متى نستشعر خطرنا على أنفسنا؟
[ad_1]
شمائل النور
(نستشعر خطر التشظي يوماً بعد يوم، إذ يتبين من خلال مؤشرات دولية تنشط في ملف السودان، أن هناك اتجاه لإعادة صياغة التفاوض، ذلك بأن يتفاوض (الجيش والدعم السريع) كحكومات وليس كقادة جيوش، وليس بعيداً عن ذلك حكومة ثالثة في جنوب كردفان بقيادة الحلو، والكرة لا تزال في ملعب السودانيين).
أعلاه ما نشره مني أركو مناوي؛ حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة تحرير السودان الموقعة على اتفاق جوبا للسلام 2020. قد ينظر كثيرون إلى هذا الحديث من زاوية مبالغات السياسيين السودانيين المعهودة والتي يريدون عبرها إرسال رسائل لا تتعدى مكاسب ذاتية.
غير أن ما قاله مناوي، هو قديم متجدد يطل برأسه كلما تشظى الوضع، ولطالما أن الحروب تأتي بعدها تغيرات هائلة فإن هذا وقت مناسب لإعادة هذا الطرح، والمسؤولية ينبغي أن تجبر مناوي وغيره من الفاعلين السياسيين حالياً على أن يكشفوا ما يجري في الكواليس حول السودان، وإن كان مناوي أشجعهم رغم أنه كشف بعض واحتفظ ببعض.
الحقيقة أن تقسيم السودان بدأ فعلاً بجنوب السودان الذي أعلن دولة جديدة فيه ورغم فشل التجربة التي لم تقدم إلا تمديد رقعة الحروب والصراعات المسلحة إلا أن الفاعلين الدوليين يبدو أن موقفهم لم يتغير بشكل جذري إزاء التقسيم مع اشتداد الصراع حول السلطة.
وعادة الأحاديث حول ”المخططات الدولية“ تُطرح على نحو يشبه الأساطير لذلك لا تلقى اهتماماً عند عامة الناس، فينظرون لها من باب ”محاولات تخويف من السياسيين“ عطفاً على أن الفاعلين السياسيين لا يطرحون هذه القضايا بالشكل الجدي الذي يليق بها كونها تتعلق بمصائر الأمم.
تحدث عن هذا المشروع بشكل صريح رئيس الحركة الشعبية؛ مالك عقار إبان انقسام الحركة بعد انقلاب عبد العزيز الحلو على عرمان وعقار، واتهم الحلو بأنه يتبنى مشروع دولي لتقسيم السودان، وزاد على ذلك بأن الحلو وعقب عودته من جولة خارجية -وقتذاك- ناقش كادر الحركة عن إمكانية تقسيم السودان إلى خمس دول.
وقبله تحدث الرئيس المعزول؛ عمر البشير ولأول مرة صراحة، كان ذلك عقب انفصال جنوب السودان وفي فعالية تنظيمية داخل حزبه، أبدى البشير ندماً صريحاً على رضوخه لفصل الجنوب.
ربما لا جديد كلياً في مشروع التقسيم، القديم المتجدد، لكن الجديد هو لمن تكون الغلبة بعد إيقاف الحرب، للقوى المدنية أم العسكرية، وما حظوظ استئناف الانتقال المدني بعد وقف الحرب؟
أظن هذا ما دفع مناوي لكتابة هذا التحذير. وهو منطلق فيما يبدو من حديث السفير الأمريكي جون جودفري مع بعض القيادات والذي طرح خلاله السؤال حول إمكانية أن تقبل القوى السياسية والحركات المسلحة التفاوض بين ”الجيش والدعم“ كحكومات وليس كقادة جيوش، وهو حديث في طور تشكيل موقف وليس نهائي.
وطبعا مخاوف مناوي هي مخاوف كل القوى السياسية والحركات المسلحة، فإذا ما تم ذلك يعني أن القوى السياسية والحركات لن يكون لها أي دور فاعل في التفاوض ولا في مرحلة ما بعد التفاوض، بل لن تكون إلا مقطورة للطرفين الرئيسيين.
لأن عملية التفاوض سوف تنحصر بين طرفين رئيسيين (الجيش والدعم)
ويبدو أن المبررات الأمريكية هنا تنطلق من محاولات جادة لتفادي ترهل القوى السياسية وتشظيها وانقساماتها الحادة واصطفافها بين (جيش – دعم) وحصر التفاوض فقط على الأطراف المتقاتلة كحكومات عسكرية.
وهذا إن تم يعني بلا أدنى شك أن حظوظ الانتقال المدني تتراجع على نحو مخيف، وأن أصحاب اليد العليا سيكونوا حملة السلاح الرئيسيين بما في ذلك رئيس الحركة الشعبية؛ عبد العزيز الحلو الذي مدد رقعة سيطرته خلال فترة حرب الخرطوم.
الترياق الوحيد لاستئناف الانتقال المدني هو أن تستشعر القوى السياسية والحركات المسلحة الخطر، وللأسف هذا لم يحدث بعد، لم يحدث على النحو الذي يستحق.
الخطر ليس في مشروع تقسيم هو بأيدينا، الخطر الحقيقي هو تمدد التشظي والاصطفاف داخل الكيانات المدنية والسياسية والحركات المسلحة، لصالح الحكومات العسكرية وهذا وحده قادر على التقسيم.
المصدر