عثمان أبوزيد: مع المصاحف – النيلين
[ad_1]
حكى أحدهم ممن كان يتردد على موسكو زمن الشيوعية، أن إدخال القرآن آنئذ كان يعد جرما يعاقب عليه بالإعدام، فالمصحف من الممنوعات إلا للإستعمال الشخصي ويسجل على الجواز لضمان أن يرجع مع صاحبه.
كان هذا الشخص يأخذ معه عدة مصاحف يغلفها بورق على أنها قواميس لغة. وبهذه الطريقة استطاع تهريب كمية من المصاحف لإهدائها للمسلمين هناك فتلقوها بفرح غامر.
ورأيت في بعض أنحاء إفريقيا أن القرية كلها ربما تمتلك مصحفا وحيدا.
في مكان اسمه أوفيرا بجنوب كيفو على بحيرة تنجانيقا، وجدتهم يضعون مصحفا مجلدا بجلد سميك في المسجد، ويأتي المصلون عقب الصلوات يلمسونه وينظرون فيه، والنظر في المصحف عبادة.
بلادنا أيضا عرفت ندرة المصاحف في السنوات الخوالي. كان المتاح هو المصحف المخطوط باليد فقط، إذ كان شيوخ الإقراء يتدرجون حتى يبلغ الواحد منهم مرتبة يكتب فيها المصحف بخط يده.
يذكر أن الإمام عبد الرحمن المهدي استقدم الشيخ علي بيتاي من همشكوريب إلى أم درمان، ليكتب له مصحفا، ومن شدة اهتمامه وتعظيمه لهذا العمل أمر بأن يذبح خروف كل يوم، ويطعم الشيخ من الكبدة.
في معرض القرآن الكريم بالمدينة المنورة، يشاهد الزائر أشكالا مختلفة من المصاحف التي أبدعها الخطاطون، وفيها مصحف كبير جدا، ومصاحف أخرى متناهية الصغر.
شهدنا هذه المخطوطات النادرة في بلادنا أيضا وداخل بيوتنا مما ترك الأجداد.
أطلعني الأستاذ مختار عبد القادر رحمه الله على مصحف قديم مخطوط لأحد أسلافه يعرف بنفسه في آخر ورقة أنه: التاجابي بلدا (نسبة إلى قريتهم تاجاب)، الأشعري عقيدة، المالكي مذهبا…
وفي أسرتنا رأيت مصحفا كتبه جدي من أمي حسن سليمان رحمه الله.
أما المصحف الذي كتبه جدي من أبي الشيخ عثمان أبوزيد، فقد بقيت منه صفحات كثيرة، محفوظة في بيتي بالخرطوم، ولا أعلم الآن إن كان بيتي نفسه محفوظا بعد اجتياح البيوت واحتلالها ونهب ما فيها.
ذات مرة كنت أقرأ في المصحف المخطوط لجدي، وأقبل حفيدي يتطلع إلى هذا الكتاب الغريب بين يدي، وسألني: دا شنو يا جدو؟
قلت له: دا مصحف كتبه جدي بإيدو… فتساءل الحفيد ببراءة: ليه هو ما كان عنده كمبيوتر؟!
(الصورة صفحة من مصحف جدي الشيخ عثمان أبوزيد)
كتبه عثمان أبوزيد
مصدر الخبر