السياسة السودانية

مصر على خط الأزمة السودانية …هل تفلح في حل التقاطعات؟

أديس أبابا 3 مايو 2024- أعلنت الحكومة المصرية الأسبوع الماضي عزمها جمع القوى السودانية نهاية يونيو الجاري في خطوة جديدة لحل الأزمة الناشبة في السودان مع تفاقم أوضاعه جراء الحرب الممتدة لأكثر من عام.

وأثارت الدعوة تساؤلات عديدة حول توقيتها وأهدافها وفرص نجاحها في ظل انسداد طرق الحل للأزمة السودانية، وتباعد المواقف بين قواها السياسية.

وبينما حظيت الدعوة المصرية بترحيب قوى حليفة للجيش على رأسها الاتحادي الديمقراطي الأصل والكتلة الديموقراطية وأحزاب أخرى،يؤكد نائب رئيس الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” الهادي إدريس، لـ«سودان تربيون»، عدم تلقى دعوة حتى الآن من الحكومة المصرية بشأن اجتماع القاهرة وتابع: “سمعنا بالدعوة في وسائل الإعلام ولم نتلقها ولا نعرف تفاصيلها لذلك بعد تسلمها لكل حدث حديث”.

كما يؤكد القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي وجدي صالح، لـ«سودان تربيون»، إطلاع الحزب على الدعوة المصرية من الوسائط الاعلامية فقط، مبديا تأييده لكل “جهد صادق” يوقف الحرب وينهيها ويعيد الأمن والاستقرار للبلاد.

وشدد وجدي، على أهمية معرفة أجندة الاجتماع وأطرافه وأهدافه وبالتالي يشير الى أنه من السابق للأوان تحديد موقف من هذه المبادرة قبل الإطلاع عليها وما تحتويه ومن ثم الحكم عليها.

ويرى القيادي، أن الاتجاه الصحيح لإيقاف الحرب هو بناء جبهة شعبية واسعة من أجل وقف الحرب والتغيير والسير في طريق تحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة.

واشترط صالح، حشد ارادة الشعب صاحب المصلحة الحقيقية في جبهة واحدة لإيقاف الحرب، معتقدا وبغير ذلك سيكون الجميع بعيدين تماما عن الحلول التي يمكن أن توقفها وتحقق الأمن والاستقرار في البلاد وتقيم دولة المواطنة التي يتطلع لها الشعب السوداني.

من جهته يرى رئيس حزب البعث السوداني يحيى الحسين، لـ “سودان تربيون” إن المبادرة المصرية جاءت بعد أن اجمع الشعب السوداني على أن الحوار المؤهل لعلاج الأزمة المعقدة لإنهاء الحرب والمرحلة الانتقالية هو الحوار السوداني -السوداني داخل البلاد عبر مؤتمر جامع ومائدة مستديرة على الا يقصي أحد وبعيدًا عن التأثير الأجنبي.

ويضيف ” من حق مصر علينا أن تكون المراقب الأساس والضامن لمخرجات ذلك الحوار فهي مرحب بها من كل السودانيين”.

إجراءات مطلوبة

وقال رئيس تحالف قوى الحراك الوطني التجاني سيسي، في حديث لـ”سودان تربيون” إن التحالف سبق وقدم منذ الثورة برنامجا توافقيا لإدارة الفترة الانتقالية. ولفت إلى أن السودان وقتها وما زال يعاني الكثير جدا من الاستقطابات السياسية والجهوية والقبلية مما أدى إلى خلافات ونزاعات بين القوى السياسية فكانت الحرب الدائرة الآن واحدة من المآلات.

وتحدث سيسي، عن طرح مشروع لحل الأزمة حتى بعد الحرب لكن في الوقت نفسه قرروا التعاطي مع كل المبادرات المحلية والإقليمية والدولية والتي من شأنها أن تؤدي إلى حل للأزمة السودانية.

ويرى رئيس التحالف، إن المبادرة المصرية جاءت في ذاك الإطار، معتبرا أن لمصر دور إقليمي ودولي يمكنها من لعب دور في احتواء الازمة السودانية خاصة أن الدعوة المصرية أكدت على ضرورة شمولية التمثيل.

واعتبر أن الحل للازمة السودانية، يمكُن في “مؤتمر سوداني- سوداني” شامل دون اقصاء لجهة أن مسألة الإقصاء يُمكن أن تشكل اصطفافا مضادة ويمكن ان تعيق أي حلول الأزمة السودانية.

وشدد سيسي، على ضرورة أن تسبق المؤتمر مشاورات كثيرة جدا مع القوى السياسية المتمثلة في الكتل السياسية والإعداد الجيد حتى يضمن نجاحها.

خطوط التواصل

وير الباحث والمتخصص في الدراسات السياسية د. عباس صالح، في حديث مع “سودان تربيون”، ان نجاح مصر يستند في حفاظها على خطوط تواصل مع كافة أطراف الصراع في السودان وجميع الأطراف السياسية أيضاً.

ويعتقد في الوقت نفسه، أن تحركاتها أيضا محكومة إما بسقف هواجس مهددات أمنها القومي التي تدفعها أحيانا للتحرك جراء استمرار الصراع في السودان، أو التنافس مع دول إقليمية أخرى مسميا إثيوبيا التي يقول إنها استثمرت في بعض الأطياف السياسية وفي أحد أطراف المعادلة العسكرية.

ويجزم الباحث بأن ملف السودان أصبح محل صراع وتنافس بين الكتل الإقليمية والدول على حد سواء، إذ أصبح هذا الصراع معادلة صفرية فخسارة طرف هي مكسب للطرف الآخر والعكس صحيح.

ويعتبر عباس، أن فقدان الثقة في المنظمات الإقليمية على رأسها الاتحاد الأفريقي ويغاد من قبل أحد الطرفين والأطراف السياسية الداعمة لهما، يقدح في حياد هذه الآليات مما يهدر فرص الحل ويطيل من أمد الصراع والمعاناة في البلاد.

وينوه إلى سيطرة هاجس الشك والخوف على أي تحركات لأي طرف خارجي والنظر إليه كفاعل متحيز أكثر منه وسيطا محايدا قد ينجح في تقريب وجهات نظر ومواقف مختلف الأطراف: فعلى الدوام هذه التحركات أو المبادرات إما أنها أصبح ينظر إليها على إنها تخدم مصلحة خاصة بهذا الطرف أو ذلك، أو أنها تخدم طرف غير مرئي يسعى لتحقيق مصالحه وراء هذه المبادرات.

ويعتقد المحلل السياسي محمد إدريس، في حديث لسودان تربيون، إن أولوية النظام المصري حالياً هي المحافظة على علاقاته مع الجيش السوداني، علاوة على اثبات وجودها بعد استضافة أثيوبيا لإحدى الاجتماعات الخاصة بالقوى المدنية مثل “تقدم”.

ويأتي التنافس الإقليمي على رأس تقديرات إدريس، بين إثيوبيا ومصر وسط ضعف الدور الرسمي للاتحاد الأفريقي و”إيقاد”.

وتبدو ثمة مخاوف أيضاً في تقديرات إدريس، داخل النظام المصري بشأن تمدد قوات الدعم السريع شمالاً وهو ما يشكل خطرا على الدولة المصرية ومصالحها.

ويعتبر إدريس، أن القاهرة بدأت جادة في التحرك من نقطة الثقل إلى الحياد بعد تغير المعادلات الإقليمية وتوجهها نحو دعم القوى المدنية ومحاولة توحيدها للضغط على أطراف الحرب.

موقف الحكومة

ورحبت الخارجية السودانية بالدعوة المصرية لكنها دعت لاستصحاب جملة من الرؤى لضمان نجاح المؤتمر، من بينها وجود تمثيل حقيقي للغالبية الصامتة من الشعب السوداني، “ممن سفكت دماؤهم وانتهكت أعراضهم ونهبت ممتلكاتهم وهجروا قسريا”، والذين تعبر عنهم المقاومة الشعبية. ودعت في بيان كذلك لتوضيح من هم الشركاء الإقليميون والدوليون الذين سيحضرون المؤتمر، وما هي حدود دورهم، خاصة أن المؤتمر يقصد منه الوصول لرؤية سودانية خالصة.

وشددت على أنه لن يكون مقبولا للشعب السوداني أن يحضر المؤتمر من وصفتهم بـ”رعاة مليشيا الدعم السريع الإرهابية، الذين يواصلون إمدادها بالأسلحة الفتاكة، لقتل الأبرياء وانتهاك الأعراض، وتدمير البنيات الأساسية للبلاد”.- في إشارة لدول الامارات وتشاد

كما تمسك البيان بعدم مشاركة الاتحاد الأفريقي و”إيغاد”، ما لم يسبق ذلك بدء خطوات فعلية لرفع تجميد نشاط السودان بالمنظمة القارية، وأن تصحح المنظمة موقفها الذي ينتهك سيادة السودان، حتى تكون محل ثقة الشعب السوداني، بما يمكنها من حضور مؤتمر كهذا.

 


المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى