الرياضة العالمية

لحظات درامية ومباريات نارية.. هل التنافس بين فرنسا ونيوزيلندا الأجمل في تاريخ كأس العالم؟


000 APP1999103145793

كتُب لبطولة كأس العالم للروغبي 2023 التي تستضيفها فرنسا من 8 سبتمبر/أيلول لغاية 28 أكتوبر/تشرين الأول أن تبدا بمواجهة نارية بين منتخب البلد المضيف و”أول بلاكس” نيوزيلندا. فقد بيعت كل تذاكر المباراة، ليتأكد طابع التنافس الشديد بين المنتخبين على مر تاريخ المواجهات بينهما، والذي بلغ ذروته خلال بعض المناسبات مثل نصف نهائي مونديال 1999 في لندن.

نشرت في:

6 دقائق

منذ المباراة النهائية الأولى في تاريخ كأس العالم للروغبي، عام 1987، إلى غاية نهائي عام 2011، مرورا بـ”معجزة تويكنهام”، تمت كتابة تاريخ التنافس بين فرنسا ونيوزيلندا بفضل لحظات تاريخية لا تنسى. والمباراة التي ستقام الجمعة 8 سبتمبر/أيلول في افتتاح بطولة كأس العالم 2023 التي تقام بفرنسا ستكتب فصلا جديدا في تاريخ المنافسة لا محالة.

معجزة تويكنهام

ستظل مباراة الدور نصف النهائي لعام 1999 بالنسبة لعشاق “الزرق” والـ “أول بلاكس” مباراة ذات طابع فريد. خلال هذه البطولة التي جرت على الأراضي الإنكليزية، كان النيوزيلنديون المرشحين للفوز بلا منازع. فكل شيء كان يسير على ما يرام إلى غاية المباراة أمام فرنسا.

وفي السياق صرّح إيان بورثويك، وهو صحافي نيوزيلندي كان يعمل أنداك للصحيفة الرياضية الفرنسية ليكيب، وحضر اللقاء في 31 أكتوبر/تشرين الأول 1999 بملعب تويكنهام، مثله مثل 73 ألف مشجع، قائلا: “حتى اليوم، ليس لدي الكثير لأقوله… سجلت فرنسا 33 نقطة في الشوط الثاني دون رد فعل. لقد فجرت نيوزيلندا”.

ولم تكن محاولتا نجم نيوزيلندا جونا لومو في الشوط الأول كافيتين لإيقاف “المهرجان الفرنسي” وانتهت المباراة بنتيجة 43-31. وسرعان ما أُطق على هذه المقابلة اسم “معجزة تويكنهام”، لكنها ليست الوحيدة التي بقيت في الأذهان.

“الفريقان مصدر الأفضل والأسوأ لبعضهما البعض”

وغالبا ما تعد فرق من نصف الكرة الجنوبي، على غرار جنوب أفريقيا، أكبر المنافسين لفريق “أول بلاكس”، لكن تختلف القصة حينما يتعلق الأمر بكأس العالم. ففي معظم الأحيان تبلغ المباريات بين المنتخب الفرنسي والنيوزيلندي ذروة المفاجآت والإثارة، لكنها قد تكون أيضا مصدر خيبات أمل لا تنسى أبدا.

ويلخص إيان بورثويك قائلا: “الفريقان مصدر الأفضل والأسوأ لبعضهما البعض… إنها أجمل وأروع منافسة في تاريخ كأس العالم….!

وفي مجموع اللقاءات السبعة التي جمعت المنتخبين قبل مواجهة الجمعة، تعود الأفضلية لفريق “أول “بلاكس الذي فاز بخمس مباريات. بداية بالمباراة الأولى العام 1987، التي كانت مباراة بالغة الأهمية، كونها أولى المباريات النهائية في تاريخ كأس العالم.

وقد جرت هذه المباراة على الأراضي النيوزيلندية، على ملعب إيدن بارك في أوكلاند تحديدا، وفي وقت بلغت فيه التوترات الجيوسياسية بين البلدين أنداك ذروتها.

ويذكر أنه قبل ذلك بعامين، في العام 1985، وضع عميلان من المخابرات الفرنسية قنبلة على سفينة “رينبو واريور”، وهي سفينة تابعة لمنظمة “غرين بيس” كانت راسية بميناء العاصمة النيوزيلندية، مما أسفر عن مقتل شخص واحد. فيما أدى الحادث إلى استقالة وزير الدفاع الفرنسي حينها شارل إيرنو.

ولم يكن السياق الرياضي أحسن، إذ يتذكر رئيس تحرير صحيفة “ألماناك” الرياضية المتخصصة في رياضة الروغبي والدولي السابق في منتخب الساموا كامبل بيرنز، أنه شاهد المباراة على شاشة التلفزيون عندما كان في الثالثة عشرة من عمره.

ويتذكر خاصة اللحظات الدرامية التي سادت المباراة، التي بقيت كأحدث ذكرى في أذهان سكان نصف الكرة الأرضية الجنوبي والتي عرفت بـ”معركة نانت” – والفوز المفاجئ للفرنسيين نهاية العام 1986. وقد صنفت تلك المقابلة كأعنف مباراة في تاريخ رياضة الروغبي.

وقال على إثرها واين “باك” شيلفورد، الذي فقد أربعة أسنان مع تمزق في كيس الصفن خلال المباراة، إنه يشتبه في أن الفرنسيين تناولوا المنشطات.

ومن جانبهم، ما انفك الفرنسيون يعلنون أنهم لم يلعبوا باندفاع زائد عن اللزوم. وعلى الرغم من ذلك، لم يكرر المنتخب الفرنسي إنجازه وفاز منتخب الـ”أول بلاكس” بنتيجة مريحة 29 مقابل 9.

تمريرة إلى الأمام…خطأ راسخ في التاريخ

كارديف 2007، موقعة لن ينساها مشجعو الـ”أول بلاكس” سواء من يؤمن أو من لا يؤمن بالخرافات… فقد تميزت هذه المباراة منذ البداية بعلامات تنبئ بالأسوأ. أولا، أُجبر المنتخب على اللعب باللون الرمادي، ما اعتبر تدنيسا للقبهم. ثم، قبل انطلاق المباراة مباشرة، قرر المنتخب الفرنسي تحدي النيوزيلنديين خلال رقصة “الهاكا”، إذ تقدم اللاعبون الفرنسيون إلى خط المنتصف لتحدي خصومهم وجها لوجه. الأمر الذي اعتبره المشجعون النيوزيلنديون عديم الاحترام واستفزازيا.

خرافات أم لا، فقد خسر الـ “أول بلاكس” بضربة “حظ”. ففي الدقيقة الـ 68، قام لاعب الخلف داميان تراي بتمرير كرة أمامية -خطأ في لعبة الروغبي… ولم يصفرها الحكم- إلى فريديريك ميشالاك الذي اغتنم فرصة تسجيل محاولة مصيرية في ربع النهائي. ليكون ذلك أول إقصاء لنيوزيلندا في كأس العالم.

ومنذ حينها لم يغفر أبدا مشجعو فريق “أول بلاكس” لحكم المباراة الإنكليزي واين بارنز.

مستوى متقارب وتباين يقترب من الصفر

ومع انطلاق نهائيات كأس العالم 2023، يرى إيان بورثويك أن تباين المستوى بين المنتخبين الفرنسي والنيوزيلندي يقترب من الصفر موضحا، “في الماضي، لم يكن لدى الفرنسيين النسق الذي يتميز به فريق أول بلاكس. ولكن لم يعد ذلك صحيحا اليوم”.

على دراية كبيرة بالتنافس بين الزرق و”أول بلاكس” ومنذ الأيام الأولى، يشرح بورثويك أسباب النجاح الفرنسي ويقول إن هذه الرياضة في فرنسا تجلب المزيد من الأموال، ما يسمح لها بتطور أفضل. كما تعتبر البطولة الفرنسية “توب 14″، أفضل بطولة في العالم، فهي تستقطب المواهب الأجنبية، ما يساعد في تحسين مستوى اللاعبين الفرنسيين من خلال تبادل ونقل المهارات.

لكن بالنسبة للصحافي النيوزيلندي، فإن الثورة الحقيقية التي أحدثها الفرنسيون تغذيها بشكا خاص الروح والثقافة التي غرسهما المدرب فابيان غالتييه والمدير الفني رافائيل إيبانيز في المنتخب.

وأردف قائلا: “في السنوات الأخيرة، فاز الزرق على نيوزيلندا، وتغلبوا على أيرلندا، وتفوقوا بـ50 نقطة على إنكلترا…”.

 

النص الفرنسي: رومان ويكس / النص العربي: فارس بوشية


المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى