ناهد قرناص: زمن النزوح – النيلين
لا يزال مفتاح بيتي قابع داخل الحقيبة التي تنقلت كثيرا بين بيوت الاحباب والأقارب..لابد انه يتساءل..لماذا طالت إقامته في الظلام ….لا استطيع ان أمد بصري اليه كلما فتحت الحقيبة…
احيانا يخرج رأسه متعلقا بخيط المسبحة..او يدس نفسه بين الأوراق..يحدث جلبة كلما تحركت يدي بالحقيبة…يحاول لفت انتباهي..كأنه يقول ..انا هنا ..
انا مثلك يا صديق …انتظر ذلك اليوم ..
اتصلت جارتي روجينا بي ..بعد طول غياب ..الشبكة وانعدام الرصيد
روجينا : دكتورة… الناس ديل بقوا لافين في الحلة ..كل يوم يدخلوا بيت ..انا خايف على بيتك دا ..
يا روجينا ..ماذا تبقى لنخاف عليه؟ ..مات الاعزاء واجمل الناس
مات صديق أولادي احمد المعتز ..ارتقى شهيدا وهو أبن العشرين ..بكيناه مع أولادي الذين شق عليهم النعي وهم علي البعد ..
هلك الحرث والنسل
ماذا تبقى ؟
دكتورة ..انت ما سامعني ولا شنو ؟
انا : سامعاك يا روجينا ..كتر خيرك شديد ..بس عايزة اقول ليك ..لو جو عايزين يدخلوا البيت ..ما تقاومي..خليك في بيتك جوة .
خليهم يدخلوا ..
دعيهم ..ربما يشفي غليلهم هذا الاقتحام ..لكنهم حتى لو اخذوا الديار ….فلن يأخذوا منها شيئا…
الجدران
لن تأويهم كما فعلت معنا ..لن تضم ذكرياتهم ولا أحلامهم..لن تبادلهم الود بالود
الديار تعرف أهلها
كما نعرفها
دعيهم ..فإنما هي ايام ثقال ستمر
وسيعود مفتاح بيتي ليدور مرة اخرى في القفل .
#ليس لها من دون الله كاشفه
ناهد قرناص
مصدر الخبر