هاجر سليمان تكتب: مكتبة القضائية والمكتبات العامة
السودان من اسوأ دول العالم من حيث الاهتمام بالكتب والمكتبات والثقافة والعلوم وتراجع الوضع كثيرا الى ان هدمت مكاتب وحولت أغراضها ثم انه حتى الاحتفالية الوحيدة بالكتب الغيت هذا العام وهي معرض الكتاب الذي كنا نقصده من باب تذكر القراءة رغم ان ثقافتنا في هذا الجانب ضحلة ولا ننكر ذلك .
وقع في عيني مقال للقاضي والعلامة مولانا محمد احمد العبيد شدني فيه انه ظل في مقاله يدافع بضراوة عن اهمية المكتبة القضائية وكأني التمست ان هنالك ثمة قرارا او اتجاها لالغاء تلك المكتبة واهدار كتبها وتوزيعها بين دور الاجهزة القضائية بمختلف الولايات وهذا لاينبغي ان يحدث مطلقا .
فمكتبة القضائية مهما ضاق بها المكان ذرعا الا انه من الضرورة بمكان ان تخصص لها مساحة ودار خاصة تحمل اسم المكتبة القانونية حتى يعرف الجميع انها مكتبة متخصصة في المجال القانوني فقط ومن ثم تقدم العلم لمن يريد ويجد عندها كل ذي ضالة ضالته .
مكتبة القضائية ضمت مجموعة من أندر واضخم المراجع القانونية وكتب القانون العالمي والمحلي بجانب رسائل دكتوراه في مواضيع قانونية نادرة اضف الى ذلك انها تضم مجلات قضائية تحمل بمتنها اهم الأحكام القضائية والوثائق بجانب انها تشمل كل القوانين ومراحل تطورها وقوانين عالمية واقليمية ومحلية وفي هذه المكتبة تجد كل شاردة وواردة ، ما لايعرفه الكثيرون ان مكتبة القضائية كان يقصدها أعتى رجالات القانون على مستوى العالم وكان قضاة عدد من الدول يجعلونها محط انظارهم ومثار اهتمامهم نسبة لاحتوائها على كوكبة من اندر المراجع القانونية ووثائق قانونية تجعل منها دارا للوثائق القانونية لذلك ليس من السهل التفريط في مثل هذه المكتبات .
مكتبة القضائية وان ضاق بها مكانها الحالي بالامكان الاستفادة من المساحة الخلفية للسلطة القضائية او المحكمة العليا وبناء صرح ضخم يكون مقرا لتلك المكتبة بدلا من بعثرتها وتفريق دمها بين الادارات والمحاكم والأجهزة القضائية بالولايات فبالإمكان بل من واجب الدولة ان تمنح السلطة القضائية قطعة ارض حتى ولو بمساحة مائتي متر فقط وسط الخرطوم يبنى عليها دار للكتاب القانوني خاص بالسلطة القضائية ويعين عليها مشرفون من القضائية وامين مكتبة ومراقبون وان تضاف اليها سلسلة اصدارات جديدة من القوانين والمراجع القانونية ورسائل الدكتوراه والماجستير الهامة ومن ثم افتتاحها امام كل المهتمين بالقانون من طلاب وباحثين وقانونيين وشيئا فشيئا سيقصدها حتما الاجانب وستسهم كثيرا في تطوير وتنمية الفكر القانوني وتوسعة مدارك الثقافة القانونية لدى عامة الشعب .
المؤسف حقا ان التهميش طال حتى المكتبات العامة اذكر اننا حينما كنا صغارا كان والدنا يصطحبنا الى الدار السودانية للكتب لشراء مجموعات قصصية اطفالية او البحث عن كتب بعينها وبعد أن كبرنا قليلا امضينا الاجازات في الاطلاع على كتب نادرة ومفيدة بمكتبة قرطبة بالحاج يوسف حيث كنا نرتادها في ذلك الوقت ولكن بعد ان كبرنا اصبحنا نبحث عن مكتبات جاذبة للاطلاع ولكن لم نجد .
هجرنا الكتب فهجرتنا الثقافة وتفشى الجهل وسوء الفكر وهشاشة التفكير والبعض اذا فتحت رأسه تجده عبارة عن دائرة مغلقة يسيطر عليها سلكان احدهما للجهل والآخر للهو وكلما اوصلتهما مع بعضهما، أشعلا نار الفتنة والعياذ بالله .
متى تهتم الدولة وتعيد للمكتبات العامة بريقها وألقها حتى نستطيع أن نقول إننا بخير .
صحيفة الانتباهة
مصدر الخبر