السياسة السودانية

🔴دكتور ياسر أبّشر: شالوم ألَيْخُمْ غُوييم برهان

توجد جماعة دينية يهودية تُسمى ناطوري كارتا Neturei Karta.. وأصل اسمها من الآرامية، ومعناه «حراس المدينة».
تلاحظون أن كلمة ناطوري هي نفسها كلمة ناطور بالعربية ولها نفس المعنى. وتجد الكلمة في قصيدة المتنبي التي هجا بها كافور:
«نامت نواطيرُ مصر عن ثعالبها
فقد بَشِمْنَ وما تفنى العناقيدُ».
تعارض جماعة ناطوري كارتا الصهيونية وإقامة دولة إسرائيل، لقناعتهم أن الله حرّم ذلك على بني إسرائيل.. وهذه الجماعة موجودة قبل قيام إسرائيل.
وبسبب معارضتها للصهيونية، تضطهد السلطات الإسرائيلية هذه الجماعة، وتفرق مظاهراتها بالقوة والعنف، رغم أنها جماعة سلمية.
واضطهاد إسرائيل لليهود ليس وقفاً على ناطوري كارتا. فاليهود الشرقيون (السفارديم) مضطهدون من قبل اليهود الغربيين (الأشكناز) الذين يسيطرون على مقاليد الدولة.
أما اضطهاد الفلاشا فمعروف ومشهود.
واليهود يحتقرون كل من هو غيرهم، ويسمونهم الغوييم Goyim أو «الأغيار» بالعربية.
وتبيح الشريعة اليهودية بِنَصّ «التلمود» قتل الغوييم أو الاغيار بلا أي سبب!!!
فالغوييم محتقرون وأحط المخلوقات.. واليهود ليسوا بشراً فقط بل هم «شعب الله المختار» the Chosen people.
ولأن الفلسطينيين «غوييم» فقد قتّلتهم إسرائيل في دير ياسين (في أبريل 1948 أي قبل إعلان قيام الدولة، وقاد المجزرة مناحيم بيجن) وقتّلتهم في كفر قاسم.. وقتلت الأطفال في مجزرة قانا.. وقتلت الأسرى المصريين بعد حرب 1968، والأطفال المصريين في مدرسة بحر البقر.
ولازالت إسرائيل تقتّل الفلسطينيين دون تفرقة.. فهي تقتل النساء والعجزة والأطفال.
إسرائيل نظام فصل عنصري Apartheid، مثله مثل نظام الفصل العنصري الذي اضطهد وقتل إخواننا في جنوب أفريقيا.. وتحيط إسرائيل نفسها بجدار فاصل، تماماً كما جاء في القرآن:
(لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ)(الحشر:14).
وحكومة إسرائيل الحالية هي أكثر حكوماتها تطرفاً يمينياً وعنصرية، لما بها من أحزاب يمينية دينية متطرفة.
قبل استقلال السودان ناصر السودانيون كوريا بل غنّوا لها، حين غزتها أميركا في 1953.. وطوال تاريخنا بعد ذلك ظللنا نناصر المظلومين والـمُستَعْمَرين في آسيا وأميركا الجنوبية وأفريقيا.
ليس ثمة حركة تحرر أفريقية لم ندعمها.. دربناهم، وسربنا لهم الأسلحة، وأعطينا نلسون مانديلا أول جواز سفر في حياته. وقام أطباؤنا البيطريون باستئصال الحبال الصوتية للحمير حتى لا تنهق، كما طلب ثوار زمبابوي (روديسيا الجنوبية) لأنهم يحتاجونها لنقل العتاد، وإذا نهقت ستكشف مساراتهم ومعسكراتهم.
إسرائيل بدأتنا بالحرب أول مرة، حين أنشأت أول معسكر لأنانيا بعد أن زارها جوزيف لاقو في الستينات.
ثم واصلت دعم حركة قرنق حتى آخر يومها.
وهي تدعم حركة عبد الواحد وله فيها مكتب.. وجندت إسرائيل العشرات من حركته ومن اللاجئين فيها، وهو يعملون جواسيس للموساد داخل السودان اليوم.
وقع الفلسطينيون اتفاقية أوسلو في 1993، بأمل إنشاء دولتهم. لكن إسرائيل قابلت حل الدولتين بالتوسع الاستيطاني في المستوطنات، وبمزيد من تهويد القدس، ورفض عودة اللاجئين، ورفض قيام دولة كاملة السيادة في حدود 1967.. ولا يستطيع أبو مازن ومعاونوه السفر من المقاطعة (مقر مكتبه) إلّا بإذن.
كل الذين وقعوا سلاماً مع اسرائيل من لدن كامب ديفيد وإلى أوسلو ، وعدوا بما سمّوْه بعوائد السلام Peace Dividend وبالرفاه الاقتصادي ، ولكنهم لم يجنوا سوى السراب ، وها هو اقتصاد مصر ينهار اليوم . وحال الفلسطينيين يغني عن السؤال .
ورفضت اسرائيل مبادرة السلام العربية ( 2002 )التي نصّت على الأرض مقابل السلام .
وعبر ما يسمى (صفقة القرن) جعل ترمب التطبيع كشرط قبل السلام، وانصاعت البحرين (وكيل السعودية) والمغرب والإمارات لاتفاق أبرهام.
وضغطت أميركا والأمارات على البرهان وحميدتي، فوافقا على الانضمام في 23 أكتوبر 2020.
وعدوا السودان بإزالة اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب إن هو وافق.. ولازلنا ننتظر..
وقبلها قالوا لهم ولحمدوك سدد مبلغ 362 مليون دولار بنفس الحجة.. ولازلنا ننتظر.
من أبجديات التفاوض أن أي مفاوض يحرص أن تكون لديه كروت أو أوراق مساومة Bargaining Chips ,،فماهي أوراق التفاوض التي ساومت بها يا سيد برهان. ماذا حققت لنا من مكاسب ، وماهي الفوائد التي جنيتها لنا ؟؟
إسرائيل لا تعطي شيئاً . إسرائيل تؤمن نفسها فحسب ، ولا تؤمّن مكسباً لمن يقيم علاقات معها . ومن يأتيها حبواً مثل البرهان تستنكف أن تقول له شكراً .
انظر حولك للدول الأفريقية التي لديها علاقات مع إسرائيل ، وقل لنا ماذا وجدت تشاد أو أريتريا من علاقاتها مع إسرائيل ؟؟؟
إسرائيل لم تحمِ السادات الذي كان أول من أمّنها . ولم تنقذ حسني مبارك – الذي وصفه ليبرمان بكنز إسرائيل الاستراتيجي – من السقوط . فاتعظ يا برهان .
وبعد:
فإن البت في الكُرَب العِظام منوط بالبرلمانات والمجالس المنتخبة.. وأنت ياسيادة الفريق لم ننتخبك، ولم نختارك، ولم نفوضك، ولنا في شخصك وأدائك – الذي حوَّل الدولة إلى لا دولة – ألف رأي.
أنت سقطت علينا من السماء، تماماً كما تسقط البلايا والرزايا والصواعق.
نقول، هذا بعد أن بلونا أداءك في أربع سنوات عجاف .
رجاءاتنا أن تلتزم حدود ما يقتضيه واجب إيصالنا لانتخابات، ولا تنسى أن هذه الفترة تسمى بالانتقالية.
فإن أنت رضيت لنفسك أن تُصبح من الغوييم فهذا شأنك.
أمّا نحن، فإن فإن لنا تاريخاً مجيداً في نصرة المظلومين وحركات التحرر ، ولنا قلوب يدميها قتل النساء والعجزة والأطفال…
لذا لم نرضَ.
♦️ياسر أبّشر

ehtimamna


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى