كيف تروّج روسيا دعايتها في الدول الأفريقية؟
تسعى روسيا إلى كسب النفوذ في أفريقيا بأساليب مختلفة، أهمها حملات الدعاية والمعلومات المضلّلة، بحسب ما كشفه تقرير صادر مؤخراً عن الموقع الإنكليزي لشبكة “دويتشه فيله” الألمانية.
وتعتمد روسيا بدرجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الكثير من الدعاية والمعلومات المضللة. ووفقاً للباحث في مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية، التابع لوزارة الدفاع الأميركية، مارك دوركسن، فإن هذه الاستراتيجية ناجحة بشكل خاص في البلدان التي تفتقر إلى تقاليد متوارثة من الصحافة المستقلة والحرة.
وبحسب دوركسين، تشكّل مجموعة “فاغنر” الروسية الموضوع الرئيسي للعديد من مقاطع الرسوم المتحركة الدعائية في القارة الأفريقية. ويستهدف أحد هذه الفيديوهات مالي وبوركينا فاسو وساحل العاج، ويصوّر مجموعة من المقاتلين الروس في مالي يحاربون كائنات زومبي فرنسية، ترمز لجنود الجيش الفرنسي.
ويقول الزومبي في الفيديو إنهم “شياطين الرئيس إيمانويل ماكرون” وإن “مالي بلدنا”. كذلك، يظهر ماكرون ليقول: “فرنسا ستعيد فتح أفريقيا”. وكثيرا ما تستخدم روسيا هذه الرواية عن الغرب “الاستعماري الجديد”.
وقال الصحافي ديميتري زوفيري، من منظمة All Eyes On Wagner غير الحكومية، والتي تتعقب أنشطة مجموعة “فاغنر”، إن هذه الأنواع من الدعاية مرتبطة مباشرة بروسيا. وأضاف، في حديث مع “دويتشه فيله”: “نعلم أن هناك أموالاً روسية تنفق في جمعيات سياسية”. وقال زفيري إن الفيديو على الأرجح من إنتاج مجموعة من الأشخاص في بوركينا فاسو يعملون لصالح روسيا.
وقال دوركسين إن روسيا تدفع أيضاً لمؤثرين أفارقة على منصات التواصل الاجتماعي للترويج لدعايتها. ويبرز من بين هؤلاء المؤثر الفرنسي البنيني كيمي سبا، الذي يملك أكثر من مليون متابع على “فيسبوك”، الذي ينشر بشكل دائم محتوى معاديا للغرب ومؤيدا لروسيا.
حتّى بعد بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، روّج سبا لسردية تزعم أنّ موسكو “تحاول استعادة الأراضي الروسية”.
إضافة إلى منصات التواصل، تمتلك روسيا شبكة كبيرة من وسائل الإعلام التي تروّج دعايتها في القارة الأفريقية. كذلك تلعب السفارات الروسية دوراً مهماً في نشر المعلومات المضللة.
في أوائل يوليو/ تمّوز الماضي، نشرت السفارة الروسية في جنوب أفريقيا صورة مزعومة لمقال من موقع “بوليتيكو”، بعنوان “20 مليون حياة ثمناً للحرية”.
وأضافت السفارة التعليق التالي على هذا المنشور: “الناتو يشجّع استمرار الحرب حتّى آخر أوكراني”، متهمةً حلف الأطلسي بالمسؤولية عن اندلاع الحرب في أوكرانيا.
لكن، تكشف نظرة فاحصة مع بعض البحث أنّ الصورة مزيفة: لم تنشر “بوليتيكو” هذا المقال قط، إضافةً إلى وجود الكثير من الأخطاء في النص الظاهر في الصورة، عدا عن أنّ شعار الموقع الإلكتروني مزيف.
وحذفت السفارة الروسية في جنوب أفريقيا المنشور، لكن بعد أن حقّق أكثر من مئة ألف مشاهدة على “تويتر”.
ووسّعت شبكة “روسيا اليوم”، المملوكة للدولة، شبكتها في أفريقيا. في الوقت الحالي، تدير الشبكة عدّة مشاريع مختلفة مع وسائل الإعلام في القارة، مثل Afrique Media، التي تنشر دعاية موالية لروسيا ومعادية للغرب.
كذلك، وثّقت “دويتشه فيله” عدداً من المحطات الإذاعية والصحف الممولة من مؤسسات روسية، مثل Lengo Songo وNdjoni Sango في جمهورية أفريقيا الوسطى.
حتّى الآن، يتفاوت تأثير الدعاية الروسية من دولة أفريقية إلى أخرى. لكن، وبحسب مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية، فإن نفوذ روسيا الأكبر موجود في جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي والسودان وزيمبابوي، وجميعها بلدان تنشط فيها فرق من مجموعة “فاغنر”.
العربي الجديد
مصدر الخبر