صفاء الفحل تكتب: شراكة جديدة .. العسكر وحرامية!!
إذا كان الغرض من توقيع الاتفاق الإطاري من أجل إعادة المسار الديمقراطي وإعادة الهدوء للشارع الذي لم يتوقف عن الغليان منذ انقلاب لجنة البشير الأمنية على ثورة ديسمبر المجيدة، فإن قرائن الأحوال والتسريبات تقول عكس ذلك تماماً حيث ظهرت بوادر ترشيحات لحكومة حزبية قادمة في تراجع لقوى الحرية والتغيير عن تعهداتها بتكوين حكومة (تكنوقراط) من كفاءات غير حزبية وهذا ما حذر منه العديد من المراقبين، ويؤكد بأن الشباب الذين يخرجون الى الشارع كل يوم على حق في عدم ثقتهم في مجموعة الانكسار التي تدعي سعيها الى طرد العسكر من سدة الحكم .
إذا ما صدقت هذه التسريبات فإن البلاد موعودة بمزيد من الغليان والتراجع الاقتصادي والأمني خاصة الخلاف الذي تفجر أخيراً بين رأسي الدولة (البرهان وحميدتي) ومحاولات التهميش التي بدأ يتعرض لها الأخير وهو بالتأكيد سيرد الصاع صاعين بدعم الشارع الذي يمور أصلاً وسحب قواته من مواجهة الثوار هذا اذا لم تكن لديه خطط أعمق من ذلك قد تؤدي إلى مواجهات مباشرة رغم نفي الطرفين.
مشكلة كل الشعب السوداني اليوم صارت في الثقة التي صارت مفقودة في كافة السياسيين والعسكريين على حد سواء بعد الاكاذيب التي صاروا يطلقونها بلا خجل او حياء والعهود التي ينكصونها قبل أن يجف حبر توقيعها ورفع (مصحف) القسم من على الطاولة حتى اصبح مرادفاً (سياسياً) في قاموس العامة يعني كاذب وسارق وغير مؤتمن.
تكوين حكومة من الاحزاب التي تفاوض بإسم الشعب السوداني وقيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة في ذات التوقيت يعني أن هناك اتفاقاً غير معلن بين المجموعة المدنية والعسكرية لانقلاب (مدني عسكري) وهو من أخطر انواع الانقلابات في العالم وهو الذي ساهم في تمدد (هتلر) وقيام الحرب العالمية الثانية وهو إتفاق بين (مهزومين) فالحرب والتغيير لم تتمكن من جمح شباب المقاومة اللذين يرفعون شعار (لا شراكة لاتفاوض) وبالتالي فإن العسكر أصبحت امامهم كل الطرق موصدة محلياً وعالمياً وجاءهم هذا الاتفاق على طبق من ذهب.
هذا الاتفاق لن يتقدم قيد انملة مالم يتم إشراك لجان المقاومة فيه بتأسيس (مجلس تشريعي ثوري) يضم ممثلين عن لجان المقاومة من كافة بقاع البلاد تكون له الكلمة العليا في اختيار الوزراء وقيام المحكمة الدستورية وقبل ذلك ابتعاد الاحزاب السياسية تماما عن الفترة الانتقالية.
وسيظل الاتفاق الاطاري وتوقيعه لعبة يستمتع بها العسكر والقوى المدنية الموقعة عليه فكلا منهما يعتقد بأنه قد خدع الآخر ونال ما يريد ولن يتوقف الصراع بينهما حتى بعد التوقيع بالإضافة بأنه لن يتمكن من إيقاف الشارع الملتهب بل سيقود للمزيد من الصراعات حتى وان اعترف المجتمع الدولي بالاتفاق الذي سيدخل أكثر من (مسهل) للعملية السياسية او مايقوله خلال هذه الفترة خاصة إذا ماساهم العسكر في إدخال مجموعة الإسلام السياسي خلال الفترة الانتقالية والشعب الذي ضاق بكل شيء سيدفع وحده ثمن هذا التامر على مستقبله.
والثورة ستظل مستمرة.
والقصاص للشهداء سيظل امر حتمي.
فلانامت أعين المتأمرين.
صحيفة الجريدة
مصدر الخبر