🔴هل فعلاً مافي جيش منظم انتصر على ميليشيا.. ولا يمكن حدوث حسم عسكري في السودان؟
هل فعلاً ما حصل إنتصار عسكري في العصر الحديث في المنطقة وما ممكن يحصل حسم عسكري في السودان؟
– هل فعلاً مافي جيش منظم انتصر على ميليشيا في العصر الحديث؟
– هل الإنتشار بيعني السيطرة؟
– هل ممكن الحرب تستمر لسنوات؟
دي كلها أسئلة حاصل فيها جدال في التايملاين وعايز أوضح بعض الاغلاط المنتشرة وأحاول اجاوب على الأسئلة دي بالاستشهاد ببعض الصراعات والحروب الحديثة في المنطقة ودول الجوار بطريقة مفصّلة شوية.
أولاً لازم نحدد تعريف للحرب الدائرة حالياً وحدودها، أي لازم نفصل بين حرب السودان وهي الحرب الدائرة في الخرطوم، الأبيض وبعض مناطق دارفور – وبين حرب الخرطوم اللهي المعركة الدائرة في الخرطوم حالياً والحذكرها في المقال دا باسم معركة الخرطوم. ومعركة الخرطوم هي بتمثل الجزء الأكبر من حرب السودان من ناحية الأهمية الرمزية، السيادية والاستراتيجية. وفي المقال دا أنا حاتكلم تحديداً عن معركة الخرطوم واجباتي حتكون مقترنة بيها نظراً لأنه أنا أدرى بتفاصيلها من تفاصيل الحرب في دارفور مثلا بتعقيداتها وثانياً لأنه نهاية معركة الخرطوم بتشكّل نهاية جزء كبير جداً من حرب السودان.
نجي لمكونات الصراع الحالي، والبيتم فيها دائماً تشبيه حالتنا باليمن في صراع الحوثي مع الدولة، حيث أنه الحوثي كميليشيات نمت في ظل حكم الدكتاتور علي عبد الله صالح واداها نفوذ في فترة تمدد السلفية في اليمن وقام بتسليحها سراً تحت الطاولة من قبل الحرس الرئاسي التابع لعلي عبد الله صالح نفسه في فترة نزاع صعدة في الفترة ما بين 2004-2010 لإطالة أمد الصراع واستغلاله في إشغال الجيش التابع للواء علي عبد الله محسن الكان علي عبد الله صالح متخوف منه، مع دعم خارجي من إيران لميليشيا الحوثي وبعداك الميليشيا لقت فرصة اتمددت وانقضت على الدولة.
طيب دا هل بيعني أننا حنكون زي اليمن؟ لا، لسبب بسيط أنه على عكس الدعم السريع، ميليشيا الحوثي نجحت في إسقاط العاصمة صنعاء في يوم واحد، ودا الفشل فيهو الدعم السريع في يوم ١٥ أبريل ولو ما كان الدعم السريع نجح كان ممكن نتكلم عن سيناريو اليمن لكن حالياً وضع الحرب في السودان مختلف بسبب عدم سقوط الخرطوم في يوم واحد.
طيب نجي لمسألة الانتصارات العسكرية وانتصار جيش منظم على ميليشيا هل فعلا ما حصل؟ طبعا حصل، عندك مثال إنتصار الجيش الوطني الليبي على ميليشيا مجلس شورى بنغازي والسيطرة على مدينة بنغازي وهو مثال لإنتصار عسكري لجيش منظم ضد ميليشيا، وفي برضو إنتصار الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق الوطني على تنظيم الدولة في سرت وهو برضو إنتصار عسكري لجيش منظم على ميليشيا، وبرضو عندك إنتصار حكومة التوافق الوطني على خليفة حفتر في جنوب غربي ليبيا وهو إنتصار عسكري لجيش منظم ضد جيش منظم آخر في نفس الدولة.
ممكن تسأل وتقول أنه دي معارك تحرير مدن ما زي معركة الخرطوم القامت من جوا بتواجد الطرفين في نفس المدينة، وحاقول ليك صح لكن في برضو مثال قريب للصراع دا اللهو كان بين حكومة الإنقاذ وحكومة التوافق الوطني في صراع مَن يحكم طرابلس حيث أنهم الاتنين بقوتهم العسكرية كانوا في طرابلس وكلو واحد عايز يحكم وانتهى بإنتصار عسكري لحكومة التوافق الوطني.
طيب ما هي ليبيا لسة حربها مدورة ما انتهت؟ أيوة فعلا، لأنه الحروب على المستوى الكبير بتنتهي بتفاوض من منطلق قوة لطرف على طرف آخر، ولو رجعنا لليبيا في سنة 2019 حنلقى أنه حكومة خليفة حفتر كانت مسيطرة على كل مدن ليبيا ما عدى طرابلس ومصراتة، ولولا التدخل العسكري الخارجي وتعنّت خليفة حفتر في أخذ تفاوض من منطلق قوة ليهو كان يا إما حسمها عسكرياً أو اتفاوض وانتصر.
طيب هل تفاوض توازن ضعف كويس؟ معظم دُعاة تفاوض توازن الضعف بيقولوا أنه ماف معركة اتحسمت عسكرياً ودا زي ما وضحنا فوق أنه غلط، هم برضو بيحاولوا يدسوا الحقيقة في أنه اي تفاوض توازن ضعف بينتهي بالفشل أقربها اتفاقيات باريس وغيرها لوقف الصراع بين حكومة خليفة حفتر وحكومة التوافق الوطني بتوازن ضعف اللي انهارت بعد فترة ما طويلة بسبب أنه الطرفين بيستغلوا فترة اللاحرب في التحشيد والاستعداد وبتجي لحظة واحد من الطرفين بيدور الحرب تاني في محاولة للاستفراد بالحكم.
طيب السؤال هل ممكن الجيش يحسم الميليشيا عسكرياً في معركة الخرطوم؟ نعم زي ما شفنا في كل المعارك الذكرتها فوق دي وغيرها، وبل ممكن الحل العسكري يكون أنسب خيار لأنه تفاوض توازن الضعف سيء زي ما شفنا وحيخلي يوم ١٥ أبريل يتكرر علينا كلنا في المستقبل القريب بالتأكيد، وممكن يتكرر بصورة أسوأ كمان.
أقرب أمثلة الحسم العسكري الحديث برضو هو “حمامة السلام” أبي أحمد حيث أنه ما اتفاوض مع التقراي إلا بعد كسر شوكتهم عسكرياً وهو نموذج مثالي للحسم العسكري الحديث أنك بتحارب الطرف التاني لحدي ما يخضع لشروطك في التفاوض وتتأكد أنه قوته الضاربة تم تدميرها.
طيب هل الإنتشار بيعني السيطرة؟
طبعاً من وجهة نظر المواطنين الإنتشار الكثيف للدعم السريع بيعني بالنسبة ليهم سيطرتهم خصوصاً أنهم عايشين تحت بطش الميليشيا دي وشايفين انتهاكاتها بعيونهم،
لكن لما نجي نتكلم عسكرياً فممكن نشوف كلام رئيس هيئة الأركان المصري الأسبق الفريق/ الشاذلي في عهد جمال عبد الناصر لما اتكلم عن استيلاء إسرائيل على أراضي سيناء، قال أنه الإنتشار وحيازة الأرض ما مهمة طالما دفاعات ومعسكرات الجيش المصري موجودة وقادر يدافع كويس فاستعادة الأرض مسألة وقت، وقد كان.
ونحن شايفين قدامنا رغم أنه الميليشيا منتشرة على ٨٠% من مساحة ولاية الخرطوم إلا أنهم ما قدروا يعيدوا تشغيل المدينة وإعادة نشاطها السياسي والإنتاجي لصالحهم،
وما لم يستطيعوا إنهاء الوجود العسكري للجيش أو على أقل التقديرات إسقاط القيادة، الإشارة، المدرعات، الذخيرة، المهندسين، ووادي سيدنا كلهم، فالخرطوم لسة ما سقطت في يدهم ولا حيقدروا يستفيدوا منها
في حين أن الدولة بدأت تعيد دولاب حركتها تدريجياً من خارج الخرطوم. الإنتشار بيدي أفضلية في أنه بيخلي عدوك ما عندو أهداف واضحة يهاجمها، فعسكرياً الجيوش بتتمركز في معسكراتها الكبيرة وبتعتمد على استنزاف العدو المنتشر ومهاجمته بفرق مدربة على حرب المدن والعصابات زي القوات الخاصة واستهداف أماكن تجمعهم بالطيران والمدفعية.
طيب هل الحرب حتستمر لسنوات؟
الإجابة على السؤال دا بتعتمد إعتماد كلي على قدر التدخل العسكري الخارجي وقدرته على توفير منظومة دفاع جوي متكاملة أو غطاء جوي قادر على إختراق منظومة الدفاعات الجوية السودانية والامرين ديل رغم أنهم ما صعبين مادياً على الميليشيا وحلفاءها إلا أنه صعب لوجستياً وسياسياً بدليل أنه الميليشيا عولت على الإيقاد في تحييد سلاح الجو والمدفعية السودانية لإعطاء أفضلية للميليشيا، وفي ظل عدم توفرها فمعركة الخرطوم مصيرها تنتهي إن شاء الله في ظل شهور بالكتير سواء بتفاوض او بمعركة كبيرة، أما حرب السودان فتقدير زمن لنهايتها صعب لكن حتى الآن احتواء الجيش للمعركة على أنها بين الدولة والدعم السريع منع محاولات الميليشيا لتحويلها لحرب أهلية تمتد لزمن طويل.
في الأخير عايز اقول انه لكل دولة تجربة فريدة، فزي ما شفنا محاولة توقع سيناريوهات للثورة وما بعدها على نفس خطى نماذج إقليمية تانية بحذافيرها فشلت في توقع حاجات كتيرة، فبنفس الصورة مقارنة حرب السودان بأي حروب تانية ومحاولة اخذ التنبؤات بحذافيرها من سيناريو تاني خطأ.
نصر الله قوات شعبنا المسلحة.
أحمد الخليفة
مصدر الخبر