📌بابكر إسماعيل: تعسّف الدولة السودانية
استمعت إلي تسجيل السيدة وجدان كمال .. وهي ماجدة سودانية ومثلها كأهل #السودان تسعي في الخير ونشر الفرح حولها ومبادِرةٌ بالخيرات في مجتمعها كما يحثّنا ديننا ونبيّنا الذي هو أجود بالخير من الريح المرسلة ..
كان تسجيلاً مؤثراً لأم وزوجة ومواطنة سودانية تعرّضت لظلم ممنهج ومؤسسي وقع عليها وعلي أسرتها ..
فقد قامت السلطات بإزالة منزل الأسرة بمنطقة الكلاكلة بقرار قضائي مزعوم في يوم ١٥ / ٨ / ٢٠٢٢ .. وتحت حراسة شرطة مكافحة الشغب المدججة بالعصي والهراوات والغاز المسيّل للدموع والذخيرة الحيّة ..
مشهد لا تراه إلا في دولة الكيان الصهيونى التي تهرول دولتنا الحالية نحو التطبيع معها ..
حيث تُهدم بيوت الفلسطينين في القدس والخليل وعكّا ويافا…
وتُهدّم بيوت السودانيين في #الكلاكلة والمنورّة وصابرين وجبرونا ..
وكما يقول المثل السوداني “شبهينا واتلاقينا” …
الدولة السودانية وموظّفوها الكسالي الذين يقلّون عند الفزع ويكثرون عند الطمع ولا يعفّون عن المغنم والرشا وتنشرح أساريرهم عند الإضرار بالآخرين .. عادة لا يحضرون للعمل إذا نزل المطر أو تُرّست الشوارع .. ولكنهم ينشطون لهدم بيت وجدان وأسرتها في صباح يوم ماطر واحل بقيادة الرائد خالد محمد أحمد (#جبرة) والنقيب محجوب من شرطة محكمة #الكلاكلات ..
والغريب أنهم لا يحملون معهم قرار الإزالة المزعوم صدوره من مولانا ميادة أحمد الزين ..
وبالرغم من أنهم لم يجدوا ربّ الأسرة وهو ضابط شرطة زميل لهم ولا زوجته السيدة وجدان فقد أخرجوا الأطفال من دارهم .. وغرف نومهم وهم جوعي وخائفون وهدموها علي عروشها والأطفال ينظرون واجفين .. هدموا البيت بلا رأفة ولا شفقة ولا سند من قرار قضائي ظالم ولا سماع ولا سماح باستئناف أو تسوية أو تقدير لظروف الأسرة ..
فهم يأتون إليك كملك الموت بلا سابق إنذار ..
لا يحدث هذا إلا في السودان وإسرائيل ..
فياله من سواد نية وسوء فعال ..
خمسة أطفال تُهد غرف نومهم أمام أعينهم وتُسوِّي الجرّافات بيتهم بالأرض ..
قطعاً ..
ستبقي هذه الذكري الأليمة الصادمة أمام أعينهم مدي الحياة وتترسب في نفوسهم الغضة ووجدانهم البريء ..
هل سيحسّ هؤلاء الأطفال بالأمان يوماً في وطن حرمهم المأوي .. ؟
أو يفخرون بالانتماء لشعب تُهين دولتُه أبناءها ..؟
لا أظنّ ذلك ..
أعلنتها وجدان داوية صادمة عالية بلهجة خرطومية مبينة وبألم ممضّ ومرارة قاسية أَنْ هذا فراق بيني وبين القرية الظالم أهلها ..
قرية مولانا ميادة والرائد خالد جبرة والنقيب محجوب ومن ورائهم حميدتي والبرهان …
قالتها بحسرة سآوي إلي وطن بديل يأويني ويحميني وأسرتي ..
ففي الغرب يوفّرون المأوي لمن لا مأوي له .. من مواطنيهم ومن المستجيرين بهم من كلّ حدب وصوب من الهاربين من الدول الظالم أهلها التي يُهدّم حكامها البيوت ويُزهقون الأرواح ويكتمون الأنفاس جبراً وقهراً وجبرةً ..
الدولة السودانية الحديثة قامت علي قواعد ونجيت باشا وهو ماسوني بريطاني ..
وتأسست في أصلها دولة للجباية ..
وميّزت موظفيها بالمال والسطوة والقهر ..
ثمّ تحالفت مع طبقة التجار الأجانب – ورثهم سودانيون لاحقاً – لنهب ثروات البلاد من المنتجات الزراعية والحيوانية بأبخس الأثمان وتهريب الذهب والثروات لمصالح فئات محدودة ..
وما زالت دولة الجباية حاكمة وراجحة ..
ونزيف الموارد مسفوحاً والسوداني مرغوماً مجبوراً مأزوماً في موطنه ..
تأسست الدولة السودانية الحديثة عقب سقوط الخرطوم وإبادة السودانيين بمدافع المكسيم في كرري في سبتمبر ١٨٩٨
حين استباحت قوات كتشنر مدينة أمدرمان لثلاث ليال ونبشوا قبر الإمام المهدي عليه السلام وهدموا قبته .. في جرائم حرب بربرية يندي لها جبين العالم الحرّ ..
ثمّ قُتل رأس الدولة السودانية الخليفة عبد الله التعايشي في أم دبيكرات في يوم ٢٤ نوفمبر ١٨٩٩.فانكسرت الإرادة السودانية .. وطُؤطِت الرؤوس.
تولّي الحكم بعد لورد كتشنر ضابط استخباراته الماسوني ونجيت باشا لمدة ثمانية عشر عاماً
أسّس في قصره محفلاً ماسونياً برئاسته ووضع قواعد الدولة السودانية ..
وبنوا كلية غردون وثلاث مدارس ثانوية لاحقاً لتخرّج لهم معاونين إداريين لحكم السودان ونهب ثرواته ..
وسارت الدولة الوطنية السودانية أو ما يّعرف بالميري علي الأسس التي قامت عليها في حقبة الحكم الثنائي .. في نفس طريق نهب خيرات السودان
وينُصح عامة السودانيين بالولوغ في خيرات الميري أو التمرّغ في ترابه إذا تعسّر الولوغ .. فصار ميري الاستعمار وأذنابه حاكماً والشعب كلّه والغاً إلا من رحم ربّي من بقية صالحة ..
تمرّدت قيادات وطنية واعية ضدّ هذه الدولة الظالمة التي سارت علي خطي المحتلّ حافراً بحافر ..
قاد اليسار السوداني التمرّد الأوّل ضدّ دولة ونجيت باشا في مايو ١٩٦٩ .. وحكم ستة عشر عاماً .. كانت مليئة بالنكبات والأحزان وبعضٍ من التنمية .. ولم يتجاوب السودانيون معهم بسبب الفكر الماركسي الذي تخلت عنه مايو بعد فترة وجيزة ..
وكان التمرّد الثاني إسلامياً في يونيو ١٩٨٩ .. واستطاع إلي حدّ كبير تفكيك تمكين دولة ونجيت باشا فوسّع التعليم والبنية التحتية والخدمات وقسّم السلطة والثروة لأهل الأمصار الكادحين واستثمر في ثروات باطن الأرض ..
إلي أن شُيطِن الإسلاميون وحوربوا وانقسموا .. فهادنوا دولة ونجيت باشا العميقة ونصراءها في الشرق والغرب وجيران السوء ..
ثمّ بلغ السيل زباه بسقوط الدولة الهجين في أبريل ٢٠١٩ وجاء الاستعمار بقضّه وقضيضه وفولكره ومن ورائه الأمم المتحدة ..
وعاد السفير البريطاني حاكماً في سراياه بعد الثورة الخديج …
وهرول السفير الأمريكي علي عجل لحضور قسمة السودان وقدّم أوراق اعتماده لدي سيّد قصر غردون وخليفة ونجيت باشا، السردار عبد الفتّاح البرهان ..
يا وجدان .. إن هدم بيتك ..
لهو إعلانٌ عن عودة سودان ونجيت باشا الذي ينال خيره السادة ..
والسوداني فيه مقهور مجبور ..
وفي مطلع سبتمبر من كلّ عام تظلّنا ذكري معركة كرري التي قدّمنا فيها اثني عشر ألف شهيد وثلاثة عشر ألف جريح وخمسة آلاف من الأسري .. من أجل عزتنا وكرامتنا واستقلالنا ..
أدعو أهل السودان كافة في هذه الذكري المباركة لإعادة بنائه علي قواعد وطنية ..
ولتبدأ حملة إعادة بناء السودان بإعادة بناء منزل وجدان كمال وأسرتها ..
ليفرح الخمسة الأبناء بأنّ لهم وطناً وأهلاً وعزّاً وشموخاً ..
فتبرأ نفوسهم من جراحاتها ..
ويكونوا رصيداً لمستقبل السودان ومن أبنائه الصالحين الطامحين ..
فلتتشابك أيدينا يسار في يمين ..
إيد في إيد ..
وقلب جنب قلب ..
ولننزع الخوف ..
ونترك الضيق ..
ولنسر في طريق بناء الوطن ..
من كلّ محبّ وكل عطوف ..
وغمرة هنانا أن يتحقق بناء الوطن ..
ليصير جنة ندقّ علي بابها …
وندقّ وندقّ والجنة تُجيب ..
ولننتفض جميعاُ لهدم دولة ونجيت باشا once & for all
بابكر إسماعيل
مصدر الخبر