السياسة السودانية

هل الحظ موجود فعلاً أم أنه مجرد خرافات قديمة؟

[ad_1]

يفترض أن يحمل يوم الجمعة الموافق للـ13 من الشهر سوء الطالع. فهل بوسعنا تلمس الحظ وإن كان الأمر كذلك، هل بوسعنا تغييره؟

إن كنت من المؤمنين بالخرافات، فيوم الجمعة الماضي لم يكن يومك حتماً. لطالما ارتبط يوم الجمعة الموافق لتاريخ الـ 13 من الشهر تقليدياً بسوء الحظ ووقوع المصيبة، وينصح فيه الأشخاص القلقون بملازمة الفراش في ذلك اليوم.

وقد تشمل الأمور التي يجب تجنبها بالكامل في ذلك اليوم المشي تحت سلم مسند على حائط والدوس على بلاط مكسور ومتصدع و كذلك السماح لقطة سوداء باعتراض طريقك. إن كان لا بد لك من مغادرة المنزل، عليك تمني الحظ الجيد وحمل ورقة البرسيم الرباعية (four-leafed clover) ولمس الخشب عند كل فرصة.

غريس كيلي الأسطورة التي رافقها سوء الحظ عقودا بعد رحيلها
ولكن، لماذا يعتبر يوم الجمعة 13 أمراً مرعباً؟ طبقاً لنسختي الموثوقة من موسوعة الإشارات والفأل والخرافات (Encyclopedia of Signs, Omens and Superstitions) من تأليف “زولار” Zolar، اعتبر يوم الجمعة اليوم الأسوأ حظاً من الأسبوع ويجب فيه تجنب القيام بالنشاطات التالية: الزواج، والإبحار، والبدء بعمل جديد، وافتتاح مسرحية، وقص الأظافر، وتغيير أغطية السرير.

وكتب زولار: “وإذا وقع الجمعة في اليوم الـ13 من الشهر، فيعتقد أنه فأل سيئ مضاعف. بحسب الرومان، يعتبر يوم الجمعة الـ 13 من شهر مايو (أيار) الأسوأ لعقد زواج”.

ولكن، ما الذي نعنيه فعلاً بالحظ؟ هل هو قوة خارجية تتحكم بحياتنا؟ وهل صحيح أن بعض الأشخاص محظوظين أكثر أو أقل من الآخرين؟ لنأخذ مثلاً فرانو سيلاك من كرواتيا، الذي يمكن اعتباره، بحسب وجهة نظرك، الشخص الأفضل أو الأسوأ حظاً في العالم حتى وفاته عام 2015 عن عمر غير قليل فعلاً، هو 87 سنة.

يعود تقليد لمس الخشب إلى الطقوس الوثنية التي صممت للحصول على مساعدة آلهة الأشجار الحميدة والقوية. وينظر إلى الرقم 13 بأنه يجلب النحس بسبب وجود 13 شخصاً في عشاء يسوع المسيح الأخير.

من عام 1962، واجه سيلاك عدداً من الحوادث التي أوشكت أن تودي بحياته، بدءاً بحادثة تحطم قطار عندما خرج عن مساره على خط سراييفو – دوبروفنيك في واد عميق وتحطم في النهر. لقي 17 شخصاً حتفهم ولكن تم إنقاذ سيلاك وإخراجه إلى بر الأمان من قبل منقذ مجهول.

بعد مرور عام، كان سيلاك على متن طائرة تحطمت وأزهقت حياة 19 راكباً. استقر هو على كومة قش واستيقظ لاحقاً في المستشفى من دون أية إصابات تذكر. عام 1966، كان على متن قطار آخر سقط في النهر. وفي عام 1970، انفجر محرك سيارته على الطريق السريع، وبعدها بثلاث سنوات، اندلعت النار في سيارة أخرى كان يملكها.

عام 1995، صدمته حافلة وبعد مرور عام، كان يقود في طريق جبلي عندما اتجهت شاحنة نحوه بسرعة. تمكن من القفز من دون أن يصب بأي أذى فيما انفجرت سيارته من وقع الحادثة.

لم تكن سلسلة سيلاك مع الحظ مرتبطة بالموت كلها. ففي العقد الأول من القرن الـ20، فاز باليانصيب الكرواتي بجائزة قدرت بحوالى 600 ألف جنيه استرليني (743 ألف دولار). كان آنذاك في زواجه الخامس. نترك لكم التعليق إذا ما كان ذلك حظاً سعيداً أم عاثراً.

هل كان سيلاك في المكان الخطأ في التوقيت الخطأ؟ هل كانت مجرد صدفة أن يجد نفسه في خطر مستمر؟ هل هنالك أمراً يتخطى نطاق فهمنا أوجده في تلك الأوضاع وأخرجه منها من دون أن يصاب بأذى؟

لحسن الحظ، لدينا البروفسور ريتشارد وايزمان الذي كرس مسيرته المهنية لاستكشاف الحظ. هو البروفسور الوحيد في بريطانيا الحائز على شهادة أستاذ الفهم العام لعلم النفس بجامعة هيرتفوردشاير في المملكة المتحدة وفضلاً عن كتابته أكثر من 100 مقالة أكاديمية حول الموضوع، ألف عدداً من الكتب بما فيها “عامل الحظ و59 ثانية” (The Luck Factor and 59 Seconds).

يروي البروفسور وايزمان قصة تجسد الحظ وفيها، لسخرية القدر، شخصية اسمها شبيه باسمي.

عام 1994، كان بارنيت هيلزبرغ جونيور مالك سلسلة متاجر مجوهرات ناجحة تعود بإيرادات سنوية قدرها 300 مليون دولار بناها وأسسها بنفسه. كان قد بلغ أخيراً عامه الـ60 وكان يفكر في بيعها والتقاعد. في ذلك اليوم من عام 1994، وأثناء مروره أمام فندق بلازا في نيويورك سمع صوتاً ينادي “سيد بافيت”!

هل هو الحظ السيئ الذي لم يجعلنا نحصل على تلك الفرصة أم أن ذلك حصل بسبب عدم استعدادنا بالشكل المناسب

كان وارين بافيت أحد أنجح رجال الأعمال في الولايات المتحدة ومستثمراً ومستحوذاً للشركات. كان يسير بالقرب من هيلزبرغ الذي اقتنص الفرصة وقدم نفسه لبافيت وبدأ الرجلان بالحديث. بعد مرور عام، اشترى بافيت أعمال هيلزبرغ.

إنه لقاء محظوظ من دون شك بأن يكون هيلزبرغ يسير في الوقت والمكان نفسه بالقرب من بافيت وأن تقوم امرأة بمناداته مما شكل تنبيهاً إضافياً. لعل هيلزبرغ لم يكن ليلتقي رجل الأعمال مجدداً وما كانت طرقهما لتتلاقى لولا قرار هيلزبرغ بالتصرف على الفور وتقديم نفسه لبافيت. باختصار، نحن من نصنع حظنا إلى حد ما.

وهو ما وضعه البروفسور وايزمان للاختبار الفعلي. فيقول: “شكلت تلك فرصة حظ لهيلزبرغ، ويواجه الأشخاص الذين نعتبرهم محظوظين مثل هذه الفرص باستمرار فيما لا يحظى الأشخاص غير المحظوظين بتلك الفرص على الأرجح”.

أجرى البروفسور وايزمان اختباراً مع مجموعة لرؤية مدى صحة أن يكون بعض الأشخاص أكثر ميلاً لرصد الفرص والتصرف على أساسها. وقام بجمع الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم محظوظين أو غير محظوظين وأعطى كل واحد منهم نسخة عن صحيفة مع تعليمات بتصفحها ورؤية كم يبلغ عدد الصور المطبوعة في داخلها.

استغرق الأشخاص غير المحظوظين حوالى دقيقتين لتصفح الصحيفة وتعداد كل الصور. فيما استغرق الأمر بضع ثوان للمحظوظين. لماذا؟ لأنه في الصفحة الثانية من الصحيفة، كان هنالك رسالة تقول: “أوقفوا العد. هنالك 43 صورة في هذه الصحيفة”.

فالذين تمكنوا من إيجاد تلك الرسالة كانوا محظوظين للغاية بالتوقف عندها. بينما لم ير غير المحظوظين الملاحظة واستمروا في تصفح كل صفحة. ويقول البروفسور وايزمان أن سبب ذلك يعود “إلى أن المحظوظين يكونون أكثر راحة واسترخاء وانفتاحاً على الفرص. وغالباً ما يكون الأشخاص غير المحظوظين أكثر تركيزاً على المهمة التي أوكلت إليهم ولهذا لا يرون الاحتمالات البديلة”.

ويضيف قائلاً: “ينتج المحظوظون حظهم الجيد من خلال أربعة مبادئ رئيسة. فهم ماهرون في خلق الفرص وملاحظتها، ويتخذون قرارات محظوظة من خلال الإصغاء إلى حدسهم، ويخلقون تنبؤات تتحقق ذاتياً من خلال التوقعات الإيجابية، ويعتمدون على موقف مرن يحول الحظ العاثر إلى جيد”.

بالتالي لا تلعب الخرافة أي دور في هذا كله؟ فقط في موقفنا تجاه الحظ كما يقول وايزمان. ويتابع بأن “الأشخاص بحثوا عن طريقة فعالة لتحسين حظهم لقرون. وتم العثور على تمائم وتعويذات وأمور جالبة للحظ في الثقافات كافة تقريباً على مر التاريخ المسجل. يعود تقليد لمس الخشب إلى الطقوس الوثنية التي صممت للحصول على مساعدة آلهة الأشجار الحميدة والقوية. وينظر إلى الرقم 13 بأنه يجلب النحس بسبب وجود 13 شخصاً في عشاء يسوع المسيح الأخير. عندما يوضع سلم مسنوداً على الحائط، فهو يشكل مثلثاً طبيعياً كان ينظر إليه على أنه رمز للثالوث الأقدس. فمن شأن المشي تحت السلم أن يكسر هذا الثالوث بالتالي يجلب الحظ السيئ”.

غالبية ما نواجهه من حظ جيد أوسيئ إنما هو نتيجة أفكارنا وسلوكنا

ويقول وايزمان أن هنالك مشكلة واحدة. الخرافات لا تعمل. وقد أجريت بعض الاختبارات حول هذا الأمر، بعضها بإشراف البروفسور وايزمان نفسه. وقام اختبار شهير أجراه طالب اسمه مارك ليفين على فرضية أن قطاً أسود في طريقك يمكن أن يغير حظك.

وطلب ليفين من الأشخاص أن يلعبوا لعبة رمي العملة المعدنية، وفيما كانوا يلعبون، أرسل قطة سوداء للمرور بجانبهم. بعد محاولات عدة، استنتج ليفين بأن القط لم يكن لديه أي تأثير في نتائج اللعبة.

وقال البروفسور وايزمان: “أجريت اختباراً بالتعويذات الجالبة للحظ. طلبت من مجموعة من المتطوعين أن يقيسوا درجة الرضا عن حياتهم وسعادتهم وحظهم من خلال مجموعة أسئلة، ثم أعطيت كلاً منهم تعويذة جالبة للحظ اشتريتها من مركز للعصر الحديث New Age centre وطلبت منهم مراقبة أثرها في حياتهم. بشكل عام، لم يطرأ أي تغيير في ما يتعلق بمدى رضاهم أو سعادتهم أو حظهم أثناء حملهم لتلك التعويذة. ولكن، شعر بعض المشاركين أنهم أقل حظاً خلال الاختبار وشعروا بالارتياح لإعادة التعويذة له. الخرافات لا تعمل لأنها قائمة على تفكير قديم وغير صحيح. وهي تأتي من زمن اعتقد الناس فيه أن الحظ هو قوة غريبة يمكن التحكم بها من خلال طقوس سحرية وسلوكيات غريبة”.

ولكن ماذا عن أولئك الذين يستمرون بالاعتقاد أن الحظ هو نوع من القوة الخارقة التي تتحكم بحياتنا سواء أحببنا ذلك أم لا؟ تعرفوا إلى “أفيري أولدرشاو” Avery Oldershaw الذي يصف نفسه “بالساحر الانتقائي” مع ممارساته التي “تقع على مفترق السحر الفولكلوري والفوضوي”. رئيس لمتحفين ومركز معلومات ويعيش في أمستردام. نسأله: هل الحظ سحر في الأساس؟

يجيب أولدرشو: “جعلني طرح هذه الأسئلة أدرك أنني نادراً ما أستخدم كلمة “حظ”. عندما أفكر في الأمر، أفكر في الحكمة القائلة “الحظ يقف إلى جانب المستعدين، والثروة تفضل الجريء وأنت تصنع حظك بيدك. ولكنني أفكر أيضاً بالعالم من ناحية احتوائه على عديد من الطاقات والكيانات والأمور غير المحددة فضلاً عن الأمور الدنيوية التي نختبرها بموضوعية على أنها مواتية أو غير مواتية انطلاقاً مما ترتكز تجربتنا عليه. بالتالي، أمامنا بكل بساطة اختلاف في الدلالات”.

لا يعتبر أولدرشو نفسه بأنه محظوظ أو غير محظوظ شخصياً: “مررت ببعض التجارب المروعة وبعض التجارب الرائعة، ولا أعتقد أنها حدثت بسبب ’الحظ‘، أو لأنها ’كان من المفترض أن تحدث‘، نحن نعيش في عالم عشوائي وفوضوي يحدث فيه أي شيء بما في ذلك الأمور السيئة. ولكنني تمكنت عمداً من إظهار بعض الأشياء المحددة للغاية التي أردتها باستخدام ممارستي السحرية جنباً إلى جنب مع الجهود في العالم الدنيوي”.

يبدو إذاً أنه حتى مع السحر، نحن نصنع حظنا الخاص، كما نفعل في الشرح النفسي للظاهرة. “نعم حتماً” يقول أولدرشو. “إنه أساس غالبية السحر، بدءاً من وضع أوراق الغار في محفظتنا إلى إجراء حديث مع ملاكك الحارس. ولكن من الضروري أن نقوم بالعمل في العالم الدنيوي بالقدر الذي نستطيعه، فلدينا أشكال مادية تعمل في عالم مادي، وهذا يمنحنا وكالة أكثر من أي شيء غير ملموس. أعتقد أنه من المهم أيضاً تشريح ما نفكر فيه حول الحظ. هل نحن محظوظون بحصولنا على تلك الفرصة أم أنها امتيازات مختلفة في العمل؟ هل هو الحظ السيئ الذي لم يجعلنا نحصل على تلك الفرصة أم أن ذلك حصل بسبب عدم استعدادنا بالشكل المناسب؟”.

يشبه هذا إلى حد كبير الخلاصة التي خرج بها البروفسور وايزمان من مسيرته المهنية وهو يتحقق عن الحظ. ويقول في هذا السياق: “بعد 10 سنوات من البحث العلمي، كشف عملي عن طريقة جذرية جديدة في النظر إلى الحظ والدور الحيوي الذي يلعبه في حياتنا. إنه يظهر أن غالبية ما نواجهه من حظ جيد أوسيئ إنما هو نتيجة أفكارنا وسلوكنا. والأهم من ذلك، أنه يمثل القدرة على التغيير، وقد أنتج أكثر الكؤوس المقدسة غموضاً، وهي طريقة فعالة لزيادة الحظ الذي يختبره الأشخاص في حياتهم اليومية”.

في الـ13 من كل جمعة، ننصحكم بنسيان التعويذات والتمائم الجالبة للحظ وانسوا تجنب القطط السوداء، بل اخرجوا واصنعوا حظكم بأيديكم من خلال الانفتاح على ما يقدمه العالم لكم، هذه هي الرسالة بكل اختصار.

إندبندنت عربية

[ad_2]
مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى