عزمي عبد الرازق: في ذكرى حمدي سليمان
[ad_1]
أخي حمدي.. حمدي البسُر البال، لطالما تجنبت الكتابة عنك، أغلقت شاشة الهاتف على فقدك، وكاد يمضي العام، يجر خلفه الشهور، سنة وراء سنة، وقد هربت منك إليك وأنا حزين، لا أعرف لماذا، ربما لأن الحزن الذي يعطيك سبباً يرحل دفعة واحدة، لكنه لم يرحل أبداً، بعدها رأيتك في المنام أو في الصحو، والله العظيم رأيتك أكثر من مرة، وتمنيت لو أنك لم تمت، ودعوت ربي أن يجمعنا بك في جنة عرضها كعرض السموات والأرض أُعِدت للمُتقين، وبعد ايقنت انه لا مفر من الأقدار ، كدت أقول لك يا صاحبي أذكرني عند ربك، وانت تقول لنا إن الإنسان في جهاد حتى يلقى الله، فبدت روحك مثل طائرٌ يسيح، وحولك قافلة من الشهداء تحلق بعيداً بعيداً، ثم فجأة تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش.
في مايو قبل عامين يا حمدي، نفس تواريخ هذه الأيام طوى البلاد خبر رحيك، فزعت فيه بآمالي إلى الكذب، وقد أطل وجهك وهو ملتصق على ذؤابة الضوء، في صفحة البلاد المنسية، المأزومة بمكائد أهلها، كانت يداكَ الخيرتان الكريمتان لا تكف عن العطاء، تمشي في حاجة الناس، كلهم، حتى من أذوك لم تكن تحمل لهم غير الحب، لا تضمر الغل في قولك وفعلك، كأنك تعد نفسك للحساب، وكانت تضئ محياك تلك الإبتسامة النادرة، ولم أتخيل أبداً أنك ستكف عن الحضور، وقد أحرزت ابنتك الغالية الدرجة الممتازة في شهادة الأساس، لتباهى بك، وتسرك وتفرحنا، على ذات النحو الذي عُرفت به ” حمدي البسُر البال ليه النفوس ترتاح”.
لطالما سخر البعض حينها مما عرضت به قناة الحدث مع نجوى قاسم، بلادي سهول بلادي حقول، وقد لحقت بك نجوى أيضاً، ورأينا بعدك السنابل اليابسات والبقرات العجاف، وجفت السهول ونضبت الحقول، حتى بات البعض يحن إلى الماضي، وإن كنت أنسى لا أنسى زيارتك لي في توتي عند مولد طفلي الأخير، وقد فرحت بذلك الوصل، وقررت أن أرده إليك، فلم تسعفني الأيام، حتى إذ مررت بالديار هزني الحنين وشرق بي الدمع، ولعل أخر رسائلك، قبل رحيك وأنت تبارك لنا الجمعة بعد الجمعة، وتطلب منا الدعاء، وتلح في السؤال، حتى إذا جاء رمضان شدَّدت المئزرَ، وزرعت الطريق إلى المسجد بوقع خطاك، إلى أن جاءك اليقين، وسلبتنا الكورونا أعز ما نملك، روحك الطاهرة، حينها تمنيت لو أنك بيننا، في رمضان أخر، وعجبت كيف يرحل الإنسان وهو في بيض أيامه، وفي قلبه كل هذا الحب، وقد رضي بالظلم وقنع باولاده يعتني بهم، لكن ربك رب الخير اختارك إلى جواره، لتنعم برفقة أخوة مضوا في الدرب، وتنسل كالنور خلسة، لا تبالي بالمنية، ليرحمك الله يا أخي، فهو بك وبنا رحيم.
عزمي عبد الرازق
مصدر الخبر