محمد حامد جمعة: خميس الزين
[ad_1]
للخميس طقوس خاصة عندي . إذ أحرص فيه منذ المغرب على أن تنغلق عين الشمس على أفق عودتي . وعليها تهبط . أتخفف من المفاتيح ومحشود الجيوب بالأوراق أغتسل واميط أذى شمس اليوم . انفض كرأسي كوسادة ريش متربة فانشط من عقال ساعاتي السابقة . أخرج مع نفثات مؤذني المساجد وهو يختبرون (المايكات) يضحكني إستفتاح أحدهم (بأوف) كانها يوقظ بها اللاقط الذي سيتلقى التكبيرة . سألت نفسي مرة ماذا أن اختفت الكهرباء لحظة أوف هذه ! ثم العن الشيطان إذ تيقظت مع مرقد كلب جارنا (عبد الجليل) هذا شخص اخر غير المذكور في كتاب المطالعة ! لمن يعرف تلك الأيام . فهو بالواقع كلب كسول ضخم الجثة . متبطل يتحول من وحل الى ظل شجرة لا ينبح إلا ان عبرت انا ! لذا تحوطت بحجرين وشد حزامي . فكعادته سينتفض قبالتي فالزم قبضة الحجر الطوبي . يهز شدقية وأهز نوابض قلبي . فإن تجاوزته لعنته وشيعني هو بنبحة
2
بعد مسافة سير ابلغ الازقة خلف طلمبة حجازي . اقصد المصلى المرمل المسيج بطوب والممدة عليه ثلاثة فرشات . تروقني الصلاة هناك جماعة . ليس لدينا إمام راتب . شعارنا من كل حقل زهرة . مرات يؤمنا صاحب مطعم مجاور . أحيانا عامل طلاء . مرات نافخ كير الإطارات . ومرات انيق بربطة عنق . أظنه من القانونيين بمكاتب مجاورة . نصطف . تلتقط مسامع شمي روائح الزيوت والشحوم . مزيج العرق على الابرولات . صغار الصنايعية بعض طلاب جامعة السودان . سابلة لم اميز هوياتهم . ترتفع اكفنا وتهبط . ينقضي فرضنا . ادخل في حالت صمت . همهمة التسبيح تعلو . تلاوة مسبوق تأخر . لاحظت ان الكل يسترخي في توهان محير . استعيد التقاط الملامح . تعلوني حالة إرتياح _كالعادة_ من غلبة الشباب وتستملح ذائقتي أحساس تمدد اليقين بالبركة والحرص والمواظبة على شعيرة . للحظة اننا في هذا المشهد بسطاء طبعهم يقين ونبيل . قلت لنفسي حلو هذا الشعور بثنائية العمل والطاعة على بساط الرمل حيث نضع جميعا جباهنا لمن يفك الكرب في اقرب مقام عند السجود
3
صافحت مجاوري الذي شعرت انه تحسس من سواد بقايا الزيت حينما مست ساقي ساقه . هززت يده اقول حرما . علاني الشاب المهذب الابتسامة ببشر منعش . مازحت الإمام الذي كان يرتدي فانلة كتب على جانب اسم (تايتنك) بحروف موشمة على قميصه . قارئ جيد وصوته رائع و(صلاته ممهولة) قلت أظنك أدخرت لتلك الباخرة المنكوبة حضرة تطهير سقطت من رواية ذاك البطل الذي كان يعزف لحن مهجن بين موسيقى كلاسكية ومزمور ! إبتسم بلطف وقال ممكن ؟! ما عارف والله . نتفرق . يعود بعضهم الى معافرة الحديد واخرين الى طي حسابات اليوم . البعض يقصد مسالك العودة لام او زوجة او واجب فيما انصرفت الى مجلس شلتي . اتخير مقعدي . اتكلف بعض التحايا خاصة فيما لم اعرف . استدعي عامل القهوة (ود اللواء) ولا اعرف هل هذا نسب لوظيفة والده ام بعض تقريع من ملاطم الدنيا على وجه الصبي . تستقبلني (حياة) بتلك البشاشة الاسطورية . خاصة حينما (ارطن) معها بتحية المساء . المح تململ (عثمان) وإستياء (نادر) اقول في سري قاتل الله الحساد من السودانيين . اطلب كوب الشاي باللبن _بالحقيقة اشرب أثنين_ على فاصل زمني . حينما يبلغني الكوب الأول اقول لنفسي بارك الله فيك . اتحسس الرشفة الأولى اقول مستطعما بطام ارف نو . يصيح عثمان ..إن شاء الله ينفعك . اكتفي بضحكة خاطفة . يهاتفني الصحفي الزين عثمان يا استاذ عاوز افادة ؟ لتقرير صحفي . _احب هذا الفتى جدا _ فيختفي لؤمي واقبل طلبه واجيبه لكن اقول سرا خفية بعيدة عنه انتو ورانا ورانا ..صحافة صحافة .
محمد حامد جمعة
مصدر الخبر