السياسة السودانية

من الناس من يحب لك الخير على مزاجه

محمد بدوي

شهر رمضان دوما يكسر نسق المفكرة السنوية فاستقباله يحظي باهتمام وترتيب مسبق سواء على المستوي المرتبط بتصريف شئون الحياة اليومية أو بالنظام الغذائي حيث تحضير وجبة الإفطار وحشد صفوف الماكولات والمشروبات، أما إجتماعيا فهو ميقات لإجازات البعاد عن الاهل والاحباب وليل للسهر والانس والترفيه، وموسم للمات وبرش للافطارات، ومحفظة انسانية للرحمتات وبراح في زمن الزيارات وتبادلها، يمتد الكرنفال إلي طقوس السحور ونداء المسحراتي والتضامن الاجتماعي في تبادل الاطعمة، وصلاة التراويح وفي اخلاق الشهامة موعد يعلن فيه وقف القتال وكسر الخصام، والاحتفاء بالعيد ولبس الجديد، والمعايدة السعيدة واقامة المناسبات التي تحظي بالحضور والبهجة وتعميد الحياة بالفرح والمرح اللطيف.

الزيارات خلال الشهر تقابل بكرم الإفطار أو إذا كانت عقب ذلك تقدم المشروبات الساخنة والباردة في ترحاب وبشاشة، وفي البال مشروب الحلومر الذي تشير شهادة ميلاده في خانة الاسم الثلاثي : الحلو مر رمضان كريم ، وفي تعريف مكان الميلاد: بلاد السودان.

في عام مضي وفي إحدي امسيات رمضان كنت على موعد مع احد الاصدقاء لتصريف أمر من شئون الدنيا، يتطلب بعض الخصوصية وبراح زمن، كنت قد اخترت موعدا عقب ميقات الافطار فحينها تعيرك الروح انتباهها، امعنت في ميقات الزيارة لتكون خلال أحد ايام عطلة نهاية الاسبوع فكان سبتا رمضانيا احتفي به الغمام بنفحة فاكسبه مناخ معتدل، تآمرت فيه على أشعة الشمس المشعة في سابقات الايام. .

كان صديقي ممن يفتحون أبواب المساكن للإفطار، فيجتنع القوم من عابري الطريق، واسياد الضرا الذين ينتظمون بشكل راتب، فللخير إياد بيضاء يحرصون علي ذلك في شغف مواز للصوم، ترجمة لصفة الكرم الملازمة ل” رمضان كريم ” ولطفا انسانيا يحفزه الضمير .

وصلت إلي المنزل، كان الصديق في انتظاري ، غادر اغلب زائريه عقب الإفطار، الإ واحدا من الراتبين على الحضور، إلي أن بلغ به الحال القيام بخدمة الضيوف في حفاوة، فالشهر يقرب الوصل بين الناس كرما وتعاضدد، دلفت إلي الصالون، على احدي الطاولات كان ترموسي الشاي والقهوة التي تراصت إلي جانبهما الكبابي ” أجمل من صبايا بينات الروابي” كما قال الراحل مجموب شريف، جلست متوهطا على احدي الكراسي الوثيرة، لم يمهلني الضيف فرمضان كريم الا وناولني كوبا من الماء، تجرعتها على مهل، مع تجاذب التحايا والسلام والسؤال عن الحال.

وضعت الكوب فارغا في الطاولة التي كانت على يميني، فنهض الضيف اللطيف، اها كباية شاي، اعتذرت فلست من رواد الشاي في رمضان، بسرعة البرق اضاف خلاص قهوة ثم اردف دي قهوة عجيبة عملتها الحاجة في إشارة إلي والدة صديقي، وانا ابتسم ابتسامة خفيفة شكرته على عدم رغبتي قائلا خليها المره الجاية، باغتني خلاص فنجان واحد، كنت قد شربت ما يكفي لعدل المزاج عقب الإفطار الإ أنه كان قد امسك بالثيرموس فقلت بصوت به بعض الجدية واللطف كتر خيرك المره الجاية، لو شربت فنجانا اخر سيحول بيني والنوم، الإ أنه عاجلني بالقاضية قائلا لا لا مافي مشكلة حتنوم ! ، فغرت فاهي لم أجد ما أقوله، فقد أدركت بأنه عال القدم في الجدال وسيهزمتي، تناولت منه الفنجان وانا اردد مع الرشفة الاولي ومن الناس من يحب لك الخير على مزاجه، رمضان كريم على الجميع .


المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى