ما دوافع وأبعاد زيارة مسؤول إماراتي لدول جوار السودان؟
انجمينا 29 نوفمبر 2024 – انهى وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة شخبوط بن نهيان آل نهيان،خلال الأسبوعين الماضيين جولة شملت دول جوار السودان ، شملت تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى وأوغندا.
وبحسب وزارة الخارجية الإماراتية فإن الزيارة تهدف إلى تعزيز التعاون مع هذه الدول، فيما اعتبرها مراقبون زيارة نادرة لمسؤول إماراتي بهذا القدر من الكثافة إلى دول أفريقية في ظل استمرار وتكثيف القتال في السودان.
ويتهم السودان الإمارات بنقل ودعم وتقديم مساعدات عسكرية لقوات الدعم السريع التي يقول الجيش السوداني إنها تقود تمردا ضد الحكومة وتخوض حربا ضد الدولة منذ منتصف أبريل 2023.
وأشارت وزارة الخارجية السودانية خلال اكتوبر الماضي الى هبوط 400 رحلة جوية لطائرات تنقل السلاح ومعدات عسكرية إلى مطار أم جرس في شرق تشاد، بالإضافة إلى مطار انجمينا.
ويرى دبلوماسي سوداني تحدث لـ«سودان تربيون»، وطلب عدم الكشف عن هويته، أن زيارات المسؤولين الإماراتيين لدول جوار السودان تأتي في إطار الترتيبات الاقتصادية التي تقوم بها في المنطقة لحماية مصالحها في ظل تداعيات الحرب في السودان.
وفي مارس الماضي، قدمت الحكومة السودانية شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد الإمارات، متهمة إياها بالعدوان والتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد وتقديم الدعم اللوجستي لقوات الدعم السريع.
ومن الناحية الدبلوماسية، فإن زيارة شخبوط الأخيرة من وجهة نظر الدبلوماسي السوداني، قد تأتي أيضاً في سياق المحافظة على مصالح بلاده في المنطقة بعد أن أنهى السودان علاقته مع جارته تشاد التي يتهمها بدعم حميدتي.
وهناك جانب آخر أشار إليه الدبلوماسي، يتعلق بالضغط الغربي المستمر على الإمارات لوقف دعمها وعدم الانخراط في تأجيج الصراع في السودان، والتوجه نحو تقديم الدعم الإنساني.
ويرى الدبلوماسي أن أبو ظبي تلعب لعبة مزدوجة في السودان من خلال تمويل طرف في الحرب وتسليم الأسلحة عبر حلفائها المجاورين للسودان، مقابل تغذيته بالذهب وحماية مصالحها المختلفة في تلك الدول.
وترتبط زيارة الوزير الإماراتي شخبوط الى تلك الدول، عند المحلل السياسي والخبير في القانون الدولي أحمد موسى، بأهداف تتعلق بسلسلة زيارات سابقة قام بها مسؤولون إماراتيون لدول جوار السودان ذات ارتباط بالحرب الدائرة في السودان.
ومن جانب آخر، يرى موسى في حديثه لـ«سودان تربيون» أن هذه الزيارات تنفي فرضية أن التحركات تهدف إلى إرساء السلام، خاصة أن الزيارة تشمل دولاً مثل تشاد التي تُتهم أيضاً بدور في تأجيج الصراع.
وتقدم السودان بشكوى رسمية للاتحاد الأفريقي في نوفمبر الحالي، متهمة تشاد بتقديم الدعم اللوجستي لقوات الدعم السريع وتوفير ممر لنقل الإمدادات العسكرية، وهو ما تنفيه تشاد بشدة.
ويضيف المحلل موسى: “هذا يجعل احتمال تحرك الإمارات لإقامة أو تقوية تحالف إماراتي سوداني هو الأقوى، خاصة بعد التغيير الكبير في الوضع العملياتي في عدد من الولايات السودانية لصالح بحث الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عن التفوق في ولايات غرب السودان المختلفة، وهو ما من شأنه أن يعزز موقفها في أي لقاء يجمعها بالوفد الحكومي”.
ويشير أيضاً إلى أن ذلك يترك الباب مفتوحاً للتدخل الخارجي للضغط على الجيش للوصول إلى السلام، وما يعزز هذه الفرضية أن الزيارة لم تشمل دولاً مجاورة بعيدة عن دارفور مثل مصر.
علاوة على ذلك، وبحسب موسى، فإن الزيارة لن تخلو من وضع خطة بديلة لفتح طرق خروج آمنة لقوات الدعم السريع عبر تلك الدولة، كما لن تخلو الزيارة إلى دولة ما من أن تكون غطاء لزيارة جوبا التي تواجه قوات الدعم السريع صعوبة في عبور أراضيها هرباً من الضربات الكبرى في سنجة وبقية مدن سنار والنيل الأزرق، ومن المرجح أن يكون إدراج كل تلك الأهداف كهدف عام للزيارة -حسب قوله-.
ويرى أن الإمارات مهتمة أيضا بتخفيف الضغوط الغربية الخارجية من عدد من البرلمانيين الأميركيين والأوروبيين وعدد من أعضاء مجلس الأمن الذين يتجهون نحو اتهام الإمارات بدعم قوات الدعم السريع، ومن المؤكد أن الإمارات تسعى إلى ضمان وقوف عدد من دول الجوار السوداني إلى جانب موقفها الخارجي من منطلق أنها “دول مجاورة”.
ومع ترتيب الأوراق الجاري حول حرب السودان في الاواسط الدولية والاقليمية وتعثر المفاوضات بين الجانبين المتقاتلين يعتقد استاذ العلوم السياسية محمد إدريس إن تركيز الزيارة رغم إنه يوضح ظاهريا الجوانب الاقتصادية إلا أن فروض الجوانب السياسية غير بعيد.
ومن جهة ثانية، يشير إدريس في حديث لـ”سودان تربيون” إلى إمكانية وجود مؤشرين لزيارة شخبوط إلى عواصم دول جوار السودان هما تغيير سياسة أبو ظبي نحو الحرب في السودان مع التغيرات الدولية والانتخابات الأمريكية أو فتح ممرات امداد جديدة.
وبداية نوفمبر، أعلن وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، إلغاء مذكرة التفاهم مع الإمارات، بشأن إنشاء أبو ظبي ميناء “أبوعمامة” على السواحل السودانية المطلة على البحر الأحمر، بعد عامين من توقيعه في أبو ظبي بتكلفة 6 مليارات دولار بسبب اتهامات لها بتقديم الدعم لقوات الدعم السريع.
وترتفع وتيرة التوتر بين السودان والإمارات، على خلفية الاتهامات المتبادلة بين الجانبين بدعم قوات الدعم السريع، واتهام أبوظبي لحكومة بورتسودان بقصف مقر سفيرها في الخرطوم عبر طائرات الجيش السوداني، وهو ما نفاه.
المصدر