وقف الحرب شجاعة وليس هزيمة
شمائل النور
فيما تدخل حرب الخرطوم شهرها السادس، لا يزال الفعل السياسي المدني قليل الفاعلية بل يكاد يكون منعدم التأثير مقابل صوت المعارك الذي لم يعد كما كان هو الآخر، حيث أن العمليات العسكرية الكبيرة، تقريباً خلصت منذ الشهر الأولى وما نتابعه يومياً محاولات أصبحت روتينية لتحقيق مكاسب جديدة على الأرض.
هذه الفترة كافية لإقناع من لم يقتنع بالحسم العسكري، أنه يستحيل أن يتحقق. صحيح أن الطرفين رددا كثيراً جنوحهما للتفاوض وإنهاء الحرب لكن الواضح تماماً إن الإرادة منعدمة عند الطرفين لكن الغبينة متوفرة.
ونتاج كل ذلك فواتير باهظة يدفعها المدنيون ليس فقط في الخرطوم التي أفرغت من سكانها، بل على مستوى البلاد، حيث أن الضرر لحق بكل سوداني من هذه الحرب غير المسؤولة؛ باختلاف مستويات الضرر الشخصي، أمام الضرر العام فلا يحتاج إلى شرح، كل شيء انتكس لمربع الصفر.
لا أدري، مثل غيري؛ هل تعلم أطراف الحرب ماذا يعني أن تُشعل حرباً في مركز البلاد، هذا إن لم يكن قمة عدم المسؤولية واللا مبالاة، فهو الخيانة العظمى.
الآن البلد وصلت حالة الشلل العام والانهيار التام في كافة المناحي. الاقتصاد الذي بدأ يسترد درجة من الاستقرار، قبل انقلاب 25 أكتوبر تدحرج إلى أن وصل الحال أن تختفي أبسط السلع؛ المنتجة محلياً لتحل محلها سلع مستوردة ما يعني أنه الآن ليس بمقدورنا إنتاج قارورة ماء.
ملايين السودانيين الآن تحت رحمة أن تتوقف هذه النيران العبثية، هذه الملايين الآن بلا مصادر دخل، يعيشون أوضاعاً لا يمكن وصفها عبر الكتابة، وكل أملهم أن تتوقف ويستعيدوا وضعاً طبيعيا؛ المؤكد أنه ليس متطابق مع الوضع الذي كانوا عليه.
المخاوف الآن في هذه الحرب، أن تتحول إلى حرب منسية ويعتاد الناس على شكل هذه الحياة البائسة ويقبلون بها، أو أن يرمي الحلفاء الإقليميين والدوليين بثقلهم العسكري لتحقيق حسم عسكري لطرف، أو أن تعود البلاد إلى مربع الوصاية الكاملة وهذه عودة يصعب النهوض منها مجددا.
الشجاعة والأخلاق -إن تبقت- أن تتخذ الأطرف العسكرية قراراً ذاتياً لوقف هذه الحرب ليس فقط لأجل الإنسان المطحون لأنه خارج الحسابات أصلاً، بل كي يجدوا ما يحكموه.
المصدر