محمد عبد الماجد يكتب: الجيش (خط أحمر)
(1)
دخل (الجيش) السوداني في الحياة السياسية بصورة سافرة ، واصبح بين البصلة وقشرتها (قوة عسكرية). ترك الجيش ملعبه (العسكري) الذي يجب ان يكون فيه، ليتيح الفرصة لأجسام موازية حلت محله وشغلت مكانه وعسكرت حياتنا كلها.
تكوين (الجيوش) الخاصة والإعلان عنها اضحى يتم على طريق الاعلان عن افتتاح (المحال) التجارية وصالات الافراح.
انشاء (جيش) اصبح اسهل من انشاء (ناد) رياضي في احد الاحياء او (نادي) مشاهدة، بعد ان اصبحنا نسمع بين الفينة والأخرى عن ظهور (جيش) جديد – والسلطة تتفرج على هذا الانتاج من (الجيوش) الذي فاق انتاج الفراخ والبيض والعلف.
كل من هب ودب انشأ له (جيشاً).
اين كرامة (القوات المسلحة) وكيف تسمح الحكومة السودانية هي حكومة (عسكرية) ان تهان وتضام كرامة (الجيش) السوداني بهذه الصورة؟
لو كانت هنالك حكومة (مدنية) لما سمحت بهذا (الضيم) الذي تتعرض له القوات المسلحة.
دولة يتواجد فيها (10) جيوش امر يحسب على (الجيش) القومي ويخصم منه.
الفوضى التى تعيشها البلاد الآن والتفلتات الامنية التى يعاني منها الوطن هي افراز طبيعي لهذا الكم الهائل من (الجيوش).
القائد العام للقوات المسلحة الفريق اول عبدالفتاح البرهان في كل خطاباته يهاجم الاحزاب وينتقد ممارستها للسياسة في الوقت الذي ترك فيه البلاد مرتعاً للجيوش تتكاثر وتتكون فيها بصورة تلقائية.
هذه الوضعية المخيفة يمكن ان تجعل الاحزاب السياسية على الطريقة اللبنانية والعراقية تكوّن اجنحة عسكرية خاصة بها ، ليكون لكل حزب سياسي جناح عسكري، كما يحدث في الكثير من القبائل والحركات المسلحة التى تمتلك المليشيات والكتائب المسلحة.
الشيء الذي يدعو للتساؤل من اين هذه الجيوش قدرة على ذلك الصرف والميزانيات.
الحركات المسلحة قبل اتفاقية السلام عندما كانت تحارب كان منطقي ان تمتلك (جيوشاً) تحارب بها .. لكن الآن وبعد توقيع اتفاقية السلام لماذا تحتفظ الحركات المسلحة بجيوشها وهي في قلب الخرطوم؟
(2)
رئيس مجلس نظارات البجا والعموديات الناظر محمد الأمين ترك، هدد بانفصال الشرق عن السودان حال لم تشملهم العملية السياسية الجارية.
جيوش من اجل المتاجرة والاتبزاز بالانفصال والمزايدة باستقرار الوطن وامنه.
شرق السودان والميناء الرئيسي في البلاد اصبح مثل (الهاتف السيار) عندما تكون بطاريته سيئة، قابل للإغلاق في أي لحظة.. فقد ظل الشرق والميناء عرضة للفتح والإغلاق بحسب الحالة المزاجية لرئيس مجلس نظارات البجا.. تلك الوضعية تؤثر في استقرار البلاد وأمنها واستقرارها واقتصادها والبرهان لا حيلة له غير مهاجمة الاحزاب والسخرية منها وهو على رأس سلطة تفتقد ان تبسط الامن في قلب الخرطوم.
المدنيون لا يعارضون بهذه الطريقة ولا يهددون بالجيوش ولا يسعون حتى لتكوينها.
(3)
زعمت مواقع اخبارية (يمنية) عن وجود اتفاق جديد بين وزارة الدفاع السودانية ونظيرتها اليمنية وقعه الوزير اليمني محسن الداعري ونظيره السوداني ياسين إبراهيم على نشر قوات سودانية اضافية في اليمن وتضمن الاتفاق بنداً بتمديد وجود القوات السودانية في اليمن، مشيرة إلى أن الاتفاق تم برعاية من التحالف ووساطة إماراتية.
بينما السودان يعاني من الفوضى والتفلتات وتعلن القبائل من حين لآخر عن تكوين جيش وتدعو للانفصال .
(4)
نظّمت قوات “درع السودان” في أول نشاط لها عرضاً عسكرياً يوم السبت 17 /12 /2022 بمنطقة الجبال الغُر في سهل البطانة وسط السودان. وأكّد عضو هيئة القيادة في درع السودان “وليد الشوبلي” لسودان تربيون: “أن إظهار القوة الذي جرى بالبطانة يمثل قطاعاً واحداً، قوامه 35 ألف جندي وأن العدد الكلي للمقاتلين في كافة القطاعات يزيد عن ذلك بالآلاف”.
هكذا على عينك يا حكومة!!
ماذا بعد هذا؟
(5)
في نوفمبر 2022 أعلنت جماعة من الضباط المعاشيين من داخل الخرطوم عن تأسيس حركة مُسلحة تحت مسمى “كيان الوطن” قالوا إنها تسعى لإلغاء اتفاق جوبا للسلام الذي وقعته الحكومة الانتقالية عام 2020 مع حركات مسلحة من إقليم دارفور وغيرها.
درع الوطن وكيان الوطن … في وجود الجيش …ابعدوا الوطن من تجارتكم تلك.
لا شيء يضر بالوطن اكثر من هذه (الجيوش) التى تحمل اسم الوطن وتدعي زوراً الدفاع عنه .. وهي تهدم في امنه واستقراره.
الحكومة (المدنية) والرئيس (المدني) ما كان يمكن ان يقبل بهذه الحالة.
اذا لم يعد الجيش الى (ثكناته) نحن على موعد ان يكون في كل حارة وحلة وشارع وزقاق (جيش خاص).
(6)
بغم
الاحزاب خلوها اقرعوا الجيوش!!
مشكلة البلد في (القبلية) وليس في (الحزبية).
وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).
صحيفة الانتباهة
مصدر الخبر