ياسين بونو قلعة “أسود الأطلس” الذي تحول إلى “أسطورة” مغربية
نشرت في:
لم يتحول ياسين بونو إلى حارس مرمى ذي مستوى عالمي بين عشية وضحاها، فهو متألق منذ عدة سنوات سواء مع فريقه إشبيلية الإسباني أو بصفوف المنتخب المغربي. فقد كان أفضل حارس بدوري الليغا في موسم 2021-2022 متقدما على نظيره في ريال مدريد تيبو كورتوا. لكنه بلا شك تحول إلى بطل بعد المباراة الأسطورية التي أداها أمام منتخب “الروخا” في ثمن نهائي مونديال قطر 2022، والتي شهدت بلوغ “الأسود” ربع النهائي للمرة الأولى في تاريخ مشاركاتهم الست بكأس العالم.
ولد في كندا، وبدأ ممارسة الكرة في المغرب، احترف بإسبانيا ونال الشهرة في قطر. إنه ياسين بونو، حارس المرمى البشوش الذي يبتسم وهو يعترض تسديدات لاعبي إسبانيا في ثمن نهائي مونديال 2022، الشخص المؤدب الذي طالما تسلح بالصبر والشجاعة في وقت العسر والضيق، الرجل المتواضع الذي غالبا ما تحلى بضبط النفس في وقت اليسر أو الفرح.
فقد أصبح “بطلا” في قلوب الملايين بالمغرب وخارجه، وبات قلعة “أسود الأطلس” في كأس العالم بالدوحة وسلاح إضافي بين أيدي المدرب وليد الركراكي في البطولة العالمية المقبلة على أدوارها المصيرية ابتداء من ربع النهائي المقرر إجراؤه الجمعة والسبت.
للمزيد- أسود الأطلس جيل 2022 يخطو على منوال جيل 1986 في كتابة التاريخ
وهو الذي قال عنه بادو الزاكي حارس مرمى المغرب في ثمانينيات القرن الماضي وأحد نجوم ملحمة “مكسيكو 1986” إنه أصبح “أسطورة”. وأضاف صائبا: “في طفولته وشبابه جعل مني ياسين بونو قدوته، واليوم ها هو قد أصبح قدوة لحراس المستقبل…”.
“سد مراكش، جدار كازابلانكا”
وأشاد به الركراكي بعد المباراة التاريخية أمام إسبانيا التي جرت ظهر الثلاثاء على ملعب المدينة التعليمية بالدوحة، مصرحا: “كنت مطمئنا ومتفائلا عندما حضر موعد ركلات الترجيح لأن لدينا أحد أفضل الحراس في العالم”. وقد انهالت عليه الإشادات عقب تأهل “الأسود” إلى دور الثمانية في مباراة مثيرة كان بطلها بونو “العجيب” الذي تألق وحرم الفريق “الأحمر” (الروخا) من هز الشباك، بل طارده حتى خلال ركلات الترجيح عندما وقف كالجدار أمام سولر وبوسكيتس فيما اصطدمت تسديدة سرابيا بالقائم وكأن الكرة أرادت الإفلات من قبضة حارس إشبيلية، والقصد هنا ياسين “البطل”.
ولم يقل بونو المولود في 5 أبريل/نيسان 1991 بمدينة مونتريال الكندية حيث هاجر والداه، عن نفسه شيئا عقب التأهل واكتفى بالإشادة بتشجيعات الجمهور المغربي. فنعته المدونون “جدار المغرب”، فيما أكد بادو الزاكي لصحيفة “المنتخب” المغربية، “كل هذا الذي يحققه (بونو) هو نتاج لعمل طويل وشاق مطبوع بكثير من الصبر والإرادة، فليس من السهل أبدا أن تصبح أحد أفضل حراس المونديال”.
ونشر الحساب الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) باللغة العربية على تويتر تغريدة مرفقة بصورة بونو “سد مراكش، جدار كازابلانكا، حارس المغرب”. من جهته، كتب الممثل المصري الكوميدي محمد هنيدي المولع بكرة القدم على تويتر: “سَد المغرب المرعب، مروّض ثيران إسبانيا، بطل أبطال حراس كأس العالم 2022، ياسين بونو.. عذرا إسبانيا.. فالأسود دائما تلتهم الثيران وهناك أسد جائع يدعى ياسين بونو.. التهمكم اليوم”.
من مونتريال إلى الدار البيضاء، من المغرب إلى إسبانيا، من الوداد إلى إشبيلية
فذاك الفتى بات أسدا. كان مشواره طويلا وشاقا، من مونتريال إلى الدار البيضاء، من المغرب إلى إسبانيا، من الوداد إلى إشبيلية. كان بديلا في فريق العاصمة رغم أنه خاض نهائي دوري أبطال أفريقيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 أمام الترجي التونسي، فقرر لدى انتهاء عقده الانتقال إلى الفريق الرديف لنادي أتلتيكو مدريد في 2012 أي في 22 عاما من العمر. جلس بونو عدة مرات في دكة البدلاء مع تشكيلة الفريق الأول، فغادر لسرقسطة حيث لعب موسمين قبل الانتقال إلى جيرونا الذي حقق معه الصعود لقسم الدرجة الأولى، لكن النادي الكاتالوني ذاق مرارة النزول في 2019 ما دفع بالحارس المغربي إلى المغادرة من جديد، فشد الرحال إلى إشبيلية لينتزع مكانا أساسيا في التشكيلة ليسطع نجمه الموسم الماضي عندما أحرز جائزة “زامورا” لأفضل حارس مرمى بالدوري الإسباني وهو لقب لم يسبقه إليه أي لاعب أفريقي.
وبات “أسد الأطلس” مرتبطا بنادي إشبيلية والأندلس لغاية 2025. فليس غريب عليه أن يقف أمام لاعبي “الروخا” في الدوحة، ويفسد نيتهم ويبطل هدفهم بالتقدم نحو ربع نهائي المونديال. فوقف المناصر كما المنافس يصفقان معا لإنجاز ياسين بونو، وتفجر ملعب المدينة التعليمية فرحة واحتفاء بجدارة الفريق “الأحمر”، وهتفت الجماهير بحنجرة واحدة: “ديما مغرب”!
فهل يستمر الحلم أمام البرتغال؟ موعدنا السبت المقبل على ملعب “الثمامة”.
علاوة مزياني
المصدر