طالبات على منافذ البيع .. مشاركة نسوية لافتة في معرض الخرطوم الدولي
سودان تربيون : خاص
حظي معرض الخرطوم الدولي بمشاركة نسوية واسعة ورصدت “سودان تربيون” مئات بينهن طالبات جامعيات في صالات البيع المباشر بالمعرض بنسبة تكاد تصل ثلاث أضعاف الرجال بما يؤشر لاقتحامهن سوق العمل بنحو لافت مبتدعات وسائل تسويق جديدة لتغطية الدخل للصمود في مواجهة الوضع الاقتصادي المأزوم.
وأبلغ مدير التسويق بإدارة المعرض حسن عباس “سودان تربيون” أن الجناح الوحيد المسموح فيه الشراء هو الخاص بالبيع المباشر وأكد أن النساء يمثلن فيه ثلاث أضعاف الرجال حيث يتم تأجير طاولات وأكشاك لبيع بضائع خاصة بأفراد بينما أجنحة العرض العالمية والمحلية غير مسموح فيها بالبيع والشراء.
وشهدت أجنحة البيع الفردي في المعرض الذي ختم فعالياته الثلاثاء الماضي، حركة واسعة من فئات عمرية مختلفة لكن كان لافتا ان بعض المشاركات يعرضن بضائع من باب تنمية المهارات أو إثبات الذات لتحقيق الاستقلال عن الأسرة.
وتباينت المعروضات النسوية في ذلك الصرح العالمي الذي شاركت فيه العديد من الدول واكتسب جزء منها صفة التراث السوداني الأصيل.
وكشفت لقاءات لسودان تربيون مع مشاركات عن تحقيق بعضهن إرباحا طائلة غطت تكاليف المشاركة بينما فشلت أخريات وتكبدن خسائر مضاعفة.
وبحسب خبراء فإن الاشتراك في مثل هذه المعارض يعود بفوائد على المدى البعيد تتحقق بفضلها علاقات متبادلة ويتم التعرف على طرق جديدة لترويج السلع.
وقالت مستورة أحمد وهي امرأة في العقد الخامس، تبيع أدوات فلكلور إن الحاجة للمال دفعتها للعمل وهي من شمال دارفور لكنها ترعرعت في منطقة كأس بجنوب دارفور، وبدأت عملها بعرض سلعها في معارض نيالا حققت إثرها أرباح مقدرة ثم بدأت تؤسس لعمل خاص، وافتتحت مقرا صغيرا شرق الخرطوم يحوي سلعاً تراثية ذاع صيته لاحقا واشتهرت هي باسم “مستورة تراث”.
وقالت مستورة لسودان تربيون إن مكانها بات مزارا لطلاب المدارس لتعريف التلاميذ بالتراث السوداني وأكدت أنها ربحت الكثير من المشاركة في المعرض حيث تخوضها للمرة الرابعة.
خسائر وأمل
بلغ إيجار المنضدة صغيرة الحجم بالمعرض 40 ألف جنيه- 70 دولار تقريبا- ولأسبوع كامل لم تستطع إيناس محمد الحصول على نصف القيمة التي دفعتها لإيجار الطاولة.
تقول “كنت أرغب في تحقيق ربح كبير خاصة أنني استدنت المبلغ” واستدركت بالقول “لكن لست نادمة والسعي مطلوب”.
وإيناس التي درست علوم الطيران لم تحصل على عمل في مجال تخصصها فاتجهت لتركيب عطور نسائية ولم تحقق ربحاً يسد حوجتها اليومية وقالت انها كانت تطمح في توسيع هذا العمل واعتقدت أن المعرض فرصة مناسبة شاركت فيه رغم بعده عن المنزل بما يضرها لاستغلال 4 مركبات للوصول إلى ضاحية بري ثم تعود لمنتصف الليل مؤكدة أنها لم تحقق أي أرباح والآن وتفكر كيف تعيد المبلغ الذي استدانته.
على طاولة أنفال علاء الدين التي تتوسط بائعات السلع النسوية سندوتشات محضرة بطريقة مميزة وأنفال طالبه جامعية تدرس بكلية التمريض وقالت لسودان تربيون انها تعرض مقابل مبلغ مالي بسيط مشيرة إلى أن الظروف الأسرية الصعبة جعلت البنات يطرقن سوق العمل بجانب الدراسة مؤكدة أهمية المساهمة مع الأسرة لتوفير المستلزمات الجامعية والفردية.
على جانب آخر استغلت أماني وظيفتها كمعلمة لذوي الاحتياجات الخاصة لفتح باب تجاري خاص بها يملأ الفراغ وقلة المعدات التي تنمي مهارات الطفل فأسست صفحة على الانستغرام وكان مفاجئا لها الطلب الكبير من الأسر على هذه الألعاب.
وقالت لسودان تربيون إنها استدانت مبلغ وأحضرت بضائع من مصر وحققت أرباحا مقدرة مضيفه إنها تشترك في معارض كثيرة وتؤسس قسم تحت مسمى “المتحدون للوسائل الإعلامية وتنمية المهارات” وتطمح حاليا كبير لسد النقص في تلك الألعاب التي تحتاجها فئات محددة.
هواة رابحات
وضم المعرض معروضات لهواة لم يستهدفوا الأرباح بقدر ما سعوا لترويج بضائعهم وان يجدوا لها موطئ قدم في السوق السوداني وحققت أرباحا على عكس المتوقع.
وأكدت عطيات نصر خريجة جامعية تصنع الشموع المعطرة إنها تحب التميز واردات أن تقتحم سوق العمل لإثبات ذاتها والاعتماد على نفسها بعيدا عن دلال الأسرة ف بحثت مطولا عن صناعة الشموع وتعلمتها من الانترنت واستطاعت انشر تلك الثقافة فحققت عائد مادي مناسب وتبدي رغبتها في تأسيس مشروع كبير يشتهر عالميا.
وقالت هيام عوض 21عام طالبه جامعية تصنع إكسسوارات نسائية إنها شاركت في المعرض لتوسيع تجارتها وأنها أسست صفحة في الفيس بوك بعد أن بدأت الأمر كهواية لكنها باتت تطمح في توسيع تجارتها والمشاركة في معارض عالمية.
نساء قبلن التحدي
وينبه الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي إلى أهمية تقنين التجارة النسوية بعمل دراسة جدوى وإتباع أسس علمية منعا لوقوعهن في فخ الخسارة.
ولفت في حديثه لسودان تربيون إلى أهمية تبني مشروعات كبيرة لمقابلة هذا الرهق بالربح لمواجهة متطلبات الحياة.
وقال النساء في ظل الوضع الاقتصادي المتردي يتطلعن لأوضاع أفضل تحقق على الأقل دخل يومي، لافتا الى تحديات كبيرة بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض قيمة الجنيه السوداني مع نقص فرص العمل المستدامة في بلد يعاني عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي.
وتحدث الخبير عن تصاعد نسبة البطالة في السودان إلى 22 % حسب تقارير غير رسمية ، بجانب أن 47 % من الشعب السوداني يعيش تحت خط الفقر وفقا لاجتهادات خبراء اقتصاديين، بما يستدعي وضع برامج لتطوير سيل العيش الكريم والمستديم، للأسر السودانية، بحيث يكون لديها القدرة على الصمود الاقتصادي،
واعتبر فتحي مشاركة النساء في معرض الخرطوم الدولي برهان على أن المرأة السودانية قادرة على مواجهة التحدي وخلق بينة ممتازة لها ولأسرتها.
وتحدث عن أن النساء المشاركات في معرض الخرطوم الدولي شريحة بسيطة، متوقعا أن تكون هناك شرائح اكبر لم توفق في المشاركة.
وأضاف” لابد من وجود مشاريع للنساء سريعة الأثر وصغيرة الحجم ومنخفضة التكلفة يتم التخطيط والتنفيذ لها في اطار قصير ، حتى تصب في تنمية الدولة” واعتبر هذه المشاريع من الركائز في الاقتصاد في معظم دول العالم ممثلة في الحرف والأعمال اليدوية .
وأشار إلى الاهتمام من كل دول العالم في مكافحة الفقر عن طريق العمل والتخصص في نشاط معين من هذه المشاريع التي شاركت بها النساء في المعرض.
وذّكر بوجود مشكلات كبيرة تواجه المرأة لابد من مواجهتها بالعمل خاصة ان هنالك أمهات للأيتام والشهداء يعتبرن العائل الوحيد.
ودعا الدولة والمنظمات غير الربحية والمجتمعية لإتاحة فرص تدريب للنساء، وتوفير فرص التمويل والادخار، وتوفير فرص العيش الكريم وتحديد نوع التدريب المستمر على التجارة والتسويق، والتجارة عموما، وتقديم خدمات للجمهور، وكثير من النشاطات الاقتصادية المختلفة.
المصدر