السياسة السودانية

عبد الله مسار يكتب: النقابات التسييرية والقانون

[ad_1]

النقابات والاتحادات المهنية أو العمالية أو العملية هي أجسام مطلبية تقوم على تمثيل العاملين أو المهنيين، أي العمالة التي تعمل في مؤسسة أو أي مشروع، حيث صاحب المشروع يمثل المخدم والعامل أو الموظف أو عضو المؤسسة يمثل الخادم، وهي تقوم في النظام الرأسمالي لتُحافظ على حقوق العاملين في المؤسسة المعينة بعكس النظام الاشتراكي، حيث إن العامل شريكٌ.

النقابات أجهزة مطلبية، ولا علاقة لها بالسياسة، ولكنها سُيِّست حتى في الدول الكبرى وجعلت جزءا من المنظومات الحاكمة أو المعارضة، حتى ولاء هذه النقابات للأنظمة القائمة في بعض البلاد، وصارت تأتي بالحكومات وتسقطها كأنها أحزاب وصارت في بعض الأحيان وبعض البلاد تؤثر تأثيراً كبيراً في دولاب العمل واستقراره، بل في استقرار البلد وحكمه، وصارت جزءا من آليات وأدوات إدارة الدولة وليس العمل، وأثّرت كثيراً على الدول الرأسمالية، ولاحظنا ذلك في فرنسا (السترات الصفر)، وفي الإضرابات ببريطانيا وخاصة في قطاع المواصلات والنقل، وفي مناطق كثيرة من العالم تخرج من أمر العمل إلى الشأن العام وإدارة الدولة، بل من تسييسها صارت تصر الأحزاب الحاكمة للسيطرة عليها وانتخابها من عضويته حتى تتضمّن استقرار العمل والحكم.

وفي السودان وفي أوقات كثيرة، سيطرت الدولة وأحزابها الحاكمة على النقابات والاتحادات، وصار بعضها يصرف عليه من الخزينة العامة، وصارت في كثير من الأنظمة ليست محايدة وليست مطلبية وإن كانت تحت ستار، بل صارت جزءاً من المنظومة السياسية، هذا الأمر بدأ منذ الاستقلال واستمر في ظل الأنظمة الديمقراطية والشمولية وخاصةً في حال اليسار واليمين، وبصفة خاصة الشيوعيين والإسلاميين، وأقل ذلك في حكومات الوسط والطائفية.

جاءت الثورة في ديسمبر 2018م، ووجدت أنّ هنالك نقابات واتحادات قائمة بموجب قانون وبالشرعية الثورية، وبإلغاء الدستور وقيام وثيقة دستورية، حل رئيس مجلس السيادة أو المجلس العسكري عند وقته، هذه النقابات والاتحادات وعيّن لجان تسيير دون أن يلغي القانون مع مصادرته لإمكاناتها ومواردها ودورها، وتسليم ذلك للجان التسيير، ولكن هذه النقابات والاتحادات تظلّمت للقضاء، ومعروفٌ أن القضاء السوداني مُستقلٌ، حكم ببطلان قرارات السيد رئيس مجلس السيادة وأعاد نقابات واتحادات ما قبل ديسمبر 2018م إلى العمل، وصارت قرارات القضاء ملزمة التنفيذ ونافذة من تاريخ صدورها. وجاء السيد رئيس مجلس السيادة ليصدر قراراً بتكوين لجان تسيير مرة أخرى، وتعمل لقيام انتخابات لهذه النقابات والاتحادات وكلف المسجل للقيام بذلك.

وقال كبار القانونيين، على رأسهم الأستاذ المحامي الضليع نبيل أديب، إن قرارات رئيس مجلس السيادة قد جانبها الصواب، ومن هذا واضحٌ أن الأمر سيعود إلى القضاء لحسمه مرةً أخرى.

ولكن هنا أود أن أقول ما المغزى من قرار رئيس مجلس السيادة بتجميد أو تكوين لجان تسييرية، هل هو تمهيد للتسوية التي تقودها الثلاثية، أم هو سعيٌّ لقيام انتخابات لنقابات واتحادات خارج دائرة الإنقاذ السابقة، أم هو قرار تعطيلي للخوف من مطالبات أخرى، من بينها صراع محاكم بين القديم والجديد..؟

أعتقد ان الأمر عمل ربكة قانونية وهو مدعاة لصراع قانوني وجدل كبير، محله الإعلام والرأي العام أولاً، ثم القضاء مرةً أخرى، حول جوانبه، صحة وقانونية القرار، ويبدو أن المحاكم ستشهد ذلك قريباً، خاصّةً أنّ بعض النقابات لها علاقاتٌ وارتباطاتٌ إقليميةٌ ودوليةٌ، ولكن المفيد في الأمر أن السودان دولة قانون.

إنّ السلطة القضائية هي سلطة مستقلة وتمارس سلطاتها وصلاحياتها على كل الأجهزة، بما في ذلك مجلس السيادة (لا كبير على القانون).

صحيفة الصيحة

[ad_2]
مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى