صلاح الدين عووضة يكتب : رؤوس!
[ad_1]
كثيرة..
وعديدة جداً في يومنا هذا..
رأس السنة… ورأس عيد الاستقلال… ورؤوس قطيعٍ بشري وحيواني..
ثم رأسي أنا المطالب بأن يرصد… ويفكر..
أو أن يروِّس… أو يفرح… أو يألم… أو يُحصي أهم أحداث العام المنصرم..
أو يحصي القطيع؛ البشري منه والحيواني..
وكيف لرأسي – المسكين – أن يفعل ذلكم كله وهو محض رأسٍ بشري؟..
بل هو تعب من أن يكتب عن رأس السنة؛ كل سنة..
وعن الاستقلال بداية كل سنة؛ ليعيد – ويكرر- ما قاله كل رأس سنة..
فهو ليس رأساً حاسوبياً ليفعل ذلك آلياً..
ليفعله دونما مشاعر وعواطف؛ سلبية كانت… أم إيجابية… أم حتى محايدة..
كما أنه ليس رأساً حيوانياً ليرتاح من هذا الهم..
فكل رأسٍ من رؤوس القطيع الحيواني هو في حالة راحة من الهموم..
ويبقى كذلك إلى أن يُقطع – ذبحاً – فيرتاح أيضاً..
ولكن كيف لمثل رأسي أن يرتاح وهو يقارن بين رؤوس قطعان في دولتين؟..
قطعان حيوانية؛ دولتنا هذه… ودويلة هولندا..
فالثانية هذه مصدر دخلها القومي – الوفير – هو مما تملك من قطعان البقر..
وكذلك مصدر دخلها الفردي..
وما تملكه هذا – من قطعان البقر – لا يتجاوز نحو مليون رأس على الأرجح..
بينما في دولتنا حوالي أربعين مليون رأس..
ورغم ذلك نستورد – وبلا خجل – ما تنتجه رؤوس هولندا هذه مع آخرين..
مع دولٍ لا رؤوس أبقارٍ لديها..
فأين المُشكلة إذن؟… هل في رؤوس الماشية؟… أم رؤوس البشر عندنا؟..
وهل بقي فوق كتفي رأسٌ أفكر به؟..
سيما إن رأى رؤوساً بشرية – لدينا – تنافس الحيوانية هذه كثرةً دون إنتاج..
وتدمن التدمير… دون التعمير..
بل وتدمر حتى رؤوسها هي بالذي يجعلها محض رؤوس حيوانية لا تفكر..
ثم لا تشعر… ولا تحس… ولا تستحي..
ومنذ قرابة السبعين عاماً وبلدنا يشهد احتفالاً – إثر آخر – برأس عيد الاستقلال..
ثم لا شيء سوى اجترار الأغاني الوطنية..
وكل سنة نعيد سماع أغنية وردي التي يقول فيها: اليوم نرفع راية استقلالنا..
ولكن اليوم هذا – أو ذاك – لم نغادره أبداً..
فما زال حالنا كيوم نيلنا استقلالنا؛ لا شيء زاد في بلدنا سوى الرؤوس..
رؤوس البشر؛ ورؤوس القطعان..
ثم بعض الرؤوس الأولى تصير كما الثانية؛ وكأنما ينقصنا مزيدٌ من القطيع..
ومساء اليوم ستفقد رؤوسٌ بشرية وعيها..
أو تفقد ما تبقى لها من وعي… ومن فكر… ومن إرادة؛ بفعل مغيِّبات العقل..
فتنتشي انتشاءً كاذباً..
ونحن نغني: اليوم نرفع راية استقلالنا؛ وتنتشي فوق أكتافنا رؤوس..
وهو انتشاءٌ كاذب أيضاً..
فرؤوسنا تخدع أنفسها… وحامليها… ورؤوس آخرين..
بينما الصحيح أن تنتكس… وتطأطئ… وتتدلى أسفل الكتوف هذه..
أن تنكسف… وتخجل… وتستحي..
وتعبنا… وفترنا… وزهقنا… من الحديث عن الرؤوس؛ عند كل رأس سنة..
وعن الحديث عن كل ما يُؤلم؛ ولا يُسعد..
وقبيل رأس سنتنا هذه – ورأس عيدها استقلالها – حدث ما يُفقد المرء رأسه..
حدث عراك قبلي عنيف؛ جراء شاحن هاتف..
فغابت بسببه رؤوس… وحضرت فؤوس… وسقطت رؤوس..
ومطالبٌ رأسي بأن يكتب عن رأس السنة..
وعن رأس عيد الاستقلال كذلك؛ فيجد نفسه يفكر بلا وعي… ولا هدف..
ولا رأس!.
صحيفة الصيحة
مصدر الخبر