منى أبوزيد تكتب : واحد زائد واحد..!
“يتعلّم الطفل في حصة الحساب أن تفاحة زائد تفاحة لا بُدّ أن تساوي تفاحتين، لكنه يحتاج إلى سنوات طويلة لكي يتعلّم أن مائة طوبة زائد مائة طوبة لا تساوي مائتين، بل تساوي بيتاً جاهزاً للسكن”.. الصادق النيهوم..!
لعلك تلاحظ أنّ السّبب الرئيسي لفشل معظم الرجال في امتحان الكفاءة الزوجية من منظور مُعظم النساء هو رِقّة الحال – أي”الفَلَسْ” – وإن واقع العنوسة في السودان قد أصبح جائراً، وكيف وكم أنّ الكفاءة الاقتصادية ما تزال هي أول وأولى أسباب الرفض، هي – كما ترى – مفارقة طريفة ومؤثرة في آنٍ معاً..؟!
قد تلاحظ – أيضاً – أنّ مُعظم صفحات الجريمة وقضايا المجتمع في صحف الخرطوم باتت تحمل أخباراً كثيفة لمظالم الاحتيال المادي المرتبط بالتدليس العاطفي “الضحية في الغالب تكون امرأة تأخّر زواجها، يعدها رجلٌ ما بالزواج، ثم يستولى على بعض أو كل مالها، قبل أن يتبخّر، تاركاً وراءه جريمة احتيال مُكتملة الأركان”..!
والحقيقة أنّ هذا السلوك الذي يرتقي اليوم مراقي الظاهرة يُعيد على نحوٍ ما، صياغة التصنيف الاجتماعي للعانس. فعوانس اليوم هن صنيعة الراهن الاقتصادي فتيات جميلات في الغالب الأعم، متعلِّمات، جامعيات، فقيرات حيناً، ومن أسر ميسورة الحال أحياناً. ولكن في غالب الأحوال تسعى معظمهن للفوز بالطقوس الشكلانية والتفاصيل الاجتماعية للسيدات المتزوجات، وليس للأزواج أو الزواج نفسه..!
وهن قد ينجحن في إدارة مؤسسات بأكملها، وقد يمتلكن سيارات يكفي ثمنها لشراء بيوت لا يملك مُعظم الرجال أثمانها، لكنهنّ نادراً ما ينجحن في إدخال الرجال المنشودين أقفاص الزوجية. ليس لأنّهن لا يجدن فنون الإقناع، بل لأنّ لون أقفاصهن لم يعد ذهبياً في عيون مُعظم الرجال الذين يُحاولون أن يضبطون مقاييسهم القاصرة على باترون شروطهن العصية..!
هذا التناقض الكبير ليس صنيعة المرأة أو الرجل، بل يأتي كنتيجة راجحة ومنطقية لمتغيراتٍ كثيرةٍ طرأت على طريقة تفكير العقل الجمعي وقناعته بجدوى بعض المفاهيم المُقدّسة مثل “إكمال نصف الدين” أو “راجل السترة” …إلخ.. لقد أخضع المبضع الاقتصادي الجائر ملامح العلاقة التكافلية التقليدية التي ينهض عليها بناء الأسرة إلى عملياتٍ جراحيةٍ إجبارية، شوَّهت معالم الرجولة ومفاتيح الأنوثة قبل أن تُغيِّر وجه مؤسسة الزواج نفسه. وهكذا فشلت مُعظم العمليات الحسابية، وانهارت بعض القيم..!
لم يكن خاتم المرسلين ونبي العالمين وأعظم الخالدين، محمد بن عبد الله المكي القرشي – عليه أعظم الصلاة وأتم التسليم – أكثر مالاً وأعظم اكتفاءً اقتصادياً من السيدة خديجة – رضي الله عنها – حينما جاءها خاطباً، لكنها فضّلته على كثيرٍ من سادات قريش لأنها كانت امرأةً بالغة الذكاء، شديدة الفراسة، بعيدة النظر، أكرمها الله بزوجٍ يستحق، فمنحته أمناً وأماناً اجتماعياً وأضفت على بواكير رسالته العظيمة منعةً وغلبةً. وكانت حياتهما معاً لطيفة حلوة هنيئة، لا شقاق فيها ولا حزن ولا ملل، لذا لم يفكر يوماً في أن يتزوج عليها، ولم يعدد بين زوجاته إلا بعد وفاتها..!
أرجِع كل المشكلات الاجتماعية إلى بيت النبوة، ثم لاحظ كيف ستفتح بنفسك أبواب الحلول..!
صحيفة الانتباهة
مصدر الخبر