السياسة السودانية

مع اتساع دائرتها .. اجتماعات (جبريل) بـ واشنطن .. هل تنقذ الوضع الاقتصادي..؟

* شيخون: الزيارة لا فائدة منها في ظل وجود حكومة انقلابية يرفضها المجتمع الدولي ولا يعترف بها

* كرار: زيارة جبريل لواشنطن سياحية ليس أكثر، وحصادها (صفر)، ومشكلة الاقتصاد حلها في الداخل

* هيثم: المؤسسات الاقتصادية الدولية لها تحفظاتها على ما حدث في 25 أكتوبر من العام الماضي، والاقتصاد السوداني يعيش أسوء حالاته

توالت الزيارات من المسئولين السودانيين إلى الخارج، في وقت تجترّ فيه العاصمة السودانية الحديث عن التسوية السياسية ما بين الرفض والقبول وما هو المتوقع في شهر اكتوبر الجاري، بخلاف جانب أن السودان يعاني من أوضاع اقتصادية حرجة بعد توقف الدعم الدولي والمشاريع الأممية والدولية بسبب إجراءات قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر الماضي. وحيث تحسنت العلاقات بين السودان وواشنطن في عهد رئيس الوزراء السابق د. عبدالله حمدوك بعد فك حصار دام أكثر من 27 عاماً، بعد ذلك تراجعت هذه العلاقات عقب انقلاب 25 أكتوبر إلى أدنى مستوياتها مع المجتمع الخارجي، وعقب هذه الزيارة الأخيرة إلى واشنطن الأسبوع المنصرم، وسط تساؤلات عن مدى الاستفادة من هذه الزيارات، وما الذي يمكن أن تجنيه هذه الزيارات؟

معالجة الديون
وتزامناً مع السلطات القائمة المشاركة في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين التي تم انعقادها بواشنطن خلال الفترة من 10-16 أكتوبر الجاري. كان هناك حضور وفد من السودان للمشارك في الاجتماعات برئاسة وزير المالية جبريل إبراهيم، ولقاءات مع مؤسسات التمويل العربية والإقليمية والدولية، بجانب عقد إجتماعات مشتركة مع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية بالدول الأعضاء المشاركة في الاجتماعات.
وسوف يناقش الوفد السوداني العقبات التي تعترض معالجة ديون السودان الخارجية وفرص استفادته من المبادرات الدولية لإعفاء الديون ويستعرض الوفد التطورات والإصلاحات الاقتصادية الجارية وهذا بحسب التصريحات الصحفيه التي اطلعت عليها (الجريدة)، كما ناقش إحتياجات السودان في مجال العون الفني.

والجدير بالذكر، علقت الدول الغربية والمؤسسات المالية العالمية خطوات إعفاء نحو 50 مليار دولار من ديون السودان، فور تنفيذ قائد الجيش عبد الفتاح البرهان انقلابا عسكريا في 25 أكتوبر 2021.
لا سيما أن السودان وصل إلى نقطة القرار في مبادرة الهيبك التي تتيح له إعفاء جزءا كبيراً من ديونه في 29 يونيو 2021، بعد تنفيذه برامج إصلاح اقتصادي قاسٍ، تمثل جانب منه في رفع الدعم عن الوقود والكهرباء والخبز.

بدون جدوي
” زيارة واشنطن لن تقدم شيء للبلاد ولا تأخر، فهي ضياع للزمن” هكذا ابتدر حديثه عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير والخبير الاقتصادي د. محمد شيخون، الذي استبعد في حديثه لـ(الجريدة) من أن تكون هناك ثمار للبلاد لهذه الزيارة في ظل وجود حكومة انقلابية حتى المجتمع الدولي لا يعترف بها. ورهن شيخون لن يشهد السودان أى تغيير اقتصادى وسياسي إلا مع تضافر الجهود العربية والغربية الامريكية وأن تنحاز إلى الهبوط الناعم في تشكيل الحكومة المدنية. وأشار الخبير الاقتصادي لن يستفيد وزير المالية الانقلابي شئ من هذه الزيارة لصالح البلاد في ظل هذا الوضع إلا إذا كانت في حدود ليس لها صلة بالزيارة.

زيارة سياحية
وبلهجة حادة هاجم الخبير الاقتصادي كمال كرار وزير المالية والتخطيط د. جبريل ابراهيم، على خلفية مشاركته في الاجتماع المشترك السنوي لمجلس أمناء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وقال كرار لـ(الجريدة) البلاد في وضع انقلابي، وأن جبريل يريد أن يكرر تجارب الوزير السابق إبراهيم البدوي والذي وصل الاقتصاد الوطني إلى مرحلة الانهيار. ووصف زيارة جبريل إلى واشنطن بأنها زيارة سياحية ليس إلا، مؤكداً أن حصاد زيارة واشنطن (صفر)، ويرى أن مشكلة الاقتصاد حلها في الداخل وليس الذهاب بها وإيجاد الحلول لها في الخارج، تابع: كان الأفضل أن يتجه إلى كيفية تطوير الانتاجية و موارد البلاد بدلاً عن ضياع الوقت في الخارج، وانتقد الخبير الاقتصادي كمال كرار ذهاب جبريل باسم السودان، وأبان أنه لا يمثل إلا نفسه، وزيارته لا تستند على أي شرعية، وقطع حديثه: الاقتصاد الوطني لن يتعافى إلا بالتحول الديمقراطي بوجود حكومة مدنية.

الوصول إلى اتفاق
وحول زيارة جبريل إبراهيم وما الذي يمكن أن تجنيه هذه الزيارة، قال الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي لن يكون هناك أي تقدم في هذه العلاقات بين السودان والمؤسستين العالميتين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وعزا ذلك إلى أن المؤسسات الاقتصادية الدولية لها تحفظاتها على ما حدث في 25 أكتوبر من العام الماضي، التي لم تتغير بتشكيل وجود حكومة مدنية والعودة لما قبل 25 أكتوبر، وأفاد في حديثه لـ(الجريدة) إذا تم التقدم نحو تحول سياسي بالاتفاق سوف يكون هناك تقدم ملحوظ، وتعود المنح والدعم مرة أخرى إلى البلاد التي تم تنفيذ جزء بسيط منها وشرط المجتمع الدولي التحول الديمقراطي وتشكيل حكومة مدنية، واستذكر فتحي أن الحكومة السودانية بدأت في خطوات مهمة جداً في تنفيذ شروط النقد المتمثلة التي في الاصلاحات الاقتصادية برفع الدعم عن كثير من المنتجات الأسياسية واتباع سياسة التحرير، وأضاف: أتوقع إذا تم الاتفاق بين القوى السياسية المدنية والمجلس العسكري وعادت الحياة إلى ما قبل 25 سوف تستأنف هذه المؤسسات الدولية علاقاتها مع السودان، وتابع حديثه أن الاقتصاد السوداني شبه منهار ويعيش أسوء حالاته، ارتفاع في الأسعار وأرقام كبيرة في التضخم، واسترسل: الاقتصاد السوداني وصل مراحل لم يعشها منذ فترات سابقه، لذلك هذه الضغوط الدولية ليس فقط من المؤسستين الدوليتين فقط، بل هناك بعض الممارسات والضغوط من الدول الشقيقة والصديقة في الخارج حجبت وعودها من تقديم المنح بعدما بدأت في تنفيذ قليل من الدعم للسودان، بعد التغيير الذي حدث في 19 أبريل 2019، إلا أنها امتنعت تماماً ووضعت شرط الاتفاق بين القوى السياسية والمجلس العسكري. مشيراً إلى أن السودان في حوجة الوصول إلى اتفاق سياسي بين العسكر والقوى السياسية لتحقيق الوفاق الشامل، من أجل خلق بيئة اقتصادية صحية تساعد على الانتاج والتصدير والاستيراد، لتقديم خدمات أساسية للمواطنين وعودة الحياة الطبيعية إلى البلاد.

وأردف أن السودان أصبح شبه غير صالح للاستثمار ناهيك عن المستثمر الأجنبي، فضلا استقرار يساهم في جذب الاستثمارات إلى السودان وخلق مناخ يساعد على استقرار الاستثمار الوطني. وزاد: حديث وزير المالية فيه نوع من العقلانية بأنه لن تكون هناك وعود ما لم يتم تنفيذ الشرط الذي يمكن أن يحقق كثير من الحلول بخروج الاقتصاد الوطني من عنق الزجاجة، لذلك يجب أن تشهد البلاد في البدء استقرار أمني وسياسي ثم العودة إلى الوعود الخارجية والعمل على إعفاء ديون السودان والعودة إلى المجتمع الدولي.

زيارة غير موفقة
وفي ذات المنحى، قلل الخبير الاقتصادي د. عبد العظيم المهل من زيارة وزير المالية د. جبريل إبراهيم إلى واشنطن، وقال في حديثه لـ(الجريدة) أنها لم تكن موفقة لا من حيث التوقيت ولا اختيار الأفراد في الوفد المصاحب مع جبريل، ويرى أنه كان على وزير المالية أن يضع في الاعتبار أن هذه الزيارة كان الأفضل أن تكون قبل تشكيل الحكومة المدنية أو بعدها بعد المدنية، ولفت المهل أن جبريل استبق هذه الزيارة وهو يعلم رؤيتهم كيف ستكون والأفضل لو أتت بعد الحكومة المدنية، وأشار الخبير الاقتصادي أن زيارة المسؤولين إلى الخارج دائماً تتم بتأني تحديداً فيما يخص الوفد المصاحب، الجلوس مع المجتمع الدولي وصندوق النقد يحتاج إلى “أختصاصيين” يتم اختيارهم بعناية ويتمتعون بصفة القبول في العالم الخارجي، وأضاف لذلك نواجه اشكاليات في تحديد الزمن المناسب في الزيارات الرسمية وهل ما إذا كانت هذه الزيارات لها ثمارها وعائدها أم لا؟

الخرطوم: مآب الميرغني
صحيفة الجريدة

ehtimamna


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى