَجْه اعْتِرَاض ذَلِكَ بَيْن الْخَبَر عَنْ وَصِيَّته .'; $TAFSEER['3']['31']['16'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا بُنَيّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَال حَبَّة مِنْ خَرْدَل فَتَكُنْ فِي صَخْرَة أَوْ فِي السَّمَاوَات أَوْ فِي الْأَرْض يَأْتِ بِهَا اللَّه } اخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى الْهَاء وَالْأَلِف اللَّتَيْنِ فِي قَوْله { إِنَّهَا } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : ذَلِكَ كِنَايَة عَنِ الْمَعْصِيَة وَالْخَطِيئَة . وَمَعْنَى الْكَلَام عِنْدَهُ : يَا بُنَيّ إِنَّ الْمَعْصِيَةَ إِنْ تَكُ مِثْقَال حَبَّة مِنْ خَرْدَل , أَوْ إِنَّ الْخَطِيئَةَ . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : وَهَذِهِ الْهَاء عِمَاد . وَقَالَ : أَنَّثَ تَكُ ; لِأَنَّهُ يُرَاد بِهَا الْحَبَّة , فَذَهَبَ بِالتَّأْنِيثِ إِلَيْهَا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَتَشْرَق بِالْقَوْلِ الَّذِي قَدْ أَذَعْته كَمَا شَرِقَتْ صَدْر الْقَنَاة مِنْ الدَّم وَقَالَ صَاحِب هَذِهِ الْمَقَالَة : يَجُوز نَصْب الْمِثْقَال وَرَفْعه ; قَالَ : فَمَنْ رَفَعَ رَفَعَهُ بِتَكُ , وَاحْتَمَلَتْ النَّكِرَة أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا فِعْل فِي كَانَ وَلَيْسَ وَأَخَوَاتهَا , وَمَنْ نَصَبَ جَعَلَ فِي تَكُنْ اسْمًا مُضْمَرًا مَجْهُولًا مِثْل الْهَاء الَّتِي فِي قَوْله { إِنَّهَا إِنْ تَكُ } : وَمِثْله قَوْله : { فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَار } 22 46 قَالَ : وَلَوْ كَانَ إِنْ يَكُ مِثْقَال حَبَّة كَانَ صَوَابًا , وَجَازَ فِيهِ الْوَجْهَانِ , وَأَمَّا صَاحِب الْمَقَالَة الْأُولَى , فَإِنْ نَصَبَ مِثْقَالَ فِي قَوْله , عَلَى أَنَّهُ خَبَر , وَتَمَام كَانَ , وَقَالَ : رَفَعَ بَعْضهمْ فَجَعَلَهَا كَانَ الَّتِي لَا تَحْتَاج إِلَى خَبَر . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ عِنْدِي , الْقَوْل الثَّانِي : لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَمْ يَعِد عِبَادَهُ أَنْ يُوفِيَهُمْ جَزَاء سَيِّئَاتهمْ دُون جَزَاء حَسَنَاتهمْ , فَيُقَال : إِنَّ الْمَعْصِيَةَ إِنْ تَكُ مِثْقَال حَبَّة مِنْ خَرْدَل يَأْتِ اللَّه بِهَا , بَلْ وَعَدَ كِلَا الْعَامِلَيْنِ أَنْ يُوفِيَهُ جَزَاء أَعْمَالهمَا , فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , كَانَتْ الْهَاء فِي قَوْله { إِنَّهَا } بِأَنْ تَكُونَ عِمَادًا أَشْبَهَ مِنْهَا بِأَنْ تَكُونَ كِنَايَة عَنِ الْخَطِيئَة وَالْمَعْصِيَة. وَأَمَّا النَّصْب فِي الْمِثْقَال , فَعَلَى أَنَّ فِي " تَكُ " مَجْهُولًا , وَالرَّفْع فِيهِ عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ مُضْمَر , كَأَنَّهُ قِيلَ : إِنْ تَكُ فِي مَوْضِع مِثْقَال حَبَّة ; لِأَنَّ النَّكِرَات تُضْمَر أَخْبَارهَا , ثُمَّ يُتَرْجَم عَنِ الْمَكَان الَّذِي فِيهِ مِثْقَال الْحَبَّة . وَعَنَى بِقَوْلِهِ : { مِثْقَال حَبَّة } : زِنَة حَبَّة , فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَنْ : إِنَّ الْأَمْرَ إِنْ تَكُ زِنَة حَبَّة مِنْ خَرْدَل مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ عَمِلَتْهُ , فَتَكُنْ فِي صَخْرَة , أَوْ فِي السَّمَاوَات , أَوْ فِي الْأَرْض , يَأْتِ بِهَا اللَّه يَوْم الْقِيَامَة , حَتَّى يُوفِيَك جَزَاءَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21405- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا بُنَيّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَال حَبَّة مِنْ خَرْدَل } مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله { فَتَكُنْ فِي صَخْرَة } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِهَا الصَّخْرَة الَّتِي عَلَيْهَا الْأَرْض ; وَذَلِكَ قَوْلٌ رُوِيَ عَنِ ابْن عَبَّاس وَغَيْره , وَقَالُوا : هِيَ صَخْرَة خَضْرَاء. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21406 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا ابْن إِدْرِيس , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث , قَالَ : الصَّخْرَة خَضْرَاء عَلَى ظَهْر حُوت. 21407 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ فِي خَبَر ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِك عَنْ أَبِي صَالِح , عَنِ ابْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة , عَنْ عَبْد اللَّه , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خَلَقَ اللَّه الْأَرْض عَلَى حُوت , وَالْحُوت هُوَ النُّون الَّذِي ذَكَرَ اللَّه فِي الْقُرْآن { ن وَالْقَلَم وَمَا يَسْطُرُونَ } 68 1 وَالْحُوت فِي الْمَاء , وَالْمَاء عَلَى ظَهْر صَفَاة , وَالصَّفَاة عَلَى ظَهْر مَلَك , وَالْمَلَك عَلَى صَخْرَة , وَالصَّخْرَة فِي الرِّيح , وَهِيَ الصَّخْرَة الَّتِي ذَكَرَ لُقْمَان لَيْسَتْ فِي السَّمَاء , وَلَا فِي الْأَرْض . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِهَا الْجِبَال , قَالُوا : وَمَعْنَى الْكَلَام : فَتَكُنْ فِي جَبَل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21408 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { فَتَكُنْ فِي صَخْرَة } : أَيْ جَبَل. وَقَوْله : { يَأْتِ بِهَا اللَّه } كَانَ بَعْضهمْ يُوَجِّه مَعْنَاهُ إِلَى يَعْلَمهُ اللَّه , وَلَا أَعْرِف يَأْتِي بِهِ , بِمَعْنَى يَعْلَمهُ , إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَائِل ذَلِكَ أَرَادَ أَنَّ لُقْمَان , إِنَّمَا وَصَفَ اللَّه بِذَلِكَ ; لِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَم أَمَاكِنَهُ , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَكَان شَيْء مِنْهُ فَيَكُون وَجْهًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21409 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن وَيَحْيَى , قَالَا : ثنا أَبُو سُفْيَان , عَنِ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك { فَتَكُنْ فِي صَخْرَة أَوْ فِي السَّمَاوَات أَوْ فِي الْأَرْض يَأْتِ بِهَا اللَّه } قَالَ : يَعْلَمهَا اللَّه . *- حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن مَهْدِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنِ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , مِثْله . وَقَوْله : { إِنَّ اللَّهَ لَطِيف خَبِير } يَقُول : إِنَّ اللَّهَ لَطِيف بِاسْتِخْرَاجِ الْحَبَّة مِنْ مَوْضِعهَا حَيْثُ كَانَتْ خَبِير بِمَوْضِعِهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21410- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِنَّ اللَّهَ لَطِيف خَبِير } : أَيْ لَطِيف بِاسْتِخْرَاجِهَا خَبِير بِمُسْتَقَرَّهَا.'; $TAFSEER['3']['31']['17'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا بُنَيّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَر وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَك إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْم الْأُمُور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل لُقْمَان لِابْنِهِ { يَا بُنَيّ أَقِمِ الصَّلَاةَ } بِحُدُودِهَا { وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ } يَقُول : وَأْمُرْ النَّاس بِطَاعَةِ اللَّه , وَاتِّبَاع أَمْره { وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَر } يَقُول : وَانْهَ النَّاس عَنْ مَعَاصِي اللَّه وَمُوَاقَعَة مَحَارِمه { وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَك } يَقُول : وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَك مِنَ النَّاس فِي ذَات اللَّه إِذَا أَنْتَ أَمَرْتهمْ بِالْمَعْرُوفِ , وَنَهَيْتهمْ عَنِ الْمُنْكَر , وَلَا يَصُدُّنَّك عَنْ ذَلِكَ مَا نَالَك مِنْهُمْ { إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْم الْأُمُور } يَقُول : إِنَّ ذَلِكَ مِمَّا أَمَرَ اللَّه بِهِ مِنَ الْأُمُور عَزْمًا مِنْهُ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21411 - حَدَّثَنِي حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { يَا بُنَيّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَر وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَك } قَالَ : اصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَك مِنَ الْأَذَى فِي ذَلِكَ { إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْم الْأُمُور } قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ مِمَّا عَزَمَ اللَّه عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُور , يَقُول : مِمَّا أَمَرَ اللَّه بِهِ مِنَ الْأُمُور .'; $TAFSEER['3']['31']['18'] = 'الْقَوْل فِي . تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تُصَعِّر خَدَّك لِلنَّاسِ } اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَلَا تُصَعِّر } فَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْكُوفَة وَالْمَدَنِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ : { وَلَا تُصَعِّر } عَلَى مِثَال تُفَعِّل , وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْمَكِّيِّينَ وَعَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة وَالْبَصْرَة : " وَلَا تُصَاعِر " عَلَى مِثَال تُفَاعِل . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنَ الْقُرَّاء , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيبٌ . وَتَأْوِيل الْكَلَام : وَلَا تُعْرِض بِوَجْهِك عَمَّنْ كَلَّمْته تَكَبُّرًا وَاسْتِحْقَارًا لِمَنْ تُكَلِّمهُ ; وَأَصْل الصَّعَر دَاء يَأْخُذ الْإِبِل فِي أَعْنَاقهَا أَوْ رُءُوسهَا حَتَّى تَلِفَتْ أَعْنَاقهَا عَنْ رُءُوسهَا , فَيُشَبَّه بِهِ الرَّجُل الْمُتَكَبِّر عَلَى النَّاس , وَمِنْهُ قَوْل عَمْرو بْن حُنَيٍّ التَّغْلِبِيّ : وَكُنَّا إِذَا الْجَبَّار صَعَّرَ خَدَّهُ أَقَمْنَا لَهُ مِنْ مَيْله فَتَقَوَّمَا وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ نَحْو الَّذِي قُلْنَا فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21412 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس { وَلَا تُصَعِّر خَدّك لِلنَّاسِ } يَقُول : وَلَا تَتَكَبَّرْ فَتُحَقِّر عِبَادَ اللَّه , وَتُعْرِض عَنْهُمْ بِوَجْهِك إِذَا كَلَّمُوك . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { وَلَا تُصَعِّر خَدَّك لِلنَّاسِ } يَقُول : لَا تُعْرِض بِوَجْهِك عَنْ النَّاس تَكَبُّرًا . 21413 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَلَا تُصَعِّر } قَالَ : الصُّدُود وَالْإِعْرَاض بِالْوَجْهِ عَنْ النَّاس . 21414 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا زَيْد ابْن أَبِي الزَّرْقَاء , عَنْ جَعْفَر بْن بُرْقَان , عَنْ يَزِيد فِي هَذِهِ الْآيَة { وَلَا تُصَعِّر خَدَّك لِلنَّاسِ } قَالَ : إِذَا كَلَّمَك الْإِنْسَان لَوَيْت وَجْهَك , وَأَعْرَضْت عَنْهُ مَحْقَرَة لَهُ . 21415 -حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا خَالِد بْن حَيَّان الرَّقِّيّ , عَنْ جَعْفَر بْن مَيْمُون بْن مِهْرَان , قَالَ : هُوَ الرَّجُل يُكَلِّم الرَّجُل فَيَلْوِي وَجْهَهُ . 21416 -حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن الْأَسْوَد , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن رَبِيعَة , قَالَ : ثنا أَبُو مَكِين , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله { وَلَا تُصَعِّر خَدَّك لِلنَّاسِ } قَالَ : لَا تُعْرِض بِوَجْهِك . 21417 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عِيد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله { وَلَا تُصَعِّر خَدَّك لِلنَّاسِ } يَقُول : لَا تُعْرِض عَنْ النَّاس , يَقُول : أَقْبِلْ عَلَى النَّاس بِوَجْهِك وَحُسْن خُلُقِك. 21418 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { وَلَا تُصَعِّر خَدَّك لِلنَّاسِ } قَالَ : تَصْعِير الْخَدّ : التَّجَبُّر وَالتَّكَبُّر عَلَى النَّاس وَمَحْقَرَتهمْ . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِي مَكِين , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : الْإِعْرَاض . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ أَنْ يَفْعَلَهُ لِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ صَعَر , لَا عَلَى وَجْه التَّكَبُّر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21419 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع وَابْن حُمَيْد , قَالَا : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { وَلَا تُصَعِّر خَدَّك لِلنَّاسِ } قَالَ : الرَّجُل يَكُون بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ الْإِحْنَة , فَيَرَاهُ فَيُعْرِض عَنْهُ . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { وَلَا تُصَعِّر خَدَّك لِلنَّاسِ } قَالَ : هُوَ الرَّجُل بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ إِحْنَة فَيُعْرِض عَنْهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ التَّشْدِيق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21420 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : هُوَ التَّشْدِيق. * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ الْمُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : هُوَ التَّشْدِيق أَوْ التَّشَدُّق " الطَّبَرِيّ يَشُكّ " . * حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن طَلْحَة , قَالَ : ثنا فُضَيْل بْن عِيَاض , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم مِثْله . وَقَوْله { وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْض مَرَحًا } يَقُول : وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْض مُخْتَالًا . كَمَا : 21421 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك , يَقُول فِي قَوْله { وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْض مَرَحًا } يَقُول : بِالْخُيَلَاءِ . 21422 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَلَا تُصَعِّر خَدَّك لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْض مَرَحًا إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ كُلَّ مُخْتَال فَخُور } قَالَ : نَهَاهُ عَنْ التَّكَبُّر . وَقَوْله { إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبّ كُلَّ مُخْتَال } مُتَكَبِّر ذِي فَخْر . كَمَا : 21423 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { كُلّ مُخْتَال فَخُور } قَالَ : مُتَكَبِّر . وَقَوْله : فَخُور : قَالَ : يُعَدِّد مَا أَعْطَى اللَّه , وَهُوَ لَا يَشْكُر اللَّه .'; $TAFSEER['3']['31']['19'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاقْصِدْ فِي مَشْيك } يَقُول : وَتَوَاضَعْ فِي مَشْيك إِذَا مَشَيْت , وَلَا تَسْتَكْبِر , وَلَا تَسْتَعْجِل , وَلَكِنْ اتَّئِدْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , غَيْر أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ : أَمَرَهُ بِالتَّوَاضُعِ فِي مَشْيه , وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : أَمَرَهُ بِتَرْكِ السُّرْعَة فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ : أَمَرَهُ بِالتَّوَاضُعِ فِي مَشْيه : 21424 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا أَبُو حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد { وَاقْصِدْ فِي مَشْيك } قَالَ : التَّوَاضُع . 21425 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَاقْصِدْ فِي مَشْيك } قَالَ : نَهَاهُ عَنِ الْخُيَلَاء. ذِكْر مَنْ قَالَ : نَهَاهُ عَنْ السُّرْعَة . 21426 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُقْبَة , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب , فِي قَوْله : { وَاقْصِدْ فِي مَشْيك } قَالَ : مِنْ السُّرْعَة. قَوْله : { وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتك } يَقُول : وَاخْفِضْ مِنْ صَوْتك , فَاجْعَلْهُ قَصْدًا إِذَا تَكَلَّمْت , كَمَا : 21427 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتك } قَالَ : أَمَرَهُ بِالِاقْتِصَادِ فِي صَوْته. 21428 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتك } قَالَ : اخْفِضْ مِنْ صَوْتك . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَات لَصَوْت الْحَمِير } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : إِنَّ أَقْبَحَ الْأَصْوَات . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21429 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار وَابْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة وَأَبَانَ بْن تَغْلِب , قَالَا : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك { إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَات } قَالَ : إِنَّ أَقْبَحَ الْأَصْوَات { لَصَوْت الْحَمِير } 21430 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَات لَصَوْت الْحَمِير } أَيْ أَقْبَح الْأَصْوَات لَصَوْت الْحَمِير , أَوَّله زَفِير , وَآخِره شَهِيق ; أَمَرَهُ بِالِاقْتِصَادِ فِي صَوْته . 21431 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : سَمِعْت الْأَعْمَش يَقُول : { إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَات } صَوْت الْحَمِير . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّ أَشَرّ الْأَصْوَات . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21432 - حُدِّثْت عَنْ يَحْيَى بْن وَاضِح , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَكَم بْن عُتَيْبَة { إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَات } قَالَ : أَشَرّ الْأَصْوَات . قَالَ جَابِر : وَقَالَ الْحَسَن بْن مُسْلِم : أَشَدّ الْأَصْوَات . 21433 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَات لَصَوْت الْحَمِير } قَالَ : لَوْ كَانَ رَفْع الصَّوْت هُوَ خَيْرًا مَا جَعَلَهُ لِلْحَمِيرِ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : إِنَّ أَقْبَحَ أَوْ أَشَرّ الْأَصْوَات , وَذَلِكَ نَظِير قَوْلهمْ , إِذَا رَأَوْا وَجْهًا قَبِيحًا , أَوْ مَنْظَرًا شَنِيعًا : مَا أَنْكَرَ وَجْه فُلَان , وَمَا أَنْكَرَ مَنْظَره . وَأَمَّا قَوْله : { لَصَوْت الْحَمِير } فَأُضِيف الصَّوْت وَهُوَ وَاحِد إِلَى الْحَمِير وَهِيَ جَمَاعَة , فَإِنَّ ذَلِكَ لِوَجْهَيْنِ إِنْ شِئْت , قُلْت : الصَّوْت بِمَعْنَى الْجَمْع , كَمَا قِيلَ { لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ } 2 20 وَإِنْ شِئْت قُلْت : مَعْنَى الْحَمِير : مَعْنَى الْوَاحِد ; لِأَنَّ الْوَاحِدَ فِي مِثْل هَذَا الْمَوْضِع يُؤَدِّي عَمَّا يُؤَدِّي عَنْهُ الْجَمْع .'; $TAFSEER['3']['31']['20'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَة وَبَاطِنَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { أَلَمْ تَرَوْا } أَيّهَا النَّاس { أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَات } مِنْ شَمْس وَقَمَر وَنَجْم وَسَحَاب { وَمَا فِي الْأَرْض } مِنْ دَابَّة وَشَجَر وَمَاء وَبَحْر وَفُلْك وَغَيْر ذَلِكَ مِنَ الْمَنَافِع , يَجْرِي ذَلِكَ كُلّه لِمَنَافِعِكُمْ وَمَصَالِحكُمْ لِغِذَائِكُمْ وَأَقْوَاتكُمْ وَأَرْزَاقكُمْ وَمَلَاذّكُمْ , تَتَمَتَّعُونَ بِبَعْضِ ذَلِكَ كُلّه , وَتَنْتَفِعُونَ بِجَمِيعِهِ , { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ بَعْض الْمَكِّيِّينَ وَعَامَّة الْكُوفِيِّينَ : " وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعْمَةً " عَلَى الْوَاحِدَة , وَوَجَّهُوا مَعْنَاهَا إِلَى أَنَّهُ الْإِسْلَام , أَوْ إِلَى أَنَّهَا شَهَادَة أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه , وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : { نِعَمَهُ } عَلَى الْجِمَاع , وَوَجَّهُوا مَعْنَى ذَلِكَ , إِلَى أَنَّهَا النِّعَم الَّتِي سَخَّرَهَا اللَّه لِلْعِبَادِ مِمَّا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض , وَاسْتَشْهَدُوا لِصِحَّةِ قِرَاءَتهمْ ذَلِكَ كَذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ } 16 121 قَالُوا : فَهَذَا جَمْع النِّعَم. وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , وَذَلِكَ أَنَّ النِّعْمَةَ قَدْ تَكُون بِمَعْنَى الْوَاحِدَة , وَمَعْنَى الْجِمَاع , وَقَدْ يَدْخُل فِي الْجِمَاع الْوَاحِدَة , وَقَدْ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّه لَا تُحْصُوهَا } 14 34 فَمَعْلُوم أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ نِعْمَة وَاحِدَة , وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَرَ : وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ , فَجَمَعَهَا , فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ الْقَارِئ ذَلِكَ فَمُصِيب . ذِكْر بَعْض مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ عَلَى التَّوْحِيد , وَفَسَّرَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْ قَارِئِيهِ أَنَّهُمْ يُفَسِّرُونَهُ : 21434 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا الْقَاسِم بْن سَلَّام , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : ثني مَسْتُور الْهُنَائِيّ , عَنْ حُمَيْد الْأَعْرَج , عَنْ مُجَاهِد , عَنِ ابْن عَبَّاس أَنَّهُ قَرَأَهَا : " وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعْمَتَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً " وَفَسَّرَهَا الْإِسْلَام. * حُدِّثْت عَنِ الْفَرَّاء قَالَ : ثني شَرِيك بْن عَبْد اللَّه , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , أَنَّهُ قَرَأَ : " نِعْمَة " وَاحِدَة. قَالَ : وَلَوْ كَانَتْ نِعَمه , لَكَانَتْ نِعْمَة دُون نِعْمَة , أَوْ نِعْمَة فَوْق نِعْمَة - الشَّكّ مِنَ الْفَرَّاء . 21435 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : ثنا حُمَيْد , قَالَ : قَرَأَ مُجَاهِد : " وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً " قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . * حَدَّثَنِي الْعَبَّاس ابْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي بُكَيْر , عَنْ شِبْل , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد " وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعْمَته ظَاهِرَة وَبَاطِنَة " قَالَ : كَانَ يَقُول : هِيَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه. * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حُمَيْد الْأَعْرَج , عَنْ مُجَاهِد { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعْمَته ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَةَ , عَنْ حُمَيْد الْأَعْرَج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . 21436 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عِيسَى , عَنْ قَيْس , عَنِ ابْن عَبَّاس " نِعْمَة ظَاهِرَة وَبَاطِنَة " قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . وَقَوْله : { ظَاهِرَة } يَقُول : ظَاهِرَة عَلَى الْأَلْسُن قَوْلًا , وَعَلَى الْأَبْدَان وَجَوَارِح الْجَسَد عَمَلًا . وَقَوْله : { وَبَاطِنَة } يَقُول : وَبَاطِنَة فِي الْقُلُوب اعْتِقَادًا وَمَعْرِفَة. وَقَوْله : { وَمِنَ النَّاس مَنْ يُجَادِل فِي اللَّه بِغَيْرِ عِلْم وَلَا هُدًى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنَ النَّاس مَنْ يُخَاصِم فِي تَوْحِيد اللَّه , وَإِخْلَاص الطَّاعَة وَالْعِبَادَة لَهُ بِغَيْرِ عِلْم عِنْده بِمَا يُخَاصِم , { وَلَا هُدًى } يَقُول : وَلَا بَيَان يُبَيِّن بِهِ صِحَّة مَا يَقُول { وَلَا كِتَاب مُنِير } يَقُول : وَلَا بِتَنْزِيلٍ مِنَ اللَّه جَاءَ بِمَا يَدَّعِي , يُبَيِّن حَقِّيَّةَ دَعْوَاهُ , كَمَا : 21437 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمِنَ النَّاس مَنْ يُجَادِل فِي اللَّه بِغَيْرِ عِلْم وَلَا هُدًى وَلَا كِتَاب مُنِير } لَيْسَ مَعَهُ مِنَ اللَّه بُرْهَان وَلَا كِتَاب .'; $TAFSEER['3']['31']['21'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّه قَالُوا بَلْ نَتَّبِع مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي تَوْحِيد اللَّه جَهْلًا مِنْهُمْ بِعَظَمَةِ اللَّه : اتَّبِعُوا أَيّهَا الْقَوْم مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى رَسُوله , وَصَدِّقُوا بِهِ , فَإِنَّهُ يُفَرِّق بَيْن الْمُحِقّ مِنَّا وَالْمُبْطِل , وَيَفْصِل بَيْن الضَّالّ وَالْمُهْتَدِي , فَقَالُوا : بَلْ نَتَّبِع مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا مِنَ الْأَدْيَان , فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَهْل حَقّ . قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره { أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَان يَدْعُوهُمْ } بِتَزْيِينِهِ لَهُمْ سُوء أَعْمَالهمْ , وَاتِّبَاعهمْ إِيَّاهُ عَلَى ضَلَالَتهمْ , وَكُفْرهمْ بِاللَّهِ وَتَرْكهمْ اتِّبَاع مَا أَنْزَلَ اللَّه مِنْ كِتَابه عَلَى نَبِيّه { إِلَى عَذَاب السَّعِير } يَعْنِي : عَذَاب النَّار الَّتِي تَتَسَعَّر وَتَلْتَهِب .'; $TAFSEER['3']['31']['22'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يُسْلِم وَجْهَهُ إِلَى اللَّه وَهُوَ مُحْسِن فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ يُعَبِّد وَجْهَهُ مُتَذَلِّلًا بِالْعُبُودَةِ , مُقِرًّا لَهُ بِالْأُلُوهَةِ { وَهُوَ مُحْسِن } يَقُول : وَهُوَ مُطِيع لِلَّهِ فِي أَمْره وَنَهْيه { فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى } يَقُول : فَقَدْ تَمَسَّك بِالطَّرَفِ الْأَوْثَق الَّذِي لَا يَخَاف انْقِطَاعه مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ ; وَهَذَا مَثَل ; إِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ تَمَسَّكَ مِنْ رِضَا اللَّه بِإِسْلَامِهِ وَجْهه إِلَيْهِ وَهُوَ مُحْسِن , مَا لَا يَخَاف مَعَهُ عَذَاب اللَّه يَوْم الْقِيَامَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21438 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي السَّوْدَاء , عَنْ جَعْفَر ابْن أَبِي الْمُغِيرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس { وَمَنْ يُسْلِم وَجْهَهُ إِلَى اللَّه وَهُوَ مُحْسِن فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى } قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه. وَقَوْله { وَإِلَى اللَّه عَاقِبَة الْأُمُور } يَقُول : وَإِلَى اللَّه مَرْجِع عَاقِبَة كُلّ أَمْر خَيْره وَشَرّه , وَهُوَ الْمُسَائِل أَهْلَهُ عَنْهُ , وَمُجَازِيهمْ عَلَيْهِ.'; $TAFSEER['3']['31']['23'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنك كُفْره إِلَيْنَا مَرْجِعهمْ فَنُنَبِّئهُمْ بِمَا عَمِلُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ فَلَا يَحْزُنك كُفْره , وَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسْرَة , فَإِنَّ مَرْجِعهمْ وَمَصِيرهمْ يَوْم الْقِيَامَة إِلَيْنَا , وَنَحْنُ نُخْبِرهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ الْخَبِيثَة الَّتِي عَمِلُوهَا فِي الدُّنْيَا , ثُمَّ نُجَازِيهِمْ عَلَيْهَا جَزَاءَهُمْ . { إِنَّ اللَّهَ عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور } يَقُول : إِنَّ اللَّهَ ذُو عِلْم بِمَا تُكِنّهُ صُدُورهمْ مِنَ الْكُفْر بِاللَّهِ , وَإِيثَار طَاعَة الشَّيْطَان .'; $TAFSEER['3']['31']['24'] = 'وَقَوْله : { نُمَتِّعهُمْ قَلِيلًا } يَقُول : نُمْهِلهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مَهْلًا قَلِيلًا يَتَمَتَّعُونَ فِيهَا { ثُمَّ نَضْطَرّهُمْ إِلَى عَذَاب غَلِيظ } يَقُول : ثُمَّ نُورِدهُمْ عَلَى كُرْه مِنْهُمْ عَذَابًا غَلِيظًا , وَذَلِكَ عَذَاب النَّار , نَعُوذ بِاللَّهِ مِنْهَا , وَمِنْ عَمَل يُقَرِّب مِنْهَا.'; $TAFSEER['3']['31']['25'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض لَيَقُولُنَّ اللَّه قُلِ الْحَمْد لِلَّهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَئِنْ سَأَلْت يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ مِنْ قَوْمك { مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض لَيَقُولُنَّ اللَّه قُلِ الْحَمْد لِلَّهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد , فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ , فَقُلْ لَهُمْ : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ ذَلِكَ , لَا لِمَنْ لَا يَخْلُق شَيْئًا وَهُمْ يَخْلُقُونَ . ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { بَلْ أَكْثَرهمْ لَا يَعْلَمُونَ } يَقُول : بَلْ أَكْثَر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ لَا يَعْلَمُونَ مَنْ الَّذِي لَهُ الْحَمْد , وَأَيْنَ مَوْضِع الشُّكْر .'; $TAFSEER['3']['31']['26'] = 'وَقَوْله : { لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لِلَّهِ كُلّ مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْ شَيْء مُلْكًا كَائِنًا مَا كَانَ ذَلِكَ الشَّيْء مِنْ وَثَن وَصَنَم وَغَيْر ذَلِكَ , مِمَّا يُعْبَد أَوْ لَا يُعْبَد { إِنَّ اللَّه هُوَ الْغَنِيّ الْحَمِيد } يَقُول : إِنَّ اللَّه هُوَ الْغَنِيّ عَنْ عِبَاده هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِهِ الْأَوْثَان وَالْأَنْدَاد , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْهُمْ وَمِنْ جَمِيع خَلْقه ; لِأَنَّهُمْ مُلْكه وَلَهُ , وَبِهِمْ الْحَاجَة إِلَيْهِ . { الْحَمِيد } يَعْنِي الْمَحْمُود عَلَى نِعَمه الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَى خَلْقه .'; $TAFSEER['3']['31']['27'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْض مِنْ شَجَرَة أَقْلَام وَالْبَحْر يَمُدّهُ مِنْ بَعْده سَبْعَة أَبْحُر مَا نَفِدَتْ كَلِمَات اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْ أَنَّ شَجَر الْأَرْض كُلّهَا بُرِيَتْ أَقْلَامًا { وَالْبَحْر يَمُدّهُ } يَقُول : وَالْبَحْر لَهُ مِدَاد , وَالْهَاء فِي قَوْله { يَمُدّهُ } عَائِدَة عَلَى الْبَحْر . وَقَوْله { مِنْ بَعْده سَبْعَة أَبْحُر مَا نَفِدَتْ كَلِمَات اللَّه } وَفِي هَذَا الْكَلَام مَحْذُوف اسْتَغْنَى بِدَلَالَةِ الظَّاهِر عَلَيْهِ مِنْهُ , وَهُوَ يَكْتُب كَلَام اللَّه بِتِلْكَ الْأَقْلَام وَبِذَلِكَ الْمِدَاد , لَتَكَسَّرَتْ تِلْكَ الْأَقْلَام , وَلَنَفَذَ ذَلِكَ الْمِدَاد , وَلَمْ تَنْفَد كَلِمَات اللَّه. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21439 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , قَالَ : سَأَلْت الْحَسَن عَنْ هَذِهِ الْآيَة { وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْض مِنْ شَجَرَة أَقْلَام } قَالَ : لَوْ جُعِلَ شَجَر الْأَرْض أَقْلَامًا , وَجُعِلَ الْبُحُور مِدَادًا , وَقَالَ اللَّه : إِنَّ مِنْ أَمْرِي كَذَا , وَمِنْ أَمْرِي كَذَا , لَنَفِدَ مَاء الْبُحُور , وَتَكَسَّرَتْ الْأَقْلَام . 21440 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا الْحَكَم , قَالَ : ثنا عَمْرو , فِي قَوْله { وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْض مِنْ شَجَرَة أَقْلَام } قَالَ : لَوْ بُرِيَتْ أَقْلَامًا وَالْبَحْر مِدَادًا , فَكَتَبَ بِتِلْكَ الْأَقْلَام مِنْهُ { مَا نَفِدَتْ كَلِمَات اللَّه } وَلَوْ مَدّه سَبْعَة أَبْحُر . 21441 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْض مِنْ شَجَرَة أَقْلَام وَالْبَحْر يَمُدّهُ مِنْ بَعْده سَبْعَة أَبْحُر مَا نَفِدَتْ كَلِمَات اللَّه } قَالَ : قَالَ الْمُشْرِكُونَ : إِنَّمَا هَذَا كَلَام يُوشِك أَنْ يَنْفَدَ , قَالَ : لَوْ كَانَ شَجَر الْبَرّ أَقْلَامًا , وَمَعَ الْبَحْر سَبْعَة أَبْحُر مَا كَانَ لِتَنْفَدَ عَجَائِب رَبِّي وَحِكْمَته وَخَلْقه وَعِلْمه . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبَب مُجَادَلَة كَانَتْ مِنَ الْيَهُود لَهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21442 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , قَالَ : ثنا ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني رَجُل مِنْ أَهْل مَكَّة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس , أَنَّ أَحْبَار يَهُود قَالُوا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ : يَا مُحَمَّد أَرَأَيْت قَوْله { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْم إِلَّا قَلِيلًا } 17 85 إِيَّانَا تُرِيد أَمْ قَوْمك ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَلَّا " , فَقَالُوا : أَلَسْت تَتْلُو فِيمَا جَاءَك : أَنَّا قَدْ أُوتِينَا التَّوْرَاةَ فِيهَا تِبْيَان كُلّ شَيْء ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّهَا فِي عِلْم اللَّه قَلِيل وَعِنْدَكُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَكْفِيكُمْ " , فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ فِيمَا سَأَلُوهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ : { وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْض مِنْ شَجَرَة أَقْلَام وَالْبَحْر يَمُدّهُ مِنْ بَعْده سَبْعَة أَبْحُر مَا نَفِدَتْ كَلِمَات اللَّه } : أَيْ أَنَّ التَّوْرَاةَ فِي هَذَا مِنْ عِلْم اللَّه قَلِيل. 21443 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : سَأَلَ أَهْل الْكِتَاب رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرُّوح , فَأَنْزَلَ اللَّه { وَيَسْأَلُونَك عَنِ الرُّوح قُلْ الرُّوح مِنْ أَمْر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْم إِلَّا قَلِيلًا } 17 85 فَقَالُوا : تَزْعُم أَنَّا لَمْ نُؤْتَ مِنَ الْعِلْم إِلَّا قَلِيلًا , وَقَدْ أُوتِينَا التَّوْرَاةَ , وَهِيَ الْحِكْمَة { وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا } قَالَ : فَنَزَلَتْ { وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْض مِنْ شَجَرَة أَقْلَام وَالْبَحْر يَمُدّهُ مِنْ بَعْده سَبْعَة أَبْحُر مَا نَفِدَتْ كَلِمَات اللَّه } قَالَ : مَا أُوتِيتُمْ مِنْ عِلْم فَنَجَّاكُمْ اللَّه بِهِ مِنْ النَّار وَأَدْخَلَكُمْ الْجَنَّةَ , فَهُوَ كَثِير طَيِّب , وَهُوَ فِي عِلْم اللَّه قَلِيل . 21444 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَصْحَابه , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ بِمَكَّة { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْم إِلَّا قَلِيلًا } يَعْنِي الْيَهُود ; فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَة , أَتَاهُ أَحْبَار يَهُود , فَقَالُوا : يَا مُحَمَّد أَلَمْ يَبْلُغنَا أَنَّك تَقُول { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْم إِلَّا قَلِيلًا } أَفَتَعْنِينَا أَمْ قَوْمك ؟ قَالَ : وَكُلًّا قَدْ عَنَيْت " , قَالُوا : فَإِنَّك تَتْلُو : أَنَّا قَدْ أُوتِينَا التَّوْرَاة , وَفِيهَا تِبْيَان كُلّ شَيْء , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هِيَ فِي عِلْم اللَّه قَلِيل , وَقَدْ أَتَاكُمْ اللَّه مَا إِنْ عَمِلْتُمْ بِهِ انْتَفَعْتُمْ " , فَأَنْزَلَ اللَّه { وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْض مِنْ شَجَرَة أَقْلَام وَالْبَحْر يَمُدّهُ مِنْ بَعْده سَبْعَة أَبْحُر } إِلَى قَوْله { إِنَّ اللَّهَ سَمِيع بَصِير } وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله { وَالْبَحْر يَمُدّهُ مِنْ بَعْده سَبْعَة أَبْحُر } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة وَالْبَحْرُ رَفْعًا عَلَى الِابْتِدَاء , وَقَرَأَتْهُ قُرَّاء الْبَصْرَة نَصْبًا , عَطْفًا بِهِ عَلَى " مَا " فِي قَوْله : { وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْض } وَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب عِنْدِي . وَقَوْله : { إِنَّ اللَّهَ عَزِيز حَكِيم } يَقُول : إِنَّ اللَّهَ ذُو عِزَّة فِي انْتِقَامه مِمَّنْ أَشْرَكَ بِهِ , وَادَّعَى مَعَهُ إِلَهًا غَيْره , حَكِيم فِي تَدْبِيره خَلْقه .'; $TAFSEER['3']['31']['28'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا خَلْقكُمْ وَلَا بَعْثكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا خَلْقكُمْ أَيّهَا النَّاس وَلَا بَعْثكُمْ عَلَى اللَّه إِلَّا كَخَلْقِ نَفْس وَاحِدَة وَبَعْثهَا , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ شَيْء أَرَادَهُ , وَلَا يَمْتَنِع مِنْهُ شَيْء شَاءَهُ { إِنَّمَا أَمْره إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون } فَسَوَاء خَلْق وَاحِد وَبَعْثه , وَخَلْق الْجَمِيع وَبَعْثهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21445 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثني أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { كَنَفْسٍ وَاحِدَة } يَقُول : كُنْ فَيَكُون , لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِير. 21446 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { مَا خَلْقكُمْ وَلَا بَعْثكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَة } قَالَ : يَقُول : إِنَّمَا خَلْق اللَّه النَّاس كُلّهمْ وَبَعْثهمْ كَخَلْقِ نَفْس وَاحِدَة وَبَعْثهَا , وَإِنَّمَا صَلَحَ أَنْ يُقَال : إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَة , وَالْمَعْنَى : إِلَّا كَخَلْقِ نَفْس وَاحِدَة ; لِأَنَّ الْمَحْذُوف فِعْل يَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله { وَمَا خَلْقكُمْ وَلَا بَعْثكُمْ } وَالْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ فِي الْمَصَادِر , وَمِنْهُ قَوْل اللَّه : { تَدُور أَعْيُنهمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْت } 33 19 وَالْمَعْنَى : كَدَوَرَانِ عَيْن الَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْت , فَلَمْ يَذْكُر الدَّوَرَان وَالْعَيْن لَمَّا وُصِفَتْ . وَقَوْله : { إِنَّ اللَّهَ سَمِيع بَصِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّهَ سَمِيع لِمَا يَقُول هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ وَيَفْتَرُونَهُ عَلَى رَبّهمْ , مِنْ ادِّعَائِهِمْ لَهُ الشُّرَكَاء وَالْأَنْدَاد وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ كَلَامهمْ وَكَلَام غَيْرهمْ , بَصِير بِمَا يَعْمَلُونَهُ وَغَيْرهمْ مِنَ الْأَعْمَال , وَهُوَ مُجَازِيهمْ عَلَى ذَلِكَ جَزَاءَهُمْ .'; $TAFSEER['3']['31']['29'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِج اللَّيْلَ فِي النَّهَار وَيُولِج النَّهَارَ فِي اللَّيْل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { أَلَمْ تَرَ } يَا مُحَمَّد بِعَيْنِك { أَنَّ اللَّهَ يُولِج اللَّيْل فِي النَّهَار } يَقُول : يَزِيد مِنْ نُقْصَان سَاعَات اللَّيْل فِي سَاعَات النَّهَار { وَيُولِج النَّهَارَ فِي اللَّيْل } يَقُول : يَزِيد مَا نَقَصَ مِنْ سَاعَات النَّهَار فِي سَاعَات اللَّيْل . كَمَا : 21447 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادة , قَوْله : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِج اللَّيْلَ فِي النَّهَار } نُقْصَان اللَّيْل فِي زِيَاده النَّهَار { وَيُولِج النَّهَارَ فِي اللَّيْل } نُقْصَان النَّهَار فِي زِيَادَة اللَّيْل . وَقَوْله : { وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلّ يَجْرِي إِلَى أَجَل مُسَمًّى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَسَخَّرَ الشَّمْس وَالْقَمَر لِمَصَالِح خَلْقه وَمَنَافِعهمْ , { كُلّ يَجْرِي } يَقُول : كُلّ ذَلِكَ يَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى وَقْت مَعْلُوم , وَأَجَل مَحْدُود إِذَا بَلَغَهُ , كُوِّرَتْ الشَّمْس وَالْقَمَر. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21448 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلّ يَجْرِي إِلَى أَجَل مُسَمًّى } يَقُول : لِذَلِكَ كُلّه وَقْت , وَحَدّ مَعْلُوم , لَا يُجَاوِزهُ وَلَا يَعْدُوهُ . وَقَوْله : { وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير } يَقُول : وَإِنَّ اللَّهَ بِأَعْمَالِكُمْ أَيّهَا النَّاس مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ ذُو خِبْرَة , وَعِلْم , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْء , وَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَى جَمِيع ذَلِكَ , وَخَرَجَ هَذَا الْكَلَام خِطَابًا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْمَعْنِيّ بِهِ الْمُشْرِكُونَ , وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى ذِكْره , نَبَّهَ بِقَوْلِهِ : { أَنَّ اللَّهَ يُولِج اللَّيْلَ فِي النَّهَار وَيُولِج النَّهَارَ فِي اللَّيْل } عَلَى مَوْضِع حُجَّته مِنْ جَهْل عَظَمَته , وَأَشْرَكَ فِي عِبَادَته مَعَهُ غَيْره , يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونه الْبَاطِل }'; $TAFSEER['3']['31']['30'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الَّذِي أَخْبَرْتُك يَا مُحَمَّد أَنَّ اللَّه فَعَلَهُ مِنْ إِيلَاجه اللَّيْلَ فِي النَّهَار , وَالنَّهَار فِي اللَّيْل , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ عَظِيم قُدْرَته , إِنَّمَا فَعَلَهُ بِأَنَّهُ اللَّه حَقًّا , دُون مَا يَدْعُوهُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِهِ , وَأَنَّهُ لَا يَقْدِر عَلَى فِعْل ذَلِكَ سِوَاهُ , وَلَا تَصْلُح الْأُلُوهَة إِلَّا لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِقُدْرَتِهِ . وَقَوْله . { وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونه الْبَاطِل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَبِأَنَّ الَّذِي يَعْبُد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ دُون اللَّه الْبَاطِل الَّذِي يَضْمَحِلّ , فَيَبِيد وَيَفْنَى { وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيّ الْكَبِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَبِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيّ , يَقُول : ذُو الْعُلُوّ عَلَى كُلّ شَيْء , وَكُلّ مَا دُونَهُ فَلَهُ مُتَذَلِّل مُنْقَاد , الْكَبِير الَّذِي كُلّ شَيْء دُونَهُ , فَلَهُ مُتَصَاغِر .'; $TAFSEER['3']['31']['31'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْر بِنِعْمَتِ اللَّه لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاته } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَمْ تَرَ يَا مُحَمَّد أَنَّ السُّفُنَ تَجْرِي فِي الْبَحْر نِعْمَةً مِنَ اللَّه عَلَى خَلْقه { لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاته } يَقُول : لِيُرِيَكُمْ مِنْ عِبَره وَحُجَجه عَلَيْكُمْ { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِكُلِّ صَبَّار شَكُور } يَقُول : إِنَّ فِي جَرْي الْفُلْك فِي الْبَحْر دَلَالَة عَلَى أَنَّ اللَّه الَّذِي أَجْرَاهَا هُوَ الْحَقّ , وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونه الْبَاطِل { لِكُلِّ صَبَّار شَكُور } يَقُول : لِكُلِّ مَنْ صَبَرَ نَفْسَهُ عَنْ مَحَارِم اللَّه , وَشَكَرَهُ عَلَى نِعَمه فَلَمْ يَكْفُرهُ . 21449 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ مُطَرِّف يَقُول : إِنَّ مِنْ أَحَبّ عِبَادَ اللَّه إِلَيْهِ : الصَّبَّار الشَّكُور . 21450 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , قَالَ : الصَّبْر نِصْف الْإِيمَان , وَالشُّكْر نِصْف الْإِيمَان , وَالْيَقِين : الْإِيمَان كُلّه , أَلَمْ تَرَ إِلَى قَوْله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِكُلِّ صَبَّار شَكُور , - إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِلْمُوقِنِينَ - إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِلْمُؤْمِنِينَ } 21541 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنِ الشَّعْبِيّ { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِكُلِّ صَبَّار شَكُور } قَالَ : الصَّبْر : نِصْف الْإِيمَان , وَالْيَقِين : الْإِيمَان كُلّه . إِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ خَصَّ هَذِهِ الدَّلَالَة بِأَنَّهَا دَلَالَة لِلصَّبَّارِ الشَّكُور دُون سَائِر الْخَلْق ؟ قِيلَ : لِأَنَّ الصَّبْر وَالشُّكْر مِنْ أَفْعَال ذَوِي الْحِجَا وَالْعُقُول , فَأَخْبَرَ أَنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِكُلِّ ذِي عَقْل ; لِأَنَّ الْآيَات جَعَلَهَا اللَّه عِبَرًا لِذَوِي الْعُقُول وَالتَّمْيِيز .'; $TAFSEER['3']['31']['32'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْج كَالظُّلَلِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا غَشِيَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه الْآلِهَة وَالْأَوْثَان فِي الْبَحْر , إِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْك , مَوْج كَالظُّلَلِ , وَهِيَ جَمْع ظُلَّة , شَبَّهَ بِهَا الْمَوْج فِي شِدَّة سَوَاد كَثْرَة الْمَاء ; قَالَ نَابِغَة بَنِي جَعْدَة فِي صِفَة بَحْر : يُمَاشِيهِنَّ أَخْضَر ذُو ظِلَال عَلَى حَافَّاته فِلَق الدِّنَان وَشَبَّهَ الْمَوْجَ وَهُوَ وَاحِد بِالظُّلَلِ , وَهِيَ جِمَاع ; لِأَنَّ الْمَوْجَ يَأْتِي شَيْء مِنْهُ بَعْد شَيْء , وَيَرْكَب بَعْضه بَعْضًا كَهَيْئَةِ الظُّلَل وَقَوْله : { دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا غَشِيَ هَؤُلَاءِ مَوْج كَالظُّلَلِ , فَخَافُوا الْغَرَق , فَزِعُوا إِلَى اللَّه بِالدُّعَاءِ مُخْلِصِينَ لَهُ الطَّاعَة , لَا يُشْرِكُونَ بِهِ هُنَالِكَ شَيْئًا , وَلَا يَدْعُونَ مَعَهُ أَحَدًا سِوَاهُ , وَلَا يَسْتَغِيثُونَ بِغَيْرِهِ . قَوْله : { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرّ } مِمَّا كَانُوا يَخَافُونَهُ فِي الْبَحْر مِنَ الْغَرَق وَالْهَلَاك إِلَى الْبَرّ . { فَمِنْهُمْ مُقْتَصِد } يَقُول : فَمِنْهُمْ مُقْتَصِد فِي قَوْله وَإِقْرَاره بِرَبِّهِ , وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُضْمِر الْكُفْرَ بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21452 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { فَمِنْهُمْ مُقْتَصِد } قَالَ : الْمُقْتَصِد فِي الْقَوْل وَهُوَ كَافِر . 21453 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { فَمِنْهُمْ مُقْتَصِد } قَالَ : الْمُقْتَصِد الَّذِي عَلَى صَلَاح مِنَ الْأَمْر . وَقَوْله : { وَمَا يَجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلّ خَتَّار كَفُور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا يَكْفُر بِأَدِلَّتِنَا وَحُجَجنَا إِلَّا كُلّ غَدَّار بِعَهْدِهِ , وَالْخَتْر عِنْد الْعَرَب : أَقْبَح الْغَدْر ; وَمِنْهُ قَوْل عَمْرو بْن مَعْدِي كَرِب : وَإِنَّك لَوْ رَأَيْت أَبَا عُمَيْر مَلَأْت يَدَيْك مِنْ غَدْر وَخَتْر . وَقَوْله : { كَفُور } يَعْنِي : جَحُودًا لِلنِّعَمِ , غَيْر شَاكِر مَا أَسْدَى إِلَيْهِ مِنْ نِعْمَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى الْخَتَّار قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21454 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد { كُلّ خَتَّار كَفُور } قَالَ : كُلّ غَدَّار . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { كُلّ خَتَّار } قَالَ : غَدَّار . 21455- حَدَّثَنِي يَعْقُوب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله { وَمَا يَجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلّ خَتَّار كَفُور } قَالَ : غَدَّار . 21456 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله { وَمَا يَجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلّ خَتَّار كَفُور } الْخَتَّار : الْغَدَّار , كُلّ غَدَّار بِذِمَّتِهِ كَفُور بِرَبِّهِ . 21457 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس قَوْله { وَمَا يَجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلّ خَتَّار كَفُور } قَالَ : كُلّ جَحَّاد كَفُور . 21458 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { وَمَا يَجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلّ خَتَّار كَفُور } قَالَ : الْخَتَّار : الْغَدَّار , كَمَا تَقُول : غَدَرَنِي . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ مِسْعَر , قَالَ : سَمِعْت قَتَادَة قَالَ : الَّذِي يَغْدِر بِعَهْدِهِ. 21459 - قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك , قَالَ : الْغَدَّار . 21460 - قَالَ : ثنا أَبِي : عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ سَمَر بْن عَطِيَّة الْكَاهِلِيّ , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : الْمَكْر غَدْر , وَالْغَدْر كُفْر .'; $TAFSEER['3']['31']['33'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّاس اتَّقُوا رَبّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِد عَنْ وَلَده وَلَا مَوْلُود هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِده شَيْئًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْش , اتَّقُوا اللَّه , وَخَافُوا أَنْ يَحِلَّ بِكُمْ سَخَطه فِي يَوْم لَا يُغْنِي وَالِد عَنْ وَلَده , وَلَا مَوْلُود هُوَ مُغْنٍ عَنْ وَالِده شَيْئًا , لِأَنَّ الْأَمْر يَصِير هُنَالِكَ بِيَدِ مَنْ لَا يُغَالِب , وَلَا تَنْفَع عِنْده الشَّفَاعَة وَالْوَسَائِل , إِلَّا وَسِيلَة مِنْ صَالِح الْأَعْمَال الَّتِي أَسْلَفَهَا فِي الدُّنْيَا . وَقَوْله : { إِنَّ وَعْد اللَّه حَقّ } يَقُول : اعْلَمُوا أَنَّ مَجِيءَ هَذَا الْيَوْم حَقّ , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه قَدْ وَعَدَ عِبَادَهُ وَلَا خُلْف لِوَعْدِهِ { فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَقُول : فَلَا تَخْدَعَنَّكُمْ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَذَّاتهَا , فَتَمِيلُوا إِلَيْهَا , وَتَدَعُوا الِاسْتِعْدَادَ لِمَا فِيهِ خَلَاصكُمْ مِنْ عِقَاب اللَّه ذَلِكَ الْيَوْم. وَقَوْله : { وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُور } يَقُول : وَلَا يَخْدَعَنَّكُمْ بِاللَّهِ خَادِع . وَالْغَرُور بِفَتْحِ الْغَيْن : هُوَ مَا غَرَّ الْإِنْسَانَ مِنْ شَيْء , كَائِنًا مَا كَانَ شَيْطَانًا كَانَ أَوْ إِنْسَانًا , أَوْ دُنْيَا ; وَأَمَّا الْغُرُور بِضَمِّ الْغَيْن : فَهُوَ مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : غَرَرْته غُرُورًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله { وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُور } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21461 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { الْغَرُور } قَالَ : الشَّيْطَان . 21462- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله { وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُور } ذَاكُمْ الشَّيْطَان . 21463 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ الْفَضْل بْن خَالِد الْمَرْوَزِيّ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله { الْغَرُور } قَالَ : الشَّيْطَان. وَكَانَ بَعْضهمْ يَتَأَوَّل الْغَرُور بِمَا : 21464 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ ابْن لَهِيعَة , عَنْ عَطَاء بْن دِينَار , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَوْله : { وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُور } قَالَ : أَنْ تَعْمَلَ بِالْمَعْصِيَةِ وَتَتَمَنَّى الْمَغْفِرَةَ.'; $TAFSEER['3']['31']['34'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّهَ عِنْده عِلْم السَّاعَة وَيُنَزِّل الْغَيْثَ وَيَعْلَم مَا فِي الْأَرْحَام وَمَا تَدْرِي نَفْس مَاذَا تَكْسِب غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْس بِأَيِّ أَرْض تَمُوت إِنَّ اللَّه عَلِيم خَبِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { يَا أَيّهَا النَّاس اتَّقُوا رَبّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِد عَنْ وَلَده وَلَا مَوْلُود هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِده شَيْئًا } هُوَ آتِيكُمْ عِلْم إِتْيَانه إِيَّاكُمْ عِنْد رَبّكُمْ , لَا يَعْلَم أَحَد مَتَى هُوَ جَائِيكُمْ , لَا يَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَة , فَاتَّقُوهُ أَنْ يَفْجَأكُمْ بَغْتَة , وَأَنْتُمْ عَلَى ضَلَالَتكُمْ لَمْ تُنِيبُوا مِنْهَا , فَتَصِيرُوا مِنْ عَذَاب اللَّه وَعِقَابه إِلَى مَا لَا قِبَل لَكُمْ بِهِ ; وَابْتَدَأَ تَعَالَى ذِكْره الْخَبَر عَنْ عِلْمه بِمَجِيءِ السَّاعَة , وَالْمَعْنَى : مَا ذَكَرْت لِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَى الْمُرَاد مِنْهُ , فَقَالَ : { إِنَّ اللَّهَ عِنْده عِلْم السَّاعَة } الَّتِي تَقُوم فِيهَا الْقِيَامَة , لَا يَعْلَم ذَلِكَ أَحَد غَيْره { وَيُنَزِّل الْغَيْثَ } مِنَ السَّمَاء , لَا يَقْدِر عَلَى ذَلِكَ أَحَد غَيْره { وَيَعْلَم مَا فِي الْأَرْحَام } أَرْحَام الْإِنَاث { وَمَا تَدْرِي نَفْس مَاذَا تَكْسِب غَدًا } يَقُول : وَمَا تَعْلَم نَفْس حَيّ مَاذَا تَعْمَل فِي غَد , { وَمَا تَدْرِي نَفْس بِأَيِّ أَرْض تَمُوت } يَقُول : وَمَا تَعْلَم نَفْس حَيّ بِأَيِّ أَرْض تَكُون مَنِيَّتهَا { إِنَّ اللَّه عَلِيم خَبِير } يَقُول : إِنَّ الَّذِي يَعْلَم ذَلِكَ كُلّه , هُوَ اللَّه دُون كُلّ أَحَد سِوَاهُ , إِنَّهُ ذُو عِلْم بِكُلِّ شَيْء , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء , خَبِير بِمَا هُوَ كَائِن , وَمَا قَدْ كَانَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21465 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة } قَالَ : جَاءَ رَجُل قَالَ - قَالَ أَبُو جَعْفَر : أَحْسَبهُ أَنَا , قَالَ - إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ امْرَأَتِي حُبْلَى , فَأَخْبِرْنِي مَاذَا تَلِد ؟ وَبِلَادنَا مَحْل جَدْبَة , فَأَخْبِرْنِي مَتَى يَنْزِل الْغَيْث ؟ وَقَدْ عَلِمْت مَتَى وُلِدْت , فَأَخْبِرْنِي مَتَى أَمُوت , فَأَنْزَلَ اللَّه : { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة وَيُنَزِّل الْغَيْثَ } إِلَى آخِر السُّورَة , قَالَ : فَكَانَ مُجَاهِد يَقُول : هُنَّ مَفَاتِح الْغَيْب الَّتِي قَالَ اللَّه { وَعِنْدَهُ مَفَاتِح الْغَيْب لَا يَعْلَمهَا إِلَّا هُوَ } 6 59 21466 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة } الْآيَة , أَشْيَاء مِنْ الْغَيْب , اسْتَأْثَرَ اللَّه بِهِنَّ , فَلَمْ يُطْلِع عَلَيْهِنَّ مَلَكًا مُقَرَّبًا , وَلَا نَبِيًّا مُرْسَلًا { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة } فَلَا يَدْرِي أَحَد مِنْ النَّاس مَتَى تَقُوم السَّاعَة , فِي أَيّ سَنَة , أَوْ فِي أَيّ شَهْر , أَوْ لَيْل , أَوْ نَهَار { وَيُنَزِّل الْغَيْثَ } فَلَا يَعْلَم أَحَد مَتَى يَنْزِل الْغَيْث , لَيْلًا أَوْ نَهَارًا يَنْزِل ؟ { وَيَعْلَم مَا فِي الْأَرْحَام } فَلَا يَعْلَم أَحَد مَا فِي الْأَرْحَام , أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى , أَحْمَر أَوْ أَسْوَد , أَوْ مَا هُوَ ؟ { وَمَا تَدْرِي نَفْس مَاذَا تَكْسِب غَدًا } خَيْر أَمْ شَرّ , وَلَا تَدْرِي يَا ابْن آدَم مَتَى تَمُوت ؟ لَعَلَّك الْمَيِّت غَدًا , لَعَلَّك الْمُصَاب غَدًا ! { وَمَا تَدْرِي نَفْس بِأَيِّ أَرْض تَمُوت } لَيْسَ أَحَد مِنْ النَّاس يَدْرِي أَيْنَ مَضْجَعه مِنَ الْأَرْض فِي بَحْر أَوْ بَرّ أَوْ سَهْل أَوْ جَبَل , تَعَالَى وَتَبَارَكَ . 21467 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنِ الشَّعْبِيّ , قَالَ : قَالَتْ عَائِشَة : مَنْ قَالَ : إِنَّ أَحَدًا يَعْلَم الْغَيْبَ إِلَّا اللَّه فَقَدْ كَذَبَ , وَأَعْظَم الْفِرْيَة عَلَى اللَّه . قَالَ اللَّه : { لَا يَعْلَم مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْغَيْبَ إِلَّا اللَّه } 27 65 21468 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ يُونُس بْن عُبَيْد , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّه , هَلْ مِنَ الْعِلْم عِلْم لَمْ تُؤْتَهُ ؟ قَالَ : " لَقَدْ أُوتِيت عِلْمًا كَثِيرًا , وَعِلْمًا حَسَنًا " , أَوْ كَمَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ تَلَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة : { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة وَيُنَزِّل الْغَيْثَ } إِلَى { إِنَّ اللَّهَ عَلِيم خَبِير } " لَا يَعْلَمهُنَّ إِلَّا اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى " . 21469 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ثني عَمْرو بْن مُحَمَّد , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَفَاتِح الْغَيْب خَمْسَة , ثُمَّ قَرَأَ هَؤُلَاءِ الْآيَات { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة } إِلَى آخِرهَا " . 21470 -حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار , أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَر يَقُول : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَفَاتِح الْغَيْب خَمْس لَا يَعْلَمهُنَّ إِلَّا اللَّه , { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة وَيُنَزِّل الْغَيْثَ وَيَعْلَم مَا فِي الْأَرْحَام } الْآيَة , ثُمَّ قَالَ : لَا يَعْلَم مَا فِي غَد إِلَّا اللَّه , وَلَا يَعْلَم أَحَد مَتَى يَنْزِل الْغَيْث إِلَّا اللَّه , وَلَا يَعْلَم أَحَد مَتَى قِيَام السَّاعَة إِلَّا اللَّه , وَلَا يَعْلَم أَحَد مَا فِي الْأَرْحَام إِلَّا اللَّه , وَلَا تَدْرِي نَفْس بِأَيِّ أَرْض تَمُوت. " * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار , عَنِ ابْن عُمَر , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَفَاتِح الْغَيْب خَمْس لَا يَعْلَمهَا إِلَّا اللَّه : إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة , وَيُنَزِّل الْغَيْثَ , وَيَعْلَم مَا فِي الْأَرْحَام , وَمَا تَدْرِي نَفْس مَاذَا تَكْسِب غَدًا , وَمَا تَدْرِي نَفْس بِأَيِّ أَرْض تَمُوت , إِنَّ اللَّهَ عَلِيم خَبِير " . 21471 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ مِسْعَر , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَلَمَة , عَنِ ابْن مَسْعُود قَالَ : كُلّ شَيْء أُوتِيَهُ نَبِيّكُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِلَّا عِلْم الْغَيْب الْخَمْس : { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة وَيُنَزِّل الْغَيْثَ وَيَعْلَم مَا فِي الْأَرْحَام وَمَا تَدْرِي نَفْس مَاذَا تَكْسِب غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْس بِأَيِّ أَرْض تَمُوت } 21472 -حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنِ ابْن أَبِي خَالِد , عَنْ عَامِر , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : مَنْ حَدَّثَك أَنَّهُ يَعْلَم مَا فِي غَد فَقَدْ كَذَبَ , ثُمَّ قَرَأَتْ : { وَمَا تَدْرِي نَفْس مَاذَا تَكْسِب غَدًا } 21473 - قَالَ : ثنا جَرِير وَابْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي خَبَّاب , عَنْ أَبِي زُرْعَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " خَمْس لَا يَعْلَمهُنَّ إِلَّا اللَّه : { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة وَيُنَزِّل الْغَيْثَ } الْآيَة " . * حَدَّثَنِي أَبُو شُرَحْبِيل , قَالَ : ثنا أَبُو الْيَمَان , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل , عَنْ جَعْفَر , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَلَمَة , عَنِ ابْن مَسْعُود , قَالَ : كُلّ شَيْء قَدْ أُوتِيَ نَبِيّكُمْ غَيْر مَفَاتِح الْغَيْب الْخَمْس , ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة } إِلَى آخِرهَا . وَقِيلَ : { بِأَيِّ أَرْض تَمُوت } وَفِيهِ لُغَة أُخْرَى : " بِأَيَّةِ أَرْض " فَمَنْ قَالَ : { بِأَيِّ أَرْض } اجْتَزَأَ بِتَأْنِيثِ الْأَرْض مِنْ أَنْ يُظْهِر فِي أَيّ تَأْنِيث آخَر , وَمَنْ قَالَ " بِأَيَّةِ أَرْض " فَأَنَّثَ , أَيْ قَالَ : قَدْ تَجْتَزِئ بِأَيٍّ مِمَّا أُضِيف إِلَيْهِ , فَلَا بُدَّ مِنْ التَّأْنِيث , كَقَوْلِ الْقَائِل : مَرَرْت بِامْرَأَةٍ , فَيُقَال لَهُ : بِأَيَّةِ , وَمَرَرْت بِرَجُلٍ , فَيُقَال لَهُ بِأَيِّ ; وَيُقَال : أَيّ امْرَأَة جَاءَتْك وَجَاءَك , وَأَيَّة امْرَأَة جَاءَتْك . آخِر تَفْسِير سُورَة لُقْمَان.'; $TAFSEER['3']['32']['1'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الم } قَالَ أَبُو جَعْفَر : اخْتَلَفَتْ تَرَاجِمَة الْقُرْآن فِي تَأْوِيل قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { الم } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ اسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 184 -حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { الم } قَالَ : اسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن 185 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْن إِبْرَاهِيم الْآمِلِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَة مُوسَى بْن مَسْعُود قَالَ : حَدَّثَنَا شِبْل عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَالَ : { الم } اسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن 186 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن الْحَسَن , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن دَاوُدَ , قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج قَالَ : { الم } اسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن , وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ فَوَاتِح يَفْتَح اللَّه بِهَا الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 187 - حَدَّثَنِي هَارُون بْن إِدْرِيس الْأَصَمّ الْكُوفِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الْمُحَارِبِيّ , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { الم } فَوَاتِح يَفْتَح اللَّه بِهَا الْقُرْآن . حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم الْغِفَارِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَان , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { الم } فَوَاتِح . حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن الْحَجَّاج , عَنْ يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { الم } وَ { حم } و { المص } وَ { ص } فَوَاتِح افْتَتَحَ اللَّه بِهَا . حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن الْحَسَن , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد مِثْل حَدِيث هَارُون بْن إِدْرِيس , وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ اسْم لِلسُّورَةِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 188 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَنْبَأَنَا عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : سَأَلْت عَبْدَ الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ , عَنْ قَوْل اللَّه : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } وَ { الم تَنْزِيل } وَ { المر تِلْكَ } فَقَالَ : قَالَ أَبِي : إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاء السُّوَر . وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ اسْم اللَّه الْأَعْظَم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 189 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَة , قَالَ : سَأَلْت السُّدِّيّ عَنْ { حم } وَ { طسم } و { الم } فَقَالَ قَالَ ابْن عَبَّاس : هُوَ اسْم اللَّه الْأَعْظَم . حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو النُّعْمَان , قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ , عَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه فَذَكَرَ نَحْوَهُ. 190 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن الْحَجَّاج , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنِ الشَّعْبِيّ قَالَ : فَوَاتِح السُّوَر مِنْ أَسْمَاء اللَّه , وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ قَسَم أَقْسَمَ اللَّه بِهِ وَهِيَ مِنْ أَسْمَائِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 191 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن عُثْمَان بْن صَالِح السَّهْمِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : هُوَ قَسَم أَقْسَمَ اللَّه بِهِ وَهُوَ مِنْ أَسْمَاء اللَّه . 192 حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِد الْحَذَّاء عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : { الم } قَسَم , وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ حُرُوف مُقَطَّعَة مِنْ أَسْمَاء وَأَفْعَال , كُلّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ لِمَعْنًى غَيْر مَعْنَى الْحَرْف الْآخَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 193 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيع , وَحَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْن أَبِي شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنِ ابْن عَبَّاس : { الم } قَالَ : أَنَا اللَّه أَعْلَم . 194 - وَحَدَّثَنَا عَنْ أَبِي عُبَيْد قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَقْظَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ قَوْله : { الم } قَالَ : أَنَا اللَّه أَعْلَم . 195 -حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُون الْهَمْدَانِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرو بْن حَمَّاد الْقَنَّاد , قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاط بْن نَصْر , عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ فِي خَبَر ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِك , وَعَنْ أَبِي صَالِح , عَنِ ابْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , عَنْ ابْن مَسْعُود , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ : { الم } قَالَ : أَمَّا : { الم } فَهُوَ حَرْف اشْتُقَّ مِنْ حُرُوف هِجَاء أَسْمَاء اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ . 196 حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَعْمَر , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّاس بْن زِيَاد الْبَاهِلِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله : { الم } وَ { حم } وَ { ن } قَالَ : اسْم مُقَطَّع , وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حُرُوف هِجَاء مَوْضُوع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 197 - حَدَّثَنَا عَنْ مَنْصُور بْن أَبِي نُوَيْرَة , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْمُؤَدِّب , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : فَوَاتِح السُّوَر كُلّهَا { ق } وَ { ص } وَ { حم } وَ { طسم } وَ { الر } وَغَيْر ذَلِكَ هِجَاء مَوْضُوع , وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حُرُوف يَشْتَمِل كُلّ حَرْف مِنْهَا عَلَى مَعَانٍ شَتَّى مُخْتَلِفَة ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 198 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْن إِبْرَاهِيم الطَّبَرِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن الْحَجَّاج , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , عَنِ الرَّبِيع بْن أَنَس فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { الم } قَالَ : هَذِهِ الْأَحْرُف مِنْ التِّسْعَة وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا , دَارَتْ فِيهَا الْأَلْسُن كُلّهَا , لَيْسَ مِنْهَا حَرْف إِلَّا وَهُوَ مِفْتَاح اسْم مِنْ أَسْمَائِهِ , وَلَيْسَ مِنْهَا حَرْف إِلَّا وَهُوَ فِي آلَائِهِ وَبَلَائِهِ , وَلَيْسَ مِنْهَا حَرْف إِلَّا وَهُوَ مُدَّة قَوْم وَآجَالهمْ , وَقَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم : " وَعَجِيب يَنْطِقُونَ فِي أَسْمَائِهِ , وَيَعِيشُونَ فِي رِزْقه , فَكَيْفَ يَكْفُرُونَ " ؟ قَالَ : الْأَلِف : مِفْتَاح اسْمه " اللَّه " , وَاللَّام : مِفْتَاح اسْمه " لَطِيف " , وَالْمِيم : مِفْتَاح اسْمه " مَجِيد " ; وَالْأَلِف : آلَاء اللَّه , وَاللَّام : لُطْفه , وَالْمِيم : مَجْده ; الْأَلِف : سَنَة , وَاللَّام ثَلَاثُونَ سَنَة , وَالْمِيم : أَرْبَعُونَ سَنَة. حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : حَدَّثَنَا حَكَّام عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنِ الرَّبِيع بِنَحْوِهِ. وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حُرُوف مِنْ حِسَاب الْجُمَّل , كَرِهْنَا ذِكْر الَّذِي حُكِيَ ذَلِكَ عَنْهُ , إِذْ كَانَ الَّذِي رَوَاهُ مِمَّنْ لَا يُعْتَمَد عَلَى رِوَايَته وَنَقْله , وَقَدْ مَضَتْ الرِّوَايَة بِنَظِيرِ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْل عَنِ الرَّبِيع بْن أَنَس . وَقَالَ بَعْضهمْ : لِكُلِّ كِتَاب سِرّ , وَسِرّ الْقُرْآن فَوَاتِحه. وَأَمَّا أَهْل الْعَرَبِيَّة فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حُرُوف مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم اسْتُغْنِيَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهَا فِي أَوَائِل السُّوَر عَنْ ذِكْر بِوَاقِيهَا الَّتِي هِيَ تَتِمَّة الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا , كَمَا اسْتَغْنَى الْمُخْبِر عَمَّنْ أَخْبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ فِي حُرُوف الْمُعْجَم الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ بِذِكْرِ " أ ب ت ث " عَنْ ذِكْر بِوَاقِي حُرُوفهَا الَّتِي هِيَ تَتِمَّة الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ , قَالَ : وَلَذَلِكَ رَفَعَ { ذَلِكَ الْكِتَاب } لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : الْأَلِف وَاللَّام وَالْمِيم مِنَ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة { ذَلِكَ الْكِتَاب } الَّذِي أَنْزَلْته إِلَيْك مَجْمُوعًا { لَا رَيْبَ فِيهِ ... } . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنَّ " أ ب ت ث " قَدْ صَارَتْ كَالِاسْمِ فِي حُرُوف الْهِجَاء كَمَا صَارَتْ الْحَمْد اسْمًا لِفَاتِحَةِ الْكِتَاب . قِيلَ لَهُ : لَمَّا كَانَ جَائِزًا أَنْ يَقُول الْقَائِل : ابْنِي فِي " ط ظ " , وَكَانَ مَعْلُومًا بِقِيلِهِ ذَلِكَ لَوْ قَالَهُ أَنَّهُ يُرِيد الْخَبَرَ عَنِ ابْنه أَنَّهُ فِي الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة , عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ " أ ب ت ث " لَيْسَ لَهَا بِاسْمٍ , وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ آثَر فِي الذِّكْر مِنْ سَائِرهَا. قَالَ : وَإِنَّمَا خُولِفَ بَيْن ذِكْر حُرُوف الْمُعْجَم فِي فَوَاتِح السُّوَر , فَذُكِرَتْ فِي أَوَائِلهَا مُخْتَلِفَة , وَذِكْرهَا إِذَا ذُكِرَتْ بِأَوَائِلِهَا الَّتِي هِيَ " أ ب ت ث " مُؤْتَلِفَة لِيَفْصِلَ بَيْنَ الْخَبَر عَنْهَا , إِذَا أُرِيد بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهَا مُخْتَلِفًا الدَّلَالَة عَلَى الْكَلَام الْمُتَّصِل , وَإِذَا أُرِيد بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهَا مُؤْتَلِفًا الدَّلَالَة عَلَى الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة بِأَعْيَانِهَا . وَاسْتَشْهَدُوا - الْإِجَازَة قَوْل الْقَائِل : ابْنِي فِي " ط ظ " , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْخَبَر عَنْهُ أَنَّهُ فِي حُرُوف الْمُعْجَم , وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ قِيله فِي الْبَيَان يَقُوم مَقَام قَوْله : " ابْنِي فِي أ ب ت ث " بِرَجَزِ بَعْض الرُّجَّاز مِنْ بَنِي أَسَد : لَمَّا رَأَيْت أَمْرهَا فِي حُطِّي وَفَنَكَتْ فِي كَذِب وَلَطّ أَخَذْت مِنْهَا بِقُرُونٍ شُمْط فَلَمْ يَزَلْ ضَرْبِي بِهَا وَمَعْطِي حَتَّى عَلَا الرَّأْس دَم يُغَطِّي فَزَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْخَبَرَ عَنْ الْمَرْأَة أَنَّهَا فِي " أَبِي جَاد " , فَأَقَامَ قَوْله : " لَمَّا رَأَيْت أَمْرهَا فِي حُطِّي " مَقَام خَبَره عَنْهَا أَنَّهَا فِي " أَبِي جَاد " , إِذْ كَانَ ذَاكَ مِنْ قَوْله يَدُلّ سَامِعه عَلَى مَا يَدُلّهُ عَلَيْهِ قَوْله : لَمَّا رَأَيْت أَمْرهَا فِي أَبِي جَاد . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ابْتُدِئَتْ بِذَلِكَ أَوَائِل السُّوَر لِيَفْتَح لِاسْتِمَاعِهِ أَسْمَاعَ الْمُشْرِكِينَ , إِذْ تَوَاصَوْا بِالْإِعْرَاضِ عَنِ الْقُرْآن , حَتَّى إِذَا اسْتَمَعُوا لَهُ تَلَا عَلَيْهِمْ الْمُؤَلَّف مِنْهُ. وَقَالَ بَعْضهمْ : الْحُرُوف الَّتِي هِيَ فَوَاتِح السُّوَر حُرُوف يَسْتَفْتِح اللَّه بِهَا كَلَامَهُ . فَإِنْ قِيلَ : هَلْ يَكُون مِنَ الْقُرْآن مَا لَيْسَ لَهُ مَعْنًى ؟ فَإِنَّ مَعْنَى هَذَا أَنَّهُ افْتَتَحَ بِهَا لِيَعْلَم أَنَّ السُّورَةَ الَّتِي قَبْلهَا قَدْ انْقَضَتْ , وَأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ فِي أُخْرَى , فَجَعَلَ هَذَا عَلَامَة انْقِطَاع مَا بَيْنهمَا , وَذَلِكَ فِي كَلَام الْعَرَب يُنْشِد الرَّجُلَ مِنْهُمْ الشِّعْر فَيَقُول : بَلْ .... وَبَلْدَة مَا الْإِنْس مِنْ آهَالهَا وَيَقُول : لَا بَلْ ... مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا و " بَلْ " لَيْسَتْ مِنَ الْبَيْت وَلَا تُعَدّ فِي وَزْنه , وَلَكِنْ يَقْطَع بِهَا كَلَامًا وَيَسْتَأْنِف الْآخَر . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَلِكُلِّ قَوْل مِنَ الْأَقْوَال الَّتِي قَالَهَا الَّذِينَ وَصَفْنَا قَوْلهمْ فِي ذَلِكَ وَجْه مَعْرُوف . فَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : { الم } اسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن , فَلِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا أَنَّ : { الم } اسْم لِلْقُرْآنِ كَمَا الْفُرْقَان اسْم لَهُ . وَإِذَا كَانَ مَعْنَى قَائِل ذَلِكَ كَذَلِكَ , كَانَ تَأْوِيل قَوْله : { الم } ذَلِكَ الْكِتَاب عَلَى مَعْنَى الْقَسَم ; كَأَنَّهُ قَالَ : وَالْقُرْآن هَذَا الْكِتَاب لَا رَيْب فِيهِ , وَالْآخَر مِنْهُمَا أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا أَنَّهُ اسْم مِنْ أَسْمَاء السُّورَة الَّتِي تُعْرَف بِهِ كَمَا تُعْرَف سَائِر الْأَشْيَاء بِأَسْمَائِهَا الَّتِي هِيَ لَهَا أَمَارَات تُعْرَف بِهَا , فَيَفْهَم السَّامِع مِنَ الْقَائِل يَقُول : قَرَأْت الْيَوْمَ { المص } وَ { ن } أَيْ السُّورَة الَّتِي قَرَأَهَا مِنْ سُوَر الْقُرْآن , كَمَا يُفْهَم عَنْهُ إِذَا قَالَ : لَقِيت الْيَوْمَ عَمْرًا وَزَيْدًا , وَهُمَا بِزَيْدٍ وَعَمْرٍ وَعَارِفَانِ مَنْ الَّذِي لَقِيَ مِنَ النَّاس . وَإِنْ أَشْكَلَ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى امْرِئٍ فَقَالَ : وَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَنَظَائِر الم المر فِي الْقُرْآن جَمَاعَة مِنْ السُّوَر ؟ وَإِنَّمَا تَكُون الْأَسْمَاء أَمَارَات , إِذَا كَانَتْ مُمَيِّزَة بَيْنَ الْأَشْخَاص , فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ غَيْر مُمَيِّزَة فَلَيْسَتْ أَمَارَات . قِيلَ : إِنَّ الْأَسْمَاءَ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ صَارَتْ لِاشْتِرَاكِ كَثِير مِنَ النَّاس فِي الْوَاحِد مِنْهَا غَيْر مُمَيِّزَة إِلَّا بِمَعَانٍ أُخَر مَعَهَا مِنْ ضَمّ نِسْبَة الْمُسَمَّى بِهَا إِلَيْهَا أَوْ نَعْته أَوْ صِفَته بِمَا يُفَرِّق بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْره مِنْ أَشْكَالهَا , فَإِنَّهَا وُضِعَتْ ابْتِدَاء لِلتَّمْيِيزِ لَا شَكَّ ثُمَّ احْتِيجَ عِنْد الِاشْتِرَاك إِلَى الْمَعَانِي الْمُفَرِّقَة بَيْن الْمُسَمَّى بِهَا , فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي أَسْمَاء السُّوَر , جَعَلَ كُلّ اسْم - فِي قَوْل قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة - أَمَارَة لِلْمُسَمَّى بِهِ مِنْ السُّوَر فَلَمَّا شَارَكَ الْمُسَمَّى بِهِ فِيهِ غَيْره مِنْ سُوَر الْقُرْآن احْتَاجَ الْمُخْبِر عَنْ سُورَة مِنْهَا أَنْ يَضُمّ إِلَى اسْمهَا الْمُسَمَّى بِهِ مِنْ ذَلِكَ مَا يُفَرِّق بِهِ لِلسَّامِعِ بَيْن الْخَبَر عَنْهَا وَعَنْ غَيْرهَا مِنْ نَعْت وَصِفَة أَوْ غَيْر ذَلِكَ , فَيَقُول الْمُخْبِر عَنْ نَفْسه إِنَّهُ تَلَا سُورَةَ الْبَقَرَة إِذَا سَمَّاهَا بِاسْمِهَا الَّذِي هُوَ { الم } قَرَأْت { الم } الْبَقَرَة , وَفِي آل عِمْرَان : قَرَأْت { الم } آل عِمْرَان , وَ { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } وَ { الم اللَّه لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيّ الْقَيُّوم } . كَمَا لَوْ أَرَادَ الْخَبَر عَنْ رَجُلَيْنِ اسْم كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا عَمْرو , غَيْر أَنَّ أَحَدهمَا تَمِيمِيّ وَالْآخَر أَزْدِيّ , لَلَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ أَرَادَ إِخْبَاره عَنْهُمَا : لَقِيت عَمْرًا التَّمِيمِيّ وَعَمْرًا الْأَزْدِيّ , إِذْ كَانَ لَا فَرْق بَيْنَهُمَا وَبَيْن غَيْرهمَا مِمَّنْ يُشَارِكهُمَا فِي أَسْمَائِهِمَا إِلَّا بِنِسْبَتِهِمَا كَذَلِكَ , فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْل مَنْ تَأَوَّلَ فِي الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة أَنَّهَا أَسْمَاء لِلسُّوَرِ. وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : ذَلِكَ فَوَاتِح يَفْتَتِح اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهَا كَلَامَهُ , فَإِنَّهُمْ وَجَّهُوا ذَلِكَ إِلَى نَحْو الْمَعْنَى الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَمَّنْ حَكَيْنَا عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّهُ قَالَ : ذَلِكَ أَدِلَّة عَلَى انْقِضَاء سُورَة وَابْتِدَاء فِي أُخْرَى وَعَلَامَة لِانْقِطَاعِ مَا بَيْنهمَا , كَمَا جُعِلَتْ " بَلْ " فِي ابْتِدَاء قَصِيدَة دَلَالَة عَلَى ابْتِدَاء فِيهَا وَانْقِضَاء أُخْرَى قَبْلهَا كَمَا ذَكَرْنَا عَنِ الْعَرَب إِذَا أَرَادُوا الِابْتِدَاء فِي إِنْشَاد قَصِيدَة , قَالُوا : بَلْ .... مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا وَ " بَلْ " لَيْسَتْ مِنْ الْبَيْت وَلَا دَاخِلَة فِي وَزْنه , وَلَكِنْ لِيَدُلّ بِهِ عَلَى قَطْع كَلَام وَابْتِدَاء آخَر. وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : ذَلِكَ حُرُوف مُقَطَّعَة بَعْضهَا مِنْ أَسْمَاء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , وَبَعْضهَا مِنْ صِفَاته , وَلِكُلِّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى غَيْر مَعْنَى الْحَرْف الْآخَر , فَإِنَّهُمْ نَحَوْا بِتَأْوِيلِهِمْ ذَلِكَ نَحْو قَوْل الشَّاعِر : قُلْنَا لَهَا قِفِي لَنَا قَالَتْ قَاف لَا تَحْسِبِي أَنَّا نَسِينَا الْإِيجَاف يَعْنِي بِقَوْلِهِ : قَالَتْ قَاف : قَالَتْ قَدْ وَقَفْت , فَدَلَّتْ بِإِظْهَارِ الْقَاف مِنْ وَقَفْت و عَلَى مُرَادهَا مِنْ تَمَامَ الْكَلِمَة الَّتِي هِيَ " وَقَفْت " , فَصَرَفُوا قَوْله : { الم } وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إِلَى نَحْو هَذَا الْمَعْنَى , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْأَلِف أَلِف " أَنَا " , وَاللَّام لَام " اللَّه " , وَالْمِيم مِيم " أَعْلَم " , وَكُلّ حَرْف مِنْهَا دَالّ عَلَى كَلِمَة تَامَّة . قَالُوا : فَجُمْلَة هَذِهِ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة إِذَا ظَهَرَ مَعَ كُلّ حَرْف مِنْهُنَّ تَمَام حُرُوف الْكَلِمَة " أَنَا " اللَّه أَعْلَم " . قَالُوا : وَكَذَلِكَ سَائِر جَمِيع مَا فِي أَوَائِل سُوَر الْقُرْآن مِنْ ذَلِكَ , فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَبِهَذَا التَّأْوِيل . قَالُوا : وَمُسْتَفِيض ظَاهِر فِي كَلَام الْعَرَب أَنْ يَنْقُص الْمُتَكَلِّم مِنْهُمْ مِنَ الْكَلِمَة الْأَحْرُف إِذَا كَانَ فِيمَا بَقِيَ دَلَالَة عَلَى مَا حُذِفَ مِنْهَا , وَيَزِيد فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَة مُلَبِّسَة مَعْنَاهَا عَلَى سَامِعهَا كَحَذْفِهِمْ فِي النَّقْص فِي التَّرْخِيم مِنْ " حَارِث " " الثَّاء " فَيَقُولُونَ : يَا حَارِ , وَمِنْ " مَالِك " " الْكَاف " فَيَقُولُونَ : يَا مَال , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , وَكَقَوْلِ رَاجِزهمْ مَا لِلظَّلِيمِ عَالَ كَيْفَ لَا يَا يَنْقَدّ عَنْهُ جِلْده إِذَا يَا كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ : إِذَا يَفْعَل كَذَا وَكَذَا , فَاكْتَفَى بِالْيَاءِ مِنْ وَيَفْعَل . , وَكَمَا قَالَ آخَر مِنْهُمْ : بِالْخَيْرِ خَيْرَات وَإِنْ شَرًّا فَا يُرِيد فَشَرًّا . وَلَا أُرِيد الشَّرّ إِلَّا أَنْ تَا يُرِيد إِلَّا أَنْ تَشَاء , فَاكْتَفَى بِالتَّاءِ وَالْفَاء فِي الْكَلِمَتَيْنِ جَمِيعًا مِنْ سَائِر حُرُوفهمَا , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الشَّوَاهِد الَّتِي يَطُول الْكِتَاب بِاسْتِيعَابِهِ , وَكَمَا : 199 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب وَابْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : لَمَّا مَاتَ يَزِيد بْن مُعَاوِيَة , قَالَ لِي عَبْدَة : إِنِّي لَا أَرَاهَا إِلَّا كَائِنَة فِتْنَة فَافْزَعْ مِنْ ضَيْعَتك وَالْحَقْ بِأَهْلِك ! قُلْت : فَمَا تَأْمُرنِي ؟ قَالَ : أَحَبّ إِلَيَّ لَك أَنْ تَا - قَالَ أَيُّوب وَابْن عَوْن بِيَدِهِ تَحْت خَدّه الْأَيْمَن يَصِف الِاضْطِجَاع - حَتَّى تَرَى أَمْرًا تَعْرِفهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي بِ " تَا " تَضْطَجِع , فَاجْتَزَأَ بِالتَّاءِ مِنْ تَضْطَجِع , وَكَمَا قَالَ الْآخَر فِي الزِّيَادَة فِي الْكَلَام عَلَى النَّحْو الَّذِي وَصَفْت : أَقُول إِذْ خَرَّتْ عَلَى الْكَلْكَالِ يَا نَاقَتِي مَا جُلْت مِنْ مَجَال يُرِيد الْكَلْكَل , وَكَمَا قَالَ الْآخَر : إِنَّ شَكْلِي وَإِنَّ شَكْلَك شَتَّى فَالْزَمِي الْخُصّ , وَاخْفِضِي تَبْيَضِضِّي فَزَادَ ضَادًا وَلَيْسَتْ فِي الْكَلِمَة. f قَالُوا : فَكَذَلِكَ مَا نَقَصَ مِنْ تَمَام حُرُوف كُلّ كَلِمَة مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَات الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهَا تَتِمَّة حُرُوف { الم } وَنَظَائِرهَا , نَظِير مَا نَقَصَ مِنَ الْكَلَام الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْ الْعَرَب فِي أَشْعَارهَا وَكَلَامهَا . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : كُلّ حَرْف مِنْ { الم } وَنَظَائِرهَا دَالّ عَلَى مَعَانٍ شَتَّى نَحْو الَّذِي ذَكَرْنَا عَنِ الرَّبِيع بْن أَنَس , فَإِنَّهُمْ وَجَّهُوا ذَلِكَ إِلَى مِثْل الَّذِي وَجَّهَهُ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ هُوَ بِتَأْوِيلِ : " أَنَا اللَّه أَعْلَم " فِي أَنَّ كُلّ حَرْف مِنْهُ بَعْض حُرُوف كَلِمَة تَامَّة اسْتُغْنِيَ بِدَلَالَتِهِ عَلَى تَمَامه عَنْ ذِكْر تَمَامه , وَإِنْ كَانُوا لَهُ مُخَالِفِينَ فِي كُلّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ , أَهُوَ مِنْ الْكَلِمَة الَّتِي ادَّعَى أَنَّهُ مِنْهَا قَائِلُو الْقَوْل الْأَوَّل أَمْ مِنْ غَيْرهَا ؟ فَقَالُوا : بَلْ الْأَلِف مِنْ { الم } مِنْ كَلِمَات شَتَّى هِيَ دَالَّة عَلَى مَعَانِي جَمِيع ذَلِكَ وَعَلَى تَمَامه . قَالُوا : وَإِنَّمَا أَفْرَدَ كُلّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ وَقَصَرَ بِهِ عَنْ تَمَام حُرُوف الْكَلِمَة أَنَّ جَمِيع حُرُوف الْكَلِمَة لَوْ أُظْهِرَتْ لَمْ تَدُلّ الْكَلِمَة الَّتِي تَظْهَر بَعْض هَذِهِ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة بَعْض لَهَا , إِلَّا عَلَى مَعْنًى وَاحِد لَا عَلَى مَعْنَيَيْنِ وَأَكْثَر مِنْهُمَا . قَالُوا : وَإِذَا كَانَ لَا دَلَالَة فِي ذَلِكَ لَوْ أَظْهَر جَمِيعَهَا إِلَّا عَلَى مَعْنَاهَا الَّذِي هُوَ مَعْنًى وَاحِد , وَكَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ أَرَادَ الدَّلَالَةَ بِكُلِّ حَرْف مِنْهَا عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة لِشَيْءٍ وَاحِد , لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يُفْرَد . الْحَرْف الدَّالّ عَلَى تِلْكَ الْمَعَانِي , لِيَعْلَم الْمُخَاطَبُونَ بِهِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَقْصِد قَصْد مَعْنًى وَاحِد وَدَلَالَة عَلَى شَيْء وَاحِد بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ , وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ الدَّلَالَةَ [ بِهِ ] عَلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ . قَالُوا : فَالْأَلِف مِنْ { الم } مُقْتَضِيَة مَعَانِي كَثِيرَة , مِنْهَا : إِتْمَام اسْم الرَّبّ الَّذِي هُوَ اللَّه , وَتَمَام اسْم نَعْمَاء اللَّه الَّتِي هِيَ آلَاء اللَّه , وَالدَّلَالَة عَلَى أَجَل قَوْم أَنَّهُ سَنَة , إِذَا كَانَتْ الْأَلِف فِي حِسَاب الْجُمَّل وَاحِدًا . وَاللَّام مُقْتَضِيَة تَمَام اسْم اللَّه الَّذِي هُوَ لَطِيف , وَتَمَام اسْم فَضْله الَّذِي هُوَ لُطْف , وَالدَّلَالَة عَلَى أَجَل قَوْم أَنَّهُ ثَلَاثُونَ سَنَة , وَالْمِيم مُقْتَضِيَة تَمَام اسْم اللَّه الَّذِي هُوَ مَجِيد , وَتَمَام اسْم عَظَمَته الَّتِي هِيَ مَجْد , وَالدَّلَالَة عَلَى أَجَل قَوْم أَنَّهُ أَرْبَعُونَ سَنَة , فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَام فِي تَأْوِيل قَائِل الْقَوْل الْأَوَّل : أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ افْتَتَحَ كَلَامَهُ بِوَصْفِ نَفْسه بِأَنَّهُ الْعَالِم الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء , وَجَعَلَ ذَلِكَ لِعِبَادِهِ مَنْهَجًا يَسْلُكُونَهُ فِي مُفْتَتَح خُطَبهمْ وَرَسَائِلهمْ وَمُهِمّ أُمُورهمْ , وَابْتِلَاء مِنْهُ لَهُمْ لِيَسْتَوْجِبُوا بِهِ عَظِيم الثَّوَاب فِي دَار الْجَزَاء , كَمَا افْتَتَحَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ , وَ { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْضَ } 6 1 وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ السُّوَر الَّتِي جَعَلَ مَفَاتِحهَا الْحَمْد لِنَفْسِهِ , وَكَمَا جَعَلَ مَفَاتِح بَعْضهَا تَعْظِيمَ نَفْسه وَإِجْلَالهَا بِالتَّسْبِيحِ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { سُبْحَان الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا } 17 1 وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ سَائِر سُوَر الْقُرْآن الَّتِي جَعَلَ مَفَاتِح بَعْضهَا تَحْمِيدَ نَفْسه , وَمَفَاتِح بَعْضهَا تَمْجِيدهَا , وَمَفَاتِح بَعْضهَا تَعْظِيمهَا وَتَنْزِيههَا , فَكَذَلِكَ جَعَلَ مَفَاتِح السُّوَر الْأُخْرَى الَّتِي أَوَائِلهَا بَعْض حُرُوف الْمُعْجَم مَدَائِح نَفْسه أَحْيَانًا بِالْعِلْمِ , وَأَحْيَانًا بِالْعَدْلِ وَالْإِنْصَاف , وَأَحْيَانًا بِالْإِفْضَالِ وَالْإِحْسَان بِإِيجَازٍ وَاخْتِصَار , ثُمَّ اقْتِصَاص الْأُمُور بَعْد ذَلِكَ . وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل يَجِب أَنْ يَكُونَ الْأَلِف وَاللَّام وَالْمِيم فِي أَمَاكِن الرَّفْع مَرْفُوعًا بَعْضهَا بِبَعْضٍ دُونَ قَوْله : { ذَلِكَ الْكِتَاب } وَيَكُون ذَلِكَ الْكِتَاب خَبَر مُبْتَدَأ مُنْقَطِعًا عَنْ مَعْنَى { الم } , وَكَذَلِكَ " ذَلِكَ " فِي تَأْوِيل قَوْل قَائِل هَذَا الْقَوْل الثَّانِي مَرْفُوع بَعْضه بِبَعْضٍ , وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا مَعْنَاهُ مَعْنَى قَوْل قَائِل الْقَوْل الْأَوَّل . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : هُنَّ حُرُوف مِنْ حُرُوف حِسَاب الْجُمَّل دُون مَا خَالَفَ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَانِي , فَإِنَّهُمْ قَالُوا : لَا نَعْرِف لِلْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَة مَعْنًى يُفْهَم سِوَى حِسَاب الْجُمَّل وَسِوَى تَهَجِّي قَوْل الْقَائِل : { الم } . وَقَالُوا : غَيْر جَائِز أَنْ يُخَاطِبَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَاده إِلَّا بِمَا يَفْهَمُونَهُ وَيَعْقِلُونَهُ عَنْهُ , فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ - وَكَانَ قَوْله : { الم } لَا يُعْقَل لَهَا وَجْه تُوَجَّه إِلَيْهِ إِلَّا أَحَد الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا , فَبَطَلَ أَحَد وَجْهَيْهِ , وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِهَا تَهَجِّي . { الم } - صَحَّ وَثَبَتَ أَنَّهُ مُرَاد بِهِ الْوَجْه الثَّانِي وَهُوَ حِسَاب الْجُمَّل ; لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِل : { الم } لَا يَجُوز أَنْ يَلِيَهُ مِنَ الْكَلَام ذَلِكَ الْكِتَاب لِاسْتِحَالَةِ مَعْنَى الْكَلَام وَخُرُوجه عَنِ الْمَعْقُول إِذَا وَلِيَ { الم } ذَلِكَ الْكِتَاب , وَاحْتَجُّوا لِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا : 200 -حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّد بْن حُمَيْد الرَّازِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَة بْن الْفَضْل . قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : حَدَّثَنِي الْكَلْبِيّ , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنِ ابْن عَبَّاس , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه بْن رِئَاب , قَالَ : مَرَّ أَبُو يَاسِر بْن أَخْطَبَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتْلُو فَاتِحَة سُورَة الْبَقَرَة : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب لَا رَيْبَ فِيهِ } فَأَتَى أَخَاهُ حُيَيّ بْن أَخْطَبَ فِي رِجَال مِنْ يَهُود فَقَالَ : تَعْلَمُونَ وَاللَّه لَقَدْ سَمِعْت مُحَمَّدًا يَتْلُو فِيمَا أَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } فَقَالُوا : أَنْتَ سَمِعْته ؟ قَالَ : نَعَمْ فَمَشَى حُيَيّ بْن أَخْطَبَ فِي أُولَئِكَ النَّفَر مِنْ يَهُود إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ , فَقَالُوا : يَا مُحَمَّد أَلَمْ يُذْكَر لَنَا أَنَّك تَتْلُو فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْك : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ : " بَلَى " فَقَالُوا : أَجَاءَك بِهَذَا جِبْرِيل مِنْ عِنْد اللَّه ؟ قَالَ : " نَعَمْ " ! قَالُوا : لَقَدْ بَعَثَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَبْلَك أَنْبِيَاءَ مَا نَعْلَمهُ بَيَّنَ لِنَبِيٍّ مِنْهُمْ مَا مُدَّة مُلْكه وَمَا أَجَل أُمَّته غَيْرك ! فَقَالَ حُيَيّ بْن أَخْطَبَ : وَأَقْبَلَ عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ , فَقَالَ لَهُمْ : الْأَلِف وَاحِدَة , وَاللَّام ثَلَاثُونَ , وَالْمِيم أَرْبَعُونَ , فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَة , قَالَ : فَقَالَ لَهُمْ : أَتَدْخُلُونَ فِي دِين نَبِيّ إِنَّمَا مُدَّة مُلْكه وَأَجَل أُمَّته إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَة ؟ قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّد هَلْ مَعَ هَذَا غَيْره ؟ قَالَ : " نَعَمْ " ! قَالَ : مَاذَا ؟ قَالَ : " المص " قَالَ : هَذِهِ أَثْقَل وَأَطْوَل : الْأَلِف وَاحِدَة , وَاللَّام ثَلَاثُونَ , وَالْمِيم أَرْبَعُونَ , وَالصَّاد تِسْعُونَ , فَهَذِهِ مِائَة وَإِحْدَى وَسِتُّونَ سَنَة ; هَلْ مَعَ هَذَا يَا مُحَمَّد غَيْره ؟ قَالَ : " نَعَمْ " ! قَالَ : مَاذَا ؟ قَالَ : " الر " قَالَ : هَذِهِ أَثْقَل وَأَطْوَل الْأَلِف وَاحِدَة , وَاللَّام ثَلَاثُونَ , وَالرَّاء مِائَتَانِ , فَهَذِهِ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَتَا سَنَة ; فَقَالَ : هَلْ مَعَ هَذَا غَيْره يَا مُحَمَّد ؟ قَالَ : " نَعَمْ المر " , قَالَ : فَهَذِهِ أَثْقَل وَأَطْوَل : الْأَلِف وَاحِدَة وَاللَّام ثَلَاثُونَ , وَالْمِيم أَرْبَعُونَ , وَالرَّاء مِائَتَانِ , فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ وَمِائَتَا سَنَة . ثُمَّ قَالَ : لَقَدْ لَبَسَ عَلَيْنَا أَمْرك يَا مُحَمَّد , حَتَّى مَا نَدْرِي أَقَلِيلًا أُعْطِيت أَمْ كَثِيرًا ! ثُمَّ قَامُوا عَنْهُ , فَقَالَ أَبُو يَاسِر لِأَخِيهِ حُيَيّ بْن أَخْطَبَ وَلِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْأَحْبَار : مَا يُدْرِيكُمْ لَعَلَّهُ قَدْ جُمِعَ هَذَا كُلّه لِمُحَمَّدٍ : إِحْدَى وَسَبْعُونَ , وَإِحْدَى وَسِتُّونَ وَمِائَة , وَمِائَتَانِ وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ , وَمِائَتَانِ وَإِحْدَى وَسَبْعُونَ , فَذَلِكَ سَبْعمِائَةِ سَنَة وَأَرْبَع وَثَلَاثُونَ , فَقَالُوا : لَقَدْ تَشَابَهَ عَلَيْنَا أَمْره . وَيَزْعُمُونَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْآيَات نَزَلَتْ فِيهِمْ : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب وَأُخَر مُتَشَابِهَات } . 3 7 فَقَالُوا : قَدْ صَرَّحَ هَذَا الْخَبَر بِصِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّأْوِيل وَفَسَاد مَا قَالَهُ مُخَالِفُونَا فِيهِ . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل عِنْدِي فِي تَأْوِيل مَفَاتِح السُّوَر الَّتِي هِيَ حُرُوف الْمُعْجَم : أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَهَا حُرُوفًا مُقَطَّعَة وَلَمْ يَصِل بَعْضهَا بِبَعْضٍ فَيَجْعَلهَا كَسَائِرِ الْكَلَام الْمُتَّصِل الْحُرُوف ; لِأَنَّهُ عَزَّ ذِكْره أَرَادَ بِلَفْظِهِ الدَّلَالَة بِكُلِّ حَرْف مِنْهُ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة لَا عَلَى مَعْنًى وَاحِد , كَمَا قَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس , وَإِنْ كَانَ الرَّبِيع قَدْ اقْتَصَرَ بِهِ عَلَى مَعَانٍ ثَلَاثَة دُون مَا زَادَ عَلَيْهَا . وَالصَّوَاب فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ كُلّ حَرْف مِنْهُ يَحْوِي مَا قَالَهُ الرَّبِيع وَمَا قَالَهُ سَائِر الْمُفَسِّرِينَ غَيْره فِيهِ , سِوَى مَا ذَكَرْت مِنَ الْقَوْل عَمَّنْ ذَكَرْت عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّهُ كَانَ يُوَجِّه تَأْوِيل ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ حُرُوف هِجَاء اسْتُغْنِيَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهُ فِي مَفَاتِح السُّوَر عَنْ ذِكْر تَتِمَّة الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم بِتَأْوِيلِ : أَنَّ هَذِهِ الْحُرُوف , ذَلِكَ الْكِتَاب , مَجْمُوعَة لَا رَيْب فِيهِ , فَإِنَّهُ قَوْل خَطَأ فَاسِد لِخُرُوجِهِ عَنْ أَقْوَال جَمِيع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ , وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ مِنْ أَهْل التَّفْسِير وَالتَّأْوِيل , فَكَفَى دَلَالَة عَلَى خَطَئِهِ شَهَادَة الْحُجَّة شَهَادَة الْحُجَّة عَلَيْهِ بِالْخَطَأِ مَعَ إِبْطَال قَائِل ذَلِكَ قَوْله الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْهُ , إِذْ صَارَ إِلَى الْبَيَان عَنْ رَفْع ذَلِكَ الْكِتَاب بِقَوْلِهِ مَرَّة أَنَّهُ مَرْفُوع كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ وَمَرَّة أُخْرَى أَنَّهُ مَرْفُوع بِالرَّاجِعِ مِنْ ذِكْره فِي قَوْله : { لَا رَيْبَ فِيهِ } وَمَرَّة بِقَوْلِهِ : { هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } وَذَلِكَ تَرَكَ مِنْهُ لِقَوْلِهِ إِنَّ { الم } رَافِعَة { ذَلِكَ الْكِتَاب } وَخُرُوج مِنَ الْقَوْل الَّذِي ادَّعَاهُ فِي تَأْوِيل { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } وَأَنَّ تَأْوِيلَ ذَلِكَ : هَذِهِ الْحُرُوف ذَلِكَ الْكِتَاب . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يَكُونَ حَرْف وَاحِد شَامِلًا الدَّلَالَة عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة مُخْتَلِفَة ؟ قِيلَ : كَمَا جَازَ أَنْ تَكُونَ كَلِمَة وَاحِدَة تَشْتَمِل عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة مُخْتَلِفَة كَقَوْلِهِمْ لِلْجَمَاعَةِ مِنْ النَّاس : أُمَّة , وَلِلْحِينِ مِنْ الزَّمَان : أُمَّة , وَلِلرَّجُلِ الْمُتَعَبِّد الْمُطِيع لِلَّهِ : أُمَّة , وَلِلدِّينِ وَالْمِلَّة : أُمَّة , وَكَقَوْلِهِمْ لِلْجَزَاءِ وَالْقِصَاص : دِين , وَلِلسُّلْطَانِ وَالطَّاعَة : دِين , وَلِلتَّذَلُّلِ : دِين , وَلِلْحِسَابِ : دِين ; فِي أَشْبَاه لِذَلِكَ كَثِيرَة يَطُول الْكِتَاب بِإِحْصَائِهَا مِمَّا يَكُون مِنَ الْكَلَام بِلَفْظٍ وَاحِد , وَهُوَ مُشْتَمِل عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَة , وَكَذَلِكَ قَوْل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : " الم وَالمر " , وَ " المص " وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم الَّتِي هِيَ فَوَاتِح أَوَائِل السُّوَر , كُلّ حَرْف مِنْهَا دَالّ عَلَى مَعَانٍ شَتَّى , شَامِل جَمِيعهَا مِنْ أَسْمَاء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَصِفَاته مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ مِنْ الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْهُمْ ; وَهُنَّ مَعَ ذَلِكَ فَوَاتِح السُّوَر كَمَا قَالَهُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ , وَلَيْسَ كَوْن ذَلِكَ مِنْ حُرُوف أَسْمَاء اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَصِفَاته بِمَانِعِهَا أَنْ تَكُونَ لِلسُّوَرِ فَوَاتِح ; لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ افْتَتَحَ كَثِيرًا مِنْ سُوَر الْقُرْآن بِالْحَمْدِ لِنَفْسِهِ وَالثَّنَاء عَلَيْهَا , وَكَثِيرًا مِنْهَا بِتَمْجِيدِهَا وَتَعْظِيمهَا , فَغَيْر مُسْتَحِيل أَنْ يَبْتَدِئَ بَعْض ذَلِكَ بِالْقَسَمِ بِهَا , فَالَّتِي ابْتُدِئَ أَوَائِلهَا بِحُرُوفِ الْمُعْجَم أَحَد مَعَانِي أَوَائِلهَا أَنَّهُنَّ فَوَاتِح مَا افْتَتَحَ بِهِنَّ مِنْ سُوَر الْقُرْآن , وَهُنَّ مِمَّا أَقْسَمَ بِهِنَّ ; لِأَنَّ أَحَدَ مَعَانِيهنَّ أَنَّهُنَّ مِنْ حُرُوف أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى ذِكْره وَصِفَاته عَلَى مَا قَدَّمْنَا الْبَيَانَ عَنْهَا , وَلَا شَكَّ فِي صِحَّة مَعْنَى الْقَسَم بِاللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاته , وَهُنَّ مِنْ حُرُوف حِسَاب الْجُمَّل , وَهُنَّ لِلسُّوَرِ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهِنَّ شِعَار وَأَسْمَاء . فَذَلِكَ يَحْوِي مَعَانِي جَمِيع مَا وَصَفْنَا مِمَّا بَيَّنَّا مِنْ وُجُوهه ; لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ الدَّلَالَة عَلَى مَعْنًى وَاحِد مِمَّا يَحْتَمِلهُ ذَلِكَ دُون سَائِر الْمَعَانِي غَيْره , لَأَبَانَ ذَلِكَ لَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِبَانَة غَيْر مُشْكِلَة , إِذْ كَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا أَنْزَلَ كِتَابَهُ عَلَى رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ , وَفِي تَرْكه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِبَانَة ذَلِكَ أَنَّهُ مُرَاد بِهِ مِنْ وُجُوه تَأْوِيله الْبَعْض دُون الْبَعْض أَوْضَح الدَّلِيل عَلَى أَنَّهُ مُرَاد بِهِ جَمِيع وُجُوهه الَّتِي هُوَ لَهَا مُحْتَمِل , إِذْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِيلًا فِي الْعَقْل وَجْه مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ تَأْوِيله وَمَعْنَاهُ كَمَا كَانَ غَيْر مُسْتَحِيل اجْتِمَاع الْمَعَانِي الْكَثِيرَة لِلْكَلِمَةِ الْوَاحِدَة بِاللَّفْظِ الْوَاحِد فِي كَلَام وَاحِد . وَمَنْ أَبَى مَا قُلْنَاهُ فِي ذَلِكَ سُئِلَ الْفَرْق بَيْن ذَلِكَ وَبَيْن سَائِر الْحُرُوف الَّتِي تَأْتِي بِلَفْظٍ وَاحِد مَعَ اشْتِمَالهَا عَلَى الْمَعَانِي الْكَثِيرَة الْمُخْتَلِفَة كَالْأُمَّةِ وَالدِّين وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال . فَلَنْ يَقُولَ فِي أَحَد ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْأُخَر مِثْله , وَكَذَلِكَ يُسْأَل كُلّ مَنْ تَأَوَّلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْه دُون الْأَوْجُه الْأُخَر الَّتِي وَصَفْنَا عَنِ الْبُرْهَان عَلَى دَعْوَاهُ مِنَ الْوَجْه الَّذِي يُحِبّ التَّسْلِيم لَهُ ثُمَّ يُعَارَض بِقَوْلِهِ يُخَالِفهُ فِي ذَلِكَ , وَيُسْأَل الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ : مِنْ أَصْل , أَوْ مِمَّا يَدُلّ عَلَيْهِ أَصْل , فَلَنْ يَقُول فِي أَحَدهمَا قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْأُخَر مِثْله , وَأَمَّا الَّذِي زَعَمَ مِنْ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ ذَلِكَ نَظِير " بَلْ " فِي قَوْل الْمُنْشِد شَعْرًا : بَلْ ... مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا وَأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ , وَإِنَّمَا هُوَ زِيَادَة فِي الْكَلَام مَعْنَاهُ الطَّرْح ; فَإِنَّهُ أَخْطَأَ مِنْ وُجُوه شَتَّى : أَحَدهَا : أَنَّهُ وَصَفَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِأَنَّهُ خَاطَبَ الْعَرَبَ بِغَيْرِ مَا هُوَ مِنْ لُغَتهَا وَغَيْر مَا هُوَ فِي لُغَة أَحَد مِنْ الْآدَمِيِّينَ , إِذْ كَانَتْ الْعَرَب وَإِنْ كَانَتْ قَدْ كَانَتْ تَفْتَتِح أَوَائِل إِنْشَادهَا مَا أَنْشَدَتْ مِنْ الشِّعْر ب " بَلْ " , فَإِنَّهُ مَعْلُوم مِنْهَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَبْتَدِئ شَيْئًا مِنَ الْكَلَام ب " الم " و " الر " و" المص " بِمَعْنَى ابْتِدَائِهَا ذَلِكَ بِ " بَلْ " , وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ ابْتِدَائِهَا , وَكَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا خَاطَبَهُمْ بِمَا خَاطَبَهُمْ مِنَ الْقُرْآن بِمَا يَعْرِفُونَ مِنْ لُغَاتهمْ وَيَسْتَعْمِلُونَ بَيْنهمْ مِنْ مَنْطِقهمْ فِي جَمِيع آيِهِ , فَلَا شَكَّ أَنَّ سَبِيل مَا وَصَفْنَا مِنْ حُرُوف الْمُعْجَم الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهَا أَوَائِل السُّوَر الَّتِي هُنَّ لَهَا فَوَاتِح سَبِيل سَائِر الْقُرْآن فِي أَنَّهُ لَمْ يَعْدِل بِهَا عَنْ لُغَاتهمْ الَّتِي كَانُوا بِهَا عَارِفِينَ وَلَهَا بَيْنهمْ فِي مَنْطِقهمْ مُسْتَعْمِلِينَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعْدُولًا بِهِ عَنْ سَبِيل لُغَاتهمْ وَمَنْطِقهمْ كَانَ خَارِجًا عَنْ مَعْنَى الْإِبَانَة الَّتِي وَصَفَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهَا الْقُرْآن , فَقَالَ تَعَالَى ذِكْره : { نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين عَلَى قَلْبك لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيّ مُبِين }. 26 193 : 195 وَأَنَّى يَكُون مُبِينًا مَا لَا يَعْقِلهُ وَلَا يَفْقَههُ أَحَد مِنَ الْعَالَمِينَ فِي قَوْل قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة , وَلَا يُعْرَف فِي مَنْطِق أَحَد مِنَ الْمَخْلُوقِينَ فِي قَوْله ؟ وَفِي إِخْبَار اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَرَبِيّ مُبِين مَا يُكَذِّب هَذِهِ الْمَقَالَةَ , وَيُنْبِئ عَنْهُ أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا بِهِ عَالِمِينَ وَهُوَ لَهَا مُسْتَبِين , فَذَلِكَ أَحَد أَوْجُه خَطَئِهِ . وَالْوَجْه الثَّانِي مِنْ خَطَئِهِ فِي ذَلِكَ : إِضَافَته إِلَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ خَاطَبَ عِبَادَهُ بِمَا لَا فَائِدَةَ لَهُمْ فِيهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ مِنَ الْكَلَام الَّذِي سَوَاء الْخِطَاب بِهِ وَتَرْك الْخِطَاب بِهِ , وَذَلِكَ إِضَافَة الْعَبَث الَّذِي هُوَ مَنْفِيّ فِي قَوْل جَمِيع الْمُوَحِّدِينَ عَنِ اللَّه , إِلَى اللَّه تَعَالَى ذِكْره . وَالْوَجْه الثَّالِث مِنْ خَطَئِهِ : أَنَّ " بَلْ " فِي كَلَام الْعَرَب مَفْهُوم تَأْوِيلهَا وَمَعْنَاهَا , وَأَنَّهَا تُدْخِلهَا فِي كَلَامهَا رُجُوعًا عَنْ كَلَام لَهَا قَدْ تَقَضَّى كَقَوْلِهِمْ : مَا جَاءَنِي أَخُوك بَلْ أَبُوك ; وَمَا رَأَيْت عَمْرًا بَلْ عَبْدَ اللَّه , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْكَلَام , كَمَا قَالَ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَة : وَلَأَشْرَبَنَّ ثَمَانِيًا وَثَمَانِيَا وَثَلَاث عَشْرَة وَاثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعَا وَمَضَى فِي كَلِمَته حَتَّى بَلَغَ قَوْلَهُ : بِالْجُلَّسَانِ وَطِيب أَرْدَانه بِالْوَنِّ يَضْرِب لِي بَكْر الْأُصْبُعَا ثُمَّ قَالَ : بَلْ عَدَّ هَذَا فِي قَرِيض غَيْره وَاذْكُرْ فَتًى سَمْح الْخَلِيقَة أَرْوَعَا فَكَأَنَّهُ قَالَ : دَعْ هَذَا وَخُذْ فِي قَرِيض غَيْره . ف " بَلْ " إِنَّمَا يَأْتِي فِي كَلَام الْعَرَب عَلَى هَذَا النَّحْو مِنْ الْكَلَام , فَأَمَّا إِفْسَاحًا لِكَلَامِهَا مُبْتَدَأ بِمَعْنَى التَّطْوِيل وَالْحَذْف مِنْ غَيْر أَنْ يَدُلّ عَلَى مَعْنًى , فَذَلِكَ مِمَّا لَا نَعْلَم أَحَدًا ادَّعَاهُ مِنْ أَهْل الْمَعْرِفَة بِلِسَانِ الْعَرَب وَمَنْطِقهَا , سِوَى الَّذِي ذَكَرْت قَوْله , فَيَكُون ذَلِكَ أَصْلًا يُشْبِه بِهِ حُرُوف الْمُعْجَم الَّتِي هِيَ فَوَاتِح سُوَر الْقُرْآن الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهَا لَوْ كَانَ لَهُ مُشْبِهَة , فَكَيْفَ وَهِيَ مِنْ الشَّبَه بِهِ بَعِيدَة ؟'; $TAFSEER['3']['32']['2'] = 'وَقَوْله : { تَنْزِيل الْكِتَاب لَا رَيْبَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : تَنْزِيل الْكِتَاب الَّذِي نَزَلَ عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَا شَكَّ فِيهِ { مِنْ رَبّ الْعَالَمِينَ } : يَقُول : مِنْ رَبّ الثَّقَلَيْنِ : الْجِنّ , وَالْإِنْس . كَمَا : * حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { الم تَنْزِيل الْكِتَاب لَا رَيْب فِيهِ } لَا شَكَّ فِيهِ . وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : أَنَّ هَذَا الْقُرْآن الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه , وَلَيْسَ بِشِعْرٍ وَلَا سَجْع كَاهِن , وَلَا هُوَ مِمَّا تَخَرَّصَهُ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِنَّمَا كَذَّبَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ قَوْل الَّذِينَ { قَالُوا أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَة وَأَصِيلًا } 25 5 وَقَوْل الَّذِينَ قَالُوا : { إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْك افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْم آخَرُونَ } 25 4'; $TAFSEER['3']['32']['3'] = 'وَقَوْله : { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَقُول , الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ : اخْتَلَقَ هَذَا الْكِتَاب مُحَمَّد مِنْ قِبَل نَفْسه , وَتَكَذُّبه ; وَ " أَمْ " هَذِهِ تَقْرِير , وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ كِتَابنَا , أَنَّ الْعَرَب إِذَا اعْتَرَضَتْ بِالِاسْتِفْهَامِ فِي إِضْعَاف كَلَام قَدْ تَقَدَّمَ بَعْضه أَنْ يُسْتَفْهَم بِأَمْ , وَقَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : وَيَقُولُونَ , وَقَالَ : أَمْ بِمَعْنَى الْوَاو , بِمَعْنَى بَلْ فِي مِثْل هَذَا الْمَوْضِع , ثُمَّ أَكْذَبهمْ تَعَالَى ذِكْره فَقَالَ : مَا هُوَ كَمَا تَزْعُمُونَ وَتَقُولُونَ مِنْ أَنَّ مُحَمَّدًا افْتَرَاهُ , بَلْ هُوَ الْحَقّ وَالصِّدْق مِنْ عِنْد رَبّك يَا مُحَمَّد , أَنْزَلَهُ إِلَيْك , لِتُنْذِر قَوْمًا بَأْس اللَّه وَسَطْوَته , أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ عَلَى كُفْرهمْ بِهِ { مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِير مِنْ قَبْلِك } يَقُول : لَمْ يَأْتِ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ أَرْسَلَك رَبّك يَا مُحَمَّد إِلَيْهِمْ , وَهُمْ قَوْمه مِنْ قُرَيْش , نَذِير يُنْذِرهُمْ بَأْس اللَّه عَلَى كُفْرهمْ قَبْلَك . وَقَوْله : { لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } يَقُول : لِيَتَبَيَّنُوا سَبِيلَ الْحَقّ فَيَعْرِفُوهُ وَيُؤْمِنُوا بِهِ . وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21474 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لِتُنْذِر قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِير مِنْ قَبْلِك لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } قَالَ : كَانُوا أُمَّة أُمَيَّة , لَمْ يَأْتِهِمْ نَذِير قَبْل مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ'; $TAFSEER['3']['32']['4'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّة أَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الْمَعْبُود الَّذِي لَا تَصْلُح الْعِبَادَة إِلَّا لَهُ أَيّهَا النَّاس { الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنَهُمَا } مِنْ خَلْق { فِي سِتَّة أَيَّام } ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى عَرْشه فِي الْيَوْم السَّابِع بَعْدَ خَلْقه السَّمَاوَات وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا . كَمَا : 2147 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { اللَّه الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّة أَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش } فِي الْيَوْم السَّابِع . يَقُول : مَا لَكُمْ أَيّهَا النَّاس إِلَه إِلَّا مَنْ فَعَلَ هَذَا الْفِعْل , وَخَلَقَ هَذَا الْخَلْقَ الْعَجِيبَ فِي سِتَّة أَيَّام . وَقَوْله : { مَا لَكُمْ مِنْ دُونه مِنْ وَلِيّ وَلَا شَفِيع } يَقُول : مَا لَكُمْ أَيّهَا النَّاس دُونَهُ وَلِيّ يَلِي أَمْركُمْ وَيَنْصُركُمْ مِنْهُ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضُرًّا , وَلَا شَفِيع يَشْفَع لَكُمْ عِنْده إِنْ هُوَ عَاقَبَكُمْ عَلَى مَعْصِيَتكُمْ إِيَّاهُ , يَقُول : فَإِيَّاهُ فَاتَّخِذُوا وَلِيًّا , وَبِهِ وَبِطَاعَتِهِ فَاسْتَعِينُوا عَلَى أُمُوركُمْ فَإِنَّهُ يَمْنَعكُمْ إِذَا أَرَادَ مَنْعكُمْ مِمَّنْ أَرَادَكُمْ بِسُوءٍ , وَلَا يَقْدِر أَحَد عَلَى دَفْعه عَمَّا أَرَادَ بِكُمْ هُوَ , لِأَنَّهُ لَا يَقْهَرهُ قَاهِر , وَلَا يَغْلِبهُ غَالِب { أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَلَا تَعْتَبِرُونَ وَتَتَفَكَّرُونَ أَيّهَا النَّاس , فَتَعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لَكُمْ دُونه وَلِيّ وَلَا شَفِيع , فَتُفْرِدُوا لَهُ الْأُلُوهَةَ , وَتُخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَةَ , وَتَخْلَعُوا مَا دُونَهُ مِنْ الْأَنْدَاد وَالْآلِهَة.'; $TAFSEER['3']['32']['5'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يُدَبِّر الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض ثُمَّ يَعْرُج إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْفَ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه هُوَ الَّذِي يُدَبِّر الْأَمْرَ مِنْ أَمْر خَلْقه مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض , ثُمَّ يَعْرُج إِلَيْهِ , وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ { ثُمَّ يَعْرُج إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْفَ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : أَنَّ الْأَمْرَ يَنْزِل مِنْ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض , وَيَصْعَد مِنْ الْأَرْض إِلَى السَّمَاء فِي يَوْم وَاحِد , وَقَدْر ذَلِكَ أَلْف سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ مِنْ أَيَّام الدُّنْيَا ; لِأَنَّ مَا بَيْنَ الْأَرْض إِلَى السَّمَاء خَمْسمِائَةِ عَامٍ , وَمَا بَيْنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض مِثْل ذَلِكَ , فَذَلِكَ أَلْف سَنَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22476 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو بْن مَعْرُوف , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد { فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْف سَنَة } يَعْنِي بِذَلِكَ نُزُول الْأَمْر مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض , وَمِنَ الْأَرْض إِلَى السَّمَاء فِي يَوْم وَاحِد , وَذَلِكَ مِقْدَاره أَلْف سَنَة ; لِأَنَّ مَا بَيْن السَّمَاء إِلَى الْأَرْض مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ عَام. 21477 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { يُدَبِّر الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض ثُمَّ يَعْرُج إِلَيْهِ فِي يَوْم } مِنْ أَيَّامكُمْ { كَانَ مِقْدَاره أَلْفَ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } يَقُول : مِقْدَار مَسِيره فِي ذَلِكَ الْيَوْم أَلْف سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ مِنْ أَيَّامكُمْ مِنْ أَيَّام الدُّنْيَا خَمْسمِائَةِ سَنَة نُزُوله , وَخَمْسمِائَةِ صُعُوده فَذَلِكَ أَلْف سَنَة . 21478 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك { ثُمَّ يَعْرُج إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْفَ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } قَالَ : تَعْرُج الْمَلَائِكَة إِلَى السَّمَاء , ثُمَّ تَنْزِل فِي يَوْم مِنْ أَيَّامكُمْ هَذِهِ , وَهُوَ مَسِيرَة أَلْف سَنَة. 21479 - قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة { أَلْف سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } قَالَ : مِنْ أَيَّام الدُّنْيَا . 21480 - حَدَّثَنَا هَنَّاد بْن السَّرِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ أَبِي الْحَارِث , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { يُدَبِّر الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض ثُمَّ يَعْرُج إِلَيْهِ فِي يَوْم } مِنْ أَيَّامكُمْ هَذِهِ , مَسِيرَة مَا بَيْن السَّمَاء إِلَى الْأَرْض خَمْسمِائَةِ عَام. * وَذُكِرَ عَنْ عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة قَالَ : تَنْحَدِر الْأُمُور وَتَصْعَد مِنْ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض فِي يَوْم وَاحِد , مِقْدَاره أَلْف سَنَة , خَمْسمِائَةٍ حَتَّى يَنْزِل , وَخَمْسمِائَةٍ حَتَّى يَعْرُج . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : يُدَبِّر الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض , ثُمَّ يَعْرُج إِلَيْهِ فِي يَوْم مِنَ الْأَيَّام السِّتَّة الَّتِي خَلَقَ اللَّه فِيهِنَّ الْخَلْقَ , كَانَ مِقْدَار ذَلِكَ الْيَوْم أَلْفَ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ مِنْ أَيَّامكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21481 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس { أَلْف سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } قَالَ : ذَلِكَ مِقْدَار الْمَسِير قَوْله { كَأَلْفِ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } 22 47 قَالَ : خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام , وَكُلّ يَوْم مِنْ هَذِهِ كَأَلْفِ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ أَنْتُمْ . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس { فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْف سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } قَالَ : السِّتَّة الْأَيَّام الَّتِي خَلَقَ اللَّه فِيهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض . 21482 -حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله { فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْفَ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } يَعْنِي هَذَا الْيَوْم مِنْ الْأَيَّام السِّتَّة الَّتِي خَلَقَ اللَّه فِيهِنَّ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنَهُمَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : يُدَبِّر الْأَمْرَ مِنْ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض بِالْمَلَائِكَةِ , ثُمَّ تَعْرُج إِلَيْهِ الْمَلَائِكَة , فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْفَ سَنَة مِنْ أَيَّام الدُّنْيَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21483 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله { ثُمَّ يَعْرُج إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْفَ سَنَة } قَالَ : هَذَا فِي الدُّنْيَا تَعْرُج الْمَلَائِكَة إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْف سَنَة . 21484 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا غُنْدَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة { فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْف سَنَة } قَالَ : مَا بَيْنَ السَّمَاء وَالْأَرْض مَسِيرَة أَلْف سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ مِنْ أَيَّام الْآخِرَة . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { يَعْرُج إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْفَ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } قَالَ : مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض مَسِيرَة أَلْف سَنَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : يُدَبِّر الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض فِي يَوْم كَانَ مِقْدَار ذَلِكَ التَّدْبِير أَلْف سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ مِنْ أَيَّام الدُّنْيَا , ثُمَّ يَعْرُج إِلَيْهِ ذَلِكَ التَّدْبِير الَّذِي دَبَّرَهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21485 - ذُكِرَ عَنْ حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , أَنَّهُ قَالَ : يَقْضِي أَمْر كُلّ شَيْء أَلْف سَنَة إِلَى الْمَلَائِكَة ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى تَمْضِيَ أَلْف سَنَة , ثُمَّ يَقْضِي أَمْر كُلّ شَيْء أَلْفًا , ثُمَّ كَذَلِكَ أَبَدًا , قَالَ : يَوْم كَانَ مِقْدَاره , قَالَ : الْيَوْم أَنْ يُقَالَ لِمَا يَقْضِي إِلَى الْمَلَائِكَة أَلْفَ سَنَة , كُنْ فَيَكُون , وَلَكِنْ سَمَّاهُ يَوْمًا . سَمَّاهُ كَمَا بَيَّنَّا كُلّ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : وَقَوْله : { إِنَّ يَوْمًا عِنْد رَبّك كَأَلْفِ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } 22 47 قَالَ : هُوَ هُوَ سَوَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : يُدَبِّر الْأَمْرَ مِنْ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض , ثُمَّ يَعْرُج إِلَى اللَّه فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْف سَنَة , مِقْدَار الْعُرُوج أَلْف سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21486 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { ثُمَّ يَعْرُج إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْفَ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } قَالَ بَعْض أَهْل الْعِلْم : مِقْدَار مَا بَيْن الْأَرْض حِين يَعْرُج إِلَيْهِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ عُرُوجه أَلْفَ سَنَة , هَذَا مِقْدَار ذَلِكَ الْمِعْرَاج فِي ذَلِكَ الْيَوْم حِين يَعْرُج فِيهِ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : يُدَبِّر الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض , ثُمَّ يَعْرُج إِلَيْهِ فِي يَوْم , كَانَ مِقْدَار ذَلِكَ الْيَوْم فِي عُرُوج ذَلِكَ الْأَمْر إِلَيْهِ , وَنُزُوله إِلَى الْأَرْض أَلْف سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ مِنْ أَيَّامكُمْ خَمْسمِائَةٍ فِي النُّزُول , وَخَمْسمِائَةٍ فِي الصُّعُود ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَر مَعَانِيه , وَأَشْبَههَا بِظَاهِرِ التَّنْزِيل.'; $TAFSEER['3']['32']['6'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الْعَزِيز الرَّحِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الَّذِي يَفْعَل مَا وَصَفْت لَكُمْ فِي هَذِهِ الْآيَات , هُوَ عَالِم الْغَيْب , يَعْنِي عَالِم مَا يَغِيب عَنْ أَبْصَاركُمْ أَيّهَا النَّاس , فَلَا تُبْصِرُونَهُ مِمَّا تُكِنّهُ الصُّدُور , وَتُخْفِيه النُّفُوس , وَمَا لَمْ يَكُنْ بَعْد مِمَّا هُوَ كَائِن , { وَالشَّهَادَة } : يَعْنِي مَا شَاهَدَتْهُ الْأَبْصَار فَأَبْصَرَتْهُ وَعَايَنَتْهُ وَمَا هُوَ مَوْجُود { الْعَزِيز } يَقُول : الشَّدِيد فِي انْتِقَامه مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ وَأَشْرَكَ مَعَهُ غَيْره , وَكَذَّبَ رُسُلَهُ { الرَّحِيم } بِمَنْ تَابَ مِنْ ضَلَالَته , وَرَجَعَ إِلَى الْإِيمَان بِهِ وَبِرَسُولِهِ , وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ , أَنْ يُعَذِّبَهُ بَعْد التَّوْبَة .'; $TAFSEER['3']['32']['7'] = 'وَقَوْله : { الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْء خَلَقَهُ } اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء مَكَّة وَالْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : " أَحْسَنَ كُلَّ شَيْء خَلْقه " بِسُكُونِ اللَّام , وَقَرَأَهُ بَعْض الْمَدَنِيِّينَ وَعَامَّة الْكُوفِيِّينَ : { أَحْسَنَ كُلَّ شَيْء خَلَقَهُ } بِفَتْحِ اللَّام. وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنَ الْقُرَّاء صَحِيحَتَا الْمَعْنَى , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه أَحْكَمَ خَلْقه , وَأَحْكَمَ كُلَّ شَيْء خَلَقَهُ , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيبٌ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : أَتْقَنَ كُلّ شَيْء وَأَحْكَمَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21487 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاس بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم إِشْكَاب , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ خُصَيْف عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { الَّذِي أَحْسَنَ كُلّ شَيْء خَلْقَهُ } قَالَ : أَمَا إِنَّ اسْت الْقِرْد لَيْسَتْ بِحَسَنَةٍ , وَلَكِنْ أَحْكَمَ خَلْقَهَا. * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو النَّضْر , قَالَ : ثنا أَبُو سَعِيد الْمُؤَدِّب , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْن عَبَّاس , أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا : { الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْء خَلْقَهُ } قَالَ : أَمَا إِنَّ اسْت الْقِرْد لَيْسَتْ بِحَسَنَةٍ , وَلَكِنَّهُ أَحْكَمَهَا. 21488 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { أَحْسَنَ كُلَّ شَيْء خَلْقَهُ } قَالَ : أَتْقَنَ كُلّ شَيْء خَلَقَهُ . 21489 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { أَتْقَنَ كُلّ شَيْء } : أَحْصَى كُلّ شَيْء . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : الَّذِي حَسَّنَ خَلْق كُلّ شَيْء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21490 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْء خَلْقَهُ } حَسَّنَ عَلَى نَحْو مَا خَلَقَ . 21491 - وَذُكِرَ عَنِ الْحَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنِ الْأَعْرَج , عَنْ مُجَاهِد قَالَ : هُوَ مِثْل { أَعْطَى كُلَّ شَيْء خَلْقه ثُمَّ هَدَى } 20 50 قَالَ : فَلَمْ يَجْعَل خَلْق الْبَهَائِم فِي خَلْق النَّاس , وَلَا خَلْق النَّاس فِي خَلْق الْبَهَائِم وَلَكِنْ خَلَقَ كُلَّ شَيْء فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَعْلَم كُلّ شَيْء خَلْقه , كَأَنَّهُمْ وَجَّهُوا تَأْوِيلَ الْكَلَام إِلَى أَنَّهُ أَلْهَمَ خَلْقه مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ , وَأَنَّ قَوْله { أَحْسَنَ } إِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْل الْقَائِل : فُلَان يُحْسِن كَذَا إِذَا كَانَ يَعْلَمهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21492 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ شَرِيك , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد { أَحْسَنَ كُلَّ شَيْء خَلْقَهُ } قَالَ : أَعْطَى كُلَّ شَيْء خَلْقَهُ , قَالَ : الْإِنْسَان إِلَى الْإِنْسَان , وَالْفَرَس لِلْفَرَسِ , وَالْحِمَار لِلْحِمَارِ . وَعَلَى هَذَا الْقَوْل , الْخَلْق وَالْكُلّ مَنْصُوبَانِ بِوُقُوعِ أَحْسَنَ عَلَيْهِمَا . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ { الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْء خَلَقَهُ } بِفَتْحِ اللَّام قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ أَحْكَمَ وَأَتْقَنَ ; لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِذَلِكَ إِذْ قُرِئَ كَذَلِكَ إِلَّا أَحَد وَجْهَيْنِ : إِمَّا هَذَا الَّذِي قُلْنَا مِنْ مَعْنَى الْإِحْكَام وَالْإِتْقَان أَوْ مَعْنَى التَّحْسِين الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَى الْجَمَال وَالْحُسْن ; فَلَمَّا كَانَ فِي خَلْقه مَا لَا يَشُكّ فِي قُبْحه وَسَمَاجَته , عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِهِ أَنَّهُ أَحْسَنَ كُلَّ مَا خَلَقَ , وَلَكِنْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَحْكَمَهُ وَأَتْقَنَ صَنْعَته , وَأَمَّا عَلَى الْقِرَاءَة الْأُخْرَى الَّتِي هِيَ بِتَسْكِينِ اللَّام , فَإِنَّ أَوْلَى تَأْوِيلَاته بِهِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ أَعْلَمَ وَأَلْهَمَ كُلّ شَيْء خَلْقه , هُوَ أَحْسَنهمْ , كَمَا قَالَ { الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْء خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَر مَعَانِيه . وَأَمَّا الَّذِي وَجَّهَ تَأْوِيلَ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى : الَّذِي أَحْسَنَ خَلْقَ كُلّ شَيْء , فَإِنَّهُ جَعَلَ الْخَلْقَ نَصْبًا بِمَعْنَى التَّفْسِير , كَأَنَّهُ قَالَ : الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْء خَلْقًا مِنْهُ , وَقَدْ كَانَ بَعْضهمْ يَقُول : هُوَ مِنَ الْمُقَدَّم الَّذِي مَعْنَاهُ التَّأْخِير , وَيُوَجِّههُ إِلَى أَنَّهُ نَظِير قَوْل الشَّاعِر : وَظَعْنِي إِلَيْك اللَّيْلَ حِضْنَيْهِ أَنَّنِي لِتِلْكَ إِذَا هَابَ الْهِدَان فَعُولُ يَعْنِي : وَظَعْنِي حِضْنَيَّ اللَّيْل إِلَيْك ; وَنَظِير قَوْل الْآخَر : كَأَنَّ هِنْدًا ثَنَايَاهَا وَبَهْجَتهَا يَوْم الْتَقَيْنَا عَلَى أَدْحَال دَبَّاب أَيْ كَأَنَّ ثَنَايَا هِنْد وَبَهْجَتهَا . وَقَوْله : { وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَان مِنْ طِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَبَدَأَ خَلْق آدَم مِنْ طِين'; $TAFSEER['3']['32']['8'] = '{ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ } يَعْنِي ذُرِّيَّته مِنْ سُلَالَة , يَقُول : مِنَ الْمَاء الَّذِي انْسَلَّ فَخَرَجَ مِنْهُ , وَإِنَّمَا يَعْنِي مِنْ إِرَاقَة مِنْ مَائِهِ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فَجَاءَتْ بِهِ عَضْب الْأَدِيم غَضَنْفَرًا سُلَالَة فَرْج كَانَ غَيْر حَصِين وَقَوْله : { مِنْ مَاء مَهِين } يَقُول : مِنْ نُطْفَة ضَعِيفَة رَقِيقَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21493 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَبَدَأَ خَلْق الْإِنْسَان مِنْ طِين } وَهُوَ خَلْق آدَم , ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ : أَيْ ذُرِّيَّته مِنْ سُلَالَة مِنْ مَاء مَهِين , وَالسُّلَالَة : هِيَ الْمَاء الْمَهِين الضَّعِيف. 21494 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنِ الْأَعْمَش , عَنِ الْمِنْهَال , عَنْ أَبِي يَحْيَى الْأَعْرَج , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله { مِنْ سُلَالَة } قَالَ : صَفْو الْمَاء . 21495 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { مِنْ مَاء مَهِين } قَالَ : ضَعِيف نُطْفَة الرَّجُل , وَمَهِين : فَعِيل مِنْ قَوْل الْقَائِل : مَهَنَ فُلَان , وَذَلِكَ إِذَا زَلَّ وَضَعُفَ .'; $TAFSEER['3']['32']['9'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحه وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ سَوَّى الْإِنْسَان الَّذِي بَدَأَ خَلْقه مِنْ طِين خَلْقًا سَوِيًّا مُعْتَدِلًا , { وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحه } فَصَارَ حَيًّا نَاطِقًا { وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ } يَقُول : وَأَنْعَمَ عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس رَبّكُمْ بِأَنْ أَعْطَاكُمْ السَّمْعَ تَسْمَعُونَ بِهِ الْأَصْوَات , وَالْأَبْصَار تُبْصِرُونَ بِهَا الْأَشْخَاص , وَالْأَفْئِدَة تَعْقِلُونَ بِهَا الْخَيْر مِنْ السُّوء ; لِتَشْكُرُوهُ عَلَى مَا وَهَبَ لَكُمْ مِنْ ذَلِكَ . وَقَوْله : { قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ } يَقُول : وَأَنْتُمْ تَشْكُرُونَ قَلِيلًا مِنْ الشُّكْر رَبّكُمْ عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ.'; $TAFSEER['3']['32']['10'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْض أَإِنَّا لَفِي خَلْق جَدِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ , الْمُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ : { أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْض } أَيْ صَارَتْ لُحُومنَا وَعِظَامنَا تُرَابًا فِي الْأَرْض وَفِيهَا لُغَتَانِ : ضَلَلْنَا , وَضَلِلْنَا , بِفَتْحِ اللَّام وَكَسْرهَا وَالْقِرَاءَة عَلَى فَتْحهَا , وَهِيَ الْجَوْدَاءُ , وَبِهَا نَقْرَأ , وَذُكِرَ عَنِ الْحَسَن أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : " أَئِذَا صَلَلْنَا " بِالصَّادِ , بِمَعْنَى : أَنْتَنَّا , مِنْ قَوْلنَا : صَلَّ اللَّحْم وَأَصَلَّ : إِذَا أَنْتَنَ , وَإِنَّمَا عَنَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِقَوْلِهِمْ : { أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْض } أَيْ إِذَا هَلَكَتْ أَجْسَادنَا فِي الْأَرْض ; لِأَنَّ كُلّ شَيْء غَلَبَ عَلَيْهِ غَيْره حَتَّى خَفِيَ فِيمَا غَلَبَ , فَإِنَّهُ قَدْ ضَلَّ فِيهِ , تَقُول الْعَرَب : قَدْ ضَلَّ الْمَاء فِي اللَّبَن : إِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَتَبَيَّن فِيهِ وَمِنْهُ قَوْل الْأَخْطَل لِجَرِيرٍ : كُنْت الْقَذَى فِي مَوْج أَكْدَرَ مُزْبِد قَذَفَ الْأَتِيّ بِهِ فَضَلَّ ضَلَالَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21496 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد { أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْض } يَقُول : أَئِذَا هَلَكْنَا . * حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْض } هَلَكْنَا . 21497 - حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد : قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله { أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْض } يَقُول : أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَنُبْعَثُ خَلْقًا جَدِيدًا ؟ يَكْفُرُونَ بِالْبَعْثِ. 21498 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , { وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْض أَئِنَّا لَفِي خَلْق جَدِيد } قَالَ : قَالُوا : أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا ؟ . وَقَوْله : { بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبّهمْ كَافِرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا بِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ جُحُود قُدْرَة اللَّه عَلَى مَا يَشَاء , بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبّهمْ كَافِرُونَ , حَذَرًا لِعِقَابِهِ , وَخَوْف مُجَازَاته إِيَّاهُمْ عَلَى مَعْصِيَتهمْ إِيَّاهُ , فَهُمْ مِنْ أَجْل ذَلِكَ يَجْحَدُونَ لِقَاء رَبّهمْ فِي الْمُعَاد .'; $TAFSEER['3']['32']['11'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَك الْمَوْت الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ : يَتَوَفَّاكُمْ مَلَك الْمَوْت , يَقُول : يَسْتَوْفِي عَدَدكُمْ بِقَبْضِ أَرْوَاحكُمْ مَلَك الْمَوْت الَّذِي وُكِّلَ بِقَبْضِ أَرْوَاحكُمْ ; وَمِنْهُ قَوْل الرَّاجِز : إِنَّ بَنِي الْأَدْرَم لَيْسُوا مِنْ أَحَد وَلَا تَوَفَّاهُمْ قُرَيْش فِي الْعَدَد 21499 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَك الْمَوْت الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ } قَالَ : مَلَك الْمَوْت يَتَوَفَّاكُمْ , وَمَعَهُ أَعْوَان مِنْ الْمَلَائِكَة. 21500 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله { يَتَوَفَّاكُمْ مَلَك الْمَوْت } قَالَ : حُوِيَتْ لَهُ الْأَرْض , فَجُعِلَتْ لَهُ مِثْل الطَّسْت يَتَنَاوَل مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء . * حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنِ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ . { ثُمَّ إِلَى رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ } يَقُول : مِنْ بَعْد قَبْض مَلَك الْمَوْت أَرْوَاحَكُمْ إِلَى رَبّكُمْ يَوْم الْقِيَامَة تُرَدُّونَ أَحْيَاءً كَهَيْئَتِكُمْ قَبْل وَفَاتكُمْ , فَيُجَازَى الْمُحْسِن مِنْكُمْ بِإِحْسَانِهِ , وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ.'; $TAFSEER['3']['32']['12'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسهمْ عِنْدَ رَبّهمْ رَبّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَل صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ تَرَى يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ { أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْض أَئِنَّا لَفِي خَلْق جَدِيد } إِذْ هُمْ نَاكِسُو رُءُوسهمْ عِنْدَ رَبّهمْ حَيَاء مِنْ رَبّهمْ , لِلَّذِي سَلَفَ مِنْهُمْ مِنْ مَعَاصِيه فِي الدُّنْيَا , يَقُولُونَ : يَا { رَبّنَا أَبْصَرْنَا } مَا كُنَّا نُكَذِّب بِهِ مِنْ عِقَابك أَهْل مَعَاصِيك { وَسَمِعْنَا } مِنْك تَصْدِيقَ مَا كَانَتْ رُسُلك تَأْمُرنَا بِهِ فِي الدُّنْيَا , { فَارْجِعْنَا } يَقُول : فَارْدُدْنَا إِلَى الدُّنْيَا نَعْمَل فِيهَا بِطَاعَتِك , وَذَلِكَ الْعَمَل الصَّالِح { إِنَّا مُوقِنُونَ } يَقُول : إِنَّا قَدْ أَيْقَنَّا الْآنَ مَا كُنَّا بِهِ فِي الدُّنْيَا جُهَّالًا مِنْ وَحْدَانِيّتك , وَأَنَّهُ لَا يَصْلُح أَنْ يُعْبَدَ سِوَاك , وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رَبّ سِوَاك , وَأَنَّك تُحْيِي وَتُمِيت , وَتَبْعَث مَنْ فِي الْقُبُور بَعْد الْمَمَات وَالْفَنَاء وَتَفْعَل مَا تَشَاء . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي قَوْله : { نَاكِسُو رُءُوسهمْ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21501 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , قَوْله { وَلَوْ تَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسهمْ عِنْدَ رَبّهمْ } قَالَ : قَدْ حَزِنُوا وَاسْتَحْيَوْا .'; $TAFSEER['3']['32']['13'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْس هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْل مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلَوْ شِئْنَا } يَا مُحَمَّد { لَآتَيْنَا } هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ مِنْ قَوْمك وَغَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْكُفْر بِاللَّهِ { هُدَاهَا } يَعْنِي : رُشْدهَا وَتَوْفِيقهَا لِلْإِيمَانِ بِاللَّهِ { وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْل مِنِّي } يَقُول : وَجَبَ الْعَذَاب مِنِّي لَهُمْ , وَقَوْله { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّم مِنَ الْجِنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ } يَعْنِي مِنْ أَهْل الْمَعَاصِي وَالْكُفْر بِاللَّهِ مِنْهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21502 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْس هُدَاهَا } قَالَ : لَوْ شَاءَ اللَّه لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا , لَوْ شَاءَ اللَّه لَأَنْزَلَ { عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاء آيَة فَظَلَّتْ أَعْنَاقهمْ لَهَا خَاضِعِينَ } 26 4 { وَلَكِنْ حَقّ الْقَوْل مِنِّي } حَقّ الْقَوْل عَلَيْهِمْ .'; $TAFSEER['3']['32']['14'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يُقَال لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ إِذَا هُمْ دَخَلُوا النَّار : ذُوقُوا عَذَاب اللَّه بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمكُمْ هَذَا فِي الدُّنْيَا , { إِنَّا نَسِينَاكُمْ } يَقُول : إِنَّا تَرَكْنَاكُمْ الْيَوْم فِي النَّار . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21503 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ } قَالَ : نُسُوا مِنْ كُلّ خَيْر , وَأَمَّا الشَّرّ فَلَمْ يُنْسَوْا مِنْهُ . 21504 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله { إِنَّا نَسِينَاكُمْ } يَقُول : تَرَكْنَاكُمْ . وَقَوْله : { وَذُوقُوا عَذَاب الْخُلْد } يَقُول : يُقَال لَهُمْ أَيْضًا : ذُوقُوا عَذَابًا تَخْلُدُونَ فِيهِ إِلَى غَيْر نِهَايَة { بِمَا كُنْتُمْ } فِي الدُّنْيَا { تَعْمَلُونَ } مِنْ مَعَاصِي اللَّه.'; $TAFSEER['3']['32']['15'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّمَا يُؤْمِن بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبّهمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا يُصَدِّق بِحُجَجِنَا وَآيَات كِتَابنَا إِلَّا الْقَوْم الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا وَوُعِظُوا { خَرُّوا } لِلَّهِ { سُجَّدًا } لِوُجُوهِهِمْ , تَذَلُّلًا لَهُ , وَاسْتِكَانَة لِعَظَمَتِهِ , وَإِقْرَارًا لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ { وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبّهمْ } يَقُول : وَسَبَّحُوا اللَّه فِي سُجُودهمْ بِحَمْدِهِ , فَيُبَرِّئُونَهُ مِمَّا يَصِفهُ أَهْل الْكُفْر بِهِ , وَيُضِيفُونَ إِلَيْهِ مِنْ الصَّاحِبَة وَالْأَوْلَاد وَالشُّرَكَاء وَالْأَنْدَاد { وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ } يَقُول : يَفْعَلُونَ ذَلِكَ , وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ السُّجُود لَهُ وَالتَّسْبِيح , لَا يَسْتَنْكِفُونَ عَنْ التَّذَلُّل لَهُ وَالِاسْتِكَانَة , وَقِيلَ : إِنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; لِأَنَّ قَوْمًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَخْرُجُونَ مِنَ الْمَسْجِد إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاة , ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج .'; $TAFSEER['3']['32']['16'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ الْمَضَاجِع يَدْعُونَ رَبّهمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : تَتَنَحَّى جُنُوب هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُومِنُونَ بِآيَاتِ اللَّه , الَّذِينَ وَصَفْت صِفَتهمْ , وَتَرْتَفِع مِنْ مَضَاجِعهمْ الَّتِي يَضْطَجِعُونَ لِمَنَامِهِمْ , وَلَا يَنَامُونَ { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا } فِي عَفْوه عَنْهُمْ , وَتَفَضُّله عَلَيْهِمْ بِرَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَته { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } فِي سَبِيل اللَّه , وَيُؤَدُّونَ مِنْهُ حُقُوق اللَّه الَّتِي أَوْجَبَهَا عَلَيْهِمْ فِيهِ , وَتَتَجَافَى : تَتَفَاعَل مِنَ الْجَفَاء ; وَالْجَفَاء : النُّبُوّ , كَمَا قَالَ الرَّاجِز : وَصَاحِبِي ذَات هِبَاب دَمْشَق وَابْن مِلَاط مُتَجَافٍ أَرْفَق يَعْنِي : أَنَّ كَرَمهَا سَجِيَّة عَنِ ابْن مِلَاط . وَإِنَّمَا وَصَفَهُمْ تَعَالَى ذِكْره بِتَجَافِي جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع لِتَرْكِهِمْ الِاضْطِجَاع لِلنَّوْمِ شُغْلًا بِالصَّلَاةِ. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الصَّلَاة الَّتِي وَصَفَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ , أَنَّ جُنُوبهمْ تَتَجَافَى لَهَا عَنْ الْمُضْطَجِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ الصَّلَاة بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء , وَقَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي قَوْم كَانُوا يُصَلُّونَ فِي ذَلِكَ الْوَقْت . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21505 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ أَبِي عَرُوبَة , قَالَ : قَالَ قَتَادَة , قَالَ أَنَس فِي قَوْله { كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْل مَا يَهْجَعُونَ } قَالَ : كَانُوا يَتَنَفَّلُونَ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِب وَالْعِشَاء , وَكَذَلِكَ تَتَجَافَى جُنُوبهمْ . * قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَنَس , فِي قَوْله { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } قَالَ : يُصَلُّونَ مَا بَيْن هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ . * حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَعِيد الْكِنْدِيّ , قَالَ : ثنا حَفْص بْن غِيَاث , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَنَس { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } قَالَ : مَا بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء . - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَلَف , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن حَيَّان , قَالَ : ثنا الْحَارِث بْن وَجِيه الرَّاسِبِيّ , قَالَ : ثنا مَالِك بْن دِينَار , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي رِجَال مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَانُوا يُصَلُّونَ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِب وَالْعِشَاء { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَنَس : { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } قَالَ : كَانُوا يَتَطَوَّعُونَ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِب وَالْعِشَاء. * قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ أَنَس { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } قَالَ : مَا بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء. 21506 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } قَالَ : كَانُوا يَتَنَفَّلُونَ مَا بَيْن صَلَاة الْمَغْرِب وَصَلَاة الْعِشَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِهَا صَلَاة الْمَغْرِب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21507 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ طَلْحَة , عَنْ عَطَاء { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } قَالَ : عَنْ الْعَتَمَة . 21508 - وَذُكِرَ عَنْ حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ يَحْيَى بْن صَيْفِيّ , عَنْ أَبِي سَلَمَة , قَالَ : الْعَتَمَة . وَقَالَ آخَرُونَ : لِانْتِظَارِ صَلَاة الْعَتَمَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21509 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي زِيَاد , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد إِلَى الْأُوَيْسِيّ , عَنْ سُلَيْمَان بْن بِلَال , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , أَنَّ هَذِهِ الْآيَة { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } نَزَلَتْ فِي انْتِظَار الصَّلَاة الَّتِي تُدْعَى الْعَتَمَة . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِهَا قِيَام اللَّيْل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21510 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } قَالَ : قِيَام اللَّيْل . 21511 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } قَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُتَهَجِّدُونَ لِصَلَاةِ اللَّيْل . 21512 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } يَقُومُونَ يُصَلُّونَ مِنْ اللَّيْل . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا هَذِهِ صِفَة قَوْم لَا تَخْلُو أَلْسِنَتهمْ مِنْ ذِكْر اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21513 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع يَدْعُونَ رَبّهمْ خَوْفًا وَطَمَعًا } وَهُمْ قَوْم لَا يَزَالُونَ يَذْكُرُونَ اللَّه , إِمَّا فِي صَلَاة , وَإِمَّا قِيَامًا , وَإِمَّا قُعُودًا , وَإِمَّا إِذَا اسْتَيْقَظُوا مِنْ مَنَامهمْ , هُمْ قَوْم لَا يَزَالُونَ يَذْكُرُونَ اللَّه . 21514 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } . . إِلَى آخِر الْآيَة , يَقُول : تَتَجَافَى لِذِكْرِ اللَّه , كُلَّمَا اسْتَيْقَظُوا ذَكَرُوا اللَّه , إِمَّا فِي الصَّلَاة , وَإِمَّا فِي قِيَام , أَوْ فِي قُعُود , أَوْ عَلَى جُنُوبهمْ فَهُمْ لَا يَزَالُونَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْقَوْم بِأَنَّ جُنُوبهمْ تَنْبُو عَنْ مَضَاجِعهمْ , شُغْلًا مِنْهُمْ بِدُعَاءِ رَبّهمْ وَعِبَادَته خَوْفًا وَطَمَعًا , وَذَلِكَ نُبُوّ جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع لَيْلًا ; لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ وَصْف الْوَاصِف رَجُلًا بِأَنَّ جَنْبَهُ نَبَا عَنْ مَضْجَعه , إِنَّمَا هُوَ وَصْف مِنْهُ لَهُ بِأَنَّهُ جَفَا عَنْ النَّوْم فِي وَقْت مَنَام النَّاس الْمَعْرُوف , وَذَلِكَ اللَّيْل دُونَ النَّهَار , وَكَذَلِكَ تَصِف الْعَرَب الرَّجُل إِذَا وَصَفَتْه بِذَلِكَ , يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ قَوْل عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة الْأَنْصَارِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي صِفَة نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَبِيت يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشه إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِع فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَمْ يُخَصِّص فِي وَصْفه هَؤُلَاءِ الْقَوْم بِالَّذِي وَصَفَهُمْ بِهِ مِنْ جَفَاء جُنُوبهمْ عَنْ مَضَاجِعهمْ مِنْ أَحْوَال اللَّيْل وَأَوْقَاته حَالًا وَوَقْتًا دُونَ حَال وَوَقْت , كَانَ وَاجِبًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى كُلّ آنَاء اللَّيْل وَأَوْقَاته . وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ مَنْ صَلَّى مَا بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء , أَوْ انْتَظَرَ الْعِشَاء الْآخِرَة , أَوْ قَامَ اللَّيْل أَوْ بَعْضَهُ , أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ فِي سَاعَات اللَّيْل , أَوْ صَلَّى الْعَتَمَة مِمَّنْ دَخَلَ فِي ظَاهِر قَوْله : { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } لِأَنَّ جَنْبَهُ قَدْ جَفَا عَنْ مَضْجَعه فِي الْحَال الَّتِي قَامَ فِيهَا لِلصَّلَاةِ قَائِمًا صَلَّى أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ , أَوْ قَاعِدًا بَعْدَ أَنْ لَا يَكُون مُضْطَجِعًا , وَهُوَ عَلَى الْقِيَام أَوْ الْقُعُود قَادِر . غَيْر أَنَّ الْأَمْرَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَإِنَّ تَوْجِيه الْكَلَام إِلَى أَنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ قِيَام اللَّيْل أَعْجَب إِلَيَّ ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَر مَعَانِيه , وَالْأَغْلَب عَلَى ظَاهِر الْكَلَام , وَبِهِ جَاءَ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَلِكَ مَا : 21515 -حَدَّثَنَا بِهِ ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنِ الْحَكَم , قَالَ : سَمِعْت عُرْوَةَ بْن الزُّبَيْر يُحَدِّث عَنْ مُعَاذ بْن جَبَل , أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : " أَلَا أَدُلّك عَلَى أَبْوَاب الْخَيْر : الصَّوْم جُنَّة , وَالصَّدَقَة تُكَفِّر الْخَطِيئَة , وَقِيَام الْعَبْد فِي جَوْف اللَّيْل " , وَتَلَا هَذِهِ الْآيَة : { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } " * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ سُلَيْمَان , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت وَالْحَكَم , عَنْ مَيْمُون بْن أَبِي شَبِيب , عَنْ مُعَاذ بْن جَبَل , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَلَف الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا آدَم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : ثنا مَنْصُور بْن الْمُعْتَمِر , عَنِ الْحَكَم بْن عُتَيْبَة , عَنْ مَيْمُون بْن أَبِي شَبِيب , عَنْ مُعَاذ بْن جَبَل , قَالَ : قَالَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنْ شِئْت أَنْبَأْتُك بِأَبْوَابِ الْخَيْر : الصَّوْم جُنَّة , وَالصَّدَقَة تُكَفِّر الْخَطِيئَةَ , وَقِيَام الرَّجُل فِي جَوْف اللَّيْل " ثُمَّ قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن حَيَّان , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , قَالَ : ثنا عَاصِم بْن أَبِي النُّجُود , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , عَنْ مُعَاذ بْن جَبَل , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِي قَوْله { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } قَالَ : " قِيَام الْعَبْد مِنْ اللَّيْل " . 21516 - حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّام الْوَلِيد بْن شُجَاع قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني زِيَاد بْن خَيْثَمَة , عَنْ أَبِي يَحْيَى بَائِع الْقَتّ , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : ذَكَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيَام اللَّيْل , فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى تَحَادَرَتْ دُمُوعه , فَقَالَ : { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } وَأَمَّا قَوْله : { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا } ... الْآيَة , فَإِنَّ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21517 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } قَالَ : خَوْفًا مِنْ عَذَاب اللَّه , وَطَمَعًا فِي رَحْمَة اللَّه , وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فِي طَاعَة اللَّه , وَفِي سَبِيله .'; $TAFSEER['3']['32']['17'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَا تَعْلَم نَفْس ذِي نَفَس مَا أَخْفَى اللَّه لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَتهمْ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ , مِمَّا تَقَرّ بِهِ أَعْيُنهمْ فِي جِنَانه يَوْم الْقِيَامَة { جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } يَقُول : ثَوَابًا لَهُمْ عَلَى أَعْمَالهمْ الَّتِي كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَعْمَلُونَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21518 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : إِنَّ فِي التَّوْرَاة مَكْتُوبًا : لَقَدْ أَعَدَّ اللَّه لِلَّذِينَ تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنْ الْمَضَاجِع مَا لَمْ تَرَ عَيْن , وَلَمْ يَخْطِر عَلَى قَلْب بَشَر , وَلَمْ تَسْمَع أُذُن , وَمَا لَمْ يَسْمَعهُ مَلَك مُقَرَّب . قَالَ : وَنَحْنُ نَقْرَؤُهَا : { فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن } * حَدَّثَنَا خَلَّاد , قَالَ : أَخْبَرَنَا النَّضْر بْن شُمَيْلٍ , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاق , عَنْ عُبَيْدَة بْن رَبِيعَة , عَنِ ابْن مَسْعُود , قَالَ : مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع مَا لَا عَيْن رَأَتْ , وَلَا أُذُن سَمِعَتْ , وَلَا خَطَر عَلَى قَلْب بَشَر , فِي الْقُرْآن { فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ : خُبِّئَ لَهُمْ مَا لَا عَيْن رَأَتْ , وَلَا أُذُن سَمِعَتْ , وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْب بَشَر. قَالَ سُفْيَان : فِيمَا عَلِمْت عَلَى غَيْر وَجْه الشَّكّ . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق قَالَ : سَمِعْت أَبَا عُبَيْدَة , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه , قَالَ , يَعْنِي اللَّه : أَعْدَدْت لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَمْ تَرَ عَيْن , وَلَمْ تَسْمَع أُذُن , وَلَمْ يَخْطِر عَلَى قَلْب نَاظِر { فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن صَلْت , عَنْ قَيْس بْن الرَّبِيع , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عُبَيْدَة بْن رَبِيعَة الْحَارِثِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , قَالَ : إِنَّ فِي التَّوْرَاة لِلَّذِينَ تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع مِنْ الْكَرَامَة , مَا لَمْ تَرَ عَيْن , وَلَمْ يَخْطِر عَلَى قَلْب بَشَر , وَلَمْ تَسْمَع أُذُن , وَإِنَّهُ لَفِي الْقُرْآن { فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن } 21519 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا الْأَشْجَعِيّ , عَنِ ابْن أَبْجَر , قَالَ : سَمِعْت الشَّعْبِيّ يَقُول : سَمِعْت الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة يَقُول عَلَى الْمِنْبَر : إِنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ عَنْ أَبْخَس أَهْل الْجَنَّة فِيهَا حَظًّا , فَقِيلَ لَهُ : رَجُل يُؤْتَى بِهِ وَقَدْ دَخَلَ أَهْل الْجَنَّة الْجَنَّةَ , قَالَ : فَيُقَال لَهُ : ادْخُلْ , فَيَقُول : أَيْنَ وَقَدْ أَخَذَ النَّاس أَخَذَاتهمْ ؟ فَيُقَال : اعْدُدْ أَرْبَعَةَ مُلُوك مِنْ مُلُوك الدُّنْيَا , فَيَكُون لَك مِثْل الَّذِي كَانَ لَهُمْ , وَلَك أُخْرَى شَهْوَة نَفْسك , فَيَقُول : أَشْتَهِي كَذَا وَكَذَا , وَأَشْتَهِي كَذَا ; وَقَالَ : لَك أُخْرَى , لَك لَذَّة عَيْنك , فَيَقُول : أَلَذّ كَذَا وَكَذَا , فَيُقَال : لَك عَشْرَة أَضْعَاف مِثْل ذَلِكَ , وَسَأَلَهُ عَنْ أَعْظَم أَهْل الْجَنَّة فِيهَا حَظًّا , , فَقَالَ : ذَاكَ شَيْء خَتَمْت عَلَيْهِ يَوْم خَلَقْت السَّمَاوَات وَالْأَرْض . قَالَ الشَّعْبِيّ : فَإِنَّهُ فِي الْقُرْآن : { فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } 21520 -حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا الْحُمَيْدِيّ , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَةَ ; وَحَدَّثَنِي بِهِ الْقَرْقَسَانِيّ , عَنِ ابْن عُيَيْنَةَ , عَنْ مُطَرِّف بْن طَرِيف , وَابْن أَبْجَر , سَمِعْنَا الشَّعْبِيَّ يَقُول : سَمِعْت الْمُغِيرَةَ بْن شُعْبَة عَلَى الْمِنْبَر يَرْفَعهُ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ مُوسَى سَأَلَ رَبَّهُ : أَيْ رَبّ , أَيّ أَهْل الْجَنَّة أَدْنَى مَنْزِلَةً ؟ قَالَ : رَجُل يَجِيء بَعْدَمَا دَخَلَ أَهْل الْجَنَّة الْجَنَّةَ , فَيُقَال لَهُ : ادْخُلْ , فَيَقُول : كَيْف أَدْخُل وَقَدْ نَزَلُوا مَنَازِلهمْ ؟ فَيُقَال لَهُ : أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَك مِثْل مَا كَانَ لِمَلِكٍ مِنْ مُلُوك الدُّنْيَا ؟ , فَيَقُول : بَخٍ أَيْ رَبّ قَدْ رَضِيت ! فَيُقَال لَهُ : إِنَّ لَك هَذَا وَمِثْله وَمِثْله وَمِثْله , فَيَقُول : رَضِيت أَيْ رَبّ رَضِيت , فَيُقَال لَهُ : إِنَّ لَك هَذَا وَعَشْرَة أَمْثَاله مَعَهُ , فَيَقُول : رَضِيت أَيْ رَبّ فَيُقَال لَهُ : فَإِنَّ لَك مَعَ هَذَا مَا اشْتَهَتْ نَفْسك , وَلَذَّتْ عَيْنَيْك ; قَالَ : فَقَالَ مُوسَى : أَيْ رَبّ , وَأَيّ أَهْل الْجَنَّة أَرْفَع مَنْزِلَة ؟ قَالَ : إِيَّاهَا أَرَدْت , وَسَأُحَدِّثُك عَنْهُمْ ; غَرَسْت لَهُمْ كَرَامَتِي بِيَدِي , وَخَتَمْت عَلَيْهَا , فَلَا عَيْن رَأَتْ , , وَلَا أُذُن سَمِعَتْ , وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْب بَشَر . قَالَ : وَمِصْدَاق ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه { فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } 21521 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَنْصُور الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن أَبِي قَيْس , عَنِ ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنِ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَكَانَ عَرْشه عَلَى الْمَاء } 11 7 وَكَانَ عَرْش اللَّه عَلَى الْمَاء , ثُمَّ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ جَنَّة , ثُمَّ اتَّخَذَ دُونَهَا أُخْرَى , ثُمَّ أَطْبَقَهَا بِلُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَة ; قَالَ : وَمِنْ دُونهمَا جَنَّتَانِ ; قَالَ : وَهِيَ الَّتِي لَا تَعْلَم نَفْس , أَوْ قَالَ : هُمَا الَّتِي { لَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } قَالَ : وَهِيَ الَّتِي لَا تَعْلَم الْخَلَائِق مَا فِيهَا , أَوْ مَا فِيهِمَا يَأْتِيهِمْ كُلّ يَوْم مِنْهَا أَوْ مِنْهُمَا تُحْفَة . 21522 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , بِنَحْوِهِ. 21523 - حَدَّثَنَا سَهْل بْن مُوسَى الرَّازِيّ , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , عَنْ صَفْوَان بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي الْيَمَان الْهَوْزَنِيّ أَوْ غَيْره , قَالَ : الْجَنَّة مِائَة دَرَجَة , أَوَّلهَا دَرَجَة فِضَّة , أَرْضهَا فِضَّة , وَمَسَاكِنهَا فِضَّة , وَآنِيَتهَا فِضَّة , وَتُرَابهَا الْمِسْك , وَالثَّانِيَة ذَهَب , وَأَرْضهَا ذَهَب , وَمَسَاكِنهَا ذَهَب , وَآنِيَتهَا ذَهَب , وَتُرَابهَا الْمِسْك . وَالثَّالِثَة لُؤْلُؤ , وَأَرْضهَا لُؤْلُؤ , وَمَسَاكِنهَا لُؤْلُؤ , وَآنِيَتهَا لُؤْلُؤ , وَتُرَابهَا الْمِسْك , وَسَبْع وَتِسْعُونَ بَعْد ذَلِكَ مَا لَا عَيْن رَأَتْهُ , وَلَا أُذُن سَمِعَتْهُ , وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْب بَشَر , وَتَلَا هَذِهِ الْآيَة { فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } 21524 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ وَعَبْد الرَّحِيم , عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي سَلَمَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَالَ اللَّه : أَعْدَدْت لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْن رَأَتْ , وَلَا أُذُن سَمِعَتْ , وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْب بَشَر , وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ , قَالَ اللَّه { فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } " * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة وَابْن نُمَيْر , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَعْدَدْت لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ , مَا لَا عَيْن رَأَتْ , وَلَا أُذُن سَمِعَتْ , وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْب بَشَر " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : وَمِنْ بَلْهِ مَا أُطْلِعكُمْ عَلَيْهِ , اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : { فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : نَقْرَؤُهَا : " قُرَّات أَعْيُن " . 21525 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنِ الْحَكَم بْن أَبَانَ , عَنْ الْغِطْرِيف , عَنْ جَابِر بْن زَيْد , عَنِ ابْن عَبَّاس , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ الرُّوح الْأَمِين , قَالَ : " يُؤْتَى بِحَسَنَاتِ الْعَبْد وَسَيِّئَاته , فَيُنْقَص بَعْضهَا مِنْ بَعْض , فَإِنْ بَقِيَتْ حَسَنَة وَاحِدَة , وَسَّعَ اللَّه لَهُ فِي الْجَنَّة " قَالَ : فَدَخَلْت عَلَى يَزْدَاد , فَحَدَّثَ بِمِثْلِ هَذَا ; قَالَ : قُلْت : فَأَيْنَ ذَهَبَتْ الْحَسَنَة ؟ قَالَ : { أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّل عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَز عَنْ سَيِّئَاتهمْ فِي أَصْحَاب الْجَنَّة وَعْد الصِّدْق الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ } 46 16 قُلْت : قَوْله { فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن } قَالَ : الْعَبْد يَعْمَل سِرًّا أَسَرَّهُ إِلَى اللَّه لَمْ يَعْلَم بِهِ النَّاس , فَأَسَرَّ اللَّه لَهُ يَوْم الْقِيَامَة قُرَّة عَيْن . 21526 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاس بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا مُعَلَّى بْن أَسَد , قَالَ : ثنا سَلَام بْن أَبِي مُطِيع , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عُقْبَة بْن عَبْد الْغَافِر , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَرْوِي عَنْ رَبّه , قَالَ : " أَعْدَدْت لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْن رَأَتْ , وَلَا أُذُن سَمِعَتْ , وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْب بَشَر " . 21527 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ثني أَبُو صَخْر , أَنَّ أَبَا حَازِم حَدَّثَهُ , قَالَ : سَمِعْت سَهْل بْن سَعْد يَقُول : شَهِدْت مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسًا وَصَفَ فِيهِ الْجَنَّة حَتَّى انْتَهَى , ثُمَّ قَالَ فِي آخِر حَدِيثه : " فِيهَا مَا لَا عَيْن رَأَتْ , وَلَا أُذُن سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْب بَشَر " ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة : { تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنِ الْمَضَاجِع } إِلَى قَوْله { جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } 21528 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ عَوْف , عَنِ الْحَسَن , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " قَالَ رَبّكُمْ : أَعْدَدْت لِعِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات مَا لَا عَيْن رَأَتْ , وَلَا أُذُن سَمِعَتْ , وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْب بَشَر " . 21529 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْوِي ذَلِكَ عَنْ رَبّه , " قَالَ رَبّكُمْ : أَعْدَدْت لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْن رَأَتْ , وَلَا أُذُن سَمِعَتْ , وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْب بَشَر " . 21530 - حَدَّثَنِي ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا سَهْل بْن يُوسُف , عَنْ عَمْرو , عَنِ الْحَسَن { فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن } قَالَ : أَخْفَوْا عَمَلًا فِي الدُّنْيَا , فَأَثَابَهُمْ اللَّه بِأَعْمَالِهِمْ . 21531 - حَدَّثَنِي الْقَاسِم بْن بِشْر , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن حَرْب , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ ثَابِت , عَنْ أَبِي رَافِع , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ حَمَّاد : أَحْسِبهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ يَدْخُل الْجَنَّةَ يُنَعَّم وَلَا يَبْؤُس , لَا تَبْلَى ثِيَابه , وَلَا يَفْنَى شَبَابه , فِي الْجَنَّة مَا لَا عَيْن رَأَتْ , وَلَا أُذُن سَمِعَتْ , وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْب بَشَر " . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن } فَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْمَدَنِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ , وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : { أُخْفِيَ } بِضَمِّ الْأَلِف وَفَتْح الْيَاء بِمَعْنَى فُعِلَ , وَقَرَأَ بَعْض الْكُوفِيِّينَ : " أُخْفِي لَهُمْ " بِضَمِّ الْأَلِف وَإِرْسَال الْيَاء , بِمَعْنَى أُفْعِل , أُخْفِي لَهُمْ أَنَا . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى ; لِأَنَّ اللَّهَ إِذَا أَخْفَاهُ فَهُوَ مُخْفًى , وَإِذَا أُخْفِيَ فَلَيْسَ لَهُ مُخْفٍ غَيْره , وَ " مَا " فِي قَوْله { فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ } فَإِنَّهَا إِذَا جُعِلَتْ بِمَعْنَى الَّذِي كَانَتْ نَصْبًا بِوُقُوعِ تَعْلَم عَلَيْهَا كَيْفَ قَرَأَ الْقَارِئ أُخْفِيَ , وَإِذَا وُجِّهَتْ إِلَى مَعْنَى أَيْ كَانَتْ رَفْعًا إِذَا قُرِئَ أُخْفِيَ بِنَصْبِ الْيَاء وَضَمّ الْأَلِف ; لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ , وَإِذَا قُرِئَ أُخْفِي بِإِرْسَالِ الْيَاء كَانَتْ نَصْبًا بِوُقُوعِ أُخْفِي عَلَيْهَا .'; $TAFSEER['3']['32']['18'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَهَذَا الْكَافِر الْمُكَذِّب بِوَعْدِ اللَّه وَوَعِيده , الْمُخَالِف أَمْر اللَّه وَنَهْيه , كَهَذَا الْمُؤْمِن بِاللَّهِ , الْمُصَدِّق بِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ , الْمُطِيع لَهُ فِي أَمْره وَنَهْيه ؟ كَلَّا لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّه . يَقُول : لَا يَعْتَدِل الْكُفَّار بِاللَّهِ , وَالْمُؤْمِنُونَ بِهِ عِنْدَهُ , فِيمَا هُوَ فَاعِل بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَة . وَقَالَ : { لَا يَسْتَوُونَ } فَجَمَعَ , وَإِنَّمَا ذَكَرَ قَبْل ذَلِكَ اثْنَيْنِ : مُؤْمِنًا , وَفَاسِقًا ; لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْمُؤْمِنِ : مُؤْمِنًا وَاحِدًا , وَبِالْفَاسِقِ : فَاسِقًا وَاحِدًا , وَإِنَّمَا أُرِيد بِهِ جَمِيع الْفُسَّاق , وَجَمِيع الْمُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ , فَإِذَا كَانَ الِاثْنَانِ غَيْر مَصْمُود لَهُمَا , ذَهَبَتْ بِهِمَا الْعَرَب مَذْهَبَ الْجَمْع . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب - رِضْوَان اللَّه عَلَيْهِ -وَالْوَلِيد بْن عُقْبَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21532 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة بْن الْفَضْل , قَالَ : ثني ابْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَصْحَابه , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , قَالَ : نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ , فِي عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , وَالْوَلِيد بْن عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط كَانَ بَيْن الْوَلِيد وَبَيْن عَلِيّ كَلَام , فَقَالَ الْوَلِيد بْن عُقْبَة : أَنَا أَبْسَط مِنْك لِسَانًا , وَأَحَدّ مِنْك سِنَانًا , وَأَرَدّ مِنْك لِلْكَتِيبَةِ , فَقَالَ عَلِيّ : اسْكُتْ , فَإِنَّك فَاسِق , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمَا : { أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ } إِلَى قَوْله { بِهِ تُكَذِّبُونَ } 21533 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ } قَالَ : لَا وَاللَّه مَا اسْتَوَوْا فِي الدُّنْيَا , وَلَا عِنْدَ الْمَوْت , وَلَا فِي الْآخِرَة .'; $TAFSEER['3']['32']['19'] = 'وَقَوْله : { أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات فَلَهُمْ جَنَّات الْمَأْوَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمَّا الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّه وَرَسُوله , وَعَمِلُوا بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّه وَرَسُوله , فَلَهُمْ جَنَّات الْمَأْوَى : يَعْنِي بَسَاتِين الْمَسَاكِن الَّتِي يَسْكُنُونَهَا فِي الْآخِرَة وَيَأْوُونَ إِلَيْهَا . وَقَوْله : { نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } يَقُول : نُزُلًا بِمَا أَنْزَلَهُمُوهَا جَزَاء مِنْهُ لَهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فِي الدُّنْيَا بِطَاعَتِهِ .'; $TAFSEER['3']['32']['20'] = 'وَقَوْله : { وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ , وَفَارَقُوا طَاعَتَهُ { فَمَأْوَاهُمُ النَّار } يَقُول : فَمَسَاكِنهمْ الَّتِي يَأْوُونَ إِلَيْهَا فِي الْآخِرَة النَّار { كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَاب النَّار الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ } فِي الدُّنْيَا { تُكَذِّبُونَ } أَنَّ اللَّه أَعَدَّهَا لِأَهْلِ الشِّرْك بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21543 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا } أَشْرَكُوا { وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَاب النَّار الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } وَالْقَوْم مُكَذِّبُونَ كَمَا تَرَوْنَ .'; $TAFSEER['3']['32']['21'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْعَذَاب الْأَدْنَى , الَّذِي وَعَدَ اللَّه أَنْ يُذِيقَهُ هَؤُلَاءِ الْفَسَقَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ مَصَائِب الدُّنْيَا فِي الْأَنْفُس وَالْأَمْوَال . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21535 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى } يَقُول : مَصَائِب الدُّنْيَا وَأَسْقَامهَا وَبَلَاؤُهَا مِمَّا يَبْتَلِي اللَّه بِهَا الْعِبَاد حَتَّى يَتُوبُوا . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى دُون الْعَذَاب الْأَكْبَر لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } قَالَ : الْعَذَاب الْأَدْنَى : بَلَاء الدُّنْيَا , قِيلَ : هِيَ الْمَصَائِب . 21536 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عُرْوَة , عَنِ الْحَسَن الْعُرَنِيّ , عَنِ ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى } قَالَ : الْمُصِيبَات فِي الدُّنْيَا . قَالَ : وَالدُّخَان قَدْ مَضَى , وَالْبَطْشَة وَاللِّزَام. قَالَ أَبُو مُوسَى : تَرْك يَحْيَى بْن سَعِيد , يَحْيَى بْن الْجَزَّار , نُقْصَان رَجُل . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد وَمُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَا : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ ابْن عُرْوَة , عَنِ الْحَسَن الْعُرَنِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن الْجَزَّار , عَنِ ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب , أَنَّهُ قَالَ : فِي هَذِهِ الْآيَة { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر } قَالَ : مُصِيبَات الدُّنْيَا , وَاللُّزُوم وَالْبَطْشَة , أَوْ الدُّخَان شَكَّ شُعْبَة فِي الْبَطْشَة أَوْ الدُّخَان . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عُرْوَة , عَنِ الْحَسَن الْعُرَنِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن الْجَزَّار , عَنِ ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب , بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : الْمُصِيبَات وَاللُّزُوم وَالْبَطْشَة . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا زَيْد بْن حُبَاب , عَنْ شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عُرْوَة , عَنِ الْحَسَن الْعُرَنِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن الْجَزَّار , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب , قَالَ : الْمُصِيبَات يُصَابُونَ بِهَا فِي الدُّنْيَا : الْبَطْشَة , وَالدُّخَان , وَاللُّزُوم . 21537 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنِ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى } قَالَ : الْمَصَائِب فِي الدُّنْيَا . 21538 - قَالَ : ثنا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر } قَالَ : الْمُصِيبَات فِي دُنْيَاهُمْ وَأَمْوَالهمْ . 21539 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , حَدَّثَهُ , عَنِ الْحَسَن , قَوْله { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى } : أَيْ مُصِيبَات الدُّنْيَا. 21540 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى } قَالَ : أَشْيَاء يُصَابُونَ بِهَا فِي الدُّنْيَا . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِهَا الْحُدُود. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21541 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ شَبِيب , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر } قَالَ : الْحُدُود . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِهَا الْقَتْلَ بِالسَّيْفِ , قَالَ : وَقُتِلُوا يَوْمَ بَدْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21542 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه , { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى } قَالَ : يَوْم بَدْر . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنِ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه مِثْله . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه , مِثْله . 21543 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَوْف عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ الْحَسَن بْن عَلِيّ , أَنَّهُ قَالَ { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر } قَالَ : الْقَتْل بِالسَّيْفِ صَبْرًا . 21544 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ عَوْف , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث بْن نَوْفَل { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى دُون الْعَذَاب الْأَكْبَر } قَالَ : الْقَتْل بِالسَّيْفِ , كُلّ شَيْء وَعَدَ اللَّه هَذِهِ الْأُمَّة مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى إِنَّمَا هُوَ السَّيْف . 21545 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر } قَالَ : الْقَتْل وَالْجُوع لِقُرَيْشٍ فِي الدُّنْيَا . 21546 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ مُجَاهِد يُحَدِّث عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب أَنَّهُ كَانَ يَقُول { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر } يَوْم بَدْر . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ سُنُونَ أَصَابَتْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21547 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر } قَالَ : سُنُونَ أَصَابَتْهُمْ . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ : عَذَاب الْقَبْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21548 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر } قَالَ : الْأَدْنَى فِي الْقُبُور وَعَذَاب الدُّنْيَا . وَقَالَ آخَرُونَ : ذَلِكَ عَذَاب الدُّنْيَا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21549 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى } قَالَ : الْعَذَاب الْأَدْنَى : عَذَاب الدُّنْيَا. وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّهَ وَعَدَ هَؤُلَاءِ الْفَسَقَة الْمُكَذِّبِينَ بِوَعِيدِهِ فِي الدُّنْيَا الْعَذَاب الْأَدْنَى , أَنْ يُذِيقهُمُوهُ دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر , وَالْعَذَاب : هُوَ مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا مِنْ بَلَاء أَصَابَهُمْ , إِمَّا شِدَّة مِنْ مَجَاعَة , أَوْ قَتْل , أَوْ مَصَائِب يُصَابُونَ بِهَا , فَكُلّ ذَلِكَ مِنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى , وَلَمْ يُخَصِّص اللَّه تَعَالَى ذِكْره , إِذْ وَعَدَهُمْ ذَلِكَ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِنَوْعٍ مِنْ ذَلِكَ دُونَ نَوْع , وَقَدْ عَذَّبَهُمْ بِكُلِّ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ وَالْجُوع وَالشَّدَائِد وَالْمَصَائِب فِي الْأَمْوَال , فَأَوْفَى لَهُمْ بِمَا وَعَدَهُمْ . وَقَوْله : { دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر } يَقُول : قِيلَ الْعَذَاب الْأَكْبَر , وَذَلِكَ عَذَاب يَوْم الْقِيَامَة. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21550 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه { دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر } قَالَ : يَوْمَ الْقِيَامَة. * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنِ السُّدِّيّ , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه مِثْله . 21551 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر } يَوْمَ الْقِيَامَة فِي الْآخِرَة . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , قَالَ . أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد { دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر } يَوْم الْقِيَامَة . 21552 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر } يَوْمَ الْقِيَامَة . حَدَّثَ بِهِ قَتَادَة , عَنِ الْحَسَن . 21553 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { دُون الْعَذَاب الْأَكْبَر } قَالَ : الْعَذَاب الْأَكْبَر : عَذَاب الْآخِرَة . وَقَوْله { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } يَقُول : كَيْ يَرْجِعُوا وَيَتُوبُوا بِتَعْذِيبِهِمْ الْعَذَابَ الْأَدْنَى . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21554 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } قَالَ : يَتُوبُونَ. 21555 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنِ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } قَالَ : يَتُوبُونَ . 21556 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } : أَيْ يَتُوبُونَ .'; $TAFSEER['3']['32']['22'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ أَظْلَم مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبّه ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَيّ النَّاس أَظْلَم لِنَفْسِهِ مِمَّنْ وَعَظَهُ اللَّه بِحُجَجِهِ , وَآيِ كِتَابه وَرُسُله , ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْ ذَلِكَ كُلّه , فَلَمْ يَتَّعِظ بِمَوَاعِظِهِ , وَلَكِنَّهُ اسْتَكْبَرَ عَنْهَا. وَقَوْله { إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ } يَقُول : إِنَّا مِنْ الَّذِينَ اكْتَسَبُوا الْآثَام , وَاجْتَرَحُوا السَّيِّئَات مُنْتَقِمُونَ , وَكَانَ بَعْضهمْ يَقُول : عَنَى بِالْمُجْرِمِينَ فِي هَذَا الْمَوْضِع : أَهْل الْقَدَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21557 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا وَائِل بْن دَاوُدَ , عَنْ مَرْوَان بْن سَفِيح , عَنْ يَزِيد بْن رَفِيع , قَالَ : إِنَّ قَوْلَ اللَّه فِي الْقُرْآن { إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ } هُمْ أَصْحَاب الْقَدَر , ثُمَّ قَرَأَ { إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَال وَسُعُر } 54 47 س... إِلَى قَوْله { خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } 54 49 . * حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثنا مَرْوَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا وَائِل بْن دَاوُدَ , عَنِ ابْن سَفِيح , عَنْ يَزِيد بْن رَفِيع بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثه : ثُمَّ قَرَأَ وَائِل بْن دَاوُدَ هَؤُلَاءِ الْآيَات { إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَال وَسُعُر } إِلَى آخِر الْآيَات . وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ , بِمَا : 21558 -حَدَّثَنِي بِهِ عِمْرَان بْن بَكَّار الْكُلَاعِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز بْن عُبَيْد اللَّه , عَنْ عُبَادَة بْن نَسِيّ , عَنْ جُنَادَة بْن أَبِي أُمَيَّة , عَنْ مُعَاذ بْن جَبَل , قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " ثَلَاث مَنْ فَعَلَهُنَّ فَقَدْ أَجْرَمَ : مَنْ اعْتَقَدَ لِوَاء فِي غَيْر حَقّ , أَوْ عَقَّ وَالِدَيْهِ , أَوْ مَشَى مَعَ ظَالِم يَنْصُرهُ فَقَدْ أَجْرَمَ. يَقُول اللَّه : { إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ } " .'; $TAFSEER['3']['32']['23'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَة مِنْ لِقَائِهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى التَّوْرَاةَ , كَمَا آتَيْنَاك الْفُرْقَان يَا مُحَمَّد { فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَة مِنْ لِقَائِهِ } يَقُول : فَلَا تَكُنْ فِي شَكّ مِنْ لِقَائِهِ ; فَكَانَ قَتَادَة يَقُول : مَعْنَى ذَلِكَ : فَلَا تَكُنْ فِي شَكّ مِنْ أَنَّك لَقِيته , أَوْ تَلْقَاهُ لَيْلَة أُسْرِيَ بِك , وَبِذَلِكَ جَاءَ الْأَثَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 21559 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة عَنْ أَبِي الْعَالِيَة الرِّيَاحِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْن عَمّ نَبِيّكُمْ , يَعْنِي ابْن عَبَّاس , قَالَ : قَالَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أُرِيت لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى بْن عِمْرَان رَجُلًا آدَمَ طِوَالًا جَعْدًا , كَأَنَّهُ مِنْ رِجَال شَنُوءَة , وَرَأَيْت عِيسَى رَجُلًا مَرْبُوع الْخَلْق إِلَى الْحُمْرَة وَالْبَيَاض , سَبْط الرَّأْس وَرَأَيْت مَالِكًا خَازِن النَّار , وَالدَّجَّال " فِي آيَات أَرَاهُنَّ اللَّه إِيَّاهُ , فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَة مِنْ لِقَائِهِ أَنَّهُ قَدْ رَأَى مُوسَى , وَلَقِيَ مُوسَى لَيْلَة أُسْرِيَ بِهِ . وَقَوْله : { وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَحَمَّلْنَا مُوسَى هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ , يَعْنِي : رَشَادًا لَهُمْ يَرْشُدُونَ بِاتِّبَاعِهِ , وَيُصِيبُونَ الْحَقَّ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ , وَالِائْتِمَامِ بِقَوْلِهِ. وَبِالَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21560 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ } قَالَ : جَعَلَ اللَّه مُوسَى هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ.'; $TAFSEER['3']['32']['24'] = 'وَقَوْله : { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجَعَلْنَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل أَئِمَّة , وَهِيَ جَمْع إِمَام , وَالْإِمَام الَّذِي يُؤْتَمّ بِهِ فِي خَيْر أَوْ شَرّ , وَأُرِيد بِذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِع أَنَّهُ جَعَلَ مِنْهُمْ قَادَة فِي الْخَيْر , يُؤْتَمّ بِهِمْ , وَيُهْتَدَى بِهَدْيِهِمْ . كَمَا : 21561 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّة يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } قَالَ : رُؤَسَاء فِي الْخَيْر , وَقَوْله { يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَهْدُونَ أَتْبَاعهمْ وَأَهْل الْقَبُول مِنْهُمْ بِإِذْنِنَا لَهُمْ بِذَلِكَ , وَتَقْوِيَتنَا إِيَّاهُمْ عَلَيْهِ . وَقَوْله : { لَمَّا صَبَرُوا } اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة , وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة : { لَمَّا صَبَرُوا } بِفَتْحِ اللَّام وَتَشْدِيد الْمِيم , بِمَعْنَى : إِذْ صَبَرُوا , وَحِين صَبَرُوا , وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : " لِمَا " بِكَسْرِ اللَّام وَتَخْفِيف الْمِيم , بِمَعْنَى : لِصَبْرِهِمْ عَنْ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتهَا , وَاجْتِهَادهمْ فِي طَاعَتنَا , وَالْعَمَل بِأَمْرِنَا , وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود : " بِمَا صَبَرُوا " . وَمَا إِذَا كُسِرَتْ اللَّام مِنْ " لِمَا " فِي مَوْضِع خَفْض , وَإِذَا فُتِحَتْ اللَّام وَشُدِّدَتْ الْمِيم , فَلَا مَوْضِعَ لَهَا , لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ أَدَاة . وَالْقَوْل عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عَامَّة مِنْ الْقُرَّاء فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيبٌ , وَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَا قُرِئَ ذَلِكَ بِفَتْحِ اللَّام وَتَشْدِيد الْمِيم : وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّة يَهْدُونَ أَتْبَاعهمْ بِإِذْنِنَا إِيَّاهُمْ , وَتَقْوِيَتنَا إِيَّاهُمْ عَلَى الْهِدَايَة , إِذْ صَبَرُوا عَلَى طَاعَتنَا , وَعَزَفُوا أَنْفُسهمْ عَنْ لَذَّات الدُّنْيَا وَشَهَوَاتهَا , وَإِذَا قُرِئَ بِكَسْرِ اللَّام عَلَى مَا قَدْ وَصَفْنَا , وَقَدْ : 21562 -حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : قَالَ أَبِي , سَمِعْنَا فِي { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّة يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا } قَالَ : عَنْ الدُّنْيَا . وَقَوْله : { وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } يَقُول : وَكَانُوا أَهْل يَقِين بِمَا دَلَّهُمْ عَلَيْهِ حُجَجنَا , وَأَهْل تَصْدِيق بِمَا تَبَيَّنَ لَهُمْ مِنْ الْحَقّ ; وَإِيمَان بِرُسُلِنَا , وَآيَات كِتَابنَا وَتَنْزِيلنَا .'; $TAFSEER['3']['32']['25'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ رَبَّك هُوَ يَفْصِل بَيْنَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ رَبّك يَا مُحَمَّد هُوَ يُبَيِّن جَمِيع خَلْقه يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ فِي الدُّنْيَا يَخْتَلِفُونَ مِنْ أُمُور الدِّين وَالْبَعْث وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَسْبَاب دِينهمْ , فَيُفَرِّق بَيْنَهُمْ بِقَضَاءٍ فَاصِل بِإِيجَابِهِ لِأَهْلِ الْحَقّ الْجَنَّة , وَلِأَهْلِ الْبَاطِل النَّارَ .'; $TAFSEER['3']['32']['26'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلهمْ مِنَ الْقُرُون يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَوَلَمْ يُبَيِّن لَهُمْ ؟ كَمَا : 21563 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس { أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ } يَقُول : أَوَلَمْ يُبَيِّن لَهُمْ . وَعَلَى الْقِرَاءَة بِالْيَاءِ فِي ذَلِكَ قُرَّاء الْأَمْصَار , وَكَذَلِكَ الْقِرَاءَة عِنْدَنَا لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء , بِمَعْنَى : أَوَلَمْ يُبَيِّن لَهُمْ إِهْلَاكنَا الْقُرُونَ الْخَالِيَة مِنْ قَبْلهمْ , سُنَّتنَا فِيمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ مِنَ الْكُفْر بِآيَاتِنَا , فَيَتَّعِظُوا وَيَنْزَجِرُوا , وَقَوْله { كَمْ } إِذَا قُرِئَ { يَهْدِ } بِالْيَاءِ , فِي مَوْضِع رَفْع بِيَهْدِ . وَأَمَّا إِذَا قُرِئَ ذَلِكَ بِالنُّونِ " أَوَلَمْ نَهْدِ " فَإِنَّ مَوْضِعَ " كَمْ " وَمَا بَعْدَهَا نَصْب , وَقَوْله : { يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَوَلَمْ يُبَيِّن لَهُنَّ كَثْرَة إِهْلَاكنَا الْقُرُونَ الْمَاضِيَةَ مِنْ قَبْلهمْ يَمْشُونَ فِي بِلَادهمْ وَأَرْضهمْ , كَعَادٍ وَثَمُود . كَمَا : 21564 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلهمْ مِنَ الْقُرُون } عَاد وَثَمُود وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ . وَقَوْله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي خَلَاء مَسَاكِن الْقُرُون الَّذِينَ أَهْلَكْنَاهُمْ مِنْ قَبْل هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِ اللَّه مِنْ قُرَيْش مِنْ أَهْلهَا الَّذِينَ كَانُوا سُكَّانهَا وَعُمَّارهَا بِإِهْلَاكِنَا إِيَّاهُمْ لَمَّا كَذَّبُوا رُسُلنَا , وَجَحَدُوا بِآيَاتِنَا , وَعَبَدُوا مِنْ دُون اللَّه آلِهَة غَيْرَهُ الَّتِي يَمُرُّونَ بِهَا فَيُعَايِنُونَهَا , لَآيَات لَهُمْ وَعِظَات يَتَّعِظُونَ بِهَا , لَوْ كَانُوا أُولِي حِجًا وَعُقُول . يَقُول اللَّه : { أَفَلَا يَسْمَعُونَ } عِظَات اللَّه وَتَذْكِيرَهُ إِيَّاهُمْ آيَاته , وَتَعْرِيفهمْ مَوَاضِع حُجَجه ؟'; $TAFSEER['3']['32']['27'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوق الْمَاءَ إِلَى الْأَرْض الْجُزُر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَوَلَمْ يَرَ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ بَعْد الْمَوْت وَالنَّشْر بَعْد الْفَنَاء , أَنَّا بِقُدْرَتِنَا نَسُوق الْمَاءَ إِلَى الْأَرْض الْيَابِسَة الْغَلِيظَة الَّتِي لَا نَبَاتَ فِيهَا ; وَأَصْله مِنْ قَوْلهمْ : نَاقَة جُرُز : إِذَا كَانَتْ تَأْكُل كُلّ شَيْء , وَكَذَلِكَ الْأَرْض الْجُرُوز : الَّتِي لَا يَبْقَى عَلَى ظَهْرهَا شَيْء إِلَّا أَفْسَدَتْهُ , نَظِير أَكْل النَّاقَة الْجُرَاز كُلّ مَا وَجَدَتْهُ , وَمِنْهُ قَوْلهمْ لِلْإِنْسَانِ الْأَكُول : جُرُوز , كَمَا قَالَ الرَّاجِز : خَبّ جَرُوز وَإِذَا ... وَمِنْهُ قِيلَ لِلسَّيْفِ إِذَا كَانَ لَا يُبْقِي شَيْئًا إِلَّا قَطَعَهُ : سَيْف جُرَاز , فِيهِ لُغَات أَرْبَع : أَرْض جُرُز , وَجَرْز , وَجِرْز وَجُرْز , وَالْفَتْح لِبَنِي تَمِيم فِيمَا بَلَغَنِي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21565 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرو , عَنِ ابْن عَبَّاس الْأَرْض الْجُرُز أَرْض بِالْيَمَنِ . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : أَرْض بِالْيَمَنِ . 21566 - قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك عَنْ مَعْمَر , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوق الْمَاءَ إِلَى الْأَرْض الْجُرُز } قَالَ : أَبْيَن وَنَحْوهَا . * حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق بْن عُمَر , عَنِ ابْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : وَنَحْوهَا مِنَ الْأَرْض. 21567 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ رَجُل , عَنْ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله { إِلَى الْأَرْض الْجُرُز } قَالَ : الْجُرُز : الَّتِي لَا تُمْطِر إِلَّا مَطَرًا لَا يُغْنِي عَنْهَا شَيْئًا , إِلَّا مَا يَأْتِيهَا مِنْ السُّيُول . 21568 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن يَزِيد , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك { إِلَى الْأَرْض الْجُرُز } لَيْسَ فِيهَا نَبْت . 21569 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوق الْمَاءَ إِلَى الْأَرْض الْجُرُز } الْمُغَبَّرَة . 21570 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوق الْمَاءَ إِلَى الْأَرْض الْجُرُز } قَالَ : الْأَرْض الْجُرُز : الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْء , لَيْسَ فِيهَا نَبَات , وَفِي قَوْله : { صَعِيدًا جُرُزًا } 18 8 قَالَ : لَيْسَ عَلَيْهَا شَيْء وَلَيْسَ فِيهَا نَبَات وَلَا شَيْء . { فَنُخْرِج بِهِ زَرْعًا تَأْكُل مِنْهُ أَنْعَامهمْ وَأَنْفُسهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَنُخْرِج بِذَلِكَ الْمَاءَ الَّذِي نَسُوقهُ إِلَيْهَا عَلَى يُبْسهَا وَغِلَظهَا وَطُول عَهْدهَا بِالْمَاءِ زَرْعًا خَضِرًا تَأْكُل مِنْهُ مَوَاشِيهمْ , وَتُغَذَّى بِهِ أَبْدَانهمْ وَأَجْسَامهمْ فَيَعِيشُونَ بِهِ. { أَفَلَا يُبْصِرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَلَا يَرَوْنَ ذَلِكَ بِأَعْيُنِهِمْ , فَيَعْلَمُوا بِرُؤْيَتِهُمُوهُ أَنَّ الْقُدْرَة الَّتِي بِهَا فَعَلْت ذَلِكَ لَا يَتَعَذَّر عَلَيَّ أَنْ أُحْيِيَ بِهَا الْأَمْوَات وَأَنْشُرهُمْ مِنْ قُبُورهمْ , وَأُعِيدهُمْ بِهَيْئَاتِهِمْ الَّتِي كَانُوا بِهَا قَبْلَ وَفَاتهمْ .'; $TAFSEER['3']['32']['28'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْح إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَيَقُولُونَ } هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ يَا مُحَمَّد لَك { مَتَى هَذَا الْفَتْح } وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : مَتَى يَجِيء هَذَا الْحُكْم بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ , وَمَتَى يَكُون هَذَا الثَّوَاب وَالْعِقَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21571 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْح إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } قَالَ : قَالَ أَصْحَاب نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ لَنَا يَوْمًا أَوْشَكَ أَنْ نَسْتَرِيحَ فِيهِ وَنَنْعَم فِيهِ , فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ { مَتَى هَذَا الْفَتْح إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ : فَتْح مَكَّةَ . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : وَيَقُولُونَ مَتَى يَجِيء هَذَا الْحُكْم بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ , يَعْنُونَ الْعَذَابَ , يَدُلّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَاهُ قَوْله : { قُلْ يَوْم الْفَتْح لَا يَنْفَع الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانهمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ } وَلَا شَكَّ أَنَّ الْكُفَّارَ قَدْ كَانَ جَعَلَ اللَّه لَهُمْ التَّوْبَةَ قَبْلَ فَتْح مَكَّة وَبَعْدَهُ , وَلَوْ كَانَ مَعْنَى قَوْله { مَتَى هَذَا الْفَتْح } عَلَى مَا قَالَهُ مَنْ قَالَ : يَعْنِي بِهِ : فَتْح مَكَّة , لَكَانَ لَا تَوْبَةَ لِمَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ فَتْح مَكَّة , وَلَا شَكَّ أَنَّ اللَّهَ قَدْ تَابَ عَلَى بَشَر كَثِير مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ فَتْح مَكَّة , وَنَفَعَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ فَمَعْلُوم بِذَلِكَ صِحَّة مَا قُلْنَا مِنْ التَّأْوِيل , وَفَسَاد مَا خَالَفَهُ , وَقَوْله : { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } يَعْنِي : إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِي الَّذِي تَقُولُونَ مِنْ أَنَّا مُعَاقَبُونَ عَلَى تَكْذِيبنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَعِبَادَتنَا الْآلِهَة وَالْأَوْثَان.'; $TAFSEER['3']['32']['29'] = 'وَقَوْله : { قُلْ يَوْم الْفَتْح } يَقُول لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لَهُمْ يَوْم الْحُكْم , وَمَجِيء الْعَذَاب : لَا يَنْفَع مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَبِآيَاتِهِ إِيمَانهمْ الَّذِي يُحْدِثُونَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْت . كَمَا : 21572 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { قُلْ يَوْم الْفَتْح لَا يَنْفَع الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانهمْ } قَالَ : يَوْم الْفَتْح إِذَا جَاءَ الْعَذَاب 21573 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { يَوْم الْفَتْح } يَوْم الْقِيَامَة , وَنَصَّ الْيَوْمَ فِي قَوْله { قُلْ يَوْم الْفَتْح } رَدًّا عَلَى مَتَى , وَذَلِكَ أَنَّ " مَتَى " فِي مَوْضِع نَصْب , وَمَعْنَى الْكَلَام : أَنَّى حِينُ هَذَا الْفَتْح إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ , ثُمَّ قِيلَ يَوْم كَذَا , وَبِهِ قَرَأَ الْقُرَّاء . وَقَوْله : { وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ } يَقُول : وَلَا هُمْ يُؤَخَّرُونَ لِلتَّوْبَةِ وَالْمُرَاجَعَة .'; $TAFSEER['3']['32']['30'] = 'وَقَوْله { فَأَعْرِض عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ } يَقُول لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأَعْرِضْ يَا مُحَمَّد عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ , الْقَائِلِينَ لَك : مَتَى هَذَا الْفَتْح , الْمُسْتَعْجِلِيكَ بِالْعَذَابِ , وَانْتَظِرْ مَا اللَّه صَانِع بِهِمْ , إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ مَا تَعِدهُمْ مِنَ الْعَذَاب وَمَجِيء السَّاعَة. كَمَا : 21574 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ } يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة . آخِر تَفْسِير سُورَة السَّجْدَة , وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة .'; $TAFSEER['3']['33']['1'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ اتَّقِ اللَّه وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ اتَّقِ اللَّهَ } بِطَاعَتِهِ , وَأَدَاء فَرَائِضه , وَوَاجِب حُقُوقه عَلَيْك , وَالِانْتِهَاء عَنْ مَحَارِمه , وَانْتِهَاك حُدُوده { وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ } الَّذِينَ يَقُولُونَ لَك : اطْرُدْ عَنْك أَتْبَاعك مِنْ ضُعَفَاء الْمُؤْمِنِينَ بِك حَتَّى نُجَالِسَك { وَالْمُنَافِقِينَ } الَّذِينَ يُظْهِرُونَ لَك الْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَالنَّصِيحَةَ لَك , وَهُمْ لَا يَأْلُونَك وَأَصْحَابَك وَدِينَك خَبَالًا , فَلَا تَقْبَل مِنْهُمْ رَأْيًا , وَلَا تَسْتَشِرْهُمْ مُسْتَنْصِحًا بِهِمْ , فَإِنَّهُمْ لَك أَعْدَاء { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } يَقُول : إِنَّ اللَّهَ ذُو عِلْم بِمَا تُضْمِرهُ نُفُوسهمْ , وَمَا الَّذِي يَقْصِدُونَ فِي إِظْهَارهمْ لَك النَّصِيحَةَ , مَعَ الَّذِي يَنْطَوُونَ لَك عَلَيْهِ , حَكِيم فِي تَدْبِير أَمْرك وَأَمْر أَصْحَابك وَدِينك , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ تَدْبِير جَمِيع خَلْقه . { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْك مِنْ رَبّك } يَقُول : وَاعْمَلْ بِمَا يُنْزِل اللَّه عَلَيْك مِنْ وَحْيه , وَآيِ كِتَابه { إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } يَقُول : إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَل بِهِ أَنْتَ وَأَصْحَابك مِنْ هَذَا الْقُرْآن , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُوركُمْ وَأُمُور عِبَاده { خَبِيرًا } أَيْ ذَا خِبْرَة , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْء , وَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَى ذَلِكَ بِمَا وَعَدَكُمْ مِنَ الْجَزَاء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْك مِنْ رَبّك } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21575 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْك مِنْ رَبّك } أَيْ هَذَا الْقُرْآن { إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } .'; $TAFSEER['3']['33']['2'] = '{ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْك مِنْ رَبّك } يَقُول : وَاعْمَلْ بِمَا يُنَزِّل اللَّه عَلَيْك مِنْ وَحْيه , وَآيِ كِتَابه { إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } يَقُول : إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَل بِهِ أَنْتَ وَأَصْحَابك مِنْ هَذَا الْقُرْآن , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُوركُمْ وَأُمُور عِبَاده { خَبِيرًا } أَيْ ذَا خِبْرَة , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْء , وَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَى ذَلِكَ بِمَا وَعَدَكُمْ مِنَ الْجَزَاء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْك مِنْ رَبّك } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21575 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْك مِنْ رَبّك } أَيْ هَذَا الْقُرْآنَ { إِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } .'; $TAFSEER['3']['33']['3'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَفَوِّضْ إِلَى اللَّه أَمْرك يَا مُحَمَّد , وَثِقْ بِهِ { وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا } يَقُول : وَحَسْبك بِاللَّهِ فِيمَا يَأْمُرك وَكِيلًا , وَحَفِيظًا بِك .'; $TAFSEER['3']['33']['4'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمُرَاد مِنْ قَوْل اللَّه { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ تَكْذِيبَ قَوْم مِنْ أَهْل النِّفَاق , وَصَفُوا نَبِيَّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ ذُو قَلْبَيْنِ , فَنَفَى اللَّه ذَلِكَ عَنْ نَبِيّه , وَكَذَّبَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21576 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا حَفْص بْن نُفَيْل , قَالَ : ثنا زُهَيْر بْن مُعَاوِيَة , عَنْ قَابُوس بْن أَبِي ظَبْيَان أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ , قَالَ : قُلْنَا لِابْنِ عَبَّاس : أَرَأَيْت قَوْل اللَّه { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } مَا عَنَى بِذَلِكَ ؟ قَالَ : قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَصَلَّى , فَخَطَرَ خَطْرَة فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ مَعَهُ : إِنَّ لَهُ قَلْبَيْنِ , قَلْبًا مَعَكُمْ , وَقَلْبًا مَعَهُمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ : رَجُل مِنْ قُرَيْش كَانَ يُدْعَى ذَا الْقَلْبَيْنِ مِنْ دِهْيِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21577 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } قَالَ : كَانَ رَجُل مِنْ قُرَيْش يُسَمَّى مِنْ دِهْيِهِ ذَا الْقَلْبَيْنِ , فَأَنْزَلَ اللَّه هَذَا فِي شَأْنه . 21578 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } قَالَ : إِنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي فِهْر , قَالَ : إِنَّ فِي جَوْفِي قَلْبَيْنِ , أَعْقِل بِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا أَفْضَل مِنْ عَقْل مُحَمَّد " وَكَذَبَ " . 21579 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } قَالَ قَتَادَة : كَانَ رَجُل عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمَّى ذَا الْقَلْبَيْنِ , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِ مَا تَسْمَعُونَ. 21580 - قَالَ قَتَادَة : وَكَانَ الْحَسَن يَقُول : كَانَ رَجُل يَقُول : لِي نَفْس تَأْمُرنِي , وَنَفْس تَنْهَانِي , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِ مَا تَسْمَعُونَ. 21581 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : كَانَ رَجُل يُسَمَّى ذَا الْقَلْبَيْنِ , فَنَزَلَتْ { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ زَيْد بْن حَارِثَة مِنْ أَجْل أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ تَبَنَّاهُ , فَضَرَبَ اللَّه بِذَلِكَ مَثَلًا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21582 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , فِي قَوْله : { مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَيْد بْن حَارِثَة , ضَرَبَ لَهُ مَثَلًا يَقُول : لَيْسَ ابْن رَجُل آخَر ابْنك . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : ذَلِكَ تَكْذِيب مِنَ اللَّه تَعَالَى قَوْل مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ فِي جَوْفه قَلْبَانِ يَعْقِل بِهِمَا , عَلَى النَّحْو الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْن عَبَّاس وَجَائِز أَنْ يَكُون ذَلِكَ تَكْذِيبًا مِنَ اللَّه لِمَنْ وَصَفَ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ , وَأَنْ يَكُونَ تَكْذِيبًا لِمَنْ سَمَّى الْقُرَشِيّ الَّذِي ذُكِرَ أَنَّهُ سُمِّيَ ذَا الْقَلْبَيْنِ مِنْ دِهْيِهِ , وَأَيّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ فَهُوَ نَفْي مِنَ اللَّه عَنْ خَلْقه مِنْ الرِّجَال أَنْ يَكُونُوا بِتِلْكَ الصِّفَة. وَقَوْله : { وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمْ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَمْ يَجْعَل اللَّه أَيّهَا الرِّجَال نِسَاءَكُمْ اللَّائِي تَقُولُونَ لَهُنَّ : أَنْتُنَّ عَلَيْنَا كَظُهُورِ أُمَّهَاتنَا أُمَّهَاتكُمْ , بَلْ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلكُمْ كَذِبًا , وَأَلْزَمَكُمْ عُقُوبَة لَكُمْ كَفَّارَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21583 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمْ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتكُمْ } : أَيْ مَا جَعَلَهَا أُمَّك فَإِذَا ظَاهَرَ الرَّجُل مِنْ امْرَأَته , فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلهَا أُمّه , وَلَكِنْ جَعَلَ فِيهَا الْكَفَّارَة . وَقَوْله : { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ } يَقُول : وَلَمْ يَجْعَل اللَّه مَنْ ادَّعَيْت أَنَّهُ ابْنَك , وَهُوَ ابْن غَيْرك ابْنَك بِدَعْوَاك , وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْل تَبَنِّيه زَيْد بْن حَارِثَة . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 21584 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ } قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي زَيْد بْن حَارِثَة . 21585 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ } قَالَ : كَانَ زَيْد بْن حَارِثَة حِين مَنّ اللَّه وَرَسُوله عَلَيْهِ , يُقَال لَهُ : زَيْد بْن مُحَمَّد , كَانَ تَبَنَّاهُ , فَقَالَ اللَّه : { مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ } 33 40 قَالَ : وَهُوَ يَذْكُر الْأَزْوَاج وَالْأُخْت , فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْأَزْوَاجَ لَمْ تَكُنْ بِالْأُمَّهَاتِ أُمَّهَاتكُمْ , وَلَا أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ . 21586 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ } وَمَا جَعَلَ دَعِيّك ابْنَك , يَقُول : إِذَا ادَّعَى رَجُل رَجُلًا وَلَيْسَ بِابْنِهِ { ذَلِكُمْ قَوْلكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ } ... الْآيَة . وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : " مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْر أَبِيهِ مُتَعَمِّدًا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِ الْجَنَّة " . 21587 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ أَشْعَث , عَنْ عَامِر , قَالَ : لَيْسَ فِي الْأَدْعِيَاء زَيْد . وَقَوْله { ذَلِكُمْ قَوْلكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره هَذَا الْقَوْل وَهُوَ قَوْل الرَّجُل لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي , وَدُعَاؤُهُ مَنْ لَيْسَ بِابْنِهِ أَنَّهُ ابْنه , إِنَّمَا هُوَ قَوْلكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ لَا حَقِيقَة لَهُ , لَا يَثْبُت بِهَذِهِ الدَّعْوَى نَسَب الَّذِي ادُّعِيَتْ بُنُوَّته , وَلَا تَصِير الزَّوْجَة أُمًّا بِقَوْلِ الرَّجُل لَهَا : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي { وَاللَّه يَقُول الْحَقَّ } يَقُول : وَاللَّه هُوَ الصَّادِق الَّذِي يَقُول الْحَقَّ , وَبِقَوْلِهِ يَثْبُت نَسَب مَنْ أَثْبَت نَسَبَهُ , وَبِهِ تَكُون الْمَرْأَة لِلْمَوْلُودِ , أَمَّا إِذَا حَكَمَ بِذَلِكَ { وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاللَّه يُبَيِّن لِعِبَادِهِ سَبِيلَ الْحَقّ , وَيُرْشِدهُمْ لِطَرِيقِ الرَّشَاد .'; $TAFSEER['3']['33']['5'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَط عِنْدَ اللَّه فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانكُمْ فِي الدِّين وَمَوَالِيكُمْ } يَقُول اللَّه تَعَالَى ذِكْره : انْسُبُوا أَدْعِيَاءَكُمْ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ أَنْسَابَهُمْ بِكُمْ لِآبَائِهِمْ . يَقُول لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلْحِقْ نَسَبَ زَيْد بِأَبِيهِ حَارِثَة , وَلَا تَدْعُهُ زَيْد بْن مُحَمَّد . وَقَوْله { هُوَ أَقْسَط عِنْدَ اللَّه } يَقُول : دُعَاؤُكُمْ إِيَّاهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَعْدَل عِنْد اللَّه , وَأَصْدَق وَأَصْوَب مِنْ دُعَائِكُمْ إِيَّاهُمْ لِغَيْرِ آبَائِهِمْ وَنِسْبَتُكُمُوهُم إِلَى مَنْ تَبَنَّاهُمْ وَادَّعَاهُمْ وَلَيْسُوا لَهُ بَنِينَ . كَمَا : 21588 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَط عِنْد اللَّه } : أَيْ أَعْدَل عِنْدَ اللَّه , وَقَوْله : { فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانكُمْ فِي الدِّين وَمَوَالِيكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِنْ أَنْتُمْ أَيّهَا النَّاس لَمْ تَعْلَمُوا آبَاء أَدْعِيَائِكُمْ مَنْ هُمْ فَتَنْسُبُوهُمْ إِلَيْهِمْ , وَلَمْ تَعْرِفُوهُمْ , فَتُلْحِقُوهُمْ بِهِمْ , { فَإِخْوَانكُمْ فِي الدِّين } يَقُول : فَهُمْ إِخْوَانكُمْ فِي الدِّين , إِنْ كَانُوا مِنْ أَهْل مِلَّتكُمْ , وَمَوَالِيكُمْ إِنْ كَانُوا مُحَرَّرِيكُمْ وَلَيْسُوا بِبَنِيكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21589 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَط عِنْدَ اللَّه } : أَيْ أَعْدَل عِنْدَ اللَّه { فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانكُمْ فِي الدِّين وَمَوَالِيكُمْ } فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا مَنْ أَبُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ أَخُوك وَمَوْلَاك . 21590 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ عُيَيْنَةَ بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْرَة : قَالَ اللَّه { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَط عِنْدَ اللَّه فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانكُمْ فِي الدِّين وَمَوَالِيكُمْ } فَأَنَا مِمَّنْ لَا يُعْرَف أَبُوهُ , وَأَنَا مِنْ إِخْوَانكُمْ فِي الدِّين , قَالَ : قَالَ أَبِي : وَاللَّه إِنِّي لَأَظُنّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ حَمَّارًا لَانْتَمَى إِلَيْهِ . وَقَوْله : { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ } يَقُول : وَلَا حَرَج عَلَيْكُمْ وَلَا وِزْر فِي خَطَأ يَكُون مِنْكُمْ فِي نِسْبَة بَعْض مَنْ تَنْسُبُونَهُ إِلَى أَبِيهِ , وَأَنْتُمْ تَرَوْنَهُ ابْن مَنْ يَنْسُبُونَهُ إِلَيْهِ , وَهُوَ ابْن لِغَيْرِهِ { وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبكُمْ } يَقُول : وَلَكِنَّ الْإِثْمَ وَالْحَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي نِسْبَتِكُمُوهُ إِلَى غَيْر أَبِيهِ , وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَهُ ابْن غَيْر مَنْ تَنْسُبُونَهُ إِلَيْهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21591 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ } يَقُول : إِذَا دَعَوْت الرَّجُلَ لِغَيْرِ أَبِيهِ , وَأَنْتَ تَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ { وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبكُمْ } يَقُول اللَّه : لَا تَدْعُهُ لِغَيْرِ أَبِيهِ مُتَعَمِّدًا . أَمَّا الْخَطَأ فَلَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِهِ وَلَكِنْ يُؤَاخِذكُمْ بِمَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبكُمْ. 21592 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { تَعَمَّدَتْ قُلُوبكُمْ } قَالَ : فَالْعَمْد مَا أَتَى بَعْد الْبَيَان وَالنَّهْي فِي هَذَا وَغَيْره. و " مَا " الَّتِي فِي قَوْله { وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبكُمْ } خُفِضَ رَدًّا عَلَى " مَا " الَّتِي فِي قَوْله { فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ } وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ , وَلَكِنْ فِيمَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبكُمْ . وَقَوْله : { وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } يَقُول اللَّه تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ اللَّه ذَا سِتْر عَلَى ذَنْب مَنْ ظَاهَرَ زَوْجَته فَقَالَ الْبَاطِل وَالزُّور مِنَ الْقَوْل , وَذَنْب مَنْ ادَّعَى وَلَد غَيْره ابْنًا لَهُ , إِذَا تَابَا وَرَاجَعَا أَمْر اللَّه , وَانْتَهَيَا عَنْ قِيلِ الْبَاطِل بَعْد أَنْ نَهَاهُمَا رَبُّهُمَا عَنْهُ ذَا رَحْمَة بِهِمَا أَنْ يُعَاقِبهُمَا عَلَى ذَلِكَ بَعْد تَوْبَتهمَا مِنْ خَطِيئَتهمَا .'; $TAFSEER['3']['33']['6'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : النَّبِيّ مُحَمَّد أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ , يَقُول : أَحَقّ بِالْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ , أَنْ يَحْكُم فِيهِمْ بِمَا يَشَاء مِنْ حُكْم , فَيَجُوز ذَلِكَ عَلَيْهِمْ . كَمَا : 21593 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد { النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ } كَمَا أَنْتَ أَوْلَى بِعَبْدِك مَا قَضَى فِيهِمْ مِنْ أَمْر جَازَ , كَمَا كُلَّمَا قَضَيْت عَلَى عَبْدك جَازَ . 2194 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ } قَالَ : هُوَ أَبٌ لَهُمْ. 21595 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن عُمَر , قَالَ : ثنا فُلَيْح , عَنْ هِلَال بْن عَلِيّ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عَمْرَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا مِنْ مُؤْمِن إِلَّا وَأَنَا أَوْلَى النَّاس بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } وَأَيّمَا مُؤْمِن تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ وَعَصَبَته مَنْ كَانُوا , وَإِنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَلْيَأْتِنِي وَأَنَا مَوْلَاهُ " . 21596 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَسَن بْن عَلِيّ , عَنْ أَبِي مُوسَى إِسْرَائِيل بْن مُوسَى , قَالَ : قَرَأَ الْحَسَن هَذِهِ الْآيَة { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ , وَأَزْوَاجه أُمَّهَاتُهُمْ } قَالَ : قَالَ الْحَسَن : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِن مِنْ نَفْسه " قَالَ الْحَسَن : وَفِي الْقِرَاءَة الْأُولَى : " أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ , وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ " . 21597 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ فِي بَعْض الْقِرَاءَة : " النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ " وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَيّمَا رَجُل تَرَكَ ضَيَاعًا فَأَنَا أَوْلَى بِهِ , وَإِنْ تَرَكَ مَالًا فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ " . وَقَوْله : { وَأَزْوَاجه أُمَّهَاتهمْ } يَقُول : وَحُرْمَة أَزْوَاجه حُرْمَة أُمَّهَاتهمْ عَلَيْهِمْ , فِي أَنَّهُنَّ يَحْرُم عَلَيْهِنَّ نِكَاحهنَّ مِنْ بَعْد وَفَاته , كَمَا يَحْرُم عَلَيْهِمْ نِكَاح أُمَّهَاتهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21598 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ وَأَزْوَاجه أُمَّهَاتهمْ } يُعَظِّم بِذَلِكَ حَقّهنَّ , وَفِي بَعْض الْقِرَاءَة : " وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ " . 21599 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { وَأَزْوَاجه أُمَّهَاتهمْ } مُحَرَّمَات عَلَيْهِمْ . وَقَوْله : { وَأُولُوا الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَأُولُوا الْأَرْحَام الَّذِينَ وَرِثَتْ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض , هُمْ أَوْلَى بِمِيرَاثِ بَعْض مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ أَنْ يَرِث بَعْضهمْ بَعْضًا , بِالْهِجْرَةِ وَالْإِيمَان دُون الرَّحِم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21600 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَأُولُوا الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ } لَبِثَ الْمُسْلِمُونَ زَمَانًا يَتَوَارَثُونَ بِالْهِجْرَةِ , وَالْأَعْرَابِيّ الْمُسْلِم لَا يَرِث مِنْ الْمُهَاجِرِينَ شَيْئًا , فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة , فَخَلَطَ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضهمْ بِبَعْضٍ , فَصَارَتْ الْمَوَارِيث بِالْمِلَلِ . 21601 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله { وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ آخَى بَيْن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار أَوَّل مَا كَانَتْ الْهِجْرَة , وَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ عَلَى ذَلِكَ , وَقَالَ اللَّه { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } 4 33 قَالَ : إِذَا لَمْ يَأْتِ رَحِم لِهَذَا يَحُول دُونهمْ , قَالَ : فَكَانَ هَذَا أَوَّلًا , فَقَالَ اللَّه : { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } يَقُول : إِلَّا أَنْ تُوصُوا لَهُمْ { كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَاب مَسْطُورًا } أَنَّ أُولِي الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه , قَالَ : وَكَانَ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُهَاجِرُونَ لَا يَتَوَارَثُونَ إِنْ كَانُوا أُولِي رَحِم , حَتَّى يُهَاجِرُوا إِلَى الْمَدِينَة , وَقَرَأَ قَالَ اللَّه : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتهمْ مِنْ شَيْء حَتَّى يُهَاجِرُوا } 8 72 إِلَى قَوْله { وَفَسَاد كَبِير } 8 73 فَكَانُوا لَا يَتَوَارَثُونَ , حَتَّى إِذَا كَانَ عَام الْفَتْح , انْقَطَعَتْ الْهِجْرَة , وَكَثُرَ الْإِسْلَام , وَكَانَ لَا يُقْبَل مِنْ أَحَد أَنْ يَكُون عَلَى الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيّ وَمَنْ مَعَهُ إِلَّا أَنْ يُهَاجِر ; قَالَ : وَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ بَعَثَ : " اغْدُوا عَلَى اسْم اللَّه لَا تَغْلُوا وَلَا تَوَلَّوْا , ادْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَام , فَإِنْ أَجَابُوكُمْ فَاقْبَلُوا وَادْعُوهُمْ إِلَى الْهِجْرَة , فَإِذَا هَاجَرُوا مَعَكُمْ , فَلَهُمْ مَا لَكُمْ , وَعَلَيْكُمْ , فَإِنْ أَبَوْا وَلَمْ يُهَاجِرُوا وَاخْتَارُوا دَارهمْ فَأَقِرُّوهُمْ فِيهَا , فَهُمْ كَالْأَعْرَابِ تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَام الْإِسْلَام , وَلَيْسَ لَهُمْ فِي هَذَا الْفَيْء نَصِيب " . قَالَ : فَلَمَّا جَاءَ الْفَتْح , وَانْقَطَعَتْ الْهِجْرَة , قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا هِجْرَة بَعْد الْفَتْح " وَكَثُرَ الْإِسْلَام , وَتَوَارَثَ النَّاس عَلَى الْأَرْحَام حَيْثُ كَانُوا , وَنَسَخَ ذَلِكَ الَّذِي كَانَ بَيْن الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ , وَكَانَ لَهُمْ فِي الْفَيْء نَصِيب , وَإِنْ أَقَامُوا وَأَبَوْا , وَكَانَ حَقّهمْ فِي الْإِسْلَام وَاحِدًا , الْمُهَاجِر وَغَيْر الْمُهَاجِر وَالْبَدْوِيّ وَكُلّ أَحَد , حِين جَاءَ الْفَتْح . فَمَعْنَى الْكَلَام عَلَى هَذَا التَّأْوِيل : وَأُولُوا الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ بِبَعْضِهِمْ أَنْ يَرِثُوهُمْ بِالْهِجْرَةِ , وَقَدْ يَحْتَمِل ظَاهِر هَذَا الْكَلَام أَنْ يَكُونَ مِنْ صِلَة الْأَرْحَام مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ , أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ , مِمَّنْ لَمْ يُؤْمِن , وَلَمْ يُهَاجِر . وَقَوْله : { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِلَّا أَنْ تُوصُوا لِذَوِي قَرَابَتكُمْ مِنْ غَيْر أَهْل الْإِيمَان وَالْهِجْرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21602 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ حَجَّاج , عَنْ سَالِم , عَنِ ابْن الْحَنَفِيَّة { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } قَالُوا : يُوصِي لِقَرَابَتِهِ مِنْ أَهْل الشِّرْك . 21603 - قَالَ : ثنا عَبْدَة , قَالَ : قَرَأْت عَلَى ابْن أَبِي عَرُوبَة , عَنْ قَتَادَة { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } قَالَ : لِلْقَرَابَةِ مِنْ أَهْل الشِّرْك وَصِيَّة , وَلَا مِيرَاثَ لَهُمْ . * حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } قَالَ : إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مِنْ أَهْل الشِّرْك وَصِيَّة , وَلَا مِيرَاثَ لَهُمْ . 21604 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ وَيَحْيَى بْن آدَم , عَنِ ابْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ عِكْرِمَة { إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } قَالَ : وَصِيَّة . 21605 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : مَا قَوْله { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } فَقَالَ : الْعَطَاء , فَقُلْت لَهُ : الْمُؤْمِن لِلْكَافِرِ بَيْنَهُمَا قَرَابَة ؟ قَالَ : نَعَمْ عَطَاؤُهُ إِيَّاهُ حِبَاء وَوَصِيَّة لَهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِلَّا أَنْ تَمَسَّكُوا بِالْمَعْرُوفِ بَيْنَكُمْ بِحَقِّ الْإِيمَان وَالْهِجْرَة وَالْحَلِف , فَتُؤْتُونَهُمْ حَقَّهُمْ مِنْ النُّصْرَة وَالْعَقْل عَنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21606 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } قَالَ : حُلَفَاؤُكُمْ الَّذِينَ وَالَى بَيْنَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار , إِمْسَاك بِالْمَعْرُوفِ وَالْعَقْل وَالنَّصْر بَيْنَهُمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنْ تُوصُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَصِيَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21607 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } يَقُول : إِلَّا أَنْ تُوصُوا لَهُمْ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : مَعْنَى ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ الَّذِينَ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَكُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار , مَعْرُوفًا مِنَ الْوَصِيَّة لَهُمْ , وَالنُّصْرَة وَالْعَقْل عَنْهُمْ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ كُلّ ذَلِكَ مِنَ الْمَعْرُوف الَّذِي قَدْ حَثّ اللَّه عَلَيْهِ عِبَاده . وَإِنَّمَا اخْتَرْت هَذَا الْقَوْل , وَقُلْت : هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ قِيلِ مَنْ قَالَ : عَنَى بِذَلِكَ الْوَصِيَّةَ لِلْقَرَابَةِ مِنْ أَهْل الشِّرْك ; لِأَنَّ الْقَرِيبَ مِنَ الْمُشْرِك , وَإِنْ كَانَ ذَا نَسَب فَلَيْسَ بِالْمَوْلَى , وَذَلِكَ أَنَّ الشِّرْكَ يَقْطَع وِلَايَة مَا بَيْن الْمُؤْمِن وَالْمُشْرِك , وَقَدْ نَهَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا بِقَوْلِهِ : { لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ } 60 1 وَغَيْر جَائِز أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْ اتِّخَاذهمْ أَوْلِيَاء , ثُمَّ يَصِفهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِأَنَّهُمْ لَهُمْ أَوْلِيَاء , وَمَوْضِع " أَنْ " مِنْ قَوْله { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا } نَصْب عَلَى الِاسْتِثْنَاء , وَمَعْنَى الْكَلَام : وَأُولُوا الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأُولِي أَرْحَام مِنْكُمْ مَعْرُوفًا . وَقَوْله : { كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَاب مَسْطُورًا } يَقُول : كَانَ أُولُوا الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه : أَيْ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ { مَسْطُورًا } أَيْ مَكْتُوبًا , كَمَا قَالَ الرَّاجِز : فِي الصُّحُف الْأُولَى الَّتِي كَانَ سَطَرْ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : . 21608 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَاب مَسْطُورًا } : أَيْ أَنَّ أُولِي الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَاب مَسْطُورًا : لَا يَرِث الْمُشْرِك الْمُؤْمِنَ .'; $TAFSEER['3']['33']['7'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْك وَمِنْ نُوح وَإِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى ابْن مَرْيَم وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَاب مَسْطُورًا , إِذْ كَتَبْنَا كُلّ مَا هُوَ كَائِن فِي الْكِتَاب { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ } كَانَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْكِتَاب مَسْطُورًا , وَيَعْنِي بِالْمِيثَاقِ : الْعَهْد , وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى قَبْل . { وَمِنْك } يَا مُحَمَّد { وَمِنْ نُوح وَإِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى ابْن مَرْيَم وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } يَقُول : وَأَخَذْنَا مِنْ جَمِيعهمْ عَهْدًا مُؤَكَّدًا أَنْ يُصَدِّق بَعْضهمْ بَعْضًا . كَمَا : 21609 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْك وَمِنْ نُوح } قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : " كُنْت أَوَّل الْأَنْبِيَاء فِي الْخَلْق , وَآخِرهمْ فِي الْبَعْث " , { وَإِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى ابْن مَرْيَم وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } مِيثَاق أَخَذَهُ اللَّه عَلَى النَّبِيِّينَ , خُصُوصًا أَنْ يُصَدِّق بَعْضهمْ بَعْضًا , وَأَنْ يَتَّبِع بَعْضهمْ بَعْضًا . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان , قَالَ : ثنا أَبُو هِلَال , قَالَ : كَانَ قَتَادَة إِذَا تَلَا هَذِهِ الْآيَة { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْ نُوح } قَالَ : كَانَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّل النَّبِيِّينَ فِي الْخَلْق. 21610 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه { مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْك وَمِنْ نُوح } قَالَ : فِي ظَهْر آدَم . 21611 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : الْمِيثَاق الْغَلِيظ : الْعَهْد .'; $TAFSEER['3']['33']['8'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَخَذْنَا مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاء مِيثَاقَهُمْ كَيْمَا أَسْأَل الْمُرْسَلِينَ عَمَّا أَجَابَتْهُمْ بِهِ أُمَمُهُمْ , وَمَا فَعَلَ قَوْمهمْ فِيمَا أَبْلَغُوهُمْ عَنْ رَبّهمْ مِنْ الرِّسَالَة. وَبِنَحْوِ قَوْلنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21612 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد { لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقهمْ } قَالَ : الْمُبَلِّغِينَ الْمُؤَدِّينَ مِنْ الرُّسُل . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { لِيَسْأَل الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقهمْ } قَالَ : الْمُبَلِّغِينَ الْمُؤَدِّينَ مِنْ الرُّسُل . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ مُجَاهِد { لِيَسْأَل الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقهمْ } قَالَ : الرُّسُل الْمُؤَدِّينَ الْمُبَلِّغِينَ . وَقَوْله : { وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا } يَقُول : وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ بِاللَّهِ مِنَ الْأُمَم عَذَابًا مُوجِعًا.'; $TAFSEER['3']['33']['9'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ } الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَى جَمَاعَتكُمْ وَذَلِكَ حِين حُوصِرَ الْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّام الْخَنْدَق { إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُود } : جُنُود الْأَحْزَاب : قُرَيْش , وَغَطَفَان , وَيَهُود بَنِي النَّضِير { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا } وَهِيَ فِيمَا ذُكِرَ : رِيح الصَّبَا . كَمَا : 21613 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : قَالَتْ الْجَنُوب لِلشَّمَالِ لَيْلَة الْأَحْزَاب : انْطَلِقِي نَنْصُر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ الشَّمَال : إِنَّ الْحَرَّة لَا تَسْرِي بِاللَّيْلِ , قَالَ : فَكَانَتْ الرِّيح الَّتِي أُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الصَّبَا . 21614 -حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثني الزُّبَيْر , يَعْنِي ابْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني رَبِيح بْن أَبِي سَعِيد , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي سَعِيد , قَالَ : قُلْنَا يَوْم الْخَنْدَق : يَا رَسُولَ اللَّه بَلَغَتْ الْقُلُوب الْحَنَاجِرَ , فَهَلْ مِنْ شَيْء تَقُولهُ ؟ قَالَ : " نَعَمْ قُولُوا : اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتنَا , وَآمِنْ رَوْعَاتنَا " , فَضَرَبَ اللَّه وُجُوهَ أَعْدَائِهِ بِالرِّيحِ , فَهَزَمَهُمْ اللَّه بِالرِّيحِ . 21615 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , عَنْ نَافِع , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : أَرْسَلَنِي خَالِي عُثْمَان بْن مَظْعُون لَيْلَة الْخَنْدَق فِي بَرْد شَدِيد وَرِيح , إِلَى الْمَدِينَة , فَقَالَ : ائْتِنَا بِطَعَامٍ وَلِحَاف قَالَ : فَاسْتَأْذَنْت رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَذِنَ لِي وَقَالَ : " مَنْ لَقِيت مِنْ أَصْحَابِي فَمُرْهُمْ يَرْجِعُوا " . قَالَ : فَذَهَبْت وَالرِّيح تَسْفِي كُلَّ شَيْء , فَجَعَلْت لَا أَلْقَى أَحَدًا إِلَّا أَمَرْته بِالرُّجُوعِ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : فَمَا يَلْوِي أَحَد مِنْهُمْ عُنُقه ; قَالَ : وَكَانَ مَعِي تُرْس لِي , فَكَانَتْ الرِّيح تَضْرِبهُ عَلَيَّ , وَكَانَ فِيهِ حَدِيد , قَالَ : فَضَرَبَتْهُ الرِّيح حَتَّى وَقَعَ بَعْض ذَلِكَ الْحَدِيد عَلَى كَفِّي , فَأَنْفَذهَا إِلَى الْأَرْض . 21616 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة : قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن زِيَاد , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : قَالَ فَتًى مِنْ أَهْل الْكُوفَة لِحُذَيْفَة بْن الْيَمَان : يَا أَبَا عَبْد اللَّه , رَأَيْتُمْ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحِبْتُمُوهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ يَا ابْن أَخِي , قَالَ : فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ ؟ قَالَ : وَاللَّه لَقَدْ كُنَّا نُجْهَد , قَالَ الْفَتَى : وَاللَّه لَوْ أَدْرَكْنَاهُ مَا تَرَكْنَاهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْض , لَحَمَلْنَاهُ عَلَى أَعْنَاقنَا . قَالَ حُذَيْفَة : يَا ابْن أَخِي , وَاللَّه لَقَدْ رَأَيْتنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَنْدَقِ , وَصَلَّى رَسُول اللَّه هَوِيًّا مِنْ اللَّيْل , ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ : " مَنْ رَجُل يَقُوم فَيَنْظُر لَنَا مَا فَعَلَ الْقَوْم ؟ يَشْرِط لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ يَرْجِع أَدْخَلَهُ اللَّه الْجَنَّةَ " , فَمَا قَامَ أَحَد , ثُمَّ صَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَوِيًّا مِنْ اللَّيْل , ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ مِثْله , فَمَا قَامَ مِنَّا رَجُل , ثُمَّ صَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَوِيًّا مِنْ اللَّيْل , ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ : " مَنْ رَجُل يَقُوم فَيَنْظُر لَنَا مَا فَعَلَ الْقَوْم ثُمَّ يَرْجِع , يَشْتَرِط لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجْعَة , أَسْأَل اللَّهَ أَنْ يَكُونَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّة " فَمَا قَامَ رَجُل مِنْ شِدَّة الْخَوْف , وَشِدَّة الْجُوع , وَشِدَّة الْبَرْد ; فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ أَحَد , دَعَانِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمْ يَكُنْ لِي بُدّ مِنَ الْقِيَام حِين دَعَانِي , فَقَالَ : " يَا حُذَيْفَة اذْهَبْ فَادْخُلْ فِي الْقَوْم فَانْظُرْ مَا يَفْعَلُونَ , وَلَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنَا " . قَالَ : فَذَهَبْت فَدَخَلْت فِي الْقَوْم , وَالرِّيح وَجُنُود اللَّه تَفْعَل بِهِمْ مَا تَفْعَل , لَا تُقِرّ لَهُمْ قِدْرًا وَلَا نَارًا وَلَا بِنَاء ; فَقَامَ أَبُو سُفْيَان فَقَالَ : يَا مَعْشَر قُرَيْش , لِيَنْظُر امْرُؤٌ مَنْ جَلِيسه , فَقَالَ حُذَيْفَة : فَأَخَذْت بِيَدِ الرَّجُل الَّذِي إِلَى جَنْبِي , فَقُلْت : مَنْ أَنْتَ ؟ فَقَالَ : أَنَا فُلَان بْن فُلَان ; ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَان : يَا مَعْشَر قُرَيْش , إِنَّكُمْ وَاللَّه مَا أَصْبَحْتُمْ بِدَارِ مَقَام , وَلَقَدْ هَلَكَ الْكُرَاع وَالْخُفّ , وَاخْتَلَفَتْ بَنُو قُرَيْظَة , وَبَلَغَنَا عَنْهُمُ الَّذِي نَكْرَهُ , وَلَقِينَا مِنْ هَذِهِ الرِّيح مَا تَرَوْنَ , وَاللَّه مَا يَطْمَئِنّ لَنَا قِدْر , وَلَا تَقُوم لَنَا نَار , وَلَا يَسْتَمْسِك لَنَا بِنَاء , فَارْتَحِلُوا فَإِنِّي مُرْتَحِل , ثُمَّ قَامَ إِلَى جَمَله وَهُوَ مَعْقُول , فَجَلَسَ عَلَيْهِ , ثُمَّ ضَرَبَهُ فَوَثَبَ بِهِ عَلَى ثَلَاث , فَمَا أَطْلَقَ عِقَالَهُ إِلَّا وَهُوَ قَائِم . وَلَوْلَا عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ أَنْ " لَا تُحْدِث شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي " , لَوْ شِئْت لَقَتَلْته بِسَهْمٍ ; قَالَ حُذَيْفَة : فَرَجَعْت إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي مِرْط لِبَعْضِ نِسَائِهِ ; فَلَمَّا رَآنِي أَدْخَلَنِي بَيْنَ رِجْلَيْهِ , وَطَرَحَ عَلَيَّ طَرَفَ الْمِرْط , ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ وَإِنِّي لَفِيهِ ; فَلَمَّا سَلَّمَ أَخْبَرْته الْخَبَرَ , وَسَمِعَتْ غَطَفَان بِمَا فَعَلَتْ قُرَيْش , فَانْشَمَرُوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادهمْ . 21617 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُود } قَالَ : الْأَحْزَاب : عُيَيْنَةُ بْن بَدْر , وَأَبُو سُفْيَان , وَقُرَيْظَة . وَقَوْله : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا } قَالَ : رِيح الصَّبَا أُرْسِلَتْ عَلَى الْأَحْزَاب يَوْم الْخَنْدَق , حَتَّى كَفَأَتْ قُدُورَهُمْ عَلَى أَفْوَاههَا , وَنَزَعَتْ فَسَاطِيطَهُمْ حَتَّى أَظْعَنَتْهُمْ , وَقَوْله : { وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا } قَالَ : الْمَلَائِكَة وَلَمْ تُقَاتِل يَوْمَئِذٍ . 21618 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُود فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا } قَالَ : يَعْنِي الْمَلَائِكَة , قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة يَوْم الْأَحْزَاب وَقَدْ حُصِرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا فَخَنْدَقَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَان بِقُرَيْشٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنَ النَّاس , حَتَّى نَزَلُوا بِعَقْوَةِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَقْبَلَ عُيَيْنَةُ بْن حِصْن , أَحَد بَنِي بَدْر وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ النَّاس حَتَّى نَزَلُوا بِعَقْوَةِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَاتَبَتْ الْيَهُود أَبَا سُفْيَان وَظَاهَرُوهُ , فَقَالَ حَيْثُ يَقُول اللَّه تَعَالَى : { إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ } فَبَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ الرُّعْب وَالرِّيح , فَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا أَطْفَأَهَا اللَّه , حَتَّى لَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ سَيِّدَ كُلّ حَيّ يَقُول : يَا بَنِي فُلَان هَلُمَّ إِلَيَّ , حَتَّى إِذَا اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ فَقَالَ : النَّجَاء النَّجَاء , أُتِيتُمْ لِمَا بَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ الرُّعْب . 21619 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ } . . . الْآيَة , قَالَ : كَانَ يَوْم أَبِي سُفْيَان يَوْم الْأَحْزَاب . 21620 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان , فِي قَوْل اللَّه : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُود فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا } وَالْجُنُود قُرَيْش وَغَطَفَان وَبَنُو قُرَيْظَة , وَكَانَتْ الْجُنُود الَّتِي أَرْسَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ مَعَ الرِّيح : الْمَلَائِكَة . وَقَوْله : { وَكَانَ اللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ اللَّه بِأَعْمَالِكُمْ يَوْمَئِذٍ , وَذَلِكَ صَبْرهمْ عَلَى مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْجَهْد وَالشِّدَّة , وَثَبَاتهمْ لِعَدُوِّهِمْ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالهمْ , بَصِيرًا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْء , يُحْصِيه عَلَيْهِمْ , لِيَجْزِيَهُمْ عَلَيْهِ .'; $TAFSEER['3']['33']['10'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ اللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا , إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُود الْأَحْزَاب مِنْ فَوْقكُمْ , وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ , وَقِيلَ : إِنَّ الَّذِينَ أَتَوْهُمْ مِنْ أَسْفَل مِنْهُمْ , أَبُو سُفْيَان فِي قُرَيْش وَمَنْ مَعَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21621 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقكُمْ } قَالَ عُيَيْنَةُ بْن بَدْر فِي أَهْل نَجْد , وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ , قَالَ : أَبُو سُفْيَان . قَالَ : وَوَاجَهَتْهُمْ قُرَيْظَة . 21622 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَبْدَة , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة : ذَكَرَتْ يَوْمَ الْخَنْدَق وَقَرَأَتْ : { إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَار وَبَلَغَتِ الْقُلُوب الْحَنَاجِرَ } قَالَتْ : هُوَ يَوْم الْخَنْدَق. 21623 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن رُومَان مَوْلَى آل الزُّبَيْر , عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , وَعَمَّنْ لَا أَتَّهِم , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن كَعْب بْن مَالِك , وَعَنْ الزُّهْرِيّ , وَعَنْ عَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن حَزْم , وَعَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , وَعَنْ غَيْرهمْ مِنْ عُلَمَائِنَا : أَنَّهُ كَانَ مِنْ حَدِيث الْخَنْدَق , أَنَّ نَفَرًا مِنَ الْيَهُود , مِنْهُمْ سَلَّام بْن أَبِي الْحَقِيق النَّضْرِيّ , وَحُيَيّ بْن أَخْطَبَ النَّضْرِيّ , وَكِنَانَة بْن الرَّبِيع بْن أَبِي الْحُقَيْق النَّضْرِيّ , وَهَوْذَة بْن قَيْس الْوَائِلِيّ , وَأَبُو عَمَّار الْوَائِلِيّ , فِي نَفَر مِنْ بَنِي النَّضِير , وَنَفَر مِنْ بَنِي وَائِل , وَهُمْ الَّذِينَ حَزَّبُوا الْأَحْزَابَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , خَرَجُوا حَتَّى قَدِمُوا مَكَّة عَلَى قُرَيْش , فَدَعَوْهُمْ إِلَى حَرْب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَالُوا : إِنَّا سَنَكُونُ مَعَكُمْ عَلَيْهِ , حَتَّى نَسْتَأْصِلَهُ , فَقَالَ لَهُمْ قُرَيْش : يَا مَعْشَر يَهُود , إِنَّكُمْ أَهْل الْكِتَاب الْأَوَّل , وَالْعِلْم بِمَا أَصْبَحْنَا نَخْتَلِف فِيهِ نَحْنُ وَمُحَمَّد , أَفَدِينُنَا خَيْر أَمْ دِينه ؟ قَالُوا : بَلْ دِينكُمْ خَيْر مِنْ دِينه , وَأَنْتُمْ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْهُ . قَالَ : فَهُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } 4 51 إِلَى قَوْله : { وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا } 4 55 فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ لِقُرَيْشٍ , سَرَّهُمْ مَا قَالُوا , وَنَشِطُوا لِمَا دَعَوْهُمْ لَهُ مِنْ حَرْب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَاجْتَمَعُوا لِذَلِكَ , وَاتَّعَدُوا لَهُ , ثُمَّ خَرَجَ أُولَئِكَ النَّفَر مِنْ الْيَهُود , حَتَّى جَاءُوا غَطَفَان مِنْ قَيْس عَيْلَان , فَدَعَوْهُمْ إِلَى حَرْب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ سَيَكُونُونَ مَعَهُمْ عَلَيْهِ , وَأَنَّ قُرَيْشًا قَدْ تَابَعُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ , فَاجْتَمَعُوا فِيهِ , فَأَجَابُوهُمْ فَخَرَجَتْ قُرَيْش وَقَائِدهَا أَبُو سُفْيَان بْن حَرْب , وَخَرَجَتْ غَطَفَان وَقَائِدهَا عُيَيْنَةُ بْن حِصْن بْن حُذَيْفَة بْن بَدْر فِي بَنِي فَزَارَة , وَالْحَارِث بْن عَوْف بْن أَبِي حَارِثَة الْمُرِّيّ فِي بَنِي مُرَّة , وَمِسْعَر بْن رُخَيْلَة بْن نُوَيْرَة بْن طَرِيف بْن سَحْمَةَ بْن عَبْد اللَّه بْن هِلَال بْن خلاوة بْن أَشْجَع بْن رَيْث بْن غَطَفَان , فِيمَنْ تَابَعَهُ مِنْ قَوْمه مِنْ أَشْجَع ; فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا اجْتَمَعُوا لَهُ مِنَ الْأَمْر ضَرَبَ الْخَنْدَق عَلَى الْمَدِينَة ; فَلَمَّا فَرَغَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخَنْدَق , أَقْبَلَتْ قُرَيْش حَتَّى نَزَلَتْ بِمُجْتَمَعِ الْأَسْيَالِ مِنْ رُومَة بَيْن الْجُرُف وَالْغَابَة فِي عَشْرَة آلَاف مِنْ أَحَابِيشهمْ , وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنْ بَنِي كِنَانَة وَأَهْل تِهَامَة , وَأَقْبَلَتْ غَطَفَان وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنْ أَهْل نَجْد , حَتَّى نَزَلُوا بِذَنَبِ نَقَمَى إِلَى جَانِب أُحُد , وَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ حَتَّى جَعَلُوا ظُهُورَهُمْ إِلَى سِلَع فِي ثَلَاثَة آلَاف مِنْ الْمُسْلِمِينَ , فَضَرَبَ هُنَالِكَ عَسْكَرَهُ , وَالْخَنْدَق بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْم , وَأَمَرَ بِالذَّرَارِيِّ وَالنِّسَاء , فَرُفِعُوا فِي الْآطَام , وَخَرَجَ عَدُوّ اللَّه حُيَيّ بْن أَخْطَبَ النَّضْرِيّ , حَتَّى أَتَى كَعْبَ بْن أَسَد الْقُرَظِيّ , صَاحِب عَقْد بَنِي قُرَيْظَة وَعَهْدهمْ , وَكَانَ قَدْ وَادَعَ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمه , وَعَاهَدَهُ عَلَى ذَلِكَ وَعَاقَدَهُ , فَلَمَّا سَمِعَ كَعْب بِحُيَيِّ بْن أَخْطَبَ , أَغْلَقَ دُونَهُ حِصْنه , فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ , فَأَبَى أَنْ يَفْتَحَ لَهُ , فَنَادَاهُ حُيَيّ : يَا كَعْب افْتَحْ لِي , قَالَ : وَيْحك يَا حُيَيّ , إِنَّك امْرُؤٌ مَشْئُوم , إِنِّي قَدْ عَاهَدْت مُحَمَّدًا , فَلَسْت بِنَاقِضٍ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ , وَلَمْ أَرَ مِنْهُ إِلَّا وَفَاء وَصِدْقًا ; قَالَ : وَيْحَك افْتَحْ لِي أُكَلِّمك , قَالَ : مَا أَنَا بِفَاعِلٍ . قَالَ : وَاللَّه إِنْ أَغْلَقْت دُونِي إِلَّا تَخَوَّفْت عَلَى جَشِيشَتك أَنْ آكُلَ مَعَك مِنْهَا , فَأَحْفَظَ الرَّجُل , فَفَتَحَ لَهُ , فَقَالَ : يَا كَعْب جِئْتُك بِعِزِّ الدَّهْر , وَبِبَحْرِ طَمّ , جِئْتُك بِقُرَيْشٍ عَلَى قَادَاتِهَا وَسَادَاتهَا , حَتَّى أَنْزَلْتهمْ بِمُجْتَمَعِ الْأَسْيَالِ مِنْ رُومَةَ , وَبِغَطَفَانَ عَلَى قَادَاتِهَا وَسَادَاتهَا حَتَّى أَنْزَلْتهمْ بِذَنَبِ نَقَمَى إِلَى جَانِب أُحُد , قَدْ عَاهَدُونِي وَعَاقَدُونِي أَنْ لَا يَبْرَحُوا حَتَّى يَسْتَأْصِلُوا مُحَمَّدًا وَمَنْ مَعَهُ , فَقَالَ لَهُ كَعْب بْن أَسَد : جِئْتنِي وَاللَّه بِذُلِّ الدَّهْر , وَبِجَهَامٍ قَدْ هَرَاقَ مَاءَهُ , يَرْعَد وَيَبْرُق , لَيْسَ فِيهِ شَيْء , فَدَعْنِي وَمُحَمَّدًا وَمَا أَنَا عَلَيْهِ , فَلَمْ أَرَ مِنْ مُحَمَّد إِلَّا صِدْقًا وَوَفَاء ; فَلَمْ يَزَلْ حُيَيّ بِكَعْبٍ يَفْتِلهُ فِي الذُّرْوَة وَالْغَارِب حَتَّى سَمَحَ لَهُ عَلَى أَنْ أَعْطَاهُمْ عَهْدًا مِنَ اللَّه وَمِيثَاقًا لَئِنْ رَجَعَتْ قُرَيْش وَغَطَفَان وَلَمْ يُصِيبُوا مُحَمَّدًا أَنْ أَدْخُل مَعَك فِي حِصْنك حَتَّى يُصِيبنِي مَا أَصَابَك , فَنَقَضَ كَعْب بْن أَسَد عَهْدَهُ , وَبَرِئَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ , فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَر , وَإِلَى الْمُسْلِمِينَ , بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْد بْن مُعَاذ بْن النُّعْمَان بْن امْرِئِ الْقَيْس , أَحَد بَنِي الْأَشْهَل , وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّد الْأَوْس , وَسَعْد بْن عُبَادَة بْن دَيْلَم أَخِي بَنِي سَاعِدَة بْن كَعْب بْن الْخَزْرَج , وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّد الْخَزْرَج , وَمَعَهُمَا عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة أَخُو بَلْحَرْثِ بْن الْخَزْرَج , وَخَوَّات بْن جُبَيْر أَخُو بَنِي عَمْرو بْن عَوْف , فَقَالَ : انْطَلِقُوا حَتَّى تَنْظُرُوا أَحَقّ مَا بَلَغَنَا عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْم أَمْ لَا ؟ , فَإِنْ كَانَ حَقًّا فَالْحَنُوا لِي لَحْنًا أَعْرِفهُ , وَلَا تَفُتُّوا فِي أَعْضَاد النَّاس , وَإِنْ كَانُوا عَلَى الْوَفَاء فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ , فَاجْهَرُوا بِهِ لِلنَّاسِ , فَخَرَجُوا حَتَّى أَتَوْهُمْ , فَوَجَدُوهُمْ عَلَى أَخْبَث مَا بَلَغَهُمْ عَنْهُمْ , وَنَالُوا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا : لَا عَهْدَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّد وَلَا عَقْد , فَشَاتَمَهُمْ سَعْد بْن عُبَادَة وَشَاتَمُوهُ , وَكَانَ رَجُلًا فِيهِ حِدَّة , فَقَالَ لَهُ سَعْد بْن مُعَاذ : دَعْ عَنْك مُشَاتَمَتهمْ , فَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ أَرْبَى مِنَ الْمُشَاتَمَة , ثُمَّ أَقْبَلَ سَعْد وَسَعْد وَمَنْ مَعَهُمَا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالُوا : عَضَل وَالْقَارَّة : أَيْ كَغَدَرَ عَضَلَ وَالْقَارَّة بِأَصْحَابِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَاب الرَّجِيع خُبَيْب بْن عَدِيّ وَأَصْحَابه , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّه أَكْبَر , أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ " , وَعَظُمَ عِنْد ذَلِكَ الْبَلَاء , وَاشْتَدَّ الْخَوْف , وَأَتَاهُمْ عَدُوّهُمْ مِنْ فَوْقهمْ , وَمِنْ أَسْفَل مِنْهُمْ , حَتَّى ظَنَّ الْمُسْلِمُونَ كُلَّ ظَنّ , وَنَجَمَ النِّفَاق مِنْ بَعْض الْمُنَافِقِينَ , حَتَّى قَالَ مُعَتِّب بْن قُشَيْر أَخُو بَنِي عَمْرو بْن عَوْف : كَانَ مُحَمَّد يَعِدنَا أَنْ نَأْكُلَ كُنُوز كِسْرَى وَقَيْصَر , وَأَحَدنَا لَا يَقْدِر أَنْ يَذْهَبَ إِلَى الْغَائِط , وَحَتَّى قَالَ أَوْس بْن قَيْظِيّ أَحَد بَنِي حَارِثَة بْن الْحَارِث : يَا رَسُول اللَّه إِنَّ بُيُوتَنَا لَعَوْرَة مِنَ الْعَدُوّ , وَذَلِكَ عَنْ مَلَإٍ مِنْ رِجَال قَوْمه , فَأْذَنْ لَنَا فَلْنَرْجِعْ إِلَى دَارنَا , وَإِنَّهَا خَارِجَة مِنَ الْمَدِينَة , فَأَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَة قَرِيبًا مِنْ شَهْر , وَلَمْ يَكُنْ بَيْن الْقَوْم حَرْب إِلَّا الرَّمْي بِالنَّبْلِ وَالْحِصَار " . 21624 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَانَ , قَوْله { إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ } فَالَّذِينَ جَاءُوهُمْ مِنْ فَوْقهمْ : قُرَيْظَة , وَالَّذِينَ جَاءُوهُمْ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ : قُرَيْش وَغَطَفَان . وَقَوْله : { وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَار } يَقُول : وَحِين عَدَلَتْ الْأَبْصَار عَنْ مَقَرّهَا , وَشَخَصَتْ طَامِحَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21625 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَار } : شَخَصَتْ . وَقَوْله : { وَبَلَغَتِ الْقُلُوب الْحَنَاجِرَ } يَقُول : نَبَتْ الْقُلُوب عَنْ أَمَاكِنهَا مِنْ الرُّعْب وَالْخَوْف , فَبَلَغَتْ إِلَى الْحَنَاجِر. كَمَا : 21626 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن عَمْرو , عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ أَيُّوب , عَنْ عِكْرِمَة : { وَبَلَغَتِ الْقُلُوب الْحَنَاجِرَ } قَالَ : مِنَ الْفَزَع . وَقَوْله : { وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا } يَقُول : وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُون الْكَاذِبَة , وَذَلِكَ كَظَنِّ مَنْ ظَنَّ مِنْهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْلِب , وَأَنَّ مَا وَعَدَهُ اللَّه مِنَ النَّصْر أَنْ لَا يَكُون , وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ ظُنُونهمْ الْكَاذِبَة الَّتِي ظَنَّهَا مَنْ ظَنَّ مِمَّنْ كَانَ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَسْكَره . 21627 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا هَوْذَة بْن خَلِيفَة , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنِ الْحَسَن { وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا } قَالَ : ظُنُونًا مُخْتَلِفَة : ظَنَّ الْمُنَافِقُونَ أَنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه يُسْتَأْصَلُونَ , وَأَيْقَنَ الْمُؤْمِنُونَ أَنَّ مَا وَعَدَهُمْ اللَّه حَقّ , أَنَّهُ سَيُظْهِرُهُ عَلَى الدِّين كُلّه وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة , وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : { الظُّنُونَا } بِإِثْبَاتِ الْأَلِف , وَكَذَلِكَ { وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا } { فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا } فِي الْوَصْل وَالْوَقْف ; وَكَانَ اعْتِلَال الْمُعْتَلّ فِي ذَلِكَ لَهُمْ , أَنَّ ذَلِكَ فِي كُلّ مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ بِإِثْبَاتِ الْأَلِف فِي هَذِهِ الْأَحْرُف كُلّهَا , وَكَانَ بَعْض قُرَّاء الْكُوفَة يُثْبِت الْأَلِف فِيهِنَّ فِي الْوَقْف , وَيَحْذِفهَا فِي الْوَصْل اعْتِلَالًا بِأَنَّ الْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ فِي قَوَافِي الشِّعْر وَمَصَارِيعهَا , فَتُلْحِق الْأَلِفَ فِي مَوْضِع الْفَتْح لِلْوُقُوفِ , وَلَا تَفْعَل ذَلِكَ فِي حَشْو الْأَبْيَات , فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحْرُف , حَسُنَ فِيهَا إِثْبَات الْأَلِفَات ; لِأَنَّهُنَّ رُءُوس الْآي تَمْثِيلًا لَهَا بِالْقَوَافِي , وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء الْبَصْرَة وَالْكُوفَة بِحَذْفِ الْأَلِف مِنْ جَمِيعه فِي الْوَقْف وَالْوَصْل , اعْتِلَالًا بِأَنَّ ذَلِكَ غَيْر مَوْجُود فِي كَلَام الْعَرَب إِلَّا فِي قَوَافِي الشِّعْر دُونَ غَيْرهَا مِنْ كَلَامهمْ , وَأَنَّهَا إِنَّمَا تَفْعَل ذَلِكَ فِي الْقَوَافِي طَلَبًا لِإِتْمَامِ وَزْن الشِّعْر , إِذْ لَوْ لَمْ تَفْعَل ذَلِكَ فِيهَا لَمْ يَصِحّ الشِّعْر , وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الْقُرْآن ; لِأَنَّهُ لَا شَيْء يَضْطَرّهُمْ إِلَى ذَلِكَ فِي الْقُرْآن , وَقَالُوا : هُنَّ مَعَ ذَلِكَ فِي مُصْحَف عَبْد اللَّه بِغَيْرِ أَلِف . وَأَوْلَى الْقِرَاءَات فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ , قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بِحَذْفِ الْأَلِف فِي الْوَصْل وَالْوَقْف ; لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْكَلَام الْمَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب , مَعَ شُهْرَة الْقِرَاءَة بِذَلِكَ فِي قُرَّاء الْمِصْرَيْنِ : الْكُوفَة , وَالْبَصْرَة ; ثُمَّ الْقِرَاءَة بِإِثْبَاتِ الْأَلِف فِيهِنَّ فِي حَالَة الْوَقْف وَالْوَصْل ; لِأَنَّ عِلَّةَ مَنْ أَثْبَت ذَلِكَ فِي حَال الْوَقْف أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي خُطُوط مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ , وَإِذَا كَانَتْ الْعِلَّة فِي إِثْبَات الْأَلِف فِي بَعْض الْأَحْوَال كَوْنه مُثْبَتًا فِي مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ , فَالْوَاجِب أَنْ تَكُون الْقِرَاءَة فِي كُلّ الْأَحْوَال ثَابِتَةً ; لِأَنَّهُ مُثْبَت فِي مَصَاحِفهمْ , وَغَيْر جَائِز أَنْ تَكُونَ الْعِلَّة الَّتِي تُوجِب قِرَاءَة ذَلِكَ عَلَى وَجْه مِنَ الْوُجُوه فِي بَعْض الْأَحْوَال مَوْجُودَةً فِي حَال أُخْرَى , وَالْقِرَاءَة مُخْتَلِفَة , وَلَيْسَ ذَلِكَ لِقَوَافِي الشِّعْر بِنَظِيرٍ ; لِأَنَّ قَوَافِيَ الشِّعْر إِنَّمَا تُلْحَق فِيهَا الْأَلِفَات فِي مَوَاضِع الْفَتْح , وَالْيَاء فِي مَوَاضِع الْكَسْر , وَالْوَاو فِي مَوَاضِع الضَّمّ طَلَبًا لِتَتِمَّةِ الْوَزْن , وَأَنَّ ذَلِكَ لَوْ لَمْ يُفْعَل كَذَلِكَ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ شِعْرًا لِاسْتِحَالَتِهِ عَنْ وَزْنه , وَلَا شَيْء يَضْطَرّ تَالِيَ الْقُرْآن إِلَى فِعْل ذَلِكَ فِي الْقُرْآن .'; $TAFSEER['3']['33']['11'] = 'وَقَوْله : { هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ } يَقُول : عِنْدَ ذَلِكَ اخْتُبِرَ إِيمَان الْمُؤْمِنِينَ , وَمُحِّصَ الْقَوْم وَعُرِفَ الْمُؤْمِن مِنْ الْمُنَافِق . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21628 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ } قَالَ : مُحِّصُوا . وَقَوْله : { وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا } يَقُول : وَحُرِّكُوا بِالْفِتْنَةِ تَحْرِيكًا شَدِيدًا , وَابْتُلُوا وَفُتِنُوا.'; $TAFSEER['3']['33']['12'] = 'وَقَوْله : { وَإِذْ يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } : شَكّ فِي الْإِيمَان , وَضَعْف فِي اعْتِقَادهمْ إِيَّاهُ : مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله إِلَّا غُرُورًا , وَذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ قَوْل مُعَتِّب بْن قُشَيْر. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21629 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { وَإِذْ يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله إِلَّا غُرُورًا } يَقُول : مُعَتِّب بْن قُشَيْر , إِذْ قَالَ مَا قَالَ يَوْم الْخَنْدَق . 21630 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { وَإِذْ يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } قَالَ : تَكَلُّمهمْ بِالنِّفَاقِ يَوْمئِذٍ , وَتَكَلَّمَ الْمُؤْمِنُونَ بِالْحَقِّ وَالْإِيمَان , قَالُوا : هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله . 21631 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَإِذْ يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض : مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله إِلَّا غُرُورًا } قَالَ : قَالَ ذَلِكَ أُنَاس مِنَ الْمُنَافِقِينَ : قَدْ كَانَ مُحَمَّد يَعِدنَا فَتْحَ فَارِس وَالرُّوم , وَقَدْ حُصِرْنَا هَا هُنَا , حَتَّى مَا يَسْتَطِيع أَحَدنَا أَنْ يَبْرُز لِحَاجَتِهِ ; مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله إِلَّا غُرُورًا . 21632 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , قَالَ : قَالَ رَجُل يَوْم الْأَحْزَاب لِرَجُلٍ مِنْ صَحَابَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا فُلَان أَرَأَيْت إِذْ يَقُول رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا هَلَكَ قَيْصَر فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ , وَإِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيل اللَّه " . فَأَيْنَ هَذَا مِنْ هَذَا , وَأَحَدنَا لَا يَسْتَطِيع أَنْ يَخْرُجَ يَبُول مِنَ الْخَوْف ؟ { مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله إِلَّا غُرُورًا } , فَقَالَ لَهُ : كَذَبْت , لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَك , قَالَ : فَأَتَى رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَخْبَرَهُ , فَدَعَاهُ فَقَالَ : " مَا قُلْت ؟ " فَقَالَ : كَذَبَ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهَ , مَا قُلْت شَيْئًا , مَا خَرَجَ هَذَا مِنْ فَمِي قَطُّ ! قَالَ اللَّه : { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْر } 9 74 حَتَّى بَلَغَ { وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْض مِنْ وَلِيّ وَلَا نَصِير } 9 74 قَالَ : " فَهَذَا قَوْل اللَّه : { إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَة مِنْكُمْ نُعَذِّب طَائِفَة } 9 66 21633 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن خَالِد بْن عَثْمَة , قَالَ : ثنا كَثِير بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن عَوْف الْمُزَنِيّ , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : خَطَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَنْدَقَ عَامَ ذُكِرَتْ الْأَحْزَاب , مِنْ أَحْمَر الشَّيْخَيْنِ , طَرَف بَنِي حَارِثَة , حَتَّى بَلَغَ الْمَذَاد , ثُمَّ جَعَلَ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا بَيْنَ كُلّ عَشْرَة , فَاخْتَلَفَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار فِي سَلْمَان الْفَارِسِيّ , وَكَانَ رَجُلًا قَوِيًّا , فَقَالَ الْأَنْصَار : سَلْمَان مِنَّا , وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ : سَلْمَان مِنَّا , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " سَلْمَان مِنَّا أَهْل الْبَيْت " . قَالَ عَمْرو بْن عَوْف : فَكُنْت أَنَا وَسَلْمَان وَحُذَيْفَة بْن الْيَمَان وَالنُّعْمَان بْن مُقَرِّن الْمُزَنِيّ , وَسِتَّة مِنَ الْأَنْصَار , فِي أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا , فَحَفَرْنَا تَحْت دُوبَار حَتَّى بَلَغْنَا الصَّرَى , أَخْرَجَ اللَّه مِنْ بَطْن الْخَنْدَق صَخْرَة بَيْضَاءَ مَرْوَة , فَكَسَرَتْ حَدِيدَنَا , وَشَقَّتْ عَلَيْنَا , فَقُلْنَا : يَا سَلْمَان , ارْقَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَخْبِرْهُ خَبَرَ هَذِهِ الصَّخْرَة , فَإِمَّا أَنْ نَعْدِلَ عَنْهَا , فَإِنَّ الْمَعْدِل قَرِيب , وَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَنَا فِيهَا بِأَمْرِهِ , فَإِنَّا لَا نُحِبّ أَنْ نُجَاوِزَ خَطَّهُ . فَرَقِيَ سَلْمَان حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ضَارِب عَلَيْهِ قُبَّة تُرْكِيَّة , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّهَ بِأَبِينَا أَنْتَ وَأُمّنَا , خَرَجَتْ صَخْرَة بَيْضَاء مِنْ بَطْن الْخَنْدَق , مَرْوَة , فَكَسَرَتْ حَدِيدَنَا , وَشَقَّتْ عَلَيْنَا , حَتَّى مَا يَجِيء مِنْهَا قَلِيل وَلَا كَثِير , فَمُرْنَا فِيهَا بِأَمْرِك , فَإِنَّا لَا نُحِبّ أَنْ نُجَاوِزَ خَطَّك , فَهَبَطَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ سَلْمَان فِي الْخَنْدَق , وَرَقِينَا نَحْنُ التِّسْعَة عَلَى شَفَة الْخَنْدَق , فَأَخَذَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِعْوَل مِنْ سَلْمَان , فَضَرَبَ الصَّخْرَة ضَرْبَة صَدَعَهَا , وَبَرَقَتْ مِنْهَا بَرْقَةً أَضَاءَتْ مَا بَيْن لَابَتَيْهَا , يَعْنِي : لَابَتَيْ الْمَدِينَة , حَتَّى لَكَأَنَّ مِصْبَاحًا فِي جَوْف بَيْت مُظْلِم , فَكَبَّرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكْبِير فَتْح , وَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ , ثُمَّ ضَرَبَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّانِيَةَ , فَصَدَعَهَا وَبَرَقَتْ مِنْهَا بَرْقَةً أَضَاءَتْ مَا بَيْن لَابَتَيْهَا , حَتَّى لَكَأَنَّ مِصْبَاحًا فِي جَوْف بَيْت مُظْلِم , فَكَبَّرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكْبِير فَتْح , وَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ , ثُمَّ ضَرَبَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّالِثَة , فَكَسَرَهَا , وَبَرَقَتْ مِنْهَا بَرْقَةٌ أَضَاءَتْ مَا بَيْن لَابَتَيْهَا , حَتَّى لَكَأَنَّ مِصْبَاحًا فِي جَوْف بَيْت مُظْلِم , فَكَبَّرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكْبِير فَتْح , ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ سَلْمَان فَرَقِيَ , فَقَالَ سَلْمَان : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّه , لَقَدْ رَأَيْت شَيْئًا مَا رَأَيْته قَطُّ , فَالْتَفَتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْقَوْم , فَقَالَ : " هَلْ رَأَيْتُمْ مَا يَقُول سَلْمَان ؟ " قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُول اللَّه , بِأَبِينَا أَنْتَ وَأُمّنَا ! وَقَدْ رَأَيْنَاك تَضْرِب , فَيَخْرُج بَرْق كَالْمَوْجِ , فَرَأَيْنَاك تُكَبِّر فَنُكَبِّر , وَلَا نَرَى شَيْئًا غَيْر ذَلِكَ , قَالَ : " صَدَقْتُمْ ضَرَبْت ضَرْبَتِي الْأُولَى , فَبَرَقَ الَّذِي رَأَيْتُمْ , أَضَاءَ لِي مِنْهُ قُصُور الْحِيرَة وَمَدَائِن كِسْرَى , كَأَنَّهَا أَنْيَاب الْكِلَاب , فَأَخْبَرَنِي جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا , ثُمَّ ضَرَبْت ضَرْبَتِي الثَّانِيَة , فَبَرَقَ الَّذِي رَأَيْتُمْ , أَضَاءَ لِي مِنْهُ قُصُور الْحُمْر مِنْ أَرْض الرُّوم , كَأَنَّهَا أَنْيَاب الْكِلَاب , وَأَخْبَرَنِي جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا , ثُمَّ ضَرَبْت ضَرْبَتِي الثَّالِثَة , وَبَرَقَ مِنْهَا الَّذِي رَأَيْتُمْ , أَضَاءَتْ لِي مِنْهَا قُصُور صَنْعَاء , كَأَنَّهَا أَنْيَاب الْكِلَاب , وَأَخْبَرَنِي جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا , فَأَبْشِرُوا , يُبَلِّغهُمْ النَّصْر , وَأَبْشِرُوا , يُبَلِّغهُمْ النَّصْر , وَأَبْشِرُوا يُبَلِّغهُمْ النَّصْر " , فَاسْتَبْشَرَ الْمُسْلِمُونَ , وَقَالُوا : الْحَمْد لِلَّهِ مَوْعُود صِدْق , بِأَنْ وَعَدَنَا النَّصْرَ بَعْد الْحَصْر , فَطَبَّقَتْ الْأَحْزَاب , فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ { هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله } . . . الْآيَة , وَقَالَ الْمُنَافِقُونَ : أَلَا تَعْجَبُونَ . ؟ يُحَدِّثكُمْ وَيُمَنِّيكُمْ وَيَعِدكُمْ الْبَاطِلَ , يُخْبِركُمْ أَنَّهُ يُبْصِر مِنْ يَثْرِبَ قُصُور الْحِيرَة وَمَدَائِن كِسْرَى , وَأَنَّهَا تُفْتَح لَكُمْ , وَأَنْتُمْ تَحْفِرُونَ الْخَنْدَق مِنَ الْفَرَق , وَلَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَبْرُزُوا ؟ وَأَنْزَلَ الْقُرْآن : { وَإِذْ يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله إِلَّا غُرُورًا }'; $TAFSEER['3']['33']['13'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَام لَكُمْ فَارْجِعُوا } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَام لَكُمْ } وَإِذْ قَالَ بَعْضهمْ : يَا أَهْل يَثْرِبَ , وَيَثْرِب : اسْم أَرْض , فَيُقَال : إِنَّ مَدِينَةَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاحِيَة مِنْ يَثْرِب , وَقَوْله : " لَا مَقَام لَكُمْ فَارْجِعُوا " بِفَتْحِ الْمِيم مِنْ مَقَام . يَقُول : لَا مَكَانَ لَكُمْ , تَقُومُونَ فِيهِ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فَأَيِّي مَا وَأَيّك كَانَ شَرًّا فَقِيدَ إِلَى الْمَقَامَة لَا يَرَاهَا قَوْله { فَارْجِعُوا } يَقُول : فَارْجِعُوا إِلَى مَنَازِلكُمْ أَمَرَهُمْ بِالْهَرَبِ مِنْ عَسْكَر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفِرَار مِنْهُ , وَتَرْك رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ مِنْ قِيل أَوْس بْن قَيْظِيّ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى رَأْيه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21634 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِب } . . . إِلَى { فِرَارًا } يَقُول : أَوْس بْن قَيْظِيّ , وَمَنْ كَانَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ رَأْيه مِنْ قَوْمه , وَالْقِرَاءَة عَلَى فَتْح الْمِيم مِنْ قَوْله : " لَا مَقَام لَكُمْ " بِمَعْنَى : لَا مَوْضِعَ قِيَام لَكُمْ , وَهِيَ الْقِرَاءَة الَّتِي لَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِخِلَافِهَا ; لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهَا , وَذُكِرَ عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ : { لَا مُقَام لَكُمْ } بِضَمِّ الْمِيم , يَعْنِي : لَا إِقَامَة لَكُمْ . وَقَوْله : { وَيَسْتَأْذِن فَرِيق مِنْهُمْ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَسْتَأْذِن بَعْضهمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِذْن بِالِانْصِرَافِ عَنْهُ إِلَى مَنْزِله , وَلَكِنَّهُ يُرِيد الْفِرَار وَالْهَرَب مِنْ عَسْكَر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21635 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَيَسْتَأْذِن فَرِيق مِنْهُمْ النَّبِيَّ } . . . إِلَى قَوْله { إِلَّا فِرَارًا } قَالَ : هُمْ بَنُو حَارِثَة , قَالُوا : بُيُوتنَا مُخْلِيَة نَخْشَى عَلَيْهَا السُّرَّاق . 21636 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة } قَالَ : نَخْشَى عَلَيْهَا السَّرَق . 21637 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَيَسْتَأْذِن فَرِيق مِنْهُمْ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ } وَإِنَّهَا مِمَّا يَلِي الْعَدُوَّ , وَإِنَّا نَخَاف عَلَيْهَا السُّرَّاق , فَبَعَثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَا يَجِد بِهَا عَدُوًّا , قَالَ اللَّه : { إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا } يَقُول : إِنَّمَا كَانَ قَوْلهمْ ذَلِكَ { إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة } إِنَّمَا كَانَ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الْفِرَار . 21638 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن حُمْرَان , قَالَ : ثنا عَبْد السَّلَام بْن شَدَّاد أَبُو طَالُوت عَنْ أَبِيهِ فِي هَذِهِ الْآيَة { إِنَّ بُيُوتنَا عَوْرَة وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ } قَالَ : ضَائِعَة .'; $TAFSEER['3']['33']['14'] = 'وَقَوْله : { وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارهَا } يَقُول : وَلَوْ دُخِلَتْ الْمَدِينَة عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ { إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة } مِنْ أَقْطَارهَا , يَعْنِي : مِنْ جَوَانِبهَا وَنَوَاحِيهَا , وَاحِدهَا : قُطْر , وَفِيهَا لُغَة أُخْرَى : قُتْر , وَأَقْتَار ; وَمِنْهُ قَوْل الرَّاجِز : إِنْ شِئْت أَنْ تُدْهِن أَوْ تَمُرَّا فَوَلِّهِنَّ قُتْرك الْأَشَرَّا وَقَوْله : { ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ } يَقُول : ثُمَّ سُئِلُوا الرُّجُوعَ مِنَ الْإِيمَان إِلَى الشِّرْك { لَأَتَوْهَا } يَقُول : لَفَعَلُوا وَرَجَعُوا عَنِ الْإِسْلَام وَأَشْرَكُوا , وَقَوْله : { وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا } يَقُول : وَمَا احْتَبَسُوا عَنْ إِجَابَتهمْ إِلَى الشِّرْك إِلَّا يَسِيرًا قَلِيلًا , وَلَأَسْرَعُوا إِلَى ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21639 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارهَا } أَيْ لَوْ دُخِلَ عَلَيْهِمْ مِنْ نَوَاحِي الْمَدِينَة { ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ } : أَيْ الشِّرْك { لَآتَوْهَا } يَقُول : لَأَعْطَوْهَا , { وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا } يَقُول : إِلَّا أَعْطَوْهُ طَيِّبَةً بِهِ أَنْفُسهمْ مَا يَحْتَبِسُونَهُ . 21640 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارهَا } يَقُول : لَوْ دُخِلَتْ الْمَدِينَةُ عَلَيْهِمْ مِنْ نَوَاحِيهَا { ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَأَتَوْهَا } سُئِلُوا أَنْ يَكْفُرُوا لَكَفَرُوا ; قَالَ : وَهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ لَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ الْجُيُوش , وَالَّذِينَ يُرِيدُونَ قِتَالهمْ ثُمَّ سُئِلُوا أَنْ يَكْفُرُوا لَكَفَرُوا ; قَالَ : وَالْفِتْنَة : الْكُفْر , وَهِيَ الَّتِي يَقُول اللَّه { الْفِتْنَة أَشَدّ مِنَ الْقَتْل } 2 191 أَيْ الْكُفْر يَقُول : يَحْمِلهُمُ الْخَوْف مِنْهُمْ , وَخُبْث الْفِتْنَة الَّتِي هُمْ عَلَيْهَا مِنْ النِّفَاق عَلَى أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { لَأَتَوْهَا } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَبَعْض قُرَّاء مَكَّة : " لَأَتَوْهَا " بِقَصْرِ الْأَلِف , بِمَعْنَى جَاءُوهَا , وَقَرَأَهُ بَعْض الْمَكِّيِّينَ وَعَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة : { لَآتَوْهَا } بِمَدِّ الْأَلِف , بِمَعْنَى : لَأَعْطَوْهَا , لِقَوْلِهِ : ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ ; وَقَالُوا : إِذَا كَانَ سُؤَال كَانَ إِعْطَاء , وَالْمَدّ أَحَبّ الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيَّ لِمَا ذَكَرْت , وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى جَائِزَة .'; $TAFSEER['3']['33']['15'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْل لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْد اللَّه مَسْئُولًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ كَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِانْصِرَاف عَنْهُ , وَيَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة , عَاهَدُوا اللَّه مِنْ قَبْل ذَلِكَ , أَنْ لَا يُوَلُّوا عَدُوَّهُمُ الْأَدْبَارَ , لِقَوْلِهِمْ فِي مَشْهَد لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ , فَمَا أَوْفَوْا بِعَهْدِهِمْ { وَكَانَ عَهْد اللَّه مَسْئُولًا } يَقُول : فَيَسْأَل اللَّه ذَلِكَ مَنْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ مِنْ نَفْسه , وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ فِي بَنِي حَارِثَة لِمَا كَانَ مِنْ فِعْلهمْ فِي الْخَنْدَق بَعْد الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ بِأُحُدٍ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21641 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْل لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْد اللَّه مَسْئُولًا } وَهُمْ بَنُو حَارِثَة , وَهُمُ الَّذِينَ هَمُّوا أَنْ يَفْشَلُوا يَوْمَ أُحُد مَعَ بَنِي سَلَمَة حِين هَمَّا بِالْفَشَلِ يَوْمَ أُحُد , ثُمَّ عَاهَدُوا اللَّهَ لَا يَعُودُونَ لِمِثْلِهَا , فَذَكَرَ اللَّه لَهُمُ الَّذِي أَعْطَوْهُ مِنْ أَنْفُسهمْ. 21642 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْل لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْد اللَّه مَسْئُولًا } قَالَ : كَانَ نَاس غَابُوا عَنْ وَقْعَة بَدْر , وَرَأَوْا مَا أَعْطَى اللَّه أَصْحَابَ بَدْر مِنَ الْكَرَامَة وَالْفَضِيلَة , فَقَالُوا : لَئِنْ أَشْهَدَنَا اللَّه قِتَالًا لَنُقَاتِلَنَّ , فَسَاقَ اللَّه ذَلِكَ إِلَيْهِمْ حَتَّى كَانَ فِي نَاحِيَة الْمَدِينَة .'; $TAFSEER['3']['33']['16'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَار إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْت أَوِ الْقَتْل وَإذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُوك فِي الِانْصِرَاف عَنْك وَيَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة : { لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَار إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْت أَوِ الْقَتْل } يَقُول : لِأَنَّ ذَلِكَ , أَوْ مَا كَتَبَ اللَّه مِنْهُمَا وَاصِل إِلَيْكُمْ بِكُلِّ حَال , كَرِهْتُمْ أَوْ أَحْبَبْتُمْ . { وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا } يَقُول : وَإِذَا فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْت أَوْ الْقَتْل لَمْ يَزِدْ فِرَاركُمْ ذَلِكَ فِي أَعْمَاركُمْ وَآجَالكُمْ , بَلْ إِنَّمَا تُمَتَّعُونَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا إِلَى الْوَقْت الَّذِي كُتِبَ لَكُمْ , ثُمَّ يَأْتِيكُمْ مَا كُتِبَ لَكُمْ وَعَلَيْكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21643 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَار إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْت أَوِ الْقَتْل وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا } وَإِنَّمَا الدُّنْيَا كُلّهَا قَلِيل . 21644 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين , عَنْ رَبِيع بْن خَيْثَم { وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا } قَالَ : إِلَى آجَالهمْ . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين , عَنْ رَبِيع بْن خَيْثَمَ { وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا } قَالَ : مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَجَل . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى وَعَبْد الرَّحْمَن قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي رَزِين , عَنِ الرَّبِيع بْن خَيْثَمَ مِثْله , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ آجَالهمْ. 21645 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين , أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة { فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا } 9 82 قَالَ : لِيَضْحَكُوا فِي الدُّنْيَا قَلِيلًا , وَلْيَبْكُوا فِي النَّار كَثِيرًا , وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا } قَالَ : إِلَى آجَالهمْ. أَحَد هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ رَفَعَهُ إِلَى رَبِيع بْن خَيْثَمَ . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي رَزِين , عَنِ الرَّبِيع بْن خَيْثَمَ { وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا } قَالَ : الْأَجَل , وَرُفِعَ قَوْله { تُمَتَّعُونَ } وَلَمْ يُنْصَب بِإِذَنْ لِلْوَاوِ الَّتِي مَعَهَا , وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ قَبْلَهَا وَاو , كَانَ مَعْنَى " إِذًا " التَّأْخِير بَعْد الْفِعْل , كَأَنَّهُ قِيلَ : وَلَوْ فَرُّوا لَا يُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا إذًا , وَقَدْ يُنْصَب بِهَا أَحْيَانًا , وَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَاو ; لِأَنَّ الْفِعْلَ مَتْرُوك , فَكَأَنَّهَا لِأَوَّلِ الْكَلَام .'; $TAFSEER['3']['33']['17'] = 'قَوْله { قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمكُمْ مِنَ اللَّه إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَك وَيَقُولُونَ : إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة هَرَبًا مِنَ الْقَتْل : مَنْ ذَا الَّذِي يَمْنَعكُمْ مِنَ اللَّه إِنْ هُوَ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا فِي أَنْفُسكُمْ مِنْ قَتْل أَوْ بَلَاء أَوْ غَيْر ذَلِكَ , أَوْ عَافِيَة وَسَلَامَة ؟ وَهَلْ مَا يَكُون بِكُمْ فِي أَنْفُسكُمْ مِنْ سُوء أَوْ رَحْمَة إِلَّا مِنْ قِبَله ؟ كَمَا : 21646 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمكُمْ مِنَ اللَّه إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً } أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْر إِلَّا مَا قَضَيْت . وَقَوْله : { وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُون اللَّه وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا يَجِد هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ إِنْ أَرَادَ اللَّه بِهِمْ سُوءًا فِي أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ مِنْ دُون اللَّه وَلِيًّا يَلِيهِمْ بِالْكِفَايَةِ وَلَا نَصِيرًا يَنْصُرهُمْ مِنْ اللَّه فَيَدْفَع عَنْهُمْ مَا أَرَادَ اللَّه بِهِمْ مِنْ سُوء ذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['33']['18'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَدْ يَعْلَم اللَّه الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَدْ يَعْلَم اللَّه الَّذِينَ يُعَوِّقُونَ النَّاسَ مِنْكُمْ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَصُدُّونَهُمْ عَنْهُ , وَعَنْ شُهُود الْحَرْب مَعَهُ , نِفَاقًا مِنْهُمْ , وَتَخْذِيلًا عَنْ الْإِسْلَام وَأَهْله { وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا } : أَيْ تَعَالَوْا إِلَيْنَا , وَدَعُوا مُحَمَّدًا , فَلَا تَشْهَدُوا مَعَهُ مَشْهَدَهُ , فَإِنَّا نَخَاف عَلَيْكُمْ الْهَلَاك بِهَلَاكِهِ. { وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا } يَقُول : وَلَا يَشْهَدُونَ الْحَرْبَ وَالْقِتَالَ إِنْ شَهِدُوا إِلَّا تَعْذِيرًا , وَدَفْعًا عَنْ أَنْفُسهمْ الْمُؤْمِنِينَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21647 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { قَدْ يَعْلَم اللَّه الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ } قَالَ : هَؤُلَاءِ نَاس مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمْ : مَا مُحَمَّد وَأَصْحَابه إِلَّا أَكْلَة رَأْس , وَلَوْ كَانُوا لَحْمًا لَالْتَهَمَهُمْ أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه , دَعُوا هَذَا الرَّجُلَ فَإِنَّهُ هَالِك . وَقَوْله : { وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا } : أَيْ لَا يَشْهَدُونَ الْقِتَالَ , يَغِيبُونَ عَنْهُ . 21648 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن رُومَان { قَدْ يَعْلَم اللَّه الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ } : أَيْ أَهْل النِّفَاق { وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا } : أَيْ إِلَّا دَفْعًا وَتَعْذِيرًا . 21649 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { قَدْ يَعْلَم اللَّه الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ } .. . إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : هَذَا يَوْم الْأَحْزَاب , انْصَرَفَ رَجُل مِنْ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَوَجَدَ أَخَاهُ بَيْن يَدَيْهِ شِوَاء وَرَغِيف وَنَبِيذ , فَقَالَ لَهُ : أَنْتَ هَهُنَا فِي الشِّوَاء وَالرَّغِيف وَالنَّبِيذ , وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن الرِّمَاح وَالسُّيُوف ؟ فَقَالَ : هَلُمَّ إِلَى هَذَا , فَقَدْ بَلَغَ بِك وَبِصَاحِبِك , وَالَّذِي يُحْلَف بِهِ لَا يَسْتَقْبِلهَا مُحَمَّد أَبَدًا , فَقَالَ : كَذَبْت وَالَّذِي يُحْلَف بِهِ ; قَالَ , وَكَانَ أَخَاهُ مِنْ أَبِيهِ وَأُمّه : أَمَا وَاللَّه لَأُخْبِرَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَك ; قَالَ : وَذَهَبَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَهُ ; قَالَ : فَوَجَدَهُ قَدْ نَزَلَ جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِخَبَرِهِ { قَدْ يَعْلَم اللَّه الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْس إِلَّا قَلِيلًا } .'; $TAFSEER['3']['33']['19'] = 'وَقَوْله { أَشِحَّة عَلَيْكُمْ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفَ اللَّه بِهِ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ , فِي هَذَا الْمَوْضِع مِنْ الشُّحّ , فَقَالَ بَعْضهمْ : وَصَفَهُمْ بِالشُّحِّ عَلَيْهِمْ فِي الْغَنِيمَة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21650 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَشِحَّة عَلَيْكُمْ } فِي الْغَنِيمَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ وَصَفَهُمْ بِالشُّحِّ عَلَيْهِمْ بِالْخَيْرِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21651 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثني عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { أَشِحَّة عَلَيْكُمْ } قَالَ : بِالْخَيْرِ , الْمُنَافِقُونَ , وَقَالَ غَيْره : مَعْنَاهُ : أَشِحَّة عَلَيْكُمْ بِالنَّفَقَةِ عَلَى ضُعَفَاء الْمُؤْمِنِينَ مِنْكُمْ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّهَ وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ بِالْجُبْنِ وَالشُّحّ , وَلَمْ يُخَصِّص وَصْفَهُمْ مِنْ مَعَانِي الشُّحّ , بِمَعْنًى دُون مَعْنًى , فَهُمْ كَمَا وَصَفَهُمْ اللَّه بِهِ أَشِحَّة عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِالْغَنِيمَةِ وَالْخَيْر وَالنَّفَقَة فِي سَبِيل اللَّه , عَلَى أَهْل مَسْكَنَة الْمُسْلِمِينَ. وَنُصِبَ قَوْله { أَشِحَّة عَلَيْكُمْ } عَلَى الْحَال مِنْ ذِكْر الِاسْم الَّذِي فِي قَوْله { وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ } , كَأَنَّهُ قِيلَ : هُمْ جُبَنَاء عِنْدَ الْبَأْس , أَشِحَّاء عِنْدَ قَسْم الْغَنِيمَة بِالْغَنِيمَةِ , وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ قَطْعًا مِنْ قَوْله : { قَدْ يَعْلَم اللَّه الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ } فَيَكُون تَأْوِيله : قَدْ يَعْلَم اللَّه الَّذِينَ يُعَوِّقُونَ النَّاسَ عَلَى الْقِتَال , وَيَشِحُّونَ عِنْدَ الْفَتْح بِالْغَنِيمَةِ . وَيَجُوز أَنْ يَكُونَ أَيْضًا قَطْعًا مِنْ قَوْله : { هَلُمَّ إِلَيْنَا } أَشِحَّة , وَهُمْ هَكَذَا أَشِحَّة , وَوَصَفَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمَا وَصَفَهُمْ مِنْ الشُّحّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ , لِمَا فِي أَنْفُسهمْ لَهُمْ مِنْ الْعَدَاوَة وَالضِّغْن . كَمَا : 21652 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { أَشِحَّة عَلَيْكُمْ } أَيْ لِلضِّغْنِ الَّذِي فِي أَنْفُسهمْ . وَقَوْله : { فَإِذَا جَاءَ الْخَوْف } . .. إِلَى قَوْله { مِنَ الْمَوْت } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِذَا حَضَرَ الْبَأْس , وَجَاءَ الْقِتَال , خَافُوا الْهَلَاكَ وَالْقَتْلَ , رَأَيْتهمْ يَا مُحَمَّد يَنْظُرُونَ إِلَيْك لِوَاذًا بِك , تَدُور أَعْيُنهمْ , خَوْفًا مِنْ الْقَتْل , وَفِرَارًا مِنْهُ . { كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْت } يَقُول : كَدَوَرَانِ عَيْن الَّذِي يَغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْت النَّازِل بِهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21653 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَإِذَا جَاءَ الْخَوْف رَأَيْتهمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْك تَدُور أَعْيُنهمْ } مِنَ الْخَوْف . 21654 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { فَإِذَا جَاءَ الْخَوْف رَأَيْتهمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْك تَدُور أَعْيُنهمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْت } : أَيْ إِعْظَامًا وَفَرْقًا مِنْهُ . { فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْف } يَقُول : فَإِذَا انْقَطَعَتْ الْحَرْب وَاطْمَأَنُّوا { سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد } . وَأَمَّا قَوْله { سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد } , فَإِنَّهُ يَقُول : عَضُّوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ ذَرِبَة , وَيُقَال لِلرَّجُلِ الْخَطِيب الذَّرِب اللِّسَان : خَطِيب مُسْلِق وَمُصْلِق , وَخَطِيب سَلَّاق وَصَلَّاق . وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفَ تَعَالَى ذِكْره هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ يَسْلُقُونَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ سَلْقهمْ إِيَّاهُمْ عِنْدَ الْغَنِيمَة , بِمَسْأَلَتِهِمْ الْقَسْم لَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21655 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْف سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد } أَمَّا عِنْد الْغَنِيمَة , فَأَشَحّ قَوْم , وَأَسْوَأ مُقَاسَمَة : أَعْطُونَا أَعْطُونَا , فَإِنَّا قَدْ شَهِدْنَا مَعَكُمْ , وَأَمَّا عِنْدَ الْبَأْس فَأَجْبَن قَوْم , وَأَخْذَله لِلْحَقِّ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ سَلْقهمْ إِيَّاهُمْ بِالْأَذَى . ذُكِرَ ذَلِكَ عَنِ ابْن عَبَّاس : 21656 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد } قَالَ : اسْتَقْبَلُوكُمْ . 21657 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد { سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد } قَالَ : كَلَّمُوكُمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّهُمْ يَسْلُقُونَهُمْ مِنَ الْقَوْل بِمَا تُحِبُّونَ , نِفَاقًا مِنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21658 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْف سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد } فِي الْقَوْل بِمَا تُحِبُّونَ , لِأَنَّهُمْ لَا يَرْجُونَ آخِرَة , وَلَا تَحْمِلهُمْ حِسْبَة , فَهُمْ يَهَابُونَ الْمَوْتَ هَيْبَةَ مَنْ لَا يَرْجُو مَا بَعْدَهُ . وَأَشْبَه هَذِهِ الْأَقْوَال بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل قَوْل مَنْ قَالَ { سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد أَشِحَّة عَلَى الْخَيْر } فَأَخْبَرَ أَنَّ سَلْقهمْ الْمُسْلِمِينَ شُحًّا مِنْهُمْ عَلَى الْغَنِيمَة وَالْخَيْر , فَمَعْلُوم إِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , أَنَّ ذَلِكَ لِطَلَبِ الْغَنِيمَة . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ لِطَلَبِ الْغَنِيمَة , دَخَلَ فِي ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : سَلَقُوكُمْ بِالْأَذَى ; لِأَنَّ فِعْلَهُمْ ذَلِكَ كَذَلِكَ , لَا شَكَّ أَنَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَذًى , وَقَوْله : { أَشِحَّة عَلَى الْخَيْر } يَقُول : أَشِحَّة عَلَى الْغَنِيمَة , إِذَا ظَفِرَ الْمُؤْمِنُونَ . وَقَوْله : { لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّه أَعْمَالَهُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْت لَك صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَات , لَمْ يُصَدِّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ , وَلَكِنَّهُمْ أَهْل كُفْر وَنِفَاق. { فَأَحْبَطَ اللَّه أَعْمَالَهُمْ } يَقُول : فَأَذْهَبَ اللَّه أُجُور أَعْمَالهمْ وَأَبْطَلَهَا , وَذُكِرَ أَنَّ الَّذِي وُصِفَ بِهَذِهِ الصِّفَة كَانَ بَدْرِيًّا , فَأَحْبَطَ اللَّه عَمَلَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21659 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِيرًا } قَالَ : فَحَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ بَدْرِيًّا , وَأَنَّ قَوْله : { أَحْبَطَ اللَّه أَعْمَالَهُمْ } : أَحْبَطَ اللَّه عَمَلَهُ يَوْمَ بَدْر . وَقَوْله : { وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ إِحْبَاط عَمَلهمْ الَّذِي كَانُوا عَمِلُوا قَبْل ارْتِدَادهمْ وَنِفَاقهمْ عَلَى اللَّه يَسِيرًا .'; $TAFSEER['3']['33']['20'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَحْسِب هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ الْأَحْزَابَ , وَهُمْ قُرَيْش وَغَطَفَان . كَمَا : 21660 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { يَحْسِبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا } قُرَيْش وَغَطَفَان . وَقَوْله : { لَمْ يَذْهَبُوا } يَقُول : لَمْ يَنْصَرِفُوا , وَإِنْ كَانُوا قَدْ انْصَرَفُوا جُبْنًا وَهَلَعًا مِنْهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21661 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا } قَالَ : يَحْسَبُونَهُمْ قَرِيبًا. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ قَدْ ذَهَبُوا , فَإِذَا وَجَدُوهُمْ لَمْ يَذْهَبُوا وَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَاب " . وَقَوْله : { وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَاب يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَاب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنْ يَأْتِ الْمُؤْمِنِينَ الْأَحْزَابُ وَهُمْ الْجَمَاعَة : وَاحِدهمْ حِزْب { يَوَدُّوا } يَقُول : يَتَمَنَّوْا مِنَ الْخَوْف وَالْجُبْن أَنَّهُمْ غُيَّب عَنْكُمْ فِي الْبَادِيَة مَعَ الْأَعْرَاب خَوْفًا مِنَ الْقَتْل , وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ : { لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَاب } تَقُول : قَدْ بَدَا فُلَان إِذَا صَارَ فِي الْبَدْو فَهُوَ يَبْدُو , وَهُوَ بَادٍ ; وَأَمَّا الْأَعْرَاب : فَإِنَّهُمْ جَمْع أَعْرَابِيّ , وَوَاحِد الْعَرَب عَرَبِيّ , وَإِنَّمَا قِيلَ أَعْرَابِيّ لِأَهْلِ الْبَدْو , فَرْقًا بَيْنَ أَهْل الْبَوَادِي وَالْأَمْصَار , فَجَعَلَ الْأَعْرَاب لِأَهْلِ الْبَادِيَة , وَالْعَرَب لِأَهْلِ الْمِصْر . وَقَوْله : { يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ } يَقُول : يَسْتَخْبِر هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ النَّاسَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ , يَعْنِي عَنْ أَخْبَاركُمْ بِالْبَادِيَةِ , هَلْ هَلَكَ مُحَمَّد وَأَصْحَابه ؟ نَقُول : يَتَمَنَّوْنَ أَنْ يَسْمَعُوا أَخْبَارَكُمْ بِهَلَاكِكُمْ , أَنْ لَا يَشْهَدُوا مَعَكُمْ مَشَاهِدكُمْ . { وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ : وَلَوْ كَانُوا أَيْضًا فِيكُمْ مَا نَفَعُوكُمْ , وَمَا قَاتَلُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَّا قَلِيلًا . يَقُول : إِلَّا تَعْذِيرًا ; لِأَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَهُمْ حِسْبَة وَلَا رَجَاء ثَوَاب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21662 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ } قَالَ : أَخْبَاركُمْ , وَقَرَأَتْ قُرَّاء الْأَمْصَار جَمِيعًا سِوَى عَاصِم الْجَحْدَرِيّ : { يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ } بِمَعْنَى : يَسْأَلُونَ مَنْ قَدَمَ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّاس عَنْ أَنْبَاء عَسْكَركُمْ وَأَخْبَاركُمْ , وَذُكِرَ عَنْ عَاصِم الْجَحْدَرِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ : " يَسَّاءَلُونَ " بِتَشْدِيدِ السِّين , بِمَعْنَى : يَتَسَاءَلُونَ : أَيْ يَسْأَل بَعْضهمْ بَعْضًا عَنْ ذَلِكَ. وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار ; لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهِ.'; $TAFSEER['3']['33']['21'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّه أُسْوَة حَسَنَة لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِر وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { أُسْوَة } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : " إِسْوَةٌ " بِكَسْرِ الْأَلِف , خَلَا عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود , فَإِنَّهُ قَرَأَهُ بِالضَّمِّ : { أُسْوَة } , وَكَانَ يَحْيَى بْن وَثَّاب يَقْرَأ هَذِهِ بِالْكَسْرِ , وَيَقْرَأ قَوْله { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَة } بِالضَّمِّ , وَهُمَا لُغَتَانِ , وَذُكِرَ أَنَّ الْكَسْر فِي أَهْل الْحِجَاز , وَالضَّمّ فِي قَيْس . يَقُولُونَ : أُسْوَة , وَأُخْوَة . وَهَذَا عِتَاب مِنَ اللَّه لِلْمُتَخَلِّفِينَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَسْكَره بِالْمَدِينَةِ , مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ . يَقُول لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّه أُسْوَة حَسَنَة , أَنْ تَتَأَسَّوْا بِهِ , وَتَكُونُوا مَعَهُ حَيْثُ كَانَ , وَلَا تَتَخَلَّفُوا عَنْهُ . { لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ } يَقُول : فَإِنَّ مَنْ يَرْجُو ثَوَابَ اللَّه وَرَحْمَتَهُ فِي الْآخِرَة لَا يَرْغَب بِنَفْسِهِ , وَلَكِنَّهُ تَكُون لَهُ بِهِ أُسْوَة فِي أَنْ يَكُون مَعَهُ حَيْثُ يَكُون هُوَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21663 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان , قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ , فَقَالَ { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّه أُسْوَة حَسَنَة لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِر } أَنْ لَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسه , وَلَا عَنْ مَكَان هُوَ بِهِ . { وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } يَقُول : وَأَكْثَرَ ذِكْرَ اللَّه فِي الْخَوْف وَالشِّدَّة وَالرَّخَاء .'; $TAFSEER['3']['33']['22'] = 'وَقَوْله : { وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَاب } يَقُول : وَلَمَّا عَايَنَ الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُوله جَمَاعَات الْكُفَّار قَالُوا تَسْلِيمًا مِنْهُمْ لِأَمْرِ اللَّه , وَإِيقَانًا مِنْهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ إِنْجَاز وَعْده لَهُمْ , الَّذِي وَعَدَهُمْ بِقَوْلِهِ { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلكُمْ } 2 214 إِلَى قَوْله { قَرِيب } هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله , وَصَدَقَ اللَّه وَرَسُوله , فَأَحْسَنَ اللَّه عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ مِنْ يَقِينهمْ , وَتَسْلِيمهمْ لِأَمْرِهِ الثَّنَاء , فَقَالَ : وَمَا زَادَهُمْ اجْتِمَاع الْأَحْزَاب عَلَيْهِمْ إِلَّا إِيمَانًا بِاللَّهِ وَتَسْلِيمًا لِقَضَائِهِ وَأَمْره , وَرَزَقَهُمْ بِهِ النَّصْر وَالظَّفَر عَلَى الْأَعْدَاء , وَبِالَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21664 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ } . . . الْآيَة قَالَ : ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لَهُمْ فِي سُورَة الْبَقَرَة { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ } 2 214 ... إِلَى قَوْله { إِنَّ نَصْر اللَّه قَرِيب } قَالَ : فَلَمَّا مَسَّهُمُ الْبَلَاء حَيْثُ رَابَطُوا الْأَحْزَاب فِي الْخَنْدَق , تَأَوَّلَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ , وَلَمْ يَزِدْهُمْ ذَلِكَ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا . 21665 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان , قَالَ : ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤْمِنِينَ وَصِدْقهمْ وَتَصْدِيقهمْ بِمَا وَعَدَهُمْ اللَّه مِنَ الْبَلَاء يَخْتَبِرهُمْ بِهِ { قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله وَصَدَقَ اللَّه وَرَسُوله وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا } : أَيْ صَبْرًا عَلَى الْبَلَاء , وَتَسْلِيمًا لِلْقَضَاءِ , وَتَصْدِيقًا بِتَحْقِيقِ مَا كَانَ اللَّه وَعَدَهُمْ وَرَسُوله . 21666 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله وَصَدَقَ اللَّه وَرَسُوله } وَكَانَ اللَّه قَدْ وَعَدَهُمْ فِي سُورَة الْبَقَرَة فَقَالَ : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَل الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُول وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ } خَيْرهمْ وَأَصْبَرهمْ وَأَعْلَمهُمْ بِاللَّهِ { مَتَى نَصْر اللَّه أَلَا إِنَّ نَصْر اللَّه قَرِيب } هَذَا وَاللَّه الْبَلَاء وَالنَّقْص الشَّدِيد , وَإِنَّ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَوْا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ الشِّدَّة وَالْبَلَاء { قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله وَصَدَقَ اللَّه وَرَسُوله وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا } وَتَصْدِيقًا بِمَا وَعَدَهُمْ اللَّه , وَتَسْلِيمًا لِقَضَاءِ اللَّه.'; $TAFSEER['3']['33']['23'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } بِاللَّهِ وَرَسُوله { رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّه عَلَيْهِ } يَقُول : أَوْفَوْا بِمَا عَاهَدُوهُ عَلَيْهِ مِنْ الصَّبْر عَلَى الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء , وَحِين الْبَأْس { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } يَقُول : فَمِنْهُمْ مَنْ فَرَغَ مِنَ الْعَمَل الَّذِي كَانَ نَذَرَهُ اللَّه وَأَوْجَبَهُ لَهُ عَلَى نَفْسه , فَاسْتُشْهِدَ بَعْض يَوْم بَدْر , وَبَعْض يَوْم أُحُد , وَبَعْض فِي غَيْر ذَلِكَ مِنَ الْمَوَاطِن { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } قَضَاءَهُ وَالْفَرَاغ مِنْهُ , كَمَا قَضَى مَنْ مَضَى مِنْهُمْ عَلَى الْوَفَاء لِلَّهِ بِعَهْدِهِ , وَالنَّصْر مِنَ اللَّه , وَالظَّفَر عَلَى عَدُوّه , وَالنَّحْب : النَّذْر فِي كَلَام الْعَرَب , وَلِلنَّحْبِ أَيْضًا فِي كَلَامهمْ وُجُوه غَيْر ذَلِكَ , مِنْهَا الْمَوْت , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : قَضَى نَحْبه فِي مُلْتَقَى الْقَوْم هَوْبَر يَعْنِي : مَنِيَّته وَنَفْسه ; وَمِنْهَا الْخَطَر الْعَظِيم , كَمَا قَالَ جَرِير : بِطَخْفَةَ جَالَدْنَا الْمُلُوك وَخَلَّيْنَا عَشِيَّةَ بِسِطَامٍ جَرَيْنَ عَلَى نَحْب أَيْ عَلَى خَطَر عَظِيم ; وَمِنْهَا النَّحِيب , يُقَال : نَحَبَ فِي سَيْره يَوْمه أَجْمَعَ : إِذَا مَدّ فَلَمْ يَنْزِل يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ ; وَمِنْهَا التَّنْحِيب , وَهُوَ الْخِطَار , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَإِذْ نَحَّبَتْ كَلْب عَلَى النَّاس أَيّهمْ أَحَقّ بِتَاجِ الْمَاجِد الْمُتَكَوِّم ؟ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21667 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ } : أَيْ وَفُّوا اللَّهَ بِمَا عَاهَدُوهُ عَلَيْهِ { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } أَيْ فَرَغَ مِنْ عَمَله , وَرَجَعَ إِلَى رَبّه , كَمَنْ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ بَدْر وَيَوْم أُحُد { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } مَا وَعَدَ اللَّه مِنْ نَصْره وَالشَّهَادَة عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ أَصْحَابه . 21668 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } قَالَ : عَهْدَهُ فَقُتِلَ أَوْ عَاشَ { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } يَوْمًا فِيهِ جِهَاد , فَيَقْضِي نَحْبه عَهْده , فَيُقْتَل أَوْ يَصْدُق فِي لِقَائِهِ . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَةَ , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } قَالَ : عَهْدَهُ { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } قَالَ : يَوْمًا فِيهِ قِتَال , فَيَصْدُق فِي اللِّقَاء . * قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُجَاهِد { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } قَالَ : مَاتَ عَلَى الْعَهْد . 21669 -قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن فُلَان - قَدْ سَمَّاهُ ذَهَبَ عَنِّي اسْمه -عَنْ أَبِيهِ { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } قَالَ : نَذْرَهُ . 21670 -حَدَّثَنَا ابْن إِدْرِيس , عَنْ طَلْحَة بْن يَحْيَى , عَنْ عَمّه عِيسَى بْن طَلْحَة : أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَسَأَلَهُ : مَنْ الَّذِينَ قَضَوْا نَحْبهمْ ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ , ثُمَّ سَأَلَهُ , فَأَعْرَضَ عَنْهُ , وَدَخَلَ طَلْحَة مِنْ بَاب الْمَسْجِد وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ , فَقَالَ : " هَذَا مِنَ الَّذِينَ قَضَوْا نَحْبهمْ " . 21671 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا هَوْذَة , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنِ الْحَسَن , قَوْله { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } قَالَ : مَوْته عَلَى الصِّدْق وَالْوَفَاء . { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } الْمَوْت عَلَى مِثْل ذَلِكَ , وَمِنْهُمْ مَنْ بَدَّلَ تَبْدِيلًا . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ سَعِيد بْن مَسْرُوق , عَنْ مُجَاهِد { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } قَالَ : النَّحْب : الْعَهْد . 21672 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّه عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } عَلَى الصِّدْق وَالْوَفَاء { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } مِنْ نَفْسه الصِّدْق وَالْوَفَاء . 21673 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } قَالَ : مَاتَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ التَّصْدِيق وَالْإِيمَان { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } ذَلِكَ . 21674 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي بُكَيْر , قَالَ شَرِيك بْن عَبْد اللَّه , أُخْبِرْنَاهُ عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } قَالَ : الْمَوْت عَلَى مَا عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } الْمَوْت عَلَى مَا عَاهَدَ اللَّه عَلَيْهِ . وَقِيلَ : إِنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي قَوْم لَمْ يَشْهَدُوا بَدْرًا , فَعَاهَدُوا اللَّهَ أَنْ يَفُوا قِتَالًا لِلْمُشْرِكِينَ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْفَى فَقَضَى نَحْبه , وَمِنْهُمْ مَنْ بَدَّلَ , وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْفَى وَلَمْ يَقْضِ نَحْبه , وَكَانَ مُنْتَظِرًا , عَلَى مَا وَصَفَهُمْ اللَّه بِهِ مِنْ صِفَاتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21675 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ ثَابِت , عَنْ أَنَس , أَنَّ أَنَسَ بْن النَّضْر تَغَيَّبَ عَنْ قِتَال بَدْر , فَقَالَ : تَغَيَّبْت عَنْ أَوَّل مَشْهَد شَهِدَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَئِنْ رَأَيْت قِتَالًا لَيَرَيَنَّ اللَّه مَا أَصْنَع ; فَلَمَّا كَانَ يَوْم أُحُد , وَهُزِمَ النَّاس , لَقِيَ سَعْد بْن مُعَاذ فَقَالَ : وَاللَّه إِنِّي لَأَجِد رِيح الْجَنَّة , فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ , فَنَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَة : { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر } . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن بُكَيْر , قَالَ : ثنا حُمَيْد , قَالَ : زَعَمَ أَنَس بْن مَالِك قَالَ : غَابَ أَنَس بْن النَّضْر , عَنْ قِتَال يَوْم بَدْر , فَقَالَ : غِبْت عَنْ قِتَال رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُشْرِكِينَ , لَئِنْ أَشْهَدَنِي اللَّه قِتَالًا , لَيَرَيَنَّ اللَّه مَا أَصْنَع ; فَلَمَّا كَانَ يَوْم أُحُد , انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ , فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ , وَأَعْتَذِر إِلَيْك مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ , يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ , فَمَشَى بِسَيْفِهِ , فَلَقِيَهُ سَعْد بْن مُعَاذ , فَقَالَ : أَيْ سَعْد إِنِّي لَأَجِد رِيحَ الْجَنَّة دُونَ أُحُد , فَقَالَ سَعْد : يَا رَسُول اللَّه فَمَا اسْتَطَعْت أَنْ أَصْنَع مَا صَنَعَ . قَالَ أَنَس بْن مَالِك : فَوَجَدْنَاهُ بَيْن الْقَتْلَى , بِهِ بِضْع ثَمَانُونَ جِرَاحَة , بَيْن ضَرْبَة بِسَيْفٍ , وَطَعْنَة بِرُمْحٍ , وَرَمْيَة بِسَهْمٍ , فَمَا عَرَفْنَاهُ حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْته بِبَنَانِهِ . قَالَ أَنَس : فَكُنَّا نَتَحَدَّث أَنَّ هَذِهِ الْآيَة { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّه عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه } نَزَلَتْ فِيهِ , وَفِي أَصْحَابه. * حَدَّثَنَا سِوَار بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت حُمَيْدًا يُحَدِّث , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , أَنَّ أَنَس بْن النَّضْر , غَابَ عَنْ قِتَال بَدْر , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . 21676 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , قَالَ : ثنا طَلْحَة بْن يَحْيَى , عَنْ مُوسَى وَعِيسَى بْن طَلْحَة عَنْ طَلْحَة أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : وَكَانُوا لَا يَجْرُءُونَ عَلَى مَسْأَلَته , فَقَالُوا لِلْأَعْرَابِيِّ : سَلْهُ { مَنْ قَضَى نَحْبه } مَنْ هُوَ ؟ فَسَأَلَهُ , فَأَعْرَضَ عَنْهُ , ثُمَّ سَأَلَهُ , فَأَعْرَضَ عَنْهُ , ثُمَّ دَخَلْت مِنْ بَاب الْمَسْجِد وَعَلَيَّ ثِيَاب خُضْر ; فَلَمَّا رَآنِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَيْنَ السَّائِلِي عَمَّنْ قَضَى نَحْبه ؟ " قَالَ الْأَعْرَابِيّ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّه , قَالَ : " هَذَا مِمَّنْ قَضَى نَحْبه " . 21677 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبْد الْحَمِيد الْحِمَّانِيّ , عَنْ إِسْحَاق بْن يَحْيَى الطَّلْحِيّ , عَنْ مُوسَى بْن طَلْحَة , قَالَ : قَامَ مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان , فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " طَلْحَة مِمَّنْ قَضَى نَحْبه " . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن تَمَّام الْكَلْبِيّ , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن أَيُّوب , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ إِسْحَاق , عَنْ يَحْيَى بْن طَلْحَة , عَنْ عَمّه مُوسَى بْن طَلْحَة , عَنْ أَبِيهِ طَلْحَة , قَالَ : لَمَّا قَدِمْنَا مِنْ أُحُد وَصِرْنَا بِالْمَدِينَةِ , صَعِدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَر , فَخَطَبَ النَّاس وَعَزَّاهُمْ , وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا لَهُمْ فِيهِ مِنَ الْأَجْر , ثُمَّ قَرَأَ : { رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ } . . . الْآيَة , قَالَ : فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُل فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ فَالْتَفَتَ وَعَلَيَّ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ , فَقَالَ : " أَيّهَا السَّائِل هَذَا مِنْهُمْ ". وَقَوْله : { وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } : وَمَا غَيَّرُوا الْعَهْدَ الَّذِي عَاقَدُوا رَبَّهُمْ تَغْيِيرًا , كَمَا غَيَّرَهُ الْمُعَوِّقُونَ الْقَائِلُونَ لِإِخْوَانِهِمْ : هَلُمَّ إِلَيْنَا , وَالْقَائِلُونَ : إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21678 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } يَقُول : مَا شَكُّوا وَمَا تَرَدَّدُوا فِي دِينهمْ , وَلَا اسْتَبْدَلُوا بِهِ غَيْرَهُ . 21679 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } : لَمْ يُغَيِّرُوا دِينَهُمْ كَمَا غَيَّرَ الْمُنَافِقُونَ .'; $TAFSEER['3']['33']['24'] = 'وَقَوْله : { لِيَجْزِيَ اللَّه الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّه عَلَيْهِ - لِيَجْزِيَ اللَّه الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ } : يَقُول : لِيُثِيبَ اللَّه أَهْل الصِّدْق بِصِدْقِهِمْ اللَّه بِمَا عَاهَدُوهُ عَلَيْهِ , وَوَفَائِهِمْ لَهُ بِهِ { وَيُعَذِّب الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ } بِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَنِفَاقهمْ { أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } مِنْ نِفَاقهمْ , فَيَهْدِيهِمْ لِلْإِيمَانِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21680 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَيُعَذِّب الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } يَقُول : إِنْ شَاءَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ النِّفَاق إِلَى الْإِيمَان. إِنْ قَالَ قَائِل : مَا وَجْه الشَّرْط فِي قَوْله { وَيُعَذِّب الْمُنَافِقِينَ } بِقَوْلِهِ : { إِنْ شَاءَ } وَالْمُنَافِق كَافِر وَهَلْ يَجُوز أَنْ لَا يَشَاءَ تَعْذِيبَ الْمُنَافِقَ , فَيُقَال وَيُعَذِّبهُ إِنْ شَاءَ ؟ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى غَيْر الْوَجْه الَّذِي تَوَهَّمْته . وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ : وَيُعَذِّب الْمُنَافِقِينَ بِأَنْ لَا يُوَفِّقَهُمْ لِلتَّوْبَةِ مِنْ نِفَاقهمْ حَتَّى يَمُوتُوا عَلَى كُفْرهمْ إِنْ شَاءَ , فَيَسْتَوْجِبُوا بِذَلِكَ الْعَذَاب , فَالِاسْتِثْنَاء إِنَّمَا هُوَ مِنْ التَّوْفِيق لَا مِنَ الْعَذَاب إِنْ مَاتُوا عَلَى نِفَاقهمْ . وَقَدْ بَيَّنَ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَوْله : { أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } فَمَعْنَى الْكَلَام إِذَنْ : وَيُعَذِّب الْمُنَافِقِينَ إِذْ لَمْ يَهْدِهِمْ لِلتَّوْبَةِ , فَيُوَفِّقهُمْ لَهَا , أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ فَلَا يُعَذِّبهُمْ . وَقَوْله : { إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا } يَقُول : إِنَّ اللَّهَ كَانَ ذَا سِتْر عَلَى ذُنُوب التَّائِبِينَ , رَحِيمًا بِالتَّائِبِينَ أَنْ يُعَاقِبَهُمْ بَعْدَ التَّوْبَة .'; $TAFSEER['3']['33']['25'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَرَدَّ اللَّه الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَرَدَّ اللَّه الَّذِينَ كَفَرُوا } بِهِ وَبِرَسُولِهِ مِنْ قُرَيْش وَغَطَفَان { بِغَيْظِهِمْ } يَقُول : بِكَرْبِهِمْ وَغَمّهمْ , بِفَوْتِهِمْ مَا أَمَلُوا مِنْ الظَّفَر , وَخَيْبَتهمْ مِمَّا كَانُوا طَمِعُوا فِيهِ مِنَ الْغَلَبَة { لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا } يَقُول : لَمْ يُصِيبُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَالًا وَلَا إِسَارًا { وَكَفَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ } بِجُنُودٍ مِنَ الْمَلَائِكَة وَالرِّيح الَّتِي بَعَثَهَا عَلَيْهِمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21681 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَرَدَّ اللَّه الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا } الْأَحْزَاب . 21682 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَرَدَّ اللَّه الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا } وَذَلِكَ يَوْم أَبِي سُفْيَان وَالْأَحْزَاب , رَدَّ اللَّه أَبَا سُفْيَان وَأَصْحَابه بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا { وَكَفَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ } بِالْجُنُودِ مِنْ عِنْده , وَالرِّيح الَّتِي بَعَثَ عَلَيْهِمْ . 21683 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { وَرَدَّ اللَّه الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا } : أَيْ قُرَيْش وَغَطَفَان . 21684 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الصُّدَائِيّ , قَالَ : ثنا شَبَابَة , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي ذِئْب , عَنْ سَعِيد بْن أَبِي سَعِيد الْمَقْبُرِيّ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَق عَنِ الصَّلَاة , فَلَمْ نُصَلِّ الظُّهْرَ , وَلَا الْعَصْرَ , وَلَا الْمَغْرِبَ , وَلَا الْعِشَاءَ , حَتَّى كَانَ بَعْد الْعِشَاء بِهَوِيٍّ كُفِينَا , وَأَنْزَلَ اللَّه : { وَكَفَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّه قَوِيًّا عَزِيزًا } فَأَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا , فَأَقَامَ الصَّلَاةَ , وَصَلَّى الظُّهْرَ , فَأَحْسَنَ صَلَاتَهَا , كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتهَا , ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ كَذَلِكَ , ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ كَذَلِكَ , ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ كَذَلِكَ , جَعَلَ لِكُلِّ صَلَاة إِقَامَة , وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ صَلَاة الْخَوْف { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } 2 239 * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي فُدَيْك , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي ذِئْب , عَنِ الْمَقْبُرِيّ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي سَعِيد , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ : حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَق , فَذَكَرَ نَحْوَهُ . وَقَوْله : { وَكَانَ اللَّه قَوِيًّا عَزِيزًا } يَقُول : وَكَانَ اللَّه قَوِيًّا عَلَى فِعْل مَا يَشَاء فِعْله بِخَلْقِهِ , فَيَنْصُر مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ عَلَى مَنْ شَاءَ أَنْ يَخْذُلَهُ , لَا يَغْلِبهُ غَالِب ; { عَزِيزًا } يَقُول : هُوَ شَدِيد انْتِقَامه مِمَّنْ انْتَقَمَ مِنْهُ مِنْ أَعْدَائِهِ . كَمَا : 21685 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَكَانَ اللَّه قَوِيًّا عَزِيزًا } : قَوِيًّا فِي أَمْره , عَزِيزًا فِي نِقْمَته .'; $TAFSEER['3']['33']['26'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب مِنْ صَيَاصِيهمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبهمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَنْزَلَ اللَّه الَّذِينَ أَعَانُوا الْأَحْزَابَ مِنْ قُرَيْش وَغَطَفَان عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه , وَذَلِكَ هُوَ مُظَاهَرَتهمْ إِيَّاهُ , وَعَنَى بِذَلِكَ بَنِي قُرَيْظَةَ , وَهُمُ الَّذِينَ ظَاهَرُوا الْأَحْزَاب عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَوْله { مِنْ أَهْل الْكِتَاب } يَعْنِي : مِنْ أَهْل التَّوْرَاة , وَكَانُوا يَهُود : وَقَوْله : { مِنْ صَيَاصِيهمْ } يَعْنِي : مِنْ حُصُونهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21686 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب } قَالَ قُرَيْظَة , يَقُول : أَنْزَلَهُمْ مِنْ صَيَاصِيهمْ . 21687 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب } وَهُمْ بَنُو قُرَيْظَةَ , ظَاهَرُوا أَبَا سُفْيَان وَرَاسَلُوهُ , فَنَكَثُوا الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ نَبِيّ اللَّه . قَالَ : فَبَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْت جَحْش يَغْسِل رَأْسَهُ , وَقَدْ غَسَلَتْ شِقّه , إِذْ أَتَاهُ جَبْرَائِيل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : عَفَا اللَّه عَنْك , مَا وَضَعَتْ الْمَلَائِكَة سِلَاحَهَا مُنْذُ أَرْبَعِينَ لَيْلَة , فَانْهَضْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَة , فَإِنِّي قَدْ قَطَعْت أَوْتَارهمْ , وَفَتَحْت أَبْوَابَهُمْ , وَتَرَكْتهمْ فِي زِلْزَال وَبِلْبَال ; قَالَ : فَاسْتَلْأَمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ سَلَكَ سِكَّة بَنِي غَنْم , فَاتَّبَعَهُ النَّاس وَقَدْ عَصَبَ حَاجِبَهُ بِالتُّرَابِ ; قَالَ : فَأَتَاهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَاصَرُوهُمْ وَنَادَاهُمْ : يَا إِخْوَان الْقِرَدَةِ , فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِم مَا كُنْت فَحَّاشًا , فَنَزَلُوا عَلَى حُكْم ابْن مُعَاذ , وَكَانَ بَيْنهمْ وَبَيْنَ قَوْمه حِلْف , فَرَجَوْا أَنْ تَأْخُذَهُ فِيهِمْ هَوَادَة , وَأَوْمَأَ إِلَيْهِمْ أَبُو لُبَابَة أَنَّهُ الذَّبْح , فَأَنْزَلَ اللَّه : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } 8 27 فَحَكَمَ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَل مُقَاتِلَتهمْ , وَأَنْ تُسْبَى ذَرَارِيّهمْ , وَأَنَّ عَقَارَهُمْ لِلْمُهَاجِرِينَ دُونَ الْأَنْصَار , فَقَالَ قَوْمه وَعَشِيرَته : آثَرْت الْمُهَاجِرِينَ بِالْعَقَارِ عَلَيْنَا ; قَالَ : فَإِنَّكُمْ كُنْتُمْ ذَوِي عَقَار , وَإِنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَانُوا لَا عَقَار لَهُمْ , وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ وَقَالَ : " قَضَى فِيكُمْ بِحُكْمِ اللَّه " . 21688 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : لَمَّا انْصَرَفَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَنْدَق رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَة وَالْمُسْلِمُونَ , وَوَضَعُوا السِّلَاحَ , فَلَمَّا كَانَتْ الظُّهْر أَتَى جِبْرِيل رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . كَمَا : 21689 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ ابْن شِهَاب الزُّهْرِيّ - مُعْتَجِرًا بِعِمَامَةٍ مِنْ إِسْتَبْرَق , عَلَى بَغْلَة عَلَيْهَا رَحَّالَة , عَلَيْهَا قَطِيفَة مِنْ دِيبَاج ; فَقَالَ : أَقَدْ وَضَعْت السِّلَاحَ يَا رَسُولَ اللَّه ؟ قَالَ : " نَعَمْ " , قَالَ جِبْرِيل : مَا وَضَعَتْ الْمَلَائِكَة السِّلَاحَ بَعْدُ مَا رَجَعْت الْآنَ إِلَّا مِنْ طَلَب الْقَوْم , إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرك يَا مُحَمَّد بِالسَّيْرِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَة , وَأَنَا عَامِد إِلَى بَنِي قُرَيْظَة , فَأَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا , فَأَذَّنَ فِي النَّاس : إِنَّ مَنْ كَانَ سَامِعًا مُطِيعًا فَلَا يُصَلِّيَنَّ الْعَصْر إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَة , وَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بِرَايَتِهِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَة وَابْتَدَرَهَا النَّاس , فَسَارَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الْحُصُون , سَمِعَ مِنْهَا مَقَالَة قَبِيحَة لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ فَرَجَعَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّرِيقِ , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه لَا عَلَيْك أَلَّا تَدْنُوَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَخْبَاث , قَالَ : " لِمَ ؟ أَظُنّك سَمِعْت لِي مِنْهُمْ أَذًى " , قَالَ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّه . قَالَ : " لَوْ قَدْ رَأَوْنِي لَمْ يَقُولُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا " . فَلَمَّا دَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُصُونهمْ قَالَ : " يَا إِخْوَان الْقِرَدَة هَلْ أَخْزَاكُمْ اللَّه وَأَنْزَلَ بِكُمْ نِقْمَته ؟ " قَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِم , مَا كُنْت جَهُولًا ; وَمَرَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابه بِالصُّورَيْنِ قَبْل أَنْ يَصِل إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ , فَقَالَ : " هَلْ مَرَّ بِكُمْ أَحَد ؟ " فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّه , قَدْ مَرَّ بِنَا دِحْيَة بْن خَلِيفَة الْكَلْبِيّ عَلَى بَغْلَة بَيْضَاء عَلَيْهَا رَحَّالَة عَلَيْهَا قَطِيفَة دِيبَاج , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ذَاكَ جَبْرَائِيل بُعِثَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَة يُزَلْزِل بِهِمْ حُصُونهمْ , وَيَقْذِف الرُّعْب فِي قُلُوبهمْ " ; فَلَمَّا أَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْظَة ; نَزَلَ عَلَى بِئْر مِنْ آبَارهَا فِي نَاحِيَة مِنْ أَمْوَالهمْ يُقَال لَهَا : بِئْر أَنَّا , فَتَلَاحَقَ بِهِ النَّاس , فَأَتَاهُ رِجَال مِنْ بَعْد الْعِشَاء الْآخِرَة , وَلَمْ يُصَلُّوا الْعَصْرَ لِقَوْلِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَد الْعَصْر إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَة " , فَصَلَّوْا الْعَصْر فَمَا عَابَهُمْ اللَّه بِذَلِكَ فِي كِتَابه وَلَا عَنَّفَهُمْ بِهِ رَسُوله . 21690 -وَالْحَدِيث عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ مَعْبَد بْن كَعْب بْن مَالِك الْأَنْصَارِيّ , قَالَ : وَحَاصَرَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَة حَتَّى جَهَدَهُمْ الْحِصَار وَقَذَفَ اللَّه فِي قُلُوبهمْ الرُّعْب , وَقَدْ كَانَ حُيَيّ بْن أَخْطَبَ دَخَلَ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فِي حِصْنهمْ حِين رَجَعَتْ عَنْهُمْ قُرَيْش وَغَطَفَان وَفَاءً لِكَعْبِ بْن أَسَد بِمَا كَانَ عَاهَدَهُ عَلَيْهِ ; فَلَمَّا أَيْقَنُوا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْر مُنْصَرِف عَنْهُمْ حَتَّى يُنَاجِزَهُمْ , قَالَ كَعْب بْن أَسَد لَهُمْ : يَا مَعْشَر يَهُود , إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مِنَ الْأَمْر مَا تَرَوْنَ , وَإِنِّي عَارِض عَلَيْكُمْ خِلَالًا ثَلَاثًا , فَخُذُوا أَيّهَا ; قَالُوا : وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : نُبَايِع هَذَا الرَّجُلَ وَنُصَدِّقهُ , فَوَاللَّهِ لَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّهُ لَنَبِيّ مُرْسَل , وَأَنَّهُ الَّذِي كُنْتُمْ تَجِدُونَهُ فِي كِتَابكُمْ , فَتَأْمَنُوا عَلَى دِمَائِكُمْ وَأَمْوَالكُمْ وَأَبْنَائِكُمْ وَنِسَائِكُمْ , قَالُوا : لَا نُفَارِق حُكْم التَّوْرَاة أَبَدًا , وَلَا نَسْتَبْدِل بِهِ غَيْره ; قَالَ : فَإِذَا أَبَيْتُمْ هَذِهِ عَلَيَّ , فَهَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا , ثُمَّ نَخْرُج إِلَى مُحَمَّد وَأَصْحَابه رِجَالًا مُصْلَتِينَ بِالسُّيُوفِ , وَلَمْ نَتْرُك وَرَاءَنَا ثِقَلًا يُهِمّنَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّه بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّد , فَإِنْ نَهْلِك نَهْلِك وَلَمْ نَتْرُك وَرَاءَنَا شَيْئًا نَخْشَى عَلَيْهِ , وَإِنْ نَظْهَر فَلَعَمْرِي لَنَتَّخِذَنَّ النِّسَاء وَالْأَبْنَاءَ , قَالُوا : نَقْتُل هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِين , فَمَا خَيْر الْعَيْش بَعْدَهُمْ ; قَالَ : فَإِذَا أَبَيْتُمْ هَذِهِ عَلَيَّ , فَإِنَّ اللَّيْلَة لَيْلَة السَّبْت , وَإِنَّهُ عَسَى أَنْ يَكُون مُحَمَّد وَأَصْحَابه قَدْ أَمِنُوا , فَانْزِلُوا لَعَلَّنَا أَنْ نُصِيبَ مِنْ مُحَمَّد وَأَصْحَابه غِرَّة . قَالُوا : نُفْسِد سَبْتَنَا وَنُحْدِث فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ أَحْدَثَ فِيهِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا ؟ أَمَّا مَنْ قَدْ عَلِمْت فَأَصَابَهُمْ مِنَ الْمَسْخ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْك ؟ قَالَ : مَا بَاتَ رَجُل مِنْكُمْ مُنْذُ وَلَدَتْهُ أُمّه لَيْلَة وَاحِدَة مِنْ الدَّهْر حَازِمًا , قَالَ : ثُمَّ إِنَّهُمْ بَعَثُوا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْ ابْعَثْ إِلَيْنَا أَبَا لُبَابَة بْن عَبْد الْمُنْذِر أَخَا بَنِي عَمْرو بْن عَوْف , وَكَانُوا مِنْ حُلَفَاء الْأَوْس , نَسْتَشِيرهُ فِي أَمْرنَا ; فَأَرْسَلَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامَ إِلَيْهِ الرِّجَال , وَجَهَشَ إِلَيْهِ النِّسَاء وَالصِّبْيَان يَبْكُونَ فِي وَجْهه , فَرَقَّ لَهُمْ وَقَالُوا لَهُ : يَا أَبَا لُبَابَة , أَتَرَى أَنْ نَنْزِل عَلَى حُكْم مُحَمَّد ؟ قَالَ : نَعَمْ , وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقه , إِنَّهُ الذَّبْح ; قَالَ أَبُو لُبَابَة : فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ قَدَمَايَ حَتَّى عَرَفْت أَنِّي قَدْ خُنْت اللَّهَ وَرَسُولَهُ ; ثُمَّ انْطَلَقَ أَبُو لُبَابَة عَلَى وَجْهه , وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ارْتَبَطَ فِي الْمَسْجِد إِلَى عَمُود مِنْ عُمُده وَقَالَ : لَا أَبْرَح مَكَانِي حَتَّى يَتُوبَ اللَّه عَلَيَّ مِمَّا صَنَعْت وَعَاهَدَ اللَّه لَا يَطَأ بَنِي قُرَيْظَةَ أَبَدًا وَلَا يَرَانِي اللَّه فِي بَلَد خُنْت اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِيهِ أَبَدًا . فَلَمَّا بَلَغَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَره , وَكَانَ قَدْ اسْتَبْطَأَهُ , قَالَ : " أَمَّا إِنَّهُ لَوْ كَانَ جَاءَنِي لَاسْتَغْفَرْت لَهُ . أَمَا إِذْ فَعَلَ مَا فَعَلَ , فَمَا أَنَا بِالَّذِي أُطْلِقهُ مِنْ مَكَانه حَتَّى يَتُوبَ اللَّه عَلَيْهِ " ; ثُمَّ إِنَّ ثَعْلَبَةَ بْن سعية , وَأُسِيد بْن سعية , وَأَسَد بْن عُبَيْد , وَهُمْ نَفَر مِنْ بَنِي هُذَيْل لَيْسُوا مِنْ بَنِي قُرَيْظَة , وَلَا النَّضِير , نَسَبهمْ فَوْق ذَلِكَ , هُمْ بَنُو عَمّ الْقَوْم , أَسْلَمُوا تِلْكَ اللَّيْلَة الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا قُرَيْظَة عَلَى حُكْم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَخَرَجَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة عَمْرو بْن سُعْدَى الْقُرَظِيّ , فَمَرَّ بِحَرَسِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَعَلَيْهِ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيّ تِلْكَ اللَّيْلَة ; فَلَمَّا رَآهُ قَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : عَمْرو بْن سُعْدَى ; وَكَانَ عَمْرو قَدْ أَبَى أَنْ يَدْخُل مَعَ بَنِي قُرَيْظَةَ فِي غَدْرهمْ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : لَا أَغْدِر بِمُحَمَّدٍ أَبَدًا , فَقَالَ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ حِين عَرَفَهُ : اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمنِي إِقَالَة عَثَرَات الْكِرَام , ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ ; فَخَرَجَ عَلَى وَجْهه حَتَّى بَاتَ فِي مَسْجِد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ تِلْكَ اللَّيْلَة , ثُمَّ ذَهَبَ , فَلَا يُدْرَى أَيْنَ ذَهَبَ مِنْ أَرْض اللَّه إِلَى يَوْمه هَذَا ; فَذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَأْنُهُ , فَقَالَ : " ذَاكَ رَجُل نَجَّاهُ اللَّه بِوَفَائِهِ " . قَالَ : وَبَعْض النَّاس كَانَ يَزْعُم أَنَّهُ كَانَ أُوثِق بِرُمَّةٍ فِيمَنْ أُوثِق مِنْ بَنِي قُرَيْظَة حِين نَزَلُوا عَلَى حُكْم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَصْبَحَتْ رُمَّته مُلْقَاة , وَلَا يُدْرَى أَيْنَ ذَهَبَ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الْمَقَالَة , فَاللَّه أَعْلَم . فَلَمَّا أَصْبَحُوا , نَزَلُوا عَلَى حُكْم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَتَوَاثَبَتْ الْأَوْس , فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه إِنَّهُمْ مَوَالِينَا دُونَ الْخَزْرَج , وَقَدْ فَعَلْت فِي مَوَالِي الْخَزْرَج بِالْأَمْسِ مَا قَدْ عَلِمْت , وَقَدْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل بَنِي قُرَيْظَة حَاصَرَ بَنِي قَيْنُقَاع , وَكَانُوا حُلَفَاء الْخَزْرَج , فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمه , فَسَأَلَهُ إِيَّاهُمْ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ بْن سَلُول , فَوَهَبَهُمْ لَهُ ; فَلَمَّا كَلَّمَتْهُ الْأَوْس , قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَر الْأَوْس أَنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ رَجُل مِنْكُمْ ؟ " قَالُوا : بَلَى , قَالَ : " فَذَاكَ إِلَى سَعْد بْن مُعَاذ " ; وَكَانَ سَعْد بْن مُعَاذ قَدْ جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْمَة امْرَأَة مِنْ أَسْلَمَ يُقَال لَهَا رُفَيْدَةُ فِي مَسْجِده , كَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى , وَتَحْتَسِب بِنَفْسِهَا عَلَى خِدْمَة مَنْ كَانَتْ بِهِ ضَيْعَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ , وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ لِقَوْمِهِ حِين أَصَابَهُ السَّهْم بِالْخَنْدَقِ : " اجْعَلُوهُ فِي خَيْمَة رُفَيْدَةَ حَتَّى أَعُودهُ مِنْ قَرِيب " ; فَلَمَّا حَكَّمَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَنِي قُرَيْظَة , أَتَاهُ قَوْمه فَاحْتَمَلُوهُ عَلَى حِمَار , وَقَدْ وَطَّئُوا لَهُ بِوِسَادَةٍ مِنْ أَدَم , وَكَانَ رَجُلًا جَسِيمًا , ثُمَّ أَقْبَلُوا مَعَهُ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُمْ يَقُولُونَ : يَا أَبَا عَمْرو أَحْسِنْ فِي مَوَالِيك , فَإِنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَّاك ذَلِكَ لِتُحْسِنَ فِيهِمْ ; فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ : قَدْ آنَ لِسَعْدٍ أَنْ لَا تَأْخُذَهُ فِي اللَّه لَوْمَةُ لَائِم , فَرَجَعَ بَعْض مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ قَوْمه إِلَى دَار بَنِي عَبْد الْأَشْهَل , فَنَعَى إِلَيْهِمْ رِجَال بَنِي قُرَيْظَة قَبْل أَنْ يَصِل إِلَيْهِمْ سَعْد بْن مُعَاذ مِنْ كَلِمَته الَّتِي سَمِعَ مِنْهُ ; فَلَمَّا انْتَهَى سَعْد إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ , قَالَ : قُومُوا إِلَى سَيِّدكُمْ , فَقَامُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا : يَا أَبَا عَمْرو إِنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَّاك مَوَالِيَك لِتَحْكُمَ فِيهِمْ , فَقَالَ سَعْد : عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ عَهْد اللَّه وَمِيثَاقه , إِنَّ الْحُكْمَ فِيهِمْ كَمَا حَكَمْت , قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : وَعَلَى مَنْ هَهُنَا فِي النَّاحِيَة الَّتِي فِيهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ مُعْرِض عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِجْلَالًا لَهُ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَعَمْ " , قَالَ سَعْد : فَإِنِّي أَحْكُم فِيهِمْ أَنْ تُقْتَل الرِّجَال , وَتُقَسَّم الْأَمْوَال , وَتُسْبَى الذَّرَارِيّ وَالنِّسَاء . 21691 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : فَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ عَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرو بْن سَعْد بْن مُعَاذ , عَنْ عَلْقَمَة بْن وَقَّاص اللَّيْثِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقَدْ حَكَمْت فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّه مِنْ فَوْق سَبْعَة أَرْقِعَة " , ثُمَّ اسْتُنْزِلُوا , فَحَبَسَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَار ابْنَة الْحَارِث امْرَأَة مِنْ بَنِي النَّجَّار , ثُمَّ خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سُوق الْمَدِينَة , الَّتِي هِيَ سُوقهَا الْيَوْم , فَخَنْدَقَ بِهَا خَنَادِق , ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِمْ , فَضَرَبَ أَعْنَاقهمْ فِي تِلْكَ الْخَنَادِق , يَخْرُج بِهِمْ إِلَيْهِ أَرْسَالًا , وَفِيهِمْ عَدُوّ اللَّه حُيَيّ بْن أَخْطَبَ , وَكَعْب بْن أَسَد رَأْس الْقَوْم , وَهُمْ سِتُّمِائَةٍ أَوْ سَبْعُمِائَةٍ , وَالْمُكَثِّر مِنْهُمْ يَقُول : كَانُوا مِنْ الثَّمَانِمِائَةِ إِلَى التِّسْعِمِائَةِ , وَقَدْ قَالُوا لِكَعْبِ بْن أَسَد وَهُمْ يُذْهَب بِهِمْ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَالًا : يَا كَعْب , مَا تَرَى مَا يُصْنَع بِنَا ؟ فَقَالَ كَعْب : أَفِي كُلّ مَوْطِن لَا تَعْقِلُونَ ؟ أَلَا تَرَوْنَ الدَّاعِيَ لَا يَنْزِع , وَإِنَّهُ مَنْ يُذْهَب بِهِ مِنْكُمْ فَمَا يَرْجِع , هُوَ وَاللَّه الْقَتْل ; فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الدَّأْب حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأُتِيَ بِحُيَيِّ بْن أَخْطَبَ عَدُوّ اللَّه , وَعَلَيْهِ حُلَّة لَهُ فُقَّاحِيَّة قَدْ شَقَّقَهَا عَلَيْهِ مِنْ كُلّ نَاحِيَة كَمَوْضِعِ الْأُنْمُلَة أُنْمُلَة أُنْمُلَة , لِئَلَّا يُسْلَبهَا ; مَجْمُوعَة يَدَاهُ إِلَى عُنُقه بِحَبْلٍ , فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ مَا لُمْت نَفْسِي فِي عَدَاوَتك , وَلَكِنَّهُ مَنْ يَخْذُل اللَّه يُخْذَل ; ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاس فَقَالَ : أَيّهَا النَّاس , إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَمْرِ اللَّه , كِتَاب اللَّه وَقَدَره , وَمَلْحَمَة قَدْ كُتِبَتْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل , ثُمَّ جَلَسَ فَضُرِبَتْ عُنُقه ; فَقَالَ جَبَل بْن جَوَّال الثَّعْلَبِيّ : لَعَمْرك مَا لَامَ ابْن أَخْطَبَ نَفْسَهُ وَلَكِنَّهُ مَنْ يَخْذُل اللَّهَ يُخْذَل لَجَاهَدَ حَتَّى أَبْلَغَ النَّفْسَ عُذْرَهَا وَقَلْقَلَ يَبْغِي الْعِزَّ كُلَّ مُقَلْقَل 21692 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر , عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : لَمْ يُقْتَل مِنْ نِسَائِهِمْ إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَة , قَالَتْ : وَاللَّه إِنَّهَا لَعِنْدِي تَحَدَّثُ مَعِي وَتَضْحَك ظُهْرًا , وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُل رِجَالَهُمْ بِالسُّوقِ , إِذْ هَتَفَ هَاتِف بِاسْمِهَا : أَيْنَ فُلَانَة ؟ قَالَتْ : أَنَا وَاللَّه . قَالَتْ : قُلْت : وَيْلَك مَا لَك ؟ قَالَتْ : أُقْتَل ؟ قُلْت : وَلِمَ ؟ قَالَتْ : لِحَدَثٍ أَحْدَثْته ; قَالَ : فَانْطُلِقَ بِهَا , فَضُرِبَتْ عُنُقهَا , فَكَانَتْ عَائِشَة تَقُول : مَا أَنْسَى عَجَبِي مِنْهَا طِيب نَفْس , وَكَثْرَة ضَحِكٍ , وَقَدْ عَرَفَتْ أَنَّهَا تُقْتَل . 21693 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني زَيْد بْن رُومَان { وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب مِنْ صَيَاصِيهمْ } وَالصَّيَاصِي : الْحُصُون وَالْآطَام الَّتِي كَانُوا فِيهَا { وَقَذَفَ فِي قُلُوبهمُ الرُّعْبَ } . 21694 -حَدَّثَنَا عَمْرو بْن مَالِك الْبَكْرِيّ , قَالَ : ثنا وَكِيع بْن الْجَرَّاح ; وَحَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنِ ابْن عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عِكْرِمَة { مِنْ صَيَاصِيهمْ } قَالَ : مِنْ حُصُونهمْ . 21695 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { مِنْ صَيَاصِيهمْ } يَقُول : أَنْزَلَهُمْ مِنْ صَيَاصِيهمْ , قَالَ : قُصُورهمْ . 21696 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { مِنْ صَيَاصِيهمْ } : أَيْ مِنْ حُصُونهمْ وَآطَامهمْ . 21697 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب مِنْ صَيَاصِيهمْ } قَالَ : الصَّيَاصِي : حُصُونهمْ الَّتِي ظَنُّوا أَنَّهَا مَانِعَتهمْ مِنَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى . وَأَصْل الصَّيَاصِي : جَمْع صِيصَة ; يُقَال : وَعَنَى بِهَا هَهُنَا : حُصُونَهُمْ ; وَالْعَرَب تَقُول لِطَرَفِ الْجَبَل : صِيصَة ; وَيُقَال لِأَصْلِ الشَّيْء : صِيصَة ; يُقَال : جَزّ اللَّه صِيصَةَ فُلَان : أَيْ أَصْله ; وَيُقَال لِشَوْكِ الْحَاكَة : صَيَاصِي , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : كَوَقْعِ الصَّيَاصِي فِي النَّسِيج الْمُمَدَّد وَهِيَ شَوْكَتَا الدِّيك . وَقَوْله : { وَقَذَفَ فِي قُلُوبهمُ الرُّعْبَ } يَقُول : وَأَلْقَى فِي قُلُوبهمُ الْخَوْفَ مِنْكُمْ { فَرِيقًا تَقْتُلُونَ } يَقُول : تَقْتُلُونَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً , وَهُمُ الَّذِينَ قَتَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ حِين ظَهَرَ عَلَيْهِمْ { وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا } يَقُول : وَتَأْسِرُونَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً , وَهُمْ نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمُ الَّذِينَ سُبُوا , كَمَا : 21698 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَرِيقًا تَقْتُلُونَ } الَّذِينَ ضُرِبَتْ أَعْنَاقهمْ { وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا } الَّذِينَ سُبُوا . 21699 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا } أَيْ قَتَلَ الرِّجَالَ وَسَبَى الذَّرَارِيَّ وَالنِّسَاءَ .'; $TAFSEER['3']['33']['27'] = '{ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ } يَقُولُ : وَمَلَّكَكُمْ بَعْدَ مَهْلِكهمْ أَرْضَهُمْ , يَعْنِي مَزَارِعهمْ وَمَغَارِسَهُمْ { وَدِيَارَهُمْ } يَقُول : وَمَسَاكِنَهُمْ { وَأَمْوَالَهُمْ } يَعْنِي سَائِرَ الْأَمْوَال غَيْر الْأَرْض وَالدُّور . وَقَوْله : { وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيهَا , أَيّ أَرْضٍ هِيَ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ الرُّوم وَفَارِس وَنَحْوهَا مِنَ الْبِلَاد الَّتِي فَتَحَهَا اللَّه بَعْد ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21700 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا } قَالَ : قَالَ الْحَسَن : هِيَ الرُّوم وَفَارِس , وَمَا فَتَحَ اللَّه عَلَيْهِمْ. وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ مَكَّةُ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ خَيْبَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21701 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَزِيد بْن رُومَان { وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا } قَالَ : خَيْبَر. 21702 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ } قَالَ : قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ أَهْلُ الْكِتَاب { وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا } قَالَ : خَيْبَر. وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ أَنَّهُ أَوْرَثَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ , وَأَرْضًا لَمْ يَطَئُوهَا يَوْمَئِذٍ وَلَمْ تَكُنْ مَكَّةَ وَلَا خَيْبَرَ , وَلَا أَرْضَ فَارِس وَالرُّوم وَلَا الْيَمَن , مِمَّا كَانَ وَطِئُوهُ يَوْمَئِذٍ , ثُمَّ وَطِئُوا ذَلِكَ بَعْدُ , وَأَوْرَثَهُمُوهُ اللَّهُ , وَذَلِكَ كُلّه دَاخِل فِي قَوْله { وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا } لِأَنَّهُ تَعَالَى ذِكْره لَمْ يُخَصِّص مِنْ ذَلِكَ بَعْضًا دُونَ بَعْض . { وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ اللَّه عَلَى أَنْ أَوْرَثَ الْمُؤْمِنِينَ ذَلِكَ , وَعَلَى نَصْره إِيَّاهُمْ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنَ الْأُمُور قُدْرَة , لَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ شَيْء أَرَادَهُ , وَلَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ فِعْل شَيْء حَاوَلَ فِعْله .'; $TAFSEER['3']['33']['28'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد { لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعكُنَّ } يَقُول فَإِنِّي أُمَتِّعكُنَّ مَا أَوْجَبَ اللَّه عَلَى الرِّجَال لِلنِّسَاءِ مِنَ الْمُتْعَة عِنْدَ فِرَاقهمْ إِيَّاهُنَّ بِالطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ : { وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِع قَدَره وَعَلَى الْمُقْتِر قَدَره مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ } 2 236 وَقَوْله : { وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } يَقُول : وَأُطَلِّقكُنَّ عَلَى مَا أَذِنَ اللَّه بِهِ , وَأَدَّبَ بِهِ عِبَاده بِقَوْلِهِ : { إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } 65 1 { وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } يَقُول : وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ رِضَا اللَّه وَرِضَا رَسُوله وَطَاعَتهمَا فَأَطِعْنَهُمَا { فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ } وَهُنَّ الْعَامِلَات مِنْهُنَّ بِأَمْرِ اللَّه وَأَمْر رَسُوله { أَجْرًا عَظِيمًا } , وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْل أَنَّ عَائِشَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْ عَرَض الدُّنْيَا , إِمَّا زِيَادَة فِي النَّفَقَة , أَوْ غَيْر ذَلِكَ , فَاعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ شَهْرًا فِيمَا ذُكِرَ , ثُمَّ أَمَرَهُ اللَّه أَنْ يُخَيِّرَهُنَّ بَيْنَ الصَّبْر عَلَيْهِ , وَالرِّضَا بِمَا قَسَمَ لَهُنَّ , وَالْعَمَل بِطَاعَةِ اللَّه , وَبَيْن أَنْ يُمَتِّعهُنَّ وَيُفَارِقهُنَّ إِنْ لَمْ يَرْضَيْنَ بِالَّذِي يُقْسَم لَهُنَّ , وَقِيلَ : كَانَ سَبَب ذَلِكَ غَيْرَة كَانَتْ عَائِشَة غَارَتهَا . ذِكْر الرِّوَايَة بِقَوْلِ مَنْ قَالَ : كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَجْل شَيْء مِنْ النَّفَقَة وَغَيْرهَا . 21703 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي الزُّبَيْر , أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْرُج صَلَوَات , فَقَالُوا : مَا شَأْنه ؟ فَقَالَ عُمَر : إِنْ شِئْتُمْ لَأَعْلَمَنَّ لَكُمْ شَأْنَهُ ; فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَعَلَ يَتَكَلَّم وَيَرْفَع صَوْتَهُ , حَتَّى أَذِنَ لَهُ . قَالَ : فَجَعَلْت أَقُول فِي نَفْسِي : أَيّ شَيْء أُكَلِّم بِهِ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّهُ يَضْحَك , أَوْ كَلِمَة نَحْوَهَا ؟ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّه لَوْ رَأَيْت فُلَانَة وَسَأَلَتْنِي النَّفَقَةَ فَصَكَكْتهَا صَكَّة , فَقَالَ : " ذَلِكَ حَبَسَنِي عَنْكُمْ " ; قَالَ : فَأَتَى حَفْصَة , فَقَالَ : لَا تَسْأَلِي رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا , مَا كَانَتْ لَك مِنْ حَاجَة فَإِلَيَّ ; ثُمَّ تَتَبَّعَ نِسَاءَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَعَلَ يُكَلِّمهُنَّ , فَقَالَ لِعَائِشَةَ : أَيَغُرُّك أَنَّك امْرَأَة حَسْنَاء , وَأَنَّ زَوْجَك يُحِبّك ؟ لَتَنْتَهِيَنَّ , أَوْ لَيَنْزِلَنَّ فِيك الْقُرْآن ! قَالَ : فَقَالَتْ أُمّ سَلَمَة : يَا ابْن الْخَطَّاب , أَوَمَا بَقِيَ لَك إِلَّا أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ نِسَائِهِ , وَلَنْ تَسْأَل الْمَرْأَة إِلَّا لِزَوْجِهَا ! قَالَ : وَنَزَلَ الْقُرْآن { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } . . . إِلَى قَوْله { أَجْرًا عَظِيمًا } قَالَ : فَبَدَأَ بِعَائِشَةَ فَخَيَّرَهَا , وَقَرَأَ عَلَيْهَا الْقُرْآنَ , فَقَالَتْ : هَلْ بَدَأْت بِأَحَدٍ مِنْ نِسَائِك قَبْلِي ؟ قَالَ : " لَا " , قَالَتْ : فَإِنِّي أَخْتَار اللَّهَ وَرَسُولَهُ , وَالدَّارَ الْآخِرَةَ , وَلَا تُخْبِرهُنَّ بِذَلِكَ ; قَالَ : ثُمَّ تَتَبَّعَهُنَّ فَجَعَلَ يُخَيِّرهُنَّ وَيَقْرَأ عَلَيْهِنَّ الْقُرْآنَ , وَيُخْبِرهُنَّ بِمَا صَنَعَتْ عَائِشَة , فَتَتَابَعْنَ عَلَى ذَلِكَ . 21704 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } . . . إِلَى قَوْله : { أَجْرًا عَظِيمًا } قَالَ : قَالَ الْحَسَن وَقَتَادَة : خَيَّرَهُنَّ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالْجَنَّة وَالنَّار فِي شَيْء كُنَّ أَرَدْنَهُ مِنْ الدُّنْيَا , وَقَالَ عِكْرِمَة فِي غَيْرَة : كَانَتْ غَارَتهَا عَائِشَة , وَكَانَ تَحْته يَوْمئِذٍ تِسْع نِسْوَة , خَمْس مِنْ قُرَيْش : عَائِشَة , وَحَفْصَة , وَأُمّ حَبِيبَة بِنْت أَبِي سُفْيَان , وَسَوْدَة بِنْت زَمْعَةَ , وَأُمّ سَلَمَة بِنْت أَبِي أُمَيَّة , وَكَانَتْ تَحْته صَفِيَّة ابْنَة حُيَيّ الْخَيْبَرِيَّة , وَمَيْمُونَة بِنْت الْحَارِث الْهِلَالِيَّة , وَزَيْنَب بِنْت جَحْش الْأَسَدِيَّة , وَجُوَيْرِيَّة بِنْت الْحَارِث مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِق , وَبَدَأَ بِعَائِشَةَ , فَلَمَّا اخْتَارَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ , رُئِيَ الْفَرَح فِي وَجْه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَتَتَابَعْنَ كُلّهنَّ عَلَى ذَلِكَ وَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنِ الْحَسَن , وَهُوَ قَوْل قَتَادَة , فِي قَوْل اللَّه { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } . . . إِلَى قَوْله { عَظِيمًا } قَالَا : أَمَرَهُ اللَّه أَنْ يُخَيِّرَهُنَّ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالْجَنَّة وَالنَّار ; قَالَ قَتَادَة : وَهِيَ غَيْرَة مِنْ عَائِشَة فِي شَيْء أَرَادَتْهُ مِنْ الدُّنْيَا , وَكَانَ تَحْتَهُ تِسْع نِسْوَة : عَائِشَة , وَحَفْصَة , وَأُمّ حَبِيبَة بِنْت أَبِي سُفْيَان , وَسَوْدَة بِنْت زَمْعَةَ , وَأُمّ سَلَمَة بِنْت أَبِي أُمَيَّة , وَزَيْنَب بِنْت جَحْش , وَمَيْمُونَة بِنْت الْحَارِث الْهِلَالِيَّة , وَجُوَيْرِيَّة بِنْت الْحَارِث مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِق , وَصَفِيَّة بِنْت حُيَيّ بْن أَخْطَبَ ; فَبَدَأَ بِعَائِشَة , وَكَانَتْ أَحَبَّهُنَّ إِلَيْهِ ; فَلَمَّا اخْتَارَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ , رُئِيَ الْفَرَح فِي وَجْه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَتَابَعْنَ عَلَى ذَلِكَ . 21705 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنِ الْحَسَن , وَهُوَ قَوْل قَتَادَة قَالَ : لَمَّا اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ شَكَرَهُنَّ اللَّه عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنهنَّ } 33 52 فَقَصَرَهُ اللَّه عَلَيْهِنَّ , وَهُنَّ التِّسْع اللَّاتِي اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَجْل الْغَيْرَة : 21706 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } 33 51 الْآيَة , قَالَ : كَانَ أَزْوَاجه قَدْ تَغَايَرْنَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَهَجَرَهُنَّ شَهْرًا , نَزَلَ التَّخْيِير مِنَ اللَّه لَهُ فِيهِنَّ { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } 33 33 فَخَيَّرَهُنَّ بَيْنَ أَنْ يَخْتَرْنَ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُنَّ وَيُسَرِّحهُنَّ , وَبَيْن أَنْ يُقِمْنَ إِنْ أَرَدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ عَلَى أَنَّهُنَّ أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ , لَا يُنْكَحْنَ أَبَدًا , وَعَلَى أَنَّهُ يُؤْوِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاء مِنْهُنَّ , لِمَنْ وَهَبَ نَفْسَهُ لَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَرْفَع رَأْسَهُ إِلَيْهَا , وَيُرْجِي مَنْ يَشَاء حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَرْفَع رَأْسَهُ إِلَيْهَا , وَمَنْ ابْتَغَى مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ وَعَزَلَ فَلَا جُنَاح عَلَيْهِ , { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ } إِذَا عَلِمْنَ أَنَّهُ مِنْ قَضَائِي عَلَيْهِنَّ , إِيثَار بَعْضهنَّ عَلَى بَعْض , أَدْنَى أَنْ يَرْضَيْنَ ; قَالَ : { وَمَنِ ابْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت } مَنْ ابْتَغَى أَصَابَهُ , وَمَنْ عَزَلَ لَمْ يُصِبْهُ , فَخَيَّرَهُنَّ بَيْنَ أَنْ يَرْضَيْنَ بِهَذَا , أَوْ يُفَارِقهُنَّ , فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ , إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَةً بَدْوِيَّة ذَهَبَتْ ; وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ , وَقَدْ شَرَطَ لَهُ هَذَا الشَّرْطَ , مَا زَالَ يَعْدِل بَيْنَهُنَّ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ . 21707 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْدَة الضَّبِّيّ , قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَة , عَنْ عُمَر بْن أَبِي سَلَمَة , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَالَتْ عَائِشَة : لَمَّا نَزَلَ الْخِيَار , قَالَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي أُرِيد أَنْ أَذْكُر لَك أَمْرًا فَلَا تَقْضِي فِيهِ شَيْئًا حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك " ; قَالَتْ : قُلْت : وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّه ؟ قَالَ : فَرَدَّهُ عَلَيْهَا , فَقَالَتْ : مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّه ؟ قَالَ : فَقَرَأَ عَلَيْهِنَّ { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } . . . إِلَى آخِر الْآيَة ; قَالَتْ : قُلْت : بَلْ نَخْتَار اللَّهَ وَرَسُولَهُ ; قَالَتْ : فَفَرِحَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي سَلَمَة , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : لَمَّا نَزَلَتْ آيَة التَّخْيِير , بَدَأَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَائِشَة , فَقَالَ : " يَا عَائِشَة إِنِّي عَارِض عَلَيْك أَمْرًا فَلَا تَفْتَاتِي فِيهِ بِشَيْءٍ حَتَّى تَعْرِضِيهِ عَلَى أَبَوَيْك , أَبِي بَكْر وَأُمّ رُومَان " فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّه وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : " قَالَ اللَّه { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } إِلَى { عَظِيمًا } , فَقُلْت : إِنِّي أُرِيد اللَّهَ وَرَسُولَهُ , وَالدَّارَ الْآخِرَةَ , وَلَا أُؤَامِر فِي ذَلِكَ أَبَوِيّ أَبَا بَكْر وَأُمَّ رُومَان , فَضَحِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ اسْتَقْرَأَ الْحُجَرَ فَقَالَ : " إِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَذَا " , فَقُلْنَ : وَنَحْنُ نَقُول مِثْلُ مَا قَالَتْ عَائِشَة. * حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى الْأُمَوِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ ابْن إِسْحَاق , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر , عَنْ عَمْرَة , عَنْ عَائِشَة , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَ إِلَى نِسَائِهِ أُمِرَ أَنْ يُخَيِّرَهُنَّ , فَدَخَلَ عَلَيَّ فَقَالَ : " سَأَذْكُرُ لَك أَمْرًا وَلَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَاك " , فَقُلْت : وَمَا هُوَ يَا نَبِيّ اللَّه ؟ قَالَ : " إِنِّي أُمِرْت أَنْ أُخَيِّرَكُنَّ " , وَتَلَا عَلَيْهَا آيَة التَّخْيِير إِلَى آخِر الْآيَتَيْنِ ; قَالَتْ : قُلْت : وَمَا الَّذِي تَقُول ؟ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَاك , فَإِنِّي أَخْتَار اللَّهَ وَرَسُولَهُ ; فَسُرَّ بِذَلِكَ , وَعَرَضَ عَلَى نِسَائِهِ , فَتَتَابَعْنَ كُلّهنَّ , فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ . * حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُوسَى بْن عَلِيّ , وَيُونُس بْن يَزِيد , عَنِ ابْن شِهَاب , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْد الرَّحْمَن , أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : لَمَّا أُمِرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجه , بَدَأَنِي , فَقَالَ : " إِنِّي ذَاكِر لَك أَمْرًا , فَلَا عَلَيْك أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك " ; قَالَتْ : قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ ; قَالَتْ : ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَة : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } قَالَتْ : فَقُلْت : فَفِي أَيّ هَذَا أَسْتَأْمِر أَبَوَيَّ ؟ فَإِنِّي أُرِيد اللَّهَ وَرَسُولَهُ , وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ; قَالَتْ عَائِشَة : ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْل مَا فَعَلْت , فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حِين قَالَهُ لَهُنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَاخْتَرْنَهُ طَلَاقًا مِنْ أَجْل أَنَّهُنَّ اخْتَرْنَهُ.'; $TAFSEER['3']['33']['29'] = ''; $TAFSEER['3']['33']['30'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا نِسَاءَ النَّبِيّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة يُضَاعَف لَهَا الْعَذَاب ضِعْفَيْنِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِأَزْوَاجِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَا نِسَاءَ النَّبِيّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } يَقُول : مَنْ يَزْنِ مِنْكُنَّ الزِّنَا الْمَعْرُوف الَّذِي أَوْجَبَ اللَّه عَلَيْهِ الْحَدَّ , يُضَاعَف لَهَا الْعَذَاب عَلَى فُجُورهَا فِي الْآخِرَة ضِعْفَيْنِ عَلَى فُجُور أَزْوَاج النَّاس غَيْرهمْ , كَمَا : 21708 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس { يُضَاعَف لَهَا الْعَذَاب ضِعْفَيْنِ } قَالَ : يَعْنِي عَذَاب الْآخِرَة. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { يُضَاعَف لَهَا الْعَذَاب } بِالْأَلِفِ , غَيْر أَبِي عَمْرو , فَإِنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ : " يُضَعَّف " بِتَشْدِيدِ الْعَيْن تَأَوُّلًا مِنْهُ فِي قِرَاءَته ذَلِكَ أَنَّ يُضَعَّف بِمَعْنَى : تَضْعِيف الشَّيْء مَرَّة وَاحِدَة , وَذَلِكَ أَنْ يُجْعَل الشَّيْء شَيْئَيْنِ , فَكَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام عِنْدَهُ : أَنْ يَجْعَل عَذَاب مَنْ يَأْتِي مِنْ نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , مِثْلَيْ عَذَاب سَائِر النِّسَاء غَيْرهنَّ , وَيَقُول : إِنَّ { يُضَاعَف } بِمَعْنَى أَنْ يُجْعَل إِلَى الشَّيْء مِثْلَاهُ , حَتَّى يَكُونَ ثَلَاثَة أَمْثَاله فَكَأَنَّ مَعْنَى مَنْ قَرَأَ { يُضَاعَف } عِنْدَهُ كَانَ أَنَّ عَذَابهَا ثَلَاثَة أَمْثَال عَذَاب غَيْرهَا مِنْ النِّسَاء مِنْ غَيْر أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلِذَلِكَ اخْتَارَ " يُضَعَّف " عَلَى يُضَاعَف , وَأَنْكَرَ الْآخَرُونَ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ يُضَاعَف مَا كَانَ يَقُول فِي ذَلِكَ , وَيَقُولُونَ : لَا نَعْلَم بَيْنَ وَيُضَاعَف وَيُضَعَّف فَرْقًا . وَالصَّوَاب مِنَ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار , وَذَلِكَ { يُضَاعَف } , وَأَمَّا التَّأْوِيل الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو عَمْرو , فَتَأْوِيل لَا نَعْلَم أَحَدًا مِنْ أَهْل الْعِلْم ادَّعَاهُ غَيْره , وَغَيْر أَبِي عُبَيْدَة مَعْمَر بْن الْمُثَنَّى , وَلَا يَجُوز خِلَاف مَا جَاءَتْ بِهِ الْحُجَّة مُجْمِعَة عَلَيْهِ بِتَأْوِيلٍ لَا بُرْهَانَ لَهُ مِنَ الْوَجْه الَّذِي يَجِب التَّسْلِيم لَهُ . وَقَوْله : { وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَتْ مُضَاعَفَة الْعَذَاب عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ عَلَى اللَّه يَسِيرًا , وَاللَّه أَعْلَم .'; $TAFSEER['3']['33']['31'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَقْنُت مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُوله وَتَعْمَل صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْكُنَّ وَتَعْمَل بِمَا أَمَرَ اللَّه بِهِ { نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ } يَقُول : يُعْطِهَا اللَّه ثَوَابَ عَمَلهَا , مِثْلَيْ ثَوَاب عَمَل غَيْرهنَّ مِنْ سَائِر نِسَاء النَّاس { وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا } يَقُول : وَأَعْتَدْنَا لَهَا فِي الْآخِرَة عَيْشًا هَنِيئًا فِي الْجَنَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21709 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَنْ يَقْنُت مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُوله } . . . الْآيَة , يَعْنِي : تُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ . { وَتَعْمَل صَالِحًا } تَصُوم وَتُصَلِّي. 21710 - حَدَّثَنِي سَلْم بْن جُنَادَة , قَالَ : ثنا ابْن إِدْرِيس , عَنْ ابْن عَوْن , قَالَ : سَأَلْت عَامِرًا عَنْ الْقُنُوت , قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : قُلْت { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } 2 238 س . قَالَ : مُطِيعِينَ ; قَالَ : قُلْت { وَمَنْ يَقْنُت مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُوله } قَالَ : يُطِعْنَ. 21711 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَنْ يَقْنُت مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُوله } أَيْ مَنْ يُطِعْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُوله { وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا } وَهِيَ الْجَنَّة . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَتَعْمَل صَالِحًا } فَقَرَأَ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْبَصْرَة : { وَتَعْمَل } بِالتَّاءِ رَدًّا عَلَى تَأْوِيل مَنْ إِذْ جَاءَ بَعْدَ قَوْله { مِنْكُنَّ } , وَحَكَى بَعْضهمْ عَنِ الْعَرَب أَنَّهَا تَقُول : كَمْ بِيعَ لَك جَارِيَة ؟ وَأَنَّهُمْ إِنْ قَدَّمُوا الْجَارِيَةَ قَالُوا : كَمْ جَارِيَة بِيعَتْ لَك ؟ فَأَنَّثُوا الْفِعْلَ بَعْدَ الْجَارِيَة , وَالْفِعْل فِي الْوَجْهَيْنِ لَكُمْ لَا لِلْجَارِيَةِ , وَذَكَرَ الْفَرَّاءُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَب أَنْشَدَهُ : أَيَا أُمّ عَمْرو مَنْ يَكُنْ عُقْر دَاره جِوَاء عَدِيّ يَأْكُل الْحَشَرَات وَيَسْوَدّ مِنْ لَفْح السُّمُوم جَبِينه وَيَعْرُو إِنْ كَانَ ذَوِي بَكَرَات فَقَالَ : وَإِنْ كَانُوا , وَلَمْ يَقُلْ : وَإِنْ كَانَ , وَهُوَ لِمَنْ , فَرَدَّهُ عَلَى الْمَعْنَى , وَأَمَّا أَهْل الْكُوفَة , فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّائِهَا : " وَيَعْمَل " بِالْيَاءِ عَطْفًا عَلَى يَقْنُت , إِذْ كَانَ الْجَمِيع عَلَى قِرَاءَة الْيَاء , وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ , وَلُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي كَلَام الْعَرَب , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب ; وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تَرُدّ خَبَر " مِنْ " أَحْيَانًا عَلَى لَفْظهَا , فَتُوَحِّد وَتُذَكِّر , وَأَحْيَانًا عَلَى مَعْنَاهَا كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْك أَفَأَنْت تُسْمِع الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُر إِلَيْك } 10 42 : 43 فَجَمَعَ مَرَّة لِلْمَعْنَى , وَوَحَّدَ أُخْرَى لِلَّفْظِ .'; $TAFSEER['3']['33']['32'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا نِسَاءَ النَّبِيّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِأَزْوَاجِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَا نِسَاءَ النَّبِيّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاء } مِنْ نِسَاء هَذِهِ الْأُمَّة { إِنِ اتَّقَيْتُنَّ } اللَّه فَأَطَعْتُنَّهُ فِيمَا أَمَرَكُنَّ وَنَهَاكُنَّ , كَمَا : 21712 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا نِسَاءَ النَّبِيّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاء } يَعْنِي مِنْ نِسَاء هَذِهِ الْأُمَّة . وَقَوْله : { فَلَا تَخْضَعْن بِالْقَوْلِ } يَقُول : فَلَا تَلِنَّ بِالْقَوْلِ لِلرِّجَالِ فِيمَا يَبْتَغِيه أَهْل الْفَاحِشَة مِنْكُنَّ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21713 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { يَا نِسَاءَ النَّبِيّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْن بِالْقَوْلِ } يَقُول : لَا تُرَخِّصْنَ بِالْقَوْلِ , وَلَا تَخْضَعْنَ بِالْكَلَامِ . 21714 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } قَالَ : خُضْع الْقَوْل مَا يُكْرَه مِنْ قَوْل النِّسَاء لِلرِّجَالِ مِمَّا يَدْخُل فِي قُلُوب الرِّجَال . وَقَوْله : { فَيَطْمَع الَّذِي فِي قَلْبه مَرَض } يَقُول : فَيَطْمَع الَّذِي فِي قَلْبه ضَعْف ; فَهُوَ لِضَعْفِ إِيمَانه فِي قَلْبه , إِمَّا شَاكّ فِي الْإِسْلَام مُنَافِق , فَهُوَ لِذَلِكَ مِنْ أَمْره يَسْتَخِفّ بِحُدُودِ اللَّه , وَإِمَّا مُتَهَاوِن بِإِتْيَانِ الْفَوَاحِش . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّمَا وَصَفَهُ بِأَنَّ فِي قَلْبه مَرَضًا ; لِأَنَّهُ مُنَافِق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21715 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَيَطْمَع الَّذِي فِي قَلْبه مَرَض } قَالَ : نِفَاق . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ وَصَفَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَشْتَهُونَ إِتْيَانَ الْفَوَاحِش . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21716 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد عَنْ قَتَادَة { فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبه مَرَض } قَالَ : قَالَ عِكْرِمَة : شَهْوَة الزِّنَا . وَقَوْله : { وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا } يَقُول : وَقُلْنَ قَوْلًا قَدْ أَذِنَ اللَّه لَكُمْ بِهِ وَأَبَاحَهُ . كَمَا : 21717 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : قَوْلًا جَمِيلًا حَسَنًا مَعْرُوفًا فِي الْخَيْر .'; $TAFSEER['3']['33']['33'] = 'وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَقَرْن فِي بُيُوتكُنَّ } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : { وَقَرْن } بِفَتْحِ الْقَاف , بِمَعْنَى : وَاقْرَرْنَ فِي بُيُوتكُنَّ , وَكَأَنَّ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ حَذَفَ الرَّاءَ الْأُولَى مِنْ اقْرَرْنَ , وَهِيَ مَفْتُوحَة , ثُمَّ نَقَلَهَا إِلَى الْقَاف , كَمَا قِيلَ : { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } 56 65 وَهُوَ يُرِيد فَظَلِلْتُمْ , فَأُسْقِطَتْ اللَّام الْأُولَى , وَهِيَ مَكْسُورَة , ثُمَّ نُقِلَتْ كَسْرَتهَا إِلَى الظَّاء , وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة : { وَقِرْنَ } بِكَسْرِ الْقَاف , بِمَعْنَى : كُنَّ أَهْل وَقَار وَسَكِينَة { فِي بُيُوتكُنَّ } . وَهَذِهِ الْقِرَاءَة وَهِيَ الْكَسْر فِي الْقَاف أَوْلَى عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ إِنْ كَانَ مِنَ الْوَقَار عَلَى مَا اخْتَرْنَا , فَلَا شَكَّ أَنَّ الْقِرَاءَة بِكَسْرِ الْقَاف , لِأَنَّهُ يُقَال : وَقِرَ فُلَان فِي مَنْزِله فَهُوَ يَقِر وُقُورًا , فَتُكْسَر الْقَاف فِي تَفْعَل ; فَإِذَا أَمَرَ مِنْهُ قِيلَ : قِرْ , كَمَا يُقَال مِنْ وَزَنَ : يَزِن زِنْ , وَمِنْ وَعَدَ : يَعِد عِدْ , وَإِنْ كَانَ مِنَ الْقَرَار , فَإِنَّ الْوَجْهَ أَنْ يُقَالَ : اقْرَرْنَ , لِأَنَّ مَنْ قَالَ مِنَ الْعَرَب : ظَلْتُ أَفْعَل كَذَا , وَأَحَسْتُ بِكَذَا , فَأَسْقَطَ عَيْنَ الْفِعْل , وَحَوَّلَ حَرَكَتهَا إِلَى فَائِهِ فِي فَعَلَ وَفَعَلْنَا وَفَعَلْتُمْ , لَمْ يَفْعَل ذَلِكَ فِي الْأَمْر وَالنَّهْي , فَلَا يَقُول : ظِلّ قَائِمًا , وَلَا تَظَلّ قَائِمًا , فَلَيْسَ الَّذِي اعْتَلَّ بِهِ مَنْ اعْتَلَّ لِصِحَّةِ الْقِرَاءَة بِفَتْحِ الْقَاف فِي ذَلِكَ يَقُول الْعَرَب فِي ظَلِلْت وَأَحْسَسْت ظَلْتُ , وَأَحَسْتُ بِعِلَّةٍ تُوجِب صِحَّته لِمَا وَصَفْت مِنَ الْعِلَّة , وَقَدْ حَكَى بَعْضهمْ عَنْ بَعْض الْأَعْرَاب سَمَاعًا مِنْهُ : يَنْحَطَنَّ مِنْ الْجَبَلِ , وَهُوَ يُرِيد : يَنْحَطِطْنَ , فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ صَحِيحًا , فَهُوَ أَقْرَب إِلَى أَنْ يَكُونَ حُجَّة لِأَهْلِ هَذِهِ الْقِرَاءَة مِنَ الْحُجَّة الْأُخْرَى . وَقَوْله : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } قِيلَ : إِنَّ التَّبَرُّجَ فِي هَذَا الْمَوْضِع التَّبَخْتُر وَالتَّكَسُّر. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21718 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } : أَيْ إِذَا خَرَجْتُنَّ مِنْ بُيُوتكُنَّ ; قَالَ : كَانَتْ لَهُنَّ مِشْيَة وَتَكَسُّر وَتَغَنُّج , يَعْنِي بِذَلِكَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى فَنَهَاهُنَّ اللَّه عَنْ ذَلِكَ . 21719 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : سَمِعْت ابْنَ أَبِي نَجِيح , يَقُول فِي قَوْله : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } قَالَ : التَّبَخْتُر , وَقِيلَ : إِنَّ التَّبَرُّجَ هُوَ إِظْهَار الزِّينَة , وَإِبْرَاز الْمَرْأَة مَحَاسِنَهَا لِلرِّجَالِ . وَأَمَّا قَوْله : { تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيل اخْتَلَفُوا فِي الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ مَا بَيْن عِيسَى وَمُحَمَّد عَلَيْهِمَا السَّلَام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 211720 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ زَكَرِيَّا , عَنْ عَامِر { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } قَالَ : الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى : مَا بَيْن عِيسَى وَمُحَمَّد عَلَيْهِمَا السَّلَام . وَقَالَ آخَرُونَ : ذَلِكَ مَا بَيْن آدَم وَنُوح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21721 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ الْحَكَم { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } قَالَ : وَكَانَ بَيْن آدَم وَنُوح ثَمَانمِائَةِ سَنَة , فَكَانَ نِسَاؤُهُمْ مِنْ أَقْبَح مَا يَكُون مِنْ النِّسَاء , وَرِجَالهمْ حِسَان , فَكَانَتْ الْمَرْأَة تُرِيد الرَّجُلَ عَلَى نَفْسه , فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ بَيْن نُوح وَإِدْرِيس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21722 - حَدَّثَنِي ابْن زُهَيْر , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , يَعْنِي ابْن أَبِي الْفُرَات , قَالَ : ثنا عِلْبَاء بْن أَحْمَر , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : تَلَا هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } قَالَ : كَانَ فِيمَا بَيْن نُوح وَإِدْرِيس , وَكَانَتْ أَلْف سَنَة ; وَإِنَّ بَطْنَيْنِ مِنْ وَلَد آدَم كَانَ أَحَدهمَا يَسْكُن السَّهْلَ , وَالْآخَر يَسْكُن الْجَبَلَ , وَكَانَ رِجَال الْجَبَل صِبَاحًا , وَفِي النِّسَاء دَمَامَة , وَكَانَ نِسَاء السَّهْل صِبَاحًا , وَفِي الرِّجَال دَمَامَة , وَإِنَّ إِبْلِيس أَتَى رَجُلًا مِنْ أَهْل السَّهْل فِي صُورَة غُلَام , فَأَجَرَ نَفْسَهُ مِنْهُ , وَكَانَ يَخْدُمهُ , وَاتَّخَذَ إِبْلِيس شَيْئًا مِثْل ذَلِكَ الَّذِي يُزَمِّر فِيهِ الرِّعَاء , فَجَاءَ فِيهِ بِصَوْتٍ لَمْ يُسْمَع مِثْله , فَبَلَغَ ذَلِكَ مَنْ حَوْلهمْ , فَانْتَابُوهُمْ يَسْمَعُونَ إِلَيْهِ , وَاتَّخَذُوا عِيدًا يَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ فِي السَّنَة , فَتَتَبَرَّجَ الرِّجَال لِلنِّسَاءِ . قَالَ : وَيَتَزَيَّن النِّسَاء لِلرِّجَالِ , وَإِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْل الْجَبَل هَجَمَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِي عِيدهمْ ذَلِكَ , فَرَأَى النِّسَاءَ , فَأَتَى أَصْحَابَهُ فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ , فَتَحَوَّلُوا إِلَيْهِنَّ , فَنَزَلُوا مَعَهُنَّ , فَظَهَرَتْ الْفَاحِشَة فِيهِنَّ , فَهُوَ قَوْل اللَّه : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْره نَهَى نِسَاء النَّبِيِّ أَنْ يَتَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى , وَجَائِز أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَا بَيْنَ آدَم وَعِيسَى , فَيَكُون مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى الَّتِي قَبْلَ الْإِسْلَام , فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَوَفِي الْإِسْلَام جَاهِلِيَّة حَتَّى يُقَال : عَنَى بِقَوْلِهِ { الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } الَّتِي قَبْلَ الْإِسْلَام ؟ قِيلَ : فِيهِ أَخْلَاق مِنْ أَخْلَاق الْجَاهِلِيَّة . كَمَا : 21723 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } قَالَ : يَقُول : الَّتِي كَانَتْ قَبْل الْإِسْلَام , قَالَ : وَفِي الْإِسْلَام جَاهِلِيَّة ؟ قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي الدَّرْدَاء , وَقَالَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يُنَازِعهُ : يَا ابْن فُلَانَة , لِأُمٍّ كَانَ يُعَيِّرهُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّة , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا أَبَا الدَّرْدَاء إِنَّ فِيك جَاهِلِيَّة " , قَالَ : أَجَاهِلِيَّة كُفْر أَوْ إِسْلَام ؟ قَالَ : " بَلْ جَاهِلِيَّة كُفْر " , قَالَ : فَتَمَنَّيْت أَنْ لَوْ كُنْت ابْتَدَأْت إِسْلَامِي يَوْمَئِذٍ . قَالَ : وَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاث مِنْ عَمَل أَهْل الْجَاهِلِيَّة لَا يَدَعهُنَّ النَّاس : الطَّعْن بِالْأَنْسَابِ , وَالِاسْتِمْطَار بِالْكَوَاكِبِ , وَالنِّيَاحَة " . 21724 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنِي سُلَيْمَان بْن بِلَال , عَنْ ثَوْر , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس , أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب , قَالَ لَهُ : أَرَأَيْت قَوْل اللَّه لِأَزْوَاجِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } هَلْ كَانَتْ إِلَّا وَاحِدَة , فَقَالَ ابْن عَبَّاس : وَهَلْ كَانَتْ مِنْ أُولَى إِلَّا وَلَهَا آخِرَة ؟ فَقَالَ عُمَر : لِلَّهِ دَرّك يَا ابْنَ عَبَّاس , كَيْفَ قُلْت ؟ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , هَلْ كَانَتْ مِنْ أُولَى إِلَّا وَلَهَا آخِرَة ؟ قَالَ : فَأْتِ بِتَصْدِيقِ مَا تَقُول مِنْ كِتَاب اللَّه , قَالَ : نَعَمْ { وَجَاهِدُوا فِي اللَّه حَقَّ جِهَاده } 22 78 كَمَا جَاهَدْتُمْ أَوَّلَ مَرَّة . قَالَ عُمَر : فَمَنْ أُمِرَ بِالْجِهَادِ ؟ قَالَ : قَبِيلَتَانِ مِنْ قُرَيْش : مَخْزُوم , وَبَنُو عَبْد شَمْس , فَقَالَ عُمَر : صَدَقْت . وَجَائِز أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَا بَيْن آدَم وَنُوح , وَجَائِز أَنْ يَكُونَ مَا بَيْن إِدْرِيس وَنُوح , فَتَكُون الْجَاهِلِيَّة الْآخِرَة , مَا بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّد , وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَمِلهُ ظَاهِر التَّنْزِيل . فَالصَّوَاب أَنْ يُقَال فِي ذَلِكَ , كَمَا قَالَ اللَّه : إِنَّهُ نَهَى عَنْ تَبَرُّج الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى . وَقَوْله : { وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ } يَقُول : وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ , وَآتِينَ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْكُنَّ فِي أَمْوَالكُنَّ { وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } فِيمَا أَمَرَاكُنَّ وَنَهَيَاكُنَّ { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت } يَقُول : إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمْ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ يَا أَهْلَ بَيْت مُحَمَّد , وَيُطَهِّرَكُمْ مِنْ الدَّنَس الَّذِي يَكُون فِي أَهْل مَعَاصِي اللَّه تَطْهِيرًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21725 - بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } فَهُمْ أَهْل بَيْت طَهَّرَهُمْ اللَّه مِنْ السُّوء , وَخَصَّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ . 21726 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } قَالَ : الرِّجْس هَا هُنَا : الشَّيْطَان , وَسِوَى ذَلِكَ مِنْ الرِّجْس : الشِّرْك. اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِينَ عَنَوْا بِقَوْلِهِ { أَهْلَ الْبَيْت } فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيّ وَفَاطِمَة وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن رِضْوَان اللَّه عَلَيْهِمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21727 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا بَكْر بْن يَحْيَى بْن زَبَّانَ الْعَنَزِيّ , قَالَ : ثنا مَنْدَل , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي خَمْسَة : فِيَّ , وَفِي عَلِيّ , وَحَسَن , وَحُسَيْن رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , وَفَاطِمَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا " { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } . 21728 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , عَنْ زَكَرِيَّا , عَنْ مُصْعَب بْن شَيْبَة , عَنْ صَفِيَّة بِنْت شَيْبَةَ قَالَتْ : قَالَتْ عَائِشَة : خَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَات غَدَاة , وَعَلَيْهِ مِرْط مُرَجَّل مِنْ شَعْر أَسْوَد , فَجَاءَ الْحَسَن , فَأَدْخَلَهُ مَعَهُ , ثُمَّ قَالَ : { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } . 21729 -حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بَكْر , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ أَنَس أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمُرّ بِبَيْتِ فَاطِمَةَ سِتَّة أَشْهَر , كُلَّمَا خَرَجَ إِلَى الصَّلَاة فَيَقُول : " الصَّلَاة أَهْل الْبَيْت " { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } . 21730 -حَدَّثَنِي مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم بْن سُوَيْد النَّخَعِيّ , عَنْ هِلَال , يَعْنِي ابْن مِقْلَاص , عَنْ زُبَيْد , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , عَنْ أُمّ سَلَمَة , قَالَتْ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدِي , وَعَلِيّ وَفَاطِمَة وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن , فَجَعَلْت لَهُمْ خَزِيرَة , فَأَكَلُوا وَنَامُوا , وَغَطَّى عَلَيْهِمْ عَبَاءَة أَوْ قَطِيفَة , ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْل بَيْتِي , أَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْس وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا " . 21731 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو دَاوُدَ , عَنْ أَبِي الْحَمْرَاء , قَالَ : رَابَطْت الْمَدِينَة سَبْعَة أَشْهُر عَلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْر , جَاءَ إِلَى بَاب عَلِيّ وَفَاطِمَةَ فَقَالَ : " الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ " { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } . * حَدَّثَنِي عَبْد الْأَعْلَى بْن وَاصِل , قَالَ : ثنا الْفَضْل بْن دُكَيْن , قَالَ : ثنا يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق , بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْله . 21732 - حَدَّثَنِي عَبْد الْأَعْلَى بْن وَاصِل , قَالَ : ثنا الْفَضْل بْن دُكَيْن , قَالَ : ثنا عَبْد السَّلَام بْن حَرْب , عَنْ كُلْثُوم الْمُحَارِبِيّ , عَنْ أَبِي عَمَّار , قَالَ : إِنِّي لَجَالِس عِنْدَ وَاثِلَة بْن الْأَسْقَع إِذْ ذَكَرُوا عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَشَتَمُوهُ ; فَلَمَّا قَامُوا , قَالَ : اجْلِسْ حَتَّى أُخْبِرَك عَنْ هَذَا الَّذِي شَتَمُوا , إِنِّي عِنْدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِذْ جَاءَهُ عَلِيّ وَفَاطِمَة وَحَسَن وَحُسَيْن , فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ كِسَاء لَهُ , ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْل بَيْتِي , اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْس وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا " . قُلْت : يَا رَسُول اللَّه وَأَنَا ؟ قَالَ : " وَأَنْتَ " ; قَالَ : فَوَاللَّهِ إِنَّهَا لَأَوْثَقُ عَمَلِي عِنْدِي . * حَدَّثَنِي عَبْد الْكَرِيم بْن أَبِي عُمَيْر , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : ثنا أَبُو عَمْرو , قَالَ : ثني شَدَّاد أَبُو عَمَّار قَالَ : سَمِعْت وَاثِلَة بْن الْأَسْقَع يُحَدِّث , قَالَ : سَأَلْت عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب فِي مَنْزِله , فَقَالَتْ فَاطِمَة : قَدْ ذَهَبَ يَأْتِي بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِذْ جَاءَ , فَدَخَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَخَلْت , فَجَلَسَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْفِرَاش وَأَجْلَسَ فَاطِمَةَ عَنْ يَمِينه , وَعَلِيًّا عَنْ يَسَاره وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا بَيْن يَدَيْهِ , فَلَفَعَ عَلَيْهِمْ بِثَوْبِهِ وَقَالَ : وَ { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي , اللَّهُمَّ أَهْلِي أَحَقُّ " . قَالَ وَاثِلَة : فَقُلْت مِنْ نَاحِيَة الْبَيْت : وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّه مِنْ أَهْلِك ؟ قَالَ : " وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِي " , قَالَ وَاثِلَة : إِنَّهَا لَمِنْ أَرْجَى مَا أَرْتَجِي . * حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ عَبْد الْحَمِيد بْن بَهْرَامَ , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , عَنْ فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّةَ , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , عَنْ أُمّ سَلَمَةَ , قَالَتْ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } دَعَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا , فَجَلَّلَ عَلَيْهِمْ كِسَاءَ خَيْبَرِيًّا , فَقَالَ : " اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْل بَيْتِي , اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا " قَالَتْ أُمّ سَلَمَةَ : أَلَسْت مِنْهُمْ ؟ قَالَ : أَنْتَ إِلَى خَيْر . 21733 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مُصْعَب بْن الْمِقْدَام , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن زَرْبِيّ , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ أُمّ سَلَمَةَ , قَالَتْ : جَاءَتْ فَاطِمَة إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْمَةٍ لَهَا قَدْ صَنَعَتْ فِيهَا عَصِيدَةً تَحِلّهَا عَلَى طَبَق , فَوَضَعَتْهُ بَيْن يَدَيْهِ , فَقَالَ : " وَأَيْنَ ابْن عَمّك وَابْنَاك ؟ " فَقَالَتْ : فِي الْبَيْت , فَقَالَ : " ادْعِيهِمْ " , فَجَاءَتْ إِلَى عَلِيّ , فَقَالَتْ : أَجِبْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتَ وَابْنَاك. قَالَتْ أُمّ سَلَمَةَ : فَلَمَّا رَآهُمْ مُقْبِلِينَ مَدّ يَدَهُ إِلَى كِسَاء كَانَ عَلَى الْمَنَامَة فَمَدَّهُ وَبَسَطَهُ وَأَجْلَسَهُمْ عَلَيْهِ , ثُمَّ أَخَذَ بِأَطْرَافِ الْكِسَاء الْأَرْبَعَة بِشِمَالِهِ , فَضَمَّهُ فَوْقَ رُءُوسهمْ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى إِلَى رَبّه , فَقَالَ : " هَؤُلَاءِ أَهْل الْبَيْت , فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا " . 21734 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا حَسَن بْن عَطِيَّة , قَالَ : ثنا فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ أَبِي سَعِيد عَنْ أُمّ سَلَمَةَ زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي بَيْتهَا { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } قَالَتْ : وَأَنَا جَالِسَة عَلَى بَاب الْبَيْت , فَقُلْت : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّه أَلَسْت مِنْ أَهْل الْبَيْت ؟ قَالَ : " إِنَّك إِلَى خَيْر , أَنْتِ مِنْ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَتْ : وَفِي الْبَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيّ وَفَاطِمَة وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ . 21735 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا خَالِد بْن مَخْلَد , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن يَعْقُوب , قَالَ : ثني هَاشِم بْن هَاشِم بْن عُتْبَة بْن أَبِي وَقَّاص , عَنْ عَبْد اللَّه بْن وَهْب بْن زَمْعَةَ , قَالَ : أَخْبَرَتْنِي أُمّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ عَلِيًّا وَالْحَسَنَيْنِ , ثُمَّ أَدْخَلَهُمْ تَحْتَ ثَوْبه , ثُمَّ جَأَرَ إِلَى اللَّه , ثُمَّ قَالَ : " هَؤُلَاءِ أَهْل بَيْتِي " , فَقَالَتْ أُمّ سَلَمَةَ : يَا رَسُولَ اللَّه أَدْخِلْنِي مَعَهُمْ , قَالَ : " إِنَّك مِنْ أَهْلِي " . 21736 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن صَالِح , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الْأَصْبَهَانِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن عُبَيْد الْمَكِّيّ , عَنْ عَطَاء , عَنْ عُمَر بْن أَبِي سَلَمَة , قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْت أُمّ سَلَمَةَ { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } فَدَعَا حَسَنًا وَحُسَيْنًا وَفَاطِمَة , فَأَجْلَسَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ , وَدَعَا عَلِيًّا فَأَجْلَسَهُ خَلْفَهُ , فَتَجَلَّلَ هُوَ وَهُمْ بِالْكِسَاءِ ثُمَّ قَالَ : وَهَؤُلَاءِ أَهْل بَيْتِي , فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا " - قَالَتْ أُمّ سَلَمَة : أَنَا مَعَهُمْ مَكَانَك وَأَنْتِ عَلَى خَيْر . 21737 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن أَبَانَ , قَالَ : ثنا الصَّبَّاح بْن يَحْيَى الْمُرِّيّ , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي الدَّيْلَم , قَالَ : قَالَ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن لِرَجُلٍ مِنْ أَهْل الشَّام : أَمَا قَرَأْت فِي الْأَحْزَاب : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } قَالَ : وَلَأَنْتُمْ هُمْ ؟ قَالَ : نَعَمْ . 21738 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر الْحَنَفِيّ , قَالَ : ثنا بُكَيْر بْن مِسْمَار , قَالَ : سَمِعْت عَامِر بْن سَعْد , قَالَ : قَالَ سَعْد : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْي , فَأَخَذَ عَلِيًّا وَابْنَيْهِ وَفَاطِمَةَ , وَأَدْخَلَهُمْ تَحْتَ ثَوْبه , ثُمَّ قَالَ : " رَبِّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي وَأَهْل بَيْتِي " . 21739 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْقُدُّوس , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ حَكِيم بْن سَعْد , قَالَ : ذَكَرْنَا عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عِنْدَ أُمّ سَلَمَةَ قَالَتْ : فِيهِ نَزَلَتْ : { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } قَالَتْ أُمّ سَلَمَةَ : جَاءَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِي , فَقَالَ : " لَا تَأْذَنِي لِأَحَدٍ " , فَجَاءَتْ فَاطِمَة , فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَحْجُبهَا عَنْ أَبِيهَا , ثُمَّ جَاءَ الْحَسَن , فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَمْنَعَهُ أَنْ يَدْخُل عَلَى جَدّه وَأُمّه , وَجَاءَ الْحُسَيْن , فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَحْجُبهُ , فَاجْتَمَعُوا حَوْلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بِسَاط , فَجَلَّلَهُمْ نَبِيّ اللَّه بِكِسَاءٍ كَانَ عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : " هَؤُلَاءِ أَهْل بَيْتِي , فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة حِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى الْبِسَاط ; قَالَتْ : فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّه : وَأَنَا , قَالَتْ : فَوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ وَقَالَ : " إِنَّك إِلَى خَيْر " . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ أَزْوَاجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21740 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْأَصْبَغُ , عَنْ عَلْقَمَةَ , قَالَ : كَانَ عِكْرِمَة يُنَادِي فِي السُّوق : { إِنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } قَالَ : نَزَلَتْ فِي نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة .'; $TAFSEER['3']['33']['34'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتكُنَّ مِنْ آيَات اللَّه وَالْحِكْمَة إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِأَزْوَاجِ نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاذْكُرْنَ نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُنَّ , بِأَنْ جَعَلَكُنَّ فِي بُيُوت تُتْلَى فِيهَا آيَات اللَّه وَالْحِكْمَة , فَاشْكُرْنَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ , وَاحْمَدْنَهُ عَلَيْهِ ; وَعَنَى بِقَوْلِهِ : { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتكُنَّ مِنْ آيَات اللَّه } وَاذْكُرْنَ مَا يُقْرَأ فِي بُيُوتكُنَّ مِنْ آيَات كِتَاب اللَّه وَالْحِكْمَة ; وَيَعْنِي بِالْحِكْمَةِ : مَا أُوحِيَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْكَام دِين اللَّه , وَلَمْ يَنْزِل بِهِ قُرْآن , وَذَلِكَ السُّنَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21741 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتكُنَّ مِنْ آيَات اللَّه وَالْحِكْمَة } : أَيْ السُّنَّة , قَالَ : يَمْتَنّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ , وَقَوْله : { إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّهَ كَانَ ذَا لُطْف بِكُنَّ , إِذْ جَعَلَكُنَّ فِي الْبُيُوت الَّتِي تُتْلَى فِيهَا آيَاته وَالْحِكْمَة , خَبِيرًا بِكُنَّ إِذْ اخْتَارَكُنَّ لِرَسُولِهِ أَزْوَاجًا.'; $TAFSEER['3']['33']['35'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَات وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَات وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَات وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَات وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَات وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَات وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَات وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَات أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ مَغْفِرَة وَأَجْرًا عَظِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الْمُتَذَلِّلِينَ لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ وَالْمُتَذَلِّلَات , وَالْمُصَدِّقِينَ وَالْمُصَدِّقَات رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَات لِلَّهِ , وَالْمُطِيعِينَ لِلَّهِ وَالْمُطِيعَات لَهُ فِيمَا أَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ , وَالصَّادِقِينَ لِلَّهِ فِيمَا عَاهَدُوهُ عَلَيْهِ وَالصَّادِقَات فِيهِ , وَالصَّابِرِينَ لِلَّهِ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء عَلَى الثَّبَات عَلَى دِينه , وَحِينَ الْبَأْس وَالصَّابِرَات , وَالْخَاشِعَة قُلُوبهمْ لِلَّهِ وَجَلًا مِنْهُ وَمِنْ عِقَابه وَالْخَاشِعَات , وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَات , وَهُمْ الْمُؤَدُّونَ حُقُوقَ اللَّه مِنْ أَمْوَالهمْ وَالْمُؤَدِّيَات , وَالصَّائِمِينَ شَهْرَ رَمَضَان الَّذِي فَرَضَ اللَّه صَوْمه عَلَيْهِمْ وَالصَّائِمَات , الْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجهمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ , وَالْحَافِظَات ذَلِكَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجهنَّ إِنْ كُنَّ حَرَائِر , أَوْ مَنْ مَلَكهنَّ إِنْ كُنَّ إِمَاء , وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ بِقُلُوبِهِمْ وَأَلْسِنَتهمْ وَجَوَارِحهمْ وَالذَّاكِرَات , كَذَلِكَ أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ مَغْفِرَة لِذُنُوبِهِمْ , وَأَجْرًا عَظِيمًا : يَعْنِي ثَوَابًا فِي الْآخِرَة عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالهمْ عَظِيمًا , وَذَلِكَ الْجَنَّة. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21742 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : دَخَلَ نِسَاء عَلَى نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْنَ : قَدْ ذَكَرَكُنَّ اللَّه فِي الْقُرْآن , وَلَمْ نُذْكَر بِشَيْءٍ , أَمَا فِينَا مَا يُذْكَر ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَات } : أَيْ الْمُطِيعِينَ وَالْمُطِيعَات { وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَات } : أَيْ الْخَائِفِينَ وَالْخَائِفَات { أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ مَغْفِرَة } لِذُنُوبِهِمْ { وَأَجْرًا عَظِيمًا } فِي الْجَنَّة . 21743 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَأَجْرًا عَظِيمًا } قَالَ : الْجَنَّة وَفِي قَوْله : { وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَات } قَالَ : الْمُطِيعِينَ وَالْمُطِيعَات . 21744 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَامِر , قَالَ : الْقَانِتَات : وَالْمُطِيعَات . 21745 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قَالَتْ أُمّ سَلَمَة : يَا رَسُولَ اللَّه يُذْكَر الرِّجَال وَلَا نُذْكَر , فَنَزَلَتْ : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات } * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي سَلَمَة , أَنَّ يَحْيَى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حَاطِب , حَدَّثَهُ , عَنْ أُمّ سَلَمَة قَالَتْ : قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّه , أَيُذْكَرُ الرِّجَال فِي كُلّ شَيْء , وَلَا نُذْكَر ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات } . . . . الْآيَة . 21746 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا سَيَّار بْن مُظَاهِر الْعَنَزِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو كُدَيْنَةَ يَحْيَى بْن مُهَلَّب , عَنْ قَابُوس بْن أَبِي ظَبْيَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَالَهُ يَذْكُر الْمُؤْمِنِينَ , وَلَا يَذْكُر الْمُؤْمِنَات ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات } . . . الْآيَةَ . 21747 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات } قَالَ : قَالَتْ أُمّ سَلَمَةَ زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا لِلنِّسَاءِ لَا يُذْكَرْنَ مَعَ الرِّجَال فِي الصَّلَاح ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة . 21748 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمَعْمَر , قَالَ : ثنا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَاحِد , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن حَكِيم , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن شَيْبَة , قَالَ : سَمِعْت أُمّ سَلَمَةَ زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُول : قُلْت لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللَّه , مَا لَنَا لَا نُذْكَر فِي الْقُرْآن كَمَا يُذْكَر الرِّجَال ؟ قَالَتْ : فَلَمْ يَرُعْنِي ذَاتَ يَوْم ظُهْرًا إِلَّا نِدَاؤُهُ عَلَى الْمِنْبَر وَأَنَا أُسَرِّح رَأْسِي , فَلَفَفْت شَعْرِي ثُمَّ خَرَجْت إِلَى حُجْرَة مِنْ حُجَرهنَّ , فَجَعَلْت سَمْعِي عِنْدَ الْجَرِيد , فَإِذَا هُوَ يَقُول عَلَى الْمِنْبَر : " يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ اللَّهَ يَقُول فِي كِتَابه " : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات } . . . . إِلَى قَوْله : { أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ مَغْفِرَة وَأَجْرًا عَظِيمًا }'; $TAFSEER['3']['33']['36'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَة مِنْ أَمْرهمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَمْ يَكُنْ لِمُؤْمِنٍ بِاللَّهِ وَرَسُوله , وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله فِي أَنْفُسهمْ قَضَاء أَنْ يَتَخَيَّرُوا مِنْ أَمْرهمْ غَيْر الَّذِي قَضَى فِيهِمْ , وَيُخَالِفُوا أَمْر اللَّه وَأَمْر رَسُوله وَقَضَاءَهُمَا فَيَعْصُوهُمَا , وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِيمَا أَمَرَا أَوْ نَهَيَا { فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا } يَقُول : فَقَدْ جَارَ عَنْ قَصْد السَّبِيل , وَسَلَكَ غَيْرَ سَبِيل الْهُدَى وَالرَّشَاد . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي زَيْنَب بِنْت جَحْش حِين خَطَبَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَتَاهُ زَيْد بْن حَارِثَة , فَامْتَنَعَتْ مِنْ إِنْكَاحه نَفْسَهَا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21749 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا } . . . . إِلَى آخِر الْآيَة , وَذَلِكَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْطَلَقَ يَخْطُب عَلَى فَتَاهُ زَيْد بْن حَارِثَة , فَدَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْش الْأَسَدِيَّة فَخَطَبَهَا , فَقَالَتْ : لَسْت بِنَاكِحَتِهِ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَانْكِحِيهِ " , فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّه أُؤَامَر فِي نَفْسِي ! فَبَيْنَمَا هُمَا يَتَحَدَّثَانِ أَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة عَلَى رَسُوله : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة } . . . إِلَى قَوْله : { ضَلَالًا مُبِينًا } قَالَتْ : قَدْ رَضِيته لِي يَا رَسُول اللَّه مَنْكَحًا ؟ قَالَ : " نَعَمْ " , قَالَتْ : إِذَنْ لَا أَعْصِي رَسُولَ اللَّه , قَدْ أَنْكَحْته نَفْسِي . 21750 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { أَنْ تَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَة مِنْ أَمْرهمْ } قَالَ : زَيْنَب بِنْت جَحْش وَكَرَاهَتهَا نِكَاحَ زَيْد بْن حَارِثَة حِين أَمَرَهَا بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 21751 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَة مِنْ أَمْرهمْ } قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي زَيْنَب بِنْت جَحْش , وَكَانَتْ بِنْت عَمَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَخَطَبَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضِيَتْ , وَرَأَتْ أَنَّهُ يَخْطُبهَا عَلَى نَفْسه ; فَلَمَّا عَلِمَتْ أَنَّهُ يَخْطُبهَا عَلَى زَيْد بْن حَارِثَة أَبَتْ وَأَنْكَرَتْ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَة مِنْ أَمْرهمْ } قَالَ : فَتَابَعَتْهُ بَعْد ذَلِكَ وَرَضِيَتْ . 21752 - حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْد الْوَصَّافِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن حِمْيَر , قَالَ : ثنا ابْن لَهِيعَة , عَنِ ابْن أَبِي عَمْرَة , عَنْ عِكْرِمَة عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : خَطَبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَب بِنْت جَحْش لِزَيْدِ بْن حَارِثَة , فَاسْتَنْكَفَتْ مِنْهُ وَقَالَتْ : أَنَا خَيْر مِنْهُ حَسَبًا , وَكَانَتْ امْرَأَة فِيهَا حِدَة , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا } . . الْآيَة كُلّهَا . وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي أُمّ كُلْثُوم بِنْت عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط , وَذَلِكَ أَنَّهَا وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَزَوَّجَهَا زَيْد بْن حَارِثَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21753 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا } . . .. إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : نَزَلَتْ فِي أُمّ كُلْثُوم بِنْت عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط , وَكَانَتْ مِنْ أَوَّل مَنْ هَاجَرَ مِنْ النِّسَاء , فَوَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَزَوَّجَهَا زَيْدَ بْن حَارِثَة , فَسَخِطَتْ هِيَ وَأَخُوهَا , وَقَالَا : إِنَّمَا أَرَدْنَا رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَوَّجْنَا عَبْدَهُ ! قَالَ : فَنَزَلَ الْقُرْآن : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَة مِنْ أَمْرهمْ } . . . إِلَى آخِر الْآيَة قَالَ : وَجَاءَ أَمْر أَجْمَع مِنْ هَذَا : { النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ } 33 6 . قَالَ : فَذَاكَ خَاصّ , وَهَذَا إِجْمَاع .'; $TAFSEER['3']['33']['37'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذْ تَقُول لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِ وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّه أَحَقّ أَنْ تَخْشَاهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِتَابًا مِنَ اللَّه لَهُ { وَ } اذْكُرْ يَا مُحَمَّد { إِذْ تَقُول لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِ } بِالْهِدَايَةِ { وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ } بِالْعِتْقِ , يَعْنِي زَيْد بْن حَارِثَة مَوْلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك وَاتَّقِ اللَّهَ } , وَذَلِكَ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْت جَحْش فِيمَا ذُكِرَ رَآهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْجَبَتْهُ , وَهِيَ فِي حِبَال مَوْلَاهُ , فَأُلْقِيَ فِي نَفْس زَيْد كَرَاهَتهَا لِمَا عَلِمَ اللَّه مِمَّا وَقَعَ فِي نَفْس نَبِيّه مَا وَقَعَ , فَأَرَادَ فِرَاقَهَا , فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدٌ , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك } وَهُوَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبّ أَنْ تَكُونَ قَدْ بَانَتْ مِنْهُ لِيَنْكِحَهَا , { وَاتَّقِ اللَّهَ } وَخَفْ اللَّه فِي الْوَاجِب لَهُ عَلَيْك فِي زَوْجَتك { وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه } يَقُول : وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَحَبَّة فِرَاقه إِيَّاهَا لِتَتَزَوَّجهَا إِنْ هُوَ فَارَقَهَا , وَاللَّه مُبْدٍ مَا تُخْفِي فِي نَفْسك مِنْ ذَلِكَ { وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّه أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَتَخَاف أَنْ يَقُول النَّاس : أَمَرَ رَجُلًا بِطَلَاقِ امْرَأَته وَنَكَحَهَا حِين طَلَّقَهَا , وَاللَّه أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ مِنَ النَّاس . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21754 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِذْ تَقُول لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِ } وَهُوَ زَيْد أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ , وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ أَعْتَقَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه } قَالَ : وَكَانَ يُخْفِي فِي نَفْسه وَدَّ أَنَّهُ طَلَّقَهَا . قَالَ الْحَسَن : مَا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ آيَة كَانَتْ أَشَدّ عَلَيْهِ مِنْهَا قَوْله : { وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه } وَلَوْ كَانَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا مِنْ الْوَحْي لَكَتَمَهَا { وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّه أَحَقّ أَنْ تَخْشَاهُ } قَالَ : خَشِيَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَة النَّاس . 21755 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ زَوَّجَ زَيْد بْن حَارِثَة زَيْنَب بِنْت جَحْش , ابْنَة عَمَّته , فَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا يُرِيدهُ وَعَلَى الْبَاب سِتْر مِنْ شَعْر , فَرَفَعَتْ الرِّيح السِّتْر فَانْكَشَفَ , وَهِيَ فِي حُجْرَتهَا حَاسِرَة , فَوَقَعَ إِعْجَابهَا فِي قَلْب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَلَمَّا وَقَعَ ذَلِكَ كُرِّهَتْ إِلَى الْآخَر , فَجَاءَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّه , إِنِّي أُرِيد أَنْ أُفَارِقَ صَاحِبَتِي , قَالَ : " مَالَك , أَرَابَك مِنْهَا شَيْءٌ ؟ " قَالَ : لَا , وَاللَّه مَا رَابَنِي مِنْهَا شَيْء يَا رَسُولَ اللَّه , وَلَا رَأَيْت إِلَّا خَيْرًا , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك وَاتَّقِ اللَّهَ " , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { وَإِذْ تَقُول لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِ وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك وَاتَّقِ اللَّه وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه } تُخْفِي فِي نَفْسك إِنْ فَارَقَهَا تَزَوَّجْتهَا . 21756 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مُوسَى الْجُرَشِيّ , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ ثَابِت , عَنْ أَبِي حَمْزَة , قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه } فِي زَيْنَب بِنْت جَحْش . 21757 - حَدَّثَنَا خَلَّاد بْن أَسْلَمَ , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد بْن جُدْعَانَ , عَنْ عَلِيّ بْن حُسَيْن , قَالَ : كَانَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَعْلَمَ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ زَيْنَبَ سَتَكُونُ مِنْ أَزْوَاجه , فَلَمَّا أَتَاهُ زَيْد يَشْكُوهَا قَالَ : اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك , قَالَ اللَّه : { وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه } . 21758 - حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن شَاهِين , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , عَنْ عَامِر , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : لَوْ كَتَمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ مِنْ كِتَاب اللَّه لَكَتَمَ : { وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّه أَحَقّ أَنْ تَخْشَاهُ } . وَقَوْله : { فَلَمَّا قَضَى زَيْد مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا قَضَى زَيْد بْن حَارِثَة مِنْ زَيْنَب حَاجَته , وَهِيَ الْوَطَر ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : وَدَّعَنِي قَبْلَ أَنْ أُوَدِّعهُ لَمَّا قَضَى مِنْ شَبَابِنَا وَطَرَا { زَوَّجْنَاكهَا } يَقُول : زَوَّجْنَاك زَيْنَب بَعْدَمَا طَلَّقَهَا زَيْد وَبَانَتْ مِنْهُ { لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَج فِي أَزْوَاج أَدْعِيَائِهِمْ } يَعْنِي : فِي نِكَاح نِسَاء مَنْ تَبَنَّوْا وَلَيْسُوا بِبَنِيهِمْ وَلَا أَوْلَادهمْ عَلَى صِحَّة إِذَا هُمْ طَلَّقُوهُنَّ وَبِنَّ مِنْهُمْ { إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا } يَقُول : إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ حَاجَاتهمْ , وَآرَابهمْ وَفَارَقُوهُنَّ وَحَلَلْنَ لِغَيْرِهِمْ , وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نُزُولًا مِنْهُمْ لَهُمْ عَنْهُنَّ { وَكَانَ أَمْر اللَّه مَفْعُولًا } يَقُول : وَكَانَ مَا قَضَى اللَّه مِنْ قَضَاء مَفْعُولًا : أَيْ كَائِنًا كَانَ لَا مَحَالَة , وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ قَضَاءَ اللَّه فِي زَيْنَب أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَاضِيًا مَفْعُولًا كَائِنًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21759 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَج فِي أَزْوَاج أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا } يَقُول : إِذَا طَلَّقُوهُنَّ , وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَنَّى زَيْد بْن حَارِثَة . 21760 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَلَمَّا قَضَى زَيْد مِنْهَا وَطَرًا } . . إِلَى قَوْله : { وَكَانَ أَمْر اللَّه مَفْعُولًا } إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ غَيْر نَازِل لَك , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه : { وَحَلَائِل أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابكُمْ } 4 23 21761 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُثْمَان الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثنا جَعْفَر بْن عَوْن , عَنْ الْمُعَلَّى بْن عِرْفَان , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن جَحْش , قَالَ : تَفَاخَرَتْ عَائِشَة وَزَيْنَب , قَالَ : فَقَالَتْ زَيْنَب : أَنَا الَّذِي نَزَلَ تَزْوِيجِي . 21762 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنِ الشَّعْبِيّ قَالَ : كَانَتْ زَيْنَب زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُول لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي لَأَدَلّ عَلَيْك بِثَلَاثٍ مَا مِنْ نِسَائِك امْرَأَة تَدُلّ بِهِنَّ . إِنَّ جَدِّي وَجَدّك وَاحِد , وَإِنِّي أَنْكَحَنِيكَ اللَّه مِنَ السَّمَاء , وَإِنَّ السَّفِيرَ لَجَبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام .'; $TAFSEER['3']['33']['38'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا كَانَ عَلَى النَّبِيّ مِنْ حَرَج فِيمَا فَرَضَ اللَّه لَهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا كَانَ عَلَى النَّبِيّ مِنْ حَرَج مِنْ إِثْم فِيمَا أَحَلَّ اللَّه لَهُ مِنْ نِكَاح امْرَأَة مَنْ تَبَنَّاهُ بَعْدَ فِرَاقه إِيَّاهَا , كَمَا : 21763 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { مَا كَانَ عَلَى النَّبِيّ مِنْ حَرَج فِيمَا فَرَضَ اللَّه لَهُ } : أَيْ أَحَلَّ اللَّه لَهُ . وَقَوْله : { سُنَّة اللَّه فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل } يَقُول : لَمْ يَكُنْ اللَّه تَعَالَى لِيُؤْثِم نَبِيَّهُ فِيمَا أَحَلَّ لَهُ مِثَالَ فِعْله بِمَنْ قَبْلَهُ مِنْ الرُّسُل الَّذِينَ مَضَوْا قَبْلَهُ فِي أَنَّهُ لَمْ يُؤْثِمْهُمْ بِمَا أَحَلَّ لَهُمْ , لَمْ يَكُنْ لِنَبِيِّهِ أَنْ يَخْشَى النَّاسَ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ أَوْ أَحَلَّهُ لَهُ , وَنُصِبَ قَوْله : { سُنَّةَ اللَّه } عَلَى مَعْنَى : حَقًّا مِنَ اللَّه , كَأَنَّهُ قَالَ : فَعَلْنَا ذَلِكَ سُنَّةً مِنَّا. وَقَوْله : { وَكَانَ أَمْر اللَّه قَدَرًا مَقْدُورًا } يَقُول : وَكَانَ أَمْر اللَّه قَضَاء مَقْضِيًّا , وَكَانَ ابْن زَيْد يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 21764 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَكَانَ أَمْر اللَّه قَدَرًا مَقْدُورًا } إِنَّ اللَّهَ كَانَ عِلْمه مَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا , فَأَتَمَّهُ فِي عِلْمه أَنْ يَخْلُقَ خَلْقًا , وَيَأْمُرَهُمْ وَيَنْهَاهُمْ , وَيَجْعَلَ ثَوَابًا لِأَهْلِ طَاعَته , وَعِقَابًا لِأَهْلِ مَعْصِيَتَهُ ; فَلَمَّا ائْتَمَرَ ذَلِكَ الْأَمْر قَدَّرَهُ , فَلَمَّا قَدَّرَهُ كَتَبَ وَغَابَ عَلَيْهِ , فَسَمَّاهُ الْغَيْب وَأُمّ الْكِتَاب , وَخَلَقَ الْخَلْقَ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَاب أَرْزَاقهمْ وَآجَالهمْ وَأَعْمَالهمْ , وَمَا يُصِيبهُمْ مِنَ الْأَشْيَاء مِنْ الرَّخَاء وَالشِّدَّة مِنَ الْكِتَاب الَّذِي كَتَبَهُ أَنَّهُ يُصِيبهُمْ ; وَقَرَأَ : { أُولَئِكَ يَنَالهُمْ نَصِيبهمْ مِنَ الْكِتَاب حَتَّى } 7 37 إِذَا نَفِدَ ذَلِكَ { جَاءَتْهُمْ رُسُلنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ } 7 37 وَأَمَرَ اللَّه الَّذِي ائْتَمَرَ قَدَّرَهُ حِينَ قَدَّرَهُ مُقَدَّرًا , فَلَا يَكُون إِلَّا مَا فِي ذَلِكَ , وَمَا فِي ذَلِكَ الْكِتَاب , وَفِي ذَلِكَ التَّقْدِير , ائْتَمَرَ أَمْرًا ثُمَّ قَدَّرَهُ , ثُمَّ خَلَقَ عَلَيْهِ , فَقَالَ : كَانَ أَمْر اللَّه الَّذِي مَضَى وَفَرَغَ مِنْهُ , وَخَلَقَ عَلَيْهِ الْخَلْق { قَدَرًا مَقْدُورًا } شَاءَ أَمْرًا لِيُمْضِيَ بِهِ أَمْرَهُ وَقَدَرَهُ , وَشَاءَ أَمْرًا يَرْضَاهُ مِنْ عِبَاده فِي طَاعَته ; فَلَمَّا أَنْ كَانَ الَّذِي شَاءَ مِنْ طَاعَته لِعِبَادِهِ رَضِيَهُ لَهُمْ , وَلَمَّا أَنْ كَانَ الَّذِي شَاءَ أَرَادَ أَنْ يَنْفُذ فِيهِ أَمْره وَتَدْبِيرَهُ وَقَدَرَهُ , وَقَرَأَ : { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنّ وَالْإِنْس } 7 179 فَشَاءَ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْل النَّار , وَشَاءَ أَنْ تَكُونَ أَعْمَالُهُمْ أَعْمَالَ أَهْل النَّار , فَقَالَ : { وَكَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّة عَمَلهمْ } 6 108 وَقَالَ : { وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْل أَوْلَادهمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيَرُدُّوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ } 6 137 هَذِهِ أَعْمَال أَهْل النَّار { وَلَوْ شَاءَ اللَّه مَا فَعَلُوهُ } 6 137 قَالَ : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ } 6 112 س إِلَى قَوْله : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّك مَا فَعَلُوهُ } وَقَرَأَ : { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانهمْ } . . . إِلَى { كُلّ شَيْء قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاء اللَّه } أَنْ يُؤْمِنُوا بِذَلِكَ , قَالَ : فَأَخْرَجُوهُ مِنْ اسْمه الَّذِي تَسَمَّى بِهِ , قَالَ : هُوَ الْفَعَّال لِمَا يُرِيد , فَزَعَمُوا أَنَّهُ مَا أَرَادَ .'; $TAFSEER['3']['33']['39'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَات اللَّه وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّه وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : سُنَّة اللَّه فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل مُحَمَّد مِنْ الرُّسُل , الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَات اللَّه إِلَى مَنْ أُرْسِلُوا إِلَيْهِ , وَيَخَافُونَ اللَّهَ فِي تَرْكهمْ تَبْلِيغَ ذَلِكَ إِيَّاهُمْ , وَلَا يَخَافُونَ أَحَدًا إِلَّا اللَّه , فَإِنَّهُمْ إِيَّاهُ يَرْهَبُونَ إِنْ هُمْ قَصَّرُوا عَنْ تَبْلِيغهمْ رِسَالَةَ اللَّه إِلَى مَنْ أُرْسِلُوا إِلَيْهِ . يَقُول لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد : فَمِنْ أُولَئِكَ الرُّسُل الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتهمْ , فَكُنْ وَلَا تَخْشَ أَحَدًا إِلَّا اللَّه , فَإِنَّ اللَّهَ يَمْنَعك مِنْ جَمِيع خَلْقه , وَلَا يَمْنَعك أَحَد مِنْ خَلْقه مِنْهُ , إِنْ أَرَادَ بِك سُوءًا . " وَالَّذِينَ " مِنْ قَوْله : { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَات اللَّه } خَفَضَ رَدًّا عَلَى " الَّذِينَ " الَّتِي فِي قَوْله : { سُنَّةَ اللَّه فِي الَّذِينَ خَلَوْا } , وَقَوْله : { وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَفَاك يَا مُحَمَّد بِاللَّهِ حَافِظًا لِأَعْمَالِ خَلْقه , وَمُحَاسِبًا لَهُمْ عَلَيْهَا.'; $TAFSEER['3']['33']['40'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ وَلَكِنْ رَسُول اللَّه وَخَاتَم النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا كَانَ أَيّهَا النَّاس مُحَمَّد أَبَا زَيْد بْن حَارِثَة , وَلَا أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ , الَّذِينَ لَمْ يَلِدهُ مُحَمَّد , فَيَحْرُم عَلَيْهِ نِكَاح زَوْجَته بَعْد فِرَاقه إِيَّاهَا , وَلَكِنَّهُ رَسُول اللَّه وَخَاتَم النَّبِيِّينَ , الَّذِي خَتَمَ النُّبُوَّة فَطُبِعَ عَلَيْهَا , فَلَا تُفْتَح لِأَحَدٍ بَعْدَهُ إِلَى قِيَام السَّاعَة , وَكَانَ اللَّه بِكُلِّ شَيْء مِنْ أَعْمَالكُمْ وَمَقَالكُمْ وَغَيْر ذَلِكَ ذَا عِلْم لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21765 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيدُ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي زَيْد , إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِابْنِهِ ; وَلَعَمْرِي وَلَقَدْ وُلِدَ لَهُ ذُكُور , إِنَّهُ لَأَبُو الْقَاسِم وَإِبْرَاهِيم وَالطَّيِّب وَالْمُطَهَّر { وَلَكِنْ رَسُول اللَّه وَخَاتَم النَّبِيِّينَ } : أَيْ آخِرهمْ { وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا } . 21766 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن قَادِم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ نُسَيْر بْن ذُعْلُوق , عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن فِي قَوْله : { مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي زَيْد بْن حَارِثَة . وَالنَّصْب فِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى تَكْرِير كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالرَّفْع بِمَعْنَى الِاسْتِئْنَاف , وَلَكِنْ هُوَ رَسُول اللَّه , وَالْقِرَاءَة النَّصْب عِنْدنَا . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَخَاتَم النَّبِيِّينَ } فَقَرَأَ ذَلِكَ قُرَّاء الْأَمْصَار سِوَى الْحَسَن وَعَاصِم بِكَسْرِ التَّاء مِنْ خَاتِم النَّبِيِّينَ , بِمَعْنَى أَنَّهُ خَتَمَ النَّبِيِّينَ , ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : { وَلَكِنْ نَبِيًّا خَتَمَ النَّبِيِّينَ } فَذَلِكَ دَلِيل عَلَى صِحَّة قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بِكَسْرِ التَّاء , بِمَعْنَى أَنَّهُ الَّذِي خَتَمَ الْأَنْبِيَاءَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِمْ ; وَقَرَأَ ذَلِكَ فِيمَا يُذْكَر الْحَسَن وَعَاصِم : { خَاتَم النَّبِيِّينَ } بِفَتْحِ التَّاء , بِمَعْنَى أَنَّهُ آخِر النَّبِيِّينَ , كَمَا قَرَأَ : " مَخْتُوم خَاتَمه مِسْك " بِمَعْنَى : آخِره مِسْك مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['33']['41'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ اذْكُرُوا اللَّهَ بِقُلُوبِكُمْ وَأَلْسِنَتكُمْ وَجَوَارِحكُمْ ذِكْرًا كَثِيرًا , فَلَا تَخْلُو أَبْدَانكُمْ مِنْ ذِكْره فِي حَال مِنْ أَحْوَال طَاقَتكُمْ ذَلِكَ'; $TAFSEER['3']['33']['42'] = '{ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَة وَأَصِيلًا } يَقُول : صَلُّوا لَهُ غَدْوَة صَلَاةَ الصُّبْح , وَعَشِيًّا صَلَاةَ الْعَصْر .'; $TAFSEER['3']['33']['43'] = 'وَقَوْله : { هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَته } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : رَبّكُمْ الَّذِي تَذْكُرُونَهُ الذِّكْر الْكَثِيرَ , وَتُسَبِّحُونَهُ بُكْرَة وَأَصِيلًا , إِذَا أَنْتُمْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ , الَّذِي يَرْحَمكُمْ , وَيُثْنِي عَلَيْكُمْ هُوَ , وَيَدْعُو لَكُمْ مَلَائِكَته , وَقِيلَ : إِنَّ مَعْنَى قَوْله : { يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَته } يُشِيع عَنْكُمْ الذِّكْر الْجَمِيلَ فِي عِبَاد اللَّه , وَقَوْله : { لِيُخْرِجكُمْ مِنَ الظُّلُمَات إِلَى النُّور } يَقُول : تَدْعُو مَلَائِكَة اللَّه لَكُمْ , فَيُخْرِجكُمْ اللَّه مِنْ الضَّلَالَة إِلَى الْهُدَى , وَمِنَ الْكُفْر إِلَى الْإِسْلَام . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21767 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا } يَقُول : لَا يَفْرِض عَلَى عِبَاده فَرِيضَة إِلَّا جَعَلَ لَهَا حَدًّا مَعْلُومًا , ثُمَّ عَذَرَ أَهْلهَا فِي حَال عُذْر , غَيْر الذِّكْر , فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَل لَهُ حَدًّا يَنْتَهِي إِلَيْهِ وَلَمْ يَعْذِر أَحَدًا فِي تَرْكه إِلَّا مَغْلُوبًا عَلَى عَقْله , قَالَ : { اذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبكُمْ } 4 103 بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار فِي الْبَرّ وَالْبَحْر , وَفِي السَّفَر وَالْحَضَر , وَالْغِنَى وَالْفَقْر , وَالسَّقَم وَالصِّحَّة , وَالسِّرّ وَالْعَلَانِيَة , وَعَلَى كُلّ حَال , وَقَالَ : { سَبِّحُوهُ بُكْرَة وَأَصِيلًا } فَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ صَلَّى عَلَيْكُمْ هُوَ وَمَلَائِكَته قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَته } . 21768 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَسَبِّحُوهُ بُكْرَة وَأَصِيلًا } صَلَاة الْغَدَاة , وَصَلَاة الْعَصْر . وَقَوْله : { لِيُخْرِجكُمْ مِنَ الظُّلُمَات إِلَى النُّور } : أَيْ مِنْ الضَّلَالَات إِلَى الْهُدَى . 21769 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَته لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَات إِلَى النُّور } قَالَ : مِنْ الضَّلَالَة إِلَى الْهُدَى , قَالَ : وَالضَّلَالَة : الظُّلُمَات , وَالنُّور : الْهُدَى . وَقَوْله : { وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَرَسُوله ذَا رَحْمَة أَنْ يُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُطِيعُونَ , وَلِأَمْرِهِ مُتَّبِعُونَ'; $TAFSEER['3']['33']['44'] = '{ تَحِيَّتهمْ يَوْم يَلْقَوْنَهُ سَلَام } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : تَحِيَّة هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَة فِي الْجَنَّة سَلَام , يَقُول بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : أَمَنَة لَنَا وَلَكُمْ بِدُخُولِنَا هَذَا الْمَدْخَلَ مِنْ اللَّه أَنْ يُعَذِّبَنَا بِالنَّارِ أَبَدًا , كَمَا : 21770 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { تَحِيَّتهمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَام } قَالَ : تَحِيَّة أَهْل الْجَنَّة السَّلَام. وَقَوْله : { وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا } يَقُول : وَأَعَدَّ لِهَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ثَوَابًا لَهُمْ عَلَى طَاعَتهمْ إِيَّاهُ فِي الدُّنْيَا كَرِيمًا , وَذَلِكَ هُوَ الْجَنَّة , كَمَا : 21771 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا } : أَيْ الْجَنَّةَ.'; $TAFSEER['3']['33']['45'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا يَأَيُّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مُحَمَّد { إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهِدًا } عَلَى أُمَّتك بِإِبْلَاغِك إِيَّاهُمْ مَا أَرْسَلْنَاك بِهِ مِنْ الرِّسَالَة , وَمُبَشِّرهمْ بِالْجَنَّةِ إِنْ صَدَّقُوك وَعَمِلُوا بِمَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك , { وَنَذِيرًا } مِنْ النَّار أَنْ يَدْخُلُوهَا , فَيُعَذَّبُوا بِهَا إِنْ هُمْ كَذَّبُوك , وَخَالَفُوا مَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَبِالَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21772 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهِدًا } عَلَى أُمَّتك بِالْبَلَاغِ , وَمُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ , { وَنَذِيرًا } بِالنَّارِ .'; $TAFSEER['3']['33']['46'] = 'وَقَوْله : { وَدَاعِيًا إِلَى اللَّه } يَقُول : وَدَاعِيًا إِلَى تَوْحِيد اللَّه , وَإِفْرَاد الْأُلُوهَة لَهُ , وَإِخْلَاص الطَّاعَة لِوَجْهِهِ دُون كُلّ مَنْ سِوَاهُ مِنْ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان , كَمَا : 21773 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَدَاعِيًا إِلَى اللَّه } إِلَى شَهَادَة أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه . وَقَوْله : { بِإِذْنِهِ } يَقُول : بِأَمْرِهِ إِيَّاكَ بِذَلِكَ { وَسِرَاجًا مُنِيرًا } يَقُول : وَضِيَاء لِخَلْقِهِ يَسْتَضِيء بِالنُّورِ الَّذِي أَتَيْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه عِبَاده { مُنِيرًا } يَقُول : ضِيَاء يُنِير لِمَنْ اسْتَضَاءَ بِضَوْئِهِ , وَعَمِلَ بِمَا أَمَرَهُ , وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ , أَنَّهُ يَهْدِي بِهِ مَنْ اتَّبَعَهُ مِنْ أُمَّته .'; $TAFSEER['3']['33']['47'] = 'وَقَوْله : { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّه فَضْلًا كَبِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَبَشِّرْ أَهْل الْإِيمَان بِاللَّهِ يَا مُحَمَّد بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ اللَّه فَضْلًا كَبِيرًا ; يَقُول : بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ ثَوَاب اللَّه عَلَى طَاعَتهمْ إِيَّاهُ تَضْعِيفًا كَثِيرًا , وَذَلِكَ هُوَ الْفَضْل الْكَبِير مِنَ اللَّه لَهُمْ , وَقَوْله : { وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ } يَقُول : وَلَا تُطِعْ لِقَوْلِ كَافِر وَلَا مُنَافِق , فَتَسْمَع مِنْهُ دُعَاءَهُ إِيَّاكَ إِلَى التَّقْصِير فِي تَبْلِيغ رِسَالَات اللَّه إِلَى مَنْ أَرْسَلَك بِهَا إِلَيْهِ مِنْ خَلْقه { وَدَعْ أَذَاهُمْ } يَقُول : وَأَعْرِض عَنْ أَذَاهُمْ لَك , وَاصْبِرْ عَلَيْهِ , وَلَا يَمْنَعك ذَلِكَ عَنِ الْقِيَام بِأَمْرِ اللَّه فِي عِبَاده , وَالنُّفُوذ لِمَا كَلَّفَك . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21774 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَدَعْ أَذَاهُمْ } قَالَ . أَعْرِضْ عَنْهُمْ. 21775 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَدَعْ أَذَاهُمْ } : أَيْ اصْبِرْ عَلَى أَذَاهُمْ .'; $TAFSEER['3']['33']['48'] = 'وَقَوْله : { وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه } يَقُول : وَفَوِّضْ إِلَى اللَّه أُمُورَك , وَثِقْ بِهِ , فَإِنَّهُ كَافِيك جَمِيعَ مَنْ دُونَهُ , حَتَّى يَأْتِيَك بِأَمْرِهِ وَقَضَاؤُهُ { وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا } يَقُول : وَحَسْبك بِاللَّهِ قَيِّمًا بِأُمُورِك , وَحَافِظًا لَك وَكَالِئًا .'; $TAFSEER['3']['33']['49'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ { إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ } يَعْنِي مِنْ قَبْل أَنْ تُجَامِعُوهُنَّ { فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة تَعْتَدُّونَهَا } يَعْنِي : مِنْ إِحْصَاء أَقْرَاء , وَلَا أَشْهُر تُحْصُونَهَا عَلَيْهِنَّ , { فَمَتِّعُوهُنَّ } يَقُول : أَعْطُوهُنَّ مَا يَسْتَمْتِعْنَ بِهِ مِنْ عَرَض أَوْ عَيْن مَال , وَقَوْله : { وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } يَقُول : وَخَلُّوا سَبِيلَهُنَّ تَخْلِيَة بِالْمَعْرُوفِ , وَهُوَ التَّسْرِيح الْجَمِيل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21776 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة تَعْتَدُّونَهَا } فَهَذَا فِي الرَّجُل يَتَزَوَّج الْمَرْأَةَ , ثُمَّ يُطَلِّقهَا مِنْ قَبْل أَنْ يَمَسَّهَا , فَإِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَة بَانَتْ مِنْهُ , وَلَا عِدَّة عَلَيْهَا تَتَزَوَّج مَنْ شَاءَتْ , ثُمَّ قَرَأَ : { فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } يَقُول : إِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا , فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا النِّصْف , فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا , مَتَّعَهَا عَلَى قَدْر عُسْره وَيُسْره , وَهُوَ السَّرَاح الْجَمِيل . وَقَالَ بَعْضهمْ : الْمُتْعَة فِي هَذَا الْمَوْضِع مَنْسُوخَة بِقَوْلِهِ : { فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ } 2 237 ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21777 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَات } . . . إِلَى قَوْله : { سَرَاحًا جَمِيلًا } قَالَ : قَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : ثُمَّ نُسِخَ هَذَا الْحَرْف الْمُتْعَة { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ } . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار وَابْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : سَمِعْت قَتَادَة يُحَدِّث عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , قَالَ : نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَة { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ } قَالَ : نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة .'; $TAFSEER['3']['33']['50'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورهنَّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورَهُنَّ } يَعْنِي : اللَّاتِي تَزَوَّجْتهنَّ بِصَدَاقٍ مُسَمًّى , كَمَا : 21778 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورهنَّ } قَالَ : صَدَقَاتهنَّ . 21779 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورَهُنَّ } قَالَ : كَانَ كُلّ امْرَأَة آتَاهَا مَهْرًا , فَقَدْ أَحَلَّهَا اللَّه لَهُ . 21780 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاكَ يَقُول فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورَهُنَّ } إِلَى قَوْله : { خَالِصَة لَك مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ } فَمَا كَانَ مِنْ هَذِهِ التَّسْمِيَة مَا شَاءَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا . وَقَوْله : { وَمَا مَلَكَتْ يَمِينك مِمَّا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْك } يَقُول : وَأَحْلَلْنَا لَك إِمَاءَك اللَّوَاتِي سَبَيْتهنَّ , فَمَلَكْتهنَّ بِالسِّبَاءِ , وَصِرْنَ لَك بِفَتْحِ اللَّه عَلَيْك مِنْ الْفَيْء { وَبَنَات عَمّك وَبَنَات عَمَّاتك وَبَنَات خَالِك وَبَنَات خَالَاتك اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك } فَأَحَلَّ اللَّه لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنَات عَمّه وَعَمَّاته وَخَاله وَخَالَاته , الْمُهَاجِرَات مَعَهُ مِنْهُنَّ دُونَ مَنْ لَمْ يُهَاجِر مِنْهُنَّ مَعَهُ , كَمَا : 21781 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن مُوسَى , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أُمّ هَانِئٍ , قَالَتْ : خَطَبَنِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَاعْتَذَرْت لَهُ بِعُذْرِي , ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ : { إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورَهُنَّ } .... إِلَى قَوْله { اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك } قَالَتْ : فَلَمْ أَحِلَّ لَهُ , لَمْ أُهَاجِر مَعَهُ , كُنْت مِنْ الطُّلَقَاء . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود : " وَبَنَات خَالَاتك وَاللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك " بِوَاوٍ ; وَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فِي قِرَاءَته مُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى قِرَاءَتنَا بِغَيْرِ الْوَاو , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تُدْخِل الْوَاوَ فِي نَعْت مَنْ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْره أَحْيَانًا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فَإِنَّ رُشَيْدًا وَابْنَ مَرْوَان لَمْ يَكُنْ لِيَفْعَلَ حَتَّى يَصْدُر الْأَمْر مَصْدَرَا وَرُشَيْد هُوَ ابْن مَرْوَان , وَكَانَ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم يَتَأَوَّل قِرَاءَةَ عَبْد اللَّه هَذِهِ أَنَّهُنَّ نَوْع غَيْر بَنَات خَالَاته , وَأَنَّهُنَّ كُلّ مُهَاجِرَة هَاجَرَتْ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذُكِرَ الْخَبَر عَنْهُ بِذَلِكَ : 21782 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي حَرْف ابْن مَسْعُود : " وَاللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك " يَعْنِي بِذَلِكَ : كُلّ شَيْء هَاجَرَ مَعَهُ لَيْسَ مِنْ بَنَات الْعَمّ وَالْعَمَّة , وَلَا مِنْ بَنَات الْخَال وَالْخَالَة . وَقَوْله : { وَامْرَأَة مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } يَقُول : وَأَحْلَلْنَا لَهُ امْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ بِغَيْرِ صَدَاق , كَمَا : 21783 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَامْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } بِغَيْرِ صَدَاق , فَلَمْ يَكُنْ يَفْعَل ذَلِكَ , وَأُحِلَّ لَهُ خَاصَّة مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ . وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " وَامْرَأَة مُؤْمِنَة وَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ " بِغَيْرِ إِنْ , وَمَعْنَى ذَلِكَ وَمَعْنَى قِرَاءَتنَا وَفِيهَا " إِنْ " وَاحِد , وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِل فِي الْكَلَام : لَا بَأْس أَنْ يَطَأ جَارِيَة مَمْلُوكَة إِنْ مَلَكَهَا , وَجَارِيَة مَمْلُوكَة مَلَكَهَا . وَقَوْله { إِنْ أَرَادَ النَّبِيّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا } يَقُول : إِنْ أَرَادَ أَنْ يَنْكِحَهَا , فَحَلَال لَهُ أَنْ يَنْكِحهَا وَإِذَا وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ بِغَيْرِ مَهْر { خَالِصَة لَك } يَقُول : لَا يَحِلّ لِأَحَدٍ مِنْ أُمَّتك أَنْ يَقْرَبَ امْرَأَة وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ , وَإِنَّمَا ذَلِكَ لَك يَا مُحَمَّد خَالِصَة أَخْلَصَتْ لَك مِنْ دُون سَائِر أُمَّتك , كَمَا : 21784 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { خَالِصَة لَك مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ } يَقُول : لَيْسَ لِامْرَأَةٍ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِرَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْر وَلِيّ وَلَا مَهْر , إِلَّا لِلنَّبِيِّ , كَانَتْ لَهُ خَالِصَة مِنْ دُون النَّاس , وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَيْمُونَةَ بِنْت الْحَارِث أَنَّهَا الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ. 21785 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك } . . . إِلَى قَوْله { خَالِصَة لَك مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ } قَالَ : كَانَ كُلّ امْرَأَة آتَاهَا مَهْرًا فَقَدْ أَحَلَّهَا اللَّه لَهُ إِلَى أَنْ وَهَبَ هَؤُلَاءِ أَنْفُسَهُنَّ لَهُ , فَأُحْلِلْنَ لَهُ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ بِغَيْرِ مَهْر خَالِصَة لَك مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا امْرَأَة لَهَا زَوْج . 21786 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ صَالِح بْن مُسْلِم , قَالَ : سَأَلْت الشَّعْبِيَّ عَنْ امْرَأَة وَهَبَتْ نَفْسهَا لِرَجُلٍ , قَالَ : لَا يَكُون , لَا تَحِلّ لَهُ , إِنَّمَا كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { إِنْ وَهَبَتْ } بِكَسْرِ الْأَلِف عَلَى وَجْه الْجَزَاء , بِمَعْنَى : إِنْ تَهَبْ , وَذُكِرَ عَنِ الْحَسَن الْبَصْرِيّ أَنَّهُ قَرَأَ : " وَأَنْ وَهَبَتْ " بِفَتْحِ الْأَلِف , بِمَعْنَى : وَأَحْلَلْنَا لَهُ امْرَأَة مُؤْمِنَة أَنْ يَنْكِحهَا , لِهِبَتِهَا لَهُ نَفْسَهَا . وَالْقِرَاءَة الَّتِي لَا أَسْتَجِيزُ خِلَافهَا فِي كَسْر الْأَلِف لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ . وَأَمَّا قَوْله : { خَالِصَة لَك مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ } لَيْسَ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ , وَذُكِرَ أَنَّ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة أَنْ يَتَزَوَّجَ أَيّ النِّسَاء شَاءَ , فَقَصَرَهُ اللَّه عَلَى هَؤُلَاءِ , فَلَمْ يَعْدُهُنَّ , وَقَصَرَ سَائِرَ أُمَّته عَلَى مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21787 -حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت دَاوُدَ بْن أَبِي هِنْد , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى , عَنْ زِيَاد رَجُل مِنَ الْأَنْصَار , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب , أَنَّ الَّتِي أَحَلَّ اللَّه لِلنَّبِيِّ مِنْ النِّسَاء هَؤُلَاءِ اللَّاتِي ذَكَرَ اللَّه { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورَهُنَّ } . . إِلَى قَوْله : { فِي أَزْوَاجهمْ } وَإِنَّمَا أَحَلَّ اللَّه لِلْمُؤْمِنِينَ مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع . 21788 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك } . . . إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ النِّسَاء ; وَكَانَ قَبْل ذَلِكَ يَنْكِح فِي أَيّ النِّسَاء شَاءَ , لَمْ يُحَرَّم ذَلِكَ عَلَيْهِ , فَكَانَ نِسَاؤُهُ يَجِدْنَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا أَنْ يَنْكِح فِي أَيّ النَّاس أَحَبَّ ; فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّه : إِنِّي قَدْ حَرَّمْت عَلَيْك مِنَ النَّاس سِوَى مَا قَصَصْت عَلَيْك , أَعْجَبَ ذَلِكَ نِسَاءَهُ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُؤْمِنَات , وَهَلْ كَانَتْ عِنْدَ رَسُول اللَّه امْرَأَة كَذَلِكَ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : لَمْ يَكُنْ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَة إِلَّا بِعَقْدِ نِكَاح أَوْ مِلْك يَمِين , فَأَمَّا بِالْهِبَةِ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ أَحَد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21789 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , عَنْ عَنْبَسَة بْن الْأَزْهَر , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس قَالَ : لَمْ يَكُنْ عِنْدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَة وَهَبَتْ نَفْسَهَا . 21790 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنِ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد , أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَامْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } قَالَ : أَنْ تَهَبَ . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : قَدْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ , فَإِنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ : كَانَتْ مَيْمُونَة بِنْت الْحَارِث . وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ أُمّ شَرِيك , وَقَالَ بَعْضهمْ : زَيْنَب بِنْت خُزَيْمَةَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21791 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : { وَامْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } قَالَ : هِيَ مَيْمُونَة بِنْت الْحَارِث . وَقَالَ بَعْضهمْ : زَيْنَب بِنْت خُزَيْمَةَ أُمّ الْمَسَاكِين امْرَأَة مِنَ الْأَنْصَار . 21792 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : ثني الْحَكَم , قَالَ : كَتَبَ عَبْد الْمَلِك إِلَى أَهْل الْمَدِينَة يَسْأَلهُمْ , قَالَ : فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيّ , قَالَ شُعْبَة : وَهُوَ ظَنِّي عَلِيّ بْن حُسَيْن , قَالَ : وَقَدْ أَخْبَرَنِي بِهِ أَبَان بْن تَغْلِب , عَنْ الْحَكَم , أَنَّهُ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن , الَّذِي كَتَبَ إِلَيْهِ , قَالَ : هِيَ امْرَأَة مِنَ الْأَسَد يُقَال لَهَا أُمّ شَرِيك , وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ . 21793 -قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن أَبِي السَّفَر , عَنِ الشَّعْبِيّ , أَنَّهَا امْرَأَة مِنَ الْأَنْصَار , وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ , وَهِيَ مِمَّنْ أَرْجَأَ . 21794 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ثني سَعِيد , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ خَوْلَة بِنْت حَكِيم بْن الْأَوْقَص مِنْ بَنِي سُلَيْم , كَانَتْ مِنْ اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 21795 - قَالَ : ثني سَعِيد بْن أَبِي الزِّنَاد , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : كُنَّا نَتَحَدَّث أَنَّ أُمّ شَرِيك كَانَتْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَتْ امْرَأَة صَالِحَة . وَقَوْله : { قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي أَزْوَاجهمْ إِذَا أَرَادُوا نِكَاحَهُنَّ مِمَّا لَمْ نَفْرِضهُ عَلَيْك , وَمَا خَصَصْنَاهُمْ بِهِ مِنَ الْحُكْم فِي ذَلِكَ دُونَك , وَهُوَ أَنَّا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ أَنَّهُ لَا يَحِلّ لَهُمْ عَقْد نِكَاح عَلَى حُرَّة مُسْلِمَة إِلَّا بِوَلِيٍّ عَصَبَة وَشُهُود عُدُول , وَلَا يَحِلّ لَهُمْ مِنْهُنَّ أَكْثَر مِنْ أَرْبَع . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21796 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شَبُّويَةَ , قَالَ : ثنا مُطَهَّر , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ مَطَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْل اللَّه : { قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجهمْ } قَالَ : إِنَّ مِمَّا فَرَضَ اللَّه عَلَيْهِمْ أَنْ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ. 21797 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد { قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجهمْ } قَالَ : فِي الْأَرْبَع . 21798 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجهمْ } قَالَ : كَانَ مِمَّا فَرَضَ اللَّه عَلَيْهِمْ أَنْ لَا تَزَوَّجَ امْرَأَة إِلَّا بِوَلِيٍّ وَصَدَاق عِنْد شَاهِدَيْ عَدْل , وَلَا يَحِلّ لَهُمْ مِنْ النِّسَاء إِلَّا أَرْبَع , وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ . وَقَوْله : { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَدْ عِلْمنَا مَا فَرَضْنَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي أَزْوَاجهمْ ; لِأَنَّهُ لَا يَحِلّ لَهُمْ مِنْهُنَّ أَكْثَر مِنْ أَرْبَع , وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ , فَإِنَّ جَمِيعَهُنَّ إِذَا كُنَّ مُؤْمِنَات أَوْ كِتَابِيَّات , لَهُمْ حَلَال بِالسِّبَاءِ وَالتَّسَرِّي وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَسْبَاب الْمِلْك , وَقَوْله : { لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْك حَرَج وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك يَا مُحَمَّد أَزْوَاجَك اللَّوَاتِي ذَكَرْنَا فِي هَذِهِ الْآيَة , وَامْرَأَة مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ , إِنْ أَرَادَ النَّبِيّ أَنْ يَسْتَنْكِحهَا ; لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْك إِثْم وَضِيق فِي نِكَاح مَنْ نَكَحْت مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَاف الَّتِي أَبَحْت لَكَ نِكَاحَهُنَّ مِنَ الْمُسَمَّيَات فِي هَذِهِ الْآيَة , وَكَانَ اللَّه غَفُورًا لَك وَلِأَهْلِ الْإِيمَان بِك , رَحِيمًا بِك وَبِهِمْ أَنْ يُعَاقِبَهُمْ عَلَى سَالِف ذَنْب مِنْهُمْ سَلَف بَعْدَ تَوْبَتهمْ مِنْهُ .'; $TAFSEER['3']['33']['51'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِقَوْلِهِ : تُرْجِي : تُؤَخِّر , وَبِقَوْلِهِ : تُؤْوِي : تَضُمّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21799 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس قَوْله : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ } يَقُول : تُؤَخِّر. 21800 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ } قَالَ : تَعْزِل بِغَيْرِ طَلَاق مِنْ أَزْوَاجك مَنْ تَشَاء { وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } قَالَ : تَرُدّهَا إِلَيْك . 21801 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } قَالَ : فَجَعَلَهُ اللَّه فِي حِلّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَدَعَ مَنْ يَشَاء مِنْهُنَّ , وَيَأْتِي مَنْ يَشَاء مِنْهُنَّ بِغَيْرِ قَسْم , وَكَانَ نَبِيّ اللَّه يَقْسِم . 21802 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } قَالَ : لَمَّا أَشْفَقْنَ أَنْ يُطَلِّقهُنَّ , قُلْنَ : يَا نَبِيّ اللَّه , اجْعَلْ لَنَا مِنْ مَالِك وَنَفْسك مَا شِئْت ; فَكَانَ مِمَّنْ أَرْجَأَ مِنْهُنَّ سَوْدَة بِنْت زَمْعَةَ , وَجُوَيْرِيَّة , وَصَفِيَّة , وَأُمّ حَبِيبَة , وَمَيْمُونَة ; وَكَانَ مِمَّنْ آوَى إِلَيْهِ : عَائِشَة , وَأُمّ سَلَمَة , وَحَفْصَة , وَزَيْنَب. 21803 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } فَمَا شَاءَ صَنَعَ فِي الْقِسْمَة بَيْنَ النِّسَاء , أَحَلَّ اللَّه لَهُ ذَلِكَ . * حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين , فِي قَوْله : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } وَكَانَ مِمَّنْ آوَى إِلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام : عَائِشَة , وَحَفْصَة , وَزَيْنَب , وَأُمّ سَلَمَة , فَكَانَ قَسْمه مِنْ نَفْسه لَهُنَّ سِوَى قِسْمَة ; وَكَانَ مِمَّنْ أَرْجَى : سَوْدَة , وَجُوَيْرِيَّة , وَصَفِيَّة , وَأُمّ حَبِيبَة , وَمَيْمُونَة , فَكَانَ يَقْسِم لَهُنَّ مَا شَاءَ , وَكَانَ أَرَادَ أَنْ يُفَارِقهُنَّ , فَقُلْنَ : اقْسِمْ لَنَا مِنْ نَفْسك مَا شِئْت , وَدَعْنَا نَكُون عَلَى حَالنَا . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : تُطَلِّق وَتُخَلِّي سَبِيلَ مَنْ شِئْت مِنْ نِسَائِك , وَتُمْسِك مَنْ شِئْت مِنْهُنَّ فَلَا تُطَلِّق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21804 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس قَوْله : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ } أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ { وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } يَعْنِي : نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيَعْنِي بِالْإِرْجَاءِ : يَقُول : مَنْ شِئْت خَلَّيْت سَبِيلَهُ مِنْهُنَّ , وَيَعْنِي بِالْإِيوَاءِ : يَقُول : مَنْ أَحْبَبْت : أَمْسَكْت مِنْهُنَّ. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : تَتْرُك نِكَاحَ مَنْ شِئْت , وَتَنْكِح مَنْ شِئْت مِنْ نِسَاء أُمَّتك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21805 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ الْحَسَن فِي قَوْله : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } قَالَ : كَانَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ امْرَأَة لَمْ يَكُنْ لِرَجُلٍ أَنْ يَخْطُبهَا حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا أَوْ يَتْرُكهَا. وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا جَعَلَ اللَّه لِنَبِيِّهِ حِين غَار بَعْضهنَّ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَطَلَبَ بَعْضهنَّ مِنَ النَّفَقَة زِيَادَة عَلَى الَّذِي كَانَ يُعْطِيهَا , فَأَمَرَهُ اللَّه أَنْ يُخَيِّرَهُنَّ بَيْنَ الدَّار الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , وَأَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَ مَنْ اخْتَارَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا , وَيُمْسِك مَنْ اخْتَارَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ; فَلَمَّا اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قِيلَ لَهُنَّ : اقْرَرْنَ الْآنَ عَلَى الرِّضَا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ , قَسَمَ لَكُنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَوْ لَمْ يَقْسِم , أَوْ قَسَمَ لِبَعْضِكُنَّ , وَلَمْ يَقْسِم لِبَعْضِكُنَّ , وَفَضَّلَ بَعْضَكُنَّ عَلَى بَعْض فِي النَّفَقَة , أَوْ لَمْ يُفَضِّل , سَوَّى بَيْنَكُنَّ , أَوْ لَمْ يُسَوِّ , فَإِنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَيْسَ لَكُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْء , وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذُكِرَ مَعَ مَا جَعَلَ اللَّه لَهُ مِنْ ذَلِكَ , يُسَوِّي بَيْنَهُنَّ فِي الْقَسْم , إِلَّا امْرَأَة مِنْهُنَّ أَرَادَ طَلَاقَهَا , فَرَضِيَتْ بِتَرْكِ الْقَسْم لَهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21806 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين , قَالَ : لَمَّا أَرَادَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُطَلِّقَ أَزْوَاجَهُ , قُلْنَ لَهُ : افْرِضْ لَنَا مِنْ نَفْسك وَمَالِك مَا شِئْت , فَأَمَرَهُ اللَّه فَآوَى أَرْبَعًا , وَأَرْجَى خَمْسًا . 21807 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عُبَيْدَة بْن سُلَيْمَان , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ : أَمَا تَسْتَحْيِي الْمَرْأَة أَنْ تَهَبَ نَفْسهَا لِلرَّجُلِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّه . { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } فَقُلْت : إِنَّ رَبّك لَيُسَارِع فِي هَوَاك . * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , يَعْنِي الْعَبْدِيّ , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ , أَنَّهَا كَانَتْ تُعَيِّر النِّسَاءَ اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتْ : أَمَا تَسْتَحْيِي امْرَأَة أَنْ تَعْرِضَ نَفْسَهَا بِغَيْرِ صَدَاق , فَنَزَلَتْ , أَوْ فَأَنْزَلَ اللَّه : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت } فَقُلْت : إِنِّي لَأَرَى رَبَّك يُسَارِع لَك فِي هَوَاك 21808 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء } الْآيَة . قَالَ : كَانَ أَزْوَاجه قَدْ تَغَايَرْنَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَهَجَرَهُنَّ شَهْرًا , ثُمَّ نَزَلَ التَّخْيِير مِنَ اللَّه لَهُ فِيهِنَّ , فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى } فَخَيَّرَهُنَّ بَيْنَ أَنْ يَخْتَرْنَ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُنَّ وَيُسَرِّحهُنَّ وَبَيْنَ أَنْ يُقِمْنَ إِنْ أَرَدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ عَلَى أَنَّهُنَّ أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ , لَا يُنْكَحْنَ أَبَدًا , وَعَلَى أَنَّهُ يُؤْوِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاء مِنْهُنَّ مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَرْفَع رَأْسَهُ إِلَيْهَا , وَيُرْجِي مَنْ يَشَاء , حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَرْفَع رَأْسَهُ إِلَيْهَا , وَمَنْ ابْتَغَى مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ وَعَزَلَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ , ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ وَلَا يَحْزَنَّ , وَيَرْضَيْنَ إِذَا عَلِمْنَ أَنَّهُ مِنْ قَضَائِي عَلَيْهِنَّ إِيثَار بَعْضهنَّ عَلَى بَعْض { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ } يَرْضَيْنَ , قَالَ : { وَمَنِ ابْتَغَيْت } مِمَّنْ عَزَلْت : مَنِ ابْتَغَى أَصَابَهُ , وَمَنْ عَزَلَ لَمْ يُصِبْهُ , فَخَيَّرَهُنَّ بَيْنَ أَنْ يَرْضَيْنَ بِهَذَا , أَوْ يُفَارِقهُنَّ , فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ , إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَة بَدْوِيَّة ذَهَبَتْ , وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ , وَقَدْ شَرَطَ اللَّه لَهُ هَذَا الشَّرْطَ , مَا زَالَ يَعْدِل بَيْنَهُنَّ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْره جَعَلَ لِنَبِيِّهِ أَنْ يُرْجِيَ مِنْ النِّسَاء اللَّوَاتِي أَحَلَّهُنَّ لَهُ مَنْ يَشَاء , وَيُؤْوِي إِلَيْهِ مِنْهُنَّ مَنْ يَشَاء , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُر مَعْنَى الْإِرْجَاء وَالْإِيوَاء عَلَى الْمَنْكُوحَات اللَّوَاتِي كُنَّ فِي حِبَاله , عِنْدَمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة دُونَ غَيْرهنَّ مِمَّنْ يُسْتَحْدَث إِيوَاؤُهَا أَوْ إِرْجَاؤُهَا مِنْهُنَّ . إِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْنَى الْكَلَام : تُؤَخِّر مَنْ تَشَاء مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَك , وَأَحْلَلْت لَك نِكَاحَهَا , فَلَا تَقْبَلهَا وَلَا تَنْكِحهَا , أَوْ مِمَّنْ هُنَّ فِي حِبَالِك , فَلَا تَقْرَبهَا , وَتَضُمّ إِلَيْك مَنْ تَشَاء مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَك , أَوْ أَرَدْت مِنْ النِّسَاء الَّتِي أَحْلَلْت لَك نِكَاحَهُنَّ , فَتَقْبَلهَا أَوْ تَنْكِحهَا , وَمِمَّنْ هِيَ فِي حِبَالِك فَتُجَامِعهَا إِذَا شِئْت , وَتَتْرُكهَا إِذَا شِئْت بِغَيْرِ قَسْم . وَقَوْله : { وَمَنِ ابْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت فَلَا جُنَاح عَلَيْك } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ نَكَحْت مِنْ نِسَائِك فَجَامَعْت مِمَّنْ لَمْ تَنْكِح , فَعَزَلْته عَنِ الْجِمَاع , فَلَا جُنَاح عَلَيْك. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21809 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَمَنِ ابْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت فَلَا جُنَاح عَلَيْك } قَالَ : جَمِيعًا هَذِهِ فِي نِسَائِهِ , إِنْ شَاءَ أَتَى مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ , وَلَا جُنَاح عَلَيْهِ . 21810 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَنِ ابْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت } قَالَ : وَمَنْ ابْتَغَى أَصَابَهُ , وَمَنْ عَزَلَ لَمْ يُصِبْهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ اسْتَبْدَلْت مِمَّنْ أَرْجَيْت , فَخَلَّيْت سَبِيلَهُ مِنْ نِسَائِك , أَوْ مِمَّنْ مَاتَ مِنْهُنَّ مِمَّنْ أَحْلَلْت لَك فَلَا جُنَاح عَلَيْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21811 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَنِ ابْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت فَلَا جُنَاحَ عَلَيْك ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتهنَّ كُلّهنَّ } يَعْنِي بِذَلِكَ : النِّسَاء اللَّاتِي أَحَلَّ اللَّه لَهُ مِنْ بَنَات الْعَمّ وَالْعَمَّة وَالْخَال وَالْخَالَة { وَاللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك } يَقُول : إِنْ مَاتَ مِنْ نِسَائِك اللَّاتِي عِنْدَك أَحَد , أَوْ خَلَّيْت سَبِيلَهُ , فَقَدْ أَحْلَلْت لَك أَنْ تَسْتَبْدِلَ مِنْ اللَّاتِي أَحْلَلْت لَك مَكَان مَنْ مَاتَ مِنْ نِسَائِك اللَّاتِي هُنَّ عِنْدَك , أَوْ خَلَّيْت سَبِيلَهُ مِنْهُنَّ , وَلَا يَصْلُح لَك أَنْ تَزْدَادَ عَلَى عِدَّة نِسَائِك اللَّاتِي عِنْدَك شَيْئًا . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ , تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ ابْتَغَيْت إِصَابَتَهُ مِنْ نِسَائِك { مِمَّنْ عَزَلْت } عَنْ ذَلِكَ مِنْهُنَّ { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْك } لِدَلَالَةِ قَوْله : { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ } عَلَى صِحَّة ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِأَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ إِذَا هُوَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَبْدَلَ بِالْمَيِّتَةِ أَوْ الْمُطَلَّقَة مِنْهُنَّ , إِلَّا أَنْ يَعْنِيَ بِذَلِكَ : ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُن الْمَنْكُوحَة مِنْهُنَّ , وَذَلِكَ مِمَّا يَدُلّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل بَعِيد . وَقَوْله : { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ وَلَا يَحْزَنَّ } يَقُول : هَذَا الَّذِي جَعَلْت لَك يَا مُحَمَّد مِنْ إِذْنِي لَك أَنْ تُرْجِيَ مَنْ تَشَاء مِنْ النِّسَاء اللَّوَاتِي جَعَلْت لَك إِرْجَاءَهُنَّ , وَتُؤْوِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ , وَوَضْعِي عَنْك الْحَرَجَ فِي ابْتِغَائِك إِصَابَة مَنْ ابْتَغَيْت إِصَابَته مِنْ نِسَائِك , وَعَزْلِك عَنْ ذَلِكَ مَنْ عَزَلْت مِنْهُنَّ , أَقْرَب لِنِسَائِك أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ بِهِ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتهنَّ كُلّهنَّ مِنْ تَفْضِيل مَنْ فَضَّلْت مِنْ قَسْم , أَوْ نَفَقَة وَإِيثَار مَنْ آثَرْت مِنْهُمْ بِذَلِكَ عَلَى غَيْره مِنْ نِسَائِك , إِذَا هُنَّ عَلِمْنَ أَنَّهُ مِنْ رِضَايَ مِنْك بِذَلِكَ , وَإِذْنِي لَك بِهِ , وَإِطْلَاق مِنِّي لَا مِنْ قِبَلك . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21812 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتهنَّ كُلّهنَّ } إِذَا عَلِمْنَ أَنَّ هَذَا جَاءَ مِنْ اللَّه لِرُخْصَةٍ , كَانَ أَطْيَب لِأَنْفُسِهِنَّ , وَأَقَلَّ لِحُزْنِهِنَّ . 21813 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله ذَلِكَ , نَحْوه . وَالصَّوَاب مِنَ الْقِرَاءَة فِي قَوْله : { بِمَا آتَيْتهنَّ كُلّهنَّ } الرَّفْع غَيْر جَائِز غَيْره عِنْدَنَا , وَذَلِكَ أَنَّ كُلّهنَّ لَيْسَ بِنَعْتٍ لِلْهَاءِ فِي قَوْله { آتَيْتهنَّ } , وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : وَيَرْضَيْنَ كُلّهنَّ , فَإِنَّمَا هُوَ تَوْكِيد لِمَا فِي يَرْضَيْنَ مِنْ ذِكْر النِّسَاء ; وَإِذَا جُعِلَ تَوْكِيدًا لِلْهَاءِ الَّتِي فِي آتَيْتهنَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْنًى , وَالْقِرَاءَة بِنَصْبِهِ غَيْر جَائِزَة لِذَلِكَ , وَلِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَى تَخْطِئَة قَارِئِهِ كَذَلِكَ . وَقَوْله : { وَاللَّه يَعْلَم مَا فِي قُلُوبكُمْ } يَقُول : وَاللَّه يَعْلَم مَا فِي قُلُوب الرِّجَال مِنْ مَيْلهَا إِلَى بَعْض مَنْ عِنْدَهُ مِنْ النِّسَاء دُونَ بَعْض بِالْهَوَى وَالْمَحَبَّة ; يَقُول : فَلِذَلِكَ وُضِعَ عَنْك الْحَرَج يَا مُحَمَّد فِيمَا وُضِعَ عَنْك مِنْ ابْتِغَاء مَنْ ابْتَغَيْت مِنْهُنَّ , مِمَّنْ عَزَلْت تَفَضُّلًا مِنْهُ عَلَيْك بِذَلِكَ وَتَكْرِمَة { وَكَانَ اللَّه عَلِيمًا } يَقُول : وَكَانَ اللَّه ذَا عِلْم بِأَعْمَالِ عِبَاده , وَغَيْر ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاء كُلّهَا { حَلِيمًا } يَقُول : ذَا حِلْم عَلَى عِبَاده , أَنْ يُعَاجِلَ أَهْل الذُّنُوب مِنْهُمْ بِالْعُقُوبَةِ , وَلَكِنَّهُ ذُو حِلْم وَأَنَاة عَنْهُمْ , لِيَتُوبَ مَنْ تَابَ مِنْهُمْ , وَيُنِيب مِنْ ذُنُوبه مَنْ أَنَابَ مِنْهُمْ .'; $TAFSEER['3']['33']['52'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد نِسَائِك اللَّاتِي خَيَّرْتهنَّ , فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21814 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } .. . الْآيَة إِلَى { رَقِيبًا } قَالَ : نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بَعْدَ نِسَائِهِ الْأُوَل شَيْئًا . 21815 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاءُ مِنْ بَعْد } . . . إِلَى قَوْله : { إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُك } قَالَ : لَمَّا خَيَّرَهُنَّ , فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ قَصَرَهُ عَلَيْهِنَّ , فَقَالَ : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج } وَهُنَّ التِّسْع الَّتِي اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء بَعْد الَّتِي أَحْلَلْنَا لَك بِقَوْلِنَا { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك } .. . إِلَى قَوْله { اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك وَامْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } , وَكَأَنَّ قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَة وَجَّهُوا الْكَلَام إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : لَا يَحِلّ لَك مِنْ النِّسَاء إِلَّا الَّتِي أَحْلَلْنَاهَا لَك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21816 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى , عَنْ زِيَاد , قَالَا لِأُبَيِّ بْن كَعْب : هَلْ كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ مَاتَ أَزْوَاجه أَنْ يَتَزَوَّجَ ؟ قَالَ : مَا كَانَ يُحَرَّم عَلَيْهِ ذَلِكَ ; فَقَرَأْت عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك } قَالَ : فَقَالَ : أَحَلَّ لَهُ ضَرْبًا مِنْ النِّسَاء , وَحَرَّمَ عَلَيْهِ مَا سِوَاهُنَّ ; أَحَلَّ لَهُ كُلّ امْرَأَة آتَى أَجْرَهَا , وَمَا مَلَكَتْ يَمِينه مِمَّا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْهِ , وَبَنَات عَمّه وَبَنَات عَمَّاته , وَبَنَات خَاله وَبَنَات خَالَاته , وَكُلّ امْرَأَة وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَة لَهُ مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى , عَنْ زِيَاد الْأَنْصَارِيّ قَالَ : قُلْت لِأُبَيِّ بْن كَعْب : أَرَأَيْت لَوْ مَاتَ نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَكَانَ يَحِلّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ؟ قَالَ : وَمَا يُحَرِّم ذَلِكَ عَلَيْهِ , قَالَ : قُلْت قَوْله : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } قَالَ : إِنَّمَا أَحَلَّ اللَّه لَهُ ضَرْبًا مِنْ النِّسَاء . * حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ دَاوُدَ بْن أَبِي هِنْد , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى , عَنْ زِيَاد , رَجُل مِنْ الْأَنْصَار , قَالَ : قُلْت لِأُبَيِّ بْن كَعْب : أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَفَّيْنَ , أَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ؟ فَقَالَ : وَمَا يَمْنَعهُ مِنْ ذَلِكَ ؟ وَرُبَّمَا قَالَ دَاوُدُ : وَمَا يُحَرِّم عَلَيْهِ ذَلِكَ ؟ قُلْت : قَوْله : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } فَقَالَ : إِنَّمَا أَحَلَّ اللَّه لَهُ ضَرْبًا مِنْ النِّسَاء , فَقَالَ : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك } . . . إِلَى قَوْله : { إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } ثُمَّ قِيلَ لَهُ : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } . 21817 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام بْن سَلْم , عَنْ عَنْبَسَة , عَمَّنْ ذَكَرَهُ , عَنْ أَبِي صَالِح { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } قَالَ : أُمِرَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَعْرَابِيَّة وَلَا غَرِيبَة , وَيَتَزَوَّج بَعْد مِنْ نِسَاء تِهَامَة , وَمَنْ شَاءَ مِنْ بَنَات الْعَمّ وَالْعَمَّة , وَالْخَال وَالْخَالَة إِنْ شَاءَ ثَلَاثَمِائَةٍ . 21818 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عِكْرِمَة { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } هَؤُلَاءِ الَّتِي سَمَّى اللَّه إِلَّا { بَنَات عَمّك } . . . الْآيَة . 21819 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاكَ يَقُول فِي قَوْله : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } يَعْنِي : مِنْ بَعْد التَّسْمِيَة , يَقُول : لَا يَحِلّ لَك امْرَأَة إِلَّا ابْنَة عَمّ أَوْ ابْنَة عَمَّة , أَوْ ابْنَة خَال أَوْ ابْنَة خَالَة , أَوْ امْرَأَة وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَك , مَنْ كَانَ مِنْهُنَّ هَاجَرَ مَعَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفِي حَرْف ابْن مَسْعُود : " وَاللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك " يَعْنِي بِذَلِكَ : كُلّ شَيْء هَاجَرَ مَعَهُ لَيْسَ مِنْ بَنَات الْعَمّ وَالْعَمَّة , وَلَا مِنْ بَنَات الْخَال وَالْخَالَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ غَيْر الْمُسْلِمَات ; فَأَمَّا الْيَهُودِيَّات وَالنَّصْرَانِيَّات وَالْمُشْرِكَات فَحَرَام عَلَيْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21820 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } لَا يَهُودِيَّة , وَلَا نَصْرَانِيَّة , وَلَا كَافِرَة . وَأَوْلَى الْأَقْوَال عِنْدِي بِالصِّحَّةِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد بَعْد اللَّوَاتِي أَحْلَلْتهنَّ لَك بِقَوْلِي : { إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورَهُنَّ } .. إِلَى قَوْله : { وَامْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } . وَإِنَّمَا قُلْت ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة ; لِأَنَّ قَوْلَهُ : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء } عَقِيب قَوْله : { إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك } وَغَيْر جَائِز أَنْ يَقُولَ : قَدْ أَحْلَلْت لَك هَؤُلَاءِ , وَلَا يَحْلِلْنَ لَك إِلَّا بِنَسْخِ أَحَدهمَا صَاحِبه , وَعَلَى أَنْ يَكُونَ وَقْت فَرْض إِحْدَى الْآيَتَيْنِ , فِعْل الْأُخْرَى مِنْهُمَا , فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَلَا بُرْهَان وَلَا دَلَالَة عَلَى نَسْخ حُكْم إِحْدَى الْآيَتَيْنِ حُكْم الْأُخْرَى , وَلَا تَقَدَّمَ تَنْزِيل إِحْدَاهُمَا قَبْل صَاحِبَتهَا , وَكَانَ غَيْر مُسْتَحِيل مَخْرَجهمَا عَلَى الصِّحَّة , لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَال : إِحْدَاهُمَا نَاسِخَة الْأُخْرَى . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَلَمْ يَكُنْ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلّ مِنْ بَعْد الْمُسْلِمَات يَهُودِيَّة وَلَا نَصْرَانِيَّة وَلَا كَافِرَة , مَعْنًى مَفْهُوم , إِذْ كَانَ قَوْله { مِنْ بَعْد } إِنَّمَا مَعْنَاهُ : مِنْ بَعْد الْمُسَمَّيَات الْمُتَقَدِّم ذِكْرهنَّ فِي الْآيَة قَبْل هَذِهِ الْآيَة , وَلَمْ يَكُنْ فِي الْآيَة الْمُتَقَدِّم فِيهَا ذِكْر الْمُسَمَّيَات بِالتَّحْلِيلِ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذِكْر إِبَاحَة الْمُسْلِمَات كُلّهنَّ , بَلْ كَانَ فِيهَا ذِكْر أَزْوَاجه وَمِلْك يَمِينه الَّذِي يَفِيء اللَّه عَلَيْهِ , وَبَنَات عَمّه وَبَنَات عَمَّاته , وَبَنَات خَاله وَبَنَات خَالَاته , اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَهُ , وَامْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ , فَتَكُون الْكَوَافِر مَخْصُوصَات بِالتَّحْرِيمِ , صَحَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , دُون قَوْل مَنْ خَالَفَ قَوْلَنَا فِيهِ . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة { يَحِلّ } بِالْيَاءِ , بِمَعْنَى : لَا يَحِلّ لَك شَيْء مِنْ النِّسَاء بَعْد , وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء أَهْل الْبَصْرَة : وَلَا تَحِلّ لَك النِّسَاء " بِالتَّاءِ , تَوْجِيهًا مِنْهُ إِلَى أَنَّهُ فِعْل لِلنِّسَاءِ , وَالنِّسَاء جَمْع لِلْكَثِيرِ مِنْهُنَّ . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بِالْيَاءِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْت لَهُمْ , وَلِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَى الْقِرَاءَة بِهَا , وَشُذُوذ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ . وَقَوْله : { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنهنَّ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد الْمُسْلِمَات , لَا يَهُودِيَّة وَلَا نَصْرَانِيَّة وَلَا كَافِرَة , وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِالْمُسْلِمَاتِ غَيْرَهُنَّ مِنَ الْكَوَافِر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21821 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج } وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِالْمُسْلِمَاتِ غَيْرَهُنَّ مِنَ النَّصَارَى وَالْيَهُود وَالْمُشْرِكِينَ { وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنهنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك } . 21822 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين , فِي قَوْله : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنهنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك } قَالَ : لَا يَحِلّ لَك أَنْ تَتَزَوَّج مِنْ الْمُشْرِكَات إِلَّا مَنْ سَبَيْت فَمَلَكَتْهُ يَمِينك مِنْهُنَّ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِأَزْوَاجِك اللَّوَاتِي هُنَّ فِي حِبَالك أَزْوَاجًا غَيْرهنَّ , بِأَنْ تُطَلِّقهُنَّ , وَتَنْكِح غَيْرَهُنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21823 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنهنَّ } يَقُول : لَا يَصْلُح لَك أَنْ تُطَلِّق شَيْئًا مِنْ أَزْوَاجِك لَيْسَ يُعْجِبك , فَلَمْ يَكُنْ يَصْلُح ذَلِكَ لَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا أَنْ تُبَادِل مِنْ أَزْوَاجك غَيْرك , بِأَنْ تُعْطِيَهُ زَوْجَتَك وَتَأْخُذَ زَوْجَتَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21824 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنهنَّ } قَالَ : كَانَتْ الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة يَتَبَادَلُونَ بِأَزْوَاجِهِمْ . يُعْطِي هَذَا امْرَأَتَهُ هَذَا وَيَأْخُذ امْرَأَتَهُ , فَقَالَ : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنهنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك } لَا بَأْس أَنْ تُبَادِل بِجَارِيَتِك مَا شِئْت أَنْ تُبَادِل , فَأَمَّا الْحَرَائِر فَلَا ; قَالَ : وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالهمْ فِي الْجَاهِلِيَّة . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا أَنْ تُطَلِّق أَزْوَاجَك فَتَسْتَبْدِل بِهِنَّ غَيْرَهُنَّ أَزْوَاجًا . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ ; لِمَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْل مِنْ أَنَّ قَوْلَ الَّذِي قَالَ مَعْنَى قَوْله : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } لَا يَحِلّ لَك الْيَهُودِيَّة أَوْ النَّصْرَانِيَّة وَالْكَافِرَة , قَوْل لَا وَجْه لَهُ . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَكَذَلِكَ قَوْله : { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ } كَافِرَة لَا مَعْنَى لَهُ , إِذْ كَانَ مِنَ الْمُسْلِمَات مَنْ قَدْ حُرِّمَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } الَّذِي دَلَلْنَا عَلَيْهِ قَبْل , وَأَمَّا الَّذِي قَالَهُ ابْن زَيْد فِي ذَلِكَ أَيْضًا , فَقَوْل لَا مَعْنَى لَهُ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِمَعْنَى الْمُبَادَلَة , لَكَانَتْ الْقِرَاءَة وَالتَّنْزِيل : وَلَا أَنْ تُبَادِل بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج , أَوْ : وَلَا أَنْ تُبَدِّل بِهِنَّ بِضَمِّ التَّاء ; وَلَكِنَّ الْقِرَاءَةَ الْمُجْمَع عَلَيْهَا , وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ , بِفَتْحِ التَّاء , بِمَعْنَى : وَلَا أَنْ تَسْتَبْدِل بِهِنَّ , مَعَ أَنَّ الَّذِي ذَكَرَ ابْن زَيْد مِنْ فِعْل الْجَاهِلِيَّة غَيْر مَعْرُوف فِي أُمَّة نَعْلَمهُ مِنَ الْأُمَم : أَنْ يُبَادِل الرَّجُل آخَر بِامْرَأَتِهِ الْحُرَّة , فَيُقَال : كَانَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلهمْ , فَنَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فِعْل مِثْله . فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَفَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَة عَلَى نِسَائِهِ اللَّوَاتِي كُنَّ عِنْده , فَيَكُون مُوَجِّهًا تَأْوِيلَ قَوْله : { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج } إِلَى مَا تَأَوَّلْت , أَوْ قَالَ : وَأَيْنَ ذِكْر أَزْوَاجه اللَّوَاتِي كُنَّ عِنْدَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَتَكُون الْهَاء مِنْ قَوْله : { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ } مَنْ ذَكَرَهُنَّ وَتَوَهَّمَ أَنَّ الْهَاء فِي ذَلِكَ عَائِدَة عَلَى النِّسَاء , فِي قَوْله : { لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد } ؟ قِيلَ : قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَ مِنْ النِّسَاء اللَّوَاتِي كَانَ اللَّه أَحَلَّهُنَّ لَهُ عَلَى نِسَائِهِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدَهُ يَوْمَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة , وَإِنَّمَا نَهَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْآيَة أَنْ يُفَارِق مَنْ كَانَ عِنْدَهُ بِطَلَاقٍ أَرَادَ بِهِ اسْتِبْدَال غَيْرهَا بِهَا ; لِإِعْجَابِ حُسْن الْمُسْتَبْدَلَة لَهُ بِهَا إِيَّاهُ إِذْ كَانَ اللَّه قَدْ جَعَلَهُنَّ أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ وَخَيَّرَهُنَّ بَيْنَ الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالدَّار الْآخِرَة , وَالرِّضَا بِاللَّهِ وَرَسُوله , فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ , فَحُرِّمْنَ عَلَى غَيْره بِذَلِكَ , وَمُنِعَ مِنْ فِرَاقهنَّ بِطَلَاقٍ ; فَأَمَّا نِكَاح غَيْرهنَّ فَلَمْ يَمْنَع مِنْهُ , بَلْ أَحَلَّ اللَّه لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا بَيَّنَ فِي كِتَابه . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَة أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُقْبَض حَتَّى أَحَلَّ اللَّه لَهُ نِسَاءَ أَهْل الْأَرْض . 21825 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : مَا مَاتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أُحِلّ لَهُ النِّسَاء ; تَعْنِي أَهْل الْأَرْض . * حَدَّثَنِي عُبَيْد بْن إِسْمَاعِيل الْهَبَّارِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : مَا مَاتَ رَسُول اللَّه حَتَّى أُحِلّ لَهُ النِّسَاء . - حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا مُعَلَّى , قَالَ : ثنا وُهَيْبٌ , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر اللَّيْثِيّ , عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : مَا تُوُفِّيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أُحِلّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ النِّسَاء مَا شَاءَ . * حَدَّثَنِي أَبُو زَيْد عُمَر بْن شَبَّة , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : أَحْسِب عُبَيْد بْن عُمَيْر , حَدَّثَنِي , قَالَ أَبُو زَيْد , وَقَالَ أَبُو عَاصِم مَرَّة , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : مَا مَاتَ رَسُول اللَّه حَتَّى أَحَلَّ اللَّه لَهُ النِّسَاءَ . قَالَ : وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْر : شَهِدْت رَجُلًا يُحَدِّثهُ عَطَاء. * حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مَنْصُور , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل قَالَ : ثنا هَمَّام , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : مَا مَاتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أُحِلّ لَهُ النِّسَاء . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى نَبِيّه بِهَذِهِ الْآيَة طَلَاقَ نِسَائِهِ اللَّوَاتِي خَيَّرَهُنَّ فَاخْتَرْنَهُ , فَمَا وَجْه الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ طَلَّقَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا , وَأَنَّهُ أَرَادَ طَلَاقَ سَوْدَة حَتَّى صَالَحَتْهُ عَلَى تَرْك طَلَاقه إِيَّاهَا , وَوَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ ؟ قِيلَ : كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُول هَذِهِ الْآيَة . وَالدَّلِيل عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا , مِنْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيم اللَّه عَلَى نَبِيّه طَلَاقَهُنَّ , الرِّوَايَة الْوَارِدَة أَنَّ عُمَرَ دَخَلَ عَلَى حَفْصَة مُعَاقِبهَا حِين اعْتَزَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ , كَانَ مِنْ قِيله لَهَا : قَدْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَك , فَكَلَّمْته فَرَاجَعَك , فَوَاللَّهِ لَئِنْ طَلَّقَك , أَوْ لَوْ كَانَ طَلَّقَك لَا كَلَّمْته فِيك ! وَذَلِكَ لَا شَكَّ قَبْلَ نُزُول آيَة التَّخْيِير ; لِأَنَّ آيَةَ التَّخْيِير إِنَّمَا نَزَلَتْ حِين انْقَضَى وَقْت يَمِين رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اعْتِزَالهنَّ . وَأَمَّا أَمْر الدَّلَالَة عَلَى أَنَّ أَمْر سَوْدَةَ كَانَ قَبْلَ نُزُول هَذِهِ الْآيَة , أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَمَرَ نَبِيَّهُ بِتَخْيِيرِ نِسَائِهِ بَيْن فِرَاقه وَالْمُقَام مَعَهُ عَلَى الرِّضَا بِأَنْ لَا قَسْم لَهُنَّ , وَأَنَّهُ يُرْجِي مَنْ يَشَاء مِنْهُنَّ , وَيُؤْوِي مِنْهُنَّ مَنْ يَشَاء , وَيُؤْثِر مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ عَلَى مَنْ شَاءَ , وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ تَعَالَى ذِكْره : { وَمَنِ ابْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت فَلَا جُنَاح عَلَيْك ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتهنَّ كُلّهنَّ } , وَمِنَ الْمُحَال أَنْ يَكُونَ الصُّلْح بَيْنهَا وَبَيْنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَرَى عَلَى تَرْكهَا يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ فِي حَال لَا يَوْمَ لَهَا مِنْهُ . وَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ مِنْهَا إِلَّا فِي حَال كَانَ لَهَا مِنْهُ يَوْم هُوَ لَهَا حَقّ كَانَ وَاجِبًا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدَاؤُهُ إِلَيْهَا , وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُنَّ بَعْدَ التَّخْيِير لِمَا قَدْ وَصَفْت قَبْل فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا . فَتَأْوِيل الْكَلَام : لَا يَحِلّ لَك يَا مُحَمَّد النِّسَاء مِنْ بَعْد اللَّوَاتِي أَحْلَلْتهنَّ لَك فِي الْآيَة قَبْل , وَلَا أَنْ تُطَلِّق نِسَاءَك اللَّوَاتِي اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ , فَتُبَدِّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْن مَنْ أَرَدْت أَنْ تَبَدَّلَ بِهِ مِنْهُنَّ , إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك , وَأَنَّ فِي قَوْله { أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ } رَفْع ; لِأَنَّ مَعْنَاهَا : لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد , وَلَا الِاسْتِبْدَال بِأَزْوَاجِك , وَإِلَّا فِي قَوْله : { إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك } اسْتِثْنَاء مِنْ النِّسَاء , وَمَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد اللَّوَاتِي أَحْلَلْتهنَّ لَك , إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك مِنَ الْإِمَاء , فَإِنَّ لَك أَنْ تَمْلِك مِنْ أَيّ أَجْنَاس النَّاس شِئْت مِنَ الْإِمَاء . وَقَوْله : { وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء رَقِيبًا } يَقُول : وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء مَا أَحَلَّ لَك , وَحَرَّمَ عَلَيْك , وَغَيْر ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاء كُلّهَا , حَفِيظًا لَا يَعْزُب عَنْهُ عِلْم شَيْء مِنْ ذَلِكَ , وَلَا يَئُودُهُ حِفْظ ذَلِكَ كُلّه . 21826 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ . ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء رَقِيبًا } : أَيْ حَفِيظًا , فِي قَوْل الْحَسَن وَقَتَادَة .'; $TAFSEER['3']['33']['53'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَن لَكُمْ إِلَى طَعَام غَيْر نَاظِرِينَ إِنَاهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِأَصْحَابِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُوله , لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ نَبِيّ اللَّه إِلَّا أَنْ تُدْعَوْا إِلَى طَعَام تَطْعَمُونَهُ { غَيْر نَاظِرِينَ إِنَاهُ } يَعْنِي : غَيْر مُنْتَظِرِينَ إِدْرَاكَهُ وَبُلُوغَهُ ; وَهُوَ مَصْدَر مِنْ قَوْلهمْ : قَدْ أَنَى هَذَا الشَّيْء يَأْنِي أَنًى وَأَنْيًا وَإِنَاءً ; قَالَ الْحُطَيْئَة : وَآنَيْت الْعَشَاءَ إِلَى سُهَيْل أَوْ الشِّعْرَى فَطَالَ بِي الْأَنَاءُ وَفِيهِ لُغَة أُخْرَى , يُقَال : قَدْ آنَ لَك : أَيْ تَبَيَّنَ لَك أَيْنًا , وَنَالَ لَك , وَأَنَال لَك ; وَمِنْهُ قَوْل رُؤْبَة بْن الْعَجَّاج : هَاجَتْ وَمِثْلِي نَوْلُهُ أَنْ يَرْبَعَا حَمَامَة نَاخَتْ حَمَامًا سُجَّعَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21827 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { إِلَى طَعَام غَيْر نَاظِرِينَ إِنَاهُ } قَالَ : مُتَحَيِّنِينَ نُضْجَهُ . 21828 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , { غَيْر نَاظِرِينَ إِنَاهُ } يَقُول : غَيْر نَاظِرِينَ الطَّعَامَ أَنْ يُصْنَعَ . 21829 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { غَيْر نَاظِرِينَ إِنَاهُ } قَالَ : غَيْر مُتَحَيِّنِينَ طَعَامَهُ . * حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . وَنُصِبَ { غَيْر } فِي قَوْله : { غَيْر نَاظِرِينَ إِنَاهُ } عَلَى الْحَال مِنْ الْكَاف وَالْمِيم فِي قَوْله : { إِلَّا أَنْ يُؤْذَن لَكُمْ } لِأَنَّ الْكَاف وَالْمِيم مَعْرِفَة وَغَيْر نَكِرَة , وَهِيَ مِنْ صِفَة الْكَاف وَالْمِيم . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَقُول : لَا يَجُوز فِي " غَيْرِ " الْجَرّ عَلَى الطَّعَام , إِلَّا أَنْ تَقُولَ : أَنْتُمْ , وَيَقُول : أَلَا تَرَى أَنَّك لَوْ قُلْت : أَبْدَى لِعَبْدِ اللَّه عَلَيَّ امْرَأَة مُبْغِضًا لَهَا , لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَّا النَّصْب , إِلَّا أَنْ تَقُول : مُبْغِضٌ لَهَا هُوَ ; لِأَنَّك إِذَا أَجْرَيْت صِفَتَهُ عَلَيْهَا , وَلَمْ تُظْهِر الضَّمِيرَ الَّذِي يَدُلّ عَلَى أَنَّ الصِّفَةَ لَهُ لَمْ يَكُنْ كَلَامًا , لَوْ قُلْت : هَذَا رَجُل مَعَ امْرَأَة مُلَازِمَهَا , كَانَ لَحْنًا , حَتَّى تَرْفَعَ , فَتَقُولَ مُلَازِمُهَا , أَوْ تَقُولَ مُلَازِمِهَا هُوَ , فَتَجُرّ . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة يَقُول : لَوْ جَعَلْت " غَيْرِ " فِي قَوْله : { غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ } خَفْضًا كَانَ صَوَابًا ; لِأَنَّ قَبْلَهَا الطَّعَام وَهُوَ نَكِرَة , فَيُجْعَل فِعْلهمْ تَابِعًا لِلطَّعَامِ , لِرُجُوعِ ذِكْر الطَّعَام فِي إِنَاهُ , كَمَا تَقُول الْعَرَب : رَأَيْت زَيْدًا مَعَ امْرَأَة مُحْسِنًا إِلَيْهَا وَمُحْسِنٍ إِلَيْهَا , فَمَنْ قَالَ مُحْسِنًا جَعَلَهُ مِنْ صِفَة زَيْد , وَمَنْ خَفَضَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ : رَأَيْته مَعَ الَّتِي يُحْسِن إِلَيْهَا ; فَإِذَا صَارَتْ الصِّلَة لِلنَّكِرَةِ أَتْبَعَتْهَا وَإِنْ كَانَتْ فِعْلًا لِغَيْرِ النَّكِرَة , كَمَا قَالَ الْأَعْشَى : فَقُلْت لَهُ هَذِهِ هَاتِهَا إِلَيْنَا بِأَدْمَاءَ مُقْتَادِهَا فَجَعَلَ الْمُقْتَادَ تَابِعًا لِإِعْرَابِ بِأَدْمَاءَ , لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِك : بِأَدْمَاء تَقْتَادهَا , فَخَفَضَهُ ; لِأَنَّهُ صِلَة لَهَا , قَالَ : وَيُنْشَد : " بِأَدْمَاءِ مُقْتَادِهَا " بِخَفْضِ الْأَدْمَاء لِإِضَافَتِهَا إِلَى الْمُقْتَاد , قَالَ : وَمَعْنَاهُ : هَاتِهَا عَلَى يَدَيْ مَنْ اقْتَادَهَا , وَأَنْشَدَ أَيْضًا : وَإِنَّ امْرَأً أَهْدَى إِلَيْك وَدُونَهُ مِنَ الْأَرْض مَوْمَاةٌ وَبَيْدَاء فَيْهَق لَمَحْقُوقَةٌ أَنْ تَسْتَجِيبِي لِصَوْتِهِ وَأَنْ تَعْلَمِي أَنَّ الْمُعَان مُوَفَّق وَحُكِيَ عَنْ بَعْض الْعَرَب سَمَاعًا يُنْشَد : أَرَأَيْت إِذْ أَعْطَيْتُك الْوُدّ كُلَّهُ وَلَمْ يَكُ عِنْدِي إِنْ أَبَيْت إِبَاء أَمُسْلِمَتِي لِلْمَوْتِ أَنْتِ فَمَيِّت وَهَلْ لِلنُّفُوسِ الْمُسْلِمَات بَقَاء وَلَمْ يَقُلْ : فَمَيِّت أَنَا , وَقَالَ الْكِسَائِيّ : سَمِعْت الْعَرَبَ تَقُول : يَدك بَاسِطهَا , يُرِيدُونَ أَنْتَ , وَهُوَ كَثِير فِي الْكَلَام , قَالَ : فَعَلَى هَذَا يَجُوز خَفْض " غَيْر " . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا , الْقَوْل بِإِجَازَةِ جَرّ " غَيْرِ " فِي " غَيْرَ نَاظِرِينَ " فِي الْكَلَام , لَا فِي الْقِرَاءَة , لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَبْيَات الَّتِي حَكَيْنَاهَا ; فَأَمَّا فِي الْقِرَاءَة فَغَيْرُ جَائِز فِي " غَيْرَ " غَيْرُ النَّصْب ; لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَى نَصْبهَا . وَقَوْله : { وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا } يَقُول : وَلَكِنْ إِذَا دَعَاكُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَادْخُلُوا الْبَيْتَ الَّذِي أَذِنَ لَكُمْ بِدُخُولِهِ { فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا } يَقُول : فَإِذَا أَكَلْتُمْ الطَّعَامَ الَّذِي دُعِيتُمْ لِأَكْلِهِ فَانْتَشِرُوا , يَعْنِي فَتَفَرَّقُوا وَاخْرُجُوا مِنْ مَنْزِله . { وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } فَقَوْله : { وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } فِي مَوْضِع خَفْض عَطْفًا بِهِ عَلَى نَاظِرِينَ , كَمَا يُقَال فِي الْكَلَام : أَنْتَ غَيْر سَاكِتٍ وَلَا نَاطِقٍ , وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يُقَال : " مُسْتَأْنِسِينَ " فِي مَوْضِع نَصْب عَطْفًا عَلَى مَعْنَى نَاظِرِينَ ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ : إِلَّا أَنْ يُؤْذَن لَكُمْ إِلَى طَعَام لَا نَاظِرِينَ إِنَاهُ , فَيَكُون قَوْله : { وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ } نَصْبًا حِينَئِذٍ , وَالْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ إِذَا حَالَتْ بَيْنَ الْأَوَّل وَالثَّانِي , فَتَرُدّ أَحْيَانًا عَلَى لَفْظ الْأَوَّل , وَأَحْيَانًا عَلَى مَعْنَاهُ , وَقَدْ ذَكَرَ الْفَرَّاء أَنَّ أَبَا الْقَمْقَام أَنْشَدَهُ : أَجِدّك لَسْت الدَّهْر رَائِيَ رَامَةٍ وَلَا عَاقِل إِلَّا وَأَنْتَ جَنِيبُ وَلَا مُصْعِدٍ فِي الْمُصْعِدِينَ لَمِنْعِجٍ وَلَا هَابِطًا مَا عِشْت هَضْب شَطِيبِ فَرَدَّ " مُصْعِدٍ " عَلَى أَنَّ " رَائِيَ " فِيهِ بَاءٌ خَافِضَة , إِذْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصْعِد مِمَّا حَال بَيْنهمَا مِنَ الْكَلَام . وَمَعْنَى قَوْله : { وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } : وَلَا مُتَحَدِّثِينَ بَعْدَ فَرَاغكُمْ مِنْ أَكْل الطَّعَام إِينَاسًا مِنْ بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ بِهِ , كَمَا : 21830 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } بَعْدَ أَنْ تَأْكُلُوا . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي السَّبَب الَّذِي نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِيهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : نَزَلَتْ بِسَبَبِ قَوْم طَعِمُوا عِنْدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَلِيمَة زَيْنَب بِنْت جَحْش , ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ فِي مَنْزِل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَبِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْله حَاجَة , فَمَنَعَهُ الْحَيَاء مِنْ أَمْرهمْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِله . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21831 -حَدَّثَنِي عِمْرَان بْن مُوسَى الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز بْن صُهَيْب , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : بَنَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ بِنْت جَحْش , فَبَعَثْت دَاعِيًا إِلَى الطَّعَام , فَدَعَوْت , فَيَجِيء الْقَوْم يَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ ثُمَّ يَجِيء الْقَوْم يَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ , فَقُلْت : يَا نَبِيّ اللَّه قَدْ دَعَوْت حَتَّى مَا أَجِد أَحَدًا أَدْعُوهُ , قَالَ : " ارْفَعُوا طَعَامَكُمْ " , وَإِنَّ زَيْنَب لَجَالِسَة فِي نَاحِيَة الْبَيْت , وَكَانَتْ قَدْ أُعْطِيَتْ جَمَالًا , وَبَقِيَ ثَلَاثَة نَفَر يَتَحَدَّثُونَ فِي الْبَيْت , وَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْطَلِقًا نَحْو حُجْرَة عَائِشَة , فَقَالَ : " السَّلَام عَلَيْكُمْ أَهْل الْبَيْت " فَقَالُوا : وَعَلَيْك السَّلَام يَا رَسُولَ اللَّه , كَيْفَ وَجَدْت أَهْلَك ؟ قَالَ : فَأَتَى حُجَر نِسَائِهِ , فَقَالُوا مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَة , فَرَجَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِذَا الثَّلَاثَة يَتَحَدَّثُونَ فِي الْبَيْت , وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيد الْحَيَاء , فَخَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْطَلِقًا نَحْو حُجْرَة عَائِشَة , فَلَا أَدْرِي أَخْبَرْته , أَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الرَّهْطَ قَدْ خَرَجُوا , فَرَجَعَ حَتَّى وَضَعَ رِجْله فِي أُسْكُفَّة دَاخِل الْبَيْت , وَالْأُخْرَى خَارِجه , إِذْ أُرْخِي السِّتْر بَيْنِي وَبَيْنَهُ , وَأُنْزِلَتْ آيَة الْحِجَاب . * حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَة بِشْر بْن دِحْيَة , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : سَأَلَنِي أُبَيّ بْن كَعْب عَنِ الْحِجَاب , فَقُلْت : أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهِ , نَزَلَتْ فِي شَأْن زَيْنَب ; أَوْلَمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا بِتَمْرٍ وَسَوِيق , فَنَزَلَتْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ } إِلَى قَوْله : { ذَلِكُمْ أَطْهَر لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبهنَّ } . * حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وَهْب , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَنَس بْن مَالِك أَنَّهُ كَانَ ابْن عَشْر سِنِينَ مَقْدَم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَة , فَكُنْت أَعْلَم النَّاس بِشَأْنِ الْحِجَاب حِين أُنْزِلَ فِي مُبْتَنَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ بِنْت جَحْش ; أَصْبَحَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا عَرُوسًا , فَدَعَا الْقَوْم فَأَصَابُوا مِنْ الطَّعَام حَتَّى خَرَجُوا , وَبَقِيَ مِنْهُمْ رَهْط عِنْدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطَالُوا الْمُكْث , فَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجَ , وَخَرَجْت مَعَهُ لِكَيْ يَخْرُجُوا , فَمَشَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَشَيْت مَعَهُ , حَتَّى جَاءَ عَتَبَة حُجْرَة عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ , ثُمَّ ظَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ قَدْ خَرَجُوا , فَرَجَعَ وَرَجَعْت مَعَهُ , حَتَّى دَخَلَ عَلَى زَيْنَب , فَإِذَا هُمْ جُلُوس لَمْ يَقُومُوا , فَرَجَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَعْت مَعَهُ , فَإِذَا هُمْ قَدْ خَرَجُوا , فَضَرَبَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سِتْرًا , وَأُنْزِلَ الْحِجَاب . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ حُمَيْد , عَنْ أَنَس , قَالَ : دَعَوْت الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , صَبِيحَة بَنَى بِزَيْنَبَ بِنْت جَحْش , فَأَوْسَعَهُمْ خُبْزًا وَلَحْمًا , ثُمَّ رَجَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَع , فَأَتَى حُجَر نِسَائِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ , فَدَعَوْنَ لَهُ , وَرَجَعَ إِلَى بَيْته وَأَنَا مَعَهُ ; فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَاب إِذَا رَجُلَانِ قَدْ جَرَى بِهِمَا الْحَدِيث فِي نَاحِيَة الْبَيْت , فَلَمَّا أَبْصَرَهُمَا وَلَّى رَاجِعًا ; فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَّى عَنْ بَيْته , وَلَّيَا مُسْرِعِينَ , فَلَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْته , أَوْ أُخْبِرَ فَرَجَعَ إِلَى بَيْته , فَأَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ , وَنَزَلَتْ آيَة الْحِجَاب . 21832 - حَدَّثَنِي ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ حُمَيْد , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب : قُلْت لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ حَجَبْت عَنْ أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ , فَإِنَّهُ يَدْخُل عَلَيْك الْبَرّ وَالْفَاجِر , فَنَزَلَتْ آيَة الْحِجَاب . * حَدَّثَنِي الْقَاسِم بْن بِشْر بْن مَعْرُوف , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن حَرْب , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : أَنَا أَعْلَم النَّاس بِهَذِهِ الْآيَة , آيَة الْحِجَاب ; لَمَّا أُهْدِيَتْ زَيْنَب إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ طَعَامًا , وَدَعَا الْقَوْمَ , فَجَاءُوا فَدَخَلُوا وَزَيْنَب مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَيْت , وَجَعَلُوا يَتَحَدَّثُونَ , وَجَعَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُج ثُمَّ يَدْخُل وَهُمْ قُعُود , قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيّ } . . . . إِلَى : { فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } قَالَ : فَقَامَ الْقَوْم وَضُرِبَ الْحِجَاب . * حَدَّثَنِي عُمَر بْن إِسْمَاعِيل بْن مُجَالِد , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ بَيَان , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : بَنَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ , فَأَرْسَلَنِي , فَدَعَوْت قَوْمًا إِلَى الطَّعَام ; فَلَمَّا أَكَلُوا وَخَرَجُوا , قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْطَلِقًا قِبَلَ بَيْت عَائِشَة , فَرَأَى رَجُلَيْنِ جَالِسَيْنِ , فَانْصَرَفَ رَاجِعًا , فَأَنْزَلَ اللَّه : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ } 21833 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ , قَالَ : ثنا الْمَسْعُودِيّ , قَالَ : ثنا ابْن نَهْشَل , عَنْ أَبِي وَائِل , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : أَمَرَ عُمَر نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِجَابِ , فَقَالَتْ زَيْنَب : يَا ابْن الْخَطَّاب , إِنَّك لَتَغَار عَلَيْنَا , وَالْوَحْي يَنْزِل فِي بُيُوتنَا , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَرْزُوق , قَالَ : ثنا أَشْهَل بْن حَاتِم , قَالَ : ثنا ابْن عَوْن , عَنْ عَمْرو بْن سَعْد , عَنْ أَنَس قَالَ : وَكُنْت مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَ يَمُرّ عَلَى نِسَائِهِ , قَالَ : فَأَتَى بِامْرَأَةٍ عَرُوس , ثُمَّ جَاءَ وَعِنْدَهَا قَوْم , فَانْطَلَقَ فَقَضَى حَاجَتَهُ , وَاحْتَبَسَ وَعَادَ وَقَدْ خَرَجُوا ; قَالَ : فَدَخَلَ فَأَرْخَى بَيْنِي وَبَيْنه سِتْرًا , قَالَ : فَحَدَّثْت أَبَا طَلْحَةَ , فَقَالَ : إِنْ كَانَ كَمَا تَقُول : لَيَنْزِلَنَّ فِي هَذَا شَيْء , قَالَ : وَنَزَلَتْ آيَة الْحِجَاب . وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَ ذَلِكَ فِي بَيْت أُمّ سَلَمَةَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21834 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } قَالَ : كَانَ هَذَا فِي بَيْت أُمّ سَلَمَةَ , قَالَ : أَكَلُوا , ثُمَّ أَطَالُوا الْحَدِيثَ , فَجَعَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُل وَيَخْرُج وَيَسْتَحْيِي مِنْهُمْ , وَاللَّه لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقّ. 21835 - قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّهُنَّ أُمِرْنَ بِالْحِجَابِ عِنْد ذَلِكَ . وَقَوْله : { إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ } . يَقُول : إِنَّ دُخُولَكُمْ بُيُوتَ النَّبِيّ مِنْ غَيْر أَنْ يُؤْذَن لَكُمْ , وَجُلُوسكُمْ فِيهَا مُسْتَأْنِسِينَ لِلْحَدِيثِ بَعْدَ فَرَاغكُمْ مِنْ أَكْل الطَّعَام الَّذِي دُعِيتُمْ لَهُ , كَانَ يُؤْذِي النَّبِيّ , فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْهَا إِذَا قَعَدْتُمْ فِيهَا لِلْحَدِيثِ بَعْدَ الْفَرَاغ مِنْ الطَّعَام , أَوْ يَمْنَعَكُمْ مِنْ الدُّخُول إِذَا دَخَلْتُمْ بِغَيْرِ إِذْن مَعَ كَرَاهِيَته لِذَلِكَ مِنْكُمْ { وَاللَّه لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقّ } أَنْ يَتَبَيَّن لَكُمْ , وَإِنْ اسْتَحْيَا نَبِيّكُمْ فَلَمْ يُبَيِّن لَكُمْ كَرَاهِيَة ذَلِكَ حَيَاء مِنْكُمْ { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } يَقُول : وَإِذَا سَأَلْتُمْ أَزْوَاجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ اللَّوَاتِي لَسْنَ لَكُمْ بِأَزْوَاجٍ مَتَاعًا { فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } يَقُول : مِنْ وَرَاء سِتْر بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُنَّ , وَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِنَّ بُيُوتَهُنَّ { ذَلِكُمْ أَطْهَر لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبهنَّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : سُؤَالكُمْ إِيَّاهُنَّ الْمَتَاع إِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ ذَلِكَ مِنْ وَرَاء حِجَاب أَطْهَر لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبهنَّ مِنْ عَوَارِض الْعَيْن فِيهَا الَّتِي تَعْرِض فِي صُدُور الرِّجَال مِنْ أَمْر النِّسَاء , وَفِي صُدُور النِّسَاء مِنْ أَمْر الرِّجَال , وَأَحْرَى مِنْ أَنْ لَا يَكُونَ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْكُمْ وَعَلَيْهِنَّ سَبِيل . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ سَبَبَ أَمْر اللَّه النِّسَاءَ بِالْحِجَابِ , إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْل أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُل مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَائِشَة مَعَهُمَا , فَأَصَابَتْ يَدهَا يَدَ الرَّجُل , فَكَرِهَ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21836 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطْعَم وَمَعَهُ بَعْض أَصْحَابه , فَأَصَابَتْ يَد رَجُل مِنْهُمْ يَدَ عَائِشَةَ , فَكَرِهَ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ آيَة الْحِجَاب . وَقِيلَ : نَزَلَتْ مِنْ أَجْل مَسْأَلَة عُمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21837 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَيَعْقُوب , قَالَا : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا حُمَيْد الطَّوِيل , عَنْ أَنَس , قَالَ : قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب : قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّه , إِنَّ نِسَاءَك يَدْخُل عَلَيْهِنَّ الْبَرّ وَالْفَاجِر , فَلَوْ أَمَرْتهنَّ أَنْ يَحْتَجِبْنَ ؟ قَالَ : فَنَزَلَتْ آيَة الْحِجَاب. * حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا حُمَيْد , عَنْ أَنَس , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ . 21838 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثني عَمْرو بْن عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : ثني يُونُس , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى " الْمَنَاصِع " وَهُوَ صَعِيد أَفْيَح , وَكَانَ عُمَر يَقُول : يَا رَسُولَ اللَّه , احْجُبْ نِسَاءَك , فَلَمْ يَكُنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَل , فَخَرَجَتْ سَوْدَة بِنْت زَمْعَةَ , زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَتْ امْرَأَة طَوِيلَة , فَنَادَاهَا عُمَر بِصَوْتِهِ الْأَعْلَى : قَدْ عَرَفْنَاك يَا سَوْدَة , حِرْصًا أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَاب , قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّه الْحِجَاب . 21839 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن نُمَيْر , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ , قَالَتْ : خَرَجَتْ سَوْدَة لِحَاجَتِهَا بَعْدَمَا ضُرِبَ عَلَيْنَا الْحِجَاب , وَكَانَتْ امْرَأَة تَفْرَع النِّسَاءَ طُولًا , فَأَبْصَرَهَا عُمَر , فَنَادَاهَا : يَا سَوْدَة , إِنَّك وَاللَّه مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا , فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ , أَوْ كَيْفَ تَصْنَعِينَ ؟ فَانْكَفَأَتْ فَرَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى , فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا كَانَ , وَمَا قَالَ لَهَا , وَإِنَّ فِي يَده لَعَرْقًا , فَأُوحِيَ إِلَيْهِ , ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ , وَإِنَّ الْعَرْق لَفِي يَده , فَقَالَ : " لَقَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ " . * حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد بْن عَبْد الْوَارِث , قَالَ : ثنا هَمَّام , قَالَ : ثنا عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ أَبِي وَائِل , عَنِ ابْن مَسْعُود , قَالَ : أَمَرَ عُمَر نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِجَابِ فَقَالَتْ زَيْنَب : يَا ابْن الْخَطَّاب , إِنَّك لَتَغَار عَلَيْنَا وَالْوَحْي يَنْزِل فِي بُيُوتنَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } . * حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوب النَّهْرَانِيّ سُلَيْمَان بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن عَبْد رَبّه , قَالَ : ثني ابْن حَرْب , عَنْ الزُّبَيْدِيّ , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى " الْمَنَاصِع " وَهُوَ صَعِيد أَفْيَح ; وَكَانَ عُمَر بْن الْخَطَّاب يَقُول لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْجُبْ نِسَاءَك , فَلَمْ يَكُنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَل , فَخَرَجَتْ سَوْدَة بِنْت زَمْعَةَ زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَة مِنْ اللَّيَالِي عِشَاء , وَكَانَتْ امْرَأَة طَوِيلَة , فَنَادَاهَا عُمَر بِصَوْتِهِ الْأَعْلَى : قَدْ عَرَفْنَاك يَا سَوْدَة , حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَاب , قَالَتْ عَائِشَة : فَأَنْزَلَ اللَّه الْحِجَابَ , قَالَ اللَّه : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا } . . . الْآيَةَ. وَقَوْله : { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّه , وَمَا يَصْلُح ذَلِكَ لَكُمْ { وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْده أَبَدًا } يَقُول : وَمَا يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْده أَبَدًا لِأَنَّهُنَّ أُمَّهَاتكُمْ , وَلَا يَحِلّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهُ. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ فِي رَجُل كَانَ يَدْخُل قَبْلَ الْحِجَاب , قَالَ : لَئِنْ مَاتَ مُحَمَّد لَأَتَزَوَّجَنَّ امْرَأَة مِنْ نِسَائِهِ سَمَّاهَا , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي ذَلِكَ : { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّه وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْده أَبَدًا } . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21840 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّه وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْده أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّه عَظِيمًا } قَالَ : رُبَّمَا بَلَغَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الرَّجُلَ يَقُول : لَوْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ مِنْ بَعْده , قَالَ : فَكَانَ ذَلِكَ يُؤْذِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَ الْقُرْآن : { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّه } .. . الْآيَة . 21841 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , عَنْ عَامِر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ , وَقَدْ مَلَكَ قَيْلَةَ بِنْت الْأَشْعَث , فَتَزَوَّجَهَا عِكْرِمَة بْن أَبِي جَهْل بَعْدَ ذَلِكَ , فَشَقَّ عَلَى أَبِي بَكْر مَشَقَّة شَدِيدَة , فَقَالَ لَهُ عُمَر : يَا خَلِيفَة رَسُول اللَّه إِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نِسَائِهِ إِنَّهَا لَمْ يُخَيِّرهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَحْجُبهَا , وَقَدْ بَرَّأَهَا مِنْهُ بِالرِّدَّةِ الَّتِي ارْتَدَّتْ مَعَ قَوْمهَا , فَاطْمَأَنَّ أَبُو بَكْر وَسَكَنَ . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , عَنْ عَامِر , أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَقَدْ مَلَكَ بِنْت الْأَشْعَث بْن قَيْس , وَلَمْ يُجَامِعهَا , ذَكَرَ نَحْوَهُ . وَقَوْله : { إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّه عَظِيمًا } يَقُول : إِنَّ أَذَاكُمْ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنِكَاحكُمْ أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْده عِنْدَ اللَّه عَظِيم مِنْ الْإِثْم .'; $TAFSEER['3']['33']['54'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنْ تُظْهِرُوا بِأَلْسِنَتِكُمْ شَيْئًا أَيّهَا النَّاس مِنْ مُرَاقَبَة النِّسَاء , أَوْ غَيْر ذَلِكَ مِمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ أَوْ أَذًى لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ : لَأَتَزَوَّجَنَّ زَوْجَتَهُ بَعْدَ وَفَاته , { أَوْ تُخْفُوهُ } يَقُول : أَوْ تُخْفُوا ذَلِكَ فِي أَنْفُسكُمْ , فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا , يَقُول : فَإِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ ذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ مِنْ أُمُوركُمْ وَأُمُور غَيْركُمْ , عَلِيم لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء , وَهُوَ يُجَازِيكُمْ عَلَى جَمِيع ذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['33']['55'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا جُنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانهنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانهنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتهنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهنَّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَا حَرَج عَلَى أَزْوَاج رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا إِثْم . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي وَضَعَ عَنْهُنَّ الْجُنَاح فِي هَؤُلَاءِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : وُضِعَ عَنْهُنَّ الْجُنَاح فِي وَضْع جَلَابِيبهنَّ عِنْدَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21842 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { لَا جُنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ } . . . الْآيَة كُلّهَا , قَالَ : أَنْ تَضَعَ الْجِلْبَابَ . 21843 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { لَا جُنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ } وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ أَنْ يَرَوْهُنَّ . وَقَالَ آخَرُونَ : وُضِعَ عَنْهُنَّ الْجُنَاح فِيهِنَّ فِي تَرْك الِاحْتِجَاب . 21844 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { لَا جُنَاح عَلَيْهِنَّ } . . . إِلَى { شَهِيدًا } : فَرَخَّصَ لِهَؤُلَاءِ أَنْ لَا يَحْتَجِبْنَ مِنْهُمْ . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : ذَلِكَ وَضْع الْجُنَاح عَنْهُنَّ فِي هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يَحْتَجِبْنَ مِنْهُمْ , وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة عَقِيبَ آيَة الْحِجَاب , وَبَعْد قَوْل اللَّه : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } فَلَا يَكُون قَوْله : { لَا جُنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ } اسْتِثْنَاء مِنْ جُمْلَة الَّذِينَ أُمِرُوا بِسُؤَالِهِنَّ الْمَتَاع مِنْ وَرَاء الْحِجَاب إِذَا سَأَلُوهُنَّ ذَلِكَ أَوْلَى وَأَشْبَه مِنْ أَنْ يَكُونَ خَبَر مُبْتَدَإِ عَنْ غَيْر ذَلِكَ الْمَعْنَى . فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَنْ : لَا إِثْمَ عَلَى نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ فِي إِذْنهنَّ لِآبَائِهِنَّ , وَتَرْك الْحِجَاب مِنْهُنَّ , وَلَا لِأَبْنَائِهِنَّ وَلَا لِإِخْوَانِهِنَّ , وَلَا لِأَبْنَاءِ إِخْوَانهنَّ , وَعَنَى بِإِخْوَانِهِنَّ وَأَبْنَاء إِخْوَانهنَّ إِخْوَتهنَّ وَأَبْنَاء إِخْوَتهنَّ , وَخَرَجَ مَعَهُمْ جَمْع ذَلِكَ مَخْرَج جَمْع فَتًى إِذَا جُمِعَ فِتْيَان , فَكَذَلِكَ جَمْع أَخ إِذَا جُمِعَ إِخْوَان . وَأَمَّا إِذَا جُمِعَ إِخْوَة , فَذَلِكَ نَظِير جَمْع فَتَى إِذَا جُمِعَ فِتْيَة , وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانهنَّ , وَلَمْ يُذْكَر فِي ذَلِكَ الْعَمّ عَلَى مَا قَالَ الشَّعْبِيّ حَذَرًا مِنْ أَنْ يَصِفهُنَّ لِأَبْنَائِهِ . 21845 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ دَاوُدَ , عَنِ الشَّعْبِيّ وَعِكْرِمَة فِي قَوْله : { لَا جُنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانهنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانهنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتهنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهنَّ } قُلْت : مَا شَأْن الْعَمّ وَالْخَال لَمْ يُذْكَرَا ؟ قَالَ : لِأَنَّهُمَا يَنْعَتَانِهَا لِأَبْنَائِهِمَا , وَكَرِهَا أَنْ تَضَعَ خِمَارَهَا عِنْدَ خَالهَا وَعَمّهَا . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , , قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيد , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ دَاوُدَ , عَنْ عِكْرِمَة وَالشَّعْبِيّ نَحْوه , غَيْر أَنَّهُ لَمْ يَذْكُر يَنْعَتَانِهَا. وَقَوْله : { وَلَا نِسَائِهِنَّ } يَقُول : وَلَا جُنَاح عَلَيْهِنَّ أَيْضًا فِي أَنْ لَا يَحْتَجِبْنَ مِنْ نِسَاء الْمُؤْمِنِينَ , كَمَا : 21846 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَا نِسَائِهِنَّ } قَالَ : نِسَاء الْمُؤْمِنَات الْحَرَائِر لَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاح أَنْ يَرَيْنَ تِلْكَ الزِّينَةَ , قَالَ : وَإِنَّمَا هَذَا كُلّه فِي الزِّينَة , قَالَ : وَلَا يَجُوز لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى شَيْء مِنْ عَوْرَة الْمَرْأَة , قَالَ : وَلَوْ نَظَر الرَّجُل إِلَى فَخِذ الرَّجُل لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا , قَالَ : { وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهنَّ } فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَكْشِف قُرْطَهَا لِلرَّجُلِ , قَالَ : وَأَمَّا الْكُحْل وَالْخَاتَم وَالْخِضَاب , فَلَا بَأْسَ بِهِ , قَالَ : وَالزَّوْج لَهُ فَضْل , وَالْآبَاء مِنْ وَرَاء الرَّجُل لَهُمْ فَضْل . قَالَ : وَالْآخَرُونَ يَتَفَاضَلُونَ , قَالَ : وَهَذَا كُلّه يَجْمَعهُ مَا ظَهَرَ مِنْ الزِّينَة , قَالَ : وَكَانَ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْتَجِبْنَ مِنْ الْمَمَالِيك . وَقَوْله : { وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهنَّ } مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء , وَقَالَ آخَرُونَ : مِنْ النِّسَاء. وَقَوْله : { وَاتَّقِينَ اللَّهَ } يَقُول : وَخِفْنَ اللَّهَ أَيّهَا النِّسَاء أَنْ تَتَعَدَّيْنَ مَا حَدّ اللَّه لَكُنَّ , فَتُبْدِينَ مِنْ زِينَتكُنَّ مَا لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تُبْدِينَهُ , أَوْ تَتْرُكْنَ الْحِجَابَ الَّذِي أَمَرَكُنَّ اللَّه بِلُزُومِهِ , إِلَّا فِيمَا أَبَاحَ لَكُنَّ تَرْكَهُ , وَالْزَمْنَ طَاعَتَهُ { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيدًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّهَ شَاهِد عَلَى مَا تَفْعَلْنَهُ مِنْ احْتِجَابكُنَّ , وَتَرْككُنَّ الْحِجَابَ لِمَنْ أَبَحْت لَكُنَّ تَرْكَ ذَلِكَ لَهُ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُوركُنَّ ; يَقُول : فَاتَّقِينَ اللَّهَ فِي أَنْفُسكُنَّ لَا تَلْقَيْنَ اللَّه , وَهُوَ شَاهِد عَلَيْكُمْ بِمَعْصِيَتِهِ , وَخِلَاف أَمْره وَنَهْيه , فَتَهْلَكْنَ , فَإِنَّهُ شَاهِد عَلَى كُلّ شَيْء .'; $TAFSEER['3']['33']['56'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُبَرِّكُونَ عَلَى النَّبِيّ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَمَا : 21847 -حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ } يَقُول : يُبَارِكُونَ عَلَى النَّبِيّ. وَقَدْ يُحْتَمَل أَنْ يُقَالَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّ اللَّهَ يَرْحَم النَّبِيَّ , وَتَدْعُو لَهُ مَلَائِكَته وَيَسْتَغْفِرُونَ , وَذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي كَلَام الْعَرَب مِنْ غَيْر اللَّه إِنَّمَا هُوَ دُعَاء , وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا بِشَوَاهِدِهِ , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته. { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْعُوا لِنَبِيِّ اللَّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلِّمْ { وَسَلِّمُوا عَلَيْهِ تَسْلِيمًا } يَقُول : وَحَيُّوهُ تَحِيَّة الْإِسْلَام . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ جَاءَتْ الْآثَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21848 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ عُثْمَان بْن مَوْهِب , عَنْ مُوسَى بْن طَلْحَة , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : أَتَى رَجُل النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : سَمِعْت اللَّهَ يَقُول : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ } . . . الْآيَة , فَكَيْفَ الصَّلَاة عَلَيْك ؟ فَقَالَ : " قُلْ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِ مُحَمَّد , كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيم إِنَّك حَمِيد مَجِيد , وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد , كَمَا بَارَكْت عَلَى إِبْرَاهِيم إِنَّك حَمِيد مَجِيد " . 21849 - حَدَّثَنِي جَعْفَر بْن مُحَمَّد الْكُوفِيّ , قَالَ : ثنا يَعْلَى بْن الْأَجْلَح , عَنِ الْحَكَم بْن عُتَيْبَة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ كَعْب بْن عُجْرَة , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } قُمْت إِلَيْهِ , فَقُلْت : السَّلَام عَلَيْك قَدْ عَرَفْنَاهُ , فَكَيْفَ الصَّلَاة عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّه ؟ قَالَ : " قُلْ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد , كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم , إِنَّك حَمِيد مَجِيد , وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد , كَمَا بَارَكْت عَلَى إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حَمِيد مَجِيد " . 21850 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مَالِك بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا أَبُو إِسْرَائِيل , عَنْ يُونُس بْن خَبَّاب , قَالَ : خَطَبَنَا بِفَارِس فَقَالَ : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ } . . الْآيَة , فَقَالَ : أَنْبَأَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاس يَقُول : هَكَذَا أُنْزِلَ , فَقُلْنَا : أَوْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّه قَدْ عَلِمْنَا السَّلَامَ عَلَيْك , فَكَيْفَ الصَّلَاة عَلَيْك ؟ فَقَالَ : " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد , كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم , إِنَّك حَمِيد مَجِيد , وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد , كَمَا بَارَكْت عَلَى إِبْرَاهِيم إِنَّك حَمِيد مَجِيد " . 21851 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ زِيَاد , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ } . . . الْآيَة , قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّه هَذَا السَّلَام قَدْ عَرَفْنَاهُ , فَكَيْفَ الصَّلَاة عَلَيْك ؟ فَقَالَ : قُولُوا " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد عَبْدك وَرَسُولك وَأَهْل بَيْته كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيم إِنَّك حَمِيد مَجِيد " . 21852 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب الدَّوْرَقِيّ , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر بْن مَسْعُود الْأَنْصَارِيّ , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه هَذَا السَّلَام قَدْ عَرَفْنَاهُ , فَكَيْفَ الصَّلَاة , وَقَدْ غَفَرَ اللَّه لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبك وَمَا تَأَخَّرَ ؟ قَالَ : " قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد كَمَا صَلَّيْت عَلَى آل إِبْرَاهِيم , اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّد كَمَا بَارَكْت عَلَى آل إِبْرَاهِيم " 21853 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّه قَدْ عَلِمْنَا السَّلَام عَلَيْك , فَكَيْفَ الصَّلَاة عَلَيْك ؟ قَالَ : " قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد , كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيم , وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّد كَمَا بَارَكْت عَلَى إِبْرَاهِيم " وَقَالَ الْحَسَن : وَاللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتك وَبَرَكَاتك عَلَى آل مُحَمَّد , كَمَا جَعَلْتهَا عَلَى إِبْرَاهِيم إِنَّك حَمِيد مَجِيد " .'; $TAFSEER['3']['33']['57'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْره : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ } إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ رَبَّهُمْ بِمَعْصِيَتِهِمْ إِيَّاهُ , وَرُكُوبهمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ , وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ عَنَى بِذَلِكَ أَصْحَاب التَّصَاوِير , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَرُومُونَ تَكْوِينَ خَلْق مِثْل خَلْق اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21854 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد الْقُرَشِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ سَلَمَة بْن الْحَجَّاج , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ هُمْ أَصْحَاب التَّصَاوِير . 21855 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } قَالَ : يَا سُبْحَانَ اللَّه مَا زَالَ أُنَاس مِنْ جَهَلَة بَنِي آدَم حَتَّى تَعَاطَوْا أَذَى رَبّهمْ ; وَأَمَّا أَذَاهُمْ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ طَعْنهمْ عَلَيْهِ فِي نِكَاحه صَفِيَّة بِنْت حُيَيّ فِيمَا ذُكِرَ . 21856 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } قَالَ : نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ طَعَنُوا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين اتَّخَذَ صَفِيَّة بِنْت حُيَيّ بْن أَخْطَبَ . وَقَوْله : { لَعَنَهُمُ اللَّه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَبْعَدَهُمُ اللَّه مِنْ رَحْمَته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأَعَدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَة عَذَابًا يُهِينهُمْ فِيهِ بِالْخُلُودِ فِيهِ .'; $TAFSEER['3']['33']['58'] = 'وَقَوْله : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ } كَانَ مُجَاهِد يُوَجِّه مَعْنَى قَوْله { يُؤْذُونَ } إِلَى يَقْفُونَ . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ عَنْهُ : 21857 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ } قَالَ : يَقْفُونَ. فَمَعْنَى الْكَلَام عَلَى مَا قَالَ مُجَاهِد : وَالَّذِينَ يَقْفُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات , وَيَعِيبُونَهُمْ طَلَبًا لِشَيْنِهِمْ { بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا } يَقُول : بِغَيْرِ مَا عَمِلُوا , كَمَا : 21858 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا } قَالَ عَمِلُوا . 21859 - حَدَّثَنَا نَصْر بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَثَّامُ بْن عَلِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قَرَأَ ابْن عُمَر : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } قَالَ : فَكَيْفَ إِذَا أُوذِيَ بِالْمَعْرُوفِ , فَذَلِكَ يُضَاعَف لَهُ الْعَذَاب . * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَثَّامُ بْن عَلِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ ثَوْر , عَنِ ابْن عُمَر { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا } قَالَ : كَيْفَ بِالَّذِي يَأْتِي إِلَيْهِمْ الْمَعْرُوف . 21860 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } فَإِيَّاكُمْ وَأَذَى الْمُؤْمِن , فَإِنَّ اللَّهَ يَحُوطهُ , وَيَغْضَب لَهُ . وَقَوْله : { فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } يَقُول : فَقَدِ احْتَمَلُوا زُورًا وَكَذِبًا وَفِرْيَة شَنِيعَة ; وَبُهْتَان : أَفْحَش الْكَذِب { وَإِثْمًا مُبِينًا } يَقُول : وَإِثْمًا يُبَيِّن لِسَامِعِهِ أَنَّهُ إِثْم وَزُور.'; $TAFSEER['3']['33']['59'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ , لَا يَتَشَبَّهْنَ بِالْإِمَاءِ فِي لِبَاسهنَّ إِذَا هُنَّ خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتهنَّ لِحَاجَتِهِنَّ , فَكَشَفْنَ شُعُورَهُنَّ وَوُجُوهَهُنَّ , وَلَكِنْ لِيُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ , لِئَلَّا يَعْرِض لَهُنَّ فَاسِق , إِذَا عَلِمَ أَنَّهُنَّ حَرَائِر بِأَذًى مِنْ قَوْل , ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي صِفَة الْإِدْنَاء الَّذِي أَمَرَهُنَّ اللَّه بِهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ أَنْ يُغَطِّينَ وُجُوهَهُنَّ وَرُءُوسَهُنَّ , فَلَا يُبْدِينَ مِنْهُنَّ إِلَّا عَيْنًا وَاحِدَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21861 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ } أَمَرَ اللَّه نِسَاء الْمُؤْمِنِينَ إِذَا خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتهنَّ فِي حَاجَة أَنْ يُغَطِّينَ وُجُوهَهُنَّ مِنْ فَوْق رُءُوسهنَّ بِالْجَلَابِيبِ , وَيُبْدِينَ عَيْنًا وَاحِدَة . 21862 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنِ ابْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , عَنْ عُبَيْدَة فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ } فَلَبِسَهَا عِنْدَنَا ابْن عَوْن , قَالَ : وَلَبِسَهَا عِنْدَنَا مُحَمَّد , قَالَ مُحَمَّد : وَلَبِسَهَا عِنْدِي عُبَيْدَة ; قَالَ ابْن عَوْن بِرِدَائِهِ , فَتَقَنَّعَ بِهِ , فَغَطَّى أَنْفَهُ وَعَيْنَهُ الْيُسْرَى , وَأَخْرَجَ عَيْنَهُ الْيُمْنَى , وَأَدْنَى رِدَاءَهُ مِنْ فَوْق حَتَّى جَعَلَهُ قَرِيبًا مِنْ حَاجِبه أَوْ عَلَى الْحَاجِب . 21863 -حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام , عَنِ ابْن سِيرِينَ , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ قَوْله : { قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ } قَالَ : فَقَالَ بِثَوْبِهِ , فَغَطَّى رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ , وَأَبْرَزَ ثَوْبَهُ عَنْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ أُمِرْنَ أَنْ يَشْدُدْنَ جَلَابِيبهنَّ عَلَى جِبَاههنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21864 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ } .... إِلَى قَوْله : { وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } قَالَ : كَانَتْ الْحُرَّة تَلْبَس لِبَاس الْأَمَة , فَأَمَرَ اللَّه نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ ; وَإِدْنَاء الْجِلْبَاب : أَنْ تَقَنَّعَ وَتَشُدّ عَلَى جَبِينهَا. 21865 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ } أَخَذَ اللَّه عَلَيْهِنَّ إِذَا خَرَجْنَ أَنْ يُقَنَّعْنَ عَلَى الْحَوَاجِب { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ } وَقَدْ كَانَتْ الْمَمْلُوكَة إِذَا مَرَّتْ تَنَاوَلُوهَا بِالْإِيذَاءِ , فَنَهَى اللَّه الْحَرَائِرَ أَنْ يَتَشَبَّهْنَ بِالْإِمَاءِ . 21866 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ } يَتَجَلْبَبْنَ فَيُعْلَم أَنَّهُنَّ حَرَائِر فَلَا يَعْرِض لَهُنَّ فَاسِق بِأَذًى مِنْ قَوْل وَلَا رِيبَة . 21867 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ أَبِي صَالِح , قَالَ : قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة عَلَى غَيْر مَنْزِل , فَكَانَ نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرهنَّ إِذَا كَانَ اللَّيْل خَرَجْنَ يَقْضِينَ حَوَائِجَهُنَّ , وَكَانَ رِجَال يَجْلِسُونَ عَلَى الطَّرِيق لِلْغَزْلِ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ } يُقَنَّعْنَ بِالْجِلْبَابِ حَتَّى تُعْرَف الْأَمَة مِنْ الْحُرَّة . وَقَوْله : { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِدْنَاؤُهُنَّ جَلَابِيبهنَّ إِذَا أَدْنَيْنَهَا عَلَيْهِنَّ أَقْرَب وَأَحْرَى أَنْ يُعْرَفْنَ مِمَّنْ مَرَرْنَ بِهِ , وَيَعْلَمُوا أَنَّهُنَّ لَسْنَ بِإِمَاءٍ , فَيَتَنَكَّبُوا عَنْ أَذَاهُنَّ بِقَوْلٍ مَكْرُوه , أَوْ تَعَرُّض بِرِيبَةٍ { وَكَانَ اللَّه غَفُورًا } لِمَا سَلَفَ مِنْهُنَّ مِنْ تَرْكهنَّ إِدْنَاءَهُنَّ الْجَلَابِيبَ عَلَيْهِنَّ { رَحِيمًا } بِهِنَّ أَنْ يُعَاقِبهُنَّ بَعْد تَوْبَتهنَّ بِإِدْنَاءِ الْجَلَابِيب عَلَيْهِنَّ.'; $TAFSEER['3']['33']['60'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَهْل النِّفَاق , الَّذِينَ يَسْتَسِرُّونَ الْكُفْرَ , وَيُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ { وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } يَعْنِي : رِيبَة مِنْ شَهْوَة الزِّنَا وَحُبّ الْفُجُور. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيلِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21868 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا مَالِك بْن دِينَار , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } قَالَ : هُمْ الزُّنَاة. 21869 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } قَالَ : شَهْوَة الزِّنَا . * قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح التَّمَّار , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَةَ فِي قَوْله : { فِي قُلُوبهمْ مَرَض } قَالَ : شَهْوَة الزِّنَا . 21870 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ أَبِي صَالِح { وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } قَالَ : الزُّنَاة . 21871 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } ... الْآيَة , قَالَ : هَؤُلَاءِ صِنْف مِنْ الْمُنَافِقِينَ { وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } أَصْحَاب الزِّنَا , قَالَ : أَهْل الزِّنَا مِنْ أَهْل النِّفَاق الَّذِينَ يَطْلُبُونَ النِّسَاء فَيَبْتَغُونَ الزِّنَا . وَقَرَأَ : { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبه مَرَض } 33 32 قَالَ : وَالْمُنَافِقُونَ أَصْنَاف عَشْرَة فِي بَرَاءَة , قَالَ : فَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض صِنْف مِنْهُمْ مَرَض مِنْ أَمْر النِّسَاء. وَقَوْله : { وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَة } يَقُول : وَأَهْل الْإِرْجَاف فِي الْمَدِينَة بِالْكَذِبِ وَالْبَاطِل , وَكَانَ إِرْجَافهمْ فِيمَا ذُكِرَ كَالَّذِي : 21872 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَة } .... الْآيَة , الْإِرْجَاف : الْكَذِب الَّذِي كَانَ نَافَقَهُ أَهْل النِّفَاق , وَكَانُوا يَقُولُونَ : أَتَاكُمْ عَدَد وَعُدَّة . وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْمُنَافِقِينَ أَرَادُوا أَنْ يُظْهِرُوا مَا فِي قُلُوبهمْ مِنْ النِّفَاق , فَأَوْعَدَهُمُ اللَّه بِهَذِهِ الْآيَة , قَوْله : { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } .... الْآيَة ; فَلَمَّا أَوْعَدَهُمُ اللَّه بِهَذِهِ الْآيَة كَتَمُوا ذَلِكَ وَأَسَرُّوهُ. 21873 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَة } هُمْ أَهْل النِّفَاق أَيْضًا الَّذِينَ يُرْجِفُونَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالْمُؤْمِنِينَ . وَقَوْله : { لَنُغْرِيَنَّك بِهِمْ } يَقُول : لَنُسَلِّطَنَّك عَلَيْهِمْ وَلَنُحَرِّشَنَّكَ بِهِمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21874 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { لَنُغْرِيَنَّك بِهِمْ } يَقُول : لَنُسَلِّطَنَّك عَلَيْهِمْ . 21875 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لَنُغْرِيَنَّك بِهِمْ } : أَيْ لَنَحْمِلَنَّكَ عَلَيْهِمْ لَنُحَرِّشَنَّك بِهِمْ. قَوْله : { ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَك فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا } يَقُول : ثُمَّ لَأَنْفِيَنهمْ عَنْ مَدِينَتك فَلَا يَسْكُنُونَ مَعَك فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا مِنَ الْمُدَّة وَالْأَجَل , حَتَّى تَنْفِيَهُمْ عَنْهَا , فَنُخْرِجَهُمْ مِنْهَا , كَمَا : 21876 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَك فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا } أَيْ بِالْمَدِينَةِ .'; $TAFSEER['3']['33']['61'] = 'وَقَوْله : { مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَطْرُودِينَ مَنْفِيِّينَ { أَيْنَمَا ثُقِفُوا } يَقُول : حَيْثُمَا لُقُوا مِنَ الْأَرْض أُخِذُوا وَقُتِّلُوا لِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ تَقْتِيلًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21877 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { مَلْعُونِينَ } عَلَى كُلّ حَال { أَيْنَمَا ثُقِفُوا } أُخِذُوا { وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا } إِذَا هُمْ أَظْهَرُوا النِّفَاقَ . وَنُصِبَ قَوْله : { مَلْعُونِينَ } عَلَى الشَّتْم , وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُونَ الْقَلِيل مِنْ صِفَة الْمَلْعُونِينَ , فَيَكُون قَوْله مَلْعُونِينَ مَرْدُودًا عَلَى الْقَلِيل , فَيَكُون مَعْنَاهُ : ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَك فِيهَا إِلَّا أَقِلَّاء مَلْعُونِينَ يُقَتَّلُونَ حَيْثُ أُصِيبُوا .'; $TAFSEER['3']['33']['62'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { سُنَّة اللَّه فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { سُنَّة اللَّه فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل } هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ فِي مَدِينَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ مِنْ ضُرَبَاء هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ , إِذَا هُمْ أَظْهَرُوا نِفَاقَهُمْ أَنْ يُقَتِّلَهُمْ تَقْتِيلًا , وَيَلْعَنهُمْ لَعْنًا كَثِيرًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21878 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { سُنَّة اللَّه فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل } ... الْآيَة , يَقُول : هَكَذَا سُنَّة اللَّه فِيهِمْ إِذَا أَظْهَرُوا النِّفَاقَ . وَقَوْله : { وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّه تَبْدِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلَنْ تَجِد يَا مُحَمَّد لِسُنَّةِ اللَّه الَّتِي سَنَّهَا فِي خَلْقه تَغْيِيرًا , فَأَيْقَنَ أَنَّهُ غَيْر مُغَيِّر فِي هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ سُنَّته .'; $TAFSEER['3']['33']['63'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَسْأَلُك النَّاس عَنِ السَّاعَة قُلْ إِنَّمَا عِلْمهَا عِنْدَ اللَّه وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُون قَرِيبًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { يَسْأَلُك النَّاس } يَا مُحَمَّد { عَنِ السَّاعَة } مَتَى هِيَ قَائِمَة ؟ قُلْ لَهُمْ : إِنَّمَا عِلْم السَّاعَة { عِنْدَ اللَّه } لَا يَعْلَم وَقْتَ قِيَامهَا غَيْره { وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُون قَرِيبًا } يَقُول : وَمَا أَشْعَرَك يَا مُحَمَّد لَعَلَّ قِيَامَ السَّاعَة يَكُون مِنْك قَرِيبًا , قَدْ قَرُبَ وَقْت قِيَامهَا , وَدَنَا حِين مَجِيئِهَا .'; $TAFSEER['3']['33']['64'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّهَ أَبْعَدَ الْكَافِرِينَ بِهِ مِنْ كُلّ خَيْر , وَأَقْصَاهُمْ عَنْهُ { وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا } يَقُول : وَأَعَدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَة نَارًا تَتَّقِد وَتَتَسَعَّر لِيُصْلِيَهُمُوهَا { خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا } يَقُول : مَاكِثِينَ فِي السَّعِير أَبَدًا , إِلَى غَيْر نِهَايَة { لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا } يَتَوَلَّاهُمْ , فَيَسْتَنْقِذهُمْ مِنَ السَّعِير الَّتِي أَصْلَاهُمُوهَا اللَّه { وَلَا نَصِيرًا } يَنْصُرهُمْ , فَيُنْجِيهِمْ مِنْ عِقَاب اللَّه إِيَّاهُمْ .'; $TAFSEER['3']['33']['65'] = '{ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا } يَقُول : مَاكِثِينَ فِي السَّعِير أَبَدًا , إِلَى غَيْر نِهَايَة { لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا } يَتَوَلَّاهُمْ , فَيَسْتَنْقِذهُمْ مِنَ السَّعِير الَّتِي أُصْلَاهُمُوهَا اللَّه { وَلَا نَصِيرًا } يَنْصُرهُمْ , فَيُنْجِيهِمْ مِنْ عِقَاب اللَّه إِيَّاهُمْ .'; $TAFSEER['3']['33']['66'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَوْمَ تُقَلَّب وُجُوههمْ فِي النَّار يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَا يَجِد هَؤُلَاءِ الْكَافِرُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا فِي يَوْم تُقَلَّب وُجُوههمْ فِي النَّار حَالًا بَعْدَ حَال { يَقُولُونَ } وَتِلْكَ حَالهمْ فِي النَّار : { يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ } فِي الدُّنْيَا وَأَطَعْنَا رَسُولَهُ , فِيمَا جَاءَنَا بِهِ عَنْهُ مِنْ أَمْره وَنَهْيه , فَكُنَّا مَعَ أَهْل الْجَنَّة فِي الْجَنَّة , يَا لَهَا حَسْرَة وَنَدَامَة , مَا أَعْظَمهَا وَأَجَلّهَا .'; $TAFSEER['3']['33']['67'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالُوا رَبّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ الْكَافِرُونَ يَوْم الْقِيَامَة فِي جَهَنَّم : رَبّنَا إِنَّا أَطَعْنَا أَئِمَّتنَا فِي الضَّلَالَة وَكُبَرَاءَنَا فِي الشِّرْك { فَضَلُّونَا السَّبِيلَ } يَقُول : فَأَزَالُونَا عَنْ مَحَجَّة الْحَقّ , وَطَرِيق الْهُدَى , وَالْإِيمَان بِك , وَالْإِقْرَار بِوَحْدَانِيِّتِك , وَإِخْلَاص طَاعَتك فِي الدُّنْيَا { رَبّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَاب } يَقُول : عَذِّبْهُمْ مِنْ الْعَذَاب مِثْلَيْ عَذَابنَا الَّذِي تَعَذَّبْنَا { وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } يَقُول : وَاخْزِهِمْ خِزْيًا كَبِيرًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21879 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { رَبّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتنَا وَكُبَرَاءَنَا } أَيْ رُءُوسنَا فِي الشَّرّ وَالشِّرْك . 21880 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا } قَالَ : هُمْ رُءُوس الْأُمَم الَّذِينَ أَضَلُّوهُمْ , قَالَ : سَادَتنَا وَكُبَرَاءَنَا وَاحِد . وَقَرَأَتْ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { سَادَتنَا } . وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : " سَادَاتنَا " عَلَى الْجِمَاع , وَالتَّوْحِيدُ فِي ذَلِكَ هِيَ الْقِرَاءَة عِنْدَنَا ; لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي قِرَاءَة قَوْله : { لَعْنًا كَبِيرًا } فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار بِالثَّاءِ : " وَكَثِيرًا " مِنَ الْكَثْرَة , سِوَى عَاصِم , فَإِنَّهُ قَرَأَهُ { لَعْنًا كَبِيرًا } مِنَ الْكِبَر , وَالْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالثَّاءِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهَا .'; $TAFSEER['3']['33']['68'] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ الْكَافِرُونَ يَوْم الْقِيَامَة فِي جَهَنَّم : رَبّنَا إِنَّا أَطَعْنَا أَئِمَّتنَا فِي الضَّلَالَة وَكُبَرَاءَنَا فِي الشِّرْك { فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ } يَقُول : فَأَزَالُونَا عَنْ مَحَجَّة الْحَقّ , وَطَرِيق الْهُدَى , وَالْإِيمَان بِك , وَالْإِقْرَار بِوَحْدَانِيِّتِك , وَإِخْلَاص طَاعَتك فِي الدُّنْيَا { رَبّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَاب } يَقُول : عَذِّبْهُمْ مِنْ الْعَذَاب مِثْلَيْ عَذَابنَا الَّذِي تَعَذَّبْنَا { وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } يَقُول : وَاخْزِهِمْ خِزْيًا كَبِيرًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21879 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { رَبّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتنَا وَكُبَرَاءَنَا } أَيْ رُءُوسنَا فِي الشَّرّ وَالشِّرْك. 21880 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتنَا وَكُبَرَاءَنَا } قَالَ : هُمْ رُءُوس الْأُمَم الَّذِينَ أَضَلُّوهُمْ , قَالَ : سَادَتنَا وَكُبَرَاءَنَا وَاحِد . وَقَرَأَتْ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { سَادَتنَا } , وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : " سَادَاتنَا " عَلَى الْجِمَاع , وَالتَّوْحِيدُ فِي ذَلِكَ هِيَ الْقِرَاءَة عِنْدَنَا ; لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهِ . وَاخْتَلَفُوا فِي قِرَاءَة قَوْله : { لَعْنًا كَبِيرًا } فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار بِالثَّاءِ : " وَكَثِيرًا " مِنْ الْكَثْرَة , سِوَى عَاصِم , فَإِنَّهُ قَرَأَهُ { لَعْنًا كَبِيرًا } مِنَ الْكِبَر . وَالْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالثَّاءِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهَا .'; $TAFSEER['3']['33']['69'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّه وَجِيهًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِأَصْحَابِ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُوله لَا تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّه بِقَوْلٍ يَكْرَههُ مِنْكُمْ , وَلَا بِفِعْلٍ لَا يُحِبّهُ مِنْكُمْ , وَلَا تَكُونُوا أَمْثَالَ الَّذِينَ آذَوْا مُوسَى نَبِيّ اللَّه , فَرَمَوْهُ بِعَيْبٍ كَذِبًا وَبَاطِلًا { فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا } فِيهِ مِنَ الْكَذِب وَالزُّور بِمَا أَظْهَرَ مِنَ الْبُرْهَان عَلَى كَذِبهمْ { وَكَانَ عِنْدَ اللَّه وَجِيهًا } يَقُول : وَكَانَ مُوسَى عِنْدَ اللَّه مُشَفَّعًا فِيمَا يَسْأَل , ذَا وَجْه وَمَنْزِلَة عِنْده بِطَاعَتِهِ إِيَّاهُ . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْأَذَى الَّذِي أُوذِيَ بِهِ مُوسَى الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : رَمَوْهُ بِأَنَّهُ آدَر , وَرُوِيَ بِذَلِكَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرًا . ذِكْر الرِّوَايَة الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ , وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21881 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنِ الْأَعْمَش , عَنِ الْمِنْهَال , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , وَعَبْد اللَّه بْن الْحَارِث , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى } قَالَ : قَالَ لَهُ قَوْمه : إِنَّك آدَر , قَالَ : فَخَرَجَ ذَات يَوْم يَغْتَسِل , فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى صَخْرَة , فَخَرَجَتْ الصَّخْرَة تَشْتَدّ بِثِيَابِهِ , وَخَرَجَ يَتْبَعهَا عُرْيَانًا حَتَّى انْتَهَتْ بِهِ إِلَى مَجَالِس بَنِي إِسْرَائِيل , قَالَ : فَرَأَوْهُ لَيْسَ بِآدَر , قَالَ : فَذَلِكَ قَوْله : { فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا } . 21882 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن دَاوُدَ الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن يُوسُف الْأَزْرَق , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى } قَالَ : قَالُوا : هُوَ آدَر , قَالَ : فَذَهَبَ مُوسَى يَغْتَسِل , فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى حَجَر , فَمَرَّ الْحَجَر بِثِيَابِهِ , فَتَبِعَ مُوسَى قَفَاهُ , فَقَالَ : ثِيَابِي حَجَر , فَمَرَّ بِمَجْلِسِ بَنِي إِسْرَائِيلَ , فَرَأَوْهُ , فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا " { وَكَانَ عِنْدَ اللَّه وَجِيهًا } . 21883 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى } ... إِلَى { وَجِيهًا } قَالَ : كَانَ أَذَاهُمْ مُوسَى أَنَّهُمْ قَالُوا : وَاللَّه مَا يَمْنَع مُوسَى أَنْ يَضَعَ ثِيَابَهُ عِنْدَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَر , فَآذَى ذَلِكَ مُوسَى ; فَبَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم يَغْتَسِل وَثَوْبه عَلَى صَخْرَة ; فَلَمَّا قَضَى مُوسَى غُسْله وَذَهَبَ إِلَى ثَوْبه لِيَأْخُذَهُ , انْطَلَقَتْ الصَّخْرَة تَسْعَى بِثَوْبِهِ , وَانْطَلَقَ يَسْعَى فِي أَثَرهَا حَتَّى مَرَّتْ عَلَى مَجْلِس بَنِي إِسْرَائِيل وَهُوَ يَطْلُبهَا ; فَلَمَّا رَأَوْا مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَجَرِّدًا لَا ثَوْبَ عَلَيْهِ قَالُوا : وَلِلَّهِ مَا نَرَى بِمُوسَى بَأْسًا , وَإِنَّهُ لَبَرِيءٌ مِمَّا كُنَّا نَقُول لَهُ , فَقَالَ اللَّه : { فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّه وَجِيهًا } . 21884 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى } ... الْآيَة , قَالَ : كَانَ مُوسَى رَجُلًا شَدِيد الْمُحَافَظَة عَلَى فَرْجه وَثِيَابه , قَالَ : فَكَانُوا يَقُولُونَ : مَا يَحْمِلهُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا عَيْب فِي فَرْجه يَكْرَه أَنْ يُرَى ; فَقَامَ يَوْمًا يَغْتَسِل فِي الصَّحْرَاء , فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى صَخْرَة , فَاشْتَدَّتْ بِثِيَابِهِ , قَالَ : وَجَاءَ يَطْلُبهَا عُرْيَانًا , حَتَّى اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ عُرْيَانًا , فَرَأَوْهُ بَرِيئًا مِمَّا قَالُوا , وَكَانَ عِنْد اللَّه وَجِيهًا . قَالَ : وَالْوَجِيه فِي كَلَام الْعَرَب : الْمُحِبّ الْمَقْبُول . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ وَصَفُوهُ بِأَنَّهُ أَبْرَص. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21885 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد , قَالَ : قَالَ بَنُو إِسْرَائِيل : إِنَّ مُوسَى آدَر ; وَقَالَتْ طَائِفَة : هُوَ أَبْرَص مِنْ شِدَّة تَسَتُّره , وَكَانَ يَأْتِي كُلَّ يَوْم عَيْنًا , فَيَغْتَسِل وَيَضَع ثِيَابَهُ عَلَى صَخْرَة عِنْدَهَا , فَعَدَتْ الصَّخْرَة بِثِيَابِهِ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى مَجْلِس بَنِي إِسْرَائِيل , وَجَاءَ مُوسَى يَطْلُبهَا ; فَلَمَّا رَأَوْهُ عُرْيَانًا لَيْسَ بِهِ شَيْء مِمَّا قَالُوا , لَبِسَ ثِيَابَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الصَّخْرَة يَضْرِبهَا بِعَصَاهُ , فَأَثَّرَتْ الْعَصَا فِي الصَّخْرَة . * حَدَّثَنَا بَحْر بْن حَبِيب بْن عَرَبِيّ , قَالَ : ثنا رُوح بْن عُبَادَة , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنْ مُحَمَّد , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فِي هَذِهِ الْآيَة { لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا } ... الْآيَة , قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا , لَا يَكَاد يُرَى مِنْ جِلْده شَيْء اسْتِحْيَاء مِنْهُ , فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنُو إِسْرَائِيلَ , وَقَالُوا : مَا تَسَتَّرَ هَذَا التَّسَتُّرَ إِلَّا مِنْ عَيْب فِي جِلْده , إِمَّا بَرَصٌ , وَإِمَّا أُدْرَة , وَإِمَّا آفَة , وَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا , وَإِنَّ مُوسَى خَلَا يَوْمًا وَحْدَهُ , فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى حَجَر , ثُمَّ اغْتَسَلَ ; فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْله أَقْبَلَ عَلَى ثَوْبه لِيَأْخُذَهُ , وَإِنَّ الْحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ , فَأَخَذَ مُوسَى عَصَا وَطَلَبَ الْحَجَر , وَجَعَلَ يَقُول : ثَوْبِي حَجَر , حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا كَأَحْسَنِ النَّاس خَلْقًا , وَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا , وَإِنَّ الْحَجَر قَامَ , فَأَخَذَ ثَوْبَهُ وَلَبِسَهُ , فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا بِذَلِكَ , فَوَاللَّهِ إِنَّ فِي الْحَجَر لَنَدْبًا مِنْ أَثَر ضَرْبه ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا " . 21886 -حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ عَوْف , عَنِ الْحَسَن , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " كَانَ مُوسَى رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا " ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوًا مِنْهُ. 21887 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : حَدَّثَ الْحَسَن , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل كَانُوا يَغْتَسِلُونَ وَهُمْ عُرَاة , وَكَانَ نَبِيّ اللَّه مُوسَى حَيِيًّا , فَكَانَ يَتَسَتَّر إِذَا اغْتَسَلَ , فَطَعَنُوا فِيهِ بِعَوْرَةٍ , قَالَ : فَبَيْنَا نَبِيّ اللَّه يَغْتَسِل يَوْمًا , إِذْ وَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى صَخْرَة , فَانْطَلَقَتْ الصَّخْرَة وَاتَّبَعَهَا نَبِيّ اللَّه ضَرْبًا بِعَصَاهُ : ثَوْبِي يَا حَجَر , ثَوْبِي يَا حَجَر , حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , أَوْ تَوَسَّطَهُمْ , فَقَامَتْ , فَأَخَذَ نَبِيّ اللَّه ثِيَابَهُ , فَنَظَرُوا إِلَى أَحْسَن النَّاس خَلْقًا , وَأَعْدَله مُرُوءَة , فَقَالَ الْمَلَأ : قَاتَلَ اللَّه أَفَّاكِي بَنِي إِسْرَائِيل , فَكَانَتْ بَرَاءَته الَّتِي بَرَّأَهُ اللَّه مِنْهَا " . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ أَذَاهُمْ إِيَّاهُ ادِّعَاءَهُمْ عَلَيْهِ قَتْل هَارُون أَخِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21888 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُسْلِم الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا عَبَّاد , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن حَبِيب , عَنْ الْحَكَم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فِي قَوْل اللَّه : { لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى } ... الْآيَة , قَالَ : صَعِدَ مُوسَى وَهَارُون الْجَبَلَ , فَمَاتَ هَارُون , فَقَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيل : أَنْتَ قَتَلْته , وَكَانَ أَشَدّ حُبًّا لَنَا مِنْك , وَأَلْيَن لَنَا مِنْك , فَآذَوْهُ بِذَلِكَ , فَأَمَرَ اللَّه الْمَلَائِكَةَ فَحَمَلَتْهُ حَتَّى مَرُّوا بِهِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل , وَتَكَلَّمَتْ الْمَلَائِكَة بِمَوْتِهِ , حَتَّى عَرَفَ بَنُو إِسْرَائِيل أَنَّهُ قَدْ مَاتَ , فَبَرَّأَهُ اللَّه مِنْ ذَلِكَ فَانْطَلَقُوا بِهِ فَدَفَنُوهُ , فَلَمْ يَطَّلِع عَلَى قَبْره أَحَد مِنْ خَلْق اللَّه إِلَّا الرَّخَم , فَجَعَلَهُ اللَّه أَصَمّ أَبْكَم . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل آذَوْا نَبِيّ اللَّه بِبَعْضِ مَا كَانَ يَكْرَه أَنْ يُؤْذَى بِهِ , فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا آذَوْهُ بِهِ , وَجَائِز أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ قِيلهمْ إِنَّهُ أَبْرَص , وَجَائِز أَنْ يَكُونَ كَانَ ادِّعَاءَهُمْ عَلَيْهِ قَتْل أَخِيهِ هَارُون , وَجَائِز أَنْ يَكُونَ كُلّ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ كُلّ ذَلِكَ أَنَّهُمْ قَدْ آذَوْهُ بِهِ , وَلَا قَوْلَ فِي ذَلِكَ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِمَّا قَالَ اللَّه إِنَّهُمْ آذَوْا مُوسَى , فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا .'; $TAFSEER['3']['33']['70'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ , اتَّقُوا اللَّهَ أَنْ تَعْصُوهُ , فَتَسْتَحِقُّوا بِذَلِكَ عُقُوبَته . وَقَوْله : { وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } يَقُول : قُولُوا فِي رَسُول اللَّه وَالْمُؤْمِنِينَ قَوْلًا قَاصِدًا غَيْرَ جَائِز , حَقًّا غَيْر بَاطِل , كَمَا : 21889 -حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } يَقُول : سَدَادًا . 21890 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا عَنْبَسَة , عَنِ الْكَلْبِيّ { وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } قَالَ : صِدْقًا . 21891 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } أَيْ عَدْلًا , قَالَ قَتَادَة : يَعْنِي بِهِ فِي مَنْطِقه وَفِي عَمَله كُلّه , وَالسَّدِيد : الصِّدْق . 21892 - حَدَّثَنِي سَعْد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا حَفْص بْن عُمَر , عَنِ الْحَكَم بْن أَبَانَ , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْل اللَّه : { وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } قُولُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه.'; $TAFSEER['3']['33']['71'] = 'وَقَوْله : { يُصْلِح لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ : اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا السَّدَاد مِنْ الْقَوْل يُوَفِّقكُمْ لِصَالِحِ الْأَعْمَال , فَيُصْلِح أَعْمَالَكُمْ { وَيَغْفِر لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } يَقُول : وَيَعْفُ لَكُمْ عَنْ ذُنُوبكُمْ , فَلَا يُعَاقِبكُمْ عَلَيْهَا { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } فَيَعْمَل بِمَا أَمَرَهُ بِهِ , وَيَنْتَهِي عَمَّا نَهَاهُ , وَيَقُلْ السَّدِيدَ { فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } يَقُول : فَقَدْ ظَفِرَ بِالْكَرَامَةِ الْعُظْمَى مِنَ اللَّه .'; $TAFSEER['3']['33']['72'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : إِنَّ اللَّهَ عَرَضَ طَاعَتَهُ وَفَرَائِضَهُ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال عَلَى أَنَّهَا إِنْ أَحْسَنَتْ أُثِيبَتْ وَجُوزِيَتْ , وَإِنْ ضَيَّعَتْ عُوقِبَتْ , فَأَبَتْ حَمْلهَا شَفَقًا مِنْهَا أَنْ لَا تَقُومَ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهَا , وَحَمَلَهَا آدَم { إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا } لِنَفْسِهِ { جَهُولًا } بِالَّذِي فِيهِ الْحَظّ لَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21893 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا } قَالَ : الْأَمَانَة : الْفَرَائِض الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّه عَلَى الْعِبَاد . 21894 - قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنِ الْعَوَّام , عَنِ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا } قَالَ : الْأَمَانَة : الْفَرَائِض الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّه عَلَى عِبَاده . 21895 - قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام بْن حَوْشَب وَجُوَيْبِر , كِلَاهُمَا عَنِ الضَّحَّاك , عَنْ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ } ... إِلَى قَوْله { جَهُولًا } قَالَ : الْأَمَانَة : الْفَرَائِض . قَالَ جُوَيْبِر فِي حَدِيثه : فَلَمَّا عُرِضَتْ عَلَى آدَم , قَالَ : أَيْ رَبّ وَمَا الْأَمَانَة ؟ قَالَ : قِيلَ : إِنْ أَدَّيْتهَا جُزِيت , وَإِنْ ضَيَّعْتهَا عُوقِبْت , قَالَ : أَيْ رَبّ حَمَلْتهَا بِمَا فِيهَا , قَالَ : فَمَا مَكَثَ فِي الْجَنَّة إِلَّا قَدْرَ مَا بَيْنَ الْعَصْر إِلَى غُرُوب الشَّمْس حَتَّى عَمِلَ بِالْمَعْصِيَةِ , فَأُخْرِجَ مِنْهَا . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد , عَنِ ابْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ } قَالَ : عُرِضَتْ عَلَى آدَم , فَقَالَ : خُذْهَا بِمَا فِيهَا , فَإِنْ أَطَعْت غَفَرْت لَك , وَإِنْ عَصَيْت عَذَّبْتُك , قَالَ : قَدْ قَبِلْت , فَمَا كَانَ إِلَّا قَدْر مَا بَيْن الْعَصْر إِلَى اللَّيْل مِنْ ذَلِكَ الْيَوْم حَتَّى أَصَابَ الْخَطِيئَةَ. * حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال } إِنْ أَدَّوْهَا أَثَابَهُمْ , وَإِنْ ضَيَّعُوهَا عَذَّبَهُمْ , فَكَرِهُوا ذَلِكَ , وَأَشْفَقُوا مِنْ غَيْر مَعْصِيَة , وَلَكِنْ تَعْظِيمًا لِدِينِ اللَّه أَنْ لَا يَقُومُوا بِهَا , ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى آدَم , فَقَبِلَهَا بِمَا فِيهَا , وَهُوَ قَوْله : { وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } غِرًّا بِأَمْرِ اللَّه . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبَى , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ } : الطَّاعَةَ عَرَضَهَا عَلَيْهَا قَبْل أَنْ يَعْرِضَهَا عَلَى آدَم , فَلَمْ تُطِقْهَا , فَقَالَ لِآدَمَ : يَا آدَم إِنِّي قَدْ عَرَضْت الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال , فَلَمْ تُطِقْهَا , فَهَلْ أَنْتَ آخِذهَا بِمَا فِيهَا ؟ فَقَالَ : يَا رَبّ : وَمَا فِيهَا ؟ قَالَ : إِنْ أَحْسَنْت جُزِيت , وَإِنْ أَسَأْت عُوقِبْت , فَأَخَذَهَا آدَم فَتَحَمَّلَهَا , فَذَلِكَ قَوْله : { وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } . 21896 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنِ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , فِي قَوْله : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } قَالَ آدَم : قِيلَ لَهُ : خُذْهَا بِحَقِّهَا , قَالَ : وَمَا حَقّهَا ؟ قِيلَ : إِنْ أَحْسَنْت جُزِيت , وَإِنْ أَسَأْت عُوقِبْت , فَمَا لَبِثَ مَا بَيْنَ الظُّهْر وَالْعَصْر حَتَّى أُخْرِجَ مِنْهَا . 21897 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال } فَلَمْ يُطِقْنَ حَمْلهَا , فَهَلْ أَنْتَ يَا آدَم آخِذهَا بِمَا فِيهَا قَالَ آدَم : وَمَا فِيهَا يَا رَبّ ؟ قَالَ : إِنْ أَحْسَنْت جُزِيت , وَإِنْ أَسَأْت عُوقِبْت , فَقَالَ : تَحَمَّلْتهَا , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : قَدْ حَمَّلْتُكهَا ; فَمَا مَكَثَ آدَم إِلَّا مِقْدَار مَا بَيْنَ الْأُولَى إِلَى الْعَصْر حَتَّى أَخْرَجَهُ إِبْلِيس لَعَنَهُ اللَّه مِنَ الْجَنَّة ; وَالْأَمَانَة : الطَّاعَة . 21898 - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن عَمْرو السَّكُونِيّ , قَالَ : ثنا بَقِيَّة , قَالَ : ثني عِيسَى بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ مُوسَى بْن أَبِي حَبِيب , عَنِ الْحَكَم بْن عَمْرو , وَكَانَ مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْأَمَانَةَ وَالْوَفَاء نَزَلَا عَلَى ابْن آدَم مَعَ الْأَنْبِيَاء , فَأُرْسِلُوا بِهِ , فَمِنْهُمْ رَسُول اللَّه , وَمِنْهُمْ نَبِيّ , وَمِنْهُمْ نَبِيّ رَسُول . نَزَلَ الْقُرْآن وَهُوَ كَلَام اللَّه , وَنَزَلَتْ الْعَرَبِيَّة وَالْعَجَمِيَّة , فَعَلِمُوا أَمْر الْقُرْآن , وَعَلِمُوا أَمْر السُّنَن بِأَلْسِنَتِهِمْ , وَلَمْ يَدَع اللَّه شَيْئًا مِنْ أَمْره مِمَّا يَأْتُونَ وَمِمَّا يَجْتَنِبُونَ , وَهِيَ الْحُجَج عَلَيْهِمْ , إِلَّا بَيَّنَّهُ لَهُمْ , فَلَيْسَ أَهْل لِسَان إِلَّا وَهُمْ يَعْرِفُونَ الْحَسَن مِنَ الْقَبِيح , ثُمَّ الْأَمَانَة أَوَّل شَيْء يُرْفَع , وَيَبْقَى أَثَرهَا فِي جُذُور قُلُوب النَّاس , ثُمَّ يُرْفَع الْوَفَاء وَالْعَهْد وَالذِّمَم , وَتَبْقَى الْكُتُب , فَعَالِم يَعْمَل , وَجَاهِل يَعْرِفهَا وَيُنْكِرهَا حَتَّى وَصَلَ إِلَيَّ وَإِلَى أُمَّتِي , فَلَا يَهْلِك عَلَى اللَّه إِلَّا هَالِك , وَلَا يُغْفِلهُ إِلَّا تَارِك , وَالْحَذَر أَيّهَا النَّاس , وَإِيَّاكُمْ وَالْوَسْوَاس الْخَنَّاس , وَإِنَّمَا يَبْلُوكُمْ أَيّكُمْ أَحْسَن عَمَلًا " . 21899 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَلَف الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْمَجِيد الْحَنَفِيّ , قَالَ : ثنا الْعَوَّام الْعَطَّار , قَالَ : ثنا قَتَادَة , وَأَبَان بْن أَبِي عَيَّاش , عَنْ خُلَيْد الْعَصْرِيّ , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خَمْس مَنْ جَاءَ بِهِنَّ يَوْمَ الْقِيَامَة مَعَ إِيمَان دَخَلَ الْجَنَّةَ : مَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَات الْخَمْس , عَلَى وُضُوئِهِنَّ وَرُكُوعهنَّ وَسُجُودهنَّ وَمَوَاقِيتهنَّ , وَأَعْطَى الزَّكَاةَ مِنْ مَاله طَيِّب النَّفْس بِهَا " وَكَانَ يَقُول : " وَأَيْم اللَّه لَا يَفْعَل ذَلِكَ إِلَّا مُؤْمِن , وَصَامَ رَمَضَان , وَحَجّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَاعَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا , وَأَدَّى الْأَمَانَةَ " قَالُوا : يَا أَبَا الدَّرْدَاء : وَمَا الْأَمَانَة ؟ قَالَ : الْغُسْل مِنَ الْجَنَابَة , فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمَن ابْنَ آدَم عَلَى شَيْء مِنْ دِينه غَيْرَهُ . 21900 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب , قَالَ : مِنَ الْأَمَانَة أَنَّ الْمَرْأَةَ اؤْتُمِنَتْ عَلَى فَرْجهَا . 21901 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : ثنا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا } قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَرَضَ عَلَيْهِنَّ الْأَمَانَةَ أَنْ يَفْتَرِض عَلَيْهِنَّ الدِّين , وَيَجْعَل لَهُنَّ ثَوَابًا وَعِقَابًا , وَيَسْتَأْمِنهُنَّ عَلَى الدِّين , فَقُلْنَ : لَا , نَحْنُ مُسَخَّرَات لِأَمْرِك , لَا نُرِيد ثَوَابًا وَلَا عِقَابًا , قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَعَرَضَهَا اللَّه عَلَى آدَم , فَقَالَ : بَيْن أُذُنِي وَعَاتِقِي " ; قَالَ ابْن زَيْد , فَقَالَ اللَّه لَهُ : أَمَا إِذْ تَحَمَّلْت هَذَا فَسَأُعِينُك , أَجْعَل لِبَصَرِك حِجَابًا , فَإِذَا خَشِيت أَنْ تَنْظُر إِلَى مَا لَا يَحِلّ لَك , فَأَرْخِ عَلَيْهِ حِجَابَهُ , وَاجْعَلْ لِلِسَانِك بَابًا وَغَلْقًا , فَإِذَا خَشِيت فَأَغْلِقْ , وَاجْعَلْ لِفَرْجِك لِبَاسًا , فَلَا تَكْشِفهُ إِلَّا عَلَى مَا أَحْلَلْت لَك . 21902 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال } يَعْنِي بِهِ : الدِّين وَالْفَرَائِض وَالْحُدُود { فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا } قِيلَ لَهُنَّ : احْمِلْنَهَا تُؤَدِّينَ حَقّهَا , فَقُلْنَ : لَا نُطِيق ذَلِكَ { وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } قِيلَ لَهُ : أَتَحْمِلُهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ , قِيلَ : أَتُؤَدِّي حَقَّهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ اللَّه : إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا عَنْ حَقّهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِالْأَمَانَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : أَمَانَات النَّاس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21903 -حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , عَنْ شَرِيك , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ عَبْد اللَّه بْن السَّائِب , عَنْ زَاذَانَ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " الْقَتْل فِي سَبِيل اللَّه يُكَفِّر الذُّنُوبَ كُلَّهَا - أَوْ قَالَ : يُكَفِّر كُلّ شَيْء -إِلَّا الْأَمَانَة ; يُؤْتَى بِصَاحِبِ الْأَمَانَة , فَيُقَال لَهُ : أَدِّ أَمَانَتَك , فَيَقُول : أَيْ رَبّ وَقَدْ ذَهَبَتْ الدُّنْيَا , ثَلَاثًا ; فَيُقَال : اذْهَبُوا بِهِ إِلَى الْهَاوِيَة فَيُذْهَب بِهِ إِلَيْهَا , فَيَهْوِي فِيهَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى قَعْرهَا , فَيَجِدهَا هُنَاكَ كَهَيْئَتِهَا , فَيَحْمِلهَا , فَيَضَعهَا عَلَى عَاتِقه , فَيَصْعَد بِهَا إِلَى شَفِير جَهَنَّم , حَتَّى إِذَا رَأَى أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ زَلَّتْ , فَهَوَى فِي أَثَرهَا أَبَد الْآبِدِينَ " . قَالُوا : وَالْأَمَانَة فِي الصَّلَاة , وَالْأَمَانَة فِي الصَّوْم , وَالْأَمَانَة فِي الْحَدِيث ; وَأَشَدّ ذَلِكَ الْوَدَائِع , فَلَقِيت الْبَرَاء فَقُلْت : أَلَا تَسْمَع إِلَى مَا يَقُول أَخُوك عَبْد اللَّه ؟ فَقَالَ : صَدَقَ . * قَالَ : شَرِيك , وثني عَيَّاش الْعَامِرِيّ عَنْ زَاذَانَ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ , لَمْ يَذْكُر الْأَمَانَةَ فِي الصَّلَاة , وَفِي كُلّ شَيْء . 21904 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ ابْن أَبِي هِلَال , عَنْ أَبِي حَازِم , قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَرَضَ الْأَمَانَةَ عَلَى سَمَاء الدُّنْيَا , فَأَبَتْ ; ثُمَّ الَّتِي تَلِيهَا , حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا , ثُمَّ الْأَرَضِينَ ثُمَّ الْجِبَال , ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى آدَم , فَقَالَ : نَعَمْ , بَيْن أُذُنِي وَعَاتِقِي , فَثَلَاث آمُرك بِهِنَّ , فَإِنَّهُنَّ لَك عَوْن : إِنِّي جَعَلْت لَك لِسَانًا بَيْن لَحْيَيْنِ , فَكُفَّهُ عَنْ كُلّ شَيْء نَهَيْتُك عَنْهُ ; وَجَعَلْت لَك فَرْجًا وَوَارَيْته , فَلَا تَكْشِفهُ إِلَى مَا حَرَّمْت عَلَيْك . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ إِنَّمَا عَنَى بِهِ ائْتِمَان آدَمَ ابْنه قَابِيل عَلَى أَهْله وَوَلَده , وَخِيَانَة قَابِيل أَبَاهُ فِي قَتْله أَخَاهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21905 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ فِي خَبَر ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِك , وَعَنْ أَبِي صَالِح , عَنِ ابْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , عَنِ ابْن مَسْعُود , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : كَانَ لَا يُولَد لِآدَمَ مَوْلُود إِلَّا وُلِدَ مَعَهُ جَارِيَة , فَكَانَ يُزَوِّج غُلَامَ هَذَا الْبَطْن جَارِيَةَ هَذَا الْبَطْن الْآخَر , وَيُزَوِّج جَارِيَةَ هَذَا الْبَطْن غُلَامَ هَذَا الْبَطْن الْآخَر , حَتَّى وُلِدَ لَهُ اثْنَانِ , يُقَال لَهُمَا قَابِيل , وَهَابِيل ; وَكَانَ قَابِيل صَاحِب زَرْع , وَكَانَ هَابِيل صَاحِب ضَرْع , وَكَانَ قَابِيل أَكْبَرهمَا , وَكَانَ لَهُ أُخْت أَحْسَن مِنْ أُخْت هَابِيل , وَإِنَّ هَابِيل طَلَبَ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَ قَابِيل , فَأَبَى عَلَيْهِ وَقَالَ : هِيَ أُخْتِي وُلِدَتْ مَعِي , وَهِيَ أَحْسَن مِنْ أُخْتك , وَأَنَا أَحَقّ أَنْ أَتَزَوَّجَهَا , فَأَمَرَهُ أَبُوهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا هَابِيلَ فَأَبَى , وَإِنَّهُمَا قَرَّبَا قُرْبَانًا إِلَى اللَّه أَيّهمَا أَحَقّ بِالْجَارِيَةِ , وَكَانَ آدَم يَوْمَئِذٍ قَدْ غَابَ عَنْهُمَا , أَيْ بِمَكَّةَ يَنْظُر إِلَيْهَا , قَالَ اللَّه لِآدَمَ : يَا آدَم هَلْ تَعْلَم أَنَّ لِي بَيْتًا فِي الْأَرْض ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ لَا , قَالَ : إِنَّ لِي بَيْتًا بِمَكَّةَ فَأْتِهِ , فَقَالَ آدَم لِلسَّمَاءِ : احْفَظِي وَلَدِي بِالْأَمَانَةِ , فَأَبَتْ ; وَقَالَ لِلْأَرْضِ , فَأَبَتْ ; فَقَالَ لِلْجِبَالِ , فَأَبَتْ ; فَقَالَ لِقَابِيل , فَقَالَ : نَعَمْ , تَذْهَب وَتَرْجِع وَتَجِد أَهْلَك كَمَا يَسُرّك ; فَلَمَّا انْطَلَقَ آدَم وَقَرَّبَا قُرْبَانًا , وَكَانَ قَابِيل يَفْخَر عَلَيْهِ فَيَقُول : أَنَا أَحَقّ بِهَا مِنْك , هِيَ أُخْتِي , وَأَنَا أَكْبَر مِنْك , وَأَنَا وَصِيّ وَالِدِي ; فَلَمَّا قَرَّبَا , قَرَّبَ هَابِيل جَذَعَة سَمِينَة , وَقَرَّبَ قَابِيل حُزْمَة سُنْبُل , فَوَجَدَ فِيهَا سُنْبُلَةً عَظِيمَة , فَفَرَكَهَا فَأَكَلَهَا , فَنَزَلَتْ النَّار فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ هَابِيل , وَتَرَكَتْ قُرْبَان قَابِيل , فَغَضِبَ وَقَالَ : لَأَقْتُلَنَّكَ حَتَّى لَا تَنْكِحَ أُخْتِي , فَقَالَ هَابِيل { إِنَّمَا يَتَقَبَّل اللَّه مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِنْ بَسَطْت إِلَيَّ يَدَك لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْك لِأَقْتُلَك إِنِّي أَخَاف اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } 5 27 : 28 إِلَى قَوْله : { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسه قَتْل أَخِيهِ } س 5 30 فَطَلَبَهُ لِيَقْتُلَهُ , فَرَاغَ الْغُلَام مِنْهُ فِي رُءُوس الْجِبَال ; وَأَتَاهُ يَوْمًا مِنَ الْأَيَّام , وَهُوَ يَرْعَى غَنَمَهُ فِي جَبَل , وَهُوَ نَائِم , فَرَفَعَ صَخْرَةً , فَشَدَخَ بِهَا رَأْسَهُ , فَمَاتَ , وَتَرَكَهُ بِالْعَرَاءِ , وَلَا يَعْلَم كَيْفَ يُدْفَن , فَبَعَثَ اللَّه غُرَابَيْنِ أَخَوَيْنِ فَاقْتَتَلَا , فَقَتَلَ أَحَدهمَا صَاحِبَهُ , فَحَفَرَ لَهُ , ثُمَّ حَثَا عَلَيْهِ ; فَلَمَّا رَآهُ قَالَ : { يَا وَيْلَتَا أَعْجَزْت أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَاب فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي } 5 31 فَهُوَ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { فَبَعَثَ اللَّه غُرَابًا يَبْحَث فِي الْأَرْض لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ } 5 31 فَرَجَعَ آدَم فَوَجَدَ ابْنَهُ قَدْ قَتَلَ أَخَاهُ , فَذَلِكَ حِينَ يَقُول : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال } ... إِلَى آخِر الْآيَة . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ مَا قَالَهُ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّهُ عُنِيَ بِالْأَمَانَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : جَمِيع مَعَانِي الْأَمَانَات فِي الدِّين , وَأَمَانَات النَّاس , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخُصّ بِقَوْلِهِ : { عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ } بَعْض مَعَانِي الْأَمَانَات لِمَا وَصَفْنَا. وَبِنَحْوِ قَوْلنَا قَالَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْل اللَّه : { إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21906 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } يَعْنِي قَابِيل حِين حَمَلَ أَمَانَةَ آدَم لَمْ يَحْفَظ لَهُ أَهْله. 21907 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان } قَالَ آدَم { إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } قَالَ : ظَلُومًا لِنَفْسِهِ , جَهُولًا فِيمَا احْتَمَلَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبّه . 21908 -حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس { إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } غِرٌّ بِأَمْرِ اللَّه . 21909 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } قَالَ : ظَلُومًا لَهَا , يَعْنِي لِلْأَمَانَةِ , جَهُولًا عَنْ حَقّهَا .'; $TAFSEER['3']['33']['73'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِيُعَذِّب اللَّه الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَات وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَات وَيَتُوبَ اللَّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَحَمَلَ الْإِنْسَان الْأَمَانَةَ كَيْمَا يُعَذِّبَ اللَّه الْمُنَافِقِينَ فِيهَا الَّذِينَ يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ يُؤَدُّونَ فَرَائِض اللَّه , مُؤْمِنِينَ بِهَا , وَهُمْ مُسْتَسِرُّونَ الْكُفْرَ بِهَا , { وَالْمُنَافِقَات وَالْمُشْرِكِينَ } بِاللَّهِ فِي عِبَادَتهمْ إِيَّاهُ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان , { وَالْمُشْرِكَات وَيَتُوب اللَّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات } يَرْجِع بِهِمْ إِلَى طَاعَته , وَأَدَاء الْأَمَانَات الَّتِي أَلْزَمهُمْ إِيَّاهَا حَتَّى يُؤَدُّوهَا { وَكَانَ اللَّه غَفُورًا } لِذُنُوبِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات , بِسِتْرِهِ عَلَيْهَا , وَتَرْكه عِقَابَهُمْ عَلَيْهَا { رَحِيمًا } أَنْ يُعَذِّبَهُمْ عَلَيْهَا بَعْدَ تَوْبَتهمْ مِنْهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21910 - حَدَّثَنَا سِوَار بْن عَبْد اللَّه الْعَنْبَرِيّ , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَشْهَب , عَنِ الْحَسَن أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال } حَتَّى يَنْتَهِيَ { لِيُعَذِّبَ اللَّه الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَات وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَات } فَيَقُول : اللَّذَانِ خَانَاهَا , اللَّذَانِ ظَلَمَاهَا : الْمُنَافِق وَالْمُشْرِك. 21911 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لِيُعَذِّب اللَّه الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَات وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَات } هَذَانِ اللَّذَانِ خَانَاهَا , وَيَتُوبَ اللَّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات , هَذَانِ اللَّذَانِ أَدَّيَاهَا { وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } . آخِر سُورَة الْأَحْزَاب , وَلِلَّهِ الْحَمْد .'; $TAFSEER['3']['34']['1'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الشُّكْر الْكَامِل , وَالْحَمْد التَّامّ كُلّه , لِلْمَعْبُودِ الَّذِي هُوَ مَالِك جَمِيع مَا فِي السَّمَوَات السَّبْع , وَمَا فِي الْأَرَضِينَ السَّبْع دُونَ كُلّ مَا يَعْبُدُونَهُ , وَدُونَ كُلَّ شَيْء سِوَاهُ , لَا مَالِك لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ غَيْره ; فَالْمَعْنَى : الَّذِي هُوَ مَالِك جَمِيعه يَقُول : وَلَهُ الشُّكْر الْكَامِل فِي الْآخِرَة , كَالَّذِي هُوَ لَهُ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا الْعَاجِلَة ; لِأَنَّ مِنْهُ النِّعَم كُلّهَا عَلَى كُلّ مَنْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي الدُّنْيَا , وَمِنْهُ يَكُون ذَلِكَ فِي الْآخِرَة , فَالْحَمْد لِلَّهِ خَالِصًا دُونَ مَا سِوَاهُ فِي عَاجِل الدُّنْيَا , وَآجِل الْآخِرَة ; لِأَنَّ النِّعَمَ كُلَّهَا مِنْ قِبَله لَا يَشْرَكهُ فِيهَا أَحَد مِنْ دُونه , وَهُوَ الْحَكِيم فِي تَدْبِيره خَلْقَهُ وَصَرْفَهُ إِيَّاهُمْ فِي تَقْدِيره , خَبِير بِهِمْ وَبِمَا يُصْلِحهُمْ , وَبِمَا عَمِلُوا , وَمَا هُمْ عَامِلُونَ , مُحِيط بِجَمِيعِ ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21912 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَهُوَ الْحَكِيم الْخَبِير } حَكِيم فِي أَمْره , خَبِير بِخَلْقِهِ.'; $TAFSEER['3']['34']['2'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَعْلَم مَا يَلِج فِي الْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَعْلَم مَا يَدْخُل الْأَرْضَ وَمَا يَغِيب فِيهَا مِنْ شَيْء ; مِنْ قَوْلهمْ : وَلَجْت فِي كَذَا : إِذَا دَخَلْت فِيهِ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : رَأَيْت الْقَوَافِي يَتَّلِجْنَ مَوَالِجَا تَضَايَقُ عَنْهَا أَنْ تَوَلَّجَها الْإِبَر يَعْنِي بِقَوْلِهِ : " يَتَّلِجْنَ مَوَالِجًا " : يَدْخُلْنَ مَدَاخِل { وَمَا يَخْرُج مِنْهَا } يَقُول : وَمَا يَخْرُج مِنْ الْأَرْض { وَمَا يَنْزِل مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُج فِيهَا } يَعْنِي : وَمَا يَصْعَد فِي السَّمَاء ; وَذَلِكَ خَبَر مِنْ اللَّه أَنَّهُ الْعَالِم الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض , مِمَّا ظَهَرَ فِيهَا وَمَا بَطَنَ , { وَهُوَ الرَّحِيم الْغَفُور } وَهُوَ الرَّحِيم بِأَهْلِ التَّوْبَة مِنْ عِبَاده أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بَعْد تَوْبَتهمْ , الْغَفُور لِذُنُوبِهِمْ إِذَا تَابُوا مِنْهَا .'; $TAFSEER['3']['34']['3'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَة قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِم الْغَيْب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَسْتَعْجِلُك يَا مُحَمَّد الَّذِينَ جَحَدُوا قُدْرَة اللَّه عَلَى إِعَادَة خَلْقه بَعْد فَنَائِهِمْ بِهَيْئَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا بِهَا مِنْ قَبْل فَنَائِهِمْ مِنْ قَوْمك بِقِيَامِ السَّاعَة , اسْتِهْزَاءً بِوَعْدِك إِيَّاهُمْ , وَتَكْذِيبًا لِخَبَرِك , قُلْ لَهُمْ : بَلَى تَأْتِيكُمْ وَرَبِّي , قَسَمًا بِهِ لَتَأْتِيَنَّكُمْ السَّاعَة , ثُمَّ عَادَ جَلَّ جَلَاله بَعْدَ ذِكْره السَّاعَةَ عَلَى نَفْسه , وَتَمْجِيدهَا , فَقَالَ : { عَالِم الْغَيْب } وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة : " عَالِم الْغَيْب " عَلَى مِثَال فَاعِل , بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَاف , إِذْ دَخَلَ بَيْنَ قَوْله : { وَرَبِّي } , وَبَيْنَ قَوْله : { عَالِم الْغَيْب } كَلَام حَائِل بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ , وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة , عَالِم عَلَى مِثَال فَاعِل , غَيْر أَنَّهُمْ خَفَضُوا عَالِم رَدًّا مِنْهُمْ لَهُ عَلَى قَوْله { وَرَبِّي } إِذْ كَانَ مِنْ صِفَته , وَقَرَأَ ذَلِكَ بَقِيَّة عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : " عَلَّام الْغَيْب " عَلَى مِثَال فَعَّال , وَبِالْخَفْضِ رَدًّا لِإِعْرَابِهِ عَلَى إِعْرَاب قَوْله { وَرَبِّي } إِذْ كَانَ مِنْ نَعْته . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا , أَنَّ كُلَّ هَذِهِ الْقِرَاءَات الثَّلَاث , قِرَاءَات مَشْهُورَات فِي قُرَّاء الْأَمْصَار مُتَقَارِبَات الْمَعَانِي , فَبِأَيَّتِهِنَّ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيبٌ ; غَيْر أَنَّ أَعْجَبَ الْقِرَاءَات فِي ذَلِكَ إِلَيَّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا : " عَلَّام الْغَيْب " عَلَى الْقِرَاءَة الَّتِي ذَكَرْتهَا عَنْ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة ; فَأَمَّا اخْتِيَار عَلَّام عَلَى عَالِم , فَلِأَنَّهَا أَبْلَغ فِي الْمَدْح . وَأَمَّا الْخَفْض فِيهَا فَلِأَنَّهَا مِنْ نَعْت الرَّبّ , وَهُوَ فِي مَوْضِع الْجَرّ , وَعَنَى بِقَوْلِهِ : " عَلَّام الْغَيْب " عَلَّام مَا يَغِيب عَنْ أَبْصَار الْخَلْق , فَلَا يَرَاهُ أَحَد , إِمَّا مَا لَمْ يُكَوِّنهُ مِمَّا سَيُكَوِّنُهُ , أَوْ مَا قَدْ كَوَّنَهُ فَلَمْ يُطْلِع عَلَيْهِ أَحَدًا غَيْرَهُ , وَإِنَّمَا وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِع نَفْسه بِعِلْمِهِ الْغَيْب , إِعْلَامًا مِنْهُ خَلْقَهُ أَنَّ السَّاعَةَ لَا يَعْلَم وَقْتَ مَجِيئِهَا أَحَد سِوَاهُ , وَإِنْ كَانَتْ جَائِيَةً , فَقَالَ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد : قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ : بَلَى وَرَبّكُمْ لَتَأْتِيَنَّكُمْ السَّاعَة , وَلَكِنَّهُ لَا يَعْلَم وَقْتَ مَجِيئِهَا أَحَد سِوَى عَلَّام الْغُيُوب , الَّذِي لَا يَعْزُب عَنْهُ مِثْقَال ذَرَّة . يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { لَا يَعْزُب عَنْهُ } لَا يَغِيب عَنْهُ , وَلَكِنَّهُ ظَاهِر لَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21913 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله : { لَا يَعْزُب عَنْهُ } يَقُول : لَا يَغِيب عَنْهُ . 21914 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { لَا يَعْزُبُ عَنْهُ } قَالَ : لَا يَغِيب . 21915 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لَا يَعْزُب عَنْهُ مِثْقَال ذَرَّة } : أَيْ لَا يَغِيب عَنْهُ . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَقَوْله : { مِثْقَال ذَرَّة } يَعْنِي : زِنَة ذَرَّة فِي السَّمَوَات وَلَا فِي الْأَرْض ; يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَا يَغِيب عَنْهُ شَيْء مِنْ زِنَة ذَرَّة فَمَا فَوْقَهَا فَمَا دُونَهَا , أَيْنَ كَانَ فِي السَّمَوَات وَلَا فِي الْأَرْض { وَلَا أَصْغَر مِنْ ذَلِكَ } يَقُول : وَلَا يَعْزُب عَنْهُ أَصْغَر مِنْ مِثْقَال ذَرَّة { وَلَا أَكْبَر } مِنْهُ { إِلَّا فِي كِتَاب مُبِين } يَقُول : هُوَ مُثْبَت فِي كِتَاب يُبَيِّن لِلنَّاظِرِ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْره قَدْ أَثْبَته وَأَحْصَاهُ وَعَلِمَهُ , فَلَمْ يَعْزُب عَنْ عِلْمه .'; $TAFSEER['3']['34']['4'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَثْبَتَ ذَلِكَ فِي الْكِتَاب الْمُبِين , كَيْ يُثِيب الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُوله , وَعَمِلُوا بِمَا أَمَرَهُمُ اللَّه وَرَسُوله بِهِ , وَانْتَهَوْا عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ عَلَى طَاعَتهمْ رَبّهمْ { أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَة } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات , مَغْفِرَة مِنْ رَبّهمْ لِذُنُوبِهِمْ { وَرِزْق كَرِيم } يَقُول : وَعَيْش هَنِيء يَوْم الْقِيَامَة فِي الْجَنَّة , كَمَا : 21916 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَة } لِذُنُوبِهِمْ { وَرِزْق كَرِيم } فِي الْجَنَّة .'; $TAFSEER['3']['34']['5'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتنَا مُعَاجِزِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَثْبَتَ ذَلِكَ فِي الْكِتَاب , لِيَجْزِيَ الْمُؤْمِنِينَ مَا وَصَفَ , وَلِيَجْزِيَ الَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتنَا مُعَاجِزِينَ ; يَقُول : وَكَيْ يُثِيب الَّذِينَ عَمِلُوا فِي إِبْطَال أَدِلَّتنَا وَحُجَجنَا مُعَاوِنِينَ , يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يَسْبِقُونَنَا بِأَنْفُسِهِمْ فَلَا نَقْدِر عَلَيْهِمْ { أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَاب } يَقُول : هَؤُلَاءِ لَهُمْ عَذَاب مِنْ شَدِيد الْعَذَاب الْأَلِيم ; وَيَعْنِي بِالْأَلِيمِ : الْمُوجِع . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21917 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَسَعَوْا فِي آيَاتنَا مُعَاجِزِينَ } : أَيْ لَا يُعْجِزُونِ { أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَاب مِنْ رِجْز أَلِيم } قَالَ : الرِّجْز : سُوء الْعَذَاب , الْأَلِيم : الْمُوجِع . 21918 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتنَا مُعَاجِزِينَ } قَالَ : جَاهِدِينَ لِيَهْبِطُوهَا أَوْ يُبْطِلُوهَا , قَالَ : وَهُمْ الْمُشْرِكُونَ , وَقَرَأَ : { لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآن وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } 41 26 .'; $TAFSEER['3']['34']['6'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْك مِنْ رَبّك هُوَ الْحَقّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَثْبَتَ ذَلِكَ فِي كِتَاب مُبِين , لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا , وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتنَا مَا قَدْ بَيَّنَ لَهُمْ , وَلِيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ; فَيَرَى فِي مَوْضِع نَصْب عَطْفًا بِهِ عَلَى قَوْله : يَجْزِي , فِي قَوْله : { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا } وَعَنَى بِالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ : مُسْلِمَة أَهْل الْكِتَاب كَعَبْدِ اللَّه بْن سَلَّام , وَنُظَرَائِهِ الَّذِينَ قَدْ قَرَءُوا كُتُب اللَّه الَّتِي أُنْزِلَتْ قَبْلَ الْفُرْقَان , فَقَالَ تَعَالَى ذِكْره : وَلِيَرَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ بِكِتَابِ اللَّه الَّذِي هُوَ التَّوْرَاة , الْكِتَابَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْك يَا مُحَمَّد مِنْ رَبّك هُوَ الْحَقّ . وَقِيلَ : عُنِيَ بِالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ : أَصْحَاب رَسُول اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21919 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْك مِنْ رَبّك هُوَ الْحَقّ } قَالَ : أَصْحَاب مُحَمَّد . وَقَوْله : { وَيَهْدِي إِلَى صِرَاط الْعَزِيز الْحَمِيد } يَقُول : وَيُرْشِد مَنْ اتَّبَعَهُ , وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ إِلَى سَبِيل اللَّه الْعَزِيز فِي انْتِقَامه مِنْ أَعْدَائِهِ , الْحَمِيد عِنْدَ خَلْقه , فَأَيَادِيه عِنْدَهُمْ , وَنِعَمه لَدَيْهِمْ . وَإِنَّمَا يَعْنِي أَنَّ الْكِتَابَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّد يَهْدِي إِلَى الْإِسْلَام.'; $TAFSEER['3']['34']['7'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلّكُمْ عَلَى رَجُل يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّق إِنَّكُمْ لَفِي خَلْق جَدِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّد , مُتَعَجِّبِينَ مِنْ وَعْده إِيَّاهُمُ الْبَعْث بَعْد الْمَمَات بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : { هَلْ نَدُلّكُمْ } أَيّهَا النَّاس { عَلَى رَجُل يُنَبِّئكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّق إِنَّكُمْ لَفِي خَلْق جَدِيد } يَقُول : يُخْبِركُمْ أَنَّكُمْ بَعْد تَقَطُّعكِمْ فِي الْأَرْض بَلَاء وَبَعْد مَصِيركُمْ فِي التُّرَاب رُفَاتًا , عَائِدُونَ كَهَيْئَتِكُمْ قَبْل الْمَمَات خَلْقًا جَدِيدًا , كَمَا : 21920 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّق } قَالَ : ذَلِكَ مُشْرِكُو قُرَيْش وَالْمُشْرِكُونَ مِنَ النَّاس , { يُنَبِّئكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّق } : إِذَا أَكَلَتْكُمْ الْأَرْض , وَصِرْتُمْ رُفَاتًا وَعِظَامًا , وَقَطَّعَتْكُمْ السِّبَاع وَالطَّيْر { إِنَّكُمْ لَفِي خَلْق جَدِيد } سَتَحْيَوْنَ وَتُبْعَثُونَ . 21921 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { هَلْ نَدُلّكُمْ عَلَى رَجُل } إِلَى { خَلْق جَدِيد } قَالَ : يَقُول : { إِذَا مُزِّقْتُمْ } : وَإِذَا بُلِيتُمْ وَكُنْتُمْ عِظَامًا وَتُرَابًا وَرُفَاتًا , ذَلِكَ { كُلّ مُمَزَّق إِنَّكُمْ لَفِي خَلْق جَدِيد } قَالَ : يُنَبِّئكُمْ إِنَّكُمْ , فَكَسَرَ إِنْ وَلَمْ يُعْمِل يُنَبِّئكُمْ فِيهَا , وَلَكِنْ ابْتَدَأَ بِهَا ابْتِدَاء ; لِأَنَّ النَّبَأ خَبَر وَقَوْل , فَالْكَسْر فِي إِنَّ لِمَعْنَى الْحِكَايَة فِي قَوْله : { يُنَبِّئكُمْ } دُون لَفْظه , كَأَنَّهُ قِيلَ : يَقُول لَكُمْ : { إِنَّكُمْ لَفِي خَلْق جَدِيد } .'; $TAFSEER['3']['34']['8'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِهِ , وَأَنْكَرُوا الْبَعْثَ بَعْدَ الْمَمَات بَعْضهمْ لِبَعْضٍ , مُعْجَبِينَ مِنْ رَسُول اللَّه فِي وَعْده إِيَّاهُمْ ذَلِكَ : أَفْتَرَى هَذَا الَّذِي يَعِدنَا أَنَّا بَعْدَ أَنْ نُمَزَّقَ كُلَّ مُمَزَّق فِي خَلْق جَدِيد عَلَى اللَّه كَذِبًا , فَتَخَلَّقَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَاطِلًا مِنَ الْقَوْل , وَتَخَرَّصَ عَلَيْهِ قَوْل الزُّورِ { أَمْ بِهِ جِنَّة } يَقُول : أَمْ هُوَ مَجْنُون فَيَتَكَلَّم بِمَا لَا مَعْنَى لَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21922 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَالَ : قَالُوا تَكْذِيبًا : { أَفْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا } قَالَ : قَالُوا : إِمَّا أَنْ يَكُونَ يَكْذِب عَلَى اللَّه , أَمْ بِهِ جِنَّة , وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَجْنُونًا { بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ } الْآيَة . 21923 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد ; ثُمَّ قَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : { أَفْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّة } الرَّجُل مَجْنُون فَيَتَكَلَّم بِمَا لَا يَعْقِل , فَقَالَ اللَّه : { الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَاب وَالضَّلَال الْبَعِيد } . وَقَوْله : { بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَاب وَالضَّلَال الْبَعِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا الْأَمْر كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ فِي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَظَنُّوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ افْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا , أَوْ أَنَّ بِهِ جِنَّة , لَكِنْ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ فِي عَذَاب اللَّه فِي الْآخِرَة , وَفِي الذَّهَاب الْبَعِيد عَنْ طَرِيق الْحَقّ , وَقَصْد السَّبِيل , فَهُمْ مِنْ أَجْل ذَلِكَ يَقُولُونَ فِيهِ مَا يَقُولُونَ . 21924 -حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد ; قَالَ اللَّه : { بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَاب وَالضَّلَال الْبَعِيد } وَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِفَ لَهُمْ لِيَعْتَبِرُوا , وَقَرَأَ : { قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ } 64 7 الْآيَة كُلّهَا , وَقَرَأَ : { قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ } 34 3 . وَقُطِعَتْ الْأَلِف مِنْ قَوْله : { أَفْتَرَى عَلَى اللَّه } فِي الْقَطْع وَالْوَصْل , فَفُتِحَتْ لِأَنَّهَا أَلِف اسْتِفْهَام . فَأَمَّا الْأَلِف الَّتِي بَعْدَهَا , الَّتِي هِيَ أَلِف أَفْتَعَلَ , فَإِنَّهَا ذَهَبَتْ لِأَنَّهَا خَفِيفَة زَائِدَة تَسْقُط فِي اتِّصَال الْكَلَام , وَنَظِيرهَا : { سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْت لَهُمْ } 63 6 وَ { بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْت } 38 75 و { أَصْطَفَى الْبَنَات } 37 153 وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , وَأَمَّا أَلِف " آلْآنَ " " وَ آلذَّكَرَيْنِ " فَطُوِّلَتْ هَذِهِ , وَلَمْ تُطَوَّل تِلْكَ ; لِأَنَّ آلْآنَ وَ آلذَّكَرَيْنِ كَانَتْ مَفْتُوحَة , فَلَوْ أُسْقِطَتْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الِاسْتِفْهَام وَالْخَبَر فَرْق , فَجُعِلَ التَّطْوِيل فِيهَا فَرْقًا بَيْنَ الِاسْتِفْهَام وَالْخَبَر , وَأَلِف الِاسْتِفْهَام مَفْتُوحَة , فَكَانَتَا مُفْتَرِقَتَيْنِ بِذَلِكَ , فَأَغْنَى ذَلِكَ دَلَالَة عَلَى الْفَرْق مِنْ التَّطْوِيل.'; $TAFSEER['3']['34']['9'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْن أَيْدِيهمْ وَمَا خَلْفهمْ مِنَ السَّمَاء وَالْأَرْض إِنْ نَشَأْ نَخْسِف بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِط عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاء } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَلَمْ يَنْظُر هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِالْمُعَادِ , الْجَاحِدُونَ الْبَعْثَ بَعْدَ الْمَمَات , الْقَائِلُونَ لِرَسُولِنَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَفْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّة } إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاء وَالْأَرْض , فَيَعْلَمُوا أَنَّهُمْ حَيْثُ كَانُوا , فَإِنَّ أَرْضِي وَسَمَائِي مُحِيطَة بِهِمْ مِنْ بَيْن أَيْدِيهمْ وَمِنْ خَلْفهمْ , وَعَنْ أَيْمَانهمْ , وَعَنْ شَمَائِلهمْ , فَيَرْتَدِعُوا عَنْ جَهْلهمْ , وَيَنْزَجِرُوا عَنْ تَكْذِيبهمْ بِآيَاتِنَا حَذَرًا أَنْ نَأْمُرَ الْأَرْضَ فَتُخْسَفَ بِهِمْ , أَوْ السَّمَاءَ فَتُسْقِط عَلَيْهِ قِطَعًا , فَإِنَّا إِنْ نَشَأْ نَفْعَل ذَلِكَ بِهِمْ فَعَلْنَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21925 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } قَالَ : يَنْظُرُونَ عَنْ أَيْمَانهمْ , وَعَنْ شَمَائِلهمْ , كَيْفَ السَّمَاء قَدْ أَحَاطَتْ بِهِمْ { إِنْ نَشَأْ نَخْسِف بِهِمُ الْأَرْضَ } كَمَا خَسَفْنَا بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ { أَوْ نُسْقِط عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاء } : أَيْ قِطَعًا مِنَ السَّمَاء . وَقَوْله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة لِكُلِّ عَبْد مُنِيب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي إِحَاطَة السَّمَاء وَالْأَرْض بِعِبَادِ اللَّه { لَآيَة } يَقُول : لَدَلَالَة { لِكُلِّ عَبْد مُنِيب } يَقُول : لِكُلِّ عَبْد أَنَابَ إِلَى رَبّه بِالتَّوْبَةِ , وَرَجَعَ إِلَى مَعْرِفَة تَوْحِيده , وَالْإِقْرَار بِرُبُوبِيَّتِهِ , وَالِاعْتِرَاف بِوَحْدَانِيِّتِهِ , وَالْإِذْعَان لِطَاعَتِهِ , عَلَى أَنَّ فَاعِل ذَلِكَ لَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ فِعْل شَيْء أَرَادَ فِعْله , وَلَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ فِعْل شَيْء شَاءَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21926 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة لِكُلِّ عَبْد مُنِيب } وَالْمُنِيب : الْمُقْبِل التَّائِب .'; $TAFSEER['3']['34']['10'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَال أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ أَعْطَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا , وَقُلْنَا لِلْجِبَالِ : { أَوِّبِي مَعَهُ } : سَبِّحِي مَعَهُ إِذَا سَبَّحَ . وَالتَّأْوِيب عِنْد الْعَرَب : الرُّجُوع , وَمَبِيت الرَّجُل فِي مَنْزِله وَأَهْله ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : يَوْمَانِ يَوْم مَقَامَات وَأَنْدِيَة وَيَوْم سَيْر إِلَى الْأَعْدَاء تَأْوِيب أَيْ رُجُوع , وَقَدْ كَانَ بَعْضهمْ يَقْرَؤُهُ : " أُوبِي مَعَهُ " مِنْ آبَ يَئُوب , بِمَعْنَى : تَصَرَّفِي مَعَهُ ; وَتِلْكَ قِرَاءَة لَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِهَا لِخِلَافِهَا قِرَاءَة الْحُجَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21927 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن الصَّلْت , قَالَ : ثنا أَبُو كُدَيْنَةَ , وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا الْحَسَن بْن الْحَسَن الْأَشْقَر , قَالَ : ثنا أَبُو كُدَيْنَةَ , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس { أَوِّبِي مَعَهُ } قَالَ : سَبِّحِي مَعَهُ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { يَا جِبَال أَوِّبِي مَعَهُ } يَقُول : سَبِّحِي مَعَهُ . 21928 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الْعَلَائِيّ , قَالَ : ثنا مِسْعَر , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن { يَا جِبَال أَوِّبِي مَعَهُ } يَقُول : سَبِّحِي . 21929 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي مَيْسَرَة { يَا جِبَال أَوِّبِي مَعَهُ } قَالَ : سَبِّحِي , بِلِسَانِ الْحَبَشَة . 21930 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن طَلْحَة الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : ثنا فُضَيْل , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { يَا جِبَال أَوِّبِي مَعَهُ } قَالَ : سَبِّحِي مَعَهُ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { يَا جِبَال أَوِّبِي مَعَهُ } قَالَ : سَبِّحِي. 21931 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { يَا جِبَال أَوِّبِي مَعَهُ } : أَيْ سَبِّحِي مَعَهُ إِذَا سَبَّحَ. 21932 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { يَا جِبَال أَوِّبِي مَعَهُ } قَالَ : سَبِّحِي مَعَهُ ; قَالَ : وَالطَّيْرُ أَيْضًا . 21933 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { يَا جِبَال أَوِّبِي مَعَهُ } قَالَ : سَبِّحِي . * - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك , قَوْله : { يَا جِبَال أَوِّبِي مَعَهُ } سَبِّحِي مَعَهُ . وَقَوْله : { وَالطَّيْر } وَفِي نَصْب الطَّيْر وَجْهَانِ : أَحَدهمَا عَلَى مَا قَالَهُ ابْن زَيْد مِنْ أَنَّ الطَّيْرَ نُودِيَتْ كَمَا نُودِيَتْ الْجِبَال , فَتَكُون مَنْصُوبَة مِنْ أَجْل أَنَّهَا مَعْطُوفَة عَلَى مَرْفُوع , بِمَا لَا يَحْسُن إِعَادَة رَافِعه عَلَيْهِ , فَيَكُون كَالْمَصْرُوفِ عَنْ جِهَته . وَالْآخَر : فِعْل ضَمِير مَتْرُوك اسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام : فَقُلْنَا : يَا جِبَال أَوِّبِي مَعَهُ , وَسَخَّرْنَا لَهُ الطَّيْرَ , وَإِنْ رُفِعَ رَدًّا عَلَى مَا فِي قَوْله " سَبِّحِي " مِنْ ذِكْر الْجِبَال كَانَ جَائِزًا , وَقَدْ يَجُوز رَفْع الطَّيْر وَهُوَ مَعْطُوف عَلَى الْجِبَال , وَإِنْ لَمْ يَحْسُن نِدَاؤُهَا بِالَّذِي نُودِيَتْ بِهِ الْجِبَال , فَيَكُون ذَلِكَ كَمَا قَالَ الشَّاعِر : أَلَا يَا عَمْرُو وَالضِّحَاكَ سِيرَا فَقَدْ جَاوَزْتُمَا خَمَرَ الطَّرِيق وَقَوْله : { وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ } ذُكِرَ أَنَّ الْحَدِيدَ كَانَ فِي يَده كَالطِّينِ الْمَبْلُول يُصَرِّفهُ فِي يَده كَيْفَ يَشَاء بِغَيْرِ إِدْخَال نَار , وَلَا ضَرْبٍ بِحَدِيدٍ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21934 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ } سَخَّرَ اللَّه لَهُ الْحَدِيدَ بِغَيْرِ نَار. 21935 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن عَثْمَة , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ } كَانَ يُسَوِّيهَا بِيَدِهِ , وَلَا يُدْخِلهَا نَارًا , وَلَا يَضْرِبهَا بِحَدِيدَةٍ .'; $TAFSEER['3']['34']['11'] = 'وَقَوْله : { أَنِ اعْمَلْ سَابِغَات } يَقُول : وَعَهِدْنَا إِلَيْهِ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَات , وَهِيَ التَّوَامُّ الْكَوَامِلُ مِنْ الدُّرُوع . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21936 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَنِ اعْمَلْ سَابِغَات } دُرُوع , وَكَانَ أَوَّل مَنْ صَنَعَهَا دَاوُدَ , إِنَّمَا كَانَ قَبْل ذَلِكَ صَفَائِح . 21937 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَنِ اعْمَلْ سَابِغَات } قَالَ : السَّابِغَات : دُرُوع الْحَدِيد . وَقَوْله : { وَقَدِّرْ فِي السَّرْد } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي السَّرْد , فَقَالَ بَعْضهمْ : السَّرْد : هُوَ مِسْمَار حَلَق الدِّرْع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21938 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَقَدِّرْ فِي السَّرْد } قَالَ : كَانَ يَجْعَلهَا بِغَيْرِ نَار , وَلَا يَقْرَعهَا بِحَدِيدٍ , ثُمَّ يَسْرُدهَا . وَالسَّرْد : الْمَسَامِير الَّتِي فِي الْحَلَق . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الْحَلَق بِعَيْنِهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21939 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَقَدِّرْ فِي السَّرْد } قَالَ : السَّرْد : حَلَقه ; أَيْ قَدِّرْ تِلْكَ الْحَلَق. قَالَ : وَقَالَ الشَّاعِر : أَجَادَ الْمُسَدِّي سَرْدهَا وَأَذَالَهَا قَالَ : يَقُول : وَسَّعَهَا , وَأَجَادَ حَلَقهَا . 21940 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس { وَقَدِّرْ فِي السَّرْد } يَعْنِي بِالسَّرْدِ : ثَقْب الدُّرُوع فَيَسُدّ قَتِيرَهَا . وَقَالَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب : يُقَال دِرْع مَسْرُودَة : إِذَا كَانَتْ مَسْمُورَة الْحَلَق ; وَاسْتَشْهَدَ لِقِيلِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِر : 206 وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا دَاوُدُ أَوْ صَنَعَ السَّوَابِغَ تُبَّعُ وَقِيلَ : إِنَّمَا قَالَ اللَّه لِدَاوُدَ : { وَقَدِّرْ فِي السَّرْد } لِأَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ صَفَائِح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21941 -حَدَّثَنَا نَصْر بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا خَالِد بْن قَيْس , عَنْ قَتَادَة { وَقَدِّرْ فِي السَّرْد } قَالَ : كَانَتْ صَفَائِح , فَأُمِرَ أَنْ يَسْرُدهَا حَلَقًا . وَعَنَى بِقَوْلِهِ { وَقَدِّرْ فِي السَّرْد } : وَقَدِّرْ الْمَسَامِير فِي حَلَق الدُّرُوع حَتَّى يَكُونَ بِمِقْدَارٍ لَا تُغَلِّظ الْمِسْمَارَ , وَتُضَيِّق الْحَلَقَة , فَتَفْصِم الْحَلَقَة , وَلَا تُوَسِّع الْحَلَقَة , وَتُصَغِّر الْمَسَامِيرَ وَتَدُقَّهَا , فَتَسْلُس فِي الْحَلَقَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21942 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَقَدِّرْ فِي السَّرْد } قَالَ : قَدِّرْ الْمَسَامِيرَ وَالْحَلَق , لَا تَدُقّ الْمَسَامِير فَتَسْلُس , وَلَا تُجِلّهَا . قَالَ مُحَمَّد بْن عَمْرو , وَقَالَ الْحَارِث : فَتَفْصِم . * - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَقَدِّرْ فِي السَّرْد } قَالَ : لَا تُصَغِّر الْمِسْمَارَ , وَتُعَظِّم الْحَلَقَة فَتَسْلُس , وَلَا تُعَظِّم الْمِسْمَارَ وَتُصَغِّر الْحَلَقَة فَيَفْصِم الْمِسْمَار . 21943 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَةَ , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ الْحَكَم , فِي قَوْله : { وَقَدِّرْ فِي السَّرْد } قَالَ : لَا تُغَلِّظ الْمِسْمَارَ فَيَفْصِم الْحَلَقَة , وَلَا تَدُقّهُ فَيُقْلِق. وَقَوْله : { وَاعْمَلُوا صَالِحًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاعْمَلْ يَا دَاوُدُ أَنْتَ وَآلَك بِطَاعَةِ اللَّه { إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنِّي بِمَا تَعْمَل أَنْتَ وَأَتْبَاعك ذُو بَصَر لَا يَخْفَى عَلَيَّ مِنْهُ شَيْء , وَأَنَا مُجَازِيك وَإِيَّاهُمْ عَلَى جَمِيع ذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['34']['12'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلِسُلَيْمَان الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْر وَرَوَاحهَا شَهْر } اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَلِسُلَيْمَان الرِّيحَ } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار { وَلِسُلَيْمَان الرِّيحَ } بِنَصْبِ الرِّيحَ , بِمَعْنَى : وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا , وَسَخَّرْنَا لِسُلَيْمَان الرِّيحَ , وَقَرَأَ ذَلِكَ عَاصِم : " وَلِسُلَيْمَان الرِّيحُ " رَفْعًا بِحَرْفِ الصِّفَة , إِذْ لَمْ يَظْهَر النَّاصِب . وَالصَّوَاب مِنَ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا النَّصْب لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهِ . وَقَوْله : { غُدُوّهَا شَهْر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَسَخَّرْنَا لِسُلَيْمَان الرِّيحَ , غُدُوّهَا إِلَى انْتِصَاف النَّهَار مَسِيرَة شَهْر , وَرَوَاحهَا مِنْ انْتِصَاف النَّهَار إِلَى اللَّيْل مَسِيرَة شَهْر . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21944 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلِسُلَيْمَان الرِّيح غُدُوّهَا شَهْر وَرَوَاحهَا شَهْر } قَالَ : تَغْدُو مَسِيرَة شَهْر , وَتَرُوح مَسِيرَةَ شَهْر , قَالَ : مَسِيرَة شَهْرَيْنِ فِي يَوْم . 21945 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { وَلِسُلَيْمَان الرِّيحَ غُدُوّهَا شَهْر وَرَوَاحهَا شَهْر } قَالَ : ذُكِرَ لِي أَنَّ مَنْزِلًا بِنَاحِيَةِ دِجْلَة مَكْتُوب فِيهِ كِتَاب كَتَبَهُ بَعْض صَحَابَة سُلَيْمَان , إِمَّا مِنَ الْجِنّ , وَإِمَّا مِنَ الْإِنْس : نَحْنُ نَزَّلْنَاهُ وَمَا بَنَيْنَاهُ , وَمَبْنِيًّا وَجَدْنَاهُ , غَدَوْنَا مِنْ إِصْطَخْرَ فَقُلْنَاهُ , وَنَحْنُ رَائِحُونَ مِنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّه فَبَائِتُونَ بِالشَّامِ. 21946 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلِسُلَيْمَان الرِّيحَ غُدُوّهَا شَهْر وَرَوَاحهَا شَهْر } قَالَ : كَانَ لَهُ مَرْكَب مِنْ خَشَب , وَكَانَ فِيهِ أَلْف رُكْن , فِي كُلّ رُكْن أَلْف بَيْت تَرْكَب فِيهِ الْجِنّ وَالْإِنْس , تَحْت كُلّ رُكْن أَلْف شَيْطَان , يَرْفَعُونَ ذَلِكَ الْمَرْكَب هُمْ وَالْعِصَار ; فَإِذَا ارْتَفَعَ أَتَتْ الرِّيح رُخَاء , فَسَارَتْ بِهِ , وَسَارُوا مَعَهُ , يَقِيل عِنْدَ قَوْم بَيْنه وَبَيْنهمْ شَهْر , وَيُمْسِي عِنْدَ قَوْم بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ شَهْر , وَلَا يَدْرِي الْقَوْم إِلَّا وَقَدْ أَظَلَّهُمْ مَعَهُ الْجُيُوش وَالْجُنُود . 21947 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا قُرَّة , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله { غُدُوّهَا شَهْر وَرَوَاحهَا شَهْر } قَالَ : كَانَ يَغْدُو فَيُقِيل فِي إِصْطَخْرَ , ثُمَّ يَرُوح مِنْهَا , فَيَكُون رَوَاحهَا بِكَابِل . * -حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا حَمَّاد , قَالَ : ثنا قُرَّة , عَنِ الْحَسَن بِمِثْلِهِ. وَقَوْله : { وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْن الْقِطْر } يَقُول : وَأَذَبْنَا لَهُ عَيْنَ النُّحَاس , وَأَجْرَيْنَاهَا لَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 21948 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْر } عَيْن النُّحَاس , كَانَتْ بِأَرْضِ الْيَمَن , وَإِنَّمَا يُنْتَفَع الْيَوْم بِمَا أَخْرَجَ اللَّه لِسُلَيْمَان . 21949 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْن الْقِطْر } قَالَ : الصُّفْر سَالَ كَمَا يَسِيل الْمَاء , يُعْمَل بِهِ كَمَا كَانَ يُعْمَل الْعَجِين فِي اللَّبَن . 21950 -حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْر } يَقُول : النُّحَاس . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْر } يَعْنِي : عَيْنَ النُّحَاس أُسِيلَتْ . وَقَوْله : { وَمِنَ الْجِنّ مَنْ يَعْمَل بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنَ الْجِنّ مَنْ يُطِيعهُ , وَيَأْتَمِر بِأَمْرِهِ , وَيَنْتَهِي لِنَهْيِهِ , فَيَعْمَل بَيْنَ يَدَيْهِ مَا يَأْمُرهُ طَاعَة لَهُ { بِإِذْنِ رَبّه } يَقُول : بِأَمْرِ اللَّه بِذَلِكَ , وَتَسْخِيره إِيَّاهُ لَهُ. { وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرنَا } يَقُول : وَمَنْ يَزُلْ وَيَعْدِل مِنَ الْجِنّ عَنْ أَمْرنَا الَّذِي أَمَرْنَا مِنْ طَاعَة سُلَيْمَان { نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب السَّعِير } فِي الْآخِرَة , وَذَلِكَ عَذَاب نَار جَهَنَّم الْمُوقَدَة. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21951 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرنَا } أَيْ يَعْدِل مِنْهُمْ عَنْ أَمْرنَا عَمَّا أَمَرَهُ بِهِ سُلَيْمَان { نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب السَّعِير } .'; $TAFSEER['3']['34']['13'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِنْ مَحَارِيب وَتَمَاثِيل وَجِفَان كَالْجَوَابِ وَقُدُور رَاسِيَات } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : يَعْمَل الْجِنّ لِسُلَيْمَان مَا يَشَاء مِنْ مَحَارِيب , وَهِيَ جَمْع مِحْرَاب , وَالْمِحْرَاب : مُقَدَّم كُلّ مَسْجِد وَبَيْت وَمُصَلَّى , وَمِنْهُ قَوْل عَدِيّ بْن زَيْد : كَدُمَى الْعَاج فِي الْمَحَارِيب أَوْ كَالْ بَيْض فِي الرَّوْض زَهْره مُسْتَنِير وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21952 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { مَا يَشَاء مِنْ مَحَارِيبَ } قَالَ : بُنْيَان دُون الْقُصُور . 21953 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِنْ مَحَارِيب } وَقُصُور وَمَسَاجِد . 21954 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِنْ مَحَارِيب } قَالَ : الْمَحَارِيب : الْمَسَاكِن , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه : { فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَة وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي الْمِحْرَاب } 3 39 . 21955 -حَدَّثَنِي عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد الْآمِلِيّ , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك : { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِنْ مَحَارِيب } قَالَ : الْمَحَارِيب : الْمَسَاجِد . وَقَوْله : { وَتَمَاثِيل } يَعْنِي أَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ لَهُ تَمَاثِيل مِنْ نُحَاس وَزُجَاج , كَمَا : 21956 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَتَمَاثِيل } قَالَ : مِنْ نُحَاس . 21957 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَتَمَاثِيل } قَالَ : مِنْ زُجَاج وَشَبَه . 21958 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثنا مَرْوَان , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك فِي قَوْل اللَّه { وَتَمَاثِيل } قَالَ : الصُّوَر . وَقَوْله : { وَجِفَان كَالْجَوَابِ } يَقُول : وَيَنْحِتُونَ لَهُ مَا شَاءَ مِنْ جِفَان كَالْجَوَابِ ; وَهِيَ جَمْع جَابِيَة , وَالْجَابِيَة : الْحَوْض الَّذِي يُجْبَى فِيهِ الْمَاء , كَمَا قَالَ الْأَعْشَى مَيْمُون بْن قَيْس : تَرُوح عَلَى نَادِي الْمُحَلَّق جَفْنَة كَجَابِيَةِ الشَّيْخ الْعِرَاقِيّ تَفْهَق وَكَمَا قَالَ الْآخَر : فَصَبَّحَتْ جَابِيَة صُهَارِجَا كَأَنَّهَا جِلْد السَّمَاء خَارِجَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21959 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَجِفَان كَالْجَوَابِ } يَقُول : كَالْجَوْبَةِ مِنْ الْأَرْض . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { وَجِفَان كَالْجَوَابِ } يَعْنِي بِالْجَوَابِ : الْحِيَاض . 21960 - وَحَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنِ الْحَسَن { وَجِفَان كَالْجَوَابِ } قَالَ : كَالْحِيَاضِ . 21961 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَجِفَان كَالْجَوَابِ } قَالَ : حِيَاض الْإِبِل . 21962 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَجِفَان كَالْجَوَابِ } قَالَ : جِفَان كَجَوْبَةِ الْأَرْض مِنَ الْعَظْم , وَالْجَوْبَة مِنَ الْأَرْض : يُسْتَنْقَع فِيهَا الْمَاء . 21963 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَجِفَان كَالْجَوَابِ } كَالْحِيَاضِ. * - حَدَّثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , قَالَ : ثنا جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك : { وَجِفَان كَالْجَوَابِ } قَالَ : كَحِيَاضِ الْإِبِل مِنَ الْعَظْم . وَقَوْله : { وَقُدُور رَاسِيَات } يَقُول : وَقُدُور ثَابِتَات لَا يُحَرَّكْنَ عَنْ أَمَاكِنهنَّ , وَلَا تُحَوَّل لِعِظَمِهِنَّ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21964 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَقُدُور رَاسِيَات } قَالَ : عِظَام . 21965 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَقُدُور رَاسِيَات } قَالَ : عِظَام ثَابِتَات الْأَرْض لَا يَزُلْنَ عَنْ أَمْكِنَتهنَّ . 21966 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَقُدُور رَاسِيَات } قَالَ : مِثَال الْجِبَال مِنْ عِظَمهَا , يُعْمَل فِيهَا الطَّعَام مِنَ الْكِبَر وَالْعِظَم , لَا تُحَرَّك , وَلَا تُنْقَل , كَمَا قَالَ لِلْجِبَالِ : رَاسِيَات . وَقَوْله : { اعْمَلُوا آل دَاوُدَ شُكْرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقُلْنَا لَهُمْ اعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللَّه يَا آل دَاوُدَ شُكْرًا لَهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ مِنْ النِّعَمِ الَّتِي خَصَّكُمْ بِهَا عَنْ سَائِر خَلْقه مَعَ الشُّكْر لَهُ عَلَى سَائِر نِعَمه الَّتِي عَمّكُمْ بِهَا مَعَ سَائِر خَلْقه ; وَتُرِك ذِكْر : وَقُلْنَا لَهُمْ , اكْتِفَاء بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَى مَا تُرِكَ مِنْهُ , وَأَخْرَجَ قَوْلَهُ { شُكْرًا } مَصْدَرًا مِنْ قَوْله { اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ } لِأَنَّ مَعْنَى قَوْله { اعْمَلُوا } اشْكُرُوا رَبَّكُمْ بِطَاعَتِكُمْ إِيَّاهُ , وَأَنَّ الْعَمَلَ بِالَّذِي رَضِيَ اللَّه , لِلَّهِ شُكْر. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21967 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن عُبَادَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب , قَوْله : { اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا } قَالَ : الشُّكْر : تَقْوَى اللَّه , وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ . 21968 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ , عَنْ زَهْرَة بْن مَعْبَد , أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْد الرَّحْمَن الْحُبُلِيّ يَقُول : { اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا } وَأَفْضَل الشُّكْر الْحَمْد. 21969 - قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا } قَالَ : أَعْطَاكُمْ وَعَلَّمَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا لَمْ يُسَخِّر لِغَيْرِكُمْ , وَعَلَّمَكُمْ مَنْطِقَ الطَّيْر , اشْكُرُوا لَهُ يَا آل دَاوُدَ , قَالَ : الْحَمْد طَرَفٌ مِنْ الشُّكْر . وَقَوْله : { وَقَلِيل مِنْ عِبَادِي الشَّكُور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَلِيل مِنْ عِبَادِي الْمُخْلِصُو تَوْحِيدِي , وَالْمُفْرِدُو طَاعَتِي وَشُكْرِي عَلَى نِعْمَتِي عَلَيْهِمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21970 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُور } يَقُول : قَلِيل مِنْ عِبَادِي الْمُوَحِّدُونَ تَوْحِيدَهُمْ .'; $TAFSEER['3']['34']['14'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْته إِلَّا دَابَّة الْأَرْض تَأْكُل مِنْسَأَته } فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب الْمُهِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا أَمْضَيْنَا قَضَاءَنَا عَلَى سُلَيْمَان بِالْمَوْتِ فَمَاتَ { مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْته } يَقُول : لَمْ يَدُلّ الْجِنّ عَلَى مَوْت سُلَيْمَان { إِلَّا دَابَّة الْأَرْض } وَهِيَ الْأَرَضَة وَقَعَتْ فِي عَصَاهُ , الَّتِي كَانَ مُتَّكِئًا عَلَيْهَا فَأَكَلَتْهَا , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { تَأْكُل مِنْسَأَتَهُ } وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21971 - حَدَّثَنِي ابْن الْمُثَنَّى وَعَلِيّ , قَالَا : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { إِلَّا دَابَّة الْأَرْض تَأْكُل مِنْسَأَتَهُ } يَقُول : الْأَرَضَة تَأْكُل عَصَاهُ . * -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { تَأْكُل مِنْسَأَتَهُ } قَالَ : عَصَاهُ . 21972 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثني أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِلَّا دَابَّة الْأَرْض } قَالَ : الْأَرَضَة { تَأْكُل مِنْسَأَتَهُ } قَالَ : عَصَاهُ. * -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد { تَأْكُل مِنْسَأَتَهُ } قَالَ : عَصَاهُ . 21973 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن عَثْمَة , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { تَأْكُل مِنْسَأَتَهُ } أَكَلَتْ عَصَاهُ حَتَّى خَرَّ . 21974 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السَّرِيّ : الْمِنْسَأَة : الْعَصَا بِلِسَانِ الْحَبَشَة . 21975 -حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : الْمِنْسَأَة : الْعَصَا . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { مِنْسَأَتَهُ } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَبَعْض أَهْل الْبَصْرَة : " مِنْسَاتَهُ " غَيْر مَهْمُوزَة ; وَزَعَمَ مَنْ اعْتَلَّ لِقَارِئِ ذَلِكَ كَذَلِكَ مِنْ أَهْل الْبَصْرَة أَنَّ الْمِنْسَاةَ : الْعَصَا , وَأَنَّ أَصْلهَا مِنْ نَسَأْت بِهَا الْغَنَم , قَالَ : وَهِيَ مِنَ الْهَمْز الَّذِي تَرَكَتْهُ الْعَرَب , كَمَا تَرَكُوا هَمْزَ النَّبِيّ وَالْبَرِيَّة وَالْخَابِيَة , وَأَنْشَدَ لِتَرْكِ الْهَمْز فِي ذَلِكَ بَيْتًا لِبَعْضِ الشُّعَرَاء : إِذَا دَبَبْت عَلَى الْمِنْسَاةِ مِنْ هَرَم فَقَدْ تَبَاعَدَ عَنْك اللَّهْو وَالْغَزَل وَذَكَرَ الْفَرَّاء عَنْ أَبِي جَعْفَر الرَّوَاسِيّ , أَنَّهُ سَأَلَ عَنْهَا أَبَا عَمْرو , فَقَالَ : " مِنْسَاتَهُ " بِغَيْرِ هَمْز. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : { مِنْسَأَتَهُ } بِالْهَمْزِ , وَكَأَنَّهُمْ وَجَّهُوا ذَلِكَ إِلَى أَنَّهَا مِفْعَلَة , مِنْ نَسَأْت الْبَعِيرَ : إِذَا زَجَرْته لِيَزْدَادَ سَيْره , كَمَا يُقَال : نَسَأْت اللَّبَنَ : إِذَا صَبَبْت عَلَيْهِ الْمَاء , وَهُوَ النَّسِيء , وَكَمَا يُقَال : نَسَأَ اللَّه فِي أَجَلِك أَيْ أَدَامَ اللَّه فِي أَيَّام حَيَاتك . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهُمَا قِرَاءَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنَ الْقُرَّاء بِمَعْنًى وَاحِد , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيبٌ , وَإِنْ كُنْت أَخْتَار الْهَمْزَ فِيهَا لِأَنَّهُ الْأَصْل . وَقَوْله : { فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنّ } يَقُول عَزَّ وَجَلَّ : فَلَمَّا خَرَّ سُلَيْمَان سَاقِطًا بِانْكِسَارِ مِنْسَأَته تَبَيَّنَتْ الْجِنّ { أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ } الَّذِي يَدَّعُونَ عِلْمَهُ { مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب الْمُهِين } الْمُذِلّ حَوْلًا كَامِلًا بَعْدَ مَوْت سُلَيْمَان , وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّ سُلَيْمَانَ حَيّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21976 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مَنْصُور , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن مَسْعُود أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " وَكَانَ سُلَيْمَان نَبِيّ اللَّه إِذَا صَلَّى رَأَى شَجَرَة نَابِتَة بَيْن يَدَيْهِ , فَيَقُول لَهَا : مَا اسْمك ؟ فَتَقُول : كَذَا , فَيَقُول : لِأَيِّ شَيْء أَنْتِ ؟ فَإِنْ كَانَتْ تُغْرَس غُرِسَتْ , وَإِنْ كَانَ لِدَوَاءٍ كُتِبَتْ , فَبَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي ذَاتَ يَوْم , إِذْ رَأَى شَجَرَة بَيْن يَدَيْهِ , فَقَالَ لَهَا : مَا اسْمك ؟ قَالَتْ : الْخَرُّوب , قَالَ : لِأَيِّ شَيْء أَنْتِ ؟ قَالَتْ : لِخَرَابِ هَذَا الْبَيْت , فَقَالَ سُلَيْمَان : اللَّهُمَّ عَمّ عَلَى الْجِنّ مَوْتِي حَتَّى يَعْلَم الْإِنْس أَنَّ الْجِنَّ لَا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ , فَنَحَتَهَا عَصًا فَتَوَكَّأَ عَلَيْهَا حَوْلًا مَيِّتًا , وَالْجِنّ تَعْمَل , فَأَكَلَتْهَا الْأَرَضَة , فَسَقَطَ , فَتَبَيَّنَتْ الْإِنْس أَنَّ الْجِنَّ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا حَوْلًا فِي الْعَذَاب الْمُهِين " قَالَ : وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ , قَالَ : فَشَكَرَتْ الْجِنّ لِلْأَرَضَةِ , فَكَانَتْ تَأْتِيهَا بِالْمَاءِ . 21977 -حَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي خَبَرٍ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِك , وَعَنْ أَبِي صَالِح , عَنِ ابْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , عَنِ ابْن مَسْعُود , وَعَنْ أُنَاس مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : كَانَ سُلَيْمَان يَتَجَرَّد فِي بَيْت الْمَقْدِس السَّنَة وَالسَّنَتَيْنِ , وَالشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ , وَأَقَلّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَر , يَدْخُل طَعَامه وَشَرَابه , فَدَخَلَهُ فِي الْمَرَّة الَّتِي مَاتَ فِيهَا , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَوْم يُصْبِح فِيهِ , إِلَّا تَنْبُت فِيهِ شَجَرَة , فَيَسْأَلهَا مَا اسْمك , فَتَقُول الشَّجَرَة : اسْمِي كَذَا وَكَذَا , فَيَقُول لَهَا : لِأَيِّ شَيْء نَبَتّ ؟ فَتَقُول : نَبَتّ لِكَذَا وَكَذَا , فَيَأْمُر بِهَا فَتُقْطَع , فَإِنْ كَانَتْ نَبَتَتْ لِغَرْسٍ غَرَسَهَا , وَإِنْ كَانَتْ نَبَتَتْ لِدَوَاءٍ , قَالَتْ : نَبَتّ دَوَاءً لِكَذَا وَكَذَا , فَيَجْعَلهَا كَذَلِكَ , حَتَّى نَبَتَتْ شَجَرَة يُقَال لَهَا الْخَرُّوبَة , فَسَأَلَهَا : مَا اسْمك ؟ فَقَالَتْ لَهُ : أَنَا الْخَرُّوبَة , فَقَالَ : لِأَيِّ شَيْء نَبَتّ ؟ قَالَتْ : لِخَرَابِ هَذَا الْمَسْجِد ; قَالَ سُلَيْمَان : مَا كَانَ اللَّه لِيُخَرِّبهُ وَأَنَا حَيّ , أَنْتِ الَّتِي عَلَى وَجْهك هَلَاكِي وَخَرَاب بَيْت الْمَقْدِس , فَنَزَعَهَا وَغَرَسَهَا فِي حَائِط لَهُ , ثُمَّ دَخَلَ الْمِحْرَاب , فَقَامَ يُصَلِّي مُتَّكِئًا عَلَى عَصَاهُ , فَمَاتَ وَلَا تَعْلَم بِهِ الشَّيَاطِين فِي ذَلِكَ , وَهُمْ يَعْمَلُونَ لَهُ يَخَافُونَ أَنْ يَخْرُجَ فَيُعَاقِبَهُمْ ; وَكَانَتْ الشَّيَاطِين تَجْتَمِع حَوْل الْمِحْرَاب , وَكَانَ الْمِحْرَاب لَهُ كُوًى بَيْن يَدَيْهِ وَخَلْفه , وَكَانَ الشَّيْطَان الَّذِي يُرِيد أَنْ يَخْلَع يَقُول : أَلَسْت جَلْدًا إِنْ دَخَلْت , فَخَرَجْت مِنْ الْجَانِب الْآخَر ; فَدَخَلَ شَيْطَان مِنْ أُولَئِكَ فَمَرَّ , وَلَمْ يَكُنْ شَيْطَان يَنْظُر إِلَى سُلَيْمَان فِي الْمِحْرَاب إِلَّا احْتَرَقَ , فَمَرَّ وَلَمْ يَسْمَع صَوْت سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام , ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ يَسْمَع , ثُمَّ رَجَعَ فَوَقَعَ فِي الْبَيْت فَلَمْ يَحْتَرِق , وَنَظَرَ إِلَى سُلَيْمَان قَدْ سَقَطَ فَخَرَجَ فَأَخْبَرَ النَّاسَ أَنَّ سُلَيْمَان قَدْ مَاتَ , فَفَتَحُوا عَنْهُ فَأَخْرَجُوهُ وَوَجَدُوا مِنْسَأَتَهُ , وَهِيَ الْعَصَا بِلِسَانِ الْحَبَشَة , قَدْ أَكَلَتْهَا الْأَرَضَة , وَلَمْ يَعْلَمُوا مُنْذُ كَمْ مَاتَ , فَوَضَعُوا الْأَرَضَة عَلَى الْعَصَا , فَأَكَلَتْ مِنْهَا يَوْمًا وَلَيْلَة , ثُمَّ حَسِبُوا عَلَى ذَلِكَ النَّحْو , فَوَجَدُوهُ قَدْ مَاتَ مُنْذُ سَنَة , وَهِيَ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود : " فَمَكَثُوا يَدْأَبُونَ لَهُ مِنْ بَعْد مَوْته حَوْلًا كَامِلًا " فَأَيْقَنَ النَّاس عِنْد ذَلِكَ أَنَّ الْجِنَّ كَانُوا يَكْذِبُونَهُمْ , وَلَوْ أَنَّهُمْ عَلِمُوا الْغَيْبَ لَعَلِمُوا بِمَوْتِ سُلَيْمَان , وَلَمْ يَلْبَثُوا فِي الْعَذَاب سَنَة يَعْمَلُونَ لَهُ , وَذَلِكَ قَوْل اللَّه : { مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْته إِلَّا دَابَّة الْأَرْض تَأْكُل مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب الْمُهِين } يَقُول : تَبَيَّنَ أَمْرهمْ لِلنَّاسِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْذِبُونَهُمْ , ثُمَّ إِنَّ الشَّيَاطِينَ قَالُوا لِلْأَرَضَةِ : لَوْ كُنْت تَأْكُلِينَ الطَّعَامَ أَتَيْنَاك بِأَطْيَب الطَّعَام , وَلَوْ كُنْت تَشْرَبِينَ الشَّرَابَ سَقَيْنَاك أَطْيَب الشَّرَاب , وَلَكِنَّا سَنَنْقُلُ إِلَيْك الْمَاءَ وَالطِّينَ , فَالَّذِي يَكُون فِي جَوْف الْخَشَب , فَهُوَ مَا تَأْتِيهَا بِهِ الشَّيَاطِين شُكْرًا لَهَا. 21978 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَتْ الْجِنّ تُخْبِر الْإِنْسَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَ مِنَ الْغَيْب أَشْيَاء , وَأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ مَا فِي غَد , فَابْتُلُوا بِمَوْتِ سُلَيْمَان , فَمَاتَ , فَلَبِثَ سَنَة عَلَى عَصَاهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ بِمَوْتِهِ , وَهُمْ مُسَخَّرُونَ تِلْكَ السَّنَة يَعْمَلُونَ دَائِبِينَ { فَلَمَّا تَبَيَّنَتِ الْجِنّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب الْمُهِين } وَلَقَدْ لَبِثُوا يَدْأَبُونَ , وَيَعْمَلُونَ لَهُ حَوْلًا . 21979 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْته إِلَّا دَابَّة الْأَرْض تَأْكُل مِنْسَأَتَهُ } قَالَ : قَالَ سُلَيْمَان لِمَلَكِ الْمَوْت : يَا مَلَك الْمَوْت , إِذَا أُمِرْت بِي فَأَعْلِمْنِي ; قَالَ : فَأَتَاهُ فَقَالَ : يَا سُلَيْمَان , قَدْ أُمِرْت بِك , قَدْ بَقِيَتْ لَك سُوَيْعَة , فَدَعَا الشَّيَاطِين فَبَنَوْا عَلَيْهِ صَرْحًا مِنْ قَوَارِير , لَيْسَ لَهُ بَاب , فَقَامَ يُصَلِّي , وَاتَّكَأَ عَلَى عَصَاهُ ; قَالَ : فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَلَك الْمَوْت فَقَبَضَ رُوحه وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَصَاهُ ; وَلَمْ يَصْنَع ذَلِكَ فِرَارًا مِنْ مَلَك الْمَوْت , قَالَ : وَالْجِنّ تَعْمَل بَيْن يَدَيْهِ , وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ , يَحْسِبُونَ أَنَّهُ حَيٌّ , قَالَ : فَبَعَثَ اللَّه دَابَّة الْأَرْض , قَالَ : دَابَّة تَأْكُل الْعِيدَان يُقَال لَهَا الْقَادِح , فَدَخَلَتْ فِيهَا فَأَكَلَتْهَا , حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ جَوْفَ الْعَصَا , ضَعُفَتْ وَثَقُلَ عَلَيْهَا , فَخَرَّ مَيِّتًا , قَالَ : فَلَمَّا رَأَتْ الْجِنّ ذَلِكَ , انْفَضُّوا وَذَهَبُوا , قَالَ : فَذَلِكَ قَوْله : { مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْته إِلَّا دَابَّة الْأَرْض تَأْكُل مِنْسَأَتَهُ } قَالَ : وَالْمِنْسَأَة : الْعَصَا . 21980 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء , قَالَ : كَانَ سُلَيْمَان بْن دَاوُدَ يُصَلِّي , فَمَاتَ وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي وَالْجِنّ يَعْمَلُونَ لَا يَعْلَمُونَ بِمَوْتِهِ , حَتَّى أَكَلَتْ الْأَرَضَة عَصَاهُ , فَخَرَّ , و " أَنْ " فِي قَوْله : { أَنْ لَوْ كَانُوا } فِي مَوْضِع رَفْع بِتَبَيَّنَ ; لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَ وَانْكَشَفَ , أَنْ لَوْ كَانَ الْجِنّ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ , مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب الْمُهِين. وَأَمَّا عَلَى التَّأْوِيل الَّذِي تَأَوَّلَهُ ابْن عَبَّاس مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ : تَبَيَّنَتْ الْإِنْس الْجِنّ , فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُون فِي مَوْضِع نَصْب بِتَكْرِيرِهَا عَلَى الْجِنّ , وَكَذَلِكَ يَجِب عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة أَنْ تَكُون الْجِنّ مَنْصُوبَة , غَيْر أَنِّي لَا أَعْلَم أَحَدًا مِنْ قُرَّاء الْأَمْصَار يَقْرَأ ذَلِكَ بِنَصْبِ الْجِنّ , وَلَوْ نُصِبَ كَانَ فِي قَوْله { تَبَيَّنَتْ } ضَمِير مِنْ ذِكْر الْإِنْس .'; $TAFSEER['3']['34']['15'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنهمْ آيَة جَنَّتَانِ عَنْ يَمِين وَشِمَال } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَقَدْ كَانَ لِوَلَدِ سَبَأ فِي مَسْكَنهمْ عَلَامَة بَيِّنَة , وَحُجَّة وَاضِحَة , عَلَى أَنَّهُ لَا رَبّ لَهُمْ إِلَّا الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ النِّعَم الَّتِي كَانُوا فِيهَا . وَسَبَأ عَنْ رَسُول اللَّه اسْم أَبِي الْيَمَن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21981 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ أَبِي حَيَّان الْكَلْبِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن هَانِئٍ , عَنْ عُرْوَة الْمُرَادِيّ , عَنْ رَجُل مِنْهُمْ يُقَال لَهُ : فَرْوَة بْن مُسَيْك , قَالَ : قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّه أَخْبِرْنِي عَنْ سَبَأٍ مَا كَانَ ؟ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَة , أَوْ جَبَلًا , أَوْ دَوَابّ ؟ فَقَالَ : " لَا , كَانَ رَجُلًا مِنَ الْعَرَب وَلَهُ عَشَرَة أَوْلَاد , فَتَيَمَّنَ مِنْهُمْ سِتَّة , وَتَشَاءَمَ أَرْبَعَة , فَأَمَّا الَّذِينَ تَيَمَّنُوا مِنْهُمْ فَكِنْدَة , وَحِمْيَر , وَالْأَزْد , وَالْأَشْعَرِيُّونَ , وَمُذْحَج , وَأَنْمَار الَّذِينَ مِنْهَا خَثْعَمُ وَبُجَيْلَةُ , وَأَمَّا الَّذِينَ تَشَاءَمُوا : فَعَامِلَة , وَجُذَام , وَلَخْم , وَغَسَّان " . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , قَالَ : ثني الْحَسَن بْن الْحَكَم , قَالَ : ثنا أَبُو سَبْرَة النَّخَعِيّ , عَنْ فَرْوَة بْن مُسَيْك الْقَطِيعِيّ , قَالَ : قَالَ رَجُل : يَا رَسُول اللَّه أَخْبِرْنِي عَنْ سَبَأٍ مَا هُوَ ؟ أَرْض أَوْ امْرَأَة ؟ قَالَ : لَيْسَ بِأَرْضٍ وَلَا امْرَأَة , وَلَكِنَّهُ رَجُل وَلَد عَشَرَة مِنَ الْوَلَد , فَتَيَامَنَ سِتَّة , وَتَشَاءَمَ أَرْبَعَة , فَأَمَّا الَّذِينَ تَشَاءَمُوا : فَلَخْم , وَجُذَام , وَعَامِلَة , وَغَسَّان ; وَأَمَّا الَّذِينَ تَيَامَنُوا : فَكِنْدَة , وَالْأَشْعَرِيُّونَ , وَالْأَزْد , وَمُذْحَج , وَحِمْيَر , وَأَنْمَار " ; فَقَالَ رَجُل : مَا أَنْمَارُ ؟ قَالَ : " الَّذِينَ مِنْهُمْ خَثْعَمُ وَبُجَيْلَةُ " . -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا الْعَنْقَزِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَسْبَاط بْن نَصْر , عَنْ يَحْيَى بْن هَانِئٍ الْمُرَادِيّ , عَنْ أَبِيهِ , أَوْ عَنْ عَمّه " أَسْبَاط شَكّ " قَالَ : قَدِمَ فَرْوَة بْن مُسَيْك عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّه , أَخْبِرْنِي عَنْ سَبَأ , أَجَبَلًا كَانَ أَوْ أَرْضًا ؟ فَقَالَ : " لَمْ يَكُنْ جَبَلًا وَلَا أَرْضًا , وَلَكِنَّهُ كَانَ رَجُلًا مِنَ الْعَرَب وَلَدَ عَشْرَة قَبَائِل " , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : " وَأَنْمَار الَّذِينَ يَقُولُونَ مِنْهُمْ بُجَيْلَة وَخَثْعَم " . فَإِنْ كَانَ الْأَمْر كَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِنْ أَنَّ سَبَأ رَجُل , كَانَ الْإِجْرَاء فِيهِ وَغَيْر الْإِجْرَاء مُعْتَدِلَيْنِ . أَمَّا الْإِجْرَاء فَعَلَى أَنَّهُ اسْم رَجُل مَعْرُوف , وَأَمَّا تَرْك الْإِجْرَاء فَعَلَى أَنَّهُ اسْم قَبِيلَة أَوْ أَرْض , وَقَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنَ الْقُرَّاء . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : " فِي مَسَاكِنهمْ " فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : " فِي مَسَاكِنهمْ " عَلَى الْجِمَاع بِمَعْنَى مَنَازِل آل سَبَأ , وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ " فِي مَسْكِنِهِمْ " عَلَى التَّوْحِيد وَبِكَسْرِ الْكَاف , وَهِيَ لُغَة لِأَهْلِ الْيَمَن فِيمَا ذُكِرَ لِي , وَقَرَأَ حَمْزَة : { مَسْكَنهمْ } عَلَى التَّوْحِيد وَفَتْح الْكَاف . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا : أَنَّ كُلّ ذَلِكَ قِرَاءَات مُتَقَارِبَات الْمَعْنَى , فَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . وَقَوْله : { آيَة } قَدْ بَيَّنَّا مَعْنَاهَا قَبْل , وَأَمَّا قَوْله : { جَنَّتَانِ عَنْ يَمِين وَشِمَال } فَإِنَّهُ يَعْنِي : بُسْتَانَانِ كَانَا بَيْن جَبَلَيْنِ , عَنْ يَمِين مَنْ أَتَاهُمَا وَشِمَاله . وَكَانَ مِنْ صِنْفهمَا فِيمَا ذُكِرَ لَنَا مَا : 21982 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان , قَالَ : ثنا أَبُو هِلَال , قَالَ : سَمِعْت قَتَادَة , فِي قَوْله : { لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنهمْ آيَة جَنَّتَانِ عَنْ يَمِين وَشِمَال } قَالَ : كَانَتْ جَنَّتَانِ بَيْن جَبَلَيْنِ , فَكَانَتْ الْمَرْأَة تَخْرُج , مِكْتَلهَا عَلَى رَأْسهَا , فَتَمْشِي بَيْن جَبَلَيْنِ , فَيَمْتَلِئ مِكْتَلهَا , وَمَا مَسَّتْ بِيَدِهَا , فَلَمَّا طَغَوْا بَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ دَابَّة , يُقَال لَهَا " جُرَذ " , فَنَقَبَتْ عَلَيْهِمْ , فَغَرَّقَتْهُمْ , فَمَا بَقِيَ لَهُمْ إِلَّا أَثْل , وَشَيْء مِنْ سِدْر قَلِيل . 21983 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنهمْ آيَة جَنَّتَانِ عَنْ يَمِين وَشِمَال } إِلَى قَوْله : { فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْل الْعَرِم } قَالَ : وَلَمْ يَكُنْ يُرَى فِي قَرْيَتهمْ بَعُوضَة قَطُّ , وَلَا ذُبَاب , وَلَا بُرْغُوث , وَلَا عَقْرَب , وَلَا حَيَّة , وَإِنْ كَانَ الرَّكْب لَيَأْتُونَ وَفِي ثِيَابهمْ الْقُمَّل وَالدَّوَابّ , فَمَا هُمْ إِلَّا أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى بُيُوتهمْ , فَتَمُوت الدَّوَابّ , قَالَ : وَإِنْ كَانَ الْإِنْسَان لَيَدْخُل الْجَنَّتَيْنِ , فَيَمْسِك الْقُفَّةَ عَلَى رَأْسه , فَيَخْرُج حِين يَخْرُج وَقَدْ امْتَلَأَتْ تِلْكَ الْقُفَّة مِنْ أَنْوَاع الْفَاكِهَة وَلَمْ يَتَنَاوَل مِنْهَا شَيْئًا بِيَدِهِ ; قَالَ : وَالسَّدّ يَسْقِيهَا . وَرُفِعَتْ الْجَنَّتَانِ فِي قَوْله : { جَنَّتَانِ عَنْ يَمِين وَشِمَال } تَرْجَمَة عَنِ الْآيَة ; لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنهمْ آيَة هِيَ جَنَّتَانِ عَنْ أَيْمَانهمْ وَشَمَائِلهمْ. وَقَوْله : { كُلُوا مِنْ رِزْق رَبّكُمْ } الَّذِي يَرْزُقكُمْ مِنْ هَاتَيْنِ الْجَنَّتَيْنِ مِنْ زُرُوعهمَا وَأَثْمَارهمَا , { وَاشْكُرُوا لَهُ } عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنْ رِزْقه ذَلِكَ ; وَإِلَى هَذَا مُنْتَهَى الْخَبَر , ثُمَّ ابْتَدَأَ الْخَبَر عَنِ الْبَلْدَة , فَقِيلَ : هَذِهِ بَلْدَة طَيِّبَة : أَيْ لَيْسَتْ بِسَبِخَةٍ , وَلَكِنَّهَا كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ صِفَتهَا عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد أَنْ كَانَتْ كَمَا وَصَفَهَا ابْن زَيْد , مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْء مُؤْذٍ , الْهَمَج وَالدَّبِيب وَالْهَوَامّ { وَرَبّ غَفُور } يَقُول : وَرَبّ غَفُور لِذُنُوبِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ أَطَعْتُمُوهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21984 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { بَلْدَة طَيِّبَة وَرَبّ غَفُور } وَرَبّكُمْ غَفُور لِذُنُوبِكُمْ , قَوْم أَعْطَاهُمُ اللَّه نِعْمَةً , وَأَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِ , وَنَهَاهُمْ عَنْ مَعْصِيَته.'; $TAFSEER['3']['34']['16'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْل الْعَرِم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَعْرَضَتْ سَبَأ عَنْ طَاعَة رَبّهَا وَصَدَّتْ عَنْ اتِّبَاع مَا دَعَتْهَا إِلَيْهِ رُسُلهَا مِنْ أَنَّهُ خَالِقهَا , كَمَا : 21985 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه الْيَمَانِيّ , قَالَ : لَقَدْ بَعَثَ اللَّه إِلَى سَبَأ , ثَلَاثَة عَشَر نَبِيًّا , فَكَذَّبُوهُمْ { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْل الْعَرِم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَثَقَبْنَا عَلَيْهِمْ حِين أَعْرَضُوا عَنْ تَصْدِيق رُسُلنَا سَدّهمْ الَّذِي كَانَ يَحْبِس عَنْهُمْ السُّيُول . وَالْعَرِم : الْمُسَنَّاة الَّتِي تَحْبِس الْمَاء , وَاحِدهَا : عَرِمَة , وَإِيَّاهُ عَنَى الْأَعْشَى بِقَوْلِهِ : فَفِي ذَاكَ لِلْمُؤْتَسِي أُسْوَة وَمَأْرِبُ عَفَّى عَلَيْهِ الْعَرِم رِجَام بَنَتْهُ لَهُمْ حِمْيَر إِذَا جَاءَ مَاؤُهُمْ لَمْ يَرِم وَكَانَ الْعَرِم فِيمَا ذُكِرَ مِمَّا بَنَتْه بِلْقِيس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21986 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِيّ , قَالَ : ثني وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : سَمِعْت الْمُغِيرَةَ بْن حَكِيم , قَالَ : لَمَّا مَلَكَتْ بِلْقِيس , جَعَلَ قَوْمهَا يَقْتَتِلُونَ عَلَى مَاء وَادِيهمْ ; قَالَ : فَجَعَلَتْ تَنْهَاهُمْ فَلَا يُطِيعُونَهَا فَتَرَكَتْ مُلْكهَا , وَانْطَلَقَتْ إِلَى قَصْر لَهَا , وَتَرَكَتْهُمْ ; فَلَمَّا كَثُرَ الشَّرّ بَيْنَهُمْ , وَنَدِمُوا أَتَوْهَا , فَأَرَادُوهَا عَلَى أَنْ تَرْجِعَ إِلَى مُلْكهَا , فَأَبَتْ , فَقَالُوا : لَتَرْجِعِنَّ أَوْ لَنَقْتُلَنَّكِ , فَقَالَتْ : إِنَّكُمْ لَا تُطِيعُونَنِي , وَلَيْسَتْ لَكُمْ عُقُول , وَلَا تُطِيعُونِي , قَالُوا : فَإِنَّا نُطِيعُك , وَإِنَّا لَمْ نَجِد فِينَا خَيْرًا بَعْدَك , فَجَاءَتْ فَأَمَرَتْ بِوَادِيهِمْ , فَسُدَّ بِالْعَرِمِ. قَالَ أَحْمَد , قَالَ وَهْب , قَالَ أَبِي : فَسَأَلْت الْمُغِيرَة بْن حَكِيم عَنْ الْعَرِم , فَقَالَ : هُوَ بِكَلَامِ حِمْيَر الْمُسَنَّاة ; فَسَدَّتْ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ , فَحَبَسَتْ الْمَاءَ مِنْ وَرَاء السَّدّ , وَجَعَلَتْ لَهُ أَبْوَابًا بَعْضهَا فَوْق بَعْض , وَبَنَتْ مِنْ دُونه بِرْكَة ضَخْمَة , فَجَعَلَتْ فِيهَا اثْنَيْ عَشَرَ مَخْرَجًا عَلَى عِدَّة أَنْهَارهمْ ; فَلَمَّا جَاءَ الْمَطَر احْتَبَسَ السَّيْل مِنْ وَرَاء السَّدّ , فَأَمَرَتْ بِالْبَابِ الْأَعْلَى فَفُتِحَ , فَجَرَى مَاؤُهُ فِي الْبِرْكَة , وَأَمَرَتْ بِالْبَعْرِ فَأُلْقِيَ فِيهَا , فَجَعَلَ بَعْض الْبَعْر يَخْرُج أَسْرَعَ مِنْ بَعْض , فَلَمْ تَزَلْ تُضَيِّق تِلْكَ الْأَنْهَار , وَتُرْسِل الْبَعْرَ فِي الْمَاء , حَتَّى خَرَجَ جَمِيعًا مَعًا , فَكَانَتْ تَقْسِمهُ بَيْنَهُمْ عَلَى ذَلِكَ , حَتَّى كَانَ مِنْ شَأْنهَا وَشَأْن سُلَيْمَان مَا كَانَ . 21987 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عُمَر الْبَصْرِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح بْن زُرَيْق , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيك , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي مَيْسَرَة , فِي قَوْله { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْل الْعَرِم } قَالَ : الْمُسَنَّاة بِلَحْنِ الْيَمَن . 21988 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { سَيْل الْعَرِم } قَالَ : شَدِيد . وَقِيلَ : إِنَّ الْعَرِمَ : اسْم وَادٍ كَانَ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21989 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْل الْعَرِم } قَالَ : وَادٍ كَانَ بِالْيَمَنِ , كَانَ يَسِيل إِلَى مَكَّة , وَكَانُوا يَسْقُونَ وَيَنْتَهِي سَيْلهمْ إِلَيْهِ. 21990 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْل الْعَرِم } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ سَيْلَ الْعَرِم وَادٍ كَانَتْ تَجْتَمِع إِلَيْهِ مَسَايِل مِنْ أَوْدِيَة شَتَّى , فَعَمِدُوا فَسَدُّوا مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ بِالْقِيرِ وَالْحِجَارَة , وَجَعَلُوا عَلَيْهِ أَبْوَابًا , وَكَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ مَائِهِ مَا احْتَاجُوا إِلَيْهِ , وَيَسُدُّونَ عَنْهُمْ مَا لَمْ يَعْنُوا بِهِ مِنْ مَائِهِ شَيْئًا . 21991 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْل الْعَرِم } وَادٍ يُدْعَى الْعَرِم , وَكَانَ إِذَا مَطَرَ سَالَتْ أَوْدِيَة الْيَمَن إِلَى الْعَرِم , وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْمَاء , فَعَمَدَتْ سَبَأ إِلَى الْعَرِم , فَسَدُّوا مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ , فَحَجَزُوهُ بِالصَّخْرِ وَالْقَار , فَانْسَدَّ زَمَانًا مِنْ الدَّهْر , لَا يَرْجُونَ الْمَاءَ , يَقُول : لَا يَخَافُونَ . وَقَالَ آخَرُونَ : الْعَرِم : صِفَة لِلْمُسَنَّاةِ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ وَلَيْسَ بِاسْمٍ لَهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21992 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { سَيْل الْعَرِم } يَقُول : الشَّدِيد , وَكَانَ السَّبَب الَّذِي سَبَّبَ اللَّه لِإِرْسَالِ ذَلِكَ السَّيْل عَلَيْهِمْ فِيمَا ذُكِرَ لِي جُرَذًا ابْتَعَثَهُ اللَّه عَلَى سَدّهمْ , فَثَقَبَ فِيهِ ثُقْبًا. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي صِفَة مَا حَدَثَ عَنْ ذَلِكَ الثُّقْب مِمَّا كَانَ فِيهِ خَرَاب جَنَّتَيْهِمْ . فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَ صِفَة ذَلِكَ أَنَّ السَّيْلَ لَمَّا وَجَدَ عَمَلًا فِي السَّدّ عَمِلَ فِيهِ , ثُمَّ فَاضَ الْمَاء عَلَى جَنَّاتهمْ , فَغَرَّقَهَا وَخَرَّبَ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21993 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه الْيَمَانِيّ , قَالَ : كَانَ لَهُمْ , يَعْنِي لِسَبَأٍ سَدّ , قَدْ كَانُوا بَنَوْهُ بُنْيَانًا أَبَدًا , وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَرُدّ عَنْهُمْ السَّيْل إِذَا جَاءَ أَنْ يَغْشَى أَمْوَالَهُمْ , وَكَانَ فِيمَا يَزْعُمُونَ فِي عِلْمهمْ مِنْ كِهَانَتهمْ , أَنَّهُ إِنَّمَا يُخَرِّب عَلَيْهِمْ سَدّهمْ ذَلِكَ فَأْرَة , فَلَمْ يَتْرُكُوا فُرْجَة بَيْنَ حَجَرَيْنِ , إِلَّا رَبَطُوا عِنْدَهَا هِرَّةً ; فَلَمَّا جَاءَ زَمَانُهُ , وَمَا أَرَادَ اللَّه بِهِمْ مِنْ التَّغْرِيق , أَقْبَلَتْ فِيمَا يَذْكُرُونَ فَأْرَة حَمْرَاء إِلَى هِرَّة مِنْ تِلْكَ الْهِرَر , فَسَاوَرَتْهَا , حَتَّى اسْتَأْخَرَتْ عَنْهَا أَيْ الْهِرَّة , فَدَخَلَتْ فِي الْفُرْجَة الَّتِي كَانَتْ عِنْدهَا , فَغَلْغَلَتْ فِي السَّدّ , فَحَفَرَتْ فِيهِ حَتَّى وَهَّنَتْهُ لِلسَّيْلِ وَهُمْ لَا يَدْرُونَ ; فَلَمَّا جَاءَ السَّيْل وَجَدَ خَلَلًا , فَدَخَلَ فِيهِ حَتَّى قَلَعَ السَّدّ , وَفَاضَ عَلَى الْأَمْوَال , فَاحْتَمَلَهَا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا مَا ذَكَرَهُ اللَّه ; فَلَمَّا تَفَرَّقُوا نَزَلُوا عَلَى كِهَانَة عِمْرَان بْن عَامِر . 21994 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : لَمَّا تَرَكَ الْقَوْم أَمْر اللَّه , بَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ جُرَذًا يُسَمَّى الْخُلْد , فَثَقَبَهُ مِنْ أَسْفَله حَتَّى غَرَّقَ بِهِ جَنَّاتهمْ , وَخَرَّبَ بِهِ أَرْضَهُمْ عُقُوبَةً بِأَعْمَالِهِمْ. 21995 - حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : لَمَّا طَغَوْا وَبَغَوْا , يَعْنِي سَبَأ , بَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ جُرَذًا , فَخَرَقَ عَلَيْهِمْ السَّدّ , فَأَغْرَقَهُمُ اللَّه . 21996 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : بَعَثَ اللَّه عَلَيْهِ جُرَذًا , وَسَلَّطَهُ عَلَى الَّذِي كَانَ يَحْبِس الْمَاءَ الَّذِي يَسْقِيهَا , فَأُخْرِبَ فِي أَفْوَاه تِلْكَ الْحِجَارَة , وَكُلّ شَيْء مِنْهَا مِنْ رَصَاص وَغَيْره , حَتَّى تَرَكَهَا حِجَارَة , ثُمَّ بَعَثَ اللَّه سَيْل الْعَرِم , فَاقْتَلَعَ ذَلِكَ السَّدّ , وَمَا كَانَ يَحْبِس , وَاقْتَلَعَ تِلْكَ الْجَنَّتَيْنِ , فَذَهَبَ بِهِمَا ; وَقَرَأَ : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِم وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ } قَالَ : ذَهَبَ بِتِلْكَ الْقُرَى وَالْجَنَّتَيْنِ . وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَتْ صِفَة ذَلِكَ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي كَانُوا يَعْمُرُونَ بِهِ جَنَّاتهمْ سَالَ إِلَى مَوْضِع غَيْر الْمَوْضِع الَّذِي كَانُوا يَنْتَفِعُونَ بِهِ , فَبِذَلِكَ خَرِبَتْ جَنَّاتهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21997 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : بَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ , يَعْنِي عَلَى الْعَرِم , دَابَّة مِنَ الْأَرْض , فَثَقَبَتْ فِيهِ ثَقْبًا , فَسَالَ ذَلِكَ الْمَاء إِلَى مَوْضِع غَيْر الْمَوْضِع الَّذِي كَانُوا يَنْتَفِعُونَ بِهِ , وَأَبْدَلَهُمُ اللَّه مَكَان جَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُل خَمْط , وَذَلِكَ حِين عَصَوْا , وَبَطِرُوا الْمَعِيشَةَ . وَالْقَوْل الْأَوَّل أَشْبَه بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ أَنَّهُ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ سَيْل الْعَرِم , وَلَا يَكُون إِرْسَال ذَلِكَ عَلَيْهِمْ إِلَّا بِإِسَالَتِهِ عَلَيْهِمْ , أَوْ عَلَى جَنَّاتهمْ وَأَرْضهمْ , لَا بِصَرْفِهِ عَنْهُمْ . وَقَوْله : { وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُل خَمْط } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجَعَلْنَا لَهُمْ مَكَان بَسَاتِينهمْ مِنَ الْفَوَاكِه وَالثِّمَار , بَسَاتِين مِنْ جَنَى ثَمَر الْأَرَاك , وَالْأَرَاك : هُوَ الْخَمْط . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21998 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : أَبْدَلَهُمُ اللَّه مَكَانَ جَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُل خَمْط , وَالْخَمْط : الْأَرَاك . 21999 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن , يَقُول فِي قَوْله : { ذَوَاتَيْ أُكُل خَمْط } قَالَ : أَرَاهُ قَالَ : الْخَمْط : الْأَرَاك . 22000 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد { أُكُل خَمْط } قَالَ : الْخَمْط : الْأَرَاك . - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { ذَوَاتَيْ أُكُل خَمْط } قَالَ : الْأَرَاك . 22001 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { ذَوَاتَيْ أُكُل خَمْط } وَالْخَمْط : الْأَرَاك , وَأُكُله : بَرِيره . 22002 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُل خَمْط } قَالَ : بَدَّلَهُمُ اللَّه بِجِنَانِ الْفَوَاكِه وَالْأَعْنَاب , إِذْ أَصْبَحَتْ جَنَّاتهمْ خَمْطًا , وَهُوَ الْأَرَاك . 22003 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ } قَالَ : أَذْهَبَ تِلْكَ الْقُرَى وَالْجَنَّتَيْنِ , وَأَبْدَلَهُمْ الَّذِي أَخْبَرَك ذَوَاتَيْ أُكُل خَمْط ; قَالَ : قَالَ خَمْط : الْأَرَاك , قَالَ : جَعَلَ مَكَان الْعِنَب أَرَاكًا , وَالْفَاكِهَة أَثْلًا , وَشَيْء مِنْ سِدْر قَلِيل . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار بِتَنْوِينِ أُكُل غَيْر أَبِي عَمْرو , فَإِنَّهُ يُضِيفهَا إِلَى الْخَمْط , بِمَعْنَى : ذَوَاتَيْ ثَمَرِ خَمْطٍ . وَأَمَّا الَّذِينَ لَمْ يُضِيفُوا ذَلِكَ إِلَى الْخَمْط , وَيُنَوِّنُونَ الْأُكُل , فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا الْخَمْطَ هُوَ الْأُكُل , فَرَدُّوهُ عَلَيْهِ فِي إِعْرَابه , وَبِضَمِّ الْأَلِف وَالْكَاف مِنَ الْأُكُل قَرَأَتْ قُرَّاء الْأَمْصَار , غَيْر نَافِع , فَإِنَّهُ كَانَ يُخَفِّف مِنْهَا . وَالصَّوَاب مِنَ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدِي قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ : { ذَوَاتَيْ أُكُل } بِضَمِّ الْأَلِف وَالْكَاف لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهِ , وَبِتَنْوِينِ أُكُل لِاسْتِفَاضَةِ الْقِرَاءَة بِذَلِكَ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , مِنْ غَيْر أَنْ أَرَى خَطَأَ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ بِإِضَافَتِهِ إِلَى الْخَمْط ; وَذَلِكَ فِي إِضَافَته وَتَرْك إِضَافَته , نَظِير قَوْل الْعَرَب : فِي بُسْتَان فُلَان أَعْنَابٌ كَرْمٌ وَأَعْنَابُ كَرْمٍ , فَتُضِيف أَحْيَانًا الْأَعْنَاب إِلَى الْكَرْم ; لِأَنَّهَا مِنْهُ , وَتُنَوِّن أَحْيَانًا , ثُمَّ تُتَرْجِم بِالْكَرْمِ عَنْهَا , إِذْ كَانَتْ الْأَعْنَاب ثَمَر الْكَرْم , وَأَمَّا الْأَثْل فَإِنَّهُ يُقَال لَهُ الطُّرَفَاء ; وَقِيلَ : شَجَر شَبِيه بِالطُّرَفَاءِ , غَيْر أَنَّهُ أَعْظَم مِنْهَا . وَقِيلَ : إِنَّهَا السَّمَر. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22004 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس { وَأَثْل } , قَالَ : الْأَثْل : الطُّرَفَاء . وَقَوْله : { وَشَيْء مِنْ سِدْر قَلِيل } يَقُول : ذَوَاتَيْ أُكُل خَمْط وَأَثْل وَشَيْء مِنْ سِدْر قَلِيل , وَكَانَ قَتَادَة يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 22005 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثني سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { ذَوَاتَيْ أُكُل خَمْط وَأَثْل وَشَيْء مِنْ سِدْر قَلِيل } قَالَ : بَيْنَمَا شَجَر الْقَوْم خَيْر الشَّجَر , إِذْ صَيَّرَهُ اللَّه مِنْ شَرّ الشَّجَر بِأَعْمَالِهِمْ .'; $TAFSEER['3']['34']['17'] = 'وَقَوْله : { ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الَّذِي فَعَلْنَا بِهَؤُلَاءِ الْقَوْم مِنْ سَبَأ مِنْ إِرْسَالنَا عَلَيْهِمْ سَيْل الْعَرِم , حَتَّى هَلَكَتْ أَمْوَالهمْ , وَخَرِبَتْ جَنَّاتهمْ , جَزَاء مِنَّا عَلَى كُفْرهمْ بِنَا , وَتَكْذِيبهمْ رُسُلنَا ; " وَذَلِكَ " مِنْ قَوْله : { ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ } فِي مَوْضِع نَصْب بِوُقُوعِ جَزَيْنَاهُمْ عَلَيْهِ ; وَمَعْنَى الْكَلَام : جَزَيْنَاهُمْ ذَلِكَ بِمَا كَفَرُوا . وَقَوْله : { وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ } اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة , وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة : " وَهَلْ يُجَازَى " بِالْيَاءِ وَبِفَتْحِ الزَّاي عَلَى وَجْه مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله " إِلَّا الْكَفُورُ " رَفْعًا , وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : { وَهَلْ نُجَازِي } بِالنُّونِ وَبِكَسْرِ الزَّاي { إِلَّا الْكَفُورَ } بِالنَّصْبِ . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيبٌ . وَمَعْنَى الْكَلَام : كَذَلِكَ كَافَأْنَاهُمْ عَلَى كُفْرهمْ بِاللَّهِ , وَهَلْ يُجَازَى إِلَّا الْكَفُور لِنِعْمَةِ اللَّه ؟. فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَوَمَا يَجْزِي اللَّه أَهْلَ الْإِيمَان بِهِ عَلَى أَعْمَالهمْ الصَّالِحَة , فَيَخُصّ أَهْل : الْكُفْر بِالْجَزَاءِ ؟ فَيُقَال وَهَلْ يُجَازَى إِلَّا الْكَفُورُ ؟ قِيلَ : إِنَّ الْمُجَازَاةَ فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْمُكَافَأَة , وَاللَّه تَعَالَى ذِكْره وَعَدَ أَهْلَ الْإِيمَان بِهِ التَّفَضُّلَ عَلَيْهِمْ , وَأَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ بِالْوَاحِدَةِ مِنْ أَعْمَالهمْ الصَّالِحَة عَشْر أَمْثَالهَا إِلَى مَا لَا نِهَايَة لَهُ مِنْ التَّضْعِيف , وَوَعَدَ الْمُسِيءَ مِنْ عِبَاده أَنْ يَجْعَلَ بِالْوَاحِدَةِ مِنْ سَيِّئَاته , مِثْلَهَا مُكَافَأَةً لَهُ عَلَى جُرْمه , وَالْمُكَافَأَة لِأَهْلِ الْكَبَائِر وَالْكُفْر وَالْجَزَاء لِأَهْلِ الْإِيمَان مَعَ التَّفَضُّل , فَلِذَلِكَ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِع : " وَهَلْ يُجَازَى إِلَّا الْكَفُور " ؟ كَأَنَّهُ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَا يُجَازَى : لَا يُكَافَأ عَلَى عَمَله إِلَّا الْكَفُور , إِذَا كَانَتْ الْمُكَافَأَة مِثْل الْمُكَافَأ عَلَيْهِ , وَاللَّه لَا يَغْفِر لَهُ مِنْ ذُنُوبه شَيْئًا , وَلَا يُمَحِّص شَيْء مِنْهَا فِي الدُّنْيَا . وَأَمَّا الْمُؤْمِن فَإِنَّهُ يَتَفَضَّل عَلَيْهِ عَلَى مَا وَصَفْت . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22006 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَهَلْ نُجَازِي } : نُعَاقِب . حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُور } إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ بِعَبْدِهِ كَرَامَةً تَقَبَّلَ حَسَنَاته , وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدِهِ هَوَانًا أَمْسَكَ عَلَيْهِ ذُنُوبَهُ حَتَّى يُوَافَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَة . قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا بَيْنَمَا هُوَ فِي طَرِيق مِنْ طَرِيق الْمَدِينَة , إِذَا مَرَّتْ بِهِ امْرَأَة , فَأَتْبَعهَا بَصَره , حَتَّى أَتَى عَلَى حَائِط , فَشَجَّ وَجْهَهُ , فَأَتَى نَبِيّ اللَّه وَوَجْهه يَسِيل دَمًا , فَقَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه فَعَلْت كَذَا وَكَذَا , فَقَالَ لَهُ نَبِيّ اللَّه : " إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ كَرَامَة , عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ فِي الدُّنْيَا , وَإِذَا أَرَادَ اللَّه بِعَبْدٍ هَوَانًا أَمْسَكَ عَلَيْهِ ذَنْبَهُ حَتَّى يُوَافَى بِهِ يَوْم الْقِيَامَة , كَأَنَّهُ عَيْر أَبْتَر " .'; $TAFSEER['3']['34']['18'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ نِعْمَته الَّتِي كَانَ أَنْعَمَهَا عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ , وَجَعَلْنَا بَيْنَ بَلَدهمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَهِيَ الشَّام , قُرًى ظَاهِرَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22007 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبَى نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : { الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } قَالَ : الشَّام. 22008 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } يَعْنِي الشَّام . * - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } قَالَ : الشَّام . وَقِيلَ : عُنِيَ بِالْقُرَى الَّتِي بُورِكَ فِيهَا بَيْت الْمَقْدِس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22009 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً } قَالَ : الْأَرْض الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا : هِيَ الْأَرْض الْمُقَدَّسَة . وَقَوْله : { قُرًى ظَاهِرَةً } يَعْنِي : قُرًى مُتَّصِلَةً , وَهِيَ قُرًى عَرَبِيَّةٌ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22010 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَنَ , فِي قَوْله : { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً } قَالَ : قُرًى مُتَوَاصِلَةً , قَالَ : كَانَ أَحَدهمْ يَغْدُو فَيَقِيل فِي قَرْيَة وَيَرُوح , فَيَأْوِي إِلَى قَرْيَة أُخْرَى . قَالَ : وَكَانَتْ الْمَرْأَة تَضَع زِنْبِيلهَا عَلَى رَأْسهَا , ثُمَّ تَمْتَهِن بِمِغْزَلِهَا , فَلَا تَأْتِي بَيْتَهَا حَتَّى يَمْتَلِئَ مِنْ كُلّ الثِّمَار . 22011 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { قُرًى ظَاهِرَةً } : أَيْ مُتَوَاصِلَةً. 22012 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { قُرًى ظَاهِرَةً } يَعْنِي : قُرًى عَرَبِيَّةً , بَيْن الْمَدِينَة وَالشَّام . 22013 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثني أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { قُرًى ظَاهِرَةً } قَالَ : السَّرَوَات . 22014 - حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { قُرًى ظَاهِرَةً } يَعْنِي : قُرًى عَرَبِيَّةً , وَهِيَ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالشَّام . 22015 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً } قَالَ : كَانَ بَيْنَ قَرْيَتهمْ وَبَيْنَ الشَّام قُرًى ظَاهِرَة , قَالَ : إِنْ كَانَتْ الْمَرْأَة لَتَخْرُج مَعَهَا مِغْزَلهَا وَمِكْتَلهَا عَلَى رَأْسهَا , تَرُوح مِنْ قَرْيَة وَتَغْدُوهَا , وَتَبِيت فِي قَرْيَة لَا تَحْمِل زَادًا وَلَا مَاءً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّام . وَقَوْله : { وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجَعَلْنَا بَيْنَ قُرَاهُمْ وَالْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا سَيْرًا مُقَدَّرًا مِنْ مَنْزِلٍ إِلَى مَنْزِلٍ , وَقَرْيَة إِلَى قَرْيَة , لَا يَنْزِلُونَ إِلَّا فِي قَرْيَة , وَلَا يَغْدُونَ إِلَّا مِنْ قَرْيَة . وَقَوْله : { سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ } يَقُول : وَقُلْنَا لَهُمْ سِيرُوا فِي هَذِهِ الْقُرَى مَا بَيْنَ قُرَاكُمْ , وَالْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا , آمِنِينَ لَا تَخَافُونَ جُوعًا وَلَا عَطَشًا , وَلَا مِنْ أَحَد ظُلْمًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22016 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ } : لَا يَخَافُونَ ظُلْمًا وَلَا جُوعًا , وَإِنَّمَا يَغْدُونَ فَيُقِيلُونَ , وَيَرُوحُونَ فَيَبِيتُونَ فِي قَرْيَة أَهْل جَنَّة وَنَهَر , حَتَّى لَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ تَضَع مِكْتَلهَا عَلَى رَأْسهَا , وَتَمْتَهِن بِيَدِهَا , فَيَمْتَلِئُ مِكْتَلهَا مِنْ الثَّمَر قَبْلَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَهْلهَا مِنْ غَيْر أَنْ تَخْتَرِف شَيْئًا , وَكَانَ الرَّجُل يُسَافِر لَا يَحْمِل مَعَهُ زَادًا وَلَا سِقَاء مِمَّا بُسِطَ لِلْقَوْمِ . 22017 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَأَيَّامًا آمِنِينَ } قَالَ : لَيْسَ فِيهَا خَوْف .'; $TAFSEER['3']['34']['19'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ } اخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { رَبّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارنَا } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة : { رَبّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارنَا } عَلَى وَجْه الدُّعَاء وَالْمَسْأَلَة بِالْأَلِفِ ; وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض أَهْل مَكَّة وَالْبَصْرَة : " بَعِّدْ " بِتَشْدِيدِ الْعَيْن عَلَى الدُّعَاء أَيْضًا . وَذُكِرَ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ : " رَبّنَا بَاعَدَ بَيْن أَسْفَارنَا " عَلَى وَجْه الْخَبَر مِنَ اللَّه أَنَّ اللَّهَ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ , وَحُكِيَ عَنْ آخَر أَنَّهُ قَرَأَهُ : " رَبّنَا بَعَّدَ " عَلَى وَجْه الْخَبَر أَيْضًا غَيْر أَنَّ الرَّبّ مُنَادًى . وَالصَّوَاب مِنَ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا : { رَبّنَا بَاعِدْ } وَ " بَعِّدْ " لِأَنَّهُمَا الْقِرَاءَتَانِ الْمَعْرُوفَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار وَمَا عَدَاهُمَا فَغَيْر مَعْرُوف فِيهِمْ ; عَلَى أَنَّ التَّأْوِيلَ مِنْ أَهْل التَّأْوِيل أَيْضًا يُحَقِّق قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَهُ عَلَى وَجْه الدُّعَاء وَالْمَسْأَلَة , وَذَلِكَ أَيْضًا مِمَّا يَزِيد الْقِرَاءَةَ الْأُخْرَى بُعْدًا مِنْ الصَّوَاب . فَإِذَا كَانَ هُوَ الصَّوَاب مِنَ الْقِرَاءَة , فَتَأْوِيل الْكَلَام : فَقَالُوا : يَا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارنَا , فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّام فَلَوَات وَمَفَاوِز , لِنَرْكَب فِيهَا الرَّوَاحِل , وَنَتَزَوَّد مَعَنَا فِيهَا الْأَزْوَاد ; وَهَذَا مِنْ الدَّلَالَة عَلَى بَطَر الْقَوْم نِعْمَة اللَّه عَلَيْهِمْ وَإِحْسَانه إِلَيْهِمْ , وَجَهْلهمْ بِمِقْدَارِ الْعَافِيَة ; وَلَقَدْ عَجَّلَ لَهُمْ رَبّهمْ الْإِجَابَة , كَمَا عَجَّلَ لِلْقَائِلِينَ : { إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقّ مِنْ عِنْدك فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَة مِنَ السَّمَاء أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيم } 8 32 أَعْطَاهُمْ مَا رَغِبُوا إِلَيْهِ فِيهِ وَطَلَبُوا مِنَ الْمَسْأَلَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22018 - حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن يُونُس , قَالَ : ثنا عَبْثَر , قَالَ : ثنا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك فِي هَذِهِ الْآيَة : { فَقَالُوا رَبّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارنَا } قَالَ : كَانَتْ لَهُمْ قُرًى مُتَّصِلَة بِالْيَمَنِ , كَانَ بَعْضهَا يَنْظُر إِلَى بَعْض , فَبَطِرُوا ذَلِكَ , وَقَالُوا : رَبّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارنَا , قَالَ : فَأَرْسَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ سَيْل الْعَرِم , وَجَعَلَ طَعَامهمْ أَثْلًا وَخَمْطًا وَشَيْئًا مِنْ سِدْر قَلِيل . 22019 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { فَقَالُوا رَبّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ } قَالَ : فَإِنَّهُمْ بَطِرُوا عَيْشَهُمْ , وَقَالُوا : لَوْ كَانَ جَنَى جَنَّاتنَا أَبْعَد مِمَّا هِيَ كَانَ أَجْدَر أَنْ نَشْتَهِيَهُ , فَمَزَّقُوا بَيْنَ الشَّام وَسَبَأ , وَبَدَّلُوا بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُل خَمْط وَأَثْل , وَشَيْء مِنْ سِدْر قَلِيل . 22020 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَقَالُوا رَبّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارنَا } بَطِرَ الْقَوْم نِعْمَةَ اللَّه , وَغَمَطُوا كَرَامَةَ اللَّه , قَالَ اللَّه { وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ } . 22021 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَقَالُوا رَبّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارنَا } حَتَّى نَبِيت فِي الْفَلَوَات وَالصَّحَارِي { فَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ } . وَقَوْله { فَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ } وَكَانَ ظُلْمهمْ إِيَّاهَا عَمَلهمْ بِمَا يُسْخِط اللَّهَ عَلَيْهِمْ مِنْ مَعَاصِيه , مِمَّا يُوجِب لَهُمْ عِقَابَ اللَّهِ { فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ } يَقُول : صَيَّرْنَاهُمْ أَحَادِيثَ لِلنَّاسِ يَضْرِبُونَ بِهِمْ الْمَثَل فِي السَّبْت , فَيُقَال : تَفَرَّقَ الْقَوْم أَيَادِي سَبَا , وَأَيْدِي سَبَا , إِذَا تَفَرَّقُوا وَتَقَطَّعُوا . وَقَوْله { وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلّ مُمَزَّق } يَقُول : وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْبِلَاد كُلّ مُقَطَّع , كَمَا : 22022 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلّ مُمَزَّق } قَالَ قَتَادَة : قَالَ عَامِر الشَّعْبِيّ : أَمَّا غَسَّان فَقَدْ لَحِقُوا بِالشَّامِ , وَأَمَّا الْأَنْصَار فَلَحِقُوا بِيَثْرِب , وَأَمَّا خُزَاعَة فَلَحِقُوا بِتِهَامَة , وَأَمَّا الْأَزْدَ فَلَحِقُوا بِعَمَّان. 22023 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : يَزْعُمُونَ أَنَّ عِمْرَان بْن عَامِر , وَهُوَ عَمّ الْقَوْم كَانَ كَاهِنًا , فَرَأَى فِي كَهَانَته أَنَّ قَوْمه سَيُمَزَّقُونَ وَيَتَبَاعَدُونَ , فَقَالَ لَهُمْ : إِنِّي قَدْ عَلِمْت أَنَّكُمْ سَتُمَزَّقُونَ , فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ ذَا هَمّ بَعِيد , وَجَمَل شَدِيد , وَمَزَاد جَدِيد , فَلْيَلْحَقْ بِكَأْسٍ أَوْ كُرُود , قَالَ : فَكَانَتْ وَادِعَة بْن عَمْرو ; وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ ذَا هَمّ مُدْنٍ , وَأَمْرَد عَنٍ , فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِ شَنّ , فَكَانَتْ عَوْف بْن عَمْرو , وَهُمُ الَّذِينَ يُقَال لَهُمْ بَارِق ; وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُرِيد عَيْشًا آيِنًا , وَحَرَمًا آمِنًا , فَلْيَلْحَقْ بِالْأَرْزَيْنِ , فَكَانَتْ خُزَاعَة ; وَمَنْ كَانَ يُرِيد الرَّاسِيَات فِي الْوَحْل , الْمُطْعِمَات فِي الْمَحْل , فَلْيَلْحَقْ بِيَثْرِب ذَات النَّخْل , فَكَانَتْ الْأَوْس وَالْخَزْرَج فَهُمَا هَذَانِ الْحَيَّانِ مِنْ الْأَنْصَار ; وَمَنْ كَانَ يُرِيد خَمْرًا وَخَمِيرًا , وَذَهَبًا وَحَرِيرًا , وَمُلْكًا وَتَأْمِيرًا فَلْيَلْحَقْ بِكُوثَى وَبُصْرَى , فَكَانَتْ غَسَّان بَنُو جَفْنَة مُلُوك الشَّام وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ بِالْعِرَاقِ . قَالَ ابْن إِسْحَاق : قَدْ سَمِعْت بَعْض أَهْل الْعِلْم يَقُول : إِنَّمَا قَالَتْ هَذِهِ الْمَقَالَة طَرِيفَة امْرَأَة عِمْرَان بْن عَامِر , وَكَانَتْ كَاهِنَة , فَرَأَتْ فِي كِهَانَتهَا ذَلِكَ , وَاللَّه أَعْلَم أَيّ ذَلِكَ كَانَ ; قَالَ : فَلَمَّا تَفَرَّقُوا , نَزَلُوا عَلَى كِهَانَة عِمْرَان بْن عَامِر . وَقَوْله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِكُلِّ صَبَّار شَكُور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي تَمْزِيقَنَاهُمْ كُلّ مُمَزَّق { لَآيَات } يَقُول : لَعِظَة وَعِبْرَة وَدَلَالَة عَلَى وَاجِب حَقّ اللَّه عَلَى عَبْده مِنْ الشُّكْر عَلَى نِعَمه إِذَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ , وَحَقّه مِنْ الصَّبْر عَلَى مِحْنَته إِذَا امْتَحَنَهُ بِبَلَاءٍ لِكُلِّ صَبَّار شَكُور عَلَى نِعَمه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22024 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِكُلِّ صَبَّار شَكُور } كَانَ مُطَرِّف يَقُول : نِعْمَ الْعَبْد الصَّبَّار الشَّكُور , الَّذِي إِذَا أُعْطِيَ شَكَرَ , وَإِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ .'; $TAFSEER['3']['34']['20'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيس ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيس ظَنَّهُ } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : { وَلَقَدْ صَدَّقَ } بِتَشْدِيدِ الدَّال مِنْ صَدَّقَ , بِمَعْنَى أَنَّهُ قَالَ ظَنًّا مِنْهُ : { وَلَا تَجِد أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } 7 17 وَقَالَ : { فَبِعِزَّتِك لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَك مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } 38 82 : 83 ثُمَّ صَدَّقَ ظَنَّهُ ذَلِكَ فِيهِمْ , فَحَقَّقَ ذَلِكَ بِهِمْ , وَبِاتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُ , وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالشَّام وَالْبَصْرَة " وَلَقَدْ صَدَقَ " بِتَخْفِيفِ الدَّال , بِمَعْنَى : وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ ظَنَّهُ . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى ; وَذَلِكَ أَنَّ إِبْلِيسَ قَدْ صَدَّقَ عَلَى كَفَرَة بَنِي آدَمَ فِي ظَنّه , وَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ ظَنَّهُ الَّذِي ظَنَّ حِينَ قَالَ : { ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْن أَيْدِيهمْ وَمِنْ خَلْفهمْ وَعَنْ أَيْمَانهمْ وَعَنْ شَمَائِلهمْ وَلَا تَجِد أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } 8 17 , وَحِين قَالَ : { وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنهمْ } 4 119 ... الْآيَة , قَالَ ذَلِكَ عَدُوّ اللَّه , ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يَفْعَل ذَلِكَ لَا عِلْمًا , فَصَارَ ذَلِكَ حَقًّا بِاتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُ , فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيبٌ , فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَتَأْوِيل الْكَلَام عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ بِتَشْدِيدِ الدَّال : وَلَقَدْ ظَنَّ إِبْلِيس بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُل خَمْط , عُقُوبَة مِنَّا لَهُمْ , ظَنًّا غَيْر يَقِين , عَلِمَ أَنَّهُمْ يَتَّبِعُونَهُ وَيُطِيعُونَهُ فِي مَعْصِيَة اللَّه , فَصَدَّقَ ظَنَّهُ عَلَيْهِمْ , بِإِغْوَائِهِ إِيَّاهُمْ , حَتَّى أَطَاعُوهُ , وَعَصَوْا رَبَّهُمْ , إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ , فَإِنَّهُمْ ثَبَتُوا عَلَى طَاعَة اللَّه وَمَعْصِيَة إِبْلِيس . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22025 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن مَالِك , عَنْ أَبِي الْجَوْزَاء , عَنِ ابْن عَبَّاس أَنَّهُ قَرَأَ : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيس ظَنَّهُ } مُشَدَّدَة , وَقَالَ : ظَنَّ ظَنًّا , فَصَدَّقَ ظَنَّهُ . 22026 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيس ظَنَّهُ } قَالَ : ظَنَّ ظَنًّا فَاتَّبَعُوا ظَنّه . 22027 - قَالَ : ثنا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيس ظَنَّهُ } قَالَ اللَّه : مَا كَانَ إِلَّا ظَنًّا ظَنَّهُ , وَاللَّه لَا يُصَدِّق كَاذِبًا , وَلَا يُكَذِّب صَادِقًا . 22028 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيس ظَنَّهُ } قَالَ : أَرَأَيْت هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَرَّمْتهمْ عَلَيَّ , وَفَضَّلْتهمْ وَشَرَّفْتهمْ , لَا تَجِد أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ , وَكَانَ ذَلِكَ ظَنًّا مِنْهُ بِغَيْرِ عِلْم , فَقَالَ اللَّه : { فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } .'; $TAFSEER['3']['34']['21'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَان إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِن بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا كَانَ لِإِبْلِيسَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ مِنْ حُجَّة يُضِلّهُمْ بِهَا , إِلَّا بِتَسْلِيطَنَاهُ عَلَيْهِمْ , لِيَعْلَم حِزْبنَا وَأَوْلِيَاؤُنَا { مَنْ يُؤْمِن بِالْآخِرَةِ } يَقُول : مَنْ يُصَدِّق بِالْبَعْثِ وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب { مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكّ } فَلَا يُوقِن بِالْمُعَادِ , وَلَا يُصَدِّق بِثَوَابٍ وَلَا عِقَاب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22029 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَان } قَالَ : قَالَ الْحَسَن : وَاللَّه مَا ضَرَبَهُمْ بِعَصًا وَلَا سَيْف وَلَا سَوْط , إِلَّا أَمَانِيّ وَغُرُورًا دَعَاهُمْ إِلَيْهَا . 22030 - قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { إِلَّا لِنَعْلَم مَنْ يُؤْمِن بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكّ } قَالَ : وَإِنَّمَا كَانَ بَلَاء لِيَعْلَم اللَّه الْكَافِرَ مِنَ الْمُؤْمِن . وَقِيلَ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا لِنَعْلَم مَنْ يُؤْمِن بِالْآخِرَةِ } إِلَّا لِنَعْلَم ذَلِكَ مَوْجُودًا ظَاهِرًا لِيَسْتَحِقّ بِهِ الثَّوَابَ أَوْ الْعِقَابَ . وَقَوْله : { وَرَبّك عَلَى كُلّ شَيْء حَفِيظ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَرَبّك يَا مُحَمَّد عَلَى أَعْمَال هَؤُلَاءِ الْكَفَرَة بِهِ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاء كُلّهَا { حَفِيظ } لَا يَعْزُب عَنْهُ عِلْم شَيْء مِنْهُ , وَهُوَ مُجَاز جَمِيعَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة , بِمَا كَسَبُوا فِي الدُّنْيَا مِنْ خَيْر وَشَرّ .'; $TAFSEER['3']['34']['22'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُون اللَّه لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّة فِي السَّمَاوَات وَلَا فِي الْأَرْض وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَهَذَا فِعْلنَا بِوَلِيِّنَا وَمَنْ أَطَاعَنَا , دَاوُدَ وَسُلَيْمَان الَّذِي فَعَلْنَا بِهِمَا مِنْ إِنْعَامنَا عَلَيْهِمَا النِّعَم الَّتِي لَا كِفَاء لَهَا إِذْ شَكَرَانَا , وَذَاكَ فِعْلنَا بِسَبَإٍ الَّذِينَ فَعَلْنَا بِهِمْ , إِذْ بَطِرُوا نِعْمَتَنَا , وَكَذَّبُوا رُسُلَنَا , وَكَفَرُوا أَيَادِيَنَا , فَقُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِرَبِّهِمْ مِنْ قَوْمك , الْجَاحِدِينَ نِعَمَنَا عِنْدَهُمْ : ادْعُوا أَيّهَا الْقَوْم الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ لِلَّهِ شَرِيك مِنْ دُونه , فَسَلُوهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِكُمْ بَعْض أَفْعَالنَا , بِالَّذِينَ وَصَفْنَا أَمْرهمْ مِنْ إِنْعَام أَوْ إِيَاس , فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى ذَلِكَ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُبْطِلُونَ ; لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الرُّبُوبِيَّة لَا تَصْلُح وَلَا تَجُوز , ثُمَّ وَصَفَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه , فَقَالَ : إِنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّة فِي السَّمَوَات وَلَا فِي الْأَرْض مِنْ خَيْر وَلَا شَرّ وَلَا ضُرّ وَلَا نَفْع , فَكَيْفَ يَكُونَ إِلَهًا مَنْ كَانَ كَذَلِكَ . وَقَوْله : { وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا هُمْ إِذْ لَمْ يَكُونُوا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّة فِي السَّمَوَات وَلَا فِي الْأَرْض , مُنْفَرِدِينَ بِمُلْكِهِ مِنْ دُون اللَّه , يَمْلِكُونَهُ عَلَى وَجْه الشَّرِكَة ; لِأَنَّ الْأَمْلَاكَ فِي الْمَمْلُوكَات , لَا تَكُون لِمَالِكِهَا إِلَّا عَلَى أَحَد وَجْهَيْنِ : إِمَّا مَقْسُومًا , وَإِمَّا مُشَاعًا ; يَقُول : وَآلِهَتهمْ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه , لَا يَمْلِكُونَ وَزْن ذَرَّة فِي السَّمَوَات وَلَا فِي الْأَرْض , لَا مُشَاعًا وَلَا مَقْسُومًا , فَكَيْفَ يَكُون مَنْ كَانَ هَكَذَا شَرِيكًا لِمَنْ لَهُ مُلْك جَمِيع ذَلِكَ . وَقَوْله : { وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِير } يَقُول : وَمَا لِلَّهِ مِنْ الْآلِهَة الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونه مُعِين عَلَى خَلْق شَيْء مِنْ ذَلِكَ , وَلَا عَلَى حِفْظه , إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مُلْك شَيْء مِنْهُ مُشَاعًا وَلَا مَقْسُومًا , فَيُقَال : هُوَ لَك شَرِيك مِنْ أَجْل أَنَّهُ أَعَانَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُلْك شَيْء مِنْهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22031 حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُون اللَّه لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّة فِي السَّمَاوَات وَلَا فِي الْأَرْض وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْك } يَقُول : مَا لِلَّهِ مِنْ شَرِيك فِي السَّمَاء وَلَا فِي الْأَرْض { وَمَا لَهُ مِنْهُمْ } مِنَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه { مِنْ ظَهِير } مِنْ عَوْن بِشَيْءٍ .'; $TAFSEER['3']['34']['23'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَنْفَع الشَّفَاعَة عِنْده إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا تَنْفَع شَفَاعَة شَافِع كَائِنًا مَنْ كَانَ الشَّافِع لِمَنْ شَفَعَ لَهُ , إِلَّا أَنْ يَشْفَعَ لِمَنْ أَذِنَ اللَّه فِي الشَّفَاعَة . يَقُول تَعَالَى : فَإِذَا كَانَتْ الشَّفَاعَات لَا تَنْفَع عِنْدَ اللَّه أَحَدًا إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ اللَّه فِي الشَّفَاعَة لَهُ , وَاللَّه لَا يَأْذَن لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِهِ فِي الشَّفَاعَة لِأَحَدٍ مِنَ الْكَفَرَة بِهِ , وَأَنْتُمْ أَهْل كُفْر بِهِ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ , فَكَيْفَ تَعْبُدُونَ مَنْ تَعْبُدُونَهُ مِنْ دُون اللَّه زَعْمًا مِنْكُمْ أَنَّكُمْ تَعْبُدُونَهُ , لِيُقَرِّبكُمْ إِلَى اللَّه زُلْفَى , وَلِيَشْفَع لَكُمْ عِنْدَ رَبّكُمْ ; " فَمَنْ " إِذْ كَانَ هَذَا مَعْنَى الْكَلَام الَّتِي فِي قَوْله { إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } : الْمَشْفُوع لَهُ . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { أَذِنَ لَهُ } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة الْقُرَّاء بِضَمِّ الْأَلِف مِنْ " أَذِنَ لَهُ " عَلَى وَجْه مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله , وَقَرَأَهُ بَعْض الْكُوفِيِّينَ : { أَذِنَ لَهُ } عَلَى اخْتِلَاف أَيْضًا عَنْهُ فِيهِ , بِمَعْنَى أَذِنَ اللَّه لَهُ . وَقَوْله : { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ } يَقُول : حَتَّى إِذَا جُلِيَ عَنْ قُلُوبهمْ , وَكُشِفَ عَنْهَا الْفَزَع وَذَهَبَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22032 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ } يَعْنِي : جُلِيَ . 22033 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ } قَالَ : كَشَفَ عَنْهَا الْغِطَاء يَوْمَ الْقِيَامَة . 22034 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : إِذَا جُلِيَ عَنْ قُلُوبهمْ. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَوْصُوفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَة مَنْ هُمْ ؟ وَمَا السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : الَّذِي فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ الْمَلَائِكَة , قَالُوا : وَإِنَّمَا يُفَزَّع عَنْ قُلُوبهمْ مِنْ غَشْيَة تُصِيبهُمْ عِنْدَ سَمَاعهمْ اللَّه بِالْوَحْيِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22035 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ دَاوُدَ , عَنِ الشَّعْبِيّ , قَالَ : قَالَ ابْن مَسْعُود فِي هَذِهِ الْآيَة : { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ } قَالَ : إِذَا حَدَثَ أَمْر عِنْدَ ذِي الْعَرْش سَمِعَ مَنْ دُونَهُ مِنَ الْمَلَائِكَة صَوْتًا كَجَرِّ السِّلْسِلَة عَلَى الصَّفَا , فَيُغْشَى عَلَيْهِمْ , فَإِذَا ذَهَبَ الْفَزَع عَنْ قُلُوبهمْ تَنَادَوْا : { مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ } قَالَ : فَيَقُول مَنْ شَاءَ , قَالَ : الْحَقّ , وَهُوَ الْعَلِيّ الْكَبِير . 22036 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت دَاوُدَ , عَنْ عَامِر , عَنْ مَسْرُوق ; قَالَ : إِذَا حَدَثَ عِنْد ذِي الْعَرْش أَمْر سَمِعَتْ الْمَلَائِكَة صَوْتًا , كَجَرِّ السِّلْسِلَة عَلَى الصَّفَا , قَالَ : فَيُغْشَى عَلَيْهِمْ , فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ , قَالُوا : مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ ؟ قَالَ : فَيَقُول مَنْ شَاءَ اللَّه : الْحَقّ , وَهُوَ الْعَلِيّ الْكَبِير . * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُدُ , عَنْ عَامِر , عَنِ ابْن مَسْعُود , أَنَّهُ قَالَ : إِذَا حَدَثَ أَمْر عِنْدَ ذِي الْعَرْش , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْو مَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : فَيُغْشَى عَلَيْهِمْ مِنَ الْفَزَع , حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ذَلِكَ عَنْهُمْ تَنَادَوْا : مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ } قَالَ : إِنَّ الْوَحْيَ إِذَا أُلْقِيَ سَمِعَ أَهْل السَّمَوَات صَلْصَلَة كَصَلْصَلَةِ السِّلْسِلَة عَلَى الصَّفْوَان , قَالَ : فَيَتَنَادَوْنَ فِي السَّمَوَات . مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ قَالَ : فَيَتَنَادَوْنَ : الْحَقّ , وَهُوَ الْعَلِيّ الْكَبِير . * - وَبِهِ عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه , مِثْله . 22037 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد , قَالَ : يَنْزِل الْأَمْر مِنْ عِنْد رَبّ الْعِزَّة إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا , فَيَفْزَع أَهْل السَّمَاء الدُّنْيَا , حَتَّى يَسْتَبِين لَهُمُ الْأَمْر الَّذِي نَزَلَ فِيهِ , فَيَقُول بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : قَالَ الْحَقّ , وَهُوَ الْعَلِيّ الْكَبِير , فَذَلِكَ قَوْله : { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ } الْآيَة . 22038 -حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْدَة الضَّبِّيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : ثنا أَبُو هُرَيْرَة , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ إِذَا قَضَى أَمْرًا فِي السَّمَاء ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَة بِأَجْنِحَتِهَا جَمِيعًا , وَلِقَوْلِهِ صَوْت كَصَوْتِ السِّلْسِلَة عَلَى الصَّفَا الصَّفْوَان , فَذَلِكَ قَوْله " : { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيّ الْكَبِير } " . 22039 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , قَالَ : قَالَ الْحَارِث بْن هِشَام لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ يَأْتِيك الْوَحْي ؟ قَالَ : " يَأْتِينِي فِي صَلْصَلَة كَصَلْصَلَةِ الْجَرَس فَيَفْصِم عَنِّي حِينَ يَفْصِم وَقَدْ وَعَيْته , وَيَأْتِي أَحْيَانًا فِي مِثْل صُورَة الرَّجُل , فَيُكَلِّمُنِي بِهِ كَلَامًا , وَهُوَ أَهْوَن عَلَيَّ " . 22040 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن أَبَانَ الْمِصْرِيّ , قَالَ : ثنا نَعِيم , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد بْن جَابِر , عَنِ ابْن أَبِي زَكَرِيَّا , عَنْ جَابِر بْن حَيْوَةَ , عَنْ النَّوَّاس بْن سَمْعَان , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُوحِيَ بِالْأَمْرِ تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ , أَخَذَتْ السَّمَوَات مِنْهُ رَجْفَة أَوْ قَالَ رِعْدَة شَدِيدَة خَوْفَ أَمْر اللَّه , فَإِذَا سَمِعَ بِذَلِكَ أَهْل السَّمَوَات صَعِقُوا وَخَرُّوا لِلَّهِ سُجَّدًا , فَيَكُون أَوَّل مَنْ يَرْفَع رَأْسَهُ جَبْرَائِيل , فَيُكَلِّمهُ اللَّه مِنْ وَحْيه بِمَا أَرَادَ , ثُمَّ يَمُرّ جَبْرَائِيل عَلَى الْمَلَائِكَة كُلَّمَا مَرَّ بِسَمَاءٍ سَأَلَهُ مَلَائِكَتهَا . مَاذَا قَالَ رَبّنَا يَا جَبْرَائِيل ؟ فَيَقُول جَبْرَائِيل . قَالَ الْحَقّ وَهُوَ الْعَلِيّ الْكَبِير , قَالَ : فَيَقُولُونَ كُلّهمْ مِثْل مَا قَالَ جَبْرَائِيل , فَيَنْتَهِي جَبْرَائِيل بِالْوَحْيِ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّه " . 22041 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ } الْآيَة . قَالَ : كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول : إِنَّ اللَّهَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُوحِيَ إِلَى مُحَمَّد , دَعَا جِبْرِيل , فَلَمَّا تَكَلَّمَ رَبّنَا بِالْوَحْيِ , كَانَ صَوْته كَصَوْتِ الْحَدِيد عَلَى الصَّفَا ; فَلَمَّا سَمِعَ أَهْل السَّمَوَات صَوْت الْحَدِيد خَرُّوا سُجَّدًا ; فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِمْ جَبْرَائِيل بِالرِّسَالَةِ رَفَعُوا رُءُوسهمْ , فَقَالُوا : { مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيّ الْكَبِير } وَهَذَا قَوْل الْمَلَائِكَة . 22042 حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ } إِلَى { وَهُوَ الْعَلِيّ الْكَبِير } قَالَ : لَمَّا أَوْحَى اللَّه تَعَالَى ذِكْره إِلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا الرَّسُول مِنَ الْمَلَائِكَة , فَبَعَثَ بِالْوَحْيِ , سَمِعَتْ الْمَلَائِكَة صَوْتَ الْجَبَّار يَتَكَلَّم بِالْوَحْيِ ; فَلَمَّا كَشَفَ عَنْ قُلُوبهمْ سَأَلُوا عَمَّا قَالَ اللَّه , فَقَالُوا : الْحَقّ , وَعَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَقُول إِلَّا حَقًّا , وَأَنَّهُ مُنْجِز مَا وَعَدَ . قَالَ ابْن عَبَّاس : وَصَوْت الْوَحْي كَصَوْتِ الْحَدِيد عَلَى الصَّفَا ; فَلَمَّا سَمِعُوهُ خَرُّوا سُجَّدًا ; فَلَمَّا رَفَعُوا رُءُوسهمْ { قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيّ الْكَبِير } ثُمَّ أَمَرَ اللَّه نَبِيَّهُ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ { قُلْ مَنْ يَرْزُقكُمْ مِنَ السَّمَوَات } إِلَى قَوْله : { فِي ضَلَال مُبِين } . 22043 حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا قُرَّة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْقَاسِم , فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ } الْآيَة , قَالَ : الْوَحْي يَنْزِل مِنَ السَّمَاء , فَإِذَا قَضَاهُ { قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ قَالُوا الْحَقّ وَهُوَ الْعَلِيّ الْكَبِير } . 22044 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ } قَالَ : إِنَّ الْوَحْيَ إِذَا قَضَى فِي زَوَايَا السَّمَاء , قَالَ : مِثْل وَقْع الْفُولَاذ عَلَى الصَّخْرَة , قَالَ : فَيُشْفِقُونَ , لَا يَدْرُونَ مَا حَدَثَ , فَيَفْزَعُونَ , فَإِذَا مَرَّتْ بِهِمْ الرُّسُل { قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيّ الْكَبِير } . وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ قَالَ : الْمَوْصُوفُونَ بِذَلِكَ الْمَلَائِكَة : إِنَّمَا يُفَزَّع عَنْ قُلُوبهمْ فَزَعهمْ مِنْ قَضَاء اللَّه الَّذِي يَقْضِيه حَذَرًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قِيَام السَّاعَة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22045 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ } الْآيَة , قَالَ : يُوحِي اللَّه إِلَى جَبْرَائِيل , فَتُفَرَّق الْمَلَائِكَة , أَوْ تُفَزَّع مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ شَيْء مِنْ أَمْر السَّاعَة , فَإِذَا جُلِيَ عَنْ قُلُوبهمْ , وَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ أَمْر السَّاعَة { قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيّ الْكَبِير } وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ مِنْ فِعْل مَلَائِكَة السَّمَوَات إِذَا مَرَّتْ بِهَا الْمُعَقِّبَات فَزَعًا أَنْ يَكُونَ حَدَثَ أَمْر السَّاعَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22046 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ } الْآيَة , زَعَمَ ابْن مَسْعُود أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الْمُعَقِّبَات الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ إِلَى الْأَرْض يَكْتُبُونَ أَعْمَالَهُمْ , إِذَا أَرْسَلَهُمْ الرَّبّ فَانْحَدَرُوا سُمِعَ لَهُمْ صَوْت شَدِيد , فَيَحْسَب الَّذِينَ هُمْ أَسْفَل مِنْهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَة أَنَّهُ مِنْ أَمْر السَّاعَة , فَخَرُّوا سُجَّدًا , وَهَكَذَا كُلَّمَا مَرُّوا عَلَيْهِمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ مِنْ خَوْف رَبّهمْ. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْمَوْصُوفُونَ بِذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ , قَالُوا : وَإِنَّمَا يُفَزِّع الشَّيْطَان عَنْ قُلُوبهمْ ; قَالَ : وَإِنَّمَا يَقُولُونَ : مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ عِنْد نُزُول الْمَنِيَّة بِهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22047 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ } قَالَ : فَزَّعَ الشَّيْطَان عَنْ قُلُوبهمْ وَفَارَقَهُمْ وَأَمَانِيّهمْ , وَمَا كَانَ يُضِلّهُمْ { قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيّ الْكَبِير } قَالَ : وَهَذَا فِي بَنِي آدَمَ , وَهَذَا عِنْدَ الْمَوْت أَقَرُّوا بِهِ حِينَ لَمْ يَنْفَعهُمْ الْإِقْرَار . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , الْقَوْل الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّعْبِيّ , عَنِ ابْن مَسْعُود لِصِحَّةِ الْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْن عَبَّاس , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَأْيِيدِهِ , وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْنَى الْكَلَام : لَا تَنْفَع الشَّفَاعَة عِنْدَهُ , إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ عِنْدَهُ , فَإِذَا أَذِنَ اللَّه لِمَنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَشْفَع فَزِعَ لِسَمَاعِهِ إِذْنَهُ , حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ , فَجُلِيَ عَنْهَا , وَكُشِفَ الْفَزَع عَنْهُمْ , قَالُوا : مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ ؟ قَالَتْ الْمَلَائِكَة : الْحَقَّ , { وَهُوَ الْعَلِيّ } عَلَى كُلّ شَيْء { الْكَبِير } الَّذِي لَا شَيْءَ دُونَهُ . وَالْعَرَب تَسْتَعْمِل فَزِعَ فِي مَعْنَيَيْنِ , فَتَقُول لِلشُّجَاعِ الَّذِي بِهِ تَنْزِل الْأُمُور الَّتِي يُفَزَّع مِنْهَا : وَهُوَ مُفَزَّع ; وَتَقُول لِلْجَبَانِ الَّذِي يَفْزَع مِنْ كُلّ شَيْء : إِنَّهُ لَمُفَزَّع , وَكَذَلِكَ تَقُول لِلرَّجُلِ الَّذِي يَقْضِي لَهُ النَّاس فِي الْأُمُور بِالْغَلَبَةِ عَلَى مَنْ نَازَلَهُ فِيهَا : هُوَ مُغَلِّب ; وَإِذَا أُرِيد بِهِ هَذَا الْمَعْنَى كَانَ غَالِبًا ; وَتَقُول لِلرَّجُلِ أَيْضًا الَّذِي هُوَ مَغْلُوب أَبَدًا : مُغَلَّب . وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار أَجْمَعُونَ : { فُزِّعَ } بِالزَّايِ وَالْعَيْن عَلَى التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْن مَسْعُود وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ , وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ : " حَتَّى إِذَا فُرِغَ عَنْ قُلُوبهمْ " بِالرَّاءِ وَالْغَيْن عَلَى التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْن زَيْد , وَقَدْ يَحْتَمِل تَوْجِيه مَعْنَى قِرَاءَة الْحَسَن ذَلِكَ كَذَلِكَ , إِلَى " حَتَّى إِذَا فُرِغَ عَنْ قُلُوبهمْ " فَصَارَتْ فَارِغَة مِنَ الْفَزَع الَّذِي كَانَ حَلَّ بِهَا. ذُكِرَ عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ : " فَزِعَ " بِمَعْنَى : كَشَفَ اللَّه الْفَزَعَ عَنْهَا . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ الْقِرَاءَة بِالزَّايِ وَالْعَيْن ; لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء وَأَهْل التَّأْوِيل عَلَيْهَا , وَلِصِحَّةِ الْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَأْيِيدِهَا , وَالدَّلَالَة عَلَى صِحَّتهَا .'; $TAFSEER['3']['34']['24'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ مَنْ يَرْزُقكُمْ مِنَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض قُلِ اللَّه وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَال مُبِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِرَبِّهِمْ الْأَوْثَانَ وَالْأَصْنَامَ : مَنْ يَرْزُقكُمْ مِنَ السَّمَوَات وَالْأَرْض بِإِنْزَالِهِ الْغَيْثَ عَلَيْكُمْ مِنْهَا حَيَاةً لِحُرُوثِكُمْ , وَصَلَاحًا لِمَعَايِشِكُمْ , وَتَسْخِيره الشَّمْس وَالْقَمَر وَالنُّجُوم لِمَنَافِعِكُمْ , وَمَنَافِع أَقْوَاتكُمْ , وَالْأَرْض بِإِخْرَاجِهِ مِنْهَا أَقْوَاتكُمْ وَأَقْوَات أَنْعَامكُمْ ؟ وَتَرَكَ الْخَبَرَ عَنْ جَوَاب الْقَوْم اسْتِغْنَاء بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ , ثُمَّ ذَكَرَهُ , وَهُوَ : فَإِنْ قَالُوا : لَا نَدْرِي , فَقُلْ : الَّذِي يَرْزُقكُمْ ذَلِكَ اللَّه , { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ } أَيّهَا الْقَوْم { لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَال مُبِين } يَقُول : قُلْ لَهُمْ : إِنَّا لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَال , أَوْ إِنَّكُمْ عَلَى ضَلَال أَوْ هُدًى . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22048 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { قُلْ مَنْ يَرْزُقكُمْ مِنَ السَّمَوَات وَالْأَرْض قُلِ اللَّه وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَال مُبِين } قَالَ : قَدْ قَالَ ذَلِكَ أَصْحَاب مُحَمَّد لِلْمُشْرِكِينَ , وَاللَّه مَا أَنَا وَأَنْتُمْ عَلَى أَمْر وَاحِد , إِنَّ أَحَد الْفَرِيقَيْنِ لَمُهْتَدٍ , وَقَدْ قَالَ قَوْم : مَعْنَى ذَلِكَ : وَإِنَّا لَعَلَى هُدًى , وَإِنَّكُمْ لَفِي ضَلَال مُبِين . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22049 - حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الشَّهِيدِيّ , قَالَ : ثنا عَتَّاب بْن بَشِير , عَنْ خُصَيْف عَنْ عِكْرِمَة وَزِيَاد , فِي قَوْله : { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَال مُبِين } قَالَ : إِنَّا لَعَلَى هُدًى ; وَإِنَّكُمْ لَفِي ضَلَال مُبِين . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه دُخُول " أَوْ " فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : لَيْسَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ شَكّ , وَلَكِنَّ هَذَا فِي كَلَام الْعَرَب عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمُهْتَدِي , قَالَ : وَقَدْ يَقُول الرَّجُل لِعَبْدِهِ : أَحَدنَا ضَارِب صَاحِبَهُ , وَلَا يَكُون فِيهِ إِشْكَال عَلَى السَّامِع أَنَّ الْمَوْلَى هُوَ الضَّارِب . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّا لَعَلَى هُدًى , وَإِنَّكُمْ إِيَّاكُمْ فِي ضَلَال مُبِين ; لِأَنَّ الْعَرَبَ تَضَع " أَوْ " فِي مَوْضِع وَاو الْمُوَالَاة , قَالَ جَرِير : أَثَعْلَبَة الْفَوَارِس أَوْ رِيَاحَا عَدَلْت بِهِمْ طُهَيَّةَ وَالْخِشَابَا قَالَ : يَعْنِي ثَعْلَبَة وَرِيَاحًا , قَالَ : وَقَدْ تَكَلَّمَ بِهَذَا مَنْ لَا يُشَكّ فِي دِينه , وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ عَلَى هُدًى , وَأُولَئِكَ فِي ضَلَال , فَيُقَال : هَذَا وَإِنْ كَانَ كَلَامًا وَاحِدًا عَلَى جِهَة الِاسْتِهْزَاء , فَقَالَ : هَذَا لَهُمْ , وَقَالَ : فَإِنْ يَكُنْ حُبّهمْ رُشْدًا أُصِبْهُ وَلَسْت بِمُخْطِئٍ إِنْ كَانَ غَيَّا وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : مَعْنَى " أَوْ " وَمَعْنَى الْوَاو فِي هَذَا الْمَوْضِع فِي الْمَعْنَى , غَيْرَ أَنَّ الْقَرِينَة عَلَى غَيْر ذَلِكَ لَا تَكُون " أَوْ " بِمَنْزِلَةِ الْوَاو , وَلَكِنَّهَا تَكُون فِي الْأَمْر الْمُفَوَّض , كَمَا تَقُول : إِنْ شِئْت فَخُذْ دِرْهَمًا أَوْ اثْنَيْنِ , فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ اثْنَيْنِ أَوْ وَاحِدًا , وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ثَلَاثَةً . قَالَ : وَهُوَ فِي قَوْل مَنْ لَا يُبْصِر الْعَرَبِيَّةَ , وَيَجْعَل " أَوْ " بِمَنْزِلَةِ الْوَاو , وَيَجُوز لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ثَلَاثَةً ; لِأَنَّهُ فِي قَوْلهمْ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِك : خُذْ دِرْهَمًا أَوْ اثْنَيْنِ ; قَالَ : وَالْمَعْنَى فِي { إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ } إِنَّا لَضَالُّونَ أَوْ مُهْتَدُونَ , وَإِنَّكُمْ أَيْضًا لَضَالُّونَ , وَهُوَ يَعْلَم أَنَّ رَسُولَهُ الْمُهْتَدِي , وَأَنَّ غَيْرَهُ الضَّالّ . قَالَ : وَأَنْتَ تَقُول فِي الْكَلَام لِلرَّجُلِ يَكْذِبك , وَاللَّه إِنَّ أَحَدَنَا لَكَاذِبٌ , وَأَنْتَ تَعْنِيه , وَكَذَّبْته تَكْذِيبًا غَيْرَ مَكْشُوف , وَهُوَ فِي الْقُرْآن وَكَلَام الْعَرَب كَثِير , أَنْ يُوَجِّه الْكَلَام إِلَى أَحْسَن مَذَاهِبه , إِذَا عَرَفَ , كَقَوْلِ الْقَائِل لِمَنْ قَالَ : وَاللَّه لَقَدْ قَدِمَ فُلَان , وَهُوَ كَاذِب , فَيَقُول : قُلْ : إِنْ شَاءَ اللَّه , أَوْ قُلْ : فِيمَا أَظُنّ , فَيُكَذِّبهُ بِأَحْسَن تَصْرِيح التَّكْذِيب . قَالَ : وَمِنْ كَلَام الْعَرَب أَنْ يَقُولُوا : قَاتَلَهُ اللَّه , ثُمَّ يَسْتَقْبِح فَيَقُولُونَ : قَاتَلَهُ اللَّه , وَكَاتَعَهُ اللَّه . قَالَ : وَمِنْ ذَلِكَ : وَيْحك , وَوَيْسك , إِنَّمَا هِيَ فِي مَعْنَى : وَيْلَك , إِلَّا أَنَّهَا دُونَهَا , وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ ذَلِكَ أَمْر مِنَ اللَّه لِنَبِيِّهِ بِتَكْذِيبِ مَنْ أَمَرَهُ بِخِطَابِهِ بِهَذَا الْقَوْل بِأَجْمَل التَّكْذِيب , كَمَا يَقُول الرَّجُل لِصَاحِبٍ لَهُ يُخَاطِبهُ , وَهُوَ يُرِيد تَكْذِيبَهُ فِي خَبَر لَهُ : أَحَدنَا كَاذِب , وَقَائِل ذَلِكَ يَعْنِي صَاحِبه , لَا نَفْسه ; فَلِهَذَا الْمَعْنَى صَيَّرَ الْكَلَامَ بِأَوْ .'; $TAFSEER['3']['34']['25'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَل عَمَّا تَعْمَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ : أَحَد فَرِيقَيْنَا عَلَى هُدًى وَالْآخَر عَلَى ضَلَال , لَا تُسْأَلُونَ أَنْتُمْ عَمَّا أَجْرَمْنَا نَحْنُ مِنْ جُرْم , وَرَكِبْنَا مِنْ إِثْم , وَلَا نُسْأَل نَحْنُ عَمَّا تَعْمَلُونَ أَنْتُمْ مِنْ عَمَل ,'; $TAFSEER['3']['34']['26'] = 'قُلْ لَهُمْ : يَجْمَع بَيْنَنَا رَبّنَا يَوْم الْقِيَامَة عِنْدَهُ , ثُمَّ يَفْتَح بَيْنَنَا بِالْحَقِّ . يَقُول : ثُمَّ يَقْضِي بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ , فَيَتَبَيَّن عِنْدَ ذَلِكَ الْمُهْتَدِي مِنَّا مِنْ الضَّالّ { وَهُوَ الْفَتَّاح الْعَلِيم } يَقُول : وَاللَّه الْقَاضِي الْعَلِيم بِالْقَضَاءِ بَيْن خَلْقه ; لِأَنَّهُ لَا تَخْفَى عَنْهُ خَافِيَة , وَلَا يَحْتَاج إِلَى شُهُود تُعَرِّفهُ الْمُحِقّ مِنَ الْمُبْطِل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22050 حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { قُلْ يَجْمَع بَيْنَنَا رَبّنَا } يَوْم الْقِيَامَةَ { ثُمَّ يَفْتَح بَيْنَنَا } : أَيْ يَقْضِي بَيْنَنَا . 22051 حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَهُوَ الْفَتَّاح الْعَلِيم } يَقُول : الْقَاضِي .'; $TAFSEER['3']['34']['27'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ أَرُونِي الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّه الْعَزِيز الْحَكِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ الْآلِهَة وَالْأَصْنَام : أَرُونِي أَيّهَا الْقَوْم الَّذِينَ أَلْحَقْتُمُوهُمْ بِاللَّهِ فَصَيَّرْتُمُوهُمْ لَهُ شُرَكَاء فِي عِبَادَتكُمْ إِيَّاهُمْ : مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْض , أَمْ لَهُمْ شِرْك فِي السَّمَوَات , { كَلَّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَذَبُوا , لَيْسَ الْأَمْر كَمَا وَصَفُوا , وَلَا كَمَا جَعَلُوا وَقَالُوا مِنْ أَنَّ لِلَّهِ شَرِيكًا , بَلْ هُوَ الْمَعْبُود الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ , وَلَا يَصْلُح أَنْ يَكُون لَهُ شَرِيك فِي مُلْكه , الْعَزِيز فِي انْتِقَامه مِمَّنْ أَشْرَكَ بِهِ مِنْ خَلْقه , الْحَكِيم فِي تَدْبِيره خَلْقه .'; $TAFSEER['3']['34']['28'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاس لَا يَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا أَرْسَلْنَاك يَا مُحَمَّد إِلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ مِنْ قَوْمك خَاصَّة , وَلَكِنَّا أَرْسَلْنَاك كَافَّة لِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ , الْعَرَب مِنْهُمْ وَالْعَجَم , وَالْأَحْمَر وَالْأَسْوَد , بَشِيرًا مَنْ أَطَاعَك , وَنَذِيرًا مَنْ كَذَّبَك , { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاس لَا يَعْلَمُونَ } أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَك كَذَلِكَ إِلَى جَمِيع الْبَشَر . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22052 حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة لِلنَّاسِ } قَالَ : أَرْسَلَ اللَّه مُحَمَّدًا إِلَى الْعَرَب وَالْعَجَم , فَأَكْرَمَهُمْ عَلَى اللَّه أَطْوَعهمْ لَهُ . ذَكَرَ لَنَا نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَنَا سَابِق الْعَرَب , وَصُهَيْب سَابِق الرُّوم , وَبِلَال سَابِق الْحَبَشَة , وَسَلْمَان سَابِق فَارِس " .'; $TAFSEER['3']['34']['29'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْد إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } { قُلْ لَكُمْ مِيعَاد يَوْم لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَة وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَقُول هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ إِذَا سَمِعُوا وَعِيدَ اللَّه الْكُفَّار وَمَا هُوَ فَاعِل بِهِمْ فِي مُعَادهمْ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّه فِي كِتَابه : { مَتَى هَذَا الْوَعْد } جَائِيًا , وَفِي أَيّ وَقْت هُوَ كَائِن { إِنْ كُنْتُمْ } فِيمَا تَعِدُونَنَا مِنْ ذَلِكَ { صَادِقِينَ } أَنَّهُ كَائِن ,'; $TAFSEER['3']['34']['30'] = '{ قُلْ لَكُمْ مِيعَاد يَوْم لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَة وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ } قَالَ اللَّه لِنَبِيِّهِ : { قُلْ } لَهُمْ يَا مُحَمَّد : { لَكُمْ } أَيّهَا الْقَوْم { مِيعَاد يَوْم } هُوَ آتِيكُمْ { لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ } إِذَا جَاءَكُمْ { سَاعَة } فَتَنْظُرُوا لِلتَّوْبَةِ وَالْإِنَابَة { وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ } قَبْلَهُ بِالْعَذَابِ ; لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لَكُمْ ذَلِكَ أَجَلًا .'; $TAFSEER['3']['34']['31'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِن بِهَذَا الْقُرْآن وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا } مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَب : { لَنْ نُؤْمِن بِهَذَا الْقُرْآن } الَّذِي جَاءَنَا بِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بِالْكِتَابِ الَّذِي جَاءَ بِهِ غَيْره مِنْ بَيْن يَدَيْهِ , كَمَا : 22053 حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { لَنْ نُؤْمِن بِهَذَا الْقُرْآن وَلَا بِالَّذِي بَيْن يَدَيْهِ } قَالَ : قَالَ الْمُشْرِكُونَ : لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآن , وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكُتُب وَالْأَنْبِيَاء . وَقَوْله : { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبّهمْ } يَتَلَاوَمُونَ , يُحَاوِر بَعْضهمْ بَعْضًا , يَقُول الْمُسْتَضْعَفُونَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا لِلَّذِينَ كَانُوا عَلَيْهِمْ فِيهَا يَسْتَكْبِرُونَ : لَوْلَا أَنْتُمْ أَيّهَا الرُّؤَسَاء وَالْكُبَرَاء فِي الدُّنْيَا لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ وَآيَاته .'; $TAFSEER['3']['34']['32'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا } فِي الدُّنْيَا , فَرَأَسُوا فِي الضَّلَالَة وَالْكُفْر بِاللَّهِ { لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا } فِيهَا فَكَانُوا أَتْبَاعًا لِأَهْلِ الضَّلَالَة مِنْهُمْ إِذْ قَالُوا لَهُمْ { لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى } وَمَنَعْنَاكُمْ مِنْ اتِّبَاع الْحَقّ { بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ } مِنْ عِنْد اللَّه , يُبَيِّن لَكُمْ { بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ } فَمَنَعَكُمْ إِيثَاركُمْ الْكُفْرَ بِاللَّهِ عَلَى الْإِيمَان مِنْ اتِّبَاع الْهُدَى , وَالْإِيمَان بِاللَّهِ وَرَسُوله .'; $TAFSEER['3']['34']['33'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْر اللَّيْل وَالنَّهَار إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُر بِاللَّهِ وَنَجْعَل لَهُ أَنْدَادًا } وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاق الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا } مِنْ الْكَفَرَة بِاللَّهِ فِي الدُّنْيَا , فَكَانُوا أَتْبَاعًا لِرُؤَسَائِهِمْ فِي الضَّلَالَة { لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا } فِيهَا , فَكَانُوا لَهُمْ رُؤَسَاء { بَلْ مَكْر } كُمْ لَنَا بِ { اللَّيْل وَالنَّهَار } صَدَّنَا عَنِ الْهُدَى { إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُر بِاللَّهِ وَنَجْعَل لَهُ } أَمْثَالًا وَأَشْبَاهًا فِي الْعِبَادَة وَالْأُلُوهَة ; فَأُضِيف إِلَى اللَّيْل وَالنَّهَار , وَالْمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ مَكْر الْمُسْتَكْبِرِينَ بِالْمُسْتَضْعَفِينَ فِي اللَّيْل وَالنَّهَار , عَلَى اتِّسَاع الْعَرَب فِي الَّذِي قَدْ عُرِفَ مَعْنَاهَا فِيهِ مِنْ مَنْطِقهَا , مِنْ نَقْل صِفَة الشَّيْء إِلَى غَيْره , فَتَقُول لِلرَّجُلِ : يَا فُلَان نَهَارُك صَائِم وَلَيْلُك قَائِم , وَكَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَنِمْت وَمَا لَيْل الْمَطِيّ بِنَائِمٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ مَضَى بَيَانًا لَهُ فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع مِنْ كِتَابنَا هَذَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22054 حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { بَلْ مَكْر اللَّيْل وَالنَّهَار إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُر بِاللَّهِ وَنَجْعَل لَهُ أَنْدَادًا } يَقُول : بَلْ مَكْركُمْ بِنَا فِي اللَّيْل وَالنَّهَار أَيُّهَا الْعُظَمَاء الرُّؤَسَاء حَتَّى أَزَلْتُمُونَا عَنْ عِبَادَة اللَّه . وَقَدْ ذَكَرَ فِي تَأْوِيله عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر مَا : 22055 حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر { بَلْ مَكْر اللَّيْل وَالنَّهَار } قَالَ : مَرّ اللَّيْل وَالنَّهَار . وَقَوْله : { إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُر بِاللَّهِ } يَقُول : حِين تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُر بِاللَّهِ. وَقَوْله : { وَنَجْعَل لَهُ أَنْدَادًا } يَقُول : شُرَكَاء , كَمَا : 22056 حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَنَجْعَل لَهُ أَنْدَادًا } شُرَكَاء . قَوْله : { وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ } يَقُول : وَنَدِمُوا عَلَى مَا فَرَّطُوا مِنْ طَاعَة اللَّه فِي الدُّنْيَا حِين عَايَنُوا عَذَاب اللَّه الَّذِي أَعَدَّهُ لَهُمْ , كَمَا : 22057 حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , { وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ } بَيْنَهُمْ { لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ } . قَوْله : { وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاق الَّذِينَ كَفَرُوا } وَغُلَّتْ أَيْدِي الْكَافِرِينَ بِاللَّهِ فِي جَهَنَّم إِلَى أَعْنَاقهمْ فِي جَوَامِع مِنْ نَار جَهَنَّم , جَزَاء بِمَا كَانُوا بِاللَّهِ فِي الدُّنْيَا يَكْفُرُونَ , يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : مَا يَفْعَل اللَّه ذَلِكَ بِهِمْ إِلَّا ثَوَابًا لِأَعْمَالِهِمْ الْخَبِيثَة الَّتِي كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَعْمَلُونَهَا , وَمُكَافَأَةً لَهُمْ عَلَيْهَا .'; $TAFSEER['3']['34']['34'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَة مِنْ نَذِير إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا بَعَثْنَا إِلَى أَهْل قَرْيَة نَذِيرًا يُنْذِرهُمْ بَأْسَنَا أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ عَلَى مَعْصِيَتهمْ إِيَّانَا , إِلَّا قَالَ كُبَرَاؤُهَا وَرُؤَسَاؤُهَا فِي الضَّلَالَة كَمَا قَالَ قَوْم فِرْعَوْن مِنْ الْمُشْرِكِينَ لَهُ : إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ مِنْ النِّذَارَة , وَبُعِثْتُمْ بِهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه , وَالْبَرَاءَة مِنَ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد كَافِرُونَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22058 حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَة مِنْ نَذِير إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } قَالَ : هُمْ رُءُوسهمْ وَقَادَتهمْ فِي الشَّرّ .'; $TAFSEER['3']['34']['35'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَر أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ أَهْل الِاسْتِكْبَار عَلَى اللَّه مِنْ كُلّ قَرْيَة أَرْسَلْنَا فِيهَا نَذِيرًا لِأَنْبِيَائِنَا وَرُسُلنَا : { نَحْنُ أَكْثَر أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا } وَمَا نَحْنُ فِي الْآخِرَة { بِمُعَذَّبِينَ } لِأَنَّ اللَّهَ لَوْ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا مَا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ الْمِلَّة وَالْعَمَل لَمْ يُخَوِّلنَا الْأَمْوَالَ وَالْأَوْلَاد , وَلَمْ يَبْسُط لَنَا فِي الرِّزْق , وَإِنَّمَا أَعْطَانَا مَا أَعْطَانَا مِنْ ذَلِكَ لِرِضَاهُ أَعْمَالَنَا , وَآثَرَنَا بِمَا آثَرَنَا عَلَى غَيْرنَا لِفَضْلِنَا , وَزُلْفَة لَنَا عِنْدَهُ , يَقُول اللَّه لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد : { إِنَّ رَبِّي يَبْسُط الرِّزْق } مِنْ الْمَعَاش وَالرِّيَاش فِي الدُّنْيَا { لِمَنْ يَشَاء } مِنْ خَلْقه { وَيَقْدِر } فَيُضَيِّق عَلَى مَنْ يَشَاء لَا لِمَحَبَّةٍ فِيمَنْ يَبْسُط لَهُ ذَلِكَ وَلَا خَيْر فِيهِ وَلَا زُلْفَة لَهُ , اسْتَحَقَّ بِهَا مِنْهُ , وَلَا لِبُغْضٍ مِنْهُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ , وَلَا مَقْت , وَلَكِنَّهُ يَفْعَل ذَلِكَ مِحْنَة لِعِبَادِهِ وَابْتِلَاء , وَأَكْثَر النَّاس لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَفْعَل ذَلِكَ اخْتِبَارًا لِعِبَادِهِ , وَلَكِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ مَحَبَّة لِمَنْ بَسَطَ لَهُ وَمَقْت لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22059 حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَا أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى } الْآيَة , قَالَ : قَالُوا : نَحْنُ أَكْثَر أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا , فَأَخْبَرَهُمُ اللَّه أَنَّهُ لَيْسَتْ أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى , { إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا } , قَالَ : وَهَذَا قَوْل الْمُشْرِكِينَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه , قَالُوا : لَوْ لَمْ يَكُنْ اللَّه عَنَّا رَاضِيًا لَمْ يُعْطِنَا هَذَا , كَمَا قَالَ قَارُون : لَوْلَا أَنَّ اللَّه رَضِيَ بِي وَبِحَالِي مَا أَعْطَانِي هَذَا , قَالَ : { أَوْ لَمْ يَعْلَم أَنَّ اللَّه قَدْ أَهْلَك مِنْ قَبْله مِنَ الْقُرُون } 28 78 ... إِلَى آخِر الْآيَة .'; $TAFSEER['3']['34']['36'] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ أَهْل الِاسْتِكْبَار عَلَى اللَّه مِنْ كُلّ قَرْيَة أَرْسَلْنَا فِيهَا نَذِيرًا لِأَنْبِيَائِنَا وَرُسُلنَا : { نَحْنُ أَكْثَر أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا } وَمَا نَحْنُ فِي الْآخِرَة { بِمُعَذَّبِينَ } لِأَنَّ اللَّهَ لَوْ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا مَا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ الْمِلَّة وَالْعَمَل لَمْ يُخَوَّلنَا الْأَمْوَالَ وَالْأَوْلَادَ , وَلَمْ يَبْسُط لَنَا فِي الرِّزْق , وَإِنَّمَا أَعْطَانَا مَا أَعْطَانَا مِنْ ذَلِكَ لِرِضَاهُ أَعْمَالَنَا , وَآثَرَنَا بِمَا آثَرَنَا عَلَى غَيْرنَا لِفَضْلِنَا , وَزُلْفَة لَنَا عِنْده , يَقُول اللَّه لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد : { إِنَّ رَبِّي يَبْسُط الرِّزْق } مِنْ الْمَعَاش وَالرِّيَاش فِي الدُّنْيَا { لِمَنْ يَشَاء } مِنْ خَلْقه { وَيَقْدِر } فَيُضَيِّق عَلَى مَنْ يَشَاء لَا لِمَحَبَّةٍ فِيمَنْ يَبْسُط لَهُ ذَلِكَ وَلَا خَيْر فِيهِ وَلَا زُلْفَة لَهُ , اسْتَحَقَّ بِهَا مِنْهُ , وَلَا لِبُغْضٍ مِنْهُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ , وَلَا مَقْت , وَلَكِنَّهُ يَفْعَل ذَلِكَ مِحْنَةً لِعِبَادِهِ وَابْتِلَاءً , وَأَكْثَر النَّاس لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَفْعَل ذَلِكَ اخْتِبَارًا لِعِبَادِهِ , وَلَكِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ مَحَبَّة لِمَنْ بَسَطَ لَهُ وَمَقْت لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22059 حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَا أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى } الْآيَة , قَالَ : قَالُوا : نَحْنُ أَكْثَر أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا , فَأَخْبَرَهُمُ اللَّه أَنَّهُ لَيْسَتْ أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى , { إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا } , قَالَ : وَهَذَا قَوْل الْمُشْرِكِينَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه , قَالُوا : لَوْ لَمْ يَكُنْ اللَّه عَنَّا رَاضِيًا لَمْ يُعْطِنَا هَذَا , كَمَا قَالَ قَارُون : لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ رَضِيَ بِي وَبِحَالِي مَا أَعْطَانِي هَذَا , قَالَ : { أَوَلَمْ يَعْلَم أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَك مِنْ قَبْله مِنَ الْقُرُون } 28 78 ... إِلَى آخِر الْآيَة .'; $TAFSEER['3']['34']['37'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَا أَمْوَالكُمْ الَّتِي تَفْتَخِرُونَ بِهَا أَيّهَا الْقَوْم عَلَى النَّاس , وَلَا أَوْلَادكُمْ الَّذِينَ تَتَكَبَّرُونَ بِهِمْ بِالَّتِي تُقَرِّبكُمْ مِنَّا قُرْبَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22060 حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { عِنْدَنَا زُلْفَى } قَالَ : قُرْبَى . 22061 حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى } لَا يَعْتَبِر النَّاس بِكَثْرَةِ الْمَال وَالْوَلَد , وَإِنَّ الْكَافِرَ قَدْ يُعْطَى الْمَالَ , وَرُبَّمَا حُبِسَ عَنِ الْمُؤْمِن . وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَا أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى } وَلَمْ يَقُلْ بِاللَّتَيْنِ , وَقَدْ ذَكَرَ الْأَمْوَالَ وَالْأَوْلَادَ , وَهُمَا نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ مِنْ كُلّ نَوْع مِنْهُمَا جَمْع يَصْلُح فِيهِ الَّتِي ; وَلَوْ قَالَ قَائِل : أَرَادَ بِذَلِكَ أَحَد النَّوْعَيْنِ لَمْ يَبْعُد قَوْله , وَكَانَ ذَلِكَ كَقَوْلِ الشَّاعِر : نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا , وَأَنْتَ بِمَا عِنْدَك رَاضٍ وَالرَّأْي مُخْتَلِف وَلَمْ يَقُلْ : رَاضِيَانِ. وَقَوْله : { إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ ; فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَا أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى , إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا , فَإِنَّهُ تُقَرِّبهُمْ أَمْوَالهمْ وَأَوْلَادهمْ بِطَاعَتِهِمْ اللَّه فِي ذَلِكَ وَأَدَائِهِمْ فِيهِ حَقّه إِلَى اللَّه زُلْفَى دُونَ أَهْل الْكُفْر بِاللَّهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22062 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا } قَالَ : لَمْ تَضُرّهُمْ أَمْوَالهمْ وَلَا أَوْلَادهمْ فِي الدُّنْيَا لِلْمُؤْمِنِينَ , وَقَرَأَ : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } 10 26 فَالْحُسْنَى : الْجَنَّة , وَالزِّيَادَة : مَا أَعْطَاهُمُ اللَّه فِي الدُّنْيَا لَمْ يُحَاسِبهُمْ بِهِ , كَمَا حَاسَبَ الْآخَرِينَ , فَمَنْ حَمَلَهَا عَلَى هَذَا التَّأْوِيل نَصَبَ بِوُقُوعِ تُقَرِّب عَلَيْهِ , وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ " مَنْ " فِي مَوْضِع رَفْع , فَيَكُون كَأَنَّهُ قِيلَ : وَمَا هُوَ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا . وَقَوْله : { فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْف } يَقُول : فَهَؤُلَاءِ لَهُمْ مِنَ اللَّه عَلَى أَعْمَالهمْ الصَّالِحَة الضِّعْف مِنْ الثَّوَاب , بِالْوَاحِدَةِ عَشْر . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22063 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْف بِمَا عَمِلُوا } قَالَ : بِأَعْمَالِهِمْ الْوَاحِد عَشْر , وَفِي سَبِيل اللَّه بِالْوَاحِدِ سَبْعمِائَة . وَقَوْله : { فِي الْغُرُفَات آمِنُونَ } يَقُول : وَهُمْ فِي غُرُفَات الْجَنَّات آمِنُونَ مِنْ عَذَاب اللَّه .'; $TAFSEER['3']['34']['38'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَاب مُحْضَرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي آيَاتنَا , يَعْنِي : فِي حُجَجنَا وَآي كِتَابنَا , يَبْتَغُونَ إِبْطَالَهُ , وَيُرِيدُونَ إِطْفَاءَ نُوره مُعَاوِنِينَ , يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يَفُوتُونَنَا بِأَنْفُسِهِمْ , وَيُعْجِزُونَنَا { أُولَئِكَ فِي الْعَذَاب مُحْضَرُونَ } يَعْنِي فِي عَذَاب جَهَنَّم مُحْضَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَة'; $TAFSEER['3']['34']['39'] = '{ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُط الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ يَا مُحَمَّد إِنَّ رَبِّي يَبْسُط الرِّزْق لِمَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه , فَيُوَسِّعهُ عَلَيْهِ تَكْرِمَة لَهُ وَغَيْر تَكْرِمَة , وَيَقْدِر عَلَى مَنْ يَشَاء مِنْهُمْ فَيُضَيِّقهُ وَيُقَتِّرهُ إِهَانَةً لَهُ وَغَيْر إِهَانَة , بَلْ مِحْنَة وَاخْتِبَارًا { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْء فَهُوَ يُخْلِفهُ } يَقُول : وَمَا أَنْفَقْتُمْ أَيّهَا النَّاس مِنْ نَفَقَة فِي طَاعَة اللَّه , فَإِنَّ اللَّهَ يُخْلِفُهَا عَلَيْكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22064 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْء فَهُوَ يُخْلِفهُ } قَالَ : مَا كَانَ فِي غَيْر إِسْرَاف وَلَا تَقْتِير. وَقَوْله : { وَهُوَ خَيْر الرَّازِقِينَ } يَقُول : وَهُوَ خَيْر مَنْ قِيلَ إِنَّهُ يَرْزُق وَوُصِفَ بِهِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يُوصَف بِذَلِكَ مَنْ دُونَهُ , فَيُقَال : فُلَان يَرْزُق أَهْلَهُ وَعِيَالَهُ .'; $TAFSEER['3']['34']['40'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْم يَحْشُرهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُول لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَوْم نَحْشُر هَؤُلَاءِ الْكُفَّار بِاللَّهِ جَمِيعًا , ثُمَّ نَقُول لِلْمَلَائِكَةِ : أَهَؤُلَاءِ كَانُوا يَعْبُدُونَكُمْ مِنْ دُوننَا ؟ فَتَتَبَرَّأ مِنْهُمُ الْمَلَائِكَة'; $TAFSEER['3']['34']['41'] = '{ قَالُوا سُبْحَانَك } رَبّنَا , تَنْزِيهًا لَك وَتَبْرِئَةً مِمَّا أَضَافَ إِلَيْك هَؤُلَاءِ مِنْ الشُّرَكَاء وَالْأَنْدَاد { أَنْتَ وَلِيّنَا مِنْ دُونهمْ } لَا نَتَّخِذ وَلِيًّا دُونَك { بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ } وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22065 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَيَوْم نَحْشُرهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُول لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ } اسْتِفْهَام , كَقَوْلِهِ لِعِيسَى : { أَأَنْت قُلْت لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُون اللَّه } 5 116 وَقَوْله : { أَكْثَرهمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ } يَقُول : أَكْثَرهمْ بِالْجِنِّ مُصَدِّقُونَ , يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ بَنَات اللَّه , تَعَالَى اللَّه عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا .'; $TAFSEER['3']['34']['42'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَالْيَوْم لَا يَمْلِك بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُول لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّار الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَالْيَوْم لَا يَمْلِك بَعْضكُمْ أَيّهَا الْمَلَائِكَة لِلَّذِينَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَعْبُدُونَكُمْ نَفْعًا يَنْفَعُونَكُمْ بِهِ وَلَا ضَرًّا يَنَالُونَكُمْ بِهِ , أَوْ تَنَالُونَهُمْ بِهِ { وَنَقُول لِلَّذِينَ ظَلَمُوا } يَقُول : وَنَقُول لِلَّذِينَ عَبَدُوا غَيْرَ اللَّه فَوَضَعُوا الْعِبَادَةَ فِي غَيْر مَوْضِعهَا , وَجَعَلُوهَا لِغَيْرِ مَنْ تَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لَهُ : { ذُوقُوا عَذَابَ النَّار الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا } فِي الدُّنْيَا { تُكَذِّبُونَ } فَقَدْ وَرَدْتُمُوهَا .'; $TAFSEER['3']['34']['43'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتنَا بَيِّنَات } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا تُتْلَى عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ آيَات كِتَابنَا { بَيِّنَات } يَقُول : وَاضِحَات أَنَّهُنَّ حَقّ مِنْ عِنْدنَا { قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُل يُرِيد أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُد آبَاؤُكُمْ } يَقُول : قَالُوا عِنْدَ ذَلِكَ : لَا تَتَّبِعُوا مُحَمَّدًا , فَمَا هُوَ إِلَّا رَجُل يُرِيد أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُد آبَاؤُكُمْ مِنَ الْأَوْثَان , وَيُغَيِّر دِينَكُمْ وَدِينَ آبَائِكُمْ { وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْك مُفْتَرًى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ : مَا هَذَا الَّذِي تَتْلُو عَلَيْنَا يَا مُحَمَّد , يَعْنُونَ الْقُرْآنَ , إِلَّا إِفْك , يَقُول : إِلَّا كَذِبٌ مُفْتَرًى ; يَقُول : مُخْتَلَق . مُتَخَرَّص { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْر مُبِين } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَقَالَ الْكُفَّار لِلْحَقِّ , يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَهُمْ , يَعْنِي : لَمَّا بَعَثَهُ اللَّه نَبِيًّا : هَذَا سِحْر مُبِين ; يَقُول : مَا هَذَا إِلَّا سِحْر مُبِين , يُبَيِّن لِمَنْ رَآهُ وَتَأَمَّلَهُ أَنَّهُ سِحْر.'; $TAFSEER['3']['34']['44'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُب يَدْرُسُونَهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ الْقَائِلِينَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا : هَذَا سِحْر مُبِين بِمَا يَقُولُونَ مِنْ ذَلِكَ كُتُبًا يَدْرُسُونَهَا : يَقُول : يَقْرَءُونَهَا , كَمَا : 22066 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُب يَدْرُسُونَهَا } : أَيْ يَقْرَءُونَهَا . { وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَك مِنْ نَذِير } يَقُول : وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمِك يَا مُحَمَّد فِيمَا يَقُولُونَ وَيَعْمَلُونَ قَبْلَك مِنْ نَبِيّ يُنْذِرهُمْ بَأْسَنَا عَلَيْهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22067 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَك مِنْ نَذِير } مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى الْعَرَب كِتَابًا قَبْلَ الْقُرْآن , وَلَا بَعَثَ إِلَيْهِمْ نَبِيًّا قَبْلَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .'; $TAFSEER['3']['34']['45'] = 'وَقَوْله : { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ } يَقُول : وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ مِنَ الْأُمَم رُسُلنَا وَتَنْزِيلنَا { وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ } يَقُول : وَلَمْ يَبْلُغ قَوْمك يَا مُحَمَّد عُشْر مَا أَعْطَيْنَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ مِنَ الْأُمَم مِنَ الْقُوَّة وَالْأَيْدِي وَالْبَطْش , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ النِّعَم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22068 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ } مِنَ الْقُوَّة فِي الدُّنْيَا. 22069 حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ } يَقُول : مَا جَاوَزُوا مِعْشَارَ مَا أَنْعَمْنَا عَلَيْهِمْ . 22070 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ } يُخْبِركُمْ أَنَّهُ أَعْطَى الْقَوْمَ مَا لَمْ يُعْطِكُمْ مِنَ الْقُوَّة وَغَيْر ذَلِكَ . 22071 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ } قَالَ : مَا بَلَغَ هَؤُلَاءِ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِعْشَار مَا آتَيْنَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ , وَمَا أَعْطَيْنَاهُمْ مِنْ الدُّنْيَا , وَبَسَطْنَا عَلَيْهِمْ { فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِير } يَقُول : فَكَذَّبُوا رُسُلِي فِيمَا أَتَوْهُمْ بِهِ مِنْ رِسَالَتِي , فَعَاقَبْنَاهُمْ بِتَغْيِيرِنَا بِهِمْ مَا كُنَّا آتَيْنَاهُمْ مِنْ النِّعَم , فَانْظُرْ يَا مُحَمَّد كَيْفَ كَانَ نَكِير . يَقُول : كَيْفَ كَانَ تَغْيِيرِي بِهِمْ وَعُقُوبَتِي .'; $TAFSEER['3']['34']['46'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمك : إِنَّمَا أَعِظُكُمْ أَيّهَا الْقَوْم بِوَاحِدَةٍ وَهِيَ طَاعَة اللَّه , كَمَا : 22072 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِنَّمَا أَعِظكُمْ بِوَاحِدَةٍ } قَالَ : بِطَاعَةِ اللَّه . وَقَوْله : { أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى } يَقُول : وَتِلْكَ الْوَاحِدَة الَّتِي أَعِظكُمْ بِهَا هِيَ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ , { وَفُرَادَى } فُرَادَى , فَأَنْ فِي مَوْضِع خَفْض تَرْجَمَة عَنِ الْوَاحِدَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22073 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثني أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى } قَالَ : وَاحِدًا وَاثْنَيْنِ . 22074 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى } رَجُلًا وَرَجُلَيْنِ , وَقِيلَ : إِنَّمَا قِيلَ : إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ , وَتِلْكَ الْوَاحِدَة أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ بِالنَّصِيحَةِ وَتَرْك الْهَوَى . { مَثْنَى } يَقُول : يَقُوم الرَّجُل مِنْكُمْ مَعَ آخَر فَيَتَصَادَقَانِ عَلَى الْمُنَاظَرَة , هَلْ عَلِمْتُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُنُونًا قَطُّ ؟ ثُمَّ يَنْفَرِد كُلّ وَاحِد مِنْكُمْ , فَيَتَفَكَّر وَيَعْتَبِر فَرْدًا هَلْ كَانَ ذَلِكَ بِهِ ؟ فَتَعْلَمُوا حِينَئِذٍ أَنَّهُ نَذِير لَكُمْ . وَقَوْله : { ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّة } يَقُول : لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْنُونٍ وَقَوْله { إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِير لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَاب شَدِيد } يَقُول : مَا مُحَمَّد إِلَّا نَذِير لَكُمْ يُنْذِركُمْ عَلَى كُفْركُمْ بِاللَّهِ عِقَابه أَمَامَ عَذَاب جَهَنَّم قَبْل أَنْ تَصْلَوْهَا , وَقَوْله : " هُوَ " كِنَايَة اسْم مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .'; $TAFSEER['3']['34']['47'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْر فَهُوَ لَكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ يَا مُحَمَّد لِقَوْمِك الْمُكَذِّبِيكَ , الرَّادِّينَ عَلَيْك مَا أَتَيْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك : مَا أَسْأَلكُمْ مِنْ جُعْل عَلَى إِنْذَارِيكُمْ عَذَابَ اللَّه , وَتَخْوِيفكُمْ بِهِ بَأْسَهُ , وَنَصِيحَتِي لَكُمْ فِي أَمْرِي إِيَّاكُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ , وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ , فَهُوَ لَكُمْ لَا حَاجَة لِي بِهِ , وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : قُلْ لَهُمْ : إِنِّي لَمْ أَسْأَلكُمْ عَلَى ذَلِكَ جُعْلًا فَتَتَّهِمُونِي , وَتَظُنُّوا أَنِّي إِنَّمَا دَعَوْتُكُمْ إِلَى اتِّبَاعِي لِمَالٍ آخُذهُ مِنْكُمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22075 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْر } : أَيْ جُعْل { فَهُوَ لَكُمْ } يَقُول : لَمْ أَسْأَلكُمْ عَلَى الْإِسْلَام جُعْلًا . وَقَوْله : { إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّه } يَقُول : مَا ثَوَابِي عَلَى دُعَائِكُمْ إِلَى الْإِيمَان بِاللَّهِ , وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ , وَتَبْلِيغكُمْ رِسَالَته , إِلَّا عَلَى اللَّه { وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيد } يَقُول : وَاللَّه عَلَى حَقِيقَة مَا أَقُول لَكُمْ شَهِيد يَشْهَد لِي بِهِ , وَعَلَى غَيْر ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاء كُلّهَا .'; $TAFSEER['3']['34']['48'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِف بِالْحَقِّ عَلَّام الْغُيُوب } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِمُشْرِكِي قَوْمِك { إِنَّ رَبِّي يَقْذِف بِالْحَقِّ } وَهُوَ الْوَحْي , يَقُول : يُنَزِّلهُ مِنَ السَّمَاء , فَيَقْذِفهُ إِلَى نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { عَلَّام الْغُيُوب } يَقُول : عَلَّام مَا يَغِيب عَنِ الْأَبْصَار , وَلَا مُظْهِرَ لَهَا , وَمَا لَمْ يَكُنْ مِمَّا هُوَ كَائِن , وَذَلِكَ مِنْ صِفَة الرَّبّ ; غَيْر أَنَّهُ رُفِعَ لِمَجِيئِهِ بَعْدَ الْخَبَر , وَكَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب إِذَا وَقَعَ النَّعْت بَعْدَ الْخَبَر , فِي أَنَّ أَتْبَعُوا النَّعْتَ إِعْرَاب مَا فِي الْخَبَر , فَقَالُوا : إِنَّ أَبَاك يَقُوم الْكَرِيمُ , فَرُفِعَ الْكَرِيم عَلَى مَا وَصَفْت , وَالنَّصْب فِيهِ جَائِز , لِأَنَّهُ نَعْت لِلْأَبِ , فَيَتْبَع إِعْرَابه'; $TAFSEER['3']['34']['49'] = '{ قُلْ جَاءَ الْحَقّ } يَقُول : قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد : جَاءَ الْقُرْآن وَوَحْي اللَّه { وَمَا يُبْدِئ الْبَاطِل } يَقُول : وَمَا يُنْشِئ الْبَاطِل خَلْقًا ; وَالْبَاطِل هُوَ فِيمَا فَسَّرَهُ أَهْل التَّأْوِيل : إِبْلِيس { وَمَا يُعِيد } يَقُول : وَلَا يُعِيدهُ حَيًّا بَعْدَ فَنَائِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22076 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِف بِالْحَقِّ } : أَيْ بِالْوَحْيِ { عَلَّام الْغُيُوب قُلْ جَاءَ الْحَقّ } أَيْ الْقُرْآن { وَمَا يُبْدِئ الْبَاطِل وَمَا يُعِيد } , وَالْبَاطِل : إِبْلِيس : أَيْ مَا يَخْلُق إِبْلِيس أَحَدًا , وَلَا يَبْعَثهُ . 22077 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِف بِالْحَقِّ عَلَّام الْغُيُوب } , فَقَرَأَ : { بَلْ نَقْذِف بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِل } 21 18 ... إِلَى قَوْله { وَلَكُمْ الْوَيْل مِمَّا تَصِفُونَ } 21 18 قَالَ : يُزْهِق اللَّه الْبَاطِلَ , وَيُثْبِت اللَّه الْحَقّ الَّذِي دَمَغَ بِهِ الْبَاطِلَ , يَدْمَغ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِل , فَيُهْلِك الْبَاطِلَ وَيُثْبِت الْحَقَّ , فَذَلِكَ قَوْله { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِف بِالْحَقِّ عَلَّام الْغُيُوب } .'; $TAFSEER['3']['34']['50'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ إِنْ ضَلَلْت فَإِنَّمَا أَضِلّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْت فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيع قَرِيب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ يَا مُحَمَّد لِقَوْمِك : إِنْ ضَلَلْت عَنِ الْهُدَى , فَسَلَكْت غَيْر طَرِيق الْحَقّ , فَإِنَّمَا ضَلَالِي عَنْ الصَّوَاب عَلَى نَفْسِي , يَقُول : فَإِنَّ ضَلَالِي عَنْ الْهُدَى عَلَى نَفْسِي ضَرّه { وَإِنْ اهْتَدَيْت } يَقُول : وَإِنْ اسْتَقَمْت عَلَى الْحَقّ { فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي } يَقُول : فَبِوَحْيِ اللَّه الَّذِي يُوحِي إِلَيَّ , وَتَوْفِيقه لِلِاسْتِقَامَةِ عَلَى مَحَجَّة الْحَقّ وَطَرِيق الْهُدَى . وَقَوْله : { إِنَّهُ سَمِيع قَرِيب } يَقُول : إِنَّ رَبِّي سَمِيع لِمَا أَقُول لَكُمْ , حَافِظ لَهُ , وَهُوَ الْمُجَازِي لِي عَلَى صِدْقِي فِي ذَلِكَ , وَذَلِكَ مِنِّي غَيْر بَعِيد , فَيَتَعَذَّر عَلَيْهِ سَمَاع مَا أَقُول لَكُمْ , وَمَا تَقُولُونَ , وَمَا يَقُولهُ غَيْرنَا , وَلَكِنَّهُ قَرِيب مِنْ كُلّ مُتَكَلِّم يَسْمَع كُلّ مَا يَنْطِق بِهِ , أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْ حَبْل الْوَرِيد .'; $TAFSEER['3']['34']['51'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْت وَأُخِذُوا مِنْ مَكَان قَرِيب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلَوْ تَرَى يَا مُحَمَّد إِذْ فَزِعُوا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَيَيْنِ بِهَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهَا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتنَا بَيِّنَات قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُل يُرِيد أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُد آبَاؤُكُمْ } قَالَ : وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ : { إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْت وَأُخِذُوا مِنْ مَكَان قَرِيب } عِنْدَ نُزُول نِقْمَة اللَّه بِهِمْ فِي الدُّنْيَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22078 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْلُهُ : { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْت } إلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : هَذَا مِنْ عَذَاب الدُّنْيَا . 22079 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاكَ يَقُول فِي قَوْله : { وَأُخِذُوا مِنْ مَكَان قَرِيب } قَالَ : هَذَا عَذَاب الدُّنْيَا . 22080 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْت } إِلَى آخِر السُّورَة , قَالَ : هَؤُلَاءِ قَتْلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْل بَدْر , نَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَة , قَالَ : وَهُمُ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّه كُفْرًا , وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَار جَهَنَّم , أَهْل بَدْر مِنَ الْمُشْرِكِينَ. وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ جَيْش يَخْسِف بِهِمْ بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْض. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22081 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد , فِي قَوْله : { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْت } قَالَ : هُمُ الْجَيْش الَّذِي يَخْسِف بِهِمْ بِالْبَيْدَاءِ , يَبْقَى مِنْهُمْ رَجُل يُخْبِر النَّاسَ بِمَا لَقِيَ أَصْحَابه . 22082 - حَدَّثَنَا عِصَام بْن رَوَّاد بْن الْجَرَّاح , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن سَعِيد , قَالَ : ثني مَنْصُور بْن الْمُعْتَمِر , عَنْ رِبْعِيّ بْن حِرَاش , قَالَ : سَمِعْت حُذَيْفَةَ بْن الْيَمَان يَقُول : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَكَرَ فِتْنَة تَكُون بَيْنَ أَهْل الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب . قَالَ : " فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ , إِذْ خَرَجَ عَلَيْهِمْ السُّفْيَانِيّ مِنَ الْوَادِي الْيَابِس فِي فَوْرَة ذَلِكَ , حَتَّى يَنْزِل دِمَشْق , فَيَبْعَث جَيْشَيْنِ : جَيْشًا إِلَى الْمَشْرِق , وَجَيْشًا إِلَى الْمَدِينَة , حَتَّى يَنْزِلُوا بِأَرْضِ بَابِل فِي الْمَدِينَة الْمَلْعُونَة , وَالْبُقْعَة الْخَبِيثَة , فَيَقْتُلُونَ أَكْثَر مِنْ ثَلَاثَة آلَاف , وَيَبْقُرُونَ بِهَا أَكْثَر مِنْ مِائَة امْرَأَة , وَيَقْتُلُونَ بِهَا ثَلَاثمِائَةِ كَبْش مِنْ بَنِي الْعَبَّاس , ثُمَّ يَنْحَدِرُونَ إِلَى الْكُوفَة فَيُخْرِجُونَ مَا حَوْلهَا , ثُمَّ يَخْرُجُونَ مُتَوَجِّهِينَ إِلَى الشَّام , فَتَخْرُج رَايَة هَذَا مِنَ الْكُوفَة , فَتَلْحَق ذَلِكَ الْجَيْش مِنْهَا عَلَى الْفِئَتَيْنِ فَيَقْتُلُونَهُمْ , لَا يَفْلِت مِنْهُمْ مُخْبِر , وَيَسْتَنْقِذُونَ مَا فِي أَيْدِيهمْ مِنَ السَّبْي وَالْغَنَائِم , وَيُخَلِّي جَيْشَهُ التَّالِي بِالْمَدِينَةِ , فَيَنْهَبُونَهَا ثَلَاثَة أَيَّام وَلَيَالِيهَا , ثُمَّ يَخْرُجُونَ مُتَوَجِّهِينَ إِلَى مَكَّة , حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ , بَعَثَ اللَّه جِبْرِيل , فَيَقُول : يَا جَبْرَائِيل اذْهَبْ فَأَبِدْهُمْ , فَيَضْرِبهَا بِرِجْلِهِ ضَرْبَة يَخْسِف اللَّه بِهِمْ , فَذَلِكَ قَوْله فِي سُورَة سَبَأ { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْت } الْآيَة , وَلَا يَنْفَلِت مِنْهُمْ إِلَّا رَجُلَانِ : أَحَدهمَا بَشِير , وَالْآخَر نَذِير , وَهُمَا مِنْ جُهَيْنَة , فَلِذَلِكَ جَاءَ الْقَوْل : * وَعِنْدَ جُهَيْنَةَ الْخَبَرُ الْيَقِينُ * 22083 حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن خَلَف الْعَسْقَلَانِيّ قَالَ : سَأَلْت رَوَّاد بْن الْجَرَّاح , عَنِ الْحَدِيث الَّذِي حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ , عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ , عَنْ مَنْصُور , عَنْ رِبْعِيّ , عَنْ حُذَيْفَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ قِصَّة ذَكَرَهَا فِي الْفِتَن , قَالَ : فَقُلْت لَهُ : أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيث سَمِعْته مِنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ ؟ قَالَ : لَا , قُلْت : فَقَرَأْته عَلَيْهِ , قَالَ : لَا , قُلْت : فَقُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنْتَ حَاضِر ؟ قَالَ : لَا , قُلْت : فَمَا قِصَّته , فَمَا خَبَره ؟ قَالَ : جَاءَنِي قَوْم فَقَالُوا : مَعَنَا حَدِيث عَجِيب , أَوْ كَلَام هَذَا مَعْنَاهُ , نَقْرَؤُهُ وَتَسْمَعهُ , قُلْت لَهُمْ : هَاتُوهُ , فَقَرَءُوهُ عَلَيَّ , ثُمَّ ذَهَبُوا فَحَدَّثُوا بِهِ عَنِّي , أَوْ كَلَام هَذَا مَعْنَاهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَقَدْ : 22084 -حَدَّثَنِي بِبَعْضِ هَذَا الْحَدِيث مُحَمَّد بْن خَلَف , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز بْن أَبَانَ , عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ , عَنْ مَنْصُور , عَنْ رِبْعِيّ , عَنْ حُذَيْفَة , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , حَدِيث طَوِيلٌ , قَالَ : رَأَيْته فِي كِتَاب الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الصُّدَائِيّ , عَنْ شَيْخ , عَنْ رَوَّاد , عَنْ سُفْيَان بِطُولِهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ إِذَا فَزِعُوا عِنْد خُرُوجهمْ مِنْ قُبُورهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22085 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنِ الْحَسَن , قَوْله : { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا } قَالَ : فَزِعُوا يَوْم الْقِيَامَة حِين خَرَجُوا مِنْ قُبُورهمْ , وَقَالَ قَتَادَة : { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْت وَأُخِذُوا مِنْ مَكَان قَرِيب } حِين عَايَنُوا عَذَابَ اللَّه. 22086 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء , عَنِ ابْن مَعْقِل { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْت } قَالَ : أَفْزَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَة فَلَمْ يُفَوَّتُوا . وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , وَأَشْبَهَ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل قَوْل مَنْ قَالَ : وَعِيد اللَّه الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْمه لِأَنَّ الْآيَاتِ قَبْل هَذِهِ الْآيَة جَاءَتْ بِالْإِخْبَارِ عَنْهُمْ وَعَنْ أَسْبَابهمْ , وَبِوَعِيدِ اللَّه إِيَّاهُمْ مَغَبَّته , وَهَذِهِ الْآيَة فِي سِيَاق تِلْكَ الْآيَات , فَلَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَبَرًا عَنْ حَالهمْ أَشْبَهَ مِنْهُ بِأَنْ يَكُون خَبَرًا لِمَا لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْر , وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَتَأْوِيل الْكَلَام : وَلَوْ تَرَى يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمك , فَتُعَايِنهُمْ حِين فَزِعُوا مِنْ مُعَايَنَتهمْ عَذَاب اللَّه { فَلَا فَوْت } يَقُول فَلَا سَبِيلَ حِينَئِذٍ أَنْ يَفُوتُوا بِأَنْفُسِهِمْ , أَوْ يُعْجِزُونَا هَرَبًا , وَيَنْجُوا مِنْ عَذَابنَا , كَمَا : 22087 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْت } يَقُول : فَلَا نَجَاة . 22088 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثنا مَرْوَان , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْت } قَالَ : لَا هَرَبَ . وَقَوْله : { وَأُخِذُوا مِنْ مَكَان قَرِيب } يَقُول : وَأَخَذَهُمُ اللَّه بِعَذَابِهِ مِنْ مَوْضِع قَرِيب ; لِأَنَّهُمْ حَيْثُ كَانُوا مِنَ اللَّه قَرِيب لَا يَبْعُدُونَ عَنْهُ .'; $TAFSEER['3']['34']['52'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُش مِنْ مَكَان بَعِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ حِين عَايَنُوا عَذَابَ اللَّه آمَنَّا بِهِ , يَعْنِي : آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِكِتَابِهِ وَرَسُوله . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22089 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ } قَالُوا : آمَنَّا بِاللَّهِ . 22090 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { قَالُوا آمَنَّا بِهِ } عِنْدَ ذَلِكَ , يَعْنِي : حِينَ عَايَنُوا عَذَابَ اللَّه . 22091 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ } بَعْدَ الْقَتْل وَقَوْله { وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُش } يَقُول : وَمِنْ أَيّ وَجْه لَهُمْ التَّنَاوُش . وَاخْتَلَفَتْ قُرَّاء الْأَمْصَار فِي ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة { التَّنَاوُش } بِغَيْرِ هَمْز , بِمَعْنَى : التَّنَاوُل ; وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة : " التَّنَاؤُش " بِالْهَمْزِ , بِمَعْنَى : التَّنَؤُش , وَهُوَ الْإِبْطَاء , يُقَال مِنْهُ : تَنَاءَشْت الشَّيْءَ : أَخَذْته مِنْ بَعِيد , وَنُشْته : أَخَذْته مِنْ قَرِيب ; وَمِنْ التَّنَؤُش قَوْل الشَّاعِر : تَمَنَّى نَئِيشًا أَنْ يَكُونَ أَطَاعَنِي وَقَدْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْأُمُور أُمُور وَمِنَ النَّوْش قَوْل الرَّاجِز : فَهِيَ تَنُوش الْحَوْضَ نَوْشًا مِنْ عَلَا نَوْشًا بِهِ تَقْطَع أَجْوَازَ الْفَلَا وَيُقَال لِلْقَوْمِ فِي الْحَرْب , إِذَا دَنَا بَعْضهمْ إِلَى بَعْض بِالرِّمَاحِ وَلَمْ يَتَلَاقَوْا : قَدْ تَنَاوَشَ الْقَوْم . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : وَقَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ , فِي حِين لَا يَنْفَعهُمْ قِيلَ ذَلِكَ , فَقَالَ اللَّه { وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُش } أَيْ وَأَيْنَ لَهُمْ التَّوْبَة وَالرَّجْعَة : أَيْ قَدْ بَعُدَتْ عَنْهُمْ , فَصَارُوا مِنْهَا كَمَوْضِعٍ بَعِيد أَنْ يَتَنَاوَلُوهَا ; وَإِنَّمَا وَصَفْت ذَلِكَ الْمَوْضِع بِالْبَعِيدِ ; لِأَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ فِي الْقِيَامَة , فَقَالَ اللَّه : أَنَّى لَهُمْ بِالتَّوْبَةِ الْمَقْبُولَة , وَالتَّوْبَة الْمَقْبُولَة إِنَّمَا كَانَتْ فِي الدُّنْيَا , وَقَدْ ذَهَبَتْ الدُّنْيَا فَصَارَتْ بَعِيدًا مِنَ الْآخِرَة , فَبِأَيَّةِ الْقِرَاءَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْت قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيبٌ الصَّوَابَ فِي ذَلِكَ . وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ بِالْهَمْزِ هَمَزُوا , وَهُمْ يُرِيدُونَ مَعْنَى مَنْ لَمْ يَهْمِز , وَلَكِنَّهُمْ هَمَزُوهُ لِانْضِمَامِ الْوَاو فَقَلَبُوهَا , كَمَا قِيلَ : { وَإِذَا الرُّسُل أُقِّتَتْ } 77 11 فَجَعَلَتْ الْوَاو مِنْ وُقِّتَتْ , إِذَا كَانَتْ مَضْمُومَة هَمَزُوهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22092 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن عَطِيَّة , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنِ التَّمِيمِيّ , قَالَ : قُلْت لِابْنِ عَبَّاس : أَرَأَيْت قَوْل اللَّه : { وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُش } قَالَ : يَسْأَلُونَ الرَّدّ , وَلَيْسَ بِحِينِ رَدٍّ . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنِ التَّمِيمِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس نَحْوه . * - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُش } يَقُول : فَكَيْفَ لَهُمْ بِالرَّدِّ . 22093 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُش } قَالَ : الرَّدّ. 22094 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد { وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُش } قَالَ : التَّنَاوُل { مِنْ مَكَان بَعِيد } . 22095 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُش مِنْ مَكَان بَعِيد } قَالَ : هَؤُلَاءِ قَتْلَى أَهْل بَدْر مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ , وَقَرَأَ : { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْت وَأُخِذُوا مِنْ مَكَان قَرِيب وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ } الْآيَة , قَالَ : التَّنَاوُش : التَّنَاوُل , وَأَنَّى لَهُمْ تَنَاوُل التَّوْبَة مِنْ مَكَان بَعِيد , وَقَدْ تَرَكُوهَا فِي الدُّنْيَا , قَالَ : وَهَذَا بَعْدَ الْمَوْت فِي الْآخِرَة . قَالَ : وَقَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله { وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ } بَعْدَ الْقَتْل { وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُش مِنْ مَكَان بَعِيد } وَقَرَأَ : { وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار } 4 18 قَالَ : لَيْسَ لَهُمْ تَوْبَة , وَقَالَ : عَرَضَ اللَّه عَلَيْهِمْ أَنْ يَتُوبُوا مَرَّةً وَاحِدَةً , فَيَقْبَلهَا اللَّه مِنْهُمْ , فَأَبَوْا , أَوْ يُعْرَضُونَ التَّوْبَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ , قَالَ : فَهُمْ يَعْرِضُونَهَا فِي الْآخِرَة خَمْس عَرْضَاتٍ , فَيَأْبَى اللَّه أَنْ يَقْبَلَهَا مِنْهُمْ ; قَالَ : وَالتَّائِب عِنْدَ الْمَوْت لَيْسَتْ لَهُ تَوْبَة { وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّار فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدّ وَلَا نُكَذِّب بِآيَاتِ رَبّنَا } 6 27 الْآيَة , وَقَرَأَ : { رَبّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَل صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ } 32 12 22096 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثنا مَرْوَان , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْل : { وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُش } قَالَ : وَأَنَّى لَهُمْ الرَّجْعَة. وَقَوْله : { مِنْ مَكَان بَعِيد } يَقُول : مِنْ آخِرَتهمْ إِلَى الدُّنْيَا , كَمَا : 22097 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { مِنْ مَكَان بَعِيد } مِنَ الْآخِرَة إِلَى الدُّنْيَا .'; $TAFSEER['3']['34']['53'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْل وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَان بَعِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ } يَقُول : وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا يَسْأَلُونَهُ رَبَّهُمْ عِنْدَ نُزُول الْعَذَاب بِهِمْ , وَمُعَايَنَتهمْ إِيَّاهُ مِنَ الْإِقَالَة لَهُ , وَذَلِكَ الْإِيمَان بِاللَّهِ , وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَبِمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22098 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْل } : أَيْ بِالْإِيمَانِ فِي الدُّنْيَا . وَقَوْله : { وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَان بَعِيد } يَقُول : وَهُمُ الْيَوْم يَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مُحَمَّدًا مِنْ مَكَان بَعِيد , يَعْنِي أَنَّهُمْ يَرْجُمُونَهُ , وَمَا أَتَاهُمْ مِنْ كِتَاب اللَّه بِالظُّنُونِ وَالْأَوْهَام , فَيَقُول بَعْضهمْ : هُوَ سَاحِر , وَبَعْضهمْ شَاعِر , وَغَيْر ذَلِكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22099 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَان بَعِيد } قَالَ : قَوْلهمْ سَاحِر , بَلْ هُوَ كَاهِن , بَلْ هُوَ شَاعِر . 22100 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَان بَعِيد } أَيْ يَرْجُمُونَ بِالظَّنِّ , يَقُولُونَ : لَا بَعْث , وَلَا جَنَّةَ , وَلَا نَارَ . 22101 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ زَيْد , فِي قَوْله : { يَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَان بَعِيد } قَالَ : بِالْقُرْآنِ .'; $TAFSEER['3']['34']['54'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْل إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكّ مُرِيب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَحِيلَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ حِين فَزِعُوا , فَلَا فَوْت , وَأُخِذُوا مِنْ مَكَان قَرِيب , فَقَالُوا آمَنَّا بِهِ { وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } حِينَئِذٍ مِنْ الْإِيمَان بِمَا كَانُوا بِهِ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ ذَلِكَ يَكْفُرُونَ وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَيْهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22102 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيل بْن حَفْص الْأُبُلِيّ , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِي الْأَشْهَب , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } قَالَ : حِيلَ بَيْنهمْ وَبَيْنَ الْإِيمَان بِاللَّهِ . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَبْد الصَّمَد , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن , وَسُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } قَالَ : حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِيمَان . * -حَدَّثَنِي ابْن أَبِي زِيَاد , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَشْهَب , عَنْ الْحَسَن { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } قَالَ : حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِيمَان . 22103 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الصَّمَد الْأَنْصَارِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ شِبْل , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } قَالَ : مِنْ الرُّجُوع إِلَى الدُّنْيَا لِيَتُوبُوا . 22104 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } كَانَ الْقَوْم يَشْتَهُونَ طَاعَةَ اللَّه أَنْ يَكُونُوا عَمِلُوا بِهَا فِي الدُّنْيَا حِينَ عَايَنُوا مَا عَايَنُوا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْحَسَن بْن حَبِيب , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَشْهَب , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } قَالَ : حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِيمَان . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ مِنْ مَال وَوَلَد وَزَهْرَة الدُّنْيَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22105 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; قَالَ : ثني الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } قَالَ : مِنْ مَال أَوْ وَلَد أَوْ زَهْرَة . 22106 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : قَالَ أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَحِيلَ بَيْنهمْ وَبَيْن مَا يَشْتَهُونَ } قَالَ : فِي الدُّنْيَا الَّتِي كَانُوا فِيهَا وَالْحَيَاة , وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا الْقَوْلَ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا تَمَنَّوْا حِينَ عَايَنُوا مِنْ عَذَاب اللَّه مَا عَايَنُوا , مَا أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمْ تَمَنَّوْهُ , وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ , فَقَالَ اللَّه : وَأَنَّى لَهُمْ تَنَاوُش ذَلِكَ مِنْ مَكَان بَعِيد , وَقَدْ كَفَرُوا مِنْ قَبْل ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَلَأَنْ يَكُونَ قَوْله : { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } خَبَرًا عَنْ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى مَا تَمَنَّوْهُ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ غَيْره . وَقَوْله : { كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْل } يَقُول فَعَلْنَا بِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ , فَحُلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ مِنَ الْإِيمَان بِاللَّهِ عِنْد نُزُول سَخَط اللَّه بِهِمْ , وَمُعَايَنَتهمْ بَأْسَهُ كَمَا فَعَلْنَا بِأَشْيَاعِهِمْ عَلَى كُفْرهمْ بِاللَّهِ مِنْ قَبْلهمْ مِنْ كُفَّار الْأُمَم , فَلَمْ نَقْبَل مِنْهُمْ إِيمَانَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْت , كَمَا لَمْ نَقْبَل فِي مِثْل ذَلِكَ الْوَقْت مِنْ ضُرَبَائِهِمْ , وَالْأَشْيَاع : جَمْع شِيَع , وَشِيَع : جَمْع شِيعَة , فَأَشْيَاع جَمْع الْجَمْع . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22107 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح { كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْل } قَالَ الْكُفَّار مِنْ قَبْلهمْ . 22108 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْل } أَيْ فِي الدُّنْيَا كَانُوا إِذَا عَايَنُوا الْعَذَابَ لَمْ يُقْبَل مِنْهُمْ إِيمَان . وَقَوْله : { إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكّ مُرِيب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَحِيلَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ حِينَ عَايَنُوا بَأْسَ اللَّه , وَبَيْنَ الْإِيمَان : إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْل فِي الدُّنْيَا فِي شَكّ مِنْ نُزُول الْعَذَاب الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ وَعَايَنُوهُ , وَقَدْ أَخْبَرَهُمْ نَبِيّهمْ أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يُنِيبُوا مِمَّا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنَ الْكُفْر بِاللَّهِ , وَعِبَادَة الْأَوْثَان أَنَّ اللَّهَ مُهْلِكهمْ , وَمُحِلّ بِهِمْ عُقُوبَته فِي عَاجِل الدُّنْيَا , وَآجِل الْآخِرَة قَبْل نُزُوله بِهِمْ { مُرِيب } يَقُول : مُوجِب لِصَاحِبِهِ الَّذِي هُوَ بِهِ مَا يَرِيبهُ مِنْ مَكْرُوه , مِنْ قَوْلهمْ : قَدْ أَرَابَ الرَّجُل : إِذَا أَتَى رِيبَة وَرَكِبَ فَاحِشَة ; كَمَا قَالَ الرَّاجِز : يَا قَوْم مَالِي وَأَبَا ذُؤَيْب ؟ كُنْت إِذَا أَتَوْته مِنْ غَيْب يَشُمّ عِطْفِي وَيَبَزُّ ثَوْبِي كَأَنَّمَا أَرَبْته بِرَيْبِ يَقُول : كَأَنَّمَا أَتَيْت إِلَيْهِ رِيبَة آخِر تَفْسِير سُورَة سَبَأ .'; $TAFSEER['3']['35']['1'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الْحَمْد لِلَّهِ فَاطِر السَّمَاوَات وَالْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الشُّكْر الْكَامِل لِلْمَعْبُودِ الَّذِي لَا تَصْلُح الْعِبَادَة إِلَّا لَهُ , وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِغَيْرِهِ خَالِق السَّمَوَات السَّبْع وَالْأَرْض , { جَاعِل الْمَلَائِكَة رُسُلًا } إِلَى مَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده , وَفِيمَا شَاءَ مِنْ أَمْره وَنَهْيه { أُولِي أَجْنِحَة مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } يَقُول : أَصْحَاب أَجْنِحَة : يَعْنِي مَلَائِكَة , فَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ اثْنَانِ مِنَ الْأَجْنِحَة , وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ ثَلَاثَة أَجْنِحَة , وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ أَرْبَعَة , كَمَا : 22109 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أُولِي أَجْنِحَة مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } قَالَ بَعْضهمْ : لَهُ جَنَاحَانِ , وَبَعْضهمْ : ثَلَاثَة , وَبَعْضهمْ أَرْبَعَة وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي عِلَّة تَرْك إِجْرَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع , وَهِيَ تَرْجَمَة عَنْ أَجْنِحَة , وَأَجْنِحَة نَكِرَة , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة. تُرِكَ إِجْرَاؤُهُنَّ لِأَنَّهُنَّ مَصْرُوفَات عَنْ وُجُوههنَّ , وَذَلِكَ أَنَّ مَثْنَى مَصْرُوف عَنْ اثْنَيْنِ , وَثُلَاث عَنْ ثَلَاثَة , وَرُبَاع عَنْ أَرْبَعَة , فَصُرِفَ نَظِيرُ عُمَرَ , وَزُفَر , إِذْ صُرِفَ هَذَا عَنْ عَامِر إِلَى عُمَر , وَهَذَا عَنْ زَافِر إِلَى زُفَر , وَأَنْشَدَ بَعْضهمْ فِي ذَلِكَ : وَلَقَدْ قَتَلْتُكُمْ ثُنَاء وَمَوْحَدَا وَتَرَكْت مَرَّة مِثْل أَمْس الْمُدْبِر وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : لَمْ يُصْرَف ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُوهِم بِهِ الثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ , قَالَ : وَهَذَا لَا يُسْتَعْمَل إِلَّا فِي حَال الْعَدَد , وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : هُنَّ مَصْرُوفَات عَنْ الْمَعَارِف ; لِأَنَّ الْأَلِف وَاللَّامَ لَا تَدْخُلهَا , وَالْإِضَافَة لَا تَدْخُلهَا ; قَالَ : وَلَوْ دَخَلَتْهَا الْإِضَافَة وَالْأَلِف وَاللَّام لَكَانَتْ نَكِرَةً , وَهِيَ تَرْجَمَة عَنْ النَّكِرَة ; قَالَ : وَكَذَلِكَ مَا كَانَ فِي الْقُرْآن , مِثْل : { أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى } 34 46 , وَكَذَلِكَ وُحَاد وَأُحَاد , وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ مَصْرُوف الْعَدَد. وَقَوْله : { يَزِيد فِي الْخَلْق مَا يَشَاء } وَذَلِكَ زِيَادَته تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي خَلْق هَذَا الْمَلَك مِنَ الْأَجْنِحَة عَلَى الْآخَر مَا يَشَاء , وَنُقْصَانه عَنِ الْآخَر مَا أَحَبَّ , وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي جَمِيع خَلْقه يَزِيد مَا يَشَاء فِي خَلْق مَا شَاءَ مِنْهُ , وَيَنْقُص مَا شَاءَ مِنْ خَلْق مَا شَاءَ , لَهُ الْخَلْق وَالْأَمْر , وَلَهُ الْقُدْرَة وَالسُّلْطَان { إِنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير } يَقُول : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدِير عَلَى زِيَادَة مَا شَاءَ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا شَاءَ , وَنُقْصَان مَا شَاءَ مِنْهُ مِمَّنْ شَاءَ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاء كُلّهَا , لَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ فِعْل شَيْء أَرَادَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .'; $TAFSEER['3']['35']['2'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا يَفْتَح اللَّه لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَة فَلَا مُمْسِك لَهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَفَاتِيح الْخَيْر وَمَغَالِقه كُلّهَا بِيَدِهِ ; فَمَا يَفْتَح اللَّه لِلنَّاسِ مِنْ خَيْر فَلَا مُغْلِق لَهُ , وَلَا مُمْسِك عَنْهُمْ ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْره لَا يَسْتَطِيع أَمْره أَحَد , وَكَذَلِكَ مَا يُغْلِق مِنْ خَيْر عَنْهُمْ فَلَا يَبْسُطهُ عَلَيْهِمْ , وَلَا يَفْتَحهُ لَهُمْ , فَلَا فَاتِحَ لَهُ سِوَاهُ , لِأَنَّ الْأُمُورَ كُلّهَا إِلَيْهِ وَلَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22110 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { مَا يَفْتَح اللَّه لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَة } : أَيْ مِنْ خَيْر { فَلَا مُمْسِك لَهَا } فَلَا يَسْتَطِيع أَحَد حَبْسهَا { وَمَا يُمْسِك فَلَا مُرْسِل لَهُ مِنْ بَعْده } وَقَالَ تَعَالَى ذِكْره : { فَلَا مُمْسِك لَهَا } فَأَنَّثَ مَا لِذِكْرِ الرَّحْمَة مِنْ بَعْده , وَقَالَ : { وَمَا يُمْسِك فَلَا مُرْسِل لَهُ مِنْ بَعْده } فَذَكَّرَ لِلَفْظِ " مَا " لِأَنَّ لَفْظَهُ لَفْظ مُذَكَّر , وَلَوْ أَنَّثَ فِي مَوْضِع التَّذْكِير لِلْمَعْنَى , وَذَكَّرَ فِي مَوْضِع التَّأْنِيث لِلَّفْظِ جَازَ , وَلَكِنَّ الْأَفْصَحَ مِنْ الْكَلَام التَّأْنِيث إِذَا ظَهَرَ بَعْد مَا يَدُلّ عَلَى تَأْنِيثهَا وَالتَّذْكِير إِذَا لَمْ يَظْهَر ذَلِكَ . وَقَوْله : { وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم } يَقُول : وَهُوَ الْعَزِيز فِي نِقْمَته مِمَّنْ انْتَقَمَ مِنْهُ مِنْ خَلْقه بِحَبْسِ رَحْمَته عَنْهُ وَخَيْرَاته , الْحَكِيم فِي تَدْبِير خَلْقه , وَفَتْحه لَهُمْ الرَّحْمَة إِذَا كَانَ فَتْح ذَلِكَ صَلَاحًا , وَإِمْسَاكه إِيَّاهُ عَنْهُمْ إِذَا كَانَ إِمْسَاكه حِكْمَة .'; $TAFSEER['3']['35']['3'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّاس اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّه عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِق غَيْر اللَّه يَرْزُقكُمْ مِنَ السَّمَاء وَالْأَرْض لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ مِنْ قَوْم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قُرَيْش : { يَا أَيّهَا النَّاس اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه } الَّتِي أَنْعَمَهَا { عَلَيْكُمْ } بِفَتْحِهِ لَكُمْ مِنْ خَيْرَاته مَا فَتَحَ وَبَسْطه لَكُمْ مِنَ الْعَيْش مَا بَسَطَ وَفَكِّرُوا فَانْظُرُوا هَلْ مِنْ خَالِق سِوَى فَاطِر السَّمَوَات وَالْأَرْض الَّذِي بِيَدِهِ مَفَاتِيح أَرْزَاقكُمْ وَمَغَالِقهَا { يَرْزُقكُمْ مِنَ السَّمَاء وَالْأَرْض } فَتَعْبُدُوهُ دُونَهُ { لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ } يَقُول : لَا مَعْبُودَ تَنْبَغِي لَهُ الْعِبَادَة إِلَّا الَّذِي فَطَرَ السَّمَوَات وَالْأَرْض , الْقَادِر عَلَى كُلّ شَيْء , الَّذِي بِيَدِهِ مَفَاتِح الْأَشْيَاء وَخَزَائِنهَا , وَمَغَالِق ذَلِكَ كُلّه , فَلَا تَعْبُدُوا أَيُّهَا النَّاس شَيْئًا سِوَاهُ , فَإِنَّهُ لَا يَقْدِر عَلَى نَفْعكُمْ وَضَرّكُمْ سِوَاهُ , فَلَهُ فَأَخْلِصُوا الْعِبَادَة , وَإِيَّاهُ فَأَفْرِدُوا بِالْأُلُوهَةِ { فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } يَقُول : فَأَيّ وَجْه عَنْ خَالِقكُمْ وَرَازِقكُمْ الَّذِي بِيَدِهِ نَفْعكُمْ وَضَرّكُمْ تُصْرَفُونَ , كَمَا : 22111 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } يَقُول الرَّجُل : إِنَّهُ لَيُوفَكُ عَنِّي كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَيَّنْت مَعْنَى الْإِفْك , وَتَأْوِيل قَوْله : { تُؤْفَكُونَ } فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَة عَنْ تَكْرِيره .'; $TAFSEER['3']['35']['4'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ يُكَذِّبُوك فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُل مِنْ قَبْلِك وَإِلَى اللَّه تُرْجَع الْأُمُور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِنْ يُكَذِّبك يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مِنْ قَوْمك فَلَا يَحْزُنُنَّك ذَاكَ , وَلَا يَعْظُم عَلَيْك , فَإِنَّ ذَلِكَ سُنَّة أَمْثَالهمْ مِنْ كَفَرَة الْأُمَم بِاللَّهِ , مِنْ قَبْلهمْ , وَتَكْذِيبهمْ رُسُل اللَّه الَّتِي أَرْسَلَهَا إِلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِك , وَلَنْ يَعْدُو مُشْرِكُو قَوْمك أَنْ يَكُونُوا مِثْلهمْ , فَيَتَّبِعُوا فِي تَكْذِيبك مِنْهَاجَهُمْ , وَيَسْلُكُوا سَبِيلَهُمْ { وَإِلَى اللَّه تُرْجَع الْأُمُور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِلَى اللَّه مَرْجِع أَمْرك وَأَمْرهمْ , فَمُحِلٌّ بِهِمْ الْعُقُوبَةَ , إِنْ هُمْ لَمْ يُنِيبُوا إِلَى طَاعَتنَا فِي اتِّبَاعك , وَالْإِقْرَار بِنُبُوَّتِك , وَقَبُول مَا دَعَوْتهمْ إِلَيْهِ مِنَ النَّصِيحَة , نَظِير مَا أَحْلَلْنَا بِنُظَرَائِهِمْ مِنَ الْأُمَم الْمُكَذِّبَة رُسُلهَا قَبْلك , وَمُنَجِّيك وَأَتْبَاعَك مِنْ ذَلِكَ , سُنَّتنَا بِمَنْ قَبْلَك فِي رُسُلنَا وَأَوْلِيَائِنَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22112 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِنْ يُكَذِّبُوك فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُل مِنْ قَبْلِك } يُعَزِّي نَبِيَّهُ كَمَا تَسْمَعُونَ'; $TAFSEER['3']['35']['5'] = 'وَقَوْله : { يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ وَعْد اللَّه حَقّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِمُشْرِكِي قُرَيْش , الْمُكَذِّبِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ وَعْد اللَّه إِيَّاكُمْ بَأْسَهُ عَلَى إِصْرَاركُمْ عَلَى الْكُفْر بِهِ , وَتَكْذِيب رَسُوله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَتَحْذِيركُمْ نُزُول سَطْوَته بِكُمْ عَلَى ذَلِكَ حَقّ , فَأَيْقِنُوا بِذَلِكَ , وَبَادِرُوا حُلُولَ عُقُوبَتكُمْ بِالتَّوْبَةِ وَالْإِنَابَة إِلَى طَاعَة اللَّه وَالْإِيمَان بِهِ وَبِرَسُولِهِ { فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَقُول : فَلَا يَغُرَّنَّكُمْ مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْعَيْش فِي هَذِهِ الدُّنْيَا وَرِيَاسَتكُمْ الَّتِي تَتَرَأَّسُونَ بِهَا فِي ضُعَفَائِكُمْ فِيهَا عَنِ اتِّبَاع مُحَمَّد وَالْإِيمَان { وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُور } يَقُول : وَلَا يَخْدَعَنَّكُمْ بِاللَّهِ الشَّيْطَان , فَيُمَنِّيكُمْ الْأَمَانِيّ , وَيَعِدكُمْ مِنْ اللَّه الْعِدَات الْكَاذِبَة , وَيَحْمِلكُمْ عَلَى الْإِصْرَار عَلَى كُفْركُمْ بِاللَّهِ , كَمَا : 22113 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُور } يَقُول : الشَّيْطَان'; $TAFSEER['3']['35']['6'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَاب السَّعِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { إِنَّ الشَّيْطَانَ } الَّذِي نَهَيْتُكُمْ أَيّهَا النَّاس أَنْ تَغْتَرُّوا بِغُرُورِهِ إِيَّاكُمْ بِاللَّهِ { لَكُمْ عَدُوّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا } يَقُول : فَأَنْزِلُوهُ مِنْ أَنْفُسكُمْ مَنْزِلَ الْعَدُوّ مِنْكُمْ , وَاحْذَرُوهُ بِطَاعَةِ اللَّه وَاسْتِغْشَاشكُمْ إِيَّاهُ , حَذَّرَكُمْ مِنْ عَدُوّكُمْ الَّذِي تَخَافُونَ غَائِلَته عَلَى أَنْفُسكُمْ , فَلَا تُطِيعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاته , فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ , يَعْنِي شِيعَتَهُ , وَمَنْ أَطَاعَهُ إِلَى طَاعَته وَالْقَبُول مِنْهُ , وَالْكُفْر بِاللَّهِ { لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَاب السَّعِير } يَقُول : لِيَكُونُوا مِنَ الْمُخَلَّدِينَ فِي نَار جَهَنَّم الَّتِي تَتَوَقَّد عَلَى أَهْلهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22114 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا } فَإِنَّهُ لَحَقّ عَلَى كُلّ مُسْلِم عَدَاوَته , وَعَدَاوَته أَنْ يُعَادِيَهُ بِطَاعَةِ اللَّه { إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ } وَحِزْبه : أَوْلِيَاؤُهُ . { لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَاب السَّعِير } : أَيْ لِيَسُوقَهُمْ إِلَى النَّار , فَهَذِهِ عَدَاوَته 22115 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَاب السَّعِير } وَقَالَ : هَؤُلَاءِ حِزْبه مِنَ الْإِنْس , يَقُول : أُولَئِكَ حِزْب الشَّيْطَان , وَالْحِزْب : وُلَاته الَّذِينَ يَتَوَلَّاهُمْ وَيَتَوَلَّوْنَهُ , وَقَرَأَ : { إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّه الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ } 7 196 .'; $TAFSEER['3']['35']['7'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَاب شَدِيد وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَهُمْ مَغْفِرَة وَأَجْر كَبِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { الَّذِينَ كَفَرُوا } بِاللَّهِ وَرَسُوله { لَهُمْ عَذَاب } مِنَ اللَّه { شَدِيد } , وَذَلِكَ عَذَاب النَّار . وَقَوْله : { وَالَّذِينَ آمَنُوا } يَقُول : وَالَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ , وَعَمِلُوا بِمَا أَمَرَهُمُ اللَّه , وَانْتَهَوْا عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ { لَهُمْ مَغْفِرَة } مِنَ اللَّه لِذُنُوبِهِمْ { وَأَجْر كَبِير } وَذَلِكَ الْجَنَّة , كَمَا : 22116 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْر كَبِير } وَهِيَ الْجَنَّة'; $TAFSEER['3']['35']['8'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوء عَمَله فَرَآهُ حَسَنًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَمَنْ حَسَّنَ لَهُ الشَّيْطَان أَعْمَاله السَّيِّئَةَ مِنْ مَعَاصِي اللَّه وَالْكُفْر بِهِ , وَعِبَادَة مَا دُونَهُ مِنَ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان , فَرَآهُ حَسَنًا , فَحَسِبَ سَيِّئَ ذَلِكَ حَسَنًا , وَظَنَّ أَنَّ قُبْحه جَمِيل , لِتَزْيِينِ الشَّيْطَان ذَلِكَ لَهُ , ذَهَبَتْ نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات ; وَحُذِفَ مِنَ الْكَلَام : ذَهَبَتْ نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات , اكْتِفَاء بِدَلَالَةِ قَوْله : { فَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات } مِنْهُ . وَقَوْله : { فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلّ مَنْ يَشَاء وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء } يَقُول : فَإِنَّ اللَّهَ يَخْذُل مَنْ يَشَاء عَنْ الْإِيمَان بِهِ وَاتِّبَاعك وَتَصْدِيقك , فَيُضِلّهُ عَنْ الرَّشَاد إِلَى الْحَقّ فِي ذَلِكَ , { وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء } يَقُول : وَيُوَفِّق مَنْ يَشَاء لِلْإِيمَانِ بِهِ وَاتِّبَاعك , وَالْقَبُول مِنْك , فَتَهْدِيه إِلَى سَبِيل الرَّشَاد { فَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات } يَقُول : فَلَا تُهْلِك نَفْسَك حُزْنًا عَلَى ضَلَالَتهمْ وَكُفْرهمْ بِاللَّهِ , وَتَكْذِيبهمْ لَك. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22117 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوء عَمَله فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلّ مَنْ يَشَاء وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء } قَالَ قَتَادَة وَالْحَسَن : الشَّيْطَان زَيَّنَ لَهُمْ { فَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات } : أَيْ لَا يَحْزُنك ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلّ مَنْ يَشَاء , وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء 22118 - حَدَّثَنِي يُونُس قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { فَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات } قَالَ : الْحَسَرَات : الْحَزَن , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه : { يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْت فِي جَنْب اللَّه } 39 56 , وَوَقَعَ قَوْله : { فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلّ مَنْ يَشَاء وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء } مَوْضِع الْجَوَاب , وَإِنَّمَا هُوَ مَنْبَع الْجَوَاب ; لِأَنَّ الْجَوَابَ هُوَ الْمَتْرُوك الَّذِي ذَكَرْت , فَاكْتَفَى بِهِ مِنَ الْجَوَاب لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْجَوَاب وَمَعْنَى الْكَلَام . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { فَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات } فَقَرَأَتْهُ قُرَّاء الْأَمْصَار سِوَى أَبِي جَعْفَر الْمَدَنِيّ { فَلَا تَذْهَب نَفْسُك } بِفَتْحِ التَّاء مِنْ { تَذْهَب } , وَنَفْسُك بِرَفْعِهَا , وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَر : " فَلَا تُذْهِب " بِضَمِّ التَّاء مِنْ { تُذْهِب } , وَنَفْسَك بِنَصْبِهَا , بِمَعْنَى : لَا تُذْهِب أَنْتَ يَا مُحَمَّد نَفْسَك . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار ; لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ. وَقَوْله : { إِنَّ اللَّهَ عَلِيم بِمَا يَصْنَعُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّهَ يَا مُحَمَّد ذُو عِلْم بِمَا يَصْنَع هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان سُوء أَعْمَالهمْ , وَهُوَ مُحْصِيه عَلَيْهِمْ , وَمُجَازِيهمْ بِهِ جَزَاءَهُمْ .'; $TAFSEER['3']['35']['9'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاللَّه الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِير سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَد مَيِّت فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتهَا كَذَلِكَ النُّشُور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاللَّه الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِير السَّحَاب لِلْحَيَا وَالْغَيْث { فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَد مَيِّت } يَقُول : فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَد مُجْدَب الْأَهْل , مَحْل الْأَرْض , دَاثِر لَا نَبْت فِيهِ وَلَا زَرْع { فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْض بَعْدَ مَوْتهَا } يَقُول : فَأَخْصَبْنَا بِغَيْثِ ذَلِكَ السَّحَاب الْأَرْض الَّتِي سُقْنَاهُ إِلَيْهَا بَعْدَ جُدُوبهَا , وَأَنْبَتْنَا فِيهَا الزَّرْعَ بَعْدَ الْمَحْل { كَذَلِكَ النُّشُور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَكَذَا يَنْشُر اللَّه الْمَوْتَى بَعْد بَلَائِهِمْ فِي قُبُورهمْ , فَيُحْيِيهِمْ بَعْد فَنَائِهِمْ , كَمَا أَحْيَيْنَا هَذِهِ الْأَرْض بِالْغَيْثِ بَعْد مَمَاتهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22119 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , قَالَ : ثنا أَبُو الزَّعْرَاء , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : يَكُون بَيْن النَّفْخَتَيْنِ مَا شَاءَ اللَّه أَنْ يَكُونَ , فَلَيْسَ مِنْ بَنِي آدَم إِلَّا وَفِي الْأَرْض مِنْهُ شَيْء . قَالَ : فَيُرْسِل اللَّه مَاء مِنْ تَحْت الْعَرْش مَنِيًّا كَمَنِيِّ الرَّجُل , فَتَنْبُت أَجْسَادهمْ وَلُحْمَانُهُمْ مِنْ ذَلِكَ , كَمَا تَنْبُت الْأَرْض مِنْ الثَّرَى , ثُمَّ قَرَأَ : { وَاللَّه الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاح فَتُثِير سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَد مَيِّت } إِلَى قَوْله : { كَذَلِكَ النُّشُور } قَالَ : ثُمَّ يَقُوم مَلَك بِالصُّوَرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالْأَرْض , فَيَنْفُخ فِيهِ , فَتَنْطَلِق كُلّ نَفْس إِلَى جَسَدهَا , فَتَدْخُل فِيهِ 22120 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَاللَّه الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِير سَحَابًا } قَالَ : يُرْسِل الرِّيَاحَ فَتَسُوق السَّحَابَ , فَأَحْيَا اللَّه بِهِ هَذِهِ الْأَرْض الْمَيِّتَة بِهَذَا الْمَاء , فَكَذَلِكَ يَبْعَثهُ يَوْمَ الْقِيَامَة'; $TAFSEER['3']['35']['10'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَنْ كَانَ يُرِيد الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّة جَمِيعًا } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { مَنْ كَانَ يُرِيد الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّة جَمِيعًا } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : مَنْ كَانَ يُرِيد الْعِزَّةَ بِعِبَادَةِ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان , فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22121 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { مَنْ كَانَ يُرِيد الْعِزَّةَ } يَقُول : مَنْ كَانَ يُرِيد الْعِزَّةَ بِعِبَادَتِهِ الْآلِهَة { فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا } وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : مَنْ كَانَ يُرِيد الْعِزَّة فَلْيَتَعَزَّزْ بِطَاعَةِ اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22122 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { مَنْ كَانَ يُرِيد الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّة جَمِيعًا } يَقُول : فَلْيَتَعَزَّزْ بِطَاعَةِ اللَّه وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : مَنْ كَانَ يُرِيد عِلْم الْعِزَّة لِمَنْ هِيَ , فَإِنَّهُ لِلَّهِ جَمِيعًا كُلّهَا : أَيْ كُلّ وَجْه مِنَ الْعِزَّة فَلِلَّهِ . وَالَّذِي , هُوَ أَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ عِنْدِي قَوْل مَنْ قَالَ : مَنْ كَانَ يُرِيد الْعِزَّةَ , فَبِاللَّهِ فَلْيَتَعَزَّزْ , فَلِلَّهِ الْعِزَّة جَمِيعًا , دُون كُلّ مَا دُونَهُ مِنْ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان . وَإِنَّمَا قُلْت : ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ ; لِأَنَّ الْآيَاتِ الَّتِي قَبْل هَذِهِ الْآيَة , جَرَتْ بِتَقْرِيعِ اللَّه الْمُشْرِكِينَ عَلَى عِبَادَتهمْ الْأَوْثَانَ , وَتَوْبِيخه إِيَّاهُمْ , وَوَعِيده لَهُمْ عَلَيْهَا , فَأَوْلَى بِهَذِهِ أَيْضًا أَنْ تَكُون مِنْ جِنْس الْحَثّ عَلَى فِرَاق ذَلِكَ , فَكَانَتْ قِصَّتهَا شَبِيهَة بِقِصَّتِهَا , وَكَانَتْ فِي سِيَاقهَا . وَقَوْله : { إِلَيْهِ يَصْعَد الْكَلِم الطَّيِّب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِلَى اللَّه يَصْعَد ذِكْر الْعَبْد إِيَّاهُ وَثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ { وَالْعَمَل الصَّالِح يَرْفَعهُ } يَقُول : وَيَرْفَع ذِكْر الْعَبْد رَبّه إِلَيْهِ عَمَله الصَّالِح , وَهُوَ الْعَمَل بِطَاعَتِهِ , وَأَدَاء فَرَائِضه , وَالِانْتِهَاء إِلَى مَا أُمِرَ بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22123 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْأَحْمَسِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنِي جَعْفَر بْن عَوْن , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه الْمَسْعُودِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْمُخَارِق , عَنْ أَبِيهِ الْمُخَارِق بْن سُلَيْم , قَالَ : قَالَ لَنَا عَبْد اللَّه : إِذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيثٍ أَتَيْنَاكُمْ بِتَصْدِيقِ ذَلِكَ مِنْ كِتَاب اللَّه . إِنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ إِذَا قَالَ : سُبْحَانَ اللَّه وَبِحَمْدِهِ , الْحَمْد لِلَّهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه , وَاللَّه أَكْبَر , تَبَارَكَ اللَّه , أَخَذَهُنَّ مَلَك , فَجَعَلَهُنَّ تَحْت جَنَاحَيْهِ , ثُمَّ صَعِدَ بِهِنَّ إِلَى السَّمَاء , فَلَا يَمُرّ بِهِنَّ عَلَى جَمْع مِنْ الْمَلَائِكَة إِلَّا اسْتَغْفَرُوا لِقَائِلِهِنَّ حَتَّى يُحَيِّي بِهِنَّ وَجْهَ الرَّحْمَن , ثُمَّ قَرَأَ عَبْد اللَّه : { إِلَيْهِ يَصْعَد الْكَلِم الطَّيِّب وَالْعَمَل الصَّالِح يَرْفَعهُ } 22124 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا سَعِيد الْجُرَيْرِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَقِيق , قَالَ : قَالَ كَعْب : إِنَّ لِسُبْحَان اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه , وَاللَّه أَكْبَر , لَدَوِيًّا حَوْل الْعَرْش كَدَوِيِّ النَّحْل , يُذَكِّرْنَ بِصَاحِبِهِنَّ , وَالْعَمَل الصَّالِح فِي الْخَزَائِن 22125 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ لَيْث بْن أَبِي سَلِيم , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب الْأَشْعَرِيّ , قَوْله : { إِلَيْهِ يَصْعَد الْكَلِم الطَّيِّب وَالْعَمَل الصَّالِح يَرْفَعهُ } قَالَ : الْعَمَل الصَّالِح يَرْفَع الْكَلِمَ الطَّيِّبَ 22126 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { إِلَيْهِ يَصْعَد الْكَلِم الطَّيِّب وَالْعَمَل الصَّالِح يَرْفَعهُ } قَالَ : الْكَلَام الطَّيِّب : ذِكْر اللَّه , وَالْعَمَل الصَّالِح : أَدَاء فَرَائِضه ; فَمَنْ ذَكَرَ اللَّهَ سُبْحَانه فِي أَدَاء فَرَائِضه , حُمِلَ عَلَيْهِ ذِكْر اللَّه فَصَعِدَ بِهِ إِلَى اللَّه , وَمَنْ ذَكَرَ اللَّهَ , وَلَمْ يُؤَدِّ فَرَائِضَهُ , رُدَّ كَلَامه عَلَى عَمَله , فَكَانَ أَوْلَى بِهِ 22127 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِلَيْهِ يَصْعَد الْكَلِم الطَّيِّب وَالْعَمَل الصَّالِح يَرْفَعهُ } قَالَ : الْعَمَل الصَّالِح يَرْفَع الْكَلَامَ الطَّيِّبَ 22128 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد قَالَ : ثنا سَعِيد عَنْ قَتَادَة قَوْله : { إِلَيْهِ يَصْعَد الْكَلِم الطَّيِّب وَالْعَمَل الصَّالِح يَرْفَعهُ } قَالَ : قَالَ الْحَسَن وَقَتَادَة : لَا يَقْبَل اللَّه قَوْلًا إِلَّا بِعَمَلٍ , مَنْ قَالَ وَأَحْسَن الْعَمَلَ قَبِلَ اللَّه مِنْهُ وَقَوْله : { وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَات } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِينَ يَكْسِبُونَ السَّيِّئَات لَهُمْ عَذَاب جَهَنَّم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22129 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثني سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَات لَهُمْ عَذَاب شَدِيد } قَالَ : هَؤُلَاءِ أَهْل الشِّرْك وَقَوْله : { وَمَكْر أُولَئِكَ هُوَ يَبُور } يَقُول : وَعَمَل هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَبُور , فَيَبْطُل فَيَذْهَب ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ , فَلَمْ يَنْفَع عَامِله . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22130 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَكْر أُولَئِكَ هُوَ يَبُور } : أَيْ يَفْسُد 22131 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ لَيْث بْن أَبِي سُلَيْم , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب { وَمَكْر أُولَئِكَ هُوَ يَبُور } قَالَ : هُمْ أَصْحَاب الرِّيَاء - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا سَهْل بْن أَبِي عَامِر , قَالَ : ثنا جَعْفَر الْأَحْمَر , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , فِي قَوْله { وَمَكْر أُولَئِكَ هُوَ يَبُور } قَالَ : هُمْ أَصْحَاب الرِّيَاء 22132 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَكْر أُولَئِكَ هُوَ يَبُور } قَالَ : بَارَ فَلَمْ يَنْفَعهُمْ , وَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِهِ , وَضَرّهمْ'; $TAFSEER['3']['35']['11'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاللَّه خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَاب ثُمَّ مِنْ نُطْفَة ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا } وَمَا تَحْمِل مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَع إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّر مِنْ مُعَمَّر وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُره إِلَّا فِي كِتَاب إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَاللَّه خَلَقَكُمْ } أَيّهَا النَّاس { مِنْ تُرَاب } يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ خَلَقَ أَبَاهُمْ آدَمَ مِنْ تُرَاب , فَجَعَلَ خَلْق أَبِيهِمْ مِنْهُ لَهُمْ خَلْقًا { ثُمَّ مِنْ نُطْفَة } يَقُول : ثُمَّ خَلَقَكُمْ مِنْ نُطْفَة الرَّجُل وَالْمَرْأَة { ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا } يَعْنِي أَنَّهُ زَوَّجَ مِنْهُمُ الْأُنْثَى مِنَ الذَّكَر . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22133 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَاللَّه خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَاب } يَعْنِي آدَم { ثُمَّ مِنْ نُطْفَة } يَعْنِي ذُرِّيَّته { ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا } فَزَوَّجَ بَعْضَكُمْ بَعْضًا وَقَوْله : { وَمَا تَحْمِل مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَع إِلَّا بِعِلْمِهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا تَحْمِل مِنْ أُنْثَى مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس مِنْ حَمْل وَلَا نُطْفَة إِلَّا وَهُوَ عَالِم بِحَمْلِهَا إِيَّاهُ وَوَضْعهَا , وَمَا هُوَ ؟ ذَكَر أَوْ أُنْثَى ؟ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ ذَلِكَ . وَقَوْله : { وَمَا يُعَمَّر مِنْ مُعَمَّر وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُره إِلَّا فِي كِتَاب } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَمَا يُعَمَّر مِنْ مُعَمَّر فَيَطُول عُمُره , وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُر آخَر غَيْره عَنْ عُمُر هَذَا الَّذِي عَمَّرَ عُمُرًا طَوِيلًا { إِلَّا فِي كِتَاب } عِنْده مَكْتُوب قَبْل أَنْ تَحْمِلَ بِهِ أُمّه , وَقَبْل أَنْ تَضَعَهُ , قَدْ أَحْصَى ذَلِكَ كُلَّهُ وَعَلِمَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ , لَا يُزَاد فِيمَا كَتَبَ لَهُ وَلَا يُنْقَص . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22134 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَا يُعَمَّر مِنْ مُعَمَّر } إِلَى { يَسِير } يَقُول : لَيْسَ أَحَد قَضَيْت لَهُ طُول الْعُمُر وَالْحَيَاة إِلَّا وَهُوَ بَالِغ مَا قَدَّرْت لَهُ مِنَ الْعُمُر , وَقَدْ قَضَيْت ذَلِكَ لَهُ , وَإِنَّمَا يَنْتَهِي إِلَى الْكِتَاب الَّذِي قَدَّرْت لَهُ , لَا يُزَاد عَلَيْهِ ; وَلَيْسَ أَحَد قَضَيْت لَهُ أَنَّهُ قَصِير الْعُمُر وَالْحَيَاة بِبَالِغ الْعُمُر , وَلَكِنْ يَنْتَهِي إِلَى الْكِتَاب الَّذِي قَدَّرْت لَهُ لَا يُزَاد عَلَيْهِ , فَذَلِكَ قَوْله : { وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُره إِلَّا فِي كِتَاب } يَقُول : كُلّ ذَلِكَ فِي كِتَاب عِنْدَهُ 22135 - حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : مَنْ قَضَيْت لَهُ أَنْ يُعَمَّر حَتَّى يُدْرِكَهُ الْكِبَر , أَوْ يُعَمَّر أَنْقَصَ مِنْ ذَلِكَ , فَكُلٌّ بَالِغٌ أَجَلَهُ الَّذِي قَدْ قَضَى لَهُ , كُلّ ذَلِكَ فِي كِتَاب 22136 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَا يُعَمَّر مِنْ مُعَمَّر وَلَا يُنْقَص مِنْ عُمُره إِلَّا فِي كِتَاب } قَالَ : أَلَا تَرَى النَّاس : الْإِنْسَان يَعِيش مِائَة سَنَة , وَآخَر يَمُوت حِينَ يُولَد ؟ فَهَذَا هَذَا فَالْهَاء الَّتِي فِي قَوْله { وَلَا يُنْقَص مِنْ عُمُره } عَلَى هَذَا التَّأْوِيل وَإِنْ كَانَتْ فِي الظَّاهِر أَنَّهَا كِنَايَة عَنْ اسْم الْمُعَمَّر الْأَوَّل , فَهِيَ كِنَايَة اسْم آخَر غَيْره , وَإِنَّمَا حَسُنَ ذَلِكَ لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَوْ أَظْهَرَ لَظَهَرَ بِلَفْظِ الْأَوَّل , وَذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ : عِنْدِي ثَوْب وَنِصْفه , وَالْمَعْنَى : وَنِصْف الْآخَر . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَا يُعَمَّر مِنْ مُعَمَّر وَلَا يُنْقَص مِنْ عُمُره بِفَنَاءِ مَا فَنِيَ مِنْ أَيَّام حَيَاته , فَذَلِكَ هُوَ نُقْصَان عُمُره . وَالْهَاء عَلَى هَذَا التَّأْوِيل لِلْمُعَمَّرِ الْأَوَّل ; لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : مَا يَطُول عُمُر أَحَد , وَلَا يَذْهَب مِنْ عُمُره شَيْء , فَيُنْقَص إِلَّا وَهُوَ فِي كِتَاب عَبْد اللَّه مَكْتُوب قَدْ أَحْصَاهُ وَعَلِمَهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22137 - حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن يُونُس , قَالَ : ثنا عَبْثَر , قَالَ : ثنا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَمَا يُعَمَّر مِنْ مُعَمَّر وَلَا يُنْقَص مِنْ عُمُره إِلَّا فِي كِتَاب } قَالَ : مَا يَقْضِي مِنْ أَيَّامه الَّتِي عُدِّدَتْ لَهُ إِلَّا فِي كِتَاب وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي الصَّوَاب , التَّأْوِيل الْأَوَّل ; وَذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ أَظْهَر مَعْنَيَيْهِ , وَأَشْبَههمَا بِظَاهِرِ التَّنْزِيل . وَقَوْله : { إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِير } : يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ إِحْصَاءَ أَعْمَار خَلْقه عَلَيْهِ يَسِير سَهْل , طَوِيل ذَلِكَ وَقَصِيره , لَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ شَيْء مِنْهُ .'; $TAFSEER['3']['35']['12'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْب فُرَات سَائِغ شَرَابه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا يَعْتَدِل الْبَحْرَانِ فَيَسْتَوِيَانِ , أَحَدهمَا عَذْب فُرَات ; وَالْفُرَات : هُوَ أَعْذَب الْعَذْب , { وَهَذَا مِلْح أُجَاج } يَقُول : وَالْآخَر مِنْهُمَا مِلْح أُجَاج , وَذَلِكَ هُوَ مَاء الْبَحْر الْأَخْضَر ; وَالْأُجَاج : الْمُرّ , وَهُوَ أَشَدّ الْمِيَاه مُلُوحَة , كَمَا : 22138 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { هَذَا مِلْح أُجَاج } وَالْأُجَاج : الْمُرّ وَقَوْله : { وَمِنْ كُلّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا } يَقُول : وَمِنْ كُلّ الْبِحَار تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا , وَذَلِكَ السَّمَك مِنْ عَذْبهمَا الْفُرَات , وَمِلْحهمَا الْأُجَاج { وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَة تَلْبَسُونَهَا } يَعْنِي : الدُّرّ وَالْمَرْجَان تَسْتَخْرِجُونَهَا مِنَ الْمِلْح الْأُجَاج . وَقَدْ بَيَّنَّا قَبْل وَجْه { تَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَة } , وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَج مِنَ الْمِلْح فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته { وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَتَرَى السُّفُنَ فِي كُلّ تِلْكَ الْبِحَار مَوَاخِرَ , تَمْخُر الْمَاءَ بِصُدُورِهَا , وَذَلِكَ خَرْقهَا إِيَّاهُ إِذَا مَرَّتْ وَاحِدَتهَا مَاخِرَة . يُقَال مِنْهُ : مَخَرَتْ تَمْخُر , وَتَمْخَر مَخْرًا , وَذَلِكَ إِذَا شَقَّتْ الْمَاءَ بِصُدُورِهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22139 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمِنْ كُلّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا } : أَيْ مِنْهُمَا جَمِيعًا { وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَة تَلْبَسُونَهَا } هَذَا اللُّؤْلُؤ , { وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ } : فِيهِ السُّفُن مُقْبِلَة وَمُدْبِرَة بِرِيحٍ وَاحِدَة 22140 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَتَرَى الْفُلْك فِيهِ مَوَاخِرَ } يَقُول : جِوَارِي وَقَوْله : { لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْله } يَقُول : لِتَطْلُبُوا بِرُكُوبِكُمْ فِي هَذِهِ الْبِحَار فِي الْفُلْك مِنْ مَعَايِشكُمْ , وَلِتَتَصَرَّفُوا فِيهَا فِي تِجَارَاتكُمْ , وَتَشْكُرُوا اللَّه عَلَى تَسْخِيره ذَلِكَ لَكُمْ , وَمَا رَزَقَكُمْ مِنْهُ مِنْ طَيِّبَات الرِّزْق , وَفَاخِر الْحُلِيّ .'; $TAFSEER['3']['35']['13'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يُولِج اللَّيْلَ فِي النَّهَار وَيُولِج النَّهَارَ فِي اللَّيْل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يُدْخِل اللَّيْلَ فِي النَّهَار , وَذَلِكَ مَا نَقَصَ مِنْ اللَّيْل أَدْخَلَهُ فِي النَّهَار فَزَادَهُ فِيهِ , وَيُولِج النَّهَارَ فِي اللَّيْل , وَذَلِكَ مَا نَقَصَ مِنْ أَجْزَاء النَّهَار زَادَ فِي أَجْزَاء اللَّيْل , فَأَدْخَلَهُ فِيهَا , كَمَا : 22141 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يُولِج اللَّيْلَ فِي النَّهَار وَيُولِج النَّهَارَ فِي اللَّيْل } زِيَادَة هَذَا فِي نُقْصَان هَذَا , وَنُقْصَان هَذَا فِي زِيَادَة هَذَا 22142 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَار وَيُولِج النَّهَارَ فِي اللَّيْل } يَقُول : هُوَ انْتِقَاص أَحَدهمَا مِنْ الْآخَر وَقَوْله : { وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى } يَقُول : وَأَجْرَى لَكُمْ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ نِعْمَة مِنْهُ عَلَيْكُمْ , وَرَحْمَةً مِنْهُ بِكُمْ , لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَاب , وَتَعْرِفُوا اللَّيْلَ مِنَ النَّهَار. وَقَوْله : { كُلّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى } يَقُول : كُلّ ذَلِكَ يَجْرِي لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22143 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى } أَجَل مَعْلُوم , وَحَدّ لَا يَقْصُر دُونَهُ وَلَا يَتَعَدَّاهُ وَقَوْله : { ذَلِكُمُ اللَّه رَبّكُمْ } يَقُول : الَّذِي يَفْعَل هَذِهِ الْأَفْعَال مَعْبُودكُمْ أَيّهَا النَّاس الَّذِي لَا تَصْلُح الْعِبَادَة إِلَّا لَهُ , وَهُوَ اللَّه رَبّكُمْ , كَمَا : 22144 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { ذَلِكُمُ اللَّه رَبّكُمْ لَهُ الْمُلْك } : أَيْ هُوَ الَّذِي يَفْعَل هَذَا وَقَوْله : { لَهُ الْمُلْك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَهُ الْمُلْك التَّامّ الَّذِي لَا شَيْء إِلَّا وَهُوَ فِي مُلْكه وَسُلْطَانه . وَقَوْله { وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونه مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِينَ تَعْبُدُونَ أَيّهَا النَّاس مِنْ دُون رَبّكُمْ الَّذِي هَذِهِ الصِّفَة الَّتِي ذَكَرهَا فِي هَذِهِ الْآيَات الَّذِي لَهُ الْمُلْك الْكَامِل , الَّذِي لَا يُشْبِههُ مُلْك صِفَته { مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِير } يَقُول : مَا يَمْلِكُونَ قِشْر نَوَاة فَمَا فَوْقهَا , وَلِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22145 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَوْف , عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله : { مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِير } قَالَ : هُوَ جِلْد النَّوَاة * - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { مِنْ قِطْمِير } يَقُول : الْجِلْد الَّذِي يَكُون عَلَى ظَهْر النَّوَاة . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِير } يَعْنِي : قِشْر النَّوَاة . 22146 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { مِنْ قِطْمِير } قَالَ : لِفَافَة النَّوَاة كَسَحَاةِ الْبَيْضَة 22147 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِير } وَالْقِطْمِير : الْقِشْرَة الَّتِي عَلَى رَأْس النَّوَاة 22148 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ بَعْض أَصْحَابه , فِي قَوْله : { مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِير } قَالَ : هُوَ الْقِمَع الَّذِي يَكُون عَلَى التَّمْرَة 22149 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا مُرَّة , عَنْ عَطِيَّة , قَالَ : : قِشْر النَّوَاة'; $TAFSEER['3']['35']['14'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ } قَوْله : { إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنْ تَدْعُوا أَيّهَا النَّاس هَؤُلَاءِ الْآلِهَة الَّتِي تَعْبُدُونَهَا مِنْ دُون اللَّه لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ ; لِأَنَّهَا جَمَاد لَا تَفْهَم عَنْكُمْ مَا تَقُولُونَ { وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ } يَقُول : وَلَوْ سَمِعُوا دُعَاءَكُمْ إِيَّاهُمْ , وَفَهِمُوا عَنْكُمْ أَنَّهَا قَوْلكُمْ , بِأَنْ جَعَلَ لَهُمْ سَمْعًا يَسْمَعُونَ بِهِ , مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ نَاطِقَة , وَلَيْسَ كُلّ سَامِع قَوْلًا مُتَيَسِّرًا لَهُ الْجَوَاب عَنْهُ. يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان : فَكَيْفَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه مَنْ هَذِهِ صِفَته , وَهُوَ لَا نَفْع لَكُمْ عِنْدَهُ , وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى ضَرّكُمْ , وَتَدْعُونَ عِبَادَةَ الَّذِي بِيَدِهِ نَفْعكُمْ وَضَرّكُمْ , وَهُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَأَنْعَمَ عَلَيْكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22150 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ } ; أَيْ مَا قَبِلُوا ذَلِكَ عَنْكُمْ , وَلَا نَفَعُوكُمْ فِيهِ وَقَوْله : { وَيَوْمَ الْقِيَامَة يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان : وَيَوْم الْقِيَامَة تَتَبَرَّأ آلِهَتكُمْ الَّتِي تَعْبُدُونَهَا مِنْ دُون اللَّه مِنْ أَنْ تَكُونَ كَانَتْ لِلَّهِ شَرِيكًا فِي الدُّنْيَا , كَمَا : 22151 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَيَوْم الْقِيَامَة يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ } إِيَّاهُمْ , وَلَا يَرْضَوْنَ , وَلَا يُقِرُّونَ بِهِ وَقَوْله : { وَلَا يُنَبِّئك مِثْل خَبِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا يُخْبِرك يَا مُحَمَّد عَنْ آلِهَة هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَمَا يَكُون مِنْ أَمْرهَا وَأَمْر عَبَدَتهَا يَوْمَ الْقِيَامَة , مِنْ تَبَرُّئِهَا مِنْهُمْ , وَكُفْرهَا بِهِمْ , مِثْل ذِي خِبْرَة بِأَمْرِهَا وَأَمْرهمْ ; وَذَلِكَ الْخَبِير هُوَ اللَّه الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء كَانَ أَوْ يَكُون سُبْحَانَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22152 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَا يُنَبِّئك مِثْل خَبِير } وَاللَّه هُوَ الْخَبِير أَنَّهُ سَيَكُونُ هَذَا مِنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَة'; $TAFSEER['3']['35']['15'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّاس أَنْتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّه وَاللَّه هُوَ الْغَنِيّ الْحَمِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا النَّاس أَنْتُمْ أُولُو الْحَاجَة وَالْفَقْر إِلَى رَبّكُمْ , فَإِيَّاهُ فَاعْبُدُوا , وَفِي رِضَاهُ فَسَارِعُوا , يُغْنِكُمْ مِنْ فَقْركُمْ , وَتَنْجَح لَدَيْهِ حَوَائِجكُمْ { وَاللَّه هُوَ الْغَنِيّ } عَنْ عِبَادَتكُمْ إِيَّاهُ , وَعَنْ خِدْمَتكُمْ , وَعَنْ غَيْر ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاء , مِنْكُمْ وَمِنْ غَيْركُمْ , { الْحَمِيد } يَعْنِي : الْمَحْمُود عَلَى نِعَمه , فَإِنَّ كُلّ نِعْمَة بِكُمْ وَبِغَيْرِكُمْ فَمِنْهُ , فَلَهُ الْحَمْد وَالشُّكْر بِكُلِّ حَال .'; $TAFSEER['3']['35']['16'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيد } وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَة إِلَى حَمْلهَا لَا يُحْمَل مِنْهُ شَيْء وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِر يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنْ يَشَأْ يُهْلِككُمْ أَيّهَا النَّاس رَبّكُمْ , لِأَنَّهُ أَنْشَأَكُمْ مِنْ غَيْر مَا حَاجَة بِهِ إِلَيْكُمْ { وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيد } يَقُول : وَيَأْتِ بِخَلْقٍ سِوَاكُمْ يُطِيعُونَهُ , وَيَأْتَمِرُونَ لِأَمْرِهِ , وَيَنْتَهُونَ عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ , كَمَا : 22153 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيد } : أَيْ وَيَأْتِ بِغَيْرِكُمْ'; $TAFSEER['3']['35']['17'] = 'وَقَوْله : { وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّه بِعَزِيزٍ } يَقُول : وَمَا إِذْهَابكُمْ وَالْإِتْيَان بِخَلْقٍ سِوَاكُمْ عَلَى اللَّه بِشَدِيدٍ , بَلْ ذَلِكَ عَلَيْهِ يَسِير سَهْل , يَقُول : فَاتَّقُوا اللَّهَ أَيّهَا النَّاس , وَأَطِيعُوهُ قَبْل أَنْ يَفْعَل بِكُمْ ذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['35']['18'] = 'وَقَوْله : { وَلَا تَزِر وَازِرَة وِزْر أُخْرَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا تَحْمِل آثِمَة إِثْم أُخْرَى غَيْرهَا { وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَة إِلَى حَمْلهَا لَا يُحْمَل مِنْهُ شَيْء وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } يَقُول تَعَالَى : وَإِنْ تَسْأَل ذَات ثِقَل مِنْ الذُّنُوب مَنْ يَحْمِل عَنْهَا ذُنُوبَهَا , وَتَطْلُب ذَلِكَ لَمْ تَجِد مَنْ يَحْمِل عَنْهَا شَيْئًا مِنْهَا , وَلَوْ كَانَ الَّذِي سَأَلَتْهُ ذَا قَرَابَة مِنْ أَب أَوْ أَخ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22154 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَا تَزِر وَازِرَة وِزْر أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَة إِلَى حَمْلهَا لَا يُحْمَل مِنْهُ شَيْء وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } يَقُول : يَكُون عَلَيْهِ وِزْر لَا يَجِد أَحَدًا يَحْمِل عَنْهُ مِنْ وِزْره شَيْئًا 22155 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَة إِلَى حَمْلهَا لَا يُحْمَل مِنْهُ شَيْء } كَنَحْوِ : { لَا تَزِر وَازِرَة وِزْر أُخْرَى } 22156 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَة إِلَى حَمْلهَا } إِلَى ذُنُوبهَا { لَا يُحْمَل مِنْهُ شَيْء وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } : أَيْ قَرِيب الْقَرَابَة مِنْهَا , لَا يَحْمِل مِنْ ذُنُوبهَا شَيْئًا , وَلَا تَحْمِل عَلَى غَيْرهَا مِنْ ذُنُوبهَا شَيْئًا { وَلَا تَزِر وَازِرَة وِزْر أُخْرَى } ; وَنَصَبَ ذَا قُرْبَى عَلَى تَمَام " كَانَ " لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَلَوْ كَانَ الَّذِي تَسْأَلهُ أَنْ يَحْمِلَ عَنْهَا ذُنُوبهَا ذَا قُرْبَى لَهَا ; وَأُنِّثَتْ " مُثْقَلَة " ; لِأَنَّهُ ذَهَبَ بِالْكَلَامِ إِلَى النَّفْس , كَأَنَّهُ قِيلَ : وَإِنْ تَدْعُ نَفْس مُثْقَلَة مِنْ الذُّنُوب إِلَى حَمْل ذُنُوبهَا , وَإِنَّمَا قِيلَ كَذَلِكَ لِأَنَّ النَّفْس تُؤَدِّي عَنْ الذَّكَر وَالْأُنْثَى , كَمَا قِيلَ : { كُلّ نَفْس ذَائِقَة الْمَوْت } 2 185 يَعْنِي بِذَلِكَ : كُلّ ذَكَر وَأُنْثَى وَقَوْله : { إِنَّمَا تُنْذِر الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا تُنْذِر يَا مُحَمَّد الَّذِينَ يَخَافُونَ عِقَابَ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة مِنْ غَيْر مُعَايَنَة مِنْهُمْ لِذَلِكَ , وَلَكِنْ لِإِيمَانِهِمْ بِمَا أَتَيْتهمْ بِهِ , وَتَصْدِيقهمْ لَك فِيمَا أَنْبَأْتهمْ عَنِ اللَّه ; فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَنْفَعهُمْ إِنْذَارك , وَيَتَّعِظُونَ بِمَوَاعِظِك , لَا الَّذِينَ طَبَعَ اللَّه عَلَى قُلُوبهمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ , كَمَا : 22157 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْل : { إِنَّمَا تُنْذِر الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ } : أَيْ يَخْشَوْنَ النَّارَ وَقَوْله : { وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ } يَقُول : وَأَدَّوْا الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ بِحُدُودِهَا عَلَى مَا فَرَضَهَا اللَّه عَلَيْهِمْ , وَقَوْله : { وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ يَتَطَهَّر مِنْ دَنَس الْكُفْر وَالذُّنُوب بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللَّه , وَالْإِيمَان بِهِ , وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ , فَإِنَّمَا يَتَطَهَّر لِنَفْسِهِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ يُثِيبهَا بِهِ رِضَا اللَّه , وَالْفَوْز بِجِنَانِهِ , وَالنَّجَاة مِنْ عِقَابه , الَّذِي أَعَدَّهُ لِأَهْلِ الْكُفْر بِهِ , كَمَا : 22158 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ } : أَيْ مَنْ يَعْمَل صَالِحًا فَإِنَّمَا يَعْمَلهُ لِنَفْسِهِ وَقَوْله : { وَإِلَى اللَّه الْمَصِير } يَقُول : وَإِلَى اللَّه مَصِير كُلّ عَامِل مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس , مُؤْمِنكُمْ وَكَافِركُمْ , وَبَرّكُمْ وَفَاجِركُمْ , وَهُوَ مُجَاز جَمِيعكُمْ بِمَا قَدَّمَ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ عَلَى مَا أَهَلَّ مِنْهُ .'; $TAFSEER['3']['35']['19'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى } عَنْ دِين اللَّه الَّذِي ابْتَعَثَ بِهِ نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَالْبَصِير } الَّذِي قَدْ أَبْصَرَ فِيهِ رَشَدَهُ , فَاتَّبَعَ مُحَمَّدًا وَصَدَّقَهُ , وَقَبِلَ عَنِ اللَّه مَا ابْتَعَثَهُ بِهِ'; $TAFSEER['3']['35']['20'] = '{ وَلَا الظُّلُمَات وَلَا النُّور } يَقُول : وَمَا تَسْتَوِي ظُلُمَات الْكُفْر , وَنُور الْإِيمَان'; $TAFSEER['3']['35']['21'] = '{ وَلَا الظِّلّ } قِيلَ : وَلَا الْجَنَّة { وَلَا الْحَرُور } قِيلَ : النَّار , كَأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَهُمْ : وَمَا تَسْتَوِي الْجَنَّة وَالنَّار ; وَالْحَرُور بِمَنْزِلَةِ السَّمُوم , وَهِيَ الرِّيَاح الْحَارَّة , وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَر بْن الْمُثَنَّى , عَنْ رِوَايَة ابْن الْعَجَّاج , أَنَّهُ كَانَ يَقُول : الْحَرُور بِاللَّيْلِ , وَالسَّمُوم بِالنَّهَارِ , وَأَمَّا أَبُو عُبَيْدَة فَإِنَّهُ قَالَ : الْحَرُور فِي هَذَا الْمَوْضِع وَالنَّهَار مَعَ الشَّمْس , وَأَمَّا الْفَرَّاء فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول : الْحَرُور يَكُون بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار , وَالسَّمُوم لَا يَكُون بِاللَّيْلِ إِنَّمَا يَكُون بِالنَّهَارِ . الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي , أَنَّ الْحَرُور يَكُون بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار , غَيْر أَنَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِع بِأَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَة : أَشْبَهَ مَعَ الشَّمْس ; لِأَنَّ الظِّلَّ إِنَّمَا يَكُون فِي يَوْم شَمْس , فَذَلِكَ يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ أُرِيد بِالْحَرُورِ : الَّذِي يُوجَد فِي حَال وُجُود الظِّلّ .'; $TAFSEER['3']['35']['22'] = 'وَقَوْله : { وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَات } يَقُول : وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء الْقُلُوب بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُوله , وَمَعْرِفَة تَنْزِيل اللَّه , وَالْأَمْوَات الْقُلُوب لِغَلَبَةِ الْكُفْر عَلَيْهَا , حَتَّى صَارَتْ لَا تَعْقِل عَنِ اللَّه أَمْره وَنَهْيَهُ , وَلَا تَعْرِف الْهُدَى مِنْ الضَّلَال ; وَكُلّ هَذِهِ أَمْثَال ضَرَبَهَا اللَّه لِلْمُؤْمِنِ وَالْإِيمَان , وَالْكَافِر وَالْكُفْر . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22159 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِير } الْآيَة , قَالَ : هُوَ مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لِأَهْلِ الطَّاعَة وَأَهْل الْمَعْصِيَة . يَقُول : وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالظُّلُمَات وَالْحَرُور , وَلَا الْأَمْوَات , فَهُوَ مَثَل أَهْل الْمَعْصِيَة . وَلَا يَسْتَوِي الْبَصِير وَلَا النُّور , وَلَا الظِّلّ وَالْأَحْيَاء , فَهُوَ مَثَل أَهْل الطَّاعَة 22160 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى } الْآيَة خَلْقًا , فَضَّلَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْض ; فَأَمَّا الْمُؤْمِن فَعَبْد حَيّ الْأَثَر , حَيّ الْبَصَر , حَيّ النِّيَّة , حَيّ الْعَمَل , وَأَمَّا الْكَافِر فَعَبْد مَيِّت , مَيِّت الْبَصَر , مَيِّت الْقَلْب , مَيِّت الْعَمَل 22161 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِير وَلَا الظُّلُمَات وَلَا النُّور وَلَا الظِّلّ وَلَا الْحَرُور وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَات } قَالَ : هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه ; فَالْمُؤْمِن بَصِير فِي دِين اللَّه , وَالْكَافِر أَعْمَى , كَمَا لَا يَسْتَوِي الظِّلّ وَلَا الْحَرُور , وَلَا الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَات , فَكَذَلِكَ لَا يَسْتَوِي هَذَا الْمُؤْمِن الَّذِي يُبْصِر دِينَهُ , وَلَا هَذَا الْأَعْمَى , وَقَرَأَ : { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاس } 6 122 قَالَ : الْهُدَى الَّذِي هَدَاهُ اللَّه بِهِ وَنَوَّرَ لَهُ . هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لِهَذَا الْمُؤْمِن الَّذِي يُبْصِر دِينَهُ , وَهَذَا الْكَافِر الْأَعْمَى , فَجَعَلَ الْمُؤْمِن حَيًّا , وَجَعَلَ الْكَافِر مَيِّتًا , مَيِّت الْقَلْب { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ } قَالَ : هَدَيْنَاهُ إِلَى الْإِسْلَام كَمَنْ مَثَله فِي الظُّلُمَات أَعْمَى الْقَلْب , وَهُوَ فِي الظُّلُمَات , أَهَذَا وَهَذَا سَوَاء وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه دُخُول " لَا " مَعَ حَرْف الْعَطْف فِي قَوْله : { وَلَا الظُّلُمَات وَلَا النُّور وَلَا الظِّلّ وَلَا الْحَرُور } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : قَالَ : وَلَا الظِّلّ وَلَا الْحَرُور , فَيُشْبِه أَنْ تَكُونَ " لَا " زَائِدَة ; لِأَنَّك لَوْ قُلْت : لَا يَسْتَوِي عَمْرو وَلَا زَيْد فِي هَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ " لَا " زَائِدَة ; وَكَانَ غَيْره يَقُول : إِذَا لَمْ تَدْخُل " لَا " مَعَ الْوَاو , فَإِنَّمَا لَمْ تَدْخُل اكْتِفَاءً بِدُخُولِهَا فِي أَوَّل الْكَلَام , فَإِذَا أُدْخِلَتْ فَإِنَّهُ يُرَاد بِالْكَلَامِ أَنَّ كُلَّ وَاحِد مِنْهُمَا لَا يُسَاوِي صَاحِبَهُ , فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَام إِذَا أُعِيدَتْ " لَا " مَعَ الْوَاو عِنْدَ صَاحِب هَذَا الْقَوْل : لَا يُسَاوِي الْأَعْمَى الْبَصِير وَلَا يُسَاوِي الْبَصِير الْأَعْمَى , فَكُلّ وَاحِد مِنْهُمَا لَا يُسَاوِي صَاحِبَهُ . وَقَوْله : { إِنَّ اللَّهَ يُسْمِع مَنْ يَشَاء وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَمَا لَا يَقْدِر أَنْ يُسْمِع مَنْ فِي الْقُبُور كِتَابَ اللَّه , فَيَهْدِيهِمْ بِهِ إِلَى سَبِيل الرَّشَاد , فَكَذَلِكَ لَا يَقْدِر أَنْ يُنْفَع بِمَوَاعِظ اللَّه , وَبَيَان حُجَجه , مَنْ كَانَ مَيِّت الْقَلْب مِنْ أَحْيَاء عِبَاده , عَنْ مَعْرِفَة اللَّه , وَفَهْم كِتَابه وَتَنْزِيله , وَوَاضِح حُجَجه , كَمَا : 22162 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِنَّ اللَّهَ يُسْمِع مَنْ يَشَاء وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُور } كَذَلِكَ الْكَافِر لَا يَسْمَع , وَلَا يَنْتَفِع بِمَا يَسْمَع'; $TAFSEER['3']['35']['23'] = 'وَقَوْله : { إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَنْتَ إِلَّا نَذِير تُنْذِر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ , الَّذِينَ طَبَعَ اللَّه عَلَى قُلُوبهمْ , وَلَمْ يُرْسِلْك رَبّك إِلَيْهِمْ إِلَّا لِتُبَلِّغهُمْ رِسَالَتَهُ , وَلَمْ يُكَلِّفك مِنَ الْأَمْر مَا لَا سَبِيلَ لَك إِلَيْهِ ; فَأَمَّا اهْتِدَاؤُهُمْ وَقَبُولهمْ مِنْك مَا جِئْتهمْ بِهِ , فَإِنَّ ذَلِكَ بِيَدِ اللَّه لَا بِيَدِك , وَلَا بِيَدِ غَيْرك مِنَ النَّاس , فَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات إِنْ هُمْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَك .'; $TAFSEER['3']['35']['24'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّا أَرْسَلْنَاك بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إِنَّا أَرْسَلْنَاك } يَا مُحَمَّد { بِالْحَقِّ } وَهُوَ الْإِيمَان بِاللَّهِ وَشَرَائِع الدِّين الَّتِي افْتَرَضَهَا عَلَى عِبَاده { بَشِيرًا } يَقُول : مُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ مَنْ صَدَّقَك وَقَبِلَ مِنْك مَا جِئْت بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه مِنَ النَّصِيحَة { وَنَذِيرًا } تُنْذِر النَّاسَ مَنْ كَذَّبَك وَرَدَّ عَلَيْك مَا جِئْت بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه مِنْ النَّصِيحَة . { وَإِنْ مِنْ أُمَّة إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِير } يَقُول : وَمَا مِنْ أُمَّة مِنَ الْأُمَم الدَّائِنَة بِمِلَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا مِنْ قَبْلِك نَذِير يُنْذِرهُمْ بَأْسَنَا عَلَى كُفْرهمْ بِاللَّهِ , كَمَا : 22163 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِنْ مِنْ أُمَّة إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِير } كُلّ أُمَّة كَانَ لَهَا رَسُول'; $TAFSEER['3']['35']['25'] = 'وَقَوْله : { وَإِنْ يُكَذِّبُوك فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلهمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُسَلِّيًا نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَلْقَى مِنْ مُشْرِكِي قَوْمه مِنْ التَّكْذِيب : وَإِنْ يُكَذِّبك يَا مُحَمَّد مُشْرِكُو قَوْمك , فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ مِنَ الْأُمَم الَّذِينَ جَاءَتْهُمْ رُسُلهمْ بِالْبَيِّنَاتِ ; يَقُول : بِحُجَجِ مِنَ اللَّه وَاضِحَة . { وَبِالزُّبُرِ } يَقُول : وَجَاءَتْهُمْ بِالْكُتُبِ مِنْ عِنْد اللَّه , كَمَا : 22164 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ } أَيْ الْكُتُب وَقَوْله : { بِالْكِتَابِ الْمُنِير } يَقُول : وَجَاءَهُمْ مِنَ اللَّه الْكِتَاب الْمُنِير لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَتَدَبَّرَهُ أَنَّهُ الْحَقّ , كَمَا : * 22165 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَبِالْكِتَابِ الْمُنِير } يُضَعِّف الشَّيْءَ وَهُوَ وَاحِد'; $TAFSEER['3']['35']['26'] = 'وَقَوْله : { ثُمَّ أَخَذْت الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ أَهْلَكْنَا الَّذِينَ جَحَدُوا رِسَالَةَ رُسُلنَا , وَحَقِيقَة مَا دَعَوْهُمْ إِلَيْهِ مِنْ آيَاتنَا , وَأَصَرُّوا عَلَى جُحُودهمْ { فَكَيْفَ كَانَ نَكِير } يَقُول : فَانْظُرْ يَا مُحَمَّد كَيْفَ كَانَ تَغْيِيرِي بِهِمْ , وَحُلُول عُقُوبَتِي بِهِمْ .'; $TAFSEER['3']['35']['27'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنَ الثَّمَرَات مُخْتَلِفًا أَلْوَانهَا وَمِنَ الْجِبَال جُدُد بِيض وَحُمْر مُخْتَلِف أَلْوَانهَا وَغَرَابِيب سُود } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَلَمْ تَرَ يَا مُحَمَّد أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاء غَيْثًا , فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَات مُخْتَلِفًا أَلْوَانهَا ; يَقُول : فَسَقَيْنَاهُ أَشْجَارًا فِي الْأَرْض , فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ تِلْكَ الْأَشْجَار ثَمَرَات مُخْتَلِفًا أَلْوَانهَا , مِنْهَا الْأَحْمَر , وَمِنْهَا الْأَسْوَد وَالْأَصْفَر , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَلْوَانهَا { وَمِنَ الْجِبَال جُدُد بِيض وَحُمْر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنْ الْجِبَال طَرَائِق , وَهِيَ الْجُدَد , وَهِيَ الْخُطَط تَكُون فِي الْجِبَال بِيض وَحُمْر وَسُود , كَالطُّرُقِ ; وَاحِدَتهَا جُدَّة ; وَمِنْهُ قَوْل امْرِئِ الْقَيْس فِي صِفَة حِمَار : كَأَنَّ سَرَاته وَجُدَّة مَتْنه كَنَائِن يَجْرِي فَوْقَهُنَّ دَلِيص يَعْنِي بِالْجُدَّةِ : الْخُطَّة السَّوْدَاء تَكُون فِي مَتْن الْحِمَار. وَقَوْله : { مُخْتَلِف أَلْوَانهَا } يَعْنِي : مُخْتَلِف أَلْوَان الْجُدَد { وَغَرَابِيب سُود } , وَذَلِكَ . مِنْ الْمُقَدَّم الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى التَّأْخِير ; وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب تَقُول : هُوَ أَسْوَد غِرْبِيب , إِذَا وَصَفُوهُ بِشِدَّةِ السَّوَاد , وَجَعَلَ السَّوَادَ هَا هُنَا صِفَة لِلْغَرَابِيبِ.'; $TAFSEER['3']['35']['28'] = 'وَقَوْله : { وَمِنَ النَّاس وَالدَّوَابّ وَالْأَنْعَام مُخْتَلِف أَلْوَانه كَذَلِكَ } كَمَا مِنْ الثَّمَرَات وَالْجِبَال مُخْتَلِف أَلْوَانه بِالْحُمْرَةِ وَالْبَيَاض وَالسَّوَاد وَالصُّفْرَة , وَغَيْر ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22166 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ ثَمَرَات مُخْتَلِفًا أَلْوَانهَا } أَحْمَر وَأَخْضَر وَأَصْفَر . { وَمِنَ الْجِبَال جُدَد بِيض } : أَيْ طَرَائِق بِيض { وَحُمْر مُخْتَلِف أَلْوَانهَا } أَيْ جِبَال حُمْر وَبِيض { وَغَرَابِيب سُود } هُوَ الْأَسْوَد , يَعْنِي لَوْنه كَمَا اخْتَلَفَ أَلْوَان هَذِهِ اخْتَلَفَ أَلْوَان النَّاس وَالدَّوَابّ وَالْأَنْعَام كَذَلِكَ 22167 - حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَمِنَ الْجِبَال جُدَد بِيض } طَرَائِق بِيض , وَحُمْر وَسُود , وَكَذَلِكَ النَّاس مُخْتَلِف أَلْوَانهمْ -حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد الْآمِلِيّ , قَالَ : ثنا مَرْوَان , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك قَوْله { وَمِنَ الْجِبَال جُدَد بِيض } قَالَ : هِيَ طَرَائِق حُمْر وَسُود وَقَوْله : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَاده الْعُلَمَاءُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّمَا يَخَاف اللَّهَ فَيَتَّقِي عِقَابَهُ بِطَاعَتِهِ الْعُلَمَاء , بِقُدْرَتِهِ عَلَى مَا يَشَاء مِنْ شَيْء , وَأَنَّهُ يَفْعَل مَا يُرِيد ; لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ ذَلِكَ أَيْقَنَ بِعِقَابِهِ عَلَى مَعْصِيَته , فَخَافَهُ وَرَهِبَهُ خَشْيَة مِنْهُ أَنْ يُعَاقِبَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22168 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَاده الْعُلَمَاءُ } قَالَ : الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير 22169 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَاده الْعُلَمَاءُ } قَالَ : كَانَ يُقَال : كَفَى بِالرَّهْبَةِ عِلْمًا " وَقَوْله : { إِنَّ اللَّهَ عَزِيز غَفُور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّهَ عَزِيز فِي انْتِقَامه مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ , غَفُور لِذُنُوبِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَأَطَاعَهُ .'; $TAFSEER['3']['35']['29'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ كِتَابَ اللَّه الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ } يَقُول : وَأَدَّوْا الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ لِمَوَاقِيتِهَا بِحُدُودِهَا . وَقَالَ : وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ بِمَعْنَى : وَيُقِيمُوا الصَّلَاة . وَقَوْله : { وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً } يَقُول : وَتَصَدَّقُوا بِمَا أَعْطَيْنَاهُمْ مِنْ الْأَمْوَال سِرًّا فِي خَفَاء , وَعَلَانِيَةً : جِهَارًا , وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ يُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ , وَيَتَطَوَّعُونَ أَيْضًا بِالصَّدَقَةِ مِنْهُ بَعْد أَدَاء الْفَرْض الْوَاجِب عَلَيْهِمْ فِيهِ. وَقَوْله : { يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَرْجُونَ بِفِعْلِهِمْ ذَلِكَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ : لَنْ تَكْسُد وَلَنْ تَهْلِك ; مِنْ قَوْلهمْ : بَارَتْ السُّوق : إِذَا كَسَدَتْ وَبَارَ الطَّعَام , وَقَوْله : { تِجَارَة } جَوَاب لِأَوَّلِ الْكَلَام .'; $TAFSEER['3']['35']['30'] = 'وَقَوْله : { لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ } يَقُول : وَيُوَفِّيهِمْ اللَّه عَلَى فِعْلهمْ ذَلِكَ ثَوَاب أَعْمَالهمْ الَّتِي عَمِلُوهَا فِي الدُّنْيَا { وَيَزِيدهُمْ مِنْ فَضْله } يَقُول : وَكَيْ يَزِيدهُمْ عَلَى الْوَفَاء مِنْ فَضْله مَا هُوَ لَهُ أَهْل , وَكَانَ مُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه يَقُول : هَذِهِ آيَة الْقُرَّاء . 22170 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَاصِم , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ مُطَرِّف إِذَا مَرَّ بِهَذِهِ الْآيَة : { إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّه } يَقُول : هَذِهِ آيَة الْقُرَّاء -حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ يَزِيد , عَنْ مُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه , أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّه } إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : هَذِهِ آيَة الْقُرَّاء - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ مُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه يَقُول : هَذِهِ آيَة الْقُرَّاء { لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْله } وَقَوْله : { إِنَّهُ غَفُور شَكُور } يَقُول : إِنَّ اللَّهَ غَفُور لِذُنُوبِ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتهمْ , شَكُور لِحَسَنَاتِهِمْ , كَمَا : 22171 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِنَّهُ غَفُور شَكُور } : إِنَّهُ غَفُور لِذُنُوبِهِمْ , شَكُور لِحَسَنَاتِهِمْ'; $TAFSEER['3']['35']['31'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْك مِنَ الْكِتَاب هُوَ الْحَقّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِير بَصِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْك مِنَ الْكِتَاب } يَا مُحَمَّد , وَهُوَ هَذَا الْقُرْآن الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّه عَلَيْهِ { هُوَ الْحَقّ } يَقُول : هُوَ الْحَقّ عَلَيْك وَعَلَى أُمَّتك أَنْ تَعْمَل بِهِ , وَتَتَّبِع مَا فِيهِ دُونَ غَيْره مِنَ الْكُتُب الَّتِي أَوْحَيْت إِلَى غَيْرك { مُصَدِّقًا لِمَا بَيْن يَدَيْهِ } يَقُول : هُوَ يُصَدِّق مَا مَضَى بَيْنَ يَدَيْهِ , فَصَارَ أَمَامه مِنْ الْكُتُب الَّتِي أَنْزَلْتهَا إِلَى مَنْ قَبْلَك مِنْ الرُّسُل , كَمَا : 22172 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْك مِنَ الْكِتَاب هُوَ الْحَقّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } لِلْكُتُبِ الَّتِي خَلَتْ قَبْلَهُ وَقَوْله : { إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِير بَصِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَذُو عِلْم وَخِبْرَة بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِير بِمَا يُصْلِحهُمْ مِنْ التَّدْبِير .'; $TAFSEER['3']['35']['32'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا فَمِنْهُمْ ظَالِم لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِد وَمِنْهُمْ سَابِق بِالْخَيْرَاتِ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْكِتَاب الَّذِي ذَكَرَ اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَة أَنَّهُ أَوْرَثَهُ الَّذِينَ اصْطَفَاهُمْ مَنْ عِبَاده , وَمَنْ الْمُصْطَفَوْنَ مِنْ عِبَاده , وَالظَّالِم لِنَفْسِهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْكِتَاب : هُوَ الْكُتُب الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّه مِنْ قَبْل الْفُرْقَان , وَالْمُصْطَفَوْنَ مِنْ عِبَاده : أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالظَّالِم لِنَفْسِهِ : أَهْل الْإِجْرَام مِنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22173 -حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ . عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ } إِلَى قَوْله : { الْفَضْل الْكَبِير } هُمْ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَرَّثَهُمْ اللَّه كُلّ كِتَاب أَنْزَلَهُ , فَظَالِمهمْ يُغْفَر لَهُ , وَمُقْتَصِدهمْ يُحَاسَب حِسَابًا يَسِيرًا , وَسَابِقهمْ يَدْخُل الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَاب 22174 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا الْحَكَم بْن بَشِير , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن قَيْس , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عِيسَى , عَنْ يَزِيد بْن الْحَارِث , عَنْ شَقِيق , عَنْ أَبِي وَائِل , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود أَنَّهُ قَالَ : هَذِهِ الْأُمَّة ثَلَاثَة أَثْلَاث يَوْم الْقِيَامَة : ثُلُث يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَاب , وَثُلُث يُحَاسَبُونَ حِسَابًا يَسِيرًا , وَثُلُث يَجِيئُونَ بِذُنُوبٍ عِظَام , حَتَّى يَقُولَ : مَا هَؤُلَاءِ ؟ وَهُوَ أَعْلَم تَبَارَكَ وَتَعَالَى , فَتَقُول الْمَلَائِكَة : هَؤُلَاءِ جَاءُوا بِذُنُوبٍ عِظَام إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يُشْرِكُوا بِك , فَيَقُول الرَّبّ : أَدْخِلُوا هَؤُلَاءِ فِي سَعَة رَحْمَتِي , وَتَلَا عَبْد اللَّه هَذِهِ الْآيَة : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا } 22175 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا عَوْن , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث بْن نَوْفَل , قَالَ : ثنا كَعْب الْأَحْبَار أَنَّ الظَّالِمَ لِنَفْسِهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة , وَالْمُقْتَصِد , وَالسَّابِق بِالْخَيْرَاتِ : كُلّهمْ فِي الْجَنَّة ; أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا } إِلَى قَوْله : { كُلّ كَفُور } - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَعِيد الْكِنْدِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , عَنْ عَوْف , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث بْن نَوْفَل , قَالَ : سَمِعْت كَعْبًا يَقُول : { فَمِنْهُمْ ظَالِم لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِد وَمِنْهُمْ سَابِق بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّه } قَالَ : كُلّهمْ فِي الْجَنَّة , وَتَلَا هَذِهِ الْآيَة : { جَنَّات عَدْن يَدْخُلُونَهَا } 35 33 . - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة الْفَزَارِيّ , عَنْ عَوْف بْن أَبِي جَبَلَة , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث بْن نَوْفَل , قَالَ : ثنا كَعْب أَنَّ الظَّالِمَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة , وَالْمُقْتَصِد , وَالسَّابِق بِالْخَيْرَاتِ , كُلّهمْ فِي الْجَنَّة ; أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه قَالَ : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا } إِلَى قَوْله : { لُغُوب } وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَار جَهَنَّم , قَالَ : قَالَ كَعْب : فَهَؤُلَاءِ أَهْل النَّار -حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ عَوْف , قَالَ : سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث يَقُول : قَالَ كَعْب : إِنَّ الظَّالِمَ لِنَفْسِهِ , وَالْمُقْتَصِد , وَالسَّابِق بِالْخَيْرَاتِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة : كُلّهمْ فِي الْجَنَّة , أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَقُول : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا } حَتَّى بَلَغَ قَوْله : { جَنَّات عَدْن يَدْخُلُونَهَا } 22176 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُمَيْد , عَنْ إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث عَنْ أَبِيهِ , أَنَّ ابْن عَبَّاس سَأَلَ كَعْبًا عَنْ قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا } إِلَى قَوْله : { بِإِذْنِ اللَّه } فَقَالَ : تَمَاسَّتْ مَنَاكِبهمْ وَرَبّ الْكَعْبَة , ثُمَّ أُعْطُوا الْفَضْلَ بِأَعْمَالِهِمْ 22177 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا الْحَكَم بْن بَشِير , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن قَيْس , عَنْ أَبِي إِسْحَاق السَّبِيعِيّ , فِي هَذِهِ الْآيَة : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا } قَالَ : قَالَ أَبُو إِسْحَاق : أَمَّا مَا سَمِعْت مُنْذُ سِتِّينَ سَنَة , فَكُلّهمْ نَاجٍ 22178 - قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ مُحَمَّد بْن الْحَنَفِيَّة , قَالَ : إِنَّهَا أُمَّة مَرْحُومَة ; الظَّالِم مَغْفُور لَهُ , وَالْمُقْتَصِد فِي الْجَنَّات عِنْدَ اللَّه , وَالسَّابِق بِالْخَيْرَاتِ فِي الدَّرَجَات عِنْدَ اللَّه وَقَالَ آخَرُونَ : الْكِتَاب الَّذِي أُورِثَ هَؤُلَاءِ الْقَوْم , هُوَ شَهَادَة أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه ; وَالْمُصْطَفَوْنَ هُمْ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; وَالظَّالِم لِنَفْسِهِ مِنْهُمْ هُوَ الْمُنَافِق , وَهُوَ فِي النَّار ; وَالْمُقْتَصِد , وَالسَّابِق بِالْخَيْرَاتِ فِي الْجَنَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22179 - حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّار الْحُسَيْن بْن حُرَيْث الْمَرْوَزِيّ , قَالَ : ثنا الْفَضْل بْن مُوسَى , عَنْ حُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ عَبْد اللَّه { فَمِنْهُمْ ظَالِم لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِد وَمِنْهُمْ سَابِق بِالْخَيْرَاتِ } قَالَ : اثْنَانِ فِي الْجَنَّة , وَوَاحِد فِي النَّار 22180 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا } إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : جَعَلَ أَهْل الْإِيمَان عَلَى ثَلَاثَة مَنَازِل , كَقَوْلِهِ : { أَصْحَاب الشِّمَال مَا أَصْحَاب الشِّمَال } 56 41 { وَأَصْحَاب الْيَمِين مَا أَصْحَاب الْيَمِين } 56 27 . { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ } 56 - 10 - 11 , فَهُمْ عَلَى هَذَا الْمِثَال 22181 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة { فَمِنْهُمْ ظَالِم لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِد } الْآيَة , قَالَ : الِاثْنَانِ فِي الْجَنَّة , وَوَاحِد فِي النَّار , وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الَّتِي فِي الْوَاقِعَة : { وَأَصْحَاب الْيَمِين مَا أَصْحَاب الْيَمِين } { وَأَصْحَاب الشِّمَال مَا أَصْحَاب الشِّمَال } { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ } 22182 - حَدَّثَنَا سَهْل بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْمَجِيد , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا فَمِنْهُمْ ظَالِم لِنَفْسِهِ } قَالَ : هُمْ أَصْحَاب الْمَشْأَمَة { وَمِنْهُمْ مُقْتَصِد } قَالَ : هُمْ أَصْحَاب الْمَيْمَنَة { وَمِنْهُمْ سَابِق بِالْخَيْرَاتِ } قَالَ : هُمْ السَّابِقُونَ مِنَ النَّاس كُلّهمْ 22183 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , قَالَ : قَالَ عَوْف , قَالَ الْحَسَن : أَمَّا الظَّالِم لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ هُوَ الْمُنَافِق , سَقَطَ هَذَا , وَأَمَّا الْمُقْتَصِد وَالسَّابِق بِالْخَيْرَاتِ , فَهُمَا صَاحِبَا الْجَنَّة * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ عَوْف , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : الظَّالِم لِنَفْسِهِ : الْمُنَافِق 22184 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا } شَهَادَة أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه { فَمِنْهُمْ ظَالِم لِنَفْسِهِ } هَذَا الْمُنَافِق فِي قَوْل قَتَادَة وَالْحَسَن { وَمِنْهُمْ مُقْتَصِد } قَالَ : هَذَا صَاحِب الْيَمِين { وَمِنْهُمْ سَابِق بِالْخَيْرَاتِ } قَالَ : هَذَا الْمُقَرَّب . قَالَ قَتَادَة : كَانَ النَّاس ثَلَاث مَنَازِل فِي الدُّنْيَا , وَثَلَاث مَنَازِل عِنْدَ الْمَوْت , وَثَلَاث مَنَازِل فِي الْآخِرَة . أَمَّا الدُّنْيَا , فَكَانُوا : مُؤْمِن , وَمُنَافِق , وَمُشْرِك وَأَمَّا عِنْدَ الْمَوْت , فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ : { فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْح وَرَيْحَان وَجَنَّة نَعِيم وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين فَسَلَام لَك مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُل مِنْ حَمِيم وَتَصْلِيَة جَحِيم } 56 88 - 94 . وَأَمَّا فِي الْآخِرَة فَكَانُوا أَزْوَاجًا ثَلَاثَة , { وَأَصْحَاب الْمَيْمَنَة مَا أَصْحَاب الْمَيْمَنَة وَأَصْحَاب الْمَشْأَمَة مَا أَصْحَاب الْمَشْأَمَة وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ } 56 8 - 11 . - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا فَمِنْهُمْ ظَالِم لِنَفْسِهِ } قَالَ : هُمْ أَصْحَاب الْمَشْأَمَة { وَمِنْهُمْ مُقْتَصِد } قَالَ : أَصْحَاب الْمَيْمَنَة , { وَمِنْهُمْ سَابِق بِالْخَيْرَاتِ } قَالَ : فَهُمْ السَّابِقُونَ مِنَ النَّاس كُلّهمْ - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا فَمِنْهُمْ ظَالِم لِنَفْسِهِ } قَالَ : سَقَطَ هَذَا { وَمِنْهُمْ مُقْتَصِد وَمِنْهُمْ سَابِق بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّه } قَالَ : سَبَقَ هَذَا بِالْخَيْرَاتِ , وَهَذَا مُقْتَصِد عَلَى أَثَره وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ تَأْوِيل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا } الْكُتُب الَّتِي أُنْزِلَتْ مِنْ قَبْل الْفُرْقَان . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , وَأُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتْلُونَ غَيْرَ كِتَابهمْ , وَلَا يَعْمَلُونَ إِلَّا بِمَا فِيهِ مِنَ الْأَحْكَام وَالشَّرَائِع ؟ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى غَيْر الَّذِي ذَهَبْت إِلَيْهِ , وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ : ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْإِيمَانَ بِالْكِتَابِ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا , فَمِنْهُمْ مُؤْمِنُونَ بِكُلِّ كِتَاب أَنْزَلَهُ اللَّه مِنَ السَّمَاء قَبْل كِتَابهمْ وَعَامِلُونَ بِهِ ; لِأَنَّ كُلَّ كِتَاب أُنْزِلَ مِنَ السَّمَاء قَبْل الْفُرْقَان , فَإِنَّهُ يَأْمُر بِالْعَمَلِ بِالْفُرْقَانِ عِنْدَ نُزُوله , وَبِاتِّبَاعِ مَنْ جَاءَ بِهِ , وَذَلِكَ عَمَل مَنْ أَقَرَّ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَبِمَا جَاءَ بِهِ , وَعَمِلَ بِمَا دَعَاهُ إِلَيْهِ بِمَا فِي الْقُرْآن , وَبِمَا فِي غَيْره مِنَ الْكُتُب الَّتِي أُنْزِلَتْ قَبْلَهُ . وَإِنَّمَا قِيلَ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ } الْكُتُب الَّتِي ذَكَرْنَا لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْك مِنَ الْكِتَاب هُوَ الْحَقّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } ثُمَّ أَتْبَع ذَلِكَ قَوْله { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا } فَكَانَ مَعْلُومًا , إِذْ كَانَ مَعْنَى الْمِيرَاث إِنَّمَا هُوَ انْتِقَال مَعْنًى مِنْ قَوْم إِلَى آخَرِينَ , وَلَمْ تَكُنْ أُمَّة عَلَى عَهْد نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَقَلَ إِلَيْهِمْ كِتَاب مِنْ قَوْم كَانُوا قَبْلَهُمْ غَيْر أُمَّته , أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُصْطَفَيْنَ مِنْ عِبَاده هُمْ مُؤْمِنُو أُمَّته ; وَأَمَّا الظَّالِم لِنَفْسِهِ , فَإِنَّهُ لَأَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْل الذُّنُوب وَالْمَعَاصِي الَّتِي هِيَ دُونَ النِّفَاق وَالشِّرْك عِنْدِي أَشْبَه بِمَعْنَى الْآيَة مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُنَافِق أَوْ الْكَافِر , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْره أَتْبَع هَذِهِ الْآيَة قَوْله : { جَنَّات عَدْن يَدْخُلُونَهَا } فَعَمّ بِدُخُولِ الْجَنَّة جَمِيع الْأَصْنَاف الثَّلَاثَة . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنَّ قَوْلَهُ { يَدْخُلُونَهَا } إِنَّمَا عُنِيَ بِهِ الْمُقْتَصِد وَالسَّابِق ; قِيلَ لَهُ : وَمَا بُرْهَانُك عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ مِنْ خَبَر أَوْ عَقْل ؟ فَإِنْ قَالَ : قِيَام الْحُجَّة أَنَّ الظَّالِمَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة سَيَدْخُلُ النَّارَ , وَلَوْ لَمْ يَدْخُل النَّارَ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَاف الثَّلَاثَة أَحَد وَجَبَ أَنْ لَا يَكُون لِأَهْلِ الْإِيمَان وَعِيد ; قِيلَ : إِنَّهُ لَيُسَدِّد فِي الْآيَة خَبَر أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ النَّارَ , وَإِنَّمَا فِيهَا إِخْبَار مِنَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ جَنَّات عَدْن , وَجَائِز أَنْ يَدْخُلهَا الظَّالِم لِنَفْسِهِ بَعْد عُقُوبَة اللَّه إِيَّاهُ عَلَى ذُنُوبه الَّتِي أَصَابَهَا فِي الدُّنْيَا , وَظُلْمه نَفْسه فِيهَا بِالنَّارِ , أَوْ بِمَا شَاءَ مِنْ عِقَابه , ثُمَّ يُدْخِلهُ الْجَنَّةَ , فَيَكُون مِمَّنْ عَمَّهُ خَبَر اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ { جَنَّات عَدْن يَدْخُلُونَهَا } وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ أَخْبَار , وَإِنْ كَانَ فِي أَسَانِيدهَا نَظَر , مَعَ دَلِيل الْكِتَاب عَلَى صِحَّته عَلَى النَّحْو الَّذِي بَيَّنْت. ذِكْر الرِّوَايَة الْوَارِدَة بِذَلِكَ : 22185 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان عَنِ الْأَعْمَش , قَالَ : ذَكَرَ أَبُو ثَابِت أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ , فَجَلَسَ إِلَى جَنْب أَبِي الدَّرْدَاء , فَقَالَ : اللَّهُمَّ آنِسْ وَحْشَتِي , وَارْحَمْ غُرْبَتِي , وَيَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا , فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء : لَئِنْ كُنْت صَادِقًا لَأَنَا أَسْعَد بِهِ مِنْك ! سَأُحَدِّثُك حَدِيثًا سَمِعْته مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أُحَدِّث بِهِ مُنْذُ سَمِعْته ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَة : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا فَمِنْهُمْ ظَالِم لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِد وَمِنْهُمْ سَابِق بِالْخَيْرَاتِ } فَأَمَّا السَّابِق بِالْخَيْرَاتِ , فَيَدْخُلهَا بِغَيْرِ حِسَاب , وَأَمَّا الْمُقْتَصِد فَيُحَاسَب حِسَابًا يَسِيرًا , وَأَمَّا الظَّالِم لِنَفْسِهِ فَيُصِيبهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَان مِنَ الْغَمّ وَالْحَزَن , فَذَلِكَ قَوْله : { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ } 22186 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة عَنِ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا مِنْ ثَقِيف حَدَّثَ عَنْ رَجُل مِنْ كِنَانَة , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا فَمِنْهُمْ ظَالِم لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِد وَمِنْهُمْ سَابِق بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّه } قَالَ : وَهَؤُلَاءِ كُلّهمْ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَة , وَكُلّهمْ فِي الْجَنَّة " . وَعَنَى بِقَوْلِهِ : { الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا } : الَّذِينَ اخْتَرْنَاهُمْ لِطَاعَتِنَا وَاجْتَبَيْنَاهُمْ . وَقَوْله : { فَمِنْهُمْ ظَالِم لِنَفْسِهِ } يَقُول : فَمِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا , مَنْ يَظْلِم نَفْسَهُ بِرُكُوبِهِ الْمَآثِم , وَاجْتِرَامه الْمَعَاصِي , وَاقْتِرَافه الْفَوَاحِشَ { وَمِنْهُمْ مُقْتَصِد } وَهُوَ غَيْر الْمُبَالِغ فِي طَاعَة رَبّه , وَغَيْر الْمُجْتَهِد فِيمَا أَلْزَمهُ مِنْ خِدْمَة رَبّه , حَتَّى يَكُونَ عَمَله فِي ذَلِكَ قَصْدًا { وَمِنْهُمْ سَابِق بِالْخَيْرَاتِ } وَهُوَ الْمُبَرَّز الَّذِي قَدْ تَقَدَّمَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي خِدْمَة رَبّه , وَأَدَاء مَا لَزِمَهُ مِنْ فَرَائِضه , فَسَبَقَهُمْ بِصَالِحِ الْأَعْمَال , وَهِيَ الْخَيْرَات الَّتِي قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ { بِإِذْنِ اللَّه } يَقُول : بِتَوْفِيقِ اللَّه إِيَّاهُ لِذَلِكَ . وَقَوْله : { ذَلِكَ هُوَ الْفَضْل الْكَبِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : سُبُوقُ هَذَا السَّابِق مِنْ سَبْقه بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّه , هُوَ الْفَضْل الْكَبِير الَّذِي فَضَلَ بِهِ مَنْ كَانَ مُقَصِّرًا عَنْ مَنْزِلَته فِي طَاعَة اللَّه مِنْ الْمُقْتَصِد وَالظَّالِم لِنَفْسِهِ .'; $TAFSEER['3']['35']['33'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { جَنَّات عَدْن يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَب وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسهمْ فِيهَا حَرِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : بَسَاتِين إِقَامَة يَدْخُلُونَهَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَوْرَثْنَاهُمُ الْكِتَابَ , الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا يَوْمَ الْقِيَامَة { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِر مِنْ ذَهَب } يَلْبَسُونَ فِي جَنَّات عَدْن أَسْوِرَة مِنْ ذَهَب { وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسهمْ فِيهَا حَرِير } يَقُول : وَلِبَاسهمْ فِي الْجَنَّة حَرِير .'; $TAFSEER['3']['35']['34'] = 'وَقَوْله : { وَقَالُوا الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْحَزَن الَّذِي حَمِدَ اللَّهَ عَلَى إِذْهَابه عَنْهُمْ هَؤُلَاءِ الْقَوْم , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ الْحَزَن الَّذِي كَانُوا فِيهِ قَبْلَ دُخُولهمْ الْجَنَّةَ مِنْ خَوْف النَّار , إِذْ كَانُوا خَائِفِينَ أَنْ يَدْخُلُوهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22187 - حَدَّثَنِي قَتَادَة بْن سَعِيد بْن قَتَادَة السَّدُوسِيّ , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام صَاحِب الدَّسْتُوَائِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ عَمْرو بْن مَالِك , عَنْ أَبِي الْجَوْزَاء , عَنْ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَن } قَالَ : حَزَن النَّار 22188 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ يَحْيَى بْن الْمُخْتَار , عَنِ الْحَسَن { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } 25 63 . قَالَ : إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَوْم ذُلُل , ذَلَّتْ وَاللَّه الْأَسْمَاع وَالْأَبْصَار وَالْجَوَارِح , حَتَّى يَحْسِبهُمُ الْجَاهِل مَرْضَى , وَمَا بِالْقَوْمِ مَرَض , وَإِنَّهُمْ لَأَصِحَّةُ الْقُلُوب , وَلَكِنْ دَخَلَهُمْ مِنْ الْخَوْف مَا لَمْ يَدْخُل غَيْرَهُمْ , وَمَنَعَهُمْ مِنْ الدُّنْيَا عِلْمهمْ بِالْآخِرَةِ , فَقَالُوا : { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَن } , وَالْحَزَن , وَاللَّه مَا حَزَنهمْ حَزَن الدُّنْيَا , وَلَا تَعَاظَمَ فِي أَنْفُسهمْ مَا طَلَبُوا بِهِ الْجَنَّةَ أَبْكَاهُمُ الْخَوْف مِنَ النَّار , وَأَنَّهُ مَنْ لَا يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّه يَقْطَع نَفْسَهُ عَلَى الدُّنْيَا حَسَرَات , وَمَنْ لَمْ يَرَ لِلَّهِ عَلَيْهِ نِعْمَة إِلَّا فِي مَطْعَم أَوْ مَشْرَب , فَقَدْ قَلَّ عِلْمه , وَحَضَرَ عَذَابه وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِهِ الْمَوْت . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22189 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إِدْرِيس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَطِيَّة , فِي قَوْله : { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَن } قَالَ : الْمَوْت وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِهِ حَزَن الْخُبْز . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22190 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ حَفْص , يَعْنِي ابْن حُمَيْد , عَنْ شِمْر , قَالَ : لَمَّا أَدْخَلَ اللَّه أَهْل الْجَنَّة الْجَنَّة , قَالُوا { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَن } قَالَ : حَزَن الْخُبْز وَقَالَ آخَرُونَ . عُنِيَ بِذَلِكَ : الْحَزَن مِنْ التَّعَب الَّذِي كَانُوا فِيهِ فِي الدُّنْيَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 22191 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَقَالُوا الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَن } قَالَ : كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَعْمَلُونَ وَيَنْصَبُونَ وَهُمْ فِي خَوْف , أَوْ يَحْزَنُونَ وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ الْحَزَن الَّذِي يَنَال الظَّالِمَ لِنَفْسِهِ فِي مَوْقِف الْقِيَامَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22192 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ الْأَعْمَش , قَالَ : ذَكَرَ أَبُو ثَابِت أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاء , قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " أَمَّا الظَّالِم لِنَفْسِهِ , فَيُصِيبهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَان مِنَ الْغَمّ وَالْحَزَن , فَذَلِكَ قَوْله : { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَن } " . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ أَكْرَمهمْ بِمَا أَكْرَمهمْ بِهِ أَنَّهُمْ قَالُوا حِين دَخَلُوا الْجَنَّةَ { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَن } وَخَوْف دُخُول النَّار مِنَ الْحَزَن , وَالْفَجْع مِنَ الْمَوْت مِنَ الْحَزَن , وَالْجَزَع مِنَ الْحَاجَة إِلَى الْمَطْعَم مِنَ الْحَزَن , وَلَمْ يُخَصِّص اللَّه إِذْ أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ حَمِدُوهُ عَلَى إِذْهَابه الْحَزَن عَنْهُمْ نَوْعًا دُونَ نَوْع , بَلْ أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ عَمُّوا جَمِيعَ أَنْوَاع الْحَزَن بِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ , وَكَذَلِكَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ مَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَلَا حَزَنَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ , فَحَمْدهمْ عَلَى إِذْهَابه عَنْهُمْ جَمِيعَ مَعَانِي الْحَزَن . وَقَوْله : { إِنَّ رَبّنَا لَغَفُور شَكُور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل هَذِهِ الْأَصْنَاف الَّذِينَ أَخْبَرَ أَنَّهُ اصْطَفَاهُمْ مِنْ عِبَاده عِنْدَ دُخُولهمْ الْجَنَّة : إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُور لِذُنُوبِ عِبَاده الَّذِينَ تَابُوا مِنْ ذُنُوبهمْ , فَسَاتِرهَا عَلَيْهِمْ بِعَفْوِهِ لَهُمْ عَنْهَا , شَكُور لَهُمْ عَلَى طَاعَتهمْ إِيَّاهُ , وَصَالِح مَا قَدَّمُوا فِي الدُّنْيَا مِنَ الْأَعْمَال . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22193 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُور شَكُور } لِحَسَنَاتِهِمْ 22194 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ حَفْص , عَنْ شِمْر { إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُور شَكُور } غَفَرَ لَهُمْ مَا كَانَ مِنْ ذَنْب , وَشَكَرَ لَهُمْ مَا كَانَ مِنْهُمْ'; $TAFSEER['3']['35']['35'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَة مِنْ فَضْله لَا يَمَسّنَا فِيهَا نَصَب وَلَا يَمَسّنَا فِيهَا لُغُوب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل الَّذِينَ أُدْخِلُوا الْجَنَّة { إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُور شَكُور الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَة } : أَيْ رَبّنَا الَّذِي أَنْزَلَنَا هَذِهِ الدَّارَ , يَعْنُونَ الْجَنَّةَ ; فَدَار الْمُقَامَة : دَار الْإِقَامَة الَّتِي لَا نُقْلَة مَعَهَا , وَلَا تَحَوُّل ; وَالْمِيم إِذَا ضُمَّتْ مِنْ الْمُقَامَة , فَهِيَ مِنَ الْإِقَامَة ; فَإِذَا فُتِحَتْ فَهِيَ مِنَ الْمَجْلِس , وَالْمَكَان الَّذِي يُقَام فِيهِ , قَالَ الشَّاعِر : يَوْمَانِ يَوْم مَقَامَات وَأَنْدِيَة وَيَوْم سَيْر إِلَى الْأَعْدَاء تَأْوِيب وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22195 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَة مِنْ فَضْله } أَقَامُوا فَلَا يَتَحَوَّلُونَ وَقَوْله : { لَا يَمَسّنَا فِيهَا نَصَب } يَقُول : لَا يُصِيبنَا فِيهَا تَعَب وَلَا وَجَع { وَلَا يَمَسّنَا فِيهَا لُغُوب } يَعْنِي بِاللُّغُوبِ : الْعَنَاءَ وَالْإِعْيَاءَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22196 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن عُمَيْر , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { لَا يَمَسّنَا فِيهَا نَصَب وَلَا يَمَسّنَا فِيهَا لُغُوب } قَالَ : اللُّغُوب : الْعَنَاء 22197 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { لَا يَمَسّنَا فِيهَا نَصَب } : أَيْ وَجَع'; $TAFSEER['3']['35']['36'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَار جَهَنَّم لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا } بِاللَّهِ وَرَسُوله { لَهُمْ نَار جَهَنَّم } يَقُول : لَهُمْ نَار جَهَنَّمَ مُخَلَّدِينَ فِيهَا , لَا حَظّ لَهُمْ فِي الْجَنَّة وَلَا نَعِيمهَا , كَمَا : 22198 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لَهُمْ نَار جَهَنَّم لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ } بِالْمَوْتِ فَيَمُوتُوا ; لِأَنَّهُمْ لَوْ مَاتُوا لَاسْتَرَاحُوا . { وَلَا يُخَفَّف عَنْهُمْ مِنْ عَذَابهَا } يَقُول : وَلَا يُخَفَّف عَنْهُمْ مِنْ عَذَاب نَار جَهَنَّم بِإِمَاتَتِهِمْ , يُخَفَّف ذَلِكَ عَنْهُمْ , كَمَا : 22199 - حَدَّثَنِي مُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه الضَّبِّيّ , قَالَ : ثنا أَبُو قُتَيْبَة , قَالَ ثنا أَبُو هِلَال الرَّاسِبِيّ , عَنْ قَتَادَة عَنْ أَبِي السَّوْدَاء , قَالَ : مَسَاكِين أَهْل النَّار لَا يَمُوتُونَ , لَوْ مَاتُوا لَاسْتَرَاحُوا 22200 - حَدَّثَنِي عُقْبَة عَنْ سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا غَسَّان بْن مُضَر , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن يَزِيد ; وَحَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ سَعِيد بْن يَزِيد ; وَحَدَّثَنَا سِوَار بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , ثنا أَبُو سَلَمَة , عَنْ أَبِي نَضْرَة , عَنْ أَبِي سَعِيد , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَّا أَهْل النَّار الَّذِينَ هُمْ أَهْلهَا فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ , لَكِنَّ نَاسًا - أَوْ كَمَا قَالَ -تُصِيبهُمْ النَّار بِذُنُوبِهِمْ , أَوْ قَالَ : بِخَطَايَاهُمْ , فَيُمِيتهُمْ إِمَاتَة حَتَّى إِذَا صَارُوا فَحْمًا أَذِنَ فِي الشَّفَاعَة , فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِر , فَبُيُّوا عَلَى أَهْل الْجَنَّة , فَقَالَ : يَا أَهْل الْجَنَّة أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُت الْحَبَّة فِي حَمِيل السَّيْل " فَقَالَ رَجُل مِنَ الْقَوْم حِينَئِذٍ : كَأَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ بِالْبَادِيَةِ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ : { وَلَا يُخَفَّف عَنْهُمْ مِنْ عَذَابهَا } وَقَدْ قِيلَ فِي مَوْضِع آخَر : { كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا } 17 97 . ؟ قِيلَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا يُخَفَّف عَنْهُمْ مِنْ هَذَا النَّوْع مِنَ الْعَذَاب . وَقَوْله : { كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَكَذَا يُكَافَأ كُلّ جَحُود لِنِعَمِ رَبّه يَوْم الْقِيَامَة , بِأَنْ يُدْخِلَهُمْ نَارَ جَهَنَّم بِسَيِّئَاتِهِمْ الَّتِي قَدَّمُوهَا فِي الدُّنْيَا .'; $TAFSEER['3']['35']['37'] = 'وَقَوْله : { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَل صَالِحًا غَيْر الَّذِي كُنَّا نَعْمَل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَؤُلَاءِ الْكُفَّار يَسْتَغِيثُونَ , وَيَضِجُّونَ فِي النَّار , يَقُولُونَ : يَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَل صَالِحًا : أَيْ نَعْمَل بِطَاعَتِك { غَيْر الَّذِي كُنَّا نَعْمَل } قَبْل مِنْ مَعَاصِيك , وَقَوْله : { يَصْطَرِخُونَ } يَفْتَعِلُونَ مِنْ الصُّرَاخ , حُوِّلَتْ تَاؤُهَا طَاء لِقُرْبِ مَخْرَجهَا مِنْ الصَّاد لَمَّا ثَقُلَتْ . وَقَوْله : { أَوَلَمْ نُعَمِّركُمْ مَا يَتَذَكَّر فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَبْلَغ ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ أَرْبَعُونَ سَنَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22201 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بْن خُثَيْم , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : سَمِعْت ابْن عَبَّاس يَقُول : الْعُمُر الَّذِي أَعْذَرَ اللَّه إِلَى ابْن آدَم { أَوَلَمْ نُعَمِّركُمْ مَا يَتَذَكَّر فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ } : أَرْبَعُونَ سَنَة 22202 -حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُجَالِد , عَنِ الشَّعْبِيّ , عَنْ مَسْرُوق أَنَّهُ كَانَ يَقُول : إِذَا بَلَغَ أَحَدكُمْ أَرْبَعِينَ سَنَة , فَلْيَأْخُذْ حِذْره مِنْ اللَّه وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ سِتُّونَ سَنَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22203 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ ابْن خُثَيْم , عَنْ مُجَاهِد , عَنِ ابْن عَبَّاس { أَوَلَمْ نُعَمِّركُمْ مَا يَتَذَكَّر فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ } قَالَ : سِتُّونَ سَنَة - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت عَبْدَ اللَّه بْن عُثْمَان بْن خُثَيْم , عَنْ مُجَاهِد , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : الْعُمُر الَّذِي أَعْذَرَ اللَّه فِيهِ لِابْنِ آدَمَ سِتُّونَ سَنَة 22204 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن شُعَيْب , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي فُدَيْك , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن الْفَضْل , عَنْ أَبِي حُسَيْن الْمَكِّيّ , عَنْ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نُودِيَ : أَيْنَ أَبْنَاء السِّتِّينَ , وَهُوَ الْعُمُر الَّذِي قَالَ اللَّه : { أَوَلَمْ نُعَمِّركُمْ مَا يَتَذَكَّر فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِير } " . 22205 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الْفَرَج الْحِمْصِيّ , قَالَ : ثنا بَقِيَّة بْن الْوَلِيد , قَالَ : ثنا مُطَرِّف بْن مَازِن الْكِنَانِيّ , قَالَ : ثني مَعْمَر بْن رَاشِد , قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الْغِفَارِيّ يَقُول : سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلَقَدْ أَعْذَرَ اللَّه إِلَى صَاحِب السِّتِّينَ سَنَة وَالسَّبْعِينَ " . 22206 - حَدَّثَنَا أَبُو صَالِح الْفَزَارِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن سِوَار , قَالَ : ثنا يَعْقُوب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الْقَارِي الْإِسْكَنْدَرِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو حَازِم , عَنْ سَعِيد الْمَقْبُرِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ عَمَّرَهُ اللَّه سِتِّينَ سَنَة فَقَدْ أَعْذَرَ إِلَيْهِ فِي الْعُمُر " 22207 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِوَار , قَالَ : ثنا أَسَد بْن حُمَيْد , عَنْ سَعِيد بْن طَرِيف , عَنْ الْأَصْبَغ بْن نَبَاتَةَ , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فِي قَوْله : { أَوَلَمْ نُعَمِّركُمْ مَا يَتَذَكَّر فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِير } قَالَ : الْعُمُر الَّذِي عَمَّرَكُمْ اللَّه بِهِ سِتُّونَ سَنَة وَأَشْبَه الْقَوْلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَة إِذْ كَانَ الْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرًا فِي إِسْنَاده بَعْض مَنْ يَجِب التَّثَبُّت فِي نَقْله , قَوْل مَنْ قَالَ ذَلِكَ أَرْبَعُونَ سَنَة ; لِأَنَّ فِي الْأَرْبَعِينَ يَتَنَاهَى عَقْل الْإِنْسَان وَفَهْمه , وَمَا قَبْل ذَلِكَ وَمَا بَعْدَهُ مُنْتَقِص عَنْ كَمَالِهِ فِي حَال الْأَرْبَعِينَ. وَقَوْله : { وَجَاءَكُمُ النَّذِير } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى النَّذِير , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22208 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَجَاءَكُمُ النَّذِير } قَالَ : النَّذِير : النَّبِيّ , وَقَرَأَ : { هَذَا نَذِير مِنَ النُّذُر الْأُولَى } 53 56 , وَقِيلَ : عَنَى بِهِ الشَّيْب , فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَنْ : أَوَلَمْ نُعَمِّركُمْ يَا مَعْشَر الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ مِنْ قُرَيْش مِنْ السِّنِينَ , مَا يَتَذَكَّر فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ , مِنْ ذَوِي الْأَلْبَاب وَالْعُقُول , وَاتَّعَظَ مِنْهُمْ مَنْ اتَّعَظَ , وَتَابَ مَنْ تَابَ , وَجَاءَكُمْ مِنَ اللَّه مُنْذِر يُنْذِركُمْ مَا أَنْتُمْ فِيهِ الْيَوْم مِنْ عَذَاب اللَّه , فَلَمْ تَتَذَكَّرُوا مَوَاعِظَ اللَّه , وَلَمْ تَقْبَلُوا مِنْ نَذِير اللَّه الَّذِي جَاءَكُمْ مَا أَتَاكُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّكُمْ الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { فَذُوقُوا } نَار عَذَاب جَهَنَّم الَّذِي قَدْ صَلَيْتُمُوهُ أَيّهَا الْكَافِرُونَ بِاللَّهِ { فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِير } يَقُول : فَمَا لِلْكَافِرِينَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَكْسَبُوهَا غَضَبَ اللَّه بِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ نَصِير يَنْصُرهُمْ مِنَ اللَّه لِيَسْتَنْقِذهُمْ مِنْ عِقَابه .'; $TAFSEER['3']['35']['38'] = 'وَقَوْله : { إِنَّ اللَّهَ عَالِم غَيْب السَّمَوَات وَالْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّهَ عَالِم مَا تُخْفُونَ أَيّهَا النَّاس فِي أَنْفُسكُمْ وَتُضْمِرُونَهُ , وَمَا لَمْ تُضْمِرُوهُ وَلَمْ تَنْوُوهُ مِمَّا سَتَنْوُونَهُ , وَمَا هُوَ غَائِب عَنْ أَبْصَاركُمْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض , فَاتَّقُوهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْكُمْ , وَأَنْتُمْ تُضْمِرُونَ فِي أَنْفُسكُمْ مِنْ الشَّكّ فِي وَحْدَانِيَّة اللَّه , أَوْ فِي نُبُوَّة مُحَمَّد , غَيْر الَّذِي تُبْدُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ , { إِنَّهُ عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور }'; $TAFSEER['3']['35']['39'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه الَّذِي جَعَلَكُمْ أَيّهَا النَّاس خَلَائِفَ فِي الْأَرْض مِنْ بَعْد عَاد وَثَمُود , وَمَنْ مَضَى مِنْ قَبْلكُمْ مِنَ الْأُمَم فَجَعَلَكُمْ تَخْلُفُونَهُمْ فِي دِيَارهمْ وَمَسَاكِنهمْ , كَمَا : 22209 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْض } أُمَّة بَعْدَ أُمَّة , وَقَرْنًا بَعْدَ قَرْن وَقَوْله: { فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْره } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَمَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس , فَعَلَى نَفْسه ضُرّ كُفْره , لَا يَضُرّ بِذَلِكَ غَيْرَ نَفْسه , لِأَنَّهُ الْمُعَاقَب عَلَيْهِ دُونَ غَيْره . وَقَوْله : { وَلَا يَزِيد الْكَافِرِينَ كُفْرهمْ عِنْدَ رَبّهمْ إِلَّا مَقْتًا } يَقُول تَعَالَى : وَلَا يَزِيد الْكَافِرِينَ كُفْرهمْ عِنْدَ رَبّهمْ إِلَّا بُعْدًا مِنْ رَحْمَة اللَّه { وَلَا يَزِيد الْكَافِرِينَ كُفْرهمْ إِلَّا خَسَارًا } يَقُول : وَلَا يَزِيد الْكَافِرِينَ كُفْرهمْ بِاللَّهِ إِلَّا هَلَاكًا.'; $TAFSEER['3']['35']['40'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمْ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِمُشْرِكِي قَوْمك { أَرَأَيْتُمْ } أَيّهَا الْقَوْم { شُرَكَاءَكُمْ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْض } يَقُول : أَرُونِي أَيّ شَيْء خَلَقُوا مِنَ الْأَرْض { أَمْ لَهُمْ شِرْك فِي السَّمَوَات } يَقُول : أَمْ لِشُرَكَائِكُمْ شِرْك مَعَ اللَّه فِي السَّمَوَات , إِنْ لَمْ يَكُونُوا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْض شَيْئًا { أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَة مِنْهُ } يَقُول : أَمْ آتَيْنَا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ كِتَابًا أَنْزَلْنَاهُ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاء بِأَنْ يُشْرِكُوا بِاللَّهِ الْأَوْثَانَ وَالْأَصْنَامَ , فَهُمْ عَلَى بَيِّنَة مِنْهُ , فَهُمْ عَلَى بُرْهَان مِمَّا أَمَرْتهمْ فِيهِ مِنَ الْإِشْرَاك بِي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22210 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمْ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْض } لَا شَيْء وَاللَّه خَلَقُوا مِنْهَا { أَمْ لَهُمْ شِرْك فِي السَّمَوَات } لَا وَاللَّه مَا لَهُمْ فِيهَا شِرْك { أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَة } مِنْهُ , يَقُول : أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُوَ يَأْمُرهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا وَقَوْله : { بَلْ إِنْ يَعِد الظَّالِمُونَ بَعْضهمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا } وَذَلِكَ قَوْل بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : { مَا نَعْبُدهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّه زُلْفَى } 39 3 . خِدَاعًا مِنْ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ وَغُرُورًا , وَإِنَّمَا تَزَلَّفَهُمْ آلِهَتهمْ إِلَى النَّار , وَتُقْصِيهِمْ مِنَ اللَّه وَرَحْمَته .'; $TAFSEER['3']['35']['41'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّهَ يُمْسِك السَّمَوَات وَالْأَرْض أَنْ تَزُولَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { إِنَّ اللَّهَ يُمْسِك السَّمَوَات وَالْأَرْضَ } لِئَلَّا تَزُولَا مِنْ أَمَاكِنهمَا { وَلَئِنْ زَالَتَا } يَقُول : وَلَوْ زَالَتَا { إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَد مِنْ بَعْده } يَقُول : مَا أَمْسَكَهُمَا أَحَد سِوَاهُ . وَوُضِعَتْ " لَئِنْ " فِي قَوْله { وَلَئِنْ زَالَتَا } فِي مَوْضِع " لَوْ " لِأَنَّهُمَا يُجَابَانِ بِجَوَابٍ وَاحِد , فَيَتَشَابَهَانِ فِي الْمَعْنَى ; وَنَظِير ذَلِكَ قَوْله : { وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْده يَكْفُرُونَ } 30 15 . بِمَعْنَى : وَلَوْ أَرْسَلْنَا رِيحًا , وَكَمَا قَالَ : { وَلَئِنْ أَتَيْت الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ } 2 145 . بِمَعْنَى : لَوْ أَتَيْت , وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22211 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّ اللَّهَ يُمْسِك السَّمَوَات وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا } مِنْ مَكَانهمَا 22212 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي وَائِل , قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى عَبْد اللَّه , فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ جِئْت ؟ قَالَ : مِنْ الشَّام , قَالَ : مَنْ لَقِيت ؟ قَالَ : لَقِيت كَعْبًا , فَقَالَ : مَا حَدَّثَك كَعْب ؟ قَالَ : حَدَّثَنِي أَنَّ السَّمَوَاتِ تَدُور عَلَى مَنْكِب مَلَك , قَالَ : فَصَدَّقْته أَوْ كَذَّبْته ؟ قَالَ : مَا صَدَّقْته وَلَا كَذَّبْته , قَالَ : لَوَدِدْت أَنَّك افْتَدَيْت مِنْ رِحْلَتك إِلَيْهِ بِرَاحِلَتِك وَرَحْلهَا , وَكَذَبَ كَعْب ; إِنَّ اللَّهَ يَقُول : { إِنَّ اللَّهَ يُمْسِك السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَد مِنْ بَعْده } 22213 - حَدَّثَنَا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : ذَهَبَ جُنْدَب الْبَجَلِيّ إِلَى كَعْب الْأَحْبَار , فَقَدِمَ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ , فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّه : حَدِّثْنَا مَا حَدَّثَك , فَقَالَ : حَدَّثَنِي أَنَّ السَّمَاءَ فِي قُطْب كَقُطْبِ الرَّحَا , وَالْقُطْب عَمُود عَلَى مَنْكِب مَلَك , قَالَ عَبْد اللَّه : لَوَدِدْت أَنَّك افْتَدَيْت رِحْلَتك بِمِثْلِ رَاحِلَتك ; ثُمَّ قَالَ : مَا تَنْتَكِت الْيَهُودِيَّة فِي قَلْب عَبْد فَكَادَتْ أَنْ تُفَارِقَهُ , ثُمَّ قَالَ : { إِنَّ اللَّهَ يُمْسِك السَّمَوَات وَالْأَرْض أَنْ تَزُولَا } كَفَى بِهَا زَوَالًا أَنْ تَدُور وَقَوْله : { إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّهَ كَانَ حَلِيمًا عَمَّنْ أَشْرَكَ وَكَفَرَ بِهِ مِنْ خَلْقه فِي تَرْكه تَعْجِيلَ عَذَابه لَهُ , غَفُورًا لِذُنُوبِ مَنْ تَابَ مِنْهُمْ , وَأَنَابَ إِلَى الْإِيمَان بِهِ , وَالْعَمَل بِمَا يُرْضِيه .'; $TAFSEER['3']['35']['42'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْد أَيْمَانهمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِير لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَم فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَقْسَمَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ جَهْد أَيْمَانهمْ ; يَقُول : أَشَدّ الْأَيْمَان , فَبَالَغُوا فِيهَا , لَئِنْ جَاءَهُمْ مِنَ اللَّه مُنْذِر يُنْذِرهُمْ بَأْس اللَّهِ { لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَم } يَقُول : لَيَكُونُنَّ أَسْلَكَ لِطَرِيقِ الْحَقّ , وَأَشَدّ قَبُولًا لِمَا يَأْتِيهِمْ بِهِ النَّذِير مِنْ عِنْد اللَّه , مِنْ إِحْدَى الْأُمَم الَّتِي خَلَتْ مِنْ قَبْلهمْ ; { فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِير } يَعْنِي بِالنَّذِيرِ : مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَقُول : فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُحَمَّد يُنْذِرهُمْ عِقَاب اللَّه عَلَى كُفْرهمْ , كَمَا : 22214 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِير } وَهُوَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْله : { مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا } يَقُول : مَا زَادَهُمْ مَجِيء النَّذِير مِنَ الْإِيمَان بِاللَّهِ وَاتِّبَاع الْحَقّ , وَسُلُوك هُدَى الطَّرِيق , إِلَّا نُفُورًا وَهَرَبًا .'; $TAFSEER['3']['35']['43'] = 'وَقَوْله : { اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْض } يَقُول : نَفَرُوا اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْض , وَخُدْعَة سَيِّئَة , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ صَدُّوا الضُّعَفَاءَ عَنْ اتِّبَاعه مَعَ كُفْرهمْ بِهِ . وَالْمَكْر هَاهُنَا : هُوَ الشِّرْك , كَمَا : 22215 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَمَكْر السَّيِّئ } وَهُوَ الشِّرْك وَأُضِيف الْمَكْر إِلَى السَّيِّئ , وَالسَّيِّئ مِنْ نَعْت الْمَكْر , كَمَا قِيلَ : { إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقّ الْيَقِين } 56 95 . وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " مَكْرًا سَيِّئًا " , وَفِي ذَلِكَ تَحْقِيق الْقَوْل الَّذِي قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ السَّيِّئَ فِي الْمَعْنَى مِنْ نَعْت الْمَكْر , وَقَرَأَ ذَلِكَ قُرَّاء الْأَمْصَار غَيْر الْأَعْمَش وَحَمْزَة بِهَمْزَةٍ مُحَرَّكَة بِالْخَفْضِ , وَقَرَأَ ذَلِكَ الْأَعْمَش وَحَمْزَة بِهَمْزَةٍ وَتَسْكِين الْهَمْزَة اعْتِلَالًا مِنْهُمَا بِأَنَّ الْحَرَكَات لَمَّا كَثُرَتْ فِي ذَلِكَ ثَقُلَ , فَسَكّنَا الْهَمْزَة , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : إِذَا اعْوَجَجْنَ قُلْت صَاحِبْ قَوِّمِ فَسَكَّنَ الْبَاءَ , لِكَثْرَةِ الْحَرَكَات. وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار مِنْ تَحْرِيك الْهَمْزَة فِيهِ إِلَى الْخَفْض , وَغَيْر جَائِز فِي الْقُرْآن أَنْ يُقْرَأ بِكُلِّ مَا جَازَ فِي الْعَرَبِيَّة ; لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ إِنَّمَا هِيَ مَا قَرَأَتْ بِهِ الْأَئِمَّة الْمَاضِيَة , وَجَاءَ بِهِ السَّلَف عَلَى النَّحْو الَّذِي أَخَذُوا عَمَّنْ قَبْلهمْ. وَقَوْله : { وَلَا يَحِيق الْمَكْر السَّيِّئ إِلَّا بِأَهْلِهِ } يَقُول : وَلَا يَنْزِل الْمَكْر السَّيِّئ إِلَّا بِأَهْلِهِ , يَعْنِي بِالَّذِينَ يَمْكُرُونَهُ ; وَإِنَّمَا عَنَى أَنَّهُ لَا يَحِلّ مَكْرُوه ذَلِكَ الْمَكْر الَّذِي مَكَرَهُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ إِلَّا بِهِمْ . وَقَالَ قَتَادَة فِي ذَلِكَ مَا : 22216 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَا يَحِيق الْمَكْر السَّيِّئ إِلَّا بِأَهْلِهِ } وَهُوَ الشِّرْك وَقَوْله : { فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَهَلْ يَنْتَظِر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمك يَا مُحَمَّد إِلَّا سُنَّة اللَّه بِهِمْ فِي عَاجِل الدُّنْيَا عَلَى كُفْرهمْ بِهِ أَلِيم الْعِقَاب . يَقُول : فَهَلْ يَنْتَظِر هَؤُلَاءِ إِلَّا أَنْ أَحَلَّ بِهِمْ مِنْ نِقْمَتِي عَلَى شِرْكهمْ بِي وَتَكْذِيبهمْ رَسُولِي مِثْل الَّذِي أَحْلَلْت بِمَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ أَشْكَالهمْ مِنَ الْأُمَم , كَمَا : 22217 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ } : أَيْ عُقُوبَة الْأَوَّلِينَ . { فَلَنْ تَجِد لِسُنَّتِ اللَّه تَبْدِيلًا } يَقُول : فَلَنْ تَجِد يَا مُحَمَّد لِسُنَّةِ اللَّه تَغْيِيرًا وَقَوْله : { وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّه تَحْوِيلًا } يَقُول : وَلَنْ تَجِد لِسُنَّةِ اللَّه فِي خَلْقه تَبْدِيلًا ; يَقُول : لَنْ يُغَيِّر ذَلِكَ , وَلَا يُبَدِّلهُ ; لِأَنَّهُ لَا مَرَدّ لِقَضَائِهِ .'; $TAFSEER['3']['35']['44'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْض فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَوَلَمْ يَسِرْ يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ , فِي الْأَرْض الَّتِي أَهْلَكْنَا أَهْلَهَا بِكُفْرِهِمْ بِنَا وَتَكْذِيبهمْ رُسُلَنَا , فَإِنَّهُمْ تُجَّار يَسْلُكُونَ طَرِيق الشَّام { فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ } مِنَ الْأُمَم الَّتِي كَانُوا يَمُرُّونَ بِهَا أَلَمْ نُهْلِكهُمْ وَنُخَرِّب مَسَاكِنَهُمْ وَنَجْعَلهُمْ مَثَلًا لِمَنْ بَعْدَهُمْ , فَيَتَّعِظُوا بِهِمْ , وَيَنْزَجِرُوا عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَة الْآلِهَة بِالشِّرْكِ بِاللَّهِ , وَيَعْلَمُوا أَنَّ الَّذِي فَعَلَ بِأُولَئِكَ مَا فَعَلَ { وَكَانُوا أَشَدّ مِنْهُمْ قُوَّة } لَنْ يَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِمْ مِثْل الَّذِي فَعَلَ بِأُولَئِكَ مِنْ تَعْجِيل النِّقْمَة , وَالْعَذَاب لَهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْله : { وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّة } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22218 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَكَانُوا أَشَدّ مِنْهُمْ قُوَّة } يُخْبِركُمْ أَنَّهُ أَعْطَى الْقَوْم مَا لَمْ يُعْطِكُمْ وَقَوْله : { وَمَا كَانَ اللَّه لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْء فِي السَّمَوَات وَلَا فِي الْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَنْ يُعْجِزنَا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مِنْ عَبَدَة الْآلِهَة , الْمُكَذِّبُونَ مُحَمَّدًا فَيَسْبِقُونَا هَرَبًا فِي الْأَرْض , إِذَا نَحْنُ أَرَدْنَا هَلَاكَهُمْ ; لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيُعْجِزَهُ شَيْء يُرِيدهُ فِي السَّمَوَات وَلَا فِي الْأَرْض , وَلَنْ يَقْدِر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَار السَّمَوَات وَالْأَرْض , وَقَوْله : { إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا بِخَلْقِهِ , وَمَا هُوَ كَائِن , وَمَنْ هُوَ الْمُسْتَحِقّ مِنْهُمْ تَعْجِيل الْعُقُوبَة , وَمَنْ هُوَ عَنْ ضَلَالَته مِنْهُمْ رَاجِع إِلَى الْهُدَى آئِب , قَدِيرًا عَلَى الِانْتِقَام مِمَّنْ شَاءَ مِنْهُمْ , وَتَوْفِيق مَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ .'; $TAFSEER['3']['35']['45'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّه النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرهَا مِنْ دَابَّة وَلَكِنْ يُؤَخِّرهُمْ إِلَى أَجَل مُسَمًّى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْ يُؤَاخِذ اللَّه النَّاسَ . يَقُول وَلَوْ يُعَاقِب اللَّه النَّاسَ , وَيُكَافِئهُمْ بِمَا عَمِلُوا مِنْ الذُّنُوب وَالْمَعَاصِي , وَاجْتَرَحُوا مِنْ الْآثَام , مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرهَا مِنْ دَابَّة تَدِبّ عَلَيْهَا { وَلَكِنْ يُؤَخِّرهُمْ إِلَى أَجَل مُسَمًّى } يَقُول : وَلَكِنْ يُؤَخِّر عِقَابَهُمْ وَمُؤَاخَذَتهمْ بِمَا كَسَبُوا إِلَى أَجَل مَعْلُوم عِنْدَهُ , مَحْدُود لَا يَقْصُرُونَ دُونَهُ , وَلَا يُجَاوِزُونَهُ إِذَا بَلَغُوهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22219 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَوْ يُؤَاخِذ اللَّه النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرهَا مِنْ دَابَّة } إِلَّا مَا حَمَلَ نُوح فِي السَّفِينَة وَقَوْله : { فَإِذَا جَاءَ أَجَلهمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِذَا جَاءَ أَجَل عِقَابهمْ , فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا مَنْ الَّذِي يَسْتَحِقّ أَنْ يُعَاقِبَ مِنْهُمْ , وَمَنْ الَّذِي يَسْتَوْجِب الْكَرَامَةَ , وَمَنْ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا لَهُ مُطِيعًا , وَمَنْ كَانَ فِيهَا بِهِ مُشْرِكًا , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَحَد مِنْهُمْ , وَلَا يَعْزُب عَنْهُ عِلْم شَيْء مِنْ أَمْرهمْ. آخِر تَفْسِير سُورَة فَاطِر'; $TAFSEER['3']['36']['1'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يس } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { يس } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ قَسَم أَقْسَمَ اللَّه بِهِ , وَهُوَ مِنْ أَسْمَاء اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22220 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ لَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يس } قَالَ : فَإِنَّهُ قَسَم أَقْسَمَهُ اللَّه , وَهُوَ مِنْ أَسْمَاء اللَّه وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : يَا رَجُل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22221 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلة , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { يس } قَالَ : يَا إِنْسَان , بِالْحَبَشِيَّةِ 22222 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ شَرْقِيّ , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة يَقُول : تَفْسِير { يس } : يَا إِنْسَان وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ مِفْتَاح كَلَام اِفْتَتَحَ اللَّه بِهِ كَلَامه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22223 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { يس } مِفْتَاح كَلَام , اِفْتَتَحَ اللَّه بِهِ كَلَامه وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22224 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يس } قَالَ : كُلّ هِجَاء فِي الْقُرْآن اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَقَدْ بَيَّنَّا الْقَوْل فِيمَا مَضَى فِي نَظَائِر ذَلِكَ مِنْ حُرُوف الْهِجَاء بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته وَتَكْرِيره فِي هَذَا الْمَوْضِع.'; $TAFSEER['3']['36']['2'] = 'وَقَوْله : { وَالْقُرْآن الْحَكِيم } يَقُول : وَالْقُرْآن الْمُحْكَم بِمَا فِيهِ مِنْ أَحْكَامه , وَبَيِّنَات حُجَجه'; $TAFSEER['3']['36']['3'] = '{ إِنَّك لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُقْسِمًا بِوَحْيِهِ وَتَنْزِيله لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّك يَا مُحَمَّد لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ بِوَحْيِ اللَّه إِلَى عِبَاده , كَمَا : 22225 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَالْقُرْآن الْحَكِيم إِنَّك لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ } قَسَم كَمَا تَسْمَعُونَ { إِنَّك لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم }'; $TAFSEER['3']['36']['4'] = 'وَقَوْله : { عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } يَقُول : عَلَى طَرِيق لَا اِعْوِجَاج فِيهِ مِنْ الْهُدَى , وَهُوَ الْإِسْلَام , كَمَا : 22226 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } : أَيْ عَلَى الْإِسْلَام وَفِي قَوْله : { عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } وَجْهَانِ ; أَحَدهمَا : أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : إِنَّك لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ عَلَى اِسْتِقَامَة مِنْ الْحَقّ , فَيَكُون حِينَئِذٍ عَلَى مَنْ قَوْله { عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } مِنْ صِلَة الْإِرْسَال . وَالْآخَر أَنْ يَكُون خَبَرًا مُبْتَدَأ , كَأَنَّهُ قِيلَ : إِنَّك لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ , إِنَّك عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم .'; $TAFSEER['3']['36']['5'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تَنْزِيل الْعَزِيز الرَّحِيم } اِخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { تَنْزِيل الْعَزِيز الرَّحِيم } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : و " تَنْزِيلُ الْعَزِيز " بِرَفْعِ تَنْزِيل , وَالرَّفْع فِي ذَلِكَ يَتَّجِه مِنْ وَجْهَيْنِ ; أَحَدهمَا : بِأَنْ يُجْعَل خَبَرًا , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام : إِنَّهُ تَنْزِيل الْعَزِيز الرَّحِيم. وَالْآخَر : بِالِابْتِدَاءِ , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام حِينَئِذٍ : إِنَّك لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ , هَذَا تَنْزِيل الْعَزِيز الرَّحِيم . وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَبَعْض أَهْل الشَّام : { تَنْزِيلَ } نَصْبًا عَلَى الْمَصْدَر مِنْ قَوْله : { إِنَّك لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ } لِأَنَّ الْإِرْسَال إِنَّمَا هُوَ عَنْ التَّنْزِيل , فَكَأَنَّهُ قِيلَ : لَمُنَزَّل تَنْزِيل الْعَزِيز الرَّحِيم حَقًّا . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الصَّوَاب . وَمَعْنَى الْكَلَام : إِنَّك لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ يَا مُحَمَّد إِرْسَال الرَّبّ الْعَزِيز فِي اِنْتِقَامه مِنْ أَهْل الْكُفْر بِهِ , الرَّحِيم بِمَنْ تَابَ إِلَيْهِ , وَأَنَابَ مِنْ كُفْره وَفُسُوقه أَنْ يُعَاقِبهُ عَلَى سَالِف جُرْمه بَعْد تَوْبَته لَهُ'; $TAFSEER['3']['36']['6'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِتُنْذِر قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { لِتُنْذِر قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : لِتُنْذِر قَوْمًا مَا أَنْذَرَ اللَّه مَنْ قَبْلهمْ مِنْ آبَائِهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22227 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة فِي هَذِهِ الْآيَة : { لِتُنْذِر قَوْمًا مَا أُنْذِرَ أَبَاؤُهُمْ } قَالَ : قَدْ أُنْذِرُوا وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ لِتُنْذِر قَوْمًا مَا أُنْذِر آبَاؤُهُمْ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22228 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لِتُنْذِر قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ } قَالَ بَعْضهمْ : لِتُنْذِر قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ مِنْ إِنْذَار النَّاس قَبْلهمْ . وَقَالَ بَعْضهمْ : لِتُنْذِر قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ : أَيْ هَذِهِ الْأُمَّة لَمْ يَأْتِهِمْ نَذِير , حَتَّى جَاءَهُمْ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى " مَا " الَّتِي فِي قَوْله : { مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ } إِذَا وَجْه مَعْنَى الْكَلَام إِلَى أَنَّ آبَاءَهُمْ قَدْ كَانُوا أُنْذِرُوا , وَلَمْ يُرِدْ بِهَا الْجَحْد , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : مَعْنَى ذَلِكَ : إِذَا أُرِيدَ بِهِ غَيْر الْجَحْد لِتُنْذِرهُمْ الَّذِي أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ { فَهُمْ غَافِلُونَ } وَقَالَ : فَدُخُول الْفَاء فِي هَذَا الْمَعْنَى لَا يَجُوز , وَاَللَّه أَعْلَم . قَالَ : وَهُوَ عَلَى الْجَحْد أَحْسَن , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام : إِنَّك لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ إِلَى قَوْم لَمْ يُنْذَر آبَاؤُهُمْ , لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْفَتْرَة . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : إِذَا لَمْ يُرِدْ بِهَا الْجَحْد , فَإِنَّ مَعْنَى الْكَلَام : لِتُنْذِرهُمْ بِمَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ , فَتُلْقَى الْبَاء , فَتَكُون " مَا " فِي مَوْضِع نَصْب { فَهُمْ غَافِلُونَ } يَقُول : فَهُمْ غَافِلُونَ عَمَّا اللَّه فَاعِل : بِأَعْدَائِهِ الْمُشْرِكِينَ بِهِ , مِنْ إِحْلَال نِقْمَته , وَسَطَوْته بِهِمْ .'; $TAFSEER['3']['36']['7'] = 'وَقَوْله : { لَقَدْ حَقَّ الْقَوْل عَلَى أَكْثَرهمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَقَدْ وَجَبَ الْعِقَاب عَلَى أَكْثَرهمْ , لِأَنَّ اللَّه قَدْ خَتَمَ عَلَيْهِمْ فِي أُمّ الْكِتَاب أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ , وَلَا يُصَدِّقُونَ رَسُوله .'; $TAFSEER['3']['36']['8'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقهمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَان فَهُمْ مُقْمَحُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّا جَعَلْنَا أَيْمَان هَؤُلَاءِ الْكُفَّار مَغْلُولَة إِلَى أَعْنَاقهمْ بِالْأَغْلَالِ , فَلَا تُبْسَط بِشَيْءٍ مِنْ الْخَيْرَات ; وَهِيَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه فِيمَا ذُكِرَ : وَإِنَّا جَعَلْنَا فِي أَيْمَانهمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَان ". وَقَوْله : { إِلَى الْأَذْقَان } يَعْنِي : فَأَيْمَانهمْ مَجْمُوعَة بِالْأَغْلَالِ فِي أَعْنَاقهمْ , فَكُنِّيَ عَنْ الْأَيْمَان , وَلَمْ يُجْرَ لَهَا ذِكْر لِمَعْرِفَةِ السَّامِعِينَ بِمَعْنَى الْكَلَام , وَأَنَّ الْأَغْلَال إِذَا كَانَتْ فِي الْأَعْنَاق لَمْ تَكُنْ إِلَّا وَأَيْدِي الْمَغْلُولِينَ مَجْمُوعَة بِهَا إِلَيْهَا فَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ كَوْن الْأَغْلَال فِي الْأَعْنَاق مِنْ ذِكْر الْأَيْمَان , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَمَا أَدْرِي إِذَا يَمَّمْت وَجْهًا أُرِيد الْخَيْر أَيّهمَا يَلِينِي أَأَلْخَيْر الَّذِي أَنَا أَبْتَغِيه أَمْ الشَّرّ الَّذِي لَا يَأْتَلِينِي فَكَنَّى عَنْ الشَّرّ , وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْخَيْر وَحْده لِعِلْمِ سَامِع ذَلِكَ بِمَعْنَى قَائِله , إِذْ كَانَ الشَّرّ مَعَ الْخَيْر يُذْكَر . وَالْأَذْقَان : جَمْع ذَقَن , وَالذَّقَن : مَجْمَع اللَّحْيَيْنِ . وَقَوْله : { فَهُمْ مُقْمَحُونَ } وَالْمُقْمَح : هُوَ الْمُقَنَّع , وَهُوَ أَنْ يُحْدِر الذَّقَن حَتَّى يَصِير فِي الصَّدْر , ثُمَّ يَرْفَع رَأْسه فِي قَوْل بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب مِنْ أَهْل الْبَصْرَة. وَفِي قَوْل بَعْض الْكُوفِيِّينَ : هُوَ الْغَاضّ بَصَره , بَعْد رَفْع رَأْسه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22229 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقهمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَان فَهُمْ مُقْمَحُونَ } قَالَ : هُوَ كَقَوْلِ اللَّه : { وَلَا تَجْعَل يَدك مَغْلُولَة إِلَى عُنُقك } 17 29 يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ أَيْدِيهمْ مُوَثَّقَة إِلَى أَعْنَاقهمْ , لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَبْسُطُوهَا بِخَيْرٍ 22230 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { فَهُمْ مُقْمَحُونَ } قَالَ : رَافِعُو رُءُوسهمْ , وَأَيْدِيهمْ مَوْضُوعَة عَلَى أَفْوَاههمْ 22231 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقهمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَان فَهُمْ مُقْمَحُونَ } : أَيْ فَهُمْ مَغْلُولُونَ عَنْ كُلّ خَيْر'; $TAFSEER['3']['36']['9'] = 'وَقَوْله : { وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْن أَيْدِيهمْ سَدًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْن أَيْدِي هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ سَدًّا , وَهُوَ الْحَاجِز بَيْن الشَّيْئَيْنِ ; إِذَا فَتَحَ كَانَ مِنْ فِعْل بَنِي آدَم , وَإِذَا كَانَ مِنْ فِعْل اللَّه كَانَ بِالضَّمِّ . وَبِالضَّمِّ قَرَأَ ذَلِكَ قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ . وَقَرَأَهُ بَعْض الْمَكِّيِّينَ وَعَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ بِفَتْحِ السِّين { سَدًّا } فِي الْحَرْفَيْنِ كِلَاهُمَا ; وَالضَّمّ أَعْجَب الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى جَائِزَة صَحِيحَة . وَعَنَى بِقَوْلِهِ : { وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْن أَيْدِيهمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفهمْ سَدًّا } أَنَّهُ زَيَّنَ لَهُمْ سُوء أَعْمَالهمْ , فَهُمْ يَعْمَهُونَ , وَلَا يُبْصِرُونَ رُشْدًا , وَلَا يَتَنَبَّهُونَ حَقًّا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22232 - حَدَّثَنِي اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { مِنْ بَيْن أَيْدِيهمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفهمْ سَدًّا } قَالَ : عَنْ الْحَقّ * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْن أَيْدِيهمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفهمْ سَدًّا } عَنْ الْحَقّ فَهُمْ يَتَرَدَّدُونَ 22233 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْن أَيْدِيهمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفهمْ سَدًّا } قَالَ : ضَلَالَات 22234 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْن أَيْدِيهمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفهمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ } قَالَ : جَعَلَ هَذَا سَدًّا بَيْنهمْ وَبَيْن الْإِسْلَام وَالْإِيمَان , فَهُمْ لَا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ , وَقَرَأَ : { وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتهمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } وَقَرَأَ : { إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَة رَبّك لَا يُؤْمِنُونَ } [ سُورَة يُونُس : الْآيَة : 96 ] . .. الْآيَة كُلّهَا , وَقَالَ : مَنْ مَنَعَهُ اللَّه لَا يَسْتَطِيع وَقَوْله : { أَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ } يَقُول : فَأَغْشَيْنَا أَبْصَار هَؤُلَاءِ : أَيْ جَعَلْنَا عَلَيْهَا غِشَاوَة فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ هُدًى وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ , كَمَا : 22235 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ } هُدًى , وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْل بْن هِشَام حِين حَلَفَ أَنْ يَقْتُلهُ أَوْ يَشْدَخ رَأْسه بِصَخْرَةٍ . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 22236 - حَدَّثَنِي عِمْرَان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا عُمَارَة بْن أَبِي حَفْصَة , عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : قَالَ أَبُو جَهْل : لَئِنْ رَأَيْت مُحَمَّدًا لَأَفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَنَّ , فَأُنْزِلَتْ : { إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقهمْ أَغْلَالًا } . . إِلَى قَوْله { فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ } قَالَ : فَكَانُوا يَقُولُونَ : هَذَا مُحَمَّد , فَيَقُول : أَيْنَ هُوَ , أَيْنَ هُوَ ؟ لَا يُبْصِرهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ : " فَأَعْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ " بِالْعَيْنِ بِمَعْنَى أَعْشَيْنَاهُمْ عَنْهُ , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَشَا هُوَ أَنْ يَمْشِي بِاللَّيْلِ وَلَا يُبْصِر .'; $TAFSEER['3']['36']['10'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتهمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَسَوَاء يَا مُحَمَّد عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمْ الْقَوْل , أَيْ الْأَمْرَيْنِ كَانَ مِنْك إِلَيْهِمْ الْإِنْذَار , أَوْ تَرْك الْإِنْذَار , فَإِنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ , لِأَنَّ اللَّه قَدْ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['36']['11'] = 'وَقَوْله : { إِنَّمَا تُنْذِر مَنْ اِتَّبَعَ الذِّكْر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّمَا يَنْفَع إِنْذَارك يَا مُحَمَّد مَنْ آمَنَ بِالْقُرْآنِ , وَاتَّبَعَ مَا فِيهِ مِنْ أَحْكَام اللَّه { وَخَشِيَ الرَّحْمَن } يَقُول : وَخَافَ اللَّه حِين يَغِيب عَنْ أَبْصَار النَّاظِرِينَ , لَا الْمُنَافِق الَّذِي يَسْتَخِفّ بِدِينِ اللَّه إِذَا خَلَا , وَيَظْهَر الْإِيمَان فِي الْمَلَأ , وَلَا الْمُشْرِك الَّذِي قَدْ طَبَعَ اللَّه عَلَى قَلْبه. وَقَوْله : { فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ } يَقُول : فَبَشِّرْ يَا مُحَمَّد هَذَا الَّذِي اِتَّبَعَ الذِّكْر وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ بِمَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّه لِذُنُوبِهِ { وَأَجْر كَرِيم } يَقُول : وَثَوَاب مِنْهُ لَهُ فِي الْآخِرَة كَرِيم , وَذَلِكَ أَنْ يُعْطِيه عَلَى عَمَله ذَلِكَ الْجَنَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22237 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِنَّمَا تُنْذِر مَنْ اِتَّبَعَ الذِّكْر } وَاتِّبَاع الذِّكْر : اِتِّبَاع الْقُرْآن'; $TAFSEER['3']['36']['12'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُب مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلّ شَيْء أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى } مِنْ خَلْقنَا { وَنَكْتُب مَا قَدَّمُوا } فِي الدُّنْيَا مِنْ خَيْر وَشَرّ , وَصَالِح الْأَعْمَال وَسَيِّئِهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22238 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُب مَا قَدَّمُوا } مِنْ عَمَل 22239 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَنَكْتُب مَا قَدَّمُوا } قَالَ : مَا عَمِلُوا 22240 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { مَا قَدَّمُوا } قَالَ : أَعْمَالهمْ وَقَوْله : { وَآثَارهمْ } يَعْنِي : وَآثَار خُطَاهُمْ بِأَرْجُلِهِمْ , وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي قَوْم أَرَادُوا أَنْ يَقْرَبُوا مِنْ مَسْجِد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لِيَقْرُب عَلَيْهِمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22241- حَدَّثَنَا نَصْر بْن عَلِيّ الْجَهْضَمِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَتْ مَنَازِل الْأَنْصَار مُتَبَاعِدَة مِنْ الْمَسْجِد , فَأَرَادُوا أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى الْمَسْجِد فَنَزَلَتْ { وَنَكْتُب مَا قَدَّمُوا وَآثَارهمْ } فَقَالُوا : نَثْبُت فِي مَكَاننَا * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَتْ الْأَنْصَار بَعِيدَة مَنَازِلهمْ مِنْ الْمَسْجِد , فَأَرَادُوا أَنْ يَنْتَقِلُوا , قَالَ : فَنَزَلَتْ { وَنَكْتُب مَا قَدَّمُوا وَآثَارهمْ } فَثَبَتُوا 22242 -حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : ثنا الْجُرَيْرِيّ , عَنْ أَبِي نَضْرَة , عَنْ جَابِر , قَالَ : أَرَادَ بَنُو سَلَمَة قُرْب الْمَسْجِد , قَالَ : فَقَالَ لَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا بَنِي سَلَمَة ! دِيَاركُمْ , إِنَّهَا تُكْتَب آثَاركُمْ " . 22243 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت كَهْمَسًا يُحَدِّث , عَنْ أَبِي نَضْرَة , عَنْ جَابِر , قَالَ : أَرَادَ بَنُو سَلَمَة أَنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى قُرْب الْمَسْجِد , قَالَ : وَالْبِقَاع خَالِيَة , فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " يَا بَنِي سَلَمَة ! إِنَّهَا تُكْتَب آثَاركُمْ " قَالَ : فَأَقَامُوا وَقَالُوا : مَا يَسُرّنَا أَنَّا كُنَّا تَحَوَّلْنَا . 22244 -حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن عُمَر بْن خَالِد الرَّقِّيّ , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان , عَنْ طَرِيف , عَنْ أَبِي نَضْرَة , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : شَكَّتْ بَنُو سَلَمَة بُعْد مَنَازِلهمْ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ : { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُب مَا قَدَّمُوا وَآثَارهمْ } فَقَالَ : " عَلَيْكُمْ مَنَازِلكُمْ تُكْتَب آثَاركُمْ " 22245 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلة , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , عَنْ ثَابِت , قَالَ : مَشَيْت مَعَ أَنَس , فَأَسْرَعْت الْمَشْي , فَأَخَذَ بِيَدِي , فَمَشَيْنَا رُوَيْدًا , فَلَمَّا قَضَيْنَا الصَّلَاة قَالَ أَنَس : مَشَيْت مَعَ زَيْد بْن ثَابِت , فَأَسْرَعْت الْمَشْي , فَقَالَ : يَا أَنَس أَمَا شَعُرْت أَنَّ الْآثَار تُكْتَب 22246 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن أَنَّ بَنِي سَلَمَة كَانَتْ دُورهمْ قَاصِيَة عَنْ الْمَسْجِد , فَهَمُّوا أَنْ يَتَحَوَّلُوا قُرْب الْمَسْجِد , فَيَشْهَدُونَ الصَّلَاة مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلَا تَحْتَسِبُونَ آثَاركُمْ يَا بَنِي سَلَمَة ؟ " فَمَكَثُوا فِي دِيَارهمْ 22247 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم اِبْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { مَا قَدَّمُوا وَآثَارهمْ } قَالَ : خُطَاهُمْ بِأَرْجُلِهِمْ * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَآثَارهمْ } قَالَ : خُطَاهُمْ 22248 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَآثَارهمْ } قَالَ : قَالَ الْحَسَن : وَآثَارهمْ قَالَ : خُطَاهُمْ . وَقَالَ قَتَادَة : لَوْ كَانَ مُغْفِلًا شَيْئًا مِنْ شَأْنك يَا اِبْن آدَم أَغْفَلَ مَا تَعْفِي الرِّيَاح مِنْ هَذِهِ الْآثَار وَقَوْله : { وَكُلّ شَيْء أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكُلّ شَيْء كَانَ أَوْ هُوَ كَائِن أَحْصَيْنَاهُ , فَأَثْبَتْنَاهُ فِي أُمّ الْكِتَاب , وَهُوَ الْإِمَام الْمُبِين . وَقِيلَ : { مُبِين } لِأَنَّهُ يُبَيِّن عَنْ حَقِيقَة جَمِيع مَا أَثْبَتَ فِيهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22249- حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { فِي إِمَام مُبِين } قَالَ : فِي أُمّ الْكِتَاب 22250 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَكُلّ شَيْء أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِين } كُلّ شَيْء مَحْصِيّ عِنْد اللَّه فِي كِتَاب 22251 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَكُلّ شَيْء أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِين } قَالَ : أُمّ الْكِتَاب الَّتِي عِنْد اللَّه فِيهَا الْأَشْيَاء كُلّهَا هِيَ الْإِمَام الْمُبِين'; $TAFSEER['3']['36']['13'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَاب الْقَرْيَة إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَثِّلْ يَا مُحَمَّد لِمُشْرِكِي قَوْمك مَثَلًا أَصْحَاب الْقَرْيَة - ذُكِرَ أَنَّهَا أَنْطَاكِيَة , { إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ } اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي هَؤُلَاءِ الرُّسُل , وَفِيمَنْ كَانَ أَرْسَلَهُمْ إِلَى أَصْحَاب الْقَرْيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانُوا رُسُل عِيسَى ابْن مَرْيَم , وَعِيسَى الَّذِي أَرْسَلَهُمْ إِلَيْهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22252 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَاب الْقَرْيَة إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ } قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عِيسَى اِبْن مَرْيَم بَعَثَ رَجُلَيْنِ مِنْ الْحَوَارِيِّينَ إِلَى أَنْطَاكِيَة مَدِينَة بِالرُّومِ فَكَذَّبُوهُمَا , فَأَعَزَّهُمَا بِثَالِثٍ , { فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ } 22253 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى وَعَبْد الرَّحْمَن , قَالَا : ثنا سُفْيَان , قَالَ : ثني السُّدِّيّ , عَنْ عِكْرِمَة { وَاضْرِبْ لَهُمْ مِثْلًا أَصْحَاب الْقَرْيَة } قَالَ : أَنْطَاكِيَة وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانُوا رُسُلًا أَرْسَلَهُمْ اللَّه إِلَيْهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22254 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثنا اِبْن إِسْحَاق , فِيمَا بَلَغَهُ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَعَنْ كَعْب الْأَحْبَار , وَعَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : كَانَ بِمَدِينَةِ أَنْطَاكِيَة , فِرْعَوْن مِنْ الْفَرَاعِنَة يُقَال لَهُ أبطيحس بْن أبطيحس يَعْبُد الْأَصْنَام , صَاحِب شِرْك , فَبَعَثَ اللَّه الْمُرْسَلِينَ , وَهُمْ ثَلَاثَة : صَادِق , وَمَصْدُوق , وَسَلُّوم , فَقَدِمَ إِلَيْهِ وَإِلَى أَهْل مَدِينَته , مِنْهُمْ اِثْنَانِ فَكَذَّبُوهُمَا , ثُمَّ عَزَّزَ اللَّه بِثَالِثٍ ; فَلَمَّا دَعَتْهُ الرُّسُل وَنَادَتْهُ بِأَمْرِ اللَّه , وَصُدِّعَتْ بِاَلَّذِي أُمِرَتْ بِهِ , وَعَابَتْ دِينه , وَمَا هُمْ عَلَيْهِ , قَالَ لَهُمْ : { إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنكُمْ مِنَّا عَذَاب أَلِيم }'; $TAFSEER['3']['36']['14'] = 'وَقَوْله : { إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ اِثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَزْنَا بِثَالِثٍ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : حِين أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ اِثْنَيْنِ يَدْعُوَانِهِمْ إِلَى اللَّه فَكَذَّبُوهُمَا فَشَدَّدْنَاهُمَا بِثَالِثٍ , وَقَوَّيْنَاهُمَا بِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22255 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ } قَالَ : شَدَّدْنَا 22256 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله { فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ } قَالَ : زِدْنَا 22257 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ } قَالَ : جَعَلْنَاهُمْ ثَلَاثَة , قَالَ : ذَلِكَ التَّعَزُّز , قَالَ : وَالتَّعَزُّز : الْقُوَّة وَقَوْله : { فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ } يَقُول : فَقَالَ الْمُرْسَلُونَ الثَّلَاثَة لِأَصْحَابِ الْقَرْيَة : إِنَّا إِلَيْكُمْ أَيّهَا الْقَوْم مُرْسَلُونَ , بِأَنْ تُخْلِصُوا الْعِبَادَة لِلَّهِ وَحْده , لَا شَرِيك لَهُ , وَتَتَبَرَّءُوا مِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ الْآلِهَة وَالْأَصْنَام . وَبِالتَّشْدِيدِ فِي قَوْله : { فَعَزَّزْنَا } قَرَأَتْ الْقُرَّاء سِوَى عَاصِم , فَإِنَّهُ قَرَأَهُ بِالتَّخْفِيفِ , وَالْقِرَاءَة عِنْدنَا بِالتَّشْدِيدِ , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ , وَأَنَّ مَعْنَاهُ , إِذَا شُدِّدَ : فَقَوَّيْنَا , وَإِذَا خُفِّفَ : فَغَلَبْنَا , وَلَيْسَ لَغَلَبْنَا فِي هَذَا الْمَوْضِع كَثِير مَعْنًى.'; $TAFSEER['3']['36']['15'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَر مِثْلنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَن مِنْ شَيْء إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ أَصْحَاب الْقَرْيَة لِلثَّلَاثَةِ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ حِين أَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ بِمَا أُرْسِلُوا بِهِ : مَا أَنْتُمْ أَيّهَا الْقَوْم إِلَّا أُنَاس مِثْلنَا , وَلَوْ كُنْتُمْ رُسُلًا كَمَا تَقُولُونَ , لَكُنْتُمْ مَلَائِكَة { وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَن مِنْ شَيْء } يَقُول : قَالُوا : وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَن إِلَيْكُمْ مِنْ رِسَالَة وَلَا كِتَاب وَلَا أَمَرَكُمْ فِينَا بِشَيْءٍ { إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ } فِي قِيلكُمْ إِنَّكُمْ إِلَيْنَا مُرْسَلُونَ'; $TAFSEER['3']['36']['16'] = '{ قَالُوا رَبّنَا يَعْلَم إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ } يَقُول : قَالَ الرُّسُل : رَبّنَا يَعْلَم إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ فِيمَا دَعَوْنَاكُمْ إِلَيْهِ , وَإِنَّا لَصَادِقُونَ'; $TAFSEER['3']['36']['17'] = '{ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغ الْمُبِين } يَقُول : وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نُبَلِّغكُمْ رِسَالَة اللَّه الَّتِي أُرْسِلْنَا بِهَا إِلَيْكُمْ بَلَاغًا يُبَيِّن لَكُمْ أَنَّا أَبْلَغْنَاكُمُوهَا , فَإِنْ قَبِلْتُمُوهَا فَحَظّ أَنْفُسكُمْ تُصِيبُونَ , وَإِنْ لَمْ تَقْبَلُوهَا فَقَدْ أَدَّيْنَا مَا عَلَيْنَا , وَاَللَّه وَلِيّ الْحُكْم فِيهِ.'; $TAFSEER['3']['36']['18'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَاب أَلِيم } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ أَصْحَاب الْقَرْيَة لِلرُّسُلِ : { إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ } يَعْنُونَ : إِنَّا تَشَاءَمْنَا بِكُمْ , فَإِنْ أَصَابَنَا بَلَاء مِنْ أَجْلكُمْ , كَمَا : 22258 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ } قَالُوا : إِنَّ أَصَابَنَا شَرّ , فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلكُمْ وَقَوْله : { لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ } يَقُول : لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا عَمَّا ذَكَرْتُمْ مِنْ أَنَّكُمْ أُرْسِلْتُمْ إِلَيْنَا بِالْبَرَاءَةِ مِنْ آلِهَتنَا , وَالنَّهْي عَنْ عِبَادَتنَا لَنَرْجُمَنَّكُمْ , قِيلَ : عَنَى بِذَلِكَ لَنَرْجُمَنَّكُمْ بِالْحِجَارَةِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22259 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ } بِالْحِجَارَةِ { وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَاب أَلِيم } يَقُول : وَلِيَنَالَنكُمْ مِنَّا عَذَاب مُوجِع'; $TAFSEER['3']['36']['19'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْم مُسْرِفُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ الرُّسُل لِأَصْحَابِ الْقَرْيَة : { طَائِركُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ } يَقُولُونَ : أَعْمَالكُمْ وَأَرْزَاقكُمْ وَحَظّكُمْ مِنْ الْخَيْر وَالشَّرّ مَعَكُمْ , ذَلِكَ كُلّه فِي أَعْنَاقكُمْ , وَمَا ذَلِكَ مِنْ شُؤْمنَا إِنْ أَصَابَكُمْ سُوء فِيمَا كُتِبَ عَلَيْكُمْ , وَسُبِقَ لَكُمْ مِنْ اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22260 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , { قَالُوا طَائِركُمْ مَعَكُمْ } : أَيْ أَعْمَالكُمْ مَعَكُمْ 22261 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَعَنْ كَعْب وَعَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَتْ لَهُمْ الرُّسُل : { طَائِركُمْ مَعَكُمْ } : أَيْ أَعْمَالكُمْ مَعَكُمْ وَقَوْله : { أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار { أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ } بِكَسْرِ الْأَلِف مِنْ " إِنَّ " وَفَتْح أَلْف الِاسْتِفْهَام : بِمَعْنَى إِنْ ذَكَّرْنَاكُمْ فَمَعَكُمْ طَائِركُمْ , ثُمَّ أُدْخِلَ عَلَى " إِنَّ " الَّتِي هِيَ حَرْف جَزَاء أَلِف اِسْتِفْهَام فِي قَوْل بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة , وَفِي قَوْل بَعْض الْكُوفِيِّينَ مَنْوِيّ بِهِ التَّكْرِير , كَأَنَّهُ قِيلَ : طَائِركُمْ مَعَكُمْ إِنْ ذُكِّرْتُمْ فَمَعَكُمْ طَائِركُمْ , فَحَذَفَ الْجَوَاب اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ . وَإِنَّمَا أَنْكَرَ قَائِل هَذَا الْقَوْل الْقَوْل الْأَوَّل , لِأَنَّ أَلِف الِاسْتِفْهَام قَدْ حَالَتْ بَيْن الْجَزَاء وَبَيْن الشَّرْط , فَلَا تَكُون شَرْطًا لِمَا قَبْل حَرْف الِاسْتِفْهَام . وَذُكِرَ عَنْ أَبِي رَزِين أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ : { أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ } بِمَعْنَى : أَلِأَنْ ذُكِّرْتُمْ طَائِركُمْ مَعَكُمْ ؟ . وَذُكِرَ عَنْ بَعْض قَارِئِيهِ أَنَّهُ قَرَأَهُ : " قَالُوا طَائِركُمْ مَعَكُمْ أَيْنَ ذُكِرْتُمْ " بِمَعْنَى : حَيْثُ ذُكِرْتُمْ بِتَخْفِيفِ الْكَاف مِنْ ذُكِرْتُمْ . وَالْقِرَاءَة الَّتِي لَا نُجِيز الْقِرَاءَة بِغَيْرِهَا الْقِرَاءَة الَّتِي عَلَيْهَا قُرَّاء الْأَمْصَار , وَهِيَ دُخُول أَلِف الِاسْتِفْهَام عَلَى حَرْف الْجَزَاء , وَتَشْدِيد الْكَاف عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ قَارِئِيهِ كَذَلِكَ , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22262 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ } : أَيْ إِنْ ذَكَّرْنَاكُمْ اللَّه تَطَيَّرْتُمْ بِنَا ؟ { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم مُسْرِفُونَ } وَقَوْله : { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم مُسْرِفُونَ } يَقُول : قَالُوا لَهُمْ : مَا بِكُمْ التَّطَيُّر بِنَا , وَلَكِنَّكُمْ قَوْم أَهْل مَعَاصٍ لِلَّهِ وَآثَام , قَدْ غَلَبَتْ عَلَيْكُمْ الذُّنُوب وَالْآثَام .'; $TAFSEER['3']['36']['20'] = 'وَقَوْله : { وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَة رَجُل يَسْعَى } يَقُول : وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى مَدِينَة هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ أُرْسِلَتْ إِلَيْهِمْ هَذِهِ الرُّسُل رَجُل يَسْعَى إِلَيْهِمْ ; وَذَلِكَ أَنَّ أَهْل الْمَدِينَة هَذِهِ عَزَمُوا , وَاجْتَمَعَتْ آرَاؤُهُمْ عَلَى قَتْل هَؤُلَاءِ الرُّسُل الثَّلَاثَة فِيمَا ذُكِرَ , فَبَلَغَ ذَلِكَ هَذَا الرَّجُل , وَكَانَ مَنْزِله أَقْصَى الْمَدِينَة , وَكَانَ مُؤْمِنًا , وَكَانَ اِسْمه فِيمَا ذُكِرَ " حَبِيب بْن مُرِّيّ " . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ جَاءَتْ الْأَخْبَار. ذِكْر الْأَخْبَار الْوَارِدَة بِذَلِكَ : 22263 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل , عَنْ أَبِي مِجْلَز , قَالَ : كَانَ صَاحِب يس " حَبِيب بْن مُرِّيّ " 22264 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : كَانَ مِنْ حَدِيث صَاحِب يس فِيمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فِيمَا بَلَغَهُ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَعَنْ كَعْب الْأَحْبَار وَعَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه الْيَمَانِيّ أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْل أَنْطَاكِيَة , وَكَانَ اِسْمه " حَبِيبًا " , وَكَانَ يَعْمَل الْجَرِير , وَكَانَ رَجُلًا سَقِيمًا , قَدْ أَسْرَعَ فِيهِ الْجُذَام , وَكَانَ مَنْزِله عِنْد بَاب مِنْ أَبْوَاب الْمَدِينَة قَاصِيًا , وَكَانَ مُؤْمِنًا ذَا صَدَقَة , يَجْمَع كَسْبه إِذَا أَمْسَى فِيمَا يَذْكُرُونَ , فَيَقْسِمهُ نِصْفَيْنِ , فَيُطْعِم نِصْفًا عِيَاله , وَيَتَصَدَّق بِنِصْفِ , فَلَمْ يُهِمّهُ سَقَمه وَلَا عَمَله وَلَا ضَعْفه , عَنْ عَمَل رَبّه , قَالَ : فَلَمَّا أَجْمَعَ قَوْمه عَلَى قَتْل الرُّسُل , بَلَغَ ذَلِكَ حَبِيبًا وَهُوَ عَلَى بَاب الْمَدِينَة الْأَقْصَى , فَجَاءَ يَسْعَى إِلَيْهِمْ يُذَكِّرهُمْ بِاَللَّهِ , وَيَدْعُوهُمْ إِلَى اِتِّبَاع الْمُرْسَلِينَ , فَقَالَ : { يَا قَوْم اِتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ } 22265 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مَعْمَر بْن عَمْرو بْن حَزْم أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ كَعْب الْأَحْبَار قَالَ : ذُكِرَ لَهُ حَبِيب بْن زَيْد بْن عَاصِم أَخُو بَنِي مَازِن بْن النَّجَّار الَّذِي كَانَ مُسَيْلِمَة الْكَذَّاب قَطَعَهُ بِالْيَمَامَةِ حِين جَعَلَ يَسْأَلهُ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَعَلَ يَقُول : أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه ؟ فَيَقُول : نَعَمْ , ثُمَّ يَقُول : أَتَشْهَد أَنِّي رَسُول اللَّه ؟ فَيَقُول لَهُ : لَا أَسْمَع , فَيَقُول مُسَيْلِمَة : أَتَسْمَعُ هَذَا , وَلَا تَسْمَع هَذَا ؟ فَيَقُول : نَعَمْ , فَجَعَلَ يَقْطَعهُ عُضْوًا عُضْوًا , كُلَّمَا سَأَلَهُ لَمْ يَزِدْهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ فِي يَدَيْهِ . قَالَ كَعْب حِين قِيلَ لَهُ اِسْمه حَبِيب : وَكَانَ وَاَللَّه صَاحِب يس اِسْمه حَبِيب 22266 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ الْحَسَن بْن عُمَارَة , عَنْ الْحَكَم بْن عُتَيْبَة , عَنْ مِقْسَم أَبِي الْقَاسِم مَوْلَى عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث بْن نَوْفَل , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقُول : كَانَ اِسْم صَاحِب يس حَبِيبًا , وَكَانَ الْجُذَام قَدْ أَسْرَعَ فِيهِ 22267 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَة رَجُل يَسْعَى } قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ اِسْمه حَبِيب , وَكَانَ فِي غَار يَعْبُد رَبّه , فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ أَقْبَلَ إِلَيْهِمْ وَقَوْله : { قَالَ يَا قَوْم اِتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ الرَّجُل الَّذِي جَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَة لِقَوْمِهِ : يَا قَوْم اِتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ اللَّه إِلَيْكُمْ , وَاقْبَلُوا مِنْهُمْ مَا أَتَوْكُمْ بِهِ. وَذُكِرَ أَنَّهُ لَمَّا أَتَى الرُّسُل سَأَلَهُمْ : هَلْ يَطْلُبُونَ عَلَى مَا جَاءُوا بِهِ أَجْرًا ؟ فَقَالَتْ الرُّسُل : لَا , فَقَالَ لِقَوْمِهِ حِينَئِذٍ : اِتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلكُمْ عَلَى نَصِيحَتهمْ لَكُمْ أَجْرًا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22268 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : لَمَّا اِنْتَهَى إِلَيْهِمْ , يَعْنِي إِلَى الرُّسُل , قَالَ : هَلْ تَسْأَلُونَ عَلَى هَذَا مِنْ أَجْر ؟ قَالُوا : لَا , فَقَالَ عِنْد ذَلِكَ : { يَا قَوْم اِتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اِتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ } 22269 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق فِيمَا بَلَغَهُ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَعَنْ كَعْب الْأَحْبَار , وَعَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه'; $TAFSEER['3']['36']['21'] = '{ اِتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ } : أَيْ لَا يَسْأَلُونَكُمْ أَمْوَالكُمْ عَلَى مَا جَاءُوكُمْ بِهِ مِنْ الْهُدَى , وَهُمْ لَكُمْ نَاصِحُونَ , فَاتَّبِعُوهُمْ تَهْتَدُوا بِهُدَاهُمْ وَقَوْله : { وَهُمْ مُهْتَدُونَ } يَقُول : وَهُمْ عَلَى اِسْتِقَامَة مِنْ طَرِيق الْحَقّ , فَاهْتَدُوا أَيّهَا الْقَوْم بِهُدَاهُمْ .'; $TAFSEER['3']['36']['22'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا لِيَ لَا أَعْبُد الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل هَذَا الرَّجُل الْمُؤْمِن { وَمَا لِيَ لَا أَعْبُد الَّذِي فَطَرَنِي } : أَيْ وَأَيّ شَيْء لِي لَا أَعْبُد الرَّبّ الَّذِي خَلَقَنِي { وَإِلَيْهِ } يَقُول : وَإِلَيْهِ تَصِيرُونَ أَنْتُمْ أَيّهَا الْقَوْم وَتَرُدُّونَ جَمِيعًا , وَهَذَا حِين أَبْدَى لِقَوْمِهِ إِيمَانه بِاَللَّهِ وَتَوْحِيده , كَمَا : 22270 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق فِيمَا بَلَغَهُ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَعَنْ كَعْب الْأَحْبَار , وَعَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه قَالَ : نَادَاهُمْ , يَعْنِي نَادَى قَوْمه بِخِلَافِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَة الْأَصْنَام , وَأَظْهَرَ لَهُمْ دِينه وَعِبَادَة رَبّه , وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَا يَمْلِك نَفْعه وَلَا ضُرّه غَيْره , فَقَالَ : { وَمَا لِيَ لَا أَعْبُد الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونه آلِهَة } ثُمَّ عَابَهَا , فَقَالَ : { إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ } وَشِدَّة { لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتهمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونَ }'; $TAFSEER['3']['36']['23'] = 'وَقَوْله : { أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونه آلِهَة } يَقُول : أَأَعْبُدُ مِنْ دُون اللَّه آلِهَة , يَعْنِي مَعْبُودًا سِوَاهُ { إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ } يَقُول : إِذْ مَسَّنِي الرَّحْمَن بِضُرٍّ وَشِدَّة { لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتهمْ شَيْئًا } يَقُول : لَا تُغْنِي عَنِّي شَيْئًا بِكَوْنِهَا إِلَيَّ شُفَعَاء , وَلَا تَقْدِر عَلَى دَفْع ذَلِكَ الضُّرّ عَنِّي { وَلَا يُنْقِذُونَ } يَقُول : وَلَا يُخَلِّصُونِي مِنْ ذَلِكَ الضُّرّ إِذَا مَسَّنِي .'; $TAFSEER['3']['36']['24'] = 'وَقَوْله : { إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَال مُبِين } يَقُول : { إِنِّي } إِنْ اِتَّخَذْت مِنْ دُون اللَّه آلِهَة هَذِهِ صِفَتهَا { إِذَنْ لَفِي ضَلَال مُبِين } لِمَنْ تَأَمَّلَهُ , جَوْره عَنْ سَبِيل الْحَقّ .'; $TAFSEER['3']['36']['25'] = 'وَقَوْله : { إِنِّي آمَنْت بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ } فَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : قَالَ هَذَا الْقَوْل هَذَا الْمُؤْمِن لِقَوْمِهِ يُعَلِّمهُمْ إِيمَانه بِاَللَّهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22271 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق فِيمَا بَلَغَهُ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَعَنْ كَعْب , وَعَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه { إِنِّي آمَنْت بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ } إِنِّي آمَنْت بِرَبِّكُمْ الَّذِي كَفَرْتُمْ بِهِ , فَاسْمَعُوا قَوْلِي وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ خَاطَبَ بِذَلِكَ الرُّسُل , وَقَالَ لَهُمْ : اِسْمَعُوا قَوْلِي لِتَشْهَدُوا لِي بِمَا أَقُول لَكُمْ عِنْد رَبِّي , وَأَنِّي قَدْ آمَنْت بِكُمْ وَاتَّبَعْتُكُمْ ; فَذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ هَذَا الْقَوْل , وَنَصَحَ لِقَوْمِهِ النَّصِيحَة الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّه فِي كِتَابه وَثَبُوا بِهِ فَقَتَلُوهُ . ثُمَّ اُخْتُلِفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي صِفَة قَتْلهمْ إِيَّاهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : رَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22272 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا لِيَ لَا أَعْبُد الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } هَذَا رَجُل دَعَا قَوْمه إِلَى اللَّه , وَأَبْدَى لَهُمْ النَّصِيحَة فَقَتَلُوهُ عَلَى ذَلِكَ . وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَرْجُمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ , وَهُوَ يَقُول : اللَّهُمَّ اِهْدِ قَوْمِي , اللَّهُمَّ اِهْدِ قَوْمِي , اللَّهُمَّ اِهْدِ قَوْمِي , حَتَّى أَقْعَصُوهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ وَثَبُوا عَلَيْهِ , فَوَطِئُوهُ بِأَقْدَامِهِمْ حَتَّى مَاتَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22273 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق فِيمَا بَلَغَهُ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَعَنْ كَعْب , وَعَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه قَالَ لَهُمْ : { وَمَا لِيَ لَا أَعْبُد الَّذِي فَطَرَنِي } . . إِلَى قَوْله : { فَاسْمَعُونِ } وَثَبُوا وَثْبَة رَجُل وَاحِد فَقَتَلُوهُ وَاسْضَتْعَفُوهُ لِضَعْفِهِ وَسَقَمه , وَلَمْ يَكُنْ أَحَد يَدْفَع عَنْهُ 22274 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَصْحَابه أَنَّ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود كَانَ يَقُول : وَطِئُوهُ بِأَرْجُلِهِمْ حَتَّى خَرَجَ قُصْبه مِنْ دُبُره'; $TAFSEER['3']['36']['26'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قِيلَ اِدْخُلْ الْجَنَّة قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ اللَّه لَهُ إِذْ قَتَلُوهُ كَذَلِكَ فَلَقِيَهُ : { اُدْخُلْ الْجَنَّة } فَلَمَّا دَخَلَهَا وَعَايَنَ مَا أَكْرَمَهُ اللَّه بِهِ لِإِيمَانِهِ وَصَبْره فِيهِ { قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي } يَقُول : يَا لَيْتَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله غَفَرَ لِي رَبِّي ذُنُوبِي , وَجَعَلَنِي مِنْ الَّذِينَ أَكْرَمَهُمْ اللَّه بِإِدْخَالِهِ إِيَّاهُ جَنَّته , كَانَ إِيمَانِي بِاَللَّهِ وَصَبْرِي فِيهِ , حَتَّى قُتِلْت , فَيُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ وَيَسْتَوْجِبُوا الْجَنَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22275 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَصْحَابه أَنَّ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود كَانَ يَقُول : قَالَ اللَّه لَهُ : اُدْخُلْ الْجَنَّة , فَدَخَلَهَا حَيًّا يُرْزَق فِيهَا , قَدْ أَذْهَبَ اللَّه عَنْهُ سَقَم الدُّنْيَا وَحُزْنهَا وَنَصَبهَا , فَلَمَّا أَفْضَى إِلَى رَحْمَة اللَّه وَجَنَّته وَكَرَامَته { قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ } 22276 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { اُدْخُلْ الْجَنَّة } فَلَمَّا دَخَلَهَا { قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ } قَالَ : فَلَا تَلْقَى الْمُؤْمِن إِلَّا نَاصِحًا , وَلَا تَلْقَاهُ غَاشًّا , فَلَمَّا عَايَنَ مِنْ كَرَامَة اللَّه { قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ } تَمَنَّى عَلَى اللَّه أَنْ يَعْلَم قَوْمه مَا عَايَنَ مِنْ كَرَامَة اللَّه , وَمَا هَجَمَ عَلَيْهِ 22277 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { قِيلَ اُدْخُلْ الْجَنَّة } قَالَ : قِيلَ : قَدْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّة ; قَالَ ذَاكَ حِين رَأَى الثَّوَاب * حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { قِيلَ اُدْخُلْ الْجَنَّة } قَالَ : وَجَبَتْ لَك الْجَنَّة * حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد { قِيلَ اُدْخُلْ الْجَنَّة } قَالَ : وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّة 22278 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل , عَنْ أَبِي مِجْلَز , فِي قَوْله : { بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي } قَالَ : إِيمَانِي بِرَبِّي , وَتَصْدِيقِي رُسُله , وَاَللَّه أَعْلَم'; $TAFSEER['3']['36']['27'] = 'يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ اللَّه لَهُ إِذْ قَتَلُوهُ كَذَلِكَ فَلَقِيَهُ : { اُدْخُلْ الْجَنَّة } فَلَمَّا دَخَلَهَا وَعَايَنَ مَا أَكْرَمَهُ اللَّه بِهِ لِإِيمَانِهِ وَصَبْره فِيهِ { قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي } يَقُول : يَا لَيْتَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله غَفَرَ لِي رَبِّي ذُنُوبِي , وَجَعَلَنِي مِنْ الَّذِينَ أَكْرَمَهُمْ اللَّه بِإِدْخَالِهِ إِيَّاهُ جَنَّته , كَانَ إِيمَانِي بِاَللَّهِ وَصَبْرِي فِيهِ , حَتَّى قُتِلْت , فَيُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ وَيَسْتَوْجِبُوا الْجَنَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22275- حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَصْحَابه أَنَّ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود كَانَ يَقُول : قَالَ اللَّه لَهُ : اُدْخُلْ الْجَنَّة , فَدَخَلَهَا حَيًّا يُرْزَق فِيهَا , قَدْ أَذْهَبَ اللَّه عَنْهُ سَقَم الدُّنْيَا وَحُزْنهَا وَنَصَبهَا , فَلَمَّا أَفْضَى إِلَى رَحْمَة اللَّه وَجَنَّته وَكَرَامَته { قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ } 22276 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { اُدْخُلْ الْجَنَّة } فَلَمَّا دَخَلَهَا { قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ } قَالَ : فَلَا تَلْقَى الْمُؤْمِن إِلَّا نَاصِحًا , وَلَا تَلْقَاهُ غَاشًّا , فَلَمَّا عَايَنَ مِنْ كَرَامَة اللَّه { قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ } تَمَنَّى عَلَى اللَّه أَنْ يَعْلَم قَوْمه مَا عَايَنَ مِنْ كَرَامَة اللَّه , وَمَا هَجَمَ عَلَيْهِ 22277 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { قِيلَ اُدْخُلْ الْجَنَّة } قَالَ : قِيلَ : قَدْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّة ; قَالَ ذَاكَ حِين رَأَى الثَّوَاب * حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { قِيلَ اُدْخُلْ الْجَنَّة } قَالَ : وَجَبَتْ لَك الْجَنَّة * حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد { قِيلَ اُدْخُلْ الْجَنَّة } قَالَ : وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّة 22278 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل , عَنْ أَبِي مِجْلَز , فِي قَوْله : { بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي } قَالَ : إِيمَانِي بِرَبِّي , وَتَصْدِيقِي رُسُله , وَاَللَّه أَعْلَم'; $TAFSEER['3']['36']['28'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْم مِنْ بَعْده مِنْ جُنْد مِنْ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْم هَذَا الْمُؤْمِن الَّذِي قَتَلَهُ قَوْمه لِدُعَائِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى اللَّه وَنَصِيحَته لَهُمْ { مِنْ بَعْده } يَعْنِي : مِنْ بَعْد مَهْلِكه { مِنْ جُنْد مِنْ السَّمَاء } وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْجُنْد الَّذِي أَخْبَرَ اللَّه أَنَّهُ لَمْ يُنْزِل إِلَى قَوْم هَذَا الْمُؤْمِن بَعْد قَتْلِهِمُوهُ فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُنْزِل اللَّه بَعْد ذَلِكَ إِلَيْهِمْ رِسَالَة , وَلَا بَعَثَ إِلَيْهِمْ نَبِيًّا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22279 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { مِنْ جُنْد مِنْ السَّمَاء } قَالَ : رِسَالَة * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 22280 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمه مِنْ بَعْده مِنْ جُنْد مِنْ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ } قَالَ : فَلَا وَاَللَّه مَا عَاتَبَ اللَّه قَوْمه بَعْد قَتْله { إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ } وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَمْ يَبْعَث لَهُمْ جُنُودًا يُقَاتِلهُمْ بِهَا , وَلَكِنَّهُ أَهْلَكَهُمْ بِصَيْحَةٍ وَاحِدَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22281 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَصْحَابه , أَنَّ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , قَالَ : غَضِبَ اللَّه لَهُ , يَعْنِي لِهَذَا الْمُؤْمِن , لِاسْتِضْعَافِهِمْ إِيَّاهُ غِضْبَة لَمْ تُبْقِ مِنْ الْقَوْم شَيْئًا , فَعَجَّلَ لَهُمْ النِّقْمَة بِمَا اِسْتَحَلُّوا مِنْهُ , وَقَالَ : { وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمه مِنْ بَعْده مِنْ جُنْد مِنْ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ } يَقُول : مَا كَاثَرْنَاهُمْ بِالْجُمُوعِ : أَيْ الْأَمْر أَيْسَر عَلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ { إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ } فَأَهْلَكَ اللَّه ذَلِكَ الْمُلْك وَأَهْل أَنْطَاكِيَة , فَبَادُوا عَنْ وَجْه الْأَرْض , فَلَمْ تَبْقَ مِنْهُمْ بَاقِيَة وَهَذَا الْقَوْل الثَّانِي أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَة , وَذَلِكَ أَنَّ الرِّسَالَة لَا يُقَال لَهَا جُنْد إِلَّا أَنْ يَكُون أَرَادَ مُجَاهِد بِذَلِكَ الرُّسُل , فَيَكُون وَجْهًا , وَإِنْ كَانَ أَيْضًا مِنْ الْمَفْهُوم بِظَاهِرِ الْآيَة بَعِيدًا , وَذَلِكَ أَنَّ الرُّسُل مِنْ بَنِي آدَم لَا يَنْزِلُونَ مِنْ السَّمَاء وَالْخَبَر فِي ظَاهِر هَذِهِ الْآيَة عَنْ أَنَّهُ لَمْ يُنَزِّل مِنْ السَّمَاء بَعْد مَهْلِك هَذَا الْمُؤْمِن عَلَى قَوْمه جُنْدًا وَذَلِكَ بِالْمَلَائِكَةِ أَشْبَه مِنْهُ بِبَنِي آدَم .'; $TAFSEER['3']['36']['29'] = 'وَقَوْله : { إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ } يَقُول : مَا كَانَتْ هَلَكَتهمْ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة أَنْزَلَهَا اللَّه مِنْ السَّمَاء عَلَيْهِمْ . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار { إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة } نَصْبًا عَلَى التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْت , وَأَنَّ فِي " كَانَتْ " مُضْمَرًا . وَذُكِرَ عَنْ أَبِي جَعْفَر الْمَدَنِيّ أَنَّهُ قَرَأَهُ : " إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة " رَفْعًا عَلَى أَنَّهَا مَرْفُوعَة بِكَانَ , وَلَا مُضْمَر فِي كَانَ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدِي النَّصْب لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة عَلَى ذَلِكَ , وَعَلَى أَنَّ فِي " كَانَتْ " مُضْمَرًا. وَقَوْله : { فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ } يَقُول : فَإِذَا هُمْ هَالِكُونَ.'; $TAFSEER['3']['36']['30'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا حَسْرَة عَلَى الْعِبَاد مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُول إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا حَسْرَة الْعِبَاد عَلَى أَنْفُسهَا وَتَنَدُّمًا وَتَلَهُّفًا فِي اِسْتِهْزَائِهِمْ بِرُسُلِ اللَّه { مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُول } مِنْ اللَّه { إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي بَعْض الْقِرَاءَات : " يَا حَسْرَة الْعِبَاد عَلَى أَنْفُسهَا " . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22282 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { يَا حَسْرَة عَلَى الْعِبَاد } : أَيْ يَا حَسْرَة الْعِبَاد عَلَى أَنْفُسهَا عَلَى مَا ضَيَّعَتْ مِنْ أَمْر اللَّه , وَفَرَّطَتْ فِي جَنْب اللَّه قَالَ : وَفِي بَعْض الْقِرَاءَات : " يَا حَسْرَة الْعِبَاد عَلَى أَنْفُسهَا " . 22283 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن ; قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { يَا حَسْرَة عَلَى الْعِبَاد } قَالَ : كَانَ حَسْرَة عَلَيْهِمْ اِسْتِهْزَاؤُهُمْ بِالرُّسُلِ 22284 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يَا حَسْرَة عَلَى الْعِبَاد } يَقُول : يَا وَيْلًا لِلْعِبَادِ . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَقُول : مَعْنَى ذَلِكَ : يَا لَهَا حَسْرَة عَلَى الْعِبَاد'; $TAFSEER['3']['36']['31'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلهمْ مِنْ الْقُرُون أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَلَمْ يَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ مِنْ قَوْمك يَا مُحَمَّد كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلهمْ بِتَكْذِيبِهِمْ رُسُلنَا , وَكُفْرهمْ بِآيَاتِنَا مِنْ الْقُرُون الْخَالِيَة { أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ } يَقُول : أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذَكِرْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22285 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَلَمْ يَرَوْا كُمْ أَهْلَكْنَا قَبْلهمْ مِنْ الْقُرُون أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ } قَالَ : عَاد وَثَمُود , وَقُرُون بَيْن ذَلِكَ كَثِير و " كَمْ " مِنْ قَوْله : { كَمْ أَهْلَكْنَا } فِي مَوْضِع نَصْب إِنْ شِئْت بِوُقُوعِ يَرَوْا عَلَيْهَا . وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " أَلَمْ يَرَوْا مَنْ أَهْلَكْنَا " وَإِنْ شِئْت بِوُقُوعِ أَهْلَكْنَا عَلَيْهَا ; وَأَمَّا " أَنَّهُمْ " , فَإِنَّ الْأَلِف مِنْهَا فُتِحَتْ بِوُقُوعِ يَرَوْا عَلَيْهَا . وَذُكِرَ عَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ كُسِرَ الْأَلِف مِنْهَا عَلَى وَجْه الِاسْتِئْنَاف بِهَا , وَتُرِكَ إِعْمَال " يَرَوْا " فِيهَا.'; $TAFSEER['3']['36']['32'] = 'وَقَوْله : { وَإِنْ كُلّ لَمَّا جَمِيع لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنَّ كُلّ هَذِهِ الْقُرُون الَّتِي أَهْلَكْنَاهَا وَاَلَّذِينَ لَمْ نُهْلِكهُمْ وَغَيْرهمْ عِنْدنَا يَوْم الْقِيَامَة جَمِيعهمْ مُحْضَرُونَ , كَمَا : 22286 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد عَنْ قَتَادَة { وَإِنْ كُلّ لَهَا جَمِيع لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ } أَيْ هُمْ يَوْم الْقِيَامَة وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : " وَإِنْ كُلّ لَمَّا " بِالتَّخْفِيفِ تَوْجِيهًا مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ " مَا " أُدْخِلَتْ عَلَيْهَا اللَّام الَّتِي تَدْخُل جَوَابًا لِأَنْ وَأَنْ مَعْنَى الْكَلَام : وَإِنْ كُلّ لَجَمِيع لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة : { لَمَّا } بِتَشْدِيدِ الْمِيم . وَلِتَشْدِيدِهِمْ ذَلِكَ عِنْدنَا وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : أَنْ يَكُون الْكَلَام عِنْدهمْ كَانَ مُرَادًا بِهِ : وَإِنْ كُلّ لَمَّا جَمِيع , ثُمَّ حُذِفَتْ إِحْدَى الْمِيمَات لَمَّا كَثُرَتْ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : غَدَاة طَفَتْ عُلَمَاء بَكْر بْن وَائِل وَعُجْنَا صُدُور الْخَيْل نَحْو تَمِيم وَالْآخَر : أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا أَنْ تَكُون { لَمَّا } بِمَعْنَى إِلَّا , مَعَ إِنَّ خَاصَّة فَتَكُون نَظِيرَة إِنَّمَا إِذَا وُضِعَتْ مَوْضِع " إِلَّا " . وَقَدْ كَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة يَقُول : كَأَنَّهَا " لَمْ " ضُمَّتْ إِلَيْهَا " مَا " , فَصَارَتَا جَمِيعًا اِسْتِثْنَاء , وَخَرَجَتَا مِنْ حَدِّ الْجَحْد . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَقُول : لَا أَعْرِف وَجْه " لَمَّا " بِالتَّشْدِيدِ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .'; $TAFSEER['3']['36']['33'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَآيَة لَهُمْ الْأَرْض الْمَيْتَة أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَدَلَالَة لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى قُدْرَة اللَّه عَلَى مَا يَشَاء , وَعَلَى إِحْيَائِهِ مَنْ مَاتَ مِنْ خَلْقه وَإِعَادَته بَعْد فَنَائِهِ , كَهَيْئَتِهِ قَبْل مَمَاته إِحْيَاؤُهُ الْأَرْض الْمَيْتَة , الَّتِي لَا نَبْت فِيهَا وَلَا زَرْع بِالْغَيْثِ الَّذِي يُنَزِّلهُ مِنْ السَّمَاء حَتَّى يَخْرُج زَرْعهَا , ثُمَّ إِخْرَاجه مِنْهَا الْحَبّ الَّذِي هُوَ قُوت لَهُمْ وَغِذَاء , فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ .'; $TAFSEER['3']['36']['34'] = 'وَقَوْله : { وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّات مِنْ نَخِيل وَأَعْنَاب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجَعَلْنَا فِي هَذِهِ الْأَرْض الَّتِي أَحْيَيْنَاهَا بَعْد مَوْتهَا بَسَاتِين مِنْ نَخِيل وَأَعْنَاب { وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُون } يَقُول : وَأَنْبَعْنَا فِيهَا مِنْ عُيُون الْمَاء .'; $TAFSEER['3']['36']['35'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَره وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَنْشَأْنَا هَذِهِ الْجَنَّات فِي هَذِهِ الْأَرْض لِيَأْكُل عِبَادِي مِنْ ثَمَره , وَمَا عَمِلَتْ أَيْدِيهمْ يَقُول : لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَر الْجَنَّات الَّتِي أَنْشَأْنَا لَهُمْ , وَمَا عَمِلَتْ أَيْدِيهمْ مِمَّا غَرَسُوا هُمْ وَزَرَعُوا . و " مَا " الَّتِي فِي قَوْله : { وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهمْ } فِي مَوْضِع خَفْض عَطْفًا عَلَى الثَّمَر , بِمَعْنَى : وَمِنْ الَّذِي عَمِلَتْ ; وَهِيَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه فِيمَا ذُكِرَ : " وَمِمَّا عَمِلَتْهُ " بِالْهَاءِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى ; فَالْهَاء فِي قِرَاءَتنَا مُضْمَرَة , لِأَنَّ الْعَرَب تُضْمِرهَا أَحْيَانًا , وَتُظْهِرهَا فِي صِلَات : مَنْ , وَمَا , وَاَلَّذِي . وَلَوْ قِيلَ : " مَا " بِمَعْنَى الْمَصْدَر كَانَ مَذْهَبًا , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام : وَمِنْ عَمَل أَيْدِيهمْ . وَلَوْ قِيلَ : إِنَّهَا بِمَعْنَى الْجَحْد وَلَا مَوْضِع لَهَا كَانَ أَيْضًا مَذْهَبًا , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام : لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَره وَلَمْ تَعْمَلهُ أَيْدِيهمْ. وَقَوْله : { أَفَلَا يَشْكُرُونَ } يَقُول : أَفَلَا يَشْكُر هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ رَزَقْنَاهُمْ هَذَا الرِّزْق مِنْ هَذِهِ الْأَرْض الْمَيْتَة الَّتِي أَحْيَيْنَاهَا لَهُمْ مِنْ رِزْقهمْ ذَلِكَ وَأَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِهِ ؟ .'; $TAFSEER['3']['36']['36'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { سُبْحَان الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاج كُلّهَا مِمَّا تُنْبِت الْأَرْض وَمِنْ أَنْفُسهمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره تَنْزِيهًا وَتَبْرِئَة لِلَّذِي خَلَقَ الْأَلْوَان الْمُخْتَلِفَة كُلّهَا مِنْ نَبَات الْأَرْض , وَمِنْ أَنْفُسهمْ , يَقُول : وَخَلَقَ مِنْ أَوْلَادهمْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا , وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ أَيْضًا مِنْ الْأَشْيَاء الَّتِي لَمْ يُطْلِعهُمْ عَلَيْهَا , خَلَقَ كَذَلِكَ أَزْوَاجًا مِمَّا يُضِيف إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ , وَيَصِفُونَهُ بِهِ مِنْ الشُّرَكَاء وَغَيْر ذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['36']['37'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَآيَة لَهُمْ اللَّيْل نَسْلَخ مِنْهُ النَّهَار فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَدَلِيل لَهُمْ أَيْضًا عَلَى قُدْرَة اللَّه عَلَى فِعْل كُلّ مَا شَاءَ { اللَّيْل نَسْلَخ مِنْهُ النَّهَار } يَقُول : نَنْزِع عَنْهُ النَّهَار . وَمَعْنَى " مِنْهُ " فِي هَذَا الْمَوْضِع : عَنْهُ , كَأَنَّهُ قِيلَ : نَسْلَخ عَنْهُ النَّهَار , فَنَأْتِي بِالظُّلْمَةِ وَنَذْهَب بِالنَّهَارِ . وَمِنْهُ قَوْله : { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا } 7 175 : أَيْ خَرَجَ مِنْهَا وَتَرَكَهَا , فَكَذَلِكَ اِنْسِلَاخ اللَّيْل مِنْ النَّهَار . وَقَوْله : { فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ } يَقُول : فَإِذَا هُمْ قَدْ صَارُوا فِي ظُلْمَة بِمَجِيءِ اللَّيْل . وَقَالَ قَتَادَة فِي ذَلِكَ مَا : 22287 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَآيَة لَهُمْ اللَّيْل نَسْلَخ مِنْهُ النَّهَار فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ } قَالَ : يُولِج اللَّيْل فِي النَّهَار , وَيُولِج النَّهَار فِي اللَّيْل وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ قَتَادَة فِي ذَلِكَ عِنْدِي , مِنْ مَعْنَى سَلْخ النَّهَار مِنْ اللَّيْل , بَعِيد ; وَذَلِكَ أَنَّ إِيلَاج اللَّيْل فِي النَّهَار , إِنَّمَا هُوَ زِيَادَة مَا نَقَصَ مِنْ سَاعَات هَذَا فِي سَاعَات الْآخَر , وَلَيْسَ السَّلْخ مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْء , لِأَنَّ النَّهَار يُسْلَخ مِنْ اللَّيْل كُلّه , وَكَذَلِكَ اللَّيْل مِنْ النَّهَار كُلّه , وَلَيْسَ يُولِج كُلّ اللَّيْل فِي كُلّ النَّهَار , وَلَا كُلّ النَّهَار فِي كُلّ اللَّيْل .'; $TAFSEER['3']['36']['38'] = 'وَقَوْله : { وَالشَّمْس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالشَّمْس تَجْرِي لِمَوْضِعِ قَرَارهَا , بِمَعْنَى : إِلَى مَوْضِع قَرَارهَا ; وَبِذَلِكَ جَاءَ الْأَثَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 22288 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : ثنا الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي ذَرّ الْغِفَارِيّ , قَالَ : كُنْت جَالِسًا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِد , فَلَمَّا غَرُبَتْ الشَّمْس , قَالَ : " وَيَا أَبَا ذَرّ هَلْ تَدْرِي أَيْنَ تَذْهَب الشَّمْس ؟ " قُلْت : اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم , قَالَ : " فَإِنَّهَا تَذْهَب فَتَسْجُد بَيْن يَدَيْ رَبّهَا , ثُمَّ تَسْتَأْذِن بِالرُّجُوعِ فَيُؤْذَن لَهَا , وَكَأَنَّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا اِرْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْت , فَتَطْلُع مِنْ مَكَانهَا , وَذَلِكَ مُسْتَقَرّهَا " وَقَالَ بَعْضهمْ فِي ذَلِكَ بِمَا : 22289 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَالشَّمْس تَجْرِي لِمُسْتَقَرّ لَهَا } قَالَ : وَقْت وَاحِد لَا تَعْدُوهُ وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : تَجْرِي لِمَجْرًى لَهَا إِلَى مَقَادِير مَوَاضِعهَا , بِمَعْنَى : أَنَّهَا تَجْرِي إِلَى أَبْعَد مَنَازِلهَا فِي الْغُرُوب , ثُمَّ تَرْجِع وَلَا تُجَاوِزهُ. قَالُوا : وَذَلِكَ أَنَّهَا لَا تَزَال تَتَقَدَّم كُلّ لَيْلَة حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى أَبْعَد مَغَارِبهَا ثُمَّ تَرْجِع . وَقَوْله : { ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم } يَقُول : هَذَا الَّذِي وَصَفْنَا مِنْ جَرْي الشَّمْس لِمُسْتَقَرّ لَهَا , تَقْدِير الْعَزِيز فِي اِنْتِقَامه مِنْ أَعْدَائِهِ , الْعَلِيم بِمَصَالِح خَلْقه , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاء كُلّهَا , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَة .'; $TAFSEER['3']['36']['39'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْقَمَر قَدَّرْنَاهُ مَنَازِل حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيم } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَالْقَمَر قَدَّرْنَاهُ مَنَازِل } فَقَرَأَهُ بَعْض الْمَكِّيِّينَ وَبَعْض الْمَدَنِيِّينَ وَبَعْض الْبَصْرِيِّينَ : " وَالْقَمَرُ " رَفْعًا عَطْفًا بِهَا عَلَى الشَّمْس , إِذْ كَانَتْ الشَّمْس مَعْطُوفَة عَلَى اللَّيْل , فَأَتْبَعُوا الْقَمَر أَيْضًا الشَّمْس فِي الْإِعْرَاب , لِأَنَّهُ أَيْضًا مِنْ الْآيَات , كَمَا اللَّيْل وَالنَّهَار آيَتَانِ , فَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة تَأْوِيل الْكَلَام : وَآيَة لَهُمْ الْقَمَر قَدَّرْنَاهُ مَنَازِل . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْمَكِّيِّينَ وَبَعْض الْمَدَنِيِّينَ وَبَعْض الْبَصْرِيِّينَ , وَعَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة نَصْبًا : { وَالْقَمَر قَدَّرْنَاهُ } بِمَعْنَى : وَقَدَّرْنَا الْقَمَر مَنَازِل , كَمَا فَعَلْنَا ذَلِكَ بِالشَّمْسِ , فَرَدُّوهُ عَلَى الْهَاء مِنْ الشَّمْس فِي الْمَعْنَى , لِأَنَّ الْوَاو الَّتِي فِيهَا لِلْفِعْلِ الْمُتَأَخِّر . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , فَتَأْوِيل الْكَلَام : وَآيَة لَهُمْ , تَقْدِيرنَا الْقَمَر مَنَازِل لِلنُّقْصَانِ بَعْد تَنَاهِيهِ وَتَمَامه وَاسْتِوَائِهِ , حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيم ; وَالْعُرْجُون : مِنْ الْعِذْق مِنْ الْمَوْضِع النَّابِت فِي النَّخْلَة إِلَى مَوْضِع الشَّمَارِيخ ; وَإِنَّمَا شَبَّهَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالْعُرْجُونِ الْقَدِيم , وَالْقَدِيم هُوَ الْيَابِس , لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْعِذْق , لَا يَكَاد يُوجَد إِلَّا مُتَقَوِّسًا مُنْحَنِيًا إِذَا قَدِمَ وَيَبِسَ , وَلَا يَكَاد أَنْ يُصَاب مُسْتَوِيًا مُعْتَدِلًا , كَأَغْصَانِ سَائِر الْأَشْجَار وَفُرُوعهَا , فَكَذَلِكَ الْقَمَر إِذَا كَانَ فِي آخِر الشَّهْر قَبْل اِسْتِسْرَاره , صَارَ فِي اِنْحِنَائِهِ وَتَقَوُّسه نَظِير ذَلِكَ الْعُرْجُون. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22290 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيم } يَقُول : أَصْل الْعِذْق الْعَتِيق * -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيم } يَعْنِي بِالْعُرْجُونِ : الْعِذْق الْيَابِس 22291 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَالْقَمَر قَدَّرْنَاهُ مَنَازِل حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيم } قَالَ : كَعِذْقِ النَّخْلَة إِذَا قَدُمَ فَانْحَنَى 22292 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو يَزِيد الْخَرَّاز , يَعْنِي خَالِد بْن حَيَّان الرَّقِّيّ , عَنْ جَعْفَر بْن بُرْقَان , عَنْ يَزِيد بْن الْأَصَمّ فِي قَوْله : { حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيم } قَالَ : عِذْق النَّخْلَة إِذَا قَدُمَ اِنْحَنَى 22293 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عِيسَى بْن عُبَيْد , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيم } قَالَ : النَّخْلَة الْقَدِيمَة 22294 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُجَاهِد { كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيم } قَالَ : الْعِذْق الْيَابِس 22295 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلِيّ الْمُقَدَّمِيّ وَابْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَا : ثنا أَبُو عَاصِم وَالْمُقَدَّمِيّ , قَالَ : سَمِعْت أَبَا عَاصِم يَقُول : سَمِعْت سُلَيْمَان التَّيْمِيّ فِي قَوْله : { حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيم } قَالَ : الْعِذْق 22296 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيم } قَالَ : قَدَّرَهُ اللَّه مَنَازِل , فَجَعَلَ يَنْقُص حَتَّى كَانَ مِثْل عِذْق النَّخْلَة , شَبَّهَهُ بِعِذْقِ النَّخْلَة'; $TAFSEER['3']['36']['40'] = 'وَقَوْله : { لَا الشَّمْس يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِك الْقَمَر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَا الشَّمْس يَصْلُح لَهَا إِدْرَاك الْقَمَر , فَيَذْهَب ضَوْءُهَا بِضَوْئِهِ , فَتَكُون الْأَوْقَات كُلّهَا نَهَارًا لَا لَيْل فِيهَا { وَلَا اللَّيْل سَابِق النَّهَار } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا اللَّيْل بِفَائِتِ النَّهَار حَتَّى تَذْهَب ظُلْمَته بِضِيَائِهِ , فَتَكُون الْأَوْقَات كُلّهَا لَيْلًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى اِخْتِلَاف مِنْهُمْ فِي أَلْفَاظهمْ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , إِلَّا أَنَّ مَعَانِي عَامَّتهمْ الَّذِي قُلْنَاهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22297 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { لَا الشَّمْس يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِك الْقَمَر } قَالَ : لَا يُشْبِه ضَوْءُهَا ضَوْء الْآخَر , لَا يَنْبَغِي لَهَا ذَلِكَ 22298 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { لَا الشَّمْس يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِك الْقَمَر } قَالَ : لَا يُشْبِه ضَوْء أَحَدهمَا ضَوْء الْآخَر , وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ لَهُمَا وَفِي قَوْله : { وَلَا اللَّيْل سَابِق النَّهَار } قَالَ : يَتَطَالَبَانِ حَثِيثَيْنِ يَنْسَلِخ أَحَدهمَا مِنْ الْآخَر . 22299 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح : { لَا الشَّمْس يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِك الْقَمَر وَلَا اللَّيْل سَابِق النَّهَار } قَالَ : لَا يُدْرِك هَذَا ضَوْء هَذَا وَلَا هَذَا ضَوْء هَذَا 22300 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { لَا الشَّمْس يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِك الْقَمَر } وَهَذَا فِي ضَوْء الْقَمَر وَضَوْء الشَّمْس , إِذَا طَلَعَتْ الشَّمْس لَمْ يَكُنْ لِلْقَمَرِ ضَوْء , وَإِذَا طَلَعَ الْقَمَر بِضَوْئِهِ لَمْ يَكُنْ لِلشَّمْسِ ضَوْء { وَلَا اللَّيْل سَابِق النَّهَار } قَالَ : فِي قَضَاء اللَّه وَعِلْمه أَنْ لَا يَفُوت اللَّيْل النَّهَار حَتَّى يُدْرِكهُ , فَيَذْهَب ظُلْمَته , وَفِي قَضَاء اللَّه أَنْ لَا يَفُوت النَّهَار اللَّيْل حَتَّى يُدْرِكهُ , فَيَذْهَب بِضَوْئِهِ 22301 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لَا الشَّمْس يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِك الْقَمَر وَلَا اللَّيْل سَابِق النَّهَار } وَلِكُلٍّ حَدّ وَعِلْم لَا يَعْدُوهُ , وَلَا يَقْصُر دُونه ; إِذَا جَاءَ سُلْطَان هَذَا , ذَهَبَ سُلْطَان هَذَا , وَإِذَا جَاءَ سُلْطَان هَذَا ذَهَبَ سُلْطَان هَذَا وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي ذَلِكَ مَا : 22302 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { لَا الشَّمْس يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِك الْقَمَر وَلَا اللَّيْل سَابِق النَّهَار } يَقُول : إِذَا اِجْتَمَعَا فِي السَّمَاء كَانَ أَحَدهمَا بَيْن يَدَيْ الْآخَر , فَإِذَا غَابَا غَابَ أَحَدهمَا بَيْن يَدَيْ الْآخَر وَأَنَّ مِنْ قَوْله : { أَنْ تُدْرِك } فِي مَوْضِع رَفْع بِقَوْلِهِ : يَنْبَغِي . وَقَوْله : { وَكُلّ فِي فَلَك يَسْبَحُونَ } يَقُول : وَكُلّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الشَّمْس وَالْقَمَر وَاللَّيْل وَالنَّهَار فِي فَلَك يَجْرُونَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22303- حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو النُّعْمَان الْحَكَم بْن عَبْد اللَّه الْعِجْلِيّ , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مُسْلِم الْبُطَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَكُلّ فِي فَلَك يَسْبَحُونَ } قَالَ : فِي فَلَك كَفَلَك الْمِغْزَل *- حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : ثنا الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم الْبُطَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله. 22304 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : مَجْرَى كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا , يَعْنِي اللَّيْل وَالنَّهَار , فِي فَلَك يَسْبَحُونَ : يَجْرُونَ 22305 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَكُلّ فِي فَلَك يَسْبَحُونَ } : أَيْ فِي فَلَك السَّمَاء يَسْبَحُونَ 22306 -حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَكُلّ فِي فَلَك يَسْبَحُونَ } دَوَرَانًا , يَقُول : دَوَرَانًا يَسْبَحُونَ ; يَقُول : يَجْرُونَ 22307 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَكُلّ فِي فَلَك يَسْبَحُونَ } يَعْنِي : كُلّ فِي فَلَك فِي السَّمَوَات'; $TAFSEER['3']['36']['41'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَآيَة لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتهمْ فِي الْفُلْك الْمَشْحُون } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَدَلِيل لَهُمْ أَيْضًا , وَعَلَامَة عَلَى قُدْرَتنَا عَلَى كُلّ مَا نَشَاء , حَمَلْنَا ذُرِّيَّتهمْ , يَعْنِي مَنْ نَجَا مِنْ وَلَد آدَم فِي سَفِينَة نُوح , وَإِيَّاهَا عَنَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالْفُلْكِ الْمَشْحُون ; وَالْفُلْك : هِيَ السَّفِينَة , وَالْمَشْحُون : الْمَمْلُوء الْمُوَقَّر . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22308 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتهمْ فِي الْفُلْك الْمَشْحُون } يَقُول : الْمُمْتَلِئ 22309 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فِي الْفُلْك الْمَشْحُون } يَعْنِي الْمُثَقَّل 22310 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن الصَّلْت , قَالَ : ثنا أَبُو كُدَيْنَة , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد { الْفُلْك الْمَشْحُون } قَالَ : الْمُوَقَّر 22311 - حَدَّثَنَا عِمْرَان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث , قَالَ : ثنا يُونُس , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { الْمَشْحُون } قَالَ : الْمَحْمُول 22312- حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتهمْ فِي الْفُلْك الْمَشْحُون } يَعْنِي : سَفِينَة نُوح عَلَيْهِ السَّلَام 22313 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَآيَة لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتهمْ فِي الْفُلْك الْمَشْحُون } الْمُوَقَّر , يَعْنِي سَفِينَة نُوح 22314 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { الْفُلْك الْمَشْحُون } قَالَ : الْفُلْك الْمَشْحُون : الْمَرْكَب الَّذِي كَانَ فِيهِ نُوح , وَالذُّرِّيَّة الَّتِي كَانَتْ فِي ذَلِكَ الْمَرْكَب ; قَالَ : وَالْمَشْحُون : الَّذِي قَدْ شُحِنَ , الَّذِي قَدْ جَعَلَ فِيهِ لِيَرْكَبهُ أَهْله , جَعَلُوا فِيهِ مَا يُرِيدُونَ , فَرُبَّمَا اِمْتَلَأَ , وَرُبَّمَا لَمْ يَمْتَلِئ * - حَدَّثَنَا الْفَضْل بْن الصَّبَّاح , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : أَتَدْرُونَ مَا الْفُلْك الْمَشْحُون ؟ قُلْنَا : لَا , قَالَ : هُوَ الْمُوَقَّر 22315 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد الْآمُلِيّ , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { الْفُلْك الْمَشْحُون } قَالَ : الْمُوَقَّر'; $TAFSEER['3']['36']['42'] = 'وَقَوْله : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْله مَا يَرْكَبُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَخَلَقْنَا لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمُكَذِّبِيكَ يَا مُحَمَّد , تَفَضُّلًا مِنَّا عَلَيْهِمْ , مِنْ مِثْل ذَلِكَ الْفُلْك الَّذِي كُنَّا حَمَلْنَا مِنْ ذُرِّيَّة آدَم مَنْ حَمَلْنَا فِيهِ الَّذِي يَرْكَبُونَهُ مِنْ الْمَرَاكِب . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِي عَنَى بِقَوْلِهِ : { مَا يَرْكَبُونَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ السُّفُن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22316 -حَدَّثَنَا الْفَضْل بْن الصَّبَّاح , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : تَدْرُونَ مَا { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْله مَا يَرْكَبُونَ } ؟ قُلْنَا : لَا . قَالَ : هِيَ السُّفُن جُعِلَتْ مِنْ بَعْد سَفِينَة نُوح عَلَى مِثْلهَا 22317 -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا يَحْيَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك فِي قَوْله : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْله مَا يَرْكَبُونَ } قَالَ : السُّفُن الصِّغَار * - قَالَ : ثنا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , فِي قَوْله : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْله مَا يَرْكَبُونَ } قَالَ : السُّفُن الصِّغَار , أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ : { وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقهُمْ فَلَا صَرِيخ لَهُمْ } 22318- حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور بْن زَاذَان , عَنْ الْحَسَن فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْله مَا يَرْكَبُونَ } قَالَ : السُّفُن الصِّغَار 22319 - حَدَّثَنَا حَاتِم بْن بَكْر الضَّبِّيّ , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن عُمَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْله مَا يَرْكَبُونَ } قَالَ : السُّفُن الصِّغَار 22320 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْله مَا يَرْكَبُونَ } يَعْنِي : السُّفُن الَّتِي اُتُّخِذَتْ بَعْدهَا , يَعْنِي بَعْد سَفِينَة نُوح 22321 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْله مَا يَرْكَبُونَ } قَالَ : هِيَ السُّفُن الَّتِي يُنْتَفَع بِهَا 22322 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْله مَا يَرْكَبُونَ } قَالَ : وَهِيَ هَذِهِ الْفُلْك * - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عُبَيْد , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْله مَا يَرْكَبُونَ } قَالَ : نَعَمْ مِنْ مِثْل سَفِينَة وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ الْإِبِل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22323 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْله مَا يَرْكَبُونَ } يَعْنِي : الْإِبِل , خَلَقَهَا اللَّه كَمَا رَأَيْت , فَهِيَ سُفُن الْبَرّ , يُحْمَلُونَ عَلَيْهَا وَيَرْكَبُونَهَا 22324 - حَدَّثَنَا نَصْر بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا غُنْدَر , عَنْ عُثْمَان بْن غِيَاث , عَنْ عِكْرِمَة { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْله مَا يَرْكَبُونَ } قَالَ : الْإِبِل 22325 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْله مَا يَرْكَبُونَ } هِيَ الْإِبِل 22326 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْله مَا يَرْكَبُونَ } قَالَ : مِنْ الْأَنْعَام 22327 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : هِيَ الْإِبِل وَأَشْبَهَ الْقَوْلَيْنِ بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِذَلِكَ السُّفُن , وَذَلِكَ لِدَلَالَةِ قَوْله : { وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقهُمْ فَلَا صَرِيخ لَهُمْ } عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَذَلِكَ أَنَّ الْغَرَق مَعْلُوم أَنْ لَا يَكُون إِلَّا فِي الْمَاء , وَلَا غَرَق فِي الْبَرّ .'; $TAFSEER['3']['36']['43'] = 'وَقَوْله : { وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقهُمْ فَلَا صَرِيخ لَهُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِق هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ إِذَا رَكِبُوا الْفُلْك فِي الْبَحْر { فَلَا صَرِيخ لَهُمْ } يَقُول : فَلَا مُغِيث لَهُمْ إِذَا نَحْنُ غَرَّقْنَاهُمْ يُغِيثهُمْ , فَيُنَجِّيهِمْ مِنْ الْغَرَق , كَمَا : 22328 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقهُمْ فَلَا صَرِيخ لَهُمْ } : أَيْ لَا مُغِيث وَقَوْله : { وَلَا هُمْ يُنْقِذُونَ } يَقُول : وَلَا هُوَ يُنْقِذهُمْ مِنْ الْغَرَق شَيْء إِنْ نَحْنُ أَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْبَحْر , إِلَّا أَنْ نُنْقِذهُمْ نَحْنُ رَحْمَة مِنَّا لَهُمْ , فَنُنْجِيهِمْ مِنْهُ .'; $TAFSEER['3']['36']['44'] = 'إِنْ نَحْنُ أَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْبَحْر , إِلَّا أَنْ نُنْقِذهُمْ نَحْنُ رَحْمَة مِنَّا لَهُمْ , فَنُنْجِيهِمْ مِنْهُ . وَقَوْله : { وَمَتَاعًا إِلَى حِين } يَقُول : وَلِنُمَتِّعهُمْ إِلَى أَجَل هُمْ بَالِغُوهُ , فَكَأَنَّهُ قَالَ : وَلَا هُمْ يُنْقِذُونَ , إِلَّا أَنْ نَرْحَمهُمْ فَنُمَتِّعهُمْ إِلَى أَجَل وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22329 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَتَاعًا إِلَى حِين } : أَيْ إِلَى الْمَوْت'; $TAFSEER['3']['36']['45'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اِتَّقُوا مَا بَيْن أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ , الْمُكَذِّبِينَ رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اِحْذَرُوا مَا مَضَى بَيْن أَيْدِيكُمْ مِنْ نَقْم اللَّه وَمَثُلَاته بِمَنْ حَلَّ ذَلِكَ بِهِ مِنْ الْأُمَم قَبْلكُمْ أَنْ يَحِلّ مِثْله بِكُمْ بِشِرْكِكُمْ وَتَكْذِيبكُمْ رَسُوله . { وَمَا خَلْفكُمْ } يَقُول : وَمَا بَعْد هَلَاككُمْ مِمَّا أَنْتُمْ لَاقُوهُ إِنْ هَلَكْتُمْ عَلَى كُفْركُمْ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } يَقُول : لِيَرْحَمكُمْ رَبّكُمْ إِنْ أَنْتُمْ حَذَّرْتُمْ ذَلِكَ , وَاتَّقَيْتُمُوهُ بِالتَّوْبَةِ مِنْ شِرْككُمْ وَالْإِيمَان بِهِ , وَلُزُوم طَاعَته فِيمَا أَوْجَبَ عَلَيْكُمْ مِنْ فَرَائِضه. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22330 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اِتَّقُوا مَا بَيْن أَيْدِيكُمْ } : وَقَائِع اللَّه فِيمَنْ خَلَا قَبْلهمْ مِنْ الْأُمَم وَمَا خَلْفهمْ مِنْ أَمْر السَّاعَة . وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 22331 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { مَا بَيْن أَيْدِيكُمْ } قَالَ : مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبهمْ وَهَذَا الْقَوْل قَرِيب الْمَعْنَى مِنْ الْقَوْل الَّذِي قُلْنَا , لِأَنَّ مَعْنَاهُ : اِتَّقُوا عُقُوبَة مَا بَيْن أَيْدِيكُمْ مِنْ ذُنُوبكُمْ , وَمَا خَلْفكُمْ مِمَّا تَعْمَلُونَ مِنْ الذُّنُوب وَلَمْ تَعْمَلُوهُ بَعْد , فَذَلِكَ بَعْد تَخْوِيف لَهُمْ الْعِقَاب عَلَى كُفْرهمْ .'; $TAFSEER['3']['36']['46'] = 'وَقَوْله : { وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَة مِنْ آيَات رَبّهمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا تَجِيء هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْش آيَة , يَعْنِي حُجَّة مِنْ حُجَج اللَّه , وَعَلَامَة مِنْ عَلَامَاته عَلَى حَقِيقَة تَوْحِيده , وَتَصْدِيق رَسُوله , إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ , لَا يَتَفَكَّرُونَ فِيهَا , وَلَا يَتَدَبَّرُونَهَا , فَيَعْلَمُوا بِهَا مَا اِحْتَجَّ اللَّه عَلَيْهِمْ بِهَا . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَأَيْنَ جَوَاب قَوْله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اِتَّقُوا مَا بَيْن أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفكُمْ } ؟ قِيلَ : جَوَابه وَجَوَاب قَوْله { وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَة مِنْ آيَات رَبّهمْ } . . قَوْله : { إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ } لِأَنَّ الْإِعْرَاض مِنْهُمْ كَانَ عَنْ كُلّ آيَة لِلَّهِ , فَاكْتَفَى بِالْجَوَابِ عَنْ قَوْله : { اِتَّقُوا مَا بَيْن أَيْدِيكُمْ } وَعَنْ قَوْله : { وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَة } بِالْخَبَرِ عَنْ إِعْرَاضهمْ عَنْهَا لِذَلِكَ , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اِتَّقُوا مَا بَيْن أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفكُمْ أَعْرَضُوا , وَإِذَا أَتَتْهُمْ آيَة أَعْرَضُوا .'; $TAFSEER['3']['36']['47'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّه قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاء اللَّه أَطْعَمَهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ : أَنْفِقُوا مِنْ رِزْق اللَّه الَّذِي رَزَقَكُمْ , فَأَدُّوا مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّه عَلَيْكُمْ فِيهِ لِأَهْلِ حَاجَتكُمْ وَمَسْكَنَتكُمْ , قَالَ الَّذِينَ أَنْكَرُوا وَحْدَانِيَّة اللَّه , وَعَبَدُوا مِنْ دُونه لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله : أَنُطْعِمُ أَمْوَالنَا وَطَعَامنَا مَنْ لَوْ يَشَاء اللَّه أَطْعَمَهُ ؟ ! .\'\' وَفِي قَوْله : { إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَال مُبِين } وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنْ يَكُون مِنْ قِيل الْكُفَّار لِلْمُؤْمِنِينَ , فَيَكُون تَأْوِيل الْكَلَام حِينَئِذٍ : مَا أَنْتُمْ أَيّهَا الْقَوْم فِي قِيلكُمْ لَنَا : أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّه عَلَى مَسَاكِينكُمْ , إِلَّا فِي ذَهَاب عَنْ الْحَقّ , وَجَوْر عَنْ الرُّشْد مُبِين لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَتَدَبَّرَهُ , أَنَّهُ فِي ضَلَال ; وَهَذَا أَوْلَى وَجْهَيْهِ بِتَأْوِيلِهِ . وَالْوَجْه الْآخَر : أَنْ يَكُون ذَلِكَ مِنْ قِيل اللَّه لِلْمُشْرِكِينَ , فَيَكُون تَأْوِيله حِينَئِذٍ : مَا أَنْتُمْ أَيّهَا الْكَافِرُونَ فِي قِيلكُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ : أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاء اللَّه أَطْعَمَهُ , إِلَّا فِي ضَلَال مُبِين , عَنْ أَنَّ قِيلكُمْ ذَلِكَ لَهُمْ ضَلَال .'; $TAFSEER['3']['36']['48'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْد إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَقُول هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الْمُكَذِّبُونَ وَعِيد اللَّه , وَالْبَعْث بَعْد الْمَمَات , يَسْتَعْجِلُونَ رَبّهمْ بِالْعَذَابِ { مَتَى هَذَا الْوَعْد } : أَيْ الْوَعْد بِقِيَامِ السَّاعَة { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أَيّهَا الْقَوْم , وَهَذَا قَوْلهمْ لِأَهْلِ الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَرَسُوله .'; $TAFSEER['3']['36']['49'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة تَأْخُذهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا يَنْتَظِر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ يَسْتَعْجِلُونَ بِوَعِيدِ اللَّه إِيَّاهُمْ , إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة تَأْخُذهُمْ , وَذَلِكَ نَفْخَة الْفَزَع عِنْد قِيَام السَّاعَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , وَجَاءَتْ الْآثَار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ , وَمَا فِيهِ مِنْ الْأَثَر : 22332 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ وَمُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَا : ثنا عَوْف بْن أَبِي جَمِيلَة عَنْ أَبِي الْمُغِيرَة الْقَوَّاس , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , قَالَ : لَيُنْفَخَنَّ فِي الصُّور , وَالنَّاس فِي طُرُقهمْ وَأَسْوَاقهمْ وَمَجَالِسهمْ , حَتَّى إِنَّ الثَّوْب لَيَكُون بَيْن الرَّجُلَيْنِ يَتَسَاوَمَانِ , فَمَا يُرْسِلهُ أَحَدهمَا مِنْ يَده حَتَّى يُنْفَخ فِي الصُّور , وَحَتَّى إِنَّ الرَّجُل لَيَغْدُو مِنْ بَيْته فَلَا يَرْجِع حَتَّى يُنْفَخ فِي الصُّور , وَهِيَ الَّتِي قَالَ اللَّه : { مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة تَأْخُذهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَة } . . الْآيَة 22333 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة تَأْخُذهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : " تَهِيج السَّاعَة بِالنَّاسِ وَالرَّجُل يَسْقِي مَاشِيَته , وَالرَّجُل يُصْلِح حَوْضه , وَالرَّجُل يُقِيم سِلْعَته فِي سُوقه وَالرَّجُل يَخْفِض مِيزَانه وَيَرْفَعهُ , وَتَهِيج بِهِمْ وَهُمْ كَذَلِكَ , فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَة وَلَا إِلَى أَهْلهمْ يَرْجِعُونَ " 22334 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة } قَالَ : النَّفْخَة نَفْخَة وَاحِدَة 22335 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الْمُحَارِبِيّ , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَافِع , عَمَّنْ ذَكَرَهُ , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَإِنَّ اللَّه لَمَّا فَرَغَ مِنْ خَلْق السَّمَوَات وَالْأَرْض خَلَقَ الصُّور , فَأَعْطَاهُ إِسْرَافِيل , فَهُوَ وَاضِعه عَلَى فِيهِ شَاخِص بِبَصَرِهِ إِلَى الْعَرْش يَنْتَظِر مَتَى يُؤْمَر " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : يَا رَسُول اللَّه : وَمَا الصُّور ؟ قَالَ : " قَرْن " قَالَ : وَكَيْفَ هُوَ ؟ قَالَ : " قَرْن عَظِيم يُنْفَخ فِيهِ ثَلَاث نَفَخَات , الْأُولَى نَفْخَة الْفَزَع , وَالثَّانِيَة نَفْخَة الصَّعْق , وَالثَّالِثَة نَفْخَة الْقِيَام لِرَبِّ الْعَالَمِينَ , يَأْمُر اللَّه إِسْرَافِيل بِالنَّفْخَةِ الْأُولَى فَيَقُول : اُنْفُخْ نَفْخَة الْفَزَع , فَيَفْزَع أَهْل السَّمَوَات وَأَهْل الْأَرْض إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه , وَيَأْمُرهُ اللَّه فَيُدِيمهَا وَيُطَوِّلهَا , فَلَا يَفْتُر , وَهِيَ الَّتِي يَقُول اللَّه : { مَا يَنْظُر هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ } 38 15 ثُمَّ يَأْمُر اللَّه إِسْرَافِيل بِنَفْخَةِ الصَّعْق , فَيَقُول : اُنْفُخْ نَفْخَة الصَّعْق , فَيَصْعَق أَهْل السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه , فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ , ثُمَّ يُمِيت مَنْ بَقِيَ , فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا اللَّه الْوَاحِد الصَّمَد , بَدَّلَ الْأَرْض غَيْر الْأَرْض وَالسَّمَوَات , فَيَبْسُطهَا وَيَسْطَحهَا , وَيَمُدّهَا مَدّ الْأَدِيم الْعُكَاظِيّ , لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا , ثُمَّ يَزْجُر اللَّه الْخَلْق زَجْرَة , فَإِذَا هُمْ فِي هَذِهِ الْمُبَدَّلَة فِي مِثْل مَوَاضِعهمْ مِنْ الْأُولَى مَا كَانَ فِي بَطْنهَا كَانَ فِي بَطْنهَا , وَمَا كَانَ عَلَى ظَهْرهَا كَانَ عَلَى ظَهْرهَا " . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } فَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء الْمَدِينَة : " وَهُمْ يَخْصِّمُونَ " بِسُكُونِ الْخَاء وَتَشْدِيد الصَّاد , فَجَمَعَ بَيْن السَّاكِنَيْنِ , بِمَعْنَى : يَخْتَصِمُونَ , ثُمَّ أُدْغِمَ التَّاء فِي الصَّاد فَجَعَلَهَا صَادًا مُشَدَّدَة , وَتَرَكَ الْخَاء عَلَى سُكُونهَا فِي الْأَصْل. وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْمَكِّيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ : " وَهُمْ يَخَصِّمُونَ " بِفَتْحِ الْخَاء وَتَشْدِيد الصَّاد بِمَعْنَى : يَخْتَصِمُونَ , غَيْر أَنَّهُمْ نَقَلُوا حَرَكَة التَّاء وَهِيَ الْفَتْحَة الَّتِي فِي يَفْتَعِلُونَ إِلَى الْخَاء مِنْهَا , فَحَرَّكُوهَا بِتَحْرِيكِهَا , وَأَدْغَمُوا التَّاء فِي الصَّاد وَشَدَّدُوهَا . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء الْكُوفَة : { يَخِصِّمُونَ } بِكَسْرِ الْخَاء وَتَشْدِيد الصَّاد , فَكَسَرُوا الْخَاء بِكَسْرِ الصَّاد وَأَدْغَمُوا التَّاء فِي الصَّاد وَشَدَّدُوهَا. وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : " يَخْصِمُونَ " بِسُكُونِ الْخَاء وَتَخْفِيف الصَّاد , بِمَعْنَى " يَفْعَلُونَ " مِنْ الْخُصُومَة , وَكَأَنَّ مَعْنَى قَارِئ ذَلِكَ كَذَلِكَ : كَأَنَّهُمْ يَتَكَلَّمُونَ , أَوْ يَكُون مَعْنَاهُ عِنْده : كَانَ وَهُمْ عِنْد أَنْفُسهمْ يَخْصِمُونَ مِنْ وَعْدهمْ مَجِيء السَّاعَة , وَقِيَام الْقِيَامَة , وَيَغْلِبُونَهُ بِالْجَدَلِ فِي ذَلِكَ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَنَّ هَذِهِ قِرَاءَات مَشْهُورَات مَعْرُوفَات فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَات الْمَعَانِي , فَبِأَيَّتِهِنَّ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب.'; $TAFSEER['3']['36']['50'] = 'وَقَوْله : { فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَا يَسْتَطِيع هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ عِنْد النَّفْخ فِي الصُّور أَنْ يُوصُوا فِي أَمْوَالهمْ أَحَدًا { وَلَا إِلَى أَهْلهمْ يَرْجِعُونَ } يَقُول : وَلَا يَسْتَطِيع مَنْ كَانَ مِنْهُمْ خَارِجًا عَنْ أَهْله أَنْ يَرْجِع إِلَيْهِمْ , لِأَنَّهُمْ لَا يُمْهِلُونَ بِذَلِكَ . وَلَكِنْ يُعَجِّلُونَ بِالْهَلَاكِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22336 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَة } : أَيْ فِيمَا فِي أَيْدِيهمْ { وَلَا إِلَى أَهْلهمْ يَرْجِعُونَ } قَالَ : أُعْجِلُوا عَنْ ذَلِكَ 22337 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { مَا يَنْظُر هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة } .. الْآيَة , قَالَ : هَذَا مُبْتَدَأ يَوْم الْقِيَامَة , وَقَرَأَ : { فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَة } حَتَّى بَلَغَ { إِلَى رَبّهمْ يَنْسِلُونَ }'; $TAFSEER['3']['36']['51'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَنُفِخَ فِي الصُّور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَنُفِخَ فِي الصُّور } وَقَدْ ذَكَرْنَا اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِيهِ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى قَبْل بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع , وَيُعْنَى بِهَذِهِ النَّفْخَة , نَفْخَة الْبَعْث . وَقَوْله : { فَإِذَا هُمْ مِنْ الْأَجْدَاث } يَعْنِي مِنْ أَجْدَاثهمْ , وَهِيَ قُبُورهمْ , وَاحِدهَا جَدَث , وَفِيهَا لُغَتَانِ , فَأَمَّا أَهْل الْعَالِيَة , فَتَقُولهُ بِالثَّاءِ : جَدَث , وَأَمَّا أَهْل السَّافِلَة فَتَقُولهُ بِالْفَاءِ جَدَف . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22338- حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { مِنْ الْأَجْدَاث إِلَى رَبّهمْ يَنْسِلُونَ } يَقُول : مِنْ الْقُبُور 22339 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَإِذَا هُمْ مِنْ الْأَجْدَاث } : أَيْ مِنْ الْقُبُور وَقَوْله : { إِلَى رَبّهمْ يَنْسِلُونَ } يَقُول : إِلَى رَبّهمْ يَخْرُجُونَ سِرَاعًا , وَالنَّسْلَانِ : الْإِسْرَاع فِي الْمَشْي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22340 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يَنْسِلُونَ } يَقُول : يَخْرُجُونَ 22341 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِلَى رَبّهمْ يَنْسِلُونَ } : أَيْ يَخْرُجُونَ'; $TAFSEER['3']['36']['52'] = 'وَقَوْله : { قَالُوا يَا وَيْلنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَن وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ لَمَّا نُفِخَ فِي الصُّور نَفْخَة الْبَعْث لِمَوْقِفِ الْقِيَامَة فَرُدَّتْ أَرْوَاحهمْ إِلَى أَجْسَامهمْ , وَذَلِكَ بَعْد نَوْمَة نَامُوهَا : { يَا وَيْلنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدنَا } وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ نَوْمَة بَيْن النَّفْخَتَيْنِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22342 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ خَيْثَمَة , عَنْ الْحَسَن , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب , فِي قَوْله : { يَا وَيْلنَا مِنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدنَا } قَالَ : نَامُوا نَوْمَة قَبْل الْبَعْث 22343 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ رَجُل يُقَال لَهُ خَيْثَمَة فِي قَوْله : { يَا وَيْلنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدنَا } قَالَ : يَنَامُونَ نَوْمَة قَبْل الْبَعْث 22344 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { قَالُوا يَا وَيْلنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدنَا } هَذَا قَوْل أَهْل الضَّلَالَة . وَالرَّقْدَة : مَا بَيْن النَّفْخَتَيْنِ 22345 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { يَا وَيْلنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدنَا هَذَا } قَالَ : الْكَافِرُونَ يَقُولُونَهُ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { مِنْ مَرْقَدنَا هَذَا } مَنْ أَيْقَظَنَا مِنْ مَنَامنَا , وَهُوَ مِنْ قَوْلهمْ : بَعَثَ فُلَان نَاقَته فَانْبَعَثَتْ , إِذَا أَثَارَهَا فَثَارَتْ . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود : " مَنْ أَهَبَّنَا مِنْ مَرْقَدنَا هَذَا " . وَفِي قَوْله : { هَذَا } وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : أَنْ تَكُون إِشَارَة إِلَى " مَا " , وَيَكُون ذَلِكَ كَلَامًا مُبْتَدَأ بَعْد تَنَاهِي الْخَبَر الْأَوَّل بِقَوْلِهِ : { مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدنَا } فَتَكُون " مَا " حِينَئِذٍ مَرْفُوعَة بِهَذَا , وَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام : هَذَا وَعْد الرَّحْمَن وَصِدْق الْمُرْسَلُونَ . وَالْوَجْه الْآخَر : أَنْ تَكُون مِنْ صِفَة الْمَرْقَد , وَتَكُون خَفْضًا وَرَدًّا عَلَى الْمَرْقَد , وَعِنْد تَمَام الْخَبَر عَنْ الْأَوَّل , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام : مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدنَا هَذَا , ثُمَّ يَبْتَدِئ الْكَلَام فَيُقَال : مَا وَعَدَ الرَّحْمَن , بِمَعْنَى : بَعَثَكُمْ وَعْد الرَّحْمَن , فَتَكُون " مَا " حِينَئِذٍ رَفْعًا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِي يَقُول حِينَئِذٍ : هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَن , فَقَالَ بَعْضهمْ : يَقُول ذَلِكَ أَهْل الْإِيمَان بِاَللَّهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22346 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَن } مِمَّا سَرَّ الْمُؤْمِنُونَ يَقُولُونَ هَذَا حِين الْبَعْث 22347 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَن وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } قَالَ : قَالَ أَهْل الْهُدَى : هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَن وَصَدَقَ الَمُرْسَلُونَ وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كِلَا الْقَوْلَيْنِ , أَعْنِي { يَا وَيْلنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَن وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } مِنْ قَوْل الْكُفَّار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22348 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { يَا وَيْلنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدنَا } ثُمَّ قَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَن وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } كَانُوا أَخْبَرُونَا أَنَّا نُبْعَث بَعْد الْمَوْت , وَنُحَاسَب وَنُجَازَى وَالْقَوْل الْأَوَّل أَشْبَه بِظَاهِرِ التَّنْزِيل , وَهُوَ أَنْ يَكُون مِنْ كَلَام الْمُؤْمِنِينَ , لِأَنَّ الْكُفَّار فِي قِيلهمْ : { مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدنَا } دَلِيل عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا بِمَنْ بَعَثَهُمْ مِنْ مَرْقَدهمْ جُهَّالًا , وَلِذَلِكَ مِنْ جَهْلهمْ اِسْتَثْبَتُوا , وَمُحَال أَنْ يَكُونُوا اِسْتَثْبَتُوا ذَلِكَ إِلَّا مِنْ غَيْرهمْ , مِمَّنْ خَالَفَتْ صِفَته صِفَتهمْ فِي ذَلِكَ .'; $TAFSEER['3']['36']['53'] = 'وَقَوْله : { إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة فَإِذَا هُمْ جَمِيع لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنْ كَانَتْ إِعَادَتهمْ أَحْيَاء بَعْد مَمَاتهمْ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة , وَهِيَ النَّفْخَة الثَّالِثَة فِي الصُّور { فَإِذَا هُمْ جَمِيع لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ } يَقُول : فَإِذَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ لَدَيْنَا قَدْ أُحْضِرُوا , فَأُشْهِدُوا مَوْقِف الْعَرْض وَالْحِسَاب , لَمْ يَتَخَلَّف عَنْهُ مِنْهُمْ أَحَد . وَقَدْ بَيَّنَّا اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِي قِرَاءَتهمْ { إِلَّا صَيْحَة } بِالنَّصْبِ وَالرَّفْع فِيمَا مَضَى , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .'; $TAFSEER['3']['36']['54'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَالْيَوْم لَا تُظْلَم نَفْس شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { فَالْيَوْم } يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة { لَا تُظْلَم نَفْس شَيْئًا } كَذَلِكَ رَبّنَا لَا يَظْلِم نَفْسًا شَيْئًا , فَلَا يُوَفِّيهَا جَزَاء عَمَلهَا الصَّالِح , وَلَا يَحْمِل عَلَيْهَا وِزْر غَيْرهَا , وَلَكِنَّهُ يُوَفِّي كُلّ نَفْس أَجْر مَا عَمِلَتْ مِنْ صَالِح , وَلَا يُعَاقِبهَا إِلَّا بِمَا اِجْتَرَمَتْ وَاكْتَسَبَتْ مِنْ شَيْء { وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } يَقُول : وَلَا تُكَافِئُونَ إِلَّا مُكَافَأَة أَعْمَالكُمْ الَّتِي كُنْتُمْ تَعْمَلُونَهَا فِي الدُّنْيَا .'; $TAFSEER['3']['36']['55'] = 'وَقَوْله : { إِنَّ أَصْحَاب الْجَنَّة الْيَوْم فِي شُغُل فَاكِهُونَ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الشَّغْل الَّذِي وَصَفَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَصْحَاب الْجَنَّة أَنَّهُمْ فِيهِ يَوْم الْقِيَامَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ اِفْتِضَاض الْعَذَارَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22349 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ حَفْص بْن حُمَيْد , عَنْ شِمْر بْن عَطِيَّة , عَنْ شَقِيق بْن سَلَمَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , فِي قَوْله : { إِنَّ أَصْحَاب الْجَنَّة الْيَوْم فِي شُغُل فَاكِهُونَ } قَالَ : شَغَلَهُمْ اِفْتِضَاض الْعَذَارَى 22350 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي عَمْرو , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس { إِنَّ أَصْحَاب الْجَنَّة الْيَوْم فِي شُغُل فَاكِهُونَ } قَالَ : اِفْتِضَاض الْأَبْكَار * حَدَّثَنِي عُبَيْد بْن أَسْبَاط بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس { إِنَّ أَصْحَاب الْجَنَّة الْيَوْم فِي شُغُل فَاكِهُونَ } قَالَ : اِفْتِضَاض الْأَبْكَار * حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن زُرَيْق الطُّهَوِيّ , قَالَ : ثنا أَسْبَاط بْن مُحَمَّد , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 22351- حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الصُّدَائِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو النَّضْر , عَنْ الْأَشْجَعِيّ , عَنْ وَائِل بْن دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , فِي قَوْله : { إِنَّ أَصْحَاب الْجَنَّة الْيَوْم فِي شُغُل فَاكِهُونَ } قَالَ : فِي اِفْتِضَاض الْعَذَارَى وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ : أَنَّهُمْ فِي نِعْمَة ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22352 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِنَّ أَصْحَاب الْجَنَّة الْيَوْم فِي شُغُل } قَالَ : فِي نِعْمَة 22353 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثنا مَرْوَان , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ أَبِي سَهْل , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْل اللَّه : { إِنَّ أَصْحَاب الْجَنَّة } . . الْآيَة , قَالَ : شَغَلَهُمْ النَّعِيم عَمَّا فِيهِ أَهْل النَّار مِنْ الْعَذَاب وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّهُمْ فِي شُغُل عَمَّا فِيهِ أَهْل النَّار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22354 -حَدَّثَنَا نَصْر بْن عَلِيّ الْجَهْضَمِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبَان بْن تَغْلِب , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد { إِنَّ أَصْحَاب الْجَنَّة } . . الْآيَة , قَالَ : فِي شُغُل عَمَّا يَلْقَى أَهْل النَّار وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال كَمَا قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ { إِنَّ أَصْحَاب الْجَنَّة } وَهُمْ أَهْلهَا { فِي شُغُل فَاكِهُونَ } بِنِعَمٍ تَأْتِيهِمْ فِي شُغُل , وَذَلِكَ الشَّغْل الَّذِي هُمْ فِيهِ نِعْمَة , وَافْتِضَاض أَبْكَار , وَلَهْو وَلَذَّة , وَشَغْل عَمَّا يَلْقَى أَهْل النَّار . وَقَدْ اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { فِي شُغُل } فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَبَعْض الْبَصْرِيِّينَ عَلَى اِخْتِلَاف عَنْهُ : " وَفِي شُغْل " بِضَمِّ الشِّين وَتَسْكِين الْغَيْن . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرو الضَّمّ فِي الشِّين وَالتَّسْكِين فِي الْغَيْن , وَالْفَتْح فِي الشِّين وَالْغَيْن جَمِيعًا فِي شَغَل . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَعَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة { فِي شُغُل } بِضَمِّ الشِّين وَالْغَيْن . وَالصَّوَاب فِي ذَلِكَ عِنْدِي قِرَاءَته بِضَمِّ الشِّين وَالْغَيْن , أَوْ بِضَمِّ الشِّين وَسُكُون الْغَيْن , بِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَهُ الْقَارِئ فَهُوَ مُصِيب , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة فِي قُرَّاء الْأَمْصَار مَعَ تَقَارُب مَعْنَيَيْهِمَا . وَأَمَّا قِرَاءَته بِفَتْح الشِّين وَالْغَيْن , فَغَيْر جَائِزَة عِنْدِي , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَى خِلَافهَا . وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي قِرَاءَة قَوْله : { فَاكِهُونَ } فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار { فَاكِهُونَ } بِالْأَلِفِ . وَذُكِرَ عَنْ أَبِي جَعْفَر الْقَارِئ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ : " فَكِهُونَ " بِغَيْرِ أَلِف . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدِي قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بِالْأَلِفِ , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : فَرِحُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22355 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فِي شُغُل فَاكِهُونَ } يَقُول : فَرِحُونَ وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : عَجِبُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22356 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَاكِهُونَ } قَالَ : عَجِبُونَ * - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { فَاكِهُونَ } قَالَ : عَجِبُونَ وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب فِي ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْض الْبَصْرِيِّينَ : مِنْهُمْ الْفَكِه الَّذِي يَتَفَكَّه . وَقَالَ : تَقُول الْعَرَب لِلرَّجُلِ الَّذِي يَتَفَكَّه بِالطَّعَامِ أَوْ بِالْفَاكِهَةِ , أَوْ بِأَعْرَاضِ النَّاس : إِنَّ فُلَانًا لَفَكِه بِأَعْرَاضِ النَّاس , قَالَ : وَمَنْ قَرَأَهَا { فَاكِهُونَ } جَعَلَهُ كَثِير الْفَوَاكِه صَاحِب فَاكِهَة , وَاسْتُشْهِدَ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِبَيْتِ الْحَطِيئَة : وَدَعَوْتنِي وَزَعَمْت أَنَّك لَابِن بِالصَّيْفِ تَامِر أَيْ عِنْده لَبَن كَثِير , وَتَمْر كَثِير , وَكَذَلِكَ عَاسِل , وَلَاحِم , وَشَاحِم. وَقَالَ بَعْض الْكُوفِيِّينَ : ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ حَاذِرُونِ وَحَذِرُونَ , وَهَذَا الْقَوْل الثَّانِي أَشْبَه بِالْكَلِمَةِ .'; $TAFSEER['3']['36']['56'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُمْ وَأَزْوَاجهمْ فِي ظِلَال } يَعْنِي تَعَالَى بِقَوْلِهِ : { هُمْ } أَصْحَاب الْجَنَّة { وَأَزْوَاجهمْ } مِنْ أَهْل الْجَنَّة فِي الْجَنَّة , كَمَا : 22357 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { هُمْ وَأَزْوَاجهمْ فِي ظِلَال } قَالَ : حَلَائِلهمْ فِي ظُلَل وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ بَعْضهمْ : " وَفِي ظُلَل " بِمَعْنَى : جَمْع ظُلَّة , كَمَا تُجْمَع الْحُلَّة حُلَلًا . وَقَرَأَهُ آخَرُونَ : { فِي ظِلَال } ; وَإِذَا قُرِئَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ لَهُ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنْ يَكُون مُرَادًا بِهِ جَمْع الظُّلَل الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْكِنّ , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلِمَة حِينَئِذٍ : هُمْ وَأَزْوَاجهمْ فِي كِنّ لَا يُضَحُّونَ لِشَمْسٍ كَمَا يُضَحِّي لَهَا أَهْل الدُّنْيَا , لِأَنَّهُ لَا شَمْس فِيهَا . وَالْآخَر : أَنْ يَكُون مُرَادًا بِهِ جَمْع ظُلَّة , فَيَكُون وَجْه جَمْعهَا كَذَلِكَ نَظِير جَمْعهمْ الْخُلَّة فِي الْكَثْرَة : الْخِلَال , وَالْقُلَّة : قِلَال\' وَقَوْله : { عَلَى الْأَرَائِك مُتَّكِئُونَ } وَالْأَرَائِك : هِيَ الْحِجَال فِيهَا السُّرَر وَالْفُرُش : وَاحِدَتهَا أَرِيكَة , وَكَانَ بَعْضهمْ يَزْعُم أَنَّ كُلّ فِرَاش فَأَرِيكَة , وَيُسْتَشْهَد لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِ ذِي الرِّمَّة : كَأَنَّمَا يُبَاشِرْنَ بِالْمَعْزَاءِ مَسَّ الْأَرَائِك وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22358 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { عَلَى الْأَرَائِك مُتَّكِئُونَ } قَالَ : هِيَ السُّرُر فِي الْحِجَال 22359 -حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ حُصَيْن , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { عَلَى الْأَرَائِك مُتَّكِئُونَ } قَالَ : الْأَرَائِك : السُّرُر عَلَيْهَا الْحِجَال * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : ثنا حُصَيْن , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { مُتَّكِئِينَ عَلَى الْأَرَائِك } قَالَ : الْأَرَائِك : السُّرُر فِي الْحِجَال * - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { عَلَى الْأَرَائِك } قَالَ : سُرُر عَلَيْهَا الْحِجَال 22360 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : زَعَمَ مُحَمَّد أَنَّ عِكْرِمَة قَالَ : الْأَرَائِك : السُّرُر فِي الْحِجَال 22361 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن , وَسَأَلَهُ رَجُل عَنْ الْأَرَائِك قَالَ : هِيَ الْحِجَال . أَهْل الْيَمَن يَقُولُونَ : أَرِيكَة فُلَان . وَسَمِعْت عِكْرِمَة وَسُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ : هِيَ الْحِجَال عَلَى السُّرُر 22362 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { عَلَى الْأَرَائِك مُتَّكِئُونَ } قَالَ : هِيَ الْحِجَال فِيهَا السُّرُر .'; $TAFSEER['3']['36']['57'] = 'وَقَوْله : { لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَة } يَقُول لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ أَهْل الْجَنَّة فِي الْجَنَّة فَاكِهَة { وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ } يَقُول : وَلَهُمْ فِيهَا مَا يَتَمَنَّوْنَ . وَذُكِرَ عَنْ الْعَرَب أَنَّهَا تَقُول : دَعْ عَلَيَّ مَا شِئْت : أَيْ تَمَنَّ عَلَيَّ مَا شِئْت .'; $TAFSEER['3']['36']['58'] = 'وَقَوْله : { سَلَام قَوْلًا مِنْ رَبّ رَحِيم } فِي رَفْع سَلَام وَجْهَانِ فِي قَوْل بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة ; أَحَدهمَا : أَنْ يَكُون خَبَرًا لِمَا يَدَّعُونَ , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام : وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ مُسْلِم لَهُمْ خَالِص . وَإِذَا وَجْه مَعْنَى الْكَلَام إِلَى ذَلِكَ كَانَ الْقَوْل حِينَئِذٍ مَنْصُوبًا تَوْكِيدًا خَارِجًا مِنْ السَّلَام , كَأَنَّهُ قِيلَ : وَلَهُمْ فِيهَا مَا يَدْعُونَ مُسْلِم خَالِص حَقًّا , كَأَنَّهُ قِيلَ : قَالَهُ قَوْلًا . وَالْوَجْه الثَّانِي : أَنْ يَكُون قَوْله : { سَلَام } مَرْفُوعًا عَلَى الْمَدْح , بِمَعْنَى : هُوَ سَلَام لَهُمْ قَوْلًا مِنْ اللَّه . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " سَلَامًا قَوْلًا " عَلَى أَنَّ الْخَبَر مَتْنَاهُ عِنْد قَوْله : { وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ } ثُمَّ نُصِبَ سَلَامًا عَلَى التَّوْكِيد , بِمَعْنَى : مُسْلِمًا قَوْلًا . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَقُول : اُنْتُصِبَ قَوْلًا عَلَى الْبَدَل مِنْ اللَّفْظ بِالْفِعْلِ , كَأَنَّهُ قَالَ : أَقُول ذَلِكَ قَوْلًا . قَالَ : وَمَنْ نَصَبَهَا نَصَبَهَا عَلَى خَبَر الْمَعْرِفَة عَلَى قَوْله : { لَهُمْ } فِيهَا { مَا يَدَّعُونَ } وَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الْخَبَر عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , أَنْ يَكُون { سَلَام } خَبَرًا لِقَوْلِهِ : { وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ } فَيَكُون مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَهُمْ فِيهَا مَا يَدَّعُونَ , وَذَلِكَ هُوَ سَلَام مِنْ اللَّه عَلَيْهِمْ , بِمَعْنَى : تَسْلِيم مِنْ اللَّه , وَيَكُون سَلَام تَرْجَمَة مَا يَدَّعُونَ , وَيَكُون الْقَوْل خَارِجًا مِنْ قَوْله : سَلَام . وَإِنَّمَا قُلْت ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِمَا : 22363 - حَدَّثَنَا بِهِ إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد الْجَوْهَرِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِيّ عَنْ حَرْمَلَة , عَنْ سُلَيْمَان بْن حُمَيْد , قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّد بْن كَعْب , يُحَدِّث عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : إِذَا فَرَغَ اللَّه مِنْ أَهْل الْجَنَّة وَأَهْل النَّار , أَقْبَلَ يَمْشِي فِي ظُلَل مِنْ الْغَمَام وَالْمَلَائِكَة , فَيَقِف عَلَى أَوَّل أَهْل دَرَجَة , فَيُسَلِّم عَلَيْهِمْ , فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ السَّلَام , وَهُوَ فِي الْقُرْآن : { سَلَام قَوْلًا مِنْ رَبّ رَحِيم } فَيَقُول : سَلُوا , فَيَقُولُونَ : مَا نَسْأَلك وَعِزَّتك وَجَلَالك , لَوْ أَنَّك قَسَمْت بَيْننَا أَرْزَاق الثَّقَلَيْنِ لَأَطْعَمْنَاهُمْ وَسَقَيْنَاهُمْ وَكَسَوْنَاهُمْ , فَيَقُول : سَلُوا , فَيَقُولُونَ : نَسْأَلك رِضَاك , فَيَقُول : رِضَائِي أَحَلَّكُمْ دَار كَرَامَتِي , فَيَفْعَل ذَلِكَ بِأَهْلِ كُلّ دَرَجَة حَتَّى يَنْتَهِي , قَالَ : وَلَوْ أَنَّ اِمْرَأَة مِنْ الْحُور الْعِين طَلَعَتْ لَأَطْفَأَ ضَوْء سِوَارَيْهَا الشَّمْس وَالْقَمَر , فَكَيْفَ بِالْمُسَوَّرَةِ * - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثنا حَرْمَلَة , عَنْ سُلَيْمَان بْن حُمَيْد , قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ يُحَدِّث عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : إِذْ فَرَغَ اللَّه مِنْ أَهْل الْجَنَّة النَّار , أَقْبَلَ فِي ظُلَل مِنْ الْغَمَام وَالْمَلَائِكَة , قَالَ : فَيُسَلِّم عَلَى أَهْل الْجَنَّة , فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ السَّلَام , قَالَ الْقُرَظِيّ : وَهَذَا فِي كِتَاب اللَّه : { سَلَام قَوْلًا مِنْ رَبّ رَحِيم } ؟ فَيَقُول : سَلُونِي , فَيَقُولُونَ : مَاذَا نَسْأَلك , أَيْ رَبّ ؟ قَالَ : بَلْ سَلُونِي قَالُوا : نَسْأَلك أَيْ رَبّ رِضَاك , قَالَ : رِضَائِي أَحَلَّكُمْ دَار كَرَامَتِي , قَالُوا : يَا رَبّ وَمَا الَّذِي نَسْأَلك ! فَوَعِزَّتِك وَجَلَالك , وَارْتِفَاع مَكَانك , لَوْ قَسَمْت عَلَيْنَا رِزْق الثَّقَلَيْنِ لَأَطْعَمْنَاهُمْ , وَلَأَسْقَيْنَاهُمْ , وَلَأَلْبَسْنَاهُمْ وَلَأَخْدَمْنَاهُمْ , لَا يَنْقُصنَا ذَلِكَ شَيْئًا , قَالَ : إِنَّ لَدَيَّ مَزِيدًا , قَالَ : فَيَفْعَل اللَّه ذَلِكَ بِهِمْ فِي دَرَجهمْ حَتَّى يَسْتَوِي فِي مَجْلِسه , قَالَ : ثُمَّ تَأْتِيهِمْ التُّحَف مِنْ اللَّه تَحْمِلهَا إِلَيْهِمْ الْمَلَائِكَة. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه * - حَدَّثَنَا اِبْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا حَرْمَلَة , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن حُمَيْد , أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ يُحَدِّث عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : إِذَا فَرَغَ اللَّه مِنْ أَهْل الْجَنَّة وَأَهْل النَّار , أَقْبَلَ يَمْشِي فِي ظُلَل مِنْ الْغَمَام وَيَقِف , قَالَ : ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : فَيَقُولُونَ : فَمَاذَا نَسْأَلك يَا رَبّ , فَوَعِزَّتِك وَجَلَالك وَارْتِفَاع مَكَانك , لَوْ أَنَّك قَسَمْت عَلَيْنَا أَرْزَاق الثَّقَلَيْنِ , الْجِنّ وَالْإِنْس , لَأَطْعَمْنَاهُمْ , وَلَسَقَيْنَاهُمْ , وَلَأَخْدَمْنَاهُمْ , مِنْ غَيْر أَنْ يُنْتَقَص ذَلِكَ شَيْئًا مِمَّا عِنْدنَا , قَالَ : بَلَى فَسَلُونِي , قَالُوا : نَسْأَلك رِضَاك , قَالَ : رِضَائِي أَحَلَّكُمْ دَار كَرَامَتِي , فَيَفْعَل هَذَا بِأَهْلِ كُلّ دَرَجَة , حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى مَجْلِسه . وَسَائِر الْحَدِيث مِثْله فَهَذَا الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ مُحَمَّد بْن كَعْب , يُنْبِئ عَنْ أَنَّ " سَلَام " بَيَان عَنْ قَوْله : { مَا يَدَّعُونَ } وَأَنَّ الْقَوْل خَارِج مِنْ السَّلَام. وَقَوْله : { مِنْ رَبّ رَحِيم } يَعْنِي : رَحِيم بِهِمْ إِذْ لَمْ يُعَاقِبهُمْ بِمَا سَلَفَ لَهُمْ مِنْ جُرْم فِي الدُّنْيَا .'; $TAFSEER['3']['36']['59'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَامْتَازُوا الْيَوْم أَيّهَا الْمُجْرِمُونَ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { وَامْتَازُوا } : تَمَيَّزُوا ; وَهِيَ اِفْتَعَلُوا , مِنْ مَازَ يَمِيز , فَعَلَ يَفْعَل مِنْهُ : اِمْتَازَ يَمْتَاز اِمْتِيَازًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22364- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَامْتَازُوا الْيَوْم أَيّهَا الْمُجْرِمُونَ } قَالَ : عُزِلُوا عَنْ كُلّ خَيْر 22365- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الْمُحَارِبِيّ , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَافِع , عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أَمَرَ اللَّه جَهَنَّم فَيَخْرُج مِنْهَا عُنُق سَاطِع مُظْلِم , ثُمَّ يَقُول : { أَلَمْ أَعْهَد إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَم أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَان } . . الْآيَة , إِلَى قَوْله : { هَذِهِ جَهَنَّم الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ -وَامْتَازُوا الْيَوْم أَيّهَا الْمُجْرِمُونَ } فَيَتَمَيَّز النَّاس وَيَجْثُونَ , وَهِيَ قَوْل اللَّه : { وَتَرَى كُلّ أُمَّة } 45 28 فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَنْ : وَتَمَيَّزُوا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْم أَيّهَا الْكَافِرُونَ بِاَللَّهِ , فَإِنَّكُمْ وَارِدُونَ غَيْر مَوْرِدهمْ , دَاخِلُونَ غَيْر مَدْخَلهمْ .'; $TAFSEER['3']['36']['60'] = 'وَقَوْل : { أَلَمْ أَعْهَد إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَم أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَان إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوّ مُبِين } وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ مِنْهُ , وَهُوَ : ثُمَّ يُقَال : أَلَمْ أَعْهَد إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَم , يَقُول : أَلَمْ أُوصِكُمْ وَآمُركُمْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَان فَتُطِيعُوهُ فِي مَعْصِيَة اللَّه { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوّ مُبِين } يَقُول : وَأَقُول لَكُمْ : إِنَّ الشَّيْطَان لَكُمْ عَدُوّ مُبِين , قَدْ أَبَانَ لَكُمْ عَدَاوَته بِامْتِنَاعِهِ مِنْ السُّجُود , لِأَبِيكُمْ آدَم , حَسَدًا مِنْهُ لَهُ , عَلَى مَا كَانَ اللَّه أَعْطَاهُ مِنْ الْكَرَامَة , وَغُرُوره إِيَّاهُ , حَتَّى أَخْرَجَهُ وَزَوْجَته مِنْ الْجَنَّة .'; $TAFSEER['3']['36']['61'] = 'وَقَوْله : { وَأَنْ اُعْبُدُونِي هَذَا صِرَاط مُسْتَقِيم } يَقُول : وَأَلَمْ أَعْهَد إِلَيْكُمْ أَنْ اُعْبُدُونِي دُون كُلّ مَا سِوَايَ مِنْ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد , وَإِيَّايَ فَأَطِيعُوا , فَإِنَّ إِخْلَاص عِبَادَتِي , وَإِفْرَاد طَاعَتِي , وَمَعْصِيَة الشَّيْطَان , هُوَ الدِّين الصَّحِيح , وَالطَّرِيق الْمُسْتَقِيم.'; $TAFSEER['3']['36']['62'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا } : وَلَقَدْ صَدَّ الشَّيْطَان مِنْكُمْ خَلْقًا كَثِيرًا عَنْ طَاعَتِي , وَإِفْرَادِي بِالْأُلُوهَةِ حَتَّى عَبَدُوهُ , وَاِتَّخَذُوا مِنْ دُونِي آلِهَة يَعْبُدُونَهَا , كَمَا : 22366 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا } قَالَ : خَلْقًا وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ { جِبِلًّا } بِكَسْرِ الْجِيم وَتَشْدِيد اللَّام , وَكَانَ بَعْض الْمَكِّيِّينَ وَعَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة يَقْرَءُونَهُ : " جُبُلًا " بِضَمِّ الْجِيم وَالْبَاء وَتَخْفِيف اللَّام . وَكَانَ بَعْض قُرَّاء الْبَصْرَة يَقْرَؤُهُ : " جُبْلًا " بِضَمِّ الْجِيم وَتَسْكِين الْبَاء , وَكُلّ هَذِهِ لُغَات مَعْرُوفَات , غَيْر أَنِّي لَا أُحِبّ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ إِلَّا بِإِحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ اللَّتَيْنِ إِحْدَاهُمَا بِكَسْرِ الْجِيم وَتَشْدِيد اللَّام , وَالْأُخْرَى : ضَمّ الْجِيم وَالْبَاء وَتَخْفِيف اللَّام , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْقِرَاءَة الَّتِي عَلَيْهَا عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار . وَقَوْله : { أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ } يَقُول : أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ , إِذْ أَطَعْتُمْ الشَّيْطَان فِي عِبَادَة غَيْر اللَّه , أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تُطِيعُوا عَدُوّكُمْ وَعَدُوّ اللَّه , وَتَعْبُدُوا غَيْر اللَّه .'; $TAFSEER['3']['36']['63'] = 'وَقَوْله : { هَذِهِ جَهَنَّم الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } يَقُول : هَذِهِ جَهَنَّم الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ بِهَا فِي الدُّنْيَا عَلَى كُفْركُمْ بِاَللَّهِ , وَتَكْذِيبكُمْ رُسُله , فَكُنْتُمْ بِهَا تَكْذِبُونَ . وَقِيلَ : إِنَّ جَهَنَّم أَوَّل بَاب مِنْ أَبْوَاب النَّار .'; $TAFSEER['3']['36']['64'] = 'وَقَوْله : { اِصْلَوْهَا الْيَوْم بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } يَقُول : اِحْتَرِقُوا بِهَا الْيَوْم وَرِدُوهَا ; يَعْنِي بِالْيَوْمِ : يَوْم الْقِيَامَة { بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } : يَقُول : بِمَا كُنْتُمْ تَجْحَدُونَهَا فِي الدُّنْيَا , وَتَكْذِبُونَ بِهَا .'; $TAFSEER['3']['36']['65'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الْيَوْم نَخْتِم عَلَى أَفْوَاههمْ وَتُكَلِّمنَا أَيْدِيهمْ وَتَشْهَد أَرْجُلهمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { الْيَوْم نَخْتِم عَلَى أَفْوَاههمْ } : الْيَوْم نَطْبَع عَلَى أَفْوَاه الْمُشْرِكِينَ , وَذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة { وَتُكَلِّمنَا أَيْدِيهمْ } بِمَا عَمِلُوا فِي الدُّنْيَا مِنْ مَعَاصِي اللَّه { وَتَشْهَد أَرْجُلهمْ } قِيلَ : إِنَّ الَّذِي يَنْطِق مِنْ أَرْجُلهمْ : أَفْخَاذهمْ مِنْ الرِّجْل الْيُسْرَى { بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } فِي الدُّنْيَا مِنْ الْآثَام . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22367 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا يُونُس بْن عُبَيْد , عَنْ حُمَيْد بْن هِلَال , قَالَ : قَالَ أَبُو بُرْدَة : قَالَ أَبُو مُوسَى : يُدْعَى الْمُؤْمِن لِلْحِسَابِ يَوْم الْقِيَامَة , فَيَعْرِض عَلَيْهِ رَبّه عَمَله فِيمَا بَيْنه وَبَيْنه , فَيَعْتَرِف فَيَقُول : نَعَمْ أَيْ رَبّ عَمِلْت عَمِلْت عَمِلْت , قَالَ : فَيَغْفِر اللَّه لَهُ ذُنُوبه , وَيَسْتُرهُ مِنْهَا , فَمَا عَلَى الْأَرْض خَلِيقَة تَرَى مِنْ تِلْكَ الذُّنُوب شَيْئًا , وَتَبْدُو حَسَنَاته , فَوَدَّ أَنَّ النَّاس كُلّهمْ يَرَوْنَهَا ; وَيُدْعَى الْكَافِر وَالْمُنَافِق لِلْحِسَابِ , فَيَعْرِض عَلَيْهِ رَبّه عَمَله فَيَجْحَدهُ , وَيَقُول : أَيْ رَبّ , وَعِزَّتك لَقَدْ كَتَبَ عَلَيَّ هَذَا الْمَلَك مَا لَمْ أَعْمَل , فَيَقُول لَهُ الْمَلَك : أَمَّا عَمِلْت كَذَا فِي يَوْم كَذَا فِي مَكَان كَذَا ؟ فَيَقُول : لَا وَعِزَّتك أَيْ رَبّ , مَا عَمِلْته , فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ خُتِمَ عَلَى فِيهِ . قَالَ الْأَشْعَرِيّ : فَإِنِّي أَحْسِب أَوَّل مَا يَنْطِق مِنْهُ لَفَخِذه الْيُمْنَى , ثُمَّ تَلَا : { الْيَوْم نَخْتِم عَلَى أَفْوَاههمْ وَتُكَلِّمنَا أَيْدِيهمْ وَتَشْهَد أَرْجُلهمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } 22368 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنى يَحْيَى , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَيَّاش , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : يُقَال لِلرَّجُلِ يَوْم الْقِيَامَة : عَمِلْت كَذَا وَكَذَا , فَيَقُول : مَا عَمِلْت , فَيُخْتَم عَلَى فِيهِ , وَتَنْطِق جَوَارِحه , فَيَقُول لِجَوَارِحِهِ : أَبْعَدَكُنَّ اللَّه , مَا خَاصَمْت إِلَّا فِيكُنَّ 22369 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { الْيَوْم نَخْتِم عَلَى أَفْوَاههمْ } . . الْآيَة , قَالَ : قَدْ كَانَتْ خُصُومَات وَكَلَام , فَكَانَ هَذَا آخِره , { وَخَتَمَ عَلَى أَفْوَاههمْ } 22370 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَوْف الطَّائِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ اِبْن عَيَّاش , عَنْ ضَمْضَم بْن زُرْعَة , عَنْ شُرَيْح بْن عُبَيْد , عَنْ عُقْبَة بْن عَامِر , أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " أَوَّل شَيْء يَتَكَلَّم مِنْ الْإِنْسَان , يَوْم يَخْتِم اللَّه عَلَى الْأَفْوَاه , فَخِذه مِنْ رِجْله الْيُسْرَى " .'; $TAFSEER['3']['36']['66'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنهمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاط فَأَنَّى يُبْصِرُونَ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنهمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاط } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَوْ نَشَاء لَأَعْمَيْنَاهُمْ عَنْ الْهُدَى , وَأَضْلَلْنَاهُمْ عَنْ قَصْد الْمَحَجَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22371 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنهمْ } يَقُول : أَضْلَلْتهمْ وَأَعْمَيْتهمْ عَنْ الْهُدَى وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَوْ نَشَاء لَتَرَكْنَاهُمْ عُمْيًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22372 -حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنهمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاط فَأَنَّى يُبْصِرُونَ } قَالَ : لَوْ يَشَاء لَطَمَسَ عَلَى أَعْيُنهمْ فَتَرَكَهُمْ عُمْيًا يَتَرَدَّدُونَ 22373 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنهمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاط فَأَنَّى يُبْصِرُونَ } يَقُول : لَوْ شِئْنَا لَتَرَكْنَاهُمْ عُمْيًا يَتَرَدَّدُونَ وَهَذَا الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْحَسَن وَقَتَادَة أَشْبَه بِتَأْوِيلِ الْكَلَام , لِأَنَّ اللَّه إِنَّمَا تَهَدَّدَ بِهِ قَوْمًا كُفَّارًا , فَلَا وَجْه لِأَنْ يُقَال : وَهُمْ كُفَّار , لَوْ نَشَاء لَأَضْلَلْنَاهُمْ وَقَدْ أَضَلَّهُمْ , وَلَكِنَّهُ قَالَ : لَوْ نَشَاء لَعَاقَبْنَاهُمْ عَلَى كُفْرهمْ , فَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنهمْ فَصَيَّرْنَاهُمْ عُمْيًا لَا يُبْصِرُونَ طَرِيقًا , وَلَا يَهْتَدُونَ لَهُ ; وَالطَّمْس عَلَى الْعَيْن : هُوَ أَنْ لَا يَكُون بَيْن جَفْنَيْ الْعَيْن غُرّ , وَذَلِكَ هُوَ الشَّقّ الَّذِي بَيْن الْجَفْنَيْنِ , كَمَا تَطْمِس الرِّيح الْأَثَر , يُقَال : أَعْمَى مَطْمُوس وَطَمِيس. وَقَوْله : { فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاط } يَقُول : فَابْتَدَرُوا الطَّرِيق , كَمَا : 22374 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاط } قَالَ الطَّرِيق 22375 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاط } : أَيْ الطَّرِيق 22376 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاط } قَالَ : الصِّرَاط , الطَّرِيق وَقَوْله : { فَأَنَّى يُبْصِرُونَ } يَقُول : فَأَيّ وَجْه يُبْصِرُونَ أَنْ يَسْلُكُوهُ مِنْ الطُّرُق , وَقَدْ طَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنهمْ , كَمَا : 22377 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَأَنَّى يُبْصِرُونَ } وَقَدْ طَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنهمْ وَقَالَ الَّذِينَ وَجَّهُوا تَأْوِيل قَوْله : { وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنهمْ } إِلَى أَنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ الْعَمَى عَنْ الْهُدَى , تَأْوِيل قَوْله : { فَأَنَّى يُبْصِرُونَ } : فَأَنَّى يَهْتَدُونَ لِلْحَقِّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22378 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { فَأَنَّى يُبْصِرُونَ } يَقُول : فَكَيْفَ يَهْتَدُونَ 22379 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثنى أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { فَأَنَّى يُبْصِرُونَ } يَقُول : لَا يُبْصِرُونَ الْحَقّ'; $TAFSEER['3']['36']['67'] = 'وَقَوْله : { وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْ نَشَاء لَأَقْعَدْنَا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَرْجُلهمْ فِي مَنَازِلهمْ { فَمَا اِسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ } يَقُول : فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمْضُوا أَمَامهمْ , وَلَا أَنْ يَرْجِعُوا وَرَاءَهُمْ . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ نَحْو الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ. ذَكِرْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22380 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن { وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتهمْ } قَالَ : لَوْ نَشَاء لَأَقْعَدْنَاهُمْ 22381 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , ثنا سَعِيد عَنْ قَتَادَة { وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتهمْ } : أَيْ لَأَقْعَدْنَاهُمْ عَلَى أَرْجُلهمْ { فَمَا اِسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ } فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَتَقَدَّمُوا وَلَا يَتَأَخَّرُوا وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَوْ نَشَاء لَأَهْلَكْنَاهُمْ فِي مَنَازِلهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22382 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتهمْ فَمَا اِسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ } يَقُول : وَلَوْ نَشَاء أَهْلَكْنَاهُمْ فِي مَسَاكِنهمْ وَالْمَكَانَة وَالْمَكَان بِمَعْنًى وَاحِد . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْل'; $TAFSEER['3']['36']['68'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ نُعَمِّرهُ نُنَكِّسهُ فِي الْخَلْق أَفَلَا يَعْقِلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَمَنْ نُعَمِّرهُ } فَنَمُدّ لَهُ فِي الْعُمُر { نُنَكِّسهُ فِي الْخَلْق } نَرُدّهُ إِلَى مِثْل حَاله فِي الصِّبَا مِنْ الْهَرَم وَالْكِبَر , وَذَلِكَ هُوَ النَّكْس فِي الْخَلْق , فَيَصِير لَا يَعْلَم شَيْئًا بَعْد الْعِلْم الَّذِي كَانَ يَعْلَمهُ. وَبِاَلَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22383 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَمَنْ نُعَمِّرهُ نُنَكِّسهُ فِي الْخَلْق } يَقُول : مَنْ نَمُدّ لَهُ فِي الْعُمُر نُنَكِّسهُ فِي الْخَلْق , لِكَيْلَا يَعْلَم بَعْد عِلْم شَيْئًا , يَعْنِي الْهَرَم وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { نُنَكِّسهُ } فَقَرَأَهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : " نَنْكِسْهُ " بِفَتْحِ النُّون الْأُولَى وَتَسْكِين الثَّانِيَة , وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : { نُنَكِّسهُ } بِضَمِّ النُّون الْأُولَى وَفَتْح الثَّانِيَة وَتَشْدِيد الْكَافّ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , غَيْر أَنَّ الَّتِي عَلَيْهَا عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ أَعْجَب إِلَيَّ , لِأَنَّ التَّنْكِيس مِنْ اللَّه فِي الْخَلْق إِنَّمَا هُوَ حَال بُعْد حَال , وَشَيْء بَعْد شَيْء , فَذَلِكَ تَأْيِيد لِلتَّشْدِيدِ . وَكَذَلِكَ اِخْتَلَفُوا فِي قِرَاءَة قَوْله : { أَفَلَا يَعْقِلُونَ } فَقَرَأَتْهُ قُرَّاء الْمَدِينَة : " أَفَلَا تَعْقِلُونَ " بِالتَّاءِ عَلَى وَجْه الْخِطَاب . وَقَرَأَتْهُ قُرَّاء الْكُوفَة بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَر , وَقِرَاءَة ذَلِكَ بِالْيَاءِ أَشْبَه بِظَاهِرِ التَّنْزِيل , لِأَنَّهُ اِحْتِجَاج مِنْ اللَّه عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ { وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنهمْ } فَإِخْرَاج ذَلِكَ خَبَرًا عَلَى نَحْو مَا خَرَجَ قَوْله : { لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنهمْ } أَعْجَب إِلَيَّ , وَإِنْ كَانَ الْآخَر غَيْر مَدْفُوع. وَيَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { أَفَلَا يَعْقِلُونَ } : أَفَلَا يَعْقِل هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ قُدْرَة اللَّه عَلَى مَا يَشَاء بِمُعَايَنَتِهِمْ مَا يُعَايِنُونَ مِنْ تَصْرِيفه خَلْقه فِيمَا شَاءَ وَأَحَبَّ مِنْ صِغَر إِلَى كِبَر , وَمِنْ تَنْكِيس بَعْد كِبَر فِي هَرَم .'; $TAFSEER['3']['36']['69'] = 'وَقَوْله : { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْر وَمَا يَنْبَغِي لَهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا عَلَّمْنَا مُحَمَّدًا الشِّعْر , وَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُون شَاعِرًا . كَمَا : 22384 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْر وَمَا يَنْبَغِي لَهُ } قَالَ : قِيلَ لِعَائِشَة : هَلْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَثَّل بِشَيْءٍ مِنْ الشِّعْر ؟ قَالَتْ : كَانَ أَبْغَض الْحَدِيث إِلَيْهِ , غَيْر أَنَّهُ كَانَ يَتَمَثَّل بِبَيْتِ أَخِي بَنِي قَيْس , فَيَجْعَل آخِره أَوَّله , وَأَوَّله آخِره , فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْر : إِنَّهُ لَيْسَ هَكَذَا , فَقَالَ نَبِيّ اللَّه : " إِنِّي وَاَللَّه مَا أَنَا بِشَاعِرٍ , وَلَا يَنْبَغِي لِي " وَقَوْله : { إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا هُوَ إِلَّا ذِكْر , يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { إِنْ هُوَ } : أَيْ مُحَمَّد إِلَّا ذِكْر لَكُمْ أَيّهَا النَّاس , ذِكْركُمْ اللَّه بِإِرْسَالِهِ إِيَّاهُ إِلَيْكُمْ , وَنَبَّهَكُمْ بِهِ عَلَى حَظّكُمْ { وَقُرْآن مُبِين } يَقُول : وَهَذَا الَّذِي جَاءَكُمْ بِهِ مُحَمَّد قُرْآن مُبِين , يَقُول : يُبَيِّن لِمَنْ تَدَبَّرَهُ بِعَقْلٍ وَلُبّ , أَنَّهُ تَنْزِيل مِنْ اللَّه أَنْزَلَهُ إِلَى مُحَمَّد , وَأَنَّهُ لَيْسَ بِشِعْرٍ وَلَا مَعَ كَاهِن , كَمَا : 22385 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَقُرْآن مُبِين } قَالَ : هَذَا الْقُرْآن'; $TAFSEER['3']['36']['70'] = 'وَقَوْله : { لِيُنْذِر مَنْ كَانَ حَيًّا } يَقُول : إِنْ مُحَمَّد إِلَّا ذِكْر لَكُمْ لِيُنْذِر مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس مَنْ كَانَ حَيّ الْقَلْب , يَعْقِل مَا يُقَال لَهُ , وَيُفْهِم مَا يُبَيَّن لَهُ , غَيْر مَيِّت الْفُؤَاد بَلِيد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22386 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ رَجُل , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { لِيُنْذِر مَنْ كَانَ حَيًّا } قَالَ : مَنْ كَانَ عَاقِلًا 22387 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لِيُنْذِر مَنْ كَانَ حَيًّا } : حَيّ الْقَلْب , حَيّ الْبَصَر قَوْله : { وَيَحِقّ الْقَوْل عَلَى الْكَافِرِينَ } يَقُول : وَيَحِقّ الْعَذَاب عَلَى أَهْل الْكُفْر بِاَللَّهِ , الْمُوَلِّينَ عَنْ اِتِّبَاعه , الْمُعْرِضِينَ عَمَّا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22388 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَيَحِقّ الْقَوْل عَلَى الْكَافِرِينَ } بِأَعْمَالِهِمْ'; $TAFSEER['3']['36']['71'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { أَوَلَمْ يَرَوْا } هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان { أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا } يَقُول : مِمَّا خَلَقْنَا مِنْ الْخَلْق { أَنْعَامًا } وَهِيَ الْمَوَاشِي الَّتِي خَلَقَهَا اللَّه لِبَنِي آدَم , فَسَخَّرَهَا لَهُمْ مِنْ الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم { فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ } يَقُول : فَهُمْ لَهَا مُصَرِّفُونَ كَيْفَ شَاءُوا بِالْقَهْرِ مِنْهُمْ لَهَا وَالضَّبْط , كَمَا : 22389 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ } : أَيْ ضَابِطُونَ 22390 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ } فَقِيلَ لَهُ : أَهِيَ الْإِبِل ؟ فَقَالَ : نَعَمْ , قَالَ : وَالْبَقَر مِنْ الْأَنْعَام , وَلَيْسَتْ بِدَاخِلَةٍ فِي هَذِهِ الْآيَة , قَالَ : وَالْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم مِنْ الْأَنْعَام , وَقَرَأَ : { ثَمَانِيَة أَزْوَاج } 6 143 و 39 6 قَالَ : وَالْبَقَر وَالْإِبِل هِيَ النِّعَم , وَلَيْسَتْ تَدْخُل الشَّاء فِي النَّعَم'; $TAFSEER['3']['36']['72'] = 'وَقَوْله : { وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ } يَقُول : وَذَلَّلْنَا لَهُمْ هَذِهِ الْأَنْعَام { فَمِنْهَا رَكُوبهمْ } يَقُول : فَمِنْهَا مَا يَرْكَبُونَ كَالْإِبِلِ يُسَافِرُونَ عَلَيْهَا ; يُقَال : هَذِهِ دَابَّة رُكُوب , وَالرُّكُوب بِالضَّمِّ : هُوَ الْفِعْل { وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ } لُحُومهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22391- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبهمْ } : يَرْكَبُونَهَا يُسَافِرُونَ عَلَيْهَا { وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ } لُحُومهَا'; $TAFSEER['3']['36']['73'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِع وَمَشَارِب أَفَلَا يَشْكُرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَهُمْ فِي هَذِهِ الْأَنْعَام مَنَافِع , وَذَلِكَ مَنَافِع فِي أَصْوَافهَا وَأَوْبَارهَا وَأَشْعَارهَا بِاِتِّخَاذِهِمْ مِنْ ذَلِكَ أَثَاثًا وَمَتَاعًا , وَمِنْ جُلُودهَا أَكْنَانًا , وَمَشَارِب يَشْرَبُونَ أَلْبَانهَا , كَمَا : 22392 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِع } يَلْبَسُونَ أَصْوَافهَا { وَمَشَارِب } يَشْرَبُونَ أَلْبَانهَا وَقَوْله : { أَفَلَا يَشْكُرُونَ } يَقُول : أَفَلَا يَشْكُرُونَ نِعْمَتِي هَذِهِ , وَإِحْسَانِي إِلَيْهِمْ بِطَاعَتِي , وَإِفْرَاد الْأُلُوهِيَّة وَالْعِبَادَة , وَتَرْك طَاعَة الشَّيْطَان وَعِبَادَة الْأَصْنَام .'; $TAFSEER['3']['36']['74'] = 'قَوْله : { وَاِتَّخَذُوا مِنْ دُون اللَّه آلِهَة } يَقُول : وَاِتَّخَذَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ دُون اللَّه آلِهَة يَعْبُدُونَهَا { لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ } يَقُول : طَمَعًا أَنْ تَنْصُرهُمْ تِلْكَ الْآلِهَة مِنْ عِقَاب اللَّه وَعَذَابه .'; $TAFSEER['3']['36']['75'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَا تَسْتَطِيع هَذِهِ الْآلِهَة نَصْرهمْ مِنْ اللَّه إِنْ أَرَادَ بِهِمْ سُوءًا , وَلَا تَدْفَع عَنْهُمْ ضُرًّا . وَقَوْله : { وَهُمْ لَهُمْ جُنْد مُحْضَرُونَ } يَقُول : وَهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ لِآلِهَتِهِمْ جُنْد مُحْضَرُونَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { مُحْضَرُونَ } وَأَيْنَ حُضُورهمْ إِيَّاهُمْ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِذَلِكَ : وَهُمْ لَهُمْ جُنْد مُحْضَرُونَ عِنْد الْحِسَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22393 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَهُمْ لَهُمْ جُنْد مُحْضَرُونَ } قَالَ : عِنْد الْحِسَاب وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَهُمْ لَهُمْ جُنْد مُحْضَرُونَ فِي الدُّنْيَا يَغْضَبُونَ لَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22394 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرهمْ } الْآلِهَة { وَهُمْ لَهُمْ جُنْد مُحْضَرُونَ } وَالْمُشْرِكُونَ يَغْضَبُونَ لِلْآلِهَةِ فِي الدُّنْيَا , وَهِيَ لَا تَسُوق إِلَيْهِمْ خَيْرًا , وَلَا تَدْفَع عَنْهُمْ سُوءًا , إِنَّمَا هِيَ أَصْنَام وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ قَتَادَة أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدنَا بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ عِنْد الْحِسَاب تَتَبَرَّأ مِنْهُمْ الْأَصْنَام , وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَهُ , فَكَيْفَ يَكُونُونَ لَهَا جُنْدًا حِينَئِذٍ , وَلَكِنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا لَهُمْ جُنْد يَغْضَبُونَ لَهُمْ , وَيُقَاتِلُونَ دُونهمْ.'; $TAFSEER['3']['36']['76'] = 'وَقَوْله تَعَالَى : { فَلَا يَحْزُنك قَوْلهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَلَا يَحْزُنك يَا مُحَمَّد قَوْل هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ مِنْ قَوْمك لَك : إِنَّك شَاعِر , وَمَا جِئْتنَا بِهِ شِعْر , وَلَا تَكْذِيبهمْ بِآيَاتِ اللَّه وَجُحُودهمْ نُبُوَّتك. وَقَوْله : { إِنَّا نَعْلَم مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّا نَعْلَم أَنَّ الَّذِي يَدْعُوهُمْ إِلَى قِيل ذَلِكَ الْحَسَد , وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي جِئْتهمْ بِهِ لَيْسَ بِشِعْرٍ , وَلَا يُشْبِه الشِّعْر , وَأَنَّك لَسْت بِكَذَّابٍ , فَنَعْلَم مَا يُسِرُّونَ مِنْ مَعْرِفَتهمْ بِحَقِيقَةِ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ , وَمَا يُعْلِنُونَ مِنْ جُحُودهمْ ذَلِكَ بِأَلْسِنَتِهِمْ عَلَانِيَة .'; $TAFSEER['3']['36']['77'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَة فَإِذَا هُوَ خَصِيم مُبِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَان أَنَّا خَلَقْنَاهُ } وَاخْتُلِفَ فِي الْإِنْسَان الَّذِي عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَان } فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ أُبَيّ بْن خَلَف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22395 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { مَنْ يُحْيِي الْعِظَام وَهِيَ رَمِيم } قَالَ : أُبَيّ بْن خَلَف أَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَظْمٍ * -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا } أُبَيّ بْن خَلَف 22396 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَام وَهِيَ رَمِيم } : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ أُبَيّ بْن خَلَف , أَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَظْمٍ حَائِل , فَفَتَّهُ , ثُمَّ ذَرَاهُ فِي الرِّيح , ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّد مَنْ يُحْيِي هَذَا وَهُوَ رَمِيم ؟ قَالَ : " وَاَللَّه يُحْيِيه , ثُمَّ يُمِيتهُ , ثُمَّ يُدْخِلك النَّار " ; قَالَ : فَقَتَلَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم أُحُد . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهِ : الْعَاص بْن وَائِل السَّهْمِيّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22397 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : جَاءَ الْعَاصِ بْن وَائِل السَّهْمِيّ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَظْمٍ حَائِل , فَفَتَّهُ بَيْن يَدَيْهِ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّد أَيَبْعَثُ اللَّه هَذَا حَيًّا بَعْد مَا أَرَمَّ ؟ قَالَ : " نَعَمْ يَبْعَث اللَّه هَذَا , ثُمَّ يُمِيتك ثُمَّ يُحْيِيك , ثُمَّ يُدْخِلك نَار جَهَنَّم " قَالَ : وَنَزَلَتْ الْآيَات : { أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَة فَإِذَا هُوَ خَصِيم مُبِين } . . " وَإِلَى آخِر الْآيَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهِ : عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22398 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَة } . . إِلَى قَوْله : { وَهِيَ رَمِيم } قَالَ : جَاءَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَظْمٍ حَائِل فَكَسَرَهُ بِيَدِهِ , ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّد كَيْفَ يَبْعَث اللَّه هَذَا وَهُوَ رَمِيم ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَبْعَث اللَّه هَذَا , وَيُمِيتك ثُمَّ يُدْخِلك جَهَنَّم " , فَقَالَ اللَّه : { قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّل مَرَّة وَهُوَ بِكُلِّ خَلْق عَلِيم } فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَنْ : أَوَلَمْ يَرَ هَذَا الْإِنْسَان الَّذِي يَقُول : { مَنْ يُحْيِي الْعِظَام وَهِيَ رَمِيم } أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَة فَسَوَّيْنَاهُ خَلْقًا سَوِيًّا { فَإِذَا هُوَ خَصِيم } يَقُول : فَإِذَا هُوَ ذُو خُصُومَة لِرَبِّهِ , يُخَاصِمهُ فِيمَا قَالَ لَهُ رَبّه إِنِّي فَاعِل , وَذَلِكَ إِخْبَار لِلَّهِ إِيَّاهُ أَنَّهُ مُحْيِي خَلْقه بَعْد مَمَاتهمْ , فَيَقُول : مَنْ يُحْيِي هَذِهِ الْعِظَام وَهِيَ رَمِيم ؟ إِنْكَارًا مِنْهُ لِقُدْرَةِ اللَّه عَلَى إِحْيَائِهَا . وَقَوْله : { مُبِين } يَقُول : يُبَيِّن لِمَنْ سَمِعَ خُصُومَته وَقِيله ذَلِكَ أَنَّهُ مُخَاصِم رَبّه الَّذِي خَلَقَهُ .'; $TAFSEER['3']['36']['78'] = 'وَقَوْله : { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقه } يَقُول : وَمَثَّلَ لَنَا شَبَهًا بِقَوْلِهِ : { مَنْ يُحْيِي الْعِظَام وَهِيَ رَمِيم } إِذْ كَانَ لَا يَقْدِر عَلَى إِحْيَاء ذَلِكَ أَحَد , يَقُول : فَجَعَلْنَا كَمِنْ لَا يَقْدِر عَلَى إِحْيَاء ذَلِكَ مِنْ الْخَلْق { وَنَسِيَ خَلْقه } يَقُول : وَنَسِيَ خَلْقنَا إِيَّاهُ كَيْفَ خَلَقْنَاهُ , وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إِلَّا نُطْفَة , فَجَعَلْنَاهَا خَلْقًا سَوِيًّا نَاطِقًا , يَقُول : فَلَمْ يُفَكِّر فِي خَلَقْنَاهُ , فَيَعْلَم أَنَّ مَنْ خَلْقه مِنْ نُطْفَة حَتَّى صَارَ بَشَرًا سَوِيًّا نَاطِقًا مُتَصَرِّفًا , لَا يَعْجِز أَنْ يُعِيد الْأَمْوَات أَحْيَاء , وَالْعِظَام الرَّمِيم بَشَرًا كَهَيْئَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا بِهَا قَبْل الْفَنَاء ;'; $TAFSEER['3']['36']['79'] = 'يَقُول اللَّه لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } لِهَذَا الْمُشْرِك الْقَائِل لَك : مَنْ يُحْيِي الْعِظَام وَهِيَ رَمِيم { يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّل مَرَّة } يَقُول : يُحْيِيهَا الَّذِي اِبْتَدَعَ خَلْقهَا أَوَّل مَرَّة وَلَمْ تَكُنْ شَيْئًا { وَهُوَ بِكُلِّ خَلْق عَلِيم } يَقُول : وَهُوَ بِجَمِيعِ خَلْقه ذُو عِلْم كَيْفَ يُمِيت , وَكَيْفَ يُحْيِي , وَكَيْفَ يُبْدِئ , وَكَيْفَ يُعِيد , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ أَمْر خَلْقه .'; $TAFSEER['3']['36']['80'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنْ الشَّجَر الْأَخْضَر نَارًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّل مَرَّة { الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنْ الشَّجَر الْأَخْضَر نَارًا } يَقُول : الَّذِي أَخْرَجَ لَكُمْ مِنْ الشَّجَر الْأَخْضَر نَارًا تُحْرِق الشَّجَر , لَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ فِعْل مَا أَرَادَ , وَلَا يَعْجِز عَنْ إِحْيَاء الْعِظَام الَّتِي قَدْ رَمَّتْ , وَإِعَادَتهَا بَشَرًا سَوِيًّا , وَخَلْقًا جَدِيدًا , كَمَا بَدَأَهَا أَوَّل مَرَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 22399 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنْ الشَّجَر الْأَخْضَر نَارًا } يَقُول : الَّذِي أَخْرَجَ هَذِهِ النَّار مِنْ هَذَا الشَّجَر قَادِر أَنْ يَبْعَثهُ قَوْله : { فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ } يَقُول : فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْ هَذَا الشَّجَر تُوقِدُونَ النَّار ; وَقَالَ : { مِنْهُ } وَالْهَاء مِنْ ذِكْر الشَّجَر , وَلَمْ يَقُلْ : مِنْهَا , وَالشَّجَر جَمْع شَجَرَة , لِأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَج الثَّمَر وَالْحَصَى , وَلَوْ قِيلَ : مِنْهَا كَانَ صَوَابًا أَيْضًا , لِأَنَّ الْعَرَب تُذَكِّر مِثْل هَذَا وَتُؤَنِّثهُ .'; $TAFSEER['3']['36']['81'] = '{ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُق مِثْلهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُنَبِّهًا هَذَا الْكَافِر الَّذِي قَالَ : { مَنْ يُحْيِي الْعِظَام وَهِيَ رَمِيم } عَلَى خَطَأ قَوْله , وَعَظِيم جَهْله { أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَات } السَّبْع { وَالْأَرْض بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُق } مِثْلكُمْ , فَإِنَّ خَلْقَ مِثْلكُمْ مِنْ الْعِظَام الرَّمِيم لَيْسَ بِأَعْظَم مِنْ خَلْق السَّمَوَات وَالْأَرْض . يَقُول : فَمَنْ لَمْ يَتَعَذَّر عَلَيْهِ خَلْق مَا هُوَ أَعْظَم مِنْ خَلْقكُمْ , فَكَيْفَ يَتَعَذَّر عَلَيْهِ إِحْيَاء الْعِظَام بَعْد مَا قَدْ رَمَّتْ وَبَلِيَتْ ؟ وَقَوْله : { بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاق الْعَلِيم } يَقُول : بَلَى هُوَ قَادِر عَلَى أَنْ يَخْلُق مِثْلهمْ وَهُوَ الْخَلَّاق لِمَا يَشَاء , الْفَعَّال لِمَا يُرِيد , الْعَلِيم بِكُلِّ مَا خَلَقَ وَيَخْلُق ; لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَة .'; $TAFSEER['3']['36']['82'] = 'الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّمَا أَمْره إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولهُ لَهُ كُنْ فَيَكُون } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { إِنَّمَا أَمْره إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون } وَكَانَ قَتَادَة يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 22400 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُق مِثْلهمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاق الْعَلِيم } قَالَ : هَذَا مَثَل إِنَّمَا أَمْرُه إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون , قَالَ : لَيْسَ مِنْ كَلَام الْعَرَب شَيْء هُوَ أَخَفّ مِنْ ذَلِكَ , وَلَا أَهْوَن , فَأَمْر اللَّه كَذَلِكَ'; $TAFSEER['3']['36']['83'] = 'وَقَوْله : { فَسُبْحَان الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوت كُلّ شَيْء } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَتَنْزِيه الَّذِي بِيَدِهِ مُلْك كُلّ شَيْء وَخَزَائِنه . وَقَوْله : { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يَقُول : وَإِلَيْهِ تَرُدُّونَ وَتَصِيرُونَ بَعْد مَمَاتكُمْ . آخِر تَفْسِير سُورَة يس .'; ?>
/home/sudancam/.trash/quran/includes/tafseer/3-10.php