ملتقى الدوحة التفاكري .. حقيقة ماحدث
[ad_1]
سودان تربيون : خاص
استضاف مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، ومقره بالدوحة القطرية، يومي (4-5) من شهر أكتوبر2022 لقاء تفاكريّاً حول الانتقال الديمقراطي في السودان، عقب ندوة فكرية عامة عقدها في الثالث من ذات الشهر، بعنوان “أزمة الدولة الوطنية: السودان والطريق إلى الحكم المدني”
لماذا يهم: دار لغط كثيف حول انعقاد الملتقى وأثار سودانيون تساؤلات عديدة حول طبيعة اللقاء وأجندته وطريقة اختيار المشاركين.
مؤامرة، أم محاولة لبناء شرعية توافقية؟
قبل أن تلتئم جلسات الملتقى، وضعه سياسيون وناشطون في دائرة الريب، وتوجسوا من أن يكون “مؤامرة” تتصل بتسوية سياسية تعد في مطابخ دولية وإقليمية.
قال الصحافي والمحلل السياسي “قرشي عوض” لقناة سودانية 24: “إن ما يحدث في الدوحة مؤامرة وتسوية لا تستجيب لخيار الجماهير بالتالي لا يعول عليها”.
قريباً من ذلك جاءت القراءة الاستباقية للفعالية التي نشرها د. محمد جلال هاشم وقال فيها: “إنّ هذا اللقاء مجرد حلقة في سلسلة لقاءات أخرى بغية خلق اصطفاف التوائي وراء الشخصية “الحمدوكية” القادمة، ما يعني أننا بنهاية هذا اللقاء قد نستطيع التعرف على حمدوك الجديد”
في تعليق على هذه المداولات كتب د. عبد الوهاب الأفندي، رئيس معهد الدوحة للدراسات العليا بالوكالة: “هذا الملتقى ليس من شأنه إصدار قرارات أو فرمانات، أو اقتراح دساتير، فضلاً عن ترشيح لهذا المنصب أو ذاك.
ما يتفق المتداولون عليه سيطرح على القوى السودانية للحوار، ولن يكون املاءات”
كيف نشأت وتطورت فكرة تنظيم اللقاء؟
يوضح بكري الجاك، أحد أبرز الوجوه التي ظهرت خلال اللقاء، فكرة الملتقى بانها جاءت في سياق السعي المتصل لاختراق الجمود وحالة الانسداد السياسي الذي أصاب الساحة السودانية،.
ويضيف ” وظّفت مجموعة من السودانيين المقيمين بالدوحة علاقاتها العامة في التواصل مع المدير العام للمركز العربيّ د. عزمي بشارة، واقترحت عليه استضافة لقاء تفاكري بين مجموعة من المثقفين والناشطين السودانيين من مختلف الاتجاهات، يكون مدخلاً لحوار أوسع يقود إلى توحيد القوى الداعمة للتحول الديمقراطي حول رؤى مشتركة، وخلق شرعية توافقية ضرورية من أجل التأسيس للانتقال”.
شبهات أثارها ناقدون حول الملتقى:
• مكان استضافة وانعقاد اللقاء
• طريقة اختيار المشاركين وسرية التداول
• السعي لعقد تسوية ضد إرادة الجماهير
• تسمية مرشح ليكون رئيساً للوزراء
أمسك المشاركون جميعاً عن التعليق، فلم نحصل على تصريح من أيّ منهم، لكن أحدهم أبلغنا أنّهم في انتظار صدور البيان الختامي للملتقى، قبل الإدلاء بأي حديث حول الفعالية، حسب اتفاق جرى بينهم.
في حديث خاص مع المهندس “عمار حامد العوض” أحد صنّاع تلك الفعالية، قال: “إن الهدف الاستراتيجي للملتقى كان هو “إيجاد رؤية مشتركة بين القوى المدنية لاستعادة مسار الانتقال واستدامة الديمقراطية، وعلى ذلك جاء العزم أن تضم الجلسة الأولى من الملتقى ناشطين ومثقفين من السودانيات والسودانيين فيما ستخصص الجلسات الحوارية الأخرى للقوى السياسية المؤيدة للتحول المدني الديمقراطي وممثلين للنقابات المنتخبة ولجان المقاومة، حركات الكفاح المسلح وغيرها من القوى الفاعلة في الساحة السودانية.
أجندة وقضايا للنقاش:
يقول عمار العوض: كان بالفعل قد تم وضع تصورات شاملة لطبيعة الورش والندوات والقضايا التي سيجري النقاش حولها وهي تشمل: “الدولة الديمقراطية والحكم المدني في السودان:
• فهم الأزمة الوطنية والبنية السياسية
• غياب المشروع الوطني وتدخل المؤسسة العسكرية
• العدالة الانتقالية في الدولة المنشودة
• قضايا الدستور الدائم في السودان
• البناء المؤسسي وبيئة الانتخابات في السودان
• تقييم تجربة الفترة الانتقالية السابقة.”
وقال العوض في معرض التعليق على المداولات التي انتظمت الساحة على خلفية انعقاد الملتقى: “إن كل الذي أثير لا أساس له ولا يمت للحقيقة بصلة ولا يخرج عن دائرة التحليلات، إذ لم يكن الملتقى معنياً بتسمية رئيس وزراء بقدر انشغاله بضرورة توحيد رؤى القوى المدنية للانتقال وترسيخ واستدامة التحول المدني الديمقراطي في السودان.
لا أسرار:
في التوضيحات التي ساقها لكشف تلك الشبهات قال الدكتور بكري الجاك: “إن الملتقى لم ينطو على أي أسرار، كما أن الأشخاص الذين تولوا الإعداد والترتيبات اللازمة له هم جميعاً من مربع القوى الديمقراطية، بعضهم مقيم في الدوحة، واتهام هذه المجموعة بأنهم يعملون على إيقاع تسوية هذا اتهام لا يصدر إلا عن سوء ظن بالناس”
بكري الجاك: “لقد كان لهذه المجموعة هدف واحد، معلن وهو تطوير آلية لتوحيد القوى المؤيدة والداعمة للتحول الديمقراطي وخلق توافق حول رؤية الانتقال الديمقراطي.”
عينة عشوائية:
كان الاختيار لأعضاء المجموعة التي وضعت المقترح ومن ثم مشت به حتى اتسعت الدائرة باختيار المشاركين، كان الاختيار، على أساس أكاديمي وعلى أساس النشاط في العمل الثوري، لم تحدث مفاضلة خلال العملية بقدر ما أنها كانت “عينة عشوائية” وفي المنهج العلمي فإنّ العينة العشوائية لا تفسر ولكن يراعى أن تضمن فرصاً متساوية للعناصر جميعاً، هكذا عبّر الجاك الشخص الأبرز في ذلك الملتقى.
مركز دراسات النزاع يوضح:
لأول دوران الجدال في الخرطوم حول الملتقى بادر مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني لإصدار بيان صحافي جاء فيه: “قد نما إلى المركز أن ثمة تداولات بخصوص تلك الاستضافة، ومن ثَم نجد أنّ من الضروري التوضيح أنّ اللقاء التفاكري، الذي يشارك فيه مثقفون سودانيون من توجهاتٍ سياسية وفكرية مختلفة، هو مبادرة سودانية خالصة، وأن مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني وافق على استضافتها على أساس الفائدة الأكيدة المرجوة منها للسودان وشعبه، وهي تُعد تمهيدًا لحوارٍ بين قوىً أخرى، لاحقًا، وصولًا إلى حوارٍ جامعٍ بين كل القوى السياسية في السودان.”
غسان الكحلوت، مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني: “يعمل المركز على مساندة الجهود العملية المتمثلة في الحوار وتحقيق السلام، ومن ذلك تنظيم الورشات وتسهيل الحوارات الوطنية متعددة المسارات التي تسعى لخدمة عملية السلام، من خلال بناء أرضيات مشتركة.”
هل من تجارب مماثلة؟
استضاف المركز العربي ومركز دراسات النزاع بالدوحة أنشطة مماثلة عديدة إذ حلت المعارضة السورية والمعارضة التشادية بذات المنبر كما احتضنت الدوحة عملية التفاوض والحوار بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة وطالبان
كيف عملت الدوحة على استعادة سلطة المثقف؟
لم تكن هذه المرة الأولى فقد سبق أن استضافت الدوحة منابر عِدة للحوار بين مثقفين سودانيين، لأول الأمر، كانت أغلب القضايا المتعلقة بالسودان يجري نقاشها في الدوحة، حيث انعقدت سلسلة حوارات بدأت بندوة نظّمها مركز دراسات الجزيرة عقب إعلان نتيجة الاستفتاء بانفصال جنوب السودان (2011) وناقشت مآلات الأحوال في البلدين بعد قيام دولتين.
انتقل ملف النقاشات السودانية في العام 2012 إلى المركز العربي، هناك نظم د. النور حمد ود. عبد الله علي إبراهيم مائدة مستديرة تحت اسم (استعادة سلطة المثقف) كانت تلك أولى الاختراقات التي قادها مثقفون سودانيون من كل الأطياف بما فيهم موالون لنظام البشير الحاكم آنئذٍ، ومن ثمَّ انعقدت في العام 2013 ندوة أخرى من أجل قراءة حاضر ومستقبل السودان، وفي ذروة الحراك الثوري استضاف ذات المركز مثقفين سودانيين في نوفمبر من العام 2019 للتداول حول قضايا الانتقال الدستوري في السودان وكانت تلك امتداداً لسابقاتها من الحوارات.
المصدر