منى أبو زيد تكتب : الزواج من آخر
[ad_1]
“ما طلبت من الله في ليلة القدر سوى أن تكون قدَري وشرِّي، سقفي وجدران عمري، وحلالي ساعة الحشر”.. أحلام مستغانمي..!
صحيفة عربية شهيرة أجرت تحقيقاً دسماً عن سلبيات النظرة الاحتفائية بالطلاق كحدث اجتماعي في موريتانيا. معظمنا – بطبيعة الحال – يعلم شيئاً عن وضع المطلقة الإيجابي في المجتمع الموريتاني وكيف أن بعض الرجال يُفضِّلونها على البكر التي لم يسبق لها الزواج..!
لكن منطق التحقيق بدا لي جاذباً – وجديراً بالتعليق – لأنه أبرز الوجه الآخر “الأضرار الاجتماعية الجسيمة المترتبة على سطوة هذا العرف الفاسد”، ومبعث الفساد هنا ليس التعايش السلمي للمجتمعات مع فكرة الطلاق، بل إفراطه في تدليل المطلقة والطبطبة عليها حد نشوء عرف اجتماعي يمنعها المطالبة بحقها وحق أطفالها مهما بلغت درجة ثراء الزوج أو درجة فاقة أهلها، لأن ذلك سيفسر على أنه ضعف ودلالة على فشل عائلتها في إعالتها..!
ترى ما هو رأي نساء السودان – قبل رجاله – في تقاليد بعض المجتمعات الموريتانية التي تستقبل المرأة فيها لحظة النطق بالطلاق بالزغاريد؟. حيث يعتبر يوم الطلاق عند النساء الموريتانيات هو من مناسبات انتصار المرأة على الرجل التي تستقبل فيها النسوة المهنئات اللاتي يدخلن عليها بالدفوف وهن يرددن أغانٍ شعبية تحمل مفردات العزاء والمواساة..!
ومنذ لحظة إعلان الطلاق تحاط المطلقة – حديثة العهد – بدعم الأهل ويتنافس أبناء عمومتها والمعجبون في تقديم الهدايا والتقرب إليها، متظاهرين أمامها برغبتهم فيها، وذلك من باب رفع المعنويات. بينما تتكفّل أسرتها بالإنفاق عليها والعمل على تعويضها عن المكانة الاجتماعية التي فقدتها بعد الطلاق..!
وهذه بالطبع مصيبة اجتماعية كبرى، حيث تتغوّل سلبية المجتمع التي لا تلزم الرجل بتبعات الانفصال على دور القانون والقضاء، وبالتالي يتفاقم التسرع في اتخاذ قرار الزواج وتتمرد النساء على الحياة الزوجية، ويصبح الطلاق – الذي هو أبغض الحلال – قراراً لا كوابح له ولا ضوابط لاتقاء شروره..!
وهكذا، بينما تشكو الأخريات في بقية المجتمعات العربية النظرة السلبية إلى المُطلقة، يعاني المجتمع الموريتاني من ثقافة إظهار الفرح العارم عند حدوث الطـلاق. وهذا الاختلاف والتطرف ينطبق عليه تفسير ابن رجب للجملة النبوية الكريمة “سددوا وقاربوا.. الحديث”. فالتسديد هو القصد والتوسط وعدم التقصير فيما أمرنا به، وعدم احتمال ما لا نطيقه..!
فأحب أحوالنا إلى الله ما كان على وجه السداد والتيسير دونما تكلف أو اجتهاد أو تعسير، ولعل في الدرس الرباني العظيم المتمثل في زواج سيد الرجال والخلق أجمعين من أرامل ومطلقات كانوا نساء لرجال قبله – ما عدا السيدة عائشة – عبرة لبعض المتنطعين ومواساة لبعض المستضعفات، وصفعة لغرور بعض سادتنا الرجال، وتفعيلاً لمبدأ التسديد والمقاربة، دونما إفراط أو تفريط..!
صحيفة الصيحة
مصدر الخبر