السياسة السودانية

موسى عبدالله.. التلميذ السوداني الذي أجبر معلميه على المذاكرة.. نال لقب إستشاري في أمراض القلب

بعد التخرج مباشرة عملت معلما متطوعا لتدريس مادة الرياضيات في مدرسة مايرنو الثانوية ، و كنت في تلك السن الباكرة اتباهى بمعرفتي للمادة و طريقة تدريسها، أدخل الفصل بدون كتاب او كراس (يعني الود حافظ المادة و مقطعها) …

نهاية الحصة كالعادة اسأل التلاميذ إن كان هناك سؤال أو جزء في الدرس غير واضح . فيقولون : كله واضح يا استاذ .
بعد ثلاثة او اربعة ايام من بداية تدريس المادة للصف الثاني ، و عند السؤال الاوتوماتيكي:
‘في زول عنده سؤال؟ .
رفع طالب يشارك باستمرار في الاجابة على الأسئلة التي اطرحها، رفع يده :
-انا عندي سؤال يا استاذ .
– اتفضل …
ذكر لي مسألة في نفس الدرس يريد أن احلها لهم لأنها صعبت عليه .

كل ما اتذكره عن المسألة انها عبارة عن معادلتين يتم حلهما معا . و بما انها معادلة فإنها لا تحتمل الخطأ ، لان تطبيق الحل علي المسألة يوضح إن كانت الاجابة صحيحة ام خطأ .
حاولت حل المسألة بعدة طرق لكنني عجزت عن حلها ، اخذت مني زمنا تجاوز العشرين دقيقة وانا عاجز عن حلها بكل الطرق التي اعرفها ، كل ما اصل الى حل نقوم بتطبيقه على المعادلات يتضح لنا الخطأ بعدم التطابق ، كان جسمي يتصبب عرقا من ارتفاع سخونة الجو ، و الحرج من صعوبة المسألة ، فعدم حلها يكسر ثقة التلاميذ في استاذهم الذي يثقون في إمكانياته حسب إعتقادي وقتها .

رجعت إلى مؤخرة الفصل و نظرت إلى المسألة في السبورة من زاوية الطلاب و انا اردد في سري اللهم اشرح لي صدري و يسر لي أمري و احلل عقدة من لساني يفقه قولي ، في تلك اللحظة أُلهمت بطريقة توصلت بها للإجابة الصحيحة بعد جهد جهيد …

عدت إلى البيت و بدأت ابحث عن المسألة التي سألني عنها ، فهي غير موجودة في كتاب الوزارة . بعد الكثير من البحث في المذكرات المختلفة ، وجدتها في واحدة من امتحانات الشهادة السودانية القديمة تخص مقرر الصف الثاني في نفس الدرس، حيث كان مشتركا ، جزء منه في الصف الثالث و جزء في الثاني …

من يومها أصبحت اذاكر الدروس و اراجع كل المسائل و الأسئلة التي وردت عنها في امتحانات الشهادة السودانية لعشرة سنوات سابقة . الأمر كان مرهق لكنه ساعدني كثير فهم المادة أكثر و شرحها بسهولة للطلاب مما جعل الموجه استاذ عبدالعزيز أن يصر على ضمي لسلك التعليم ، لكنني اعتذرت له .

عندما عرف التلميذ أنني تعرفت على مصدر أسئلته و دائما اكون جاهزا لها و احلها بسهولة و يسر ، توقف عن طرح تلك المسائل 🤣 …

في واحدة من جلساتي مع استاذ الفيزياء و كنا نتناقش عن مستوى التلاميذ و مدى اجتهادهم و تفوقهم، بدون مقدمات قال لي ان نفس الطالب يرهقه بالأسئلة الصعبة مما يضطره على مذاكرة الدرس جيدا و مراجعة كل الأسئلة التي وردت في امتحانات الشهادة السودانية في الدروس المعنية و يقوم بالتحضير للدرس يوميا ليس كما يفعل مع بقية الفصول .
من الطبيعي أن يدفع الأستاذ تلاميذه للمذاكرة و الاجتهاد ، لكنها اول مرة أن (يجبر) التلميذ اساتذته لفعل ذلك ،

تذكرت تلك الأيام و أنا اقرأ التهاني هنا و هناك بين صفحات و قروبات الأهل لذاك التلميذ بنيله لقب إستشاري في أمراض القلب و القسطرة ، موسى عبدالله أبرشي ، فقد اسعدنا جدا خبر نيله هذا اللقب و هو يستحقه تماما لانه مجتهد و مثابر منذ طفولته الباكرة و بالإضافة إلى ذاك أدبه الجم و احترامه للجميع ، و للحقيقة هو ليس وحده، فكل تلاميذ تلك الدفعة كانوا مميزين و مجتهدين جدا ، نالوا ارفع الدرجات العلمية ينتشرون في المؤسسات العلمية و العملية المختلفة حول العالم . فقبل ايام تم تعيين زميله في نفس الفصل دكتور خالد يحي عميدا لكلية الهندسة جامعة النيل الأزرق ، له التباريك و التحايا أيضا .

موسى عبدالله كان نابغه و مجتهد جدا ، نتمنى له التوفيق و السداد في مشواره الطويل، و أن يفيد البلاد بالعلوم التي نهلها من شتى البقاع .
الف مبروك دكتور
Musa Abdallalah

سالم الأمين بشير ١١سبتمبر٢٢
سالم الامين

ehtimamna


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى